التصنيفات
اللغة العربية وعلومها

كتاب قطر الندى وبل الصدى

] قطر الندى وبل الصدى [
للعلامةِ جمالِ الدين محمدِ بنِ يوسفَ بنِ هشامٍ الأنصاريِّ
( 708 – 761 ) هـ
بسم الله الرحمن الرحيم

الكلمة قول مفرد. وهي اسم وفعل وحرف.
فأما الاسم فيعرف بأل كـ( الرجلِ ) وبالتنوينِ كـ( رجلٍ ) وبالحديثِ عنه كتاءِ ( ضربتُ ).
وهو ضربان: مُعْرَبٌ وهو ما يَتَغَير أواخرُه بسبب العواملِ الداخلةِ عليه كـ( زيدٍ )؛ ومَبْنِيٌّ وهو بخلافه، كـ( هؤلاءِ ) في لُزُوم الكسر، وكذلك حذامِ وأمسِ في لغة الحجازيِّينَ، وكـ( أحدَ عشرَ ) وأخواتِه في لزوم الفتح، وكقبلُ وبعدُ وأخواتِهما في لزوم الضَّمِّ إذا حُذِفَ المضافُ إليه ونُوِيَ معناهُ، وكمنْ وكمْ في لزوم السُّكون وهو أصل البناء.
وأما الفعل فثلاثة أقسام:
ماضٍ. ويُعْرَف بتاءِ التأنيث الساكنةِ. وبناؤه على الفتح كضربَ، إلا مع واوِ الجماعة فيُضَمُّ كـ( ضربُوا )، والضميرِ المرفوعِ المتحركِ فيُسَكَّنُ كـ( ضربْتُ ). ومنه نِعم وبِئس وعسى وليس في الأصح.
وأمرٌ. ويعرف بدلالته على الطلب مع قبوله ياءَ المخاطَبَةِ. وبناؤه على السكون كـ( اضربْ )، إلا المعتلَّ فعلى حذف آخره كـ( اغزُ واخشَ وارمِ )، ونحوَ قوما وقوموا وقومي فعلى حذف النون. ومنه هلمَّ في لغة تميم، وهاتِ وتعالَ في الأصح.
ومضارعٌ. ويعرف بلم. وافتتاحُه بحرفٍ من نَأَيْتُ، نحو نقوم وأقوم ويقوم وتقوم. ويُضَمُّ أولُه إن كان ماضِيه رُباعياً كـ( يُدحرج ويُكرم )، ويفتح في غيره كـ( يَضرب ويجتمع ويَستخرج ). ويسكن آخره مع نونِ النِّسوة نحو يتربصْنَ وإلا أن يعفوْنَ، ويُفْتَحُ مع نون التوكيد المباشرةِ لفظاً وتقديراً نحو لينبذَنَّ، ويعرب فيما عدا ذلك نحو يقومُ زيدٌ ولا تتبعانِّ لتبلَوُنَّ فإما ترَيِنَّ ولا يصدُّنَّك.
وأما الحرفُ، فيعرف بأن لا يقبل شيئاً من علامات الاسم ولا شيئاً من علامات الفعل، نحوُ هل وبل. وليس منه مهما وإذما، بل ما المصدريةُ ولما الرابطةُ في الأصح. وجميع الحروف مبنية.
والكلام لفظ مفيد. وأقل ائتلافه من اسمينِ كـ( زيدٌ قائمٌ )، أو فعل واسم كـ( قامَ زيدٌ ).
فصلٌ:
أنواع الإعراب أربعة: رفعٌ ونصبٌ في اسم وفعل نحو ( زيدٌ يقومُ ) و ( إن زيداً لن يقومَ )، وجرٌّ في اسم نحو ( بزيدٍ )، وجزمٌ نحو ( لم يقمْ ).
فَيُرْفَعُ بضمة، وينصب بفتحة، ويجر بكسرة، ويجزم بحذف حركة، إلا:
الأسماءَ الستة، وهي أبوه وأخوه وحموها وهَنُوه وفوه وذو مال، فتُرْفَع بالواو وتُنْصَب بالألف وتُجَر بالياء. والأفصحُ استعمالُ هَنٍ كَغَدٍ.
والمثنى كالزيدان فيرفع بالألف، وجمعَ المذكر السالِمَ كالزيدونَ فيرفع بالواو، ويُجَرَّانِ وينصبان بالياء. وكلا وكلتا مع الضمير كالمثنى، وكذا اثنان واثنتان مطلقاً وإن رُكِّبَا. وأُوْلُو وعِشْرُون وأخواتُه وعالَمونَ وأَهْلُونَ ووابِلونَ وأَرَضُونَ وسِنُونَ وبابُه وبَنُونَ وعِلِّـيُّونَ وشِبْهُهُ كالجمعِ.
وأولاتُ وما جُمِعَ بألفٍ وتاء مَزِيدَتَيْنِ وما سُمِّيَ به منهما فينصب بالكسرة، نحو ( خلق الله السمواتِ )، و ( أصطفى البناتِ ).
وما لا ينصرف فيجر بالفتحة نحوَ ( بأفضلَ منه )، إلا مع أَلْ نحوُ ( بالأفضلِ ) أو بالإضافة نحوُ ( بأفضلِكم ).
والأمثلةَ الخمسةَ، وهي تَفعلانِ وتَفعلونَ بالياء والتاء فيهما، وتفعلينَ، فترفع بثبوت النون، وتجزم وتنصب بحذفها، نحو ( فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا ).
والفعلَ المضارعَ المعتلَّ الآخرِ فيجزم بحذف آخره، نحوَ ( لم يغزُ ولم يخشَ ولم يرمِ ).
فصل: تُقَدَّرُ جميعُ الحركاتِ في نحو ( غلامي والفتى ) ويسمى الثاني مقصوراً، والضمةُ والكسرةُ في نحو ( القاضي ) ويسمى منقوصاً، والضمةُ والفتحةُ في نحو ( يخشى )، والضمةُ في نحو ( يدعو ويقضي ). وتظهر الفتحةُ في نحو ( إنَّ القاضيَ لن يقضيَ ولن يدعوَ ).
فصلٌ: يُرْفَعُ المضارعُ خالياً من ناصب وجازم نحوُ ( يقومُ زيد ).
وينصب بـ( لنْ ) نحوُ ( لن نبرحَ )، وبـ( كَيِ ) المصدريةِ نحوُ ( لكَيْلا تأسوا )، وبـ( إِذَنْ ) مصدرةً وهو مستقبلٌ متصلٌ أو منفصلٌ بقَسَمٍ نحوُ ( إذن أكرمَك ) و ( إذن – والله – نرميَهم بحرب )، وبـ( أَنْ ) المصدريةِ ظاهرةً نحو ( أن يغفرَ لي )، ما لم تسبق بعِلْمٍ نحو ( علم أن سيكونُ منكم مرضى )، فإن سُبِقَتْ بِظَنٍّ فوجهانِ نحو ( وحسبوا أن لا تكونَ فتنةٌ )، ومضمرةً جوازاً بعد عاطفٍ مسبوقٍ باسم خالص نحو ( ولُبْسُ عباءة وتقرَّ عيني )، وبعد اللامِ نحو ( لِتبينَ للناس ) إلا في نحوِ ( ِلئَلا يعلم ) ( لِئَلا يكونَ للناس ) فَتَظْهَرُ لا غيرُ، ونحوُ ( وما كان الله لِيعذبَّهم ) فتُضْمَرُ لا غيرُ، كإضمارها بعد حتى إذا كان مستقبلاً نحوِ ( حتى يرجعَ إلينا موسى )، وبعد أو التي بمعنى إلى نحوِ ( لأَسْتَسْهِلَنَّ الصعب أو أدركَ المنى ) أو التي بمعنى إِلا نحوِ ( وكنتُ إذا غَمَزْتُ قناةَ قومٍ كَسَرْتُ كُعُوبَها أو تستقيمَا )، وبعدَ فاءِ السببيةِ أو واوِ المعيةِ مسبوقَتَيْنِ بنفي مَحْضٍ أو طلبٍ بالفعل نحوِ ( لا يُقضى عليهم فَيموتوا ) ( ويعلمَ الصابرين ) ( ولا تطغوا فيه فيحلَّ ) و ( لا تأكلِ السمك وتشربَ الحليب ).
فإن سَقَطَتِ الفاءُ بعد الطلب وقُصِدَ الجزاءُ جُزِمَ نحوُ قولِه تعالى: ( قل تعالَوا أتلُ ). وشرطُ الجزم بعد النهيِ صحةُ حلولِ إِنْ لا محلَّه نحوُ ( لا تدنُ من الأسد تسلمْ )، بخلاف يأكلُك.
ويُجزم أيضاً بلَمْ نحو ( لم يلدْ ولم يولدْ )، ولَمَّا نحو ( لما يقضِ )، وباللام ولا الطلبِيَّتَيْنِ نحو ( لِينفقْ، لِيقضِ، لا تشركْ، لا تؤاخذْنا ).
ويَجْزِمُ فعليِن إنْ وإذْما وأَيٌّ وأينَ وأنى وأيانَ ومتى ومهما ومَنْ وما وحَيْثُمَا نحو ( إِنْ يشأْ يُذهبْكم ) ( من يعملْ سوءاً يُجزَ به ) ( ما ننسخْ من آية أو ننسِها نأتِ بخير منها ).
ويسمى الأول شرطاً، والثاني جواباًَ وجزاءً، وإذا لم يَصْلُح لمباشرة الأداة قُرِنَ بالفاء نحوُ ( وإن يمسسْك بخير فَهو على كل شيء قدير )، أو بإذا الفُجَائِيةِ نحوُ ( وإن تُصبْهم سيئةٌ بما قدمت أيديهم إذا هم يقنَطون ).
فصل: الاسم ضربان:
نكرة، وهو ما شاع في جنسٍ موجودٍ كـ( رجل ) أو مقدرٍ كـ( شمس ).
ومعرفةٌ وهي ستةٌ:
الضميرُ وهو ما دل على متكلمٍ أو مخاطبٍ أو غائبٍ. وهو إما مُسْتَتِرٌ كالمقدر وجوباً في نحو ( أقومُ ) و ( تقومُ ) أو جوازاً في نحوِ ( زيد يقوم )، أو بارزٌ وهو إما متصلٌ كـ( تاء ) ( قمتُ ) وكافِ ( أكرمُكَ ) وهاءِ ( غلامِهِ )، أو منفصلٌ كـ( أنا وهو وإيايَ ). ولا فصلَ مع إمكانِ الوصلِ، إلا في نحوِ الهاء من ( سَلْنِيهِ ) بِمَرْجُوحِيَّةٍ، و ( ظنَنْـتُكَهُ ) و ( كُنْـتَهُ ) برجحان.
ثم العَلَمُ إما شخصيٌّ كـ( زيدٍ ) أو جنسيٌّ كـ( أسامةَ )، وإما اسمٌ كما مثلنا أو لقب كـ( زينِ العابدينَ ) و ( قُفَّةَ ) أو كُنْيَةٌ كـ( أبي عمرو ) و ( أمِّ كلثومٍ ). ويُؤَخَّر اللقبُ عن الاسم تابعاً له مطلقاً، أو مخفوضاً بإضافته إن أُفْرِدَ كـ( سَعِيدِ كُرْزٍ ).
ثم الإشارةُ. وهي ذَا للمذكر، وذِي وذِهِ وتِي وتِهِ وتَا للمؤنث، وذانِ وتانِ للمثنى بالألف رفعاً وبالياء جَرّاً ونصباً، وأُوْلاءِ لجمعِهما. والبعيدُ بالكاف مجردةً من اللام مطلقاً أو مقرونةً بها، إلا في المثنى مطلقاً وفي الجمع في لغة من مدَّهُ وفيما تقدَّمَتْهُ هَا التنبيهِ.
ثم الموصولُ. وهو الذي والتي، واللذان واللتان بالألف رفعاً وبالياء جراً ونصباً، ولجمع المذكر الذين بالياء مطلقاً والألى، ولجمع المؤنث اللائي واللاتي، وبمعنى الجميع مَنْ ومَا وأيُّ، وأَلْ في وصفٍ صريحٍ لغير تفضيلٍ كالضاربِ والمضروبِ، وذو في لغة طيّء، وذا بعدَ مَا أو مَنْ الاستفهامِيَّتَيْنِ. وصِلةُ أل الوصفُ، وصِلَة غيرِها إما جملةٌ خبريةٌ ذاتُ ضميرٍ طبقٍ للموصول يسمى عائداً، وقد يحذف نحو ( أيُّهم أَشَدُّ ) ( وما عَمِلَتْ أيديهم ) ( فاقضِ ما أنت قاضٍ ) ( ويشرب مما تشربون )، أو ظرفٌ أو جارٌّ ومجرورٌ تامانِ متعلقانِ بـ( اِسْتَقَرَّ ) محذوفاً.
ثم ذو الأداة، وهي أل عند الخليل وسِيبَوَيْهِ، لا اللامُ وحدَها خلافاً للأخفش. وتكون للعَهْدِ نحو ( في زجاجةٍ الزجاجةُ ) و ( جاء القاضي )، أو للجنس كـ( أَهْلَك الناسَ الدينارُ والدرهمُ ) ( وجعلنا من الماءِ كل شيء حيٍّ )، أو لاستغراق أفرادِه نحو ( وخُلِق الإنسانُ ضعيفاً ) أو صفاتِه نحو ( زيدٌ الرجلُ ). وإبدالُ اللام ميماً لغةٌ حِمْيَرِيَّةٌ.
والمضافُ إلى واحد مما ذكر. وهو بحسب ما يضاف إليه، إلا المضافَ إلى الضمير فكالعَلَمِ.
بابٌ: المبتدأُ والخبرُ مرفوعانِ، كـ( اللهُ ربُّنا ) و ( محمدٌ نبيُّنا ).
ويقع المبتدأُ نكرةً إن عمَّ أو خصَّ، نحوُ ( ما رجلٌ في الدار ) ( أَإِلَهٌ مع الله ) ( ولَعَبْدٌ مؤمنٌ خيرٌ من مشرك ) و ( خمسُ صلواتٍ كتبهُنَّ الله ).
والخبرُ جملةً لها رابطٌ كـ( زيدٌ أبوه قائمٌ ) و ( لباسُ التقوى ذلك خير ) و ( الحاقةُ ما الحاقةُ ) و ( زيدٌ نعمَ الرجلُ )، إلا في نحو ( قل هو اللـهُ أحدٌ )، وظرفاً منصوباً نحو ( والركبُ أسفلَ منكم )، وجاراً ومجروراً كـ( الحمدُ لله ربِّ العالمين ) وتعلقُهما بـ( مستقِرّ ) أو ( استقَرّ ) محذوفتينِ.
ولا يخبر بالزمان عن الذات، والليلةُ والهلالُ متأوَّلٌ. ويغني عن الخبر مرفوعُ وصفٍ مُعْتَمِدٍ على استفهامٍ أو نفيٍ، نحو ( أقاطنٌ قومُ سلمى ) و ( ما مضروبٌ العَمْرَانِ ).
وقد يتعدد الخبر، نحو ( وهو الغفورُ الودودُ ). وقد يتقدمُ، نحو ( في الدار زيدٌ ) و ( أين زيدٌ ).
وقد يُحذَف كلٌّ من المبتدإ والخبر نحو ( سلامٌ قومٌ منكرونَ ) أَيْ عليكم أنتم. ويجب حذفُ الخبر قبلَ جوابَيْ لَوْلا والقسمِ الصريحِ والحالِ الممتنعِ كونُها خبراً، وبعد الواو المصاحبةِ الصريحةِ، نحو ( لولا أنتم لكُـنَّا مؤمنين ) و ( لَعَمْرُكَ لأفعلَنّ ) و (ضَرْبِي زيداً قائماً ) و ( كلُّ رجل وضَيعَتُهُ ).
بابٌ: النواسخ لِحكم المبتدإ والخبر ثلاثةُ أنواع:
أحدُها كان وأمسى وأصبح وأضحى وظل وبات وليس وصار ومازال وما فَتِئَ وما انْفَكَّ وما بَرِحَ وما دام، فيرفَعْنَ المبتدأَ اسماً لهن وينصبْنَ الخبرَ خبراً لهن نحو ( وكان ربُّك قديراً ).
وقد يتوسط الخبرُ نحو ( فليسَ سواءً عالمٌ وجهولٌ ).
وقد يتقدمُ الخبرُ إلا خبرَ دام وليس.
وتختص الخمسةُ الأول بمرادَفَةِ صار، وغيرُ ليس وفَتِئَ وزال بجواز التمامِ – أيْ الاستغناءِ عن الخبر – نحو ( وإن كان ذو عسرة فنظرةٌ إلى ميسرة ) ( فسبحانَ اللهِ حين تمسون وحين تصبحون ) ( خالدين فيها ما دامت السموات والأرض )، وكان بجواز زيادتِها متوسطةً نحو ( ما كان أحسنَ زيداً ) وحذفِ نونِ مضارعها المجزومِ وصْلاً إن لم يلقَها ساكنٌ ولا ضميرُ نصبٍ متصلٌ، وحذفِها وحدَها معوَّضاً عنها ما في مثل ( أَمَّا أنت ذا نفر ) ومع اسمها في مثل ( إِنْ خيراً فخيرٌ ) و ( التَمِسْ ولو خاتَماً من حديد ).
وما النافيةُ عند الحجازيِّينَ كليس إن تقدم الاسمُ، ولم يُسْبَقْ بـ( إن ) ولا بمعمولِ الخبر إلا ظرفاً أو جاراً ومجروراً، ولا اقترنَ الخبرُ بإلا، نحو ( ما هذا بشراً ).
وكذا لا النافيةُ في الشعر بشرط تنكير معمولَيْها نحو ( تَعَزَّ فلا شيءٌ على الأرض باقياً ولا وَزَرٌ مما قضى اللهُ واقياً ).
ولاتَ لكنْ في الحين. ولا يُجْمع بين جزأَيْها، والغالبُ حذفُ المرفوع نحو ( ولاتَ حينَ مناصٍ ).
الثاني إنّ وأنّ للتأكيد، ولكنَّ للاستدراك، وكأن للتشبيه أو الظن، وليت للتمني، ولعل للتَّرَجِّي أو الإشفاق أو التعليل. فينصِبْنَ المبتدأَ اسماً لهن، ويرفعْنَ الخبرَ خبراً لهن، إن لم تقترن بهن ما الحرفيةُ نحوُ ( إنما اللهُ إلهٌ واحدٌ ) إلا ليت فيجوز الأمران، كإنْ المكسورة مخففةً.
فأما لكنْ مخففةً فتُهْمَل. وأما أنْ فتَعمَل، ويجب في غير الضرورة حذفُ اسمها ضميرَ الشأن، وكونُ خبرها جملةً مفصولةً – إن بُدِئَتْ بفعلٍ مُتَصَرِّفٍ غيرِ دعاءٍ – بـ( قد أو تنفيس أو نفي أو لو ). وأما كأنَّ فتَعمل، ويَقِل ذكرُ اسمها، ويُفصَل الفعل منها بـ( لم ) أو ( قد ).
ولا يَتَوَسط خبرُهن إلا ظرفاً أو مجروراً نحوُ ( إنّ في ذلك لعبرةً ) ( إنّ لدينا أنكالاً ).
وتُكْسَر إِنَّ في الابتداء نحو ( إنا أنزلناه في ليلة القدر )، وبعد القسم نحوُ ( حم والكتاب المبين إنا أنزلناه )، والقول نحو ( قال إني عبد الله )، وقبل اللام نحو ( والله يعلم إنك لَرسوله ).
ويجوز دخولُ اللام على ما تأخر من خبر إنَّ المكسورةِ، أو اسمها، أو ما توسط من معمول الخبر، أو الفصل. ويجب مع المخففة إن أُهْمِلَتْ ولم يظهر المعنى.
ومثلُ إِنَّ لا النافيةُ للجنس. لكنْ عملُها خاصٌّ بالمُنَكَّراتِ المتصلةِ بها، نحوُ ( لا صاحبَ علمٍ ممقوتٌ ) و ( لا عشرينَ درهماً عندي ).
وإن كان اسمُها غيرَ مضاف ولا شِبْهِهِ بُنِيَ على الفتح في نحو ( لا رجلَ ) و ( لا رجالَ )، وعليه أو على الكسر في نحو ( لا مسلماتِ )، وعلى الياء في نحو ( لا رجلَيْنِ ) و ( لا مسلمِيْنَ ). ولك في نحو ( لا حولَ ولا قوةَ ) فتحُ الأولِ، وفي الثاني الفتحُ والنصبُ والرفعُ، كالصفة في نحو ( لا رجلَ ظريفٌ )، ورفعُه فيمتنع النصبُ. وإن لم تُكَرَّر لا، أو فُصِلَتِ الصفةُ، أو كانت غيرَ مفردة، اِمْتنعَ الفتحُ.
الثالثُ ظَنَّ ورأى وحَسِب ودَرَى وخال وزَعَمَ ووجد وعلم القلبياتُ. فتنصبهما مفعولَيْنِ، نحوُ ( رأيتُ اللـهَ أكبرَ كلِّ شيءٍ ).
ويُلغَيْنَ برجحان إن تأخرْنَ نحو ( القومُ في أَثَري ظننتُ )، وبمساواة إن توسطنَ نحو ( وفي الأراجيزِ خِلتُ اللؤمُ و الخَوَرُ ).
وإن وليَهن ما أو لا أو إِنْ النافياتُ أو لامُ الابتداءِ أو القسمُ أو الاستفهامُ بطَل عملُهن في اللفظ وجوباً، وسُمِّيَ ذلك تعليقاً، نحو ( لِنَعْلَمَ أيُّ الحزبينِ أَحْصى ).
بابٌ: الفاعل مرفوعٌ كـ( قامَ زيدٌ ) و ( مات عمرٌو ). ولا يتأخر عاملُه عنه.
ولا تلحقه علامةُ تثنيةٍ ولا جمعٍ، بل يقال ( قام رجلانِ، ورجالٌ، ونساءٌ ) كما يقال ( قام رجلٌ ). وشذ ( يتعاقبون فيكم ملائكةٌ بالليلِ ) ( أَوَ مُخْرِجِيَّ هُم ).
وتلحقه علامةُ تأنيثٍ إن كان مؤثاً كـ( قامتْ هندٌ ) و ( طلعت الشمسُ ). ويجوز الوجهانِ في مجازيِّ التأنيثِ الظاهرِ نحو ( قد جاءتكم موعظةٌ من ربكم ) ( قد جاءكم بينة )، وفي الحقيقيِّ المنفصلِ نحو ( حَضَرَتِ القاضيَ امرأةٌ ) والمتصلِ في باب نعم وبئس نحو ( نِعْمَتِ المرأةُ هندٌ )، وفي الجمع نحو ( قالتِ الأعرابُ ) إلا جمعَيِ التصحيحِ فَكَمُفردَيْهما نحو ( قام الزيدون ) و ( قامتِ الهنداتُ ). وإنما امتنع في النثر ( ما قامتْ إلا هندٌ ) لأن الفاعلَ مذكرٌ محذوفٌ، كحذفه في نحو ( أو إطعامٌ في يوم ذي مسغبةٍ يتيماً ) و ( قضي الأمر ) و ( أسمع بهم وأبصر )، ويمتنع في غيرهن.
والأصل أن يليَ عامِلَه. وقد يتأخر جوازاً نحوُ ( ولقد جاء آلَ فرعونَ النذرُ ) وكما أتى ربَّه موسى على قدر، ووجوباً نحوُ ( وإذ ابتلى إبراهيمَ ربُّه ) و ( ضربني زيدٌ ). وقد يجب تأخير المفعول كـ( ضربت زيداً ) و ( ما أحسنَ زيداً ) و ( ضرب موسى عيسى )، بخلافِ ( أرضَعَتِ الصغرى الكبرى ). وقد يتقدم على العامل جوازاً نحوُ ( فريقاً هدى )، ووجوباً نحو ( أيّاً ما تدعو ).
وإذا كان الفعل نعمَ أو بئسَ فالفاعل إما مُعَرَّفٌ بأل الجنسيةِ نحوُ ( نعم العبد )، أو مضافٌ لما هي فيه نحوُ ( ولَنِعْم دارُ المتقين )، أو ضميرٌ مستترٌ مُفَسَّرٌ بتمييز مطابقٍ للمخصوص نحوُ ( بئس للظالمين بدلاً ).
بابُ النائب عن الفاعل:
يُحْذَفُ الفاعلُ فينوب عنه في أحكامه كلِّها مفعولٌ به، فإن لم يوجدْ فما اختص وتَصَرَّفَ من ظرف، أو مجرور، أو مصدر.
ويُضَم أولُ الفعل مطلقاً. ويشاركه ثانِي نحوِ تُعُلِّمَ، وثالثُ نحوِ اُنْطُلِق. ويُفْتَح ما قبلَ الآخر في المضارع، ويُكْسَر في الماضي. ولك في نحو ( قال وباع ) الكسرُ مُخْلَصاً ومُشَمّاً ضَمّاً، والضمُّ مخلصاً.
بابُ الاشتغال: يجوز في نحو ( زيداً ضربتُه ) أو ( ضربتُ أخاه ) أو ( مررتُ به ): رفعُ زيدٍ بالابتداء؛ فالجملةُ بعدَه خبرٌ، ونصبُه بإضمار ( ضربتُ ) و ( أَهَنْتُ ) و ( جاوزت ) واجبةَ الحذفِ؛ فلا موضعَ للجملة بعدَه. ويترجح النصب في نحوِ ( زيداً اضْرِبْهُ ) لِلْطَّلَبِ – ونحوُ ( والسارقُ والسارقةُ فاقطعوا أيديَهما ) مُتَأَوَّلٌ – وفي نحوِ ( والأنعامَ خلقها لكم ) للتناسب، ونحوِ ( أبشراً منا واحداً نَتَّبِعُه ) و ( ما زيداً رأيتُه ) لغلبة الفعل. ويجب في نحو ( إِنْ زيداً لَقِيتَه فأكرمْه ) و ( هَلَّا زيداً أكرمته ) لوجوبه. ويجب الرفعُ في نحو ( خرجْتُ فَإذا زيدٌ يضربه عمرٌو ) لامتناعه. ويستويانِ في نحوِ ( زيدٌ قام أبوه ) و ( عمرٌو أكرمْتُه ) للتكافؤ.
وليس منه ( وكلُّ شيء فعلوه في الزبر ) و ( أَزَيْدٌ ذُهِبَ به ).
بابٌ في التنازع: يجوز في نحو ( ضربني وضربْتُ زيداً ) إعمال الأول – واختاره الكوفيون – فيضمر في الثاني كل ما يحتاجه، أو الثاني – واختاره البصريون – فيُضمَر في الأول مرفوعُه فقط، نحو ( جَفَوْنِي ولم أَجْفُ الأخِلاءَ ).
وليس منه ( كَفَاني – ولَمْ أطلب – قليلٌ من المال ) لفساد المعنى.
بابٌ: المفعولُ منصوب. وهو خمسة:
المفعول به، وهو ما وقع عليه فعل الفاعل كـ( ضربت زيداً ).
ومنه المُنادَى، وإنما يُنْصَب مضافاً كـ( يا عبد الله )، أو شِبْهَه كـ( يا حسناً وجهه ) و ( يا طالعاً جبلاً ) و ( يا رفيقاً بالعباد )، أو نكرةً غيرَ مقصودةٍ كقول الأعمى: ( يا رجلاً خذ بيدي ).
والمفردُ المعرفةُ يُبْنَى على ما يُرْفَعُ به، كـ( يا زيدُ، ويا زيدانِ، ويا زيدونَ ) و ( يا رجلُ ) لِمُعَيَّنٍ.
فصلٌ: وتقول: ( يا غلامُ ) بالثلاث وبالياء فتحاً وإسكاناً وبالألف. و: ( يا أَبَتِ، ويا أُمَّتِ، ويا ابن أُمِّ، ويا ابنَ عمِّ ) بِفَتْحٍ وكَسْرٍ. وإِلحاقُ الألف أو الياء للأولينِ قبيحٌ، وللآخَرَيْنِ ضعيفٌ.
فصلٌ: ويجري ما أُفرِد أو أُضِيف مقروناً بأل مِنْ نعتِ المبنيِّ وتأكيدِه وبيانِه ونَسَقِه المقرونِ بأل على لفظه أو محله، وما أضيف مجرداً على محله، ونَعْتُ أيٍّ على لفظه، والبدلُ المُجَرَّدُ والنَسَقُ المُجَرَّدُ كالمنادى المستقلِّ مطلقاً. ولك في نحو ( يا زيدُ زيدَ الْيَعْمَلاتُ ) فتحُها أو ضمُّ الأول.
فصلٌ: ويجوز تَرْخِيمُ المنادى المعرفةِ، وهو حذفُ آخره تخفيفاً. فذو التاء مطلقاً كـ( يا طلحَ ) و ( يا ثُبَ ). وغيرُه بشرط ضَمِّه، وعَلَمِيَّتِه، ومجاوزته ثلاثةَ أحرفٍ كـ( يا جعفُ ) ضماً وفتحاً. ويُحذَف من نحو ( سليمانَ ومنصورٍ ومسكينٍ ) حرفانِ، ومن نحو ( مَعْدِيْكَرِبَ ) الكلمةُ الثانيةُ.
فصلٌ: ويقول المستغيثُ: ( يَالَـله للمسلمينَ ) بفتح لام المستغَاث به، إلا في لام المعطوفِ الذي يتكرر معه يا، ونحوُ ( يا زيداً لعمرٍو ) و ( يا قومِ للعجبِ العجيبِ ). والنادب: ( وا زيدَا، وا أميرَ المؤمنينَا، وا رأسَا ) ولك إلحاق الهاء وقفاً.
والمفعولُ المطلقُ، وهو المصدرُ الفَضْلَةُ المُتَسَلِّطُ عليه عاملٌ من لفظه كـ( ضربْتُ ضرباً )، أو معناه كـ( قعدت جلوساً ). وقد ينوب عنه غيره كـ( ضربتُه سوطاً ) ( فاجلدوهم ثمانينَ جلدةً ) ( فلا تميلوا كلَّ المَيْل ) ( ولو تَقَوَّلَ علينا بعض الأقاويل ).
وليس منه ( وكلا منها رغداً ).
والمفعولُ له، وهو المصدر المُعَلِّلُ لِحَدَثٍ شاركه وقتاً وفاعلاً، نحوُ ( قمْتُ إجلالاً لك ). فإن فَقَدَ المُعَلِّلُ شرطاً جُرَّ بحرف التعليلِ، نحوُ ( خَلَقَ لكم ) ( وإني لَتَعْرونِي لِذِكْراكِ هِزَّةٌ ) و ( فَجِئْتُ وقد نَضَّتْ لِنَومٍ ثيابَها ).
والمفعولُ فيه، وهو ما سُلِّط عليه عاملٌ على معنى ( في ) مِنَ اسمِ زمانٍ كـ( صُمْتُ يومَ الخميس، أو حِيناً، أو أسبوعاً )، أو اسمِ مكانٍ مبهمٍ، وهو الجهاتُ السِّتُّ كالأَمامِ والفوق واليمين وعكسِهنَّ، ونحوِهنَّ كـ( عندَ ولدى )، والمقاديرُ كالفرسخِ، وما صيغ من مصدرِ عاملِه كـ( قعدتُ مَقْعَدَ زيدٍ ).
والمفعولُ مَعَهُ، وهو اسمٌ فَضْلَةٌ بعدَ واوٍ أريد بها التنصيصُ على المعية مسبوقةٍ بفعلٍ أو ما فيه حروفُه ومعناه، كـ( سرت وَالنيلَ ) و ( أنا سائر والنيلَ ).
وقد يجب النصبُ، كقولك: ( لا تنهَ عن القبيح وإتيانَه )، ومنه ( قمت وزيداً ) و ( مررت بك وزيداً ) على الأصح فيهما. ويترجح في نحو قولك: ( كن أنت وزيداً كالأخ ). ويضعف في نحو ( قام زيدٌ وعمرٌو ).
بابُ الحال: وهو وَصفٌ فَضْلَةٌ يقع في جوابِ كيفَ، كـ( ضربت اللص مكتوفاً ). وشرطُها التنكير، وصاحبِها التعريفُ أوالتخصيصُ أو التعميمُ أو التأخيرُ، نحو ( خُشَّعاً أبصارُهم يخرجون ) ( في أربعة أيام سواءً للسائلين ) ( وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون ) ( لِمَيَّةَ موحِشاً طَلَلٌ ).
بابٌ: والتمييزُ هو اسمٌ فضلةٌ نكرةٌ جامدٌ مُفَسِّرٌ لما انْبَهَمَ من الذوات. وأكثر وقوعِه بعد المقاديرِ كـ( جَرِيبٍ نخلاً، وصاعٍ تمراً، ومَنَوَيْنِ عسلاً ) والعددِ نحوِ ( أحدَ عشرَ كوكباً ) و ( تسعٌ وتسعون نعجةً ).
ومنه تمييزُ كَمِ الاستفهاميةِ نحوُ ( كَمْ عبداً ملكتَ؟ ). فأما تمييز الخبريةِ فمجرورٌ، مفردٌ كتمييز المئةِ وما فوقَها، أو مجموعٌ كتمييز العشَرةِ وما دونها. ولك في تمييز الاستفهاميةِ المجرورةِ بالحرفِ جرٌّ ونصبٌ.
ويكون التمييزُ مفسِّراً للنسبة مُحَوَّلاً كـ( اشتعل الرأس شيباً ) ( وفجرنا الأرض عيوناً ) ( وأنا أكثر منك مالاً )، أو غيرَ مُحَوَّلٍ نحوَ ( امتلأ الإناء ماءً ).
وقد يؤكِّدان نحوُ ( ولا تعثَوْا في الأرض مفسدين ) وقولِه: ( من خير أديانِ البرية ديناً )، ومنه ( بئس الفحلُ فحلُهم فحلاً ) خلافاً لِسِيبَوَيْهِ.
والمستثنى بـ( إلا ) من كلامٍ تامٍّ موجَبٍ نحوُ ( فشربوا منه إلا قليلاً منهم ). فإن فقد الإيجاب تَرجَّحَ البدلُ في المتصل نحوُ ( ما فعلوه إلا قليلٌ منهم ) والنصبُ في المنقطع عند بني تميمٍ – ووجب عند الحجازيين – نحوُ ( ما لهم به من علم إلا اتباعَ الظن )، ما لم يتقدم فيهما فالنصبُ نحوُ قوله: ( وما ليَ إلا آلَ أحمد شيعةٌ وما ليَ إلا مذهبَ الحق مذهبُ )، أو فقد التمام فعلى حسب العوامل نحوُ ( وما أمْرُنا إلا واحدةٌ ) ويسمى مُفَرَّغاً.
ويستثنى بـ( غير وسوى ) خافِضَيْنِ، مُعْرَبَيْنِ بإعراب الاسم الذي بعد إلا. وبـ( خلا وعدا وليس وحاشا ) نواصبَ وخوافضَ. وبـ( ما خلا ) وبـ( ما عدا ) و ( ليس ) و ( لا يكون ) نواصبَ.
باب: يخفض الاسم إما بحرفٍ مشتركٍ – وهو من وإلى وعن وعلى وفي واللامُ، والباءُ للقسم وغيرِه – أو مختصٍّ بالظاهر – وهو رُبَّ ومُذْ ومُنْذُ والكافُ وحتى وواوُ القسمِ وتاؤُه – أو بإضافةٍ إلى اسمٍ على معنى اللام كـ( غلامِ زيدٍ ) أو مِن كـ( خاتمِ حديدٍ ) أو في كـ( مكرُ الليلِ ) وتُسمى معنويةً لأنها للتعريف أو التخصيص، أو بإضافةِ الوصفِ إلى معموله كـ( بالغَ الكعبةِ ) و ( معمورِ الدارِ ) و ( حسنِ الوجهِ ) وتسمى لفظيةً لأنها لمجرد التخفيف.
ولا تُجامِعُ الإضافةُ تنويناً ولا نوناً تاليةً للإعرابِ مطلقاً، ولا أل إلا في نحو ( الضاربا زيدٍ، والضاربو زيدٍ، والضاربُ الرجلِ، والضاربُ رأسِ الرجلِ، والرجلُ الضاربُ غلامِهِ ).
بابٌ: يعملُ عَمَلَ فعلِه سبعةٌ:
اسمُ الفعل كـ( هيهاتَ، وصَهْ، ووَيْ ) بمعنى بَعُدَ واسكت وأَعْجَبُ. ولا يُحْذَفُ ولا يَتَأَخر عن معموله. و( كتابَ اللهِ عليكم ) مُتَأَوَّلٌ. ولا يبرز ضميرُه. ويُجْزَم المضارعُ في جوابِ الطلبِيِّ منه نحو ( مكانكِ تُحْمَدِي أو تستريحي )، ولا يُنْصَبُ.
والمصدرُ كضَرْبٍ، وإكرامٍ إِنْ حَلَّ مَحَلَّهُ فعلٌ مع أَنْ أو مع ما، ولم يكن مصغّراً ولا مُضْمَراً ولا محدوداً ولا مَنْعوتاً قبلَ العملِ ولا محذوفاً ولا مفصولاً من المعمولِ ولا مؤخراً عنه. وإعمالُه مضافاً أكثرُ نحوُ ( ولولا دَفْعُ اللـهِ الناسَ ) وقولِ الشاعر: ( ألا إن ظُلْمَ نفسِهِ المرءُ بَيِّنٌ )، ومُنَوَّناً أَقْيَسُ نحوُ ( أو إطعامٌ في يوم ذي مَسْغَبَةٍ يتيماً )، وبِأَلْ شاذٌّ نحو ( عجَبْتُ من الرزقِ المسيءَ إلَهُهُ ) ( وكيف التَّوَقِّيْ ظَهْرَ ما أنت راكبُه ).
واسمُ الفاعلِ كضاربٍ ومُكْرِمٍ. فإن كان بأل عَمِلَ مطلقاً، أو مجرداً فبشرطينِ: كونُه حالاً أو استقبالاً، واعتمادُه على نفيٍ أو استفهامٍ أو مُخْـبَرٍ عنه أو موصوفٍ. و ( باسطٌ ذراعَيْه ) على حكاية الحالِ خلافاً للكِسَائِيِّ، و ( خَبِـيرٌ بَنُو لَهَبٍ ) على التقديمِ والتأخيرِ وتقديرُه خبيرٌ كظهيرٍ خلافاً للأَخْفَشِ.
والمثالُ. وهو ما حُوِّلَ للمبالغة من فاعلٍ إلى فَعَّالٍ أو فَعُولٍ أو مِفْعَالٍ بِكَثْرةٍ، أو فَعِيلٍ أو فَعِلٍ بقِلَّة، نحو ( أما العسل فأنا شَرَّابٌ ).
واسمُ الْمَفْعُول، كمَضْرُوبٍ ومُكْرَمٍ. ويعمل عمل فعلِه، وهو كاسم الفاعل.
والصفةُ الْمُشَبَّهَةُ باسم الفاعل الْمُتَعَدِِّي لواحدٍ، وهي الصفة الْمَصُوغَةُ لغير تفضيل لإفادةِ الثبوتِ، كحَسَنٍ وظَرِيفٍ وطاهِرٍ وضامِرٍ. ولا يتقدمها معمولُها، ولا يكون أجنبياً، ويُرفَع على الفاعِلِيَّةِ أو الإِبْدالِ، ويُنصَبُ على التميِيز أو التشبيه بالمفعولِ به – والثاني يتعيَّن في المعرفة -، ويخفض بالإضافة.
واسمُ التفضيل، وهو الصفة الدالة على المشاركة والزيادة، كأَكْرَمَ. ويُستَعمل بِمِنْ ومضافاً لنكرة فَيُفْرَدُ ويُذَكَّرُ، وبأل فيطابِقُ، ومضافاً لمعْرِفَةٍ فوجهانِ. ولا يَنْصِب المفعولَ مطلقاً، ولا يَرْفَعُ في الغالب ظاهراً إلا في مسألة الكُحْل.
بابُ التوابعِ: يَتبع ما قبله في إعرابه خمسةٌ:
النعتُ. وهو التابعُ المشتق أو المؤولُ به المبايِنُ لِلَفظ متبوعه. وفائدته تخصيصٌ أو توضيحٌ أو مدحٌ أو ذمٌّ أو تَرَحُّمٌ أو توكيدٌ. ويتبع منعوتَه في واحدٍ من أوجهِ الإعراب، ومن التعريف والتنكير. ثم إن رَفَعَ ضميراً مستتراً تَبِعَ في واحدٍ من التذكير والتأنيث، وواحدٍ من الإفراد وفرعَيْهِ، وإلا فهو كالفِعْل، والأحسن ( جاءني رجلٌ قعودٌ غلمانُه ) ثم ( قاعدٌ ) ثم ( قاعدونَ ).
ويجوز قطعُ الصفةِ المعلومِ موصوفُها حقيقةً أو ادِّعاءً، رفعاً بتقدير هو، ونصباً بتقدير أعني أو أمدح أو أَذُمُّ أو أرحم.
والتوكيدُ. وهو إما لفظيٌّ نحوُ ( أخاكَ أخاكَ إنَّ مَن لا أخا له ) ونحوُ ( أتاكِ أتاكِ اللاحقونَ اِحبسْ اِحبسْ ) ونحوُ ( لا لا أبوح بِحُب بثينةَ إنها )، وليس منه ( دكاً دكاً ) و( صفاً صفاً )، أو معنويٌّ وهو بالنفس والعين مؤخرةً عنها إن اجْتَمَعَتَا، ويُجْمَعانِ على أَفْعُلٍ مع غيرِ المفردِ، وبِكُلٍّ لغير مثنىً إن تجزأ بنفسه أو بعامله، وبكلا وكلتا له إن صحَّ وقوعُ المفردِ موقعَه واتحد معنى المسنَد، ويُضَفْنَ لضمير المؤكَّد، وبأجمعَ وجمعاءَ وجمعِهما غيرَ مضافةٍ، وهي بخلاف النعوت، لا يجوز أن تتعاطف المؤكِّداتُ، ولا أن يَتْبَعْنَ نكرةً، وندر ( يا ليتَ عدةَ حولٍ كلِّه رجبُ ).
وعطفُ البيان. وهو تابعٌ موضحٌ أو مخصِّصٌ جامِدٌ غيرُ مؤولٍ، فيوافق متبوعَه، كـ( أُقْسِمُ بالله أبو حفص عمرُ ) و ( هذا خاتَمٌ حديدٌ ). ويُعرَب بدلَ كلٍّ من كلٍّ إن لم يمتنع إِحلالُه مَحَلَّ الأول، كقوله: ( أنا ابنُ التاركِ البكريِّ بشرٍ ) وقولِه: ( أَيَا أَخَوَيْنَا عبدَ شمسٍ ونوفلا ).
وعطفُ النسق بالواوِ وهي لمطلق الجمع، والفاءِ للترتيب والتعقيب، وثم للترتيبِ والتراخي، وحتى للغاية والتدريج لا للترتيب، وأوْ لأحد الشيئين أو الأشياء مفيدةً بعد الطلبِ التخييرَ أو الإباحةَ وبعدَ الخبرِ الشكَّ أو التشكيكَ، وأم لطلب التعيين بعد همزةٍ داخلةٍ على أحد المستويَـيْنِ، وللرَّدِّ عن الخطإ في الحكم ( لا ) بعد إيجاب و ( لكن وبل ) بعد نفْيٍ، ولصرف الحكم إلى ما بعدها ( بلْ ) بعدَ إيجابٍ.
والبدلُ. وهو تابعٌ مقصودٌ بالحكم بلا واسطةٍ. وهو ستةٌ: بدلُ كلٍّ نحو ( مفازاً حدائقَ )، وبعضٍ نحوُ ( مَنِ استطاع )، واشتمالٍ نحوُ ( قتالٍ فيه )، وإضرابٍ وغلطٍ ونِسيانٍ نحوُ ( تَصَدَّقْتُ بدرهمٍ دينارٍ ) بحسب قصد الأول والثاني، أو الثاني وسبق اللسان، أو الأول وتَبَـيُّنِ الخطإ.
بابٌ: العددُ من ثلاثةٍ إلى تسعةٍ يُؤَنَّث مع المذكر ويُذَكَّر مع المؤنث دائماً، نحوُ ( سبعَ ليالٍ وثمانيةَ أيامٍ ). وكذلك العَشَرةُ إن لم تركبْ. وما دونَ الثلاثةِ وفاعلٌ كثالثٍ ورابعٍ على القياس دائماً. ويُفْرد فاعلٌ، أو يُضاف لما اِشْـتُقَّ منه أو لما دونه، أو يَنْصِبُ ما دونَه.
بابٌ: موانعُ صرف الاسم تسعةٌ، يجمعها: ( وزنُ المركَّبِ عُجْمَةٌ تَعْرِيفُها، عَدْلٌ وَوَصْفُ الجمعِ زِدْ تأنيثاً ) كأحمدَ وأحمرَ وبَعْلَبَكَّ وإبراهيمَ وعُمَرَ وأُخَرَ وأُحادَ وَمْوحِدَ إلى الأربعةِ ومساجدَ ودنانيرَ وسلمانَ وسَكْرانَ وفاطمةَ وطلحةَ وزينبَ وسَلْمَى وصحراءَ.
فألفُ التأنيث والجمعُ الذي لا نظيرَ له في الآحادِ كلٌ منهما يَسْتَأْثِر بالمنع.
والبواقي لا بدَّ من مجامعة كلِّ عِلة منهنَّ للصفة أو العلمية. وتتعين العلميةُ مع التركيبِ والتأنيثِ والعُجمة. وشرط العُجمة عَلَمِيَّةٌ في العَجَمِيَّةِ وزيادةٌ على الثلاثةِ، والصفةِ أصالتُها وعدمُ قبولها التاءَ، فعريانٌ وأرملٌ وصفوانٌ وأرنبٌ بِمَعْنَى قاسٍ وذليلٍ منصرفةٌ. ويجوز في نحو هندٍ وجهانِ، بخلاف زينبَ وسَقَرَ وبَلْخَ. وكعُمَرَ عند تميمٍ بابُ حذامِ إن لم يختم براءٍ كسَفَارِ، وأمسُ لِمُعَيَّنٍ إن كان مرفوعاً، وبعضهم لم يشترط فيهما، وسَحَرُ عند الجميع إن كان ظرفاً مُعَيَّناً.
بابٌ: التَّعَجُّبُ له صيغتانِ: ( مَا أَفْعَلَ زيداً ) وإعرابه: ما مبتدأٌ بمعنى شيءٌ عظيمٌ، وأَفْعَلَ فعلٌ ماضٍ فاعلُه ضميرُ ما، وزيداً مفعول به، والجملةُ خبرُ ما؛ و ( أَفْعِلْ بِهِ ) وهو بمعنى ما أَفْعَلَهُ، وأصلُه أَفْعَلَ أيْ صارَ ذا كذا، كـ( أَغَدَّ البعيرُ ) أيْ صار ذا غُدَّةٍ، فغُيِّرَ اللفظُ، وزِيدَتْ الباءُ في الفاعل لإصلاح اللفظِ، فَمِنْ ثَمَّ لزمت هنا، بخلافها في فاعل كفى.
وإنما يُـبْنى فعلا التعجبِ واسمُ التفضيل، مِن فعلٍ ثلاثيٍّ مُثْبَتٍ متفاوِتٍ تامٍّ مبنيٍّ للفاعلِ ليس اسمُ فاعله على أفعلَ.
بابٌ: الوقفُ في الأفصحِ على نحوِ رحمةٍ بالهاءِ، وعلى نحو مسلماتٍ بالتاءِ، وعلى نحوِ قاضٍ رفعاً وجراً بالحذف، ونحوِ القاضي فيهما بالإثبات، وقد يُعكَس فيهنّ. ويوقف على ( إذاً ) ونحوِ ( لَنَسْفَعاً ) و ( رأيتُ زيداً ) بالألفِ كما يُكتَبنَ.
وتُكتَب الألفُ بعد واوِ الجماعة كـ( قالوا )، دون الأصليةِ كـ( زيدٍ يدعو ).
وتُرسَم الألفُ ياءً إن تجاوزت الثلاثةَ كـ( استدعى والمصطفى ) أو كان أصلُها الياءَ كـ( رمى والفتى )، وألفاً في غيره كـ( عفا ) و ( العصا ).
وينكشف أمرُ ألفِ الفعل بالتاء كـ( رميْتُ وعفوْتُ )، والاسمِ بالتثنيةَ كعَصَوَيْنِ وفَتَيَـيْنِ.
فصلٌ: همزةُ اسمٍ بِكَسْرٍ وضَمٍّ، واِسْتٍ واِبنٍ واِبْنِمٍ واِبنةٍ واِمرئٍ واِمرأةٍ وتَثْنِيَتِهِنَّ، واِثْنَيْنِ واِثْنَتَيْنِ؛ واَلغلامِ واَيْمُنِ اللهِ – في القسم – بفتحهما، أو بكسر في اَيْمُنِ؛ همزةُ وصلٍ، أيْ تثبُتُ ابتداءً وتُحْذَف وصلاً.
وكذا همزةُ الماضي المتجاوِزِ أربعةَ أحرف، كـ( اِستخرج )، وأَمْرِهِ ومصدرِهِ، وأمرِ الثلاثيِّ، كـ( اُقتُلْ واُغْزُ واُغْزِي ) بضمهنَّ، و ( اِضرِب واِمشُوا واِذهَبْ ) بكسرٍ كالبواقي.

تم القطر بحمد الله وعونه
رحم الله مصنفَه الإمامَ ابنَ هشامٍ، وجزى من أعان على الانتفاع به خيراً


التصنيفات
اللغة العربية وعلومها

كمال بشر: العلامة المكلل بالجوائز اللغوية

كمال بِشر.. أهمية اللغة العربية والحفاظ عليها

مقدم الحلقة: سامي كليب ضيف الحلقة: كمال بشر/ عالم في اللغة العربيةتاريخ الحلقة: 7/3/2009
– حكاية رجل نصفه فلاح ونصفه شيخ
– عن الأخطاء الشائعة وأصول الكلمات
– في المعاجم والتعريب والجوائز
– مكانة اللغة وعوامل الحفاظ عليها

حكاية رجل نصفه فلاح ونصفه شيخ

كمال بشر
سامي كليب: مرحبا بكم أعزائي المشاهدين إلى حلقة جديدة من برنامج زيارة خاصة تنقلنا هذه المرة إلى القاهرة. حين جئت للقاء ضيفنا كانت غزة تقاوم الغزاة وحين قرأت مؤلفاته فهمت أن لغتنا العربية تقاوم هي الأخرى هجمة اللغات التي أصبحت أو قد تصبح أخطر من الطغاة، وبين هذه وتلك استحق ضيفنا لقب المقاوم اللغوي بامتياز، يسعدني أن أستضيف الدكتور كمال بشر.
كمال بشر:
نحن قوم عرب جغرافيا، بيئة عربية جغرافيا محدودة تبقى قومية عربية جغرافية ولكن لسنا قومية عربية متكاملة فكرا واتجاها ومن هنا تجد الخلافات في السياسة وفي الاقتصاد حتى في الحياة الاجتماعية.
سامي كليب
: كيف لا يكون قوميا عربيا من تربى على العروبة في أوجها وعلى الفقه وأصول اللغة والدين بين أهل القرى والمزارعين البسطاء الذين حلموا يوما بأن يصبح غدهم أفضل لو تعلموا. هو الدكتور كمال بشر العالم العلامة المكلل بالجوائز اللغوية مشرقا ومغربا ولكنه أيضا كمال بشر الرجل البسيط رغم عرش العلم والتعليم الذي تربع فوقه، وهو الرجل المرح الموحي بسعادة دائمة كسعادة كل أولئك الذين غاصت أقدامهم بطوب الأرض فصنعوا لأنفسهم طيب الحياة.
كمال بشر:
أنا رجل فلاح في الأصل والفلاحون لهم عادات لا يغيرونها إلا ببطء شديد وأنا من هؤلاء، أنا تعلمت التعليم الأساسي في الأزهر في الابتدائي والثانوي وتعلمت أخذت من العلم ما يمكن أن يؤخذ في هذا العصر الزاهر العظيم حين كان الأساتذة أساتذة وحين كان المعلم معلما، كنا نجد الأستاذ والمعلم في الفصل قبل دخولنا ويخرج بعدنا وطوال الوقت مناقشات وإثارات فأحببنا اللغة العربية وأحببنا الدين، أنا أحببت الدين قبل ما أروح إلى الأزهر من بيتنا وبدأت في الكتّاب فتراكمت هذه الأشياء كلها بعضها على بعض، اللغة بالدين ولا يمكن أن تنفصل اللغة عن الدين، أي دين، أي دين لا ينفصل عن لغته بحال من الأحوال لأن اللغة هي الجناح الذي يطير بالدين وينشره هنا وهناك ويبشر الناس به..
سامي كليب
(مقاطعا): ولك طبعا كتابات كثيرة حول العلاقة بين اللغة والدين ولكن اسمح لي معلش بالمقاطعة يعني مرة ثانية، أود أن أتوقف عند كلمة فلاح التي تذكرها دائما ولك ارتباط على ما يبدو بالأرض وبهذا الميل الفلاحي إذا صح التعبير، وقرأت لك تقول “أنا رجل نصفي فلاح ونصفي شيخ..
كمال بشر:
حتى الآن.
سامي كليب
: “تعلمت من الفلاحين الأصالة ومن الشيوخ الدقة والانضباط، وتستطيع أن تصف ثقافتي العلمية بأنها ثقافة ريفية أصيلة وثقافة دينية عربية عميقة وثقافة متنورة مصقولة في دار العلوم ثم ثقافة أجنبية محترمة ذات تخصص عالم وتفكير حر”.

التقاليد هي البناء والبناء هو التقاليد الدينية والعربية التطورية ولكن بما أن الزمن نفسه بنفسه يتطور فيمكن أن نلون البناء العربي
“كمال بشر:
هذا صحيح وما زلت متمسكا به ولا يمكن أن أحيد عنه أو أنصرف عنه بحال من الأحوال لأن لكل خطوة من هذه الخطوات يا أستاذ سامي تقاليد وأنا مغرم بالتقاليد، التقاليد هي البناء ويمكن أن تلون هذا التقليد، أن تلونه ما قلتش أن تبني، فرق بين هذا وذاك، البناء هي التقاليد الدينية والعربية التطورية إلى آخره ولكن بما أن الزمن نفسه بنفسه يتطور يمكن أن نلون البناء، البناء عربي صرف.
سامي كليب
: وللعودة إلى تاريخ هذا البناء وأسسه اقترحت على ضيفنا أن نذهب وإياه إلى قريته فمن هنا بدأت القصة من الفلاحين البسطاء ومن أصول الفقه والقرآن الكريم ومن هنا من بين السهول المنبسطة والحقول الخضراء والبيوت المبنية من الطوب انطلق كمال بشر صبيا واعدا رمته أقداره في ربوع العلم فأثمر ثقافة واسعة ومعرفة عميقة ودقيقة كما يثمر الحقل هنا في الأيام الطيبة.
كمال بشر:
نحن الآن في طريقنا إلى قريتي محلة الدياي وكلمة دياي يبدو أنها كلمة أجنبية في الأصل وقيل إن هذه الكلمة تعني محلة الرب، وهذه القرية التي ولدت فيها سنة 1921 وقضيت فيها أيامي الأولى في التعليم -وكانت أياما سعيدة- بعض الأيام في كتاب الشيخ حسن أبو عوف فقرأت شيئا من القرآن الكريم ثم انتقلت إلى مدرسة أولية على حساب أحد الأثرياء في قرية مجاورة تسمى منية جناد قضيت فيها ثلاث سنوات كانت سعيدة جدا وتعلمت فيها أساس الإملاء والخط والقراءة إلى آخره ثم انتقلت في نفس القرية وهي منية جناد إلى كتّاب الشيخ محمود، حفظت القرآن وبهذا كنت مرشحا للدخول في معهد دسوق الابتدائي الأزهري وقضيت في هذا المعهد أربع سنوات كاملة كانت في غاية الجمال وفي غاية المتعة. وهذه القرية كبيرة جدا يعني هي في طريقها إلى أن تكون مدينة وهي تشبه المدينة في وظائفها ومهنها بالإضافة إلى المهنة الأساسية وهي مهنة الزراعة، وهي واسعة وزمام الأرض في القرية حوالي أكثر من ثلاثة آلاف فدان وفيها عائلات محترمة وفيها شخصيات محترمة أيضا مثلا كان لدينا الشيخ محمد عبد اللطيف الدراز كان وكيلا للأزهر والدكتور محمد عبد الله الدراز أيضا كان أستاذا مفكرا تعلم في فرنسا هذا من هذه العائلة الكبيرة عائلةالدراز ومنها العمدة ومن ثم عائلة بشر هي مملوءة أيضا بالأساتذة الكبار مثل الشيخ علي أحمد والشيخ علي علي بشر إلى آخره وهو عمي الشقيق.
سامي كليب
: أهل القرية كانوا بانتظارنا عند النهر وبين البيوت الهادئة على تواضع والقائمة بين البساتين والحقول وعند حافة النهر وجاء بعضهم يساعد ابن القرية الدكتور كمال بشر للترجل من السيارة وحضر مسؤولو المنطقة يحتفلون بمن رفع شأن قريتهم ولغتهم. من بين هؤلاء الناس خرج كمال بشر صوب العلم، تركهم في حقولهم وذهب إلى الأزهر وبعده إلى دار العلوم حيث كان دائما في الطليعة ثم قصد معهد التربية لسنتين ثم بريطانيا حيث حصد الدكتوراه في علم اللغة، كانت مصر آنذاك ترسل بعد الحرب الطلاب المجتهدين في بعثات دراسية إلى الغرب.
كمال بشر:
قبل أن أذهب إلى البعثة الملك فاروق كان من عادته أن يكرم الأوائل كل عام في الإسكندرية فكنت أنا أحد المكرمين فما سمعت القرية هذا الخبر إلا واجتمع الناس جميعا وعملوا ما يستطيعونه لمدة 15 يوما من شرب الشاي والقهوة أمام البيت إلى آخره، وأصر أخي هو كان الأكبر حلمي رحمه الله أن أغير كل ملابسي حتى يعني أذكر أني غيرت الحذاء وكان صانع الحذاء أراد أن يجعل هذا الحذاء أنيقا فكان ضيقا فما كان من هذا الحذاء إلا أن جرح قدمي عند العودة وأجريت جراحة على السرير قام بصنعها المزين، ولم يصنع شيئا غير هذا وسافرت إلى إنجلترا. السفر نفسه كان قصة عجيبة جدا من القرية ومن غير القرية، اجتمع الناس صغارا وكبارا ورجالا ونساء وأطفالا وخرجنا في يوم من الأيام ولا ندري كيف نصل إلى بور سعيد، أنا أقول الحق، كان لي خال رحمه الله خالي عبد الرحمن كان ذكيا فلاحا ذكيا فوجد الناس بكثرة كبيرة جدا فصلى في الناس، عندما خرجنا من القرية اختار مجموعة تسافر إلى طنطا ومجموعة تذهب إلى البلد مرة أخرى وإحنا في انتظار أي مواصلة لنذهب إلى طنطا لا نعرف كيف نجد مواصلة المناسبة، حدث بالمصادفة أن أتوبيسا قادما من جهة طنطا يذهب إلى دسوق ونحن بالعكس، السائق كان ذكيا وجد زحمة كبيرة جدا فسأل ما الحكاية؟ فقالوا له كذا وكذا الولد ده مسافر إلى إنجلترا ورايح القاهرة وما فيش مواصلات، فما كان من هذا السائق سائق الأتوبيس إلا أن قال للركاب انزلوا، وفرغ العربية من الركاب وقال تفضلوا، وركبنا نحن هذه السيارة حتى طنطا وعند طنطا أيضا خالي يعني اختار مجموعة لتعود حتى ذهبنا إلى بور سعيد وكنا خمسين رجلا ومعنا ثلاثة عمد من القرى المجاورة. أنا لا أعرف الإنجليزية وصلنا والمركب موجودة، عايز أعرف أين أنا وكان معي أخي الشقيق حلمي رحمه الله وابن عمي أحمد وكان يعرف شيئا من اللغة الإنجليزية، كان في الابتدائي ولكن الابتدائي كان يهتم باللغة الإنجليزية كان يعرف شيئا، صعد إلى المركب وعرف أين أنا إلى آخره وفعلا ذهبنا إلى المركب ليلة الصيام يعني في هذه الليلة كنا نصبح صائمين وأخذت المركب حوالي 12 يوما لحد ساوثهامبتون.
سامي كليب
: هكذا بدأت قصة الفتى المصري الريفي المنشأ ابن عائلة الفلاحين مع العلم والمعرفة، أهله هنا حيث قطعنا حوالى الساعات الخمس ذهابا وإيابا من القاهرة يذكرون بواكير تلك القصة فهنا ودعوه ودعوا له بالتوفيق، توفق وعاد من بريطانيا، عاد شاهرا شهادة الدكتوراه بعلم اللغة ورافعا لواء الدفاع عن لغتنا العربية كما يدافع الشرفاء عن أرضهم وبيوتهم.

اللغة تشبه الكائن الحي في التطور فالخير في اللغة انعكاس لخير أصحاب اللغة والشر في اللغة انعكاس للشر في أصحاب اللغة. أصحاب اللغة العربية هجروا هذه اللغة وعزلوها فوقفت وتخلفت ولم تجارِ العصر
“كمال بشر:
اللغة المحكية، إحنا عندنا لغات محكية بالمئات في صورة اللهجات والرطانات، هذه ليست اللغات القومية لا تمثل القومية، الذي يمثل القومية اللغة العربية الفصيحة الصحيحة، لماذا تفرقت العربية الفصيحة الصحيحة إلى لهجات ورطانات؟ لأسباب، أهمها أن أهلها لم يستعملوها، اللغة لا تكتسب لوحدها، اللغة ليست كائنا حيا كما يقول الناس، اللغة تشبه الكائن الحي في التطور فالخير في اللغة انعكاس لخير قوم أصحاب اللغة والشر في اللغة انعكاس للشر في أصحاب اللغة. أصحاب اللغة هجروا هذه اللغة وعزلوها فوقفت وتخلفت ولم تجار العصر الذي يتكلمون عنه وبعدين يتهمون اللغة بالتخلف، لا، أنا أتهم العقل العربي والفكر العربي بالتخلف، التخلف اللغوي لأنهم لم يحاوروا اللغة، إذا لم تحاور باللغة وتستعمل اللغة من وقت لآخر وتخرج مما استقر في ذهنك من اللغة العربية إلى الشارع منطوقا فلا تقدم للغة بحال من الأحوال.
سامي كليب
: على كل حال كأني بك دكتور يعني حين تتحدث عن اللغة وتقول إنها وسيلة أيضا للبناء القومي وهي وسيلة للوحدة القومية العربية..
كمال بشر: طبعا
هي القوام الأساسي للوحدة العربية لأن وحدة اللغة تؤدي إلى توحيد الفكر توحيد الاتجاه توحيد الاقتصاد توحيد السياسة لأن الكلمة متى كانت موحدة يجتمع الناس في إطار واحد ويفكرون على مستوى واحد وهذا يؤدي إلى الوحدة وإلى القومية.

عن الأخطاء الشائعة وأصول الكلمات

سامي كليب
: في الحديث عن هذه الكتب الجميلة في الواقع والمهمة لأي قارئ عربي وخصوصا لنا نحن الإعلاميين وللمهتم باللغة العربية..
كمال بشر
(مقاطعا): ده يهمك أنت ده.
سامي كليب
: نعم فمثلا في هذا الكتاب “إذاعيات في اللغة والأدب” في الواقع اكتشفت كما سيكتشف الكثير من القراء أن بعض الكلمات العربية التي نستعملها بشكل دائم ويومي..
كمال بشر:
أخطاء شائعة..
سامي كليب
: في الواقع إما أخطاء شائعة طبعا كثيرة أو لها أصول فارسية مثلا أو أجنبية وهذه الكلمات ربما سيقول المشاهد طبعا هناك الكثير من الكلمات لها أصول أخرى ولكن هذه الكلمات كنا نعتقدها من اللغة العربية، مثلا كلمة مهرجان..
كمال بشر:
أيوه طبعا..
سامي كليب
: مهرجان كلمة فارسية، تذكر كيف عرفتها في الكتاب حضرتك؟
كمال بشر:
هي المهرجان هو حفل واسع تشوبه أو يشوبه شيء من المتعة وضرب النقير على الطبول أو المزامير أو نحو ذلك يعني ليس مكتفيا بالأشخاص وإنما فيه آلات آخرى تزيد المكان بهجة ومتعة..
سامي كليب
: هذا المعنى الذي اعتمد فيما بعد ولكن الأصل الفارسي تقول حضرتك في كتابك “تنطق مهرجان بكسر الميم والكلمة فارسية الأصل ومعناها في هذه اللغة الخريف وهي كذلك اسم لعيد من أعياد الفرس”..
كمال بشر:
أيوه في الأصل.
سامي كليب
: في الأصل “ويرى البعض أن الكلمة منحوتة أو مكونة من جزئين، مهر بمعنى حب وشمس وجان بمعنى اتصال. يعني المهرجان هي حب وشمس واتصال”.
كمال بشر:
بالضبط، زي أنا ما قلت في المعنى الحالي العادي الذي نستعمله نحن إنه في اتصال يجتمع الناس يتصلون ببعضهم البعض لأمر ما وفيه المودة وفيه الحب، يعني أنا قفزت في تفسير الكلمة إلى المعنى الجاري لا إلى العصر.
سامي كليب
: أيضا هناك تعريف لكمة الناي والناي يعني معروف في تراثنا العربي خصوصا في التراث الريفي مثالا أن الناي آلة موسيقية قديمة يستخدمها العرب خصوصا في القرى وذات صوت طبعا حميم وجميل وحنون ولكن على ما يبدو أن أصل الناي أصلا فارسي أيضا.

لا ضرر أن تدخل في اللغة العربية كلمات من لغات أخرى فهذا إثراء للغة وبعد استعمالها استعمالا صحيحا في مقامها تصبح عربية
“كمال بشر:
ما هو أيضا فارسي آه، ليس من اللغة العربية، وأنا لا أنكر أن تدخل اللغة العربية كلمات من لغات أخرى فهذا إثراء للغة وبعد استعمالها استعمالا صحيحا في مقامها تصبح عربية، القرآن نفسه فيه كلمات ليست عربية في الأصل..
سامي كليب
: مثل، مثلا؟
كمال بشر:
في إبليس، استبرق..
سامي كليب
: إبليس شو أصلها؟
كمال بشر:
ما هي الأبلسة بنسميها دلوقت إنما معناها شخص شرير إلى آخره.
سامي كليب
: ولكن من أين جاءت الكلمة إن لم تكن عربية الأصل؟
كمال بشر:
أنا لا أتذكر الأصل الآن إنما يعني أنا أريد أن أقول إن القرآن فيه كلمات غير عربية في الأصل وتعربت وأصبحت جزءا لا يتجزأ من القرآن، وهذا الموضوع فيه خلاف بين العلماء يعني بعض العلماء حتى الآن يقولون ليس في القرآن أي كلمة أجنبية، لا بالعكس القرآن فيه كلمات أجنبية وتعربت وصارت عربية وأخذت النمط العربي في الاستعمال والنطق إلى حد ما لأن هذه الكلمات كان يستعملها العرب، أنزل قرآن عربي مبين، هذا واضح، أي في..
سامي كليب
(مقاطعا): هذا كلام الله جل جلاله.
كمال بشر:
هذا كلام الله لكن في كلمات كان من الضروري استعمالها لمعانيها ولم تكن موجودة عند العربي العادي فاستعملت في سياقها وصارت عربية وأصبحت الآن عربية لكن..
سامي كليب
(مقاطعا): الجامع الأزهر معترف بذلك؟ أنه كانت هناك كلمات غير عربية..
كمال بشر:
العقلاء منهم، العقلاء، لأنه لا يمكن أن ننكر الحقائق، دي حقائق، في القرآن الكريم كلمات ليست عربية الأصل ولكنها صارت عربية في الاستعمال وفي النطق إلى حد كبير. وهذا لا يمكن أن ينكره عاقل.
سامي كليب
: طيب في أصل الكلمات الأخرى، لكي لا ندخل في جدل طويل حول القرآن الكريم وهذا بحاجة طبعا إلى علماء ليؤكدوا أو ينفوا ذلك. مثلا كلمة يافطة تقول تطلق هذه الكلمة..
كمال بشر
(مقاطعا): هي لافتة..
سامي كليب
: لافتة أو لافتة بالتاء وليس بالطاء..
كمال بشر:
لا، لا، هي بالتاء هي من لفت يلفت، لفت الإنسان نظر إنسان يعني شجعه على أن ينظر.
سامي كليب
: بس ما تقوليش لا، لا، لأنه حسب ما حضرتك كاتب يافطة كاتبها بالطاء..
كمال بشر:
أنا كاتبها؟
سامي كليب
: نعم.
كمال بشر:
لا، ده في الاستعمال..
سامي كليب
: بالضبط، وتحتها تقول “وتطلق هذه الكلمة على العبارات أو العناوين أو الأسماء المكتوبة بخط واضح في هيئة معينة وتوضع على المحل أو الشوارع أو البيوت وفي رأينا أن الكلمة من أصل عربي فصيح هو لافتة، اسم فاعل من لفت النظر أي جذبه وصرفه عن الاتجاه”..
كمال بشر:
تمام طيب ما هو أنا بأقول كده آه..
سامي كليب
: ولكنك تقول إنها استخدمت في لغات أخرى وتم تبنيها وكأنها هي قادمة من لغة أخرى ولكن في الأصل كانت كلمة عربية.
كمال بشر:
هي عربية صرفة من لفت يلفت، يعني نبهه إلى النظر إلى شيء ما فهي لافتة يعني لافتة للنظر تجعل الإنسان ينظر إليها.
سامي كليب
: وأصبحت يافطة بالطاء خطأ يعني.
كمال بشر:
آه يافطة. هم دلوقت..
سامي كليب
: لأنك تقول إنه رأى الأستاذ أحمد عيسى أن كلمة يافطة بالطاء ترجع في أصلها البعيد إلى الكلمة الفارسية يافتة وهي اسم مفعول من يفتنّ بمعنى أعلن أو كتب باللغة الفارسية.
كمال بشر:
لا، هي ليست فارسية، عربية صرفة كما قلت ولكن هو ظن هذا.
سامي كليب
: كلمة أخيرة في هذا الكتاب سنتوقف عندها، كتاب “إذاعيات في اللغة والأدب” وهي غريبة في الواقع كنا نظنها كلمة ربما سيئة أو بذيئة أو قليلة الاستعمال ولكن لها أصل في اللغة العربية، كلمة يتعنطز، وتقول نسمعهم يقولون متعنطز، إيه العنطزة دي..
كمال بشر:
يعني طالع فيها.
سامي كليب
: أيوه طالع فيها، وتقول يرون أنه متغطرس متعجرف متكبر وهذه عجرفة وتكبر ويبدو أن هذا الاستعمال له اتصال بالكلمة الفصيحة عرطز أو عرطس ومعناها تنحى عن القوم واتبعد عنهم.
كمال بشر:
تمام، هي المعنى بس حصل تغيير في النطق وفي تركيب الحروف المكونة للكلمة وهذا يحدث كثيرا جدا في اللهجات، تأخذ الكلمة الفصيحة وتقلبها إلى صورة أخرى ولكن لها أصلا في العربية وهذا هو سمة التطور ولذلك أنا أقول نطلق الكلام هو أساس اكتساب اللغة.
سامي كليب
: على كل حال أنا سأنصح..
كمال بشر:
كيفما تسمع تنطق.
سامي كليب
: بالضبط ولذلك تميز دائما بين النطق وبين الكتابة، تقول الخلل الموجود حاليا في العالم العربي خلل نطقي أكثر مما هو خلل كتابي.
كمال بشر:
طبعا، طبعا، لأن الكتابة يجلس الرجل إلى كتابة خطاب يأخذ فيه ساعة تقريبا يفكر ويفكر ويغير ويبدل ويشطب في الكتابة لكن النطق طواعية واختيار في الوقت نفسه.

في المعاجم والتعريب والجوائز

سامي كليب
: هذا المعجم وغيره هي وليدة المجامع اللغوية العربية التي يتولى كمال بشر منصب أمانتها العامة بعد أن تولى طويلا منصب رئيس المجمع اللغوي المصري، هنا في هذا المقر أثمرت جهوده ورفاقه عددا من المعاجم وبينها المعجم الوسيط الذي ترك الكلمات القديمة المهجورة وركز على اللغة العربية الصحيحة الحديثة التي تعود إلى أصول عربية ومن هنا سعى لترسيخ أسس لغتنا في مواجهة غزوات التغريب.
كمال بشر:
“كما ارتكب فريق ثالث خطأ فادحا في حق العربية حين ظنوها لغة فئة من الناس خاصة هي فئة المشتغلين بالتعليم العام وأمور الدين أو قل بحسب ما تخيلوا وقدروا تقديرا غير صائب هم رجال اللغة العربية ومن لف لفهم، وقد زاد من خطر هذا الاتجاه غير المحمود غزو الثقافات واللغات الأجنبية لبعض البلدان في الوطن العربي، كان لهذه الثقافات واللغات بريق مضلل أغرى بعض القائمين عن شؤون العلم والثقافة في هذه البلاد”.
سامي كليب
: دكتور كمال بشر يعني مثلا في بعض الترجمات التي حصلت في بعض المعاجم العربية والتي أثارت سخرية البعض أكثر مما أفادت في كلمات حديثة، مثلا يتندر الناس كثيرا بترجمة كلمة صندويش مثلا ويقول الشاطر والمشطور وبينهما الكامخ!
كمال بشر:
لا، لا، هذه إشاعة..
سامي كليب
: ليست صحيحة يعني.
كمال بشر:
لا، لم تحدث ويتهمون مجمع اللغة العربية في القاهرة أنه الذي صنع هذه الترجمة، لا، إطلاقا، هذه شائعة للتنكيت على المجمع وهذا عيب كبير منهم لا منا ونحن لا نفكر في مثل هذه الأشياء مطلقا.
سامي كليب
: لكي نقرب الصورة أكثر للمشاهد الذي يرانا الآن ولا نقعر ونعقد اللغة العربية، هل لديك بعض الأمثلة عن ترجمة بعض الكلمات المستخدمة حديثا مثلا وتم تبنيها من قبل مجمعكم في القاهرة هنا، كلمة شائعة بشكل كبير مثلا؟
كمال بشر:
لا يعني دي مسألة عايزة دراسة في القضايا دي قضايا فردية أنا..
سامي كليب
(مقاطعا): مثلا الكمبيوتر الحاسوب.
كمال بشر:
الحاسوب أو الحاسب، هو الكمبيوتر معناه الذي يولد، فإحنا لما قلنا الحاسوب معنى كلمة فاعول تدل على السرعة الحاسوب يعني يقوم بالعمل بسرعة، وفي ناس ترجموها بالحاسب الذي يقوم بالحساب أي بتخطيط العملية وتفسير العملية في وقت سريع وكلاهما من الناحية العربية صحيح. تعرفون أن صدام كان لديه بعض الجوائز المهمة وكان في ضمن هذه الجوائز جائزة الدراسات اللغوية فقدمت أنا وزميلي الدكتور تمام حسان في هذه الجائزة ونلناها وكان أول الفائزين بهذه الجائزة في هذا التاريخ هو أنا وهذا الزميل الكريم، كان ذلك سنة 1980.. لا أذكر التاريخ. ومعنا الآن الفائزون بالجوائز في المواد الأخرى والذي يرفع يديه هذا هو وزير الثقافة آنذاك، نسيت اسمه. وإيه كمان، وهذه الصورة أما هذه الصورة فهي خير الصور هذه الصورة مع الرئيس حسني مبارك كان يقدم لي الجائزة التقديرية سنة.. هذا التسليم كان سنة 1995 ولكني حصلت على هذه الجائزة الجائزة التقديرية قبل ذلك بعدة سنوات. الصور الأخرى, يعني عندما بدأنا الأمر الجامعة كنا شبابا وترى في هذه الصورة، دي صورة لطيفة جدا، مجموعة من الطلاب وأنا معهم وآخرون بنلعب الحبل لعبة الحبل.
سامي كليب
: كمال بشر العالم اللغوي المصري لم يترك التدريس يوما منذ عاد إلى مصر عام 1956 ولم تقتصر جهوده على بلده فهو درّس في الإمارات والكويت والسعودية وقطر وغيرها فصارت له شهرة لغوية كبيرة وحصل على جوائز كثيرة وبينها جائزة صدام حسين.
كمال بشر:
أول من حصل عليها في الدراسات اللغوية أنا وزميل لي درس معي في لندن في نفس القسم وفي نفس الكلية يسمى الدكتور تمام حسان، ولأول مرة تعطى جائزة لغوية كنت أنا وهو صاحبي هذه الجائزة في احتفال كبير وضخم جدا وأنا أعتز به حقيقة وهذا النظام طبعا انتهى اللي هو نظام الجوائز لكن نرجو الله أن تعود هذه القصة فيما بعد وهذا عمل في غاية الأهمية..
سامي كليب
: هو مش بس نظام الجوائز، النظام العراقي انتهى كمان.
كمال بشر:
والنظام طبعا ما هو إذا رجع نظام الجوائز 100% ينبني على النظام السياسي والنظام الاقتصادي والنظام القومي.
سامي كليب
: طيب جائزة صدام حضرتك كنت الأول الذي حصلت عليها..
كمال بشر
(مقاطعا): أنا وزميلي، لست وحدي.
سامي كليب
: طيب اليوم بعد سقوط النظام العراقي نادم عليها أو فخور بها؟
كمال بشر:
لا أنا فخور بها من أول يوم لآخر يوم، لا علاقة لي بالسياسة ولا علاقة لي.. هذا الموضوع الذي حدث للعراق فيما بعد طبعا أنا بوصفي عربيا أرفضه بكل القوة وبكل الفكر وسئلت منذ أيام عن موضوع الحذاء الذي..
سامي كليب
: الذي ضرب جورج بوش.
كمال بشر:
أنا قلت يعني هذا الولد يجب أن يهنأ وأن يشكر وأن نثني عليه ويا ليت هذا الحذاء كان قبل ذلك أو يا ليته كان رصاصة، طبعا، لا، القومية أنا قلت أنا نصفي فلاح ونصفي شيخ يعني..
سامي كليب
: وكانت النتيجة أن الصحفي زميلنا الزيدي يضرب ويهان حسب ما فهمنا.
كمال بشر:
وهذا هو العجيب وقيل إن الذين ضربوه بعضهم من العراقيين فيما سمعت يعني ليس من الأميركان والله ما أعرفش، إنما أهين الرجل ونخشى عليه من أكثر من الإهانة بالضرب وما نحو ذلك.
سامي كليب
: في مراجعتك للتاريخ العربي هل حصل في التاريخ العربي أن ضرب مسؤول بحذاء قبل جورج بوش؟
كمال بشر:
لا أعلم، ربما.
سامي كليب
: سأستفيد أيضا من تجربتك في دول الخليج للحديث عما قلته حضرتك إنه “نجد في بلاد الخليج الوافدين أكثر من أبناء البلد وهؤلاء الوافدون يأتون ومعهم لهجات ورطانات لا علاقة لها باللغة العربية وهو أمر يمس جوهر اللغة فتختلط قواعدها وتضطرب على لسان أصحابها” هل فعلا اللغة العربية في الخليج مهددة؟
كمال بشر:
لا، لا، مشكلة هي أنا كنت في الحالة دي أشير إلى دبي..
سامي كليب
: دبي تحديدا.
كمال بشر:
ولكن لم أذكر البلد، فقلت الإمارات، الحقيقة عندما تذهب إلى دبي تجد الشارع في دبي فنفرض مائة شخص تجد الذين يتكلمون العربية عربية من نوع ما حوالي 10% والباقون يتكلمون لهجات ورطانات أجنبية يمكنك أن تعرف بعضها وبعضها غير معروف، هذا خطر طبعا على اللغة العربية ولكن هم معذورون إلى حد ما لأنهم يريدون عمالة تشتغل عندهم بأسعار مناسبة إلى آخره أكثر من البلاد العربية فهو يعني موضوع شائك إنما أنا أنبه فقط يعني أقول احترسوا إن اللغة العربية مهددة في بعض البلدان العربية وبخاصة في مثل هذا السياق.

مكانة اللغة وعوامل الحفاظ عليها

سامي كليب
: وما هو الحل؟
كمال بشر:
الحل، كل شيء له حل على فكرة يعني، هو أن تهتم الأمهات، الأم، الأم هي صانعة كل شيء، الولد الذي يخرج من بيته غير مثقف انتهى مهما صنع وحصل على شهادات عليا لأن ركائز الثقافة من الأم، ولماذا القرآن الكريم يقول إن الرضاع سنتين، ليه؟ علشان إيه؟
سامي كليب
: ليه؟
كمال بشر:
الولد بعد ستة أشهر يستطيع أن يأكل شيئا ما أعرفش أسماء وإيه كده موجود عندنا في القاهرة في مصر أنهم يطعموا الولد بعد ستة أشهر يتغذى منه لكن القرآن قال الرضاع سنتان، لماذا؟ لأن الولد عندما يرضع ويأخذ بثدي أمه يشم رائحة أمه وحرارة أمه وبرود أمه ويلتقط حركاتها الصحيحة وغير الصحيحة، وهذه يلتقطها في ذهنه وتلتصق وتتأكد حتى يخرج رجلا إلى الشارع فالأم حتى بنفسها نفس المرأة وهي ترضع الولد في غاية الأهمية لأن المرأة وهي ترضع قد تكون منفعلة ترميه على الأرض، تشيله، تهدهده تغني له..
سامي كليب
: ولكن ما علاقة ذلك بالحفاظ على اللغة العربية؟
كمال بشر:
التربية، ما هو ده خط واحد، هي اللغة دي تربية، اللغة تربية يعني كونك تتكلم لغة القوم هذا أعلى درجة من درجات التربية، فبيسمع أمه بتتكلم، كيف تتكلم كيف تسير كل ده بيختزنه في ذهنه حتى الكبر.
: التراث واللغة وعلم الأصوات والغناء والكلام الجميل أمور زينت حياة كمال بشر وهو في سعيه للدفاع عن لغة الضاد يتوقف عند حرف الضاد أو صوته كما يسميه فرغم أن لغتنا معروفة باسمه أي لغة الضاد إلا أن العرب اختلفت بشأنه، هل ينطق ضادا كما هو معروف في مشرقنا أم ظادا كما يقول بعض أهل المغرب والخليج؟
كمال بشر:
شوف قضية الضاد منذ البدء حتى الآن مشكلة، ابن جن قال وإن شئت تكلفتها من الجانب الأيمن أو الجانب الأيسر أو من كليهما، عجيبة، إذا أردت أن تنطق الضاد كما قال ابن جن وابن جن ده لغوي وفيلسوف وهو بينقل عن سيبويه أحيانا لكن بيصحح لسيبويه ويفسر سيبويه، إن شئت تكلفتها من الجانب الأيمن أو الجانب الأيسر أو من كليهما، لا تعرف هي ظاء أو ضاد، فهذا الصوت في أساسه غير معروف حتى الآن. الذي حصل أن القرآن وأن النصوص المعتمدة الثقة كلها جاءت بالضاد كما ننطقها أو كما ينطقها القراء المصريون في مصر، ضاد. ولكن..
سامي كليب
: ولذلك سميت بلغة الضاد؟
كمال بشر:
ولهذا سميت لغة الضاد مع أن الضاد برضه فيها كلام. المهم، أخذنا هذه الضاد ونطقها البعض نطقا صحيحا كما نفعل نحن في مصر وبعض البلاد العربية، في بعض البلاد العربية خلطت المسألة كبيرة جدا أصبحت ظاء وخصوصا في الكويت وفي بعض بلاد الخليج تنطق الآن وفي العراق بشكل واضح جدا يخلطون حتى في الكتابة بين الضاد والظاء لأن نطق الضاد بما يشبه الظاء كان له وجود قديم فنقلوه وأخذ به ونطق الضاد كضاد هو المعتمد من الثقاة أخذت به بعض البلاد العربية يعني بعض الناس خلطوا..
سامي كليب
(مقاطعا): طيب فقط لنسهل الأمر لمن يشاهدنا حاليا، هل إذا قلنا ظرب بدلا من ضرب صحيح؟
كمال بشر:
لا، خطأ، خطأ خلاص لأن اللغة عادة وعادة قومية، حتى لو كان في البدء الكلمة نطقت خطأ واستمرت خطأ خلاص لا بد أن نأخذ به فالذي استمر في النطق واعتبر صحيحا في التراث العربي هي الضاد.
سامي كليب
: للدكتور كمال بشر مؤلفات كثيرة “علم الأصوات”، “دراسات في علم اللغة”، “علم اللغة الاجتماعية”، “صفحات من كتاب اللغة”، “اللغة العربية بين الوهم وسوء الفهم”، “التفكير اللغوي بين القديم والجديد”، “فن الكلام”، “إذاعيات” وكل ذلك جزء بسيط من بحر ما كتب وما جعل أهل قريته فخورين بما أنجز. ولفتني وأنا أزروهم أنهم هم أيضا حريصون على لغتنا كحرص أستاذهم.
مشارك1
: هي زيارة خاصة جلبت علينا الخير بأكمله ومع ذلك الكل ينتظره من حين لآخر، هو تربع على مائدة العلم منذ نعومة أظفاره فكرمه الله بأقدس رسالة على وجه البسيطة ألا وهي عمادة اللغة العربية فهذا شرف عظيم لنا كما أدعو الله له بطول العمر أو ببركة العمر إنه سميع مجيب والسلام عليكم ورحمة الله.
مشارك2
: الحق أن الناس أكيس من أن يمدحوا رجلا ما لم يروا عنده آثار إحسان، وآثار الدكتور كمال بشر في خدمة اللغة العربية يعرفها جمهرة الدارسين وهي تحتل مكانة سامقة في علم اللغة العربية، وله تلاميذ كثر على مستوى عالم الإسلام وعالم العروبة ونسأل الله عز وجل أن يمد في عمره المبارك وأن يجعلنا من أهل الوفاء له.
سامي كليب
: الدكتور كمال بشر العالم اللغوي المصري يحب اللغة العربية كحبه لأولاده، لا بل أنها بعدما كبر الأولاد صارت أحب ما بقي عنده وهو مشغول بها ليس كوسيلة للتخاطب والكتابة وكلغة القرآن الكريم فحسب وإنما كهم قومي عربي بامتياز.
كمال بشر:
اللغة مهمة لأي مجتمع لأي قوم ولعلك تقرأ في التاريخ أن كثيرا من الحروب والغزو قامت على أساس اختلاف اللغة لأن اللغة تجمع ولا تفرق وإذا اختلفت اللغات تفرق تفريقا يؤدي إلى الكراهية وإلى الاستعمار وإلى الانحياز إلى آراء أخرى وهكذا وتؤدي إلى الحروب كما يحدث الآن في منطقة الشرق الأوسط يعني من ضمن الحروب بين غزة وبين هؤلاء الناس الثقافة، اختلاف الثقافة، السبب في هذا اختلاف الثقافة اختلاف اللغة، فاللغة لها يعني هي قوام الاتحاد في الفكر والاتجاه والمودة والمحبة ولذلك أنا أرى أنه يجب أن نسعى لتوحيد اللسان العربي بصورة أو بأخرى حتى تسير الأمور على خير ونفع للجميع.
سامي كليب
: طيب دكتور كمال بشر هل لا زلت تقرأ بنفس النهم وتكتب بنفس النهم والرغبة؟
كمال بشر:
الرغبة في الذهن وفي القلب هي هي ولكن الإنجاز أقل لضعف في جسمي لا في ذهني، الذهن حاضر الحمد لله وأفكر جيدا ولكن الجسم لا يتحمل ما في عقلي وما في ذهني، هذه قضية كبيرة جدا أن الرأس عايزة تشتغل ليل نهار والجسم مش قادر يتحمل ما يفعله هذا العقل.
سامي كليب
: الجسد وهن والعقل سليم لا بل أكثر من سليم، وروح الطرفة بقيت حاضرة طيلة هذا الحديث مع العالم اللغوي المصري كمال بشر وهو حتى اليوم لا يزال يعد لكتب جديدة وكأنما خريف العمر ليس إلا تفصيلا صغيرا في حياة رجل أمضى سني عمره مدافعا عن لغتنا الفصيحة أو بالأحرى ما بقي من فصاحتها.


التصنيفات
اللغة العربية وعلومها

سؤال في أستعمال

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم

هل نستطيع أن نذكر بعد(هل الاستفهاميه) أسم بأن نقول (هل العالم الاستاذ ترك لنا علم ….ألخبأن يكون الابتداء بأسم والاخبار بفعل

أرجوا الجواب السريع من آيات أو روايات أو أشعار أو قواعد


التصنيفات
اللغة العربية وعلومها

ايهما اصح مسألة بسيطة

بسم الله الرحمن الرحيم

ايهما اصح ان نكتب

صلِ على النبي

ام

صلي على النبي


التصنيفات
اللغة العربية وعلومها

من حكمة العرب في اللسان والذهن والواقع

اتفق أهل الألسن أن الشيء (في علم البشر) له وجودات أربعة:
(1) وجود في العِيان؛ وهو الواقع.
(2) ووجود في الأذهان؛ وهو الفكرة.
(3) ووجود في اللسان؛ وهو عبارة الكلام المنطوق.
(4) ووجود في البنان؛ وهو خطّ الكتابة المرسوم.
مع استقلال كلٍّ بوجوده، وتعلقه بما قبله وما بعده.
مفتاح السعادة وسفر الريادة، للعلامة التركي طاش كبري زاده، ومقدمة كشف الظنون لحاجي خليفة1/14. (بتصرف). واذكر شرح حازم القرطاجني في مطلع منهاج البلغاء 10-11.
وهي وإن كان أربعة فهي ثلاثة وجودات بضم قسمي البيان في واحد .
فهذا مثلث الإبداع الإنساني:
هو يتأمل في الواقع ..
ويستلهم ذلك في الذهن ..
ويبين عن ذلك ببنانه أو لسانه..
هذا عمل الأديب .. ( من الواقع إلى الكلمة )
أو العكس.. وهو عمل المخرج ( من الكلمة إلى الواقع )
يأخذ القول ..
ويستلهمه في ذهنه ..
ويخرجه عملا في الواقع ..
وسمى البلغاء ذلك نسباً..
فما يكون في الواقع سموه نسبة خارجية ..
وما يكون في التصور الذهني سموه نسبة ذهنية ..
وما يكون في الكتابة أو السماع سموه نسبة كلامية ..
هذا أول درس في إدراك معاني الأشياء .
ومن هنا يكون علم المعاني نقلة فكرية للمرء تجعله يفكر كما كان العرب يفكرون .
قال تعالى : (وكذلك أنزلنا حكماً عربياً ).
وقال : (إنا أنزلنا قرآنا عربياً ).
وقال : (بلسان عربي مبين ).
وقال : (وهذا كتاب مصدق لسانا عربياً ).
فقد نزل القرآن عربياً ، بلسان عربي ، وحكم عربي .
ووصف اللسان بالحكمة يتصور معه حكمة طليقة تنسرب في اللسان العربي، فتجعل الناس يقرأون فيه الحكمة ويستمعون منه الحكمة ويحكمون من أمرهم لساناً.
مصداقها في ثمرات بيانه وحكمه وسحره وألقه وشاعريته ..
ومصداقها في علومه المتتابعة والمتراتبة وروابطه المنسجمة مع الواقع ومع الذهن .
ومصداقها في صلوحيته للبقاء والنماء والعطاء .
هل لهذا التقسيم جدوى في التفكير باللغة العربية ؟.

التصنيفات
اللغة العربية وعلومها

رسالة ماجستيربعنوان "حروف المعاني بين سيبويه ولاحقيه "

تم مناقشة رسالة ماجستير بعنوان “حروف المعاني بين سيبويه ولاحقيه ” في 10/8/2009م الموافق الاثنين وذلك بإشراف أ.د/شعبان صلاح
وفي انتظار ملخص الرسالة بعون الله…………………….. …….ونال الباحث :فاروق حمزة درجة الماجستير بتقدير امتياز

التصنيفات
اللغة العربية وعلومها

ظَنَّ وأخواتُها عملها ، وأقسامها .

ظَنَّ وأخواتُها
عملها ، وأقسامها

انْصِبْ بِفِعْلِ القَلْبِ جُزْءَي ابْتِدَا أَعْنِى رَأَى خَالَ عَلِمْتُ وَجَـدَا

ظَنَّ حَسِبْتُ وَزَعَمْتُ مَعَ عَـدّْ حَجَا دَرَى وَجَعَلَ اللَّذْ كَاعْتَقَدْ

وَهَـبْ تَعَلَّـمْ وَالَّتِى كَصَـيَّرا أَيْضاً بِهَا انْصِبْ مُبْتَـداً وَخَبَرَا
س1- ما عمل ظن وأخواتها ؟ وما أقسامها ؟ واذكر أمثلة عليها .
ج1- ظن وأخواتها أفعال تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر ، نحو : ظننتُ الطالبَ غائباً . فالطالبَ : مفعول أول ، وغائباً : مفعول ثانٍ ، وأصلهما قبل دخول ظن المبتدأ والخبر ؛ تقول : الطالبُ غائبٌ .
وهذه الأفعال تنقسم إلى قسمين :
1- أفعالُ الْقُلُوبِ . 2- أفعالُ التَّحْوِيلِ .
أولاً : أفعال القلوب .
تنقسم أفعال القلوب إلى قسمين :

أ- ما يدلّ على اليقين ، نحو : رَأَى ، عَلِمَ ، وَجَدَ ، دَرَى ، تَعَلَّمْ .
ب- ما يدلّ على الرُّجْحَان ، أي : رُجحان وقوع الشيء ، نحو : ظَنَّ ، خَالَ ، حَسِبَ ، زَعَمَ ، عَدَّ ، حَجَا ، جَعَلَ ، هَبْ .
وهَاكَ أمثلةً ، وشواهد على عمل أفعال اليقين ، ومعانيها :
1- رأى ، نحو قول الشاعر :

رأيتُ اللهَ أَكْـبَرَ كُـلِّ شيءٍ مُحَـاوَلَةً وأَكْثَرَهُمْ جُنُوداً

رأى في هذا البيت بمعنى اليقين (أي : بمعنى عَلِم) ونحو : رأيتُ العلمَ نوراً . وقد تُستعمل بمعنى ظنَّ ، كقوله تعالى : (أي: يَظُنُّونَه) . وقد تأتي بمعنى (حَلَمَ) كما في قوله تعالى : وهي بهذه المعاني تنصب مفعولين .
( م ) وقد تأتي رأى بمعنى (أَبْصَرَ) نحو : رأيتُ القَمَرَ . وقد تأتي بمعنى (اعَتَقدَ) نحو : رأى المدرسُ صِحَّةَ هذه المسألة ( أي : اعتقدَ صحَّتها ) . وقد تأتي بمعنى
( أَصَابَ رِئَتَه ) نحو : رأيتُ محمداً ، تَقْصِد أَنَّك ضربتهَ فَأَصبْتَ رِئتَه . وهي بهذه المعاني تنصب مفعولاً واحدا . ( م )
2- عَلِمَ ، نحو : عَلِمْتُ زيداً أخاك . ومنه قول الشاعر :

عَلِمْتُكَ البَاذِلَ المعروفَ فَانْبَعَثَتْ إِلَيْكَ بِى وَاجِفَاتُ الشَّوْقِ والأَمَـلِ

علم في المثالين بمعنى اليقين .
( م ) وقد تأتي عَلِمَ بمعنى ظنَّ ، ويمثِّل لها العلماء بقوله تعالى : .
وسواء كانت عَلِمَ بمعنى اليقين ، أو الظن فهي تتعدى إلى مفعولين . وقد تأتي
بمعنى (عَرَفَ) فَتنصبُ مفعولاً واحداً ، كما في قوله تعالى : . ( م )
3- وَجَدَ ، نحو قوله تعالى :وهي بمعنى اليقين ، ونحو : وجدتُ التَّقْوَى أَعْظَمَ أسبابِ دخولِ الجنَّةِ .
4- دَرَى ، نحو : قول الشاعـر :

دُرِيتَ الوَفِيَّ العهدَ ياعُرْوَ فَاغْتَبِطْ فإِنَّ اغْتِبَاطـاً بِالوَفَاءِ حَمِـيدُ

وهي بمعنى اليقين ، ونحو : دَرَيْتُ النَّجاحَ قريباً من طَالِبِه .
5- تَعَلَّمْ – وهي التي بمعنى اعْلَمْ – كما في قول الشاعـر :
تَعَلَّمْ شِفَاءَ النَّفْسِ قَهْرَ عَدُوِّهَا فَبَالِغْ بِلُطْفٍٍ في التَّحَيُّلِ والْمَكْرِ
وهي بمعنى اليقين (أي: اعْلَمْ ) وفي الحديث:” تَعَلَّمُوا أَنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بأَعْوَرَ ”
( أي : اعْلَمُوا ) .
( م ) فإن كانت أمراً من ( تَعَلَّمَ يَتَعَلَّمُ ) فهي متعدية إلى مفعول واحد ، نحو : تَعَلَّم النَّحوَ . فَتَعلَّمْ التي تنصب مفعولاً واحداً مُتَصَرَّفة ، وأما التي من أخوات ظنّ فجامدة لا تتصرف . ( م )
وأمّا أمثلة ، وشواهد أفعال الرُّجحان فكما يلي :
1- ظَنَّ ، نحو : ظننتُ زيداً صاحِبَك . وقد تستعمل لليقين ، كقوله تعالى :
وكقوله تعالى :الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم . وهي في الآيتين بمعنى عَلِمُوا .
وظنَّ بمعنى الرُّجْحان ، أو اليقين تنصب مفعولين .
2- خَالَ ، نحو : خِلْتُ زيداً أَخَاكَ . وقد تُستعمل خال لليقين ، كقول الشاعـر :

دَعَانِي الغَوَانِي عَمَّهُنَّ وخِلْتُنِي لِيَ اسْمٌ فَـلاَ أُدْعَى بِهِ وَهْوَ أَوَّلُ

خال في هذا البيت بمعنى اليقين ، وليس بمعنى الظن ؛ لأن الشاعر لا يظنّ أنّ لنفسه اسماً ، بل هو على يقين من ذلك .
3- حَسِبَ ، كقوله تعالى : ونحو : حَسِبْتُ زيداً صاحِبَك . وقد تُستعمل لليقين ، كقول الشاعـر :

حَسِبْتُ التُّقَى والْجُودَ خَيْرَ تِجَارَةٍ رَبَاحـاً إِذَا مَا الْمَرْءُ أَصْبَحَ ثَاقِلاَ

حَسِب هنا بمعنى عَلِمَ .
4- زَعَمَ ، كقول الشاعر :

فَإِنْ تَزْعُمِينِي كُنْتُ أَجْهـَلُ فِيكُمُ فَإِنِّي شَرَيْتُ الحِلْمَ بَعْدَكِ بِالْجَهْلِ

( م ) والأكثر في زَعَمَ أنْ تتعدَّى إلى مفعوليها بواسطة أنّ المؤكدة ، نحو قوله تعالى : وقوله تعالى : بَلْوردت ( أَنْ ) في الآيتين مخففة من الثقيلة ( أنَّ ) وتأتي كذلك مُشَدَّدة ، كقول الشاعر :

وَقَدْ زَعَمَـتْ أَنِّي تَغَيَّرْتُ بَعْـدَها ومَنْ ذَا يا عَـزَّ لا يَتَـغَيَّــرُ ( م )

5- عَدَّ ، نحو قول الشاعر :

فَلاَ تَعْـدُدِ الْمَوْلَى شَرِيكَكَ في الغِنَى وَلكِنَّمَا الْمَوْلَى شَرِيكُكَ في العُدْمِ

والمعنى : لا تظنَّ أنّ صديقَك وَحَلِيفك هو الذي يُشارِكُك المودَّة أيام الغِنى ،
ونحو : عَدَدْتُ الصَّدِيَق أَخاً .
* فإن كانت ( عَدَّ ) بمعنى ( أَحْصَى ) تعدّت إلى مفعول واحد ، نحو : عَدَدْتُ المالَ . *
6- حَجَا ، نحو قول الشاعـر :

قَدْ كُنْتُ أَحْجُـو أَبَا عَمْرٍو أَخاً ثِقَـةً حَتَّى أَلَمَّتْ بِنَا يَـوْماً مُلِمَّـاتُ

والمعنى : قد كنتُ أظنّ أبا عمروٍ أخاً ثقة ، ونحو: حَجَا الطَّالبُ المدرسَ مديراً .
( م ) فإن كانت ( حَجَا ) بمعنى غَلَب في المحاجاة ، نحو :حَاجَيْتُه فَحَجَوْتُه ، أو كانت بمعنى ( قَصَدَ ) كقول الشاعر : حَجَوْنا بنِي النُّعمانَ إِذْ عَصَّ مُلْكُهُمْ …، فهي متعديّة إلى مفعول واحد . ( م )
7- جَعَلَ ، بمعنى ظَنَّ ، كما في قوله تعالى : جعل في هذه الآية بمعنى ( ظنَّ ) ومفعولها الأول :
الملائكةَ ، والثاني : إِنَاثاً ، ونحو : أجعلتني مديراً ؟ ( أي : أظننتني مديراً ) .
*فإن كانت جَعَلَ بمعنى ( أَوْجَدَ ) تعدَّت إلى مفعول واحد ، نحو قوله تعالى : وإن كانت بمعنى ( أَنْشَأ ) فهي ناقصة من أفعال الشروع التي تعمل عمل ( كان ) نحو : جعل المدرسُ يشرحُ الدرسَ . *
8- هَبْ ، كقول الشاعـر :

فَقُلْتُ أَجِـرْنِي أَبَـا مَـالِكٍ وَإِلاَّ فَهَبْـنِي امْـرَأً هَـالِكـاً

والمعنى : أَغِثْنِي يا أبا مالكٍ ، فإنْ لم تفعلْ فَظُنَّ أنَّى رجلٌ من الهالكين ، ونحو : هَبْ قولَك صحيحاً فما العَمَلُ ؟
* فإن كانت هَبْ بمعنى (خَفْ) تعدَّت إلى مفعول واحد ، نحو : هَبْ رَبَّكَ . وإن كانت بمعنى (الهِبَة) أي : الأُعْطِيَة ، نحو : هَبِ الفقراءَ مالاً ، فهي متعدية إلى مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر ، فهي بذلك ليست من أفعال القلوب ، ولا من أفعال التّحويل . *
ثانيا : أفعال التَّحويل .
هي التي أشار إليها الناظم بقوله : “والتي كصَيَّرا … إلخ ” .
وهذه الأفعال هي : 1- صَيَّر ، نحو : صَيَّرتُ الطينَ خَزَفاً .
2- جَعَل ،نحو قوله تعالى: أي: صَيَّرناه هباءً،وكما في قوله تعالى: .
3- وَهَبَ ، نحو : وَهَبَني الله ُفِدَاكَ ( أي : صَيَّرَنِي فِداك ) .
4- تَخِذَ ، كقراءة مَنْ قرأ قوله تعالى : لَتَخِذْتَ بتخفيف التاء ، وكسر الخاء في ( لتَخِذْتَ ) ونحو قولك : تَخِذْتُك صديقاً بعد أنْ كنتَ عدوّاً .
5- اتَّخَذَ ، كقوله تعالى : ونحو : اتَّخَذَ المسافرون الباخرةَ فُندقاً .

6- تَرَكَ ،كقوله تعالى : (أي:صَيَّرْنا بعضهم يموج في بعض) . فالمفعول الأول : بعضَهم ، والثاني : جملة يموج ،

وكما في قول الشاعر :

وَرَبَّيْتُـهُ حَتَّى إِذَا مَا تَرَكْـتُهُ أَخَا القَوْمِ وَاسْتَغْنَى عَنِ الْمَسْحِ شَارِبُهْ

ونحو : تَرَكَتِ الحربُ القريةَ خَرَاباً .
7- رَدَّ ،كما في قوله تعالى : ( أي : يُصَيَّرونَكُمْ كُفَّاراً ) وكما في قول الشاعر :

فَرَدَّ شُعُورَهُنَّ السُّودَ بِيضـاً وَرَدَّ وُجُوهَهُنَّ البِِيضَ سُـودَا

( أي : صَيَّرَ شْعُورهُنَّ بيضاً ، وصَيَّر وجوهَهُنّ سوداً ) .
وهذه الأفعال لا تنصب مفعولين إلا إذا كانت بمعنى ( صَيَّر ) وهو التَّحويل .

س2- إلام أشار الناظم بقوله : ” أَعْنِى رَأَى …… إلخ ” ؟
ج2- أشار إلى أنَّ أفعال القلوب منها ما ينصب مفعولين ، وهو : رأى ، وما بعده مما ذكره الناظم في أبيات هذا الباب ، ومنها ما ليس كذلك ( أي : لا ينصب مفعولين ) وهو قسمان :
أ- قسمٌ لاَزِمٌ ، نحو : جَبُنَ زيدٌ ، وحَزِنَ عمرٌو .
ب- قسمٌ مُتَعَدٍّ إلى مفعول واحد ، نحو : كَِرهْتُ زيداً ، وفَِهمْتُ الدرسَ .

التَّصَرُّفُ ، والْجُمُودُ
والتَّعْلِيقُ ، والإِلْغَاءُ
وَخُصَّ باِلتَّعْلِيقِ وَالإِلْغَـاءِ مَـا مِنْ قَبْلِ هَبْ وَالأَمْرَ هَبْ قَدْ أُلْزِمَا

كَذَا تَعَلَّمْ وَلِغَـيْرِ الْمَاضِ مِنْ سِوَاهُمَا اجْعَـلْ كُلَّ مَا لَهُ زُكِنْ
س3- اذكر تقسيم ظن وأخواتها باعتبار تصرّفها ، وجمودها .
ج3- عرفنا أنّ هذه الأفعال قسمان، أحدهما : أفعال القلوب ، والثاني : أفعال التحويل. فأما أفعال القلوب فتنقسم باعتبار التصرّف وعدمه إلى قسمين :
1- أفعال مُتَصَرَّفَة ، وهي جميع أفعال القلوب ما عدا ( هَبْ ، وتعلَّمْ ) وهذه الأفعال المتصرّفة يأتي منها الماضي ، نحو : ظننتُ زيداً قائماً ، والمضارع ، نحو :
أظنّ زيداً قائماً ، والأمر ، نحو : ظُنَّ زيداً قائمًا ، واسم الفاعل ، نحو : أنا ظَانٌّ زيداً قائماً ، واسم المفعول ، نحو : زيدٌ مَظنُونٌ أبُوهُ قائماً . فأبوه : هو المفعول الأوّل ، وجاء مرفـوعاً ؛ لأنه أصـبح نائب فاعل لاسم المفعول ( مظنون ) وقائماً : المفعول الثاني . ويأتي منها المصدر ،نحو: عجبتُ من ظنَّك زيداً قائماً ، وهكذا الباقي من أفعال القلوب ما عدا ( هَبْ ، وتعلّمْ ) ، ويثبت لها كلّها من العمل وغيره ما ثبت للماضي .
2- أفعال غير متصرفة ( جامدة ) ، وهي فعلان ، هما : ( هَبْ ، وتعلَّمْ بمعنى اعْلَمْ ) فلا يُستعمل منهما إلا الأمر فقط .
وأَمَّا أفعال التحويل فكُلٌّها متصرفة ما عدا (وَهَبَ) فلا يُستعمل منه إلا الماضي .
س4- ما معنى التعليق ، والإلغاء ؟ واذكر تقسيم ظنّ وأخواتها باعتبار التعليق ، والإلغاء .
ج4- معنى التعليق : تَرْكُ العمل لفظاً لا محلاً ؛ وذلك بسبب مانع له حقّ الصدارة، وأهم هذه الموانع ما يلي :
1- لام الابتداء 2- لام القَسَم 3- الاستفهام .
4- حرف من حروف النّفي الثلاثة الآتية : ( ما ، إنْ ، لا ) .
ومعنى الإلغاء : تركُ العملِ لفظاً ، ومحلاً لا لمانع من الموانع السابقة وإنّما بسبب توسّط الفعل الناسخ بين معموليه ، أو بسبب تأخّره عنهما ، وهذا هو سبب الإلغاء .
أما في التعليق فلا بُدَّ من مانع من الموانع السابقة مع وجوب تقدّم الفعل الناسخ على معموليه .
وبالنسبة لتقسيم هذه الأفعال باعتبار التعليق ، والإلغاء فهي كما يلي :
أ- أفعال التحويل : المتصرف منها ، وغير المتصرَّف لا تعليق فيها ، ولا إلغاء .
ب- أفعال القلوب : غير المتصَّرف منها لا تعليق فيه ولا إلغاء ، وهما فعلان فقط ( تعلَّمْ ، وهَبْ ) .
وأمَّا أفعال القلوب المتصَرِّفة فهي التي تختصُّ بالتعليق ، والإلغاء معاً دون غيرها من الأفعال . مثال التعليق : ظننت لزيدٌ قائمٌ ، فقولك : لزيدٌ قائمٌ ، لم تعملْ فيه (ظنّ) لفظاً ، وعملت فيه محلا ؛ وذلك بسبب المانع الذي فصل بين الفعل
الناسخ ومفعوليه ، وهو لام الابتداء ، ولام الابتداء لها حق الصدارة . وجملة
( لزيدٌ قائم ) في محل نصب سدّت مسدّ المفعولين بدليل أنك لو عطفت عليها لنصبت المعطوف ، نحو : ظننت لزيدٌ قائمٌ وعمراً منطلقاً . فالفعل (ظنَّ) عاملٌ محلا لا لفظا بسبب ذلك المانع .
ومثال الإلغاء : زيدٌ ظننتُ قائمٌ ، فلا عملَ لظن في ( زيدٌ قائمٌ ) لا لفظاً ، ولا محلا ؛ وذلك بسبب توسّط الفعل بين معموليه .
ويثبت للمضارع ، وغيره من التعليق ، والإلغاء ما ثبت للماضي ، نحو : أظنُّ لزيدٌ قائمٌ ، ونحو : زيدٌ أظنُّ قائمٌ .
( م ) س5- هل التعليق ، والإلغاء يجري في غير أفعال القلوب ؟
ج5- التعليق ، والإلغاء معاً يختصان بأفعال القلوب المتصرفة وحدها دون جميع
ما عداها من الأفعال ، وهذا لا يُنافي أنّ التعليق وحده قد يجري في غير أفعال هذا الباب ، وذلك فيما يلي :
1-كلُّ فعلِ شكٍّ لا ترجيح فيه لأحد الجانبين على الآخر ، نحو : شَكَكْتُ أزيدٌ عندك أم عمرٌو ؟ برفع ( زيد ) على التعليق .
2-كل فعل يدل على العِلْم ، نحو : تَبَيَّنْتُ أصادقٌ أنت أم كاذبٌ ؟
3-كل فعل يُطلب به العِلم ، نحو : استفهمتُ أمقيمٌ أنت أم راحلٌ ؟
4-كل فعل من أفعال الحواس الخمس ، نحو : لَمَسْتُ ، أَبْصَرْتُ (نَظَرْتُ)، اسْتَمَعْتُ ، شَمِمْتُ ، ذُقْتُ ؛ تقول : لَمَسْتُ أناعمٌ جلدُك أم خَشِنٌ ؟ وتقول : أَبْصَرتُ أسريعةٌ خُطَاك أم بَطِيئةٌ ؟
وبذلك تعرف أن التعليق ، والإلغاء معاً من خصائص أفعال القلوب .
أما التعليق وحده فيجري في غيرها كما عَلِمت .

حكم الإلغاء ، والتعليق
وَجَـوَّزِ الإِلْغَاءَ لا فِى الابْتِِِـدَا وَانْوِ ضَمِيرَ الشَّأْنِ أَوْ لاَمَ ابْتِدَا
فِى مُوهِـمٍ إِلْغَـاءَ مَا تَقَــدَّمَا وَالْـتَزِمِ التَّعْلِيقَ قَبْـلَ نَفْىِ مَا

وَإِنْ وَلاَ لاَمُ ابْتِـداءٍ أَوْ قَسَـمْ كَـذَا وَالاسْتِفْهَامُ ذَا لَهُ انْحَتَمْ
س6- ما حكم الإلغاء ؟ وضّح بالتفصيل .
ج6- ذكر الناظم أنّ الإلغاء جائز لا واجب إذا لم يكن الناسخ في ابتداء جملته، كأن يقع وسطاً ،نحو: زيدٌ ظننتُ قائمٌ ، أو يقع متأخراً ، نحو: زيدٌ قائمٌ ظننتُ.
أما إذا وقع الناسخ في ابتداء جملته فيجب الإعمال ، نحو ظننتُ زيداً قائماً .
واختلف العلماء في أيَّ الأمرين أحسن الإلغاء ، أو الإعمال ؟ وذلك على التفصيل الآتي :
1- إذا توسَّط الناسخ بين المفعولين ، نحو : زيدٌ ظننت قائمٌ ، ففيه قولان :
أ- الإلغاء ، والإعمال سِيَّان .
ب- الإعمال أحسن من الإلغاء .
2- إذا تأخر الناسخ ، نحو : زيدٌ قائمٌ ظننتُ ، فالإلغاء أحسن .
3- إذا تقدّم الناسخ ، نحو: ظننت زيداً قائماً ، امتنع الإلغاء عند البصريين ووجب الإعمال . وأجاز الكوفيون ، والأخفش ، وأبوبكر الزبيدي الإلغاء .
س7- قال الشاعر :

أَرْجُـو وَآمُلُ أَنْ تَدْنُو مَـوَدَّتُهَا وَمَا إِخَـالُ لَدَيْنَا مِنْكِ تَنْوِيـلُ

وقال الآخر :

كَذَاكَ أُدَّبْتُ حتَّى صَـارَ مِنْ خُلُقِى أَنَّى وَجَدْتُ مِلاَكُ الشَّيمَةِ الأَدَبُ

عيَّن الشاهد في البيتين السابقين ، وما وجه الاستشهاد فيهما ؟
ج7- الشاهد في البيت الأول : وَمَا إخالُ لدينا منك تنويلُ .
وجه الاستشهاد : ظاهر هذا البيت أنّ الشاعر ألغى عمل ( إخال ) مع أنها متقدمة يجب إعمالها . وتخريج ذلك عند البصريين أنّ مفعولها الأول ضمير الشأن محذوف ، والتقدير ( وما إخاله ) ومفعولها الثاني جملة (لدينا تنويل). والكوفيون يرون أنه من باب الإلغاء ، فلا حاجة إلى التأويل .
الشاهد في البيت الثاني : وجدتُ ملاكُ الشّيمِة الأدبُ .
وجه الاستشهاد : ظاهر هذا البيت أنّ الشاعر ألغى عمل (وجدت) مع أنّه متقدم يجب إعمالُه ، فقال الكوفيون : هو من باب الإلغاء ؛ لأن الإلغاء عندهم جائز مع تقدّم الناسخ ولذلك لا حاجة عندهم إلى التأويل .
وقال البصريون : هو إمّا من باب الإعمال على تقدير أنّ المفعول الأول ضمير الشأن محذوف ( أني وجدتُهُ ) والمفعول الثاني جملة (ملاكُ الشيمة الأدبُ ) وإمّا من باب التّعليق على تقدير دخول لام الابتداء على (مِلاك) والتقدير: أنّي وجدتُ لَمِلاكُ… .

( م ) س8- ظاهر قول الناظم ( وَجوَّز الإلغاء ) يفيد أن الإلغاء جائز لا واجب ، فهل هذا الحكم بالإجماع ؟
ج8- القول بأن الإلغاء جائز لا واجب هو مذهب الجمهور، وهو رأي النّاظم؛ ولهذا قال : ” وجَوَّز الإلغاءَ ” . وذهب الأخفش إلى أن الإلغاء واجب .
وذكر بعض المحققين أنّ للإلغاء ثلاثة أحكام ، هي :
1- وجوب الإلغاء ، وله موضعان :
أ- أن يكون الناسخ مصدراً متأخراً، نحو : عمرٌو مُسافرٌ ظَنَّي. فلا عمل هنا؛ لأنّ المصدر لا يعمل متأخراً .
ب- أن يتقدّم المعمول وتقترن به أداة تستوجب التصدير،نحو: لزيدٌ قائم ظننتُ.
2- امتناع الإلغاء ، وله موضع واحد ، هو : أن يكون العامل منفيا ، نحو : زيداً قائماً لم أظنّ . ولا يجوز (هنا) الإلغاء ؛ فلا تقول : زيدٌ قائمٌ لم أظنّ ؛ لئلا يُظَنّ أنّ صدر الكلام مثبت .
3- جواز الإلغاء ، والإعمال فيما عدا ما سبق .
وهذا بخلاف التَّعليق فإنه لاَزِمٌ ؛ ولهذا قال الناظم : ” والتَزِم التَّعليق ” .
س9- ما حكم التعليق ؟ وضّح بالتفصيل .
ج9- التّعليق واجب إذا فصل بين الناسخ ومفعوليه فاصلٌ مِمَّا له الصدارة ؛ لأنّ الذي له الصدارة لا يعمل فيه ما قبله ، والفاصل أنواع أشهرها ما يلي :
1- ما النافية ، نحو : ظننتُ ما زيدٌ قائمٌ ، ونحو قوله تعالى : .
2- إِنْ النافية ، نحو : علمتُ إِنْ زيدٌ قائمٌ ، ونحو قوله تعالى : ً .
3- لا النافية ، نحو : ظننتُ لا زيدٌ قائمٌ ولا عمرٌو .
4- لام الابتداء ، نحو : ظننتُ لزيدٌ قائمٌ .
5- لام القسم ، نحو : علمتُ لَيقومَنَّ زيدٌ ، ونحو قوله تعالى : قال ابن عقيل : لم يَعُدَّ لام القسم من الْمُعَلِّقَاتِ أحدٌ من النحويين .
( م ) وقد عدَّها من المعلقات جماعة من النحويين، منهم ابن مالك، وابن هشام، وأبو الحجَّاج الأعلم الشَّنْتَمَرِي . ( م )
6- الاستفهام ، وله صورٌ ثلاث :
أ- أن يكون أحد المفعولين اسم استفهام وقع مبتدأ ، نحو : علمت أيُّهُم أبوك ، أو اسم استفهام وقع خبراً ، نحو : علمتُ متى السَّفرُ ؟ وكما في قوله تعالى :
وقوله تعالى : .
ب- أن يكون المبتدأ مضافا إلى اسم استفهام ، نحو : علمتُ غلامُ أيَّهم أبوك .
ج- أن يدخل عليه حرف استفهام ، نحو : علمتُ أزيدٌ عندك أم عمرٌو ؟
ونحو : علمتُ هَلْ زيدٌ قائمٌ أم عمرٌو ؟ ونحو قوله تعالى : .
وقد يكون الفاصل اسم استفهام فَضْلة ، كما في قوله تعالى :
فاسم الاستفهام ( أي ) فضلة ليس هو أحد المفعولين وهو منصوب على أنه مفعول مطلق نُصِب بما بعده ، وليس منصوبا بما قبله ؛ لأن الاستفهام له الصدارة ، فلا يعمل فيه ما قبله .

س10- اذكر خلاف العلماء في قوله تعالى : وفي قوله تعالى : .
ج10- أمّا الآية الأولى فذهب قوم إلى : أنّها من باب التعليق ؛ وذلك بسبب الفَصْل بـ ( إِنْ ) النافية ، كما سبق بيان ذلك في إجابة السؤال السابق . وذهب آخرون إلى : أنّ هذا ليس من باب التعليق في شيء ؛ لأن شرط التعليق : أنّه إذا حُذِف المعلِّق تسلَّط العامل على ما بعده فينصب مفعولين، نحو : ظننتُ ما زيدٌ قائمٌ ، فلو حذفت المعلِّق ( ما ) لقلتَ : ظننتُ زيداً قائماً ، والآية الكريمة لا يمكن فيها حذف المعلِّق ( إِنْ ) لأنك لو حذفت ( إِنْ ) لم يتسلَّط
الناسخ ( تظنون ) على ( لبثتم ) إذْ لا يُقال : وتظنون لبثتم .
والجواب على ذلك كما ذكر ابن عقيل : أنه لا يُشترط في التعليق هذا الشرط المذكور ، وتمثيل النحويين للتعليق بهذه الآية الكريمة شاهد لعدم صحَّة هذا الاشتراط .
* وأمَّا الآية الثانية ، فذهب قوم إلى : أنّ القَسَم معلِّق للفعل عن العمل، كما سبق بيان ذلك في إجابة السؤال السابق .
وذهب سيبويه ، وجمهرة النحاة : إلى أنّ (عَلِمَ ) في هذه الآية ، وفي وغيرها من الشواهد قد خرجت عن معناها الأصلي ونُزِّلت منزلة القسم ،وعلى هذا فإنّ ما بعد ( عَلِم ) جملة لا محل لها من الإعراب ؛ لأنها جواب القسم الذي هو (علم) وحينئذ لا تحتاج إلى معمول، ولا تَتَّصِفُ بإلغاء ، ولا تعليق ، ولا إعمال . *

تعْدِيَةُ عَلِمَ وظَنَّ إلى مفعول واحد
لِعْلِـمِ عِرْفَـانٍ وَظَنِّ تُهَمَـهْ تَعْدِيَـةٌ لِوَاحِـدٍ مُلْتَزَمَـهْ

س11- إلام يُشير الناظم في هذا البيت ؟
ج11- يشير إلى أن الفعلين ( عَلِم ، وظنَّ ) يمكن تعدية كلٍّ منهما إلى مفعول واحد ؛ وذلك بشرط أن تكون عَلِمَ ، بمعنى (عَرَف) نحو : علمتُ زيداً ( أي : عرفته ) ونحو قوله تعالى :وبشرط أن تكون ظنّ ، بمعنى ( اتَّهَمَ ) نحو: ظننتُ زيدا ً(أي: اتَّهَمْتُهُ).
ومنه قوله تعالى : ( أي : بِمُتَّهَمٍ ) .

رَأَى الْحُلْمِيَّة
وَلِرَأَى الرُّؤْيـَا اُنْمِ مَا لِعَلِمَـا طَالِبَ مَفْعُولَيْنِ مِنْ قَبْلُ انْتَمَى

س12- ما المراد برأى الحلمية ؟ وكم مفعولا تنصب ؟
ج12- المراد بها : الرُّؤْيا في المنام ، وهي تنصب مفعولين ، كعَلِمَ .
وإلى هذا أشار الناظم بقوله : “ولرأي الرُّؤْيا انْم ما لعلما ” ( أي : انْسُب لرأَى التي مصدرها (الرُّؤيا) ما نُسِب لعَلِمَ المتعدية إلى مفعولين ) .
ومثال رأى الحلميّة قوله تعالى: فالمفعول الأول ، هو : ياء المتكلِّم ، وجملة ( أعصر خمراً ) في محل نصب مفعول ثانٍ .
وكما في قول الشاعر :

أَبُو حَنَشٍ يُؤَرِّقُنِـى وطَلْـقٌ وَعَمَّـارٌ وَآوِنَـةً أَثَــالاَ
أَرَاهُمْ رُفْقَـتِى حَتّى إِذَا مَـا تَجَافَى اللَّيلُ وَاْنَخَزَلَ انْخِزَالا

فالضمير ( هم ) مفعول أول لـ (أَرَى) الحلميّة ، و (رفقتى) مفعول ثانٍ لها . وبذلك يكون الشاعر قد أَجْرى (أَرَى) الحلميّة مجرى (عَلِم) فنصب مفعولين .

حكم حذف المفعولين ، أو أحدهما .
وَلاَ تُجِـزْ هُنا بِـلاَ دَليـل ِ سُقُـوطَ مَفْعُولَيْنِ أَوْ مَفْعُولِ

س13- متى يجوز حذف المفعولين ، أو حذف أحدهما ؟
ج13- لا يجوز حذف المفعولين ، أو أحدهما إلاّ إذا دلّ عليهما دليل . فمثال حذف المفعولين : هل ظننتَ زيداً قائماً ؟ فتقول : ظننتُ . فَحُذِفَ المفعولين من الجواب اختصاراً ؛ لدلالة السؤال عليهما ، والتقدير : ظننت زيداً قائماً ، ومنه قوله تعالى: ( أي: تزعمونهم شركائي ) .
ومثال حذف أحدهما : هل ظننتَ أحداً قائماً ؟ فتقول : ظننتُ زيداً . فحُذِفَ المفعول الثاني اختصاراً ؛ لدلالة ما قبله عليه ، والتقدير : ظننت زيداً قائماً .
فإن لم يدلّ دليل على الحذف لم يَجُز الحذف لا فيهما ، ولا في أحدهما ؛ فلا يقال : ظننتُ ، ولا ظننتُ زيداً ، ولا ظننت قائماً ، إذا لم يدل على المحذوف دليل .
س14- قال الشاعر :

بِـأَيِّ كِتَابٍ أَمْ بِـأَيَّةِ سُنَّـةٍ تَرَى حُبَّهُمْ عاراً عَلَىَّ وَتَحْسَبُ

وقال الآخر :
ولَقَدْ نَزَلْتِ فَـلاَ تَظُنَّى غَـيْرَه مِنِّى بِمَنْزِلةِ الْمُحِبِّ الْمُكْـرَمِ
عين الشاهد في البيتين السابقين ، وما وجه الاستشهاد فيهما ؟
ج14– الشاهد في البيت الأول : وتَحْسَبُ .
وجه الاستشهاد : حذف الشاعر مفعولي تحسبُ لدلالة ما قبلهما عليهما ، والتقدير : وتحسبُ حُبَّهم عاراً عليَّ .
الشاهد في البيت الثاني : فلا تظنِّى غيرَه .
وجه الاستشهاد: حذف الشاعر المفعول الثاني اختصاراً ، وهو معلوم من السياق ، والتقدير : فلا تظنّي غيرَه واقعاً منَّى… .

إِجْراءُ القولِ مُجْرَى الظّن
فينصب مفعولين
وَكَتَظُـنُّ اجْعَلْ تَقُولُ إِنْ وَلِـى مُسْتَفْهَماً بِـهِ وَلَمْ يَنْفَصِـلِ
بِغَيْرِ ظَرْفٍ أَوْ كَظَرْفٍ أَوْ عَمَـلْ وَإِنْ بِبَعْضِ ذِى فَصَلْتَ يُحْتَمَلْ

س15- ما محلُّ جملة القول من الإعراب ؟
ج15- إذا وقع بعد فعل القول كلمة مفردة فهي مفعول به ،نحو : أقول الحقَّ .
وإذا وقعت بعده جملة حُكِيَتْ كما هي ، وتكون في محل نصب سدّت مَسَـدّ المفعول به ، نحو : قال زيدٌ عمرٌو منطلقٌ .
س16- متى يجوز إجراء القول مُجرى الظن ؟
ج16- للعرب في جواز إجراء القول مُجرى الظن ، مذهبان :
أحدهما : جواز إجراء القول مُجرى الظن مُطلقا دون شرط ، أو قَيد . وسيأتي بيانه في البيت الآتي من الألفية .
ثانيهما : لا يجوز إجراء القول مُجرى الظن إلا بشروط . وهذا هو مذهب عامّة العرب . وهذه الشروط أربعـة ، هي :
1- أن يكون الفعل مضارعاً .
2- أن يكون للمخاطَب .
وإلى الشرطين السابقين أشار الناظم بقوله : ” اجعل تقول” . فالفعل تقول فعل مضارع ، وهو للمخاطَب .
3- أن يكون مسبوقاً باستفهام . وإليه أشار بقوله : ” إن ولى مُستفهما به ” .
4- ألاّ يُفْصَل بين الاستفهام ، والفعل إلا إذا كان الفاصل ظرفاً ، أو جاراً ومجروراً ، أو معمولاً للفعل . فإن فُصِل بأحد هذه الثلاثة لم يضرَّ . وهذا هو مراد الناظم بقوله : ” ولم ينفصل بغير ظرف ….. ” .
فمثال ما اجتمعت فيه الشروط قولك : أتقول عَمْراً مُنطلقاً ؟ فَعَمْراً : مفعول أول ، ومُنطلقا : مفعول ثانٍ ؛ لأن ( أتقول ؟ ) بمعنى : أتظنّ ؟ ويجوز رفعهما على الحكاية ، نحو : أتقول عمرٌو منطلقٌ ؟
س17- ما الحكم إذا لم يتحقق شرط من الشروط الأربعة السابقة ؟
ج17- إذا لم يتحقق شرط من الشروط الأربعة السابقة لم يَجز أن يَنْصبَ القولُ مفعولين عند عامّة العرب . فإن كان الفعل غير مضارع ، نحو : قال زيد عمرٌو مُنطلقٌ ، لم ينصب القول مفعولين ، وكذا إن كان مضارعاً لغير المخاطب ، نحو: يقول زيدٌ عمرٌو مُنطلقٌ ، وكذا إن لم يكن مسبوقاً باستفهام ، نحو : أنت تقول عمرٌو منطلقٌ ، وكذلك إن سُبق باستفهام ولكن فصل بين الاستفهام ، والفعل بغير ظرف ، ولا جار ومجرور ، ولا معمول للفعل فلا يجوز أيضاً أن ينصب القول مفعولين ، نحو : أأنت تقول زيدٌ منطلقٌ ؟ فإن فُصِل بأحد هذه الثلاثة جاز النصب ، نحـو : أعندك تقول زيداً مُنطلقاً ؟ ،
ونحو : أفي الدار تقول زيداً مُنطلقاً ؟ ونحو : أعمراً تقول مُنطلقاً ؟
فالفاصل في المثال الأول الظرف ( عندك ) والفاصل في المثال الثاني الجار والمجرور ( في الدار ) والفاصل في المثال الثالث المعمول ( عَمْراً ) وهو المفعول الأول لـ ( تقول ) .
س18- قال الشاعر :

متى تقولُ القُلُـصَ الرَّواسِمَا يَحْمِلْـنَ أُمَّ قَاسِمٍ وقَاسِمَـا

وقال الآخر :

أَجُهَّـالاً تقـولُ بَنِى لُـؤَىٍّ لَعَمْـرُ أَبِيكَ أَمْ مُتَجَـاهِلِينَـا

عيّن الشاهد في البيتين السابقين ، وما وجه الاستشهاد فيهما ؟
ج18- الشاهد في البيت الأول : متى تقول القلصَ يحملْنَ .
وجه الاستشهاد : أجرى الشاعر ( تقول ) مجرى ظَنَّ فنصب به مفعولين ، الأول : القلصَ ، والثاني : جملة يحملْنَ ، وذلك لاستيفائه الشروط .
الشاهد في البيت الثاني : أجُهّالاً تقول بني لُؤَى .
وجه الاستشهاد : أعمل الشاعر (تقول) عمل تظنّ فنصب مفعولين ، الأول : بني لؤي ، والثاني : جُهَّالا مع أنّه قد فَصَل بين الاستفهام ، والفعل بفاصل ، وهو قوله (جهالا) وهذا الفاصل لا يمنع النّصب ؛ لأنه معمول للفعل ؛ إذ هو مفعول ثانٍ له .

نصب المفعولين بفعل القول
مُطلقا ( دون شرط )
وَأُجْرِىَ القَـوْلُ كَظَنًّ مُطْلَقـاً عِنْدَ سُلَيْمٍ نَحْـوُ قُلْ ذَا مُشْفِقَا

س19- اذكر بالتفصيل مذهب العرب الذي يُجِيزُ إجراءَ القولِ مُجرى الظَّنَّ مُطلقا .
ج19- مذهب العرب الذي يُجِيز إجراء القول مجرى الظنّ مُطلقا هو مذهب
( سُلَيْم ) فهم يُجيزون في لغتهم إعمال القول عمل ظنّ دون شرط ( أي : سواء كان مضارعاً ، أم غير مضارع ، وسواء تحقّقت الشروط السابقة أم لم تتحقّق ) نحو : قُلْ ذا مُشفقا . فـ ( ذا ) مفعول أول ، ومشفقا : مفعول ثان ، وناصبهما فعل الأمر قل . ففعل الأمر (قل) نصب مفعولين مع أنّ الشروط تستلزم أن يكون مضارعاً للمخاطب ، وأن يُسبق باستفهام .
س20- قال الشاعر :

قَالَتْ وَكُنْتُ رَجُـلاً فَطِينـاً هَـذَا لَعَمْـرُ اللهِ إِسْرَائِينَـا

عيّن الشاهد في البيت السابق ، وما وجه الاستشهاد فيه ؟
ج20- الشاهد فيه : قالتْ … هذا … إسرائينا .
وجه الاستشهاد : أعمل الشاعر الفعل الماضي ( قال ) عمل ظنَّ فنصب به
مفعولين ، الأول : هذا ، والثاني : إسرائينا مع أن الفعل ليس مضارعاً ، وليس مسبوقاً باستفهام . فهذا من لغة سُلَيم الذين يجيزون نصب المفعولين بالقول مطلقا .
والذين لا يجيزون ذلك يقولون : ( هذا ) مبتدأ ، و ( إسرائينا ) مضاف إلى محذوف يقع خبراً ، والتقدير : هذا مَمْسُوخُ إسرائينا . ( إسرائينا : لغة في إسرائيل ) .


التصنيفات
اللغة العربية وعلومها

اللغة بين نطقها وكتابتها

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
وبعد
اللغة سر من الأسرار وهبها الله لخلقه وهي كما جاء في لسان العرب (و اللُّغة: اللِّسْنُ، وحَدُّها أَنها أَصوات يُعبِّر بها كل قوم عن أَغراضِهم، وهي فُعْلةٌ من لَغَوْت أَي تكلَّـمت، )
وكل مخلوق له لغته التي يعبر بها عن نفسه وقد جاء في القرآن الكريم {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً }الإسراء ولقد أنعم الله على سيدنا سليمان فعلمه لغة الطيور والحشرات والحيوانات {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ }النمل. فاللغة وسيلة للتفاهم بين الخلق وهي وسيلة للتعبير عن الفكر فاللغة وعاء الفكر ووسائل التعبير عن الذات متنوعة أرقاها اللغة المنطوقة ومن وسائل التعبير عن الذات :
1 -الإشارة ( لغة الإشارة ) وقد لجأ إليها سيدنا زكريا كما جاء في القرآن الكريم {قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّيَ آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزاً وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ }آل عمران {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيّاً }مريم
2 – الرسم ( وفق الضوابط الإسلامية ) ولقد عبر الرسول صلى الله عليه وسلم رسما كما جاء في صحيح البخاري (حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ مُنْذِرٍ عَنْ رَبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ – رضى الله عنه – قَالَ خَطَّ النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم – خَطًّا مُرَبَّعًا ، وَخَطَّ خَطًّا فِى الْوَسَطِ خَارِجًا مِنْهُ ، وَخَطَّ خُطُطًا صِغَارًا إِلَى هَذَا الَّذِى فِى الْوَسَطِ ، مِنْ جَانِبِهِ الَّذِى فِى الْوَسَطِ وَقَالَ «هَذَا الإِنْسَانُ ، وَهَذَا أَجَلُهُ مُحِيطٌ بِهِ – أَوْ قَدْ أَحَاطَ بِهِ – وَهَذَا الَّذِى هُوَ خَارِجٌ أَمَلُهُ ، وَهَذِهِ الْخُطُطُ الصِّغَارُ الأَعْرَاضُ ، فَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا نَهَشَهُ هَذَا ، وَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا نَهَشَهُ هَذَا )
ونأتي إلى أرقى وسيلة للتعبير عن الذات وهي اللغة المنطوقة وتلك اللغة سر من الأسرار فالله وحده هو من علم الإنسان كيف يبين عن نفسه قال تعالى (الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآن خَلَقَ الْإِنسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ) والله وحده هو الذي جعل اللغات تتعدد وتختلف مع أن مصدرها واحد قال تعالى {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ }فتعدد اللغات من آيات الله والسؤال الذي يطرح نفسه كيف يفهم الإنسان اللغة ؟
نظرية المثلث الدلالي ( دي سوسير)
هناك تصور لوجود صورة في ذاكرة الإنسان لكل رمز صوتي فمثلا إذا سمعت كلمة شجرة فهذه الكلمة تتحول إلى ذبذبات صوتية يترجمها المخ لتوافق الصورة الموجودة في ذاكرته فتتخيل أنت الشجرة وتتدرك المعنى وهذه الصور الموجودة في الذاكرة تزداد بازدياد خبرات الإنسان
ويحدث عدم الفهم إذا كان الرمز الصوتي مجهولا فيفشل المخ في ترجمته فيظل مبهما وذلك عند سماع لغة أجنبية .
ولعل هذه النظرية هي الأقرب فلقد جاء في القرآن {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }البقرة فالآية تدل على أن الله عز وجل أوجد المسميات كلها وعلمها لآدم ومن هنا انطبعت هذه الصور في ذاكرته .وللعلم هناك اختلافا كبيرا في تأويل الأسماء بين علماء التفسير
وللحديث بقية إن شاء الله


التصنيفات
اللغة العربية وعلومها

النحويون والمعربون

اقرأ النصوص الآتية، ثم أجب عن السؤال: ل يختلف النحويون عن المعربين؟

1- أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك – ( / 0)
في قولهم: “لو: حرف امتناع لامتناع” ما يفهم منه؛ أنها حرف يدل على امتناع الجواب لامتناع الشرط، ولا شك في أن هذا غير صحيح؛ لأن امتناع اشرط، لا يستلزم امتناع الجواب؛ فقد يستلزمه؛ أو لا يستزمه، اللهم إلا إذا لم يكن للجواب سبب غيره؛ كما أوضح المصنف.
ولعل المعربين، يقصدون بهذا التعبير الكثير الغالب؛ والصواب؛ أن يقال: إن “لو” حرف يدل على ما كان سيقع في الماضي؛ لوقوع غيره في الماضي أيضا.

2- إعراب الأربعين النووية – (1 / 29)
« ألا وإن لكل ملك حمى » : « ألا » : أداة تنبيه . « الواو » زائدة(1) للتوكيد . «إنَّ » حرف توكيد ونصب . « اللام » : حرف جر . « كل » : اسم مجرور وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر إن مقدم . « ملك » : مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة . « حمى » : اسم إن مؤخر منصوب وعلامة نصبه فتحة مقدرة منع من ظهورها التعذر .
« ألا وإن حمى الله محارمه » : « ألا وإن » : سبق إعرابها . « حمى » : اسم منصوب وعلامة نصبه فتحة مقدرة منع من ظهورها التعذر وهو مضاف . «الله» : لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة . « محارمه » : محارم خبر إن مرفوع وعلامة رفعه الضمة وهو مضاف الهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة .
__________
(1) ليس المقصود بالزائد في عرف النحويين ما لا معنى له وإنما المقصود أنها مؤكدة . لهذا نجد بعض المعربين يعرب هذه الواو مؤكدة أو صلة من غير ذكر زائدة .

3- التطبيق النحوي – ( / 0)
حدى عشرة: فاعل مبني على الفتح الجزأين في محل رفع “إحدى مبني على فتح مقدر منع من ظهوره التعذر”.
وهكذا في:
رأيت إحدى عشرة بنتا.
مررت بإحدى عشرة بنتا.
جاء اثنا عشر رجلا.
اثنا عشر: فاعل مرفوع بالألف في جزئه الألف مبني على الفتح في جزئه الثاني.
“ملحوظة: يشيع عند المعربين إعراب عشر: بدل نون المثنى مبني على الفتح لا محل له من الإعراب”.

4- الجنى الداني في حروف المعاني – ابن أم قاسم المرادي
أ- تنبيه
إذ المذكورة لازمة للظرفية، إلا أن يضاف إليها زمان، نحو: يومئذ، وحينئذ. ولا تتصرف، بغير ذلك، فلا تكون فاعلة، ولا مبتدأ. وأجاز الأخفش والزجاج، وتبعهما كثير من المعربين، أن تقع مفعولاً به. وذكروا ذلك في آيات كثيرة، كقوله تعالى ” واذكروا إذ أنتم قليل ” ف إذ في هذه الآية ونحوها مفعول به. ومن لم ير ذلك جعل المفعول محذوفاً، وإذ ظرف عامله ذلك المحذوف. والتقدير: واذكروا نعمة الله عليكم إذ، أو: واذكروا حالكم إذ، ونحو ذلك.

ب- الجنى الداني في حروف المعاني – (1 / 51)
وتأول الزجاج قوله لا البخل، فقال: لا مفعولة، والبخل بدل منها. وروى عن يونس، عن أبي عمرو، أن الرواية فيه لا البخل، بخفض اللام، لأن لا قد تتضمن جوداً، إذا قالها من أمر بمنع الحقوق والبخل عن الواجبات. وتأول قوله ألا أحبه على تقدير: إرادة ألا أحبه. قلت: وهو جار في البيت الثالث.
ومن زيادة لا قوله تعالى ” لئلا يعلم أهل الكتاب ” ، أي: يعلم. نص على ذلك الأئمة. وجعل كثير منهم لا زائدة، في قوله تعالى ” ما منعك ألا تسجد ” ، وفي قوله تعالى ” وحرام على قرية، أهلكناها، أنهم لا يرجعون ” . وتأول ذلك بعض المعربين، وهو أولى من دعوى الزيادة. والله أعلم.
ج- الجنى الداني في حروف المعاني – (1 / 52)
الثالث: بيان الجنس، نحو ” فاجتنبوا الرجس، من الأوثان ” ، ” ويلبسون ثياباً خضراً، من سندس ” . قالوا: وعلامتها ؟أن يحسن جعل الذي مكانها، لأن المعنى: فاجتنبوا الرجس، الذي هو وثن. ومجيئها لبيان الجنس مشهور، في كتب المعربين. وقال به قوم، من المتقدمين والمتأخرين، وأنكره أكثر المغاربة، وقالوا: هي في قوله تعالى من الأوثان لابتداء الغاية وانتهائها، لأن الرجس ليس هو ذاتها ف من في الآية ك من، في نحو: أخذته من التابوت. وأما قوله من سندس ففي موضع الصفة، فهي للتبعيض.

5- الكوكب الدري فيما يتخرج على الأصول النحوية من الفروع الفقهية – (1 / 40)
عليه أنه لم ينقله عن الإمام بل عن بعض أصحابه مع أنه مقطوع به في كلام الإمام نفسه نعم إذا اقتصر على قوله وقفته على أولادي بطنا بعد بطن ولم يذكر أولاد الأولاد فيحتمل أن يدخل فيه البطون كلها ويحتمل عدم دخولهم وأ يكون المراد بما هو يحدث من أولاد أولاده وسماه بطنا فإن كان حيا فيتجه الرجوع إليه مسألة
إذ ظرف للوقت الماضي من الزمان لازم للنصب على الظرفيه والإضافة إلى جملة ملفوظ بها أو مقدرة وأجاز الأخفش والزجاج نصبه على المفعولية وتبعهما أكثر المعربين وجعلوا من قوله تعالى { واذكروا إذ أنتم } وقدروا لفظ اذكروا حيث وقع
وذكر ابن مالك أنها تجيىء حرفا للتعليل ونسبه بعضهم لسيبويه وجعل منه قوله تعالى { وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم } إذا علمت

6- اللغة العربية معناها ومبناها – ( / 0)
في النص يسعى دائمًا وراء القرائن اللفظية والمعنوية والحالية ليرى أيّ المعاني المتعددة لهذا المبنى هو المقصود, ومن هنا نرى التفاضل بين المعربين للجملة الواحدة.

7- المجتبى من مشكل إعراب القرآن الكريم – (1 / 7)
5 – ينتخب العبارة السهلة المأنوسة التي تتضح لجلِّ طلبة العلم، ومن هنا بذلتُ الجهد في توضيح عبارات المعربين التي قد تحتاج في عصرنا إلى تذليل غامضها، والكشف عن مقصودها .

8- النحو الوافي – (1 / 84)
أ- زيادة وتفصيل:
“أ” الإعراب المحليّ والتقديريّ.
يتردد على ألسنة المعربين أن يقولوا فى المبنيات، وفى كثير من الجمل المحكية وغير المحكية، إنه فى محل كذا – من رفع، أونصب، أوجر، أوجزم… فما معنى أنه فى محل مُعَيَّن؟ فمثلا: يقولون فى “جاء هؤلاءِ”… إن كلمة: “هؤلاءِ” مبنية على الكسر فى محل رفع فاعل – وفى: “قرأت الصحف من قبلُ”…إن كلمة: “قبلُ” مبنية على الضم فى محل جر… وفى: “رأيت ضيفًا يبتسم”، إن الجملة المضارعية فى محل نصب صفة1… وهكذا.
ب- النحو الوافي – (4 / 493)
ومما تقدم يتبين خطأ التعبير الشائع على ألسنة المعربين وهو: “أنها حرف امتناع لامتناع”؛ يريدون: أنها حرف يدل على امتناع الجواب لامتناع الشرط. وإنما كان هذا خطأ لما قدمناه من أن امتناع الشرط لا يستلزم امتناع الجواب؛ فقد يستلزمه، أو لا يستلزمه -طبقات للبيان السالف- إلا أن كان غرضهم أن ذلك الامتناع هو الكثير الغالب.
والصواب ما ردده سيبويه من أنها: “حرف يدل على ما كان سيقع لوقوع غيره”، أي: لما كان سيقع في الماضي؛ لوقوع غيره في الماضي أيضا. وهذه العبارة صحيحة دقيقة، لا تحتاج إلى تأويل أو تقدير، أو زيادة.

9- توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك – (2 / 750)
وأما بيان الجنس، فمشهور في كتب المعربين، وقال به جماعة من المتقدمين والمتأخرين “وأنكره”1 “أكثره”2 المغاربة.
ثم قال:
وزيد في نفي وشبهه فجر … نكرة كما لباغٍ من مفر

10- حاشية الصبان – (1 / 153)
أ- فائدة: الجملة وشبهها من الظرف والجار والمجرور بعد النكرة المحضة صفتان نحو رأيت طائرًا يصيح أو فوق غصن أو على غصن وبعد المعرفة المحضة حالان نحو رأيت الهلال يضيء أو بين السحاب أو في الأفق وبعد النكرة التي كالمعرفة أو المعرفة التي كالنكرة محتملان للوصفية والحالية نحو هذا ثمر يانع يعجب الناظر أو فوق أغصانه أو على أغصانه لأن النكرة الموصوفة كالمعرفة ونحو يعجبني الزهر يفوح نشره أو فوق أغصانه أو على أغصانه لأن المعرف الجنسي كالنكرة فقول المعربين: الجمل وشبهها بعد النكرات صفات وبعد المعارف أحوال ليس على إطلاقه كذا في المغني. وأسلفنا عن الدماميني جواز كون الظرف بعد المعرفة المحضة صفة بتقدير متعلقة معرفة.

ب- حاشية الصبان – (1 / 164)
وقد عد في المعنى من الأمور التي اشتهرت بين المعربين والصواب خلافها قولهم بل حرف إضراب, قال وصوابه حرف استدراك وإضراب فإنها بعد النفي والنهي بمنزلة لكن سواء ا. هـ
ج- حاشية الصبان – (1 / 343)
قوله: “امتنع” أي: فعلان لكون النون بعد الألف مبدلة من ألف التأنيث, فكما لا ينصرف حمراء لا ينصرف سكران واستدل على الإبدال بقولهم: بهراني وصنعاني في النسب إلى بهراء وصنعاء. وأجيب بأن النون بدل من الواو والأصل بهراوي وصنعاوي وأيضًا المذكر سابق عن المؤنث لا العكس. قوله: “لكونهما زائدتين إلخ” إن أرادوا مطلق الزيادة ورد عليهم عفريت وإن أرادوا خصوص الألف والنون سألناهم عن علة الخصوصية فلا يجدون معدلًا عن التعليل بأنهما لا يقبلان الهاء فيرجعون إلى ما اعتبره البصريون كذا في المغني. لا يقال هلا اكتفى في علة المنع بالزيادة كما اكتفى بألف التأنيث؛ لأنا نقول المشبه به من كل وجه على أن في المغني أن تعليل منع صرف نحو: سكران بالوصفية والزيادة اشتهر بين المعربين مع أنه مذهب الكوفيين, أما البصريون فمذهبهم أن المانع الزيادة المشبهة لألفي التأنيث؛ ولهذا قال الجرجاني: ينبغي أن تعد موانع الصرف لا تسعة.

11- شرح (قطر الندى وبل الصدى) لابن هشام – (1 / 2)
نأتي لمسألة تتعلق بهذه الأحرف الناسخة وهذه الأحرف: “إن، أن، وليت، ولكن، ولعل، وكأن”، تأتي هذه الأحرف أحيانا ومعها “ما”، نقول فيها “إنما، وأنما، وليتما، وكأنما، ولكنما، ولعلما”، يسمون هذه الـ”ما”، “ما” هذه المتصلة بالحرف الناسخ يسمونها “ما” الحرفية، ويسمونها أحيانا بالكافة، فإذا جاءت “إنما” يعربها بعض المعربين يقول: “كافة ومكفوفة” ويقصد مكفوفة وكافة؛ لأن “إن” مكفوفة عن العمل “وما” كفتها عن العمل فحصل فيه نوع من التعريف غير المرتب، يكون كافة ومكفوفة، كافة لـ “ما”، والمكفوفة لـ “إن”.

12- شرح قطر الندى – (1 / 57)
رفع الفعل المضارع
ص فصل يرفع المضارع خاليا من ناصب وجازم نحو يقوم زيد ش أجمع النحويون على أن الفعل المضارع إذا تجرد من الناصب والجازم كان مرفوعا كقولك يقوم زيد ويقعد عمرو وإنما اختلفوا في تحقيق الرافع له ما هو فقال الفراء وأصحابه رافعه نفس تجرده من الناصب والجازم وقال الكسائي حروف المضارعة وقال ثعلب مضارعته للاسم وقال البصريون حلوله محل الاسم قالوا ولهذا إذا دخل عليه نحو أن ولن ولم ولما امتنع رفعه لان الاسم لا يقع بعدها فليس حينئذ حالا محل الاسم وأصح الأقوال الأول وهو الذي يجري على ألسنة المعربين يقولون مرفوع لتجرده من الناصب والجازم ويفسد قول الكسائي أن جزء الشيء لا يعمل فيه وقول ثعلب أن المضارعة إنما اقتضت إعرابه من حيث الجملة ثم يحتاج كل نوع من أنواع الإعراب إلى عامل يقتضيه ثم يلزم على المذهبين أن يكون المضارع مرفوعا دائما ولا قائل به ويرد قول البصريين ارتفاعه في نحو هلا يقوم لان الاسم لا يقع بعد حروف التحضيض

13- مغني اللبيب – (1 / 12)
بسم الله الرحمن الرحيم
قال سيدنا ومولانا الشيخ الإمام العالم العلامة جمال الدين رحلة الطالبين أبو محمد عبد الله بن يوسف بن هشام الأنصاري قدس الله روحه ونور ضريحه
أما بعد حمد الله على إفضاله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله فإن أولى ما تقترحه القرائح وأعلى ما تجنح إلى تحصيله الجوانح ما يتيسر به فهم كتاب الله المنزل ويتضح به معنى حديث نبيه المرسل فإنهما الوسيلة إلى السعادة الأبدية والذريعة إلى تحصيل المصالح الدينية والدنيوية وأصل ذلك علم الإعراب الهادي إلى صوب الصواب وقد كنت في عام تسعة وأربعين وسبعمئة أنشأت بمكة زادها الله شرفا كتابا في ذلك منورا من أرجاء قواعده كل حالك ثم إنني أصبت به وبغيره في منصرفي إلى مصر ولما من الله تعالى علي في عام ستة وخمسين بمعاودة حرم الله والمجاورة في خير بلاد الله شمرت عن ساعد الاجتهاد ثانيا واستأنفت العمل لا كسلا ولا متوانيا ووضعت هذا التصنيف على أحسن إحكام وترصيف وتتبعت فيه مقفلات مسائل الإعراب فافتتحتها ومعضلات يستشكلها الطلاب فأوضحتها ونقحتها وأغلاطا وقعت لجماعة من المعربين وغيرهم فنبهت عليها وأصلحتها.

14- مغني اللبيب – (1 / 184)
حرف السين المهملة
السين المفردة حرف يختص بالمضارع ويخلصه للاستقبال وينزل منه منزلة الجزء ولهذا لم يعمل فيه مع اختصاصه به وليس مقتطعا من سوف خلافا للكوفيين ولا مدة الاستقبال معه أضيق منها مع سوف خلافا للبصريين ومعنى قول المعربين فيها حرف تنفيس حرف توسيع وذلك أنها تقلب المضارع من الزمن الضيق وهو الحال إلى الزمن الواسع وهو الاستقبال وأوضح من عبارتهم قول الزمخشري وغيره حرف استقبال وزعم بعضهم أنها قد تأتي للاستمرار لا للاستقبال ذكر ذلك في قوله تعالى ( ستجدون آخرين ) الآية واستدل عليه بقوله تعالى ( سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم ) مدعيا أن ذلك إنما نزل بعد قولهم ( ما ولاهم ) قال فجاءت السين إعلاما بالاستمرار لا بالاستقبال انتهى.


التصنيفات
اللغة العربية وعلومها

في رحاب اللغة العربية

اللغة نظام، ولكل نظام قواعد تحكم بنية مفرداته، وتضبط العلاقات بين مفرداته الصغرى حين تؤلف وحدات (جمل وتراكيب وفقرات). والالتزام بقواعد اللغة في الكتابة ييسر التواصل، كما أن مخالفة قواعد اللغة تسبب حيرة للقارئ، وقد تغير المعنى، وتفسد الأفكار التي تعبر عنها. ولذا عليك أن تلتزم بقواعد اللغة في كتابتك. ونقدم لك هنا بعض الإرشادات الموجزة كي تفيد منها في كتابتك.
قواعد اللغة العربية تقوم على الإعراب الذي يبين مواقع الكلمات في جملها تبعًا للمعنى الذي تمثله في تركيبها. فليس من حق الكاتب أو القارئ أن يرفع المنصوب، أو يجر المرفوع. فالمثال: كَلّفَ الرجلان المهندسَيْنِ بإحضار خريطة المبنى، يوضح أن الذي قام بالتكليف هما الرجلان، وقد طلبا من المهندسيْن إحضار خريطة المبنى. وجاء هذا الفهم من كون (الرجلان) فاعل (والمهندسيْن) مفعول به، وقد جاء الفاعل مرفوعًا بالألف لأنه مثنى (الرجلان)، وجاء المفعول به منصوبًا بالياء لأنه مثنى أيضًا. فإن أخطأ الكاتب في علامات إعراب هذه العبارة، مثل: كَلَّفَ الرجلين المهندسان بإحضار خريطة المبنى، فقد انعكس المعنى، إذ أضحى الفاعل مفعولاً والمفعول فاعلاً، وهو أمر لا يمثل الحقيقة الواقعة. ولتجنب مثل هذه الأخطاء التي تصاحب الاستخدام اللغوي، على الكاتب أن يلتزم قواعد اللغة في كتابته أو تعبيره، وأساس تلك القواعد الإعراب.
الإعراب تغيير يلحق أواخر الكلمة المعربة دلالةً على موقعها الإعرابي وما تمثله في المعنى الكلي لجملتها التي تكون فيها. وللإعراب أنواع أربعة: الرفع والنصب والجر والجزم.
○ الرفع
علامته الأصلية الضمة، وتكون في الاسم المفرد، مثل: الكاتبُ بارعٌ. وفي جمع التكسير، مثل: العلماءُ ورثةُ الأنبياء. وفي جمع المؤنث السالم، مثل: الطبيباتُ يعطفن على الصغار. وفي الفعل المضارع، مثل: الصاروخ ينطلقُ بعد ساعة.
وتنوب عن الضمة علامات فرعية: الألف وتكون في المثنى مثل: جهازا الحاسب جديدان. والواو وتكون في الأسماء الخمسة، مثل: أخوك ذو خلق وعلم. وتكون في جمع المذكر السالم، مثل: المسافرون منتظرون في الميناء. وثبوت النون، ويكون في الأفعال الخمسة، مثل: الطائرتان تخترقان أجواء العدو.

○ النصب
علامته الأصلية الفتحة، وتكون في الاسم المفرد والفعل المضارع، مثل: إن السفينَة لن تبحرَ مادام البحر هائجًا، وفي جمع التكسير، مثل: إن الجنودَ مصممون على الانتصار.
وتنوب عن الفتحة علامات فرعية: الكسرة، وتكون في جمع المؤنث السالم، مثل: «إن الحسناتِ يذهبن السيئاتِ» هود:11. والألف، وتكون في الأسماء الخمسة، مثل: كافأتْ الأسرة أخاك لفوزه. والياء، وتكون في المثنى، مثل: «وهديناه النجدين» البلد: 10. وفي جمع المذكر السالم، مثل: أكرمتْ الدولة المؤتمرينَ. وحذف النون يكون في الأفعال الخمسة، مثل: الفريقان لن يتباريا قبل الموعد المحدد.

○ الجر
علامته الأصلية الكسرة، وتكون في الاسم المفرد، مثل: سررت بالسيارةِ الجديدةِ. وفي جمع التكسير، مثل: الآباء مسؤولون عن أبنائهم.
وتنوب عن الكسرة علامتان فرعيتان: الفتحة، وتكون في الاسم الممنوع من الصرف، مثل: صليت في مساجدَ متعددةٍ. والياء وتكون في المثنى، مثل: مررت عبر طريقينِ مزدحمينِ. وفي جمع المذكر السالم، مثل: بدا التجهم على وجوه المشاهدينَ. وفي الأسماء الخمسة مثل: بكمْ أصلحت سيارةَ أخيك؟.

○ الجزم
علامته الأصلية السكون، وتكون في الفعل المضارع مثل: لا تهملْ عمل يومك. وتنوب عن السكون علامتان فرعيتان، حذف حرف العلة، ويكون في كل فعل مضارع معتل الآخر، مثل: لا تنه عن خلق وتأتي مثله. وحذف النون، ويكون في الأفعال الخمسة، مثل: «إن تنصروا الله ينصركم» محمد: 7.
وليست كل كلمات اللغة تحتمل العلامات الإعرابية الظاهرة، وإنما في اللغة كلمات لا تحتمل العلامة لبنائها مثل: أنتَ مهذب. انظر: الإعراب (المبني). ومن كلمات اللغة ما لا يحتمل العلامة الإعرابية لثقل، ويكون في الاسم المنقوص، مثل: يفصل القاضي في القضية المعروضة عليه. وفي المضارع المعتل بالياء، مثل: يعي المنصت الحديث، وفي المضارع المعتل بالواو مثل: يدعو المدير لاجتماع طارئ. أو تعذر، ويكون في الاسم المقصور مثل: المستشفى تستقبل المرضى باستمرار. وفي المضارع المعتل بالألف مثل: يسعى المصطاف للراحة. أو اشتغال محلها بعلامة أخرى، ويكون في المضاف لياء المتكلم مثل: انكسر قلمي. وفي الأعلام المحكية مثل: أنشدنا تأبط شرًا قصيدة عصماء. وفي المسبوق بحرف جر زائد مثل: ليس المريض بخائف من الجراحة. انظر: الإعراب (التقدير).
وبجانب الإعراب هناك قواعد أساسية أخرى يكثر دورانها في الكتابة والحديث يحسن بالكاتب أن يلمّ بها.

○ المطابقة
اشتراك لفظين في بعض السمات. فالمطابقة تكون في كلمات لا يتمثل فيها الإعراب أصالة، وإنما تطابق كلمات أخرى ذات موقع إعرابي في الجملة.
والمطابقة قد تكون في أمر واحد كالمطابقة في الإعراب، كمطابقة المعطوف للمعطوف عليه، مثل: في الشهر القمري تسعةٌ وعشرون يومًا أو ثلاثون. ومطابقة البدل للمبدل منه مثل: أكل الطفل التفاحة َنصفَها. ومطابقة التوكيد للمؤكد مثل: أقبل الأميرُ نفسُهُ.
والمطابقة قد تكون في أكثر من أمر، كمطابقة الصفة لموصوفها في الإعراب والنوع والعدد، مثل: الخطان المتوازيان لا يلتقيان، فوقع التطابق بين (الخطان، والمتوازيان) فتطابقا في الرفع والتذكير والتثنية.
وقد تكون المطابقة في أمرين: العدد والنوع. كمطابقة الخبر للمبتدأ، مثل: النخلة مثمرة. فالخبر (مثمرة) مفرد لإفراد المبتدأ (النخلة)، ومؤنث لتأنيثه، ومثل: صار المسلمون متحِدينَ. فلا يصح أن تخبر بهذا الخبر عن مفرد أو مثنى، فليس من سلامة اللغة: المسافران متحدون، ولا العكس.
ومن المطابقة في أمرين كذلك مطابقة الحال لصاحبها في النوع والعدد، مثل: وصل الفارس راكبًا. فلا تصح العبارة إن زالت المطابقة: وصل الفارس راكبة (أو راكبين).
ومن أكثر القواعد في الاستخدام اللغوي مطابقة الضمير للاسم الذي يعود عليه، مثل: الرائدان عادا من الفضاء. فلا يجوز في هذه الجملة: الرائدان عاد من الفضاء، أو الرائدان عادوا من الفضاء.
وتبدو المطابقة أكثر وضوحًا في مطابقة الفعل لفاعله من حيث النوع مثل: الرجل سار، فلا يصح: الرجل سارت.
ومراعاة المطابقة وعدمها تكثر في استخدام العدد. فالعددان (1، 2) يطابقان معدودهما مطلقًا، أفردا أو ركبًا أو عطف عليهما، مثل: رأيت سيارة واحدة، ومثل: رأيت أحد عشر كوكبًا. وفي القاعة اثنتان وعشرون نافذة.
أما الأعداد (3-9) فتخالف معدودها، أفردت أو ركبت مع العشرات أو عطف عليها، مثل: في المعرض ثلاثةُ موظفين وثلاث ُعشرة سيارة، وخمسةُ وعشرون زائرًا. والعدد (10) يخالف معدوده ويطابقه، فإن أفرد خالفه وعومل معاملة الأعداد (3-9)، مثل غرست عشرَ نخلات، أما إن ركّب مع الآحاد، فيطابق معدوده مثل: في الكلية اثنتا عشرة قاعة. ومثل: يدير المحل التجاري أربعة عشر موظفًا.
الأعداد (20، 30، 40 – 90) و (100 و1000 ومضاعفاتهما) لا تتأثر بالمطابقة أو عدمها، فهي على صورتها مع معدودها إن كان مذكرًا أو مؤنثًا، مثل: اشتركت في المعركة خمسون دبابة يقودها خمسون جنديًا، ومثل: اشترك في المؤتمر مائة عالم يناقشون مائة مسألة.
هذه أشهر قواعد اللغة في الاستخدام، وإلمام الكاتب بها يساعده كثيرًا في كتابته ومحادثته.

☼ قواعد الإملاء ☼

احرص دائمًا على أن تكون كتابتك مطابقة لقواعد الإملاء؛ فالخطأ الإملائي يفسد المعنى، ويشوه التواصل المكتوب. ونقدم لك هنا أمثلة للرسم الإملائي الصحيح لبعض ما يكثر الخطأ فيه.

○ الهمزة
حرف يقبل الحركات: أَخ، أُخت، إِخوة، وتختلف عن الألف التي تكون دائمًا ساكنة: حاور، خالد. ويختلف رسم الهمزة على الوجه التالي.
أولاً: في أول الكلمة

فرِّق بين همزة الوصل وهمزة القطع في أول الكلمة:

أ- همزة الوصل، تنطق في أول الكلمة ولكنها لا تكتب في مثل ما يلي:
◙ اسمَع، اشكُر (فعل الأمر الثلاثي)
◙ انطَلَق، انطلِق، انطِلاق- استفْهَم، استفهِمْ، استفهام (في الفعل الماضي الخماسي والسداسي، وفعل أمرهما ومصدرهما).
◙ اسم، ابن، ابنة، اسمان، ابنان، ابنتان، اثنان، اثنتان، امرأة، امرؤ (لا تكتب الهمزة في هذه الأسماء)
ب- همزة القطع، تنطق وتكتب دائمًا في مثل الأمثلة التالية:
◙ أَسِف، أسفًا (ماضي الفعل الثلاثي ومصدره)
◙ أحسن، أَحسنْ، إحسان (ماضي الرباعي، وأمره، ومصدره)
◙ أَحمد، أُسامة. إسلام (في كل الأسماء التي ليست مبدوءة بهمزة وصل).
ثانيًا: في وسط الكلام
القاعدة أن الهمزة تكتب تبعًا لقوة حركتها وحركة الحرف الذي قبلها. وأقوى الحركات الكسرة، ويناسبها رسم الهمزة على ياء أو نبرة: بِئر، سُئِل، هُيِّئت. ثم يليها الضمة ويناسبها الواو مثل سؤال ويؤول ثم يليهما الفتحة ويناسبها الألف مثل سأل ويألم… إلخ. وهناك حالات تشذ عن هذه القاعدة وهي:
1- إذا كانت الهمزة في وسط الكلام مفتوحة وقبلها ياء ساكنة كتبت على ياء مثل: سيْئت وهيئة وشيئًا.
2- إذا كانت الهمزة مفتوحة وقبلها ألف كتبت منفردة مثل: إساءة وعباءة وقراءة وواءم وساءل … إلخ.
3- إذا كانت الهمزة مسبوقة بواو ساكنة أو مفتوحة مشددة كُتبت منفردة مثل: سموْءَل وتبوّءَ… إلخ.
4. كلمة مِائة، اصطُلِحَ على زيادة الألف فيها فرقًا بينها وبين كلمات مثل: (منه وفيه وفئة)، وذلك حين كان الخط باليد، وهي الآن جائزة بالوجهين: (مئة) على القاعدة، و (مائة) على الاصطلاح.
ثالثًا: في آخر الكلام
ترسم الهمزة تبعًا لما يناسب الحرف الذي قبلها: نبَأ، تباطؤ، بَرِئ. وثمة حالات لاتخضع لهذه القاعدة:

بَدْء، بُطْء، مِلء تكتب منفردة على السطر إذا كان ما قبلها حرفًا ساكنًا.

عِبْئًا، جرِيئًا تكتب على نبرة إذا كانت منونة بالنصب وقبلها حرف يمكن وصله بها.

بَدْءًا، جزءًا تكتب منفردة على السطر إذا كانت منونة بالنصب وقبلها حرف لا يمكن وصله بها.

ماء، هواء تكتب منفردة على السطر بدون ألف بعدها إذا كان قبلها ألف.

○ فصل الحروف ووصلها

هناك حروف تتصل بغيرها في مواضع معينة، وتنفصل عنها في مواضع أخرى: ممَّن، عمَّن في مثل ما يلي:

استفدت مِمَّن علموني. اُدغمت نون (مِنْ) في ميم (مَنْ) الموصولة.

مِمَّن تشتر أشتر. اُدغمت نون (مِنْ) في ميم (مَنْ) الشرطية.

عمَّن تدافع؟ أُدغمت نون (عَن) في ميم (مَن) الاستفهامية.

فيمَن تضع ثقتك؟ اوصل حرف الجر (في) بـ (مَنْ) الاستفهامية.

عمًَّا حدثتك عمَّا سمعت منه. أدغمت نون (عن) الجارة في (ما) الموصولة.

علام: عَلام هذه الضجة؟ اوصل حرف الجر (على) بـ (ما) الاستفهامية وحذفت ألف ما.

إلام: إلام الخلف بينكموا إلام؟ اوصل حرف الجر (إلى) بـ (ما) الاستفهامية وحذفت ألف ما.

حتّام: حتَّام انتظرك؟ اوصل حرف الجر (حتى) بـ (ما) الاستفهامية وحذفت ألف ما.

كلّما: كلّما قرأت في الموسوعة العربية العالمية زادت معرفتي. اتصلت (كل) المنصوبة على الظرفية بـ (ما)

كلُ ما: كل ما قلت يحتاج إلى مراجعة (كل) ليست ظرفًا منصوبًا فتفصل عن ما.

إلاَّ: إلا تنصروه فقد نصره الله. (إن) الشرطية دخلت على (لا) النافية واُدغمت النون في لام (لا).

ألاَّ: أود ألاَّ تتأخر. وقعت (لا) النافية بعد (أن) الناصبة للفعل فاُدغمت النون باللام.

أَنْ لا: أشهد أن لا إله إلا الله. إذا دخلت (أن) المخففة على (لا) النافية وتلاهما اسم، يكتبان منفصلتين.

لئلا: اعملوا لِئلا تندموا. دخلت اللام على (أن) الناصبة وتلتهما (لا) النافية فاتصلت الحروف في كلمة واحدة: لئلا

لَئن: لئن شكرتم لأزيدنكم. إذا سبقت اللام الموطِّئة للقَسَم (إنْ) الشرطية توصل بها وتكتب الهمزة على ياء.

حينئذ: أنجِز عملك، وحينئذٍ تكون أديِتَ واجبك. إذا دخل اسم الزمان (حين) على (إذ) المنونة كتبا متصلين ومثل (حين) ساعة، وقت، عند.

○ التاء المربوطة والمبسوطة (المفتوحة)

التاء المربوطة هي التي يصح الوقوف عليها نطقًا بالهاء: جامعة، موسوعة، فريدة، دُعاة، كَتبة. وإذا اتصلت تاء التأنيث المربوطة بالضمير تكتب مبسوطة: جامعتنا، دُعاتهم.

أما التاء المبسوطة فهي التي يصح الوقوف عليها في النطق ساكنة: بنت، لغات، موسوعات. وهي كذلك تاء التأنيث التي تلحق الفعل الماضي: كتبتْ، قامتْ. وهي أيضًا تاء الفاعل (تاء المتكلم وتاء المخاطب، وتاء المخاطبة) إذا أسند إليها الفعل الماضي: عَلِمتُ، علمتَ، علمتِ.

○ الألف المتطرفة:

في الأفعال:

أ- دعا، سعى في الأفعال الثلاثية: تكتب ألفًا إذا كان أصلها الواو: دعا (دعوت)، وياء بدون نقطتين (ألفًا مقصورة) إذا كان أصلها الياء: سعى (سعيت).

ب- أعطى، استوى (تكتب ياء في الأفعال غير الثلاثية دائمًا إلا إذا سبقتها ياء فتكتب ألفًا: استحيا.

في الأسماء:

تكتب في الأسماء الثلاثية ألفًا إن كان أصلها الواو: عصا عصوان، وياء إن كان أصلها الياء: فتى فتيان.

فإن زادت حروف الاسم عن ثلاثة تكتب الألف ياء: مصطفى، مرتجى، منتهى كما تكتب ألفًا في كل الأسماء الأجنبية: ألمانيا، هولندا، بلجيكا.

اسمه يحيى، يحيا العدل الاجتماعي (تكتب في الأسماء ياء «يحيى» للتفريق بينه وبين الفعل «يحيا»).

○ حذف الحروف وزيادتها

في بسم الله الرحمن الرحيم تحذف الألف من كلمة اسم في البسملة فقط، وتبقى فيما عداها: باسم الشعب

هذا، هذه، لكن، هؤلاء. تحذف الألف بعد الحرف الأول في كل كلمة من هذه الكلمات.

وتحذف الألف في بعض الكلمات الأخرى المتعارف عليها مثل: الرحمن، السموات.

محمد بن عبدالله، (تحذف الألف من كلمة ابن إذا وقعت بين اسمين، وتبقى الألف إن جاءت في أول السطر.

كتبوا، اكتبوا، لم يكتبوا: تزاد ألف بعد واو الجماعة في الماضي والمضارع والأمر للتفريق بينها وبين واو جمع المذكر السالم المضاف: مدرسو التعليم الثانوي، وبين الواو التي هي جزء في بنية الكلمة: يدعو، أرجو.

عمرو بن العاص زيدت واو في عمرو.

☼ علامات الترقيم ☼

التزم في كتابتك بعلامات الترقيم؛ لتساعد من يقرأ كتابتك على الفهم. ونقدم لك هنا علامات الترقيم، والمواضع الصحيحة لاستخدامها.

1- النقطة (.)

توضع بعد الجملة كاملة المعنى: لكل مقال عنوان.

2- الفاصلة (،)

توضع بين الجمل التي يتألف منها كلام مفيد: الكاتب الجيد يضع خطة لموضوعه، ويقرأ عنه في مصادر مختلفة. كما تكتب بين أقسام الشيء: عناصر الموضوع هي: المقدمة، والمتن، والخاتمة.

3- الفاصلة المنقوطة (؛)

توضع لتدل على ارتباط الجملة التي بعدها بالجملة التي قبلها: لا يهمني كم العمل الذي أنجزته؛ بل يهمني حجم العمل ونوعه معًا. وتوضع بين كل جملتين تكون إحداهما سببًا للأخرى: كتابتك جيدة؛ فقد التزمت بقواعد النحو والإملاء.

4- النقطتان (تعليم_الجزائر

توضعان بين المجمل وتفاصيله أو أقسامه: يتكون التعليم قبل الجامعي من ثلاث مراحل: الابتدائي والمتوسط (الإعدادي) والثانوي. كما توضع بعد القول. قلت له: اذهب إلى المكتبة، وراجع الفهرس.

5- علامة الاستفهام (؟)

توضع بعد الجمل الاستفهامية: كم عمر أخيك؟ متى يزورنا؟

6- علامة التعجب (!)

توضع بعد الجمل التي تعبر عن الفرح أو الحزن أو التعجب أو الدهشة: ما أجمل لقاء الأصدقاء! وما أبشع جريمة قتل الناس!

7- علامة التنصيص (« »)

توضع لتدل على كلام اقتبس بنصه: قال عمر ابن الخطاب رضي الله عنه «البينة على من ادعى واليمين على من أنكر».

8- القوسان ( )

يوضعان للدلالة على عبارة تفصيلية: التواصل اللفظي (الشفوي والكتابي) من أهم خصائص الإنسان.

9- الشرطة (-)

توضع بعد الأرقام: علامات الترقيم المذكورة في الموسوعة العربية العالمية اثنتا عشرة: 1- النقطة 2- الفاصلة 3- الفاصلة المنقوطة وهكذا. كما توضع بين ركني الجملة إذا طال الركن الأول: إن الكاتب الذي يؤمن بأهمية التواصل في حياة البشر- يجب أن يكون أمينًا في عرض المعلومات.

10- الشرطتان (- -)

توضعان للدلالة على أن الجملة التي بينهما معترضة: علينا- نحن العرب- أن نقوم بجهود مشتركة في كل مجالات الحياة.

11- ثلاث نقاط (…)

توضع للدلالة على أن في الكلام جزءًا محذوفًا لأنه سبقت الإشارة إليه، أو لأنه غير مهم في سياق ما يكتب عنه، أو لأن القارئ يدركه بالبداهة.

12- المعقوفان ( [ ] )

ويشيران إلى أن ما بينهما إضافة من عند الكاتب إلى نص مقتبس حرفيًا، أو للدلالة على وجود خطأ ما فيما وضع بينهما.

نأمل أن يكون هذا المرشد العملي، بأجزائه الأربعة (دليل مهارات الكتابة، ودليل مهارات الحديث، ودليل مهارات البحث، وقواعد لغوية)، محققًا لأغراضه، والله ولي التوفيق.