امتحان مقياس المعجمية
احتل المعجم مكانة سامية عند جميع الأمم التي تحافظ على لغتها وتراثها ، فهو ديوان اللغة ، وعنه يأخذون ألفاظها ويكشفون غوامضها ، ولذا لا يكاد فرد من أفراد الأمة ممن لديه قسط من العلم يستغني عن الرجوع إلى المعجم .
وقد أصبح علم المعاجم علما واسعا ذا جوانب عديدة ، و أصبح له نظريات تتناول أسس صناعته ، و أصبحت الدراسات المعجمية تحتل حيزا كبيرا من الدراسات اللغوية الحديثة ، و لم يقتصر هذا العلم على صناعة المعجم كما كان يغلب على الجهود السابقة ، بل أصبحت هذه الصناعة تخضع لقواعد و أسس دقيقة ، وصارت توازن بمعايير ثابتة تدل على نضج هذا العلم ، و مما أسهم في نضجه تلاقح الدراسات حول هذا الفن لدى العديد من الشعوب بلغاتهم المختلفة ، فقد كانت صناعة المعجم عند العلماء العربية نابعة من التراث العربي دون غيره ، ولذا عدّ إبداعا من إبداعات علماء العربية ، أما في عصرنا الحاضر فقد أصبحت صناعة المعجم عالمية أسهم في تطويرها لغويون من بلاد شتّى ولغات مختلفة .
و تطور هذه الصناعة في العصر الحاضر لا ينفي ما تميز به العرب في هذا الميدان و سبقهم الأمم الأخرى ، فقد فاقوا غيرهم في صناعة المعجم ، و تعدّدت طرفة لديهم ، و اختلفت أنواعه اختلافا اثري الدراسات حوله حتى أقرّ بتفوقهم غيرهم من العلماء اللغات الأخرى ، فهذا المستشرق الألماني أوجست فيشر يقول مبرزا تفوق العرب : ” و إذا استثنينا الصين فلا يوجد شعب آخر يحق له الفخار بوفرة كتب علوم لغته ، و بشعوره المبكر بحاجته إلى تنسيق مفرداتها ، بحسب أصول و قواعد غير العرب .” و قال هايوود ” : إن العرب في مجال المعجم يحتلون مكان المركز ، سواء في الزمان أو المكان ، بالنسبة للعالم القديم أو الحديث ، و بالنسبة للشرق أو الغرب .”