إخواني اترجاكم من عنده بحث حول الكنزية و النيوكنزية يساعدني في البحث فانا بامس الحاجة اليه و يوم الاحد سألقيه
اترجاكم اخواني
وشكرا
البحوث الاقتصادية
اترجاكم اخواني
وشكرا
المـحــور الـنـظــري
الإتحاد الأوروبي
أولاً: نشأة الجماعة الإقتصادية الأوروبية
في سنة 1944 تكون اتحاد جمركي بين بلجيكا, هولندا, و لكسمبورغ و التي تسمى بدول البينيلوكس و كانت تهدف هذه الدول إلى اتحاد اقتصادي كامل, و في 18-04-1951 تكونت المجموعة الأوروبية للفحم و الصلب مع فرنسا, ألمانيا الغربية و إيطاليا هدفها هو تنمية إنتاج الفحم و الحديد و صناعات الصلب, و يعتبر نجاحا حافزا لإبرام معاهدة روما في 25-03-1957 التي أصبحت سارية المفعول منذ 01-01-1958. لقد انتقلت الجماعة الأوروبية من 6 دول إلى 9دول ثم إلى 12دولة, و في 01-01-1995 أنظمت كل من النمسا, فيلندا و السويد و بالتالي أصبح الإتحاد يضم 15 دولة و هي: بلجيكا, النمسا, لكسمبورغ, فرنسا, ألمانيا, إيطاليا, بريطانيا, الدنيمارك, ايرلندا, النمسا, فلندا, النمسا, السويد, اسبانيا, البرتغال, و اليونان, يسهر على تنظيم و تسيير عمل الإتحاد الأوروبي خمس هيئات و هي كالتالي:
1- اللجنة الأوروبية: تهتم بالشؤون الإجتماعية و الزراعية و الصناعية و لتعليم, و هي مسئولة على عملها أمام البرلمان الأوروبي.
2- المجلس الأعلى: يهتم بجميع المشاكل الطارئة التي تحدث لدول المجموعة.
3- محكمة العدل الأوروبية: تهتم بدراسة المشاكل القانونية و الشكاوي المتعلقة بدول المجموعة.
4- المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان: تهتم بالدفاع عن المواطنين داخل المجموعة فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان و الحريات الفردية.
5- البرلمان الأوروبي: يعتبر هذا البرلمان أكبر هيئة في المجموعة و أهمها, و يعمل على معالجة الشؤون الأوروبية التي تطرح عليه و له صلاحيات اتخاذ القرار.
ثانيا: النظام النقدي الأوروبي:
يعد الإتحاد النقدي اللاتيني الذي أنشأ سنة 1865 أول محاولة لدعم التعاون النقدي الأوروبي, و لقد كان الهدف من إنشائه هو إصلاح النظام المعدني, أما التعاون النقدي الأوروبي بشكله الحالي فقد ظهر بعد الحرب العالمية الثانية, حيث ظهر الإتحاد الأوروبي للمدفوعات سنة 1950 الذي أنهيت مهامه سنة 1958 ليحل محل الإتفاق النقدي الأوروبي.
إن حاجة الإتحاد إلى وجود وحدة تقييم بين الدول الأعضاء قام بإنشاء وحدة الحسابات الأوروبية سنة 1957 و عند إنشاء النظام النقدي الأوروبي تم تسميتها وحدة النقد الأوروبية, و هي عبارة عن متوسط مرجح لعملات الدول الأعضاء في النظام حيث حدد لكل عملة وزن نسبي, و لقد حددت معاهدة ماستريخت 1991 بعض المعايير الإقتصادية التي تمثل شروط الانضمام للعملة الأوروبية الموحدة و هي:
1- ألا يزيد معدل التضخم المحلي عن 1.5% فوق متوسط معدلات التضخم في أقل من ثلاث دول انخفاضا في معدل التضخم.
2- ألا يزيد العجز في الميزانية العامة من إجمالي الناتج المحلي عن 3% بحيث لا يزيد الدين الحكومي الكلي عن 60% من إجمالي الناتج المحلي.
3- لا يزيد سعر الفائدة الطويلة الأجل عن نقطتين فوق المتوسط أسعار الفائدة في البلدان التي تحقق أدنى معدل تضخم.
4- ألا يزيد معدل الإنخفاض في القيمة الخارجية للعملة الوطنية عن 2.25% فوق متوسط النظام النقدي الأوروبي خلال السنتين السابقتين على الانضمام للعملة الموحدة, لكن الملاحظة أنه في سنة 1991 لم تتوفر هذه الشروط سوى في دولتين هما فرنسا و لكسمبورغ, بينما وصل العجز في الميزانية في ألمانيا إلى 5% من الناتج المحلي و 10% في إيطاليا.
و في ماي 1995 قام الإتحاد الأوروبي بوضع ترتيبان عملية تساعد على تنفيذ بنود اتفاقية ماستريخت تمهيدا لإصدار الوحدة النقدية الأوروبية و هذه الترتيبات وضعت خطة من ثلاث مراحل من أجل الوصول إلى الهدف المرجو:
أ- المرحلة الأولى تبدأ هذه المرحلة من سنة 1998 و هي تقوم على إنشاء لائحة للبلدان المؤهلة للدخول في المرحلة الثالثة وفقاً لمراحل اتفاقية ماستريخت.
ب– المرحلة الثانية تبدأ من 01-01-1999 و تنتهي بإنشاء اليورو في عملة ورقية و معدنية, و ذلك في جانفي 2022 و بالتالي الاختفاء التدريجي ل ECU .
ج- المرحلة الثالثة: و يبدأ مع بداية عام 2022 و ذلك بتعميم استخدام الأوراق حيث يتم خلال ستة أشهر سحب جميع العملات الورقية و المعدنية الوطنية.
ثالثا: المشروع الأورو متوسطي
إن التعاون بين الإتحاد الأوروبي و الدول المتوسطية بدأ منذ بداية السبعينات, و لقد أعيد صياغة السياسة المتوسطية للإتحاد الأوروبي في سنة 1990, و في سنة 1995 قرر الإتحاد الأوروبي عقد مؤتمر للتعاون بين الدول المتوسطية و يأمل من هذا المؤتمر قيام شراكة فيما بين الكتلتين, عقد هذ1ا المؤتمر في 27و28-11-1995 ببرشلونة, و خلال سنة 1996 شهدت مالطا مؤتمرين متوسطين رسميين لمتابعة تنفيذ قرارات مؤتمر برشلونة و كانت المياه محور أساسيا في المؤتمرين, و تهدف الشراكة الأورو متوسطية إلى إنشاء فضاء شراكة أورو متوسطي يقوم على آليات أربع هي:
– إنشاء منطقة تبادل حرة نهاية سنة 2022.
– دعم التعاون المالي.
– تعميق التعاون الإجتماعي و الإقتصادي و العلمي.
– إجراء حوار سياسي بين الأطراف المعنية.
رابعاً: الهيكل التنظيمي للأورو
تم إنشاء البنك المركزي الأوروبي في شهر جويلية من العام 1998 ليحل محل مؤسسة النقد الأوروبية, التي قامت بالعمل التحضيري جنبا إلى جنب مع النظام الأوروبي للبنوك المركزية الذي يشمل على البنك المركزي الأوروبي و البنوك المركزية الوطنية الخمسة عشر للبلدان الأعضاء في الإتحاد الأوروبي, و نظام الأورو توجهه اثنان من هيئات اتخاذ القرار في البنك المركزي الأوروبي هما: المجلس التنفيذي و مجلس المحافظين.
و تتمثل المهمة الرئيسية للمجلس التنفيذي الذي يتكون من رئيس و نائب رئيس البنك المركزي الأوروبي, و أربعة أعضاء آخرين في تنفيذ السياسة النقدية وفقا للتوجيهات و القرارات التي ينفذها مجلس المحافظين, عن طريق إعطاء التعليمات للبنوك المركزية الوطنية, و بالإضافة إلى ذلك فهو المسؤول عن إعداد السياسة النقدية الموحدة و تحديد التوجيهات الخاصة بتنفيذها, المجلس التنفيذي و محافظي البنوك المركزية الوطنية للبلدان الإحدى عشر بمنطقة الأورو, و لكل عضو صوت واحد.
و يمكن أن يشترك رئيس مجلس الإتحاد الأوروبي و عضو من اللجنة الأوروبية في الإجتماعات, غير أنهما لا يملكان الحق في التصويت. إن التصويت على القرارات التي تؤثر على مراكز البنوك المركزية الوطنية باعتبارها حاملة لأسهم النظام الأوروبي للبنوك المركزية, يتم ترجيحها بنصيب كل بنك مركزي وطني في رأس مال البنك المركزي الأوروبي.
و طالما لا تشترك كل الدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي في منطقة الأورو فإن المجلس العام (الهيئة الثالثة لإتخاذ القرارات في البنك المركزي الأوروبي) سوف يوجه النظام الأوروبي للبنوك المركزية .[1] و يتكون هذا المجلس من رئيس و نائب رئيس البنك المركزي الأوروبي و محافظي البنوك المركزية الوطنية لكل البلدان الخمسة عشر الأعضاء
خامسا: أهداف و مهام من نشأة الأورو
تمثل لائحة النظام الأوروبي للبنوك المركزية جزءاً لا يتجزأ من معاهدة ماستريخت (الموقعة في شهر فيفري من العام 1996), و تنص المادة الثانية من هذه اللائحة على أن الهدف الرئيسي للنظام الأوروبي للبنوك المركزية يتمثل في المحافظة على استقرار الأسعار, و دون الإخلال لهذا الهدف, فإنه يدعم السياسات الإقتصاديةالعامة للجماعة بهدف الإسهام في تحقيق هدف المجموعة … و يعمل النظام الأوروبي للبنوك المركزية وفقا لمبدأ اقتصاد مفتوح يتميز بالمنافسة الحرة, و يدعم التخصيص الفعال للموارد…"[2]
ترتبط الأهداف الأساسية لنظام الأورو ارتباطا مباشرا بتحقيق الإستقرار الإقتصادي و هي تتألف من تحديد و تنفيذ السياسات النقدية لمنطقة الأورو و حيازة و إدارة احتياطات أجنبية رسمية لبلدان الإتحاد الأوروبي المشتركة, و تعزيز العمل السلس لنظم الدفع, و الإسهام في الإدارة السلسة لسياسات السلطات المسؤولة عن رقابة الحيطة المالية للمؤسسات الائتمانية و استقرار النظام المالي. بالإضافة لهذا فإن لنظام الأورو وظائف استشارية مهمة فيما يتعلق بالتشريع الجديد على مستوى الإتحاد الأوروبي و على مستوى الوطن ضمن نطاق صلاحياته.
و تضمن المادة 07 من معاهدة ماستريخت و المادة 7 من لائحة النظام الأوروبي للبنوك المركزية, استقلال البنك المركزي الأوروبي و البنوك المركزية الأوروبية, و أعضاء هيئات اتخاذ القرار فيها في ممارسة سلطاتها و تنفيذ واجباتها, و ذلك حتى تضمن الهيئات اتخاذ القرار استقلالية و مصداقية بالنسبة لمؤسستهم.
و البنك مرتبط بالتزامات عديدة بإبلاغ البيانات, فأولاً: يجب أن ننشر كل أسبوع بيانا ماليا موحداً لنظام الأورو, و ثانياً, يجب أن يصدر و ننشر تقارير فصلية حول أنشطة نظام الأورو, و ثالثاً, يجب أن يعد تقريراً سنويا عن السياسة النقدية و الأنشطة الأخرى لنظام الأورو ليعرضه رئيس البنك المركزي الأوروبي على البرلمان الأوروبي.
كما يصدر رئيسه بصورة منظمة بيانات عامة يعرض فيها قرارات مجلس محافظي البنك, كما ينشر البنك المركزي الأوروبي أيضاً تقييماً تفصيلياً للتطورات الإقتصادية في منطقة الأورو, و أخيراً, يدعى رئيس البنك المركزي الأوروبي إلى اجتماعات مجلس وزراء الشؤون الإقتصادية و المالية و التابع للإتحاد الأوروبي, كما جرت مناقشة الأمور المتعلقة بأهداف و مهام النظام الأوروبي للبنوك المركزية و نظلم الأورو.
سادساً: أدوات السياسة المالية في إطار الأورو:
تحت تصرف نظام الأورو مجموعة متنوعة من الأدوات لتنفيذ السياسة المالية, و لتوجيه السيولة في سوق المال و إدارة معدلات الفائدة قصيرة الأجل, فإنه سوف يستخدم عمليات للسوق المفتوحة يتم من خلالها توفير السيولة للنظام المصرفي مقابل ضمانات ملائمة, و بالإضافة إلى هذا, سوف يسمح تسهيلان دائمان للأطراف المقابلة المؤهلة بأن تستثمر فوائض سيولتها اليومية, أو بأن نغطي احتياجاتها السريعة من السيولة.
و يمكن إجراء عمليات السوق المفتوحة في شكل معاملات عكسية, و معاملات خالصة, و إصدار شهادات ديون و مبادلات صرف أجنبي, و جمع ودائع الأجل الثابت, و يستهلها البنك المركزي الأوروبي, غير أنه يتم تنفيذها عادة من خلال البنوك المركزية الوطنية, و توجد أربعة أنواع من عمليات السوق المفتوحة:
– أولاً: يتم تنفيذ العمليات الرئيسية لإعادة التمويل كعروض أسبوعية موحدة للمعاملات العكسية الموفرة للسيولة و المستحقة كل أسبوعين, و بالتالي فإن المعدل الأسبوعي لطلب العروض متغير رئيسي يومي نظام الأورو للجمهور من خلال إشاراته إلى سياسة نقدية .
– ثانياً: يتمثل هدف عمليات إعادة التمويل الأطول أجلاً و التي يتم تنفيذها لعروض شهرية موحدة للمعاملات العكسية الموفرة للسيولة و المستحقة كل ثلاثة أشهر في تحقيق احتياجات إعادة التمويل الإضافية الأطول أجلاً للنظام المالي.
– ثالثاً: سوف يتم تنفيذ عمليات الضبط الدقيق باعتبارها تحتاج إلى تحقيق تأثير الصدمات غير المتوقعة في سيولة سوق المال على أسعار الفائدة .
– رابعاً: يمكن أن يصدر نظام الأورو شهادات دين و ينفذ معاملات عكسية أو خالصة كلما رغب في تصحيح الوضع الهيكلي لنظام الأورو إزاء القطاع المالي.
و التسهيلان الدائمان هما تسهيل الإقراض الحدي و تسهيل الودائع, و بمبادرة منهما يمكن أن تستخدم الأطراف المقابلة التسهيل الأول للحصول على قروض من البنوك المركزية الوطنية مقابل أصول مقبولة.
و يحدد نظام الحد الأدنى من الإحتياطي غرضين أساسيين:
* الإسهام في استقرار أسعار الفائدة في سوق المال.
* خلق طلب هيكلي كاف على أموال البنك المركزي.و تستقر أسعار الفائدة عن طريق السماح للمؤسسات الإئتمانية باستخدام إجراءات السعر المتوسط, و يتم تأمين طلب هيكلي ملائم على أموال البنك المركزي عن طريق تطبيق نسبة احتياطي قدرها 2% على إلتزامات محددة للمؤسسات الإئتمانية.[3]
الجزء التطبيقي: تأثير الأورو على الجزائر
لقد أدخل الإتحاد الأوروبي مفهوم الشراكة في تعامله مع الدول المتوسطية بدل مفهوم التعاون الذي كان سائداً في سنوات السبعينات, هذه الشراكة بلورها مؤتمر برشلونة الذي أنعقد سنة 1995, و الذي يهدف إلى إنشاء منطقة تبادل حر, العمل على تنمية اقتصاديات الدول المتوسطية…إلخ.
و بما أن الجزائر تعتبر أحد الدول المتوسطية فقد شاركت في مؤتمر برشلونة كملاحظ لكن بدخول الألفية الثالثة وقعت على إتفاق الشراكة بالأحرف الأولى بعد أن أنظمت إليها تونس و المغرب و العديد من الدول العربية المتوسطة.
أولاً: اتفاق التعاون بين الجزائر و الإتحاد الأوروبي(26-04-1976)
تحتل الجزائر مركزا خصوصيا إزاء المجموعة الأوروبية منذ بداية التسعينات حيث أنه في بداية ظهور الجماعة الأوروبية كانت الجزائر تستفيد من كل التفضيلات الجمركية, لكن بعد هذه الفترة قررت بعض الدول الأوروبية العظوة و خاصة إيطاليا بشكل فردي رفض متابعة منح أفضليات المجموعة للمواد الجزائرية الزراعية, و هذا ما جعل الجزائر تقرر انطلاقا من سنة 1972 فتح مفاوضات مع المجموعة الأوروبية قصد الوصول إلى إتفاق الطرفين في إطار السياسة المتوسطية للمجموعة و تجسدت المفاوضات في الوصول إلى إتفاق نهائي في 26-04-1976.
ثانياً: مفاوضات الشراكة بين الجزائر و الإتحاد الأوروبي
لقد عبرت الجزائر عن نيتها في التوقيع على اتفاق الشراكة مع الإتحاد الأوروبي حيث حظيت بكرسي الملاحظ تجسيداً لنيتها في التوقيع على الإتفاق, حيث مرت المفاوضات مع الإتحاد بمراحل صعبة تميزت بالفتور أحياناً و بالإنقطاع أحياناً أخرى, و يعود ذلك إلى أن الجزائر تحاول كل مرة أن يتفهم الإتحاد خصوصيات اقتصادها على عكس جيرانها مثل المغرب, تونس, اللتان توصلتا إلى إتفاق معه.
ففي الجولات السابقة ركزت الجزائر على ضرورة أخذ الطرف الأوروبي بعين الإعتبار خصوصيات الإقتصاد الجزائري و بنية تجارتها الخارجية المعتمدة على المحروقات بأكثر من 90%, إلى جانب تحرير المبالغ المخصصة للجزائر في إطار برنامج ميداني الذي تم إقراره خلال لقاء برشلونة سنة 1995 و المقدر ب 250مليون وحدة أوروبية, و بعد عدة جولات و بالضبط في الجولة الثامنة تخطى المفاوضون عدداً من القضايا, حيث تم التنازل عن مبدأ أو شرط خصوصية الإقتصاد الجزائري, فيما قبل الطرف الأوروبي إدراج مسألتي حرية تنقل الأشخاص و مكافحة الإرهاب ضمن إطار المفاوضات, و بعد استكمال جولات المفاوضات تم التوقيع بالأحرف الأولى على إتفاق الشراكة مع الإتحاد الأوروبي يوم 19-12-2001, بمقر اللجنة الأوروبية ببروكسل بعد مرور 4سنوات على بدء المفاوضات.
ثالثاً: آثار إتفاق الشراكة على الإقتصاد الجزائري
إن للشراكة الأورو-جزائرية آثار على المدى البعيد و المتوسط و يتمثل فيما يلي:
1- إن نزع الحواجز الجمركية يترتب عنها خسائر مالية تقدر ما بين 4.1 إلـى 7.1مليار دولار, مما يؤدي إلى تدني إيرادات الموازنة العامة للجزائر و بالتالي زيادة المديونية الخارجية.
2- إن المؤسسات الأوروبية تتميز بجودة منتوجاتها و تطبق المعايير الدولية, بينما المنتوج الجزائري لا يزال في بداية تطوره, كما أن الكثير من المؤسسات لم تحصل على شهادة مطابقة المواصفات مما سيؤدي إلى اختفاء بعض المؤسسات لعدم قدرتها على المنافسة, سوءا أن تكاليف الإنتاج كبيرة جداً مقارنة بتكاليف الإنتاج للمؤسسات الأوروبية أو من ناحية الجودة.
3- إن الإتحاد قوة موحدة عملاقة على مختلف الأصعدة, بينما الجزائر لا تتمتع بهذه القوة, إذن فالعلاقة هنا غير متكافئة لأنها تجمع العمالقة و الضعفاء.
4- إن الإتحاد الأوروبي مُصر على منطقة تبادل حرفي السلع المصنعة بحلول سنة 2022 و أن هذا الإصرار يلبي حاجاته و مصالحه في حين يتحفظ على إقامة منطقة تبادل حر تشمل منتوجات الصناعات الإستراتجية و هي منطقة تحقق مصالح للجزائر و ليس لها فقط و إنما للدول العربية المتوسطة.
5- سيتحول الإستثمار الأوروبي المباشر لشرق أوروبا المباشر بدلاً من الجزائر لأن قيام الإتحاد الأوروبي سنة 1992, كان في حد ذاته جاذبا للإستثمارات من الدول الصناعية المتقدمة و حتى الآن أخفقت الجزائر في جذب الإستثمار الخاص من الإتحاد الأوروبي.
6- تطوير وسائل الاتصال و النقل.
7- إن دخول الجزائر في الشراكة مع الإتحاد الأوروبي الذي قام بإصدار عملته الأورو و سيكون لهذا الأخير تأثيراً على الجزائر يتمثل في زيادة قدرة الصادرات الجزائرية إلى دول الإتحاد و نفاذها إلى أسواقه.
8- سيؤدي التعامل بالأورو إلى إستقرار أسعار الواردات الجزائرية من الأسواق الأجنبية و الأوروبية خصوصا.
رابعاً: ماذا يجب على الجزائر أن تعمل للتخفيف من هذه السلبيات
1- على الجزائر أن تنتهج انضباطا أكثر في سياسة الإقتصاد الكلي و ذلك من أجل جني منافع اتفاقية الشراكة.
2- يجب أن توجه اهتماماً لمسألة المياه و العمل على تحسين أجهزة تدفق المياه من السدود من أجل إيجاد توازن بين المياه اللازمة للري و تلك المتدفقة لتوليد الكهرباء.
3- على الجزائر أن تحسن النظام المالي و المصرفي و جعله أكثر مرونة و أكثر فعالية في الظروف الراهنة.
4- على الجزائر أن تطور السوق المالية و ذلك من أجل جلب الإدخار الداخلي إلى الأسواق الخارجية.
5- على الجزائر أن تحقق الإستقرار السياسي.
آثار اتفاقية الشراكة على الإقتصاد الجزائري:
هناك آثار سلبية على المدى المتوسط و حتى على المدى الطويل خاصة و أن الإقتصاد الجزائري في بداية تحرره و لا يزال يعاني من مشاكل عديدة أهمها المديونية, عدم تأهيل المؤسسات الجزائرية, عدم مرونة النظام البنكي… كل هذا يجعل من الإتفاق الموقع مع الإتحاد في غير صالح الجزائر, و يبقى الحل هو بناء إتحاد المغرب العربي.
خامساً: أثر الأورو على الإقتصاد الجزائري
تعتبر الجزائر آخر البلدان غير الأوروبية التي يرجح أن يكزن لها تعاملات كبيرة مع الأورو مستقبلاً, و يرى الإقتصاديون أن رهانات كبيرة تترصد الجزائر بتكريس السوق الإستهلاكية, بالإضافة إلى سوق العمل و الإنتاج الوطني, خاصة في ظل عدم الإنسجام بين التدفق النقدي و التجاري بين دول الأورو, و بين الدول السائرة في طريق النمو يعززه عدم توازن نقدي فرضه هيمنة الدولار الذي لا يزال يلعب دور "العملة النافذة" في الإقتصاد العالمي بوجوده في جزء كبير من الصادرات المواد الأولية و هو وضع الجزائر التي تشكل المحروقات نسبة كبيرة من صادراتها.
الرهان الأول: [4]
فيما يخص المستثمرين الجزائريين سيكسبون أشياء كثيرة بالنظر إلى التسهيلات المصرفية التي ستأتي بها هذه العملة, تعويض 12 عملة بواحدة يستغنى البنك عن العديد من التعقيدات التي يفرضها النظام القديم, و سينعكس ذلك على نوعية الخدمات المقدمة أيضا من طرف البنوك, كما أنه بدل أن يستبدل المتعامل العديد من العملات ستكون عملة واحدة, كما أن المنافسة ستكون أكثر شفافية مما كانت عليه سابقا و المحيط الإقتصادي بعد وحدة العملة يكون أنسب للجزائر للتحضير خاصة لاتفاقات الشراكة مع منظمة التجارة العالمية.
الرهان الثاني:
تأتي أكبر الرهانات بالنسبة للإقتصاد الجزائري يتمثل في حضور الدولار الأمريكي بقوة في العلاقات التجارية "التصدير خاصة" حيث تتم كلها بهذه العملة في وقت لا يتجاوزه نصيب الأورو في عمليات الإستيراد 50%, و يرى السيد "مقيدش" (عضو بالمجلس الإقتصادي و الإجتماعي) أنه بعد توجه الدول الأورو نحو مقاربة الرقم إلى الأعلى لتسهيل العمليات الحسابية قد يكون له أثر سلبي على الإقتصاد الجزائري و ذلك بتأثيره مباشرة على أسعار الإستيراد, مما قد يؤدي بدوره إلى ارتفاع الأسعار في الأسواق الوطنية.
كما يعتبر في نفس الوقت أن الأورو وسيلة جدّ قوية, قد تسمح للمتعاملين الإقتصاديين من الشراء أحسن, أما فيما يخص صادرات الجزائر من الطاقة إلى أوروبا فمع توحيد العملة, ستظطر للبيع بنفس السعر لمسافات متباعدة مع تحملها الفارق.
الرهان الثالث:
و هو صراع الأورو و الدولار على الأسواق, حيث أن التحدي بالنسبة للأوروبيين على المدى الطويل هو جعل الدولار عملة نافذة كما هو الحال بالنسبة للدولار الأمريكي, لكي تصبح عملة دفع و وسيلة احتياط و لكي تصبح كذلك عملة يبرم بها الصفقات, ومن ثم تصبح الأورو عملة دولية موازية للدولار و يكون ارتباط العملات الأجنبية للدول النامية بهذه العملة, كما يكون أثره في الاندماج التجاري و المالي لهذه الدول, و في مقدمتها الجزائر, بالمقابل يزول الخطر عن هذه الدول السائرة في طريق النمو, و كحال العديد من الدول ستكون الجزائر تابعة و خاضعة للسياسة النقدية لهذه الدول, كما لا يمكن حصر هذه التبعية في النتائج الوخيمة على الإقتصاد الجزائري.
[1] مجلة التمويل و التنمية , العدد مارس 1999 , ص 18-19.
[2]مجلة التمويل و التنمية , العدد مارس 1999, ص 19.
[3] مجلة التمويل و التنمية, العدد مارس 1999 ص 20-21.
[4] بن خالفة, الأمين العام للجمعية المهنية للبنوك و المؤسسات المالية في الجزائر, جريدة الخبر عدد 3359, ص 03.
و هذا بدوره بتضمن أسئلة فرعية:
ما هي مظاهر و خصائص العولمة ؟ أو بالأحرى: ما لسياق التاريخي الذي أفرز هذه الظاهرة ؟
ما هي خصائص و مظاهر هذه الظاهـرة ؟ و مل لمقصود بما يسمى: العولمـة الماليـة ؟
ما هي مغانم و مغارم على جميع الدول على حدّ سواء و خاصة الدول النامية ؟ و بالخصوص الجزائر.
-و من دوافع قيامنا لهذا البحث:
1- أهمية الموضوع على الساحة الدولية, فقد أصبح حديث الملتقيات و الندوات و الشغل الشاغل لسكان المعمورة.
2- لمتطلبات المقياس.
و من أجل دراسة الموضوع قسمنا البحث إلى ثلاثة فصول:
فصـل أول يتعرض لتداعيات الوضع الدولي و التحول من التنموية إلى العولمـة.
أما افصل الثاني: فيتعرض إلى دراسة الظاهرة في حدّ ذاتها و التركيز بالخصوص على البعد المالي.
أما الفصل الأخير: قيتعرض إلى آثـار هذه الظاهـرة.
-I من الدولة الكبرى إلى الدولة الصغيرة:
-1-I الوضع الدولي و تداعياته:
أدى الإنهيار المفاجئ للمعسكر الشيوعي في عام 1989م إلى دخول النظام العالمي مرحلة جديدة, تغيرت فيها معالمه و تعدّلت ثوابت الوضع الدولي التي سادت منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية, حيث أدى انهيار النظام ثنائي القطبية إلى تفرد الولايات المتحدة بالقدرة على السيـطرة, و توجيـه دقة الأمور على الصعيد العالـمي في مختلف المجالات (السياسية, الاقتصادية, الأمنية), الأمـر الذي أسفر عن خلل ملموس في التوازن الدولي الدقيق الذي خلّفتـه الحرب العالمية الثانيـة و سـاد طيلة فترة الحرب الباردة.
و طالما نتحدث عن التطورات التـي طرأت على توجهات النظام العالمي في أواخـر الثمانينات, فإنها لم تحدث فقط من جراء انهيار النظام الشيوعي, و لكنها أيضاً نتاج التغيـرات التـي اعترت الوضع الإقتصادي العالمي, و التي تمثلت في انهيار نظام “بريتـون وودز” لأسعار الصرف الثابتة و التحول إلى نظام أسعار الصرف العائمـة تحت الضغوط التي تعرضت لها الولايات المتحدة من الحلفـاء في أوائل السبعينات خاصة فرنسـا لرفضها الإحتفاظ بالدولار عندمـا أغلق الرئيس الأمريكـي نيكسون نافذة الذهب, و أنهى بذلك نظام بريتون وودز لأسعار الصرف الثابتة و طبـق بدلا منه نظـام تعويم أسعار الصرف الذي تمت المصادقة عليه في مؤتمر صندوق النقدي في جامايكـا سنـة 1986م.
أثرت السياسة الداخلية للولايات المتحدة الأمريكية في النظام العالمـي بشكل كبير, و بنهاية عام 1971م تحولت أمريكا بسبب حرب الفيتنـام من دائـن إـلى مديـن, بالإضافة إلى عوامل أخرى مثل الإرتفاع الشديد في أسعار الطاقة, و التقلبـات الحادة في أسعار صرف العملات الرئيسية التي أدت إلى تقليص قدرة الدول المتقدمـة على الإبقاء على معدل نمو اقتصادي كاف لاستمرار توليـد فرص العمل, و تنفيذ البرامج التي بدأت في الخمسينات و الستينات.
و كـان لأزمة البترول في السبعينات أثرها البالغ في تفشي حالـة من التضخم في الدول المتقدمة, و تدهور الإنتاجيـة و الكفاءة, بالإضافة إلى التزايد النسبي للقدرة التنافسية لعدد من الاقتصاديات المتوجهة حديثا نحو التصنيع, و تزايد نطاق و حجم المنافسة, الأمـر الذي عزز من توجهات الدول نحو التكتل الإقتصادي, و تكريس مزيد من الحماية ضد الدول خارج نطاق التكتل.
مما أصاب الإقتصاد العالمي بحالة من التراجع استوجبت إعادة هيكلة النظام الإقتصادي العالـمـي, و مـع انتهاء الحرب الباردة, تحقق المزيد من النحو للعلاقات الطبيعية بين مختلف الدول, و بدأت القيود السياسية على التجارة في التلاشي, و برزت توجهات جديدة مثل التوجـه نحو الإقليميـة الذي يعزز في جوهره العودة للجغرافيا –وليس السياسة- كمحدد رئيسي لتدفق التجارة بين الدول, و أصبح بالتالي الإعتماد الإقتصادي المتبادل ظاهـرة عالميـة.
كما نسجل ظهور قوى جديدة على الساحة الدولية, و التي سعت إلى تبوأ مكانة دولية مرموقة, سواءا كدول منفردة, أو كمجموعات تتسق مواقفها فيما بينها لتكتسب القدرة على حماية مصالحها.
لقد أثارت هذه التداعيات المتلاحقة للوضع الدولي تساؤلات حـول كيفية صياغة العملية السياسية العالمية اللازمة للحفاظ على الإقتصاد العالمي مفتوحـاً و متعد الأطراف, خاصة في ظل التوجهات الجديدة الداعية إلى مزيد من التكتل الإقليمي, بالتوازي مع الجهود الدوليـة في الإطار متعدد الأطراف, لضمان استمرار و توسيع نطاق تحرير التجارة الدولية, خاصة في ظل مجموعة المشاكل التي ظهرت كنتيجة مباشرة لتغير الوضع الدولـي, و أبرز هذه المشاكـل: ( )
1- ظهور و تنامي أوجه التباين بين حلفاء الماضي المعسكر الرأسمالي, نظرا لاختفاء الرابطة الناجمة عن مواجهة المعسكر الغربي لعدد مشترك.
2- استمرار الولايات المتحدة في الإحتفاظ بوضع القوة المهيمنة الرئيسية, حيث أنها تميل إلى الأسلوب الفردي في اتخاذ القرارات و تطبيق السياسات اتجاه الموضوعات الدولية المختلفة, بالإضافة إلى الأسلوب الأمريكي في تطبيق تشريعاتها الوطنية خارج الحدود لصيانة مصالحها التجارية.
3- تعرض الدول الصناعية لمجموعة من التحديات, خاصة على الصعيد الإقتصادي و مشكلات العمالة و التوظيف, و تأثير الإتفاقيات التجارية الدولية على أوضاع مواطنيها, مما جعل البعد الداخلي أكثر أهمية و محورية و متمتعا بالأولوية على البعد الدولي.
4- بروز لاعبين جدد في الإقتصاد العالمي الجديد, خاصة في منطقة شرق آسيا و اليابان و الصيـن, يعد هذا المتغير الجديد أحد أهم المؤثرات التي أسهمت بشكل مباشر في صياغة توجهات الإقتصاد العالـمي, و تفسر جانبا كبيرا من الاتجاهات الجديدة و السياسات التي تطبقها القوة الإقتصادية الكبرى لإعادة ترتيب الأوضاع, بهدف ضمان احتفاظها بقدرتها التنافسية و نصيبها في السوق.
و يسمكن تحديد هذه القوى الجديدة في الآتي: الإتحـاد الأوروبـي, اليابـان, الصيـن, النمور الآسيويـة (كوريا الجنوبية, ماليزيـا, اندونيسيـا, هونغ كونـغ, تايـوان, تايلانـد), هذه الأخيرة التي استحقت لقب الدول حديثة التصنيع (NICS) بفضل تحقيقها لمعدلات نمو تصل في أحيان كثيرة إلى %10 و التي نقلتها إلى مشارف البلدان الصناعية المتقدمة, و قـد نجحت عن طريق الهندسة العكسيـة, (1) و الاقتباس في تطوير تكنولوجيا تناسب امكاناتها و ظروفهـا فأكسبتها قدرة تنافسية متزايدة و نصيبا ملائماً في السوق العالمـي, رغم ما لحق بهذه الدول من أزمة مالية طاحنة في أواخر 1997م.
بالإضافة إلى القوة التي ذكرناها نجد “الـدول الناميـة المتقدمـة” و هذه الدول تضم عدداً من دول أمريكا اللاتينية و بعض الدول الآسيويـة مثل: (الفلبين, الهند, باكستان, و بدرجة أقل بنغلادش), و إن يرق التقدم الذي وصلت إليه مستوى ما أنجزته النمور الآسيوية, و كذا إفريقيا: حيث نجد مصر, نيجيريا, جنوب إفريقيـا, إذ طبقت هذه الدول برامج طموحة للإصلاح الإقتصادي.
تزامنت هذه التغيرات الجذرية في الهيكل الدولي للتوازنات و العلاقات مع ثلاثة متغيرات أساسية على الصعيد العالمي أسهمت في صياغة نمط جديد للتوجه الإقتصادي و التجاري الدولي:
المتغير الأول:
شروع العديد من الدول في تكوين التكتلات الإقتصادية سبه الإقليمية و الإقليمية و غير الإقليمية, على أساس تحرير التبادل التجاري بين أعضاء التكتل, و تعزيز التعاون الإقتصادي و التكنولوجي, و تنسيق القواعد التي تحكم التجارة فيما بينها, مثل الإجراءات الجمركية…
فظهرت في أمريكـا اللاتينية تجمعات: كالسوق الجنوبـي (ميركرسور), الكاريبـي (كاريكـوم) و في آسيا تجمع الأسيـان, لدول جنوب شرق آسيا, و في إفريقيـا السوق المشتركة لجنوب و شرق إفريقيا (كوسيسا).
و ظهرت على صعيد آخـر التكتلات الكبرى التي أطلقت عليها المجالات الإقتصادية الكبرى, على غرار “منطقة التجـارة الحـرة لأمريكـا الشماليـة” التي أعلنت عام 1992م, و هي تضم (كندا, المكسيك, الولايات المتحدة, منتدى التعاون الإقتصادي لآسيا و الباسيفيكي (أبيك) الذي يضم 18دولة من آسيا و الأمريكيتين, و تحول المجموعة الأوروبية من حالة السوق المشتركة إلى حالة الإتحاد بموجب معاهدة ماسترخت عام 1991م, و التي تزيل كافة القيود أمام تدفق التجارة في السلع و الخدمات, و انتقال رؤوس الأموال و الأشخاص, و التوصل لعملة موحدة في 1998-04-27م.
المتغير الثاني:
التوصل لإطار متعدد الأطراف لإدارة النشاط التجاري الدولي بكافة جوانبه المباشرة و غير المباشرة, بما في ذلك التجارة الغير المنظورة (تجارة الخدمات), و إجراءات الإستثمار و حقوق الملكية الفكرية, على أساس اتفاقية الجات لعام 1947م, و التي أسفـرت جولتها الأخيرة للمفاوضات (جولـة الأورجواي) عن إنشاء منظمة التجارة العالمية و التي تشرف على 28 وثيقة ثانوية لتحرير التجارة الدولية.
المتغير الثالث:
إعادة بث الروح في مؤسستي بريتون وودز, بسبب شروع العديد من الدول النامية و المتحركة اقتصاديا في إبرام اتفاقيات مع صندوق النقد الدولي لمساندتها في تطبيق سياسات الإصلاح الإقتصادي و التكيف الهيكلي على اقتصاديات السوق, و تقليص دور الدولة في العملية الإنتاجية و السياسية الإقتصادية ككـل, و تعزيز دور مـؤسسات القطاع الخاص, و إطلاق حرية الإستثمار و التصرف في رأس المال و أرباح المشاريع للمستثمر المحلي و الأجنبي, وفقـاً لضوابط اقتصادية مدروسة تستخدم في المقام الأول أهداف التنمية.
و لكـن مالذي تعنيه هذه المتغيرات الثلاثة من منظـور صياغة نظام اقتصادي عالمي جديد, و أثر ذلك على التطورات الطارئة على سياسات التجارة و الإستثمار و الإنتـاج ؟
-2-I من التنمويـة إلى العالميـة:
مفهوم العولمة:
رغم عدم وجود تعريف متفق عليه لمفهوم العالمية, يمكننا وصف هذه العمليـة بكونهـا: “التوسع المتزايد المطرد في تدويل الإنتاج من قبل الشركات متعددة الجنسيات, بالتوازي مع الثورة المستمرة في الاتصالات و المعلومات التي حدت إلى تصور أن العالم قد تحوّل إلى قرية كونيـة صغيـرة ” (1)
بدأت أولى مراحل العالمية في مجال التجارة عندمـا تظافرت الجهود لتقليص القيود السياسية المفروضة على التجارة الدوليـة في أعقاب الحرب العالمي الثانية, و نتيجـة للخفض المستمر في التعريفات الجمركية في إطار جولات الجات المتعاقبـة, حققت التجارة العالمية معدل نمـو سنوي %8 منذ 1950 إلى 1975م في الدول الصناعية, و قد ارتفع هذا المعدل في السبعينات بسبب التدفقات المالية التي ولدت نتيجة تشكيل السوق الأوروبية المشتركة, بالتوازي مع تحرير و إعادة تدوير أموال دول الشرق الأوسط البترولية الناجمة عن ارتفاع أسعار البترول بشكل كبيـر, و استمر نمو المالية كنتيجة لتفجر أزمة المديونيـة في الثمانينـات.
لقد ظهرت الموجة الثانيـة من العالمية في النصف الثاني من الثمانينات في ظل التدفق المتزايد للإستثمار الأجنبـي بقيادة الشركات المتعددة الجنسيات, و الذي حدث نتيجة لأسباب عديـدة من بينهـا:
– تحرير الأسواق المالية في العديد من الدول الصناعية المتقدمـة.
– السياسات الأوروبية الهادفة إلى إنشاء السوق الموحد, بالتوازي مع السياسة الخارجية الأمريكية التي حثت الشركات الأجنبية –خاصة اليابانية- على الإستثمار في السوق الأمريكي بدلا من التصديـر.
نتيجة لهذه الأسباب مجتمعة, حقق الإستثمار الأجنبي المباشر نمو في النصف الثاني من الثمانينات يماثل أربعة أضعاف معدل نمو الناتج العالمي, و ثلاثة أضعاف معدل نمو التجارة الدولية, بينما سيطرت المؤسسات متعددة الجنسيات, ذات الموطن الأم في مثلث الولايات المتحدة الأمريكية و الإتحاد الأوروبي و اليابـان على %80 من هذه الإستثمارات.
و يلاحظ أن النمـو في الإستثمار قد حقق معدلات أسرع في القطاعات كثيفة التكنولوجيـا في دول المثلث. و في بداية الثمانينات عزز الإستثمار تحالفات استراتيجية بين و عبر المؤسسات الكبرى لضمان تدفق التكنولوجيا و توزيع النفقات المتزايدة للبحث و اختراق الأسواق بكفاءة أكبر.
و بهذا أنشطت مفاهيم العولمة التي غيرت من طبيعة التجارة الدولية خاصة بين هذه الدول, فانتقلت التجارة في السلع المصنعة من العمالة الكثيفة و التكنولوجيا المنخفضة إلى التكنولوجيا المرتفعة على حساب كثافة العمالة, لتعكس مزيدا من التخصص للشركات.
نموذج التنموية (1)
يمثل نموذج التنموية أحد مكونات هيكل النظام الإقتصادي العالمي في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانيـة, و هو النمط الذي يسعى إلى ترتيب نشاط الرأسمالية العالمية من خلال إدارة للعملية الإقتصادية, بمعنى أن تكون الدولة هي المحرك الأساسي للنشاط الإقتصادي و المحدد لتوجهاته.
فعملية التنمية كنشاط اقتصادي يهدف إلى تحقيق التحديث يهدف تمكين كل دولة من تكرار نفس النمط التنموي المطبق في العالم الأول للوصول إلى نفس المستوى من التحديث.
خضع هذا النموذج لسيطرة اللوائح المنظمة للإقتصاد بمعرفة الدولة بغرض تحقيق استقرار الأجور و استخدام الدعم الحكومي لضمان التوظيف الكامل, و لقد تم توسيع هذا النموذج ليصل إلى دول العالم الثالث إلا أنه لم يحقق أهدافه نظرا لإفراط الدول في استخدام اللوائح و النظم لأغراض حمائية من جهة, و من جهة أخرى بسبب الإختلاف في النظم المطبقة في دول المتقدمة و نظيرتها في الدول المتخلفة.و لقد كان فشل هذا النموذج في رأي الكثيرين هو السبب الرئيسي وراء ظهور النموذج البديل الذي لقب بالعولـمـة.
يكمن الإختلاف الرئيسي بين “النمـط التنمـوي” و “النمـط العالمـي” الجديد في أنّ الأول يسعى إلى تحقيق استقرار الرأسمالية العالمية من خلال الإدارة الوطنية للإقتصاد,و تطبيق التنميـة في العالم النامـي عن طريق اقتباس نموذج التنمية المطبق في الغرب, أمـا الثـانـي فيسعى إلى تطويع الرأسمالية العالمية من خلال الإدارة العالـمية للإقتصاد تحت لواء القطاع الخاص و الشركات العالمية العملاقة متعددة الجنسيات, و على أساس التخصص بدلا من الاقتباس.
في ظل المفهوم المستحدث الذي خضعت بموجبه عملية إدارة الإقتصاد الدولي للمعايير الإقتصادية المفروضة من قبل المؤسسات متعددة الأطراف و البنوك الدوليـة و الاتفاقيات التجارية, وفقا للنمط الجديد, وجدت الدول نفسها واقعـة تحت ضغوط شديدة للحفاظ على جدراتها الإئتمانية و قدرتها التنافسية, و لقد كان لهذه العملية أثران على التنمية:
1- أصبحت إعادة الهيكلة الشاملة أمراً ضروريـا لاكتساب القدرة التنافسيـة الدولية و الجدارة الإئتمانيـة.
2- إجراءات التقشف و الخصخصة و التوسع في الصادرات التي طبقتها الدول المدينة سعيا لبند الجدارة الإئتمانية, و أمـلاً في جذب الإستثمار لمواصلة المشروع التنموي الوطنـي, بث الحيوية في الإقتصاد العاملـي ككل بدلا من الدول المعينة بذاتها.
II ظاهرة العولمة الإقتصادية:
بعدما تعرضنـا للسياق التاريخي الذي تضافرت عوامله مؤدية إلى المفهوم الجديد: العولمـة الإقتصاديـة, سنحاول في هذا الفصل دراسة الظاهرة عن قرب بدراسة مفهومها و التعرض لمظاهرها و كذا خصائصها, مع التركيز على العولمة المالية (أي البعد المالي للعولمة الإقتصادية).
-1-II مفهوم و مظاهر العولمة الاقتصادية:
-1-1-II تعريف العولمة:
“العولمـة هي انفتاح عن العالم, و هـي حركة متدفقة ثقافيا و اقتصاديا و سياسيا و تكنولوجياً, حيث يتعامل مدير اليوم مع عالم تتلاشى فيه تأثير الحدود الجغرافية و السياسية, فأمامنا رأس مال يتحرك بغير قيود و ينتقلون بغير حدود, و معلومات تتدفق بغير عوائق حتى تفيض أحيانا عن طاقة استيعاب المديرين. فهذه ثقافات تداخلت و أسواق تقاربت و اندمجت, و هذه دول تكتلت فأزالت حدودها الإقتصادية و الجغرافية, و شركـات تحالفت فتبادلت الأسواق و المعلومات و الاستثمارات عبر الحدود, و هـذه منظمات مؤثرة عالمياً مثل: البنك الدولي, صندوق النقد الدولي, ووكالات متخصصة للأمم المتحدة تؤثر بدرجة أو بأخرى في اقتصاديات و عملات الدول و مستـوى و ظروف معيشة الناس عبر العالم”. (1)
-2-1-II مظاهر العولمة:
-1 تحـول مفاهيم الاقتصاد و رأس المال:
و قد اقترنت العولمة بظواهر متعددة استجدت على الساحة العالمية, أو ربما كانت موجودة من قبل, و لكن زادت من درجة ظهورها, و هذه الظواهر قد تكون اقتصادية أو سياسية أو ثقافية أو اتصالية أو غيـرها, و لاشك أنّ أبرز هذه الظواهـر الإقتصادية التي أهمهـا:
– تحول الإقتصاد من الحالة العينية (الأنشطة التقليدية كتبادل السلع عينياً بالبيع و الشراء) إلـى الإقتصاد الرمزي الذي يستخدم الرموز و النبضات الإلكترونية من خلال الحواسب الإلكترونية و الأجهزة الإتصاليـة, و ما ينتج عن ذلك من زيادة حجم التجارة الإلكترونية و التبادل الإلكتروني للبيانات في قطاع التجارة و النقل و المال و الإئتمان و غيرها.
– تحول رأس المال من وظائفه التقليدية كمخزن للقيمة و وسيط للتبادل, إلى سلعة تباع و تشترى في الأسواق (تجارة النقود)؛ حيث يدور في أسواق العالم ما يزيد عن 100 تريليون دولار (100 ألف مليار) يضمها ما يقرب 800 صندوق استثمار, و يتم التعامل يومياً في ما يقرب من 1500 مليار $, أي أكثر من مرتين و نصف قدر الناتج القومي العربي, دون رابط أو ضـابط, و هو ما أدى إلى زيادة درجة الاضطراب و الفوضى في الأسواق المالية, و أعطى لرأس المال قوة لرفض شروطه على الدول للحصول على أقصى ما يـمكن من امتيازات له. و قد أدى هذا كله إلى زيادة التضخم نتيجة لزيادة قيمة النقـود.
– تعمق الإعتماد المتبادل بين الدول و الاقتصاديات القومية, و تعمق المبادلات التجارية من خلال سرعة و سهولة تحرك السلع و رؤوس الأموال و المعلومات عبر الحدود مع النزعة إلى توحيد الأسواق المالية, خاصة مع إزالة كثير من الحواجز الجمركية و العقبات التي تعترض هذا الانسياب بعد إنشاء منظمة التجارة العالمية, التي بدأت نشاطها في بداية عام 1995م, و هو ما يشاهد الآن بعد توحد بورصة لندن و فرانكفورت اللتين تتعاملان في حوالي 4 آلاف مليار $, كذلك توحد بورصات أوروبية أخرى, و هناك اتجاه متزايد نحو إنشاء سوق مالية عالمية موحدة تضم معظم أو جميع البورصات العالمية, و تعمل لمدة 24ساعة ليمكن المتاجرة في أسهم الشركات الدولية من أي مكان في العالم.
و قد ترتب عن إزالة الحواجز و العوائق بين الأسواق أن أصبحت المنافسة هي العامل الأقوى في تحديد نوع السلع التي تنتجها الدولة, و بالتالي فإن كثيراً من الدول قد تخلت عن إنتاج و تصدير بعض سلعها؛ لعدم قدرتها على المنافسة مثل صناعة النسيج في مصر التي انهارت أمام منافسة دول جنوب شرق آسيا, و أصبحت تلك الدول تحصل على حاجتها من دول أخرى لها ميزة تنافسية في إنتاج تلك السلع, و هو ما ينطبق أيضا على رؤوس الأموال التي أصبحت مركزة في بعض الدول المنتجة و المصدرة للبترول, و على الدول التي تحتاج إلى تلك الأموال أن تحصل عليها من الدول المتقدمة.
-2 دور أكبـر المنظمات العالمية:
– زيادة الإنفتاح و التحرر في الأسواق و اعتمادها على آليات العرض و الطلب من خلال تطبيق سياسات الإصلاح و التكييف الإقتصادي و الخصخصة, و إعادة هيكلة الكثير من الاقتصاديات الموجهة و اقتصاديات الدول النامية مع متطلبات العولمة (مثلما حدث في مصر, و يحدث الآن في دول الخليج فضلاً عن باقي دول العالم).
– زيادة دور و أهمية المنظمات العالمية في إدارة و توجيه الأنشطة العالمية، كصندوق النقد الدولي و البنك الدولي للإنشاء و التعمير, و منظمة العالمية للتجارة, و اليونسكو, و منظمة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة و غيرها.
– التوجه نحو تشكيل العديد من التكتلات الإقليمية الإقتصادية و السياسية و الثقافية مثل تكتل الأسيـان و الإتحاد الأوروبي و غيرها, و الزيادة الملحوظة في أعداد المنظمات غير الحكومية بعد أن بدأ دور الدولة في إدارة الإقتصاد في التناقض.
-3 تفاقم المديونية و تزايد الشركات المتعددة الجنيات:
– استشراء ظاهرة الشركات المتعددة الجنسيات, مع سيطرتها على الإستثمار و الإنتاج و التجارة الدولية و الخبرة التكنولوجية مثل شركة IBM, و مايكروسوفت و غيرها, خاصة بعد أن ساوت منظمة التجارة العالمية بين هذه الشركات و الشركات الوطنية في المعاملة.
– تفاقم مشاكل المديونية العالمية و خاصة ديون العالم الثالث, و الدول الفقيرة مع عدم قدرتها على السداد, و ما تزامن مع ذلك مع زيادة حجم التحويلات العكسية من الدول الفقيرة إلى الدول المتقدمة, و المتمثلة في خدمة الديون و أرباح الشركات المتعددة الجنسيات و تكاليف نقل التكنولوجيا و أجور العمالة و الخبرات الأجنبية, و الذي قابله في نفس الوقت تقلص حجم المعونات و المساعدات و المنح الواردة من الدول المتقدمة إلى الدول النامية و عدم جدواها.
– ظهور تقسيم دولي جديد للعمل تتخلى فيه الدول المتقدمة للدول النامية عن بعض الصناعات التحويلية (هي الصناعات التي تعتمد على تحويل المادة الخام إلى سلع مصنعة يمكن الاستفادة منها, كصناعات الصلب, و البيروكيماويات, و التسليح و غيرها) التي لا تحقق ميزة نسبية, مثل الصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة و كثيفة العمل و الملوثة للبيئة, و ذات هامش الربح المنخفض, مثل صناعات الصلب و البتر وكيماويات و التسليح, بينما ركزت الدول المتقدمة على الصناعات عالية التقنية كصناعة الحاسبات و البرامج و أجهزة الاتصالات و الصناعات الالكترونية, ذات الربحية العالية و العمالة الأقل.
-4 تبديد الفوائض بدلا من تعبئتها:
– تغير شكل و طبيعة التنمية, فبعد أن كانت التنمية تعتمد أساساً على تعبئة الفوائض و التمويل الذاتي (الادخار), تحولت إلى تنمية تعتمد على الاستثمارات الخارجية و الشركات المتعددة الجنسيات, و أصبحت التنمية هي تنمية الفوائض و المدخرات (الاستهلاك) كناتج أساليب الاستهلاك الترفيهي المتزايدة, تحت ضغط الآلة الإعلانية الجبارة, التي أدت إلى عجز مزمن في موازين المدفوعات و تفاقم أزمة الديون في العالم الثالث, و تركيز التنمية على الجانب الإقتصادي فقط أي تحولها إلى تنمية وحيدة الاتجاه تهمل الاتجاه الإجتماعي و الثقافي,مع اعتماد نظام السوق ليكون أساسا للتنمية في مختلف بلاد العالم. حتى الطبقات عالية الدخل في الدول النامية التي من المفترض أن تكون نسبة ميلها (نسبة الإنفاق على الإستهلاك من الدخل الكلي) قليلة و أصبحت تلك الفئات المسرفة التي تبدد دخولها على الاستهلاك الترفيهي, و بالتالي فإن ميلها الإستهلاكي أصبح مرتفعاً, و قد ساعد على ذلك قدرة الاقتصاديات المتقدمة على إنتاج سلع جديدة و التنوع في السلع القديمة مثل ابتكار طرازات جديدة من السيارات و السلع المعمرة و غيرها.
– تراجع نصيب المادة الأولية في الوحدة من المنتج في العصر الحديث بسبب تطور الإنتاج, و هو ما يسمى بالتحلل من المادة, و إحلال الطاقة الذهنية و العملية (الفكر), محل جزء من المادة الأولية, مما أدى إلى تراجع الأهمية النسبية للنشاط الصناعي في الهيكل الإنتاجي في الدول المتقدمة الصناعية و تصاعد الأهمية النسبية لقطاع الخدمات, و قد زادت الأهمية النسبية لنشاط الخدمات داخل النشاط الصناعي ذاته بحيث أصبحت تمثل أكثر من %60 من الناتج الصناعي, لتنامي الصناعات عالية التقنية, و ظهور مجموعة جديدة من السلع غير الملموسة كالأفكار و التصميمات و المشتقات المالية استقطبت المهارات العالية, و ما ترتب عن ذلك من زيادة عملية التفاوت في الأجور, و بالتالي توزيع الدخل القومي توزيعا غير عادل, سواءا على مستوى أفراد الدولة الواحدة أو بين الدول.
-5 زيادة الفوارق بين الطبقات و البطالة:
– تعمق الثنائية الإجتماعية في مجتمعات العالم الثالث, فبعد أن كانت الفوارق مادية, أصبحت هذه الفوارق مادية و تكنولوجية بسبب استحواذ الطبقات مرتفعة الدخل على الإنجازات التكنولوجية عالية القيمة التي يصعب على الفقراء اقتناؤها, كالإنترنت و التليفون المحمول و الحاسبات الإلكترونية و غيرها…, و يؤدي هذا في المستقبل إلى زيادة و ترسيخ التخلف في الطبقات الفقيرة و صعوبة تقليل الفوارق بين الطبقات العالية الدخل و الفقيرة في المجتمع مما بهدد الاستقرار الاجتماعي.
– زيادة و انتشار البطالة في المجتمعات و خاصة في الدول النامية بسبب الاتجاه إلى استخدام الأساليب كثيفة رأس المال, التي تعتمد على استخدام عدد أقل من القوى العاملة, و ذلك بسبب الحاجة إلى تخفيض تكاليف و زيادة مستوى الجودة, فلا مكان للمنافسة في السوق العالمية الموحدة بعد إنشاء منظمة التجارة العالمية.
– إحلال مفاهيم جديدة محل القديمة كسيادة مفهوم الميزة التنافسية, و حلوله محل الميزة النسبية, بعد توحد الأسواق الدولية و سقوط الحواجز بينها, و كذلك سقوط مفهوم التساقط الذي تبناه البنك الدولي و صندوق النقد الدولي لمدة طويلة, حيث إن الطبقات العالية الدخل في الدول النامية هي طبقات مسرفة لا تدخر و لا تستثمر و تبدد فوائضها في مصارف استهلاكية لا يستفيد منها الجميع, و هو ما أدى إلى تناقض معدلات النمو في هذه الدول بسبب الاستثمارات و زيادة عجز الموازين التجارية و موازين المدفوعات.
و تعني الميزة التنافسية للدولة قدرتها على إنتاج سلع و تصديرها لتنافس في الأسواق العالمية دون أن تتوفر لها المزايا التي تساعدها على إنتاج هذه السلع مثل الظروف الطبيعية و المناخية و المواد الأولية, وذلك نتيجة تفوقها التكنولوجي, حيث يمكن لها استيراد المواد الأولية من الخارج و تصنيعها بدرجة عالية من الجودة و بتكلفة أقل لتنافس في السوق العالمي مثلما يحدث في اليابان, و سنغافورة و دول جنوب شرق آسيا, و قد ساعد على ذلك تناقص قيمة المادة في السلع و زيادة القيمة الفكرية و الذهنية نتيجة استخدام الحاسب و أجهزة الاتصالات.
أمـا الميـزة النسبيـة, فهي تعني توفر مزايا للدولة تساعدها على إنتاج سلع معينة كالظروف الطبيعية و المناخية و المواد الأولية أو القوى العاملة الرخيصة, إلا أن هذه المزايا قد لا تساعدها على المنافسة في الأسواق العالمية؛ ربما لانخفاض الجودة أو لارتفاع التكلفة بسبب غياب التكنولوجيا.
– اتجاه منظمات الأعمال و الشركات إلى الإندماج؛ لتكوين كيانات إنتاجية و تصنيعية هائلة, الغرض منها توفير العمالة و تقليل تكاليف الإنتاج و الحصول على مزايا جديدة كفتح أسواق جديدة أو التوسع في الأسواق الحالية, و هو ما نشاهده الآن من اندماجات الشركات الكبرى مع بعضها, حيث دخلنا فيما يسمى بعصر “الديناصـورات الإنتاجيـة” الهائلة و الأمثلة على ذلك كثيرة في مجالات البترول و التكنولوجيا و المعلومات والمصارف, و ينتج عن ذلك بالتأكيد تطوير كبير في علم الإدارة و الرقابة و السيطرة للتوصل إلى مهارات إدارية و تنظيمية و صيغ جديدة من الأشكال التنظيمية التي تناسب هذه الكيانات الكبيرة.
-2-I خصائص العولمة الإقتصادية: (1)
-1 تدفق التبادلات التجارية كمحرك للنمو الإقتصادي:
التبادلات التجارية: تمكن الخاصية الرئيسية للعولمة الإقتصادية أساساً في الزيادة السريعة و المتزايدة للتجارة الدولية منذ الحرب العالمية الثانية, إذ نلاحظ التزايد السريع لقيمة تبادل البضائع أكثر من قيمة الإنتاج و المداخيل (إجمالي الناتج الداخلي الخـام).
فعلى سبيل المثال فإن حصة الخدمات (المواصلات, التأمينات, الاتصالات السلكية و اللاسلكية, السياحة, حقوق التأليف…) من التأليف ذات التكاثر و إن التكاثر المسترسل و المستمر بشكل واضح, إذ تمثل هذا الأخير اليوم 1/5 التبادلات, هذا من جهـة, تتزايد حصة المنتوجات المانفاكتورية كذلك على حساب المنتوجات القاعدية الموجهة أساساً للتحويل في القطاع الصناعي، إذ انتقلت نسبة الخدمات من %56 سنة 1982 إلـى %73 سنة 1992م من جهة أخرى.
هيمنة الشمال: تحقق الدول المتطورة أكثر من ¾ التجارة العالمية, و على العموم فإن مساهمة الدول السائرة في طريق النمو لهذا القرن تشهد تزايداً ملحوظاً منذ بداية التسعينات في مجال التجارة العالمية.
-2 انفجار و تدفق التبادلات المالية و الاستثمارات في الخارج:
إلغاء التنظيمات: تميزت العولمة بتسريع المتبادلات المالية و تطور الاستثمارات المباشرة في الخارج, إن مصدر هذه الحركة يعود جزئيا إلى تعميم الانزلاقات و عدم التحكم فيها خلال الثمانينات, و مما سهل من هذه المهمة وجود الابتكارات التكنولوجية التي تؤدي إلى توزيع الإعلام و التحويلات الفورية, عرفت كل نشاطات البورصة و البنوك الداخلية و كذا الحركات لرأسمال تحررا مطلقا.
فعلى سبيل المثال, إن التزايد المالي في الأسواق المصرفية ما بين 1988-80 تضاعفت بحوالي 8.5 مرة في دول منظمة التعاون و التنمية الإقتصادية (OCDE), و تدفق الاستثمارات المباشرة في الخارج ب3.5مرات, و كذا التدفق التجاري و الناتج الداخلي الخام ب 1.9مرة, و هكذا فـإن الاستثمارات المباشرة في الخارج زادت سرعتها بثلاث مرات عن المبادلات التجارية خلال سنوات الثمانينات, و قد بلغ مجمل الزيادة السنوية للإستثمارات حوالي 870مليار مقابل 290مليار خلال العشرية السابقة, و بهذا تصبح أهمية وزن القطاع الخدمات (المال/ التوزيع) تعادل و تساوي الاستثمارات الصناعية.
– الدول الصناعية: شهدت الولايات المتحدة الأمريكية تقلصا ملحوظا لحصتها في الاستثمارات في الخارج, و لكن هذه الدولة إلى البلد الرئيسي المستقبل لهذه الاستثمارات, بينما كرست حضورها و تواجهها في العالم كل من هولنـدا و بريطانيـا العظمـى و ألمانيـا, من جهة أخرى حققت فرنسا و اليابان تغلغلاً معتبراً.
– تاريخيـاً: ساهمت الدول المتخلفة بقسط ضئيل في هذه الحركة, ما دام أنّ تزايد استثمارات تمركز في الدول المصنعة عموماً, و لكن انعكس اتجاه الاستثمارات في أواخر الثمانينات, إذ أن حصة الدول السائرة في طريق النمو من الاستثمارات في الخارج عرفت تزايداً ملحوظاً, و انتقل من %15 في سنة1989 ليصل إلـى %43 في 1993, و لكن تدفق الاستثمارات في اتجاه الدول المتخلفة تميز جغرافي بارز (جنوب شرق آسيا خصوصاً), و بسرعة فائقة تبرز و تنفرد خصوصيتها المالية الآسيوية الأخيرة التي شهدتها هذه المنطقـة.
– التشجيع على عدم وضع قواعد تنظيمية: مكنت السيولة المالية للمؤسسات من خلق و انتقال وحداتها الإنتاجية بكل سهولة في البلدان التي تتساهل كثيراً في مجال الأعباء الأجرية و الضرائب و القوانين البيئية, لذا يمكن للبلدان الصاعدة أن تتسامح في مجال المعايير الإجتماعية و البيئية قصد جذب أكبر عدد من الاستثمارات و رؤوس الأموال الأجنبية, هذه الفرضية يجب أخذها بكل تحفظ, لكن الشيء المؤكد في هذا الشأن هو أنّ الرقابة و الصرامة للقواعد و الإجراءات القانونية, الاجتماعية, و البيئية, و خاصة مرونة في العقوبات, كل هذا جعلها عوامل جذب أو إغراء رأسمال المتأني من المؤسسات التي يهمها الربح فقط.
-3 الدور الضروري لقوة الشركات المتعددة الجنسيات:
إن الظواهر التي وصفناها سابقا, كانت الشركات المتعددة الجنسيات وراء تفعيلها أو المساهمة فيها, إذ تزامن هذا التزايد في الشركات و بالتوازي مع هذه الحركة العالمية و التي عادت عليها بأرباح و منافع هائلة.
– منافع تحت الرقابة: تمحورت مبادلات الشركات العظمى المتعددة الجنسيات حول أربعة قطاعات أساسية (البترول, السيارات, التكنولوجية, العالمية, البنوك), و لكن تعتمد هذه الأخيرة على خلق شبكة معتبرة من الفروع في الخارج كامتداد و توابع لها في الدول النامية, و تتضمن تلك الشركات العظمى كل المبادلات, و تحقق %70 من الاستثمارات المباشرة في الخارج باعتبارها المحرك الرئيسي لتوسعها.
و تقدم هذه الشركات أداة تسيير, و مهارات جيدة في مجال التحكم التكنولوجي, و إيجاد منفذ للتغلغل في الأسواق العالمية و لكن يمكن أن تعتمد على أن الأسواق المحلية, لذا فهي تستفيد من وفرة اليد العاملة الرخيصة في سـوق العمـل.
– القدرة التنافسية: و تؤهل هذه الخصائص للشركات المتعددة الجنسيات, لاكتساب وزن في كل تفاوض مع الدول سواء الشمالية أو الجنوبية, و في هذا الإطار تستطيع هذه الشركات اكتساب الوسائل اللازمة للتأثير بشكل كبير في السياسات العمومية و بخاصة البيئة, و هذا ما يفسر المشاركـة الفعالة للشركات الكبرى في اللقاءات و المفاوضات الدولية حول البيئة و التنمية, و كذا المناقشات المتعلقة بمدونات حسن السلوك الإداري و المهيأة خصيصاً لهذه الشركات.
– تطبيق أحداث أساليب الإدارة و يتم توظيف الكفاءات و تستخدم وسائل الإتصال (الكمبيوتر, الأنترنت), و اتخاذ القرار المناسب في الوقت و أحكام الرقابة على النشاطات الإقتصادية في العالم, فالعولمة أساسها اقتصادي بالدرجة الأولى, لأنها أكثر وضوحـاً في أرض الواقع و أصبحت النظم الإقتصادية متقاربة و متداخلة تحكمه أسس مشتركة, و تديره مؤسسات و شركات عالميـة.
أمـا الأسواق التجاريـة و الماليـة فأصبحت خارجة عن تحكم دول العالم, و أصبحت الشركات الكبرى تدير عمليات الاستثمار و الإنتاج, و بهـذا أصبحت حركة رأس المال و الاستثمار, و الموارد و السياسات ز القرارات على الصعيد العالمي, و ليست على الصعيد المحلي.
نتيجـة لذلك, عرف النظام الاقتصادي العالمي خلال التسعينات ظهور عدة معالم منها:
– تداخل الإقتصاد العالمي؛
– التسارع نحو الإقتصاد الحر؛
– الخصخصة و الاندماج في النظام الرأسمالي؛
– تحول المعرفة و المعلومة إلى سلعة استراتيجية و أصبح التركيز على الخدمات بدلا من الصناعـة.
– ظهور تكتلات تجارية رئيسية تتمحور حولها الإقتصاد العالمي؛
– ظهور دول منطقة جنوب شرق آسيا كطرف مهم في الاقتصاد العالمي.
-3-II البعد المالي للعولمة ( العولمة المالية): (1)
تعتبر العولمة ظاهرة شمولية لها أبعاد اقتصادية و اجتماعية و سياسية و ثقافية, إلاّ أنّ عقد التسعينات أبز ميلاد ما يمكن أن نسميه العولمة المالية, التي يرى البعض أنها أبرز تجليات ظاهرة العولمة, حيث زادت رؤوس الأموال الدولية بمعدلات تفوق بكثير معدلات نمو التجارة و الدخل العالميين.
و قـد حضيت الأبعاد المختلفة للعولمـة بالكثير من الدراسة و التحليل, غير أنّ البعد المالي بقي منقوصـاً –إن لم نقل مهملا- من التشخيص و البحث.
و قد شهد العالم أخيرا مثل الأزمات المالية الخانة التي تعرضت لها المكسيـك (1995-94), و دول جنوب شرق آسيـا (1997) و التي كانت نموذجا يتحدى به, و البرازيـل (1998)؛ و روسيـا (1999), و ميلاد العملة الأوروبية الموحدة “اليورو” و ما نتج عن ذلك من تأثيرات على الإقتصاد العالمي, ألقت بضلالها على اهتمامات الباحثين و الجامعين.
إن ظاهرة العولمة المالية تعكس من زيادة حركية في تنقل رؤوس الأموال قد تحمل معها مخاطر عديدة و هزات مدمرة, كما أنها قد تجلت معها فوائد و مزايا – إن أحسن التصرف فيها- تعود بالنفع على الاقتصاد العالمي بشكل عام و الدول النامية بشكل خاص, لأن نمو هذه الأخيرة أصبح مشروطا ضروريا لتحقيق الاستقرار و النمو الاقتصادي العالمي و لتضييق الهوة بين أطرافه.
لهذا فإن الإلمام بمدى نجاعة العولمة للبلاد النامية و مخاطرها, يستوجب الوقوف عند العوامل المسببة لتعاظم هذه الظاهرة.
-1 العوامل المفسرة للعولمة المالية:
و يمكن إيجاز هذه العوامل في النقاط التالية بغض النظر على الترتيب:
– صعوبة الرأسمالية المالية:
و نعني بها الأهمية المتزايدة لرأس المال التي يتجسد في صناعة الخدمات المالية بمكوناتها المصرفية و غير المصرفية, و نتيجة لذلك أصبح الاقتصاد العالمي تحركه مؤشرات و رموز البورصات العالمية (داوجونز, ناسدك, نيكاي, داكس, الكيك 40), و التي تؤدي إلى نقل الثورة العينية من يد مستثمر إلى آخر دون أي عوائق سواء داخل البلد الواحد أو عبـر الحدود الجغرافية.
– الأموال:
إن الحركة الدائمة لرؤوس الأموال الباحثة عن الربح على الصعيد العالمي تعكس وجود كتلة كبيرة عن الفوائض الادخارية غير المستثمرة, فأصبح من الضروري البحث عن منافذ لاستثمارها فراحت تبحث عن فرص استثمارية على الصعيد الدولي, لتدر مردوداً أفضل مما لو بقيت في الداخل أو مستثمرة بمعدلات ربحية متدنية في الدول المصدرة لهذه الأموال.
-ظهور الأدوات المالية:
تكرست العولمة المالية بنمو الأدوات المالية الجديدة التي استقطبت المستثمرين مثل المبادلات و الخيارات و المستقبليات, بالإضافة إلى الأدوات التقليدية التي تداول في الأسواق المالية, و هي الأسهـم و السنـدات.
– التقدم التكنولوجي:
يتكامل هذا العامل مع سابقة في الدور الذي تلعبه شبكات الاتصال و نقل المعلومات التي يتيحها التقـدم التقني الهائل الذي نشهده اليوم, في ربط الأسواق المالية العالمية مما يسمح للمستثمرين بالفعل و ردّ الفعل, على التطورات التي تحدث في هذه الأسواق بصفة آنية و فورية.
– أثر سياسات الانفتاح المالي:
ارتبطت زيادة التدفقات رؤوس الأموال عبر الحدود و سرعة انسيابها بين سوق و آخر بشكل وثيق مع سياسات التحرر المالي الداخلي و الخارجي.
-2 العولمـة الماليـة – المزايا و المخاطر:
أ- المزايـا:
يرى أنصار العولمة المالية أنها تحقق مزايا عديدة يمكن إجمالها في النقاط التالية:
بالنسبـة للدول الناميـة:
• يمكن الانفتاح المالي الدول النامية من الوصول إلى الأسواق المالية للحصول على ما تحتاجه من أموال لسد فجوة في الموارد المحلية, أي قصور المدخرات عن تمويل الاستثمارات المحلية, مما يؤدي إلى زيادة الاستثمار المحلي و بالتالي معدل النمو الاقتصادي.
• تسمح حركة الاستثمارات الأجنبية المباشرة و استثمار الحافظة المالية بالابتعاد عن القروض المصرفية التجارية, و بالتالي الحد من زيادة حجم الديون الخارجية.
• تخفيف تكلفة التمويل بسبب المنافسة بين الوكلاء الإقتصاديين.
• تؤدي إجراءات تحرير النظام المصرفي و المالي إلى خلق بيئة مشجعة لنشاط القطاع الخاص إلى الحد من ظاهرة هروب رؤوس الأموال إلى الخارج.
• تساعد الاستثمارات الأجنبية على تحويل التكنولوجية.
بالنسبة للدول المتقدمة:
• تسمح العولمة المالية للبلاد المصدرة لرؤوس الأموال ( وهي في الغالب الدول الصناعية الكبرى), بخلق فرص استثمارية واسعة أكثر ربحية أمام فوائضها المتراكمة, و توفر ضمانات لأصحاب هذه الأموال و تنويعا ضد المخاطر من خلال الآليات التي توفرها الأدوات المالية و التحكيم بين الأسواق المختلفة.
ب- المخاطـر:
لقد أثبتت تجارب عقد التسعينات، أن العولمة المالية بالنسبة للدول النامية كثيراً ما أدت إلى حدوث أزمات و صدمات مالية مكلفة (المكسيك و النمور الآسيوية و البرازيل و روسيا…), و يمكن إيجاز مخاطر العولمة المالية في النقاط التالية:
• المخاطر الناجمة عن التقلبات الفجائية للإستثمارات الأجنبية (خصوصاً قصيرة الأجل مثل استثمارات الحافظة المالية)؛
• مخاطر التعرض لهجمات المضاربة؛
• مخاطر هروب الأموال الوطنية؛
• مخاطر دخول الأموال القذرة (غسل الأموال)؛
• إضعاف السيادة الوطنية في مجال السياسة المالية و النقدية.
و لا يختلف كثيرا دور الاستثمارات الأجنبية الخاصة في تنمية البلدان الأقل نمواً عن تحرير التجارة, فهذه الاستثمارات تأتي لخدمة التجارة الخارجية و بدافع تحقيق الربح الوفير و السريع, فهي بالتالي تعمل على تقديم التقسيم الدولي القائم و لا تغييره لصالح الدول النامية, إذ أنّ رأي أنصار منظمة التجارة العالمية و المؤسسات الدولية الأخرى بأن تحرير التجارة و الاستثمارات الأجنبية يسهم بشكل فعال في تحقيق النم الاقتصادي للدول تعترضه تحفظات, فكثيراً ما يكون النمو و الأداء للاقتصاد هو الذي يجلب الاستثمارات الأجنبية الخاصة و ليس العكس, حيث أن هذه الاستثمارات شأنها شأن القروض الخارجية الممنوحة من طرف المؤسسات المالية الدولية, تذهب إلى الدبلابول التي نجحت بالفعل في رفع معدلات نموها, مما تذهب إلى الدول التي تحتاج إلى هذه الأموال لرفع معدل نموها, كما يشهد بذلك توزيع هذه الاستثمارات بين مناطق العالم.
ففي عقد التسعينات مثلا اتجهت الحصة الكبرى من الاستثمارات الأجنبية إلى الدول الأجنبية إلى الدول الصناعية الكبرى (الولايات المتحدة الأمريكية و أوروبا و اليابان), و بلغت أكثر من %15 كمتوسط.
و إن كانت الدول النامية قد أفلحت في زيادة حصتها من الاستثمارات فإن ذلك كان لصالح عشر دول ناشئة أو صاعدة و هي (الأرجنتين, البرازيل, تشيلي, الصين, إندونيسيا, كوريا الجنوبية, ماليزيا و المكسيك و تايلاند), حيث تستحوذ هذه الدول ثلاثة أرباع مجمل تدفقات رؤوس الأموال إلى البلدان النامية, و هذا التوزيع ينفد فرضية التوزيع الأمثل و العادل لرؤوس الأموال على الصعيد العالمي.
و إذا نظرنا إلى تركيبة هذه الأموال, فإننا نلاحظ المكانة الكبرى للاستثمارات الأجنبية المباشرة, و التزايد المطرد للاستثمار في الحافظة المالية عدى حساب القروض التجارية الأخرى, و هو ما يعكس رعية الدول المستقطبة لهذه الموال في مثل النوعين الأولين لكونهما يخلقان فرصا جديدة للتمويل و التشغيل دون إثقال الديون الخارجية للدول.
أمام هذه الوضعية, ما هي الإجراءات اللازمة للاستفادة من حرية التجارة و الاستثمارات الأجنبيـة؟
-3 الإجراءات اللازمة للاستفادة من الوضع الاقتصادي الدولي:
لا توجد الدول النامية في منزلة واحدة من التقدم و التنمية, و بسبب عدم وجود حلول شاملة, فإن المشاكل الداخلية التي على هذه الدول أن تتخطاهـا لجني ثمار سياسات الانفتاح و التحرير التجاري و جلب الاستثمارات الأجنبية, قد تختلف من بلد لآخر, و لضمان ذلك لا بد من تحقق جملة من الأهداف نذكـر منـا:
أ- استقرار السياسات الاقتصادية الكلية:
يعتبر وجود سياسة اقتصادية كلية عامة ثابتة و مستديمة, شرطاً ضروريا للاستفادة من الإمكانات التي تتيحها عولمة الاقتصاد, فـي عقد التسعينات اتجهت الحصة الكبرى من لاستثمارات الأجنبية إلى الدول الصناعية الكبرى, و بلغت أكثر من 75 كمتوسط. و إن كانت الدول النامية قد أفلحت في زيادة حصتها من الاستثمارات فإن ذلك كان لصالح 10دول ناشئة أو صاعدة, يكمن مفتاح قيام اقتصاد سوق أكثر حيوية في الدول النامية في نوعية التصرف في المؤسسات العامة و في درجة ثقة الوكلاء.
ب- الاقتصاديين المحليين و الأجانب في هذا التسيير:
و يمكن إيجاز العوامل المؤثرة إيجابا في هذا الأداء في النقاط التالية:
– إطار مؤسساتي و قانوني يشجع تطور اقتصاد قائم على مؤسسات أكثر فعالية.
– خلق بيئة تنافسية تجعل السوق أكثر نجاعة؛
– ضمان شفافية أكثر لنشاط المؤسسات الاقتصادية.
ج- تدعيم القطاع المالي:
أظهرت التجارب أن الدول التي تحضى بقطاع مالي و مصرفي متحرر و متطور هي في الغالب التي استفادت من الاستثمارات, و حققت آداءاً اقتصاديا أفضل, كما برهنت هذه التجارب على أنّ نجاح الإصلاحات الهيكلية و قدرة الإقتصاد على مقاومة الصدمات الخارجية الفجائية, ترتبط بسلامة القطاع المالي و البنكي نظراً لأهمية القطاع المالي و البنكي و أهميته في رفع كفاءة الاقتصاد و تحقيق الاستقرار الكلي المنشود.
و من المنتظر أن تكون مسألة تحرير و هيكلة الأنظمة المالية محور نقاشات قادمة في منظمة التجارة العالمية, و صندوق النقد و البنك الدوليين, نظراً لحساسية هذا القطاع و التحديات التي تواجهه بعد أزمة نهاية التسعينات.
د- تنمية المصادر البشرية:
إن مسيرة التنمية في الدول الأقل نمواً أسيرة بتحقيق معدلات نمو اقتصادية مرتفعة تفوق معدلات النمو الديمغرافي لتضييق الفجوة بينها و بين الدول المتقدمة, و هذا الأمر يتطلب تحقيقه تطوير كفاءات القادرة على توليد التقانة الأكثر ملائمة من خلال التركيز على التعليم و البحث العلمي و التطويـر.
هـ – إصلاحات سياسية:
إن نجاح السياسات في البلدان النامية مرهون بإنجاز إصلاحات سياسية تسمح بمشاركة القوى الفاعلة و الكفاءات الحية في رسم القرارات الاقتصادية و السياسات المصيرية, و في ظل التحولات اتجهت مجموعة كبيرة من البلدان لإقامة تكتلات اقتصادية لمواجهة العولمة و إثبات وجود في منظومة الاقتصاد العالمي بعد تزايد عدد الموقعين على الجات التي أصبحت OMC, منها المجموعة الاقتصادية الأوروبية, و منطقة التبادل الحر لأمريكا الشمالية, و رابطة دول جنوب شرق آسيا و المجموعة الاقتصادية الإفريقية.
III العولمـة … مغانـم أم مغـارم؟
بعد التعرض للعولمة الاقتصادية كظاهرة, و دراسة جوانبها مع التركيز على الجانب المالي, بقي أن نعرف ما هـي مغانم و كذا مغارم العولمة؟
و بالتالي ما آثار هذه الظاهرة على اقتصاديات دول العالم, خاصة النامية منها مع إعطاء لمحة عن الاقتصاد الجزائري في ظل هذه الظاهرة.
-1-III الآثار المترتبة على العولمة الاقتصادية:
تضارب أهل الذكر الاقتصادي و السياسي حول مفهوم العولمة, فقد جعلها البعض مرادفا “للأمركـة”, و منهم من يراها مرادفا “للأوربة”, و منهم من يرى أنها تعني اقتصاداً كونيـاً … و هـو ما جعل مارشال ماكماهون :” على سطح سفينة الأرض لم يعد هناك ركاب, فقد تجولنا جميعا إلى طاقم يتولى القيادة”. (1)
و الأمر المتفق عليه بين كافة الفرقاء جميعا هو أنّ العولمة أصبحت أمراً واقعاً, لكن الخلاف بينهم حول أسبابها و نتائجها و منافعها, و ما هو الثمن الذي سيدفعه الأغنياء؟ و ما هو حجم الكارثة التي يستعرض الفقراء ؟
و يرى المؤيدون للعولمة, أنها لحظة رائعة في تاريخ البشرية, يحدث فيها تفوق السوق على الدولة و الاقتصاد و السياسة…, هذه اللحظة جاءت بمكاسب صافية للبشرية جمعاء, فبفضلها ارتفع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للعالم من 02 تريليون دولار إلـى 68 تريليون دولار في 1995, و إذ قسمنا هذا الرقم على عدد السكان نجد أنّ المتوسط لعالمي لنصيب الفرد ارتفع من 614 دولار في 1965 إلـى 4908$ في 1995.
لذلك ارتفع حجم الصادرات العالمية بمتوسط سنوي بلغ %6.7 خلال (1980-1965), و %4.7 خلال (1990-1980), و %6 خلال (1995-1990), و تجاوز إجمالي حجم التجارة العالمية (في شكل صادرات و واردات) 05 تريليون$ في 1995, مقابل 03 تريليون$ سنـة 1980.
و رغم أنّ سكان العالم زادوا بمقدار 1.9 مليار نسمة, فيما بين 1996-1970, فقد بلغ متوسط معدل نمو دخل الفرد السنوي في البلدان النامية نحو %1.3.
و خلال هذه الفترة, زادت بسرعة كذلك التدفقات رؤوس الأموال, و زاد صافي الاستثمار الأجنبي من أكثر من مليار $ في 1995, و زادت تدفقات محافظ أسهم رأس المال من لاشيء إلى 32 مليار$ في نفس الفترة.
و ما يريد أن يقوله يور دون هذه الأرقام أنّ العولمة بآلياتها و مؤسساتها مثل منظمة التجارة العالمية, و الترتيبات التي يتم فرضها لتسيير و زيادة التجارة الدولية, و الاتفاقيات التي يتم إبرامها في هذا الصدد, و عوامل الإكراه التي تدفع الكثير الغالبة من الدول للإنضمام لركب العولمة, كل هذا يحقق رخاء العالم بأسره حتى و إن تباينت حظوظ كل منهم نتيجة لهذه الظاهرة.
يرى المناهضون لها, أن متاعبها لا حصر لها, تتجسد في الآثار التالية1)
-1 الآثار الإجتماعيـة:
للعولـمة أبعاد اجتماعية خطيرة نتيجة للفوضى الاقتصادية السائدة في العالم, فقد انعكست نتائجها سلباً خاصة على دول الجنوب الفقيرة, حيث تركزت آثارها لدى نسبة قليلة أو ما يسمى (1/5 الرفاهية), و اتسعت الفروق بين الأغنياء و الفقراء, فهناك إحصائية تشير إلى أن 358 مليار تيليريون، يمتلكون ثروة تضاهي ما يملكه 2.5 مليار من سكان لعالم, %20 من سكان العالم تحتكر %85 من الناتج العالمي الإجمالي, و على %84 من التجارة العالمية على المدخرات العالمية, و انتشرت ظاهرة البطالة و الفقر و البؤس, و تفشي الأمراض بأنواعها المختلفة, مما أنجر عنه ظاهرة العنف و الإجرام المنظم, و مافيا خطيرة لترويج المخدرات, و تستعمل التكنولوجية في أنشطتها, و أصبحت تشكل خطراً على الحكومات و تسببت في التضخم المالي نتيجة للأموال السوداء.
فالنموذج الغربي رأسمالي, جنت منه شعوب العالم الثالث المزيد من الفقر و الحرمان و البؤس و الشقاء, و مزيدا من الاضطرابات الاجتماعية ثم الحروب الأهلية الانفصالية, فالنموذج الرأسمالي الغربي هو نشر و تكريس الظلم الاجتماعي, و دفع الناس إلى السرقة و النصب و الاحتيال, ثم بناء المزيد من السجون تكوين و إنشاء فرق لمحاربة الجريمة, و تخصيص أموال ضخمة لتدريبها و تسليحها كما حدث في ساوبالو ( تم تشكيل فرق لقتل النصابين و المجرمين التائهين), تحت شعار تنظيف المدينة,كذلك فرق الإبادة في ريودوجانيرو, و لقتل الأطفال المشردين على أساس أنهم لا يشجعون السياحة, و يعيقون الاستثمار و التنمية.
التجويع بالقوة و نشر الفقـر:
لدول العالم الثالث مكان خصب للتروعات و صراعات الحروب الأهلية و الإقليمية, و بذلك نجد أن حكومات هذه الدولة همها الوحيد, جمع و شراء الأسلحة و عقد الاتفاقيات و معاهدات مع دول كبرى تنازل عن سيادة و مصالح و إحصائيات, تقوا أن دول العالم الثالث تستهلك ما قيمة 50 مليار$ سنوياً لشراء الأسلحة لمحاربة الواحدة منها الأخرى, فهذه تنفق %65 من ميزانيتها الخاصة بالعلوم التكنولوجية على البحث و جهود التنمية المرتبطة بالنشاطات الدفاعية, كما أنّ الصين و باكستان تحولان ما بين %7 – %6 من إجمالي إنتاجها لجهود الحرب.
فجهود دول العالم الثالث تذهب نحو الخراب و الدمار, و هدم الطاقات عن طريق الحروب, بدل من توجهها للتنمية و التطور, و تحسين المستوى المعيشي و محاربة الأمية, و الأمراض و الدول الكبرى, و شركاتها المتعددة النشاطات هي وراء نشوب الخلافات, و ذلك لتشجيع بيع الأسلحة و استنزاف الطاقات المادية و البشرية, و النتيجة عدم الاستقرار الاقتصادي, و السياسي, و تهجير الكفاءات من الدول الكبرى.
فالمنطقة العربية, لم تعرف الاستقرار السياسي و الأمني منذ أن دخل الاستعمار الغربي إلى المنطقة, و إنشاء العصابة الصهيونية فيها, فمعظم الأموال العربية تم امتصاصها عن طريق التسلح و الإنفاق العسكري من ذلك الحروب العربية الإسرائيلية, و حرب لخليج إيران-العراق الأولى, و الثانـي العـراق –.USA و الدول العربية تشتري %8 م الأسلحة التي تباع في العالم, بحيث ازداد التسليح في العالم 6مرات, و جندي مقابل 43 مدني, و سباق نحو التسلح أدى بالإتحاد السوفياتي إلى مساق الدول الفقيرة.
-2 الآثار السياسيـة1)
يجري اليوم انقلاب جذري في العلاقات بين الدول, و يمكن طرح التساؤل التالـي: لمـن السيـادة في هذا العالـم الجديـد ؟
و نحن في بداية التحول الجديد الذي لا يعترف في حدود الدولة الإقتصادية, و السياسية, و الاتصالية و المعلوماتية, فالسلطة عاجزة عن الإمساك بخيوط الحركة, و كانت بسياسة معولة في النطاق المحلي, و هي من اختصاصات الدولة القومية و هي مرتبطة بالسيادة, و لكن أمام بروز عالم بلا حدود اقتصادية و ثقافية أدى إلى بروز عالم بلا حدود سياسية, و ربما في المستقبل يؤدي إلى وجود حكومة عالمية, و بالتالي الانتقال الحرّ للقرارات و التشريعات, و بذلك لم تعد الدولة القومية هي صاحية القرار الوحيد, و بهذا أصبحت المقولة: إن السياسة في كل أرجاء العالم أصبحت مرتبطة بالسياسة في كل أرجاء العالم, أصبحت حقيقة, فالقرارات التي تتخذ في عاصمة من العواصم العالمية سرعان ما يكون لها صدى في كل العواصم, أي خروجها من نطاقها الوطني إلى العالمي, أي سياسة بلا حدود.
-3 الآثـار البيئيـة1)
خلال السنوات الأخيرة من القرن العشرين, برزت في بيئة الإنسان آثار سلبية خطيرة, مست جوانب كثيرة من حياته منها, تلوث البيئة و الطبيعة, و التي مست الهواء, الملء, الأرض (و التي هي مصدر حياة الإنسان: كالأكسجين للتنفس, و الماء للشرب…).
و من نتائجها انتشار الأمراض الفتاكة, انتشار المخدرات, الجريمة المنظمة, انتشار الأسلحة الفتاكة غير مشروعة التطرف و العنف, و قد اتخذت هذه الآفات صفة عالمية, فلم تبقى معزولة في منطقة معينة, و لا في إقليم محدد, فلم يعد أية دولة مواجه و تصدي لها, ف|أصبحت تستنجد و تنسق مع دول أخرى أو منظمات جهوية أو عالمية.
و التلوث لم ينحصر في بيئة الإنسان الطبيعية, بل امتد إلى بقية جوانب الحياة الأخرى الاقتصادية, الاجتماعية, السياسية, الثقافية, الفكرية… و هذا ما سنبينه بالتفصيل لاحقا.
فالاقتصاديات تركزت الثروة لدى فئة قليلة (الخمس الثري) أو خمس الرفاهية, و سياسيا تصدير النموذج الغربي الأمريكي للعالم المتخلف بدعوى نشر الديمقراطية و المحافظة على حقوق الإنسان.
و اجتماعيا مزيدا من الفقر و البؤس و الآفات الاجتماعية, و ثقافيا نحو الثقافة الاستهلاكية, و القضاء على خصوصيات دول العالم المتخلف, و فكريا و دينيا المزيد من الاعتماد على تطوير التكنولوجية و المزيد من العلمانية.
عوامل تلوث البيئة:
لم يقتصر الصراع بين الإنسان, بل انتقلت العدوى إلى البيئة, فالصراعات الطبقية و القومية و العرقية و السياسية و الاجتماعية و الحضارية, يمكن التخفيف منها عن طريق الحوار و التقارب عن طريق شبكات الإنترنت, ووسائط الاتصال المختلفة, لكن الاعتداء على طبيعتها و قوانينها, فالبشر يجهل هذه القوانين, و كلما زاد علما و قدرة على قهر المشاكل زاد وعياً لما لا يعرفه, فالإنسان أصبح يحصد ما قدمت يداه.
فالأرض تعرضت لتعرية بعد قطع الغابات, و الاستغلال المكثف للتربة, أدى إلى فقدان خصوبتها ثم التصحر و الجفاف, و تلوث المياه و الهواء, ثم إبادة الحياة النباتية و الحيوانية و المائية… ثم إن تكاليف البيئة و التكاليف الاجتماعية لا تدخلان في الحسابات الاقتصادية… و يمكن حصر العوامل التي أدت إلى اختراق النظام البيئي فيما يلي:
-1 ارتفاع درجة الحرارة: فقد أكد بيان أصدره خبراء أمريكيون و إنجليز أخيرا أنه بسبب أنشطتنا السابقة و الحالية, فإنه يتعين علينا أن نبدأ في تعلم كيف نتعايش مع العواقب المتوقعة, مثل: زيادة قسوة الأحوال الجوية, و ارتفاع مستويات البحار و تغير أنماط الأمطار و الانعكاسات الإيكولوجية و الزراعية.
… إن فترة التسعينات شهدت أكثر السنوات ارتفاعا في درجة الحرارة, و ذلك منذ بداية رصدها قبل 130 سنة, و حسب الخبراء فإن ثقب الأزون فوق القطب الجنوبي هو المسؤول عن هذا الارتفاع, فقد زادت مساحة تصل إلى أكثر من 10 مليون كلم2 عام 1999, أما القشرة الجليدية التي تغطي القطب الشمالي فقد تقلصت مساحتها بمقدار 14 مليون كلم2 و تقلص سمكها بمقدار %40.
الأزون: غاز أزرق سام بالنسبة للإنسان, و هو عند سطح الأرض يسبب متاعب تنفسية خاصة للأطفال الصغار, و كبار السن, و طبقة الأزون تعمل كدرع واق للأحياء على الأرض من الأشعة فوق البنفسجيـة (النشطة البيولوجيا).
في 1985-05-16 أعلن فارمان أنه و زملاؤه وجدوا ثقب أزون فوق القارة القطبية الجنوبية في موريال (سبتمبر 1987), تعهدت 27 دولة في تخفيض إنتاج الفاريونات إلى النصف عند نهاية القرن العشرين, و عام 1996 تعهدت الولايات المتحدة بالتوقف عن إنتاجه.
و في عام 1992 الناسا (nasa) أعلنت عن ثقب الأوزون في الشمال و ربطوا بينه و بين بركان مونت بيناتوبو (أفريل 1992), حيث وصلت ملايين الأطنان من غازات كبريتية ساعدت على تفاعلات تأكل الأزون, و هناك من ربط الإصابات بالسرطان, و هذا الثقب (تزايدت نسبة الإصابة بالسرطان الجلد 8مرات), كما أن تغيرات و التحولات التي عرفها الغلاف الجوي (الغازي) خلال السنوات الأخيرة مرتبطة بما يقوم به الإنسان من نشاطات مختلفة, و حسب السكرتير العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن أكثر من %60 من إجمالي الكوارث الطبيعية يعود إلى التغيرات الجوية (أعاصير, سيول, فيضانات, جفاف, تصحر…)؛ و الغلاف اجوي هو الوسط الذي تتفاعل فيه عوامل الطقس.
و خلال السنوات الماضية يلاحظ ارتفاع في درجة الحرارة, خلال القرن الماضي ارتفعت بنسبة %0.5 , خلال و ينتظر أن ترتفع إلى %5 خلال 2022, و هذا ما يؤثر في التوازن البيئي, فمثلا ارتفاع درجة الحرارة يؤدي إلى ذوبان الجليد.
إن اقتصاد السوق تتخذ أشكالاً مختلفة و لا تتقارب في نوع واحد موحد, و الواقع أنه حتى في نطاق كل مجتمع قومي على حده يكون التقارب و الالتقاء محدوداً. و الواقع أنه رغم أنّ النموذجين الياباني و الأوروبي للتنمية قد تأثر كثيراً بالنموذج الأمريكي, و أنهما يدوران في فلك اقتصاد السوق الرأسمالية, فإن لهما خصائصهما المميزة و يختلفان ليس فقط من الأهداف, و إنما أيضا في الآليات و الوسائل و في بعض الفلسفات.
بل إن النموذجين الياباني و الأوروبي يطرحان نفسيهما كبديل ليس فقط للنموذج الأمريكي, و إنما يعرضان ليحلا لدى دول العالم الأخرى, محل الشريك الأمريكي كمصدر للصادرات و كسوق للواردات, من هذه الدول بل ة يقدما عمليتهما – اليورو و الين و خصوصا اليورو- لتلعب نفس الأدوار التي يلعبها الدولار الأمريكي, خاصة كأداة ربط للعملات الأخرى بها, و كوسيلة للتسويات بل و مخزن للقيمة.
و ما لحرب التي تدور بين الشركات اليابانية و الأوروبية و الأمريكية على الأسواق و الصفقات و تجسسها الاقتصادي على بعضها البعض, إلا نفى لهذا التقارب في الآليات و الوسائل, و يشير البعض إلى أنّ الاقتصاد الدولي يؤثر على الاقتصاديات القومية بطريقتين مهمتين على الأقل:
أولاً: قد تؤدي التغيرات في الاقتصاد الدولي إلى نقص أو زيادة قوى بعض الدول و استقلالها.
ثانياً: قد يعيد الاقتصاد العالمي تشكيل السياسة المحلية و الشؤون الاقتصادية عن طريق تأثيره على المصالح المحلية, و عن طريق هذه القنوات يمكن للاقتصاد العالمي أن يغير سلوك و مؤسسات و تشريعات المجتمعات المحلية.
-2-III البلدان النامية و العولمـة: (1)
يؤكد “ضياء قرشي الخبير” بالبنك الدولي أن تحقيق اندماج البلدان النامية في الاقتصاد العالمي, ينطوي على بعض التحديات الصعبة, و هو أمر إن تحقق فلن يفيدها وحدها, بل سيفيد البلدان الصناعية أيضا و يقول إن هذه البلدان النامية تمثل قوة دافعة في مجال العولمة, فقد ارتفعت بسرعة حصة التجارة (الصادرات, الواردات في الناتج المحلي الإجمالي للبلدان النامية من نحو %33 في منتصف الثمانينات إلـى %43 حالياً, و قد تجاوز %50 في العقد المقبل, و في السنوات السبع التي أعقبت البدء في مفاوضات جولة الأورجواي في 1986 كانت البلدان النامية تمثل 58 مـن 72 عملية من عمليات التحرر الذاتي, التي أبلغت إلى الاتفاقية العامة للتعريفات و التجارة (الجات).
إنّ الاندماج المتزايد للبلدان النامية في التجارة العالمية يواكبه, اندماجها المتنامي في التمويل العالمي, و قد تضاعف أربع مرات تدفق رؤوس الأموال الخاصة إلى البلدان النامية في الفترة ما بين عامي 1994-1990 وتبلغ هذه التدفقات الآن نحو ثلاثة أرباع كافة تدفقات الموارد الصافية طويلة الأجل للبلدان النامية.
و قد قفزت حصة البلدان النامية من تدفقات الاستثمار الأجنبي في العالم من %23 في منتصف الثمانينات, إلى أكثر من %40 في الفترة 1994/92.
و رغم ما تبينه الأرقام من تزايد اندماج البلدان النامية في الاقتصاد العالمي, فإن العائد الفعلي و الحقيق عليها كأوطان,و علة مواطنيها كأفراد, لن يزيد كثيراً إن لم يكن قد تناقص, فبالإضافة إلى أنّ الأرقام السابقة بالقيم الإسمية للنقود ترتفع بسبب ارتفاع الأسعار والتضخم, فإن مستويات معيشة الأفراد و دخولهم إنخفظت في هذه البلدان, إضافة إلى تزايد مديونيتها لأرقام فلكية, و هي المديونية التي تعصف خدمتها بجزء أساسي من ناتجها القومي الإجمالي سنوياً, علاوة على تزايد عجزها التجاري و من ثم تقليص فاعليتها و قدرتها على المنافسة ناهيك عن تحقيق التقدم.
و إن كان العالم النامي قد أصبح في مجموعة أكثر اندماجاً دولياً, فإن سرعة و مستوى الدمج تختلف اختلافا كبيراً من بلد لآخر, و التناقض في ميدان التجارة أكثر بروزاً بين شرق آسيا و إفريقيا, فقد ازداد اندماج شرق آسيـا في التجارة العالمية بسرعة و بطريقة مستدامة, في حين كانت نسبة التجارة الخارجية إلى الناتج المحلي الإجمالي في إفريقيا جنوبي الصحراء في انخفاض مستمر حتى وقت قريب, و هي لا تزال أقل من مستواها الذي كانت عليه منذ 20 عامـاً.
و بالمثل اتخذ الاندماج المالي للبلدان النامية صوراً متنوعة أيضاً, و كان نحو %90 من تدفقات رأس المال الخاص إلى البلدان النامية في الفترة 1994-91 يتركز في 12 بلداً, معظمها بلدان متوسطة الدخل في شرق آسيا و أمريكا اللاتينية, و يرى البعض للعولمة آثار عميقة على البلدان النامية, فهي تخلق فرصا جديدة مهمة, إقامة أسواق للتجارة, إيجاد مجموعة كبيرة من السلع, و تدفقات أكبر من رؤوس الأموال الخاصة للداخل و تحسين أمكانية الحصول على التكنولوجيا.
كما أنّ قيام أعداد متزايدة من البلدان النامية بإجراء إصلاحات متجهة إلى الخارج, قد أدى إلى جعل هذه البلدان فاعلة مستفيدة في الوقت نفسه من العولمة. و الواقع أن الفرص الجديدة التي تخلقها العولمة و تواكبها تحديات جديدة قاسية للإدارة الاقتصادية, فالاندماج يتطلب انتهاج تجارة حرة, و نظام استثماري حرّ و الإبقاء عليهما.
و في مجال التجارة تزداد المنافسة عنفا, كما أن الإمكانيات السريعة التغير للتجارة تساند من هم أكثر نشاطاً, و في مجال التمويل فإن اندماج أسواق رأس المـال الدولية و ما يصاحب ذلك من احتمال تقلب تدفق رؤوس الأموال يجعل إدارة الاقتصاد الكلي في البلدان النامية أكثر تعقيداً.
و الدور الدولي المتنامي لبلدان النامية يعني أيضا أن يكون لها تأثير اقتصادي أقوى على البلدان الصناعية إن أحسنت التخطيط و الحشد و المساومة, و يتضح ذلك مثلا من أن نحو 5 صادرات للبلدان الصناعية اتجه إلى البلدان النامية في أواخر الثمانينات, و قد ارتفعت هذه الحصة إلى الربع و يرجح أن تجاوز الثلث في نهايـة العقد المقبل.
و قد جاء في تقرير أصدر من البنك الدولي بعنوان الآفاق الاقتصادية العالمية و البلدان الناميـة 1995, أنّ ازدياد اندماج البلدان النامية في الاقتصاد العالمي يمثل فرصة كبيرة للنهوض برفاهة البلدان النامية, و البلدان الصناعية على السواء على المدى الطويل, و لكن ينبغي لبلدان النامية أن ترتفع إلى مستوى التحدي و لكي تحقق البلدان النامية منافع العولمة, فإنـه يتعين عليهـا:
أولاً: الالتزام بنظام حر للتجارة و المدفوعات
ينبغي على للبلدان الفقيرة تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة و الالتزام بنظام مفتوح للتجارة الدولية, و المدفوعات بشكل دائم و توفير حقوق مضمونة للملكية.
ثانياً: الالتزام بسياسة تعزز النمو
يعتمد مدى تحرير التجارة و نظام المدفوعات و الحصول على أكبر لدخول صادرات بلد ما إلى الأسواق الأخرى, و ما يؤدي إليه ذلك من تعزيز النمو الاقتصادي للبلد النامي, إلى حد كبير أيضا, على بيئة السياسات المحلية, فسياسات الاقتصاد الكلية المستقرة و السليمة و التي يمكن التنبؤ بها, و سياسات الضرائب غير المتحيزة لقطاعات معينة هي من الأمور التي لا غنى عنها, وسوف تؤدي إصلاحات جولة أوروجواي إلى جعل الصادرات الزراعية و صادرات المنسوجات و الملابس أكثر ربحية للدول النامية, و تحرير التجارة في الداخل سيعزز ذلك, لأن الكثير من الاقتصاديات النامية و الانتقالية قد عمدت تقليديا لحماية الصناعات التحويلية الثقيلـة على حساب الصناعات الخفيفة و المنتجات الأوليـة.
من كل هذا, يتضح أن العولمة ليست (شراً خالصاً), و لا (خيراً خالصاً) بالنسبة للبلدان النامية و أنها لن تؤدي بصورة آلية و تلقائية إلى الإضرار بها أو نفعها, و إنما الأمر يتوقف عليها أولا و أخيرا, فإذا ما أحسنت تدبير شؤون اقتصادها و أخذت بسياسات سليمة تزيد من قدرتها على المنافسة و تدعم مركزها التفاوضي مع الغير جاءت النتيجة خيراً و بركة, و إلا كانت عليها و على سكانها, و عليه فإن الترتيبات الأقلمة ليست نفيا للعولمة أو عرقلة لها, بل إنها إذا أقيمت على أسس سليمة و رشيدة تضيف للعولمة بأكثر ما يضيفه مجموع مساهمات الدول الأعضاء الداخلة فيها, و إنها تكفل شريكا أقوى في العولمة أكثر قدرة على أن يفيد الآخرين و أن يستفيد.
و رغم التعثرات, أثبتت التجارب الناجحة لدول شرق آسيا و بعض دول أمريكا اللاتينية, على أنهـا عندما أحسنت سياستها و حققت تنمية سليمة و مستدامة و كان إسهامها في العولمة أكبر حجما و أكثر نفعاً لها و للآخرين.
-3-III الاقتصاد الجزائري و العولمة: (1)
لازال الاقتصاد الجزائري يعيش واقعا متدهورا من جميع الجوانب (الفلاحة, الصناعة, الإدارة, التجارة…), فقد عاش و لمدة طويلـة تحت رحمة القرارات و المراسيم عن طريق التخطيط المركزي, حيث البيروقراطية الإداريـة, و العقود و الصفقات السياسة, بعيدة عن السوق أي عن العرض و الطلب و المنـافسة. جاءت الصدمة البترولية عام 1986 كشفت عن هشاشة و ضعف المنظومة الاقتصادية, حيث وصل حجم التضخم إلى %42 و إنخفظت طاقة المصانع إلى ما دون %50, و قلة المداخيل و ضعف الاستثمارات و إنخفظت قيمة العملة, و بهذا أصبح الإقتصاد الجزائري يمر بمرحلة انتقالية ظهرت سلبياتها في الميدان الصناعي و الاجتماعي في 1994-04-12, كانت المحطة الأولى في مسيرة الاقتصاد الوطني, و ذلك بالتوقيع على (رسالة رغبة) مع المؤسسات المالية الدولية ثم القبول بشروط صندوق النقد الدولي, و نادي باريس, و من هذه الشروط:
– تقليص مصاريف الدولة و الخاصة بالشؤون الاجتماعية؛
– الحرية الشاملة الأسعار؛
– تخلي الدولة عن دعم الشركات و تطبيق الخصخصة و تشجيعها؛
– الحرية المطلقة للتجارة الخارجية و الرفع من الضرائب لدعم تمويل الخزينة؛
– مراقبة شديدة لتعديل ميزان المدفوعات؛
– تجميد الأجور و التخفيض من استثمارات القطاع العام؛
هذه التوصيات يتم تسييرها من طرف نادي باريس في حالة الجزائر, و السؤال المطروح في هذا السياق هو: لـماذا لـم يستطـع الاقتصاد الجزائـري من تحقيق القفزة ؟
– لابد من استراتيجية شاملة (أي التنسيق بين كل القطاعات) في الجزائر؛
– إرادة الجزائر إلى الدخول إلى اقتصاد السوق بقطاع عام مريض و مفكك و بمؤسسات لا تملك الفعالية و لا الخبرة في آليات السوق,
– لم تستطع مؤسسات الاقتصاد الوطني الزيادة في العرض, و بالتالي المزيد من الاستيراد, الشيء الذي أدى إلى ارتفاع فاتورة المواد الغذائية؛
– قطاع الفلاحة لازال يعاني من بعض الأمراض المزمنة منها الملكية العقارية, فحسب قانون 19/87 يعطي حق الملكية لكل المنشآت و التجهيزات و المخازن للمستفيدين, و يعطي حق الملكية لفوق الأرض و الانتفاع و الاستفادة منها, فأصبح الفلاح المستثمر غير مطمئنين للاستثمار, و كذلك عدم وجود بنوك للتمويل و أصبح المستثمر يستأجر الأرض لأناس آخريـن.
– وسائل الإنتاج و منذ عام 1994 أصبحت السوق حرة.
فكيف نتعامل مع العولمة بقطاع فلاحي, لم يستطع توفير المواد الغذائية الاستراتيجية (سكر, سميد, حليب, أدوية…), و أن وجود أخصب الأراضي تتقلص نتيجة زحف الإسمنت, و من جانب آخر هناك زحف الصحراء على المناطق الرطبة و شبه الرطبة, و التي هددت الملايين من الهكتارات منها الجلفة, كما أصبحت تهدد 04 ملايين ساكن في السهوب بماشيتهم.
في الصنـاعـة:
عرف هذا القطاع تدهور بعد أن دخل الخصخصة, و لم يعرف القفزة المنتظرة منه, بل عرف تراجعا كبيراً, فقد دخل اقتصاد السوق بعملية قيصرية, بهياكل قديمة ذات إنتاج ضعيف, و يفتقر لشروط المنافسة, و من الصعب أن نطلب و نزعم قطاع عام صناعي كان سياسيا أكثر منه اقتصادي, يسير بالقرارات للدخول في اقتصاد السوق, المبني على المنافسة و التحرير.
فرغم الإجراءات التي اتخذت مع المؤسسات العمومية (إعادة هيكلة, استقلالية المؤسسات, التطهير المالي) لم يستطع هذا القطاع أن يستجيب للأهداف التي رسمت له, فهناك أرقام تتحدث عن 900 مليار دينار للتطهير المالي, و ذلك لإنعاشه و توفير مليونان منصب شغل, لكن المؤسسات القديمة و عدم التنسيق بين الميكانيزمات الاقتصادية عرقلت المخطط ( فلا النظام البنكي, و لا النظام التجاري, و لا التسيير الإداري) استجابت لآليات السوق, ضف إلى ذلك عدم وجود تأهيل العمال و الذهنيات السابقة كلها أدت إلى تدهور هذا القطاع.
القطـاع الخـاص:
لا بد من تشجيع هذا القطاع, و على الدولة أن ترفع احتكارها على بعض القطاعات كالنقل الذي عرف تحسناً كبيراً, و المشكل الكبير هو أنه كيف يمكن لمؤسسة غارقة في الديون الدخول إلى اقتصاد السوق, و من المشاكل التي تعرقل مسيرة الاقتصاد لوطني مشكل المديونية التي انعكست نتائجها على التوازنات الاقتصادية.
التجـارة:
إن الجزائر عضواً في المنظمة العالمية للتجارة الحرة, فقد بدأت كعضو ملاحظ في الجات سنة 1987 لتصبح عضواً في المنظمة التجارية الحرة, و في عام 1996 دخلت رسميا في المنظمة. و المنظمة العلمية للتجارة هي إحدى آليات العولمة بالتنسيق مع صندوق النقد الدولي و البنك الدولي, و بالتالي كيف يمكن للتجارة الجزائرية مجابهة المؤسسات الأجنبية و تمركز رأس المال لدى الدول الكبرى, و شروط الانضمام إلى المنظمة العلمية للتجارة قياسية, كفتح السواق, تسهيلات جمركية, تحويلات للعملة, تسهيلات في النظام الضريبي, حقوق الملكية الفكرية… و الدخول في المنظمة العالمية للتجارة يتطلب الكفاءة, التحكم في تكنولوجيا المعلومات, الجودة, الخدمات.
الخاتمة:
من خلال بحثنا هذا توصلنا إلى أنه لا يوجد تعريف متفق عليه لظاهرة العولمة, حيث:
1- العولمة تعني إزالة الحواجز السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية حتى تتحرك رؤوس الأموال و الأفكار و السلع و الخدمات بحريـة.
2- العولمة هي الوجه الحديث للاستعمار, و الموجة الجديدة ن سيطرة الغرب الأوروبي و الأمريكي على مقدرات العالم الثالث.
3- العولمة هي المرادف للأمركة و الهيمنة الأمريكية و لسيادة نمط الأفكار الأمريكية و الثقافة الأمريكية.
4- العولمة ليست إلا ستاراً تتحرك تحته الشركات العملاقة متعددة الجنسيات و عابرة القارات, و التي ترفع شعار العولمة كي تفسح لنفسها طريق التوغل, و ترفع شعار العولمة كي تزيل التشريعات المحلية و المنافسات المحلية, فتنتشر دون أي عائق, بغض النظر عما إذا كانت مصالح هذه الشركات تضر بمصالح الدول الفقيرة في العالم الثالث.
5- العولمة ليست ظاهرة تلقائية, بل فرضتها وقائع تاريخية معينة و أسهمت في تفعيلها و سرعة انتشارها.
و في الواقع ليس صحيحاً أن العولمة في حدّ ذاتها تضمن الخير لكل الناس, و ليس صحيحا كذلك أن العولمة في حدّ ذاتها شراً مطلقاً, و لكن العولمة لها إيجابياتها و لها سلبياتها التي يمكن تفاديها بأساليب معينة.
و الحقيقة الواضحة بشأن العولمة, هي أنّ هناك دولا استفادت بصورة فعلية من العولمة, بينما هناك دول تندفع نحو المزيد من التهميش, على الرغم من أنها مندمجة في تيار العولمة. و بمرور السنوات, فإن التأثير المتراكم لهذه الظاهرة بدأ يعكس نفسه بصورة ملحوظة في معادلة واضحة, طرفها الأول الازدهار المتواصل و الشامل في كل مجالات الاقتصاد الأمريكي, و طرفهـا الثاني تراجع الاقتصاديات الأخرى, بدءاً من اقتصاديات الدول المتقدمة نفسها, و التي تنتقل و تهاجر منها رؤوس الأموال التي تحلم بالاستقرار في السوق الأمريكية المنتعشة إلى غيرها من الاقتصاديات.
منذ بدأت دول الجنوب أو ما يسمى بدول العالم الثالث النامية في الحصول على استقلالها بعد الحرب العالمية الثانية, و الهاجس الرئيسي الذي يشغل جميع الأذهان في هذه الدول هو: كيـف يمكن تحقيق التنمية ؟ أو بعبارة أخرى: كيف يمكن لهذه الشعوب التي تحررت من ربقة الاستعمار أن تتحرر من ربقة التخلف و الجهل, الذي ران على صدورها عقوداً بل قروناً من الزمـن.
و لا بد من الاعتراف بأن ما تم إنجازه في العالم الثالث بشأن التنمية و التقدم, يعد ضئيلاً بالقياس إلى فترة الاستقلال التي تقرب من نصف قرن, و يعد هامشيا إذا ما قورن بالقفزات الهائلة و المتسارعة التي يتحرك بها العالم المتقدم, مما زاد من اتساعه الفجوة بين الشمال و الجنوب, أو بين الدول الاستعمارية سابقا و مستعمراتها, التي حصلت على استقلالها لاحقاً, و لا خلاف كذلك حول النتائج و حصيلة عمليات التنمية التي جرت في الكثير من دول العالم الثالث, و الواقع أن دول العالم الجنوب و شعوبها في حاجة إلى استراتيجية سليمة تمكنها من تفادي مخاطر العولمة و تمكنها من الاستفادة مما تحمله من فرص إيجابية
إن الإسلام ليس عقيدة فحسب وإنما هو منهج شامل ينظم كافة شؤون الحياة سواء تعلق الأمر بالأفراد و الجماعات أو سواء إتصل بالحياة الدنيا و الآخرة .
فالشريعة الإسلامية لا تتغير أحكامها بتغير جنسية الإنسان و ليست قاصرة على زمن من دون زمن , حيث أنها جاءت تحفظ الضروريات المعتبرة للإنسان . وتحمي حظه في إشباع حاجاته بالمباحات دون الإعتداء على حق الجماعة أو إخلال بواجباته نحوها , فلهذه الشريعة مبادىء وأصول تسير بها وسياسات محكمة وشرعية تنتهجها وهذه السياسات تترأسها الدولة الإسلامية وفق ما تنص عليه أحكام هذه الشريعة . ومن خلال هذا سنتطرق إلى دراسة مايلي :
المبحث الأول : والذي سندرس فيه جوانب الإقتصـاد الإسلامي من خـلال تعريفـه و نشأتـه
و المبادئ التي يقوم عليها و الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها .
أما المبحث الثاني : والذي يتحدث عن دور الدولة في الإقتصاد الإسلامي و الأسس التي تقوم عليها مع الإطلاع على وظائفها .
أما المبحث الثالث : والذي يبين الإطار العام للسياسة المالية التي يجب على الدولة أن تنتهجها للوصول إلى أهدافها المرجوة وفق أدوات هذه السياسة .
المبحـث الأول : ماهية الإقتصاد الإسلامي :
يعتبر الإقتصاد الإسلامي الإقتصاد الذي يتماش وفق ما تنص عليه أحكام الشريعة الإسلامية من قواعد و نظم تنظم الحياة الإقتصادية و الإجتماعية لإفراد المجتمع الإسلامي .
المطلـب الأول : طبيعة الإقتصاد الإسلامي .
إن الإقتصاد الإسلامي ليس حديث النشأة بل تمتد جذوره إلى عهد الرسول .
فـــرع(1) : نشـأتـه .
إن الإقتصاد هو جزئية صغيرة من تشريعات الإسلام و قد بدأ تنظيم الإقتصاد مع بدء نزول القران في مكة المكرمة قبل أن يعرف العالم شيئا إسمه ” علم الإقتصاد ” , هذا العلم الذي لم يعرف في الغرب بنظرياته إلا منذ قرنين من الزمان ففي مكة نزلت سورة المطففينوَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3) أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6)(1) فنرى في هذه السورة النذير الشديد و التحذير البالغ من جريمة الغش في المعاملات بين الناس التي تفسد المعاملات و العلاقات في المجتمع .
أما في المدينة بعد أن هاجر إليها الرسول فقد توالى نزول التشريع الإسلامي للمجتمع الجديد ينظم كل شيء في حياة المسلم الإجتماعية و السياسية و الإقتصادية . و في الإقتصاد نظم التجارة و المعاملات المالية المختلفة حتى أنه جاء في سورة البقرة أطول أية في القران يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلْ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنْ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُوا إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمْ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (2). حيث أنها تنظم عملية التداين بالآجال و كيفية كتابة الدين و الإشهاد عليه بما لا يترك زيادة المستزيد .
بل لقد كان أول عمل له بعد بناء المسجد هو إنشاء سوق المسلمين يحررهم من إحتكار اليهود و سيطرتهم على إقتصاد المدينة , و ينظم التجارة وفق القواعد جديدة أرساها الإسلام من الحرية و العدل و البعد عن الغش و الإحتكار و كل السوءات التي زرعها اليهود في معاملاتهم و أفرزوا منها ما عرف أخيرا بالنظام الرأسمالي .
ومضى سلفنا الصالح يوضحون هذه القواعد الأساسية و يضيفون إليها ما يستجد من معاملات في ضوء من الكتـاب و السنة فلم يخلو كتاب من كتب الفقـه القديمـة من باب”المعـاملات”أو” الأموال ” وهما الإسمان اللذان أطلقا على علم الإقتصاد الإسلامي وهما لغويا أصح من التنميـة الغربية التي يفهم منها- سواء في اللفظ العربي أو الإنجليزي- أنه يختص بالإدخار من فعل ” إقتصد ” بينما هو علم يناقش كل ما يتعلق بالمعاملات المالية بين الناس (1) .
فالإقتصاد في الدولة الإسلامية منذ نشأتها جزء من الكل إمتزجت بحوثه ببحوث الفقه و التفسير و الحديث و تناول السلف الصالح من فقهاء المسلمين الأوائل لشؤون الإقتصاد بالبحث و التحليل, فجاءت الشريعة الإسلامية بمبادئ و قوانين محكمة و ثابتة لا تختلف و لا يسوغ الإخلال بشئ منها تتماشى مع إختلاف الضروف و الأحوال و تركت أمور دون تفصيل ليكون التطبيق بما يتناسب للمصالح العامة . حيث جاءت الشرائع السماوية لتنظيم شؤون الأفراد بالمقاصة الخمسة و هي الدين و النفس و العقل و النسل و المالوَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَؤُلاء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (2) .
فتعاليم الإسلام في تنظيم شؤون الحياة الاقتصادية ذات الهدف واضح ثابت لا يتغير لكن الوصول إليه قابل للتغير(3).
هذا و إن الصحوة الإسلامية المعاصر توشك أن توجد لنا مجتمعات تطبيق الإسلام , لنرى, فيها واقعا عمليا لأنظمة إقتصاد إسلامية نستطيع إن نتخذها أمثلة تطبيقية لدراسة النظام الإقتصادي الإسلامي , كما تتخذ الولايات المتحدة و الصين أمثلة تطبيقية لدراسة الأنظمة الرأسمالية أو الإشتراكية(4).
فـــرع(2) : مفهوم الإقتصاد الإسلامي :
كلمة إقتصاد مشتقة من لفظ إغريقي قديم معناه (تدبير أمور البيت) بحيث يشترك جميع أفراده في التمتع بما حوزته ولغة هو للتوفير وليس معناه المال أما إصطلاحا فهو تدبير شؤون المال بتكثيره وتأمين إيجاده (وهذا يبحث فيه علم الإقتصاد) , وأما بكيفية توزيعه (وهذا يبحث فيه النظام الإقتصادي) (5) .
و الإقتصاد الإسلامي هو سياسة إقتصادية تهدف إلى بلوغ غايات معينة تحددها الشريعة الإسلامية وهي الوصول بالمجتمع إلى الرفاهية الإقتصادية في ظل التكافل الإجتماعي , ويقتضي حشد إمكانيات النشاط الإقتصادي في إتجاه معين دون سواه حيث أقام الإسلام حدودا واضحة ووضع أصولا ليقر شؤون الإنسان على قواعد الحق والصدق و العدالة و الأمانة لم يكن التشريع الإسلامي يكبت غريزة حب التملك ويلغيها ويحولها إلى ملكية جماعية (6) .
فهو إقتصاد واقعي و أخلاقي معا في غاياته التي يرمي إلى تحقيقها وفي الطريقة التي يتخذها لذلك , كل هذا في إطار التوجيهات الإلاهية التي ليست من وضع فئة من الناس قد يغلب على تفكيرهم منهج معين – بل هو من وضع الخالق – فالإقتصاد الإسلامي إقتصاد متميز عن الإقتصاد المعاصر الرأسمالي أو الإشتراكي .فهو من إقراراه للمشاهدات والإستنباطات الصحيحة
يفرض على البشر توجيهات إسلامية تختلف في مصدرها عن توجيهات المذاهب الإقتصادية المعاصرة و هو لا ينفصل عن أرضيته الخاصة التي أعدت له , وهيئت فيها كل عناصر البقاء و القوة .
فهذا الإقتصاد لم يؤخذ من النظم الرأسمالية ولا من النظم الإشتراكية محاسنها دون المساوئ كلا النظامين , فالنظام الإسلامي أسبق من النظامين وتنبثق قواعده وأحكامه عن المبادئ أصلية لم يؤخذ من هذا النظام أو ذاك , فقد جاءت تعاليم الإسلام في صيغة كلية محكمة مقصودة وهي : « أن التعميم الذي لا ينزل إلى التفصيلات الجزئية لا يقيد الأجيال المقبلة بهذه التفصيلات
و التطبيقات بل تركها حتى تقتبس الوضع الذي تتوافر فيه الملاءة العملية لحاجات كل زمان ومكان». كما تقتضي أيضا تعاليم الإسلام الإقتصادي على وجوب مداومة استثمار المالك لماله ,
وهذا التكليف كان يطبق في عصر الرسول و عصر الخلفاء الراشدين على نحو معين وفي نطاق محدود . أصبح في عصرنا هذا يتطلب تطبيقا أوسع في نطاقه مع بقاء الهدف الإسلامي فيه كما كان بغير تبديل أو تغيير (1) .
و أخيرا فهو العلم الذي يبحث في استخدام الموارد المتاحة في إنتاج أقصى ما يمكن من السلع والخدمات الحلال لإشباع الحاجات طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية , كما يبحث في تهيئة الظروف الملائمة لتنمية الإنتاج وتوزيعه بطريقة عادلة تحقق شرع الله (2).
المطلـب الثـاني : خصائص و أهداف للإقتصاد الإسلامي .
كما ذكرنا سابقا , لعلم الإقتصاد الإسلامي خصائص يختص بها و أهداف يصبو إلى تحقيقها :
فـــرع(1) : خصائص الإقتصاد الإسلامي :
للإقتصاد الإسلامي عدة خصائص يمتاز بها عن بقية النظم و من أهمها :
1- الحرية المقيدة بأحكام الشريعة :
تتعدد مناحي الحياة التي يطلب الناس فيها الحرية , وقد وقفت المذاهب والنظم من الحريات مواقف مختلفة مابين معترف بها جميعها ومعترف ببعضها دون البعض الآخر .
وللإسلام من هذه الحريات موقفه المتميز بين سائر المذاهب والنظم التي عرفتها البشرية , فلا تعرف البشرية شريعة سماوية أو وضعية أرست أسس الحرية وجعلتها قاعدة لكل شيء فيها, و من بين الحريات , الحرية الإقتصادية في الإسلام نتيجة منطقية بما قرره الإسلام على وجه الإستقلال , فالحرية بشتى أقسامها أصل من أصول الإسلام و الحرية في الإقتصاد هي أساس التعامل والتعاقد و التصرف في شؤونه . وقد أجمع الفقه الإسلامي على أن تصرفات المكره كلها باطلة , فمن آمن مكرها أو باع الحاكم مكرها أو باع و اشترى مكرها فلا قيمة ولا أثر لكل ذلك في ميزان الإسلام (3) .
2- الطابع الأخلاقي الواقعي :
لقد كان للطابع الذي إصطبغت به تعاليم الإسلام أثره على قيام النظام الإقتصادي الإسلامي لخير الإنسان والجماعة(4) , بحيث إعتنت الشريعة الإسلامية بالمعاملات لأنها الطريق إلى الكسب الحلال فحثت على تحصيل المال من طرقه المشروعة وفي سبيل عدم إنحراف الناس عن الطريق
الجادة نهض فقهاء الإسلام فأبانوا الطرق الصحيحة للكسب المشروع للمال(1) فجعل وسيلة لقضاء الحاجات ومن ثم كان الربح مصدرا مشروعا للرزق , فإنه يجب أن يأتي عن طريق مشـروع
و بالتالي فهو يحرم إستغلال الإنسان لأخيه . ومن أسباب المحبة والتراحم والتعاون هو نظافـة
التعامل المالي اللازم للمجتمع حتى يقوم بنيانه عاليا كريما يتحلى بالخلق الحميد ويعتمد على الأخوة الإنسانية .
3- تحقيق التوازن بين الإعتبارات المادية والقيم والمبادئ الروحية :
إن النظام الإقتصاد الإسلامي يستمد أسسه من العقيدة الإسلامية مما يحقق الإرتباط و الإتصال الوثيق بين الأنشطة الإقتصادية(2) .
ومن أعظم وجوه الإرتباط بين الإقتصاد و التشريع الجنائي الإسلامي في مثل : حد السرقة فالمقصرون عن إدراك الإرتباط يرون أن قطع اليد مبالغ فيه ولكن يزول هذا إذا أمعنا النظر في القيود والشروط التي تحيط بتطبيق تلك العقوبة(3) فهنا المبادئ الإسلامية تحقق التوازن بين الإعتبارات الإقتصادية والقيم والمبادئ الإنسانية .
4- فعالية النظام الإقتصادي الإسلامي .
بعدت الأمة العربية الإسلامية عن ركب الحضارة و التقدم ووقعت في براثن التخلف و الضعف الهوان عندما إبتعدت عن تطبيق النظام الإقتصادي الإسلامي , وخضعت شعوبها لكل ألوان التقلب و التبعية فأصابها الفقر ومنيت بالأزمات الإقتصادية , ذلك لأن النظم الإقتصادية المطبقة حاليا في العالم الإسلامي غريبة عنه وبالتالي فهي لن تحقق له التنمية وزادها النظام الإقتصادي العالمي الحالي مشاكل وتخلف. فالنظام الإقتصادي الإسلامي فقد فعاليته وكفاءته إذا كان بمعزل عن الممارسة العملية وهو يعيش جهاد شمالا ضد التخلف والضعف وبهذا سوف لن يجد أمامه بعد سلسلة من محاولات الخطأ والصواب إلا طريق واحد للقضاء على التخلف الإقتصادي وهو طريق النظام الإقتصادي الإسلامي(4) .
فـــرع(2):الأهــداف :
من أهم الأهداف التي يسعى لتحقيقها نذكر ما يلي :
1- تحقيق عهد الخلافة بين الخالق والإنسان :
وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ (5) العهد هو إعمار هذه الأرض ,وعلى ذلك فالناس وكلاء مستخلفون في الأرض وليسوا مُلاكا خالقين لما في أيديهم من رزق وهذا يوجب عليهم جانب القصد و الإعتدال وتجنب الصرف والشطط مما ينفقون من رزق الله .
2- تحقيق عدالة توزيع الثروة : والتي تعتبر الغاية الكبرى من نظامنا الإسلامي لأن وحدة الأمة الإسلامية هي وحدة عقائدية وشريعية . وتربطهم مصالح مشتركة يمكن أن يقام على أساسها صرح التعاون الإقتصادي و الإجتماعي لهذه الأمة على تلك الوحدة بحيث يصبح المجتمع الإسلامي قوة إقتصادية كبرى تعطيه وزنا عالميا في المجال الدولي في عصرنا الحاضر(6).
3- التحقق من أن الإيرادات أنفقت طبقا لما تقتضي به أحكام الشريعة , أي أن كل إيراد أنفق في مصارفه المعينة وقد أخذ كل ذي حق حقه و الكشف على ما يقع من الإختلاسات و الإختلافات .
4- التأكد من كل الإيرادات بمختلف أنواعها قد استخدمت أفضل استخدام فلا ضياع ولا إسراف و
لا تقتير ولا تقصير(1) وهنا يجب على الفرد المسلم بأن يعد العدة بمواجهة المحيط الدولي وأخطاره وخاصة في ظل العولمة ومثال هذه التعليمات الإنفاق في سبيل الله , فقد كان الصحابة في صدر الإسلام يؤدون الزكاة المفروضة ويتطوعون بالإنفاق في سبيل الله بخير مالهم كلما دعت إلى ذلك حاجة المجتمع الإسلامي , ولكن في عصر آخر قد تضعف العقيدة الإسلامية ويهبط المستوى الأخلاقي في المجتمع , فيتطلب الأمر تدخلا من الدولة الإسلامية لتنفيذ أداء فريضة الإنفاق في سبيل الله وتنظيم الآداء(2).
5- إن النظام الإقتصادي في الإسلام هو حلقة من جملة حلقات مترابطة وركن من أركان ذلك البنيان الشامخ الذي يتمثل في النظام المالي للإسلام ,فقد جاء لحفظ حياة الناس من الإختلال ومن الإنحطاط , وهو يسعى للمحافظة على كلية الحياه على أكبر قدر من الرفاهية ,فلا يمكن أن نتصور قيام تنمية إقتصادية تضمن لهم الإستقرار دون تشريعات دينية(3) .
6- قيام تنظيم إقتصادي دولي إسلامي يعمل على ترجمة هذا الفكر الإقتصادي الإسلامي إلى مشروعات إقتصادية دولية تحقق التكامل الإقتصادي بين أرجاء العالم الإسلامي(4).
المطلـب الثالـث : مبادئ و أسس الإقتصاد الإسلامي
من أهم المبادئ التي يقوم عليها :
الفرع الأول: العقـيـدة
وحدانية الله سبحانه وتعالى وقدسيته وتنزهه عن الشبه والنظير والضد , و واجب الإنسان في الإحتفاظ بصلته المباشرة مع الله بالعبادة , و يربط بهذا المبدأ أركان خمسةّ [الشهادتان,الصلاة , الزكاة ,الصوم, الحج لمن إستطاع إليه سبيلا]. كتطبيق عملي لعقيدة التوحيد في الحياة العملية للمسلم . أما التوحيد في إصطلاح علم الكلام إسم للعلم الذي يبحث فيه عن الله , و في الحديث النبوي الشريفما قلت أنا و النبيين من قبلي مثل لا إله إلا الله (5) .
فالعقيدة هي الجانب النظري الذي يدعو إليه الإسلام و يطلب الإيمان به أولا و قبل كل شيء , و هي الأساس التي تبنى عليه الشريعة لكون العقيدة هي القوة المعنوية التي توحي بإحترام الشريعة الإسلامية و قد مضت سنة الله في خلقه أن يكون للعقيدة سلطان على ما يقوم به الفرد من أعمال و تصرفات(6) .
الفرع الثاني: العدل و المساواة بين الناس:
يقوم الإسلام على مبدأ المساواة كدعامة أساسية تحقق العدل في المعاملات بين أفراد المجتمع , فليس هناك تفاضل بين مسلم و آخر إلا بقدر عمله الصالح لقوله تعالى يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (1) وقد بين لنا رسول الله مبدأ المساواة في حجة الوداع فقال:« يا أيها الناس ألا ربكم واحد ,وإن أباكم واحد ,ألا لا أفضل لعربي على أعجمي ولا أعجمي على عربي , ولا أحمر على أسود , ولا أسود على أحمرإلا بالتقوى» مسند أحمد .
وقد حقق الإسلام المساواة في شؤون الإقتصاد فجعل الناس سواسية أمام الفرص المتاحة وله الحق في أن يتملك أو يعمل محققا تكافؤ الفرص(2) . ومنه فالشورى أساس الحكم, والعدالة أساس التعامل , والأخوة الإنسانية قاعدة للعلاقات الإجتماعية في المجتمع الإنساني(3) . و العدالة في الإسلام لها ميزان واحد تطبق على الجميع لقوله تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً (4), فالحكام مطالبون بأن يكونوا شهداء بالقسط أي أن يظهروا العدل ويؤيدوه والرعية أيضا مطالبون بأن يكونوا شهداء ,فقد جعل الله الحكم بين الناس بالعدل أمانة وأصل من الأصول التي يقوم عليها الحكم في الإسلام(5).
الفـرع الثالـث :التكافل الإجتماعي:
أي أن يكون كل فرد في كفالة جماعته يؤدي ما عليه من حقوق وواجبات ,فالتكافل الإجتماعي يوجب العمل على سلامة كل قوى الآحاد لتسير في قافلة الجماعة الإسلامية .و قد وضع الإسلام هذا النظام ليحرم الظلم والعدوان ويحرم كل طرق الكسب غير المشروع(6) (كالربا,الرشوة……) فإن الطرق المشروعة في الكسب لا ينجم عنها في الغالب إلا الربح المعقول المتفق مع سنن الإقتصاد. أما الأرباح الفاحشة و الثروات الضخمة فإنها تكون في الغالب نتيجة لعمل غير مشروع ,وفي تحريم النظام الإقتصادي الإسلامي لهذه الطرائق تحقيق لتكافؤ الفرص بين الناس ,والقضاء على أهم عامل من العوامل التي تؤدي إلى إتساع الفروق الإقتصادية بين الأغنياء والفقراء وتحقيق المساواة في المعاملات التجارية ,والتي من بينها نذكر(7) :
1)- تحريم الربا:
قام النظام الإقتصادي الإسلامي على أساس منع جميع طرق الكسب الغير المشروع .إن الزيادة التي تأتي للأموال عن طريق الربا هي زيادة في الظاهر,ولكنها ليست زيادة في نظر الخالق ولا في الواقع لأنها لا تزيد شيئا في الثروة العامة للمجتمع قال تعالى: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275) يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276) إِنَّ الَّذِيـنَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحـَاتِ وَأَقَامُوا الصَّـلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجـْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُــمْ يَحْزَنُونَ(277) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ (279) وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (280) (1) .
وقد قضي الرسول بعد تحريم الربا ,على جميع الفوائد التي ترتبت على ديون قديمة .
وهذه المعاملات الربوية غير سليمة من الناحية الإقتصادية لأن الفائدة التي يحصل عليها المقرض تزيد من أعباء المقترض, علما أن المقترض لا يلجأ إلى الإقتراض إلا إذا ضعفت وسائله المالية عن مواجهة إحتياجاته الضرورية . ومن الناحية الأخرى فإن التعامل بالربا يؤدي إلى توسيع الفروق في الثروة بين الأغنياء والفقراء لما يؤدي إليه من حدوث فرق شاسع بين طبقات المجتمع , وبين دخول الأفراد في الدول النامية والدول المتقدمة.
2)- النهي عن الكسب المال بطرق غير مشروعة:
أ- النهي عن الغش والتدليس : المراد بالغش كل ما خالق الحقيقة التي يريدها الطرف الثاني ,أما التدليس فهو كتمان عيب السلعة عن المشتري وكلاهما حرام, لقول الرسول«من غشنا فليس منا» رواه المسلم ,وقوله«البيعان بالخيار مالم يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كذبا و كتما محق بركة بيعهما » رواه المسلم .
ب- منع الإحتكار2)
لغـة:هو إحتباس الشيء إنتظارا لغلاءه .
شرعا:شراء طعام ونحوه وحبسه إلى الغلاء, كإحتكار الزرع لحين أوقات الغلاء لقوله عليه الصلاة والسلام «من إحتكر حكرة يريد أن يغلي بها على المسلمين فهو خاطئ» مسند أحمد .
ج- البيوع المنهي عنها :
ج-1- بيع الغـرر : الغرر لغـة :لقوله سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (3)
قال أبو إسحاق: أي ما خدعك وما سول لك حتى أضعت ما وجب عليك وقال غيره ماغرك أي ماخدعك بربك وحملك على معصيته والأمن من عقابه فزين لك المعاصي والأماني الكاذبة ولم تخفه وأمنت عقابه(4)والغرر مثل بيع السمك في الماء والطير في الهواء .
ج-2- بيع السـوم: لقوله «لا يبيع أحدكم على بيع أخيه ولا يسوم على سومه»رواه البخاري ومسلم .
أي إذا جاء أحد المشترين و سام السلع يشتريها فلا تسوم أنت بسعر آخر.
ج-3- بيع الجلب: بيع السلع المستوردة والتي يحتاجها البلد بأسعار باهضة إستغلالا لحاجات الناس .
ج-4- بيع المفروض : وهو البيع للمضطر الذي إذا لم يحصل على المبيع قد يلحقه ضرر شديد أو هلاك(5).
الفـرع الـرابـع : الملكية في الإسلام .
و تتضمن ما يلي : (I مفاهيم حول الملكية : لملكيـة : لغـة :تعني الإحتواء للشيء و التصرف فيه تصرفا يستقل به المالك دون غيره .
إصطلاحا:فقد عرفت في إصطلاح الفقهاء بأنها : )إختصاص حاجز شرعا, يصوغ لصاحبه التصرف فيه إلا لمانع) (1) .
أما تعريف بعض علماء السلف(2) :
أ- تعريف القُرافيأنها حكم شرعي مقدر في العين أو المنفعة بمقتضى من يضاف إليه من إنتفاعه بالمملوك و العوض عنه حيث هو كذلك) .
ب-الشيخ إبن تيمية – رحمه الله-(الملك هو القدرة الشرعية على التصرف بمنزلة القدرة الحسية)
ج – تعريف الشيخ محمد أبو زهرة – أ حد العلماء المعاصرين-هي العلاقة التي أقرها الشارع بين الإنسان و المال و جعله مختصا به ليتمكن من الإنتفاع به بكل الطرق السائغة شرعا و في الحدود التي بينها المولى ).
وفي الأخير نلخص من التعريفات السابقة إلى القول بأن:الملكية إختصاص يمكن صاحبه من أن يستبد بالتصرف و الإنتفاع عند عدم وجود مانع شرعي أو قانوني و قد قيد بأن لا يترتب عليه إضرار بالغير وهذا ما إنتهى إليه الفقه و القضاء في عصرنا الحالي وسبقت إليه الشريعة الإسلامية منذ 14قرنا من الزمان(3).
(II نظرة الإسلام للملكية :
أ- الإستخــلاف : الإستخلاف مسمى قرآني ينصرف إلى المركز الذي خص به الله تعالى الإنسان دون غيره من المخلوقات تكريما و إختبارا(4).
والإستخلاف أيضا معناه التمكين و التسلط , فإستخلاف البشر في الأرض معناه أن الله -جل شأنه- أسكنهم الأرض و إستعمرهم فيها و منحهم حق التسلط على ما فيها(5).
أ-1- أركـان الإستخـلاف:الله هو المستخلف والإنسان هو الخليفة والأرض هي موضوع الإستخلاف والدين هو دليل الإستخلاف .
أ-2- شـروط الإستخـلاف:وللإستخلاف شروط مادية و أخرى إعتقادية (6):
– شـروط مـاديـة : تتمثل في التسخير ,فالله سبحانه وتعالى قد سخر مفردات هذا الوجود للإنسان على نحو يمكنه من الإستفادة منها لقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ(7).
– شـروط إعتقـاديـة :تتمثل بتعهد الله سبحانه وتعالى بهداية البشر زيادة على تعهده بتوفير المستقر والمتاع لقوله تعالى:قُلْنَا اهْبِطُـوا مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُـدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِـمْ وَلا هُـمْ يَحْزَنُونَ (8) , وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى(9).
ب- المال مال الله :
عرفه جمهور الفقهاء بأنه: ما كان له قيمة مادية بين الناس وجاز شرعا الإنتفاع به في حال السلع(1) .
أما المال في المفهوم الإسلامي: هو مال الله إستخلف البشر فيه، فلو رجعنا إلى منطقنا البشري لوجدنا أن صانع الشيء هو مالكه،فالله جل شأنه هو الذي خلق السموات والأرض وما بينهما ولكن ملكية الله لكل شيء لاتعني حرمان الإنسان من جهده أو منعه من التصرف فيما يحصل عليه نتيجة جهده وعمله,إنما تعني هذه الملكية تذكير الإنسان بما سيؤول إليه أمره عندما ينتهي دوره في هذه الحياة أن الذي يبقى له نتيجة هذا الإستخلاف عن الله في الأرض هو صالح عمله(2).
-(IIIأنـواع المـلكيـة 3)
-1-(III الملكية الفردية :إن المالك الأصلي هو الله سبحانه وتعالى ولكن الله إستخلف الإنسان في ملكه, نجد أن الإسلام أقر بمبدأ الملكية الفردية لقوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ(4).
-2-(IIIالملكية الجماعية :وقد أقرها الإسلام في الأشياء التي لايصح أن يستأثر بها الأفراد مثل الماء والكلأ والنار،لقوله « الناس شركاء في ثلاث:الماء والكلأ والنار» رواه أبو داود
-3-(III ملكية الدولـة : للدولة كذلك الحق في وضع يدها على بعض الممتلكات للتصرف فيها بمقتضى المصلحة العامة ولكن ولي الأمر مفوض ومستخلف ليوجهها وفقا لما تمليه المصلحة العامة الجماعية ومثال ذلك مايرد إلى بيت المال .
(IV طرق كسبها في الإسلام(5):
1- العقود الناقلة للملك من مالك لآخر البيع والهبة والوصية .
2- الميراث : بأن يخلف شخص أخر فيما يملكه بسبب القرابة أو الزوجية أو الولاء حسب ما رسمه الشرع.
3- الشفعة: هي حلول الشريك أو الجار محل المشتري في ملكية العقار المباع إذا طلب أحدهما ذلك(6).
4- عن طريق العمل(زراعة ,صناعة,تجارة).
5- عن طريق ما يأخذه المسلم من الغنيمة و الفيء أو عن طريق أخذ ما يستحق من الزكاة المفروضة ومن أموال بيت مال المسلمين.
المبحـث الثـانـي : دور الدولة في الإقتصاد الإسلامي :
وفي ظل الإقتصاد الإسلامي تتدخل الدولة في النشاط الإقتصادي الذي يباشره الأفراد,سواء المراقبة هذا النشاط أو لتنظيمه فالدولة مسؤولة عن إيجاد إطار صحيح للتفاعل المناسب بين الموارد البشرية والقيم الروحية والمادية والمؤسسات الإقتصادية الرقابية لتحقيق أهدافها.
ولتوضيح مدى تكفل دور الدولة في الإقتصاد الإسلامي ندرج مايلي :
المطلـب الأول : مفهوم الدولة وخصائصها:
ولمعرفة الدور الإيجابي للدولة في الإقتصاد الإسلامي يجب أن نتطرق إلى تعريفها وخصائصها وذلك من خلال مايلي :
أولا :مفهوم الدولة: هناك تعاريف متعددة نذكر منها مايلي1)
1- من وجهة نظر قانونية : تُعرف بأنها مجموعة من الناس يعيشون بصورة دائمة فوق إقليم جغرافي ويخضعون لسلطة سياسية معينة .
2- من وجهة نظر إقتصادية : تعرف بأنها المؤسسة المكلفة بوضع وتطيق السياسات الإقتصادية ويعتبر هذا التعريف أن الحكومة هي كالدولة.
3- أما تعريف ابن تيمية للدولة أنها جهاز إجتماعي فعال وظيفته تنمية الحياة الإنسانية في الإتجاهات الخيرية التي رسمها الإسلام(2).
4- التعريف الأشمل للدولة:تعرف بأنها ذلك الجهاز المؤسسي الذي يضطلع بإدارة شؤون المجتمع, وفق مشروع حضاري في إقليم جغرافي محدد وفي محيط حيوي لتحقيق التنمية الشاملة .وفي إطارها ترتفع المقدرة الإنجازية المجتمعية بما يضمن بلوغ أهداف المجتمع وتعظيم مصالحه ومواجهة تحدياته الحالية والمستقبلية.
ثـانيـا:خصائص الدولة: نذكر منها3)
1- كونها دولة للمجتمع وليست جهاز للنخبة: أي في الدولة توجد مشاركة حقيقية من المجتمع في صناعة القرار وتأكده من أهمية الإختيار.
2- الدولة قائمة على المشروع الحضاري الذي يجسد هوية المجتمع: وهذه الخاصية تجعل الدولة تعمل على تثمين تجربتها التنموية بالحفاظ على المنجزات المتحققة بضمان تواصلها ,وبالمقابل نتخلص من الإنحرافـات وتقلل من إنعكاساتها السلبية وهذا بخلاف وضعية الدولة التابعة .
3- الدولة تقوم على القدرة والكفاءة:القدرة تعني أن الدولة تجسد إمكانياتها في القيام بمهامها بجدية وفي إنجاز وتنفيذ أعمالها بفعالية التي تنعكس مباشرة على حركية الحياة الإقتصادية. أما الكفاءة فتعني أن الدولة تقوم بدورها بدرجة عالية من المهارة والإحسان عن طريق إختيار أفضل البدائل في إنجاز المهام والوصول إلى أقل تكاليف في تنفيذ الأعمال وقدرة وكفاءة الدولة ليستا ثابتتين لكي تستوعب تطورات الأوضاع الداخلية والخارجية وتتجاوب مع مستجدات الحياة الإقتصادية والإجتماعية .
4- كون دولة التنمية تقوم على المبادئ و تراعي القيم المجتمعية: تقوم على تفعيل المبادئ المحورية التي تميز الأمة ومجتمعاتها عن غيرها وتعمل على ترسيخ القيم المجتمعية الإيجابية التي تبرز جوانب الخصوصية الحضارية لبعث نموذج دولة معينة ترتكز على مبادئ كبرى منها:مبدأ الشورى ,مبدأ العدل,مبدأ المساواة,مبدأ ضمان الحريات,مبدأ كفالة الحقوق .
المطلـب الثاني:دور الدولة في الإقتصاد الإسلامي
تسعى الدولة من خلال تدخلها في النشاط الإقتصادي إلى تدعيم إستقلالها السياسي بإستقلالها الإقتصادي من خلال ترشيد منافع الموارد الإقتصادية المتاحة لتحقيق الرفاهية المتوازنة للمجتمع. ومن أهم الأدوار التي تقوم بها الدولة مايلي(1)
أولا : دور الدولة في مراقبة الأنشطة الإقتصادية :الحرية هي الأصل في ممارسة الأنشطة الإقتصادية ,خاصة عندما تسير هذه الأنشطة في الطريق المثالي ,غير أن الواقع يبين أن إعتبارات كثيرة تتدخل لتغيير هذا الطريق بما يؤدي إلى الإخلال بالمصالح العامة عندئذ تتدخل الدولة لتمنع التصرفات الضارة بالمجتمع .فالدولة لا تتدخل في النشاط الإقتصادي للأفراد إلا عندما ترى مخالفة للأحكام العامة للتشريع الإسلامي .
ثـانيـا:إستخدام الموارد وتوزيع الثروات والمداخيل :تعمل الدولة على تجسيد القواعد التي ترشد عملية إستخدام الموارد المجتمعية فقد تنفرد بحُسن تعبئة الموارد المعنوية و كذلك الإستخدام الرشيد للموارد المادية عن طريق التأكد الميداني على حرية التملك ورعاية وحفظ الأموال الخاصة والعامة والتحفيز على الإستثمار والتشجيع على الإنتاج بإستخدام الوسائل المالية كالزكاة ،أما في مجال التوزيع فإن دور الدولة شمل توزيع بعض المصادر المادية وتنظيم عملية الإنتفاع بها وإعادة توزيع الدخول والثروات بصورة إجبارية (الزكاة) وقد تحتل الدولة في التجربة الحضارية
الإسلامية مكان الزيادة وتبوأت بموجبها مقعد السبق في القيام بهذه الوظائف الإقتصادية(2).
ثـالثـا : دور الدولة في مجال ضمان حيوية الحركية الإقتصادية:كانت الدولة منذ بداية نشأتها متدخلة في الحياة الإقتصادية ولم تكن حارسة فقط في أوقات الشدة والرخاء ،حيث شاركت في بناء القاعدة الهيكلية الإقتصادية والإجتماعية وحاولت تنويع مصادر إيراداتها لتغطية نفقاتها العامة وكانت في بداية تأسيسها تعتمد على القطاع الزراعي التجاري وذلك عن طريق القيام بإنشاء السدود وشق الترع وإصلاح الأراضي وتجديد صيغ وأساليب الإستثمار الزراعي وهذه الوظيفة عدها البعض من واجبات الدولة بقول العلامة ” الماوردي ” : “عمارة البلدان بإعتماد مصالحها وتهذيب سبلها ومسالكها من مسؤوليات الحاكم الواجب القيام بها”ولهذا نجد الدولة في البلاد الإسلامية قد إهتموا بحفر الآبار والأنهار… وظهرت أهمية الإنفاق العام في التأثير في ديناميكية الحركة الإقتصادية ومن خلال معاينة إبن خلدون للوقائع الإقتصادية في البلاد الإسلامية أشار إلى أهمية الطلب الحكومي في تحقيق الرواج الإقتصادي وتنمية بعض الصناعات الأساسية(3)
رابـعـا: دور الدولة في تحقيق العدالة الإجتماعية :يعتبر تدخل الدولة في الإقتصاد الإسلامي تطبيق لمبدأ من المبادئ الأساسية التي تقوم عليها ، وهو التوجيه الإداري للإقتصاد الإسلامي من خلال التوازن الإجتماعي .وإن بدا هدفا قصير المدى تلتزم الدولة بتحقيقه إلا أنه يعتبر وسيلة في المدى الطويل، ذلك بإعتبار أن التوازن الإجتماعي كوسيلة للعدالة الإجتماعية . والضمان الإجتماعي كوسيلة لتحقيق التوازن الإجتماعي حيث أن التوازن الإجتماعي هو توازن بين أفراد المجتمع في مستوى المعيشة- لا في مستوى الدخل- والتوازن في مستوى المعيشة معناه أن يكون المال موجودا لدى أفراد المجتمع ومتداولا بينهم .والضمان الإجتماعي مسؤولية الدولة في
الإقتصاد الإسلامي ويقوم على أساسين هما التكافل العام بين أفراد المجتمع المسلم وحق المجتمع المسلم في موارد الدولة العامة.
خامسا :دور الدولة في التأثير في العلاقات الإقتصادية الخارجية :يعتبر الإسلام الدولة هي المسؤولة عن حماية الإقتصاد الإسلامي ويقرر ذلك قاعدة من القواعد التي يقوم عليها نظامه الإقتصادي ومن هذا تتولى الدولة في الإقتصاد الإسلامي الإشراف المباشر على العلاقات الإقتصادية التي تربطها بالعالم الخارجي كحماية الإقتصاد الوطني من المنافسة أوبناء القدران لتعزيز نمو الصادرات وترقية التجارة مع الدول الإسلامية.ويهدف إشراف الدولة على العلاقات الإقتصادية الخارجية إلى القيام بكل مامن شأنه أن يحقق مصلحة للأمة أوأن يدفع عنها مفسدة .
المطلب الثالث: وظائف وأسس الدولة .
إن للدولة في الإقتصاد الإسلامي وظائف وأسس يجب عليها القيام بها والإنتهاج عليها .
الفـرع الأول: وظائف الدولة: نذكر مايلي(1):
1– حفظ الدين على أصوله المستقرة وما أجمع عليه سلف الأمة.
2 – إقامة الحدود لتصان محارم الله تعالى من الإنتهاك وتحفظ حقوق عباده من الإتلاف والإستهلال.
3– تنفيذ الأحكام بين المتشاجرين وقطع الخصام بين المتنازعين حتى تعُمّ النصفة (العدل) فلا يعتدي ظالم ولا يٌضعف مظلوم.
4– جهاد من عاند الإسلام بعد الدعوة حتى يُسلم أو يدخل في الذمة حتى يُقام عليه حق الله في إظهاره على الدين كله.
5– جباية الفيء والصدقات على ما أوجبه الشرع نصا واجتهادا من غير خوف ولا عسف .
6– تقدير العطايا وما يستحق في بيت المال من غير سرف ولا تقتير ودفعه في وقت لا تقديم فيه ولا تأخير.
7– تحديد أسعار السلع والخدمات عندما تستدعيه الضرورة العامة لحماية مصالح الجماعة ,كذلك إلغاء ومنع المعاملات المالية المحرمة الأخرى كالبيوع المنهي عنها و أنواع الغش سواء في المبيعات أو في الأوزان والمكاييل بالإضافة إلى ضبط السلوكات الأخلاقية حيث تأمر الدولة بأداء الأمانة والصدق في المعاملة والنصح في الأقوال والأعمال والوفاء بالإلتزامات المالية(2).
8– إستكفاء الأمناء وتقليد النصحاء فيما يفوضه إليه من الأعمال ويوكله إليهم من الأموال ،لتكون الأعمال بالكفاءة مضبوطة والأموال بالأمناء محفوظة.
والباحث في نظام الدولة الإسلامية يجد أنها تقوم بالخدمات الأساسية التي يتطلبها المجتمع الإسلامي كالدفاع والقضاء والأمن وما تقوم به للتكافل الإجتماعي– التي تميزت به– أي أنها كانت دولة حامية لا تتدخل في النشاط الإقتصادي إلا بقدر ضئيل لتمنع الإستغلال والإحتكار(3)
الفـرع الثاني : أسس الدولة في الإقتصاد الإسلامي 1)
1- إخفاق الدولة المتدخلة بكثافة في الحياة الإقتصادية قد أثبتت التجربة بأن تدخل الدولة له إنعكاسات سلبية على مستوى إستخدام الموارد حيث إتصفت بالتبذير وإرتفاع التكاليف وبالتالي فالتدخل الواسع في أنظمته اللاسوفية مليء بالعيوب فيما يتعلق بمعيار العدالة والتأخير في إتخاذ القرارات البيروقراطية.
2- أهمية الحرية الإقتصادية والدور الإيجابي الذي يلعبه القطاع الخاص في ظلها: كلما كانت الحرية كلما توفر المناخ الملائم لتعبئة الموارد الإقتصادية الخاصة ولحسن إستخدامها وقد ثبت بأن الإعتداء على الأملاك الخاصة يؤدي إلى معاكسة الفطرة الإنسانية وتعطيل جانب كبير من القدرات المتاحة للإقتصاد الوطني ،الأمر الذي يعد مؤشرا على إخفاق الجهود التنموية والتغييرية.
3- مكانة القطاع العام والدور الذي يلعبه : عندما تتجاوز القدرات الإستثمارية للقطاع الخاص أو لإرتفاع تكاليف الأبحاث والدراسات المتعلقة بتطور ذلك النشاط وإستمراره ،فهذه الميادين أوضحت أن التعويل على القطاع الخاص فيها غير مجد، وهو ما أدى إلى قيام قطاع عام قوي وكفء كما حدث في جميع البلدان المتقدمة حاليا.
4- أهمية التخطيط الإستراتيجي لتعبئة كافة الموارد: إن مسألة تعبئة الموارد لمواجهة مشكلات التخلف الداخلي والتخفيف من آثار العولمة تعتبر من أهم الضوابط التي تحكم دور الدولة الإقتصادية.
ولما كانت علاقات التعاون الخارجي والشراكة الأجنبية هي قبل كل شيء موازنة بين المصالح والتكاليف فإن ذلك يستدعي قدرة تفاوضية لها حكمة المفاوضة بين البدائل التي تحقق المصلحة الحقيقية الدائمة للإقتصاد الوطني. وترتفع المقدرة الإنجازية للأهداف الكبرى إذا تم إعداد خطة سياسية إستراتيجية طويلة المدى ،وهذا سوف يساعد على إعطاء توجه واضح لسياسات الحكومة و برامج الإنفاق وعلى إتخاذ تدابير فعالة لدفع عجلة التغيرات الهيكلية بغية تمكين الحكومة والقطاع الخاص من تقديم مساهمتهما الكاملة.
5- تطور أزمة الإقتصاديات النامية : وتزايد التحديات التنموية يتطلب مشاريع جادة وأصلية للإصلاح والتغيير بعيدة عن تلك الوصفات الإرتجالية والمشاريع التنموية لا نعتقد أنها وليدة الصدفة واليد الخفية بل تتطلب وجود دولة مؤسسية لها مصداقيتها المجتمعية التي تؤهلها بل تتطلب وجود دولة مؤسسية لها مصداقيتها المجتمعية التي تؤهلها وتمكنها من القيام بدورها وهذا لا يمكن تحقيقه إلا إذا كانت حكومات شرعية أي أنها حصلت على تفويض من الشعب وأن تكون مسؤولة أمامه على نجاحها أو فشلها في وضع وتنفيذ السياسات الملائمة(2) .
المبحث الثالث : عموميات حول السياسة المالية في الإقتصاد الإسلامي
كان للدولة الإسلامية سياسة مالية متميزة تنبثق من سياستها الشرعية في ظل إقتصاد لَهٌ سمات خاصة فهي دراسة تحليلية للنشاط المالي لما تتضمنه من تكييف كمي لحجم النفقات العامة فلها أهمية ومفهوم و أسس تقوم عليها وهذا ماسنوضحه في هذا المبحث من خلال مفهوم السياسة المالية وأهميتها والأسس التي تقوم عليها .
المطلب الأول :مفهوم السياسة المالية في الإقتصاد الإسلامي
تستخدم السلطات المالية مختلف إجراءات السياسة المالية لتحديد نشاطها المالي والإقتصادي ،علما أن السياسة المالية لم تتخذ موقف الحياد المالي في الإقتصاد الإسلامي .
الفرع الأول :تعريف السياسة المالية في الإقتصاد الإسلامي:
للسياسة المالية عدة تعاريف نذكر منها:
أولا : أصل وضع السياسة في اللغة:ساس الأمر سياسة أي قام به فالسياسة القيام على الشيء بما يصلحه ،والسياسة فعل السائس. أما إصطلاحا فهي إستصلاح الخلق بإرشادهم إلى الطريق المنجي في العاجل والآجل, فهي من الأنبياء على الخاصة والعامة في ظاهرهم وباطنهم ،ومن السلاطين والملوك على كل منهم في ظاهرهم لا غير, ومن العلماء على الخاصة في باطنهم لا غير(1) .
ثـانيـا:تعد الساسة المالية في الإقتصاد الإسلامي فرع من فروع السياسة الشرعية وتعرف بأنها “جميع القرارات ذات الصبغة المالية التي يتخذها ولي الأمر أو من ينوب عنه ،سواء كان إجتهاد”ا منه لتطبيق نص شرعي إجتهادا منه لتحقيق مقاصد الشريعة بصفة عامة ” كما تعرف السياسة المالية في الإقتصاد الإسلامي بأنها ” إستخدام الدولة الإسلامية لإيراداتها ونفقاتها لتحقيق أهدافها في ضوء القواعد والأصول الإسلامية الحاكمة في هذا المجال”(2).
وبناءًا على ماسبق نجد تعريف شامل للسياسة المالية: “بأنها مجموعة من الإجراءات والتدابير المالية التي تنتهجها الدولة إنطلاقا من مبادئ المذهب الإقتصادي المتيح وفي إطار النظام الإقتصادي المطبق وفي مرحلة معينة من مراحل التطور المجتمعي التي تعكس أوضاعا داخلية وظروفا دولية من أجل ضبط وتحصيل وتنمية مواردها المالية بكفاءة وحسن تخصيصها في مجالات الإنفاق المتعددة التي تحقق أهدافا إقتصادية وإجتماعية وسياسية وثقافية(3) .
الفرع الثاني : أهمية السياسة المالية في الإقتصاد الإسلامي :
تتبع أهمية السياسة المالية من كونها الأداة التي يمكن إستخدامها لتصحيح أثار السياسة النقدية والناتجة عن الإجراءات الكمية التوسعية ،فضلا عن كونها الأسلوب الأمثل لإعادة توزيع الدخل والإستثمارات على الإستخدامات الإقتصادية المختلفة .وبذلك تصبح السياسة المالية الأداة الفعالة لتشجيع الإستثمارات للإتجاه نحو المجالات الحيوية وأيضا لحماية الصناعات الوطنية من المنافسة الأجنبية(4).
ولو أمعنا النظر فيما حوَته الشريعة الإسلامية من تنظيمات مالية لأدركنا مبلغ ما أحرزته السياسة المالية في المجتمع الإسلامي من تقدم وإرتقاء فالتشريع الإسلامي فرض عدة ضرائب منها الضرائب على الدخل (كزكاة الزروع و الثمار) و ضرائب رأس المال (كزكاة الأنعام
الذهب و الفضة) و الضرائب غير المباشرة كالضرائب الجمركية المتمثلة في عشور التجارة و بذلك يكون الإسلام قد وضع نظاما ضريبيا متكاملا يقارب في كثير من النواحي للأنظمة المالية الحديثة . كذلك توخي التشريع المالي الإسلامي في فرائض المال أن تقوم على مبادئ العدالة و الملائمة و يقين و الإقتصاد , بالإضافة إلى عدم الإكتناز و ضرورة تثمين فائض الأموال فيما ينمي ثروة المجتمع و يكفل له الإستقرار و يشبع العدالة الإجتماعية(1) .
المطلب الثـانـي :خصائص السياسة المالية في الإقتصاد الإسلامي
السياسة المالية هي دراسة تحليلية للأدوات والوسائل المالية للتأثير على مالية الدولة ولها عدة خصائص نذكر منها2)
– السياسة المالية برنامج تخططه وتنفذه الدولة عن عمد مستخدمة فيه مصادرها الإيرادية وبرامجها الإنفاقية(3).
– إن المصلحة العامة مبدأ يحكم التصرف ولي الأمر في السياسة المالية،غير أنه في الإقتصاد الإسلامي ليس من الضروري أن تتساوى المصالح العامة في الأهمية والأولويات فرغم أن المصلحة العامة تمثل معيارا موضوعيا في إنفاق المال العام فإن إختيارها يخضع لضوابط معينة في الإقتصاد الإسلامي.
– إن الإيرادات العامة في ظل الإقتصاد الإسلامي لا يمكن أن نقول أنها تخضع لقاعدة عدم التخصيص،لان هناك من الإيرادات العامة قد تم تخصيصها بنص شرعي على جهات صرف محدودة منها ما يتكرر بصفة دورية كالزكاة ومنها غير دورية لعدم تكرارها كالغنائم ،والهدف من تخصيص هذه الإيرادات لتوفير حد الكفاية لكل محتاج في المجتمع وتوفير الرعاية والقضاء على الفروق الإجتماعية .أما باقي الإيرادات العامة غير المخصصة بنص شرعي فتوجه إلى إنجاز المصالح العامة حسب ترتيبها .
– تتميز السياسة المالية في الإقتصاد الإسلامي بالحكمة والعدل والرشد في جباية وإنفاق الأموال العامة كإيرادات الزكاة تتميز بالمحلية جمعا وإنفاقا غالبا،وإذا إستغنى أفراد البلد الذي جمعت منه الزكاة يمكن لولي الأمر أن ينفقها فيما يراها للصالح العام.كما أن الضرائب الجمركية(عشور التجارة)تجبي على المصدر الأجنبي تطبيقا لمبدأ المعاملة بالمثل .
– تحمل السياسة المالية في ثناياها عوامل التطور والمرونة التي تجعلها تتلائم مع كل زمان ومكان وبذلك فهي صالحة لمقابلة التطورات المستثمرة بشرط ألا يخل التطور بمبادئ الشريعة الإسلامية وألا تتسم المبادئ المالية بالجمود الذي يجعلها عاجزة عن تحقيق دواعي المصلحة العامة.
– تقتصر رسالة السياسة المالية على تهيئة البيئة المواتية لإزدهار الإستثمار الخاص ونموه وكذا مساندته وسد أي ثغرة إنكماشية أو تضخمية(4).
الخـاتـمـة
وفي الأخير نستخلص أن الإقتصاد الإسلامي هو الإقتصاد الذي يتماشى وفق نصوص الشريعة الإسلامية للمبادئ والأصول والمعاملات (كتحريم الربا والبيوع المحرمة…)،فهو يصبو إلى تحقيق الأهداف التي تحقق المصلحة العامة للمجتمع ويمتاز بخصائص تميزه عن باقي الأنظمة الأخرى كالإشتراكية والرأسمالية.
كما أن للدولة الإسلامية دور فعال في تنمية الإقتصاد وتوجيه المدخرات وتوزيع وإعادة توزيع الدخول والثروات،فهي تبنى على مجموعة من الأسس التي حددت لها وفق المنهج الإسلامي كتحقيق التخصيص الأمثل للموارد كما أنها تقوم بعدة وظائف منها :حفظ الدين،إقامة الحدود،…
ولكي تتجسد لنا دولة قائمة بذاتها تتحدى كل الصعاب ونظرا لتطور الدولة عبر القرون تزايد أهمية السياسة المالية وهي مجموعة التدابير والإجراءات التي تنتهجها الدولة وفقا للمذاهب الإقتصادية وهي تعكس لنا الأوضاع الداخلية والخارجية للدولة، وتحقق السياسة المالية ما وضعت من أجله عن طريق أدوات ووسائل متعلقة إحداها بالنفقات العامة والأخرى بالإيرادات العام
إن نظام المعلومات يلعب دورا هاما و حساسا داخل المؤسسة بصفته منتجا للمعلومات ، فهو يعتبر عنصر حيوي ، إذ على أساس المعلومات التي ينتجها يتم اتخاذ القرارات الفورية و الاستراتيجية للمؤسسة .
هذا ما سنحاول إبرازه في الفصل الأول من هذا البحث من خلال تقسيمه إلى مبحثين ، نعرض في الأول بعض المفاهيم العامة حول المعلومة و النظام و مختلف التعاريف التي تميز بها نظام المعلومات و توضيح أسباب نشأته و أهم أنواعه ، أما في المبحث الثاني فسنكشف الضوء على وظائف، أهداف و خصائص نظام المعلومات وأهم مصادر تصميمه و تطويره .
المبحث الأول :مفاهيم حول نظام المعلومات
حتى يمكن فهم نظام المعلومات علينا أن نبدأ بفهم كل من المعلومة و النظام فالمعلومة هي منتج نظام المعلومات ، مهنا يجب التفرقة بين البيانات و المعلومة فالبيانات هي حقائق خام و قد تكون أرقاما أو حتى رموزا و هي تمثل مدخلات نظام المعلومات و بالتالي فان المعلومة هي بيانات تم تحويلها إلى معلومة و ذلك بتشغيلها .
أما النظام فهو إطار متكامل له هدف واحد أو أكثر من هدف و يقوم بالتنسيق فيما بين الموارد المطلوبة لتحويل المدخلات إلى مخرجات ، والموارد قد تكون خامات أو آلات أو طاقة و ذلك بالاعتماد على نوع النظام .
و نظرا للترابط الموجود بين هذه العناصر الثلاثة أي المعلومة و النظام و نظام المعلومات ، فقد ارتأينا إلى تقسيم هذا المبحث إلى ما يلي :
مفاهيم عامة حول النظام و المعلومــــة .
تعريف و أسباب نشأة نظام المعلومات .
أنواع و مــــوارد نظــــام المعلومـــات .
المطلب1 : مفاهيم عامة حول النظام و المعلومة
1- بعض المفاهيم الأساسية للنظم :
أ- يمكن تعريف النظم على أنه مجموعة من المكونات المرتبطة و التي تكون معا كيانا واحدا ، وهناك العديد من أنواع النظم موجودة في العالم مثلا : المجموعة الشمسية ، جسم الإنسان و غيرها .
* أما مفهوم النظام من منظور نظم المعلومات فهو مجموعة من المكونات المرتبطة و التي تعمل معا نحو تحقيق هدف واحد عن طريق قبول مدخلات من البيئة و إجراء عمليات تحويلية عليها لتحولها إلى مخرجات .
و يعتبر النظام ديناميكيا في حالة قيامه بالوظائف الثلاثة التالية و هي :
– الإدخال : ينطوي على تجميع العناصر اللازمة لتشغيل النظام فمثلا لابد من تجميع المواد الخام ، و الأفراد و البيانات قبل أن يتم التشغيل .
– التشغيل : ينطوي على عملية تحويل المدخلات إلى مخرجات مثل إجراء عملية حسابية على البيانات .
– المخرجات : تنطوي على نقل المخرجات الناتجة من عملية التحويل إلى مقرها النهائي ، مثل توزيع التقارير على المستخدمين .
و يعتبر النظام قادر على تنظيم نفسه إذا تمت إضافة العنصرين التاليين :
– التغذية المرتدة : و هي تمثل معلومات حول أداء النظام مثل : صدور معلومات حول أداء رجال البيع لمدير المبيعات .
– الرقابة : تنطوي على متابعة وتقييم المعلومات المرتدة لتحديد أي انحرافات للنظام عن أهدافه ، وكذلك اتخاذ الإجراء اللازم لتعديل مدخلات و عمليات النظام لضمان الوصول إلى مخرجات ملائمة ، كأن يقوم مدير المبيعات بإعادة توزيع رجال البيع على المناطق البيعية بعد تقييمه للمعلومة المرتدة .
ب- أهم الخصائص التي يتميز بها النظام :
– يجب أن يتكون النظام من مجموعة من الأجزاء تتمثل في المدخلات و عمليات التشغيل و المخرجات و التغذية العكسية و يمكن توضيح هذه الأجزاء من خلال الشكل التالي :
المدخلات عمليات التشغيل المخرجات
التغذية العكسيـة
– يجب أن تكون هناك علاقة متبادلة و متداخلة بين الأجزاء الأساسية .
– يجب أن تعمل أجزاء النظام من أجل تحقيق هدف مشترك قد يكون في شكل إنتاج سلعة مادية ملموسة أو خدمة غير ملموسة أو إتاحة معلومات كما هو الحال بالنسبة لنظام المعلومات .
2- بعض المفاهيم الأساسية للمعلومة :
أ- يمكن تعريف المعلومة على أنها هي المعرفة التي لها معنى و مفيدة في تحقيق الأهداف ، و يجب أن تتصف المعلومة بالدقة في الوصف و السرعة في تحضيرها و جلبها إضافة إلى تميزها بالبساطة .
ب- نحصل على المعلومات من المصادر التالية :
– المصادر الداخلية : هذه المصادر تعطي البيانات على شكل رسمي و غير رسمي من داخل المؤسسة و يتم تجميعها للأحداث الواقعة حقيقة ، و بمجرد الحاجة إلى المعلومات يتم تصميم أسلوب لجمعها و استخراج الحقائق منها .
– المصادر الخارجية : تتشكل من المعطيات الناتجة عن المحيط الخارجي للمؤسسة و تشمل أطرافا متعددة فالحكومة مثلا تصدر معلومات عن القوانين و السياسات الاقتصادية ، إضافة إلى هذا هناك مصادر أخرى كالموردين والعملاء .
– المصادر الشفهية : تعرف على أنها المناقشات التي تجري بين العمال و كذا اللقاءات و الاجتماعات .
– المصادر الوثائقية : و تنقسم بدورها إلى مصادر أولية وأخرى ثانوية :
– حيث أن المصادر الأولية تتمثل في الدوريات و البحوث الميدانية و كذلك الأطروحات الجامعية ، ومن ميزات هذه المصادر أنها وسيلة للوصل إلى الكثير من الناس كما أنها تكون من قبل خبراء .
– أما المصادر الثانوية فيمكن حصرها في القوانين و الأجهزة الحكومية و كذا المطبوعات و المنشورات ، ومن ميزة هذه المصادر أنها محددة و جاهزة وتكلفتها رخيصة نسبيا و تقدم حجم كبير من المعلومات .
ج- هناك طرق متعددة لجمع المعلومات و يتم اختيار أنسب طريقة تبعا إلى الاحتياجات و فيما يلي ذكر أهم الطرق :
– البحث و فحص السجلات : و تتم عن طريق متابعة الخريطة التنظيمية للملفات و التقارير و نماذجها ، سجلات العمل ، القرارات ، الشكاوى إضافة إلى المشاكل التي سجلت حين إعداد و تنفيذ الخطط و الموازنات و كذلك خرائط المسارات .
– أسئلة الاستبيان : هي استمارة يتم ملؤها من قبل المستوجب الذي يعتبر سيد القرار ويعتبر الاستبيان طريقة للكشف عن الحقائق و ميول الأفراد .
– المقابلة الشخصية : هي من أهم الطرق للحصول على المعطيات إذ تساعد في ملاحظة سوك الأفراد و الجماعات ومعرفة آرائهم .
– الملاحظة : تعتمد على إرسال الملاحظين لتسجيل الوقائع أثناء العمل على شكل إحصائيات الرقابة الموجودة .
– العينات : هي عبارة عن أخذ عينة من المدخلات و المخرجات أو عينة من المواقف مثل عينة على طلبات البيع ، شكاوى العملاء ، الموظفين .
– الأنترنت : إن الأنترنت أو ما يعرف بشبكة الشبكات ، هي من أحدث طريقة لجمع المعلومات ظهرت مع التطور التكنولوجي ، وسببها التفتح العالمي إضافة إلى الخدمات التي توفرها الشبكة فهي تتميز بسهولة الاستعمال و تكلفة منخفضة .
المطلب2 : تعريف نظام المعلومات و أسباب نشأته
1- تعريف نظام المعلومات : نظام المعلومات هو إطار يتم في ظله التنسيق بين الموارد ( موارد بشرية ، موارد مادية) ، لتحويل المدخلات ( البيانات ) إلى مخرجات ( معلومات ) و ذلك لتحقيق أهداف المشروع .
و لقد تعددت تعاريف و مفاهيم نظام المعلومات و ذلك حسب اختلاف وجهات نظر الباحثين فنجد :
أ-Robert Reix يعرفه بأنه ” مجموعة من الموارد و الوسائل و البرامج و الأفراد و المعطيات و الإجراءات التي تسمح بجمع و معالجة و إيصال المعلومات على شكل نصوص ، صور ، رموز ….. في المؤسسة ” ¹.
ب- و يعرفه عبد الهادي مسلم ” على أنه مجموعة من الإجراءات التي يتم من خلالها تجميع أو استخراج ، تشغيل ، تخزين و نشر المعلومات ، بغرض دعم عمليات وضع القرار و تحقيق الرقابة داخل المؤسسة ” ² .
ج- أما أحمد رجب فقد عرف نظام المعلومات على أنه ” نشاط المشروع الذي ينطوي على تجميع و تصنيف و تبويب و توزيع البيانات ” ³ .
¹ Robert Reix ” Traitement des informations ” édition vubret , 2001 , P165.
² عبد الهادي مسلم ” مذكرة في نظم المعلومات الإدارية – المبادئ و التطبيقات – ” مركز التنمية الدراسية مصر ، 1994 ، ص 16 .
³ أحمد رجب عبد العالي ” المعاصرة في اللآمحاسبة الإدارية ” الدار الجامعية للطباعة والنشر، بيروت ،1992 ص13 .
2- أسباب نشوء نظم المعلومات : تعددت الأسباب حول استخدام نظم المعلومات هذه الأسباب يمكن حصرها في العوامل التالية :
2-1- المشكلة الإدارية : إن جوهر المشكلة الإدارية يتمثل في اتخاذ القرارات التي تحدد كيفية توزيع الموارد المحدودة على أوجه الاستخدام الغير محدود ، حيث أن الإدارة الغير السليمة لا تملك القدرة للسيطرة على العوامل الخارجية التي تتأثر بها لكن تستطيع أن تخفف من أثرها السلبي ، كما أن تلك القرارات تتخذ في ظروف تتصف بنقص المعلومات و عدم التأكد وصعوبة الرؤية المستقبلية و هذا كله يتطلب نظام معلومات فعال يساعد الإدارة على تقدير الاحتمالات المستقبلية بصورة صحيحة و اتخاذ القرارات السليمة .
2-2- تقسيم العمل : إن تقسيم العمل أدى إلى ظهور تبادل المعلومات ، فالمؤسسة تنقسم اليوم إلى العديد من الإدارات المختلفة ( المشتريات ، الإنتاج ، التسويق …..) و حتى يتم أداء الأنشطة بشكل فعال يجب أن تتم عملية تبادل المعلومات بين هذه الإدارات و الأقسام بشكل أفقي بين الإدارات في المستوى الواحد ، و عمودي بين الإدارات في المستويات المختلفة من أجل تحقيق الأهداف المرسومة ، و منه نقول أنه كلما زاد التقسيم الوظيفي للعمل زادت أهمية تبادل المعلومات بين الإدارات المختلفة و بالتالي تنشأ الحاجة إلى نظم المعلومات .
2-3- التقدم العملي والفني : إن التطورات العلمية و التقنية للإنتاج تجعل العملية الإنتاجية أكثر تعقيدا ، فالمشروعات أصبحت كبيرة الحجم ، و تحتاج إلى تمويل كبير، كل هذه العوامل أدت إلى صعوبة اتخاذ القرار ، إذ أن كل قرار خاطئ يعود بخسارة كبيرة ، و بالتالي فالمؤسسة تحتاج إلى كم هائل من المعلومات الصحيحة المفيدة و المؤكدة التي يجب أن تتدفق بشكل منتظم بين المراكز الإدارية المتعددة في المؤسسة .
2-4- المنافسة الدولية و المحلية : إن الاقتصاديات المعاصرة تتسم بالانفتاح على العالم أي تقوم على اقتصاد السوق ، حيث توجد مؤسسات عديدة منافسة على الصعيد الدولي و المحلي .
2-5- العرض : نقصد به العرض الذي يتطلب على المؤسسة ضمان بقائها في السوق و استمرارها في العمل في ظل جميع الظروف ، و هذا يتطلب جمع بيانات هامة تساعد المؤسسة على التحدي و متابعة كل التغيرات .
المطلب3 : أنواع و موارد نظم المعلومات
1- أنواع نظم المعلومات ¹ : من أهم أنواع نظم المعلومات ما يلي :
1-1- نظام معلومات الإنتاج : تختص وظيفة الإنتاج بتحويل مجموعة من المدخلات إلى مجموعة من المخرجات في شكل سلع و خدمات ، فمثلا في نظام صناعي مثل صناعة السيارات ـ تقوم وظيفة الإنتاج بتحويل مجموعة من المدخلات متمثلة في الموارد المتاحة من عمالة و رأس مال إلى منتجات نهائية في شكل سيارات .
ويتكون نموذج معلومات الإنتاج من المكونات التالية :
* تخطيط الاحتياجات من الموارد .
* العمليات التحويلية ( تحويل فعلي إلى منتجات و خدمات ) .
* الهندسة الصناعية ( تعمل على اتصال وثيق مع التسويق عند تصميم المنتوج ) .
* الشحن و الاستلام ( العملاء و الموردين ) .
* المشتريات .
* رقابة الجودة .
1-2- نظام معلومات التسويق : منذ عام 1950 بدأت وظيفة التسويق تزداد و تنمو أهميتها و في بعض المؤسسات تتضمن وظيفة التسويق إدارة المخزون و التوزيع المادي للمنتجات النهائية .
و يتكون نموذج معلومات التسويق من المكونات التالية :
* بحوث التسويق ( دراسة السوق ).
* التسعير ( تحديد السعر الصحيح ) .
* الترويج .
* إدارة المبيعات ( نجاح أو فشل التسويق ينسب لقوة رجال البيع ) .
¹ سونيا محمد البكري و إبراهيم سلطان ” نظم المعلومات الإدارية ” دار النشر الجامعية الجديدة ، 2022 ص 254 .
1-3- نظام معلومات التمويل :إن نظام معلومات التمويل يتضمن وظائف محاسبية و تتمثل المكونات الأساسية لهذا النظام في :
* الميزانية ( تعد أداة رقابية لكل الموارد المالية ) .
* محاسبة التكاليف .
* إدارة الأموال ( الغرض هو التأكد من أن الأموال متاحة لمواجهة الالتزامات المالية للتنظيم و في نفس الوقت تنظم العائد على الأموال المتاحة للاستثمار ) .
* المحاسبة المالية .
* التحصيل .
* حسابات القبض ( تعتبر امتداد منطقي للتحصيل ).
* حسابات الدفع ( الدفع للموردين ) .
1-4- نظام معلومات الأفراد : إن نظام معلومات الأفراد لم يلق الاهتمام المناسب و قد يرجع السبب في هذا إلى أن تطبيقات الأفراد عادة ما تكون روتينية مثل أنشطة حفظ السجلات ، وبسبب آخر يرجع إلى أنه ما لم يكن عدد الموظفين كبير فان سجلات الأفراد من السهل المحافظة عليها يدويا .
و يتكون نموذج معلومات الأفراد من المكونات التالية :
* علاقات العمل (يمثل التداخل مع نقابات العمال و غيرها من التنظيمات العمالية ) .
* شؤون الأفراد ( المحافظة على سجلات الأفراد ) .
*التدريب ( يعتبر نشاط غير محدد ويجب أن يتم تحديده وفقا لميزانية معينة ).
* المرتبات و الأجور .
1-5- نظام المعلومات المحاسبي : هو نظام معلوماتي منهجي ، فهو يشمل على خصائص مصدرها طبيعة المحاسبة ، التي تتعلق بالتأثير الاقتصادي للأحداث التي تأثر على أنشطة المشروع .
يقبل نظام المعلومات المحاسبي البيانات الاقتصادية الناتجة من الأحداث الخارجية و يتم التعبير عن معظم هذه العناصر من البيانات في شكل مالي مثل كمية المبيعات للعميل ، و لكنها تحول إلى بيانات كمية في النهاية مثل إجمالي المبلغ المسدد للعميل .
ومن جانب المخرجات ينتج نظام المعلومات المحاسبي المستندات و القوائم و غيرها من معلومات المخرجات التي يتم التعبير عن محتواها بشكل مالي ،هذه المعلومات تساعد على اتخاذ القرار .
2- موارد نظم المعلومات : هناك 5 موارد أساسية يتم استخدامها في استقبال موارد البيانات و تحويلها إلى منتجات معلوماتية ، وهذه الموارد هي :
2-1- الموارد البشرية : إن وجود الأفراد ضروري لعمل أي نظام معلوماتي و هناك نوعين أساسيين من الموارد البشرية و هما المستخدمين النهائيين و الأخصائيون في نظم المعلومات .
2-2- الموارد المادية ” المعدات ” : تتضمن جميع الأجهزة المادية و الموارد المستخدمة في تشغيل المعلومات و هي تشمل الحاسوب و هي وحدة التشغيل المركزية ، و الأجهزة المكملة و نقصد بها مكونات الحاسوب و الوسائط و هي جميع الأشياء الملموسة و التي يتم تسجيل البيانات عليها .
2-3- موارد البرمجيات : تشمل جميع أنواع تعليمات تشغيل البيانات من برنامج و إجراءات .
2-4-موارد البيانات : يتم الاحتفاظ بالبيانات داخل قواعد البيانات ، و التي تتكون من مجموعة من الملفات و السجلات المرتبطة بطريقة منطقية .
2-5- موارد الشبكات : و يستخدم هذا المورد في حالة نظم المعلومات الآلية ،حيث أصبحت شبكات الاتصال ضرورية لقيام المؤسسة بالتجارة و الأعمال الالكترونية في جميع المؤسسات وفي نظم المعلومات .
المبحث الثاني : وظائف و مصادر تصميم نظم المعلومات
إن نظام المعلومات الفعال هو الذي يسعى إلى تحقيق عدة أهداف من خلال الوظائف التي يقوم بها ، و بتعدد الوظائف التي يقوم بها نظام المعلومات تعددت الخصائص و الدعائم التي يتميز بها ، و حتى يبقى نظام المعلومات دائما يتلائم مع استراتيجيات المؤسسة وجب عليه أن يتميز بمصادر تطوير و تصميم خاصة به .
المطلب1 : وظائف و أهداف نظم المعلومات
1- وظائف نظم المعلومات : هناك أربعة وظائف رئيسية موضحة كما يلي :
1-1- وظيفة الإعلام :هي وظيفة الحصول على البيانات و تتضمن تحديد كل البيانات اللازمة سواء داخل المؤسسة أو من خارجها ، في ضوء احتياجات المستويات الإدارية في المؤسسة و الملخصة كما يلي :
أ- الإدارة العليا : تحتاج الإدارة العليا إلى المعلومات اللازمة لتحديد الأهداف و السياسات العامة للمؤسسة ، ووضع الخطط الاستراتيجية التي تمتد لعدة سنوات .
ب- الإدارة التنفيذية : تختص الإدارة التنفيذية بوضع الخطط القصيرة الأجل و تحديد الإجراءات اللازمة لتنفيذها ومن ثم تحتاج إلى المعلومات التالية :
معلومات عن سوق توزيع المنتجات و سوق المواد المستخدمة في الإنتاج .
معلومات عن سوق التوزيع الفعلي للمنتجات و التوزيع المستهدف .
معلومات عن تكاليف العمل و عن مستويات المخزون …الخ .
1-2- وظيفة المعالجة : إن معالجة البيانات هي مجموعة متباينة من العمليات التي تسمح بتغيير المدخلات إلى مخرجات و هي :
أ- إعداد التعليمات الخاصة بتشغيل البيانات : تتحدد هذه التعليمات في ضوء الاعتبارات التالية :
الاستخدام : يحدد طبيعة استخدام المعلومات و ثم طريقة معالجة البيانات .
الخبرات المتخصصة : يشترك متخصصون في وضع تعليمات و برامج التشغيل اللازمة لإعداد التقارير المطلوبة .
تكنولوجيا المعلومات : تحديد التكنولوجيا و الإجراءات الفنية المستخدمة .
ب- تجميع و تحليل وتلخيص البيانات : تتضمن هذه الوظيفة تقييم البيانات للتأكد من صحتها و مناسبتها للغرض التي تستعمل فيه، و يتم تشغيل البيانات بهدف إعداد المعلومات .
1-3- وظيفة التخزين : و تسمى أيضا بتصنيف المعلومات في ملفات ، حيث تحتفظ بجميع المعلومات المتحصل عليها ، بطريقة يسهل الرجوع إليها عند الحاجة و هذا وفقا للتكنولوجيا المتاحة .
1-4- وظيفة الاتصال : إن الوظيفة الحيوية في نظم المعلومات هي إيصال المعلومات إلى مستخدمها النهائي ، و قد يتطلب ذلك نقلها من مكان معالجتها إلى مكان استخدامها باستعمال عدة وسائل :
أ- استخراج المعلومات وفقا لحاجة مستخدميها : بعد تشغيل البيانات يتم استخراج المخرجات التي تحقق الهدف و بعد حفظ نسخة من كل المعلومات، تعد منها نسخة لترسل إلى الأشخاص المعنيين بها .
ب- توصيل المعلومات إلى مستخدميها : ليس للمعلومة أي قيمة إذ لم يتم استخدامها لذلك وجب توصيلها بالشكل المطلوب ، و في الوقت المناسب ، و لا تقتصر وظيفة الاتصال في نظم المعلومات على مجرد توصيل المعلومات بل لابد أن يكون هناك اتصال مزدوج من أجل التأكد من فهم للمعلومة المطلوبة و يمكن أن يكون الاتصال على عدة أشكال مثل أن يكون شفهيا ، مرئيا على شاشة الحاسوب ، مستنديا .
2- أهداف وضع نظم المعلومات في المؤسسة :
* إنتاج معلومة مفيدة .
* تقديم وصف دقيق للمؤسسة .
* تسهيل وضع التقديرات .
* توضيح القرارات الضرورية الواجب اتخاذها .
* استخراج الانحرافات بين التقديرات و الإنجازات ، وإمكانية تحديد أسبابها و تقليصها .
* يسمح بوضع إجراءات تصحيحية مفيدة لحركة المؤسسة .
* ينبه المؤسسة قبل وقوع الخطأ (نظام تنبئي ).
* يساعد المسيرين و العاملين في تحديد المشاكل ، و تطوير المنتجات و إنشاء منتجات جديدة .
المطلب2 : خصائص و دعائم نظم المعلومات
1- خصائص نظم المعلومات :يمكن إجمال خصائص نظم المعلومات في العناصر التالية :
1-1- شبكة الاتصال : يشبه نظام المعلومات حالة شبكة الاتصال في أنه يزود بمسارات معلوماتية إلى الكثير من النقاط ، و هو يساعد المعلومات على التدفق في كل مكان بالمشروع و ربما إلى أماكن خارج المشروع .
1-2- مراحل تحويل و توظيف البيانات : تقوم نظم المعلومات بتحويل المدخلات إلى مخرجات ، و هنا توجد ثلاثة مراحل أساسية في هذا التحويل و هي مرحلة الإدخال و مرحلة التشغيل و مرحلة الإخراج ، وترتبط بهذه المراحل عدة وظائف هي تجميع البيانات و تشغيلها و إنتاج المعلومات ، كما يتم تنفيذ وظائف أخرى هي رقابة و إدارة البيانات .
1-3- إدخال البيانات و إخراج المعلومات : يتم إدخال البيانات خلال مرحلة الإدخال بينما يتم الحصول على المعلومات خلال مرحلة المخرجات ، وعليه فان البيانات هي الخامات التي تتحول إلى منتجات معلوماتية ، كما تنتج المعلومات لمختلف الأهداف و المستخدمين .
1-4-مستخدموا المعلومات : يتم إنتاج المعلومات من نظام المعلومات بالمشروع وذلك لاستخدامه من طرف المستخدم الداخلي أو الخارجي ، و يشمل المستخدم الداخلي المديرين و الموظفين بالمشروع ، أما المستخدم الخارجي فيشمل كافة الجهات المهتمة خارج المشروع مثل الدائنين و الموردين و حملة الأسهم و الوكالات الحكومية و اتحاديات العمال .
1-5- الأهداف : أي نظام معلومات بأي مشروع له ثلاثة أهداف أساسية هي :
التزويد بالمعلومات المساندة لعملية اتخاذ لقرار .
التزويد بالمعلومات المساندة للعمل اليومي الروتيني .
التزويد بالمعلومات المساندة .
1-6- الموارد : يحتاج نظام المعلومات إلى موارد لإتمام وظائفه ، ويمكن تبويب هذه الموارد على أنها بيانات ، مهمات ، معدات ، أفراد و أموال وعموما يتم شرح نظام المعلومات حسب موارده ، فنظام المعلومات الذي يعمل باستخدام الموارد البشرية هو نظام معلومات يدوي و نظام المعلومات الذي يركز على استخدام المعدات يعرف على أنه نظام معلومات الكتروني .
إدخال البيانات و خروج المعلومات من نظام المعلومات
المشروع
معلومات تساعد متخذ بيانات غير روتينية
القرارات الإداريــــة أهداف وسياســـــات
و معايير معتمدة على
القرارات الإداريـــة
معلومات تساعد متخذ العميلات الروتينيـــــــة
القرارات الخارجي و البيانات الغير روتينية
و للعمليات اليومية نظام المعلومات من المصادر الخارجية
و تعكس التطــــور
معلومات لمتابعة
العمليات اليومية
بيانـــات روتينيـــــة
من العمليات الداخلية
المصدر : د. ثناء على القباني ” نظم المعلومات المحاسبية ” دار الجامعية الإسكندرية ، 2022 – 2022
ص 13.
2- دعائم نظام المعلومات : في أغلب الأحيان يفضل التمييز بين مختلف دعائم نظام المعلومات تبعا للغاية من وجودها و الشكل التالي يمثل تقسيم دعائم نظام المعلومات :
دعائم الأنظمة
أنظمة مدعمة للعمليات بنك المعلومات أنظمة مدعمة للتسيير
معالجة دعم ومراقبة دعم عمليات أنظمة وضع الأنظمة المدعمة
المعاملات العمليــــــات المكاتب و التقـــــاريـــر للقرار
الصناعيــــة الاتصال
المصدر :
Robert Reix ” Systèmes d’information et management des organisations ” édition vubert , 2001 , , P 97 .
2-1- الأنظمة المدعمة للعمليات : هذه الأنظمة التي تزود بالمعلومات مختلف الأنشطة ، يمكن أن تكون على 3 أشكال مختلفة :
أ- أنظمة معالجة المعاملات : إن أي مؤسسة تجري عدة معاملات ( الشراء ، البيع اللوائح ،القوانين ) ، إذا لتحضير هذه المعاملات لابد من إتمام عدة عمليات متعلقة بمعالجة المعلومات و غالبا ما تكون هذه العمليات مادية .
ب- دعم ومراقبة العمليات الصناعية : في أغلب الأنشطة الصناعية يتم مراقبة تشغيل الأجهزة و الآلات الإنتاجية عن طريق حواسيب تطبق نماذج للمراقبة ، هذا التشغيل بدوره ينتج معلومات مثل الكميات المنتجة ، المواصفات ، مشاكل ومعوقات التشغيل و التي يمكن أن تخزن و تستعمل من طرف أنظمة المعلومات مختلفة و أيضا إلى جانب هذه الأنظمة الإنتاجية المدعمة بالحواسيب ، نجد أنظمة للتصميم و أنظمة رسم و هذا في مصلحة الدراسات .
ج- دعم عمليات المكاتب و الاتصال : تم تطوير أنظمة مدعمة للمعلومات هدفها الرئيسي إنهاء و لو جزئيا أنشطة المكاتب و بصفة عامة أنشطة الاتصال داخل المؤسسة .
2-2- بنك المعلومات : نظام بنك المعلومات هو مجموعة من البرامج لفحص السجلات على الحاسوب ، الهدف منه حفظ البيانات و المعلومات و جعل هذه المعلومات متاحة للمستخدمين عند الحاجة إليها .
2-3- الأنظمة المدعمة للتسيير : يعتبر الهدف الأساسي لهذه النظم هو جمع معلومات لمتخذي القرارات ، ويمكن التمييز بين :
أ- أنظمة وضع التقارير : في أغلب المنظمات و المؤسسات يتم إيصال المعلومات الضرورية بمساعدة تقارير دورية كجداول المبيعات ، الموازنات الشهرية الانحرافات و في أغلب الأحيان يشكل النظام المحاسبي الركيزة لمثل هذه التقارير ، و يمكن لهذه التقارير أن توضع تبعا لما يلي :
بطريقة نظامية تبعا لفترة دورية محددة سلفا .
بناءا على طلب المستعملين .
ب- أنظمة دعم القرار : هي أنظمة هدفها الرئيسي مساعدة المقررين عند مختلف سواء من ناحية البحث و جمع المعلومات ، أو اختيار النماذج الملائمة لاتخاذ القرار المناسب .
المطلب3 : مصادر تصميم نظم المعلومات ¹
نتطرق أولا إلى حاجات تطوير و تصميم نظم المعلومات و التي نعرضها بالشكل موجز فيما يلي :
* اكتشاف الأفراد لخطأ في النظام الحالي كنتيجة لفشل النظام في تسجيل بعض العمليات أو تعطله بصورة متكررة .
* ظهور تكنولوجيا جديدة يترتب على استخدامها تخفيض التكاليف .
* قد ترى الإدارة العليا عند قيامها بالتخطيط الاستراتيجي أن إدخال نظام جديد للمعلومات يعطي المؤسسة ميزة تنافسية ، أو أن المنافسين استخدموا تكنولوجيا جديدة للمعلومات مما يمثل تهديدا للمؤسسة .
أما ثانيا نذكر الأطراف المشاركة في بناء النظم و التي هي كالتالي :
1- المجموعات التنظيمية : تتضمن ما يلي :
أ- الإدارة العليا : توفر الخطة الاستراتيجية للمؤسسة و تقدم التمويل و الدعم اللازمان لبناء النظام .
ب- المجموعة المهنية : مثل القانونيين الذين يتولون عقود شراء البرامج و الحسابات .
ج- الإدارة الوسطى : تبني نظم المعلومات لمساعدة الإداريين على اتخاذ القرار .
د- الإدارة الإشرافية : عليها أن تمد المحللين و المصممين بكافة المعلومات التي يطلبونها أثناء المقابلات الشخصية معهم .
¹ د. سونيا محمد البكري و د. إبراهيم سلطان – مرجع سابق – ص 282 .
2- المجموعات الفنية : تحتوي على مالي :
أ- الإدارة العليا : في مجال تشغيل البيانات ، إذ يتولى هؤلاء مهام التنسيق بين النظام المقترح و النظم الأخرى داخل المؤسسة ، و ترجع إليهم مسؤولية الحصول على تأييد الإدارة العليا بالمؤسسة ، الحصول على التمويل اللازم لتنفيذ مشروع تطوير النظام .
ب- مديري المشروع : يتولى مدير المشروع التأكد من الموارد المطلوبة لبناء النظام و التأكد من أن التاريخ المستهدف يمكن تحقيقه .
ج- المحلل الرئيسي : يقوم بالتنسيق بين محللي النظم و المبرمجين و المصممين .
د- محللو النظم : يحددون متطلبات النظام الجديد و المفاهيم و الإجراءات اللازمة لتطوير النظام و الوصول إلى التصميم الفعلي له .
و- المبرمجون : يقومون بكتابة و تشفير و تحقيق الاتصال و الربط بين أجزاء النظام بحيث يصبح صالح للعمل و التشغيل .
خلاصة الفصل
لقد أصبحت المعلومة في عصرنا الحالي تعلب دورا هاما في حياة البشرية في كل المجالات الاقتصادية ، الاجتماعية و السياسية و خاصة في المؤسسات الصناعية و التجارية الكبرى ، حيث نجد على مستوى كل مؤسسة .
نظم المعلومات تلعب دورا هاما و حساسا داخل المؤسسة فبصفته هو المنتج للمعلومات إذا فهو العنصر الحيوي داخل المؤسسة ، لذا لا يمكن أن نتجاهل بأن نظم المعلومات هو تكامل العنصر البشري و الوسائل المادية التي يستعملها كالآلات و الحاسوب ، و الذي يسهر على إعداد المعلومات المناسبة و النافعة في الأوقات اللازمة ، لذلك وجب تحديد نظام المعلومات كلما تطلبت الظروف لذلك .
تمهيـــد
يعد نظام المعلومات عنصرا أساسيا في التسيير فالمراقبة لا تتحقق إلا عن طريق شبكة معلومات ، فالمعلومات هي المادة الأولية لمراقبة التسيير و لاتخاذ القرارات ، و لا تكتفي هذه الأخيرة بتوفير المعلومات فقط بل يجب عليها التأكد من قدرة انتقالها إلى جميع الهياكل .
و ما سنحاول توضيحه في الفصل الثاني من هذا البحث هو علاقة نظام المعلومات بمراقبة التسيير و اتخاذ القرار من خلال تقسيمه إلى مبحثين ، الأول نعرض فيه دورة حياة نظام المعومات ، وعمليات الرقابة عليه و أهم المشاكل التي يتعرض لها، أما في المبحث الثاني فإننا سنسلط الضوء على العلاقة الموجودة بين نظام المعلومات و مراقبة التسيير و علاقته مع اتخاذ القرار .
المبحث الأول : عملية تطوير نظام المعلومات
لكل نظام معلومات دورة حياة تبدأ بعملية التخطيط و تنتهي بعملية الصيانة و هذا ما سوف نحاول توضيحه في هذا المبحث و ذلك من خلاله تقسيمه إلى ما يلي :
دورة حياة نظام المعلومات .
أمن ورقابة نظام المعلومات .
أسباب نجاح فشل نظام المعلومات .
المطلب1 : دورة حياة نظام المعلومات
تتمثل دورة حياة نظام المعلومات في المراحل التي يمر بها نظام المعلومات منذ مرحلة نشأته إلى غاية مرحلة تشغيلية بشكل عام وتشمل هذه المراحل فيما يلي :
1- تخطيط النظام : من خلال هذه المرحلة يتم التعرف على مختلف الأنظمة الفرعية المكونة للنظام و التي تكون بحاجة إلى تجديد ، والهدف من عملية التخطيط ما يلي :
* تحديد بكل دقة المشاكل و معالجتها بصفة مباشرة أو في المستقبل بعد فترة زمنية محددة حيث يقوم المحلل خلال هذه الفترة بالتعرف على بيئة النظام و بعدها التعرف على الهيكل التنظيمي للمؤسسة .
* بعدها يقوم المحلل للنظام بالقيام بالدراسة المبدئية هدفها التأكد من مدى الحاجة للنظام ، وتتضمن هذه المرحلة ما يلي :
أ- الجدوى الفنية: تتناول دراسة النواحي المادية و المتعلقة بالبرمجيات ، و يحاول محلل النظم أن يتخذ قرارا فنيا بما إذا كان التصميم المبدئي يمكن أن يطور و يطبق باستخدام الإمكانيات الآلية و البرمجية و الخبرات المتاحة .
ب- الجدوى الاقتصادية : يحدد المحلل ما إذا كانت الفائدة التي يمكن أن تتحقق من النظام المقترح تساوي المجهود و المال و الوقت المنفق لبناء هذا النظام .
ج- الجدوى القانونية : يجب أن يتأكد محلل النظم من أنه لا توجد أي عقابات قانونية و أن التنظيم نفسه قادر على الوفاء بالالتزامات القانونية الناشئة عن النظام .
د- الجدوى العملية ( التشغيلية ) : يتم تحديد قدرة النظام على القيام بالوظائف المسندة إليه .
يتم ترجمة نتائج الدراسة المبدئية في صورة خطة مشروع نظام جديد إذ يتم عرضها على الإدارة ، و تمثل تلك الخطة الاقتراح المبدئي و التي على أساسها يتم الاختيار من بين البدائل الاستثمارية المتاحة لتطوير النظم في ضوء التمويل المتوافر لتنفيذها .
2- تحليل النظام : تبدأ هذه المرحلة بعد الانتهاء من المرحة السابقة و يتمثل هدفها الأساسي في الفهم المعمق للنظام القائم و مشاكله ، من أجل تحديد الحاجة إلى المعلومات و وضع تصور أولي حول كيفية عمل النظام المستقبلي و تمر هذه المرحلة بأربع خطوات تتمثل في :
أ- فحص النظام الحالي : بعد أن يتمكن محلل النظام بالتعرف على كل جوانب العمل في النظام القائم ، و بناءا على تصوره العام للكيفية التي يكون عليها العمل داخل المؤسسة يبدأ المحلل بإجراء دراسات معمقة على النظام القائم بهدف التغيير و هنا يجب الإشارة إلى أنه من الخطورة أن تقوم بتعديل نظام قائم دون أن تقوم بتحليله و فهمه و تحديد نقاط القوة و الضعف و قدرته على تحقيق أهداف إدارة المؤسسة .
ب- تحديد الحاجات إلى المعلومات : الهدف من هذه الخطوة هو التعرف إلى حاجة المراكز الإدارية المختلفة إلى المعلومات عند عملية صنع القرارات ، بمعنى آخر نحاول من خلال هذه الخطوة تحديد مدى مساهمة هذه المعلومات في عمليات اتخاذ القرار .
ج- تحديد متطلبات النظام : يمكن عرض ما تحتويه هذه الخطوة في تحديد احتياجات النظام الخاصة و وضعها في صورة مدخلات النظام و مخرجاته ، أي تحديد المدخــلات الضروريــة للنظـام و لكي يتمكن من تقديم المعلومات المطلوبـة منه و توفيرها في الأوقات المحددة ، كما تهدف هذه الخطوة إلى تحديد العلاقات بين النظم الفرعية ، فمخرجات أحد النظم الفرعية تشكل مدخلات نظام فرعي آخر .
د- وضع تقرير و تحليل البيانات : تصاغ النتائج النهائية لعمليات التحليل على شكل تقرير يحتوي على العناصر التالية :
* ملخص مدى و أهداف مرحلة التخطيط .
* تصوير العلاقة بين النظام المحلل و كل خطة النظم المعلومات الرئيسية في المؤسسة .
* تصوير لكل المشاكل و الصعوبات التي تواجه النظام المستخدم .
* ملخص عن القرارات التي يتم اتخاذها و المعلومات التي يجب توفيرها حتى يتم اتخاذ القرار .
* تحديد متطلبات النظام .
* إعداد موازنة تقديرية لتكاليف إنشاء النظام الجديد و الوقت الذي يستغرقه .
* التوصيات ما بعد تعديل النظام القائم أو تصميم نظام جديد .
* التوصيات حول تعديل أهداف النظام المفتوح .
حيث يقدم هذا التقرير إلى إدارة المؤسسة و يناقش معها حتى يتم اتخاذ القرار بشأن استبدال النظام القائم أو تعديله .
3- تصميم النظام : من خلال هذه المرحلة يتم إعداد المخطط العام للنظام بشكل كامل و يتم تصميم النظام على شكل تدريجي من العام إلى الخاص حسب مدخل النظم حيث يجب أولا تحديد الأهداف ووظائف النظام و تتضمن هذه المرحلة 3 خطوات و هي :
أ- تحديد بدائل التصميم : يمكن أن نحل مشكلة النظام القائم بعدة طرق لذلك يقوم مصمم النظام بجمع كل البدائل من الحلول أو الإمكانيات الممكنة لتصميم النظام الجديد و توصيف هذه البدائل ، وبعد ذلك يقوم مصمم النظام بناءا على الدراسات الاقتصادية بتصنيف البدائل حسب أفضليتها ، ثم اختيار البديل الأفضل من وجهة نظره و تقديم هذا البديل كنظام مقترح يمثل الحل الأمثل في ضل الإمكانيات المتاحة لمشاكل المؤسسة .
ب- تحديد مواصفات النظام المصمم : يتمثل العمل المهم في هذه الخطوة في تحديد مخرجات النظام و هي التقارير الإدارية و التي من مهام النظام تقديمها .
ج- إعداد و تقديم مواصفات تصميم النظام : و هي المتمثلة فيما يلي :
* المخرجات : بعد تحديد المخرجات يقوم المصمم للنظام بوضع المواصفات العامة لكل شكل من أشكال المخرجات و صورها المختلفة .
* المعالجة : أما فيما يخص مواصفات المعالجة فهي تضم تحديد مواصفات المكونات المادية و المكونات البرمجية للنظام المصمم ، و يتعلق تحديد مواصفات المكونات المادية بكل الوسائل المادية ( الآلات ) التي تستخدم في المعالجة مثل الحاسوب .
أما مواصفات المكونات البرمجية فتتمثل في تحديد الخطوات الواجب إتباعها في عملية المعالجة للبيانات من أجل الوصول إلى النتائج المطلوبة ، و تتم المعالجة الآلية بواسطة الخوارزميات .
* المدخلات : بعد تحديد المواصفات التفصيلية للمخرجات و المواصفات الخاصة بالمعالجة ، يأتي دور المواصفات الخاصة بالمدخلات ، أي تلك المدخلات التي تدخل من قبل استخدم النظام ، بهدف الحصول على المخرجات و بالتالي فان المدخلات ( البيانات ) تكون هي الأبطئ بالنسبة لنظام المعلومات و ذلك لأنها تتم بشكل يدوي مما يعرضها بنسبة كبيرة إلى الأخطاء ، مما يؤكد أنها تحتاج إلى وقت أطول نسبيا مقارنة بالمعالجة و المخرجات .
4- تنفيذ النظام : قبل بدأ عملية تنفيذ النظام يجب أن تهيأ كل الظروف اللازمة حيث تتضمن عملية تنفيذ النظام الجديد تطبيق المواصفات المادية و المعنوية التي تم اختيارها في مرحلة التصميم بشكل فعلي .
فعند التنفيذ تبدأ العملية باختيار أشخاص ذات كفاءة للقيام بهذه العملية داخل نظام المعلومات ، فأول ما يقام به هو اختيار التجهيزات الضرورية لكتابة البرامج التطبيقية ، و كذلك يجب تدريب الأشخاص الذين سيشرفون على تشغيل الحواسيب .
5- تشغيل النظام و تقييمه : بعد الانتهاء من مرحلة تنفيذ النظام تأتي المرحلة الحساسة و هي مرحلة تشغيل النظام و ذلك بعد التحول من النظام القديم إلى النظام الجديد ، و يمكن أن تتم عملية التحول إما بطريقة مباشرة أي إيقاف العمل بالنظام القديم تماما و تشغيل النظام الجديد فورا .
و هناك تحول آخر و هو التحول الموازي و نقصد به إيقاف النظام القديم و نضيف له النظام الجديد و يبقى يعملان سويا حتى يتم التأكد من صلاحيته .
و إما بالتحول التدريجي أي الاستغناء على النظام القديم تدريجيا و إحلال النظام الجديد بعد فترة زمنية .
و بعد أن يتم الاختيار كيف تتم عملية التحول من النظام القديم إلى النظام الجديد الذي تم تصميمه ، تبدأ عملية تشغيل النظام و في هذا الصدد هناك 3 اعتبارات يجب أن نراعيها و هي :
* الزمن اللازم لإنجاز عملية الإحلال .
* مقارنة النتائج التي يتم الحصول عليها في النظام الجديد مع نتائج النظام القديم .
* تتبع مواضع الأخطاء أثناء التشغيل و تصحيحها ، ثم تأتي بعد ذلك عملية تقييم شاملة سواء من الناحية الفنية أو من الناحية المالية و الاقتصادية .
أما فيا يخص التقييم المالي فهو يتعلق بتحليل تكاليف النظام الجديد مقابل العوائد المترتبة عليه .
6- صيانة النظام : تأتي مرحلة الصيانة بعد العمل بنظام المعلومات أو بعد تشغيله فقد تطول مدة تشغيله أو تقصر ، و منه فان فترة حياته يمكن أن تحتاج إلى تعديلات من أجل أن يبقى يعطي ثماره فهو يتأثر بالبيئة كما يؤثر فيها .
لذلك فان نظام المعلومات يحتاج بشكل أو بآخر إلى تعديلات أو تغييرات ليستطيع الاستمرار في العمل ضمن حدود أداءه التي صممت من أجل إنجازه و لأطول فترة ممكنة .
نموذج عن نظام المعلومات
أجهزة حكومية مساهمون الجمهور
اتخاذ القرار تفسير نشر المعلومات
مخرجات
معلومات ، بيانات
تجميع البيانات
العمليات الداخلية منتجات و خدمات المؤسسة
اقتصاد / سوق منافسون مستهلكون
المصدر : عبد الهادي مسلم ” مذكرات في نظم المعلومات الإدارية المبادئ و التطبيقات ” مركز التنمية ، مصر 1994 ، ص 102 .
المطلب2 : أمن ورقابة نظام المعلومات
تعتبر نظم المعلومات اليدوية أكثر أمانا من نظم المعلومات المبنية على الحاسوب ، فهذه الأخيرة تحفظ بالبيانات في ملفات يمكن الوصول إليها بواسطة عدد كبير من الأشخاص من خارج المؤسسة ، و على الرغم من الخصائص التي تتمتع بها نظم المعلومات المعتمدة على الحاسوب لتحقيق الأمان إلا أنه مازال هناك تهديدات تتعرض لها تلك النظم .
و اختراق النظام يرجع إلى العوامل التالية :
1- صعوبة عمل نسخ ورقية لنظم المعلومات المعقدة نظرا لضخامة حجم البيانات التي تتضمنها .
2- عادة لا توجد آثار ظاهرة لأي تغيير في نظم المعلومات المبنية على الحاسوب لأنه لا يتم التعامل معها أو قراءة سجلاتها إلا بواسطة الحاسوب و الذي لا يكتشف أي تغيير .
3- إن الإجراءات المبنية على الحاسوب غير مرئية و ليس من السهل مراجعتها .
4- تغيير النظم الآلية عملية معقدة و مكلفة بالنظم اليدوية .
و هناك عدة أنواع من الرقابة للتأكد من فعالية العمليات الخاصة بإجراءات البرمجة و هي تشمل ما يلي :
1- الرقابة على عملية تطبيق النظام : الهدف من تلك الرقابة هو التأكد من أن نظم المعلومات المبنية على الحاسوب تقابل احتياجات المستخدم .
2- الرقابة على التصميم : يتم بناء خصائص و معايير الرقابة على تصميم النظم من خلال محللي النظم ، يجب مراعاة أن لا تزيد تكلفة الرقابة عن المنافع المترتبة عليها .
3- رقابة البرمجيات : تغطي تشغيل النظام و التي تقوم بتنظيم إدارة موارد الحاسوب لتسهيل تنفيذ البرمجيات التطبيقية .
4- الرقابة على المكونات المادية : يجب حماية الأماكن التي يوجد بها الحاسوب بالطريقة التي تسمح للأفراد المرخص لهم فقط بالتعامل مع الحاسوب .
5- الرقابة على تشغيل الحاسوب : تساعد على التأكد من أن إجراءات البرمجة متناسقة و تطبق بطريقة مصححة .
6- الرقابة على أمن البيانات : حمايتها ضد التزوير و السرقة أو التلف .
7- الرقابة الإدارية : تتشكل من معايير و قواعد وإجراءات و مبادئ الرقابة .
بعد أن يتم تصميم النظام الرقابي يجب التأكد من فعاليته و ذلك من خلال مراجعته دوريا ، و بصورة شاملة .
المطلب3 :أسباب نجاح و فشل نظم المعلومات و مشاكله
1- أسباب نجاح و فشل نظم المعلومات : هناك العديد من العوامل التي تمثل مسببات نجاح أو فشل نظم المعلومات هي :
أ- اشتراك المستخدم النهائي : له أثار ايجابية تتمثل في :
تشجيع المشاركة على زيادة الالتزام بالتغير.
زيادة معرفة المشاركين بالتغيير و تنمية مهاراتهم و قدرتهم على الرقابة و السيطرة .
ب- الفجوة بين مصممي النظام و مستخدميه من أهم الأسباب التي تقابل تطبيق و تنفيذ نظم المعلومات .
ج- دعم الإدارة : إذا حصل مشروع نظم المعلومات على المساندة والتدعيم من كافة المستويات الإدارية فهذا يؤدي إلى توليد اتجاهات ايجابية نحو النظام .
د- مستوى التعقيد و المخاطرة : قد تفشل بعض مشروعات النظم نتيجة لما تتضمنه من مستوى مرتفع من المخاطرة و يتأثر مستوى المخاطرة بالعناصر التالية ( حجم المشروع الذي يقاس إما بتكلفته أو بعدد الأفراد أو الوقت اللازم لتنفيذه ، هيكل المشروع ، الخبرة السابقة مع التكنولوجيا )
و- وفرة المعلومات التي يبنى عليها النظام .
ي- وفرة الأدوات المناسبة لإمكانية تخزين المعلومات و التعامل معها بالتحليل و القدرة على استرجاعها عند الضرورة .
2- مشاكل نظم المعلومات : ترجع مشاكل نظم المعلومات إلى المصادر التالية :
أ- التصميم : يفشل التصميم إذا لم يكن متوافقا مع القيم و الثقافة و الأهداف التنظيمية أو إذا كان معقدا بدرجة لا تسمح للمستخدم غير الفني باستخدامه .
ب- البيانات : إذا كانت البيانات التي يتم الاعتماد عليها في إنتاج المعلومات غير دقيقة و غير منسقة هذا يؤدي إلى غموض المعلومات الناتجة عن النظام .
ج- التكاليف :قد يعمل النظام بصورة فعالة ، إلا أن تكلفة تنفيذه و تشغيله قد تكون مكلفة عما هو مقدر له في الموازنة المخصصة له .
د- التشغيل : في هذه الحالة لا يعمل النظام بصورة جيدة كأن تصل المعلومات متأخرة نتيجة لفقدان بعض البيانات مثلا .
المبحث الثاني : دور نظم المعلومات في مراقبة التسيير و اتخاذ القرار
تعد المعلومة الوسيلة الفعالة و المدعمة لاتخاذ القرارات في جميع المستويات الإدارية و مراقبة تلك القرارات ، هذه المعلومة يتم تنظيمها في إطار ما يسمى بنظم المعلومات الخاصة باتخاذ لقرارات و مراقبتها .
لهذا وجب أن نضع خطا أحمرا للعلاقة الموجودة بين نظم المعلومات و مراقبة التسيير ثم علاقته باتخاذ القرارات و ترشيدها ، لذا ارتأينا إلى تقسيم هذا المبحث إلى :
الخطوات الأساسية لمراقبة التسيير و خصائص نظام الرقبة الفعال .
علاقة نظم المعلومات بمراقبة التسيير .
علاقة نظم المعلومات باتخاذ القرارات .
المطلب1 : الخطوات الأساسية لمراقبة التسيير و خصائص نظام الرقابة الفعال
1- تعريف مراقبة التسيير : هي عملية مستمرة لمقارنة الإنجازات الفعلية بالعمليات المخططة ، و الحد من الانحرافات الحاصلة في الأداء التنفيذي ووضع التصحيحات اللازمة لتحقيق الأهداف ، و تعتبر مراقبة التسيير مجموعة من التقنيات الكمية و الكيفية التي يمكن استعمالها لمساعدة المسؤول عن التسيير من أجل تحقيق الأهداف إضافة إلى ذلك فإنها تعد العملية التي تسمح للمسيرين بالتأكد من أن الموارد المادية و البشرية قد استخدمت بفعالية من أجل الوصل إلى الهدف .
بصفة مختصرة يمكن تعريف مراقبة التسيير بأنها التحكم في التسيير ، و أن الخطوات ألأساسية لها تكمن في :
تحديد الهدف بدقة مسبقا .
قياس مستوى الأداء .
تخصيص الانحرافات و تصحيحيها .
2- شروط مراقبة التسيير : من بين الشروط نذكر منها :
* وجود أهداف دقيقة في جميع المستويات و قابلة للتحقيق و محفزة .
* وجود التنظيم لأنه يسمح بتحديد المهام و توزيع الصلاحيات بشكل واضح .
* التنسيق .
* يعمل مراقب التسيير بمنهجية الإدارة الاستثنائية ( أي يتدخل في الانحرافات الكبيرة الغير مقبولة ) .
* وجود نظام معلومات حيث أن مراقبة التسيير تتطلب استعمال مؤشرات مالية وغير مالية نتحصل عليها من عدة مصادر في المؤسسة ( محاسبة عامة ، مالية مراقبة المخزون ) وعلى أساس هذه المعلومات يتم متابعة أنشطة المؤسسة و اتخاذ التصحيحات المناسبة في حالة وجود انحرافات و تحديد المسؤوليات في إطار مراقبة التسيير .
3- خصائص نظام الرقابة الفعال : لوجود نظام رقابة واضح يمكن المؤسسة من تحقيق أهدافها بفعالية فلا بد من توفر الخصائص التالية :
أ- الوضوح : يجب أن يكون نظام الرقابة واضحا و سهل الفهم من جميع المسؤولين على تطبيقه .
ب- انخفاض التكاليف : مردودية نظام الرقابة لابد أن تكون منافعه أكثر من تكاليفه .
ج- المرونة : نظام الرقابة لابد عليه أن يتكيف مع التغيرات الحاصلة داخل المؤسسة و خارجها .
د- سرعة الإبلاغ عن الانحرافات : و ذلك قبل وقوعها لتصحيحها .
و- إمكانية تصحيح الانحرافات : تظهر فعالية و كفاءة نظام الرقابة من خلال إمكانية تصحيح الانحرافات بعد تحديد الأسباب التي أدت إليها .
المطلب2 : علاقة نظم المعلومات بمراقبة التسيير
يتدخل كل نوع من أنظمة المعلومات في الرقابة على الوظيفة التي أنشأ من أجلها و سنتطرق إليها باختصار كما يلي :
1- فيما يخص نظام المعلومات التسويقي : انه يلعب دورا هاما في تدعيم أنشطة الرقابة على العمليات التسويقية كالتالي ¹:
* جمع و تسجيل البيانات و المعلومات التي تعكس مستوى الأداء الفعلي للأنشطة التسويقية داخل المؤسسة .
* مقارنة الأداء الفعلي بالأداء المعياري و تحديد الانحرافات و تحديد أسباب حدوثها .
* إعداد التقارير التي تمكن في تدعيم الرقابة .
* تحديد أهداف و خطط نمطية تسويقية للمؤسسة .
و من أهم مخرجات نظام المعلومات التسويقي تتمل في التقارير التالية ²:
* تقارير تقييم كفاءة المؤسسة في استغلال الفرص التسويقية على مستوى السوق و المنتج و الزبون .
* تقارير بمعدل ربحية كل سلعة ، عميل ، منطقة بيع ، منطقة التوزيع ….الخ .
* تقارير كفاءة النظم التسويقية بالمؤسسة .
* تقارير تقييم كفاءة الإطار التنظيمي المسؤول عن وظيفة التسويق داخل المؤسسة .
* تقارير كفاءة الإنفاق التسويقي .
* تقارير تقييم الأنشطة التسويقية من خلال توضيح الأنشطة الواجب تدعيمها أو التخلص منها أو إعادة النظر فيها .
* قرارات تصحيحية لتعديل الخطط التسويقية مستقبلا .
¹ أمينة محمود حسين محمود ” نظام المعلومات التسويقية ” مطبعة كلية الزراعة القاهرة ، سنة 1994- 1995 ص 185 .
² أمينة محمود حسين محمود – مرجع سابق – ص 182 .
2- فيما يخص نظام المعلومات الإنتاجي : يهدف إلى تقديم المعلومات في الوقت المطلوب لترشيد اتخاذ القرارات الخاصة بالمؤسسة و المرتبطة بوظيفة الإنتاج ، و هو يلعب دورا هاما في مراقبة التسيير إذ يساعد على :
* تقديم خدمات أفضل للزبائن .
* مساعدة الإنتاج في سرعة الاستجابة لاحتياجات الزبائن .
* تقديم المعلومات في الوقت المناسب و التي تمكن من تحليل العمليات الإنتاجية في الوقت الحالي و المستقبل .
* تحسين درجة التنسيق بين إدارة الإنتاج و الإدارات الأخرى .
3- فيما يخص نظام المعلومات المالي : يلعب دورا في الرقابة على التدفقات النقدية الخارجة و الداخلة المنظمة ، و متابعة الأسواق المالية و الأطراف ذات العلاقة بالنواحي المالية للمؤسسة ، مما تمكن المديرين في اتخاذ قراراتهم الخاصة ، بنواحي تمويل الأعمال و تخصي الموارد المالية ، و الرقابة على استعمالها .
4- فيما يخص نظام المعلومات الفردي : يلعب دورا هاما في الرقابة على وظيفة الموارد البشرية ، بأنها تعتبر الركيزة الأساسية في المؤسسة وهي تعمل على التنبؤ باحتياجات المؤسسة للأفراد ، و التأكد من استقطاب الأفراد الذين تحتاجهم المؤسسة و التأكد من أن الأفراد المختارين لشغل المناصب المعينة في المنشأة ذات كفاء .
كما يهدف إلى تصميم و تقديم برنامج لضمان صحة و أمن الأفراد و المساعدة على حل المشاكل التي تؤثر على مهامهم .
5- فيما يخص نظام المعلومات المحاسبي : يقوم بتسجيل تدفق الأموال تاريخيا وتعد التقارير بناءا على ذلك بالإضافة للقوائم المالية المستقبلية ، كل ذلك من أجل وضع أهداف موضوعية للمستقبل ، و يشمل ذلك تقييم إمكانيات المؤسسة الداخلية و إمكانيات البيئة المحيطة بها ، و يتم الاعتماد على البيانات الداخلية التي تولدها نظم تشغيل البيانات كمصدر أساسي للمعلومات عن الوضع الحالي و الماضي .
ويقوم أيضا بتشخيص الانحرافات و العمل على تصحيحها ، فعند إجراء المقارنة بين الأداء و الخطط تظهر اختلافات تبين أهمية الرقابة العلاجية ، و التي تضم الأنشطة المختصة في اتخاذ الخطوات لإعادة التوازن للنظام ، و يساهم نظام المعلومات في هذه المرحلة في تشخيص الانحرافات ، و تحديد طبيعته و سبب وجوده ، و التوصل إلى تحديد الحلول الملائمة لحل المشكلة و تفادي الانحرافات في المستقبل .
المطلب3 : علاقة نظم المعلومات باتخاذ القرارات
قبل إظهار العلاقة الموجودة بين نظم المعلومات و اتخاذ القرارات لابد من معرفة النظم التي تستخدم في اتخاذ القرار و نلخصها كما يلي :
1- نظم المعلومات المستخدمة في اتخاذ القرارات : تعمل نظم المعلومات على تدعيم جميع مستويات اتخاذ القرارات و التي تندرج من مستوى التخطيط الاستراتيجي ثم الرقابة الإدارية و الرقابة التشغيلية ، و لكي تقوم هذه النظم بخدمة الاحتياجات المتنوعة ، تظهر الحاجة إلى وجود العديد من نظم المعلومات و هنا سنعرض ثلاثة أنواع من نظم المعلومات التي تشغل آليا :
1-1- نظم تشغيل البيانات DPS” ” : ” هي نظم آلية تختص بتسجيل و تشغيل العمليات اليومية الروتينية الضرورية لسير العمل ” ¹ و هي تحل محل عملية مسك الدفاتر في نظم المعلومات اليدوية ، وتقوم هذه النظم بتجميع و فرز و تصنيف و تشغيل و تلخيص و تخزين البيانات الناتجة عن المعاملات و ذلك بطريقة تمكن من استخدامها في فترات لاحقة .
مخرجات هذه النظم مفيدة في عملية الرقابة التشغيلية و اتخاذ القرارات الهيكلية لذلك هي ملائمة لخدمة مديري الإدارة الدنيا و الإشرافية ، و تساهم في التأكد من أداء المهام الجزئية وفقا لمستويات الأداء المتفق عليها و تعتبر هذه المخرجات مصدر للإجابة على التساؤلات الروتينية حيث أنها تمد المديرين بمعلومات عن الموقف الحالي و الماضي مع اعتباره مصدرا أساسيا يغذي نظم المعلومات الأخرى بما تحتاجه من بيانات ، كما تقوم نظم تشغيل البيانات بالربط بين المؤسسة و البيئة الخارجية من خلال تسجيل تدفقات المدخلات و المخرجات .
و تلخص أهم مخرجات نظم تشغيل البيانات في ¹:
تقارير عن ملخصات المعاملات .
تقرير مراجعة أخطاء التشغيل .
تقارير رصد المعاملات التفصيلية .
¹ سعد غالب ياسين ” المعلوماتية و إدارة المعرفة ” المستقبل العربي ، مركز دراسة الوحدة العربية ، بيروت ، ص 121 .
1-2- نظم دعم القرار “DSS” : هي نظم معلومات حاسوبية تفاعلية تساعد الإدارة على اتخاذ القرارات الغير هيكلية و الشبه هيكلية ، و ذلك من خلال استخدام النماذج و قاعدة البيانات ، وواجهة مساعدة للمستفيد .¹
و تتميز نظم دعم القرار بدعمها المباشر للإدارة العليا و الوسطى مع إمكانية استفادة الإدارة الدنيا ، كما تتميز بسهولة الاستخدام و المرونة و اقتراح الحلول بدلا من تقديم المعلومات التي تحتاج إليها الإدارة ، و تتميز بإمكانية تحليل عالية عن طريق استخدامها لقواعد بيانات داخلية وخارجية و هي تستمد الاحتياجات الداخلية عادة من نظم تشغيل البيانات و نظم المعلومات الإدارية .
1-3- النظم الخبيرة : هي برامج تتسم بالذكاء ، تعتمد على معارف مستمدة من الخبرة البشرية و قواعد الاستدلال المنطقي في الوصول إلى النتائج و أسباب حصولها .
معرفة + استدلال = نظم خبيرة ²
و من أهم المزايا التي يمكن أن تعود على المؤسسة من خلال استخدام النظم الخبيرة هي :
* الحصول على الخبرات النادرة .
* تحسين الإنتاجية ، حيث تعمل النظم الخبيرة بشكل أسرع و أدق من العنصر البشري ، زيادة إلى كونها تخفض التكاليف الخاصة و التكاليف متعلقة بالاستعانة بالخبراء و التكاليف الناتجة عن الأخطاء .
* تتصف النظم الخبيرة بالمرونة في الحلول المقدمة للمستخدمين .
و يمكن تصنيف النظم الخبيرة إلى 3 أنواع أساسية هي :
نظم تعمل كمساعدة : تعتبر هذه النظم أقل النظم خبرة ، حيث تقوم بمساعدة المستخدم في أداء التحليل الروتيني .
النظم التي تعمل كزميل : هي تسمح للمستخدم أن يناقش المشكلة مع النظام .
نظم تعمل كخبير حقيقي : حيث يقبل المستخدم نصيحة النظام دون مناقشة .
¹ منال محمد الكردي و جلال إبراهيم العبد ” نظم المعلومات الإدارية ” جامعة الإسكندرية ،دار الجامعة ص192.
² منال محمد الكردي و جلال إبراهيم العبد – مرجع سابق – ص 255 .
2- علاقة نظم المعلومات باتخاذ القرارات : تلعب نظم المعلومات بأنواعها المختلفة دورا هاما في كل مرحلة من مراحل عملية اتخاذ القرارات ، ويظهر هذا بالتحديد حسب نموذج H.Simon”” الذي ميز فيه بأربعة مراحل أساسية لاتخاذ القرارات و هي :
1- مرحلة الاستخبارات : أهم ما تحتاجه مرحلة الاستخبارات خاصة في خطواتها الأولى المتعلقة بالبحث عن المشكلات هو التعرف على البيئة الداخلية و الخارجية للمؤسسة ، بغرض جمع و تخزين كميات هائلة من المعلومات التي يمكن أن تقيد صانع القرار للقيام بهذه الخطوة بسهولة و يكون ذلك عن طريق نظم المعلومات اليدوية أو المبنية على الحاسب الآلي .
فالبيانات الداخلية و الخارجية توفر قاعدة من المعلومات التي تساعد في التعرف على المشكلات و نظم دعم الإدارة العليا من خلال اتصالها الشبكي بمصادر المعلومات التي تساعد المدير على سرعة اكتشاف المشكلات .
2- التصميم : هي عملية تجميع الكثير من المعلومات ، وهذه المعلومات قد تكون في صورة حقائق مختزنة في قواعد بيانات أو ملفات نظم المعلومات ، أو تقديرات و تنبؤات عن المتغيرات الهامة المكونة للمشكل و عملية توليد البدائل و تجميع المعلومات تستغرق وقتا كبيرا ، لكن نظم المعلومات يمكنها تدنية تلك الجهود من خلال توفير إمكانيات الاتصال السريع و السهل بقواعد البيانات .
لهذا فان لنظم دعم القرارات دورا هام في مساندة المديرين ، إلا أن العامل المؤثر في استخدام هذه الأدوات يمكن في الحكم الشخصي للمدير الذي يقوم باختيار أسلوب التحليل الملائم لطبيعة البديل و المشكلة و تفسير و ترجمة نتائج التحليل ، كما أن النظم الخبيرة أيضا تساعد في إظهار بدائل الحل بالنسبة للمشكلات المعقدة .
3- البحث و الاختيار : إن نظم المعلومات لا تقوم بصنع القرار و لكن تساهم في تحديده ، وذلك بما توفره من نماذج رياضية وكمية ….الخ ، وتعمل على تحديد الحلول الممكنة وتقييمها مما يسر عملية اختيار الحل المناسب ، و يمكن أن تساهم هنا نظم دعم القرار عن طريق إجراء عملية التقييم الكمي للبدائل كما أن النظم الخبيرة يمكنها أن تساهم في عملية تقييم و اقتراح الحلول الممكنة .
4- التنفيذ : لا يتوقف دور نظم المعلومات في عملية المساهمة في تحديد القرار النهائي ، بل يتعداه إلى العمل في تسهيل عملية تنفيذ القرار التي تستلزم عمليات اقتناع الأطراف المشاركة و الأطراف المنفذة ، و إن عملية الإقناع نفسها تحتاج إلى عمليات اتصال بين العديد من الأطراف المعنية بالقرار ، و هنا يمكن استخدام نظم دعم القرار في إجراء هذه الاتصالات من خلال شبكات الاتصال ، و كلما اعتمدت عملية الإقناع على تقديم مخرجات النظام و عرضها في أشكال بيانية و نتائج تحليل الحساسية كلما كانت أسهل ، و النظم الخبيرة تساهم في هذه المرحلة من خلال استخدامها في عمليات التفسير و التبرير المصاحبة للقرار الذي تم صنعه حتى يسهل تنفيذه .
و الدور الأهم لنظم المعلومات في هذه المرحلة ، هو متابعة نتائج التنفيذ من خلال توفير تقارير واضحة و محددة عن نتائج الأداء ، بحيث يساعد في اتخاذ الإجراءات التصحيحية و تقييم جودة القرارات .
و من خلال الشكل أدناه سنبين دور نظم المعلومات في كل مرحلة من المراحل السابقة الذكر .
العلاقة بين مراحل اتخاذ القرارات و الأنواع المختلفة لنظم المعلومات
نظم تشغيل العمليــــات
الاستخبارات نظم المعلومات الإدارية
نظـــــــم دعــــم القـــرار
التصميم نظم دعم القرار
النظم الخبيــرة
الاختيار نظم دعم القرار
التنفيذ نظم دعم القرار
النظم الخبيـــــرة
المصدر : معالي فهمي حيدر ” نظم المعلومات ” الدار الجامعية الإسكندرية ، سنة 2022 ، ص 131.
خلاصة الفصل
من خلال الدراسة يتبين لنا أن نظم المعلومات تتدخل في مختلف الوظائف و المستويات الإدارية في المنظمة ، إذ نلمس تدخله في وظيفة جد هامة و هي مراقبة التسيير فهي تضمن تحقيق النتائج المرغوبة ، و تصحح مسار الوصول إلى الهدف ولا تصحح الهدف بحد ذاته ، و لكي تكون مراقبة التسيير فعالة لا بد أن تستخدم نظام معلومات ، فهو يقدم خدمات لمتخذي القرارات سواء كانت القرارات فورية أو اسراتيجية
الفصل الأول: ماهية الإدخار و العوامل المؤثرة فيه
المبحث1: ماهية الإدخار
مط1: تعريف الإدخار
الإدخار ظاهرة إقتصادية أساسية في حياة الأفراد و المجتمعات و هو فائض الدخل عن الإستهلاك أي أنه الفرق بين الدخل و ما ينفق على سلع الإستهلك و الخدمات الإستهلاكية. لذلك يطلق بعضهم أيضا على الإدخار لفض <>
مط2 : دوافع الإدخار
تقوم عملية الإدخار على دعامتين أساسيتين هما : القدرة الإدخارية و الرغبة الإدخارية. فالقدرة الإدخارية هي قدرة الفرد على تخصيص جزء من دخله من أجل المستقبل و هي تحدد بالفرد بين حجم الدخل و حجم الإنفاق، و يتوقف هذا الأخير على نظام معيشة الفرد و ساوكه و تصرفاته، و من ثم فإن القدرة الإدخارية ليست متوقفة على حجم الدخل المطلق، بل هي مسألة نسبية تختلف من فرد إلى آخر و تتغير بتغير الظروف.
أما الرغبة الإدخارية فهي مسألة نفسية تربوية تقوى و تضعف تبعا للدوافع التي تدعوا للإدخار و مقدار تأثر الفرد و الطبقات الإجتماعية بهذه الدوافع .
وأهم الدوافع النفسية للإدخار هى عطالة معينة في الإستهلاك عندما يرتفع الدخل و الرغبة في تنظيم النفقات تبعا للتغيرات المتوقعة أو غير المتوقعة في المركب <> و الرغبة في الإثراء
أما الظروف التي تحدد درجة نشاط الدوافع الموضوعية فهي بالدرجة الاولى : الدخل – معدل الفائدة – النظام المالي- درجة الإستقرار الإجتماعي و الدولي- والنظامالإقتصادي- النظام الإجتماعي .
الدخل : يعد الدخل عاملا أساسيا في زيادة الإدخار أو إنخفاضه، فإذا زاد الدخل بنسبة معينة فإن الإستهلاك سيزداد، ولكن الإدخار سيزداد بنسبة أكبر من نسبة الإستهلاك، وهذا يعد بنظركينزقانونا نفسيا أساسيا.
معدل االفائدة : يختلف الإقتصاديون فيما بينهم حول تأثير معدل الفائدة على تكون الإدخار في الإقتصاد الوطني، ففريق منهم يرى أن إنخفاض معدل الفائدة يسهم في إرتفاع حجم الإدخار نتيجة للزيادة التي يحدثها الإتخفاض في حجم الإستثمار وفي الدخل القومي، وعلى النقيض من ذلك يرى هذا الفريق أن إرتفاع معدل الفائدة يقود إلى إنخفاض حجم الإدخار نتيجة للنقص الذي يحدثه ذلك الإرتفاع في حجم الإستثمار وفي الدخل القومي إذا الدخل في نهاية المطاف هو مصدر كل الإدخار.
النظام المالي : إذا عمدت الدولة إلى زيادة الضرائب على الدخول إنخفض حجم مدخرات الأفراد، وعلى العكس إذاعمدت الدولة إلى تخفيض الضرائب فقد يؤدي ذلك إلى زيادة القدرة على الإدخار.
درجة الإستقرار الإجتماعي و الدولي: تؤثر التوقعات التي تحدث في أوقات الأزمات الإقتصادية و الحروب في حجم الإدخار فتوقع الأفراد حدوث نقص في إنتاج سلعة إستهلاكية معينة يؤدي إلى تهافتهم على شرائها بكميات وافرة تكفي لإحتياجاتهم مستقبلا مما يؤدي إلى نقص المدخرات .
النظام الإقتصادي – الإجتماعي: النظام الإقتصادي-الإجتماعي هو الذي في نهاية المطاف توزيع الدخل على طبقات المجتمع، فهناك فارق كبير في مصدر المدخرات بين بلدان المجتمع الرأسمالي و المجتمع الإشتراكي.
ففي ظل الرأسمالية تتكون المدخرات من إدخار أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة بالدرجة الأولى.أما في ظل الإشتراكية حيث يعاد توزيع الثروة و الدخل توزيعا عادلا بما يحقق تقليل الفوارق بين الطبقات إلى أدنى حد ممكن، فإن القاعدة الشعبية يرتفع نصيبها تدريجيا في الدخل القومي فتزداد قدرتها على الإدخار
مط 3: أهداف الإدخار
– تحقيق المزيد من الإنماء في مختلف مجالات التنمية حيث يختلف الإستثمار الجديد يؤدي إلى الإستقرار و الإنتعاش الإقتصادي.
– السماح للسلطات العمومية بتمويل مشروعاتها التنموية.
– تحقيق أرباح و عائدات تنمي الإقتصادالوطني لأن الأموال المدخرة موجهة إلى الإستثمار.
– الحد من إرتفاع الأسعار أي محاربة التضخم و الزيادة من عرض السلع و الخدمات.
– خلق تنمية إجتماعية كإمتصاص البطالة و تحسين مستوى الخدمات لأن الإدخار موجه إلى الإستثمار.
– الحد من الإستهلاك الترفي و البذخ وهذا يقق إستقرارإجتماعي من خلال مواجهة المشكلات المستقبلة-
المبحث2 : أنواع الإدخار و نظريته
مط1: أنواع الإدخار
يمكن تقسيم الإدخار في الإقتصاد الحديث إلى قسمين:الإدخار الإختياري و الإدخار الإجباري.
1- الإدخار الإختياري : –
و هو الإدخار الحر الذي بقوم به الفرد طوعا وإستخابة لإرادته ورغبته نتيجة لموازنته بين وضعين: وضع إقدامه على إنفاق دخله ووضع إمساكه عن هذا الإنفاق.
وتسهم جملة من الإجراءات و السياسات في زيادة حجم الإدخار الحر عن طربق إيجاد الوعي الإدخاري لدى المواطنين وتنمية, ودعم الظمانة و الثقة بالإدخار, وتطوير المؤسسات الإدخارية وتوسيعها وتحسين خدماتها.
2- الإدخار الإجباري:
و هو إدخار يجبر عليه الأفراد نتيجة لمقتضيات قانونية أو لقرارات حكومية أو قرارات الشركات. وقد إنتشر الإدخار الإجباري في الإقتصاد الحديث———— 4
مط 2 : دالة الإدخار:
دالة الإدخاردالة متزايدة بدلالة سعر الفائدة وذلك لكون العلاقة بين الإدخار و سعر الفائدة طردية أي بزيادة سعر الفائدة يزيد الإدخار و العكس. فهي تأخد الشكل التالي——5
S = f(i) s
I = سعر الفائدة
s = الإدخار
i
– منحنى دالة الإدخار –
مط 3 : دورة الإدخار في النشاط الإقتصادي:
تستعمل معظم الدول المدخراتالوطنية لأنها تدخرها في :
– توفير التموبل المحلي المطلوبلمشروعات التنمية.
– الحد من الإنفاق الإستهلاكي للأفرد مما يسمح بتوجيه المزيد من السلع لتقديم الأمر الذي ساعد الدول في الحصول على القطاع الأحنبي الللازم لمشروعات التنمية وتحقيق المزيد من الإستمرار الذي يعود بالنفع العام من جهة وتقليص السلع المستوردة من جهة أخرى.
– خفض النفقات التي تواجهها الدولة في توفير المزيد من السلع اللإستهلاكية نتيجة زيادة الطلب عليها لزيادة دخول الأفراد وزيادة إنفاقهم وذلك يساعد على زيادة نسبة إنتاج السلع و الخدمات بدلا من إسترادها أي يقلل من نسبةالواردات
البحث 3 : العوامل المؤثرةعلى الإدخار و أسباب ضعفه في الدول النامية:
مط 1 : أسباب ضعف الإدخار في الدول النامية
يرجع ضعف الإدخارفي الدول النامية إلى الأسباب الآتية :
1- إنخفاض متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي :
وهو السبب الرئيسي في إنخفاض الإدخار في الدول النامية ,للأن الإدخار هو ما تبقى من دخل الفرد بعد الإتفاق على السلع الإستهلاكية و الخدمات.
2- إنتشار ظاهرة الإكتناز:
هناك طبقة من الأغنياء في الدول النامبة توجه جزءا من دخلها نحو الإكتناز في شكل ذهب أو مجوهرات ثمبنة أو إحتجاز جزء من النقود ومنعها من التداول .
3- إنتشار ظاهرة الإدخار السلبي :
يتحقق الإدخار السلبي بالنسبة للفرد عندما يزيد مجموع إتفاتقه على السلع الإستهلاكية و الخدمات خلال فترة معينة من دخله خلال نفس الفترة .
4- منشآت الإدخار :
ففي معظم الدول النامية هناك نقص في عدد هذه المنشآت (بنوك تجارية – بنوك إنجاز – صناديق توفير—-الخ)
هذا بالإضافة إلى عدم كفائتها في آداء رسالتها على الوجه الأكمل و بما يتلائم مع ظروف هذه الدول .
5- الميل للمخكاة :
و يقصد به محاولة بعض الأفراد في الدول النامية تقليد نمط معيشة الأفراد في الدول المتقدمة من حيث تملك سلع الإستهلاك الحديثة .
6- تضخم النفقات الإدارية للدولة :
إن تحليل الميزانيات يوضح أن النفقات الإدارية تكون نسبة كبيرة من مجموع النفقات و ذلك في معظم الدول النامية بعكس الحال في الدول المتقدمة إقتصاديا .
7- تهريب الأموال إلى الخارج :
و يعتبر هذا من أهم أسباب ضعف الإدخار في الدول النامية فمن المعروف أن عددا من الأثرياء جدا في هذه الدول يفضل إبداع أمواله في البنوك الأجنبية ولا سيما البنوك السويسزية عن إدخارها في الدول النامية .
8- توجيه جزء من الدخل إلى عمليات غير منتجة :
فقد أثبثت التجربة أن عددا كبيرا من أصحاب الدخول المرتفعة في الدول النامية يدخرون القابض من دخولهم و لا يوجهوه إلى إستثمارات منتجة تهدف إلى زيادة الإنتاج ولكنهم يفضلون غالبا توجيه هذا القابض نحو عمليات المضاربة أو شراء وبيع العقارات و تخزين السلع و غير ذلك .
9- إنتشار عادات الإنفاق البذخي :
إن معظم العائلات ذات الدخل المرتفع أي تلك التي يمكن أن تدخر جزءا كبيرا من دخلها تجد أن جزءا كبيرا من مجموع إنفاقها على السلع الإستهلاكية و الخدمات لا يهدف إلى تحقيق منفعة معيتة وإنما هو فقط يعرض المحافظة على المظهر الإجتماعي .
10- حالة الإطار التنظيمي و الإجتماعي :
من المعروف أن المعتقدات الدينية أو الإجتماعية في بعض الدول النامية تحط من شأن السعي وراء الكسب المادي وتشبع روح التواكل بين الأفراد مما يؤدي إلى ضعف الحافز على الإدخار وعلاوة على ذلك فإن نظام وحدة العائلة المترابطة الذي ينتشر بصفة خاصة في المناطق الريفية والذي يفرض على كل أغنياء كبار الأسرة أن يعول أقاربه المحتاجين يشبط رغبة الأفراد في الإدخار-
مط 2 : العوامل المؤثرة على الإدخار :
عوامل موضوعية :
– مستوى الدخل : علاقته طردية مع الإدخار فكلما زاد الدخل زاد الإدخار و العكس صحيح حيث يجحم الأفراد من الإدخار لعدم القدرة لتلبية حاجياتهم .
– مستوى الأسعار : علاقته عكسية مع الإدخار بحيث كلما كانت الأسعارمرتفعة ( إنخفاض القدرة الشرائية ) تنخفض القدرة على الإستهلاك و بالتالي تنخفض الكمية المدخرة أما إذا كانت الأسعار منخفضة فتسمح بإقتناء حاجات الفرد و بالتالي الزيادة في حجم المدخرات .
– ثبات العملة : ويقصد بها عدم تعرضها للإنهيارات أو التخفيضات فكلما كانت العملة أكثر ثباتا زادة الثقة فيها من قبل الأفراد مما يؤهلها إلى بقاء قيمتها السوقية على حالها و بذلك زيادة حجم المدخرات و العكس يؤدي ألى الأحجام عن الأدخار .
– سياسة الضرائب :- علاقتها بالأدخار علاقة طردية الى حد معين فقط فعند فرض ضريبة نقل السيولة النقدية من السوق و هذا يعني اداعها لدى البنوك وهو تحفيز لعملية الأدخار .
– معدل الفائدة : علاقته مع الأدخارعلاقة طردية فكلما زاد معدل الفائدة الممنوح من قبل البنك زاد حجم الودائع و العكس إذا كانت معدلات الفئدة منخفضة .
– عوامل ذاتية :
وهي عوامل ذاتية مرتبطة بالأشخاص من حيث طبقاتهم و عاداتهم و تقاليدهم و كذلك العقائد الدينية التي تحرم التعامل بالربا مثلا أما بالنسبة إلى الطبقات الإجتماعية فنجد الطبقة الغنية ليس لها حافز في الإدخار لأنها تفضل الإكتناز أما أصحاب الطبقة المتوسطة و العاملة فهي تلجأ للإدخار و ذلك لتحسين الظروف المعيشية و مواجهة الأزمات المستقبلية كالحوادث أما بالنسبة للقطاع الحكومي فتلجأ الدولة لعدة سيسسات لرفع حجم المدخرات مثل توزيع المداخيل و تغيير الميل الإستهلاكي…..
الفصل الثاني : ماهية الإستثمار و العوامل المؤثرة فيه:
المبحث 1 : ماهية الإستثمار
مط 1 : تعريف الإستثمار :
يعرف الإستثمار بأنه الجزء من الدخل الذي يتم إدخاله في نطاق العمليات أو المشروعات الإستثمارية من أجل تكوين رأس المال فهو يعكس مفهوم الإدخار وله عدة مفاهيم :
– المفهوم المالي : الإستثمار هو توجيه الأموال المتاحة من أجل الحصول على أصول مالية .
– المفهوم المحاسبي : هو كل ما تنتجه المؤسسة لا لغرض البيع أو التحويل وإنما لغرض البقاء في حوزتها .——
مط 2 : دوافع الإستثمار : من أهم دوافعه :
– الحاجة إلى تغيير تجهيزات .
– إرادة التوسع .
– إرادة التجديد .
– الرغبة في تحسين ظروف العمل .
– دوافع خاصة ( الفخر، الإستراتيجية………إلخ )—-
مط 3 : أهداف الإستثمار :
مهما كان نوع الإستثمار و المحاظر المحيط به فإن المستثمر يسعى دوما لتحقيق الإهداف التالية :
1- تحقيق العائد الملائم : فهدف المستثمر من توظيف أمواله تحقيق عائد ملائم وربحية مناسبة بعملان على إستمرار المثروع ، لإن تعثر الإستثمار ماليا سيدفع بصاحبه للتوقف عن التمويل وربما تصفية المشروع بحثا عن مجال أكثر فائدة .
2- المحافظة على رأس المال الأصلي للمشروع : وذلك من خلال المفاضلة بين المشاريع والتركيز على أقلها محاظرة لأن أي شخص يتوقع الخصارة والربح ولكن إذا لم يحقق المشروع ربحا فيسعى المستثمر إلى المحافظة على رأس ماله الأصلي ويجنبه الخصارة .
3- إستمرارية الدخل وزيادته : يهدف المستثمرإلى تحقيق دخل مستقر ومستمر بوتيرة معينة بعيدا عن الإضطراب والتراجع في ظل المحاظرة حفاظا على إستمرارية النشاط الإستمراري .
4- ضمان السيولة الازمة : لاشك أن النشاط الإستثماري بحاجة إلى تمويل وسيولة جاهزة وشبه جاهزة لمواجهة إلتزامات العمل، لا سيما المصروفات النثرية اليومية تجنبا للعسر المالي الذي قد يعرض للمشروع
المبحث 2 : أنواع الإستثمار و نظريته :
مط 1 : أنواع الإستثمار : يمكن تصتيف الإستثمارات حسب المعايير التالية :
. حسب المعيار القانوني : وتقسم إلى :
– الإستثمارات الخاصة : يقوم بها أشخاص طبيعيون ومعنويين يسعون إلى تحقيق الربح بإعتبار ملكية وسائل الإنتاج خاصة .
– الإستثمارات العامة : وهي المشاريع التي تعود فيها ملكية وسائل الإنتاج للدولة وتهدف هذه المشاريع إلى تحقيق المنفعة العامة أولا ثم تحقيق الأرباح .
– حسب معيار النشاط الإقتصادي : أي حسب النشاط الإقتصادي وينقسم إلى :
– إستثمار فلاحي .
– إستثمار صناعي .
– إستثمار خدمي .
– حسب معيار المستويات : أي على حسب تأثير الإستثمار على العملية الإنتاجية ويقسم إلى ثلاثة مستويات :
– إستثمارات إنتاجية غير مباشرة : هي الإستثمارات التي تؤثر على العملية الإنتاجية بشكل غير مباشر لكنها تعد عاملا مباشرا في رفع معدلات الإنتاج والنمو الإقتصادي مثل: المباني القاعدية ، تعبيد الطرقات ، بناء المطارات ، بناء السدود….
– إستثمارات إنتاجية طويلة : المدى : هي تلك الأموال الموجهة لبناء <>
كما يمكن تقسيم الإستثمارات إلى :
– إستثمار في السلع والخدمات .
– إستثمار في الأصوال الثانية كالآلات والعقارات والمعدات————الخ .
– إستثمار في الأصول المالية كالأسهموالمستندات
مط 2 : دالة الإستثمار :
هي دالة توضح علاقة الإستثمار بكل من سعر الفائدة والكفاية الحدية لرأس المال . بحيث يتناقص الإستثمار بتزايد سعر الفائدة ويتزايد رأس المال هذا ما يبين أن العلاقة عكسية بين سعر الفائدة و الإستثمار وطردية بين الكفاية الحدية لرأس المال والإستثمار فهي تأخد الشكل الآتي
I
f(i) I =
i
– منحنى دالة الإستثمار –
مط3 : دورالإستثمار في النشاط الإقتصادي : 3
يعد الإستعمار مهما خاصة في تنمية الدخل الذي يترتب عليه زيادة في الطلب على السلع والخدمات والمنتجات الأخرى المصتوعة محليا وهذا ما ينص عليه مبدأ التعجيل أن زيادة الدخل ستؤدي بدورها إلى الزيادة في الإستثمار وأن هذا سوف يتحقق بعض النظر عن الكيفية التي يتوزع بها إتفاق الدخل بين العمليات الإستثمارية
المبحث 2: العوامل المؤثرة على الإستثمار وأسباب ضعفه في الدول النامية :
مط 1 : أسباب ضعف الإستثمار في الدول النامية :
– إنعدام الحوافز الإستثمارية.
– ضعف الجهاز المالي والمصرفي في تحويل الإستثمار.
– البيروقراطية.
– إنعدام الرقابة والمتابعة للإستثمارات ذات الملكية العامة.
– تفشي ظاهرة الرشوة في الحصول على الإستثمارات
مط 2 : العوامل المؤثرة على الإستثمار :
ويمكن توضيح العوامل المؤثرة على الإستثمار كما هو مبين في الشكل رقم (1) وفي الحقيقة أن أوجه النقد التي توجه إلى مبدأ الكفاية الحدية لرأس المال تتلخص في أنه يخفي أكثر مما يظهر من الحقائق فتوضيح التغير في الكفاية الحدية لرأس المال ينبغي توضيح التغيير في سعر شراء السلع الرأس مالية ، وتوضيح أيضا التغير في صافي الدخل المتوقع ويعتمد التغير الذي ينتاب صافي الدخل المتوقع ، وبالرغم من إفتراضنا ثبات هذه المتغيرات في الدراسة فإن المشكلة التي تواجه رجال الأعمال بإستمرار هي توقعاتهم حول هذه المتغيرات التي قد تكون متفائلة فترتفع الكفاية الحدية لرأس المال ويزداد الإستثمار بينما قد يسود رجال الأعمال موجة من التشائم فتؤدي إلى إنخفاض الكفاية الحدية لرأس المال وينخفض الإستثمار وينعكس ذلك على الطلب الفعال والدخل والعمالة.
ويوضح الشكل رقم (-2-) المتغيرات الخارجية على الإستثمارات ومنها كما سبق أن قبل إزدياد النمو السكاني وظهور إكتشافات أو سلع أو مواد جديدة أو حدوث تقدم تكنلوجي أو تغير الظروف السياسية وتوقعات رجال الأعمال المتفائلة والمتشائمة وهذه المتغيرات لاتؤثر على شكل منحنى الكفاية الحدية لرأس المال وإنما تؤثر على مكانه فزيادة التقاؤل بين أصحاب الأعمال يؤدي إلى إنتقال المنحتى تاحية اليمين أي يؤدي إلى زيادة الإستثمار بالرغم من عدم تغير سعر الفائدة والعكس، أما زيادة موجة من التشائم تؤدي إلى إنتقال المنحنى ناحية اليسار
الإستثمار
الكفاية الحدية لرأس المال
سعر الفائدة
التكاليف الحالية
صافي الدخل المتوقع
الدخل المتوقع
التكاليف المتوقعة
شكل رقم (1) العوامل المؤثرة على الإستثمار
سعر الفائدة
الإستثمار
شكل (-2-) إنتقال منحنى الكفاية الحدية لرأس المال
الفصل الثالث : العلاقة بين الإدخار والإستثمار
إن غالبية الإقتصاديون يرون أن هناك تعادل دائم بين الإدخار والإستثمار على أساس حدوث تغيرات في سعر الفائدة، ففي رأيهم أن الإدخارهو المصدر الوحيد لعرض رؤوس الأموال النقدية، والإستثمار هو المصدر الوحيد لطلب رؤوس الأموال النقدية مما يؤدي إلى خفض سعر الفائدة بإعتباره إستخدام رأس المال، هذا الإنخفاض في سعر الفائدة يؤدي إلى زيادة طلب رؤوس الأموال النقدية أي الإستثمار بالقدر الذي يجعله يتعادل مع الإدخار، والعكس صحيح، بمعنى أنه عندما يقرر شخص ما إستثمار مبلغ من المال فهذا يعني زيادة طلب رؤوس الأموال النقدية بما يؤدي إلى رفع رأس الفائدة، هذا الإرتفاع في سعر الفائدة يؤدي إلى زيادة عرض رؤوس الأموال النقدية أي الإدخار بالقدر الذي يجعاه يتعادل مع الإستثمار
في الأخير نرجوا أننا توصلنا إاى مفهومي الإدخار و الإستثمار و إلى الدور الذي يلعبه كل منهما في تحريك عجلة النمو الإقتصادي و ذلك من خلال العلاقة الترابطية بينهما أي أن الإدخار مكمل للإستثمار و أن الإستثمار مكمل للإدخار و بوجود كل من الدخل و الإستهلاك تتشكل تنمية إقتصادية و من تم إستمرار النشاط الإقتصادي ، من هنا يمكننا طرح سؤال : ما علاقة كل من الدخل و الإستهلاك في التأثير على التنمية الإقتصادية ؟
مع تحياتي.
مقدمة
I- تنظيم و تسيير برامج العلم و التكنولوجيا و البحث و التطوير
I -1- مفهوم البحث و التطوير
I -2- تنظيم وضيفة البحث و التطوير
I -3- تسيير نشاطات البحث و التطوير
II- سياسات البحث و التطوير
II -1- السياسات على المستوى الكلي-الدولة-
II -2- السياسات على المستوى الجزئي-المؤسسة-
III – العلاقة بين العلم و التكنولوجيا و النمو الإقتصادي.
الخاتمة
المقدمة:
إن عصرنا اليوم هو عصر العولمة و السرعة و المعلوماتية, و عصر الأنترنت, كما أن قوة الدول و تطورها و نجاحها, أصبح يقاس في عصرنا الحاضر بمدى التقدم و التطور الذي تحرزه في مجال استعمال برامج العلم و التكنولوجيا و البحث و التطوير, بهدف تحقيق تنمية اقتصادية, و تحقيق الرفاهية الإجتماعية, و تحسين جودة مخرجاتها. ومن أصعب التحديات و أكثرها إثارة, التي ينبغي على المؤسسة الإقتصادية أن ترفعها, هي إيجاد الحلول المناسبة للتحولات الكبرى التي يعرفها العالم, أين أصبحت المؤسسة غير قادرة على التأقلم و مواكبة التغيرات و التطورات السريعة في مجال العلم و التكنولوجيا.
و في ظل هذه الظروف, و التغيرات و التطورات الجديدة و المتناهية, و في فترة تشهد تطور تكنولوجي متسارع و منافسة حادة, ينبغي على الدول بصفة عامة, و المؤسسات الإقتصادية بصفة خاصة أن تهتم بمجال البحث و التطوير و الإبداع التكنولوجي.
و من هنا يتبادر إلى أذهاننا الإشكالية التالية:
“ما مدى تأثير برامج العلم و التكنولوجيا و البحث و التطوير على النمو الإقتصادي و نجاح المؤسسات” ؟؟
وفي ضوء هذا الإشكال نطرح التساؤلات التالية:
1- ماذا نقصد بالبحث و التطوير ؟
2- كيف يمكن رفع فعالية نشاط البحث و التطوير ؟
3- ما هي أهم سياسات البحث و التطوير؟
4- هل هناك علاقة بين التكنولوجيا و التنمية الإقتصادية ؟
و للإجابة على هذه التساؤلات, نطرح الفرضيات التالية:
1- يعد نشاط البحث و التطوير المغذي الرئيسي للإبداعات التكنولوجية.
2- لرفع فعالية نشاطات البحث و التطوير, يستلزم توفر ميزات في مدير البحث و التطوير, و توفر الكفاءة الفنية و التقنية لعمال الوظيفة, إضافة إلى الدقة في اختيار مشاريع البحث و التطوير.
3- من بين سياسات ابحث و التطوير, نجد سياسة الحوافز, السياسات المالية و الضريبية, و الحماية القانونية.
4- نعم هناك علاقة بين التكنولوجيا و التنمية الإقتصادية.
و لإثراء الموضوع, سوف نتطرق في بحثنا هذا إلى ثلاث محاور أساسية, المحور الأول, نشير بصفة عامة إلى تسيير نشاطات البحث و التطوير, نتناول من خلاله مفهوم البحث و التطوير, أساليب تسيير مستخدمي وظيفة البحث و التطوير ,و أهم الأشكال التنظيمية لوظيفة البحث و التطوير.
وفي المحور الثاني نتناول في جوهره سياسات البحث و التطوير على المستويين, الكلي و الجزئي. أما في المحور الثالث و الأخير, نبرز فيه العلاقة الموجودة بين التقدم التكنولوجي و التنمية الإقتصادية.
و من بين دوافع اختيارنا لهذا الموضوع, هي طبيعة العلاقة التي تربطه بمجال تخصصي –إدارة أعمال-, و رغبتي في الإطلاع على هذا الموضوع.
و يمكن إدراك أهمية البحث من خلال الأهمية البالغة التي أصبح يحتلها نشاط البحث و التطوير في الهيكل التنظيمي للمؤسسات الإقتصادية, مما يكسبها ميزة تنافسية تجعلها قادرة على المنافسة و يضمن لها البقاء في الحياة.
تسيير و تنظيم برامج العلم و التكنولوجيا و البحث و التطوير
يتطلب إنتاج المعارف العلمية, و الإبداعات التكنولوجية تحديد أهداف معينة و تنظيم نشاطات البحث و التطوير, و تخصيص الموارد المتاحة لدى المؤسسة لدى المؤسسة و تسخير القوى البشرية المؤهلى لتحقيق الأهداف, و إحداث الفعالية في العمل.
I-1 مفهوم البحث و التطوير:
يعد نشاط البحث و التطوير, المغذي الرئيسي للإبداعات التكنولوجية و خاصة في المؤسسات الكبيرة التي تتوفر على مخابر و إمكانيات مادية و بشرية معتبرة, و لفهم معنى البحث و التطوير سوف نعرف كل كلمة إلى حدى, ثم نعطي تعريف شامل للبحث و التطوير.
و كلما كبر حجم المؤسسة, كلما أدى ذلك بالضرورة إلى تكوين وظيفة خاصة بالبحث و التطوير, مع العلم أن لها خصوصيات يجب مراعاتها, و مؤشرات تقييمها صعبة التحديد, و نتائجها مرتبطة بالتسيير الفعال, و التنقل الجيد بينها و بين الوظائف الأخرى, إضافة إلى الكفاءة الفنية للعمال القائمين بنشاطات البحث و التطوير.
I-1-1- البحث: و يتضمن ما يلي:
أ- البحث الأساسي:
يتمثل في “الأعمال التجريدية أو النظرية الموجهة أساسا إلى الحيازة على معارف تتعلق بظواهر و أحداث تم ملاحظتها دون أية نية في تطبيقها, أو استعمالها استعمال خاص”.
ب- البحث التطبيقي:
يتمثل في “الأعمال الأصلية المنجزة لحصر التطبيقات الممكنة و الناجمة عن البحث الأساسي, أو من أجل إيجاد حلول جديدة تسمح بالوصول إلى هدف محدد سلفا, و يتطلب البحث التطبيقي الأخذ بعين الإعتبار المعارف الموجودة و توسيعها لحل مشاكل بعينها”.
I- 1-2-التطوير:
يتعلق هنا بالاستثمارات الضرورية, التي تسمح بالوصول إلى تنفيذ التطبيقات الجديدة (في طرق الإنتاج أو في المنتج) بالإستناد إلى الأعمال التالية:
1- التجارب و النماذج المنجزة من قبل الباحثين.
2- فحص الفرضيات و جمع المعطيات التقنية, لإعادة صياغة الفرضيات.
3- الصيغ, مواصفات المنتجات, ومخططات كل من التجهيزات, الهياكل و طرق التصنيع.
و يعد التطوير نتاجا لأعمال البحث و التطوير، حيث تكون المنتجات محمية في شكل إيداعات مبرأة مهما تكن الأهمية, الاستعمال, أو الشكل. و يمكن قياس أثر البحث و التطوير على الإبداع التكنولوجي بالاستناد إلى درجة الإبداع المحققة, حيث يتم هنا التفرقة بين درجتين, تتمثل الأولى في الإبداع الطفيف أو التراكمي, و الذي يستمد من التحسينات الطفيفة و المستمرة في المنتجات و طرائق الإنتاج.
أما الدرجة الثانية فتتمثل في الإبداع النافذ أو الجذري, الذي مفاده الإبداع في المنتجات و طرائق الإنتاج على أسس جديدة و مختلفة تماما.
و بالإستناد إلى ” التحقيق السنوي “Mcgrwhill” الخاص بالولايات المتحدة الأمريكية لسنة 1977, أن نصيب الإبداع في المنتجات الجديدة كان 87%, و ضمن هذه النسبة الأخيرة هناك 28% تخص المنتجات الجديدة, و 59% تخص التحسينات في المنتجات…”
I-1-3- البحث و التطوير:
يقصد بهما كل المجهودات المتظمنة تحويل المعارف المصادق عليها إلى حلول فنية, في صور أساليب أو طرق إنتاج و منتجات مادية, استهلاكية أو استثمارية.
تباشر هذه النشاطات إما في مخابر الجامعات, أو في مراكز البحث التطبيقي, أو في المؤسسات الصناعية دون اعتبار خاص لحجمها.
I-2- تنظيم وظيفة البحث و التطوير
تحتل وظيفة البحث و التطوير مكانة هامة في تنظيم المؤسسة, بكيفية تسمح بالتنقل الجيد للمعلومات, سواءا كانت خارجية عبر وظيفة التسويق, أو من مشاكل فنية تجابه العملية الإنتاجية من خلال وظيفة الإنتاج و كذلك المعلومات الناتجة عن العلم و التكنولوجيا المتاحة.
و تتكون وظيفة البحث و التطوير من عمال, وسائل, و إجراءات التسيير, و كلها مجندة لإنجاز مشاريع البحث و التطوير, و يقوم بالإشراف على الوظيفة مسؤول يسمى مدير البحث و التطوير, يقوم بتوجيه العمال بغية تنفيذ النشاطات المعنية بالوظيفة حسب المشاريع المحددة, و يمكن تمييز الأشكال التالية في تنظيم وظيفة البحث و التطوير و هي كالتالي:
I-2-1-التنظيم الوظيفي:
في هذا التنظيم, يتم تقسيم كل مشروع بحث أو تطوير إلى أجزاء, يسند كل جزء إلى وحدة تنفيذ خاصة, حيث يتحمل مسؤولية العمليات التي من اختصاصها, و يشرف عليها مسؤول, و يتم التنسيق بين الأجزاء و العمليات المنفذة عبر علاقات مباشرة بين مسؤولي الوحدات التنفيذية, و الشكل التالي يوضح ذلك:
شكل رقم 01: التنظيم الوظيفي
المصدر: نذير نصر الدين, الإبداع التكنولوجي في المؤسسات الصغيرة و المتوسطة, مذكرة ماجيستر, 2001 ص 69
I-2-2- التنظيم حسب المشاريع:
يقوم التنظيم حسب المشاريع على أساس تكوين فريق موحد, يضم مختلف المهندسين أو التقنيين الضروريين لإنجاز مشروع البحث و التطوير، كما تخصص لكل مشروع الإمكانيات البشرية و المادية المحددة له, و يتم تجزئة عمال البحث و التطوير على أساس المشاريع المراد تنفيذها من قبل المؤسسة, و يكلف رئيس كل مشروع لإنجازه حسب التقديرات المحددة مسبقا, التكلفة, الوقت, و تعمل بسهولة الاتصال بين فرق العمل على حل مشاكله المجابهة لهم, ويمكن توضيح هذا النوع في الشكل التالي:
I-2-3-التنظيم الشبكي أو المصفوفي لنشاطات البحث و التطوير:
يتم الجمع في التنظيم المصفوفي بين التنظيم الوظيفي و التنظيم حسب المشاريع, حسب الشكل رقم 3:
شكل 03: التنظيم المصفوفي لنشاطات البحث و التطوير
المصدر: نذير نصر الدين, نفس المرجع أعلاه, ص 71.
و يتم جمع مختلف عمال البحث و التطوير و تجزئتهم على أساس تخصصهم (المسؤوليات الوظيفية) و يتم تكليف رئيس لكل مشروع بحث تطبيقي المراد إنجازه, بحيث يشرف على فريق عمل الذي يضم عمالا يشتغلون بكيفية دائمة, و بأوقات جزئية, و يضمن عملية التنسيق بين المشاريع مدير خاص بها.
و من إيجابيات هذا التنظيم, هي الإستفادة من كلا التنظيمين السابقين الذكر, و تقديم عمل جماعي أفضل, و استغلال المعارف, القدرات المتاحة, و فرصا لتبادل المعلومات التقنية, و تمنح لكل مشروع إمكانية اللجوء إلى جميع القدرات و الكفاءات البشرية المتاحة.
I-3- تسيير نشاطات البحث و التطوير:
إن تسيير نشاطات البحث و التطوير يعتمد أساسا على كفاءة العنصر البشري, و مدى فعاليته في التعامل مع الآخرين, كما أن أغلبية الكتب الحديثة تؤكد أن تسير مستخدمي البحث و التطوير يستلزم مرونة معتبرة, و استجابة أكثر, إضافة إلى أن الإهتمام بأعمالهم و اقتراحاتهم و أرائهم يشجعهم على بذل مجهودات أكبر و تحقيق خطوات إيجابية للرفع من إنتاجية رقم الأعمال.
I-3-1- أساليب تسيير عمال البحث و التطوير:
يمكن التمييز بين أسلوبين رئيسيين في تسيير عمال البحث و التطوير, هما: أسلوب الإشراف المباشر أو الحازم, و أسلوب الإشراف اللين؛
أ- أسلوب الإشراف اللين:
يتم في هذا الأسلوب إعطاء أوامر صارمة, و المتابعة المستمرة للقائمين بنشاطات البحث و التطوير داخل المؤسسة, و حجتهم في ذلك راجع لندرة الموارد من جهة, و من جهة أخرى احتمال وقوع تهاون من طرف هؤلاء المستخدمين, كما أن تطبيق مثل هذه الأسلوب لا يليق إلا في بعض الحالات النادرة مثل الحرب, كما تنقص فعاليته عندما تقل الموارد المادية و الوسائل. 1َ
ب- أسلوب الإشراف اللين:
عكس الأسلوب الأول, فإن الأسلوب اللين يمتاز بأكثر إنسانية و موضوعية و أكثر حرية, و حتى الوقوع في الخطأ, مع إسناد المسؤولية في نفس الوقت لعمال البحث و التطوير و الإبداع. 1ً
I-3-2- رفع فعالية البحث و التطوير:
للرفع من فعالية نشاطات البحث و التطوير, يستلزم توفر شروط أو ميزات يتصف بها مدير البحث و التطوير من جهة, و توفر الكفاءة الفنية لعمال الوظيفة, و أخيراً الدقة في اختيار مشاريع البحث و التطوير, لأكثر تفصيل سوف نتطرق لكل نقطة على حدى؛
أ- ميزات مدير البحث و التطوير:
غالبا ما يكون لدى المؤسسات الكبيرة مستخدمين مهمتهم البحث و التطوير, ينتظمون في في هيكل عضوي رسمي مرتبط بحجم المؤسسة, و على رأس كل هيكل يوجد مسؤول يدعى مدير البحث و التطوير, و من الخصائص التي تدعم فعاليته و تأدية مهامه ما يلي:
– التكوين و الإلمام بشؤون التسيير, و بذل جهود معتبرة في التنظيم و التنسيق, التوجيه و المراقبة.
– الإشراف على المشروع بكيفية تضمن تحقيق أهداف المؤسسة بالدرجة الأولى, من خلال المراقبة و المتابعة للأعمال.
– الإشراف على الباحثين و الأعوان بعناية و حزم في آن واحد, نظراً لأن نشاطات البحث و التطوير تختلف عن النشاطات الأخرى, لاعتمادها على الجهد الفكري بدرجة أكبر.
و عليه فإن توفر هذه الميزات و الخصائص في مدير وظيفة البحث و التطوير , دافع و مدعم لنجاح مشاريعها, و تحفز و تشجع لتهيئة ظروف مؤدية إلى الإقدام و المبادرة بين العاملين لتنمية و تأكيد القدرات الذاتية للتطوير و الإبداع.
ب- الكفاءة الفنية لعمال البحث و التطوير:
إذا لم تتوفر الكفاءة الفنية الجيدة في المستخدمين المعنيين بمشاريع البحث و التطوير, فإن النتيجة ستكون سلبية لا محالة, و من أهم الصفات التي يجب أن تتوفر فيهم هي:
– أن يكتسبوا معارف تقنية عالية؛
– أن تكون لديهم مهارات علمية جيدة؛
– أن يكونوا قادرين على فهم و كذلك تفسير النتائج المخبرية؛
– أن يتمكنوا من الاستعمال الأمثل للمجلات المتخصصة كمصادر هامة للمعلومات.
كما يتطلب التسيير الفعال, أن يقوم مدير البحث و التطوير بمعرفة القدرات الفردية و تشجيعها و المحافظة عليها بكل الوسائل الممكنة.
ج- اختيار مشاريع البحث و التطوير:
إن الدقة في اختيار المشاريع عنصر أساسي لنجاح برامج البحث و التطوير, و تتوقف هذه الدقة على إشراك جميع مسؤولي و موظفي وظائف المؤسسة, من وظيفة البحث و التطوير, وظيفة الإنتاج,وظيفة التسويق,وظيفة المحاسبة و المالية, و الغرض من ذلك الوقوف على الإمكانيات و القدرات و الطاقات المتاحة لدى المؤسسة, و جميع المعلومات المتعلقة بالمواد الأولية, بتغيير الأسعار, حجم السوق المتوقع, شدة المنافسة, المدة الزمنية, و بالمبالغ اللازمة لإنجاز المشروع.
كما يجب التمييز بين المشاريع قصيرة المدى, و الطويلة المدى, فالأولى تصلح عادة لإجراء التحسينات الطفيفة, بينما تعد الأخرى للقيام بتعديلات كبرى, و الإثنان يختلفان من حيث الوقت و التمويل, و مستوى الأخطار.
I-3-3-نفقات البحث و التطوير:
يعتبر الإنفاق على نشاطات البحث و التطوير بمثابة استثمار يدر عائداً، فهو يحتاج إلى تخطيط وفقا لأساليب علمية دقيقة, كما أن القسم الأول من الوظيفة “البحث” أقل تكلفة من “التطوير”, و معرفة التكاليف أمر جدّ هام بالنسبة للمؤسسة في عملية تقييم الأداء, و ذلك بتخصيص مواردها للإتفاق على هذه النشاطات.
أ- مبادئ حساب تكاليف البحث و التطوير:
– فتح حساب خاص بالنشاط ضمن حسابات المؤسسة؛
– القيام بتحليل التكاليف المرتبطة بالوظيفة بالتفصيل, و تحديد مركز مسؤولية مدير البحث و التطوير؛
– التمييز بين مختلف التكاليف و الأعباء, إذ أن هناك أعباء يمكن تقسيمها مباشرة على النشاط و هناك أعباء أخرى غير ذلك.
ب- موازنة البحث و التطوير:
غالبا ما يتم تخصيص جزء من رقم الأعمال لتمويل نشاطات البحث و التطوير, كما تحدد هذه النسبة بناءاً على :”معطيات و إحصائيات من تقارير النشاط السنوية للمنافسين, و المعايير أو المقاييس المطبقة في مختلف القطاعات, و فروع الصناعة المتعلقة بالبحث و التطوير”.
فهي تمثل قاعدة من خلالها تستطيع المؤسسة تحديد النسبة المخصصة لتمويل نشاطات البحث و التطوير, و من ثم إعداد جدول مفصل نسجل فيه تقديرات التكاليف و أعباء المشروع البحث و التطوير, و هذا ما يسمى بالموازنة, و من بين النقاط التي يجب ملاحظتها في الموازنة هي:
• تحديد التقديرات بكل عناية, و باستشارة الأطراف المعنية؛
• تحضير موازنات تفصيلية خاصة بالأقسام, حسب عددها, و على أسس زمنية مختلفة (شهرية, فصلية)
• مراعاة اعتماد الموازنات حسب التقسيم الموجود (في حالة وجود عدة منتجات, أو مشاريع جزئية مرتبطة ببعضها البعض)؛
• إظهار النفقات الفعلية و النفقات المعيارية عند كل مرحلة من المراحل, لغرض استخراج الفروقات أو الانحرافات.
و عليه, يمكن القول أن الهدف الأساسي من تحديد النفقات هو الوصول إلى نتائج إيجابية, و تحقيق تسيير فعال, قائم على الانضباط و الدقة، و الكفاءة العالية, و بالتالي تحقيق الربحية.
II-سياسات البحث و التطوير:
يرتبط نجاح المؤسسات الإقتصادية بطبيعة السياسات المنتهجة من طرف الدول”على المستوى الكلي”, أو على المستوى الجزئي “المؤسسة”, و فيما يلي سوف نتطرق إلى كل سياسة على حدى:
II -1-سياسات الدولة-على المستوى الكلي- في مجال البحث و التطوير:
يمكن للدولة أن تساهم بقسط كبير في تحقيق التنمية, و تشجيع نشاطات البحث و التطوير على المستوى الوطني, و من هذه السياسات نذكر منها ما يلي:
أ- السياسات المالية و الضريبية:
يمكن للدولة أن تؤثر إيجابيا على نشاطات البحث و التطوير, و الإبداع التكنولوجي, و ذلك من خلال تبني السياسة المالية و الضريبية في الجوانب التالية:
• التخفيض أو الإعفاء من الضرائب, مما يسمح للمؤسسات من الإعتماد على قدرة تمويلها الذاتية بإعادة استثمار مبالغ الضرائب الغير مدفوعة, إما في تغطية التكاليف المرتفعة, أو تغطية الأخطار و الخسائر .
• التمويل بالقروض, بالنسبة للقطاعين العام و الخاص, نظرا لأن نشاطات البحث و التطوير تتطلب مبالغ ضخمة, إضافة إلى أن استغلال إبداعات المنتوج و الطرق الفنية الجديدة يحتاج إلى قروض و مساعدات مالية.
و يعتبر هذا الجانب, التمويل, و نقص الإمكانيات من بين المشاكل التي تعاني منها البلدان النامية إذ تعتمد في أغلب الأحيان على البنوك و المؤسسات المالية كمصدر للدعم, عكس البلدان المتطورة التي تتوفر على هيئات حكومية خاصة تساعد في ذلك.
ب- السياسة التصنيعية:
ترتكز هذه السياسة على تعزيز جهاز الإنتاج, و بالأخص الصناعي منه, و يأتي ذلك من خلال الإستثمار فيه, إما بإقامة وحدة إنتاجية جديدة, أو التوسع في وحدة صناعية فعلية, مما يتطلب استعمال فنيات إنتاج فعالة من جهة, و الحرص على جودة المنتوج من جهة أخرى, أو الحفاظ على مستواها إذا كان عاليا أو الرفع و التحسن فيه إذا كان دون ذلك. 2
و لتحقيق كل هذه المتطلبات يستلزم مباشرة نشاطات البحث و التطوير و الإبداع التكنولوجي, و عليه كلما كانت السياسة التصنيعية مركزة على النشاطات كلما زاد حجم الإستثمارات.
ج- إنشاء مراكز البحث التطبيقي:
تنشأ هذه المراكز خصيصا بغرض تركيز الجهود و الموارد لحل المشاكل التي تصادف المؤسسات الإقتصادية في تأدية نشاطاتها في أقرب وقت و بنظرة شاملة, أي من مختلف الزوايا و الجوانب المتعلقة بالمشكلة. كما يمكن التمييز بين نوعين أساسيين من المراكز, النوع الأول يقوم حسب القطاعات الإقتصادية و الفروع الصناعية, مثل: مراكز البحث التطبيقي للصناعات الخفيفة, مركز بحث تطبيقي للصناعات الإلكترونية…إلخ.
أما النوع الثاني فيقوم على مستوى الوطن, و عادة ما تنشأ قبل مراكز البحث القطاعية, و توكل لها مهمة معالجة المشاكل الفنية للقطاعات و المؤسسات الإقتصادية في حالة عدم وجود مراكز خاصة بها.
إضافة إلى تصور و وضع النماذج لمنتجات و أساليب إنتاج جديدة, و تقديم الآراء و الإقتراحات و النصائح و الإرشادات التقنية في شتى المجالات التي تهتم أو تختص بها, و ذلك نظرا لحجم الإمكانيات و المعارف المتوفرة من جراء الخبرة و المعاملة.
د- توفير الحماية القانونية للإختراعات:
تعتبر هذه السياسات من الأهم التي يجب على الدولة القيام بها, لأنه ليس من المنطق أو الطبيعي أن نبذل جهود و ننفق أموال في بحوث و اختراعات معينة دون التفكير في حماية مخرجها, و من أشكال الحماية القانونية هناك براءة الإختراع, العلامة, النموذج.
• براءة الإختراع: ” و هي شهادة أو وثيقة تمنحها هيئات رسمية معينة, تتضمن الإعتراف باختراع ما, و يخول لصاحبه (شخصا كان أو مؤسسة) حق الملكية و بالتالي حرية الاستعمال”. 2
• العلامة: ” في حالة عدم الحصول على براءة الاختراع, يمكن للمؤسسات على وجه الخصوص أن تطالب بحماية منتوجها بعلامة, و هذه عبارة عن اسم أو رمز تختارها المؤسسة قصد تمييز منتوجها عن غيرها من المنتجات المتوفرة في الأسواق, و بالتالي حماية شهرة المؤسسة و ضمان الفوائد المترتبة عن ذلك”. 3
• النموذج: ” يرتبط حماية النماذج بالخصائص الشكلية و المميزة للمنتجات الجديدة, و أهمية هذه الحماية ليست قانونية, بينما تتمثل في إبراز اسم الشخص أو المؤسسة, مما يسمح له بتحقيق غايات معينة يمكن أن تكون مادية أو غير ذلك”. 4
II-2- السياسات على المستوى الجزئي- المؤسسة-
أ- الحوافز:
عادة ما تقوم المؤسسات بتشجيع الأفراد على بذل مجهودات أكبر في مجال البحث و التطوير و الإبداع التكنولوجي, من خلال تحفيزهم و تقديم علاوات مختلفة بهدف تحسين الأداء.
و يمكن حصر الحوافز في مختلف الهدايا و الجوائز التي تمنح للمخترعين و المبدعين بعد إثبات صحة أعمالهم, و ذلك بمراعاة الإحتياجات الشخصية و العائلية للأفراد مثل السكن, السيارات, التجهيزات, الترقية في الوظيفة, هذا من جهة, ومن جهة أخرى ربط الحوافز بالقيمة التقديرية لأعمالهم, و مدى انتفاع المؤسسة من الإختراعات و الإبداعات المحققة.
ب- الارتباطات:
و نقصد بها جملة العلاقات التي تنشئها المؤسسة مع المؤسسات الإقتصادية الأخرى, و كذا المؤسسات العلمية, و مراكز البحث التطبيقي, و من الأسباب التي تلجأ إلى قيام مثل هذه الارتباطات نذكر الأسباب التالية: 2
• سد الإحتياجات و الفراغات الناتجة عن نقص القدرات و إمكانيات المؤسسة, و جعلها أكثر فعالية؛
• الحاجة إلى التعاون مع الأطراف الأخرى, (مؤسسات علمية, مراكز بحث, قطاعات…) و التغلب على الصعاب, و إزالة العقبات من خلال التعرف على الناس و الخبراء في الملتقيات مثلاً, و تقوية علاقات العمل, و تبادل الخبرات؛
• الإستفادة من المعلومات في كل ما يتعلق بالنصح و الرشد, المعلومات التقنية, المعارف الجديدة و الدقيقة, الإقتراحات, التوجيهات حول كيفية تحسين التسيير و الأداء؛
• ضمان نوع من الأفكار, المعارف, الحلول؛
• إبرام اتفاقيات تعاقدية لفترات زمنية محددة.
III- علاقة العلم و التكنولوجيا و النمو الإقتصادي:
يقول Christopher Freeman: “اعترف الإقتصاديون بالأهمية الكبيرة للإبداع التكنولوجي في التقدم الإقتصادي, الفصل الأول من ثروة الأمم ل Adam Smith يغوص بصورة سريعة في الكلام عن التحسينات في الآلات, و بأي طريقة يرقي تقسيم العمل الإختراعات المختصة, نموذج Marx للإقتصاد الرأسمالي ينسب الدور الرئيسي إلى الإبداع التقني في السلع الرأسمالية, مـارشال Marshall لم يتردد في وصف المعرفة بالآلة الرئيسية للتقدم في الإقتصاد”.
من هنا يتجلى الدور الرئيسي الذي يلعبه التقدم التكنولوجي في تطور البلد, و الأهمية البالغة التي أعطاها علماء الإقتصاد لدراسة العلاقة بين التكنولوجيا و الإقتصاد. و عموما يمكن القول أن “العلاقة بين التكنولوجيا و التقدم الإقتصادي قائمة لا محالة, رغم أنها غير معروفة بكيفية دقيقة, و لهذه العلاقة أوجه مختلفة هامة يمكن شرحها كالتالي:
– إن للتكنولوجيا في شكل آلات و تجهيزات, و وسائل تقنية تسهل الأعمال, و تمكن الإسراع فيها و كذلك إتقانها؛
– إن التكنولوجيا في شكل معارف تقنية و علمية تمكن من تطوير مختلف الصناعات, القطاعات, الخدمات, و النشاطات الإقتصادية, و غيرها؛
– لكن الأثر الإيجابي الأكثر أهمية هو الذي يتمثل في إيجاد الحلول الناجحة للمشاكل المختلفة التي تجابه العملية الإنتاجية, أي المحافظة على مستوى معين من الإنتاجية أو تحسينه.
– التكنولوجيا تسهل انتقال المعلومة بسرعة, و تدقق الحسابات و بالتالي تساهم في اتخاذ القرار الإقتصادي المناسب في الوقت المناسب؛
كما أن صناعات التكنولوجيا العالية (منتجات التكنولوجيا العالية هي تلك المنتجات التي عرفتها OECD بأنها منتجات ذات الكثافة التكنولوجيا العالية و هي العقاقير و الأدوية, تجهيزات مكتبية, أجهزة كمبيوتر, آلات كهربائية, مكونات إلكترونية, طيران و فضاء أجهزة علمية), يؤدي إلى منافع قومية في الإنتاجية و تطوير التكنولوجيا و خلق فرص عمل مرتفعة الأجر, و على ذلك تعتبر هذه الصناعات عناصر أساسية في بناء القدرة التنافسية القومية.
كما أن القيمة المالية للمنتجات التكنولوجية جدّ معتبرة, و بالتالي يمكن لبلد ما أن يحصل على إيراد جيد مقابل تصديره لبعض المنتجات التكنولوجيا, “فمثلا الصادرات الهندية التكنولوجية إلى الخليج و صلت سنة 1999 نحو 30.2مليون دولار, و 47.2مليون دولار سنة 2000”.
إلا أن هذا لا ينفي بعض أخطار التكنولوجيا على البيئة و المحيط و المجتمع بصفة عامة, “فقد أصدرت منظمة العمل الدولية تقريراً أشارت فيه إلى أن تكنولوجيا المعلومات تعتبر من أهم الأسباب في ارتفاع أرقام البطالة العالمية, و قد وصل عاطلوا العمل بسبب التكنولوجيا إلى 160مليون عاطل”.
لهذا على دول العالم الثالث اليوم إذا أرادت أن تحقق تنمية اقتصادية معتبرة أن تهتم بالميدان التكنولوجي, و أن تحسن اختيار أي نوع من التكنولوجيا يلائمها من الذي لا يلائمها, و إن نقل أي تكنولوجيا لا تتلاءم و الأوضاع الإجتماعية و الإقتصادية بسبب تكلفة دون أن يكون له مردود معتبر, و بالتالي تبذير لأموال كان يمكن استخدامها في مشاريع أهم و أفيد و هذا يؤدي في المستقبل إلى ما يسمى التضخم التكنولوجي” و يمكن شرحه على أنه نتيجة ازدياد حجم التعاون بين الدول, دون زيادة حقيقية في الإنتاج, مما يؤدي إلى رفع سعر المنتجات نتيجة لزيادة النقود بالمقارنة مع كمية السلعة الخدمات المطروحة للاستهلاك مع تغطية هذا الإرتفاع في السعر ببعض مظاهر التحسينات التكنولوجية الطفيفة في نفس الوقت”
كما أن اختيار نوع التكنولوجيا يجب أن يستند على معايير اقتصادية, كالرغبة من زيادة الإنتاج الداخلي الخام, أو تحسين جودة الأسمدة الزراعية الصناعية مثلاً, و ليس على معايير سياسية كمال حدث في الإتحاد السوفياتي سابقاً, و على الحكومة أن تولي اهتماما بالمبدعين الشباب و تحفزهم مالياً, (جوائز, قروض, وسائل) و معنوياً كتحسيس المبدع بأهميته في المجتمع.
الخاتمة:
في ظل التغيرات و التطورات الجديدة و اللامتناهية, و في فترة تشهد تغير تكنولوجي متسارع و منافسة حادة بين المؤسسات الإقتصادية, ينبغي على المؤسسات إذا أرادت أن تفرض نفسها, و تحافظ على دوامها, و تغزو أكبر حصة من السوق, أن تهتم بوظيفة البحث و التطوير داخل المؤسسة, و كل ماله علاقة بالإبداع التكنولوجي سواءا عن طريق إنتاج منتوج جديد أو تحسينه, أو تغيير أساليب الإنتاج, أن تحسن اختيار نوع من التكنولوجيا الذي يلائمها.
و هذا الكلام لا يقتصر على المؤسسات فقط, بل يقتصر كذلك على الدول, لأنها إذا أرادت تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة, عليها الإهتمام بالميدان التكنولوجي و الإستثمار فيه, وذلك من خلال اعتمادها على سياسات من شأنها أن تدفع بعجلة التنمية الإقتصادية كبناء مراكز البحث التطبيقي, توفير الحماية القانونية, و تمويل أو إعانة مشاريع البحث التطوير, نظراً لأن هذه الأخيرة (مشاريع البحث و التطوير) تكلف كثيرا
او
هنا