التصنيفات
النظرية النسبية وعلم الكونيات

الكومالوجيا


عندما بدأ آينشتاين بصياغة نظريته النسبية الخاصة كان مؤمنا بالوجود الموضوعي للظاهرة , كما ان مؤمنا بمبدأ الاستمرارية والحتمية والسببية في قوانين الطبيعة , حيث اعتمد في اشتقاقه لمعادلات نسبيته على هذه المفاهيم التي كانت سائدة وقتها في الفيزياء الكلاسيكية . إلا أن النظرية الكمية { مدرسة كوبنهاغن } قد اكتشفت أن للمراقب دور أساسي في تحديد الظاهرة , وإن ذلك واضح وجلي من خلال تعريف هايزنبرك للدالة الموجية 1958 حيث عرفها { بأنها خليط من شيئين , الأول حقيقة , والثاني هو معرفتنا بهذه الحقيقة } . فنجد من هذا التعريف أن الظاهرة لا تكتسب صفة الظهور أو البروز إلا من خلال مراقب يستوعب هذه الظاهرة . بل إن مدرسة كوبنهاغن تدهب أكثر من ذلك , فإذا كان مراقبان يدرسان حركة ذرة معينة فإن كل مراقب يخلق صورة خاصة عن هذه الذرة التي يدرسها المرقب الأول هي ليست نفس الذرة التي يدرسها المراقب الثاني , أي لكل مراقب ذرته الخاصة . كان آينتشتاين يعارض بشدة هذا المفهوم للظاهرة , حيث قال بايس 1979 , ينما كنت أمشي مع آينشتاين قال لي آينشتاين , أنظر إلى القمر هل تصدق أنه موجود لأنك تنظر إليه . كما وأفرزت النظرية الكمية مفاهيم اللاسببية واللاحتمية واللااستمرارية في قوانين الفيزياء التي تحكم العالم الصغير حيث بنيت النظرية على اساس تجريبي , وهذه المفاهيم تتناقض مع المفاهيم التي بنى عليها آينشاتين نظريته النسبية . إن الصياغة الرياضية للنظرية النسبية لآينشتاين تعتمد على فضاء ريمان ذات الأبعاد الأربعة , إلا أن النظرية الكمية يعتمد على فضاء هلبرت ذي الأبعاد اللانهائية . حيث قال ستاب 1972 { إن مدرسة كوبنهاغن ترفض فهم العالم على أساس مفاهيم {الزمان ـ مكان } , حيث تعتبر مدرسة كوبنهاغن أن النظرية النسبية غير ملائمة لفهم العالم الصغير حيث تشكل النظرية الكمية الأساس لفهم هذا العالم . كما واعتمد آينشتاين في اشتقاق معادلاته على امكانية قياس سرعة الجسم وموقعه في نفس اللحظة الزمنية , إلا أن مبدأ هايزنبرك للاتحديد في النظرية الكمية يؤكد على عدم امكانية ذلك . قال أوبنهايمر { إن آينشتاين في أواخر حياته حاول جاهدا إثبات عدم ملاءمة قوانين النظرية الكمية إلا أنه بعد أن في ذلك ما كان له إلا أن يقول أنني أكره النظرية الكمية خصوصا مبدأ هايزنبرك للاتحديد .
حين أبحرت في كلا النظريتين {النسبية والكمية} , أدركت حقيقة واحدة أن الطبيعة لا يمكن أن تسير في هذا التناقض , حيث أنني حين أدرس الاجسام الكبيرة تحكمه مفاهيم وقوانين الفيزياء الكلاسيكية وهذه المفاهيم تتناقض مع مفاهيم وقوانين الكمية , وحين أدرس العالم الصغير تحكمه مفاهيم وقوانين الكمية , لذلك لابد من وجود نظرية واحدة توحد العالم الكبير والصغير في المفاهيم والقوانين والمبادئ . لقد كانت مفاهيم النظرية الكمية هي الأصح فقد بنيت هذه المفاهيم والقوانين على أساس تجريبي , والتجربة تتفق مع ما أفرزته النظرية الكمية من نتائج . في حين أن النظرية النسبية قد وقفت عند حدود معينة . لذلك أدركت أن النظرية الجديدة لابد وأن تتفق في مفاهيمها وقوانينها مع النظرية الكمية وتجمع بين طياتها جميع النتائج المؤكدة تجريبيا للنظرية النسبية . أي اشتقاق معادلات النظرية النسبية التي تتفق تجريبيا ضمن مفاهيم وقوانين ومبادئ النظرية الكمية .
لقد تبحرت في مفهوم هايزنبرك للدلة الموجية وادركت أن هذا المفهوم يجب أن ينطبق على العالم الكبير أيضا , لذلك حين يراقب مراقبان حركة قطار أينشتاين الأول على سطح الأرض والثاني راكب داخل القطار فإن كل مراقب يجب أن يخلق صورة خاصة فيه عن هذا القطار . وكما في النظرية الكمية حين يدرس مراقبان حركة ذرة معينة فإن لكل مراقب دالة موجية خاصة تنقل له هذه المعلومة الفيزيائية وإذا أراد معلومة أخرى فإن هناك دالة موجية أخرى تنقل له هذه المعلومة , أي أن المعلومات الفيزيائية تكون محمولة عبر الدوال الموجية وان الانتقال من دالة موجية إلى أخرى أو من معلومة إلى أخرى هو ما يسمى بتداعي الدالة الموجية . لذلك فبالعودة إلى راكب القطار المتحرك والمراقب الارضي فكل مراقب يخلق صورة خاصة فيه عن هذا القطار, هذه المعلومات تنتقل الى وحدة فكرة هذا المراقب عبر حاضره . فلو أراد كل مراقب أن يحدد موقع القطار فإن كل مراقب يستقبل صورة خاصة به عن الموقع عبر حاضره ونظرا لأن الحاضر لا يقف أبدا فإن كل حاضر يحمل معلومة جديدة أو صورة جديدة عن هذا القطار وهذا يكافئ في النظرية الكمية مبدأ تداعي الدالة الموجية . ولتسهيل التخيل افترضوا أن المواقب الأرضي يصور شريط فيديو لهذا القطار المتحرك , فلو نظرنا الى مسودة هذا الشريط بعد التصوير لوجدنا أن هذا الشريط عبارة عن صور متقطعة لهذا القطار كل صورة تمثل معلومة انتقلت عبر الحاضر أو الدالة الموجية , وان الانتقال من صورة إلى صورة اخرى يكافئ تداعي الدالة الموجية . إذن الدالة الموجية عند هايزنبرك هي تمثل الحاضر . وان مفهوم الااستمرارية لتكون الظاهرة يكافئ تلك الصور المتقطعة في الشريط المصور عن حركة القطار .
ولكن في النظرية النسبية فإن حركة الزمن في داخل القطار المتحرك يكون أبطأ من حركة الزمن على سطح الأرض , معني ذلك أن حركة الساعة في داخل القطار تكون أبطأ من حركة الساعة الأرضية . هذا يعني أن انتقال الصور التي تحدد حركة الساعة داخل القطار المتحرك تكون أبطأ من انتقال الصور التي تحدد حركة لساعة الارضية بالنسبة للمراقب الارضي . ان ما يحدد هذا التباطؤ هو البعد الزمكاني . فراكب القطار المتحرك يكون له بعدا زمكانيا أكبر من البعد الزمكاني للمراقب الأرضي وبالتالي انتقال الصور التي تحدد أي معلومة في داخل القطار يكون أبطأ من انتقال الصور التي تحدد هذه المعلومة أثناء السكون . فالمعلومة تنتقل عبر الحاضر أو البعد الزمكاني وهو يكافئ الدالة الموجية . فكل مراقب له بعد زمكاني خاص أو حاضر فيه خاص يفصل بين وحدة فكرة المراقب وعنصر المعلومة التي يريد أن يستقبلها في هذا الحاضر .
من هنا ما دامت عناصر المعلومات هذه التي تنتقل لنا عبر الحاضر أو عبر الزمكان وتحدد لكل مراقب المعلومة التي يعيشها في حاضره الان , فلابد يكون هناك اطار مرجع مطلق تنتقل منه عناصر المعلومات هذه , وإن من صفات هذا الاطار المطلق الآتي
أولا : أن يكون البعد الزمكاني له يساوي صفرا أي أن جميع عناصر المعلومات فيه تكون متصله في حاضر واحد , أي انه لا يوجد ماضي أو مستقبل في هذا الاطار .
ثانيا : أي نظام يقع في هذا الاطار يجب ان يمتلك كتلة صفرية .
ونظرا لأن الضوء هو نظام يمتلك كتلة صفرية فإن هذا الضوء يقع ضمن هذه الحالة . ولقد أطلقت على هذه الحالة اسم حالة اللانهاية وبالتالي أي جسم مادي يمتلك كتلة يكون بعيدا عن هذه الحالة , وان مقدار هذا البعد يتحدد بالبعد الزمكاني الذي يساوي مقلوب سرعة الضوء . فكلما زادت سرعة الجسم كلما زاد بعده عن حالة اللانهاية وكلما زادت كثافة المادة للجسم كلما زاد بعده عن حالة اللانهاية . جميع عناصر المعلومات التي تحدد حياة النظام المادي في حاضره موجوده في حالة اللانهاية في بعد زمكاني يساوي صفرا أي في حاضر واحد ولأن هذا النظام يقع في العالم المادي { الوسطي} ويمتلك بعدا زمكانيا أكبر من الصفر {بعد النظام عن حالة اللانهاية} فإن هذا النظام يستقبل في حاضره عنصر معلومة{صورة واحدة} واحدة تنتقل له عبر البعد الزمكاني ومن ثم يعيشها في عالمه المادي , عندها يكون البعد الزمكاني {الحاضر}بين وحدة فكرة النظام وعنصر المعلومة الاخرى في اللانهاية وبعد انقضاء البعد الزمكاني تنتقل هذه المعلومة من حالة اللانهاية إلى الحالة المادية للنظام {الوسطية}
للنظام ويعيش هذه المعلومة في الحاضر … وهكذا. إن زيادة سرعة النظام يؤدي إلى زيادة بعد هذا النظام عن حالة اللانهاية , فالقطار المتحرك تكون ساعته ابطأ من ساعة الأرض بالنسبة للمراقب الأرضي وذلك لأن بعد ساعة القطار المتحرك عن حالة اللانهاية يكون أكبر من بعد الساعة الارضية عن اللانهاية وبالتالي يكون انتقال عناصر المعلومات التي تحدد حركة ساعة القطار من اللانهاية إلى الحالة الوسطية لساعة القطار ابطأ من انتقال عناصر المعلومات التي تحدد حركة الساعة الارضية بالنسبة للمراقب الأرضي ومنها يجد المراقب الأرضي حركة ساعة القطار أبطأ من حركة ساعته . إن تعريف الحاضر للنظام المادي هو تلك اللحظة التي يكون فيها البعد الزمكاني بين وحدة فكرة النظام المادي وعنصر المعلومة في حالة اللانهاية , وان لحظة انتقال عنصر المعلومة من اللانهاية الي وحدة فكرة النظام في العالم المادي لا تمثل الحاضر بل تمثل ماضي وهو ما يكافئ في الكمية تداعي الدالة الموجية .
لو تصورت نفسك نظاما يقع في حالة اللانهاية حيث يكون بعدك الزمكاني يساوي صفرا وتكون كتلتك نساوي صفرا أي أنك قد تخلصت من ماديتك . لو كنت نظاما يقع في هذه الحالة فستكون حياتك هناك كلها عبارة عن حاضر واحد لا يوجد فيها ماضي أو مستقبل , فلو أكلت تقاحة فإن حدث اكلك لهذه التفاحة سيظل يلازمك في نفس الحاضر حتى اللانهاية حيث لا يوجد نهاية لأي حدث تقوم فيه في حالة اللانهاية أي لا يوجد ماضي , وإذا شربت كوبا من الماء فإن شربك لهذا الكوب سيظل يلازمك من حدث أكلك للتفاحة في نفس الحاضر وهكذا حتى أعداد لانهائية من الأحداث , فحياتك كلها في اللانهاية عبارة عن حاضر واحد . غير أنك الآن نظام يعيش في الحالة الوسطية يستقبل معلومات سيرة حياته من حالة اللانهاية , فلو انتقلت الان إلى حالة اللانهاية فإنك ستجد ماضيك ومستقبلك على الأرض كلها موجودة في نفس الحاضر أمامك فستجد نفسك وانت طفلا رضيعا وشابا يافعا و عجوزا , كل هذه الأحداث ستجدها حدثا بحدث تعيش معك في نفس الحاضر حتى اللانهاية . ربما يسأل الانسان الان نفسه سؤالا ما دامت الاحداث التي أعيشها على الارض ما هي الا صورة من الاحداث الموجودة أصلا في حالة اللانهاية , فإن كنت قد ارتكبت إثما على الارض فما ذنبي انا في هذا الاثم , لأن هذا الاثم قد سجل لي قبلا في حالة اللانهاية وانا استوعب على الأرض ما كتب لي في اللانهاية .
أن النظرية الجديدة تجيب على هذا السؤال وتثبت أن جميع الأحداث الموجودة في حالة اللانهاية والتي تمثل تاريخ الإنسان على الارض هي من عمل هذا الانسان نفسه , إلا أن نتيجة لوجود وحدة فكرة هذا الانسان في العالم المادي لايستطيع أن يستقبل ما قام فيه في حالة اللانهاية إلا بعد انقضاء البعد الزمكاني الذي يفصل بينه وبين ما قام فيه في اللانهاية . هناك الكثير الذي تقوله هذه النظرية سواء من الناحية الفيزيائية أو الفلسفية ولكني سأقتصر الآن على هذا الشرح الموجز للأبعاد الفلسفية لنظرية الكومالوجيا وإنني في مشاركة أخرى سأقوم بشرح النظرية النسبية الجديدة أي النظرية النسبية التي قمت باشتقاقها حسب مفاهيم وقوانين النظرية الكمية والتى تنطوي تحت نظرية الكومالوجيا

المصدر
http://www.hazemsakeek.com/vb/showthread.php?5072

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.