التصنيفات
العلوم الإلكترونية

تقنية البلازما واستخدامتها

تقنية البلازما واستخدامتها

مقدمة:-

عندما يذكر مصطلح البلازما يتجه تفكير البعض إلى البلازما المعروفة بأنها أحد العناصر الأساسية التي يتكون منها الدم بالإضافة إلى العناصر الأخرى مثل كريات الدم الحمراء والبيضاء والصفائح الدموية.

حيث إنه توجد المادة في الطبيعة في شكل ثلاث حالات هي السائلة والصلبة والغازية ، فالصلبة مثل الفولاذ والسائلة مثل المياه والغازية مثل الهواء.

ولكن بتقدم العلم في مجال الفيزياء والكيمياء تم أكتشاف الحالة الرابعة للمادة وهي البلازما الموجودة في النجوم والشمس حيث الحرارة العالية . وللبلازما عدة أستخدمات في المجال المدني والعسكري ، وسنحاول من خلال هذه الورقة تسليط الضوء على الحالة الرابعة للمادة “البلازما” ومجالات أستخداماتها.

أولاً : ما هية البلازما:-

المقصود بالبلازما هي الحالة الرابعة للمادة فالجميع يعرف أن المادة في الطبيعة توجد على شكل ثلاث حالات هي الحالة الصلبة ، والحالة السائلة ، والحالة الغازية ، ويمكن تحويل المادة من حالة إلى أخرى إما بواسطة تغيير درجة الحرارة أو الضغط ، ولكن بتقدم العلم في مجال الفيزياء أكتشف العلماء الحالة الرابعة وهي “البلازما ” فالبلازما هي حالة تحول المادة إلى غاز يتكون من خليط من أعداد متساوية من الأيونات الموجبة والأيونات السالبة ، أي أنها إن صح التعبير الغاز المتأين .

والبلازما توجد في الكون الفسيح في التفاعلات النووية التي تحدث في أعماق النجوم حيث درجات الحرارة العالية والكثافة العالية وتختلف من مكان إلى آخر فعلى سبيل المثال البلازما داخل الشمس تختلف عن البلازما الموجودة خارجها حيث تبلغ درجة الحرارة داخل الشمس 10 ملايين درجة مئوية بينما على سطحها حوالي 16 ألف درجة مئوية . وفي الحقيقة أنه لاتوجد على الأرض حالة بلازما طبيعية لأن طبقات الغلاف الجوي عبارة عن غاز متآين وإذا أردنا أن نشاهد حالة بلازما في الواقع فعلينا أن نركز على مصباح النيون (فلورسنت) فإن مصدر الضوء فيه هو عبارة عن بلازما مصنعة فعند مرور التيار الكهربائي في المصباح وتحت ضغط منخفض يتأين الغاز مخلفاً خليطاً من الآيونات الموجبة والإلكترونات لا تلبث أن تتحد مع بعضها البعض مسببة إنبعاث الضوء الساطع .

وبعد عدة دراسات وتجارب قام بها العلماء في مجال الفيزياء تم التوصل إلى إنتاج البلازما في المعامل والمختبرات مشابهة تماماً للبلازما الموجودة في النجوم والشمس ، وعلى سبيل المثال لا الحصر يمكن الحصول على البلازما بواسطة أشعة الليزر.

ثانياً : مجالات أستخدام تقنية البلازما:-

لتقنية البلازما عدة أستخدامات في المجال العسكري والمدني سوف نحاول عرض أهمها فيما يلي:-

1- في مجال الصناعات الإلكترونية :-

تستخدم البلازما ذات درجات الحرارة المنخفضة في العديد من المجالات الهامة على سبيل المثال معظم الدوائر الإلكترونية المتكاملة المعقدة جداً والتي تدخل في تركيب كل الأجهزة الإلكترونية مثل التلفزيون والحاسب الآلي ….إلخ ، وهذه الدوائر الإلكترونية تحتوي على عشرات الألآف من الترانزستورات والمكثفات موصلة ببعضها البعض بواسطة أسلاك قطرها في حدود 0.1 ميكرومتر هذا النوع من التكنولوجيا الدقيقة والمعقدة تصنع بإستخدام البلازما حيث تقوم البلازما بحث الدوائر الإلكترونية على شريحة السيليكون بناء على القناع المعدني الموضوع أمام الشريحة.

2- في مجال المحافظة على البيئة :-

تستخدم البلازما في الوقت الحالي في بعض الدول المتقدمة للتخلص من المواد السامة الملوثة للبيئة معتمدين على العمليات الكيميائية الفريدة التي تتم داخل البلازما ، حيث يمكن أن تقوم البلازما بتحويل المواد السامة المنبعثة من مداخن المصانع وعوادم السيارات مثل غاز أكسيد الكبريت وأكسيد النيتريك إلى مواد غير سامة ، فعلى سيبل المثال غاز أكسيد النيتريك قبل أن يخرج من فتحات العادم إلى الغلاف الجوي توجه عليه حزمة من الإلكترونات ذات طاقة عالية من جهاز مثبت في منتصف فتحة العادم تعمل على تآيين الغازات الموجودة (المادة السامة no والهواء) أي تحويلها إلى حالة بلازما وقبل خروجها إلى الجو تكون مرحلة التأيين قد أنتهت وتتكون جزيئات النيتروجين والأكسجين نتيجة لعملية إعادة الإتحاد وبهذا قد تم تحويل الغازات السامة والملوثة إلى غازات نافعة وبتكاليف أقل.

3- في مجال الفضاء:-

يقول عالم الفضاء الأمريكي الجنسية واللبناني الأصل أدغار شويري مدير مختبر الدفع بالبلازما وبرنامج الفيزياء الهندسية في جامعة برينستون الأمريكية والذي يعتبرواحداً من أبرز العلماء في العالم في مجال تقنية الدفع بالبلازما.

إن جميع المركبات الفضائية التي أرسلت إلى المريخ هي مركبات آلية صغيرة الحجم زنة الواحدة منها قرابة كيلوغرام ويمكن إطلاقها من مدار أرضي منخفض أي يمكن إطلاقها إلى المريخ من أرتفاع يبلغ حوالي 300 كم عبر أستخدام صواريخ كيميائية تقليدية تعتمد على أحتراق الوقود السائل داخل حجرة الإحتراق وتستنزف الغازات الحارة لتوليد قوة الدفع ، عندما يحين موعد إرسال بشر إلى المريخ يتطلب الآمر مركبة فضائية أكبر حجماً بعشرات المرات والحل الوحيد هو وجود صواريخ أكثر فاعلية.

وتبين أن صواريخ البلازما هي عبارة عن صاروخ كهربائي يعتمد على الطاقة الكهربائية بدلاً من أحتراق الوقود ويركز مختبر الدفع بالبلازما على دراسة الفيزياء المعقدة للبلازما وتطوير أنواع مختلفة من صواريخ البلازما ، وعن أهمية تقنية الدفع بالبلازما في المركبات الفضائية يشير الأستاذ شويري إلى أن معظم الصواريخ المستخدمة في الوقت الحالي في الفضاء هي صواريخ كيميائية تقليدية تعتمد على عملية الأحتراق أي بمعني حرق الوقود السائل داخل حجرة الأحتراق لإنتاج غاز يخرج كعادم من الصاروخ بسرعة لاتتجاوز 3 كم / ث وكلما كانت سرعة الغاز الخارج من الصاروخ عالية قلت نسبة الوقود المستخدم لدفع مركبة فضائية من مكان لآخر في الفضاء ولذا نحتاج إلى عدة أطنان من الوقود لإرسال مركبة فضائية كبيرة مأهولة أو على متنها معدات ثقيلة .

أما إذا أستخدمنا صاروخ البلازما التي تصل سرعة العادم فيه إلى 60 كم / ث فإن وزن المادة الدافعة يمثل جزءاً صغيراً بالمقارنة بتلك الصواريخ التقليدية.

ويتابع الأستاذ شويري قوله أنه توجد اليوم أكثر من 170 مركبة فضائية تستخدم أجهزة الدفع بالبلازما وتوجد كذلك في الفضاء في الوقت الحالي 20 قمراً صناعياً للأغراض العلمية والتجارية تستخدم صواريخ البلازما للحركة في الفضاء وتعتبر المركبة الفضائية Deepspace.1 التابعة إلى وكالة ناسا التي أطلقت عام 1998 م أول مركبة تستخدم صواريخ البلازما والتي حققت نجاحاً باهراً خير دليل على ذلك.

4- في مجال صناعة الأسلحة:-

تقوم وزارة الدفاع الأمريكية بتطوير العديد من أسلحة الطاقة الموجهة التي تعتمد على تقنيات موجات الميكروويف عالية الطاقة والليزر والبلازما ، وتقنية البلازما هي الأحدث في المجال العسكري وتعتمد على حزمة من البلازما لها كتلة معلومة وبإمكانها التحرك في الفضاء كالبرق ، وأسلحة البلازما أيضاً من شعاع الليزرومن موجات الميكروويف لكنها يمكن أن تسبب أضراراً كبيرة على أرض الواقع ولهذا تسعى القوات الأمريكية لتطويرهذه التقنية وتنفق مليارات الدولارات عليها من أجل التفوق وكسب حروب القرن الواحد والعشرين بحيث تكون قصيرة وسريعة وحاسمة بأقل خسائر وأضرار في الأرواح والمعدات ومن أبرز أنواع هذه الأسلحة هي (قنابل البلازما) والتي يطلق عليها الجيش الأمريكي تهكماً بأم القنابل ولكن أسمها الحقيقي هو

massiv Air Blast Bomd

(قنبلة هوائية للتدمير الشامل) التي تحتوي على مواد كيميائية تحترق بدرجة حرارة مرتفعة جداً ، وتشكل هذه المادة عندما تخرج من القنبلة ذات القوة التدميرية الهائلة مادة حارقة شديدة التأثير حيث تطلق البلازما سحابة من الغاز يصل قطرها إلى 3 كم فوق المواقع المستهدفة ونتيجة تفاعل الغاز مع الأكسجين بفعل ما يقذفه ليزر خاص من أشعة ضوئية يحدث أنفجار هائل يؤدي إلى إمتصاص الأكسجين من الجو للقضاء على أعداد كبيرة من المقاتلين أختناقاً وإحداث هزة جوية قوية تؤدي إلى تطاير المباني والمعدات الحربية بجميع أنواعها من طائرات ومدافع وصواريخ ودبابات …. إلخ وتتكون هذه القنبلة من ثلاثة مكونات هي نترات الأمونيوم وبودرة الألمونيوم والبوليسترين اللزج حيث تؤمن نترات الأمونيوم العنصر الإنفجاري الأولي في الهواء على مساحة واسعة وتحترق البودرة وهي من مركب يحتاج إلى الكثير من الأكسجين فتولد كتلة نارية قوية يساعدها البولسترين السائل ، ومع الإحتراق السريع للأكسجين ينقص وجوده في الهواء بسرعة شديدة مما يؤدي إلى تفريغ سريع في دائرة قطرها 1 كم ويندفع الهواء لملء الفراغ وبضغط بكل قوة على كل شئ يقع في تلك الدائرة ، وعملياً فإن قوة الهواء تساوي تقريباً قوة الضغط الجوي لكنها أقل لأن تفريغ الهواء جزئي فقط وتساعد في الضغط موجة تاتى من إنفجار 8150 طناً من المتفجرات غير التقليدية أقوى بكثير من مادة TNT حيث يصل الضغط إلى 73 كجم / سم مربع من دائرة 1 كم أي القنبلة 95 كجم ويتم توجيهها بواسطة نظام GPS عبر الأقمار الصناعية وتلقى من طائرة نقل C- 130 من أرتفاعات عالية وتحملها مظلة إلى هدفها بفضل توجيه مستمر من الأقمار الصناعية.

وتشير بعض المصادر أن هذه القنابل (قنابل البلازما) قد تم استخدامها في حرب العراق الأخيرة ضد فرق الحرس الجمهوري التابعة إلى الجيش العراقي والتي أوقعت خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات.

الخلاصة :-

بناءاً على ماسبق نستخلص ما يلي :-

1- أن البلازما هي الحالة الرابعة للمادة وتوجد في أعماق النجوم والشمس ويمكن تصنيعها في المعامل والمختبرات.

2- تستخدم البلازما في عدة مجالات أهمها في صناعة الدوائر الإلكترونية والمحافظة على البيئة وفي مجال الفضاء وفي الأسلحة الحديثة.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.