التصنيفات
تاريـخ,

مصادر التاريخ الإسلامي، ونقد الروايات

مصادر التاريخ الإسلامي، ونقد الروايات

بقلم الدكتور : عبد الرحمن الفريح.

20/01/1431 الموافق
05/01/2010

التعريف بالتأريخ والمعنى الأوليّ له:
يقوم موضوع التاريخ على الإنسان والزمان بمسائل قوامها أحوالهما المفصلة للجزئيات تحت دائرة الأحوال العارضة الموجودة للإنسان وفي الزمان.
وبمعنى آخر، هو دراسة العناصر الحركية في المجتمع. ومن هذه التعريفات في المراجع التاريخية الحديثة، وهي مستقاة مما أشار إليه القدماء، فإن كتب السيرة والمغازي والأنساب تدخل في عداد الكتب التاريخية.
وفكرة الوقت وتحديده هي المعنى الأوّلي للتاريخ، وقد أرّخ (أو ورّخ) المسلمون- على اختلاف في اللغة المُضرية(1)- في خلافة عمر رضي الله عنه. وورد أن أصل التاريخ الإسلامي مأخوذ من العربية الجنوبية، وأنَّ يعلى بن أُميّة الحنظلي، عامل عمر على اليمن، كتب إليه كتاباً مؤرخًا. ومع وجود آراء أخرى بخلاف هذا فقد أُيد هذا القول بكون أولئك القوم ذوي اهتمام بأمر التوقيت لعامل الاشتهار بالزراعة وعامل الشعائر الدينية، وأيضًا عامل التجارة في البر والبحر(2).
وإذا كان تدوين الدواوين ووضع الأخرجة وسن القوانين احتاج إلى تأريخ في الإسلام، فإن كلمة تأريخ تطورت من التقويم والتوقيت إلى تسجيل الحوادث على أساس الزمن، ثم حلت محل الخبر بعد أن كان يقوم مقامها بمعنى العملية التاريخية، وصارت تطلق على عملية التدوين التاريخي وحفظ الأخبار، فالعلم بحوادث التاريخ وأخبار الرجال والكتب التي تبحث في ذلك. وورد في النقوش الجنوبية "ورّخ" وجمعها "أورخم" بمعنى "الشهر القمري". وبظهور الكتب التاريخية، وأقدمها تلك الكتب التي تتعرض لسنوات الميلاد والوفاة لبعض الشخصيات، أصبح التاريخ فناً يُبحث فيه عن وقائع الزمن من حيثية التعيين والتوقيت.
كيف كان يؤرخ العرب:
وكانت حمْير وكهلان تؤرخ بالتبابعة وسيل العرم وظهور الحبشة وإزالتها وغلبة الفرس. وتؤرخ العدنانية بهلاك جُرهم بالحرم وبتفرق ولد نزار، وبمأقط(3)، وبحجة الغدر بين يربوع بن حنظلة واليمن قبل الإسلام بـ 150 عاماً، وبأيام البسوس(4)، وجبلة، والكُلاب(5).
والكُلاب بين أبناء آكل المرار بعضهم البعض والكُلاب الثاني بين تميم واليمن.
وباستعمال كتب الحوليات لكلمة "تأريخ" تطور معناه إلى ما سلف الإبانة عنه. ومن هذه الكتب تأريخ الأمم والملوك للطبري، وتأريخ سني ملوك الأرض والأنبياء لحمزة الأصبهاني.
أما البداية التدوينية فقد اهتمت بالسيرة النبوية في موضوعاتها وبالمغازي ونسب قريش وتراجم رجال الفقه والحديث. فارتباط التاريخ الوثيق بالعلوم الدينية تفصح عنة تلك الاهتمامات الأولى. وكان من رأي كثير من علماء المسلمين أن العناية بالتأريخ ضرورة لخدمة العلوم الدينية. وعُرفت الدراسات المتقدمة لحياة الرسول، صلى الله عليه وسلم، بـ "المغازي" وتعني لغويًا دراسة أعماله الحربية.
وبهذا الإلماح الموجز مما ورد في البحوث العلمية عن التاريخ وأنه تحقيق عبرة تختزل لنا التجربة، وميدان تطبيق القيم على الواقع، وما يتطلبه من قدرة على الفهم والتحليل والتعليل والموازنة والمقارنة؛ فإن هذا الوعاء للفعل الحضاري، أحد موارد التكوين الثقافي، قد نظر فيه أهل الاختصاص قديما على أنه موطن الاستقراء والاستنتاج ومعرفة سنن السقوط والنهوض والتعرف على القوانين التي تنظم الحركة التاريخية للإفادة من التجارب. فعند السَّخاوي في كتابه الإعلان بالتوبيخ لمن ذم أهل التاريخ أنه غزير النفع كثير الفائدة بحيث يكون من عرفه كمن عاش الدهر كله وجرب الأمور بأسرها وباشر تلك الأحوال بنفسه، وأن حوادث التاريخ عبرة وموعظة ودرس وتجربة توقف الدارس على عثرات الماضين وأسباب انقراض الدول والحضارات وتدفع أصحاب المثل إلى الإقتداء بالشخصيات. والتاريخ لسان يخبر به الزمان عن عجائب الوقائع، بل أستاذ يقرر الحوادث ليعيها السامع.
ابن خلدون ورؤيته النقدية للتاريخ:
اقترن حديث ابن خلدون عن علم التاريخ برؤية نقدية لمغالط وأخطاء المؤرخين بعد أن ذكر فن التاريخ، وفضائله، وتحقيق مذاهبه وأنه عزيز المذاهب، وجم الفوائد، وشريف الغاية. على إن تعميمه في اقتصار المؤرخين على سرد أسماء الملوك، ووصف المعارك، وإهمال الأحوال الاجتماعية الفاعلة في سير التاريخ ليس على إطلاقه؛ إذ أن جمهرة من المؤرخين كتبوا في جوانب الحياة الدينية والثقافية، والاقتصادية، والاجتماعية، وهذا ما يعد توجها حضاريا لم يقف عند حد السياسة والحروب، ومعرفة تاريخية في ممارسة التدوين.
وفي منهج ابن خلدون أن من الأخطاء والمآخذ أن أئمة النقل لم يعرضوا الحكايات والوقائع على أصولها، ولا قاسوها بأشباهها، ولا سبروها بمعيار الحكمة والوقوف على طبائع الكائنات وتحكيم البصر والبصيرة. وضرب مثلا في البعد عن الواقعية في سرد الحقائق التاريخية والإغراب في الخيال إلى حد تزييف الخبر وتشويهه بما يذكر في أخبار التبابعة وخروجهم من قراهم باليمن إلى بلاد المغرب وأن أفريقيش من أعاظم ملوكهم الأُوَل في عهد موسى، على حد قول المؤرخين، وأنه غزا أفريقيّة، وبه سمّيت. وأنه أثخن في البربر، وأنه هو الذي سماهم بهذا الاسم وأبقى جماعة من حمْير تنتمي إليها صنهاجة(6).
وعرض ابن خلدون للطبري وسيف بن عمر والواقدي والمسعودي، وانتقد الواقدي والمسعودي، وساق شواهد تاريخية من أخبار المسعودي ظهر فيها الاعتماد على النقل دون تحكيم العقل، كبناء الإسكندرية، وكخبر تمثال الزرازير في روما، ورّد ما ذكره المسعودي عن عدد جيش بني إسرائيل وكثرته مستشهداً بما ذكره سيف عن جيش الفرس في القادسية وان بني إسرائيل لم يصلوا في يوم من الأيام إلى حجم دولة فارس التي حشدت أكبر قوة لها في تلك المعركة، ولم يصل عدد جيشها إلى نصف ما ذكره المسعودي عن جيش بني إسرائيل.
والتاريخ عند ابن خلدون علم من علوم الفلسفة موضوعه الاجتماع الإنساني؛ فهو يقتضي تعليل الحوادث وربط بعضها ببعض مع تمييز الخبر الصادق من الخبر الكاذب مع الترجيح بين الأسباب. وهو يصف التطور في البيئة الاجتماعية بكل ما فيها من سياسة وحرب وصناعة وتجارة وعلم وفن وحركات اجتماعية عامة أو دينية أو اقتصادية أو فكرية. ويتساوى في فهمه العلماء والجهال من حيث ظاهره، لكنه في باطنه نظر وتحقيق، وتعليل للكائنات ومبادئها دقيق، وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق، فهو لذلك أصيل في الحكمة وعريق، وجدير بأن يعد في علومها وخليق.
والكذب متطرق للخبر بطبيعته بسبب التشيعات للآراء والمذاهب، وإذا كانت النفس على حالة من الاعتدال في قبول الخبر أعطته حقه من التمحيص والنظر حتى تتبين صدقه من كذبه وإذا خامرها تشيع لرأى أو نحلة قبلت ما يوافقها من الأخبار لأول وهلة. وكثير من الناس يقبلون الأخبار المستحيلة ولم ينقدوها بمعرفة طبائع العمران، وهو أحسن الوجوه في تمحيص الأخبار وتمييز صدقها من كذبها، وهو سابق على التمحيص بتعديل الرواة حتى يعلم أن ذلك الخبر في نفسه ممكن أو ممتنع؛ فإذا كان الخبر في نفسه مستحيلا فلا فائدة للنظر في الجرح والتعديل.
وكثيرون من سامعي أخبار الماضين لا يفطنون لما وقع من تغير الأحوال وانقلابها، وأنها لا تدوم على وتيرة واحدة، فيجرونها على أول وهلة على ما عرفوا ويقيسونها بما شهدوا؛ وهذا من الجهل بالقوانين التي تخضع لها الظواهر الطبيعية- كما سلف- وعدم مراعاة البيئة الزمنية والتطور في الأشخاص والأوقات والأمصار(7).
المصادر والمراجع:
والمصادر التاريخية هي المصنفات القديمة في هذا المجال، أما الكتب الحديثة فهي مراجع. وهناك من يرى أن كلا النوعين مراجع، وأن المصادر هي الوثائق الرسمية والأوراق البردية والوقفية والنقوش والآثار المعمارية. ويرى الدكتور السيد عبد العزيز سالم أن المصادر إما مصادر أثرية كالمتقدمة الإشارة إليها، وإما مصادر مكتوبة كالقرآن الكريم والسنة النبوية وكتب الطبقات والأنساب وكتب الجغرافية وكتب الرحلات وكتب الخراج والحسبة والخطط والكتب الأدبية والشعر العربي.
أهم المآخذ على الكتابة التاريخية المبكرة:
ومن أهم المآخذ على الكتابة العربية المبكرة للتاريخ الإسلامي هو أن بعض الروايات نحت منحى التأكيد على الحط من شأن العرب إمّا مبالغة في محاولة إبراز محاسن الحياة الإسلامية المغايرة لما قبلها في كثير من مناحيها، وإما للوقوع تحت تأثير العصبية الجنسية. فامتلأت كتب التاريخ بقبائح العصر الجاهلي، وظهر في جانب آخر في الروايات الأولى منذ عبيد بن شريَّة الجرهمي ولع بتقسيم العرب في جاهليتهم إلى عاربة ومستعربة(8) ونسبة المحامد إلى الأولى، لغةً وتاريخاً وأدباً وحضارة، فيما يشبه الردة في عصر بني أمية إلى الحياة القديمة كأثر من آثار التمايز العربي الذي عرفه ذلك العصر لدواعي سياسية اجتماعية، أو نفره من استمرارية الخلافة بعد النبوة في قريش أو في المُضرية بوجه عام.
ويأتي في سياق ابن شريَّة، وهو أول القصاصين الكتبة، كعب الأحبار المتقدم عليه، ومن بعده وهب بن منبّه، وإلى الهَمْداني، ثم نشوان الحمْيري.
وأمر ثالث اعترى عملية التدوين التاريخي المتقدم وهو احتضان كثير من الرواة وأهل التصنيف للقصص الإسرائيلي وهذا ما ألقى ظلالاً كثيفة من الأساطير على التاريخ الإسلامي بصفة عامة والسيرة النبوية بصفة خاصة. وأغلب الروايات التي يتصل سندها بكعب الأحبار أو محمد بن كعب أو النعمان السبائي تحمل طابع القصص الإسرائيلي، وفي أغلبه دسٌّ على الرسول، صلى الله عليه وسلم، وعلى الإسلام.
وفي المأخذ الأول اشتدت القسوة على أمة العرب حتى ليكاد الرواة يخرجون بالعرب في جاهليتهم عن الآدمية ولا يعدونهم في بني الإنسان، وظهرت الأمة بلا وزن في الأخلاق، حقيرة منذ بدايتها، جاهلة في نشأتها، ملطخ ماضيها بالسيئات. وللدكتور إبراهيم شعوط معالجة جيدة لدفع هذا الافتراء. وفي المأخذ الأخير اعتمدت أخبار السيرة على الخوارق غير الاعتيادية وضُخّمت صورتها قبل البعثة بحشد عدد من الإسرائيليات، مع أن كثيراً من وقائع السيرة وأخبارها ليست بحاجة إلى أن تُتَكلف فيها الشروح والتفاسير والتعليقات إذ هي أوضح من ذلك. وقد تناول هذا الموضوع الدكتور عماد الدين خليل في دراسة عن السيرة مشيراً إلى أن حاجة بعض المؤرخين إلى التكلف تناقض ما في آيات القرآن مما يكفي لرسم صورة صادقة لشخصية النبي، صلى الله عليه وسلم، وفيها قرائن وإشارات ودلالات عديدة تساعد على التعرف على نشأته وسيرته.
الإسرائيليات والدراسات الحديثة:
وإذا كانت النظرة المادية تقتل في السيرة روحها وتطمس شخصيتها فإن الواقعة التاريخية تتطلب دراستها بذاتها بعيداً عن الانسياق وراء الخيال القصصي الإسرائيلي والتهويل الأسطوري. على أن قطع الصلة بالغيب يجب توقيه عند رفض الإسرائيليات وأكثر الخوارق، وحتى لا ينزلق الباحث إلى التفسير المادي للتاريخ. وفي السيرة تطبيق لمبادئ الحرب في الغزوات ومراعاة لأسباب الحيطة والحذر والاستعداد وهو ما ينأى بها عن أن تكون بمجملها من الخوارق غير الاعتيادية.
هذا وفي مقابل تهاويل القصص الإسرائيلي قديما اشتطت الكتابات الاستشراقية حديثاً بالشاذ والغريب من الروايات لإثارة الشك. قال دوزي: إن محمداً كان يشاطر بني جلدته نظرتهم القائمة على احتقار اليمنيين والزراعيين، وأنه سمع رجلاً ينشد بيتاً يشير فيه إلى أنه حمْيري وليس أسلافه من ربيعة ولا مضر فقال: إن هذا نسب يبعدك عن الله ورسوله. فلما يئس من حمل أهل جنسه من التجار والبدو على اعتناق مبادئه، ورأى أنه مهدد في حياته منذ مات عمه، اضطر لتناسي هذه النظرة فرحب بوفد عرب المدينة الذين عطفوا عليه وأكرموه بعد اضطهاد المكيين، بمعنى أنه تناسى نظرته وقبل المساعدة من أي طريق! وهكذا بنى دوزي حكماً على خبر شاذ غريب.
ومستشرق آخر يشكك في اسم النبي، صلى الله عليه وسلم، ويقول: إن اسمه ورد في أربع سور من القرآن هي: آل عمران، والأحزاب، ومحمد، والفتح، وكلها سور مدنية. ومن ثم فإن لفظة محمد لم تكن اسم علم للرسول قبل الهجرة، وإنما اتخذه بتأثير قراءاته للإنجيل واتصاله بالنصارى، بمعنى أنه التقط هذا الاسم واصطفاه لنفسه(9)!
ردة العرب والحكم المسبق:
وإذا أنكر أحد أخبار ردة العرب بعد وفاة النبي، صلى الله عليه وسلم، وقال إنها مصنوعة الحوادث، موضوعة الوقائع(10)، اختُلقت لغرض سياسي، وإنها من صنع مؤرخ الهيئة السياسية الحاكمة، سيف بن عمر، فإنه لا يمكن مناقشته في أمر الروايات التاريخية ونقدها! لأن من قال بهذا مدفوع بهوى عقدي يدعوك إلى أن تقر بردة حقيقية يراها هو وهي ردة أبي بكر وعمر وعثمان، رضي الله عنهم، واغتصابهم الحق الشرعي والاستيلاء على كرسي الحكم، أما ردة الأعراب فهي من افتراءات سيف على حد زعمه.
وبمثل هذا المثال تبدو فرصة دراسة الروايات التاريخية غير متاحة لأن الحكم المسبق أو نزعة الهوى تقضى عليها تماماً. ومهما بلغ الناقد من قوة البحث والتمحيص فإنه سيدور في فلك البحوث التاريخية المحكوم عليها بالعقم. وحتى المنهج العلمي لا يشفع لمن يدعيه إذا اتخذه وسيلة للانتقاء والاختيار لتأكيد أحكام مسبقة. وفي دراسة في السيرة كان كيتاني ذا رأي وفكرة، استعان بكل خبر ضعيف لتأكيد حجته! قال الدكتور عماد الدين خليل إنه يذكرنا بكثير من المختصين الجدد في حقل التاريخ الإسلامي الذين يعملون وفق منهج خاطئ من أساسه؛ إذ هم يتبنون فكرة مسبقة ثم يجيئون إلى وقائع التاريخ فيستلون منها ما يؤيد فكرتهم ويستبعدون ما دون ذلك.
أخبار الجاهلية ومدرسة المدينة التاريخية:
وقد اعتمد التدوين التاريخي في بدايته على أخبار الجاهلية إضافة إلى الأحاديث التي رواها الصحابة والتابعون عن حياة النبي، صلى الله عليه وسلم، وبدأ تأثر أخبار سيرته قبل الإسلام بما يروى عن أيام العرب، أما الأخبار الإسلامية عنه فتأثرت بنمط الحديث.
وفي مرحلة تالية تم ترتيب الأحاديث في أبواب فانفصل عنها ما يتعلق بالتاريخ تحت اسم المغازي والسيرة في أبواب ثم كتب، مع إفراد المحدثين، أو استمرارهم في إفراد، أبواب خاصة بها في مصنفاتهم، البخاري ومسلم وأحمد (11).
أما ملامح النشأة التاريخية المنتظمة فتبدو فيما يمكن أن يطلق عليه اسم المدرسة المدنية، وطبقتها الأولى أبان بن عثمان بن عفان (ت 105هـ) وعُروة بن الزبير (ت 92هـ) وشرحبيل بن سعد (123هـ) ووهب بن منبه (ت 110هـ). وهؤلاء الأربعة دعامة أولى في كتابة المغازي، وما كتبه أبان صحف عن أحاديث أفاد منها من أتى بعده.
كما نقل ابن هشام وابن سعد مما جمع عروة من أحاديث، وأخذ ابن إسحاق والواقدي ثم الطبري من أخباره التي ضمت المغازي وأخبار الردة في روايات قصيرة موجزة. ولشرحبيل أخبار عن أسماء من هاجر إلى المدينة ومن اشترك في غزوة أحد. وجمع وهب تصانيف عروة في المغازي.
ويتبع هؤلاء طبقة ثانية يمثلها عبد الله بن أبي بكر بن حزم (ت 135هـ) وعاصم بن عمرو بن قتادة (ت 120هـ) ومحمد بن شهاب الزُّهري (124هـ). وللأول تسجيل لبدء حياة الرسول، صلى الله عليه وسلم، وأخبار الوفود ووقائع الردة وأحاديث متصلة بالمغازي. وتميز الزهري بإيضاح ملامح مدرسة التاريخ بالمدينة معتمداً على روايات عروة، وبأن كتابته تطرقت لموضوعات تتصل بظهور الأحزاب السياسية والجدل بينها حول الفتنة والخلافة.
وتُختم مدرسة المدينة التاريخية بطبقة ثالثة فيها موسى بن عقبة ومعمر بن راشد ومحمد بن إسحاق؛ وهؤلاء الثلاثة تلاميذ للزُّهري. وعن محمد ابن إسحاق (ت 152هـ) نقل زياد البكائي (183هـ) أخبار السيرة، وعن زياد هذا نقل السيرة ابن هشام (182هـ) بعد أن نقحها واختصرها ودفع منها ما شك فيه من الأخبار ومنحول الشعر.
لم يتقيد ابن إسحاق بما تقيد به ثقات المحدثين في التدوين ونحى في تاريخه منحى وهب بن منبه في تقسيمه إلى ثلاثة أقسام:
مبتدأ منذ بدء الخليفة، ومبعث يختص بحياة الرسول، صلى الله عليه وسلم، حتى السنة الأولى من الهجرة، ومغازي. وانفرد عن سابقيه بجمع الحوادث وترتيبها وتبويبها في مصنفه، وأخذ عليه أنه شحن تاريخه بشعر منحول انتقده عليه ابن سلام الجمحي، صاحب طبقات فحول الشعراء، وأن له أخطاء في الأنساب، إضافة إلى كثرة النقل عن أهل الكتاب، الذين يسميهم أهل العلم الأول، وأنه مالأ الخليفة المنصور في أخبار تتعلق بالعباس.
على أن كتابه يعد مع ذلك مادة أساسية لسيرة ابن هشام، وعنده وعند الواقدي من بعده بدأت مرحلة جديدة متميزة في التدوين التاريخي العربي.
والواقدي واسع العلم بالمغازي والسير والتاريخ، ولعله يتفوق على ابن إسحاق بدقة في المادة والأسلوب وبالربط بين المادة التاريخية وإطارها البلداني، غير أن ابن إسحاق يبزّه في الموضوعات الجاهلية.
وإذا كان القرآن الكريم هو المصدر الأول لدراسة التاريخ يليه الحديث، وكانت بداية التأليف وثيقة الصلة بهذين المصدرين، فإن الحركة التاريخية التي نشأت في المدينة قد اعتمدت على الرواية الشفوية كرواة الحديث. والخبر التاريخي عمدته السماع من الموثوق بهم من الحفاظ، وهذه هي طريقة الإسناد، وكل جيل يستمد من الذي قبله. والأسانيد مبالغة عند الباحثين تاريخياً، ومنهم من يراها مبالغة محمودة. ورواة الخبر على التتابع أو السند عنصر الخبر الأول، وعنصره الثاني النص أو المتن الذي يرى ابن خلدون أن ينصب عليه النقد.
عبيد بن شريه الجرهمي وأخبار العربية الجنوبية:
ومع أن وهب بن منبه يدرج في طبقة من طبقات مدرسة المدينة التاريخية عند الباحثين، واعتمد عليه كثير من القدماء أشهرهم ابن إسحاق، فإن هناك من يدرجه في سلسلة عبيد بن شريَّة كتصنيف موضوعي لاهتمامات إخبارية بعينها. وكتابه التيجان يعالج موضوعات ابن شريَّة الثلاث: بداية عمران العالم، والعربية البائدة، وملوك اليمن من لدن يعرب بن قحطان، مع زيادة في الإسرائيليات وأخبار الجزيرة.
والإسرائيليات روايات شعبية في أغلبها، وكان ابن شريَّة يحدث بها في عهد معاوية بمثل حديث كعب الأحبار عنها وعن العربية الجنوبية بقصص أسطوري وشعر منحول على لسان عاد وثمود أصبح من المصادر الأولية للباحثين في التاريخ اليمني. قال الزركلي: إن كرنكو، المستشرق الألماني، كتب له إنه لم يكن في يوم من الأيام هناك شخص اسمه عبيد بن شريَّة، بمعنى أنه هو وأقاصيصه المتأثرة بالإسرائيليات من اختراع القصاصين على حد رأيه.
على أن ما نسب إليه بداية لا تنكر، ذات اتجاه نحو الحياة الجاهلية القديمة وتمجيدها مع اختراعات كثيرة نمت بمرور الزمن وبجهد من أتى بعده، أما التيجان فقد نقله الهَمْداني، صاحب الإكليل، والهَمْداني (ت 334هـ) عالم في اللغة والرياضيات والشعر والأنساب، أفاد البلدانيون، كالبكري وياقوت، من كتابه صفة جزيرة العرب. وتضمن الجزء الثاني من إكليله أحاديث عن آثار اليمن وكنوزها وملوكها، مع إشارة إلى بعض ملاحيات عرب الجنوب ومضر في عهد بني أمية، أما الجزء الأول فاحتوى على قصيدة لنشوان الحمْيري قدم فيها الإكليل بعد أن نقحه.
لم يسلم الإكليل من حشد من الأخبار الأسطورية، وتميزت روح صاحبه بالمباهاة والمفاخرة في نسب اليمن وسلطانها قبل الإسلام. وألمح بعض الباحثين إلى أن يكون ذلك من رد الفعل على مجد النزارية في الإسلام وقريش على وجه الخصوص(12).
ويعد ابن الكلبي من مصادر الهَمْداني في هذه السلسلة التي قد تحسب في تصنيف التاريخ المحلي، أو ذلك الذي ينزع إلى إبراز الهيمنة القديمة للأذواء والأقيال والتبابعة، ودعم ذلك بالمبالغات الإخبارية في مجالات الحياة السياسية والاجتماعية وظواهر اللغة بالرغم من أن التكتل الكبير للعربية الجنوبية ربما لم يعرف إلا في الإسلام(12).
ولابن الكلبي اهتمام بالأحلاف الجاهلية والمآثر والبيوتات والألقاب والأصنام والأيام والمثالب والبلدانيات. ومع إيغاله في القصص الخيالي وما اتهم به من الكذب والوضع فإن استفادة المصادر منه على اختلاف مشاربها كبيرة جداً، إلا أن الاحتراس من رواياته ينصب على أخباره عن صدر الإسلام، وبخاصة عن الفتنة، لما اشتهر به وأبوه من قبله من نزعة ملِّيّة متطرفة، ولذا قال ابن تيميه: إن ابن الكلبي وأبا مخنف من أهل الوضع والإلحاد، وعنهما نُقل الطعن في الصحابة.
مدرسة العراق التاريخية والإخباريون القدماء :
وإذا كانت قد برزت مرحلة جديدة عند ابن إسحاق والواقدي في التدوين التاريخي فإن مدرسة العراق التاريخية قد تلت المدرسة الأولى في المدينة، وعرف الإخباريون الأوائل في الكوفة والبصرة، كأبي مخنف لوط بن يحيى (ت 147هـ) وهو إخباري من أهل الكوفة واضح النزعة العقدية وله تأليف عن مقتل الحسين، وآخذ الثأر ويقصد به المختار صاحب الكيسانية الخشبية، وتآليف في الردة والفتوح والجمل وصفين ومقتل حجر بن عدي، وكعوانة بن الحكم وهو إخباري كوفي (ت 147هـ) كان على دراية بأخبار الفتوح مع علم بالشعر والأنساب، وقيل أن موقفه كان حيادياً بين الأمويين والعلويين، وتتلمذ على يديه الهيثم بن عدي وهو إخباري مثله لم تهمله المصادر مع ما قيل من ولعه بالمعايب والتأليف بالمثالب. وتتلمذ على يدي عوانة المدائني (ت 225هـ) وهو إخباري أيضا اقترب من أسلوب المحدثين في نقد الروايات.
ومن إخباريي الكوفة محمد بن السائب الكلبي (ت 146هـ) اختص بدراسة الأنساب، وورث عنه ابنه هشام ابن الكلبي (204هـ) المتقدم ذكره هذا الاهتمام. وظهر من أهل هذا العلم الزبير بن بكار وأبو اليقظان النسابة.
وعرف من بين الإخباريين في الكوفة سيف بن عمر (180هـ) وهو عراقي معتدل، كما يقول محب الدين الخطيب، وقد أخذ عن شيوخ الكوفة كما أفاد من الروايات المدينة، وله كتاب عن الفتوح والردة ومسير على وعائشة حققه الدكتور قاسم السامرائي وظهر بطبعته الثانية حديثا.
المؤرخون :
ويأتي بعد الإخباريين الأوائل المؤرخون، وقد اهتم الطبري منهم بالإسناد وتسلسل الرواة شأن الإخباريين. ثم تحررت الكتابة التاريخية من هذه الطريقة إلى الكتابة المرسلة، وظهر هذا واضحاً جليا عند اليعقوبي (ت 284هـ) والمسعودي (346هـ) اللذين اكتفيا بالإشارة إلى المصادر مع دراسة نقدية في بعض الأحيان كما فعل المسعودي في مروج الذهب.
طريقة التأليف وصور المادة التأريخية:
على أن التحرر من الإسناد قد رافقه وأتى بعده تطور في الطريقة والأسلوب في فن الكتابة التاريخية. وحتى منهج الكتابة الذي كان يعتمد على ذكر الأخبار حسب السنين، وهو ما يعرف بالحوليات، اتجه إلى التأكيد على أهمية القيمة الخبرية للحادثة ومراعاة تتابع عناصرها لاستيعاب الموضوع بعدم تجزئة الواقعة. وكان الطبري في مقدمة أصحاب الحوليات. أما ابن الأثير، وهو ممن أفاد منه، فقد حاول التخلص من ربط الحوادث بالسنيين، وإن كان قد سار عليه بأن عنون للموضوعات وتخلص من الإسناد محافظة على وحدة الحادثة الواحدة.
وفي هذا المنهج أيضا طريقة أخرى وهي التأليف حسب الموضوعات، وعلى هذا النويري (732هـ). والتاريخ حسب الموضوعات إمّا تاريخ للأسر الحاكمة والدول والعهود كما فعل الدينوري في الأخبار الطوال، أو تاريخ حسب الطبقات مثل تصنيف ابن سعد وأبي يعلى.
والمادة التاريخية تتنوع صورها بين تاريخ عالمي عام كالطبري واليعقوبي وآخرين كمسكوية وابن العبري والثعالبي، وبين تاريخ محلي وطني كتأريخ السلامي عن ولاة خراسان وتأريخ طيفور عن بغداد وابن حيان عن الأندلس وابن العديم عن حلب.
علاقة الحديث بالتأريخ:
وفي علاقة الحديث بالتأريخ يلاحظ أن على رواية الحديث تبنى الأحكام وتقام الحدود، فهي تتصل مباشرة بأصل من أصول التشريع وهو السنة النبوية. ولذلك فإن ثقات المحدثين وضعوا رواة الحديث في موازين دقيقة بقدر الإمكان وعرفوا كل راوٍ: تاريخه وسيرته، ووضعوا من أجل هذا قواعد للجرح والتعديل.
وبحث المحدثون كيحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي وابن أبي حاتم الحنظلي في الرواة وهل تلاقى الراوي والمروى عنه، وبينوا مقدار درجة كل راوٍ من الثقة. وليس الأمر في التاريخ كشأن الحديث، وموضوعاتهما مختلفة. وكما نظر ابن خلدون في النقد التاريخي وأن التمحيص يجب أن ينصب على نص الحادثة فإن المتكلمين بالغوا في محاولة إخضاع الحديث لحكم العقل وعرضه بالعلل الكلامية.
والإخباريون ضعفاء في مجملهم عند المحدثين منذ محمد ابن إسحاق، وللمحدثين شروطهم في المجال المشار إليه، وقواعدهم في مجال النقد الحديثي لازمة لدقته، ومع قرب الإمام الشافعي منهم فقد انتقده بعضهم كابن معين وابن عبد الحكم في طريقة الرواية.
على أن المحدثين أنفسهم زكوا كثيراً من الإخباريين في مجال التاريخ ونقلوا من أخبارهم. وما يظهر من اتباع منهج المحدثين في النقل عن الإخباريين لم يلتزم به من يدعي اتباعه، وإنما أراده للتأكيد على جزئية خاصة وليس منهجاً عاماً. وإذا خدم غرضه بهذا المنهج اعرض عما سواه، ومن يشنع على سيف بن عمر، على سبيل المثال، لا يطلب في أبي مخنف وابن الكلبي جرحاً ولا تعديلاً ولا يسأل عن رواة ولا إسناد.
تحدث باحث عن شبث بن ربعي فحمل عليه بشدة ولم يكلف نفسه عناء النظر في طرق الرواية وصاحبها. وشبث معدّل عند المحدثين. وخبر هذا الباحث عن شبث عن طريق ابن الكلبي، وبهذا تفضح الازدواجية في التطبيق كثيراً من أساليب من يطلبون الجرح والتعديل في سيف وحسب.
سيف بن عمر أحد الإخباريين الأوائل:
وسيف اعتَمَد عليه، كما يقول محقق كتابه، الدكتور السامرائي، كثيرٌ من المؤلفين سواء كانوا من المؤرخين أو أصحاب المعاجم. بل وحتى أصحاب كتب الحديث، كالذهبي وابن حجر وابن عساكر والطبري، وهو عند الذهبي وابن حجر عمدة في التاريخ وإخباري عارف. واعتمد الطبري على روايته في الفتنه مستشنعاً رواية الواقدي، وكذا فضلها ابن كثير وهو من أصحاب الأثر، وترحم على سيف صاحبها.
وسيف من رجال الترمذي، وفضلاً عن رواية الترمذي عنه ورواية ابن حزم عنه أيضا فإن كثيراً من المحدثين رووا أحاديث تتشابه مع أحاديث سيف في النص وتختلف معها في الإسناد، وردت هذه عند البخاري ومسلم والدارمي وأحمد بن حنبل وابن ماجة والنسائى، وضرب الدكتور السامرائى لهذا أمثله كثيرة. وصحح الدارقطني اسم زهرة بن حوّية السعدي قاتل الجالينوس في القادسية نقلاً عن سيف وقال: إن قول سيف أصح. وقد ورد في بعض المصادر جوية بالجيم المعجمة.
وقال السامرائى، بعد أن أشار إلى عدد من المصادر والمراجع عن سيف منها بحث لأحمد عادل كمال بعنوان "سيف بن عمر الراوية الأشهر للفتوحات الإسلامية"، أن ابن قانع وابن شاهين وابن ماكولا وابن عبد البر وابن حجر صححوا مراراً وتكراراً أسماء أصحاب الفتوح اعتمادا على مرويات سيف، وأن جل الأحاديث النبوية التي وردت عند سيف موجودة بأسانيد مختلفة وطرق متشعبة في كتب الحديث المختلفة، وأن على الباحث الجاد أن يستقصي دون هوى يعمي أو رأي مذهبي يغوي.
سبب الحملة على سيف:
ومما تشير إليه بعض الدراسات أن سبب الحملة على سيف من بعض المتأخرين هو حديث سيف عن السبئية. وقد يكون هذا حقاً لو كان سيف لم يُسبق إلى الإعلان عنها. والذي سبقه هو أبو مخنف الذي أفصح فيما نقل عنه البلاذري عن أن ابن سبأ هو عبد الله بن وهب الهَمْداني الذي كان يناقش عليا في أصعب أيام حياته عن رأيه في أبي بكر وعمر وأن عليا كتب كتاباً بقيت منه نسخة عند هذا الهَمْداني فحرفها.
وإلى هذه الرواية أشار طه حسين ونايف معروف وسليمان العودة وجميل المصري نقلاً عن البلاذري، ومصدرها الأول هو أبو مخنف وهو متقدم على سيف.
وأشار أبو مخنف قبل سيف، فيما نقل عنه الطبري، إلى السبئية تاريخاً ومعتقداً؛ فقال عن الكيسانية أنها السبئية، وذكر قول شبث عنها وتشنيع المغيرة بن شعبة عليها في ثورة حجر منسوبة إلى رائدها وعقلها المدبر الذي عرّف أبو مخنف باسمه واسم أبيه وكنيته ومعتقده. وفيما عدا خبر أبي مخنف عن السبئية وسدنة كرسيها أيام المختار فإن المصادر التي أشارت إليها منذ أيام الفتنة على اختلاف مشاربها المذهبية أشهر من أن تذكر.
ومن الدارسات الحديثة قام الدكتور يوسف العش بإعداد بحوث في محاضرات وكتب عن الفتنة؛ ففحص الروايات الواردة عنها فحصاً علمياً دقيقاً خرج منه بأن سيفاً أتى بقصة الفتنة من مصدر حيادي مطلع فجاءت قصة منسجمة مع الروايات الموثوقة فدخلت في عدادها مفسرة موضحة مفصلة مقبولة، وأنها رواية تاريخية بما للكلمة من معنى. واستبعد العش روايتي أبي مخنف والواقدي بعد بحث ودراسة ونظر في سبع روايات أخرى من الأخبار المقطعة.
وأشار إلى نتيجة العش، وأفاد منها، وربما أضاف إليها آخرون من الباحثين، كنايف معروف الذي قارن بين الهَمْداني رأس النحلة السبئية وابن وهب الراسبي الزعيم الأول للخوارج، وكأحمد عرموش والعودة وخالد الغيث. ونشر السامرائى عنه وعن سيف بحثاً باللغة الإنجليزية، وستصدر دار أمية دراسة متكاملة في ضوء المصادر التاريخية وكتب الفرق والملل والأهواء والنحل خاصة بسيف الذي هو عند المتحاملين عليه خارقة عظمى من الخوارق العجيبة، ركبوا عليه مجموعة من الأهواء والميول المتناقضة التي من المحال أن تستقيم في شخص رجل واحد.
وعمد أشد المتحاملين عليه فجعل بني أُسيِّد قومه كلهم مختلقين مع آخرين، وصدّر بأسمائهم كتاباً عن الاختلاق والانتحال. وصدر بعده كتاب عن الشعراء الإسلاميين للدكتورين القيسي وحاتم الضامن افتتحاه ببني أُسيِّد الذي يزعم المتحامل وهو الكشميري العسكري أن لا وجود لهم.
وورد في كتاب الفتنة لسيف، جمع أحمد عرموش "أنه كان للفتنة ووقعة الجمل أعمق الأثر، بدأ الخلاف سياسياً وانتهى مذهبياً فانقسمت الأمة إلى فئات بأسها بينها شديد تتبادل الطعون حتى التكفير… وأدى التعصب إلى ندرة الروايات الصحيحة لتاريخ تلك الحقبة… وهذا الكتاب، كتاب سيف، من أقدم الكتب التي تناولت هذه الموضوعات ومؤلفه أكثر مؤرخي تلك الحوادث حياداً وموضوعية."
الهوامش :
1) تميم تقول: ورّخ، وقيس تقول أرّخ.
2) السيد عبد العزيز سالم، التأريخ والمؤرخون العرب.
3) مأقط يوم لبني أسد على كندة اليمانية قتلوا فيه حَجْرا والد امرئ القيس الشاعر.
4) البسوس بنت منقد السعدية خالة جساس قاتل كليب، وإليها تنسب وقائع الحرب بين ابني وائل: بكر وتغلب.
5) جبلة في عالية نجد بين تميم وذبيان من جهة وبني عامر وعبس من جهة أخرى.
6) وفي مقابل هذا النقد التاريخي من ابن خلدون لأخبار اليمن فإنَّ ابن سلاّم الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء أهمل جميع ما ينسب إلى اليمن من الشعر على اعتبار أنه من المصنوع المنحول.
7) عمر فروُخ، تاريخ العلوم عند العرب.
8) تقسيم العرب إلى عاربة ومستعربة فرية مبتدعة، وقد بينت هذا في موضوع "فَدَك وأمكنة أخرى"، المنشور في هذه المجلة في عددها الثالث.
9) عماد الدين خليل، دراسة في السيرة النبوية.
10) يذهب أصحاب هذا الرأي إلى أن قبائل العرب لم ترتد بعد وفاة النبي، صلى الله عليه وسلم، وإنَّما الذي ارتد هم الصحابة!
11) أحمد أمين، ضحى الإسلام.
12) سالم محل، المنظور التاريخي.
13) إحسان النص، العصبية القبلية.
أهم المراجع الحديثة(1)
د. إبراهيم شعوط، أباطيل يجب أن تمحى من التاريخ.
د. إحسان النص، العصبية القبلية وأثرها في الشعر الأموي.
أحمد أمين، ضحى الإسلام.
أحمد عرموش، مقدمة كتاب "الفتنة ووقعة الجمل" لسيف بن عمر.
د. خالد الغيث، مرويات سيف بن عمر.
د. سالم محل، المنظور الحضاري.
د. سعد زغلول عبد الحميد، في تاريخ العرب قبل الإسلام.
د. سليمان العودة، عبد الله بن سبأ.
د. السيد عبد العزيز سالم، تاريخ الدولة العربية.
د. طه حسين، الفتنة الكبرى.
د. عبد العزيز الدوري، التاريخ والمؤرخون العرب.
د. عماد الدين خليل، دراسة في السيرة النبوية.
د. عمر فروخ، تاريخ العلوم عند العرب.
د. قاسم السامرائي، مقدمة كتاب الفتوح والردة ومسير علي وعائشة لسيف بن عمر.
د. نايف معروف، الخوارج.
د. نوري القيسي وحاتم الضامن، شعراء إسلاميون.
د. يوسف العش، الدولة الأموية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) أثبتنا هنا أسماء أهم المراجع الحديثة، أماّ المصادر القديمة فقد وردت الإشارة إليها في صلب الموضوع.
http://www.adabihail.gov.sa/maga.php?verid=5&secid=189


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.