ومن عجيب نقد الشعر أن المتنبي لما أنشد سيف الدولة بن حمدان قصيدته التي أولها:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم
[ فلما بلغ المتنبي إلى قوله:
وقفت وما في الموت شك لواقف ] ** كأنك في جفن الردى وهو نائم
تمر بك الأبطال كلمى هزيمة ** ووجهك وضاح وثغرك باسم
[ قال سيف الدولة : قد انتقدتهما عليك ] كما انتقد على امرئ القيس قوله:
كأني لم أركب جوادا للذة ** ولم أتبطن كاعبا ذات خلخال
ولم أسبأ الزق الروي ولم أقل ** لخيلي كري كرة بعد إجفال
فكما كان ينبغي لامرئ القيس أن يركب القسم الأخير من بيته الأول على القسم الأول من بيته الثاني|، فيقول:
كأني لم أركب جوادا ولم أقل ** لخيلي كري كرة بعد إجفال
ولم أسبأ الزق الروي للذة ** ولم أتبطن كاعبا ذات خلخال
فيقرن لذة الشرب بلذة النكاح وركوبه الجواد بأمره خيله بالكر، فكذلك كان ينبغي أن تركب البيتين فتقول:
وقفت وما في الموت شك لواقف** ووجهك وضاح وثغرك باسم
تمر بك الأبطال كلمى هزيمة** كأنك في جفن الردى وهو نائم
حتى يأتلف المدح بتيقن الموت مع توضح الوجه وتبسم الثغر