التصنيفات
علوم التسيير والتجارة

مفاهيم عامة للمؤسسات العمومية

المؤسسات العمومية وأساليب إدارتها:

بعد ما كان يقتصر دور الدولة على الحفاظ على الأمن والاستقرار السياسي تحولت إلى دولة متدخلة في الحياة الاقتصادية وذلك من خلال إنشاء مؤسسات عمومية أو انتشال المؤسسات المشرفة على الإفلاس و إعادة إحيائها بغرض حماية مناصب العمل و الحد من البطالة، كما تعمل في القطاعات ذات طابع استراتيجي والتي لا يغامر فيها القطاع الخاص نظرا لدرجة الخطورة الكبيرة واحتياجاتها لأموال ضخمة، ونتناول في هذا المطلب دراسة تحليلية لماهية المؤسسات العمومية وأهدافها في الفرع الأول أما الثاني ندرس مختلف الأساليب و الهيكليات التي اعتمدتها الدولة لإدارة المرافق العامة.

أولا: ماهية المؤسسات العمومية وأهدافها.

1. تعريف المؤسسات العمومية : المؤسسات العمومية هي الخلية الأساسية للاقتصاد الوطني، رأسمالها تابع للقطاع العام أي الدولة ، ويكون التسيير فيها بوساطة أشخاص تختارهم الجهة الوصية وتتميز المؤسسات العمومية بما يلي:

– إمكانيات مادية وإدارية ضخمة توفرها الدولة ومجموعة من التسهيلات والإعفاءات القانونية والإدارية.

– وجود جهاز رقابي يعينه الوصي ( الوزير) يساعد في تنسيق أنشطة هذه الشركات ويقابل هذه المميزات الرقابة الروتينية في الأعمال الإدارية البيروقراطية بالمفهوم السلبي و المركزي الشديد التي تفقد هذه المؤسسات المرونة الكافية التكيف مع معطيات البيئة الخارجية.

ومن الأسس التي تقوم عليها أنها تملك كيان قانوني مستقبل ولها حرية في وضع القواعد والضوابط الخاصة بالعمل كما تملك استقلالية اقتصادية وإدارية.

2. نماذج المؤسسات العمومية : لها عدة نماذج نوجزها فيما يلي:

1. مؤسسات تابعة للوزارات : وتدعى بالمؤسسات الوطنية، وتأخذ أحجاما معتبرة وهي تخضع لاحدى الوزارات صاحبة إنشائها والتي تقوم بمراقبة تسيرها بواسطة عناصر تعينها، تقدم إليها تقارير دورية عن نشاطها ونتائجها.

2. مؤسسات تابعة للجماعات المحلية : وتتكون هذه المؤسسات في البلدية أو الولاية، أو تجمع بين البلديات أو الولايات أو كلاهما معا، وتكون ذات أحجام متوسطة أو صغيرة ويشرف على منشئيها عن طريق إدارتها وتكون عادة في مجال النقل أو البناء أو الخدمات العامة.

ج- المؤسسات المختلطة: وهي تلك المؤسسات التي تتكون من طرفين:

الأول: هي الدولة والمتمثلة في الوزارة المؤسسة العمومية.

الثاني : يتمثل في القطاع الخاص ويتم إنشاءها إما عن طريق الاتفاق بين الطرفين وإما عن طريق التأميم، وبموجب هذه العملية التي تستطيع الدولة حيازة جزء من رأسمال المؤسسة الخاصة، وهناك عدة إشكال من المؤسسات المختلطة و العمومية.

3. أنواع المؤسسات العمومية وتتكون من :

أ- المؤسسات الفلاحية : وتجمع –أ-المؤسسات المخصصة في كل من الزراعة بمختلف أنواعها ومنتجاتها، وتربية المواشي حسب تفرعاتها أيضا، بالإضافة إلى أنشطة الصيد البحري، وغيرها من نشاطات بالأرض و الموارد الطبيعية القريبة إلى الاستهلاك، وعادة ما تضاف إليها أنشطة المناجم لتصبح جميع هذه المؤسسات ضمن القطاع الأول ككل.

ب – المؤسسات الصناعية : في قطاع الصناعة تتجمع مختلف المؤسسات التي تعمل في تحويل الموارد الطبيعية أساسا إلى منتوجات قابلة إلى الاستعمال أو الاستهلاك النهائي أو الوسيط ( كمورد أو مدخلات لمؤسسات أخرى) وتشمل بعض الصناعات المرتبطة بتحويل الموارد الصناعية إلى منتوجات غذائية وصناعية مختلفة، وكذا صناعات تحويل وتكرير الموارد الطبيعية من معادن وطاقات وغيرها، وهي ما يدعى بالصناعات الاستخراجية، والفرع الواسع والأساسي لدفع الاقتصاد ككل، وهي مؤسسات صناعية التجهيزات ووسائل الإنتاج المختلفة، المستعملة في مجمل القطاعات الاقتصادية بما فيها الصناعية، وهناك صناعة مواد البناء في حالة فصلها عن الأنواع السابقة، حيث تجمع جانب التحويل، الكيمياء وغيرها ، وفي الأخير هناك مؤسسات الصناعات الاستهلاكية بشكل عام.

3. المؤسسات الخدمية و التوزيع : هذه المؤسسات تشمل مختلف الأنشطة التي التي لا توجد في المجموعتين وهي ذات أنشطة وواسعة انطلاقا من المؤسسات الحرفية، النقل يختلف فروعه، البنوك و المؤسسات المالية التجارة، الجمارك وحتى الصحة وغيرها.

4. أهداف المؤسسة العمومية : تسعى الدولة إلى تحقيق عدة أهداف حسب نوع المؤسسة التي تسيرها ويمكن تلخيصها فيمايلي:

أ‌- الأهداف الاقتصادية : وتتمثل في :

– تحقيق الربح : إن استمرار المؤسسة العمومية مرهون بتحقيقها لمستوى أدنى من الربح يضمن لها إمكانية رفع رأس مالها بأقل التكاليف الممكنة وبالتالي توسيع نشاطها حتى يصمد أمام المؤسسات الأخرى واستعمال الربح المحقق لسديد الديون وتوزيع الأرباح وتكوين مؤونات لتغطية الخسائر و الأعباء.

– تلبية متطلبات المجتمع : إن تحقيق الدولة لنتائجها يمر عبر عملية تصريف أو بيع إنتاج المؤسسة العمومية وهو ما يغطي طلبات المجتمع.

– عقلانية الإنتاج: يتم ذلك باستعمال الترشيد للعوامل الإنتاج والتخطيط الجيد والإشراف على عمالها بالإضافة إلى مراقبة الدولة لتنفيذ هذا البرامج.

ب‌- الأهداف الاجتماعية:

– ضمان مستوى مقبول من النتائج :يعتبر العمال في المؤسسة العمومية المستفيدين الأوائل من نشاطها ويتقاضون أجور تضمن لهم تلبية حاجتهم

– تحسين مستوى معيشة العمال : نظرا لتطور السريع الذي تشهده مجتمعات يجعل العمال أكثر حاجة لمنتوجات جيدة مما يدعو الدولة لتنويع الإنتاج وتحسينه وتوفير امكانيات مالية للعمال حتى يسهل عليهم اقتنائها.

– إقامة أنماط استهلاكية : تسعى الدولة إلى تقديم منتوجات جديدة للمستهلكين

– السهر على تنظيم وتماسك العمال

– توفير تأمينات ومرافق للعمال: تتمثل في التأمينات الاجتماعية و المساكن الوظيفية أو العادية بالإضافة إلى المرافق العامة مثل تعاونيات استهلاك و المطاعم.

ج‌-الأهداف الثقافية و الرياضية : وتتمثل في :

– تدريب العمال المبتدئين ورسكلة القدامى.

– توفير الوسائل الترفيهية الثقافية.

– .تخصيص أوقات الرياضة مما يجعل العالم في صحة جيدة فيؤدي دوره كامل في الإنتاج

د- الأهداف التكنولوجية:

– البحث والتنمية : تؤدي الدولة أو تعمل على إدارة مصلحة أو الوسائل الإنتاجية علميا

تؤدي الدولة دورا مساندا للسياسة القائمة في البلاد في المجال البحث والتطور التكنولوجي خاصة المؤسسة الضخمة، وذلك من خلال الخطة التنموية العامة للدولة المتوسطة الأجل التي يتعرض من خلالها التنسيق بين العديد من الجهات إبتداءا من هيئات ومؤسسات البحث العلمي و الجامعات والمؤسسات الاقتصادية وكذا هيئات التخطيط الأخرى كالمجلس الاقتصادي و الاجتماعي.

ثانيا: أساليب و الهياكل إدارة المرافق العامة:

لقد كان دور الدولة في القرن التاسع عشر منحصرا على تحقيق الأمن والعدل ومع مطلع القرن العشرين توسع نشاطها تأمينا للمصلحة العامة وشمل تدخلها كل المشاريع المعروفة باسم المنافع العامة كالكهرباء والماء وغيرها، وأخذت طرق إدارة الدول المرافق العامة صورا عدة تطورت بتطور الدولة الاجتماعية وطرق الإدارة بعضها تقليدي كطريقة الإدارة المباشرة وبعضه حديث جرى اعتماده في المرافق العامة الاقتصادية كالشركة الوطنية وشركة الاقتصاد المختلطة.

1. الإدارة المباشرة : حيث تقوم الدولة أو الهيئات العامة مباشرة بواسطة موظفيها وأموالها العمومية ووسائل امتيازات القانون العام، وتدار غالبية المرافق العامة بهذه الطريقة خصوصا تلك التي تفرض طبيعتها إشرافا كاملا من قبل الإدارة أو أنها تمس كيان الدولة أو تتعلق بجوهر وظائفها التقليدية كالدفاع و القضاء والخارجية.

2. الإدارة الغير مباشرة: فيما تعهد الإدارة لأحد الأشخاص، القانون الخاص باستغلال مرفق عام وإدارته مقابل نسبة من الأرباح، ويظهر صاحب الاستغلال غير المباشر كوكيل عن الإدارة ، يعمل لحسابها في إدارة الرفق ( إدارة حصر التبغ والشباك)، وتقوم الدولة بتقديم أموال اللازمة ، ولا شأن للمتعهد بالنتائج المالية المترتبة عن إدارة المرفق، فإذا حققت أرباحا فإنها تعود للدولة، وهي التي تتحمل مخاطر المشروع وخسائره أيضا.

3. الامتياز: وهو عدم إلزام تعهد السلطة العامة، بمقتضاه إلى شخص من أشخاص القانون بإدارة مرفق عام واستغلاله لمدة محددة في العقد مقابل بدل.

4. شركة الاقتصاد المختلط: حيث يدار المرفق العام بواسطة هيئة يشارك في تشكيلها ممثلون عن الإدارة وعن أشخاص القانون الخاص وغالبا ما تأخذ شكل الشركة المسامة التي تكتب الدولة بجزء كبير من أسهمها.

5. الشركة الوطنية: وهي طريقة تعتمدها الدولة أحيانا في إدارة بعض المرافق الاقتصادية حيث تنشئ شركة ذات مساهم وحيد وتساهم الدولة بكامل رأس المال وتتولى إدارة المرفق بأسلوب وأحكام القانون الخاص.

6. التأميم: الغاية من هذه الطريقة هو نقل ملكية بعض المشروعات الخاصة ذات النفع العام إلى النطاق الجماعي حيث تدار بإحدى الطرق إدارة المرافق المعتمدة.

إن كل هذه الطرق جاءت بشكل تدريجي وقد حاولت الدول من خلال تخطي الأزمات الاقتصادية التي عرفتها في مراحل معينة


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.