التصنيفات
البحوث التجارية

بحث حول المزيج الترويجي

بحث حول المزيج الترويجي
خطة البحث ׃

المبحث الأول : المزيج الترويجي مفهومه و عناصره .
المطلب الأول ׃ مفهوم المزيج الترويجي .
المطلب الثاني ׃ عناصر المزيج الترويجي الشخصية .
المطلب الثالث ׃ عناصر المزيج الترويجي الغير شخصية .

المبحث الثاني ׃ العوامل المؤثرة في اختيار المزيج الترويجي و وظائفه و أهدافه .
المطلب الأول ׃ العوامل المؤثرة في اختيار المزيج الترويجي .
المطلب الثاني ׃ وظائف المزيج الترويجي .
المطلب الثالث ׃ أهداف المزيج الترويجي .

المبحث الأول ׃ المزيج الترويجي وعناصره . المطلب الأول ׃ مفهومه ׃
لقد وضعت عدّة تعاريف للمزيج الترويجي نذكر منها ׃
التعريف الأول ׃ ” يعرف بأنه عملية تعريف المستهلكين بالمنتج و خصائصه و وظائفه و مزايـاه و كيفية استخدامه و أماكن وجوده بالسوق و أسعاره ، بالإضافة إلى محــــــــاولة التأثير على المستهلك ، و حثّه و إقناعه بشراء المنتج ” – 1 –
التعريف الثاني ׃ ” كما يعرف أيضا بأنه نشاط الاتصال التسويقي الذي يهدف إلى إخبار أو إقنــــاع أو تذكير الأفراد بقبول أو إعادة الشراء أو التوجيه أو استخدام منتجا ، أو فكرة أو مؤسسة ” – 2 –
.*انطلاقا من التعريفان السابقان يتّم استخلاص تعريف إجرائي خاص بالمزيج الترويجي ׃
“هو نشاط الاتصال الرابط بين المؤسسة و المستهلكين للتعريف بمختلف منتجاتها أو خدمـــــــــاتها و عبر مجموعة من العناصر . “
المطلب الثاني ׃ عناصره الشخصية ׃ الفرع الأول ׃ القوى البيعية .
1. تعريــفها ׃ *. حسب CHIROUZE YVER فان القوى البيعـية هي ” مجموعة الأشخـــاص المكلفين بالاتصالات الشخصية بين التجار و الزبائن الحاليين و المحتملين ” – 3 –
2. أنواعها حسب CHEROUZE YVER ׃ تنقسم القوى البيعية إلى نوعين ׃
أولا ׃ القوى البيعية الداخلــــية ׃ و تتكون من الموظفين و المبعوثين المختــصين في كتــــــــــــابة التقارير و استلام الطلبيات و الرد عليها و هم كما يلي ׃
– مستلمو الطلبيات وهم المختصين بتسجيل الطلبيات و تسليم البضائع و متابعة الزبائن .
– البائعون الذين يستقبلون الزبائن في محلات المؤسسة .
– البائعون بالهاتف و هم الذين يقومون بعملية البيع عن طريق الهاتف .
ثانيا ׃ القوى البيعية الخارجية ׃ و يكمن دور المكلفين بهذه العملية خــــارج المؤسسة ، و هم كمــا يلي ׃
– المنقبون ׃ وهم المكلفين بالبحث و التنقيب عن المشترين المحتملين .
– الممثلون ׃ وهم الذين يقومون بتمثيل المؤسسة في المعارض و المنـــــــاسبات التجــارية ، و هذا بتقديم المعلومات للزبائن المحتملين و إرشادهم ، كما يقومون بالبيع .
– مفتشوا البيع ׃ و دورهم مراقبة نشاطات البائعين .
يعتبر هذا النوع من البيع مكلف جدا ، بحيث أنّ المؤسسة الصغيرة لا تستطيع تحمل التكـــــــاليف ، و بالتالي يجب توفر ثـــــلاثة عناصر في المؤسسة لكي يتّم اختيــــــار إحدى القوى البيعية أو الاثنين معا و هي ׃
– حجم المؤسسة .
– قاعدة القوى البيعية .
– قدرة تحمل المؤسسة للتكاليف .
– 1 – هناء عبد الحليم سعيد ، الإعلان ، الشركة العربية للإنتاج و التوزيع ، القاهرة ، 1998 ، ص 27 .
– 2 – هناء عبد الحليم سعيد ، نفس المرجع ، ص 28 .
3- Yver Chirouze , Le Marketing , trame 2 eme édition , office des publication paris , 1990, p 84 .

3. أهدافها و دورها ׃
أولا ׃ أهدافها ׃ – 1-
o محاولة رفع رقم الأعمال .
o تحقيق أكبر ربح ممكن .
o الحصول على أكبر نصيب من الأسواق .
o كسب زبائن جدد و المحافظة على الزبائن الأوفياء.
o دعم صورة و شهرة المنتج و المؤسسة لدى الجمهور .
ثانيا ׃ دورها ׃ -2- تعتمد القوى البيعية في دورها على عدة مهام التّي توجب عليهم القيام بها، و هي ׃
o جذب الزبائن ׃ و تتمثل في البحث عن الزبــــائن الجدد ، و تحليل مشاكلهم و هذا بعد اقتراح عليهم المنتجات الموافقة لاحتياجاتهم .
o نقل المعلومات ׃ إرسال إلى الزبائن المعلومات الخاصة بالمنتجات و المؤسسة
o البيع ׃ و هو الاتصال المبــــــاشر بالزبون لتقديم له فوائد المتوج ، و هذا لإثبــات فوائد هذا المنتج .
o جمع المعلومـــات ׃ إعلام المؤسسة عن سلوك الزبائن اتجاه منتجاتها و عمليات التنافس .
o عرض الخدمات ׃ و تتمثل في نصائح التسيير أو استعمال المنتج ، خدمـــــات ما بعد البيع ، وضع المنتجات في نقاط البيع ، الإشهار في محل البيع .
الفرع الثاني ׃ العلاقات العامة ׃
1.تعريفها ׃ *.حسب محمد فريد الصحن فان العلاقات العــامّة هي ׃ ” النشاط المخطط الذي يهدف إلى تحقيق الرضـــــا و التفاهم المتبادل بين المؤسسة و جماهيرها داخليا أو خــــارجيا من خلال سياسات و برامج تستند في تنفيذها على الأخذ بمبدأ المسؤولية الاجتماعية ” 3-—
2. أنواعها ׃ هناك نوعان من العلاقات العامّة ، داخلية و خارجية ׃–4-
أولا ׃ العلاقات العامة الداخلية ׃ و تتمثل فيما يلي ׃
o جرائد المؤسسة .
o الاجتماعات .
o الملتقيات .
o تحضير و تجنيد الموظفين بالمؤسسة حول مشروع ما خاص بها .
ثانيا ׃ العلاقات العامّة الخارجية ׃ و تتمثل فيما يلي ׃
o لافتات لدى المؤسسة تمثّل وثائق قيّمة لمؤسسة كبيرة .
o التقرير السنوي حول المؤسسة ) للجمهور ( .
o تنظيم لقاءات صحفية .
-1- Philipe Kolter et Bernard Du Bois MARKETING MAMAGEMENT, 9 eme édition , p 648
-02- يشير العلاق و قحطان عبدلي و سعيد غالب ، إستراتيجية التسويق ، الجامعة الأردنية ، 1999 ، ص 99 .
-3– محمد فريد الصحن ، التسويق ، جــــامعة الإسكندرية ، الدار الجــــــــــامعية للطبع و النشر و التوزيع ، مصر 1999،ص 14 .
4-Claude Demeure , Marketing Aide Mémoire , 2 eme édition P 187 –

4. أهدافها ׃ تهدف العلاقات العامّة إلى ׃ –1 –
o تعريف و شرح المؤسسة و بهدف إثارة ردود أفعــــــال حسنة و ايجابية من طرف الجمهور ) الإعلام و الإقناع ( .
o توحيد العلاقات و تعميق الثقة بين المؤسسة و جمهورها .
o تحفيز المستهلكين و الموزعين على مواصلة التعامل مع المؤسسة .
o بناء الثقة المتبادلة بين المؤسسة و جمهورها الداخلي و الخارجي .
o تساعد في الترويج للمنتجات الحالية للمؤسسة أو الجديدة .
o تحسين السمعة أو الصورة الذهنية للمؤسسة و منتجاتها في ذهن المستهلك .
o جذب عاملين جدد للمؤسسة ذوي كفاءات عالية .
المطلب الثالث ׃ عناصره الغير شخصية ׃الفرع الأول ׃ الإعلان ׃
1. تعريفه :*.حسب محسن فتحي عبد الصبور ׃” الإعلان هو اتصال غير شخصي ، يهدف لتقديم معلومـــــــــــات عن الشركة أو المنتج ، و يتّم بثها و إيصالها إلى الجمهور المستهدف من خلال وســائل الإعلام ” –2-
و تتمثل أهمية الإعلان في ׃ –3-
o توفير المعلومات التي تساعد المستهلك على أخذ قرار الشّراء .
o يسـاعد على تنشيط الدورة التجارية ، حيث يساهم بقدر كبير في نشاط فترة الرواج و بالتالي يقل من فترة الكساد .
o إعطاء ميزة تنـافسية للسلعة في السوق تختلف عن السلع المنــافسة و هذا بإبراز الخصائص التي تحققها السلعة للمستهلك و مدى تحقيق الإشباع الذاتي .
2.أهدافه ׃
* بمكن تقسيم أهداف الإعلان إلى نوعين ׃ 4-–
أولا ׃ أهداف متعلقة بالمؤسسة ׃ و هي كما يلي :
o تحقيق الزيادة المستثمرة للمبيعات .
o اجتذاب فئة جديدة من الجمهور نحو شراء السلعة .
o مواجهة المنافسة .
o تكوين وعي و اهتمام ايجابي لمنتجات المؤسسة .
o تدعيم اسم المؤسسة .
ثانيا ׃ الأهداف المتعلقة بالمستهلك ׃ و هي كما يلي ׃
o تشجيع المستهلك على زيادة المشتريات و بالتالي زيادة استخدامها .
o التعرف على السلع و الخدمات الجديدة .
o تغيير الاتجاهات عن استخدامات السلعة .
o تفضيل المنتج عن منتجات المنافسين .
-1– فهد سليم الخطيب و محمد سليمان العواد ، مبادئ التسويق ، دار الفكر للطبــاعة و النشر ، الطبعة الأولى 2000 ، ص 179 .
-2– محسن فتحي عبد الصبور ، أسرار الترويج في عصر العولمـــــــــة ، مجموعة النيل العربـية للنشر و التوزيع 2001 ، ص 69 طبعة أولى .
-3-فريد صحن ، الإعلان ، الدار الجــامعية للنشر و التوزيع ، مصر 2000 ، ص 88 ، 90 .
-4-محمد فريد الصحن ، مرجع سبق ذكره ، ص 85 ، 86 .

* كما يمكن تقسيم أهداف الإعلان من حيث الفترة الزمنية :
أولا ׃ أهداف طويلة الأجل ׃ أي أن الإعلان يهدف إلى تميز المؤسسة و منتجاتها .
ثانيا ׃ أهداف متوسطة الأجل ׃ التركيز على صورة مناسبة للمؤسسة و اسمها التجاري .
ثالثا ׃ أهداف قصيرة الأجل ׃ زيادة حصة المؤسسة في السوق .
3.أنماط الإعلان ׃ تختلف أنواع الإعلان حسب اختلاف المعــــايير المستخدمة في تصنيف و تقسيم الإعلان ، كما يتضح في الشكل الموالي . –1-

الفرع الثاني ׃ الإشهار و الدعاية ׃
I الإشهار ׃
1.تعريفه ׃ *.يعرف Yver Chirouze على أنّه ׃” وسيلة من الوسائل التي تستعملهـــــا المؤسسة للتعريف بالمنتج الجيد و المتطور و توضيح خصائصه و توعيته ، إضــــــــــافة إلى إعطاء صورة جيدة لإغراء المستهلك و ترغيبه فيه ” –2-
*.أما حسب Philipe Kotler et Bernard Du Bois فالإشهــــــــار هو ׃” مجموعة الوســـائل الموجهة لإعلام الجمهور ، و التي تهدف إلى إقنـاعه بشراء سلعة أو خدمة معينة ، يتميز بميزتين همـــــا الإعلام و الإقناع ، و يعمل على التأثير على سلوك المستهلك ” –3-
*.انطلاقا من التعريفين الســابقين يتّم تعريف إجرائي خـــــاص بالإشهار ׃” هو وسيلة من الوسائل الاتصــالية و فن يغزي و يؤثّر على سلوك المستهلك ، و يعمل على إقناعه قصد شراء منتج أو خدمة “
-1- هناء عبد الحليم سعيد ، الإعلان و الترويج ، العربية للنشر والتوزيع ، 1994 ص 54 .
O P . CIT , Tome 2 , P109 ، Yver Chirouze -2-
Philipe Kotler et Bernard Du Bois O P . CIT , 6eme edetion , P607 -3-

2 .أنواعه ׃ *.ينقسم الإشهار إلى ثلاثة أنواع وهي ׃ –1-
أولا ׃ إشهار المنتج أو الخدمة ) تعريفي( ׃ و يهدف هذا النوع من الإشهــــار إلى التعريف بوجود منتوج معين أو خصائص معينة .
ثانيا ׃ الإشهار المؤسساتي ׃ و يهدف إلى تكوين و تحسين صورة المؤسسة أمام مختلف فئـــــــات جمهورها الداخلي و الخارجي .
ثالثا ׃ الإشهار الجماعي ׃ و هو اجتماع عدة مؤسســـات متنافسة للترويج بالسلعة المشتركة بينهم ، و يكون عادة من طرف نقابات المنتجين .
3.أهدافه ׃ تتمثل أهداف الإشهار فيما يلي ׃ –2-
الهدف الرئيسي أو الأسـاسي للإشهار هو تغيير الميول و الاتجاهات و سلوك المستهلكين المحتملين ، و بشكل أوضح فــــــــان الإعلان كوسيلة يستخدم لتغيير سلوك المستهلكين لشراء سلعــــــــة لم يكونوا مقتنعين بشرائها لو لم يكن هناك إشهار و يتم من خلال الأساليب التالية ׃
o من خلال العمل على تغيير الرغبـــــــــات عن طريق إبراز المزايا و الفوائد التي تعود على المستهلك جراء شرائه و استخدامه للمنتج
o من خلال توفير المعلومات و البيانات عن المنتج .
o تغيير تفضيل المستهلكين للماركات المختلفة ، أي تحويل تفضيلهم من ماركة منــــــافسة إلى الماركة التي يعلن عنها .
II الدعاية ׃
1.تعريفها ׃ *. حسب قحطـــــــان العبدلي و بشير العلاق فان الدعاية هي ׃” وسيلة غير شخصية و مجانية للترويج عن السلع و الخدمات أو الأفكار للجمهور بواسطة جهة معلومة أحيانا ، و كذلك تعرّف الدعاية بأنها ذلك النشاط الإخباري عن المشروع ” –3-
2. خصائصها ׃ إن للدعاية خصائص و مميزات تميزها عن باقي المزيج الاتصــــالي و تتمثل فيما يلي ׃
o نوع من الاتصال الغير شخصي .
o عدم تحمل المؤسسة لتكلفة الوسيلة المستخدمة في الدعاية .
o عدم تحكم المؤسسة في مضمون الرسالة أو حجمها أو زمن نشرها .
o تقبل المستهلك لما ينشر لأنها حقيقية .
o استفادة المؤسسة من الدعـــــــــاية في مواجهة الأفكــــــار و الانطباعات السلبية عنها و عن منتجــاتها نتيجة لسوء ظن بعض المستهلكين في مستوى جودة المنتج أو سمعة المؤسسة في السوق .
o الوصول إلى عدد كبير من المستهلكين .
3. أشكالها ׃ تتخذ الدعاية عدة أشكال نذكر منها ׃
o قد تقتصر على مجرد خبر قصير يعبر عن نشاط معين قامت به المؤسسة أو منتوج جديد أو منتوج أضيفت له تحسينات .
o و قد تتخذ الدعاية بشكل مقالة مطولة .
o أو على شكل صورة فوتوغرافية يتبعها شرح لها ، أو عدد من الصور تعزز المقالة .
o و تكون في التلفزيون و الراديو عبر الحصص الاقتصادية و النشرات الإخبارية .
O P . CIT , Tome 2 , P109 ، Yver Chirouze-1-
-2- هناء عبد الحليم سعيد، مرجع سبق ذكره ، ص 168 .
-3- قحطان العبدلي و بشير العلاق ، التسويق أساسيــــــــات و مبادئ ، جامعة الزيتونة الأردنية ، دار زهران ، عمان ، 1994 ص 267 .
*. و تستخدم المؤسسة الدعاية لغرض زيادة توعية المستهلكين بالمنتجــــــــــات و أنشطتها و كذلك إنشاء الشعور الايجابي ، و تحصل الوســــــائل الإعلامية على هذه النبذات الإخبارية عن طريق حضور المؤتمرات الصحفية التي تعقدها المؤسسة ، و يدعى لهـــــــــا الصحفيون ، و مندوبو محطة التلفزيون و الإذاعة و التي عن طريقها يدلي مسؤول المؤسسة بأخبار مقتطفة خــــــاصة عن نشاطاتهم ، كما تستطيع المؤسسة تحقيق نفس النتائج بإرسال هذه الأخبار المكتوبة و المصورة إلى وسائل الإعلام العـــــــامة ، و تقوم كثير من وسائل الإعلام بنشر هذه الأخبار القصيرة لفائدتهــا الإعلامية لجمهور القراء أو المشاهدين أو المستمعين .
الفرع الثالث ׃ تنشيط المبيعات ׃
1. تعريفها ׃ ويعرفها Yver Chirouze بأنها ׃” مجموعة التقنيات التي تثير الزيـــــــادة السريعة للمبيعـــــــات لكن مؤقتة ، و هذه الميزات خاصة بالموزعين و المستهلكين النهائيين لسلعة أو خدمة مــــا . ” –1-
2 .أهدافها ׃ –2-
o زيادة المبيعات للمنتجات الزائدة .
o مواجهة نشاط المنافسين .
o الترغيب في تكرار الشراء من طرف المستهلك .
o المحافظة على العملاء .
o تحفيز و تشجيع المستهلكين على تجريب منتج جديد و زيادة الطلب على المنتجات .
o إثارة اهتمام المستهلك بالمنتج و حثّه على شرائه و استعماله و تذكيره به .
o تحفيز رجال البيع على زيادة جهودهم لتحقيق زيادة في مبيعات منتجات الشركة .
o تشجيع الاستفسار عن السلعة و طلب المعلومات .
3 . أنواعها ׃ يمكن التمييز بين نوعين أساسين من تنشيط المبيعات و هما ׃ –3-
أولا ׃ تنشيط المبيعات الرأسي ׃ و هو التعاون الذي يحدث بين المنتج و واحد أو أكثر من أعضــاء منافذ التوزيع وصولا إلى المستهلك الأخير أو المشتري الصناعي ، و عادة ما يشترك المنتج مع متـــاجر التجزئة في حملة لتنشيط المبيعـــــــــات الموجهة إلى المستهلك النهائي للتشجيع على زيادة عدد الوحدات المشتراة من سلعة معينة ، و بالتمثيل قد يشترك المنتج مع متاجر جملة موجهة إلى متاجر التجزئة .
ثانيا ׃ تنشيط المبيعات الأفقي ׃ يعتمد هذا الأسلوب على قيــــــام أكثر من منتج بإنتاج سلعة مستقلة نسبيـــا ) غير متنافسة ( لتجميع أكثر من منتج و استخدامها في إيجاد فرص ترويجية مشتركة تحقق نموا في الأرباح أو عددا آخر من الأهداف التسويقية ، و هناك العديد من الشروط التي يجب توفرهــــا لتحقيق هذا النوع و هي ׃
o الترويج عن السلع التي يتم استهلاكها في وقت واحد .
o الترويج عن السلع التي تقوم بإشباع حاجات أوسع للمستهلك .
o الترويج عن السلع ذات الاستخدام التكاملي .
الفرع الرابع ׃ التسويق المباشر ׃
1. تعريفه ׃ *. حسب Claude Demeure فان التسويق المبـاشر هو ׃” وسيلة عملية ترتكز على استعمال ملفات الإعلام الآلي ، و عوامل اتصـــال خاصة جدا من أجل التنقيب عن الفئة المستهدفة أو بيع المنتج لها مباشرة ” –4-
Yver Chirouze ,O P . CIT , 2 eme edition P 141-1-
-2- محسن فتحي عبد الصبور ، مرجع سبق ذكره ،ط 1 ، ص 93 .
–3 محمد فريد الصحن ، مرجع سبق ذكره ، ص 469 ، 470 .
-4-Claude Demeure , O P . CIT , 2 eme edition P 18
2. أنواعه ׃ *. ينقسم التسويق المباشر إلى نوعين هما ׃ –1-
أولا ׃ التسويق المباشر لأكبر جمهور الذي يتصل بهم بواسطة البريد ، الهــــاتف ، التلفزة ، الراديو و التي تستعمل خاصة في إطار البيع عن بعد .
ثانيا ׃ التسويق المباشر بين مؤسسة و مؤسسة و التي توجه إلى المؤسســــــات و الحرفيين بواسطة البريد و الهاتف بوسائل أخرى خاصة .
3. أهدافه ׃
o الوصول للمستهلك المستهدف بعناية و بشكل أكثر كفاءة لبناء علاقة قوية ومتينة معه .
o الحصول على استجابة فورية من المستهلكين .
o دراسة السوق عن طريق تكوين بطاقات تقسمها و تصنفها المؤسسة ) هي عبارة عن ملفـات الزبائن (
o البيع عن طريق المراسلة .
o التنشيط عن طريق الحضور في المعارض و إقامة الندوات .
المبحث الثاني ׃ العوامل المؤثرة قي اختيـــــار المزيج الترويجي و وظائفه و أهدافه ׃المطلب الأول ׃ العوامل المؤثرة في اختيار المزيج الترويجي ׃الفرع الأول ׃ الثنائية » منتج / سوق « ׃ –2-
1. طبيعة المنتج ׃ تؤثر طبيعة المنتج الذي تقدمه الشركة على المزيج الترويجي له ، ففي حـــــــالة السلع الاستهلاكية المنخفضة القيمة يفضل الاعتماد على الإعلان ، أما السلع الاستهلاكية المعمرة فتحتاج إلى جهود البيع الشخصي نظرا لأنها ذات طبيعة فنية و مرتفعة الثمن .
أما السلع الصناعية الموجهة إلى سوق منظمات الأعمال مثل الجرارات الصنـــــاعية ، و الماكينات الكبيرة فتحتاج أيضـــــا إلى جهود البيع الشخصي لتقديم المعلومــــــــــات الفنية المتخصصة للمشترين ، و التفاوض على الأسعار لأنهم مشترين محترفين ، و لا يعني ذلك أن الإعلان لا يستخدم في حــالة السلع الصناعية أو السلع المعمرة و لكنه يستخدم أيضا لتسهيل مهمة رجال البيع .
اختلاف طريقة الاتصال بين المنتجات الصناعية و المنتجات الاستهلاكية :
المنتجات الصناعية المنتجات الاستهلاكية

Claude Demeure , O P . CIT , 2 eme edition P 189 . -1-
-2- د. عبد السلام أبو قحف و د. نبيلة عباس و د . علاء الغرباوي ، التسويق ، كلية التجارة جامعة الإسكندرية ، المكتب الجامعي الحديث ، الإسكندرية ، 2022 ،ص 326 .

2. طبيعة السوق ׃ فكلما كان السوق منتشر جغرافيا ، كما هو الحــــــــــال بالنسبة لسوق المستهلك النهائي ، فيفضل الاعتماد على الإعلان لأنه وسيلة اقتصــــــــــادية في الوصول إلى هذا العدد الكبير من العملاء الموزع جغرافيا كما هو الحال في السلع الاستهلاكية مثل البسكويت ، و الشوكولاتة ، و الكوكـــا كولا ، و مسحوق آريال ، و سفن آب …الخ ، فالبيع الشخصي يصبح مكلفا للغاية في هذه الحالة و بالتالي يصعب استخدامه . أما السلع الموجهة لسوق الأعمال و المنظمات ، و هو سوق مركز جغرافيا بطبيعته ، فيفضل فيها استخدام البيع الشخصي .
الفرع الثاني ׃ إستراتيجيات الاتصال ׃ –1-
من بين العوامل المؤثرة في اختيار عناصر المزيج الترويجي هي الإجابة على السؤال التالي : مـــا هي الإستراتيجية التي سيتم تبنيها ؟ هل إستراتيجية الجذب أم إستراتيجية الدفع ؟ فان اختيار المزيج الترويجي المستخدم يتوقف على نوع الإستراتيجية المنتهجة .
1.إستراتيجية الدفع ׃ تسمى بإستراتيجية الدفع لأنهــــــــا تدفع المنتج أو الخدمة من خلال القنوات التوزيعية المختلفة وصولا إلى المستهلك النهائي ، فالمنتج يسعى إلى إقناع تــــــاجر الجملة لشراء المنتج الذي بدوره يسعى لإقناع تاجر التجزئة للشراء ، ثم يسعى تاجر التجزئة إلى إقنــــــــاع المستهلك النهائي بشراء المنتج ، و هناك حالات يقوم المنتج بإقنــــــــــاع تاجر التجزئة و هذا الأخير يقوم بإقناع المستهلك النهائي ، كما هو موضح في الشكل التالي :

و عند استخدام إستراتيجية الدفع تعتمد المؤسسة على القوى البيعية فهي العنصر المنـــــــــاسب من عناصر المزيج الترويجي لكن يستخدم الإشهار من أجل التعريف بالمنتج للمستهلكين و التمهيد لمقـــــابلة البائعين . –2-
و تعتبر إستراتيجية الدفع الحالات التالية ׃ –3-
o المنتجات ذات الأسعار المرتفعة التي تحتاج إلى إبراز خصائصها إلى المستهلك .
o صغر حجم ميزانية الترويج .
o المنتجات الجديدة التي تقدم لأول مرة في السوق و التي تحقق هامش ربح مرتفع
2.إستراتيجية السحب ׃ تسمى بإستراتيجية الجذب لأنها تركز على المستهلك النهائي لإقنـــــــــاعه بشراء المنتج أو الخدمة المعلن عنهـــــــا ، و بالتالي توليد الطلب على المنتج من جانب المستهلك النهائي بسؤاله عن المنتج لدى تجار التجزئة مما يلجئ هذا الأخير إلى طلب المنتج من تجـــار الجملة و يستدعي ذلك طلب الجملة المنتج من المنتج كما هو موضح في الشكل التالي : -4-

-1- قحطان العبدلي و بشير العلاق ، مرجع سبق ذكره ، ص 291
-2- قحطان العبدلي و بشير العلاق ، مرجع سبق ذكره ، ص 292
-3- هناء عبد الحليم سعيد، مرجع سبق ذكره ، ص 41
-4- قحطان العبدلي و بشير العلاق ، مرجع سبق ذكره ، ص 292

و عند استخدم هذه الإستراتيجية يكون التركيز الأساسي في المزيج الترويجي على الإعلان المكثف الموجه أساسا إلى المستهلك النهائي .
و تعتبر هذه الإستراتيجية مناسبة في الحالات التالية : -1-
o المنتجات التي تتميز بانخفاض سعرها و هامش ربح الوحدة منها و كذلك بانخفاض مبيعاتها
o ارتفاع معدل دوران المنتجات .
الفرع الثالث :دورة حياة المنتج : -2-
و يقصد بهذا المفهوم أن المنتجات تمر بمجموعة من المراحل عبر حياتها في السوق و هي التقديم ، و النمو ، و النضوج أو التشبع ، و التدهور .
و إذا كان المنتج في مرحلة التقديم للسوق فان الشركة تحتــــــــــاج إلى بذل جهود ترويجية كبيرة لتعريف و إقناع العملاء بهذا المنتج و التركيز على قادة الرأي ، و بالتــــــــالي يعتبر الإعلان هو أفضل وسيلة لتحقيق ذلك و كذلك وسائل تنشيط المبيعات مثل تقديم عينات مجانية للعملاء لتجربـة المنتج الجديد ، كما يساعد النشر في تهيئة السوق لاستقبـــــــــال المنتج .كما يتم استخدام البيع الشخصي من أجل تنمية موزعين للشركة و إعطائهم خصومات سعرية .
أما في مرحلة النمو – حيث تزدهر مبيعات و أربـــــــاح المنتج – يعتبر الإعلان مفيدا في الامتناع و مواجهة المنافسة ، و زيادة المبيعات ، كما يلعب تنشيط المبيعات دورا كبيرا لإقناع العملاء بزيـــــــادة معدلات استهلاكهم للمنتج ، كما يمكن استخدام البيع الشخصي أيضا لإقناع مزيد من العملاء أو التجــــار لشراء المنتج أو زيادة استخدامهم منه .
و في مرحلة النضوج تسعى المنظمة للحفاظ على وضعها الحــــــالي أطول فترة ممكنة عن طريق محاولة تخفيض تكاليفها التسويقية للمحافظة على حجم الأرباح الحـــــالي . وقد تستخدم المنظمة الإعلان التذكيري في هذه المرحلة للاحتفاظ بعملائهــــــــا أكبر وقت ممكن ، و كذلك أنشطة تدعيم الموزعين في المزيج الترويجي للحفاظ على موزعيها .
أما مرحلة التدهور فالهدف منهـا هو سحب المنتج من السوق بشكل هادئ ، و لذلك تنخفض الجهود الترويجية إلى درجة كبيرة و لكن توجه الشركة بعض الإعلانـــــات للفئة التي لازال لديها اهتمام بالمنتج بهدف تذكيرهم بالمنتج .

-1- هناء عبد الحليم سعيد، مرجع سبق ذكره ، ص 41
-2- د. عبد السلام أبو قحف و د. نبيلة عباس و د . علاء الغرباوي ، مرجع سبق ذكره ، ص 325.

الفرع الثالث ׃أهداف و ميزانية الاتصال ׃
1. أهداف الاتصال : هناك علاقة وثيقة بين الأهداف الترويجية للشركة و اختيار عنــــاصر المزيج الترويجي ، فمثلا إذا كان هدف الشركة عقد صفقات تصدير للمنتج مع المستوردين فان أهم ما ينـــــاسب من عناصر المزيج الترويجي و أكثرها نجاعة هو التسويق المباشر .-1-
الهدف العلاقات العامة التسويق المباشر القوى البيعية الإعلان والدعاية تنشيط المبيعات
عقد صفقات تصدير مناسب مناسب مناسب

جلب اهتمام بالشركة مناسب مناسب مناسب
تعريف بمنتج جديد مناسب مناسب
زيادة الطلب مناسب مناسب
مقاومة جهود المنافس مناسب
الاحتفاظ بالمستهلكين مناسب مناسب
جدول يمثل عناصر الترويج المناسبة لكل هدف من الأهداف –2-
2. الموارد المالية المتاحة للاتصال ׃ كلما كـــــــانت الميزانية المخصصة للترويج كبيرة كلما كان هناك مجالا أكبر في اختيار المزيج الترويجي المناسب ، و كلما كانت تلك الموارد محدودة كلمـــــــا كان هناك صعوبة في اختيار أو استخدام معظم وسائل الاتصال المتاحة لذا تلجأ الشركات ذات الميزانيــــــات الاتصالية المحددة لاستخدام وسائل الاتصال تتوجه نحو تنشيط المبيعات ) المعارض و الكاتالوجات ( مع التسويق المباشر الذي يمكن توجيهه إلى الأسواق المستهدفة فعلا دون الاضطرار إلى تكبد مصــــــاريف كثيرة . –3-
-1- محسن فتحي عبد الصبور ، مرجع سبق ذكره ،ط 1 ، ص 23 .
-2- محسن فتحي عبد الصبور ، مرجع سبق ذكره ، ص23 .
-3- محسن فتحي عبد الصبور ، مرجع سبق ذكره ، ص24
3.مستوى إجابة المشتري ׃ إن وسائل الاتصال ) المزيج الاتصـالي ( تتغير وفق مراحل ميكانيزم الشراء ، و هناك الإعلان و العلاقات العامة وهم أكثر نجاعة من القوى البيعية من أجل تطوير المعرفة و السمعة ، أما في حالة الفهم فالقوى البيعية تكون متوازية مع الإعلان و لكن الإعلان يـأتي في المقدمة في حالة مرحلة القناعة ، و فيما يخص الشراء فهو يتأثر بالممثل التجاري ، مثل هذه الاستجــــــــــابات غنية بالتدخلات ، هنا المؤسسة يجب أن تقتصد في قوتها البيعية و ذلك في بداية الميكـــانيزم من أجل تركيزها في مرحلة الشراء ، و الإعلان يتدخل في مرحلتين ׃
o المرحلة الأولى ׃ لازم ، وذلك من أجل تطوير السمعة .
o المرحلة الثانية ׃ و يكون التدخل من أجل تسهيل عملية الفهم . –1-
المطلب الثاني : أهداف المزيج الترويجي :
o إمداد المستهلك النهائي الحالي و المرتقب بالمعلومات عن السلعة و خصوصا عند تقديم سلع جيدة لأنه يتضمن خلق المعرفة لدى المستهلك على هذه السلعة و يشجعه على تجربنها .
o إثارة الاهتمام بالسلعة و خصوصا في حالة وجود سلع منافسة حيث يتم توضيح المزايـا التي تتمتع بها السلعة مع غيرها من السلع المنافسة .
o تغيير الاتجاه و خلق التفضيل لدى المستهلك و تكوين شعور ايجـــابي نحو السلعة أو الخدمة المراد التعريف بها .
o اتخاذ قرار الشراء و الذي يعتبر الغاية النهائية للترويج ، أو الاستمرار بالشراء بكميات أكبر
الهدف الإخباري الهدف الاقناعي الهدف التذكيري
o إخبار المستهلك بالمنتج الجديد .
o اقتراح استخدام جديد .
o توضيح الخدمة المتاحة .
o تصحيح الانطباعات الخاطئة .
o بناء صورة ذهنية للمؤسسة و المنتج . o بناء تفصيل الماركة .
o تشجيع التحول إلى الماركة
o تغيير إدراك المستهلك لخصائص المنتج .
o إقناع المستهلك النهائي .
o إقناع المستهلك لاستلام الدعوى البيعية . o تذكير المستهلك بحاجته للمنتج في المستقبل القريب .
o الاحتفاظ بالمنتج في أذهان المستهلكين طول الوقت .
جدول يمثل أهداف المزيج الترويجي –2-
Philipe Kotler et Bernard Du Bois O P . CIT , 9eme edetion , P579—1–
-2- هناء عبد الحليم سعيد ، مرجع سبق ذكره ، ص 168 .

المطلب الثالث ׃ و ظائف الترويج ׃ للمزيج الترويجي عدة وظائف :
أولا ׃ من جهة نظر المستهلك ׃ يحصل المستهلك على مزايــا مباشرة من المزيج الترويجي و كذا سريعة حيث تتمثل في :
o توليد الرغبة ׃ تهدف أنشطة المزيج الترويجي إلى الوصول إلى المستهلكين بمــــــــــا يرغبون و مشاريعهم و يقوم رجل التسويق بتذكير المستهلكين عن السلعة الجديدة بما يرغبون فيه .
o تعليم المستهلك ׃ تقدم الوسائل الترويجية المعلومات إلى المستهلكين عن السلعة الجديدة
o يحقق تطلعات المستهلك ׃ يحصل المستهلك على كثير من المزايا الغير المباشرة من الاتصــال فعندما نعلن نستطيع أن نشارك في تمويل وسائل الإشهار و بذلك ندعم الاقتصاد عن طريقة تقديم السلع و التقدم التكنولوجي .
ثانيا ׃ من جهة نظر المستهلك ׃ يحاول رجل التسويق أن يشـــارك مع غيره بفكرة معينة و تشجيع المستهلك أن يتصرف بطريقة معينــة و تعتمد على المزيج الترويجي لكي يؤثر في الطلب بإحدى الطرق التالية ׃
o زيادة المبيعات ׃ المحافظة على حجم كبير منها ، لكي تقوم المنشآت بالاتصــــــال بقصد تحقيق حجم كبير من المبيعـــات و منهــــــا عدة طرق هي ׃ الاعتماد على رجـــــــال البيع الموزعين ، تحضير المستهلكين ، تنشيط المبيعات ، كما تصنف المؤسسة الإشهار لتحسين صورة المنتج و المؤسسة .
o التغلب على المشكلة انخفاض المبيعات ׃ يعتبر الاتصــــــال من أهم الوسائل التي تلجا إليها في محاولة إنقاذ منتج معين من الانحدار ، فبالاتصال توجد له عدة استعمــــــالات جديدة مما ينعش المبيعات مرة أخرى .
o تقديم سلعة جديدة ׃ تعتمد عل الاتصـال بشتى الطرق لتقيم السلعة الجديدة و تعريف المستهلكين بالمزايا الجديدة التي تقدمها و بالتالي تظهر الفرصة أمام رجال التسويق لترويج السلع الجديدة . -1-

-1- بشير العلاق محمد علي ربايعية، مرجع سبق ذكره ، ص 16.


قائمة المراجع

1. هناء عبد الحليم سعيد ، الإعلان ، الشركة العربية للإنتاج و التوزيع ، القاهرة ، 1998
2. يشير العلاق و قحطان عبدلي و سعيد غالب ، إستراتيجية التسويق ، الجامعة الأردنية ، 1999
3. محمد فريد الصحن ، التسويق ، جــــامعة الإسكندرية ، الدار الجــــــــــامعية للطبع و النشر و التوزيع ، مصر 1999،.
4. فهد سليم الخطيب و محمد سليمان العواد ، مبادئ التسويق ، دار الفكر للطبــاعة و النشر ، الطبعة الأولى 2000.
5. محسن فتحي عبد الصبور ، أسرار الترويج في عصر العولمـــــــــة ، مجموعة النيل العربـية للنشر و التوزيع 2001 ، طبعة أولى .
6. قحطان العبدلي و بشير العلاق ، التسويق أساسيــــــــات و مبادئ ، جامعة الزيتونة الأردنية ، دار زهران ، عمان ، 1994.
7. د. عبد السلام أبو قحف و د. نبيلة عباس و د . علاء الغرباوي ، التسويق ، كلية التجارة جامعة الإسكندرية ، المكتب الجامعي الحديث ، الإسكندرية ، 2022 ،.
-1-Yver Chirouze , Le Marketing , trame 2 eme édition , office des publication paris , 1990.
-2-Philipe Kolter et Bernard Du Bois MARKETING MAMAGEMENT, 9 eme édition ,
-3-Claude Demeure , Marketing Aide Mémoire , 2 eme édition


الاقتباس غير متاح حاليا

عفوا شكرا ههههههههههه

جزاكم الله خير
لماذا الاقتباس غير متاح =(

رجاء احتاج لهذا البحث و لم استطع تحميلة ولا نسخه لمادا تقنية النسخ غير متاحة ارجوكم احتاجه بشدة

التصنيفات
البحوث التجارية

بحث حول ميزان المدفوعات

مقدمة

من المعلوم أن لكل دولة معاملاتها الخارجية التي ينتج عنها استحقاقات يتعين تسويتها عاجلا أم آجلا و التزامات يجب الوفاء بها اتجاه الغير و في تاريخ معين ، و من هنا عليها إعداد بيانا كافيا و شاملا تسجل فيه مالها على الخارج من حقوق و ما عليها من التزامات و هذا البيان هو ما يسمى ميزان المدفوعات ، هذا الأخير الذي يعطي صورة واضحة عن نقاط القوة و الضعف في الموقف الخارجي للاقتصاد الوطني ، و كذلك تأثير المعاملات الخارجية على الاقتصاد القومي ، حيث نتناول في هذا الفصل ماهية ميزان المدفوعات و مكوناته مع الإشارة إلى كيفية تقييد المعاملات ، ثم نتطرق إلى فكرة العجز و الفائض لما في ذلك من أهمية خاصة عند تحليــل ميزان المدفوعات و في الأخير نسلط الضوء على حالة ميزان المدفوعات الجزائري .

المبحث الأول : إطار المفاهيم المتعلقة بميزان المدفوعات

المطلب الأول : تقديم ميزان المدفوعات
هناك عدة تعاريف لميزان المدفوعات

-التعريف الأول : يعرف ميزان المدفوعات أنه سجل لمسجل المعاملات الاقتصادية بين المقيمين في الدولة معينة و غير المقيمين فيها ، و ذلك لمدة معينة غالبا ما تكون سنة
التعريف الثاني : ميزان المدفوعات هو سجل منظم لجميع العمليات التجارية و المالية و النقدية بين المقيمين و غير المقيمين في دولة معينة لفترة زمنية عادة ما تكون سنة .
-تعريف صندوق النقد الدولي fmi : ميزان المدفوعات هو سجل يعتمد على القيد المزدوج و يتناول أخصائيات فترة زمنية معينة بالنسبة لتغيرات في مكونات أو قيمة أصول اقتصاديات دولة ما بسبب تعاملها مع بقية الدول الأخرى أو بسبب هجرة الأفراد و كذا التغيرات في قيمة و مكونات ما تحتفظ به من ذهب نقدي و حقوق سحب خاصة من الصندوق و حقوقها و التزاماتها تجاه بقية دول العالم ، حيث أن صندوق النقد الدولي استعمل أسلوبا وظيفيا ، بمعنى عدد الوظائف التي يتعين على الميزان توضيحها و بالتالي هو أكثر عمقا .
و نخرج بتعريف أنه يعرف ميزان المدفوعات لدولة ما بأنه سجل منظم أو بيان حسابي شامل لكل المعاملات الاقتصادية التي تتم بين المقيمين في الدولة و المقيمين في الدول الأخرى خلال فترة زمنية معينة عادة ما تكون سنة
و ينبغي أن يكون واضحا من هذا التعريف ما يلي:
• ينصب اهتمام ميزان المدفوعات فقط على المعاملات الاقتصادية سواء تولد عنها حقوقا للمقيمين لدى غير المقيمين أو نتج عنها حقوق لغير المقيمين يتعين على المقيمين أدائها ، أما المعاملات الاقتصادية الداخلية بين المقيمين على إقليم نفس الدولة فلا شأن لميزان المدفوعات بها
• يعتبر الوطنيون هم المقيمين على إقليم الدولة و ذلك يعني أن الأشخاص الذين يقيمون عرضا على أرض الدولة لا يعــتبرون الوطنيين مثل السـواح الأجانب ، و أعضاء البعثات الدرامية و الديبلوماسية رغم تواجدهم بالخارج
• يشمل مفهوم المقيمين كل الأشخاص الطبيعيين و الاعتباريين مثل : شركات بنوك الذين يزالون نشاطهم داخل إقليم الدولة
• الإقامة و ليست الجنسية التي يعول عليها للتفرقة بين ما يعتبر دوليا فيدرج في ميزان المدفوعات و مالا يعتبر كذلك فلا يدج فيه ، فالمعاملات تكون دولية إذا ما تمت بين أشخاص يقيمون في دول مختلفة حتى و لو كانت جنسيتهم واحدة .
• لا توجد قاعدة محددة في بداية الفترة الزمنية التي يغطيها الميزان ، غعلى حين تبدأ بعض الدول الفترة السنوية في أول جانفي و تنهيها في ديسمبر و ذلك لمساعدة السلطات المختصة على معرفة الوضع الاقتصادي الخارجي ، و من ثم العمل على اتخاذ القرارات المناسبة لتدارك الوضع بدلا من الانتظار في نهاية العام .
المطلب الثاني : مكونات ميزان المدفوعات :
ينقسم ميزان المدفوعات أفقيا إلى قسمين هما :
-1الجانب الدائن : و تسجل فيه كل عملية يترتب عنها دخول للعملة الأجنبية ، أي أن الصادرات و كل ما من شأنه خلق حقوق للدولة فبل المستوردين الأجانب أو دخول لرأس المال يقيد في الجانب الدائن .
-2الجانب المدين : و تسجل كل عملية يترتب عنها عملية دفع أو التزام بالدفع للدول الأخرى ، أي أن الواردات و كل ما من شأنه خروج للعملة الأجنبية من الدولة إلى الدول الأخرى يقيد في الجانب المدين .
أما عموديا ففلا توجد تقسيمات موحدة لميزان المدفوعات تتبعها جميع الدول ، لذا حاول صندوق النقد الدولي توحيد طريقة إعداد ميزان المدفوعات فقسمه إلي ما يلي :
-1الحساب الجاري ( حساب العمليات الجارية ) :
يعتبر الحساب الجاري أهم مكونات ميزان المدفوعات ، و يضم الميزان التجاري ، ميزان الخدمات و ميزان التحويلات من جانب واحد .
أ-الميزان التجاري :
و يسمى أيضا ميزان التجارة الخارجية و يشمل صادرات وواردات الدولة من السلع فقط ، أي ما يدخل ضمن التجارة المنظورة فقط .

ب-ميزان الخدمات :
و يضم عمليات التجارة غير المنظورة من نقل ، تأمين ، خدمات البنوك و السياحة ، نفقات أعضاء البعثات الدبلوماسية ، نفقات البعثات التعليمية ، و عوائد الاستثمارات …..الخ التي نقوم بها الدولة مع دول أخرى .
ج-حساب التحويلات من جانب واحد :
تشمل هذه التحويلات الهبات ، التبرعات ، الإعانات ، التعويضات و تحويلات المهاجرين و العاملين في الخارج إلى ذويهم ، و سميت بالتحويلات من جانب واحد لأنه لا يترتب عنها على الدولة المستفيدة أي التزام بالسداد ، و قد تكون هذه التحويلات خاصة أو حكومية فالتحويلات الخاصة مقدمة أو مستلمة من الأفراد و المؤســسات و الهيئات الخاصة مثل تحويلات المهاجرين و هبات المؤسسات الخيرية …..الخ
و التحويلات الحكومية هي المقدمة أو المستلمة من طرف الحكومات مثل : المنح التي تقدم لتدعيم برامج التنمية الاقتصادية أو للاعانته من الكوارث الطبيعية أو لتحويل شراء معدات حربية ….الخ
أما عن كيفية تسجيل هذه العمليات فهي كالتالي :
تفيد في الجانب الدائن من حساب التحويلات من جانب واحد ، و في الجانب المدين لحساب السلع أو الخدمات المقدمة ، هذا بالنسبة للدولة المستفيدة
أما بالنسبة للدولة المانحة فالعكس أي تسجل في الجانب المدين لحساب التحويلات من جانب واحد ، و في الجانب الدائن لحساب السلع أو الخدمات الممنوحة .

-2حساب رأس المال :
يضم هذا الحساب جميع المعاملات الدولية التي يترتب عنها انتقال رأس المال سواء كانت أصولا حقيقية أو مالية من دولة لأخرى و عادة ما يتقسم الى قسمين
أ-حساب رأس المال طويل الأجل :
يشمل هذا الحساب العمليات الرأسمالية التي تفوق مدتها سنة ، و نجد فيه :
• عملية الاستثمار المباشر في الخارج ، و تتقيد هذه الاستثمارات باعتبارها تصديرا لرأس المال ، في الجانب المدين من حساب رأس المال طويل الأجل ، و يقابله قيد في الجانب الدائن من حساب رأس المال قصير الأجل
• عملية الاستثمار الأجنبي في الداخل ، و تقيد هذه الاستثمارات في الجانب الدائن من حساب رأس المال طويل الأجل و الجانب المدين من حساب رأس المال قصير الأجل و ذلك باعتبار هذه العمليات استراد لرأس المال
• عمليات الاقتراض طويل الأجل ، و تقيد في الجانب الدائن ، باعتبارها استيرادا لرأس المال ، و يقابلها قيد في الجانب المدين لحساب رأس المال قصير الأجل .
• عمليات الإقراض طويل الأجل ، و تقيد في الجانب المدين ، باعتبارها عملية تصدير لرأس المال ، و يقابلها قيد في الجانب الدائن لحساب رأس المال قصير الأجل .
• حصة الدولة في المنظمات الدولية و في ملكية العلاقات التجارية و براءات الاختراع ، و تقيد قيمة ما يحققه المقيمون من أنصبة في الاستثمارات المذكورة في الخارج في الجانب المدين من حساب رأس المال طويل الأجل ، لأنها تصدير رأس المال ، و يقابله قيد في الجانب الدائن لحساب رأس المال قصير الأجل . و تقيد قيمه ما يحققه غير المقيمين من أنصبة من الاستثمارات المذكورة في الجانب الدائن ، باعتبارها استيراد لرأس المال ، و يقابلها قيد في الجانب المدين من حساب رأس المال قصير الأجل .

ب -حساب رأس المال قصير الأجل :
يشمل العمليات الرأسمالية التي تقل مدتها عن سنة ، كالاصول النقدية و الكمــبيالات و أرصدة السماسرة و القروض تحت الطلب و سندات الحكومة قصيرة الأجل ، كمال يتضمن أيضا كل زيادة في ألاصدة البنوك المحلية المودعة في الخارج أو نقص في أرصدة الأجانب المودعة في البنوك المحلية ، حيث ينشأ عن هذه العمليات قيد في الجانب المدين ، و يترتب عن كل زيادة في أرصدة الأجانب المودعة في البنوك المحلية أو نقص في أرصدة البنوك المحلية المودعة في الخارج تسجيل في الجانب الدائن من هذا الحساب
و يشمل هذا الحساب أيضا حركات الذهب و يعامل استيراد و تصدير الذهب في ميزان المدفوعات تماما مثل معاملة استيراد و تصدير السلع ، و ينطبق هذا الكلام على الدول المنتجة للذهب كجنوب إفريقيا إلا أن الأمر بالنسبة لمعظم الدول الأخرى ، حيث يعتبر الذهب أصلا من الأصول النقدية التي تستخدم لتسوية المعاملات الدولية ، فالذهب وسيلة معترف بها دوليا للدفع
-3حساب التسويات الرسمية :
يضم الحساب صافي التغيرات الدولية الرسمية ، و التغيرات في الأصول و الخصوم الدولية للسلطات النقدية الرسمية للدولة خلال السنة . و الغرض من هذا الحساب هو التسوية الحسابية لميزان المدفوعات ، وذلك عن طــريق تحركات الاحتياطات الدولية ( الذهب ، العملات القابلة للتحويل ، حقوق السحب الخاصة ، و حصة البلد في المؤسسات الدولية ) و تتم هذه التسوية بالكيفية التالية :
أ-في حالة العجز :
– إما تسديد قيمة العجز ذهبا أو عملات قابلة للتحويل و بالتالي تخفيض مستوى احتياطاتها من الصرف
– أو بطلب قرض قصير الأجل من بلد دائن ، و بالتالي ارتفاع مديوينة البلد صاحب العجز
– أو بتخفيض دائنية البلد اتجاه العالم الخارجي
– أو بالاقتراض ، إما من بلد آخر أو من السوق المالية الدولية أو من مؤسسة مالية دولية كصندوق النقد الدولي

ب- في حالة الفائض :
– اما بزيادة احتياطاتها من الذهب و العملات الصعبة
– أو بتقديم قروض قصيرة الأجل للدول المدينة ، و بالتالي زيادة دائنيتها اتجاه العالم الخارجي
– أو بتسديد ديونها السابقة
و نظرا لعدم قدرة الجهاز الإحصائي للبلد على حصر جميع المعاملات الاقتصادية التي تتم مع العلم الخارجي يتم ادرج حساب السهو و الخطأ ليتطابق مجموع الحسابات الدائنة مع مجموع الحسابات المدينة
أما عن مصادر الحصول على البيانات اللازمة لاعداد ميزان مدفوعات فهي عديدة ، حيث نحصل على قيمة السلع المصدرة و المستوردة من مصلحة الجمارك ، كما تتضمن حسابات الحكومة الإنفاق الرسمي في الخارج ( إنفاق البــعثات الديبلوماسية و العلمية ، فوائد القروض الخارجية ، الدخل من الاستثمارات ، فوائد السندات ، أرباح الأسهم ) . تظهر أيضا البنوك تفاصل المعاملات في الأوراق المالية الأجنبية ، و معظم عمليات الائتمان و القروض الخاصة ، كما تظهر ميزانية البنك المركزي التي تحصل على مستوى الاحتياطات الدولية من عملات أجنبية ، ذهب ، و حقوق السحب الخاصة …الخ .
المطلب الثالث : التفسير الاقتصادي لأرصدة ميزان المدفوعات
هناك ثلاثة أرصدة أساسية لميزان المدفوعات و لكل منها دلالته الاقتصادية ، و تتمثل هذه الأرصدة فيما يلي :

1 -الرصيد التجاري :
و هو الفرق بين صادرات الدولة ووارداتها . و يعبر هذا الرصيد عن مكانة الدولة في التقسيم الدولي للعمل ، و يبين درجة ارتباطها أو تبعيتها للخارج ، وكذا درجة تنافسية صادراتها .
كما يعبر هذا الرصيد أيضا عن القدرة الإنتاجية للاقتصاد الوطني للصادرات و مدى قدرة القاعدة الإنتاجية على الاستجابة لحاجات السكان و مدى الحاجة إلى تغطيتها بالواردات .
-2 رصيد العمليات الجارية :
في حالة تحقيق رصيد موجب ، هذا يعني أن البلد له القدرة على التمويل باعتباره استطاع تكوين ادخار صافي من خلال تعامله مع الخارج ، أما في حالة تحقيق رصيد سالب فهذا يدل على احتياج للتمويل .
و مما سبق يمكننا القول أن رصيد العمليات الجارية مؤثر على قدرات أو احتياجات التمويل لاقتصادها .
-3الرصيد الإجمالي :
هو مجموع رصيد ميزان العمليات الجارية و تدفقات رؤوس الأموال ، و يعبر عن التأثيرات المطبقة على أسعار الصرف ، باعتبار أن العمليات المسجلة في الجانب الدائن تمثل طلبا على العملة المحلية و بالتالي التحسين في قيمتها ، و العمليات المسجلة في الجانب المدين تمثل طلبا على العملات الأجنبية و عرضا للعملة المحلية ، و بالتالي تدهورا في قيمة هذه الأخيرة .
في التحليل الاقتصادي يمكن استخدام عدة مؤثرات يمكن استخراجها من ميزان المدفوعات نذكر منها :
-أ-معدل خدمة الدين :
القسط السنوي المدفوع + الفوائد
معدل خدمة الدين =
إجمالي حصيلة الصادرات السنوية
تعبر هذه النسب عن عبء المديونية الخارجية على الاقتصاد من حيث امتصاصها للعوائد من العملات الأجنبية الناتجة عن التصدير فادا كانت هذه النسبة ضعيفة هذا يعني أن الدولة قادرة على تسديد الالتزامات الخارجية و الاستيراد و دعم احتياطي الصرف و ما يعاب على هذا المؤشر هو أنه يربط بين متغيرين من طبيعة مختلفة ، فمبلغ خدمة الدين بالنسبة للمستقبل معلوم، في حين أن حجم الصادرات هو قيمة تقديرية ، لهذا نقول أن هذا المؤشر أكثر دلالة عن الماضي منه بالنسبة للمستقبل
ب-نسبة خدمات الدين الى الناتج الوطني الخام :
و هي نسبة بين خدمات الدين و الناتج الوطني الخام مقوما بسعر السوق . و تعبر عن نصيب الأجانب من الناتج الوطني الخام . فكلما كانت هذه النسبة مرتفعة كلما كانت القدرات الإنتاجية الوطنية موجهة بصفة أساسية لخدمة الخارج .
و المشكل الذي يطرحه هذا المؤشر هو تباين الأنظمة المحاسبية الوطنية في تقدير الناتج الوطني الخام ، لذا يعد غير صالح للمقارنة بين الدول التي تختلف أنظمتها المحاسبية .
ج-نسبة الدين الخارجي إلى إجمالي الصادرات :
تعتبر الصادرات المصدر الرئيسي لدفع هذه الديون على المدى الطويل و المتوسط فبقدر ما تكون هذه النسبة مرتفعة وقريبة من الواحد بقدر ما يواجه الاقتصاد خطر التوقف عن سداد الديون ، لذلك تحرص الكثير من الدول لا تتجاوز هذه النسبة 50 .
د-نسبة الاحتياط الأجنبي الى الديون :
تعبر هذه النسبة عن قدرة الاقتصاد على مواجهة أعباء المديونية في الأوقات الحرجة لهذا فارتفاع هذه النسبة يدل على وفرة السيولة الخارجية ، ذلك لأن احتياط الأجنبي بمثابة هامش الأمان الذي تلجأا ليه السلطات الأجنبية للحفاظ على استقرار سعر الصرف ، فهو يستخدم لمواجهة الاختلالات الظرفية لميزان المدفوعات
كما أن الارتفاع المفرط لهذه النسبة يعبر عن تجميد للأموال ، و بالتالي فرصة ضائعة لاستثمار هذا الاحتياطي ، و هكذا تتحمل الدولة تكلفة اقتصادية إضافية

ه-الطاقة الاسترادية للاقتصاد :
يعبر عن الطاقة الاسترادية بالعلاقة : Cm = (X+F) – ( D+P)/B
Cm : الطاقة الكلية على الاستيراد
:Xحصيلة الصادرات
:F حجم الأموال الأجنبية المحصل ( قروض و تحويلات )
خدمات الدين كمدفوعات
😛 تحويلات نحو الخارج ( أرباح ، مدا خيل الاستثمار )
:B متوسط سعر الوحدة من الواردات
و يمكن كتابة العلاقة السابقة على النحو التالي :

Cm= X-D /B + F-P/B

حيث يعبر الطرف الأول من العلاقة من الطاقة الاسترادية الذاتية الناتجة عن الفائض من حصيلة الصادرات ، بينما الطرف الثاني من العلاقة الاسترادية المقترضة يعني أي حجم تموله القروض و التحويلات الخارجة عن الواردات .
و-تحليل البنية الاقتصادية :
يمكن تحليل البنية الاقتصادية لبلدها على ميزان السلع و الخـدمات الذي يوضح السلع و الخدمات الفائضة عن حاجة الاقتصاد و تلك التي هو بحاجة اليها ، كما يمكن أن يوضح هذا الميزان أيضا أهمية الصادرات ضمن الناتج المحلي الخام . و يعبر عن هذا الأخير

بالعلاقة التالية :

PIB = CF+Abff+ DS +X-M
حيث أن :
PIB : الناتج المحلي الخام
CF :الاستهلاك النهائي
ABFF :التراكم الخام للأصول الثابتة
DS تغير: المخزون
X :الصادرات
M :الواردات
و ما تجدر بنا الإشارة إليه هو أن التحليل الديناميكي لهيكل التجارة الخارجية من شأنه أن يعكس تطور البنية الاقتصادية عبر الزمن ، و ذلك بالاعتماد على موازين المدفوعات لعدة سنوات .

المبحث الثاني : توازن اختلال ميزان المدفوعات

لميزان المدفوعات مفهومين مختلفين يستخدمان في تحديد العلاقات الاقتصادية الدولية يجب التمييز بينهما و هما :
-الأول: هو ميزان المدفوعات المحاسبي : حيث تسجل فيه المعاملات بين المقيمين بدولة ما و غير المقيمين فيها خلال فترة زمنية عادة ما تكون سنة ، و بهذا فانه سجل تاريخي للمعاملات الدولية ، و بالتالي يفيد التنبؤ بالتغيرات المستقبلية في ميزان المدفوعات .
-الثاني : هو ميزان المدفوعات السوقي الذي يركز على ميزان المدفوعات عند نقطة زمنية معينة ، و ليس خلال فترة و يفيد هذا المفهوم في تحليل أوضاع التوازن أو عدم التوازن في ميزان المدفوعات .
المطلب الأول : مفهوم توازن ميزان المدفوعات و أنواعه :
هناك نوعان من توازن ميزان المدفوعات ، توازن محاسبي و توازن اقتصادي
-1التوازن المحاسبي :
يقوم ميزان المدفوعات على أساس محاسبي بسيط هو مبدأ ضرورة التوازن بين جانبيه إلا أن هذا لا يعني ضرورة توازن بنوده ( حساباته ) المختلفة ، فقد يكون حساب العمليات الجارية أو حساب رأس المال غير متوازن ، و هكذا إذا حدث عجز أو فائض في إحدى حسابات ميزان المدفوعات ، فلابد أن ينعكس ذلك على حساب أخر من حساباته .
فعلى سبيل المثال إذا زادت واردات بلد ما عن صادراته أو أدى هذا إلى عجز الحساب التجاري فانه لابد من سداد هذا العجز بالحصول على قروض أجنبية فائضا في حساب العمليات الرأسمالية .
و اذا حدث و كان مجموع حسابات الجانب الدائن يختلف عن مجموع حسابات الجانب المدين فان هذا يعني أن الدولة استلمت شيئا دون أن تحدث تسوية له أو أن تكون هناك عملية حدثت فعلا و لم تدرج في الحسابات ، و هكذا عمليا يحدث هذا الاختلاف عادة و يوضع الفرق تحت حساب السهو و الخطأ و ينشأ هذا الأخير من عدم قدرة المسؤولين على تتبع جميع العمليات التي تحدث في التجارة الخارجية .
و من هنا نرى حتمية توازن ميزان المدفوعات و ذلك لأن الدولة لا تستطيع أن تدفع للخارج أكثر مما تتلقاه أو تحصل عليه حاليا باستثناء قيامها بالسحب من احتياطاتها النقدية ، عن طريق بيع بعض أصولها الى الخارج ، الاقتراض من الخارج أو تلقي الهبات و الهدايا ، كما أنها لا تستطيع الحصول على أكثر مما تدفعه للخارج بدون قيامها بزيادة احتياطاتها النقدية أو الأصول الأخرى أو تقليل التزاماتها قيل الأجانب أو تقديم الهدايا و المنح .
-2التوازن الاقتصادي :
إذا كان التوازن المحاسبي هو تساوي مجموع الحسابات الدائنة مع مجموع الحسابات المستقلة فان التوازن الاقتصادي يركز على حسابات معينة دون أخرى . كما يعني هذا التوازن الحالة التي يتساوى فيها الجانب الدائن بالجانب المدين في العمليات المستقلة . و يقصد بالعمليات المستقلة كل المعاملات الاقتصادية التي تتم مع الخارج دون النظر إلى حالة ميزان المدفوعات أو توجهيه في اتجاه ، كالسـعي وراء تحقيق التوازن فيه ، و تشمل هذه العمليات :
• جميع أنواع الصادرات و الواردات المنظورة و غير المنظورة ، قصد تحقيق رغبات المستهلكين
• التحويلات من جانب واحد للتقليل من التفاوت في مستويات الدخول
• حركات رؤوس الأموال طويلة الأجل التي تهدف إلى التمــلك و تحقـيق الأرباح و نسب الفائدة المرتفعة .
• بعض رؤوس الأموال قصيرة الأجل التي تبحث عن المضاربة أو تهريبها بدافع الحيطة و الحذر .
أما باقي العمليات فهي عمليات تسوية ( موازنة ) مشتقة من العمليات المستقلة الهدف منها هو توازن الجانب الدائن مع الجانب المدين و نذكر منها :
حركات الذهب لتسوية الميزان التجاري ، وزيادة الاحتياطي من العملات الأجنبية أو استعمالها حركة رأس المال قصير الأجل في شكل قروض أو تغير في طبيعة الأرصدة الأجنبية و في حركة للأغراض النقدية .
ملاحظة : أن تقسيم عمليات ميزان المدفوعات ألي عمليات مستقلة و عمليات مشتقة يختلف من دولة لأخرى ، و أحيانا تغير نفس الدولة تقسيمها لهذه العمليات من فترة إلى أخرى .

المطلب الثاني : مفهوم اختلال ميزان المدفوعات و أنواعه
بعد تعرضنا إلى التوازن الاقتصادي لميزان المدفوعات ، نلاحظ أن هذا التوازن قلما يحدث ، بحيث هو أحد الحالات الثـلاث لميزان المدفوعات التالية : الفائض ، العجز ، و التوازن . فكل من الفائض و العجز يعد اختلالا لميزان المدفوعات .
-1مفهوم اختلال ميزان المدفوعات :
من النادر أن يتوازن جانبا الإيرادات و المدفوعات ، فقد يكون هناك فائض في حالة زيادة الإيرادات عن المدفوعات ، و يترتب على ذلك أن تكون الدولة في موقف الدائن لبعض الدول الأجنبية ، و هذا يعني وجود فائض لديها من عملات تلك الدول و تستطيع تلك الدولة ذات الفائض في ميزان المدفوعات إما أن تزيد من اقتنائها للسلع و الخدمات الأجنبية و إما أن تقرض هذا الفائض إلى دول أخرى مزاولة نشاط استثماري في الخارج . كما يعني هذا الفائض أيضا أن الدولة المعنية به تعيش في مستوى معيشي أقل من ذلك الذي يمكنها أن تعيش فيه ، أي لم تتمتع بكل ثروتها ، و زيادة الطلب على صادراتها قد يؤدي إلى رفع أسعار منتجاتها مما يؤدي إلى التضخم ما لم تقم الدولة بإجراء مناسبة في هذا المجال ، حيث يدخل النشاط الاقتصادي حلقة توسعية تتضمن اختلالا بين الأسعار و الأجور فتضطرب العلاقات بين فئات المجتمع . كما أن الفائض يمكن الأعوان الاقتصاديين من اللجوء إلى الاستيراد لارتفاع دخولهم ، و لا يمكن للأجانب من استغلال موارد الدولة و مجهودات عمالها فحسب ، بل من عملية استنزاف طاقاتها و خيرتها الإنتاجية كذلك :
و قد تعاني الدولة من عجز في ميزان مدفوعاتها ، و يترتب عن ذلك زيادة في مديونيتها للعالم الخارجي ، فتعيش في مستوى أكبر من إمكاناتها الحقيقية . كما يترتب عن هذا العجز أيضا الإقبال على عملات الدول الدائنة و انخفاض الطلب على العملة المحلية ، و استمرار هذا الوضع يجعل مركز هذه الدولة ضعيفا في الاقتصاد الدولي فتنهار سمعتها الاقتصادية بين المؤسسات المالية الدولية و الإقليمية .
نشير الى أنه ليس كل عجز مشكلة يجب تفاديها ، لأن تحقيق العجز في ميزان مدفوعات الدول النامية يمكنها من تطوير اقتصادياتها في المراحل الأولى من التنمية ، حيث تستورد السلع الاستثمارية لبناء جهازها الإنتاجي .

-2أنواع الاختلال في ميزان المدفوعات
هناك العديد من أنواع الاختلال ، حيث أنها لا تقتصر على العجز فقط ، و إنما تشمل الفائض أيضا ، و تنقسم إلى قسمين :
أ-الاختلال المؤقت : ينقسم بدوره إلى :
• الاختلال العارض : هو الذي ينجم عن حدوث عارض لا يتفق و طبيعة الأمور و لا يعتبر عن أقوى الاقتصادية للدولة كإصابة محصول زراعي بأنه زراعية أو انخفاض أسعار البترول مما يؤدي إلى اختلال سالبا في الميزان التجاري أو قد يكون الاختلال إيجابي مثل الحروب إلى ارتفاع أسعار المواد الأولية و بالتالي تحقيق فائض في الميزان التجاري و منه قد يؤدي إلى اختلال إيجابي في مجموعه ، حيث أنه يتلاشى عاجلا أو أجلا دون الحاجة إلى تغيير أساسي في الهيكل الاقتصادي للدولة أو سياستها حيث بطبيعته مؤقت يزول السبب الذي أوجده
• الاختلال الموسمي : يتوقف على المدة التي حدث فيها الاختلال و يمس خاصة الدول التي لهذه المحاصيل الموسمية أو منتوجات موسمية فمثلا في فصل الشتاء يزيد الطلب على البترول و الغاز و بعد هذه الفترة يتلاشى هذا الفائض و يتحول إلي عجز حيث لا يتطلب سياسة لمواجهته اذ من المحتمل أن تتعادل الاختلالات الموسمية على مدار السنة .
• الاختلال الدوري : يمس هذا النوع من الاختلال الأنظمة الرأسمالية في فترات الرواج و الكساد تنعكس أثارها على ميزان المدفوعات فهو يحقق عجزا و تارة يحقق فائضا و هذا الفائض أو العجز يطلق عليه الاختلال الدوري نسبة إلى الدورة الاقتصادية ، مثل هذه التقلبات الدورية تنتقل من دورة إلى أخرى من خلال التجارة الخارجية .
و مثل هذا النوع من الاختلال يمكن علاجه عن طريق اتباع السياسات النقدية و المالية
• الاختلال الاتجاهي : هو الاختلال الذي يظهر في الميزان التجاري بصفة خاصة خلال انتقال الاقتصاد القومي من مرحلة التخلف إلى مرحلة النمو ، ذلك أنه في الفترات الأولى للتنمية تزداد الواردات زيادة كبيرة ، في حين تنعدم
القدرة على زيادة الصادرات بنفس الدرجة ، و ذلك بسبب الطلب المستمر على السلع الرأسمالية الوسيطية التي تحتاجها للنمو الاقتصادي ، و هذا الاختلال يعالج عن طريق رؤوس الأموال الدولية طويلة الأجل ، على أنه لما كانت هذه الحركات مرتبطة بدرجة النمو الاقتصادي فقد ميز الاقتصاديون بين مجموعة مختلفة من المراحل التي يتم بها الدول المقترضة لرؤوس الأموال منذ أن تشرع في تمويل عمليات التنمية ، و هذه المراحل هي :
 مرحلة الدول الحديثة و العهد بالاقتراض ، مرحلة الدول المقترضة المتقدمة
 مرحلة الدولة الحديثة العهد بالاقتراض ، مرحلة الدول المقرضة المتقدمة.
• الاختلال النقدي : يعتبر التضخم أحد مصادر اختلال ميزان المدفوعات ، فمن المعروف أن زيادة الدخول النقدية في دولة ما تولد طلبا متزايدا على الواردات كذلك ارتفاع مستوى الأسعار داخليا يشجع على التحول إلى الواردات البديلة بسبب انخفاض أسعارها إذا ما قورنت بالمنتجات المحلية و الطلب الأجنبي بسبب ارتفاع الأسعار ينخفض على صادراتها أو قد يتحول إلى المنافسة و كل من شأنه أن يؤدي إلى عجز ميزان المدفوعات ، هذا العجز لا سبيل لعلاجه إلا بتخفيض القيمة الخارجية للعملة أو اتباع سياسة انكماشية مناسبة .
2 – الاختلال الدائم ( الهيكلي ) : مصدره تغير أساسي في ظروف الطلب أو العرض مما يؤثر على هيكل الاقتصاد القومي و في توزيع الموارد بين قــطاعاته المـختلفة و يرجع إلى العوامل التالية :
– تحول الطلب الخارجي إلى بعض السلع على حساب البعض الأخر مثل التحول من الفحم إلى البترول
– تغير عرض عناصر الإنتاج ، فقد يتغير عرض العمل بسبب النمو أو عرض الموارد الطبيعية بسبب الاستكشاف و التنقيب .
– تغير فنون الإنتاج ، كإحلال عنصر إنتاجي متوفر نسبيا على عنصر أخر نادر نسبيا مما يؤدي إلى انخفاض تكلفة الإنتاج و من زيادة إمكانيات التصدير .
– التغير في الأصول المملوكة للدولة بالخارج ، بسبب الاستثمارات الخارجية مما يؤدي إلى تغير العائد الأتي من الاستثمارات .
– تحسن مستوى المعيشة الداخلية دون أن ترتفع قوتها الإنتاجية بنفس هذا يؤدي إلى زيادة الواردات بدرجة تفوق قوة الدولة على التصدير .
هذا النوع من الاختلال لا يصلح لعلاجه تغير سعر الصرف و لا تغيير سياسة الإنفاق أو سياسة الأسعار ، و إنما يلزمه الارتقاء بالفن الإنتاجي و التنظيمي حتى تنخفض تكاليف الإنتاج في الداخل و الاتجاه نحو فروع إنتاج جديدة ، و تحديد شامل للطاقات الإنتاجية تدعيما للقدرة التنافسية و بالتالي علاجه يتطلب معرفة الأسباب الحقيقية التي أوجدته .

المطلب الثالث : أسباب و مقاييس اختلال ميزان المدفوعات :
هناك عدة أسباب تؤدي ألي اختلال ميزان المدفوعات أهمها :

-1سعر الصرف المعتمد للعملة الوطنية :
إذا كان سعر الصرف أعلى من المستوى الذي يتناسب مع الأسعار السائدة في السوق المحلية ، يؤدي إلى جعل السلع المحلية مرتفعة السعر مقارنة بالدول الأخرى الذي يؤدي إلى انخفاض الطلب الأجنبي عليها و بالتالي ظهور عجز في ميزان المدفوعات .و العكس في حالة تحديد القيمة الخارجية للعملة المحلية عند مستوى أقل مـما يتناسب و الأسعار السائدة في السوق المحلية مما ينتج عنه فائض في ميزان المدفوعات .
-2تغير بنية العلاقات الاقتصادية الدولية :
إن تغير الطلب العالمي على بعض المنتجات نتيجة الإبداع التكنولوجي يؤدي إلى اختلال في موازين مدفوعات الدول المصدرة لهذه المنتجات كما يؤدي تحكم بعض الدول في الفن الإنتاجي و بالتالي زيادة صادراتها في الوقت الذي تنخفض فيه صادرات الدول الأخرى التي لا تزال تكاليف إنتاجها كما هي .
-3التدخل الحكومي :هناك فاصل زمني بين ظهور الرواج و الكساد في الدول المختلفة ، و بالتالي استخدام أدوات السياسة الاقتصادية يمكن أن يحدث خللا في ميزان المدفوعات لأن الرخاء لا يبدأ في جميع الدول في وقت واحد و تختلف حدته من دولة لأخرى .
-4الظروف الطبيعية : تتسبب الظواهر الطبيعية و الحروب في اختلال موازين المدفوعات الدولية و ذلك لما تستدعيه من زيادة الطلب على بعض المنتوجات و عدم القدرة على التصدير بسبب مخاطر الطريق مما يؤدي استفادات الدول الأخرى التي تصدر نفس المنتجات .
• مقاييس الاختلال :
يمكن التمييز بين مقاييس الاختلال ميزان المدفوعات هما ميزان المستويات الرسمية ، و ميزان الأساسي .

-1ميزان المستويات الرسمية :
إذا كان ميزان المستويات الرسمية مدنيا فانه يشير الى زيادة الحسابات الدائنة عن الحسابات المدينة و هذا يعني أن ميزان المدفوعات في حالة فائض ، أما اذا كان ميزان المستويات الرسمية دائنا فذلك يدل على عجز ميزان المدفوعات .
هناك مجموعة من المعاملات التي لها طابع المستوية ، مثل مشتريات و مبيعات العملات الأجنبية بواسطة البنك المركزي أو الهيئة المسؤولة ، بغرض الحفاظ على أسعار الصرف الثابتة . و كون مبيعات الصرف الأجنبي بواسطة الجهات الرسمية يقلل من الاحتياطات الرسمية في الدولة . و المشتريات تزيد من هذه الاحتياطات معناه أن الاحتياطات الرسمية لم تتأثر بأي معاملات أخرى خلال فترة زمنية معينة و بالتالي يمكن اعتبارها مؤشرا لوضع ميزان المدفوعات و رصيد معاملات التسوية الرسمية كمقياس للاختلال يواجه العديد من الصعوبات أدت إلى التخلي عن استخدامه ، نذكر منها :
– تقويم أسعار الصرف و حرية تقبلها جعل استعاب معظم الاختلالات في موازين المدفوعات من خلال تقلبات أسعار الصرف .
– غالبا ما تتأثر الاحتياطات الرسمية بمعاملات أخرى من غير التدخل في سوق الصرف الأجنبي مثل ما حدث في الو.م.أ حيث ارتفعت لاحتياطات الرسمية ارتفاعا مذهلا نتيجة تدفقات الدخل بالدولار للدول المصدرة للبترول حيث استخدمت هذه الاحتياطات في تسوية ميزان المدفوعات الأمريكي في حين أن نسبة كبيرة من هذه التدفقات يمكن نسبها إلى قرار
– صعوبة التمييز بين المعاملات المستقلة و معاملات التسوية فبإمكان دولة ما أن تقترض لسد العجز في الميزانية ، فهذا القرض يعتبر معاملة مستقلة ، و كذلك بإمكانها الاقتراض لزيادة احتياطاتها من الصرف الأجنبي فهذا القرض يعتبر بمثابة معاملة تسوية و يمكن أن يحقق الهدفين معا .

-2 الميزان الأساسي :
الميزان الأساسي هو المجموع الجبري لصافى أرصدة الحساب الجاري و حساب راس المال طويل الأجل و يفترض أن تكون المعاملات في الحسابات المـعينة مستقلة ( مستقلة عن ميزان المدفوعات ) .
تتميز هذه الحسابات بالاستقرار نسبيا في المدى القصير لذلك توضع فوق الخط أما باقي الحسابات التي تتأثر بعوامل مؤقتة توضع تحت الخط .
يقيس التوازن عندما يتساوى الفائض في الحساب الجاري مع تدفقات رأس المال الطويل الأجل إلى الخارج أو عندما العجز في الحساب الجاري مع تدفقات رأس المال الطويل الأجل إلي الداخل .
و لكن العيب في هذا المقياس هو صعوبة التفرقة بين تحركات رأس المال الطويل أو القصير الأجل ، و كون أن بعض التحركات قصيرة الأجل يكون لها أثر في الأجل الطويل ، كما أن التجارة و الخدمات قد تمول برؤوس أموال قصيرة الأجل .
و لهذا تلجأ الدول و خاصة منها المتقدمة إلى أتباع أكثر من أسلوب لتقدير الاختلال في ميزان مدفوعاتها . و كبديل لتعدد المعايير التي تقيس الفائض أو العجز في ميزان المدفوعات نجد فارق الطلب على العملات الأجنبية و العرض منها ن حيث يتحقق التوازن في ميزان المدفوعات لدولة ما إذا تساوي الطلب على العملات الأجنبية و العرض منها خلال فترة زمنية .

المبحث الثالث : تطور ميزان المدفوعات الجزائري و أرصدته
لعبت التطورات الخارجية دورا رئيسيا في الاقتصاد الجزائري بسبب الدور المسيطر لقطاع المحروقات الذي ساهم بنسب كبيرة في إيرادات الميزانية .
المطلب الأول : عرض و تحليل ميزان المدفوعات الجزائري و أرصدته :
-بالرجوع إلى أواخر الستينات حتى غاية 1978 ( رسم بياني رقم 09 ) نلاحظ أن الميزان التجاري المتمثل في الفرق بين الصادرات و الواردات قد سجل عجزا متواصلا ماعدا سنتي 1974 و 1976 حيث كان الرصيد إيجابي يرجع السبب في ذلك طلب الجزائر على المنتجات و المعدات الأجنبية لتلبية احتياطات التصنيع التي انطلقت كما هو معلوم في بداية السبـعينات . نتج عن تحسن المــيزان التجاري خلال سنتي 74 و 1976 عن عاملين على الأقل هما : ارتفاع قيمة الصادرات من جراء ارتفاع أسعار النفط من جهة و انخفاض نسبي لمستوى الواردات
-أما تغطية الواردات بالصادرات خلال الفترة المذكورة كانت ضعيفة نسبيا رسم بياني رقم 09 و هذا ناتج كما أسلفنا عن سياسة التصنيع المنتهجة و قلة الصادرات خارج المحروقات .
-بدأ الميزان التجاري يعرف تحسنا متواصلا انطلاقا من سنة 1979 اثر الصدمة النفطية الثانية التي عادت بربح على الدول المصدرة للبترول منها الجزائر التي استفادت بزيادة في قيمة صادراتها بحوالي 50 % مقارنة بسنة 1978 و تواصل تحسن الميزان التجاري من سنة لأخرى إلى غاية سنة 1986 رسم بياني رقم 10 .
-حتى منتصف الثمانينات تمكنت الجزائر بفضل ارتفاع أسعار النفط من تمويل الاستيعاب المحلي المرتفع إلا أن الهبوط الكبير المفاجئ لأسعار النفط في عام 1986 أبرز الاختلالات الاقتصادية الكلية الناشئة و كذلك جوانب الضعف في اقتصـاد البلاد و لقد انخفضت صادرات النفط الخام الجزائري بمقدار النصف بين عامي 1986-1985 و انخفضت إيرادات الصادرات الكلية بنسبة ; 38 % ( أنظر الشكل رقم 10 ) و استجابة لهذا الوضع و بالرغم من قيام السلطات برفع معدلات الاقتراض فقد كان عليها أن تلجأ إلى فرض قيود على الاستيراد و هكذا انخفضت الواردات بين عامي 1985 و 1987 بنسبة 43 % من حيث القيمة الحقيقية ، و تعرضت المؤسسات العمومية التي تعذر عليها شراء التقديرات اللازمة للصعوبات .
الرسم البياني رقم 09 تطور الميزان التجاري 79-68
الرسم البياني رقم 10 تطور الميزان التجاري 90-80
و ظهرت حوافز قوية لظهور موازية للفقد الأجنبي و على الرغم من انتعاش أسعار النفط تدريجيا بحلول عام 1990 و ارتفاعها بشكل حاد خلال أزمة الخليج في عام 1991 قامت الجزائر ببذل جهود للانتقال إلى اقتصاد أكثر انفتاحا و أكثر اعتمادا على قوى السوق و أبرم اتفاقين تمويلين مع صندوق النقد الدولي في عامي 1989 و 1991 و قد صاحب ذلك عمليات شراء بموجب تسهل التمويل التعويضي الطارئ لصندوق النقد الدولي بسبب تقلب الصادرات و لمواجهة نفقات الواردات من الحبوب ( شكل رقم 10 و 11 ) و في عام 1991 تعرضت الجزائر لأثار الجفاف الذي استمر فترة طويلة و أسعار النفط الدولية التي بدأت في الانخفاض مرة أخرى و أتسم ميزان المدفوعات الجزائري خلال تلك الفترة بخسائر في الاحــتياطات و زيادة الاقتراض و ارتفع رصيد الدين الخارجي من 18,4 مليون دولار ( حوالي 30 % من إجمالي الناتج المحلي عام 1985 ) إلى 26,5 مليون دولار ( 63 % من إجمالي الناتج المحلي في عام 1993 ) و لم تكن هذه الزيادة ضخمة فحسب بل بدأ نمط أجال الاستحقاق يتجه نحو القصر و أصبح توزيعه غير متكافئ بحلول عام 1994 فقد كانت القروض الجديدة – معظمها من وكالات ائتمان الصادرات قصيرة الأجل ( من سنتين إلى 03 سنوات ) و أسهمت بذلك برفع نسبة خدمة الديون من 35 % من صادرات السلع و الخدمات من غير عوامل الإنتاج في عام 1985 إلى مستوى غير قابل للاستمرار و هو 82 % في عام 1993
و في حين أحرزت السياسات الرامية إلى تحسين الانفتاح الاقتصادي بعض التقدم فانه لم يتم استكمال برنامج الإصلاح و أعاق عبء خدمة الدين الثقيل الجهود المبذولة لتوسيع الطاقة الإنتاجية من خلال الاستثمارات الجديدة و حال دون حدوث انتعاش ملموس للنمو . و مهدت هذه الظروف السبيل أمام التراجع عن الاتجاه نحو اعتماد نظام تجاري أكثر انفتاحا . ففي عام 1992 عادت السياسة التجارية إلى الأساليب الإدارية الماضية عندما فرضت قيودا صريحة على النقد و حظرا على مجموعة واسعة من الواردات . غير أن هذا النهج لم ينجح في احتواء الاختلالات المتزايدة و ظهرت أزمة في النقد الأجنبي في نهاية عام 1993 ، عندما انخفضت الاحتياطات الى أقل من 1,5 مليار دولار ( أي حوالي شهر من الواردات ) في مواجهة هذه الأزمة اتخذت السلطات مبادرة كبر للإصلاح في أوائل عام 1994 ، بمساندة ترتيب توصلت إليه مع صندوق النقد الدولي بالإضافة إلى برنامج شامل لاعادة جدولة الديون . ففي افريل 1994 عقد اتفاق للاستعداد الائتماني مدته سنة ثم اتفاق لمدة ثلاثة سنوات في إطار تسهيل الصندوق المعزز في عام 1995 و صاحب الاتفاقين الحصول على قرض في إطار تسهيل التمويل التعويضي و الطارئ و اتفاقات لاعادة جدولة الديون في نادي باريس . و تم التوصل إلى اتفاق لاعادة جدولة الديون التجارية مع نادي لندن تم إبرامه في جويلية 1996 .
استهدف برنامج السلطات فيما يتعلق بالقطاع الخارجي خفض خدمة الدين إلى مستوى قابل للاستمرار و تحسين أوضاع ميزان المدفوعات بحلول منتــصف عام 1998 . و كان العنصر الرئيسي في هذا الجهد هو خفض قيمة الدينار الجزائري و التحول من ربط الدينار بسلة من العملات إلى نظام التعويم الموجه الذي يستجيب لاشارات السوق على خلاف الفترات السابقة صاحب خفض العملة الحـصول على مـساعدة خارجية و اتباع سياسات اقتصادية ملائمة ساهمت في تعزيز عملية ضبط الأوضـاع المـالية و الإنعاش الاقتصادي . و تضمنت هذه السياسات ما يلي :
-تحرير الأسعار و نظامي الصرف و التجارة بشكل رئيسي لتقريب الأسعار المحلية إلى الأسعار العالمية و تقديم الحوافز الملائمة للسوق .
-اتباع سياسات مالية متشددة
-القيام بإصلاحات هيكلية لإنشاء آليات السوق و تحقيق استجابات العرض
و استهدفت استراتيجية الإصلاح الحد من نقص الواردات الذي نشأ نتيجة الضوابط الإدارية ، و كان الحساب الجاري الخارجي قد تحول من فائض بنسبة 1,6 % من إجمالي الناتج المحلي في عام 1993 إلى عجز قدره 5,3 % من هذا الإجمالي في عام 1995

الرسم البياني في رقم 11 : تطور الميزان التجاري 98-91
تأثرت الأوضاع الخارجية بشكل سلبي نتيجة لهبوط معدات التبادل التجاري عام 1994 بسبب انخفاض أسعار النفط ، و في عام 1995 بسبب ارتفاع تكاليف استراد الحبوب بينما انخفضت التدفقات المالية الخارجية بشكل ملموس .
ففي عام 1994 كانت التدفقات الرأسمالية الوافدة مازالت مرتفعة إلى حد كبير حيث بلغت 4,6 مليون دولار ، و قد سمحت هذه التدفقات بالإضافة إلى الدعم المقدم لميزان المدفوعات يتراكم الاحتياطات الرسمية إلى ما يعــادل ثلاثة أشهر مـن الواردات ، و انخفاض عبء خدمة الديون من 82 % من الصــادرات إلى 49 % ( شكل 13 ) و على العكس من ذلك في عام 1995 حدثت زيادة في الواردات خارج قطاع المحروقات عقب تطبيق التدابير الخاصة بتحرير الواردات ، و تعويض البلاد لموجة جفاف شديدة بالإضافة تحركات أسعار الصرف التي رفعت تكاليف خدمة الدين من حيث قيمتها بالدولار الأمريكي و أسهمت كل هذه التطورات في تدهور عجز الحساب الجاري إلى أكثر من 5 % من إجمالي الناتج المحلي و مع الإقلال من القروض الجديدة و بالرغم من دعم ميزان المدفوعات بمبلغ 06 ملايين دولار فقد هبطت الاحتياطات الرسمية بمقدار 530 مليون دولار و لكن هذه الاتجاهات طرأ عليها تغيير جذري في عامي 1996 و 1997 فبينما ارتفعت حصيلة صادرات المحروقات بقوة بعد أن قفزت أسعار النفط بمقدار 04 دولارات لتصبح 21,7 دولار في المتوسط للبرميل الواحد ، حدث انكماش في الواردات بعد إشباع الطلب المكبوت عليها و لانتهاء من إعادة تجديد المخزون و انتقل وضع الحساب الجاري إلى فائض بنسبة 2,7 % من إجمالي الناتج المحلي في عام 1996 و 7,3 % في عام 1997 و على الرقم من حدوث انخفاض أخر التدفقات الرأسمالية الوافدة إلى 1,8 مليون دولار ارتفعت في نهاية 1996 ، و 08 ملايين في نهاية عام 1997 .
و في سنة 1998 و بظهور الأزمة الأسيوية تراجع سعر البرميل من النفط الى مستوى 14,1 دولار في السداسي الأول من سنة 1998 مقابل 19,8 لنفس السداسي من السنة السابقة الأمر الذي انعكس على الايرادات من الصادرات النفطية يتراجعها بقيمة 3,5 مليار دولار . هذا الانخفاض في أسعار النفط أثر
شكل رقم 12 : التدفقات الجارية
شكل رقم13 الدين و خدمة الدين
بشكل كبير على التوازنات الكبرى لاقتصاد الجزائري ، و لقد استمر هذا الانخفاض في نهاية سنة 1998 و طوال سنة 1999 ، أن هذا الوضع ينعكس بدوره على القدرة التسديدية للاقتصاد الجزائري سواء تعلق الأمر بخدمات الدين الخارجي كونها مرتبطة بعوائد الصادرات أو بتسديد الواردات بل يمتد الأمر إلى استخدام الاحتياطي من العملات الأجنبية فالبرغم من انخفاض حجم المديونية الخارجية سنة 1998 إلى 30,5 مليار دولار بعدما كانت 32,2 مليار دولار سنة 1997 فان معدل خدمة الدين انتقل من 30,3 % سنة 1997 إلى 47,50 سنة 1998 ، و إذا كان هذا هو حال انخفاض أسعار النفط فان ارتفاعها بالمقابل يترك أثاره الإيجابية على التوازنات الخارجية للاقتصاد الجزائري كما هو الحال سنة 2000 التي عرفت ارتفاعا مفاجئا لأسعار البرميل من النفط أفرز حصيلة للصادرات في السداسي الأول من هذه السنة ما يقارب 20 مليار دولار و هي حصيلة كان بعيد تخفيضها خلال العام في السنوات السابقة ، حيث بلغ سعر البرميل سنة 2000 ، 28,50 دولار و هي نسبة مرتفعة مقارنة بالسنوات السابقة التي أدت إلى قفزة معتبرة لمخزون احتياطي الصرف الذي بلغ مستوى 11,9 مليار دولار مقارنة بسنة 1999 أين بلغ 4,58 مليار دولار بارتفاع حوالي 3 أضعاف في الوقت الذي سجل رصيد موجب للميزان الجاري ب 8,93 مليار دولار بارتفاع بنسبة 446,5 % مقارنة بسنة 1999 الذي قدر ب 0,02 مليار دولار ، و رصيد مرتفع كذلك للميزان التجاري ب 12,30 مليار دولار بزيادة تقدر ب 366,07 % أي بحوالي 4 أضعاف بنسبة لسنة 99 ، و نفس الشيء للرصيد الإجمالي حيث حقق فائض معتبر مقارنة بسنة 99 أين كان عاجزا ، و استمرت الوضعية الحسنة لميزان المدفوعات خلال سنة 2001 أين سجل رصيد موجب للميزان التجاري لكن بتدهور بنـسبة 21,86 % مقارنة بسنة 2000 و نفس الشيء بالنسبة للرصيد الإجمالي الذي حقق بدوره فائضا لكن بانخفاض بنسبة 18,22 % بالمقارنة مع سنة 2000 ، و هذا راجع لتراجع عائدات النفط أين بلغ سعر البرميل الواحد لــسنة 2001 ب 24,85 دولار ، و هذا كله لم يمنع من تعزيز احتياطات الصرف التي بلغت نهاية سنة 2001 ، 17,96 مليار دولار و 23,10 مليار دولار في نهاية ديسمبر2002 ، هذا ما يؤدي إلى تحسين الوضعية المالية الخارجية و تجنب إعادة جدولة للديون ، حيث أن الجزائر لم تعرف جدولة جديدة لديونها منذ سنة 1998 إلى حد الآن ، حيث قدرت إعادة الجدولة لسنة 1998 ب 0,52 مليار دولار بانخفاض يقدر بنسبة 76,57 % مقارنة بسنة 1997 ، هذا ما بين تحقيق توازنات مالية كبرى ( داخلية و خارجية ) ، و لأول مرة في تاريخ الجزائر تفوق احتياطات الصرف قيمة المديونية الخارجية حيث قدرت نهاية 2022 ب 20,50 مليار دولار أمريكي ، أي أن الجزائر تمتلك تغطية لوارداتها تفوق 24 شهر ، و لقد تعدت احتياطات الصرف سقف 23,00 مليار دولار .
و قد سجل تراجع مليار دولار في الرصيد الإجمالي لميزان المدفوعات أي 5,19 مليار دولار و الاحتفاظ بمستوى الفائض الجاري ب 5,4 مليار دولار سنة 2022 التراجع بنسبة 23,51 % عن سنة 2001 ، و يتراجع بنسبة 16,15 % في الميزان الإجمالي ، أين بلفت صادرات الجزائر في نهاية السداسي الثاني لسنة 2022 ب 18,7 مليار دولار ، و بلغت الواردات 11 مليار دولار ، أي فائض في الميزان التجاري ب 7,8 مليار دولار ، بتراجع عن مستوى سنة 2001 بنسبة 18,83 ، و يرجع هذا الانخفاض إلى تراجع مداخيل الصادرات المحروقات التي بلغت 18,1 مليار دولار مقابل 19,09 سنة 2022 ، و يرجع الارتفاع في مستوى الواردات إلى ارتفاع الواردات التجهيزية التي ارتفعت بنسبة 16,03 % عن سنة 2001 .
هذا التحسن في احتياطي الصرف من شأنه أن يجعل الجزائر في وضعية مربحة ، خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع مؤسسات النقد الدولية و القدرة على نتفيذ لمشاريع التنمية مضيفا أن المؤسسات المالية الدولية ترى أن الجزائر خرجت من الوضع المزري الذي كانت عليه و تتعامل معها لأنه من المؤيدين لاصلاحات الاقتصادية .

المطلب الثاني : مشاكل التنبؤ بميزان المدفوعات الجزائري
الجزائر كغيرها من دول العالم الثالث تعرف تخلفا في انتاج المــعلومات الاقتصادية و ضعفا في المنظومة الاعلامية يتمثل في بطىء ترفق المعلومات من مؤسسة لأخرى ، فضلا عن عدم التحكم في أساليب معالجة المعلومات مما ينعكس على مصداقيتها الشيء الذي يجعل الأرقام المقدمة بعيدة عن الواقع ، و ذلك راجع لسببين هما :

-1هشاشة نظام المعلومات الاقتصادية الجزائرية و طبيعة نظام الحسابات القومية :
تتميز المعلومات في الجزائر بالكثير من النسبية و عدم الدفة مما يجعل السياسات المبنية تطرح الكثير من الاعتبارات المصداقية لأن هذه الأخيرة لا يمكن تحقيقها إلا إذا تأكد الأعوان الاقتـصاديون من أن السـلطات الاقتصادية لن تقوم بمراجعة تصرفاتها و تدابيرها في المدى المنطور حيث أن المعلومات في الجزائر تعاني من جوانب قصور عديدة أهمها :
-عدم القدرة على رصد التغيرات و التقلبات العشوائية التي تتعرض لها المقادير الاقتصادية بالنظر إلى المدة الزمنية الكبيرة التي يتم فيها إعادة البيانات .
إن نظام المحاسبة الوطنية الجزائرية الحالي غير قادر على إعداد الجداول الكلية في مدة تتجاوز أحيانا عشر سنوات ، فمنذ الاستقلال إلى اليوم لم يتم إلا اعادا ثلاثة جداول للمخرجات و المدخلات على سبيل المثال إعداد و لا جدول مالي واحد .
-عدم موافقة نظام الحسابات القومية الجزائري للأنظمة المحاسبية الدولية إذ أن الجزائر منذ عام 1975 تعتمد نظاما للحسابات القومية ذو طابع هجين يستدفي الكثير من مفاهيمه و مبادئه نظام المحاسبة للناتج المادي المرتكز على مفاهيم ماركسية تدعمها المنطلقات التنموية السائدة آنذاك التي تستخدم التخطيط المركزي إلا أن الجزائر شأنها في ذلك شأن الدول الانتقالية شرعت في التحول نحو اقتصاد السوق الحر . و هذا التحول يتطلب تغيير الأساليب الإدارية المــستخدمة في الإدارة المـركزية للاقتصاد و تكوين مؤسسات و آليات ذات طابع سوقي إلا أن الأمور قد لا تسير بسرعة مما يخلق بطء في التحول تظهر بعض معالمه فيما يلي :
– بقاء سيطرة القطاع العام على الإنتاج
– تخلف النظام المالي المصرفي و عمله بعيدا عن المعايير الدولية
– ضعف اندماج الاقتصاد الجزائري في الاقتصاد العالمي
و ربما لهذه الأسباب ظل مستمرا استخدام نظام الحسابات الاقتصادية القومية في بلورة الأحصائات رغم كونه لا يستجيب للمرحلة و لا لمتطلبات الهيئة الدولية التي تحتاج الى معلومات ترتكز على تدفقات الدخل و التدفقات المالية و تكون منسجمة مع المعايير الدولية المؤسسة في نظام المحاسبة القومية للأمم المتحدة الذي تمت مراجعته عام 1993 في إطار رؤية شاملة و متكاملة و متناسقة و على هذا أصدر صندوق النقد الدولي مجموعة من الأدلة أهمها :
– دليل ميزان المدفوعات 1993
– إحصاءات مالية لحكومة 1998
– دليل المحاسبة في ظل التضخم 1996
– الإحصاءات النقدية و المالية 1996
حيث أن بقاء نظام المحاسبة الوطنية الجزائري قائما لا يساعد على إعداد موازين المدفوعات وقف المفاهيم الدولية المعتمدة –
-2صعوبة إدراك المتغيرات المؤثرة في سلوك المؤسسات و حجم التأثير الخارجي على الاقتصاد الجزائري :
إن صياغة معادلات سلوكية ليست عملية سهلت ، فالأمر يتطلب القيم بدراسة شاملة لمختلف جوانب الاقتصاد الوطني على مدار عدد كبير من السنوات بالإضافة إلى أن اختيار النماذج الملائمة لطبـيعة الاقتصاد الجزائري و اختبارها يتــطلب عملا ذهنيا و تقنيا ليس دائما متاح و باعتبار ميزان المدفوعات مسجلا سجلا شاملا لمختلف التعاملات مع الخارج فانه يمكننا الإشارة إلى المشكلات التالية :
– مدى القدرة على إدخال قيود كمية التي كانت تفرض على الواردات التي تم التخلي عنها لصالح القيود التعريفية تماشيا مع الجات و المنظمة العالمية للتجارة
– صعوبة إدراك المتغير الأساسي الذي يتحكم في الحصيلة من النقد الأجنبي
– صعوبة تحديد القدرة التنافسية للاقتصاد الجزائري أخذا بعين الاعتبار الأسعار الداخلية مقارنة بالأسعار الخارجية لما لذلك من ارتباط بالدورات الاقتصادية في البلدان من جهة و بتحركات و تقلبات أسعار الصرف المعلومة من جهة أخرى
– صعوبة إدراك نصيب تأثير كل من سياسات العرض و سياسات الطلب على ميزان المدفوعات لما لهما من تداخل في النهاية مما يجعل سياسة التركيز على نوع من السياسات ، لما تظهر صعوبة في ادارة السياستين مع في آن واحد
– عدم اتساق البيانات بالنظر الى اختلاف مصادرها ليتعدى ذلك الى الحديث عن مصداقيتها و تحديد أي البييانات أولى لبالاعتبار بالاضافة الى وجود بيانات تحتاج الى تعديل قبل استخدامها في المعملات و الانماذج و هذا ما طرح مشكلات عند تقديم البيانات الرسمية أمام بعض الجهات كالبرلمان حيث كانت البيانات في كل مرة عرضة للطعن و التشكيك سواء بمناسبة عرض قانون المالية السنوي في ظل ات أخرى ، فوصل الأمر أحيانا إلى اختلاف بيانات نفس الدائرة المركزية الحكومية بمجرد تغيير المسؤول عنها . و إذا كان من البديهي أن الاقتصاديات اليوم مرتبطة فيما بينها لا بنظر إلى :
– التعاون الموجود بين الاقتصاديات في مجال تبادل المعلومات
– التقاطع الموجود بين الكثير من المتغيرات الاقتصادية التي تنمو بالتوازي في مختلف الاقتصادات في نفس الوقت
– التجانس في السـياسات الاقتصادية الذي أصبحت تفرضه الهيئات الدولية حتى و إن كان ذلك لا يعني أن الدول تتبع نفس السياسة في القدرة على تحديد حجم التأثير الذي تمارسه الظروف الدولية على المؤسسات الدولية أمر بالغ الصعوبة و التعقيد و هذا ما يترك ظلالة على التنبؤ بميزان المدفوعات .
إن الوضع الدولي بما يطرحه من مشكلات تجعل الدول دائما في وضعية مراجعة في توقعات النمو العالمي ، نتيجة الأزمات العشوائية غير المتوقعة ، ففي سنة تمت مراجعة توقعات النموذجي :
 الدول السبع الصناعية من 2,5 % إلى 2 %
 دول جنوب شرق أسيا من 6,2 % إلى 3,2 %
 اليابان من 2,3 % إلى 1 %
و مثل هذه الأوضاع لها انعكاساتها على الاقتصاد الجزائري ، الا أن حجم هذه الانعكاسات يبقى صعب التقدير بالنظر الى ضعف اندماج الاقتصاد الجزائري في الاقتصاد العالمي ، و ضعف عوامل الجذب للمناخ الاستثماري الجزائري نتيجة انغلاق الجهاز المصرفي ، ضعف المواصلات و تأرجح الاصلاحات الاقتصادية .

المطلب الثالث : آفاق ميزان المدفوعات الجزائري في ظل المعطيات الاقتصادية الجديدة
ليس من المهم فقط أن نقف على وضعية ميزان المدفوعات ، و انما أيضا معرفة الأفاق المستقبلية له ، هذه الأخيرة تبقى مستحيلة ما لم يتم اعتبار بعض المتغيرات الأساسية في الاقتصاد المرتبطة أكثر بالاقتصاد العالمي ، و باتالي نحاول تحليل عنصرين هامين اللذين يمكن أن يؤثر على الوضع المستقبلي لميزان المدفوعات الجزائري .
_________________
1اليورو و التكامل الاقتصادي الأوروبي :
يعتبر إدخال اليورو متغيرا جديدا من متغيرات الاقتصاد العالمي بالنظر إلى مكانة الاتحاد الأوروبي في العلاقات الاقتصادية الدولية حيث أدى اعتماد اليورو كعملة دفع دولية جديدة منافسة للدولار الأمريكي . فضلا عن إمكانية استخدامه كاحتياطي لدى البنوك المركزية للدول النامية ، و يمكن له أن يؤثر على بعض الاقتصاديات الأخرى من بينها الجزائر ، و ذلك من خلال ارتباط الجزائر مع الاتحاد الأوروبي في تعاملاتها المتميزة ب :
– 66,8 % من الواردات الجزائرية مصدرها الاتحاد الأوروبي
– 62,8 % من الصادرات الجزائرية مالها الاتحاد الأوروبي
– 24,8 % من الديون الجزائرية الخارجية المقومة باليورو
و بهذا يعتبر الاتحاد الأوروبي أكبر شريك اقتصادي للجزائر و يتوقع أن يتم تعزيز هذا الوضع بتنفيذ مبادرة أوربا دول المتوسط و أن يساهم في استقرار أسعار الصرف لكونه حل محل معظم عملات دول الاتحاد الأوروبي مما يؤدي إلى زيادة التقلبات القائمة بين أسعار صرف عملات دول الاتحاد ، إلا أن هذا الوضع لا يمنع من تقلب الأورو مقابل الين و الدولار الأمريكي . و سوف يحقق هذا الاستقرار المنافع للدول المثقلة بالديون و العاجزة عن زيادة تنويع التزاماته الخارجية كالجزائر نتيجة محدودية فرص دخولها إلى أسواق الاقتراض العالمي .
و يعمل إدخال اليورو في التعامل على تعديل موقع الدولار الأمريكي في زيادة النظام النقدي الدولي ، مما يؤدي بالولايات المتحدة الأمريكية إلى فقدان جزء من نفــوذها ، و يمكن أن يؤدي ذلك إلى خسارة بالنسبة للشركات للإنعاش الاقتصادي لأن اليورو يستمد قوته من اندماج المجال المالي للاقتصاد الأوروبي و ارتكازه على اقتصاديات ذات حجم قوي نوعا ما كما ستكون السوق المالية الأوروبية بعيدة عن التقلبات النقدية الداخلية و هذا من شأنه تعزيز فرص النمو الأوروبي مما يدعم طلبها على المحروقات و على بعض المواد الأولية من الجزائر ، بالإضافة إلى أن الزيادة في القوة الدورية لمنطقة اليورو و سوف تؤدي إلى زيادة مباشرة في الصادرات الجــزائرية إلى أوربا و يمكن أن يؤدي اعتماد العمل باليورو إلى إصلاح سوق العمل و معالجة المشاكل الاقتصادي الهيكلية الأخرى .
إن من الإشكاليات القائمة اليوم تتعلق بمدى ضرورة تكييف الاقتصاد الجزائري مع اليورو باعتبار الاتحاد الأوروبي أهم شريك للجزائر ، و هل يمتد ذلك إلى الدينار الجزائري باعتماد اليورو مرجعا في تسعيره ؟ و هل يسمح ذلك بتقليص مخاطر الصرف بالنسبة للديون الجزائرية ؟ و يمكن النظر إلى ذلك من زاوية تصحيح سعر الصرف حتى يتلائم مع منطق الروابط التجارية للجزائر .
فإدخال اليورو و تعميمه سيحدث الكثير من الآثار على مستوى العديد من المتغيرات التي لها علاقة مباشرة بميزان المدفوعات الجزائري و أهمها :
 اتجاه الصادرات الجغرافي
 المصدر الجغرافي للواردات
 هيكل الديون الجزائرية بالعملات
 هيكل الاحتياطي من العملة الصعبة
 طرق فوترة و تسديد المعاملات الخارجية
و هي قضايا تبقى متعلقة بالمقدار الذي يمكن أن يكرسه الاتحاد الأوروبي لنفسه في الاقتصاد العالمي أمام المنافسة الأمريكية و اليابانية و الجنوب شرق أسيوية .
-2آفاق النمو العالمي :
لقد أفرزت الأزمة المالية العالمية لسنوات التسعينات مجموعة من الانعكايات على الاقتصاد العالمي خارج التوقعات ، جعلت الاتجاهات العامة للمؤشرات الاقتصادية متوقفة على مستوى النمو أو حجم الركود الاقتصادي الذي يعرفه الاقتصاد العالمي .
و الاقتصاد الجزائري و منه ميزان المدفوعات ليس بعيدا عن هذه الحقيقة ، ذلك أنه بالقدر الذي تسهر فيه العولمة في تشجيع تحرير حركة رؤوس الأموال ، فانها لا تستطيع تحديد آثار المضاربات على هذه الأموال .
لقد أسفرت تلك الأزمة عن ركود اقتصادي رهيب نتج عنه توسع في حجم البطالة ، مما كان له الأثر المباشر على أسعار المواد الأولية و منه النفط ، إن التراجع في أسعار النفط سنة 1998 أدى إلى الحد من فرص النمو في المنـطقة العربية بكاملها ، و الاقتصاد الجزائري المعتمد على النفط لا يمكن تجاوز مشكلاته المرتبطة بتذبذب أسعار النفط الخارجة عن ارادتها بل عن سيطرة منظمة الأقطار المصدرة للنفط أصلا ، بما يجعل من المفيد تحليل دور و مكانة منظمة الأوبيك داخل الاقتصاد على ضوء هذا الواقع .
-غير أن وضع ميزان المدفوعات الجزائري مازال حساسا لعدد من العوامل الخارجية عن إرادتها خصوصا تقلبات أسعار النفط العالمية . و تنطوي التقلبات في أسعار النفط على آثار واضحة بالنسبة للميزان التجاري لأن صادرات المحروقات مازالت تمثل حوالي 95 % من إجمالي حصيلة الصادرات ، و على الرغم من الحاجة إلى تجنب تعرض البلاد للخطر عن طريق تنويع الصادرات فمن المرجح أن تواصل الصادرات النفطية سيطرتها على التدفقات التجارية الجزائرية على المدى الطويل ، بالنظر إلى الاحتياطات المحروقاتية المركبة و خصوصا الغاز الطبيــعي و علاوة عــلى ذلك و بجانب أثر قطاع المحروقات على الاقتصاد المحلي تتأثر عناصر أخرى من ميزان المدفوعات باحتمالات النمو ، في قطاع الصناعة ، مثل تجارة الخدمات ذات الصلة بالنفط و الاستثمارات الأجنبية و الواردات ذات الصلة بالنفط و بالإضافة إلى ذلك مازالت الجزائر معرضة لتغيرات أسعار الحبوب العالمية ، لأنها أكبر مستورد للقمح الخشن ، و تزيد وارداتها من المواد الغذائية على بليوني دولار ، و هناك مجال كبير للتغلب على هذا الوضع مثل تحرير الأسعار في الزراعة الذي أدى ألي زيادة الإنـتاج و من المتوقع أن يؤدي منح حقوق الملكية للمزارعين في عام 1998 إلى زيادة الاستثمارات و ثمة عامل أساسي آخر لتحقيق النمو القابل للاستمرار ، يقترن بقوة الوضع الخارجي ، يتمثل في قدرة الجزائر على اجتناب تدفقات رأس المال الخاص التي ينشأ عنها ديون و خاصة الاستثمار في القطاع الغير محروقاتي . و مع تطور الاقتصاد و تولي قوى السوق تخصيص الموارد لاستخداماته الإنتاجية ، ينبغي أن تتمكن الجزائر من اجتذاب التدفقات الرأسمالية و الاستثمار المباشر بما يتماشى مع الإمكانات الإنتاجية للاقتصاد . و من شأن ذلك أن يسمح بزيادة الواردات و التشجيع على نقل التكنولوجيا و الخبرة الأجنبية و سوف يلعب تحسن الثقة في الإمكانات الاقتصادية الجزائرية و استقرار الأوضاع الاقتصادية و السياسية دورا أساسيا في تعزيز قدرة الجزائر على جذب مستويات أعلى من الاستثمار الأجنبي .
ان حساسية الاقتصاد الجزائري لآفاق النمو العالمي تعود الى عدم مرونة سعر الصرف وهذا مايدفع الى زيادة الطلب على الدولار من قبل الأعوان كونه العملة الأقل خ
خاتمة
يعتبر ميزان المدفوعات أحد المعالم الاقتصادي لأي بلد وكأداة لتسوية المعاملات الخارجية ،حيث تدرج فيه مختلف عمليات التبادل الدولي ،وهو سجل ينقسم إلى جانبين ،جانب دائن تسجل فيه تلك المعلومات التي يترتب عنها دخول للعملة الأجنبية ،وجانب مدين تسجل فيه المعاملات التي تتيح وسائل لتغطية هذه الالتزامات ،كما يساعد السلطات العمومية على صياغة السياسات الاقتصادية المناسبة بالاظافة إلى أنه يسمح بالحكم على الوضعية الاقتصادية والمالية للدولة ،وكمرآة يوضح نقاط الضعف والقوة للبلد من حيث التركيبية السلعية للصادرات والواردات .


مشكور كل الشكر أخي على البحث الجد قيم

الاقتباس غير متاح حاليا
شكرااااااااااااااااااااااا

الاقتباس غير متاح حاليا

شكرا لك merci

التصنيفات
البحوث التجارية

بحث حول المدرسة التجارية


خطة البحث
المقدمة
المبحــث الأول :نشأة الفكر المركانتيلي.
• المطلب الأول : تعريف الفكر المركانتيلية.
• المطلب الثاني: ظروف ما قبل المركانتيلية.
• المطلب الثالث:نشأة الفكر المركانتيلي.
المبحـث الثانــي:مبادئ الفكر المركانتيلي.
• المطلب الأول:علاقة ثروة الأمة بالمعدن النفيس.
• المطلب الثاني:تحقيق ميزان تجاري موافق.
• المطلب الثالث:تدخل الدولة في الحياة الإقتصادية.
• المطلب الرابع:ترتيب اوجه النشاط الإقتصادي.
• المطلب الخامس:زيادة حجم السكان.
المبحـث الثــالث:السياسات المتبعة في الفكر المركانتيلي.
• المطلب الأول:إحتكار الدولة للتجارة الخارجية.
• المطلب الثاني:سياسة الإستيراد.
• المطلب الثالث:سياسة التصدير.
• المطلب الرابع:سياسةالأجور المنخفضة.
المبحـث الرابــع:سلبيات الفكر المركانتيلي.
المبحث الخامس:النقد الموجه للمركانتيلية وبداية زوالها
الخاتمة

مقدمـــــــــــة

تعتبر التجارة الخارجية أو الدولية من أقدم إهتمامات الفلسفة الإقتصادية ورجال الإقتصاد و اليوم إزدادت أهمية هذه التجارة حتى أصبحت عاملا رئيسيا في الإستراتيجية الغقتصادية و السياسية للدول و تتسم العلاقات الإقتصادية الدولية بطابع يجعلها تغاير العلاقات الإقتصادية الداخلية حيث يعترضها عدة قيود وعوائق تفرضها الدول للمحافظة على سياستها أو أقتصادياتها ومن هنا نستشف أن التجارة الدولية أو الخارجية تستجيب للظروف والعوامل الخارجية من ناحية وتؤدي دورا هاما في الإقتصاد الوطني من ناحية أخرى ، ولكن كيف تمكنت هذه التجارة من التطور والإزدهار إلة الشكل الذي أصبحت عليه الآن وما هي الأفكار التي ساهمت في بلورت طرق المعاملات التجارية الدولية
لعل من أهم الأفكار أو المذاهب التي أدت بالتجارة الدولية إلى ما آلت إليه هو المذهب المركانتيلي أو التجاري الذي يعد أولى خطوات التفكير الإقتصادي الدولي ونقطة إطلاق السياسات والإستراتيجيات في المعاملات التجارية الدولية ترى ما هي المركانتيلية ، ما هي ظروف نشأة هذا المذهب وكيف تم هل كان فعلا مذهبا فعالا ومحققا لرفاهية الشعوب والأمم وما هو النقد الموجه له
هذا ما حاولت إستبيانه في هذا العرض لفهم أكبر لأفكار الإقتصاديين ولتعميم الفائدة إن شاء الله

المبحث الأول : التعريف بالمذهب المركانتيلي أو التجاري
المطلب الأول : تعريف المركانتيلية
المركانتيلية هي مذهب إقتصادي ظهرت بوادره أبتداء من أواخر القرن الرابع عشر وساد إلى غاية القرن النصف الثاني من القرن الثامن عشر والمركانتيلية لغة جائت من Merchant بالأنجليزية التي تعني ” التاجر” أما إصطلاحا فهي المذهب الذي أولى إهتماما كبيرا بالمعادن النفيسة “ذهب وفضة” باعتبارهما أساس ثروة الأمة ومنبع قوتها
المطلب الثاني : الظروف التي مهدت للفكر الإقتصادي المركانتيلي
شهد القرن الخامس عشر والسادس عشر تحرر العبيد من سطوة النظام الإقطاعي في أوروبا و أتجه معظم المتحررين للعمل في التجارة إلى أن نشاط التجارة الداخلي لم يكن من الإتساع و الأهمية بحيث يوفر لهم مكانة إقتصادية كبرى وسطوة سياسية في بلادهم . لقد جاء التغيير الأساسي في الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية عن طريق التجارة الخارجية التي كانت تنمو بصورة متسارعة بحيث أدت تدريجيا إلى ثراء التجار و أدت إلى رفع أهميتهم في النشاط الإقتصادي و ظهورهم كطبقة إجتماعية قوية في بلدانهم ومن أهم الأسباب التي أدت إلى تطور التجارة الدولية ىنذاك :
أ‌- إتصال أوروبا بالمشرق الإسلامي المتقدم حينها
ب‌- إكتشاف طرق مواصلات بحرية جديدة كطريق رأس الرجاء الصالح
ت‌- إكتشاف القارة الأمريكية الغنية بالذهب و كانت النتيجة الحتمية لغكتشاف المناجم الغنية بالذهب في القارة الأمريكية وزيادة التجارة الخارجية ونموها مع الشرق الأوسطج والأقصى أن زاد ثراء طبقة التجار وزادت قوتهم داخل بلدانهم وبدأو يسعون تدريجيا إلى تحرير المدن من سيطرة الإقطاعيين فتكونت في كل مدينة عيئة لإدارتها مكونة من طبقة التجار ذوي النفوذ وصاحب هذه التطورات إتخاذهم مع الملك لمحاربة الإقطاعيين و تقويض نفوذ النبلاء و الأمراء ولقد كان لإكتشاف الموارد الجديدة للثروة أيضا أثر إقتصادي له أهمية كبرى فلقد تدفقت المعادن النفيسة على أوروبا وخاصة الدول الإستعمارية الكبرى مثل : إسبانيا ، البرتغال ، انجلترا ، هولندا ، فرنسا واستخدمت هذه المعادن في شراء النتجات من البلدان الأوربية المتقدمة
ث‌- ومن جهة أخرى ونتيجة لتحالف الملك والتجار فقد تم القضاء على سلطة الإقطاعيين والنبلاء و الأمراء وتمكن الملك من فرض سلطة مركزية على سلطات الأمراء التي كانت تقوم في مراكز متعددة داخل الدولة و كانت هذه الخطوة الأولى التي أدت إلى ظهور الدولة الأوروبية الحديثة التي تقوم على أساس قومي و تخضع لسلطة مركزية واحدة وكانت القوة الثانية التي أدت إلى ظهور الدولة الأوروبية الحديثة بروز القوميات العرقية و تفكك الإمبراطوريات الكبرى و انهيارها و يعد ظهور الدولة الأوروبية بهذا الشكل الحديث ذا أثر بالغ في سياسة التجاريين إذ قام هؤلاء برسم سياسة التجارة الخارجية على مستوى الإقتصاد القومي بما يخدم مصلحتهم و يحقق لهم أكبر ربح و أكثر ثراء .
ولقد كانت حركة النهضة الفكرية في أوروبا من أهم الأحداث التي ساهمت في تطور الفكر السياسي و الإقتصادي الأوروبي والتي صاحبت عصر الرأسمالية التجارية المتحررة من الدين ومن فلسفات وقيود الكنيسة وأدى ذلك إلى زعزعة مركز الكنيسة ومن ثم إلى إنهيار بقية أعمدة النضام الإقتصادي وتقوية السلطة المدنية للملك أو الحكومة
من جهة أخرى لا تؤمن إلا بمصلحتها القومية وتعمل جاهدة على مد سلطانها و توسيع رقعتها إلى احتدام الصراع بين هذه الدول لصون مستعمراتها وعدم السماح لأي دولة باستغلال مواردها
المطلب الثالث : نشأة المركانتيلية
في مثل هذهة الظروف كان لابد لهذه التطورات أن تجد تعبيرا عنها في مجال الفكر الإقتصادي فإنهيار النظام الإقتصادي وقيام الدول الوطنية ذات السلطة المركزية ووقوع كل منها في سباق مع الآخرين من أجل بسط سلطانها و الأهمية المتزايدة للتجارة الدولية كل هذه التطورات اقتضت فلسفة جديدة تختلف عن تراث العصور الوسطى ومن هنا نشأت مجموعة الأفكار التي أطلق عليها فيما بعد الميركانتيلية أو التجارية ويربطها جميعا خيط واحد وهو محاولة الكشف عن السياسة الإقتصادية الملائمة لحاجات الدول الصاعدة

المبحث الثاني : مبادئ الفكر الماركانتيلي :
يقدر علماء الفكر الإقتصادي على أن أفكار التجاريين كانت تدور حول عدد من المبادئ الأساسية ألا وهي :
المطلب الأول : العلاقة بين ثروة الأمة وما لديها من معدن نفيس
إن التجاريين كانو يعلقون أهمية كبرى على الذهب والفضة باعتبارهما عماد ثروة الأمة ونقطة قوتها و يصدق ذلك بصفة خاصة على كتابات التجاريين قبل بداية القرن السابع عشر ومن ثم يميل بعض الشراح إلى إطلاق إسم المعدنيين “Bulliomists ” على رجال الرعيل الاول من الفكر التجاري إشارة إلبى الأهمية الخاصة للمعدن النفيس في نظرتهم إلى الثروة
وبالنظر إلى الظروف التي أتت بالمذهب التجاري والتي كان ضمنها ظهور الدولة الإقليمية نجد أن دوافع التجاريين لإعطاء المعادن النفيسة كل هذه الأهمية كانت منطقية فقد أستنفذت الحرب المتواصلة خزائن الملوك ولم توفر الضرائب الإيراد اللازم لقيام الدولة بأعباء الدفاع والحروب والإدارة العامة وأصبح الملوك في ضائقة مستمرة ، والملك ليس في حاجة إلى قمح أو قطن لمتابعة حروبه والقيام بسائر نفقات الدولة وإنما هو بحاجة مستمرة إلى ذهب وفضة ليؤكد سلطانه ويحقق أطماعه ويدرأ عن نفسه أطماع غيره إذن فالمعدن النفيس وقوة الدولة توأمان لا ينفصلان.
غير أن المسألة لا تقف عند حد ملائمة المعدن النفيس للقيام بحاجات الدولة الناشئة فالواقع أن وجهة نظر التجاريين تستند إلى أكثر من ذلك فإننا نجد في كتابات بعضهم قياس ثروة الأمة على ثروة الأفراد ، فكما أن الفرد يقاس غناه بما لديه من ذهب وفضة كذلك شأن الأمم وفي ذلك يقول توماس مان 1664 ويصدق ثروة المملكة ما يصدق على ثروة الفرد الذي يكسب دخلا سنويا مقداره 1000 جنيه ولديه رأس مال نقدي يبلغ ألفا من الجنيهات .
إذا أنفق هذا الفرد 1500 جنيه في السنة فإنه سيفقد كل أمواله بعد أربع سنوات في حين سيضاعفها خلال نفس المدة إذا أنفق 500 جنيه سنويا فقط وهذه القاعدة لا تغيب أبدا في حق المملكة
كذلك يمكننا أن نركز على عنصرين هامين أديا بالتجاريين إلى إتخاذ هذا الموقف من المعادن النفيسة
أولا – الإرتفاع الشديد للأسعار في أوروبا خلال القرن السادس عشر الذي صاحبته زيادة ضخمة في كمية المعادن النفيسة المتدفقة إلى أوروبا وبزيادة غير معهودة في نواحي النشاط التجار ي والصناعي والحرفي وقد دفع هذا المركانتيليين إلى الربط بين هذه الظواهر المختلفة وكان التفسير الذي خلصوا إليه هو أن الزيادة في النشاط الإقتصادي قد تترتب على الإرتفاع في الأسعار وزيادة الموجود في الدولة من المعادن النفيسة ( النقود الذهبية والفضية ) لكن هذا التحليل لم يكن مبينا على أي أساس علمي بل هو عبارة عن استنتاج جاء من حدوث ظاهرتين معا في آن واحد .
ثانيا – إعتقاد العديد من التجاريين أن مستوى سعر الفائدة يحدد كميات القروض التي تستخدم في القيام بالنشاط الإنتاجي والتجاري وأن مستوى الفائدة يتوقف على كمية المعادن النفيسة الموجودة في الدولة فإذا زادت كمية النقود وأنخفض سعر الفائدة فهذا سيؤدي حتما إلى زيادة النشاط الإقتصادي .
المطلب الثاني : تحقيق ميزان تجاري موافق
من أهم المبادئ التي أعطاها التجاريون أهمية كبرى هو مبدأ الإهتمام بالتجارة الخارجية أو الدولية فمن وجهة نظرهم إلى العلاقة بين ثروة الأمة وما لديها من معدن نفيس فإن الزيادة من هذا المعدن يعني زيادة ثروة الأمة ومن ثم فإذا كان للبلد مناجم لهذه الثروة وجب عليهم استغلالها بشتى الوسائل وإذا إفتقر البلد لمناجم ومعادن نفيسة فالطريق إلى زيادة رصيده منها يمر عبر التجارة الدولية وهذا لا يتحقق إلا إذا باع البلد سلعا للعالم الخارجي بقيمة تزيد عن كمية ما يشتريه منه وهذا ما يسمى تحقيق الفائض في الميزان التجاري وهذا الفائض المتحقق يزيد من ثروة الدولة من المعدن النفيس وبالتالي وكنتيجة لذلك ستنتعش الأسعار والإنتاج أما في حالة وقوع العكس وهو أن قيمة الواردات تكون أكبر من قيمة الصادرات فإن الدولة ستحقق عجزا في ميزانها التجاري وستضطر إلى إخراج معادنها النفيسة بمقدار ذلك العجز وفي ذلك نقصان شرائه ويلزم عن هذا التحليل وجوب العمل على تحقيق فائض في الميزان التجاري لزيادة الثروة ويقول ميسلند 1623 “إذا زادت قيمة السلع الوطنية والمصدر ة عن قيمة السلع الأجنبية المستوردة فإن القاعدة التي تصدق دائما هي أن المملكة تصبح أكثر غنى وأنتعاشا حيث أن الفائض لابد أن يأتي لها بالمعدن النفيس”
كما أن توماس مان 1664 يقول” إن الطريقة العادية لزيادة ثروتنا تتمثل في التجارة الخارجية حيث يتعين علينا أن نراعي دائما القاعدة وهي أن نبيع للأجانب سنويا أكثر مما نشتر ي منهم في القيمة ”
لقد أستطاعت المركانتيلية أن توجه النظرة للتجارة الخارجية بعين الحارس لكل تحرك أو تدفق للسلع والمعادن النفيسة وقد مرت هذه السياسة بعدة مراحل وهي :
المرحلة الأولى : وهي التي تعرف بمرحلة السياسة المعدنية ” Bullionison ” وفيها أعتبر التجاريون أن الطريقة الوحيدة للإحتفاظ برصيد الدولة من المعدن النفيس وزيادته هي فرض رقابة تامة على كل خروج أو تحرك للمعدن النفيس وتركيز كل المعاملات في الصرف الأجنبي في يد موظف عمومي وهو صراف الملك حيث يشرف على تصدير أو أستيراد أو التصرف في المعدن النفيس مع العالم الخارجي .
المرحلة الثانية : في هذه الفترة وجدت الدولة أنه يكفي أن تكون معاملات الدولة مع كل دولة على أنفراد ذات فائض في الميزان التجاري ومنه لم يعد هناك داع إلى مراقبة للصادرات من الذهب والفضة وإنما يكفي أن تكون مجموع المعاملات لصالح الدولة.
المرحلة الثالثة : هخنا في هذه المرحلة اتضحت فكرة الميزان التجاري الحديثة حيث أن البلد يجب عليه تحقيق فائض في الميزان التجاري السنوي بغض النظر عن المعاملات الثنائية الأداء حيث يمكن أن يحقق خسارة بوحدة مع البلد الأول لكنه يعوضها بربح عدة وحدات مع بلدان أخرى بحيث تكون النتيجة النهائية فائضا موافقا على التجارة الخارجية في مجملها كما تجدر الإشارة إلى أن التجاريين تطرقوا حتى لما يسمى بالصادرات والواردات غير المنضورة وعلى ذلك فإننا نجد أن توماس مان يشير إلى نفقات النقل البحري ونفقات الجيوش خارج البلاد وما يدفع الكاثوليك للكنيسة بروما وهو يذكر أثر هذه المدفوعات على دخول وخروج الذهب شأنها شأن السلع التي تستوردها وتصدرها الدولة .

المطلب الثالث :تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية:
واضح أن منطق التجاريين يقتضي تدخل الدولة في التجارة الخارجية .فإن الميزان التجاري الموافق لا ينشأ من تلقاء نفسه.ولابد ان يكون محلا لسياسة هادفة من الدولة و منثم فقد نادى التجاريون بوجوب إخضاع التجارة الدولية لقيود بقصد تحقيق فائض دائم في الميزان التجاري.وتتمثل هذه القيود في فرض ضرائب جمركية على الواردات وحضر بعضها كما تتمثل في إعانة بعض الصادرات.
لم يقف تدخل الدولة عند حدود التجارة الخارجية بل تعداه إلى إشرافها على عملية إنتاج السلع المعدة للتصدير و توفير ظروف أخرى لزيلدة الصادرات .وكان أكثرها شيوعامنح إنتاج سلعة أى معينة أو تصديرها لشركة معينة ومثل ذلك شركة الهند الشرقية و شركة الشرق الأوسط في إنجلترا.كذلك إمتد تدخل الدولة إلى أسعار السلع و مستوى الأجور وإستيراد العمال المهرة من الخارج و إنشاء صناعات وطنية و إستغلال المزارع و المناجم في المستعمرات للحصول على المواد الأولية.
وفي شئون النقل البحري و صناعة السفن كانت قوانين الملاحة في إنجلترا نموذجا لتدخل الدولة في الحياة الاقتصادية وهي تستوجب نقل السلع المستوردة إلى إنجلترا على سفن مملوكة لرعايا انجليز يقودها قبطان أنجليزي و ملاحوها انجليز
المطلب الرابع :ترتيب أوجه النشاط الا قتصادي:
كانت المفاضلة بين اوجه النشاط الإقتصادي من المسائل التي شغلت رجال الفكرالتجاري منذ زمن قديم فقد تولد شعور بأن الحرف لا يمكنها ان تكون بنفس الإهمية و يجب ترتيبها حسب مردودها من المعادن النفيسة ومن هنا جائت المفاضلة بين الزراعة و التجارة و الصناعة .
فمن البديهي أن تأتي التجارة الدولية في قمة النشاطات التي تسهم في ثروة البلد فهي الطريق الوحيد لزيادة رصيد الدولة من المعدن النفيس و قد اشار التجاريين إلى أن التجارة الداخلية لا تزيد شيئا إلى الثروة ذلك أن ربح أحد الطرفين يشكل خسارة بالنسبة للطرف الآخر ومن ثم فلا جديد يضاف مهما كان حجم الصفقة . اما في التجارة الدولية فما يكسبه البلد يمثل إضافة صافية لثروته حيث أن الطرف الخاسر هو بلد أجنبي. و بالمثل فإن ما يخسره البلد في التجارة الخارجية يمثل إقتطاعا من الثروة القومية.
كما اعطى التجاريون الصناعة المرتبة الثانية من حيث الأهمية بعد التجارة الدولية فالصناعة هي أساس الصادرات التي يأتي للبلد بالمعدن النفيس.و ترتب على ذلك أنهم كانو ينادون بإتباع السيلسات التي من شأنها دعم الصناعة الوطنية كإعفاء المواد الأولية من الضرائب الجمركية أو إخضاعها لضرائب مخففة.
أما الزراعة فلم تحظى من التجاريين بتقدير يذكرلأن و حسب منظورهن للأمر فإن الزراعة لا تستطيع زيادة رصيد البلد من المعادن النفيسة كما أنها عاجزة عن تصدير كمية كبيرة من العمل الوطني إلى الخارج لذلك فقد جائت التجارة في ذيل أوجه النشاط الإقتصادي التي تضيف إلى الثروة.
المطلب الخامس :زيادة حجم السكان:
الغاية النهائية من السياسة الاقتصادية في نظر التجاريين تنحصر في قوة الدولة اما الرفاهية الفردية فقد كانت غير ذات معنى بالنسبة لهم فلم يكن هدف السياسة الاقتصادية إشباع رغبات الفـرد و تحقيق رفاهيته و من هنا كانت نظرتـهم للسكان . فكلما زاد حجم السكان كانت الدولة أقوى و كان بإمكانها إنشاء الجيوش القوية و تحمل ما يصيبها من خسائر ضد الدول الأخرى.
من ناحية أخرى فإن ازديـاد حجم السكان يؤدي إلى ازدياد اليد العاملة و رخصها وكلاهما يساعد على نمو الصناعة

المبحـث الثــالث :السياسات المتبعة في الفكر المركانتيلي.

إن الغاية وراء سياسة التقييد الشديد للتجارة الخارجية كانت تتمثل أساسا في تحقيق المصلحة الاقتصادية القومية,وهو تكوين الفائض من المعادن النفيسة.و لذلك أصبح تدخل الدولة امرا حتميا حتى يتم محاربة الواردات وتقييدها من جهة والعمل على إنعاش الصادرات و تحقيق اكبر مكسب ممكن منها من جهة اخرى . هذه السياسة كانت ترتكز أساسا على عدة سياسات إنتهجها المركانتيليون لتحقيق اهدافهم ومن اهم هذه السياسات :
المطلب الأول: سياسة إحتكار الدولة للتجارة الخارجية.
من اهم الأساليب الرئيسية التي إبتدعها المركانتيليون للتحكم في التجارة الخارجيةتنظيم إحتكار الدولة لها(state monopoly of trade) فقد قامت الدولة بمنع الأجانب من التجارة في سلع معينة او في مناطق معينة كما قامت بتنظيم و إدارة الصادرات الوطنية بطرق مباشرة . فلقد حرمت البرتغال مثلا على أي دولة أجنبية أن تتاجر مع مستعمراتها في الشرق و استخدمت في ذلك أسطولها البحري .كما قامت الدولة الأسبانية بحراسة تجارتها الخارجية دائما بقوة بحرية و حددت ميناء إشبيلية و عدد محدود من موانئ مستعمراتها الأمريكية للشحن البحري كل ذلك لتتاكد من وقوع التجارة الدولية بيدها.واحتكرت الدولة الهولندية تجارة مستعمراتها في الهند الشرقية بالكامل و ابتدعت وسائل عدة لتنفيذ هذه السياسة من اهمها الرقابة المباشرة و تحديد الكميات المنتجة من السلع الهامة داخل مستعمراتها . وسنت بريطانيا قانون القمح لتحرم به إستيراد اية انواع من الغلال إلا في حالات الشح الشديد في المحاصيل الوطنية كما سنت أيضا قوانين الملاحة البحرية لتمنع بها أية سفن أجنبية من المتاجرة في الموانئ البريطانية او فيم بينها وبين موانئ مستعمرات التاج كما ربطت فيما بينها و بين مستعمراتها بروابط جمركيةبشكل يجعل من المستحيل أن تذهب تجارة المستعمرات الهامة إلى الدول المنافسة .وبالإضافة إلى هدا أصدرت بريطانيا قوائم ببعض السلع الهامة التي يحرم تصديرها من مستعمراتها و هنا نلاحظ مدى أهمية الدور الذي لعبته الملاحة في تمكين الدولة من إحتكار التجارة الخارجية و تنظيمها ولقد كان هذا من أحد الأسباب المباشرة وراء صدور قوانين الملاحة في بريطانيا وغيرها من الدول المركانتيلية.
المطلب الثاني: سياسة الاستيراد
من الممكن تلخيص سياسة الاستيراد المركانتيلية في مبدا هام ألا وهومحاربة السلع والخدمات الاجنبيةلأنها تتسبب في تسرب المعدن النفيس خارج الدولة اما الأسلوب الذي إتبع لتنفيذ هذه السياسة فقد تمثل في الضرائب الجمركية المرتفعة و المنع المباشر لبعض السلع من الدخول ااما تجارة الواردات من المستعمرات فقد كان لها وضع خاص حيث كانت البلدان الاوروبية المركانتيلية تحصل عليها بأثمان بخسة ثم تعيد تصدير جزء كبير منها في السوق الاوروبي و من ثم يتحقق لها منها فائض صافي من الذهب .
إلا أن قوانين الاستيراد كانت مرنة و لينة إذا ما تعلق الامر بالمواد الخام التي لا تتوافر عليها الدولة و الضرورية للصناعات التصديرية المهمة كونها ترفع من قيمة الصادرات و منه فهي تدخل المعادن النفيس و تزيد في ثرؤة البلد.
المطلب الثالث: سياسة التصدير
اما بالنسبة لسياسة التصدير فقد شجعت الصادرات من السلع المصنوعة بكافة الوسائل الممكنة والعمل دائما على إكتساب أسواقخارجية جديدة خاصة البلدان المكتشفة حديثا و الغنية بالمعادن النفيسة.
وحينما كانت بعض صناعات الصادرات تعجز عن مواجهة المنافسة الاجنبية في بعض الاسواق فإن الدولة لا تتوانى عن مساعدتها مباشرة بمعونة مالية.
كما أن الدول المركانتيلية قد قامت بفرض ضرائب جمركية مرتفعة جدا على بعض صادرات المواد الخام و السلع نصف المصنعة و التي تلزم للصناعات القومية الهامة التي يدر تصدير منتجاتها مكاسب كبيرة من المعدن النفيس.و هكذا تمكنت الدول من حماية صناعاتها القومية الهامة من مواجهة أية مشاكل قد تنشأ في سبيل الحصول على مستلزمات إنتاجها. وهكذا ساهمت الدول المركانتيلية في تقوية المركز التنافسي لصناعاتها القومية في الايواق الخارجية ومن ثم ازدادت قدرتها على اكتساب المعدن النفيس و استطاعت ان توجه كل طاقاتها الاقتصادية نحو تصدير المنتجات و تحقيق الفائض المنشود في الميزان التجاري و تعزيز ثروتها من المعادن النفيسة
المطلب الرابع: سياسة الأجور المنخفضة
لقد تنبه المركانتيليون إلى أهمية تخفيض نفقة الإنتاج للصادرات من السلع المصنوعة لهذا دعو إلى سياسة اللأجور المنخفضة لأنها تساهم في بقاء نفقات الإنتاج منخفضة.ولكن بالإضافة إلى ذلك اعتقدو ان الاجور المنخفضة منشأنها ان تشجع العمال على بذل جهد اكبر لمضاعفة اجرهم ومن ثم يزداد الإنتاج المخصص للتصدير.كما انهم إعتقدو أن الاجور المرتفعةتذهب بأكملها لاشباع الحاجات الإستهلاكية للطبقة العاملة و من ثم فإن إرتفاع الاجور يعني زيادة الإستهلاك .

المبحث الرابع : سلبيات المذهب المركانتيلي
سيطر المذهب التجاري على الممارسات الإقتصادية الأوروبية خلال القرن 16 وكانت مظاهره تتجلى في كل أوجه الحياة و إنعكساته على الشعوب كانت واضحة حيث أن مبدأ تحصيل المعادن النفيسة وزيادتها قد أدى إلى أرتفاع الأسعار بطريقة غير مسبوقة ولم يتوافق ذلك مع مصالح الأفراد الذين أهملهم المذهب وخص عنايته الكاملة للدولة أو المملكة كما أن مبدأ تخفيض الأجور يعد مبدأ ضالما حيث يستعبد العمال ولا يأبه لوضعهم الإجتماعي ومن جهة أخرى فإن السياسات المنتهجة للتجاريين كانت تؤدي إلى عكس النتائج الإقتصادية المنطقية بقولهم أن زيادة المعدن تزيد الثروة وتزيد الإنتاج ومن ثم فهناك زيادة أكبر في معدلات التصدير وتحقيق ميزان تجاري موافق إلا أن هذه الزيادة في المعادن في الحقيقة قد أتت بزيادة في الأسعار وهذا ما يقوض من عملية التصنيع والتصدير ، أما ما يترتب على زيادة عدد السكان من إحتمال الضغط على المواد الغذائية و إنخفاض مستوى معيشة الفرد فقد كانت بعيدة كل البعد عن أدهان التجاريين ويمكن تلخيص عيوب المذهب المركانتيلي في …نقاط:
أ‌- إهمال الفرد و إهمال رفاهيته
ب‌- تعطيل سير التجارة الدولية بالتخلات الدائمة للدولة
ت‌- عدم الإمكان المحافظة على ميزان تجاري موافق دائم
ث‌- إستعمال بشع لموارد الشعوب المستعمرة وتقوية النزعة الإستعمارية
ج‌- إرتفاع في الأسعار
ح‌- إهمال الزراعة والتجارة الداخلية
خ‌- التشجيع على زيادة السكان دون مراعاة ما يترتب عن ذلك .

المبحث الخامس : النقد الموجه للمركانتيلية وبداية زوالها
هاجم دفيد هيوم السياسة التجارية المركانتيلية على أساس التناقض المنطقي في أركانها وخلاصة مناقشته هي أن تكوين الفائض في الميزان التجاري والمحافظة عليه بصفة مستمرة لا يمكن أن يؤدي إلى زيادة القدرة على تنميته بل على العكس . لابد أن يؤدي إلى تدهوره ، فزيادة كمية المعادن النفيسة داخل الإقتصاد زيادة كبيرة نتيجة الإصرار على تكوين فائض مستمر في الميزان التجاري يعمل على رفع مستويات الأسعار في النهاية وفي رأي هيوم . أن هذا في حد ذاته يضعف من القدرة على التصدير ومن ثم يؤدي إلى تدهور الفائض بدلا من زيادته
كما إعتبر آدم سميث أن السياسة التجارية المركانتيلية سياسة ساذجة لا تقوم بتحليل الأوضاع الإقتصادية تحليلا عميقا وتكتفي بإعطاء القواعد التي كان بعضها مناف للمنطق ويمكن تصوره كتحليل فلسفي نظري أكثر منه تحليل إقتصادي مبني على حقائق ومشاهدات واقعية . وقد بين المذهب ذلك في كتابه ثروة الأمم ” .
ومن هنا بدأ المركانتيلي في التراجع والإضمحلال فكريا من جهة أخرى أدت التطورات التكنولوجية كاكتشاف المحرك البخاري إلى تحول كبار التجار إلى مستثمرين صناعيين ينبذون تدخل الدولة في شؤون الإقتصاد والتقييد الصارم للصادرات و الواردات وتحولوا شيئا فشيئا إلى سلطة تضاهي سلطة الملك ومن ثم فقد أخذ الفكر التجاري في الغضمحلال وكانت أنجليترا بالذات التي تعتبر مهده هي أيضا لحده ، ذلك أن ظهور فلسفات جديدة على يد هيوم- وجون جاك روسو و مونتسكيو تنظر نظرة إرتياب إلى تدخل الدولة وترفض فكرة الحق الإلهي للملوك وتكافح من أجل الحرية الفردية والمساواة قد دق آخر مسمار في نعش المركانتيلية و بعض الأفكار وطورت إلى مذهب جديد بينما أخذ منها بعض الأفكار وطورت إلى مذهب جديد سماه أصحابه الطبيعية أو الفيزيوقراطية .

خــــاتمـة

النظام المركانتيلي التجاري ” Marcuntilism ” هو نظام اقتصادي نشأ في أوروبا لتعزيز ثروة الدولة وزيادة ملكيتها من المعدنين النفيسين عن طريق التنظيم الحكومي الصارم لكامل الإقتصاد والتوجه التام للتجارة الخارجية والدولية .
لقد ساهمت المركانتيلية في تطور الفكر الإقتصادي في العالم وقدمت مبادئ طورت فيما بعد وقامت عليها قواعد ونظريات اقتصادية بل أن المركانتيلية هي اللبنة الأولى في بناء التفكير الإقتصادي الرأسمالي الحديث .
لكن هذا المذهب كان مذهبا استغلاليا وأعطى للحكومة الصلاحيات لأن تفرض قيودا على الشعب وأن تستغله شر إستغلال لتحقيق منفعتها ومنفعة كبار التجار وأدت السياسات التي أتبعتها إلى إستعمار بلدان كاملة وتجريدها من مواردها بالقوة وإستعباد شعوبها .
إن المذهب التجاري تولد نتيجة ظروف معينة وتطور بحسبها ولكنه لم يستطع مواكبة تطور الشعوب ووعيها بمدى أهمية رفاهية الفرد ومدى أهمية حرية التجارة فتلاشى ليترك مكانا لتصورات إقتصادية جائت لتوافق تطور الشعوب .

قـــــائمة المراجـع

1- تاريخ الأفكار الإقتصادية عبر العصور
تأليف : الأستاذ خالد أبو القمصان
2- تطور الفكـر الإقتصادي
تأليف : د. عبد الرحمن يسري أحمد
3- تاريخ الأفكار الإقتصادية من المركانتيلية إلى الرأسمالية الحديثة
تأليف : د .سعيد النجــار


[gdwl]بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين شـكــرا وبارك الله فيك ولكن إذا كان ممكن أريد التهميش لتبيان كل فكرة من أي كتاب أتت والصفحة التي اقتبست منه الفكرة.وشكرا[/gdwl]

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية . بارك الله فيك بحث مفيد جدا

يا اخي ممكن تبهعثلي البحث هذا الى اميلي الخاص انا في حاجة اليه تعليم_الجزائر

شكرا موضوع جمييييل

التصنيفات
البحوث التجارية

بحث حول دور السعر في الاستراتجية التسويقية

تمهيــد :

بعد تعريف السعر و سرد أهميته في الفصل السابق، و بعدما تحدّد المؤسسة العوامل المؤثرة في قرارات التسعير و الأهداف الواضحة و المرجوة من وراء التسعير، تقوم بتحديد سياسات السعر المناسبة التي يمكن من خلالها تحقيق أهداف المؤسسة، و ذلك في أحسن الظروف. ثم سنرى الطرائق المختلفة لتحديد السعر، و مختلف الإستراتيجيات المتعلقة به كي ننتقل بعد ذلك إلى معرفة الخطوات الواجب إتباعها منِْ أجل تحديد سعر بيع سلعة أو خدمة.
و في نهاية هذا الفصل سنحاول طرح مسألة إدارة السعر و تعديله والتغيرات التي يمكن أن تحدث فيه.
ومنه سنعالج الإشكالية الجزئية التالية:
ـ ما هو الدور الذي يلعبه السعر في الاستراتيجية التسويقية ؟
ـ ما هي الطرق المختلفة لتحديد السعر ؟
ـ ما هي أنواع الاستراتيجيات الموجودة عند تحديد السعر ؟
ـ كيف تقوم المؤسسة بتعديل و تغيير سعر البيع عند الحاجة ؟

المبحث الأول : دور السعر في الإستراتيجية التسويقية و مسؤولية تحديده :

يعتبر السعر متغيرة من متغيرات الأولى التسويقية، تأتي لتعزير وضع جزء من السوق، و عليه فإنّها تحمل أهمية و دور خاصين لإنجاح أعمال المؤسسات، وفيما يلي سنوضح أكثر دور السعر و مسؤولية تحديده.
و قبل أن نشرع في دور السعر في الاستراتيجية التسويقية، سوف نقوم بإعطاء تعريف للإستراتيجية التسويقية :
تعتبر إستراتيجية التسويق قلب خطة التسويق التي يقوم مدير التسويق بإتباعها. تعتمد الإستراتيجية على تحليل الوضع الحالي و على أهداف المؤسسة، فالإستراتيجية هي الطريقة التي بها يمكن تحقيق تلك الأهداف.
بحيث يجب على مدير التسويق أن يعرف طريقة إستخدام أدوات التسويق المتوفرة تحت يديه لتحقيق الأهداف المحدّدة.
ومنه الإشكالية تكون كما يلي:
ـ ما هو تأثير و دور السعر في تحقيق الأهداف التسويقية ؟
ـ على من تقع مسؤولية تسعير السلع في المؤسسة ؟

المطلب الأول : دور السعر في الإستراتيجية التسويقية :

“إن تحديد السعر، أصبح له أهمية بالغة في السنوات الأخيرة، بعدما كانت هذه المتغيرة مهملة من قبل رجال التسويق، و ذلك خلال 30 عاماً التي تلت الحرب العالمية الثانية”.(1)
“يعتبر السعر في الواقع، أكثر من متغيرة في المزيج التسويقي لما لها من تأثير على مردودية المؤسسة و نفسية المستهلك.
يحث مسؤولوا التسويق أن تشاركهم المديرية العامة و المديرية المالية في اتخاذ القرارات المتعلقة بالسعر”(2).
فبينما يرى البعض أنّ السعر هو أهم عناصر المنافسة و تعتبر متغيرة إستراتيجية، نجد البعض الآخر يرى أن العوامل الأخرى (غير السعرية) مثل الترويج، الإعلان، التنويع … إلخ، هي الأكثر أهمية في هذا المجال.
و لهذا سوف نرى العوامل السعرية من أجل تحديد دورها في إستراتيجية المنافسة التي يجب أن تتبعها المؤسسات.
في حالة المنافسة السعرية، فإنّ المنتج يقوم بتغيير الطلب على السلعة من خلال تغيير السعر، بينما في الحالة المعاكسة أي المنافسة غير السعرية فتغيير الطلب على السلعة، يكون من خلال التنويع و التباين في سياسات السلع، الإعلان و الترويج أو أية وسيلة أخرى.
و من خلال بعض الدراسات و الأبحاث الميدانية التي أجريت في هذا المجال، نجد أن السعر يبرز كأداة فعالة من أدوات المنافسة، ليس فقط على مستوى المؤسسة بل، على مستوى الحكومة أيضا.
“فعلى مستوى الدولة نجد أن أحد المميزات الرئيسية التي تملكها ألمانيا كميزة تنافسية عن بريطانيا هو السعر، حيث أثبتت إحدى الدراسات التي قام بها J.Wells : أن زيادة أسعار صادرات السلع البريطانية إلى ألمانيا، أدى إلى تدهور كمية الصادرات في هذا السوق و العكس صحيح بالنسبة لصادرات ألمانيا إلى إنجلترا”.(1)
” و على مستوى المؤسسة، توصلت إحدى الدراسات التي قام بها المكتب القومي للتنمية الإقتصادية في بريطانيا NEDO، إلى أن السعر هو أكثر العوامل تأثيرا في تدهور الموقف التصديري للصناعات الهندسية بإنجلترا حيث ذكر السعر من قبل 40 % من عينة البحث و ميعاد التسليم بنسبة 23 % و جودة السلعة 08% و خدمات ما بعد البيع 03 % ” .(2)
كما أثبتت دراسات في صناعة الغزل و النسيج بالمملكة المتحدة، عن إبداء رأي محدد من المؤسسات في دور السعر و أهميته و أثره في نجاح وتقدم الصناعة.
و كانت النتيجة أن أغلبية المؤسسات رتبت السعر في المرتبة الأولى كأحد العناصر الأساسية في الإستراتيجية التسويقية.
و خلاصة القول، يمكن الإعتبار بأنّ السعر :
– متغيرة خاصة في المزيج التسويقي ؛

– السعر عبارة عن متغيرة إستراتيجية داخل المؤسسة، و إستخدامها يتوقف على طبيعة السوق و درجة المنافسة السائدة فيه.

و في الأخير نستخلص بأنّ عامل التسعير و التغيّرات التي تحدث فيه، له أثر كبير على كلّ من الطلب و المنافسة – كمّا رأينا سابقا – ” و أن تحديده يجب أنّ يكون يتماشى مع إختيار متغيرات المزيج التسويقي الأخرى ” (1) كمّا سنرى ذلك في المباحث التي ستلي.

المطلب الثاني : مسؤولية تحديد السعر :

“تعتبر سياسة التسعير، إحدى السياسات البيعية الرئيسية، و طبقا للمفهوم الحديث للتسويق، فهي من السياسات التسويقية الهامة أو من السياسات ذات العلاقة بالسياسات التسويقية الأخرى، و التي يجب التخطيط لها كوحدة متكاملة في برنامج تسويقي متكامل”.(2)
و بناءا على ما سبق و لأهمية وضع السعر، و ما يترتب عنه من إنعكاسات تمس مباشرة أهداف المؤسسة، فإنّ مسؤولية تحديد السعر تختلف من مؤسسة إلى أخرى.
تقع مسؤولية التسعير في المؤسسات الصغيرة نسبيا على عاتق رئيس التسويق أو المبيعات. كما قد تحوّل هذه العملية إلى الإدارة العليا مباشرة على أنّ يشترك معه بالرأي و تقديم الإقتراحات، رئيس المبيعات و العاملون في مجال البيع، إلى جانب آراء العاملين في مجالات الأنشطة التسويقية.
تشَكّل في معظم المؤسسات الكبيرة لجنة مختصة يشترك فيها هؤلاء المسؤولين، تحت رئاسة أحد أعضاء الإدارة العليا، بمعنى آخر التسعير يكون مسؤولية مدير خط المنتجات.
و يبقى تحديد الأهداف العامة للتسعير تحت إشراف الإدارة العليا.

و في بعض الأحيان تسند المؤسسة عملية التسعير إلى قسم متخصص وذلك في بعض الصناعات التي يكون السعر فيها عاملا أساسيا لتقدمّها ونجاحها، كمؤسسة السكك الحديدية و مؤسسات البترول.
و لكن شريطة أن يقوم هذا القسم بدفع و تقديم تقارير شهرية و سنوية إلى قسم التسويق و الإدارة العليا.
تقتصر مهمة الإدارة في حالة مؤسسات المساهمة على رسم البيانات العامة للسعر و تترك مسؤولية وضع السعر على عاتق الموظفين المختلفين، كما أنّ الخبرة و التجربة شرطا أساسيا في تحديد السعر الذي يمكن أن يقبله السوق، وتختلف بإختلاف حجم المؤسسة و إستعداداتها المالية.

المبحث الثاني : طرق تحديد السعر :

تعتبر مشكلة تحديد السعر المناسب الذي تبيع به المؤسسة سلعتها من أكثر المشكلات التسويقية صعوبة في حلها، و هذا راجع إلى كثرة المتغيرات، و لذلك فعلى المؤسسة الإختيار بين العديد من الأساليب و المداخل المستخدمة من طرف المؤسسات كأساس لتحديد أسعار سلعها، و تتراوح هذه الأساليب بين :
– أساليب تعتمد على التكلفة مضافا إليها هامش ربح مناسب ؛
– أساليب تعتمد على قياس حجم الطلب على السلعة في السوق ؛
– أساليب تعتمد على الظروف التنافسية في السوق.
و سوف نتناول هذه الأساليب بشيء من التفصيل و التوضيح.
و بالتالي سوف نتناول الإشكالية التالية:
ـ كيف تحدّد المؤسسة سعر السلعة على أساس التكلفة، حجم الطلب والمنافسة؟

المطلب الأول : تحديد السعر على أساس التكلفة :
تعتبر هذه الطريقة من أبسط و أسهل أساليب تحديد السعر، و أكثرها شيوعا و إستخداما في المؤسسات.
“و في أكثر الحالات هي التي تقوم ( المؤسسة) بتحديد سعر بيع السلع والخدمات”(1) و وفقا لهذه الطريقة يتحدد السعر كالآتي :

تحدّد هذه الطريقة السعر، بإضافة مبلغ معين الذي يمثل هامش ربح، محدّد من طرف المؤسسة، إلى التكاليف الكلية (التكاليف المتغيرة + التكاليف الثابتة).
و هامش الربح، قد يتحدّد كنسبة مئوية من التكاليف، أو كنسبة تحقق عائد معين على الإستثمار.
و تعتبر هذه الطريقة، أحد الطرائق التي تناسب الكثير من المؤسسات الصناعية و الخدماتية، على أساس أنها تغطي تكاليفها و تضمن بقاءها في السوق.
و في ظل تحديد السعر على أساس التكلفة، يوجد عدّة مداخل و طرائق للتسعير على أساسها.
و قبل اللجوء إلى شرح هذه الطرائق، سوف نتناول أنواع التكاليف :

1- أنواع التكاليف :
أ‌. التكاليف الثابتة و التكاليف المتغيرة :
” نستطيع ترتيب هذه التكاليف بدراسة سلوكها، عند تغيّر الكمية المنتجة وتنوعها” .(1)
* ” تعرّف التكاليف الثابتة، التكاليف التي لا تتغير بحجم الإنتاج والنشاط، فمهما كان رقم الأعمال المحصل عليه، فالمؤسسة يجب عليها منح الأجور للعمال، الإيجار و نفقاتها “.(2)
* ” التكاليف المتغيرة، بعكس التكاليف الثابتة، فإنّها تتأثر و ترتبط بشكل مباشر بحجم الإنتاج و ترتفع بإرتفاعه و تنخفض بإنخفاضه.
و يطلق عليها بتكاليف التشغيل و تتضمن :
– تكاليف جزء متغيرة (Semi-Variables)، تحتوي على جزء ثابت و جزء متغير ؛
– تكاليف ترويجية، مثل شراء سلع، رسم على رقم الأعمال ” .(3)
يجب أن نشير إلى أنّ هذه التكاليف، تكون في المدى القصير فقط ؛ لأنّ في الأجل الطويل و عندما يرتفع حجم السلع المنتجة بكمية كبيرة فإنّ كلّ التكاليف ستصبح تكاليف متغيرة.

ب. التكاليف المباشرة و التكاليف غير المباشرة :
* التكاليف المباشرة هي التكاليف التي تذهب إلى إنتاج سلعة ما، وتكون خاصة بها فقط و لا لغيرها.
أي هي تكاليف تخص سلعة معينة مثل تكاليف المواد الأوّلية .
* التكاليف غير المباشرة أو التكاليف المشتركة ( Communs )، وهي تكاليف لها علاقة غير مباشرة مع سلعة معينة في مراحل إنتاجها مثل تكاليف،خدمات البحث و التطوير.

ج. التكاليف الحّدية و التكاليف المتوسطة:
* التكلفة المتوسطة هي حاصل قسمة التكاليف الكلية على عدد الوحدات المنتجة .
* أمّا التكاليف الحدّية هي تكلفة وحدة إضافية من السلعة، و هي تكلفة يستعملها الإقتصاديون غالبا، و لها أهمية قليلة بالنسبة للمشترين .
2) التسعير على أساس التكلفة الكاملة: Coupts complet :
تعتبر هذه الطريقة الأكثر بساطة و سهولة و الأكثر استعمالا من قبل المؤسسات.
في هذه التقنية، يحددّ السعر بطريقة تمكنّ من امتصاص كلّ التكاليف، “والتي تتمثل في جمع التكاليف المباشرة وغير المباشرة و نقسّمها على عدد الوحدات المنتجة للحصول على السعر .

التكلفة المتوسطة أو التكلفة الكاملة = ” (1)

” و هذا الأسلوب يستعمل في حالة إنتاج نوع واحد من السلع أو إذا كان الإنتاج قليل التنويع .(2)
و اعتمادا على ما سبق، يمكن حساب سعر البيع عن طريق تخصيص معامل مضاعف للتكلفة ( Coût de revient complet ) أو بزيادة هامش ربح .
3) التسعير على أساس التكلفة الحدّية أو المباشرة:
” وفق هذا المدخل، فإنّ المؤسسة تحاول بيع وحدة إضافية من السلعة مقابل التكلفة الإضافية التي تحملتها لإنتاج هذه الوحدة ” (1) وفي ظل هذه الطريقة ، فإنّ المؤسسة ستأخذ بعين الاعتبار إلاّ التكاليف التي تدخل في إنتاج السلعة (التكاليف المتغيرة) .
لحساب سعر البيع، ننطلق من مبدأ التكلفة المتغيرة للسلعة و نضيف إليها الهامش الذي يغطي التكاليف الثابتة و الذي يمدنا بنسبة من الربح. سنوضح ما سبق بمثال:
مثــال : (2)

كمّا تستطيع هذه الطريقة أن تحمّل التكاليف الثابتة على سلع أخرى، ممّا يؤدي إلى تحديد و إعداد سعر منخفض عن الذي حدّدته عن طريق التكلفة الكلية ( coût complet ) .
و تستخدم هذه الطريقة في أوقات معينة حيث تسعى المؤسسة إلى البقاء في السوق، أو مواجهة المنافسة، فتقوم بتسعير سلعها بالشكل الذي يغطي تكاليف المواد الأولية و أجور العمّال و كافة التكاليف المباشرة التي ترتبط بإنتاج السلعة، كمّا أنّ تبني هذا الأسلوب لا يحقق للمؤسسة أي ربح و لا أيّة خسارة.

4) التسعير على أساس تحليل نقطة التعادل:
النقطة الميتة، أو نقطة التعادل تمثل مستوى النشاط الذي تحقق عنده المؤسسة توازن استغلالها .
يعتمد أسلوب تحليل التعادل، على حساب كلّ من التكاليف و الإيرادات الكلية لمعرفة الحجم الذي يمكن للمؤسسة أن تغطي عنده تكاليفها.
أي الحجم الذي تتساوى فيه الإيرادات الكلية و التكاليف الكلية، و في هذه النقطة لا تحقق المؤسسة أية أرباح، و لا تتحمل أيّة خسائر .
يتم حساب النقطة المنية أو نقطة التعادل بقسمة التكاليف الثابتة على سعر بيع الوحدة الواحدة، ناقص التكلفة المتغيرة .

نقطة التعادل =

بحيث سعر بيع الوحدة هو السعر الذي تحدّده المؤسسة .
شكل رقم (01) : نقطة التعادل

المصدر: J.P HELFER » vuibert entreprise, Paris (1987) , P 83. : « Politique Commerciale

إنّ أسلوب أو طريقة النقطة الميتة، لا تحدّد مباشرة السعر الذي يجب إختياره، لكنّها تسمح لنا بتقدير الكميات أو حصة السوق الواجب الحصول عليها كي لا تخسر المؤسسة أموال.
و بالرغم من أنّ هذا الأسلوب يأخذ بعين الإعتبار، حجم المبيعات أكثر من الطرائق السابقة الذكر، إلا أنّ من عيوبه الأساسية هي إفتراض أن جميع الوحدات المنتجة سيتم بيعها و لهذا، فالطلب على السلعة هو طلب مستقر.

5) التسعير على أساس معدل عائد على الإستثمار :
تتمثل هذه الطريقة في تحديد سعر البيع، بمحاولة الحصول على مستوى معين من عائد محدد على كمية الأموال المستثمرة في إنتاج و تسويق السلعة أوبمعنى آخر، أنّ هذه الطريقة تربط هامش الربح بمعدل العائد المخطط على رأس المال المستثمر.
و لتحديد السعر، يجب أوّلاً حساب نسبة الإضافة، ثم جمعها مع متوسط التكلفة للوحدة و ذلك على النحو الآتيتعليم_الجزائر1)

بإستخدام هذه المعادلة، فإنّ السعر يتحدّد في ضوء معدل العائد محددّ مقدّما، ممّا تشعر به المؤسسة وأنّه عادل و حق لها على كمية الأموال المستثمرة أوعلى رأس المال في إنتاج وتسويق السلعة.

و على الرغم من أنّ معدل العائد على الإستثمار كثيرا ما يستخدم كطريقة للتسعير، إلا أن له الكثير من العيوب الخطيرة، منها :
• يهمل جانب الطلب و أسعار المنافسين الآخرين في نفس المجال، وبالتالي فإن العائد لا يمكن ضمان تحققه في هذه الحالة ؛
• صعوبة تقدير التكاليف بدقة ؛
• يستخدم حجم المبيعات المقدّر لتحديد السعر و لكن حسب ما هو معروف أن السعر هو المحدّد الأساسي لحجم المبيعات.

و نلخص في الأخير، فتقول أنّ أهم مميزات و عيوب طريقة التكاليف كأساس لتحديد السعر تتمثل فيما يليتعليم_الجزائر2)
* المزايـــا :
• البساطـة ؛
• تقدير التكاليف أسهل من تقدير الطلب ؛
• تحدّ من المنافسة ؛
• تعتبر أكثر عدلا لكل من المنتج و المستهلك.

* العيـــوب :
• تمكن من تحديد الحد الأدنى للسعر في حين تجهل الحد الأقصى له؛
• صعوبة حساب تكلفة الوحدة بشكل دقيق ؛
• تعتمد على المعلومات الداخلية فقط و تهمل العوامل الخارجية المؤثرة ؛
• تهمل المتغيرات المطلوبة في السعر عند إنتقال السلعة من مرحلة إلى أخرى من مراحل حياتها.

المطلب الثاني : تحديد السعر على أساس الطلب :
إنّ طريقة التسعير على أساس تكاليف الإنتاج لا يمكن تجاوزها، إلاّ أنّ هناك بعض العوامل التي تساهم في التأثير على تحديد سعر السلعة، و من أهمها، حجم الطلب على سلعة معينة الذي ” يقوم على فكرة مرونة الطلب وإتجاهات و عادات المستهلكين و إدراكهم للأسعار و السلعة و الجودة بالسوق”.(1)
و في هذا المطلب سوف نرى كلّ ما يتعلق بالطلب و تحليله بالتفصيل.

1) تحليل الطلب :
” تمثل العلاقة بين الطلب و السعر نقطة الإرتكاز في نظرية السعر، إذ يمثل كلّ من جدول الطلب و منحنى الطلب – اللذان سيتم التطرق إليها بالشرح بعد قليل– الوسيلتان المستخدمتان لتوضيح العلاقة بين السعر و الطلب “.(2)
يلاحظ بصفة عامة، أنّ هناك علاقة عكسية بين السعر و الطلب، فكلـّما إنخفض السعر، كلمّا زادت الكمية المطلوبة. و نرى ذلك بصورة واضحة في السلع الجديدة، لكن في حالة السلع التفاخرية يمكن لهذه العلاقة أن تنقلب، لأنّ المستهلكون يفضلون السعر الأعلى، لأنّه يعطي أمان أكبر و مؤشر للجودة العالية، بحيث تزداد الكمية المباعة منها مع إرتفاع السعر، و نرى ذلك بوضوح في الشكل الموالي :

الشكل رقم (2) : منحنى طلب السلع التفاخرية
المصدر: الخطيب فهد سليم : ” مبادئ التسويق: الطبعة I : مفاهيم أساسية، دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع، عمان، الأردن (2000)، ص 113.

نلاحظ هنا، بأنّ منحنى الطلب يكون متصاعدا إلى أعلى إلى نقطة معينة ثم إلى إنخفاض الكمية المطلوبة.

2) منحنى الطلب :
تبحث معظم المؤسسات، إلى قياس العلاقة بين السعر و الحجم، فمنحنى الطلب هو أحد طرق عرض هذه الطريقة، و نفس المعلومات يمكن أن توضح في جدول الطلب، و الذي يحتوي على الكميات المشتراة عند كلّ من الأسعار المحتملة – و الذي سنتطرق إليه لاحقا –:
يبيّن الشكل التالي :

شكل رقم (3): منحنى الطلب

المصدر : ضياء مجيد :” نظرية السعر و إستخداماتها ” ، مؤسسة شباب الجامعة الإسكندرية (2000)، ص 43.

منحنىالطلب، حيث السعر مقاسا على المحور العمودي و الكمية المطلوبة على المحور الأفقي، حيث يزداد الطلب عند مستويات السعر المنخفض، كما يتأثر الطلب على السلع بعوامل أخرى غير السعر مثل : الدخل، أذواق المستهلكين، تحسين جودة السلعة، أو حتى التحسين في الحالة الإقتصادية، وتوزيع الدخل وغيرها، و نلاحظ أن أيُّ تحسن في هذه العوامل يؤدي إلى إنتقال منحنى الطلب بكامله إلى اليمين أي إلى الأعلى تغيير ، أو إلى اليسار أي إلى أسفل كما يوضحه الشكل التالي :

شكل رقم (4) : تأثير العوامل على السعر

المصدر : المساعد زكي خليل : ” التسويق في المفهوم الشامل” ، شركة مطابع الأرز، دار زهران، عمّان (1997)، ص 194.

في حالة إنتقال منحنى الطلب إلى أعلى، تزداد الكمية المباعة، عند نفس مستوى السعر، فلنفرض مثلا أن منحنى الطلب (ط1) عند مستوى السعر 8 دينارات فإن الكمية المطلوبة تكون 12 وحدة.
الآن نفترض أنّ المؤسسة، قامت بتطوير السلعة و تحسينها أو قامت بزيادة الإنفاق على الترويج، فإنّ تأثير هذه العوامل غير السعرية، سوف ينتقل منحنى الطلب بالكامل إلى الأعلى (ط3) و بالتالي سوف تزداد الكمية المطلوبة إلى 16 وحدة دون تغيير السعر.
كما أن إنخفاض سعر سلعة بديلة فإنّ المنحنى ينخفض أي ينتقل إلى أسفل وبالتالي سوف تنخفض الكمية المطلوبة إلى 08 وحدات دون تغيير في السعر.
3) جدول الطلب :
” يعتبر جدول الطلب، الذي يمثل أحد الإنجازات العديدة التي قام بها آلفريد مارشال بخصوص الأساليب المتبعة في نظرية السعر، عبارة عن تراكيب من الأسعار و الكميات “.(1)
و نجد لكلّ سعر كمية تقابله، تعبّر عن مقدار السلعة التي يتم الحصول عليها عند ذلك السعر و الجدول التالي يعطينا صورة مبسطة لجدول الطلب :
جدول رقم (1) : جدول الطلب
السعـــر الكميــة
12 دينارات
11 دينارات
10 دينارات
09 دينارات 1000 وحدة
2000 وحدة
3000 وحدة
4000 وحدة

و بالتالي فالجدول مثله مثل منحنى الطلب، فهو يمثل و يبين العلاقة بين متغيرين أي السعر و الطلب.
و هنا، يجب قراءة جدول الطلب كالتالي :
إذا كان السعر 12 دينار تكون الكمية المشتراة 1000 وحدة، أمّا إذا أصبح السعر 11 دينار عندئذ تصبح الكمية المشتراة 2000 وحدة. فعند مستوى سعر منخفض تزداد الكميات المشتراة في حين تقل هذه الكميات عند مستوى سعر مرتفع، و في الغالب نسمي هذه العلاقة العكسية بـ “قانون الطلب” و نستطيع شرحه كالآتي :
عند دخول المستهلكين إلى السوق، فإنّهم لا يذهبون إلى شراء كميات أكبر من السلعة، ما لم يكن السعر منخفض، فإنخفاض سعر سلعة ما، يجعلها جذابة في أعين المستهلكين الذين سبق لهم و أن إقتنوها، ممّا يدفعهم إلى شراء المزيد منها، كما يدفع الآخرين إلى إقتناء بعض الوحدات منها.
” إذن جدول الطلب لا يبّين ماذا يجب أن يكون عليه السعر لكنه يبين الكميات المشتراة عند أسعار مختلفة ” .(1)

4) مرونة الطلب :
لقد تم لحد الآن توضيح الطلب على أنه عبارة عن العلاقة العكسية بين السعر و الكمية المطلوبة، حيث تزداد الكميات المطلوبة عند المستويات المنخفضة للسعر.
و لكن السؤال المطروح هو : ما هو مقدار هذه الزيادة ؟ و للإجابة على مثل هذا السؤال يتطلب اللّجوء إلى مفهوم مرونة الطلب.
تعتبر مرونة الطلب من المفاهيم المتعارف عليها في موضوع المرونة. “ففي علم الإقتصاد، المرونة تمثل نسبة التغير النسبي بين عنصرين “(1) مرونة الطلب عبارة عن نسبة التغيرْ النسبي في الكمية المطلوبة للسلعة الناجم عن التغير النسبي في سعرها، “أي زيادة سعر البيع يلازمه مباشرة إنخفاض في كمية المبيعات وإنخفاض سعر البيع يؤدي إلى إرتفاع في حجم الطلب “.(2)
و المعادلة التالية تبين كيفية حسابها :
” إذا كانت :
Δ = التغيير، D = الكمية المطلوبة، P = السعر، فإنّ :

ΔD
المرونـة D ” (3)
ΔP
P
نستطيع إذن، ملاحظة فيما إذا كان إنخفاض أو إرتفاع السعر يقوم برفع الطلب أم لا، و نوضح ذلك بالمثال التالي :
عند إفتراض حصول إنخفاض في السعر بنسبة (- 1 %) مع حصول إرتفاع في الكمية بـ (2 %) عندئذ يمكن حساب المرونة كما يلي :

2 % -2%
م = ـــ = – 2 % و العكس بالنسبة لارتفاع السعر ـــ = -2%
-1% 1%

إنّ مرونة الطلب السعرية تمارس تأثيرا كبيرا على المؤسسات، حيث أنّها تؤثر على الإيرادات الحاصلة من أي تغيير في السعر، فمرونة الطلب يمكنها أن تكون معدومة، سالبة أو موجبة.
” فإذا كانت سالبة، هذا معناه أن الطلب على السلعة ينخفض عند رفع السعر.
عندما تكون المرونة معدومة، معناه أن الطلب ثابت مهما كان السعر.
و أخيرا، عندما تكون المرونة موجبة، معناه أن إرتفاع في السعر يؤدي إلى إرتفاع في الطلب، و هذه الحالة، نادرا ما تكون في الواقع ” (1) و حسب القيمة المطلقة لمرونة الطلب السعرية لدينا الحالات التالية :
• الطلب يكون غير مرن إذا كانت المرونة أصغر من 1 ؛
• الطلب يكون مرن في حالة ما إذا كانت المرونة أكبر من 1 ؛
• الطلب يكون صلب متماسك (Régide) إذا كانت المرونة تساوي 1.
فمـــثلا :
– إذا إنخفض الطلب بمقدار 10 % عند رفع السعر بـ 2 %، فإنّ المرونة تساوي – 5 في هذه الحالة تقول عليه أنه مرن.
– و إذا إنخفض الطلب بـ 2 % نتيجة زيادة السعر بـ 2 % فالمرونة تساوي – 1، في هذه الحالة نقول أن الطلب أقل مرونة أو متماسك.
– و أخيرا إذا إفترضنا أنّ الطلب إنخفض بمقدار 1 % نتيجة لإرتفاع السعر بـ 2 %، هنا فإنّ مرونة الطلب تساوي – 0,5.

و في هذه الحالة، الطلب يكون غير مرن.
و بالتالي نستطيع القول بأنّ كلمّا كان الطلب أقل مرونة، كلما كان بإمكان المؤسسة رفع الأسعار و العكس صحيح.
و الشكل الموالي يوضح هذه العلاقة، بحيث نلاحظ بأنّ في حالة الطلب المرن، أن نسبة التغيّر في الكمية تكون أكبر من نسبة التغير في السعر.
شكل (5-ب) : طلب مرن شكل (5-أ) : طلب غير مرن

P. Kotler et Dubois: « Marketing– Management 10éme édition, Publi-Union,Paris المصدر: Paris (2000), , P 468.

و ممّا سبق نستخلص بأنّ من المناسب على المؤسسة أن تعرف مرونة الطلب على سلعتها – بالنسبة للسلعة الموجودة في السوق عن طريق إحصائيات المبيعات التي تقوم بها مؤسسات خاصة و بالنسبة لسلعة جديدة عن طريق التحريات و الأسئلة – قبل أن تحدد أو تغّير سعرها.

5) الطرق المختلفة لتحليل و تقدير الطلب :
إذا كان من الممكن معرفة بالتحديد منحنى الطلب و مرونته السعرية بالنسبة لسلعة ما، و بالتالي تقدير حجم المبيعات بالتدقيق لكل منّ الأسعار المراد وضعها، فإنّ مشكلة تحديد السعر تصبح مسألة سهلة و بسيطة للغاية.
” لكن في الواقع العملي أو في الميدان التطبيقي، لا نستطيع معرفة هذا المنحنى كليّا، و لهذا فالمؤسسة يمكن لها أن تتنبأ فقط بحجم المبيعات لسعر أو الأسعار الممكنة” .(1)
و لهذا، هناك العديد من الطرائق و الأساليب التي يمكن إستعمالها في تقدير و تنبؤ الطلب و تحليله.

• طرق تعتمد على الحكم الشخصي و ما يقوله الآخرين :
تعتبر هذه الطريقة أبسط الطرائق المستخدمة في تقدير الطلب.
فالكثير من المديرين يعتمدون على خبراتهم إلى جانب خبرات الآخرين في تكوين بعض الإتجاهات عن مستقبل الطلب على السلع.
و بالإضافة إلى ذلك، فقد تقوم المؤسسة بإستطلاع أداء المجموعات الموجودة في السوق و تكون على علم بمتغيراته، و من بين هذه المجموعات نجد : المستهلكين، رجال البيع، رجال الإدارة العليا، …إلخ.
فبدراسة المستهلكين المرتقبين و معرفة إحتياجات و مقاصد المشترين، يعتبر من أفضل المصادر التي يمكن الإعتماد عليها في هذا الصدد.
فعن طريق البحث التسويقي الميداني، يمكن للمؤسسة تحديد المشترين المحتملين و مقابلتهم و طرح عليهم بعض الأسئلة مثل :
– أسباب الشراء ؛
– إحياجاتهم من السلعة ؛
– السعر الذي يمكن أن يدفعوه في سبيل الحصول على السلعة.

كما أنّ أراء طبقة التجار و الموزعين الذين يتعاملون في هذا السوق ورجال البيع يمثل من الأساليب المهمة للتقدير بالطلب، بحيث أنّ الأفراد الذين يكونون بصلة بسوق السلعة، هم أقدر مَنِْ يقوم بالتنبؤ بالطلب و المبيعات، وذلك خلال الفترة الزمنية المقبلة.

• الطرائق الإحصائية :
عندما نريد البحث أو تقدير مرونة الطلب السعرية لسلعة موجودة في السوق، و التي قد بيعت بأسعار مختلفة، نستطيع أن نتستعمل في بعض الأحيان هذه الطريقة، و خاصة و إن لديها العديد من الأساليب المتقدمة ” التي تبحث في العلاقات بين المتغيرات المختلفة التي تؤثر في الطلب”.(1)
و من بين هذه الأساليب :
– تحليل الإرتباط و الإنحدار ؛
– السلاسل الزمنية و هي الأكثر شيوعا و إستعمالا ؛
– المتوسطات … إلخ.

• المتاجر و الأسواق الشاهدة :
وأخيرا الطريقة الأكثر دقّة – و لكنها تكلف كثيرا و صعبة التطبيق – لقياس مرونة الطلب السعرية.
و تتمثل هذه الطريقة في بيع السلعة التي تهمنا و وضعها في نقاط بيع متعددة أو في مناطق جغرافية مختلفة و بأسعار مختلفة حسب المتاجر أوالمناطق.
و من أجل الحصول على نتائج من هذه الطريقة يجب :
– ” أن نتفقد دائما و نقارن بين مختلف المتاجر أو المناطق الجغرافية، هذا معناه التأكد من أن سعر السلعة المعنية، هو العنصر الوحيد الذي يتغير و العناصر الأخرى تكون ثابتة ؛
– الحصول على معلومات دقيقة، فيما يتعلق بحجم مبيعات السلعة المعنية والسلع المنافسة خلال فترة التجربة “.(2)

و في ضوء الطرائق و الأساليب السابقة الذكر، يمكن تقدير الطلب المتوقع و تقدير كميات المبيعات المنتظرة على أساس أسعار مختلفة.

المطلب الثالث : تحديد السعر على أساس المنافسة :
إن العامل الثالث الذي يجب على مسؤول التسويق أن يأخذه بعين الإعتبار من أجل تحديد سعر سلعة ما، هو سلوك منافسيه أو بصفة عامة المنافسة.
و عليه، فإن المنتج يبدأ بدراسة ظروف المنافسة بإستقطاب البيانات والمعلومات اللازمة و التي تحيط بجوانب السلعة المنافسة و أسعارها و تقدير حجم الطلب الكلي عليها، مع التنبؤ بدخول منافسين جدد.
ثم بعد ذلك يقوم بمقارنة سلعته بسلع المنافسين من حيث الخصائص والمميزات و تقدير أهميتها لدى المستهلكين و مدى إستعدادهم لدفع مبلغ إضافي مقابل هذه الخصائص، و على غرار هاتين الخطوتين يمكن تحديد سعر مبدئي للسلعة. و إنطلاقا من هذا السعر يمكن للمنتج أن يقوم بدراسة التكاليف و بالتالي تحديد نسبة الربح الممكنة، و إذا كانت هذه النسبة قليلة أو غير مقبولة، على المنتج أن يختار بين سبيلين، إمّا أن يرفع في السعر و هذا أمر صعب خشية كساد سلعته نظرا لإرتفاع سعرها مقارنة بأسعار المنافسين، و إمّا تدنية (تخفيض) التكلفة و ذلك عن طريق تغيير طرائق و أساليب الإنتاج، و تغيير شكل العبوة، فإن عجز فلا مفر له إلاّ أن يسلك أحد الطرائق الثلاثة التالية :
– أن ينصرف من إنتاج السلعة ؛
– أن يبحث لها عن سوق أخرى ؛
– أن يبيعها بأقل من سعر تكلفتها مجازيا في ذلك المنافسين مع تعويض الخسائر الناجمة من سلع أخرى رائجة.

” و كلمّا إشتدت حدّة المنافسة، كلمّا قلت الفرصة أمام المؤسسة في تحديد أسعارها بعيدة عن أسعار المنافسين، و الخروج عن متوسط الأسعار السائدة سيؤدي إلى هبوط كبير في المبيعات “(1) . ” بسبب حدّة المنافسة العالمية، هذه الطريقة لتحديد السعر، تعتبر الأكثر شيوعا و إستخداما في السنوات العشر الأخيرة ” .(2) و هذا لأسباب منها : صعوبة تقدير التكاليف و مرونة الطلب ، تجنب الحروب السعرية.
كما أنّ لهذه الطريقة عدّة سلبيات منها :
– المؤسسة تخضع دائما للمؤسسات المنافسة، و غالبا ما تجد نفسها في موضع حيث لا تحقق أيّ ربح أو تحقق فقط القليل منه، لأنّها لا تأخذ تكاليف الإنتاج بعين الإعتبار.
كما أنّ إحداث أيّ تغير في أسعار المنافسين يجبر المؤسسة على رد فعل؛
– كما أن هذه الطريقة لا تستند بالقدر الكافي إلى الخصائص و المميزات التي تختلف فيها السلع المتنافسة و التي يراها المستهلك.

المطلب الرابع : تحديد السعر على أساس العملاء :
تعتبر هذه الطريقة من أحدث الطرق لتحديد سعر بيع السلعة.
و هنا يجب على المؤسسة أن تحدّد القيمة التي يدركها المستهلك أو ينسبها للسلعة أو الخدمة المراد شرائها.
حيث تستخدم المؤسسة هذه القيمة كحد أقصى لتحديد السعر، و لبناءها تستعمل متغيرات غير سعرية في مزيجها التسويقي، و بعد ذلك تحدد المؤسسة السعر المناسب الذي يلائم السلعة، على أساس القيمة المدركة من قبل المستهلكين.
و يوجد عدّة طرق لقياس هذه القيمة (مباشرو أو غير مباشرة).
” فالطريقة المباشرة تتمثل في الطلب من المستهلكين نفسهم وضع القيمة التي يرونها مناسبة للسلعة المراد شراءها أو إقتناءها و هناك 03 تقنيات يمكن إستخدامها :

• طريقة التقييم : العملاء هم الذين يحدّدون السعر المناسب للسلعة والذي يطابق أو يتماشى مع قيمتها.
• طريقة المجاميع الثابتة : المشتري يوزع 100 نقطة بين عدة سلع منافسة حسب قيمهم المدركة.
• طريقة الصفات (Attribut) : تقوم هذه الطريقة على تقييم كلّ سلعة على مجموعة من الصفات بتوزيع 100 نقطة لكل منها بين مختلف السلع.

فلنفترض أن نتائج المتحصل عليها لـ 03 سلع هي كالتالي :
جدول رقم (2) : طريقة الصفات
السلع
A B C مجموع الصفات أهمية الصفات
.20
.33
.25
.20 .40
.33
.25
.35 .40
.33
.50
.45 صلابة السلع و مدة بقاءها
ضمانة السلعة (Fiabilité )
إحترام مواعيد التسليم
الخدمة بعد البيع .25
.30
.30
.15
24,9 32,65 41,65 القيمة المدركة Valeur Perçu .100

و بضرب النتائج المتحصل عليها لكلّ سلعة في نقاط أهمية الصفات مقسومة على 100، نجد بأنّ السلعة A تتمتع بقيمة مدركة (Valeur Perçus) فوق المعدل.
و إذا إفترضنا أن السعر المقدم هو 500 دينار، المؤسسة المنتجة للسلعة A تستطيع تحديد سعر أعلى منه بإعتبار قيمة هذه السلعة” .(1) و ككل الطرق، لديها سلبيات و إيجابيات :
• من إيجابياتها : نجد أنّ هذه الطريقة واقعية، بما أنها تأخذ بعين الإعتبار وجهة نظر المستهلك و كيفية إتخاذه لقرار الشراء.
و بإستخدامها، فإن المؤسسة تطلب من المستهلك أن يدفع مقابل مجموع المنافع و القيم التي يراها في السلعة.
• و من سلبياتها: نجد بأنّ هذا الأسلوب لتحديد السعر صعب التطبيق، لأنّه ليس سهلا الإحاطة بالمنافع التي يبحث عليها المستهلك.

المبحث الثالث : إستراتيجيات التسعير
و يقصد بها : ” الوسائل التي تستخدمها المؤسسة في المناورة السعرية داخل السوق” (1) فعلى الرغم من أن المؤسسة تقوم بكلّ الخطوات اللازمة، فإنّ إتخاذ قرار فيما يخص الإستراتيجية التي تتبع في التسعير تكون في غاية الصعوبة، و عليه فإنّ هدف إستراتيجية التسعير يتمثل في معرفة و تنظيم المتغيّرات.
ففي حالة إنخفاض أو إرتفاع في نسب السعر تعتمد على إستراتيجيات، تمكنها من تغيير وضع المؤسسة للتأقلم مع منافسيها.
وبالتالي سنعالج الإشكالية التالية:
ـ كيف تقوم المؤسسة بتسعير السلع الجديدة من جهة و تشكيلة سلعية من جهة أخرى؟

المطلب الأول : تسعير السلع الجديدة :
تختلف ظروف السلعة الجديدة عن غيرها من السلع، فبالإضافة إلى عدم توفر الخبرة و المعلومات الكافية لدى المؤسسة عن ظروف السوق و المنافسة و التكلفة – كما رأينا سابقا – فإنّ السلعة تصحبها درجة من مخاطر عدم التأكد فيما يخص ” ردود فعل المستهلكين و مدى تقبلهم للسلعة، كما أن هذه الحالة الإستثنائية مهمة، لأنّها تجبر المؤسسة في أغلب الأحيان إلى مواجهة الطرق الثلاث لتحديد السعر، على أساس: المنافسة، العملاء و التكاليف ” .(2)
و بعد تحليل كلّ من هذه العوامل (التكاليف، المنافسة و الطلب)، يجب على المؤسسة أن تختار بين إستراتيجيتين :
• إستراتيجية ذات سعر مبدئي مرتفع (استراتيجية كشط السوق) Ecrémage أو
• إستراتيجية ذات سعر منخفض من البداية، الذي يسمح للمؤسسة بإختراق السوق (استراتيجية إختراق السوق) Pénétration.
و فيما يلي سنرى كلّ من هاتين الإستراتيجيتين بالتفصيل.

1) إستراتيجية كشط السوق : (Ecrémage)
تقوم هذه الإستراتيجية على بيع السلعة الجديدة بسعر مرتفع منذ البداية، أي مباشرة مع تقديم السلعة إلى السوق لأول مرة، من أجل كشط العوائد وإستعادة المبلغ المستثمر و تغطية التكاليف المرتبطة بالبحوث و التطوير.
فمع ” وجود السلعة الجديدة في السوق، هناك مجموعة من المستهلكين مستعدون لدفع أسعار أعلى حتى تشبع دوافع الإمتياز” (1) و هنا يمكن للمؤسسة أن تعرض سلعتها قبل دخول منافسين جدد. بعد ذلك، فإنّ السعر ينخفض للبحث عن الإستقرار و تقدّم السلعة إلى سوق أوسع.
تعتبر إستراتيجية كشط السوق، إستراتيجية فعّالة عندما تكون السلعة غير قابلة، أو غير سهلة التقليد من طرف المنافسين.
” إذن هذه الإستراتيجية غالبا ما تتبناها المؤسسة في حالة إنتاج سلع ذات مستوى عالي من التكنولوجيا و ينجر عنها تكاليف البحث و التطوير مرتفعة نوعا ما” .(2)
و منه نستخلص أنّ المؤسسة تستخدم هذه الإستراتيجية، عندما تكون تكاليف تقديم السلعة إلى السوق مرتفعة، و عندما تريد المؤسسة إستعادة المصاريف المنفقة وتحقيق أكبر ربح ممكن.
و خلاصة القول، لكي تحقق إستراتيجية الكشط أهدافها، يجب تعليم_الجزائر3)
– أن يكون الطلب على السلعة غير مرن و إلاّ فإن السعر المرتفع لن يجذب عددا كافيا من المشترين ؛
– أن تكون السلعة فريدة من نوعها و ذلك مثلما حدث مع تقديم الستريو الشخصي لأول مرة أو الهاتف المحمول ؛
– أن يتوافر في السوق عدد كاف من المشترين على إستعداد لدفع السعر المرتفع؛
– أن يكون السعر المرتفع مانعا للمنافسين من دخول سوق السلعة ؛
– أن يعكس السعر المرتفع جودة مرتفعة للسلعة.
و نوضح هذه الإستراتيجية بالتمثيل البياني التالي :

شكل رقم (6) : إستراتيجية كشط السوق

Source : R.Y.DARMON et Autres : « Le Marketing, Fondement et Application » 5éme édition,Chenelière/ MC. Graw-Hill, (1996), P 444.

2) إستراتيجية إختراق السوق : (Pénétration)
بعكس إستراتيجية الكشط، فإنّ هذه الإستراتيجية، تقوم على قيام المؤسسة بتحديد سعر منخفض للسلعة الجديدة و الذي لا يغطي في البداية كلّ التكاليف، ولكن يسمح بأخذ حصة كبيرة من السوق و إبعاد المنافسين عنها.
فالمؤسسة تخفض سعرها للوصول إلى جميع فئات السوق، و ذلك بتعظيم الكمية و ليس الربح، و أيضا من أجل إنقاذ سلعها من الشيخوخة المبكرة أوالموت.
إن إختيار مثل هذه الإستراتيجية تنصح في أربع حالات : (1)
– عندما يتأثر حجم المبيعات بالسعر (عامل المرونة مرتفع) ؛
– تكلفة الوحدة الواحدة للإنتاج و التوزيع تنخفض عند إرتفاع حجم الإنتاج؛
– عندما يكون السعر منخفض فإن هذا لا يشجع المنافسين الحقيقيين أوالمحتملين ؛
– عند عدم وجود جزء من السوق أين يتقبل المستهلك سعر مرتفع من أجل إقتناء السلعة الجديدة.
و يلاحظ أن إستراتيجية إختراق السوق ليست بديلا لسياسة كشط السوق، أي أن المؤسسة إذا أرادت أن تنبنى إحدى الإستراتيجيات، هذا لا يمنع من إتباع أخرى.
من بين إيجابيات هذه الإستراتيجية، نجد أنّ المؤسسة تحتل موضع قوة في السوق، و تستطيع إستغلالها في الوقت المناسب، كما أنّ إختراق السوق، لا يشجع المنافسين على دخول سوق تلك السلعة. لكن الشيء السلبي في إتباع المؤسسة لهذه الإستراتيجية، هو أنّها تكلف كثيرا، و تتطلب إستثمارات كبيرة ووجود حجم عالي من المخزونات.
يمكن تمثيل هذه الإستراتيجية بيانيا كما يلي :
شكل رقم (7) : إستراتيجية إختراق السوق

Source : R.Y.DARMON et Autres : « le Marketing, Fondements et Application, 5éme édition Chenelière/ MC . Graw-Hill (1996), P 445.

نستخلص ممّا سبق، بأنّ المؤسسة لديها الخيار، بين إستراتيجية الكشط التي تسمح بالحصول على الربح من كلّ سلعة مباعة من أوّل مرّة تطرح في السوق، وبين إستراتيجية الإختراق التي تسمح للمؤسسة أن تجمع أرباح ومردودية معتبرة لكن على المدى الطويل فقط.

و الجدول التالي يبين لنا المقارنة الموجودة بين الإستراتيجيتين :
جدول رقم (3) : المقارنة بين الإستراتيجيتين
الإستراتيجية مستوى السعر الأهداف الشروط
إختراق السوق منخفض الحصول على أكبر حصة في السوق (إذن إنخفاض تكلفة الوحدة الواحدة للإنتاج) و تعظيم الربح على المدى الطويل. الطلب يجب أن يكون حساس للأسعار (طلب مرن).
كشط السوق أسعار مرتفعة ربح وحدوي معتبر على المدى القصير. – عدم مرونة الطلب بالنسبة للسعر.
– تقدم تكنولوجي (لأن السلعة صعبة التقليد)، يوجد عدد كافي من المشترين بهذا السعر المرتفع.
– سلع ذات جودة عالية.

Source : J.P.Bertrand : « Techniques Commercial et Marketing », Berti édition (1994), P125.

المطلب الثاني : تسعير مجموعة سلعية و تشكيلة السلعة
(Gamme de Produits)

لا تقتصر أغلب مبيعات المؤسسات على سلعة واحدة، و لكن يتعداه إلى خط من السلع أو بما يعرف بتشكيلة سلعية أو السلعة، و المقصود من ” التشكيلة هي تلك التشكيلة من الأنواع و الأشكال المختلفة التي تنتجها المؤسسة الواحدة من نفس السلعة أو السلع التي تتعامل فيها” .(1)
و منه فالتشكيلة هي مجموعة سلعية ذات إرتباط فيما بينها من الناحية الفنية الإنتاجية و من ناحية الهدف و الإستخدام. كالمؤسسة التي تنتج مجموعة سلعية مكونة من الراديو، التلفزيون و المسجل مثلا … إلخ.
إن تحديد سعر مجموعة سلعية، يعتبر أحد المشاكل التي يجب على المؤسسة مواجهتها، و هذا راجع، من جهة إلى إرتباط هذه المجموعة السلعية بمستوى الطلب و التكاليف، و من جهة أخرى خضوعها إلى عدّة أشكال من المنافسة.
بما أنّ التشكيلة السلعية مرتبطة فيما بينها من عدّة نواحي، فهذا يقتضي أن يكون السعر هو الآخر ذو إرتباط بين السلع التشكيلية.
فإذا تمّ تسعير كل نوع على حدى، فإنه يخضع لطرق التسعير السابق ذكرها في المبحث السابق.
لكن عندما تبيع المؤسسة تشكيلة سلعية مرتبطة فيما بينها، يجب أن يكون تحديد سعر البيع لكل سلعة بطريقة تمكنّها من تعظيم أو زيادة ربح كل التشكيلة ولا كل سلعة على حدى.
و بوجود هذه العلاقة الوطيدة بين سلعة و أخرى، نقول في هذه الحالة، بأنّ السلعة إمّا بديله أو مكمّلة.

1) تسعير السلع المشابهة أو البديلة :
السلعة البديلة، هي التي تحتل محلّ سلعة أخرى شبيهة بها، بحيث تمثل الإختيار المتوفر أمام المستهلك، و تجعله في مركز يفضل بديل عن آخر ما دامت السلعة تؤدي نفس المنفعة، و ذلك لخصائص معينة، و معظم هذه السلع مميزة وتحمل علامات تجارية خاصة بها. و لذلك يحدد كلّ منتج السعر الذي يناسبه، وتختلف الأسعار بإختلاف علاماتها التجارية مما يجعل مقارنة المستهلك بين الأسعار المعروضة أمامه أمرا صعبا، و يمكن التأثير على السعر في هذه الحالة إمّا بتخفيض السلع المعروضة، سواء بتخزينها مؤقتا أو التخفيض من إنتاجها و إمّا برفع حجم البيع منها، و ذلك برفع الطلب عليها عن طريق إرشاد المستهلكين للفوائد الجديدة بالسلعة البديلة. كما أنّ هذه السلع البديلة والتي تحقق نفس منفعة السلع الأخرى من نفس المجموعة أو التشكيلة، قد تتنافس فيما بينها و هذا ما يسمى بـ (Cannibatisation)و هذه الظاهرة يمكن للمؤسسة أن تتقبلها في حالة عدم المساس بالأهداف العامة بها.

2) تسعير السلع المكملة :
و هي مجموعة السلع الفردية التي تربط بينها علاقة مشتركة، و تطلب من طرف المستهلك سويـّة، فلا غنى عن نوع دون الآخر مثل جهاز الفيديو وأشرطة الفيديو … إلخ.
و هنا تقع على عاتق المؤسسة عند القيام بالتسعير، مسؤولية ما إذا كانت تستعمل علامة مستقلة لكلّ سلعة على حدى أو علامة واحدة لجميع السلع (علامة الأسرة).
و في غالب الأحيان تستعمل العلامة الأخيرة بشرط أن تكون السلع المكملة ذات جودة، حتى لا تتسبب الرديئة في تنفير المستهلكين من السلع ذات الجودة العالية، إذ أن السعر في هذه الحالة يتحدد على أساس درجة جودتها.
كما يلعب كلّ من الطلب و العرض دورا أساسيا في تحديد أسعار هذه السلع في السوق و لذلك يتغيرّ سعرها من حين إلى آخر.
و دائما في تسعير تشكيلة سلعية (Gamme de Produit)، فإنّ فليب كوتلر (Philipe. Kotler) يميز ستة (06) حالات : (1)

• سعر المجموعة : Les Prix de Gamme
كما أشرنا سابقا، فإنّ المؤسسة نادرا ما تبيع أو تنتج نوع واحد من سلعة. والسؤال المطروح هو : ما هو السعر المناسب للمجموعة ككلّ ؟
و لهذا الغرض، فإنّ الأسعار المختارة، يجب أن تأخذ بعين الإعتبار الإختلافات الموجودة في التكاليف، تقدير العملاء أو المشترين المرتقبين وأسعار المنافسين الآخرين.
إذا كان الفرق بين نموذجين متتاليين ضعيف فإنّ الطلب سوف يكون على النموذج أو الطراز الأكثر تطورا، و العكس صحيح.
و غالبا ما تقوم المؤسسة بوضع نظام التنقيط و الذي يسمح لها بحساب الأسعار المناسبة.

• الإختيارات : Les Options
العديد من المؤسسات تعرض إختيارات عديدة من السلع المكمّلة للسلعة النموذجية أو الرئيسية، فمثل المستهلك الذي يريد شراء سيارة فأمامه العديد من أنواع السيارات و الخيارات، إنّ تسعير هذه الخيارات ليس من الأمر السهل، فهناك الكثير من المنتجين يضعون أسعار مغرية تجذب المستهلك بالنسبة للنموذج الأساسي في قاعات العرض (Halls d’Exposition ).
تقوم بتطبيق مثل هذه الإستراتيجية ، المطاعم بحيث يعرضون مع الطبق الرئيسي، أطباقا أخرى ثانوية تتماشى معه، كالمشروبات و المرطبات، فيقوم المطعم بوضع سعر منخفض للوجبة لتغطية التكاليف التي يتحملها و سعر عالي للمشروبات.

• السلع المرتبطة : Les Produits liés
في بعض الحالات : السلعة الأساسية تتطلب سلعا أخرى للقيام بوضيفتها، وتصبح صالحة الإستعمال، مثل أشرطة التصوير تتطلب آلة التصوير و شفر الحلاقة. إذن هذه الإستراتيجية ترتكز على أسعار منخفضة بالنسبة للسلع الأساسية من أجل تسهيل عبور السلعة إلى المستهلك، و وضع أسعار مرتفعة بالنسبة للمواد التي تتبعها.
مؤسسة Kodak و Gilette تستعمل هذه الطريقة منذ مدّة طويلة.
حيث تضع أسعار منخفضة للكاميرات و ترفع أسعار الأفلام التي تُسْتخدْمَ معها.

• أسعار مزدوجة Double Détente
غالبا ما تتبنى المؤسسات الخدماتية هذه الطريقة، والتي تتمثل في تسعير خدمة أساسية، و أيّة خدمة إضافية تقدّمها المؤسسة، سوف يدفع سعرها المستهلك، و كلّ هذا في سعر واحد.
هناك بعض حدائق التسلية تطلب من الزوّار دفع حق الدخول مع سعر إضافي، إذا ما تجاوزت العدد المحدّد من الألعاب .

 السلع الثانوية: ( Sous produit )
توجد هذه السلع الثانوية خاصة في المجازر ( مجازر اللحوم)، مصانع تكرير المواد الخام و عند إنتاج سلع أخرى عديدة .
في بعض الأحيان تكون قابلة للبيع و في أحيان أخرى لا تكون قابلة للبيع.
ففي الحالة الأولى، يجب أن يغطي السعر على الأقل التكاليف الناتجة عن إنتاجه.
إنّ هذه السلع التي تنبع من إنتاج السلعة الأساسية تسمح بتخفيض سعرها ومنه توسيع حصة السوق.

 أسعار السلع بالجملة : ( par lots ) :
بعض المنتجين، يفضلون عرض سلعهم بالجملة، من أجل تسعير شامل، فمثلا منظمي الحفلات، تمنح لزبائنها بطاقات للمشاركة ( Abonnement ) بسعر منخفض مقارنة مع التذاكر الفردية .
و الهدف هنا، هو العمل على جذب عملاء دائمين من أجل تسهيل عملية تقدير المبيعات و تسيير الخزينة.

المطلب الثالث : استراتيجيات أخرى للتسعير :
بالرغم من شيوع استخدام الاستراتيجيات السابقة الذكر، وخاصة استراتيجية كشط السوق و التمكن من السوق كمدخل للتسعير إلاّ أنّها لا تغطي المدى الواسع لاستراتيجيات التسعير .
و في هذا الصدد يمكن التمييز بين عدّة استراتيجيات .

أولا: التسعير النفسي :
تقوم هذه الاستراتيجية على تشجيع الشراء بناءا على الاستجابات العاطفية أكثر من الاستجابات العقلية، بحيث يؤثر أسعار بعض السلع من الناحية النفسية للمستهلكين.
فبعض الأسعار قد تكون لدى الفرد مقبولة من الناحية النفسية و البعض الأخر لا يؤثر على المستهلك في قبوله للسعر .
و تستخدم هذه الاستراتيجية عادة على مستوى تجارة التجزئة، و من أشكالها:
* الأسعار الكسرية أو العشرية التي سبق و أشرنا إليها، فعلى الرغم من الفرق الفعلي بين السعرين – مثلا تسعير سلعة معنية فلتكن جهاز تلفزيون بـ 3999 دينار بدلا من 4000 دينار- وقليل و يسير للغاية، إلاّ أن الفرق النفسي كبيرا جدا، بحيث يكون لدى المستهلك إنطباعأنّ السعر قد تم تخفيضه .
و بالرغم من أنّ الجانب الأساسي و الرئيسي للسعر النفسي، هو الإيحاء للمستهلك بانخفاض سعر السلعة، فإنّه يمكن استخدام هذه الاستراتيجية لتدعيم بين السعر و الجودة ، بحيث يعتبر المستهلك، السعر كمؤشر للجودة العالية، فبعض السلع ذات الأسعار العالية توحي بجودة عالية، مثل : المجوهرات، العطور، السيارات ، الرياضية .

ثانيا :أسعار المكانة أو التفاخر ( prestige ):
” يعتبر التسعير أحد الأدوات التي يمكن استخدامها بكفاءة في تحديد الصورة الذهنية لسلعة معينة ” .(1)
بموجب هذه الاستراتيجية، يتم وضع سعرا مرتفعا للمؤسسة بهدف إظهار عملية التفاخر و التي تعكس المكانة التي سوف تعطيها السلعة للمستهلك، ونرى هذا جليا في العديد من المؤسسات القائدة في السوق أو التي تتمتع بشهرة واسعة بجودة سلعها .
مثل مؤسسة ” رولزرويس ” الإنجليزية التي تضع أسعار لسياراتها على أساس أن مشتري هذه السيارة سوف يقتنع بمركز و مكانة معينة، و يدل اقتناءه للسلعة،على انتماءه لطبقة اجتماعية معينة .
و سلع التفاخر لا تنطبق عليها نظرية الطلب إذ تعتبر مستثناة ، – كما سبق و أشرنا إليه – بمعنى انخفاض أسعار السلع يؤدي إلى انخفاض الطلب عليها.

ثالثا: استراتيجية التمييز السعري:
تعنى هذه الاستراتيجية، بيع السلعة أو الخدمة بسعرين أو أكثر، و هذا الاختلاف ليس له مبرر من حيث التكلفة، و لا يمكن إنجاح هذه الطريقة إلاّ في حالة سوق الاحتكارية و ليسن الضروري أن يكون احتكاراً كاملا فقط، بل يجب أن يكون هناك قوّة احتكارية على الأقل للمؤسسة المنتجة.
يأخذ التسعير التمييزي عدّة أشكال منها :

1) التمييز بين المستهلكين: و هذا النوع نراه عندما تعطي المؤسسة لكلّ مجموعة من المستهلكين، سعر مختلف لنفس السلعة أو الخدمة. مثلاً : رسّوم دخول المسارح تكون أقل في حالة المواطنين و أعلى للأجـانب ،كذلك الأسعار المختلفة للطلبة ، العسكرين، المتقاعدين…إلخ.
2) التمييز بين السلع : يكون عندما يقرر المنتج أن يبيع بأسعار مختلفة لنفس السلعة مع اختلافات طفيفة .

على سبيل المثال: تعبئة نفس النوع و الكمية من العطر في زجاجات مختلفة، من حيث التصميم و إعطاءها أسعار مختلفة .

3) التسعير على أساس المواقع: هذا النوع من التسعير التمييزي منتشر كثيراً حيث يعطي لكلّ موقع، سعر مختلف على الرغم من أن تكلفة التقديم في كلّ موقع متساوية ” (1)، و هذا راجع إلى الاختلافات الموجودة في الطلب لمختلف المواقع.
فمثلا سعر التذكرة في الصفوف الأساسية مرتفع بالنسبة لسعر التذكرة في الصفوف الخلفية .

4) التسعير على أساس الوقت: حيث تتفاوت أسعار السلعة على أساس دورة حياتها بين الفصول، الأيام و أحيانا حتى الساعات.

على سبيل المثال: أسعار الخدمات مثل الكهرباء ، المكالمات الهاتفية تتفاوت و تختلف ما بين الليل و النهار و بين أيام الأسبوع ( أيام عطلية).

رابعا: التسعير على أساس منحنى الخبرة :

تقوم المؤسسات بموجب هذه الإستراتيجية بتثبيت الأسعار عند مستوى منخفض. لا يستطيع المنافس صاحب التكلفة المالية على محاكاته. و بالتالي فإن المؤسسات التي تستخدم منحنى الخبرة لتسعير سلعها سيتحصل على حصة سوقية كبيرة، الأمر الذي يؤدي فيما بعد إلى تخفيض التكاليف و بالتالي تحقيق أرباح معقولة. و تستطيع المؤسسة تطبيق هذا الأسلوب في حالة تراكم الخبرة الإنتاجية لديها وإستطاعتها تخفيض تكلفة الإنتاج بها، عن طريق الإعتماد على آلات و معدات ومهارات و طرق أكثر تطورا.(1)

يوضح لنا منحنى الخبرة أو التجربة، العلاقة العكسية الموجودة بين تكلفة الإنتاج للوحدة و حجم الإنتاج، و للإستفادة من هذا المنحنى يجب أن تكون لدى المؤسسة حصة سوقية كبيرة في المراحل الأولى لدورة حياة السلعة.

و من مزايا هذه الطريقة، حث المستهلكين على الإقبال لشراء السلع والخدمات نتيجة لإنخفاض أسعارها.

المبحث الرابع : إدارة السعر :
قد تستقر المؤسسة على بيع تشكيلتها السلعية بسعر موّحد أو ثابت ولجميع عملائها. فهذا لا يعني أنها لا تعدل من سعرها مواكبة للظروف التي تحيط بها.
و في هذا المبحث سوف نستعرض كيفية تعديل و تغيير السعر و هو ما يعرف بإدارة السعر، لكن قبل ذلك سوف نرى أوّلا سياسة السعر الموحد أوالثابت.
سيعالج هذا المبحث الإشكالية الجزئية التالية:
ـ ما هي سياسة البيع بسعر واحد و سياسة السعر المتغيّر ؟ ومتى تقوم المؤسسة بذلك ؟

المطلب الأول : سياسة البيع بسعر موحد :
و تتضمن هذه السياسة، تحديد سعر بيع موّحد لجميع تجار الجملة والتجزئة و المستهلكين، و ذلك بغض النظر عن الكمية التي يشترونها وأنواعها، و تتميز هذه السياسة كونها أكثر ثبوتا و شيوعا. و كذلك كونها سهلة التنفيذ و تبين العلاقة الموجودة بين المنتج أو المؤسسة و المشتري سواء كان البيع بالجملة أو بالتجزئة.
“يرغب المنتج بهذه السياسة إلى عدم تمكين الموزعين من بيع الإنتاج إلى المستهلكين بأسعار عالية جدا، حتى لا يقل الطلب، أو بأسعار منخفضة جدا حتى لا تقل ثقة العملاء في جودة الإنتاج”(1)
كما تضمن هذه السياسة للموزعين، أنّ الأسعار المحددة، تكفي لتغطية هامش ربح معقول، و أنّ السوق التي يخدمونها لا تخضع لأيّة منافسة سعرية.
و بالرغم من فوائدها، فإن هذه السياسة، تهمل السعر كعنصر من العناصر المهمة للترويج و تكتفي بتركيز كل إهتمامها على مميزات و خصائص تلك السلع، كما أنها تبعد إتباع أسلوب المساومة أثناء عملية الشراء.
كما تتجاهل أيضا هذه السياسة إختلاف المصاريف الإدارية و البيعية من موزع إلى آخر نتيجة للإختلاف في حجم المؤسسة و موقعها و شهرتها و قدرة الموظفين و المسؤولين على إدارتها، و غيرها من العوامل الأخرى.

المطلب الثاني : سياسة السعر المتغير أو سياسة تعديل السعر :
معناها عرض نفس السلعة لكن بأسعار مختلفة بناءاً على ظروف وإعتبارات خاصة.
إنّ قرار تعديل المؤسسة لسعرها يتطلب تبليغة للغير، من الموزعين والعملاء و رجال البيع، لكي تتم عملية الإجراء في وقت واحد مع مراعاة ردود فعل المنافسين و المستهلكين، فغالبا ما يفسرون هذا القرار كسلوك جديد من قبل المؤسسة.
و إستراتيجية تعديل السعر، لا يمكن أن تتم بطريقة عشوائية دون مبررات جوهرية و منطق مقبول و إلاّ تترتب عليه آثار ضارة بالمؤسسة.
و من بين هذه المبررات نجد :

• رفع مستوى الربح : قد تتغير العوامل التي على أساسها حدّد السعر الأصلي، مما يدفع بالمؤسسة من جديد لمراجعة سياستها السعرية.
• التغير في التكلفة : التكلفة دائمة التغير تبعا لتغير الأحوال الإقتصادية مما يقابلها تغير في السعر.
• زيادة درجة إختراق السوق : و ذلك بغية زيادة حجم المبيعات والوصول إلى عدد كبير من المستهلكين، و هذا يتطلب تعديل السعر إلى الأسفل.
• المرحلة في دورة حياة السلعة : مع إنتقال السلعة من مرحلة إلى أخرى من دورة حياتها، يتبعها حتما تعديل في السعر.
• عامل المنافسة : يعتبر من أهم مبررات تعديل السعر، فالمنافسة للحصول على أكبر حجم من السوق، له أثره الكبير في تعديل السعر.
• عامل الطلب : إنّ تغيّر عادات و أنماط المستهلكين يتبعه تغير في الطلب، و هذا له أثره على تعديل السعر، إمّا إلى الأسفل أو إلى الأعلى.

تمتاز هذه السياسة بمرونتها عند إستخدامها كسلاح ترويجي (مواجهة المنافسة بها) و إتاحة الفرصة أمام المؤسسة أو إدارة المبيعات لتغيير السعر داخل الإطار المحدد فيما يتناسب مع ظروف كل طلبية.
كما تسمح أيضا هذه السياسة للمؤسسة بالمساومة السعرية التي تجعلها قادرة على كسب عملاء حاليين و مرتقبين.
” و قد يكون السعر المعلن، ثابتا ظاهريا و لكن قابلية التغيير فيه، تجعل العملاء يشعرون بأنهم مفضلون و أنّهم قد عوملوا معاملة حسنة مما يجعلهم يركزون في مشترياتهم على سلع تلك المؤسسة ” (1) إلا أنّ هذه السياسة من جهة أخرى، تمّد شعورا بعدم العدالة بين المشترين تحت نفس الظروف، وبالتالي يشعر المستهلك بأنه قد ظلم و أن المؤسسة قد فاضلت بين عملائها دون إيداء أيّ مبررات مقنعة، ممّا يفقدهم الثقة في التعامل معها.
عملية تعديل السعر تتمثل إما في تخفيض الأسعار، أي إلى الأسفل أورفعها أي التعديل يكون إلى الأعلى، و فيما يلي سنشرح كل واحدة على حدى.

1) حالة خفض الأسعار :
هناك عدّة أسباب أو ظروف التي تؤدي بالمؤسسة إلى تخفيض أسعارها، -حتى و إن سبب هذا حرب الأسعار – و التي تتمثل في :

• فائض في القدرة الإنتاجية: ” في هذه الحالة، المؤسسة بحاجة إلى مبيعات إضافية التي لم يستطع الحصول عليها بواسطة مجهوداتها التجارية المعتادة ” .(2)
• نقص في حصة السوق : لشدة المنافسة و من أجل توسيع حصتها، يجب عليها أن تضع أسعار في نفس مستوى المنافسين.
• من أجل تخفيض التكلفة : عندما تنخفض التكلفة، تستطيع المؤسسة من قلب أو إسقاط (Répércuter) التخفيض على سعر البيع، كما تفعل مؤسسات التي تصنع الحواسب (Ordinateurs) لكن تطبيق هذه الطريقة لها ثلاث سلبيات :
– تدهور صورة السلعة في نضر المستهلك، لذا يجب على المؤسسة أن تقنّع عملائها بأنّ السلعة ما زالت بنفس الجودة؛
– خطر هروب العملاء، بحيث أن تخفيض السعر يساهم في زيادة الحصة السوقية، لكن لا تحصل المؤسسة على وفاء المستهلكين لها؛
– إن سياسة التخفيض في السعر، يؤدي بالمؤسسة إذا لم تتبعها أثر في الحجم، إلى ضعف في ماليتها و منه في الخزينة.
بالرغم من أنّ تخفيض السعر تظهر لنا عملية بسيطة التطبيق، إلا أنها خطيرة و خاصة عندما تكون الأسعار منخفضة تحت أسعار المنافسين الآخرين الموجودين في السوق و خلق حرب الأسعار.
فمثلاً وزارة التجارة الخارجية السعودية، وضعت الحد الأعلى للأسعار، لكنها لم تضع الحد الأدنى، و بالتالي فمجال المنافسة و الحرب السعرية مسألة لا زالت مفتوحة و تبشر بأوخم العواقب “. (1)
إنّ أية منافسة بين مؤسستين متزاحمتين تتركز على الخفض الشديد للأسعار.
و تنشب حرب الأسعار عادة عندما ينخفض الطلب على أحد السلع، ويكون في السوق فائض في العرض.
إذا كانت التكاليف الثابتة تمثل نسبة مرتفعة من التكاليف الإجمالية، فقد تلجأ المؤسسات إلى تخفيض أسعارها للمحافظة على طاقة العمل القصوى.
” إنّ حرب الأسعار مفيدة للمستهلكين و في تخصيص الموارد ضمن السوق، إذ أنّها تساعد على التخلص من الموردين غير الأكفاء ذوي التكاليف العالية، و تكمن المشكلة من وجهة نظر الموردين، في أنّ المنافسة القاسية تخفض ربحية السوق وتنتهي أوضاع الجميع إلى أسوأ مما كانت عليه، ولذلك يحاول الموردون و خاصة المحتكرون القلّة، تجنب حروب الأسعار و توجيه جهودهم التنافسية نحو مفاضلة السلع .(2)

2) حالة رفع الأسعار :
تؤدي حالة رفع السعر إلى رد فعل سلبي من قبل المستهلك و الموزعين، حيث يؤدي بهؤلاء إلى البحث عند مورد آخر، ذو أسعار أقل إرتفاعا. و لهذا فعلى المؤسسة التتأكد بأنّ حتى المنافسين الموجودين في السوق سوف يقومون برفع من أسعار السلعة و ذلك قبل أن تشرع هي في هذه العملية.
إذا لم يقم أحد المنافسين برفع من أسعاره كالبقية فسوف يتحصل على حصص من السوق و ذلك في ظرف زمن قصير.
و بمعنى آخر، فإنّ هذه السياسة لا تكون صالحة للتطبيق، إلاّ في حالة ما إذا إتفقت كل المؤسسات المنافسة في السوق على تبني هذه السياسة.
و من بين الأسباب التي تؤدي إلى رفع الأسعار نجد :
• إرتفاع التكاليف : ” إذا تبين للمسؤولين بأنّ معدلّ ربح المؤسسة قد إنخفض لإرتفاع التكاليف، فإن هؤلاء سوف يتخذون حتما قرار لرفع من أسعار سلعهم من أجل تفادي الخسارة.
و لكن هذا يتوقف على الحالات أو الظروف التي تتواجد فيها المؤسسة مثل : حساسية المستهلك لتغيير السعر، و قرارات المنافسين “.(1)
• تغيير صورة السلعة : إذا أرادت المؤسسة أن تمد صورة أكثر رفاهية لسلعتها، فما عليها إلاّ أن ترفع من سعرها و هذا بناءا على أن السعر هو دليل الجودة.
و لكن يجب أن تأخذ إحتياطاتها لكي لا ينفر المستهلك من التغّير الذي قد يحدث للسلعة، و لهذا فعلى المؤسسة مثلا تغيير لون السلعة، الشكل …إلخ، لتبرير هذا التغيير في السعر.
• رفع من مردودية المؤسسة :
هذه الحالة نادرة الحدوث، إلاّ إذا كانت المؤسسة في موضع إحتكار دائم وفعّال.
و في هذه الحالة يجب على المؤسسة من أن تتأكد من عدم تأثير الطلب بالتغيرات التي تحدث في السعر و التأكد أيضا من أنه لا يوجد أية سلعة بديلة أو مشابهة في السوق.

3) مختلف ردود الأفعال تجاه تغّير السعر :
أ‌) رد فعل العملاء (المستهلكين) تعليم_الجزائر2)
عندما يتغير السعر نحو الأسفل فهذا يعني للمستهلك ما يلي :
• السلعة سوف تبدّل بنموذج حديث ؛
• السلعة لاتباع بشكل جيّد ؛
• للمؤسسة صعوبات مالية و لا تستطيع ضمان قطع غيار للسلعة؛
• سوف يزيد السعر في الإنخفاض ؛
• نقص في جودة السلعة.
و عند تغيّر السعر نحو الأعلى فهذا يعني بالنسبة للمستهلك :
• السلعة مطلوبة بكثرة ؛
• للسلعة قيمة خاصة و السعر سوف يزداد ؛
و على العموم فإنّ ردود فعل المشتري إتجاه تغيير السعر يتوقف على إدراكه للسلعة.

ب‌) رد فعل المنافسين :
قبل أن تبدأ المؤسسة في إحداث تغيير في أسعارها لابد أن تبذل جهدا كبيرا لتقدير ردود الفعل من جانب المنافسين.
و هنا تقرر المؤسسة، ما إذا كان ثمة إحتمال أن يرّد المنافسون على هذا التصرف أم لا ؟، و ما هو ردّ فعل المنافسين ؟، كما يجب على المؤسسة أن تحاول الكشف عن تلك السياسات التي يتبعها المنافسون، بطريق التحليل الإحصائي أوطريق نظم المعلومات الداخلية.
و إذا لم يكن لدى المنافسين، أيّة خطة مقابلة، يجب تحليل المركز المالي للمؤسسة المنافسة لتحديد أولويات الأهداف.
و يتأثر ردّ فعل المنافسين بعدد من العوامل منها :
• التكاليف : إذا كانت التكاليف مرتفعة، يتمكن المنافس أن يخفض من أسعاره لأنّها ستخفض من أرباحه .
• السرعة : إذا كان تغير طرق الإنتاج هي الطريقة لتخفيض التكاليف ثم الأسعار، فسوف تتطلب وقتا طويلا لإحداث هذا التغير المطلوب في الأسعار.
• تعارض المصالح: إذا خُفضَت الأسعار فسوف تقترب أسعار السلع ذات الجودة المرتفعة من السلع ذات الجودة العادية، و بالتالي سوف تطرد السلع الجيّدة السلع الرديئة .
• الحجم النسبي للمبيعات: يتحمل كبار الموردين عبئا كبيرا عند تخفيض أسعارهم لحماية قطاع معيّن من السوق” .(1)

المطلب الثالث : سياسة الخصومات :
” تقدّم المؤسسات التجارية بين فترة و أخرى أسعار خاصة أو تخفيضات على الأسعار المتداولة لسلعها رغبة منها في تنشيط المبيعات و رفع مستوى العائدات”.(1)
و من بين هذه التخفيضات أو الخصومات نجد ما يلي :
 خصم الكمية :
يمنح هذا الخصم للمشتري، مقابل شرائه لكمية كبيرة من السلعة، إمّا دفعة واحدة أو لعّدة دفعات، خلال فترة معينة، حيث يسمح بتخفيض سعر بيع الوحدة كلمّا زادت الكمية المشتراة عن حدّ معين .
و بذلك يتحّدد سعر البيع تبعا لكمية السلعة و ليس تبعا لنوع المشتري، هذا النوع من الخصم، يساعد كبار المشترين على اقتناء سلعهم بأسعار بيع منخفضة نسبيا و بذلك يمكنهم تحقيق أرباح أكثر .
و هناك نوعان من خصم الكمية :
 خصم الكمية المتجمع : و يمنح على الكميات التي يتم شراؤها خلال فترة زمنية محدّدة قصد ضمان ولاء العملاء و استمرار تعاملهم مع المؤسسة.
 الخصم غير المتجمع: يمنح على الكميات التي يتم شراؤها في كلّ فترة و بنسب متدرجة تتناسب مع الكمية المشتراة ، و يمكن توضيح ذلك بمثال في الجدول:
جدول رقم (4) : كيف يتم الخصم غير المتجمع
الكـمـــية السعـــــر
.01 05
.06 10
.11 20
.21 30 السعر المعلن
السعر المعلن مطروحا منه 02 %
السعر المعلن مطروحا منه 04 %
السعر المعلن مطروحا منه 06 %

فعندما يكون سعر الوحدة 100 دينار، فإنّ العميل سيدفع عن كلّ وحدة واحدة حتى إلى 05 وحدات 100 دينار للوحدة، و إذا زادت عن 05 وحدات (06←10)، فإنّه يدفع 98 دينار للوحدة ، و بين 11 ← 20 سوف يدفع 94 دينار للوحدة و هكذا.

 الخصم الوظيفي:
و يسمى أيضا الخصم التجاري، و يمنحه المنتج للوسطاء مقابل قيامهم بأداء بعض الوظائف و الخدمات الحيوية أثناء توزيع السلعة .
و يختلف هذا الخصم من عميل لأخر، باختلاف الخدمات المقدّمة و منها تحقيق المنفعة الزمنية و المكانية للسلعة عن طريق توفيرها في المكان و الوقت المناسبين.
أو كأن يتحمل تاجر الجملة عبأ تخزين كميات كبيرة من السلعة لفترة من الزمن لحين يتم الطلب عليها من قبل تجار التجزئة، و يكافئ المنتج أو المؤسسة المنتجة تاجر الجملة بمنحه خصما تجاريا، إذ لو لا هذا التاجر لكان عليها أن تتحمل نفقات التخزين، و لهذا فإن الخصم التجاري يعتبر مقابل لهذه الخدمة أوالخدمات.
“و عن طريق الخصم التجاري أيضا يتمكّن المنتج من الحصول على تدعيم و ولاء الموزعين لعلاقته التجارية و محاولة تصريف السلعة حتى يتمكنوا من الحصول على الخصم المتفق عليه” .(1)
 الخصم النقدي:
و هو تخفيض في السعر مقابل دفع قيمة الفاتوة فورا أو خلال فترة محدّدة ومن أكثر شروط الخصم شيوعا خصم (2/10 صافي 30 يوم) يعني أنّ المشتري سيحصل على خصم 2 % من قيمة الفاتورة، إذا تم السّداد خلال 10 أيام من تاريخ الشراء، أمّا إذا تجاوز هذا الحدّ يجب تسديد إجمالي الفاتورة في حدّ أقصاه 30 يوم .
و من هنا نجد عاملين أساسيين على فاعلية سياسة الخصم:

الأوّل: كمّية الخصم التي تعتبر أسلوب غير مباشر لتخفيض السعر.
الثاني: الفترة الزمنية المسموح بها للسّداد التي تؤثر على جاذبية العرض، فكلّما زادت الفترة كلّما زاد عدد كبير من المشترين .

” إذًَا فيعتبر هذا الخصم أدّاة فعّالة نحو تشجيع المشترين من دفع ثمن أوسعر السلعة في أقصر وقت ممكن ” (1).

 الخصم الموسمي :
هناك سلع عديدة و مختلفة التي تتمّيز بموسمية الطلب مثل : الألبسة الجاهزة، الأحذية، ملابس البحر و أدواتها، المراوح …. إلخ.
فالخصومات الموسمية تُمنَح للمشتري عند شرائه لهذا النوع من السلع (سلع في غير مواسمها). الأمر الذي يساعد البائع من الإستمرار في عملية الإنتاج خلال جميع أيام السنة.
” فقد يقوم مثلا بعض منتجي المكيّفات أو أجهزة التدفئة بمنح خصومات لتجار التجزئة عند الشراء في غير موسم السلعة ” .(2)
كما تقوم مؤسسات الطيران، الفنادق، المحطات للرياضات الشتوية، بإستخدام الخصم الموسمي، لتشجيع زبائنها على الشراء في غير أوقاتها كأن تخفض أسعارها في الشتاء أو في أيام الأسبوع.

 المسموحات :
تعتبر المسموحات، نوع آخر من أنواع الخصومات في مجال التسعير، يمنح للمشتري لعدّة أسباب :
– عند إستبدال سلعة بأخرى أو تخفيض على أسعار بعض السلع التي قد يكون أصابها ضرر أو تلف، أو سلع ذات حجم غير طبيعي و الطلب عليها غير مستقر، أو عند إستبدال للأصناف القديمة و شرائه لأصناف جديدة عوض منها، و هي أكثر إستخداما في صناعة السيارات و بعض السلع المعمّرة.

المطلب الرابع : سياسة السعر وفقا للمناطق الجغرافية :
تتضمن سياسة التسعير الجغرافي، تعديل السعر بالنقص أو بالزيادة وفقا لتكاليف نقل السلعة.
” و تظهر أهمية هذه النقطة في الصناعات التي تكون فيها تكاليف النقل مرتفعة مثل صناعة الصلب و التجهيزات الآلية “.(1)
و تعتمد هذه السياسة على طرح السلع و الخدمات بأسعار مختلفة و ذلك حسب إختلاف المناطق الجغرافية التي يتواجد فيها العملاء، و عادة ما يتم الأخذ بعين الإعتبار القدرات الشرائية للعملاء، إضافة إلى ذلك يتم الأخذ بعين الإعتبار أيضا مكان تسليم البضاعة.
فعلى سبيل المثال تقوم بعض المؤسسات بتحديد سعرين، الأوّل هو سعر البضاعة و الثاني هو سعر تسليم البضاعة في محل المشتري، و يكون السعر الثاني مرتفع مقارنة بالأوّل، حيث يشمل ذلك تكلفة النقل و التي تعتبر عنصرا هاما في حالة السلع كبيرة الحجم.
” و قد تقوم بعض المؤسسات بإستخدام التسعير المختلف وفقا للمناطق الجغرافية كوسيلة و حفز الموزعين على التعامل معها ” (2) و هناك العديد من المداخل التي يمكن إستخدامها في هذا المجال و منها :

1) تسعير تسليم على ظهر وسيلة النقل (F.O.B) Free on Board :
و في هذه الحالة تكون كلّ التكاليف المرتبطة بالبضاعة من نقل و غيرها على حساب البائع، حتى تسليمها على ظهر وسيلة النقل.
و يقوم البائع بنقل و توصيل و تسليم البضاعة سليمة إلى محل المشتري، بينما يتحمّل هذا الأخير كلّ التكاليف و المخاطرة من لحظة تسليم البضاعة.
” و لعل هذه الطريقة تمتاز بسهولة تنفيذها و إدارتها حيث لا يتطلب الأمر إعادة حساب الأسعار حسب محل التسليم “.(3)

2) تسعير تسليم مكان البائع :
قد تحدّد بعض المؤسسات السعر على أساس تسليم السلعة في مكان إنتاجها أو تخزينها.
و تبعا لهذه الطريقة، فإنّ على المشتري أن يقوم بتحمل تكاليف نقل السلعة على نفقته الخاصة، و قد يطلب من إحدى مؤسسات أو وكالات النقل أن تقوم بعملية النقل أو ينقل السلعة المشتراة بوسائله الخاصة (سيارات يملكها مثلا)، و تستخدم هذه الطريقة في حالة قرب السوق من المشتري، و عندما يكون نطاق توزيعه محدودا أو إذا كانت السلعة التي تنتجها المؤسسة لها مواصفات خاصة، و تنفرد بالعديد من المزايا عن سلع المنافسين، ممّا يزيد من ولاء المستهلكين لها و التعامل مع المنتج و قبول إستهلاكها عن مكان إنتاجها أوتخزينها.

3) سعر موحد للتسليم :
و وفق هذه الحالة، يقوم البائع بتسليم السلعة للمشترين في مواقعهم مقابل سعر موحد و هذا بصرف النظر عن إختلاف أماكن تواجد المشترين.
و وفق هذا الأسلوب يتم تحديد السعر عن طريق حساب متوسط تكلفة النقل إلى مختلف المناطق مضافا إليه سعر البيع الأصلي أو الأساسي، و على هذا قد يتحمل المشتري أكثر أو أقل من مصاريف النقل التي كان سيدفعها لو قام بنقلها بنفسه.
4) التسليم محل المشتري أو وفقا للمناطق :
و هذه الطريقة تتشابه مع الطريقة السابقة إلاّ أنّ في هذه الحالة تختلف الأسعار من منطقة لأخرى حسب بُعدها أو قربها من المورّد و لكن في نفس الوقت و وفقا لهذا الأسلوب، فإنّ جميع المشترين الذين يقيمون في منطقة البائع يتحملون نفس السعر.
5) سعر نقطة الأساس :
و قد يتم الإتفاق بين المتعاملين على سعر نقطة الأساس، و هذا يقتضي بإختيار مدينة و إعتبارها نقطة الأساس، أمّا بالنسبة لسعر التسليم فهو يتحدّد على أساس السعر الأصلي مضافا إليه تكلفة النقل و التخزين من نقطة الأساس إلى المشتري أي مكان التسليم، بغض النظر عن النقل أو تكلفة النقل الفعلي، وتستعمل هذه الطريقة للحدّ من حرب الأسعار و كحلّ وسط للمشاكل التي تحدث عند الإتفاق على مكان تسليم البضاعة.
المبحث الخامس : المراحل الأساسية المحددة للسعر و المشكلات التي تواجهه:

في مجمل الحالات، فإنّ عملية التسعير النهائي يجب أن تمر عبر عدّة خطوات و التي سوف نتناولها في هذا المبحث، كما تواجه عملية إتخاذ قرارات وتصميم سياسات التسعير، الكثير من القيود أو التحديات، بعضها بيئي و الآخر سلوكي، بالإضافة إلى عوامل أخرى، و يمكن تلخيص بعض هذه المحدّدات لاحقا.
ومنه سوف نطرح الإشكالية التالية:
ـ ما هي الخطوات المتبعة لتحديد السعر ؟
ـ ما هي القيود التي تتلقاها المؤسسة عند تحديدها لسعر السلعة ؟

المطلب الأول : مراحل تكوين السعر :
من بين هذه المراحل نجد :

1.تحديد هدف التسعير :
ترتبط أهداف التسعير بأهداف التسويق و التي يتم تحديدها بناءاً على أهداف المؤسسة. و تأخذ أهداف التسعير عدّة أشكال مختلفة كما رأيناها سابقا، فمنها المرتبطة بالبقاء أو أهداف مرتبطة بالأرباح، الإستقرار …إلخ.

2. تحديد التكاليف و تحليلها :
تعتبر تحليل التكاليف الخطوة الثانية في تحديد السعر، و تمثل التكاليف الحدّ الأدنى للسعر، فزيادة تكاليف الإنتاج أو زيادة تكاليف الشراء سيؤثر بالتالي على زيادة السعر و بالعكس.
و تتلخص هذه الطريقة في : حساب تكلفة الوحدة من المنتج، ثم إضافة نسبة أو هامش ربح للوصول إلى سعر البيع، إذن المبدأ هو حساب التكاليف ونضيف إليها هامش ربح، و لحساب هذه التكاليف، هناك عدة طرق يمكن الإعتماد عليها كما سبق و رأيناها في المباحث السابقة.

3. تقدير حجم الطلب على السلعة :
الخطوة الثالثة في تحديد السعر هي تحديد الطلب على السلعة، ويتم ذلك عن طريق تحديد المستهلك المستهدف بهذه السلعة، و أن تكون المؤسسة على دراية كبيرة بكمية الطلب،و المبيعات المرتقبة، ومختلف أسعارها مع معرفة الطبقات المتوجهة إليها و مدى قدرتهم الشرائية، و في بعض الأحيان يبدي المستهلك معرفة كبيرة في تحديد السعر و خاصة في مجال أسعار السلع المتداولة .

4. تحليل ظروف المنافسة :
تعدّ المنافسة من أهم العوامل التي تؤثر في تحديد السعر، سواء كانت حالية أو متوقعة، و عليه فإنّ المؤسسة تبدأ بدراسة ظروف المنافسة و أسعارها، و تقدير حجم الطلب الكليّ عليها مع التنبؤ بدخول منافسين جدد، ثم بعد ذلك يقوم بمقارنة سلعته بسلع المنافسين من حيث الخصائص و المميّزات و تقدير أهميتها لدى المستهلكين و مدى استعدادهم لدفع مبلغ إضافي مقابل هذه الخصائص.

5. اختيار سياسة التسعير .
الخطوة التالية لتقرير السعر هي اختيار إحدى السياسات السعرية و يمكن بطبيعة الحال الاعتماد على أكثر من سياسة تسعيرية لإشباع حاجات القطاعات السوقية المختلفة أو للاستفادة من الفرص السوقية المتاحة.
كما أن اختيار سياسة تسعيرية، ترتبط بالأهداف التسويقية الأخرى، والسياسات المتعلقة بالمزيج التسويقي: القطاعات المختارة ، تموضع المؤسسة في السوق، العلامة، ….إلخ .
و كما رأينا في المباحث السابقة مختلف السياسات التي قد تختارها المؤسسة عند تحديد سعر بيع سلعتها.

6.اختيار استراتيجية التسعير :
تستطيع إدارة المؤسسة اختيار إحدى الاستراتيجيات السعرية، و يشار إلى هذه الأساليب عادة بأسلوب الحدّ الأعلى للأسعار و أسلوب الحدّ الأدنى أو ما يسمى باستراتيجية كشط السوق و باستراتيجية الإختراق، حيث تعدّ من الأساليب التقليدية في مجال تسعير السلع الجديدة .

المطلب الثاني : المشكلات التي تواجه التسعير:
تواجه عملية اتخاذ قرارات وتصميم سياسات التسعير العديد من القيود والتحدّيات.
و يمكن تلخيص بعض هذه القيود أو المحدّدات فيما يلي:
– ” عدم توفّر الوقت الكافي لمتخذي القرارات الخاصة بالتسعير لقراءة الكتابات و البحوث الخاصة بتحليل المعلومات و كلّ ما ينشر من بيانات عن الأسعار “(1) ؛
– اختلاف أهداف التسعير من الناحية العملية عن تلك الأهداف التي تسعى إلى البحوث المنشورة ؛
– تعدّد أنواع السلع التي تنتجها أو تبيعها بعض المؤسسات، و حتى في حالة وجود تشكيلة سلعية واحدة، قد يوجد أكثر من نوع واحد من السلع؛
– وجود بعض السلع البديلة، غالبا ما يسبب صعوبة للقائم باتخاذ قرار التسعير من إيجاد طريقة واحدة لقياس تأثير وجود السلع البديلة على قرار التسعير؛
– صعوبة تقدير أو التنبأ بردود أفعال المنافسين لقرارات تسعير السلع الخاصة بالمؤسسة ؛
– صعوبة قياس و تحديد ردود أفعال العملاء لأيّ قرار تسعيري؛
– غالبا ما يعتمد مسؤول التسويق أو المدير المسؤول على خبرته وتوقعاته في تحديد السعر، وهذا راجع لعدم توفر الأموال و الوقت الكافيان لقياس الطلب على سلعة معينة ؛
– و أخيرا، فعلى المسؤول الذي يتخذ القرار المتعلق بالسعر أن يأخذ بعين الاعتبار جميع العوامل المحددة للأسعار، بالإضافة إلى العلاقات الموجودة و المتبادلة بين تسعير السلعة و عناصر المزيج التسويقي الأخرى ( السلعة، الترويج، التوزيع و غيرها ) .

خــلاصــة الفــصل :

بناءا، على كلّ ما سبق ذكره في الفصول الأولى لما للسعر من أهمية وما يترتب عنه من نتائج تمس بأهداف المؤسسة،فعلى هذه الأخيرة أن تخطط لمسؤولية تحديد السعر، أي تحديد الهيئة المكلّفة بتحديد أسعار البيع، كما يجب عليها أيضا الأخذ بعين الاعتبار العناصر الأساسية و المختلفة التي تدخل في تحديده و المتمثلة في : التكلفة ، الطلب، المنافسة و خاصة طلبات و أذواق المستهلكين، كذلك مواكبة و متابعة الظروف المحيطة بالمؤسسة، عن طريق اتخاذها لاستراتيجية تسعيرية التي تتلائم مع بيئتها و تجعلها قادرة على التكيف مع التغيرات الممكنة، التي تدفعها إلى تعديل السعر في بعض الأحيان و منح خصومات أو تخفيضات على الأسعار، لرفع من مبيعاتها و بالتالي رفع العائدات.


االسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اريد الحصولة عن نسخة من هذا البحث
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .

شكراااااااااا

بارك الله فيك

السلام عليكم
بحث ممتاز إذا كان ممكن أريد نسخة منه..
و جزاك الله كل الخير.

التصنيفات
البحوث التجارية

بحث حول قانون سياسة تشجيع الاستثمار في الجزائر

مقدمة
يشكل الاستثمار أحد المتغيرات المؤثرة في تطور البلدان و نموها، ذلك أن المشكلة الاقتصادية التي تواجه غالبية الدول النامية – في رأي الكثير من الاقتصاديين – هي مشكلة انخفاض حجم الاستثمارات بها.

لهذا فإن نجاح هذه الدول في تحقيق التنمية يتوقف على مدى قدرتها في زيادة معدلات الاستثــمار و بالمستوى الملائم لمعدل نمو السكان للقضاء على العقبات الكامنة فيها، و التي تعوق انطلاقها في مسار النمو الذاتي. لذلك نجد أن البحث عن سبل تشجيع، و تنشيط الاستثمارات، من الانشغالات الكبرى للحكومات، وواضعي السياسات الاقتصادية في مختلف البلدان النامية.

الجزائر تعاني كغيرها من الدول النامية من ركود الاستثمارات، و من ثـم فهـي تبحث عن سبـل بعثـــــــــــــــــها و تنشيطها.

فعلى الرغم من الجهود الكبيرة المبذولة لتحسين مناخ الاستثمار، و ذلك بتطوير التشريعات، و إقرار الحوافــــز و المغريات لدفع و ترقية الاستثمــــار المحلي منه و الأجنبي، إلا أن الإقبال على الاستثمار يبقى محتشــــــــــما و ضعيفا مقارنة ببعض الدول، إذ أن الاستثمار المحلي على الرغم من بعض التحسن للقطاع الخـاص، إلا أنه بقي يراوح مكانه و يتخبط في مشاكل كثيرة لا حدود و لا حصر لها، و الاستثمار الأجنبي المباشر على الرغم من بعض التدفق لـ ( IDE ) إلا أنه لم يتهافــت على المجالات و المشاريع المبرمجة سواء عن طريق الشراكة أو الخصخصة أو الاستثمار الأجنبي المباشر مثلما كان متوقعا.

إن ركود النشاط الاستثماري يمثل تهديدا للأمة من عدة أوجـه:

– الأول هو أن الأمة ستصبح مستهلكة لما ينتج غيرها، و بالتالي تفقد استقلاليتها الاقتصادية، و هو ما سيؤدي بها إلى فقدان جزء من سيادتها؛

– و الثاني هو أنه يورث ثقافة الاستهلاك، إذ أن المدخرات إذا لم تجد منفـذا للاستثمار فستوجه للاستهلاك؛

– و الثالث أن تستفحل ظاهرة البطالة و تنتشـر الآفـات الاجتماعية الخطيرة حـتى تعـم الفـوضــــــــــــــــى و اللا استقرار، فيصبح البلد مصنفا ضمن البلــدان غير الآمنة، فتستنكف الاستثمـارات الأجنبـيـة عنه؛

– و الرابع هروب رؤوس الأموال المحلية إلى الخارج، ما دامت فرص استثمارها غـــير متاحة في الداخل، فيضطر البلد إلى الاستدانة من الخارج بفوائـد و شروط لا تطـاق من أجـل تغطيـة العجـز التمويلي؛

– و الخامس أن تعصف لعنة البؤس و الفقر بالمجتمع حتى يصبح مادا يديه متسولا للخارج؛ إلى غير ذلك من المآسي التي تنتهي بالمجتمع إلى الانهيار في مختلف مناحي الحياة.

و حيث أن الاقتصاديات الانتقالية عموما، و الجزائر جزء منها، تعاني من هـذه الآثار السلبيـة، و لو بدرجات مختلفة، أضحت مسألة جذب الاستثمار إليها من المسائل الأكثر حيوية، بالنسبــة للباحثـين و الأكثر إرباكا بالنسبة للسياسيين.

غير أن المشكلة الأكبر التي تختفي وراء جذب الاستثمار، و التي عجزت حكوماتنا عن تجاوزها هي مشكلة توفير مناخ استثمار ملائم. فعلى الرغم من ترسانة التشريعات و تكثيف الجهود في الداخـــل و الخارج، لم يتحقق الهـدف.

مشكلة البحث:

مع نهاية الثمانينيات و بداية التسعينيات تفاقمت أزمة المديونية الخارجية و التي بينت خطورة الاعتماد على القروض الخارجية في تمويل التنمية الاقتصادية، مما دفع الدول النامية و الجزائر إلى انتهاج سياسة الإصلاح الاقتصادي، حيث انتهجت الجزائر سياسة جديدة في مجال الاستثمار، كما أن تدابير الإصلاح كانت في معضمها وثيقة الصلة بالاستثمار.

و تكمن مشكلة البحث في تحديد مدى نجاح تدابير الإصلاح الاقتصادي في تحسين بيئة الاستثمار في الجزائر، و في مدى رواج المشاريع الاستثمارية سواء المحلية منها أو الأجنبية.

أهمية البحث:

تأتي أهمية البحث كونه يتناول أحد أهم المجالات الاقتصادية التي شملها الإصلاح الاقتصادي، وذلك بتقييم و تقدير مدى نجاح هذه السياسة على واقع و بيئة الاستثمار في الجزائر، مما يفرض الاستفادة من التجارب الناجحة في هذا المجال، و محاربة كل المعيقات، و العقبات التي تعترض نجاح السياسة الاستثمارية، و تحول دون بلوغ الأهداف المسطرة في هذا المجال.

هدف البحث:

يهدف البحث بشكل أساسي إلى تقييم مدى نجاح سياسة الإصلاح الاقتصادي في تحسين واقع الاستثمار، و الوقوف على أبعاد القوة، و الضعف في السياسة الاستثمارية التي انتهجتها الجزائر منذ بداية 1990 إلى يومنا هذا.

منهج البحث :

يعتمد البحث على المنهج الوصفي التحليلي في عرض جوانب السياسة الاستثمارية في الجزائر بعد الإصلاحات و تحديد مكامن القوة و الضعف في تلك السياسة.

أولا :المحاور الكبرى لسياسة الاستثمار في الجزائر بعد الإصلاحات ( عرض ) :

1- السياسة العامة للاستثمار:

لقد انتهجت الجزائر في ظل الإصلاحات الاقتصادية سياسات متعددة الجوانب تهدف في مجملها إلى تحقيق تنمية اقتصادية متكاملة، ففي مجال الاستثمار عملت الدولة على تشجيع الاستثمار المحلي و الأجنبي و ذلك مند انتهاج سياسة الانفتاح الاقتصادي، كما أن الجزائر بعد انتهاج سياسة الإصلاحات الاقتصادية قد اكتسبت خبرة لا يستهان بها في ميدان تشريع و تنظيم الاستثمارات فبعدما كان التشريع الخاص بالاستثمارات يأخذ أساسا بعين الاعتبار قيمة رؤوس الأموال المستثمرة عند منحه التسهيلات للمستثمرين، حيث كان الغرض هو تشجيع المبادرات أو مواكمة رؤوس الأموال التي كانت منعدمة في بداية الأمر، لكن شيئا فشيئا فرضت تدابير جديدة نفسها لتوجيه الاستثمارات وفقا لثلاث محاور أساسية:

أ- نحو المشاريع الخالقة لمواطن الشغل ، ثم نحو القطاعات الخالقة لمواطن الشغل بتكاليف معتدلة ( الصناعات المتوسطة و الصغيرة )ثم نحو أنشطة الصناعات التقليدية و الحرفية و المهن الصغرى التي تخلق عادة اقل من عشر مواطن شغل (مشاريع وكالة تشغيل الشباب )

ب- من ناحية أخرى و تفاديا لتكريس حالة اللا توازن الإقليمي الحاد اتخذت ترتيبات شجاعة للحث على اللامركزية بإقرار تحفيزات هامة للمناطق المراد ترقيتها،

ج- أخيرا و نظرا للاحتياجات المتعلقة بالموارد الخارجية فان الأنشطة التصديرية و هي المصدر الأساسي للعملة الصعبة الخارجية لاقت تشجيعا كبيرا في كل قوانين المالية السنوية و في قوانين الاستثمار المتعاقبة.

2- الإطار القانوني للاستثمار في الجزائر بعد الإصلاحات:

لقد عالجت الجزائر مسألة الاستثمارات منذ انتهاج سياسة الإصلاحات بمجموعة من التشريعات و القوانين التي تتوافق مع النهج الجديد الذي باشرته في شتى المجالات. و يعتبر القانون رقم 93/12 الذي صدر بموجب المرسوم التنفيذي رقم 93/12 المؤرخ في 5 أكتوبر 1993 المتعلق بتشجيع و ترقية الاستثمار في الجزائر ، و القانون رقم 03-01 الذي صدر بموجب الأمر الرئاسي رقم 01-03 الموافق ل20 أوت 2001 المتعلق بتطوير الاستثمار حيث أصبح بموجبه تدخل الدولة لا يتم إلا بهدف تقديم الامتيازات التي طلبها المستثمر و ذلك عن طريق الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار( ANDI ) و من خلال الشباك الوحيد الذي أنشأته لهذا الغرض.

كما أن هناك العديد من القوانين المتممة و المعدلة لها التي صدرت خلال السنوات الأخيرة و التي لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بموضوع الاستثمار.

3 -الإطار المؤسسي للاستثمار بعد الإصلاحات:

أصدرت الجزائر بالخصوص في فترة الإصلاحات مجموعة من النصوص القانونية تسعى كلها إلى تهيئة المناخ الملائم لتطوير الاستثمارات.

و من أهم ما جاءت به هذه القوانين إنشاء وكالات لترقية الاستثمارات و أجهزة أخرى لدعمه و تشجيعه نذكر منها بالخصوص: وكالة ترقيــة و دعـــم الاستثمــارات ( APSI)، لجنة دعم مواقع الاستثمارات المحلية و ترقيتها ( CALPI)، الوكالة الوطنية لدعـــم تشغيل الشـــــباب ( ANSEJ)، الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمـارات ( ANDI)، المـجلس الوطنـي للاستثمــار ( CNI)، الشباك الوحيد( GU)، صندوق دعم الاستثمارات( CSI)، و الوزارة المنتدبة المكلفة بترقية الاستثمار و متابعة الإصلاحات…

4- الإمتيازات الممنوحة في إطار قانون الاستثمار الجزائري و كيفية الحصول عليها

إن شروط نجاح أي قانون للاستثمار يرتكز على أربعة مبادئ أساسية متصلة بتحقيق مشاريع الاستثمار و هي: مبدأ حرية الاستثمار، و رفع القيود الإدارية المفروضة عليه، و عدم الالتجاء إلى التأميم و حرية تحويل رأس المال و العوائد الناتجة عنه، و التحكيم الدولي. فإلى أي مدى تم معالجة هذه الجوانب في قانون الاستثمار الجزائري ؟

– حرية الاستثمار:

في مفهوم قانون الاستثمار فانه يستطيع الاستثمار في الجزائر كل شخص طبيعي أو معنوي، مقـيم أو غير مقيم.

يستطيع كل مستثمر مهتم بفرص الاستثمار في الجزائر، مقيما كان أو غير مقيم، ( شخص طبيـعي أو معنوي، جزائري أو أجنبي )، أن يقيم مشروعا استثماريا حسب الطرق الآتية:

1- بإنشاء كيان قانوني باسمه الشخصي، خاضع للقانون الجزائري في حدود 100% من الرأسمال المقيم أو الغير مقيم،

2- بمشاركته مع شخص أو مجموعة أشخاص، طبيعيين كانوا أو معنويين، خاضعين للقانون الجزائري.

3- المساهمة في رأسمال مؤسسة قائمة في شكل مساهمات نقدية أو عينية،استعادة نشاط مؤسسة في إطار خصخصة جزئية أو كلية.

– القيود الإدارية:

حسب خبراء البنك الدولي في تقديرهم لمناخ الأعمال في الجزائر، فإن الفترة الزمنية اللازمة لبعث مشروع استثماري في الجزائر قد قلصت من 120 يوما إلى حوالي 27 يوما فقط. و حددوا بدقة أن العقار الصناعي يشكل أهم العقبات للمشاريع الاستثمارية، و أن مناخ الأعمال متعلق بالهياكل القاعدية ( موانئ، مطارات، و شبكة الطرقات )، و كذلك متعلق بالسياسة النقديـة و المالية للبلد.كما بينوا أهمية المعاهدات، و الاتفاقات الدولية المتعلقة بالنـزاعات في مجـال الاستثمار، و الوضوح و الاستقرار في الإطار التشريعي، و تنظيــم المبادلات،و الاقتــصاد الموازي ، و عقود العمل ،و الحد الأدنى للأجور.

و قد أشار الوزير الجزائري حميد طمار، وزير المساهمة و ترقية الاستثمارات في المحاضرة التي ألقاها على هامش أشغال الدورة العادية للغرفة التجارية البلجيكية العربية اللوكسمبورغية التي عقدت ببروكسل بتاريخ 15 جوان 2022، أشار الوزير إلى أن الجزائر شرعت في تقديم تسهيلات، و مزايا لاستقطاب المستثمرين الأجـانب ، من بينها الحصول على العقارات الصناعية ، و تخفيض الضرائب على الفوائد ، و تقليص مهلة الحصول على الاستثمار. كما اعترف الوزير الجزائري بوجود عراقيـل و نقائص في النظام الجزائري تعود بالدرجة الأولى إلى عدم تأقلم العقليات مع عملية تحرير السوق، و غياب استراتيجية إشهارية مثلى للتعريف بمؤهلات الجزائر في المجال الاقتصادي.

– الضمانات الممنوحة:

الضمانات الممنوحة في قانون الاستثمار الجزائري فهي تخص ما يلي:

– الأشخاص الطبيعيين و المعنويين الأجانب يعاملون بمثل ما يعامل به الأشخاص الطبيعيين و المعنويين الجزائريين في مجال الحقوق و الواجبات ذات الصلة بالاستثمار.

ويعامل جميع الأشخاص الطبيعيين و المعنويين الأجانب نفس المعاملة مع مراعاة أحكام الاتفاقيات التي أبرمتها الدولة الجزائرية مع دولهم الأصلية.

– لا تطبق المراجعات و الإلغاءات التي قد تطرأ في المستقبل على الاستثمارات المنجزة في إطار قانون الاستثمار إلا إذا طلب المستثمر ذلك صراحة.

– لا يمكن أن يكون الاستثمارات المنجزة موضوع مصادرة إدارية، إلا في الحالات المنصوص عليها في التشريع المعمول به.

– يخضع كل خلاف بين المستثمر الأجنبي و الدولة الجزائرية يكون بسبب المستثمر أو بسبب إجراء اتخذته الدولة الجزائرية ضده، للجهات القضائية المختصة، إلا في حالة وجود اتفاقيات ثنائية أو متعددة الأطراف أبرمتها الدولة الجزائرية، تتعلق بالمصالحة و التحكيم، أو في حالة وجود اتفاق خاص ينص على بند تسوية أو بند يسمح للطرفين بالتوصل إلى اتفاق بناء على تحكيم خاص.

– حرية تحويل رأس المال و العوائد الناتجة عنه و التحكيم الدولي:

يتضمن قانون الاستثمار الجزائري إمكانية تحويل رؤوس الأموال المستثمرة و العائدات الناتجة عنها، كما يتضمن حماية من خلال الاتفاقيات الدولية الثنائية و المتعددة الأطراف لتشجيع و حماية الاستثمارات، و يمنح إمكانية اللجوء إلى التحكيم الدولي في حالة نزاع بالنسبة للمستثمرين غير المقيمين.

ثانيا: انعكاسات( آثار) سياسة الاستثمار على النمو و التنمية الاقتصادية في الجزائر( تقييم )

منذ انتهاج الجزائر لسياسة الإصلاحات الاقتصادية، و تبني نهج جديـد في مـجال الاستثمـار، ظهر إلى الوجود اصطلاح ميثاق أو إجماع وطني من أجل النمــــو الاقتصـادي و الاجتماعي ( pacte national économique et social)و احتل حيزا كبيرا من نقاشات، و اهتمام الفاعلين الاقتصاديين، و الاجتماعيين، و السياسيين.

وكان الهدف من بعث هذا الميثاق أو الإجماع الوطني من أجل النمو هو اعتبار النمو الاقتصادي المستهدف محدد مشترك لمجموع الشركاء في هذا الميثاق، و ذلك لتقاسم أعباء التحول إلى اقتصاد السوق و إضفاء نوع من العدالة في التوزيع للدخل…

و يمكن القول أن وتيرة و معدل النمو ما بعد الاصلاحات يتصف بمجموعة من المواصفات التي نجملها فيما يلي – مستوى نمو غير كافي،

– عدة مناطق و جهات لم تستفيد من النمو الاقتصادي،

– الوزن الكبير لبعض القطاعات و الهيئات في تحقيق النمو، و غياب دور الباقي

1- مستوى نمو غير كافي

إن طبيعة و تركيبة الاقتصاد الجزائري قد حدت من جهود الإصلاح و كبحت وتيرة النمو خلال العشرية السابقة ( التي تتصف بمرحلة الخمول و الجمود في مجال النمو الاقتصادي، حيث أن النمو الاقتصادي كان يتغير بوتيرة أسنان المنشار صعودا و هبوطا )، و من بين الضغوطات الهيكلية، تلك التي تعود إلى النمو الديموغرافي ، و استقلال البلد عن العالم الخارجي، و ضعف الإنتاجية ، حيث أن هذه العوامل كانت حاضرة خلال مختلف المراحل و احتلت وزن معتبر.

و الجدول التالي يبين ذلك:

جدول رقم :01 – تطور الإنتاج الداخلي الإجمالي (PIB ) من سنة 1994 إلى 2022

السنة
1994
1995
1996
1997
1998
1999
2000
2001
2022
2022
2022

PIB

بـ109دج
1487.4
2022
2570
2780.2
2810.1
3215.1
4078.7
4235.7
4446
5264.2
6100

معدل نمو PIB بالحجم

( %)
-1.1
3.8
3.8
1.1
5.1
3.2
2.5
2.1
4.1
6.8
5.2

معدل نمو السكان

( %)
2.2
1.9
1.7
1.6
1.57
1.51
1.48
1.55
1.53
1.58
1.63

المصدر : الديوان الوطني للإحصاء ( ons )

– و يعتبر معدل النمو المحقق غير كافي ذلك أن الدراسات بينت أنه لكي نحافظ على مستوى المعيشة للسكان، فإن معدل النمو في ( PNB ) يجب أن يكون في المتوسط في حدود 6 % عندما يزداد السكان بمعدل 1 %. فهذا النمو يبقى غير كافي و ذلك لـ:

* الاستجابة للاحتياجات الجديدة المتعلقة بزيادة السكان.

* لتعويض الخسائر الاجتماعية و اللاعدالة التي تراكمت منذ عدد من السنوات المتلاحقة.

* لتلبية الحاجات الجديدة الناتجة عن الانفتاح الاقتصادي و عامل المحاكاة مع أساليب و أنماط الاستهلاك للدول المتقدمة.

إن تأثير النمو الديموغرافي على التنمية من الممكن أن يكون ايجابي عندما:

* تكون هناك يد عاملة كثيرة، و أكثر تحركا و اقل تكلفة،

* تحفيزات كبيرة للاستثمار ( السكن ) و على الإنتاج ( استهلاك أكثر )

* درجة كبيرة من الديناميكية الناتجة عن تركيبة سكانية أكثر شبانية و أكثر حركة.

و تبن إحصائيات الديوان( ONS ) تطور السكان في سن النشاط ( 15-16سنة ) كان بمعدل %48 في 1977 إلى 52% عام 1987 ، و انتقل إلى 59 % عام 1998 . و المعطيات الأخيرة للديوان تبين أن هذه الزيادة لم تتوقف عن الصعود، حيث تصل إلى 62.2% عام 2022 و تصعد إلى 63.1 % عام 2022 لتستمر خلال السنوات اللاحقة .و هذا ما يسمح بتنامي الطلب بمعدل 1.7 % و مرونة متوسطة للشغل بمقابل معدل النمو بـ 0.5 . و تبين الدراسات انه لتقليص البطالة إلى النصف خلال 10 سنوات فان الإنتاج الداخلي الإجمالي يجب أن يتصاعد و ينمو بمعدل 6% سنويا[2].

و يمكن القول انه نتيجة لهذه المعطيات يتضح عدم التوازن بين نمـــو السكان المنتجين و النشـطين ، و بين النمو الاقتصادي الذي استمر في الظهور ،و الذي يفرض و بإلحاح ضرورة وضـــع وتـيرة ( رتم )جديد و أفضل توزيع للنمو و ذلك بالنظر للمخاطر المتعلقة بـ:

* تفاقم ظاهرة البطالة بمقابل قلة الاستثمارات الخالقة لمناصب الشغل،

* قلة ونقص الغذاء إذا الإنتاج الزراعي لم يساير هذا النمو السكاني،

* تفاقم الحالة الاجتماعية و ظهور و تفشي الآفات الاجتماعية الهدامة إذا الشباب لم يجدوا العمل والشروط الضرورية لتحقيق امالهم و تطلعاتهم.

2: عدة مناطق و جهات لم تستفيد من النمو الاقتصادي

خريطة الفقر المنشورة عام 2001 بينت البلديات الفقيرة من حيث المداخيل و مستوى التنمية البشرية للسكان. حيث 177 بلدية تضم ما مجموعه 1569637 ساكن صنفت فقيرة، و 46 من بين هذه البلديات تضم 410407 ساكن تجمع مواصفات الأشد فقرا [3].

و حسب خريطة الفقر فان البلديات الفقيرة تشترك في المواصفات التالية:

* تتواجد في مناطق نائية و جبلية و في الحدود،

* حجم هذه البلديات صغير ( صغيرة الحجم )

* لديها مداخيل ذاتية قليلة،

* لا تتوفر على أي إمكانية لبعث مشاريع سكنية،

* قلة تمدرس الأطفال و تفشي ظاهرة الأمية في أوساط سكانها.

هذه الحالة استدعت السلطات إلى بعث برامج الإنعاش الاقتصادي ( PSRE ) و برنامـــــج الدعـــــم الفلاحي

( PNDAR ) التي تهدف إلى التقليل من هذه الظاهرة .

3: الوزن الكبير لبعض القطاعات و الهيئات في تحقيق النمو، و غياب دور الباقي

هيكلة النمو الاقتصادي تشكل أحد الاهتمامات و الانشغالات على الرغم من التحسن في مستوى النمو الاقتصادي خلال السنوات الأخيرة.

يعود الدور الأكبر في تحسن النمو إلى قطاع المحروقات و الخدمات التجارية، و القطاع العمومي مازال هو الفاعل الرئيسي في هذا النمو. و يبقى تنويع الاقتصاد، و طبيعة هذا التنويع، و دور القطاع الخاص في هذه الاستراتيجية هي العناصر الجوهرية للإصلاحات الهيكلية المطلوبة لتنمية واقعية و مستدامة.

عن معدل النمو المحقق سنة 2022 و المقدر بنحو 6.8 % ، الذي لم تصله الجزائر منذ عشريتين، متبوع بمعدل 5.2 % في سنة 2022، تشكل مؤشر ايجابي على المستوى العام، إلا أن هيكلة الاقتصاد الوطني التي تعتمد على البترول و الغاز تشكل انشغالا مستمر، باعتبار أن الاقتصاد في هذه الحالة هو عرضة و رهينة التغيرات و الظروف الدولية المتحكمة في سوق النفط.

كما أن التقرير الصادر عن البنك العالمي تحت عنوان ” آخر التطورات و الآفاق المستقبلية الاقتصادية 2022، الأسواق المالية في عصر جديد للنفط “حيث أشار إلى أن الرخاء المالي الناتج عن ارتفاع أسعار النفط أخر و عطل الإصلاحات لاسيما الهيكلية منها.

و الجدول التالي يبين هيكلة القطاعات المساهمة في تحقيق معدلات النمو.

جدول رقم : 02 – تطور نصيب (% ) كل قطاع في تحقيق الإنتاج الداخلي الخام ( PIB )

1998
1999
2000
2001
2022
2022
2022

الفلاحة
2.51
11.9
9
10.4
10
9.7
9.1

المحروقات
24.5
29.6
42
36.5
35.1
35.3
38.2

الصناعة
9.9
9
7.7
7.9
7.9
6.5
6.0

الأشغال العمومية و البناء و المياه

( BTPH)
11.6
10.2
8.7
9.1
9.8
8.5
8.3

خدمات تجارية
26.8
25.6
21.6
24.2
24.8
21.5
20.7

خدمات غير تجارية
14.8
13.7
11
11.9
12.5
18.2
17.7

المجموع
100
100
100
100
100
100
100

المصدر : المصالح المنتدبة للتخطيط

يتضح أن قطاع الصناعة يعرف تناقص مستمر من حيث مساهمته في تحقيق ( PIB ) بسسب ما يواجهه من صعوبات هيكلية، و تسييرية و تسويقية، و القطاع الخاص الصناعي هو الآخر يعمل جاهدا لبلوغ متطلبات اقتصاد السوق في ظل عراقيل و متاعب تمويلية و تنظيمية متعددة و متشابكة على الرغم من الإجراءات المتعددة التي تصب في صالح المستثمرين.

الخـــــاتمة :

من خلال ما تم تحليله و مناقشته خلال فصول هذا البحث فإننا خلصنا إلى الاستنتاجات التالية:

– الاستنــــتاجات:

أن الجزائر أبدت إرادة قوية و بذلت جهودا معتبرة لتطوير و ترقية الاستثمار، و ذلك بانتهاج سياسة إصلاح اقتصادي، و بسن التشريعات و القوانين المحفزة للاستثمار، و بعث المؤسسات المؤطرة له، و تخصيص الأموال اللازمة لتطويره من خلال برامج الدعـــم، و الإنعاش الاقتصادي ( PSRE ).

و لكن راوسب و تبعات عملية التحول، من نظام ممركز إلى اقتصاد السوق و الإرث الكبير الذي ورثته عن نظام التسيير السابق حال دون تحقق النتائج بالقدر المطلوب و المنتظر، مما انعكس بعدم الفعالية عند تطبيق القوانين و بالتباطؤ عند تجسيد سياسة الإصلاح الاقتصادي.

و هو ما أضفى نوعا من الركود و الجمود على المشاريع الاستثمارية التي لم تواكب الحاجات الاقتصادية و الاجتماعية للمجتمع.

التوصــــيات

و بناء على ما تقدم يمكن اقتراح التوصيات و التي تقوم على النتائج السابقة:

– ضرورة إزالة المشاكل الهيكلية و التسييرية الموروثة عن النظام السائد قبل الإصلاحات، التي تعرقل جهود تطوير الاستثمار، و تكبح النمو الاقتصادي، إذ على الرغم من تغير القوانين و التشريعات إلا أن الذهنيات و المعاملات لم تتغير.

و في هذا الإطار يجب:

· ضرورة الإصلاح الإداري، للقضاء على مظاهر الفساد الإداري، و الذي يغلب عليه مشكلتين أساسيتين هما: البيروقراطية و الرشوة، و محاربة كل أشكال مقاومة الإصلاحات.

· ضرورة مواصلة إصلاح نظام العدالة و عصرنته و التعجيل بوضع الآليات التطبيقية للقوانين المتعلقة بمكافحة الرشوة و الفساد و محاربة تبييض الأموال، و كذلك تحسين التكوين و أكثر تخصصا في القضايا المتعلقة بالاستثمارات المحلية و الأجنبية، و إنشاء المحاكم المتخصصة في النزاعات الاقتصادية و الاستثمارية بالخصوص، و بعث ثقافة حقيقية للتحكيم و الإسراع في تنفيذ قرارات العدالة لاسيما ما يتعلق بالاستثمارات.

فعلى الرغم من الايجابيات الكبيرة التي جاءت بها الإصلاحات الأخـيرة إلا أن البيروقراطية و نقص الـثقة فـي النظام القـضائي و بالأخص في حل النزاعات التجارية تشكل عقبات للاستثمار خاصة الأجنبي منه.

– ضرورة الإسراع في الإصلاحات و بالخصوص الإصلاحات المصرفية و المالية و أكثر استثمار في تحسين بيئة أداء الأعمال و ذلك بوضع سياسة حقيقية لتطوير الاستثمار تستجيب لعديد المؤهلات التي تتوفر عليها الجزائر، و ذلك حتى تجني الآثار الايجابية على النمو و التنميـة الاقتصادية، و في خلق فرص العمل و في تحويل التكنولوجيا.

و الإسراع في الإصلاحات، لا يمكن أن يتحقق إلا بتدعيم التنسيق ما بين السياسة الاقتصادية القطاعية للحكومة و أيضا ما بين مختـلف الفاعلـين فـي الاستثمـار ( إدارات عمــــومية فيما بينها، و الحوار ما بين القطاع العمومي و القطاع الخاص ).

و في هذا الإطار يجب:

· تنمية سوق المال في الجزائر و القضاء على مسببات جمود بورصة الجزائر.

· إصلاح و تنمية الجهاز المصرفي، و ذلك ببعث البنوك المتخصصة و التي لها علاقة مباشرة بتطوير الاستثمار.

· الإصلاح الضريبي و محاربة التهرب و الغش الضريبي، و وضع هندسة ضريبية ملائمة لتطوير الاستثمار و تخدم الأهداف التنموية للاقتصاد الوطني.

– الحكومة مطالبة بالإسراع بعملية تطوير و تحرير النظام الاقتصادي، و ذلك بتحليل وزن الدولة في الاقتصاد، و تسهيل و تدعيم لدور القطاع الخاص و بخلق مناخ ملائم لخلق الثروة، الذي يسمح بتدفق و رواج الاستثمارات. إذ أن المرحلة الحالية تتطلب جهدا تكامليا بين القطاع الخاص و القطاع العام على المستوى الوطني أو حتى الدولي، للاستفادة من المنافع العديدة للاستثمار الأجنبي، و ذلك في إطار التصور التنموي الشمولي الذي تضعه الدولة لهذا الغرض.

و في هذا الإطار يجب:

– على الدولة أن تدعم خلق قطاع خاص قوي يكون بمقدوره تنمية القطاع الخاص الجزائري و دفعه نحو النمو أكثر، حيث أن الدولة يمكن أن تخلق الشبكة و تطبق بعد ذلك استراتيجية توجيهية.

و تعمل أيضا على:

· تطوير القطاع الخاص الوطني و المؤسسات الصغيرة و المتوسطة، و تأهيلها حتى تقوى على المنافسة و القضاء على العراقيل التي تعيق نموه و تطوره و بالخصوص:

* تعميق الحوار ما بين القطاع الخاص و القطاع العام

* تقليص وزن الاقتصاد الموازي من خلال تشجيع و تسهيل آلية القرض المصغر.

* تبسيط الإجراءات البنكية ( بالخصوص لدى بنوك القطاع العام ) لتسهيل عملية الحصول على القروض و إضفاء الشفافية و السرعة في دراسة ملفات طالبي القروض

* تمكين و تدعيم حصول مؤسسات القطاع الخاص على التكنولوجيا، من تجهيزات حديثة و معرفة، من خلال تطوير الاتصال مع المراكز الوطنية الأكاديمية و التقنيـة والمؤسسات الأجنبية العاملة في الجزائر.

· إعادة توجيه القطاع العام، من خلال الاهتمام بالمجالات التي تشجع نمو الإنتاجية و تمكن من تحسين الانتفاع من الطاقة الإنتاجية الموجودة و يتعلق هذا التوجيه بـ:

* تشجيع الاستثمار الحكومي المنتج.

* الاهتمام بعمليات تشغيل و صيانة الاستثمارات الرأسمالية من أجل ضمان نجاحها.

* الاهتمام بعلاج مصادر انخفاض الإنتاجية في الحكومة.

* البحث عن كفاءة الإنتاج العام.

* العمل على تقليص و عقلنة الاستهلاك الحكومي.

– العمل على خلق جو و مناخ مساعد للاستثمار الأجنبي و هذا يكون عن طريق:

· تطوير الإطار القانوني و المؤسساتـي المتعلق بالاستثمار الأجنـبي المبـاشر، و بطوير الرؤية و الشفافية للتشريعات الوطنية المتعلقة بالاستثمار، و سد الثغرات التشريعية الموجودة في الأمر 03-01 لسنة2001 و تدعيم التنسيق ما بـين مـختلف الهيئات المكلفة بالاستـثمار و بالخصوص مابينتعليم_الجزائروزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالمساهمة و تطوير الاستثمار MDPPI،و الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار ANDI،و الصندوق الوطني للاستثمار CNI ).

· العمل على استقطاب و توطين الرأسمال الوطني الموجود في الشتات، ( في الخارج ) و فتح المجال أمام الجالية الجزائرية الموجودة في الخارج للمساهمة في التنمية و الاستثمار في بلدهم.

· العمل على زيادة نصيب الجزائر من الاستثمارات العربية البينية و ذلك بتدعيـم الاتصالات و تبادل الأفكار مع المتعاملين العرب لرفع الحواجز و العراقيل التي تحول دون استقطاب الرأسمال العربي، خصوصا بعد التضييق على العرب في الغرب، و سعي رجال الأعمال العرب إلى التوطين في أماكن أخرى أكثر راحة و ربحا.

· إعداد بنك معلومات حول تدفق و اتجاه الاستثمارات الأجنبية حسب القطاعات و حسب البلد مصدر الاستثمار، و وضع آلية تقنية لمتابعة الاستثمارات.

· وضع سياسة فعلية لتطوير الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ترتكز على التقنيات لجذب المستثمرين، على أساس تكوين عالي للموظفين العاملين في الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار(ANDI ) و دبلوماسيين متخصصين في الخارج.

– تطوير و تنمية الموارد البشرية حسب احتياجات السوق، حيث يشكل مستوى تكوين و تأهيل الرأسمال البشري أحد المحددات الاستراتيجية لتطوير الاستثمار بصفة عامة، و لتوطين الاستثمارات الأجنبية و جذبها، و في هذا الإطار يجب:

· رفع و زيادة الأموال المخصصة للبحث و التطوير و الموجهة للجامعات و مراكز البحوث.

· تدعيم البحوث العلمية لدى القطاع الخاص، من خلال الإجراءات و الحوافز الجبائية للمؤسسات التي تبحث و تتطور.

· خلق روابط ما بين الجامعات و مراكز التكوين المهني و مراكز البحوث. هذه السياسة يجب أن تسمح للمتعاملين الاقتصاديين الوطنيين و الأجانب بالدخول في إنجاز برامـج الدراسات، و ذلك لتلبية احتياجات سوق العمل، و المساهمة في تـمويل معاهـد البـحث و الجامعات.

· تنويع و تطوير عروض التكوين الجامعي، و ما بعد التدرج في مجال إدارة الأعمال و تسيير المؤسسات، الاقتصاد، المالية، الهندسة…

· تشجيع التكوين و التبادل الدولي في مجال البحث و التكوين بين المعاهد و الجامعات و ذلك بتسطير برنامج لتبادل الطلبة و الباحثين و الأساتذة.

· تشجيع و حماية و تسويق نتائج البحوث العلمية من خلال ثقافة و آلية للحمايـة الفكريـة و الإبداعية لدى المتعاملين الاقتصاديين.

– يجب استغلال الوضعية المالية و السياسية الحالية لدفع التنمية و النمو الاقتصادي، فإلى جانب توفر وفرة مالية نجد غياب معارضة قوية قادرة على خلق الصراعات و منها تعطيل إنجاز البرامج المسطرة من قبل الحكومة.

فكل هذا من شأنه أن يخدم سياسة الاستثمار التي تنتهجها البلاد و يحدث تنمية واقعية و شاملة.

– يجب توجيه الاهتمام أكثر للاستثمار في القطاع المنتج الخالق للثروة دون التركيز على الهياكل القاعدية في استنزاف الثروة المتاحة.

– القطاع الخاص الأجنبي يجب أن يكون مكملا للقطاع الخاص الوطني، حيث من الخطأ التعويل على القطاع الخاص الأجنبي لدفع الاقتصاد.

– العمل على ضمان الاستقرار السياسي و الأمني كإطار عام لنجاح أي سياسة يريد البلد انتهاجها و تجسيدها.

مصادر البحث:

* منصـوري زيـن ليسانس علوم اقتصادية ، سنة التخرج 1989، من جامعـــة: الجزائر ، ماجستـيـر ، سنة الحصول عليها :1999 ، من جامعـــة: الجزائر. دكـتـوراه : سنة الحصول عليها 2022. – الوظائف: أستاذ مساعد مكلف بالدروس منذ سنة 2000 إلى يومنا هـذا. رئيس فرع المحاسبة و الضرائب، جامعة الشلف 2001/2003. رئيس فرع الإعلام الآلي للتسيير، جامعة الشلف2003/2005 . عضو اللجنة العلمية لقسم علوم التسيير من 2000/2005. عضو المجلس العلمي لكلية الاقتصاد، جامعة الشلف من 2001/2005. أستاذ مكلف بالدروس، جامعة سعد دحلب البليدة 2022/2006. الأنشطة العلمية: المشاركة في عدة ملتقيات دولية و وطنية ( 03 دولية، 03 وطنية )، الاستفادة من عدة تربصات في الخارج ( 04 تربصات، مصر ).

– مداخلة السيد مقدم، خبير ديموغرافي بمناسبة اليوم العلمي حول متطلبات الهيكلة العائلية: ceneap ديسمبر 2022

– المجلس الاقتصادي و الاجتماعي ( CNES )، تقرير جويلية 2022

– جريدة الخبر بتاريخ 16 سبتمبر 2022.

– Examen de la politique de L’Investissement, Algérie, version préliminaire, non éditée, Nations unis, Genève, Décembre2003.

– UNCTAD hand book of statistics, Manuel des statistiques de la CNUCED, 2022, 2022.

– Rapports De L’ A.N.D.I (Agence Nationale de Développement des Investissements). ” LA PRIVATISATION PUBLIQUES ECONOMIQUES DES ENTREPRISES”, Novembre 2022

[2] مداخلة السيد مقدم ، خبير ديموغرافي بمناسبة اليوم العلمي حول متطلبات الهيكلة العائلية : ceneap ديسمبر 2022.

[3] المجلس الاقتصادي و الاجتماعي ( CNES )، تقرير جويلية 2022


[rainbow]شكرا جزيلا على المجهودات المبذولة[/rainbow]

الاقتباس غير متاح حاليا
الاقتباس غير متاح حاليا

الاقتباس غير متاح حاليا

الاقتباس غير متاح حاليا

التصنيفات
البحوث التجارية

بحث حول تاثير الاشهار على سلوك المستهلك

كاديمية السادات للعلوم الإدارية
كلية العلوم الإدارية

الإعلان وتأثيره على سلوك المستهلك

مقدم من : مروان سيد محمد الطوانسي
محمد شوقي محمد أحمد سليمان
عمرو رأفت عبد المنعم

السنة : الثانية
مجموعة : 5B

مقدم إلى : د . سحر أحمد نجاتي

عام 2022 – 2022 م

المبحث الأول

الإعلان
المبحث الأول : الإعلان

مقدمة :
يمكن تعريف إنسان هذا العصر ، بأنه ذلك الكائن البشري الذي تحيط به الإعلانات أينما توجه وحيثما نظر؛ فسواء كان في بيته أو في مكان عمله تحيط به الإعلانات شاء أم أبى . لذا فيمكننا دون أي تجاوز أن نسمي هذا العصر عصر الإعلان . “الإعلان” تلك الكلمة الساحرة التي تسيطر على عصر بأكمله.
والإعلان فن يتطور تطوراً ذاتياً بالتطور التقني الذي نصل إليه ، فمع التطور الكبير الذي أحدثته الحواسب الآلية في عالمنا اليوم ، انعكس ذلك بدوره على عالم الدعاية و الإعلان فأصبح تصميم الإعلانات وإخراجها به من التطور والجاذبية الشيء الكثير.

ولكن ما هو الإعلان ؟
أولاً : مفهوم الإعلان:
الإعلان أحد عناصر المزيج الترويجي ، بل إنه العنصر الرئيسي فيها . ولعل أبسط تعريف للإعلان أنه : (( وسيلة للتعريف بسلعة أو خدمة ؛ بغرض البيع أو الشراء )) .

وقد تم تقديم تعريف آخر للإعلان وهو :
((الإعلان هو الرسالة البيعية الأكثر إقناعاً ، والموجهة إلى العميل ، سواء لِمنتَج أو خدمة ، وبالتكلفة الأقل)).
فلا يمكن قصر دور الإعلان على خدمة عملية بيع السلعة أو الخدمة ، وهو أمر لا يتفق وواقع المجالات التي اقتحمها الإعلان . نعم ، الإعلان وسيلة أساسية في مجال بيع السلعة . كما أنه وسيلة أساسية في مجال تقديم الخدمة . ولكن للإعلان أيضاً دوره البارز في مجال بيع الفكرة أو المعلومة .

وعلى هذا فإننا نُعرّف الإعلان على النحو التالي :
((الإعلان هو وسيلة للتعريف بسلعة أو خدمة بغرض البيع أو الشراء أو لفكرة
أو لرأي بغرض كسب القبول والتأييد)) .

والإعلان بناءً على ما سبق ، له خصائص هامة نوجزها فيما يلي :

خصائص الإعلان وحدوده :
‌أ- الإعلان رسالة محكومة :
يدفع المعلن مقابلاً مالياً للمساحة التي يحتجزها في الصحيفة أو المجلة ، أو للزمن الذي يشتريه في الإذاعة أو التليفزيون . وما دام المعلن يدفع فإن له الحق الكامل في تحديد مساحة أو زمن أو وقت النشر أو الإذاعة وموضوع الرسالة الإعلانية ، ما دام هذا الموضوع لا يتعارض مع القانون أو الآداب العامة أو قيم المجتمع .

‌ب- الإعلان رسالة إلى عدد كبير من الناس:
يتلقى الإعلان الواحد عدد كبير من الأفراد ، ومن ثم فإن ما يتكلفه المعلن لتوصيل الرسالة إلى كل فرد منهم يكون دائماً مبلغاً زهيداً ، إذا ما قيس بتكلفة إرسال الرسالة بطرق أخرى إلى كل فرد .

‌ج- الإعلان أسرع وسائل الإتصال:
فالإعلان وسيلة سريعة لتوصيل رسالة إلى عدد كبير من الناس في نفس الوقت . ولو تصورنا وسيلة أخرى ، كأن تخصص مجموعة من أفراد المنظمة للإتصال بكل متلقي هاتفياً أو شخصياً ، لأمكننا تصور حجم الوقت والتكاليف التي أغنانا الإعلان عنها .

ثانياً : أهمية الإعلان:
يمكن النظر إلى الإعلان اليوم بوصفه عالماً متكاملاً . فقد ينشر الفرد إعلاناً لطلب وظيفة أو لطلب شقة أو قطعة أرض ، وقد ينشر إعلاناً لبيع أدوات منزلية لم يعد في حاجة إليها . فالإعلان هام لكل مَن لديه شيء يود بيعه أو لديه شيئاً يود شراؤه . وقد امتد الإعلان أيضاً إلى الخدمات ، بل وإلى الأفكار أو الآراء . وقد قدر ما أنفق على الإعلان في الولايات المتحدة في عام 1972 بنحو 23 بليون دولار ، إرتفعت في عام 1980 إلى 55 بليون دولار . ويقدر ما أنفق علي الإعلان في الولايات المتحدة في عام 2000 بنحو 320 بليون دولار ، وأن ما سوف ينفق على الإعلان على مستوى العالم في هذه السنة يصل إلى 780 بليون دولار(1) .
(1) Aakr, David A., & John G Myer, Advertising Management, Prentice-Hall, 1989, P.5

ولسوء الحظ لا يصدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ، إحصاءات مماثلة عن السوق المصرية ، كما لاتوجد أيضاً بيانت منشورة مماثلة عن الأسواق العربية .
ثالثاً : من يقوم بالإعلان ؟:
 وكالات الإعلان المستقلة
 أقسام الإعلان بالشركات الكبرى
 أقسام العلاقات العامة بالشركات والمؤسسات
 الجرائد والمجلات ودور النشر
 المكاتب المتخصصة في الإعلان

رابعاً : أطراف العملية الإعلانية :
هناك طرفان أساسيان في العملية الإعلانية:
1. وكالات وشركات الإعلان : وهي المنتج للإعلانات على اختلاف أنواعها
2. وسائل الإعلام : وأبرزها الصحف والمجلات وقنوات التليفزيون والإذاعة

خامساً : أنواع الإعلان:
يمكن تصنيف الإعلان من عدة زوايا . ولعل أهم هذه الزوايا ، تصنيف الإعلان من وجهة نظر المتلقي حيث يصنف إلى ستة أنواع هي :
1- الإعلان القومي National Advertising
قد يُطلق أيضاً على هذا النوع Brand – Name Ad ويركز الإعلان القومي على السلع التي تباع في المتاجر . والتركيز هنا يكون على السلعة ذاتها وليس على المكان الذي تباع فيه . وينتشر هذا الإعلان من خلال الصحف والمجلات أو التليفزيون والإذاعة .
2- إعلانات تجارة التجزئة Retail Ad
وقد يُطلق على هذا النوع الإعلان المحلي Local Ad ويستهدف التوصل إلى العميل المحتمل لمتجر معين ، ويتضمن هذا النوع عادةً ذكر السلعة . ويظهر هذا الإعلان في الصحف وفي الإذاعة والتليفزيون ويظهر بعضه في الطبعات المحلية من المجلات القومية .
3- إعلانات البريد Mail – Order Ad
وقد يُطلق عليها أيضاً إعلانات التسويق المباشر Direct Marketing Ad حيث تُطلب السلعة عن طريق السلعة البريد أو بالتليفون ، وتصل السلعة للمستهلك أيضاً عن طريق البريد أو بوسيلة نقل أخرى .
ويشتمل هذا النوع على صفات كل من الإعلان القومي وإعلان تجارة التجزئة ، ويستخدم أساساً المجلات أو يرسل للعميل المحتمل بالبريد ، ولكنه قد يستخدم كذلك الإذاعة والتليفزيون .
4- الإعلان التجاري Trade Ad
وهذا الإعلان موجه إلى تجار التجزئة وتجار الجملة والوسطاء ، فهم العملاء بالنسبة له ، وهم يشترون السلع بغرض إعادة بيعها للآخرين . وبدلاً من التركيز على منافع السلعة ، فإن هذا الإعلان التجاري يركز على الربح الذي يمكن أن يحققه التاجر أو الوسيط من شراء أو تخزين السلعة .
5- الإعلان الصناعي Industrial Ad
والعملاء الموجه إليهم هذا النوع من الإعلان هم الصناعيون الذين يشترون المواد الخام والآلات والأجهزة والمعدات المختلفة .
ويعتمد كلٍ من الإعلان التجاري والإعلان الصناعي على النشر في المجلات التجارية المتخصصة ، وعلى الإعلان المباشر بالبريد .
6- الإعلان المهني Industrial Ad
وهو الإعلان الموجه إلى أصحاب المهن مثل الصيادلة والمهندسين والأطباء والمكاتب الإستشارية والخبراء في التخصصات المختلفة ، الذين يشتغلون بتقديم المشورة إلى آخرين وينصحونهم بالنسبة لما يشترون .
ويركز الإعلان المهني ، على المنافع التي يحققها المشتري . ويستخدم أساساً المجلات التجارية والإعلان المباشر بالبريد .

كما يمكن تقسيم أنواع الإعلانات إلى :
1. الإعلانات المطبوعة ، وهي الأقدم على الاطلاق بين فنون الإعلان وهي إعلانات الصحف والمجلات والدوريات والمنشورات والملصقات .
2. الإعلان الغير مباشر ومنها الكتيبات والمطويات التي ترسل بالبريد لأشخاص بعينهم .
3. الإعلانات الخارجية، إعلانات الشوارع والمعارض والإعلانات على جوانب الحافلات العامة .
4. الإعلانات المسموعة وهي الإعلانات الاذاعية التي تبث على موجات الأثير الإذاعي .
5. الإعلانات المسموعة والمرئية وهي إعلانات التليفزيون وهي الاكثر انتشاراً الآن وكذلك إعلانات دور السينما.
6. الإعلانات على شبكة الإنترنت ، وقد زادت أهميتها بازدياد أهمية شبكة المعلومات العالمية كوسيط إعلامي هائل وتطورت إعلانتها حتى وصلت إلى المستوى المتقدم الذي نراه اليوم .
7. الإعلانات على شاشة الهاتف الجوال ، بعد ازدياد عدد مستخدميه حول العالم فأصبح وسيلة إعلامية هامة.

سادساً : أهداف الإعلان:
لما كان المفهوم الحديث للتسويق يركز على تحقيق إشباع رغبات المستهلك ورضاؤه أكثر من تركيزه على تحقيق الربح فإن الوصول إلى سياسة إعلانية سليمة وواضحة يتجاوز مجرد الرغبة في تعظيم الربح أو تعظيم المبيعات.
فقد يجري تحقيق تعظيم الربح بمبيعات أقل مع إقتصاديات أفضل وفي ظل الأسواق الواسعة المركبة قد تتزايد المبيعات الكلية لمجموع المنتجين في الوقت الذي تستهدف فيه المنظمة المحافظة على حصتها السوقية . وقد تتزايد الحصة السوقية للمنظمة إلى درجة تكسبها وضعاً إحتكارياً وهنا يتخذ الإعلان هدفاً آخر وهو الحفاظ على العادات الشرائية للمستهلكين . ومما سبق يتبين أن لدينا أربع أهداف للإعلان:
1- هدف تعظيم المبيعات.
2- هدف تعظيم الربح.
3- هدف المحافظة على الحصة السوقية سواء بغرض الإبقاء على حجم الإنتاج في المنظمة عند مستواه الأنسب أو المحافظة على الحصة السوقية أو منع دخول منافسين جدد.
4- هدف فتح أسواق جديدة سواء بالبيع لشرائح جديدة في السوق او بالدخول في مجالات إنتاجيه جديدة أو للتصدير .
سابعاً : وظائف الإعلان:
يتفق معظم الكتاب على أن للإعلان وظائف محدده وهي كالتالي:
أ – جذب انتباه المتلقي.
ب- إثارة اهتمام المتلقي.
جـ- خلق أو تطوير الرغبة لدى المتلقي نحو السلعة المحلية المعلن عنها.
د – إقناع المتلقي بشراء السلعة المعلن عنها أو الخدمة أو قبول الأفكار التي يتضمنها الإعلان.
هـ- إرشاد المتلقي إلى المكان الذي يمكن له شراء السلعة منه أو إستنداء الخدمة أو توجيه الملتقي إلى أعمال معينة.

وهناك حالات أخرى يستخدم فيها الإعلان لتحقيق أغراض أخرى مثل :
1- أن يكون الإعلان جزء من حمله للعلاقات العامة تستهدف تنمية معلومات أفضل عن المنظمة وعن نشاطاتها وتحقيق مزيد من القبول لها في المجتمع .
2- أن يكون الإعلان بهدف نشر معلومات ومثال ذلك إذا ما كانت الحكومة بصدد إصدار تشريع جديد أو اتخاذ إجراءات معينة تستهدف إعلام المواطنين بها.

ثامناً : المبادئ الأساسية للإعلان :
1- اتباع الأسلوب العلمي في البحث والدراسة فيما يتعلق بكل من المستهلك المقصود توجيه الإعلان إليه والسلعة المعلن عنها وكذلك الدراسة الفنية لتصميم وإخراج الرسالة المعلن عنها وكذلك الدراسة الفنية لتصميم و إخراج الرسالة الإعلانية المراد نشرها .
2 – أن تكون السلعة أو الخدمة المعلن عنها ذات فائدة حقيقة للمستهلك المرتقب .
3- أن يتم تصميم و إخراج الرسالة الإعلانية بشكل جيد ويراعى فيها أن تكون قادرة على لفت نظر القارئ أو المستمع أو المشاهد لها.
4- أن تحوز الرسالة الإعلانية ثقة قرائها أو سامعيها أو مشاهديها حيث أن نجاح الإعلان يتوقف أساساً على ثقة الجمهور فيه.
5- الإمتناع عن كل ما هو يؤدي إلى إساءة إلى الشعور العام للجمهور سواء من النواحي الدينية أو التقاليد الاجتماعية أو ما يخدش أحاسيس الجماهير .
6- أن يحقق الإعلان مصلحة المعلن بأن يدار بطريقة اقتصادية.
7- لا يجوز أن يحتوي الإعلان على اسم أو صور لشخص ما دون الرجوع إليه.
8- كفاية وسائل نشر الإعلانات المستخدمة في الإعلان بحيث يمكن لها تنقل الرسالة الإعلانية إلى أكبر عدد ممكن من الجمهور المرتقب.
9- تجنب الخروج عن الآداب أو التقاليد و الأعراف السائدة في المجتمع.
10- تجنب الأضرار بصحة الجمهور.
11- الإمتناع عن الأضرار بأموال الجمهور مثل التخفيض الوهمي .
12- أن يتمثل في الإعلان الصدق وتجنب الخداع والكذب أو التضليل.
13- الإعلان ذو صفة عامة ويعتمد على ثقة الجمهور به.
14- إن وظيفة الإعلان الأولى هي إخبار الجمهور بمزايا السلع والخدمات المنافسة وتشكيك الجمهور فيها.
مع من تتعامل وكالات الإعلان ؟
1. المطابع .
2. الصحف والمجلات والدوريات المطبوعة .
3. الراديو والتليفزيون .
4. متعهدو تنظيم الحفلات والمناسبات .
5. وكالات الأبحاث التسويقية .
6. شركات التوزيع .
7. متعهدو توريد الوجوه الجديدة .
8. وكالات المساحات الإعلانية .
9. شركات التوظيف المتخصصة .

المبحث الثاني

سلوك المستهلك
المبحث الثاني : سلوك المستهلك
تمهيد
يعتبر المستهلك حجر الزاوية في النشاط التسويقي الناجح حيث تحدد رغبات المستهلكين وخصائصهم معالم الإستراتيجية التسويقية الفعالة في العصر الحديث. لذلك فإن دراسة سلوك المستهلك تعد من الأسس الهامة لنشاط التسويق المعاصر وأحد التطورات العلمية التي أثرت في النظام التسويقي السائد في الربع الأخير من القرن العشرين.
تعريف سلوك المستهلك : Consumer Behavior
يقصد بمصطلح سلوك المستهلك كافة الأنشطة التي يبذلها الأفراد في سبيل الحصول على السلع والخدمات والأفكار واستخدامها ببما فيه الأنشطة التي تسبق قرار الشراء وتؤثر في عملية الشراء ذاتها .
وينطبق هذا التعريف على كل من المستهلك النهائي والمشتري الصناعي على حدٍ سواء ، وإن كان المشتري الصناعي يتعرض لبعض المؤثرات الإضافية اخاصة بالمنظمة التي يعمل فيها .
والإجابة التي على سؤال العوامل المؤثرة في سلوك المستهلك ؟ تتلخص في أن سلوك المستهلك هو دالة لتفاعل مجموعتين من العوامل أو المؤثرات البيئية ، حيث يتحدد سلوك المستهلك نتيجة تفاعل هاتين المجموعتين .
فمن ناحية ينشأ الفرد في أسرة معينة ويعيش الفرد في مجتمع معين له عاداته ومعتقداته الثقافية يؤثر فيها ويتأثر بها ، ومن ناحية أخرى تختلف دوافع وحاجات واتجاهات الفرد وبالتالي سلوكه ، وفي التحليل النهائي تكون المحصلة تعتمد على التكوين النفسي للفرد والعوامل الخارجية للبيئة . وبشكل أكثر تحديداً فإن العوامل المؤثرة في سلوك الفرد تشمل :
• العوامل أو المؤثرات الخارجية :
1- الثقافة .
2- الطبقة الإجتماعية .
3- الجماعات المرجعية .
4- قادة الرأي .
5- الأسرة .
• العوامل والمؤثرات الداخلية :
1- الدوافع والحاجات .
2- الإدراك .
3- التعلم .
4- الإتجاهات .
5- الشخصية .

ويحدد الشكل التالي المحددات الداخلية والخارجية لسلوك المستهلك .

العوامل الخارجية المؤثرة في السلوك الشرائي للمستهلك:
– الثقافة Culture
يمكن تعريف الثقافة بأنها النسيج المتكامل من الخصائص المميزة للسلوك المكتسب التي يشترك فيها أفراد مجتمع معين. (1)
تعبر الثقافة عن مجموعة القيم والأفكار والاتجاهات والرموز التي يوجهها الأفراد في مكان معين والتي تشكل السلوك الإنساني للمجتمع إذ يتم انتقالها من جيل إلى آخر والحفاظ عليها ومن ثم تؤثر الثقافة على ما يشتريه الأفراد ويستعملونه من المنتجات المختلفة كالملابس والطعام وغيره.
ويمكن الاستفادة ن ذلك في الإعلان بمحاولة تفهم الثقافة والثقافة الفرعية للجمهور المستهدف من الإعلان بحث تتناسب الرسالة الإعلانية مع ثقافة المعلنة إليهم.

– الطبقات الاجتماعية:Social Class
وتعرف الطبقة الاجتماعية بأنها مجموعة من الأفراد الذين يتصفون بالتمثل والتشابه في بعض الخصائص الاقتصادية والاجتماعية ولذلك فهم يشتركون في الاتجاهات والمعتقدات أو القيم وتبنى فكرة الطبقات الاجتماعية على أنه عند انتماء الفرد إلى جماعة معينة فإن هذه الجماعة تؤثر في اتجاهاته وقيمه وعاداته الشرائية ونوعية السلع التي يقوم بشرائها وكيفية توزيع الدخل على البنود المختلفة للإنقاص ومن ثم يحدث التشابه والتماثل بين أفراد الطبقة الواحدة ومن الممكن تقسيم المجتمع الأمريكي إلى ستة طبقات تشمل:

1- الطبقة العليا للطبقة العليا وتشمل طبقة الأغنياء بالمولد أو الميراث
2- الطبقة الدنيا للطبقة العليا وتشمل الأغنياء حديثا ً نتيجة لمجهوداتهم
3- الطبقة العليا للطبقة المتوسطة وتشمل الأفراد الذين يمتلكون بعض المشروعات الاستثمارية الصغيرة أو بعض المهن النادرة كالأطباء والمهندسين وأساتذة الجامعات.
4- الطبقة الدنيا للطبقة المتوسطة وتشمل الموظفون الإداريون بالحكومة والشركات
5- الطبقة العليا للطبقة الدنيا وتشمل الحرفيون ذوى المهارات العالية كالميكانيكية وعمال البناء
6- الطبقة الدنيا للطبقة الدنيا وتشمل العاملون الذين لا يحتاجون لقدرات خاصة مثل عمال النظافة

(1) Hoebel 1960

– الجماعات المرجعية: Reference Group
وتعرض الجماعات المرجعية بأنها الجماعات التي يرغب الفرد الانتماء إليها ويسعى لتبنى اتجاهاتها ومعتقداتها وتساعد الجماعات المرجعية الفرد في:

1- تكوين اتجاهاته نحو مختلف الموضوعات والأشياء.
2- تحديد السلوك المناسب في المواقف المختلفة التي يواجهها ويمكنه تقسيم هذه الجماعات من أكثر من زاوية:

1- من حيث حجم الجماعة وإمكانية الاتصال بين أفرادها توجد الجماعات الأولية والجماعات الثانوية وتشمل الجماعات الأولية في الأسرة والأصدقاء والجيران حيث يكون اتصال المجموعة بأعضائها مباشرة وشخص مستمر أما الجماعات الثانوية فهي التي لا تتصف بالاتصال المباشر والدائم مثل الجماعات المهنية وجماعات الأندية.

2- من حيث العضوية تنقسم إلى جماعات عضوية وهى التي يتطلب الانضمام إليها دفع رسم معينه مثل جماعات الأندية والجماعات المهنية وجماعات عدم العضوية وهى التي لا يتطلب دفع رسوم عضوية مثل جماعات الأصدقاء أو المساجد .

– دورة حياة الأسرة: Family
تمر الأسرة بعدد من المداخل خلال دورة حياتها تتميز كل مرحلة بعد من الخصائص التي تنعكس على نمط استهلاك الأسرة كمرحلة المتزوجين الجدد بدون أولاد ثم المتزوجين ولديهم طفل واحد ثم مجموعة من المراحل الأخرى التي تنتهي بالشخص يعيش وحيداً بعد تقدمه في السن ومن الطبيعي أن تختلف القرارات الشرائية من مرحلة إلى أخرى.
ويمكن للمعلن الاستفادة من معرفة المراحل المختلفة التي تمر بها الأسرة في تقسيم السوق إلى قطاعات سوقية مختلفة وتصميم الإعلان المناسب لكل قطاع من هذه القطاعات وفقا لخصائص الجمهور المستهدف من الإعلان.

المؤثرات النفسية في سلوك المستهلك:
تتضمن المؤثرات الشخصية: الدوافع، الإدراك، التعلم، التصرف، الشخصية.
1ـ الدوافع:ـ
تشير النتائج التي أسفرت عنها الدراسات التي قام بها علماء النفس إلى أن سلوك الإنسان يوجه ناحية إشباع الحاجات الأساسية. ولا يعني هذا أن كل فرد يتصرف في نفس الاتجاه، ويعتمد ذلك على طبيعة هذه الحاجات وعلى المجتمع المحيط والظروف السائدة.وسنجد الكثير من التطبيقات لموضوع الدوافع في ميدان التسويق. ويعتمد نجاح تسويق سلعة معينة على قدرتها على إشباع الكثير من الحاجات دفعة واحدة.
ولقد تقدمت طرق البحث في موضوع الدوافع فتمكنت من تحديد قوة وضعف علامة معينة على ضوء ما تحققه من إشباعات.
وبالتالي أصبح موضوع الدوافع سواء أكانت أساسية أو مكتسبة في منتهى الأهمية بالنسبة للنشاط التسويقي.
2ـ الإدراك:ـ
الإدراك من وجهة النظر التسويقية هي العملية التي تشكل انطباعات ذهنية لمؤثر معين داخل حدود معرفة المستهلك.
ويدرك المستهلك سلعة معينة ويدرك خصائصها عندما يجرب هذه السلعة.
كما أن لتصميم السلعة وتغليفها تأثير واضح عند الاختبار.
3ـ التعلم:ـ
هو جميع التغيرات التي تطرأ على السلوك لمواقف مشابهة.
وتعتبر الإعلانات من أهم المؤثرات التي يعتمد عليها رجال التسويق.
4ـ التصرف:ـ
يعني التصرف الاستجابة إلى مؤثر معين فيؤدي إلى سلوك وفعل معين.
ـ والتأكيد على تصرفات المستهلكين يعتبر أسهل طريق في التسويق إذ يمكن أن نقوم بتذكير المستهلكين بالأسباب التي من أجلها أحبوا السلعة، ولماذا يجب عليهم الاستمرار في ذلك.
ـ ومن المعروف أن محاولة تغيير تصرفات الناس أصعب بكثير من محاولة تأكيدها أو تثبيتها، وتطبيقًا لهذا يؤكد رجال التسويق على صعوبة تحويل معتادين على علامات معينة، ولكن من السهل تكوين مستهلكين جدد للسلعة الجديدة في الأسواق الجديدة.
5ـ الشخصية:ـ
اهتمامنا بشخصية المستهلك إنما يرتبط بفرض مؤداه، أن شخصية الإنسان تجعله يستجيب بطريقة معينة أو بنفس الطريقة إذا تعرض لنفس المؤثر.
المؤثرات الاجتماعية في سلوك المستهلكين:-
ينظر رجال الاجتماع إلى النشاط التسويقي على أنه نشاط مجموعة من الأفراد متأثرين بضغوط الجماعات وبرغبات الأفراد.
المفاهيم الاجتماعية …
الجماعة:ـ
إن المجموعات المختلفة التي ينتمي إليها الأفراد سيكون لها عادات اجتماعية تفرض ما هو مقبول وما هو مفروض.
مفهوم الفرد لدور الجماعة:ـ
تعتبر الطريقة التي ينظر بها الفرد إلى دوره داخل الجماعة التي ينتمي إليها عاملاً مهمًا في شرح دوافع، يجب على الإنسان ألا يشعر بالفردية ولكن يجب أن يؤقلم نفسه مع المجموعة، وفي هذه الحالة يحاول أن يشكل عاداته وحاجاته وفقًا لظروف الجماعة.
الطبقة الاجتماعية:ـ
يقسم المجتمع أعضائه وفق تدرج اجتماعي، ففي كل مجتمع يشغل بعض الأفراد مراكز معينة لها قوتها ومكانتها وهذه الطبقات بالطبع لها ما يناسبها من سلع واحتياجات.
الديانة والمعتقدات:-
يختلف نمط الاستهلاك داخل المجتمع وبين الأفراد تبعًا للديانة والمعتقدات التي يعتقدها الأفراد. فتسويق الخمر في بلد أكثره مسلمين يعتبر من الحمق.
دور المرأة كمشترية:ـ
يختلف دور المرأة في الشراء من مجتمع إلى آخر.
تحركات السكان:ـ
بدراسة تحركات السكان في مصر مثلا يتضح ارتفاع نسبة تحرك السكن من الريف إلى المدن. وتحركات السكان هذه لها أثر ملموس في العملية التسويقية.

الخلاصة:

لقد شرح دوافع المستهلك على أساس المصلحة المادية المعرفة والاقتصادية، إذ ينظر الاقتصادي إلى تصرفاته على أنها رشيدة لما أن هدفه هو تنظيم العائد المادي لكل مبلغ ينفق. إلا أن هذه النظرية لا تلائم رجال الأعمال الذين يتعاملون مع مستهلكين يبدون يوميًا الكثير من التصرفات البعيدة عن الرشد، لذلك تحول رجال الأعمال إلى ميدان جديد لعلم بدور سلوك المستهلك هو ميدان علم النفس.
عمد علماء النفس إلى توضيح سلوك الناس على أساس الحاجات الأساسية ورغم أن ما قدم علماء النفس عن دوافع الأفراد كان له أكبر الأثر فمازال هناك ـ من وجهة نظر رجال التسويق ـ بعض الميادين للتصرفات لم يتمكنوا من الوصول إلى إجابات عنها.
وأن من وظائف الإعلان:
1 – حث المستهلكين المرتقبين على اقتناء السلع أو شراء الخدمات.
2- تهيئة هؤلاء المستهلكين إلى تقبل السلع أو الخدمات أو الأفكار أو الأشخاص أو المنشآت.

وقد إتجه رجال الأعمال لكي يصلوا إلى أعماق جديدة لتصرفات المستهلكين ودوافعهم ، ولقد اقتنع الكثيرون بأن الأفراد بكونهم اجتماعيين بطبعهم ، سيكون للبيئة والمجتمع تأثير كبير في تصرفاتهم . والحاصل أن جميع العوامل السابقة مجتمعة تكون سلوك المستهلك ، فشراء سيارة رينو 4 مثلاً ، لابد أن يكون وفق دراسة اقتصادية وكذلك هي تناسب طبقة اجتماعية معينة، وهي تلبي حاجات نفسية أخرى وهكذا.
وأخيراً ، يجب على رجل التسويق الناجح أن يحسن إختيار أداة وطريقة وتوقيت والشريحة الموجه إليها الإعلان حتي يستطيع أن يكتسب رضاؤهم وكسب عملاء جدد لتحقيق كل من أهداف المنظمة والعاملين.

المراجع
• أحمد علي سليمان ، سلوك المستهلك بين النظرية والتطبيق للدكتور (الرياض : معهد الإدارة العامة، 1421هـ/2000م(
• زهير ثابت ، الدليل العملي للتسويق ، ( القاهرة : الشركة العربية للإعلام العلمي ، 1993)
• طاهر مرسي ، فن الإعلان (القاهرة : دار النهضة العربية ، 2001)
• طلعت أسعد عبد الحميد ، مدير المبيعات الفعال .. كيف تدير عملياتك البيعية بكفاءة ( القاهرة : مكتبة عين شمس ، 1997)
• عبد الله أمين جماعة ، من البيع وحماية المستهلك ( القاهرة : مكتبة الأنجلو مصرية ، 1988)
• كارل سيويل وبول ، زبون مدى الحياة ، ترجمة مكتبة جرير ، 2000
• Aakr, David A., & John G Myer, Advertising Management, Prentice-Hall, 1989, P.5
• Hoebel, A. (1960), Man, Culture and Society, Oxford University Press,, New York, NY


كنت بدور فى الإنترنت على مواقع مفيدة عشان أتعلم أبقى مدير مبيعات

ناجح و لقيت كل اللى نفسى فيه فى الموقع ده يا ريت كلنا نخش عليه عشان نستفيد و الرابط أهوه

لسلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
كنت بدور فى الإنترنت على مواقع مفيدة عشان أتعلم أبقى مدير مبيعات ناجح و لقيت

برنامج المهارات الإحترافية لمدير المبيعات الناجح
قيادة فرق البيع

كل اللى نفسى فيه فى الموقع ده يا ريت كلنا نخش عليه عشان نستفيد

و الرابط أهوه

مدير المبيعات الناجح

ولكم جزيل الشكر


شكرا على الموضوع شكرااااااااااااااااااااااااااااااااااااا

شكراااااااااااااااااااااااااا
………………………………………….. ……….؟

التصنيفات
البحوث التجارية

بحث حول القدرة التنافسية ومؤشرات قياسها

الفـصل الأول :
التنـافسـية
ومؤشرات قياسها

المبحث الأول : مفهوم التنافسية
المبحث الثاني : مؤشرات قياس القدرة التنافسية
المبحث الثالث : دور الدولة لدعم التنافسية

تمهيد :

تكمن أهمية التنافسية في تعظيم الاستفادة ما أمكن من الميزات التي يوفرها الاقتصاد العالمي والتقليل من سلبياته، ويشير تقرير التنافسية العالمي إلى أن الدول الصغيرة أكثر قدرة على الاستفادة من مفهوم التنافسية من الدول الكبيرة، حيث تعطي التنافسية شركات الدول الصغيرة فرصة الخروج من محدودية السوق الصغير إلى رحابة السوق العالمي ، لأن هذه الدول الصغيرة والنامية أصبحت مجبرة على مواجهة هذا النظام، بصفته إحدى تحديات القرن الواحد والعشرين.

وبما أن المؤسسات هي التي تتنافس وليس الدول، فإن المؤسسات التي تملك قدرات تنافسية عالية تكون قادرة على المهمة في رفع مستوى معيشة أفراد دولها، كون مستوى معيشة أفراد دولة ما مرتبط بشكل كبير بنجاح المؤسسات العاملة فيها وقدرتها على اقتحام الأسواق العالمية من خلال التصدير والاستثمار الأجنبي المباشر، حيث يلاحظ نمو التجارة العالمية والاستثمار الأجنبي المباشر في العالم بوتيرة أسرع من نمو الناتج العالمي.

سنتطرق بالدراسة في هذا الفصل لمفهوم التنافسية ومجالاتها، وكذا طرق قياسها وأهم المؤشرات المستخدمة حالياً.

المبحث الأول :
مفهوم التنافسية

يتميز مفهوم التنافسية بالحداثة ولا يخضع لنظرية اقتصادية عامة، وأول ظهور له كان خلال الفترة 1981-1987 التي عرفت عجزا كبيرا في الميزان التجاري للولايات المتحدة الأمريكية (خاصة في تبادلاتها مع اليابان) وزيادة حجم الديون الخارجية، وظهر الاهتمام مجدداً بمفهوم التنافسية مع بداية التسعينات كنتاج للنظام الاقتصادي العالمي الجديد وبروز ظاهرة العولمة، وكذا التوجه العام لتطبيق اقتصاديات السوق.

ويتداخل مفهوم التنافسية مع عدة مفاهيم أخرى، من بينها النمو والتنمية الاقتصادية وازدهار الدول وهذا ما يصعب من تحديد تعريف دقيق ومضبوط للتنافسية، إضافة إلى عامل مهم ألا وهو ديناميكية التغير المستمر لمفهوم التنافسية، ففي بداية السبعينات كانت ترتبط بالتجارة الخارجية ثم ارتبطت بالسياسة الصناعية خلال سنوات الثمانينات، أما في سنوات التسعينات فارتبطت بالسياسة التكنولوجية للدول، وحاليا تنافسية الدول تعني مدى قدرتها على رفع مستويات معيشة مواطنيها.

أختلف معظم الاقتصاديين والهيئات الاقتصادية الدولية على تحديد مفهوم محدد ودقيق للتنافسية ، فينطلق بعضهم من مفهوم ضيق ويختصرها في تنافسية السعر والتجارة، ويستعمل البعض الآخر مفهوم واسع يكاد يشمل جميع مناحي النشاط الاقتصادي، وهذا ما يظهر جليا في التعداد الكبير للمؤشرات المستعملة لقياس القدرة التنافسية.

وقد وقع تحول في المفاهيم، فمن مفهوم الميزة النسبية وتتمثل في قدرات الدولة من موارد طبيعية واليد العاملة الرخيصة، المناخ والموقع الجغرافي التي تسمح لها بإنتاج رخيص وتنافسي، إلى مفهوم الميزة التنافسية وتتمثل في اعتماد الدولة على التكنولوجيا والعنصر الفكري في الإنتاج، نوعية الإنتاج وفهم احتياجات ورغبات المستهلك، مما جعل العناصر المكونة للميزة النسبية تصبح غير فاعلة وغير مهمة في تحديد التنافسية.

المطلب الأول : تعاريف التنافسية

يوجد العديد من المقاربات المعتمدة لتعريف التنافسية، تشترك كلها في كون التنافسية يتم الحديث عليها دوماً على المستوى الدولي، أحد هذه المقاربات تقسم التعاريف إلى ثلاث مجموعات :
 المجموعة الأولى وتتضمن كل التعاريف التي تأخذ في عين الاعتبار حالة التجارة الخارجية للدول فقط.
 المجموعة الثانية وتتضمن كل التعاريف التي تأخذ في عين الاعتبار حالة التجارة الخارجية وكذا مستويات المعيشة للأفراد.
 المجموعة الثالثة وتتضمن كل التعاريف التي تأخذ في عين الاعتبار مستويات المعيشة للأفراد فقط.

والانتقاد الموجه لهذه المقاربة كونها لا تتعرض إلى تعاريف التنافسية على مستوى المؤسسات أو قطاع النشاطات، لذا سوف نعتمد المقاربة التي تميز بين تعاريف التنافسية حسب اختلاف محل الحديث فيما إذا كان عن شركة أو قطاع نشاط أو دول.

1- تعريف التنافسية حسب المؤسسات :

يتمحور تعريف التنافسية للشركات حول قدرتها على تلبية رغبات المستهلكين المختلفة، وذلك بتوفير سلع وخدمات ذات نوعية جيدة تستطيع من خلالها النفاذ إلى الأسواق الدولية، فالتعريف البريطاني للتنافسية ينص على أنها : “القدرة على إنتاج السلع والخدمات بالنوعية الجيدة والسعر المناسب وفي الوقت المناسب وهذا يعني تلبية حاجات المستهلكين بشكل أكثر كفاءة من المنشات الأخرى” .

وهناك تعريف آخر :
” تعني القدرة على تزويد المستهلك بمنتجات وخدمات بشكل أكثر كفاءة وفعالية من المنافسين الآخرين في السوق الدولية، مما يعني نجاحاً مستمراً لهذه المؤسسة على الصعيد العالمي في ظل غياب الدعم والحماية من قبل الحكومة، ويتم ذلك من خلال رفع إنتاجية عوامل الإنتاج الموظفة في العملية الإنتاجية (العمل ورأس المال والتكنولوجيا)” .

2- تعريف التنافسية حسب قطاع النشاط :

تعني التنافسية لقطاع ما قدرة المؤسسات المنتمية لنفس القطاع الصناعي في دولة ما على تحقيق نجاح مستمر في الأسواق الدولية دون الاعتماد على الدعم والحماية الحكومية، وهذا ما يؤدي إلى تميز تلك الدولة في هذه الصناعة، ويجب تحديد القطاع بدقة فمثلاً قطاع صناعة الموصلات لا يمكن خلطه مع قطاع الإلكترونيات، لأن مجالات وظروف الإنتاج تختلف.

3- تعريف التنافسية على مستوى الدول :

أهتم الكتاب والاقتصاديين وكذا المنظمات والهيئات الدولية بتعريف التنافسية على مستوى الدول أكثر من تعريف التنافسية على مستوى المؤسسات وقطاع النشاط، لذلك نجد أن هناك العديد من التعاريف وتختلف حسب الزاوية التي ترى منها التنافسية وسنتطرق لأهم هذه التعاريف.

تعريف المجلس الأمريكي للسياسة التنافسية :

يعرف التنافسية على أنها “قدرة الدولة على إنتاج سلع وخدمات تنافس في الأسواق العالمية وفي نفس الوقت تحقق مستويات معيشة مطردة في الأجل الطويل” .
تعريف المجلس الأوربي ببرشلونة :

عرف المجلس الأوربي في اجتماعه ببرشلونة سنة 2000 تنافسية الأمة على أنها “القدرة على التحسين الدائم لمستوى المعيشة لمواطنيها وتوفير مستوى تشغيل عالي وتماسك اجتماعي وهي تغطي مجال واسع وتخص كل السياسة الاقتصادية” .

تعريف منظمة التعاون الاقتصادي و التنمية (OCDE) :

تعرف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OCDE) التنافسية على أنها : “المدى الذي من خلاله تنتج الدولة وفي ظل شروط السوق الحرة والعادلة، منتجات وخدمات تنافس في الأسواق العالمية، وفي نفس الوقت يتم تحقيق زيادة الدخل الحقيقي لأفرادها في الأجل الطويل”.

وتعرف (OCDE) كذلك التنافسية الدولية بأنها : “القدرة على إنتاج السلع و الخدمات التي تواجه اختبار المزاحمة الخارجية في الوقت الذي تحافظ فيه على توسيع الدخل المحلي الحقيقي”، كما يمكن تعريف التنافسية الدولية بأنها قدرة البلد على زيادة حصصها في الأسواق المحلية والدولية.

تعريف معهد التنافسية الدولية :

ويرى معهد التنافسية الدولية على أنها قدرة البلد على :

(1) أن ينتج أكثر وأكفأ نسبيآ ،و يقصد بالكفاءة :
 تكلفة أقل : من خلال تحسينات في ألإنتاجية و استعمال الموارد بما فيها التقنية والتنظيم.
 ارتفاع الجودة : وفقا لأفضل معلومات السوق و تقنيات الإنتاج.
 الملائمة : و هي الصلة مع الحاجات العالمية، وليس فقط المحلية، في المكان والزمان ونظم لتوريد، بالاستناد إلى معلومات حديثة عن السوق و مرونة كافية في الإنتاج و التخزين و الإدارة.
(2) أن يبيع أكثر من السلع المصنعة و التحول نحو السلع عالية التصنيع والتقنية وبالتالي ذات قيمة مضافة عالية في السوقيين الخارجي والمحلي، و بالتالي يتحصل على عوائد أكبر متمثلة في دخل قومي أعلى للفرد، وذي نمو مطرد، وهو أحد عناصر التنمية البشرية.
(3) أن يستقطب الاستثمارات الأجنبية المباشرة بما يوفره البلد من بيئة مناسبة و بما ترفعه الاستثمارات الأجنبية من المزايا التنافسية التي تضاف إلى المزايا النسبية.

وقد توصل فريق المعهد إلى التعريف الموجز التالي : “تتعلق التنافسية الوطنية بالأداء الحالي و الكامن للأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالتنافس مع الدول الأخرى”. ووضع لهذا التعريف مجالا يتناول الأنشطة التصديرية ومنافسة الواردات والاستثمار الأجنبي المباشر.

تعاريف بعض الاقتصاديين :

يرى Aldington بأن تعريف التنافسية لأمة ما هو قدرتها على توليد الموارد اللازمة لمواجهة الحاجات الوطنية، وهذا التعريف مكافئ لتعريف تبناه and Lodge Scott وهو “إن التنافسية لبلد ما هي قدرته على خلق وإنتاج و توزيع المنتجات أو الخدمات في التجارة الدولية بينما يكسب عوائد متزايدة لموارده”.

و إذا كان أحد تعاريف التنافسية أنها “قدرة البلد على توليد نسبي لمزيد من الثروة بالقياس إلى منافسيه في الأسواق العالمية”، فان التنافسية العالمية للمنتج والعمليات ذات الصفة العالمية هي القدرة على إيجاد منتجات قابلة للتسويق، جديدة وعالية الجودة، و سرعة إيصال المنتج إلى السوق، و بسعر معقول، بحيث أن المشتري يرغب بشرائها في أي مكان في العالم.

تتمركز بعض التعاريف أساسا على ميزان المدفوعات، وأخرى تطبق عدة مئات من المؤشرات الموضوعية والذاتية لتقييم ما إذا كان البلد يولد نسبيا من الثروة في الأسواق الدولية أكثر مما يولده منافسوه و القدرة على الحفاظ على حصص الأسواق، في الوقت ذاته القدرة على توفير مداخيل مستديمة أعلى وعلى تحسين المعايير الاجتماعية والبيئية.

تشترك اغلب التعاريف المستعرضة آنفا في نقاط مشتركة تتمثل في قدرة المؤسسات على النفاذ إلى الأسواق الخارجية بمنتجات عالية الجودة وبأقل التكاليف، وأن يظهر أثر ذلك في تحسن الناتج الداخلي الخام والذي بدوره يزيد في تحسين الظروف المعيشية للمواطنين، لذلك فإننا نحاول إعطاء تعريف للتنافسية يتلخص في “التنافسية هي قدرة الحكومات على توفير ظروف ملائمة تستطيع من خلالها المؤسسات العاملة في إقليمها النفاذ بمنتجاتها إلى الأسواق الخارجية، بغية زيادة نمو معدل الناتج الداخلي الخام”.

لكن النقد الأكثر جوهرية كان نقد Oral & Chabchoubو Lall (1997)الذي أنصب على تقييم تقرير التنافسية الكونية الذي يصدره المنتدى الاقتصادي العالمي، و انتقادات Lall (2001) عن ابتعاد هذه المؤشرات المركبة عن تعريـف و قياس واضح لمفهوم التنافسية بحيث أن كل شيء تقريبا يؤثر في التنافسية ومنه تم تمييع مفهومهـا ومحدداتها ؛ وقد درس فريق مشروع التنافسية في المعهد العربي للتخطيط هذه الانتقادات وأستخلص عدة جوانب جوهرية، و لتفادي هذا التعميم فإن المعهد حاول خلال عمله في إعداد تقرير عن تنافسية الاقتصاديات العربية تبنى مفهوما واضحا للتنافسية يركز أساسا على الأسواق الخارجية والاستثمارية و الاستثمار الأجنبي المباشر كميادين أساسية لتطوير التنافسية العربية.

المطلب الثاني : أنواع التنافسية

تميز العديد من الكتابات بين عدة أنواع من التنافسية هي:
 تنافسية التكلفة أو السعر : فالبلد ذو التكاليف الأرخص يتمكن من تصدير السلع إلى الأسواق الخارجية بصورة أفضل ويدخل هنا أثر سعر الصرف.
 التنافسية غير السعرية : باعتبار أن حدود التنافسية معرفة بالعديد من العوامل غير التقنية و غير السعرية، فإن بعض الكتاب يتكلمون عن المكونات غير السعرية في التنافسية .
 التنافسية النوعية: و تشمل بالإضافة إلى النوعية و الملائمة عنصر الإبداع التكنولوجي، فالبلد ذو المنتجات المبتكرة وذات النوعية الجيدة، و الأكثر ملائمة للمستهلك و حيث المؤسسات المصدرة ذات السمعة الحسنة في السوق، يتمكن من تصدير سلعة حتى ولو كانت أعلى سعر من سلع منافسة.
 التنافسية التقنية : حيث تتنافس المشروعات من خلال النوعية في صناعات عالية التقنية.

ويميز تقرير التنافسية الكونية للمنتدى الاقتصادي العالمي WEF 2000 التنافسية الظرفية أو الجارية ودليلها CCI، و تركز على مناخ الأعمال وعمليات المؤسسات وإستراتجياته، وتحتوي على عناصر مثل : التزويد، التكلفة، النوعية، والحصة من السوق الخ…، وبين التنافسية المستدامة و دليلها GCI، وتركز على الإبداع التكنولوجي ورأس المال البشري والفكري، وتحتوي على عناصر مثل التعليم ورأس المال البشري و الإنتاجية، مؤسسات البحث و التطوير، الطاقة الإبداعية، الوضع المؤسسي، وقوى السوق.

تدفع الأبعاد الأساسية في التنافسية إلى الاهتمام بجوانب عديدة منها :
1) مستوى التحليل : اعتبارا من مستوى المشروع أو المنتج إلى مستوى القطاع ثم مستوى البلد وحتى على مستوى الإقليم.
2) الشمول : هي تحقيق الأهداف بأقل التكاليف، والفعالية و الاختيار الصحيح للغايات.
3) النسبية : حيث أن التنافسية في جوهرها تعني مقارنة نسبية بين الاقتصاديات سواء كانت بلدانا أو مؤسسات أو أقسام في المؤسسة الواحدة، أو بين فترتين زمنيتين وهو ما يثير مسألة فقدان التنافسية والديناميكية، كما يفسر اهتمام تقرير WEF بجانب نمو التنافسية مقابل التنافسية الجارية في عدديه الأخيرين. أو تعني المقارنة النسبية بالقياس إلى وضعية افتراضية مستهدفة وتكون معرفة جيداً.

وتنعكس هذه القضايا على المؤشرات المنتقاة أو المتغيرات وعلى تركيب أدلة التنافسية.

المبحث الثاني :
مؤشرات قياس القدرة التنافسية

قد يتطابق مفهوما التنافسية إذا كان تحسين تنافسية المنشأة أو الصناعة قد تحقق مع الاحتفاظ بمستويات التشغيل، ولهذا فإن من المناسب أن يجري التحليل على مستويات ثلاثة : مستوى المشروع، مستوى الصناعة أو القطاع و مستوى الاقتصاد الوطني، ويمكن أيضاً أن يضاف مستوى التكامل الإقليمي.

على الرغم من العيوب المعروفة لمؤشر الناتج المحلي الإجمالي(GDP) للفرد أو بقية المؤشرات المشابه، في التعبير عن التنمية الاقتصادية فإن الناتج المحلي ومعدل نموه يسمحان بالتعبير عن تقدم الأمة أو توجهها نحو ذلك، و يشير تقرير إلى أن GDP هو أحسن مؤشر غير كامل عن توليد الثروة، لكنه فيما يتعلق بالتنافسية فإنه لا يميز المداخيل الناجمة عن استنزاف الموارد غير المتجددة مثال النفط ولا المداخيل الناجمة عن استغلال الأصول المتراكمة من جانب الأجيال السابقة، ولا المداخيل من القيمة المضافة الاقتصادية الحقيقية مثل الاختراعات، التقنية وعملية التحويل، فإذا أخذنا هذه القضايا في الاعتبار فإن GDP يبقى مع ذلك أحسن تقريب إحصائي أو مؤشر بديل للتعبير عن توليد الثروة.

لكن من المقبول على نطاق واسع في الأدبيات الاقتصادية أن تنافسية البلد لا يمكن أن تختزل إلى مجرد عوامل مثل الناتج المحلي الإجمالي أو الإنتاجية لأن المنشآت تواجه الأبعاد السياسية والتقنية والتعليمية للبلدان المنافسة وكذلك اقتصادياتها، و بهذا فإنه بتزويد المنشآت بمناخ ذي هيكل أكثر فاعلية والمؤسسات والسياسات الفاعلة، تستطيع الأمم أن تتنافس فيما بينها.
ثمة العديد من مؤشرات التنافسية، فبعض الدراسات تقتصر هذه المؤشرات على عدد محدود مثل : أسعار الصرف الحقيقية المستندة إلى مؤشرات أسعار المستهلك، قيمة وحدة التصدير للسلع المصنعة، السعر النسبي للسلع المتاجر بها وغير المتاجر بها، تكلفة وحدة العمل المميزة في الصناعة التحويلية، ولكن الإنجاز الحقيقي لكل منها في تفسير تدفقات التجارة ليس كاملا.

يمكن أن لا يتطابق مفهوم التنافسية المعرف بشكل مفصل على مستوى المؤسسة أو الصناعة أو القطاع مع مفهوم التنافسية على مستوى الاقتصاد الوطني، فيمكن مثلا أن تتحقق تنافسية المؤسسة عبر تقليص حجم المدخلات كالتخلص من العمالة مثلاً، فإذا كان نمو الإنتاجية قد تحقق من خلال تقليص مدخل العمل عوضاً عن زيادة المخرج لمستوى معين من مدخل العمل، فإن جانباً من المنافع المحققة على مستوى المؤسسة يمكن أن يقابلها على مستوى الاقتصاد الوطني نقصاً في الدخل و الرفاه العام ينجم عن التخلص من العمالة ما لم يتم استيعاب تلك العمالة في منشآت أو مشاريع أخرى.

المطلب الأول : مؤشرات قياس تنافسية المؤسسة

إن مفهوم التنافسية الأكثر وضوحاً يبدو على مستوى المؤسسة، فالمؤسسة قليلة الربحية ليست تنافسية، وحسب النموذج النظري للمزاحمة الكاملة فإن المؤسسة لا تكون تنافسية عندما تكون تكلفة إنتاجها المتوسطة تتجاوز سعر منتجاتها في السوق، وهذا يعني أن موارد المؤسسة يساء تخصيصها وأن ثروتها تتضاءل أو تبدد، وضمن فرع النشاط معين ذي منتجات متجانسة يمكن للمؤسسة أن تكون قليلة الربحية لأن تكلفة إنتاجها المتوسطة أعلى من تكلفة منافسيها، وقد يعود ذلك إلى أن إنتاجيتها أضعف أو أن عناصر الإنتاج تكلفها أكثر أو للسببين معاً.

ويقدم اوستن Austin نموذجاً لتحليل الصناعة وتنافسية المؤسسة من خلال القوى الخمس المؤثرة على تلك التنافسية وهي :
 تهديد الداخلين المحتملين إلى السوق.
 قوة المساومة والتفاوض التي يمتلكها الموردون للمؤسسة.
 قوة المساومة والتفاوض التي يمتلكها المشترون لمنتجات للمؤسسة.
 تهديد الإحلال أي البدائل عن منتجات المؤسسة.
 المنافسون الحاليون للمؤسسة في صناعتها.

ويشكل هذا النموذج عنصراً هاماً في السياسة الصناعية والتنافسية على مستوى المؤسسة، وجاذبية منتجات مؤسسة ما يمكن أن تعكس الفاعلية في استعمال الموارد وعلى الأخص في مجال البحث والتطوير أو الدعاية، لهذا فإن الربحية وتكلفة الصنع والإنتاجية والحصة من السوق تشكل جميعاً مؤشرات للتنافسية على مستوى المؤسسة.

1- الربـحـية :

تشكل الربحية مؤشراً كافياً على التنافسية الحالية، وكذلك تشكل الحصة من السوق مؤشراً على التنافسية إذا كانت المؤسسة تعظم أرباحها أي أنها لا تتنازل عن الربح لمجرد غرض رفع حصتها من السوق، ولكن يمكن أن تكون تنافسيةً في سوق يتجه هو ذاته نحو التراجع، وبذلك فإن تنافسيتها الحالية لن تكون ضامنة لربحيتها المستقبلية.

وإذا كانت ربحية المؤسسة التي تريد البقاء في السوق ينبغي أن تمتد إلى فترة من الزمن، فإن القيمة الحالية لأرباح المؤسسة تتعلق بالقيمة السوقية لها.

تعتمد المنافع المستقبلية للمؤسسة على إنتاجيتها النسبية وتكلفة عوامل إنتاجها وكذلك على الجاذبية النسبية لمنتجاتها على امتداد فترة طويلة وعلى أنفاقها الحالي على البحث والتطوير أو براءات الاختراع التي تتحصل عليها إضافة إلى العديد من العناصر الأخرى، إن النوعية عنصر هام لاكتساب الجاذبية ومن ثم النفاذ إلى الأسواق والمحافظة عليها.

1- تكلفة الصنع :

تكون المؤسسة غير تنافسية حسب النموذج النظري للمنافسة النزيهة إذا كانت تكلفة الصنع المتوسطة تتجاوز سعر منتجاتها في الأسواق، ويعزى ذلك إما لانخفاض إنتاجيتها أو عوامل الإنتاج مكلفة كثيرا، أو السببين السابقين معاً، وإنتاجية ضعيفة يمكن أن تفسر على أنها تسيير غير فعال، كل هذا في حالة قطاع نشاط ذو منتجات متنوعة، أما إذا كان قطاع النشاط ذو منتجات متجانسة فيمكن أن يعزى ذلك إلى كون تكلفة الصنع المتوسطة ضعيفة مقارنة بالمنافسين.

إن تكلفة الصنع المتوسطة بالقياس إلى تكلفة المنافسين تمثل مؤشرًا كافياً عن التنافسية في فرع نشاط ذي إنتاج متجانس ما لم يكن ضعف التكلفة على حساب الربحية المستقبلية للمشروع، ويمكن لتكلفة وحدة العمل أن تمثل بديلاً جيداً عن تكلفة الصنع المتوسطة عندما تكون تكلفة اليد العاملة تشكل النسبة الأكبر من التكلفة الإجمالية، ولكن هذه الوضعية يتناقص وجودها.

2- الإنتاجية الكلية للعوامل :

تقيس الإنتاجية الكلية للعوامل (PTF : Productivité Totale des Facteurs) الفاعلية التي تحول المؤسسة فيها مجموعة عوامل الإنتاج إلى منتجات، ولكن هذا المفهوم لا يوضح مزايا ومساوئ تكلفة عناصر الإنتاج، كما أنه إذا كان الإنتاج يقاس بالوحدات الفيزيائية مثل أطنان من الورق أو أعداد من السيارات، فإن الإنتاجية الإجمالية للعوامل لا توضح شيئاً حول جاذبية المنتجات المعروضة من جانب المؤسسة.

من الممكن مقارنة الإنتاجية الكلية للعوامل أو نموها لعدة مؤسسات على المستويات المحلية والدولية، ويمكن إرجاع نموها سواء إلى التغيرات التقنية وتحرك دالة التكلفة نحو الأسفل، أو إلى تحقيق وفورات الحجم، كما يتأثر دليل النمو PTF بالفروقات عن الأسعار المستندة إلى التكلفة الحدة، و يمكن تفسير الإنتاجية الضعيفة بإدارة أقل فاعلية ( لا فاعلية تقنية أو لا فاعلية أخرى تسمى “لا فاعلية X”) أو بدرجة من الاستثمار غير فاعلة أو بكليهما معاً.

3- الحصة من السوق :

من الممكن لمؤسسة ما أن تكون مربحة وتستحوذ على جزء هام من السوق الداخلية بدون أن تكون تنافسية على المستوى الدولي، ويحصل هذا عندما تكون السوق المحلي محمية بعوائق تجاه التجارة الدولية، كما يمكن للمؤسسات الوطنية أن تكون ذات ربحية آنية ولكنها غير قادرة على الاحتفاظ بالمنافسة عند تحرير التجارة أو بسبب أفول السوق، ولتقدير الاحتمال لهذا الحدث يجب مقارنة تكاليف المؤسسة مع تكاليف منافسيها الدوليين المحتملين.

عندما يكون هناك حالة توازن تعظم المنافع ضمن قطاع نشاط ما ذي إنتاج متجانس، فإنه كلما كانت التكلفة الحدية للمؤسسة ضعيفة بالقياس إلى تكاليف منافسيها، كلما كانت حصتها من السوق أكبر وكانت المؤسسة أكثر ربحية مع افتراض تساوي الأمور الأخرى، فالحصة من السوق تترجم إذن المزايا في الإنتاجية أو في تكلفة عوامل الإنتاج.

و في قطاع نشاط ذي إنتاج غير متجانس، فإن ضعف ربحية المؤسسة يمكن أن يفسر بالأسباب أعلاه و لكن يضاف أليها سببا آخر هو أن المنتجات التي تقدمها قد تكون أقل جاذبية من منتجات المنافسين بافتراض تساوي الأمور الأخرى أيضا، إذ كلما كانت المنتجات التي تقدمها المؤسسة أقل جاذبية كلما ضعفت حصتها من السوق ذات التوازن.

لقد بينت دراسة عدة مؤسسات وجود حزمة واسعة من المؤشرات على تنافسية المشروع، ومن هذه النتائج :
 في معظم الأنشطة الاقتصادية وفروع النشاط فإن التنافسية لا تتمركز ببساطة على الأسعار وتكلفة عوامل الإنتاج.
 ثمة عوامل عديدة ليست مرتبطة بالأسعار تعطي اختلافات عن مستوى إنتاجية اليد العاملة، رأس المال ( وفورات الحجم، سلسلة العمليات، حجم المخزون، الإدارة ، علاقات العمل،… الخ).
 يمكن للمشروعات أن تحسن أدائها من خلال التقليد والإبداع التكنولوجي و أن الوصفة الحسنة للمشروع يمكن أن تعطي نتائج حسنة لدى مشروعات ذات مدخل على عوامل إنتاج أكثر رخصاً.
 من الأهمية بمكان معرفة أن التركيز على تنافسية المشروع تعني دوراً محدوداً للدولة وتتطلب استعمال تقنيات إنتاج مرنة ورقابة مستمرة على النوعية والتكاليف والتطلع إلى الأمد الطويل أكثر من الأمد القصير.
 ضرورة إعطاء أهمية أكبر إلى تكوين وإعادة التأهيل والنظر إلى العامل كشريك وليس عامل إنتاج.
 إذا كانت تنافسية البلد تقاس بتنافسية مشروعاته فإن تنافسية المشروع تعتمد على نوعية إدارته والدولة مدير غير ناجح للمشروعات وخصوصاً في مجالات القطاع الخاص.
 يمكن للدولة مع ذلك أن تسهم في أيجاد مناخ موات لممارسة إدارة جيدة من خلال : توفير استقرار الاقتصاد الوطني، خلق مناخ تنافسي وعلى الخصوص بإزالة العقبات أمام التجارة الوطنية والدولية، إزالة الحواجز أما التعاون بين المشروعات، تحسين ثلاثة أنماط من عوامل الإنتاج هي رأس المال البشري باعتبار الدولة المكون الأساسي له، التمويل لناحية التنظيم وحجم القروض، والخدمات العمومية.

المطلب الثاني : مؤشرات قياس تنافسية قطاع النشاط

يمكن حساب مقاييس التنافسية على مستوى فرع النشاط حينما تكون المعطيات عن المؤسسات التي تشكله كافية، وهذه المقاييس تمثل متوسطات وقد لا تعكس أوضاع مؤسسة معينة ضمن الفرع المدروس، إن إجراء تحليل التنافسية على مستوى قطاع النشاط أو العناقيد (تجمع أنشطة) يشترط أن تكون المتوسطات على هذا المستوى ذات معنى وفوارق مؤسسات القطاع محدودة، وتعود تلك الفوارق عادة إلى تفسيرات عديدة مثل توليفة المنتجات، عوامل الإنتاج، عمر المؤسسة، الحجم، الظروف التاريخية وعوامل أخرى.

وإذا كان من الممكن تقييم تنافسية المشروع في السوق المحلية أو الإقليمية بالقياس إلى المشروعات المحلية أو الإقليمية، فإن تقييم تنافسية فرع النشاط يتم بالمقارنة مع فرع النشاط المماثل لإقليم آخر أو بلد آخر الذي يتم معه التبادل، إن فرع النشاط التنافسي يتضمن مشروعات تنافسية إقليميا ودوليا أي تلك التي تحقق أرباحاً منتظمة في سوق حرة.

وتنطبق غالبية مقاييس تنافسية المشروع على تنافسية فرع النشاط، إذا أن فرع النشاط الذي يحقق بشكل مستديم مردوداً متوسطاً أو فوق المتوسط على الرغم من المنافسة الحرة من الموردين الأجانب، يمكن أن يعتبر تنافساً إذا تم إجراء التصحيحات اللازمة.

1- مؤشرات التكاليف والإنتاجية :

يكون فرع النشاط تنافسياً إذا كانت الإنتاجية الكلية للعوامل (PTF) فيه مساوية أو أعلى منها لدى المشروعات الأجنبية المزاحمة أو كان مستوى تكاليف الوحدة بالمتوسط يساوي أو يقل عن تكاليف الوحدة للمزاحمين الأجانب.

وغالباً ما يتم لذلك إجراء المقارنات الدولية حول إنتاجية اليد العاملة أو التكلفة الوحدوية لليد العاملة CUMO، ومن الممكن تعريف دليل تنافسية تكلفة اليد العاملة لفرع النشاط i في البلد j في الفترة t بواسطة المعادلة التالية :

حيث :
Wijt تمثل معدل أجر الساعة في فرع النشاط i والبلد j في خلال الفترة t.
Rjt تمثل معدل سعر الصرف للدولار الأمريكي بعملة البلد j في خلال الفترة t.
تمثل الإنتاج الساعي في فرع النشاط i والبلد j في خلال الفترة t.

ويصبح من الممكن التعبير من خلال المعادلة التالية عن ” التكلفة الوحدوية لليد العاملة النسبية” مع البلد K

ويمكن أن ترتفع CUMO للبلد j بالنسبة إلى مثيلاتها للبلدان الأجنبية لسبب أو أكثر مما يلي :
 أن يرتفع معدل الأجور والرواتب بشكل أسرع مما يجري في الخارج.
 أن ترتفع إنتاجية اليد العاملة بسرعة أقل من الخارج.
 ارتفاع قيمة العملة المحلية بالقياس لعملات البلدان الأخرى.

إن المشكلة الرئيسية لمقارنة التكلفة الوحدوية تنجم عن غموضها، فإن ارتفاع التكلفة الوحدوية النسبية بسبب ارتفاع في الأجور أو في زيادة في سعر الصرف، يكون مرغوبا إن كان يعكس زيادة في جاذبية صادرات البلد أو قيمتها في البلدان الأجنبية أو بزيادة في تكلفة “العدول” للعمال بالبلد، وإلا فالتكلفة الوحدوية للبلد ينبغي أن تهبط بالمقارنة مع تكلفة شركائه التجاريين، وهذا التراجع يمكن أن يستلزم تحسينات في الإنتاجية أو هبوطاً في الأجور أو خفضاً للعملة.

تبنى العديد من الاقتصاديين حتى منتصف الثمانينات فكرة أن التنافسية الدولية محددة بشكل وحيد بأسعار التصدير التي هي دالة أساساً في تكلفة عوامل الإنتاج الصناعي الوحدوية وعلى الخصوص الأجور، لذلك كانت توصياتهم العملية حول السياسة الاقتصادية في ضوء هذه المقاربة للتنافسية الدولية تتناول :
 إجراءات مستندة أساساً على التكلفة الأجرية وإنتاجية القوى العاملة، وفي بعض الأحيان التكلفة الأجرية فقط.
 إمكان تحقيق مكاسب في التنافسية من خلال خفض قيمة العملة.

لكن هذه الرؤية وجهت لها انتقادات بناءا على تجربة ألمانيا واليابان فقد عرفتا ارتفاع في CUMO وتوسع في حصصهما من السوق الدولية في آن واحد بسبب أن تكلفة اليد العاملة لم تشكل القسم الأكبر من التكلفة الإجمالية، ولكن خبرة البلدين تتوافق مع تزايد الطلب الخارجي على صادرتهما وبذلك نشأ توازن جديد برفع سعر الصرف والكميات المخصصة للتصدير الدولي، والانتقاد الثاني كون تكلفة اليد العاملة يمكن ألا تشكل إلا قسماً صغيراً من تكلفة السلع والخدمات التي يتم تبادلها وبذلك يمكن تحييد أثر تلك التكلفة بواسطة تغير ملحوظ في قطاعات أخرى أو في أسعار عوامل الإنتاج الأخرى وبذلك لن يكون لتغيرات CUMO أثراً على سعر الصرف.

2- مؤشرات التجارة والحصة من السوق الدولي :

يستخدم الميزان التجاري والحصة من السوق كمؤشر لقياس تنافسية قطاع نشاط معين، فالقطاع يخسر تنافسيته عندما تنخفض حصته من الصادرات الوطنية الكلية، أو حصته من الواردات تتزايد لسلعة معينة أخذاً في الاعتبار حصة تلك السلعة في الإنتاج أو الاستهلاك الوطنيين الكلي.

3- الميزة النسبية الظاهرة :

أنشأ بورتر (1990) مقياسا للتنافسية مستنداً على الميزة التنافسية الظاهرة (RCA : Revealed Comparative Advantage index) ويمكن حسابه لبلد ما j لمجموعة منتجات أو فرع نشاط i كالتالي :

عندما تكون RCAij أكبر من الواحد فإن البلد j يمتلك ميزة تنافسية نسبية ظاهرة للمنتجi، و يجدر الاهتمام بالميزان التجاري لفرع النشاط، فإن فرعاً صناعياً تبلغ حصته 6% من الصادرات الدولية و 7% من الواردات الدولية لا يمكن اعتباره تنافسياً.

المطلب الثالث : مؤشرات قياس تنافسية الدول

أكد معظم الباحثين على ضرورة استعمال عدة مؤشرات لقياس تنافسية دولة ما، والبدائل المتوفرة لذلك تتمثل في ملاحظة تطور الدخل الحقيقي حسب الفرد أو الإنتاجية، أو على النتائج التجارية للدولة.
تطور الدخل الحقيقي حسب الفرد و الإنتاجية مفاهيم مرتبطة ولكن ليست متشابهة، حيث يوضح Markusen هذه النقطة بقوله أن الدخل الحقيقي حسب الفرد يرتبط بعوامل الإنتاج الكلية، التوفر على رأس المال والموارد الطبيعية وكميات التبادل، فزيادة عوامل الإنتاج الكلية (عادة متمثلة في التطورات التكنولوجية) تزيد الدخل حسب الفرد، مثل ما يفعل تطور التخصيص الوطني بالموارد الطبيعية ورأس المال المادي، أو تحسن في التبادلات.

كميات التبادل لدولة ما تتحسن عندما تكون العملة الوطنية مثمنة أو سعر الصادرات للدولة ترتفع مقارنة لسعر الواردات، وهذا ما يؤدي لزيادة حجم الاستهلاك الداخلي الممكن انطلاقا من التخصيص المعطى من الثروات الطبيعية ومن تجارة متوازنة.

تزداد كميات التبادل لدولة ما ومنه الدخل حسب الفرد عندما يكون طلب عالمي إضافي على المنتجات والخدمات المصدرة من طرف هذه الدولة، أو عرض عالمي إضافي على المنتجات والخدمات التي تستوردها، ولهذا فإن مقاربات التنافسية الوطنية المبنية على التجارة والدخل حسب الفرد مرتبطة فيما بينها.

عندما تكون محفظة صادرات دولة ما مركزة على قطاعات النشاط ذات نمو كبير ومحفظة الواردات مركزة على قطاعات نشاط ذات نمو ضعيف أو في حالة انحدار، فيمكن أن يكون مؤشر على تحسن كميات التبادل لهذه الدولة، وهذا يخضع لسرعة رد فعل الأسواق العالمية لشروط العرض والطلب الإضافيين، ويرتفع دخل الفرد تحت تأثير زيادة التخصيص الوطني من الثروات الطبيعية (تنقيب عن الثروات الطبيعية) أو من رأس المال المادي (نتيجة لاستثمارات سابقة).

تنشر العديد من المنظمات والهيئات الدولية (المعهد الدولي لتنمية الإدارة IMD، المنتدى الاقتصادي العالمي WEF، منظمة الأمم المتحدة UN، AT Kearney…) تقارير سنوية، تتضمن مؤشرات تهدف إلى تصنيف دول العالم بدلالة معايير مختلفة مثل التنافسية، التطور البشري، الحرية الاقتصادية، تكلفة الأعمال…الخ.

وقد قام فابريك هاتم بتلخيص معظم هذه التقارير ومؤشراتها في جدول (رقم 1) يبين فيه تعداد الدول التي يخصها كل تقرير وطريقة إعداد هذه المؤشرات.

1-تقرير المعهد الدولي لتنمية الإدارة (IMD) :

يصدر هذا المعهد سنوياً ومقره سويسرا منذ بداية التسعينات، وهذا في إطار التحضير للمنتدى الاقتصادي العالمي كتاب عن التنافسية في العالم (WCY : World Competitiveness Yearbook)، والهدف منه جمع عناصر أساسية لمقارنة خصائص بيئة الأعمال وتلخص على شكل مؤشر وحيد يتم على أساسه تصنيف الدول بدلالة نوعية البيئة الموفرة للمؤسسات، حوالي 200 نوع من المعطيات الأساسية تجمع في مجالات مختلفة : تنافسية واستقرار الاقتصاد الكلي، نوعية وتكلفة عوامل الإنتاج، الهياكل القاعدية، البحث والتطوير، تسيير المؤسسة، البيئة الإدارية والجباية.

جدول رقم 1: ملخص للمؤشرات

الهيئة
المؤشر
السنة الرتبة الأولى عدد الدول
الطريقة
المنتدى الاقتصادي العالمي WEF مؤشر تنافسية التجارة 2022 فلندا 93 مؤشر مركب يتكون من عشرات المقاييس التي تقيس شروط التنافسية للمؤسسة في دولة ما(تنظيم المؤسسة، بيئة الأعمال).
AT Kearney المؤشر السري 2003 الصين 64 نتيجة لصبر آراء متخذي القرار الخواص حول صورة دولة ما.
تقرير الاستثمار العالمي
FDI FDI potential index 2003 USA 140 مؤشر مركب يتكون من عشرات مقاييس جاذبية دولة ما للاستثمارات الأجنبية.
AT Kearney دليل العولمة 2022 أيرلندا 62 مؤشر مركب يتكون من عشرات المقاييس التي تقيس درجة انفتاح دولة ما للتدفقات من كل نوع (تجارة، رؤوس أموال، الأفكار، التكنولوجية…).
منظمة الأمم المتحدة
UN مؤشر التنمية البشرية 2003 النرويج 175 مؤشر مركب يتكون من بضعة مقاييس تخص الصحة، التعليم والدخل حسب الفرد.
المنتدى الاقتصادي العالمي WEF GCI 2022 فلندا 102 مؤشر مركب يتكون من عشرات المقاييس التي تقيس العوامل الكلية للنمو(البيئة الكلية للاقتصاد، السياسة، التكنولوجية).
المعهد الدولي لتنمية الإدارة
IMD مؤشر التنافسية الإجمالية 2022 USA 52 مؤشر مركب مكون من 200 مؤشر كمي للتنافسية(النتائج الاقتصادية الكلية، الهياكل القاعدية، التكنولوجية، الإدارة).
Heritage Foundation Economic Freedom Index 2022 هونغ كونغ 153 مؤشر مركب متكون من بضع عشرات المقاييس تقيس تدخل الدولة في الاقتصاد(الجباية، النفقات العمومية، التدخلات التنظيمية).
تقرير الاستثمار العالمي
FDI مؤشر الفعالية 2003 بلجيكا و
لكسمبورغ 140 متوسط على ثلاث سنوات(1999-2001) لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الداخلة ومقارنتها بالناتج المحلي الصافي
Source : Fabric hatem,”Les indicateur comparatifs de compétitivité et d’attractivité: une rapide revue de littérature”, AFII

بعض هذه المعطيات عبارة عن إحصائيات تجلب من المنظمات المنتجة(خاصة أو عمومية) والبعض الأخر مستخرج من استبيان منجز من المعهد (IMD) لدى أعضاء شبكته، والمؤشر يحسب على أساس متوسط المراتب التي تحصلت عليها دولة ما في كل مؤشر جزئي، ونشر هذا التقرير يؤدي كل سنة في العالم إلى نقاش وطني على تنافسية البلد، وصورته في الخارج، وكذا نقاش على طريقة إعداد المؤشر ومصداقيته.

لخص هذا المعهد المؤشرات في ثمانية عوامل وردت في تقرير سنة 1997 وهي مبينة في الجدول الموالي :

جدول رقم 2 : تكوين عوامل مؤشر المعهد الدولي لتنمية الإدارة
رقم تسمية العامل عدد المؤشرات
01
02
03
04 الاقتصاد الكلي
العولمة
الحكومة
المالية 30
45
48
27
05
06
07
08 البنية التحتية
الإدارة
العلوم والتقنية
البشر 32
36
26
44
المصدر: تقرير المعهد الدولي لتنمية الإدارة بالتصرف

ليتم تجميعها سنة 2022 في أربع عوامل فقط : الإنجاز الاقتصادي، فاعلية الحكومة، فاعلية قطاع الأعمال، البنية التحتية، حيث يضم كل عامل عدة عناصر، وكل عنصر يشمل عدة مؤشرات أو متغيرات ذات طبيعة كمية مباشرة أو قياسات للرأي، بلغ تعدادها 244 مؤشر عام 1997 و 314 سنة 2000.

وتضم عينة الدول موضع الدراسة العديد من دول العالم النامية، ودول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، و سنتي 2001 و2002 وبلغ تعدادها 49 دولة ليس من بينها أي دولة عربية، إعداد هذا التقرير كان يتم بالاشتراك مع منتدى الاقتصاد العالمي وتحضيرا لاجتماع المنتدى السنوي، لكن ابتدءا من سنة 1997 ينفصل منتدى الاقتصادي العالمي ويقوم بأعداد مؤشر للتنافسية خاص به، وهو الذي سوف نتعرض له في العنصر القادم.

2- تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي (WEF) :

يتخذ سويسرا مقراً له، ويصدر سنوياً تقرير التنافسية العالمية (GCY) بالتعاون مع مركز التنمية الدولية (CID) التابع لجامعة هارفرد بالولايات المتحدة الأمريكية، وهذا تحت عنوان “تقرير التنافسية الكونية، Global Competitiveness Yearbook” ويستخدم عدد كبير من المؤشرات موزعة على ثمانية عوامل: الإنتاج، الحكومة، المالية، البنية التحتية، التقنية، الإدارة، العمل و المؤسسات، ويضم 102 دولة (تقرير سنة 2022) من بينها دول عربية هي مصر، الأردن، الجزائر، المغرب، تونس، ويقوم هذا التقرير بترتيب الدول بالاستناد على عدد كبير من المؤشرات بلغ عددها 175 مؤشراً سنة 2000 منها الكمي ومنها الكيفي ويخص آراء مديري الأعمال عبر العالم، ويعتمد المنتدى الاقتصادي العالمي في أعداده للتقرير على مقاربة أن ثروة الدول تتمثل في معدل الناتج المحلي الصافي حسب الفرد ومستوى نموه، والمؤشرين اللذين يعدهما المنتدى هما (GCI : Growth Competitiveness Index) و (CCI : Current Competitiveness Index) ويفترض أنهما يفسران نمو مستوى ثروة الأمم على المدى المتوسط.

فالمؤشر الأول GCI يركز على التنافسية كونها مجموعة مؤسسات وسياسات اقتصادية تضمن معدلات نمو مرتفعة على المدى المتوسط، ويهدف إلى قياس إمكانيات النمو للخمسة سنوات القادمة، بينما المؤشر الثاني CCI يستعمل المؤشرات الاقتصادية الجزئية لقياس الهيئات وهياكل السوق والسياسة الاقتصادية، التي تضمن مستوى آني من الازدهار وهو يهدف لقياس القوة الإنتاجية الآنية لنفس الدول.

المؤشران يعتمدان على نفس الأسلوب وهو إعداد مؤشر التنافسية كمتوسط مرجح لمجموعة من المتغيرات المعيارية.

يتم إعداد المؤشر GCI بناءاً على مجموعة مقاييس كمية(متغيرات اقتصادية كلية معيارية)، وكذلك يعتمد على تحقيقات كيفية تتم مع مديري المؤسسات في 102 دولة (4600 مؤسسة خاصة وعمومية)، مواضيع الاستبيان منظمة في عشر مواضيع :
 البيئة الاقتصادية الكلية : الإبداع ونشر التكنولوجيا، الهياكل القاعدية العامة.
 الهيئات العمومية : عقود وقوانين، الفساد، المنافسة في السوق الداخلي، تطور نظام العناقيد، سوق الأعمال وسياسة المؤسسات، السياسة البيئية.

تستعمل في حساب GCI عشرون فقط من مقاييس هذه المواضيع والجدولين الموالين ( رقم 3 و4 ) يوضحان كيفية حساب هذا المؤشر وكذا نوعية المتغيرات الكمية والكيفية .

جدول رقم 3: تركيبة المؤشر GCI

المؤشرات الفرعية
عدد المتغيرات وزن المتوسط الحسابي لمتغيرات المجموعة وزن المركبة في المؤشر الإجمالي
كمي كيفي المجموع كمي كيفي دول خارج القلب دول
القلب
بيئة الاقتصاد الكلي
– الاستقرار
– ترتيب خطر القروض
– النفقات العمومية
الهيئات العمومية
– عقود وقوانين
– الفساد
التكنولوجية
– الإبداع
– التقنيات الجديدة للإعلام والإتصال
– نقل التكنولوجيا

5
0
1

0
0

2

5
1

2
1
0

4
3

4

5
1

7
1
1

4
3

6

10
2

5/7
0
1

0
0

3/4

2/3
1/2

2/7
1
0

1
1

1/4

1/3
1/2 1/3

1/2*1/3
1/4*1/3
1/4*1/3
1/3
1/2*1/3
1/2*1/3
1/3
1/8*1/3

1/2*1/3
3/8*1/3 1/4

1/2*1/4
1/4*1/4
1/4*1/4
1/4
1/2*1/4
1/2*1/4
1/2
1/2*1/2

1/2*1/2
0
المجــموع 14 20 34 1 1
ٍSource : Gregoir stephane et Maurel française, “Les indices de compétitivité des pays:interprétation et limites”, INSEE, Octobre 2022, P4.

أما مؤشر التنافسية الحالية (CCI : Current Competitiveness Index)، فيدرس الأسس الاقتصادية الجزئية لمعدل الدخل القومي الصافي (PIB) بالنسبة لكل فرد ويعتمد على محددات الميزة التنافسية التي وضعها الاقتصادي بورتر (سوف نتعرض لها لاحقاً)، ويلجأ المنتدى الاقتصادي العالمي لأعداد هذا المؤشر إلى متغيرات كيفية مستخرجة من استبيان مع مدراء المؤسسات، واختيار هذه المتغيرات وترجيحها يتم بعد تحليل إحصائي صغير لعلاقة الارتباط بين هاته المتغيرات، وهذا انطلاقاً من علاقة خطية بين مستوى الدخل القومي الصافي بالنسبة لكل فرد ومخزون رأس المال لكل فرد لاقتصاد ما (يؤخذ رأس المال بالمعنى العام، أي يتضمن رأس المال البشري).

لكن في الواقع عدد المتغيرات أكثر من عدد الدول لذا فالطريقة تعتمد على تحليل المعطيات عوض عن الانحدار الخطي المتعدد، كل المتغيرات المستخرجة من الاستبيان ليست قابلة للقياس ماعدا متغير واحد وهو عدد براءات الاختراع المودعة بالنسبة لكل فرد.

جدول رقم 4 : قائمة المتغيرات المستعملة في حساب GCI

الـــمـــتــــــغيرات
كمية(آخر تاريخ معروف محولة إلى 1-7) كيفية(مقياس 0 إلى7 للإجابات الفردية)
البيئة الاقتصادية الكلية
الاستقرار – التضخم
– الفرق بين معدل القارض-المقترض
– معدل الصرف الحقيقي بالنسبة للدولار الأمريكي(أساس 100 كمتوسط بين 1990-1995)
– فائض APU
– معدل الادخار للأمة – بلادك يمكن أن تعرف ركود السنة القادمة؟
– هل كان ميسر على مؤسستك الحصول على قروض السنة الماضية؟

ترتيب خطر القروض – المصدر: الهيئات المستثمرة
نفقات APU بالنسبة المئوية من الدخل القومي الصافيPIB
الهيئات العمـــمومية
عقود وقوانين – هل العدالة مستقلة عن الحكومة أو مرتبطة بها؟
– هل الأصول المالية والثروة معرفة بوضوح ومحمية بالقانون؟
– هل حكومتك غير متحيز في منح الصفقات العمومية؟
– هل تفرض الجريمة المنظمة تكاليف معتبرة في عالم الأعمال؟
الفساد – ما هو معدل الرشوة في منح رخص الاستيراد والتصدير؟
– ما هو معدل الرشوة في منح رخص الشبكات العمومية؟
– ما هو معدل الرشوة في دفع الضرائب السنوية؟
التكنــــولوجيا
الإبداع
التكنولوجي – عدد براءات الاختراع
– نسبة التمدرس في التعليم العالي – ما هي وضعية بلدك بالنسبة للتكنولوجيا مقارنة بالدولة الرائدة؟
– هل الاختراع المستمر مصدر مداخيل في نشاطك؟
– هل تنفق كثيراً مؤسسات بلدك في البحث والتطوير مقارنة بالدول الأخرى؟
– هل التعاون مع الجامعات في البحث والتطوير مهم؟
NTIC
التقنيات الجديدة
للإعلام والاتصال – عدد الهواتف النقالة
– عدد مستعملي الانترنت
– عدد متصلي الانترنت
– عدد خطوط الهاتف
– عدد أجهزة الكمبيوتر – هل الاتصال بالانترنت في المدارس باهض الثمن؟
– هل المنافسة بين مزويدي خدمة الانترنت كافية لضمان نوعية خدمة جيدة؟
– هل NTIC من الاهتمامات الكبرى للحكومة؟
– هل القوانين المتعلقة بـ NTIC (حماية المستهلك، التجارة الالكترونية،…) متطورة ومحترمة؟
نقل التكنولوجيا
(تخص الدول خارج القلب) – باقي التكنولوجيا من التبادلات – هل الاستثمارات المباشرة الداخلة مصدر مهم للتكنولوجيا الجديدة؟
ٍSource : Gregoir stephane et Maurel française, “Les indices de compétitivité des pays:interprétation et limites”, INSEE, Octobre 2022, P4.

3- مؤشرات البنك الدولي(WB) :

يقوم بإعداد مؤشرات عن التنافسية لعدد من الدول، وتنشر دوريا على شبكة الانترنت، وتشمل العديد من الدول العربية منها : الجزائر، مصر، الأردن، الكويت، موريتانيا، المغرب، عمان، السعودية، تونس، الأمارات واليمن، ويعتمد على 64 متغيراً في 5 عوامل وهي :
 الإنجاز الإجمالي ( الناتج القومي الإجمالي للفرد، معدل النمو السنوي المتوسط).
 الديناميكية الكلية وديناميكية السوق (النمو والاستثمار، الإنتاجية، حجم التجارة الإجمالي، تنافسية التصدير).
 البنية التحتية ومناخ الاستثمار (شبكة المعلومات والاتصالات، البنية التحتية المادية، الاستقرار السياسي الاجتماعي).
 رأس المال البشري والفكري.
 الديناميكية المالية.

4-مؤشرات صندوق النقد الدولي(IMF) :

يقوم بنشر عدد محدد من المؤشرات (أسعار الصرف الحقيقية المستندة إلى مؤشرات أسعار المستهلك، قيمة وحدة التصدير للسلع المصنعة، السعر النسبي للسلع المتداولة وغير المتداولة، تكلفة وحدة العمل في الصناعة التحويلية).

5- تصنيف حسب مؤشر الحرية الاقتصادية :

مؤشر طوره معهد HERITAGE بالولايات المتحدة الأمريكية وقد اعتمد لدراسة درجة الحرية على عشرة عوامل وكل عامل يتكون من مجموعة من المتغيرات ( 50 متغير) وهذه العوامل هي :
 حرية التجارة.
 العبء الضريبي للحكومة.
 تدخل الحكومة في الاقتصاد.
 السياسة النقدية.
 تدفقات رأس المال والاستثمار الأجنبي.
 الجهاز المصرفي.
 الأجور والأسعار.
 حقوق الملكية.
 الأنظمة.
 السوق السوداء.
تحتل الجزائر حسب تصنيف مؤشر الحرية الاقتصادية المرتبة 108.

المطلب الرابع : انتقاد التنافسية ومؤشراتها

انتقد ريكاردو بترلا التنافسية وركز على كونها أصبحت هدف رئيسي وليست وسيلة، ومن بين الآثار التي ترتبت عنها هو تقوية منطق الحرب لدى المؤسسات وعلى المستوى الدولي فيما يخص العلاقات بين المؤسسات والمتعاملين الاقتصاديين، المدن والدول ؛ واستعملت في هذه المعركة كل الوسائل (البحث والتطوير، براءة الاختراع، إعانات الدولة، المضاربة المالية، هيمنة الأسعار، نقل وحدات الإنتاج، الاندماج والشراء) وكذلك تقليص دور الدولة في نظر الأعوان الاقتصاديين، السياسيون والجمهور إلى نظام واسع للهندسة القانونية والبيروقراطية والمالية موضوعة في خدمة النجاح التجاري للمؤسسة، وأصبحت الدولة عامل من العوامل التي تخلق شروط الملائمة لتنافسية المؤسسات، بعد أن كانت تبحث عن الفائدة العامة للشعب، ولم تعد ذلك المرقي والضامن للفائدة العامة، وتكون نتيجة كل هذا ضعف الديمقراطية، حيث أنه في ظل العولمة أصبحت المؤسسات هي التي تحدد الأولويات في مجال الاستثمار واختيار المنتوجات والخدمات، وتحديد أماكن الاستثمار.

إن نقل أماكن عمل المؤسسات بغية تحقيق هدف واحد ألا وهو ضمان مستوى مردودية مرتفع لرأس المال المطلوب من أسواق البورصة(المتوسط الدولي لكل القطاعات +/- 15% ) يمثل شكل قوي للعنف الاقتصادي.

ومن نتائج اشتداد التنافسية بين المؤسسات هو العنف السياسي الاجتماعي يعبر عنه على المستوى الدولي بأشكال قانونية، منها إجبار الدول التي تستفيد من قروض البنك الدولي وصندوق النقد الدولي على خوصصة قطاعات معينة، هذه القروض توجه لإنجاز الهياكل القاعدية لمنفعة شعوبها، ويفرض عليها التخلي على سلطة القرار والمراقبة في مجال تخصيص الموارد، خاصة الفوائد الاقتصادية لاستثمارات المؤسسات المتعددة الجنسيات لصالح المؤسسات الخاصة ومالكي رؤوس الأموال الخاصة في البلدان الغنية.

والتنافسية لا تسمح :
 بالقضاء على عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية الموجودة بين الدول وداخل الدولة الواحدة، وظاهرة التهميش الملاحظة في عدة مناطق من المعمورة.
 بوقف تخريب البيئة(التصحر، تأكل الأرض، انقراض أصناف حيوانية ونباتية، تلوث المياه والبحار).
 خفض تركز السلطة بين أيدي المؤسسات الخاصة التي المسؤولية الأولى فيها هي باتجاه مالكيها وليس باتجاه الفئة العمالية فيها والمجتمع بصفة عامة.

ولا تستطيع التنافسية إيجاد أجوبة ناجعة للمشاكل على المدى الطويل التي تواجهها المعمورة، والسوق لا يستطيع استباق المستقبل، فهو قصير البصر.

وتثير كذلك مؤشرات التنافسية جدلاً على المستوى الدولي، سواء فيما يتعلق بمنهجيتها أو طريقة أعدادها، أو المعطيات المستعملة، وقد ذكر فابريك هاتم أهم هذه الانتقادات :

1- يمكن الاعتراض في بعض الأحيان على نوعية مصادر المعلومات، خاصة في حالة المعلومات الناتجة عن صبر آراء، فمؤشر WCY الذي يعده المعهد الدولي لتنمية الإدارة يعتمد على استجواب مجموعة رجال أعمال حول رأيهم في بلدهم الأصلي، إذاً الحكم على الدول لا يأتي من نفس العينة، هذا ما يخلق تحيز ويصعب قياسه، ويخضع كذلك إلى قدرة أفراد على توجيه انتقادات لبلدهم علناً.
2- اختيار مؤشرات الأساس يمكن أن يظهر جوانب أيديولوجية، وأن يؤدي إلى تحيز غير متحكم فيه في عمل المقارنة، فمثلاً وجود معدل ضريبة مرتفع في دولة ما لا يعني أنه عامل عدم تنافسية، فيمكن أنها تمول خدمات أخرى من هذه الضريبة.
3- طريقة حساب المؤشر النهائي وأسلوب الترجيح المختار لكل مؤشر، فقد قامت مؤخرا منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية(OCDE) بدراسة اعتمادا على معطيات المعهد الدولي لتنمية الإدارة، بينت فيها أنه انطلاقا من نفس المعطيات الأساسية يمكن أن نحصل على عدة تصنيفات مختلفة، ليس اعتمادا فقط على الترجيحات المستعملة، ولكن أيضاً على طريقة الحساب في حد ذاتها.

المبحث الثالث :
دور الدول لدعم التنافسية

تطرقنا في المبحثين الأول والثاني لتعريف التنافسية على مستوى المؤسسة وقطاع النشاط، ثم على مستوى الدول، فإذا علمنا أن الجزء الأكبر في عملية تحديد تنافسية المؤسسات يقع على عاتقها هي، فهل الدول لها دور في تحديد الجزء الباقي، وإذا كان الجواب نعم كيف يكون تدخلها لتحسين تنافسية المؤسسات العاملة داخل إقليمها أولا، وثانيا كيف تساهم أو تقوم بتحسين تنافسية اقتصادها في السوق العالمي، هذه العناصر كلها سوف نتعرض لها بالدراسة والتحليل في هذا المبحث، ونورد في المطلب الثالث كيف نجحت دول كانت اقتصادياتها في الوقت القريب متعثرة لتخطو بها فيما بعد إلى مصاف الاقتصاديات الأكثر تنافسية في العالم.

المطلب الأول : الإطار النظري لدور الدولة الداعم للتنافسية

انطلاقاً من تعريف التنافسية على أنها “قدرة الدولة على إنتاج سلع وخدمات تلقى نجاحاً في الأسواق العالمية وتحافظ على متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي”، يتبين لنا مدى الارتباط الوثيق بين التنافسية ودور الدولة في تحقيقها ونجاحها، وذلك بتشجيع الأنشطة على توليد وفورات (خارجية) إيجابية، وتحويل الأرباح من الاقتصاديات الأجنبية إلى الاقتصاد المحلي، ويتم ذلك عبر تقديم إعانات تنافسية لدعم البحث والتطوير في الصناعة والحد من دخول المنشات الأجنبية إلى الأسواق المحلية.

ويمكن تجسيد دور الدولة في تدعيم وتحسين تنافسيتها على المستوى الدولي، بتوفيرها لبيئة أعمال ملائمة، وهذا بتطبيق سياسات اقتصادية ومالية واجتماعية بغية تدعيم تنافسية النشاطات الإنتاجية والخدمية ، وتتمثل في :
 السياسات المالية والنقدية.
 سياسات الاستثمار وتهيئة المناخ الاستثماري.
 سياسات تعزيز القدرات التكنولوجية الذاتية.
 سياسة إصلاح التشريعات والمؤسسات.
 أساليب الممارسة الإدارية الرشيدة.
 سياسة تحديث البنية الأساسية المادية.
 تحديث الجهاز الحكومي والإداري.
 سياسة نشر وتداول المعلومات.

وقد بين مايكل بورتر دور الدول في تدعيم التنافسية في عمله حول المزايا التنافسية للأمم، حيث أستحدث منهج متكامل يتضمن عدة محددات تفسر الميزة التنافسية للصناعات، فأما أن تكون معوقة أو محفزة للنجاح في المنافسة العالمية، وجزء منها يتعلق بالخصائص الداخلية للدولة ويمكن التحكم فيه والجزء الآخر يقع خارج نطاق الدولة ويصعب التحكم فيه، هاته المحددات هي :

 محددات رئيسية : شروط وخصائص الإنتاج، أوضاع الطلب وخصائصه، دور الصناعات المغذية والمكملة، المنافسة المحلية وأهداف المؤسسة.
 محددان مساعدان ومكملان : دور الصدفة أو الحظ، دور الحكومة وسياستها المختلفة.

تتميز هذه المحددات كونها تعمل كنظام ديناميكي متكامل وتتفاعل مع بعضها البعض، بحيث يؤثر كل محدد في المحددات الأخرى، ويتأثر هو بدوره ببقية المحددات، وعندما تتحقق كل هذه المحددات تتمكن الدولة من تحقيق ميزة تنافسية ديناميكية ومطردة، وتنجح صناعاتها عالمياً، وبالعكس عندما لا يتحقق بعض هذه المحددات أو تكون غير مدعمة ومحفزة لاستمرارية الميزة التنافسية، تؤدي إلى تأكلها وتدهورها، فإذا لم تقم الدولة بخلق وتنمية عناصر الإنتاج لصناعة ما بالمعدلات المرغوب فيها فقد تتدهور الميزة التنافسية لهذه الصناعة.

فمثلاً تدهور أحد عناصر الإنتاج ألا وهو اليد العاملة يمكن أن يكون نتاج :
 تدهور المهارات المتخصصة للموارد البشرية.
 عدم الاهتمام بمراكز البحث العلمي والتكنولوجي.
 عدم الاهتمام بالمؤسسات التعليمية مقارنة بالدول الأخرى.

يبين بورتر أن دور الدولة يكمن في تأثيره على المحددات الأربعة الأساسية للميزة التنافسية، وقد وضحه بالشكل التالي:

الشكل رقم 1: محددات الميزة التنافسية لبورتر

المصدر : نوير طارق (Porter Michal)، “دور الحكومة الداعم للتنافسية: حالة مصر”، المعهد العربي للتخطيط بالكويت،2002، ص6.

المطلب الثاني : تنافسية الدول

طُرح سؤال مهم في بيئات الأعمال ألا وهو “هل تتنافس الدول على نفس النحو الذي تمارسه المؤسسات”، فالاقتصادي الأمريكي “جيفري ساكس” يؤيد هذه الفكرة، حيث يرى أن التنافسية تشير إلى قدرة المؤسسات الاقتصادية للدولة وسياساتها على تحقيق النمو في ضوء الهيكل الكلي للاقتصاد العالمي، وهذا يعني أن الاقتصاد يكون منافساً عالميا إذا كانت مؤسساته وسياساته تدعم النمو الاقتصادي السريع والمطرد.

فالدول تتنافس فيما بينها من خلال السياسات والمؤسسات التي تختارها لتحفيز النمو على المدى البعيد بغرض تحسين المستوى المعيشي لأفرادها، إذا مجال المنافسة بين الدول هو مجال تحقيق النمو الاقتصادي، ويتأتى لها ذلك بتطبيق :
 السياسات الجيدة.
 الأسواق المفتوحة.
 الإنفاق الحكومي الجيد.
 معدلات الضريبة المنخفضة.
 أسواق العمل المرنة.
 نظام سياسي مستقر.
 نظام قضائي كفئ.
 البنية الأساسية والإدارية والتكنولوجية الجيدة.
ويؤيد هذه الفكرة الاقتصادي “لسترو ثارو” بقوله أن المؤسسة يقع على عاتقها تبني أحسن التقنيات التكنولوجية والإدارية للاستجابة الأولية لتحسين التنافسية، وإذا ظهر عدم قدرة المؤسسة على تحسين أدائها نظراً لمعوقات في السوق، بات من الضروري تدخل الدولة.

يتمثل دور الدول في دعم التنافسية، فإيجاد مناخ ملائم لكي تستطيع المؤسسات تحسين أدائها، ويتجلى هذا في عدة مؤشرات ومظاهر في الحياة الاقتصادية أهمها :
1. استقرار البيئة الاقتصادية الكلية من خلال تدني معدلات التضخم وتمويل عام ملموس، ومعدلات ضريبية تنافسية.
2. إزالة كافة معوقات التجارة، المحافظة وتطوير أسواق عالمية مفتوحة وتنافسية.
3. تدعيم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بإزالة كافة الأعباء غير الضرورية على نشاطها الاقتصادي.
4. تحرير الأسواق بغية عملها بكفاءة، وتحفيز الأفراد والمؤسسات من خلال إصلاح الضرائب المفروضة عليهما.
5. ضمان بيئة مواتية للاستثمار المحلي، وتحسين الخدمات المقدمة من قبل الحكومات مثل التعليم.

ومن هنا ظهر مصطلح “السياسة التنافسية” والتي تعرف بأنها “زيادة كفاءة جانب العرض في الاقتصاد في ظل خصائص معينة لأسواق المنتجات وأسواق رأس المال، ورصيد المعرفة المستندة إلى العولمة” وحددت منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي (OECD) أدوات السياسة التنافسية في تحفيز هياكل السوق عبر إجراء إصلاحات اقتصادية في جانب العرض وإصلاح أنظمة ممارسة السلطة ونظام الضرائب، والتعليم وأنظمة البحث والتطوير، وآليات نقل التكنولوجيا والبيئة الأساسية وغيرها.

وتتمثل أهداف السياسة التنافسية في تدعيم قدرة المؤسسات الصناعية أو الدول على توليد دخول مرتفعة لعناصر الإنتاج ومستويات مرتفعة من التوظيف.

لكن الاقتصادي الأمريكي”بول كروجمان” عارض فكرة تنافس الدول كتنافس المؤسسات ، فإذا كانت مؤسسة غير قادرة على تحسين أدائها فسوف يؤدي ذلك إلى خروجها من السوق، بخلاف ذلك فإن الدول تتنافس في القوى السياسية والعسكرية والسيادة، ويصل إلى أنه لا يوجد حد فاصل معرف بشكل جيد لمفهوم تنافسية الدول مما يجعل مفهوم تنافسية الدول مفهوم مضللاً.

المطلب الثالث : تجارب ناجحة لبعض الدول لتحسين تنافسيتها

لتوضيح دور الدول في دعم التنافسية، سنستعرض ثلاث تجارب ناجحة لدول من آسيا وأوروبا وأفريقيا حققت نجاح مهم في مجال التنافسية ألا وهي :
 سنغافورة : احتلت المرتبة الأولى في تقرير التنافسية العالمية ولعدة سنوات متتالية.
 أيرلندا : حسنت مرتبتها التنافسية من المرتبة السادسة والعشرون سنة 1996 إلى المرتبة العاشرة عام 1999.
 تونس : احتلت المرتبة الثانية في تقرير تنافسية الدول الأفريقية.

تتميز هذه الدول الثلاث بصفات مشتركة وهي عدم امتلاكها للثروات الطبيعية وصغر مساحتها، ومرورها بفترة ركود اقتصادي خلال سنوات السبعينات والثمانينات، و تحقيقها لنمو اقتصادي في نفس فترة التسعينات وكذا تركيزها على تحسين التعليم وجذب الاستثمارات الأجنبية، وبذل جهود كبيرة لتوفير مناخ ملائم للأعمال التجارية بالإضافة إلى عامل مهم جداً وهو الدور الحكومي الواضح في دعم القدرات التنافسية لاقتصادياتها.

1- تـجربة سنغافورة :

تتربع على مساحة لا تتعدى 648 كلم2 يقطنها حوالي أربعة ملايين نسمة، تقع جنوب شرق أسيا ويطلق عليها مع دول أخرى بالمنطقة تسمية “نمور آسيا”، ونالت استقلالها سنة 1965، وهي دولة تفتقر إلى الموارد الطبيعية خاصة المياه، وتعاني من ظاهرة البطالة، كل هذه العوائق لم تمنع من احتلالها المراتب الأولى في التنافسية العالمية كونها إحدى الدول الأكثر قدرة على التنافس في العالم.

لكن كيف حققت سنغافورة ذلك ؟
يعزى نجاح سنغافورة في تطوير اقتصادها والوصول به إلى مستوى تنافسية عالِ، إلى السياسات التي أتبعتها طوال السنوات الماضية ونخص بالذكر :
1. وجود رؤية قوية وفعالة وواقعية للقيادة، تركز على النتائج وليس على الشعارات؛
2. تبنت سياسة اقتصاد السوق، وشجعت التجارة والاستثمار مما أدى بها إلى تحقيق متوسط نمو للاقتصاد يقدر بـ 10% حتى عام 1980 ثم 7% بعد ذلك، ومتوسط دخل للفرد الواحد يبلغ 32 ألف دولار أمريكي سنوياً، وهو من أعلى متوسطات الدخل في العالم، ووصل حجم التجارة السنوي ثلاث أضعاف الناتج المحلي الإجمالي، فصادراتها ارتفعت من 19.7 مليار دولار أمريكي سنة 1980 إلى 120 مليار دولار أمريكي سنة 1995؛
3. تطبيق أسلوب مرن وتدريجي في التحول الاقتصادي، وإعادة صياغة السياسات كلما دعت الحاجة لذلك، وهذا تجاوبا مع تغيرات الظروف الدولية.
4. تضم الهيئات الحكومية الرئيسية والتي تقوم بتحديد الإستراتيجية الاقتصادية (مجلس التنمية الاقتصادية السنغافوري) ممثلين عن القطاع الخاص وممثلين للشركات الأجنبية المتعددة الجنسيات.
5. توفير مناخ اقتصادي تنافسي وحر، حيث نجد أن المؤسسات الحكومية تقوم بتسهيل الاستثمار وليس إعاقته. وذلك عبر تخفيض الضريبة على دخل المؤسسات من 40% سنة 1986 إلى 26% حالياً، وتتساوي المؤسسات الأجنبية مع المؤسسات المحلية في مستوى الضريبة المطبق، عدم تطبيق سياسة حد أدنى للأجور مما شجع على التوظيف وحقق معدلات عليا للأجور. بالإضافة إلى تطبيق صارم لقوانين الحماية الفكرية حيث تسجل سنغافورة أدنى مستوى للقرصنة في آسيا.
6. تركيز الدولة على التعليم المرن خاصة التعليم الفني ورعاية رأس المال الفكري مما جعل سنغافورة في ريادة الدول القائم اقتصادها على المعرفة.
7. التحسين المستمر للبنية التحتية الأساسية والتكنولوجية (الموانئ، الطرق، المطارات، الاتصالات السلكية واللاسلكية)، وتحتل سنغافورة المرتبة الأولى في آسيا من حيث استخدام الكمبيوتر والبريد الالكتروني.
8. تتوفر سنغافورة على شبكة اتصالات متقدمة للغاية خصوصا في مجال التجارة الالكترونية.
2-تـجربة أيرلندا :

أيرلندا بلد صغير المساحة وتعداد سكانه 3.6 مليون نسمة، وعانت في العقود الماضية من بطالة كبيرة وركود اقتصادي، وعرفت ظاهرة العنف والحروب الأهلية، لكنها في عقد التسعينات استطاعت الخروج من هذه الوضعية، حيث حققت نمو اقتصادي بمعدل 8.9% سنويا خلال الفترة الممتدة من 1994 إلى غاية 1997، وانخفضت نسبة البطالة من 16% سنة 1993 إلى 6.6% في الوقت الحالي، وارتفع دخل الفرد إلى حدود متوسط الدخل في بريطانيا، كل هذا كان نتاج السياسات التي طبقتها أيرلندا خلال هذه الفترة ومن أبرزها :
1. أتسمت برؤية واضحة ومحددة لتشجيع الاستثمار الأجنبي، خاصة في مجال التكنولوجية المتقدمة.
2. سعت إلى الحد من البيروقراطية ورسخت بيئة تنظيمية واضحة لتشجيع التنافس.
3. خفضت العجز في الميزانية بإتباع رقابة صارمة على الأموال العامة، وكبحت جماح التضخم وسعت من أجل ضمان الاستقرار للاقتصادي الكلي.
4. رفعت مستوى التعليم ونوعيته والتركيز بالخصوص على البحث والتطوير الفعال وكذا المهارات الفنية العالية.
5. توسيع العلاقات التجارية مع العالم من خلال الانضمام إلى التكتلات الاقتصادية الجهوية (الاتحاد الأوروبي) والمنظمات العالمية (منظمة التجارة العالمية).

3- تـجربة تونس :

يبلغ تعداد سكان تونس تسعة ملايين نسمة، وتتميز بصغر مساحتها وعدم توفرها على موارد طبيعية، لكنها استطاعت جذب استثمارات أجنبية قدرها 781 مليون دولار أمريكي عام 1980 ورفعتها إلى 5.2 مليار دولار أمريكي في عام 1997، وحققت معدل نمو سنوي قدره 4.8% خلال الفترة الممتدة من سنة 1990 إلى غاية 1997، ويعتبر القطاع الصناعي أكبر قطاع حقق نمو في تونس بمعدل 13% خلال سنوات1987 إلى 1997، وقد ساعد تونس على تحسين وضعيتها التنافسية العوامل التالية :
1. تحرير الاقتصاد والتجارة.
2. الاستقرار السياسي والاجتماعي.
3. تحسين الإجراءات الإدارية وتوفير مناخ جيد للاستثمار.
4. التركيز على الإبداع التكنولوجي والتكنولوجيا الحديثة، القدرة على المنافسة وعلى أهمية المشاركة في الأسواق العالمية.
5. تخفيض الضغط على الخدمات الاجتماعية نتيجة لانخفاض معدل النمو السكاني مما أدى إلى تحسين دخل الفرد.
6. انضمام تونس إلى المنظمة العالمية للتجارة، وتوقيعها اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي هو الأول من نوعه في أفريقيا والشرق الأوسط.
7. حماية الاستثمارات من الازدواج الضريبي وتطبيق قوانين حماية الملكية الفكرية والصناعية.
8. الاهتمام الكبير بالتعليم من خلال تخصيص 25% من الميزانية السنوية.

خلاصة الفصل الأول :

خلاصة هذا الفصل تكمن في أن التنافسية أصبحت مهمة بالنسبة للمؤسسات كما بالنسبة للدول، حيث أصبحت تسعى كليهما لتحسين وضعيتهما التنافسية رغم أن معظم الاقتصاديين والهيئات الاقتصادية الدولية لم يتفقوا على تعريف موحد للتنافسية، والمؤشرات المستعملة في قياسها تدور حول معدل الدخل للفرد الواحد وكذا حجم التبادلات التجارية للدولة وتطورهما، والتي تعتبر نتيجة للمردودية المؤسسات وقدرتها على اقتحام الأسواق الدولية والصمود في وجه المنافسين الدوليين، وتركز كل مؤشرات التنافسية التي تعدها المنظمات والهيئات الدولية على عنصرين هامين وهما التطور التكنولوجي والإنفاق على البحث والتطوير، واستعمال الوسائل التكنولوجية الحديثة، سواء على مستوى المؤسسات أو على مستوى الدولة في حد ذاتها.

التساؤل المطروح ما هو دور الاختراع والإبداع التكنولوجي في زيادة تنافسية المؤسسات، وهل هو وسيلة ضرورية لضمان بقاء واستمرارية المؤسسات في ظل اقتصاد السوق وزوال العوائق أمام تحرير التجارة، وهل الإنفاق على البحث والتطوير وسيلة لتجسيد هذا الاختراع والإبداع التكنولوجي ؛ وسنحاول الإجابة عن هذه التساؤلات في الفصل الموال


شكرااا على هذا الموضوع لكنه طويل نوعاا ما ولكنه رااااااااااائع تعليم_الجزائر

merci khoyyya

البحث في غاية الروعة ويمكن الاستفادة منه وتحديث المعلوومات

التصنيفات
البحوث التجارية

بحث حول التوزيع

خطة البحث:
مقدمة:
المبحث الأول : تعريف التوزيع و القناة التوزيعية
المطلب الأول :تعريف التوزيع
الفرع الأول : مكانة النوزيع وسط عناصر المزيج التسويقي
الفرع الثاني :سياسة التوزيع حسب درجة الشمولية
المطلب الثاني :مفهوم قناة التوزيع
الفرع الأول :الاعتبارات المؤثرة فقي اختيار قنوات التوزيع
الفرع الثاني :تكامل قنوات التوزيع
المبحث الثاني : أشكال قنوات التوزيع
المطلب الأول : قنوات التوزيع المباشرة
الفرع الأول : بالنسبة للسلع الاستهلاكية
الفرع الثاني : بالنسبة للسلع الصناعية
المطلب الثاني :قنوات التوزيع الغير مباشرة
الفرع الأول بالنسبة للسلع الستهلاكية
الفرع الثاني : بالنسبة للسلع الصناعية
المطلب الثالث: أشكال الوسطاء المختلفة و مردوديتهم
الفرع الأول : الوظائف التي يؤدونها
الفرع الثاني : معايير اختيار الوسطاء
الخاتمة
أودينة عبد الرزاق من ولاية جيجل طالب جامعي بجامعة سطيف سنة ثانية علوم تجارية
[QUOTE]ا

المقدمة

بعد أن كنا في البحوث السابقة تعرضنا بالدراسة لعناصر المزيج التسويقي الثلاث الأولى و التي هي : المنتج ، التسعير ، الترويج ، ها نحن نصل من خلال بحثنا هذا إلى رابع عناصر المزيج التسويقي ، و الذي هو التوزيع و الذي يعد من الوظائف الأساسية للتسويق ، حيث يتم من خلاله نقل السلع من مصادر إنتاجها إلى أماكن الطلب عليها في الوقت المناسب .

من هنا يستمد التوزيع أهميته ، خصوصا مع تضاعف حدة المنافسة على السوق بين المنتجين الذين يحاول كل منهم التأثير على قرار المستهلك بالشراء ، من خلال توفير السلع بالحجم اللازم في المكان اللائق بالنسبة للمستهلك ، و في الوقت المناسب كذلك ، إذ لا يكفي أن يكون المنتج ذو جودة عالية ، و سعر مناسب مرفوق بترويج لائق و غير قادر على تلبية الرغبة من خلال عدم تمكن المستهلك من شراءه ، نظرا لعدم تواجده بالحجم المطلوب في المكان اللائق و في الوقت المناسب .

سنحاول من خلال هذا البحث الإجابة على بعض الأسئلة مثل مفهوم التوزيع و القناة التوزيعية ، و ما هي سياسات التوزيع و ما هي أشكال القناة التوزيعية ، و ما هي أشكال الوسطاء ، ماذا يقدمون من وظائفهم و ما هي معايير إختيارهم .

و ذلك من خلال المباحث التالية :
المبحث الأول : تعريف التوزيع و القناة التوزيعية .
المبحث الثاني :ما هي أشكال قنوات التوزيع .
وصولا إلى الوسطاء المستخدمين من قبل المنتج ، ماهي وظائفهم و كيف يتم إختيارهم .
[المبحث الأول : تعريف التوزيع و القناة التوزيعية

سنحاول من خلال هذا المبحث ، تقديم تعريف للتوزيع و مكانته بين عناصر المزيج التسويقي و تقديم تعريف القناة التوزيعية .

المطلب الأول : تعريف التوزيع

هو تلك العملية التي تعنى بصرف أو نقل المنتج من مصادر إنتاجه إلى أماكن إستهلاكه و ذلك في المكان الذي يريده المستهلك ، و في الوقت الذي يرغب فيه قصد تحقيق المنفعة و إتباع الرغبة للمستهلكين ، فليس يكفي أن يكون المنتج ذو جودة عالية ، و سعر مناسب ، و مرفوق بترويج لائق ما لم يكن متوافرا بالحجم اللازم في المكان الذي يريده المستهلك ، و الوقت كذلك .
و حسب ميركل و أبوم Mircal and Abaum بغض النظر عن درجة جودة المنتج أو طريقة أدائه فإنه لا يمكن إتمام العملية البيعية ما لم يتوافر المنتج في السوق للمشتري المحتمل الذي يرغب في شرائه و هذا يعني ضرورة توفير المنشأة للمنتج في الوقت و المكان المناسب (1)
فهناك من الباحثين من ذهب إلى إعتبار أن التوزيع يمثل نصف التسويق ، و ذلك نظرا لمكانته بين عناصر المزيج التسويقي.

الفرع الأول : مكانة التوزيع وسط عناصر المزيج التسويقي

بالرجوع إلى التعريف السابق ، يمكن أن نلمس شيئا من أهمية التوزيع و مكانته الحساسة وسط عناصر المزيج التسويقي ، إذ لا يمكن أن تتم عملية البيع إن لم يتم إتخاذ الإجراءات اللازمة لجعل المنتج متوافرا في الوقت و المكان المناسب للمستهلك حتى لو كان المنتج الذي تقدمه المنظمة يتميز بخصائص متميزة من حيث الجودة أو السعر أو طريقة ترويجه ، فتوافر المنتج وفق الثلاث عناصر السابقة لا يعني تحقيق لعملية البيع إلا بتوفر رابع هذه العناصر الذي هو التوزيع .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ
(1) د.توفيق محمد عبد المحسن – التسويق و تدعيم القدرة التنافسية –دار الفكر العربي – القاهرة – 2022 . ص 276

الفرع الثاني : سياسات التوزيع حسب درجة الشمولية

إذا جئنا إلى تقسيم سياسات التوزيع حسب درجة الشمولية نجدها ثلاثة أقسام ، سياسة التوزيع الشامل ، سياسة التوزيع الإنتقائي ، سياسة التوزيع الوحيد .

1سياسة التوزيع الشامل :
نستخدم سياسة التوزيع الشامل في حالة بيع السلع الإستهلاكية الميسرة ، فالمستهلك يطلب هذه السلعة ليحقق إشباع مؤقت و بالتالي فهو يسعى للحصول عليها من أقرب مكان و بأقل مجهود ممكن و تتيح هذه السياسة للمنتج التغطية الشاملة للسوق و إن كانت تحتاج إلى تكلفة مرتفعة حيث تقع مسؤولية الإعلان و الترويج على كاهل المنتج (1) أي توزيع السلعة في أكبر عدد من المتاجر التي يتردد عليها المستهلكون و يناسب ذلك السلع ذات الإستهلاك الواسع (2)

2 سياسة التوزيع الإنتقائي :

و تقوم هذه السياسة على أساس عرض السلعة في عدد محدود من متاجر الجملة أو التجزئة التي يتم إختيارها في سوق معينة و تناسب هذه السياسة السلع الإستهلاكية المعمرة ، و التي يكون المستهلك على إستعداد لبذل جهود خاصة في شرائها .

كما قد تقرر المنشأة الإعتماد على التوزيع الإنتقائي بعد التجربة العملية لسياسة التوزيع الشامل ، و قد يأتي هذا التغيير لتكلفة التوزيع الشامل أو لسوء أداء الوسطاء بالإضافة إلى إرتفاع درجة المخاطر ، و تمكن سياسة التوزيع الإنتقائي المنتج من إحكام الرقابة على مبيعاته بالإضافة إلى تقليل التكلفة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
(1) د.توفيق محمد عبد المحسن، المرجع السابق .
(2) د. هناء عبد الحميد سعيد : ” إدارة التسويق ” جامعة القاهرة ، سنة 1993 . ص217

3 سياسة التوزيع الوحيد :

طبقا لهذه السياسة يقوم المورد ببيع منتجاته إلى تاجر الجملة أو التجزئة في سوق معينة ، و طبقا لهذه السياسة أيضا قد يمنع تاجر الجملة أو تاجر التجزئة من التعامل مع منتجات منافسة
تستخدم هذه السياسة في سوق المستهلك النهائي خاصة بالنسبة لبعض المنتجات غالية الثمن ، كالملابس الفاخرة ، و قد يفضل المنتج أيضا سياسة التوزيع الوحيد عندما يكون تاجر التجزئة لديه القدرة على القيام بوظيفة التخزين كما أن هذه السياسة يكون مرغوب فيها في حالة قيام الموزع بأداء خدمات التركيب و الإصلاح بعد إتمام عملية البيع (3) ، أي مكان واحد ( بالنسبة للسلع الخاصة ) ، بحيث يقوم المنتج بتوزيع السلعة لدى موزع واحد يقوم بتوزيع الإنتاج الكلي في منطقة بيعية واحدة(4)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
(3) د.توفيق محمد عبد المحسن، المرجع السابق .
(4) د. هناء عبد الحميد سعيد ، مرجع سابق . . ص217

المطلب الثاني : مفهوم قناة التوزيع .

يعرف كوتلر القناة التوزيعية : ” نسمي القناة التوزيعية مجموعة المتدخلين الذين يتحملون أنشطة التوزيع ، بمعنى الأنشطة التي تقوم بتمرير منتوج من مرحلته الإنتاجية إلى مرحلته الإستهلاكية ” (1) مع الأخذ بعين الإعتبار أن إختيار قناة توزيعية يعتبر من أهم القرارات التسويقية .

و كتعريف ثاني ، يمكن أن نقول أن ” القناة التوزيعية هي الطريق الذي تسلكه السلعة من المنتج إلى المستهلك النهائي أو المشتري الصناعي من خلال مجموعة من الأجهزة التسويقية المتخصصة التي تكون تابعة للمنتج أو مستقلة ”
و عندما تكون مستقلة فهذا يعني أن يتم التوزيع عن طريق منشآت تسويقية متخصصة حيث قد تقوم هذه المنشآت إما بإمتلاك السلعة و من ثم توزيعها كما في متجر الجملة و متاجر التجزئة ، و إما أن لا تمتلك السلعة و لكن تقوم بتسهيل توزيعها مقابل عمولة تحصل عليها كما في حالة الوكلاء و السماسرة عن طريق إيجاد مشترين للسلعة(2)

فمن خلال التعريفين السابقين يمكن إستنتاج بعض الملاحظات الأساسية:
 أن طول القناة التوزيعية يمتد ما بين المنتج إلى مشتري السلعة بنية إستهلاكها مع شرط أن تحافظ السلعة على كافة خصائصها
 أن القناة التوزيعية تحوي على عديد من المتعاملين ، المنتج ، المستهلك ، الوسطاء ، أو الوكلاء .
و بناءا على هاتين الملاحظتين يمكن تقديم تعريف للقناة التوزيعية على أنها المسلك الذي تنتقل من خلاله السلعة من المنتج إلى آخر مشتري قصد إستهلاكها مع المحافظة على جميع خصائصها .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
(1) KOTLER et susois . publi.union.edition.paris.France.2000

(2) د.محمد وصفي عقيلي و آخرون ، ” مبادئ التسويق ” دار زهران للنشر و التوزيع عمان 1996 ص 278 .

الفرع الأول : الإعتبارات المؤثرة في إختيار قنوات التوزيع .

هناك أربع عوامل مؤثرة في إختيار قناة التوزيع و هي :
/1إعتبارات السوق
/2نوع المنتج
/3نوع الوسطاء
/4ظروف المنظمة

سنتعرض لكل إعتبار منها بنوع من التفصيل .
/1إعتبارات متعلقة بالسوق : هنا يجب تحديد لمن ستبيع المنظمة للمستهلك النهائي أم للمشتري الصناعي ، حيث توجد بعض المتغيرات في كلتا الحالتين :

1.1 – عدد المستهلكين المتوقعين : فمثلا لبيع آلات الحفر إلى الشركات البترولية ، تتصل الشركة مباشرة بالمستهلك ، أما إذا كانت تبيع الأوراق فعليها إستخدام الموزعين بدرجة مكثفة للوصول إلى الصناعات المختلفة التي تتعامل معها
2.1 – الإعتبارات الجغرافية : فالبيع المباشر قد يكون سهلا بالنسبة للمستهلك الذي يتركز في مناطق جغرافية محددة ، و في حالة ما إن كان السوق المستهدف هو سوق كلي لدولة ما ، نجد المنتج يفضل إنشاء فروع متخصصة لإتمام عمليات البيع دون الإعتماد على الوسطاء .
3.1 –حجم الطلبية : فمنتج المواد يعتمد البيع المباشر إلى محلات البقالة الكبيرة و المتخصصة في الطلبات ذات الحجم الكير و على الرغم من أن تاجر الجملة يقوم ببيع منتجاته من خلال متاجر التجزئة من أجل الوصول إلى محلات البقالة ذات الحجم الصغير .

الفرع الثاني : تكامل قنوات التوزيع:

-1التكامل العمودي : يحدث التكامل العمودي عندما يكون هناك نوع من الإرتباط بين مشروع و بعض المشروعات الأخرى التي تكمل نوع النشاط الذي يقوم به المشروع كأن هذا التكامل بين المنتج و بين منشأة تقوم بتجارة الجملة في نفس النشاط و منشأة أخرى تقوم بتجارة التجزئة و بذلك يحدث التكامل الرأسي بين الإنتاج و التوزيع ، و لهذا التكامل الكثير من المزايا للمنتج هي :
 التناسق بين العملية الإنتاجية و بين العملية التسويقية.
 ضمان توفر السلع في الأسواق في الوقت المناسب .
 الرقابة بشكل فعال على الأنشطة التسويقية .
 الإنخفاض في تكلفة الإنتاج و التسويق و بالتالي توفير السلع للمستهلك بسعر مناسب.(2)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
(1) د.توفيق محمد عبد المحسن ، التسويق و تدعيم القدرة التنافسية ، دار الفكر العربي ، القاهرة ، مصر 2022 .
(2) مرجع سابق ص 280 .

المبحث الثاني : أشكال قنوات التوزيع .
بعد تطرقنا في المبحث السابق إلى تقديم تعريف للتوزيع و القناة التوزيعية ، و مكانة التوزيع وسط باقي عناصر المزيعج التسويقي ، و الإعتبارات المؤثرة في إختيار القناة التوزيعية و التي هي إعتبارات متعلقة بالسوق ، و أخرى متعلقة بالمنتج ، و أخرى متعلقة بالوسطاء ، و كذلك فيم يتعلق بظروف المنظمة ، سنحاول من خلال هذا المبحث التعرض بالدراسة لأشكال قنوات التوزيع ، و ذلك مع تبيان
خصائص كل قناة حيث نجد قناة توزيع مباشرة و أخرى غير مباشرة.

المطلب الأول : قنوات التوزيع المباشرة .
التوزيع المباشر هو قيام المنتج بتوزيع منتجاته دون الإعتماد على منشآت التوزيع المتاحة في السوق و هذا ما يعني إلا قيام المنتج بتوزيع سلعة إلى المستهلك النهائي من خلال الإتصال المباشر بينهما
و ذلك راجع للأسباب التالية :
-1 ضمان البيع بسعر أقل من حالة الإعتماد على الوسطاء ، أو زيادة هامش الربح .
-2 رغبة المنتج في الوصول إلى مستوى عالي من الرقابة على السوق .
-3 في حالة عدم وجود تجانس بين المنتج و الوسطاء ، بمعنى عدم تعاونهم .
-4 التقليل من المخزون .
-5 معرفة رد فعل المستهلك حول السلعة بشكل أسرع .
و لا يفوتني الذكر بأن التوزيع المباشر نجده شائعا في قطاع الخدمات مثل الخدمات الصحية ، البنوك ، الحلاقة ، فالمنتج يتصل بالمستهلك سواء كان مستهلكا نهائيا أو مستهلكا صناعيا (1)

الفرع الأول : بالنسبة للسلع الإستهلاكية
في حالة السلع الإستهلاكية ، نجد المنتج الذي هو نقطة إنطلاق السلعة يمكنه الإعتماد على خمسة طرق ، إما من خلال متاجر تعود ملكيتها له و إما الباعة المتجولين ، عن طريق البريد ، عن طريق الهاتف ، و خامسا البيع الآلي .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
(1) محمد فريد الصحن ، التسويق ، المفاهيم و الإستراتيجيات ، الإسكندرية ، مصر ، 1998 ص 362
(2) د.عمر وصفي عقيلي و آخرون ، مبادئ التسويق ، دار زهران للنشر و التوزيع 1996 ص281

الشكل (1) قنوات التوزيع المباشر – حالة السلع الإستهلاكية –

-1 متاجر ممتلكها المنتجون : نجدها شائعة في حالة قيام المنتج بتوزيع سلع سريعة التلف كالحليب و مشتقاته بالنسبة للسلع التي تتميز بالتغير المستمر تماشيا مع الموضة أو المجوهرات التي تتطلب جهدا خاصا ، إلا أن هذه الطريقة تعتبر مكلفة بالنسبة للمنظمة حيث عليها شراء عقارات أو كراءها و كذا تحمل أعباء رجال البيع من خلال الأجر ، إلا أنها أي هذه الطريقة تسمح بتدفق هائل للمعلومات من خلال الإشراف المباشر .
-2 الباعة المتجولون : إن هذه الطريقة تعتبر قديمة نوعا ما ، فهي لا تتطلب فتح متاجر و إنما تتطلب توافر رجال بيع أكفاء ، لهم قدرة الإقناع من خلال الإتصال المباشر مع المستهلك ، حيث يقوم رجل البيع بتجريب المنتج أمام المستهلك مقدما له مزاياه و خصائصه ، لكن يعاب على هذه الطريقة أن تتم الزيارات في وقت غير مناسب أو تخوف المستهلك من إتخاذ قرار الشراء بشكل سريع ، و شعوره بأنه تحت ضغط رجل البيع ، و حتى إنعدام الثقة لدى المستهلك و تخوفه من الوقوع في الغش .

-3 البيع عن طريق الهاتف : تستخدم هذه الطريقة من طرف بعض متاجر التجزئة ، حيث يقوم المستهلك بالإتصال هاتفيا بالمتجر و طلب بعض السلع الإستهلاكية ، مع تكفل المتجر بنقل هذه السلع إلى المستهلك .
إن هذه الطريقة تشبه طريقة البيع بالبريد ، حيث يتلقى المستهلك قائمة بالسلع التي ينتجها المنتج ، حيث يقوم المستهلك بالإطلاع عليها و إختيار ما هو مقبل على شرائه ، فيقوم بالإتصال بالبائع بالهاتف الذي يتكلف بإيصال السلعة إلى المستهلك إما عن طريق البريد إن كان بعيدا و إما أن تصله السلعة في نفس يومها إن كان قريبا .

-4 البيع بالبريد : يتم من خلال هذه الطريقة طلب المستهلك للسلعة عن طريق البريد بعد إطلاعه على كاتالوجات يعدها المنتج تحوي على صور المنتوجات شرط أن تكون بالألوان ، مدعمة بقائمة خصائص هذه المنتوجات فيقوم المنتج بإرسال السلعة عن طريق البريد كذلك ، و لكن لضمان نجاح هذه الطريقة لا بد من وجود نظام بريدي كفن يتميز بالسرعة و الإئتمان .

-5 البيع الآلي : تنتشر هذه الطريقة في الأماكن العامة ، كالجامعات و محطات القطارات و المدارس العسكرية ، حيث يقوم المستهلك بوضع قطعة نقدية للحصول على السلعة التي قد تكون سجائر أو مياه غازية قهوة ، شاي ، و لكن يستلزم إختيار المواقع المناسبة ، و الإشراف المستمر عليها لجمع النقود و تزويد الماكنات بالسلع (1) .

الفرع الثاني : بالنسبة للسلع الصناعية :
بالنسبة لقنوات التوزيع المباشرة للسلع الصناعية يمكن تصنيفها إلى صنفين هما ، المعارض المتخصصة و مندوبي البيع .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
(1) المرجع السابق ص 285 .

(2 شكل)
قنوات التوزيع المباشر للسلع الصناعية

-1 الفروع و المكاتب : يقوم بعض المنتجين بتأسيس فروع لهم بهدف القيام بعملية توزيع سلعهم إلى المشترين الصناعيين و تحتفظ هذه الفروع بمخزون سلعي ، حيث يتوفر فيها الفنيون المتخصصون في السلعة و الذين لهم القدرة على مساعدة المشترين في التعرف على مواصفات السلعة و خدماتها و طرق إستخدامها ، كما يوفرون خدمات الصيانة و التصليح لمن يريدها من هؤلاء العملاء .
فالمنظمات التي تنتج سلعها وفقا لطلبيات المستهلكين الصناعيين تكون في غنى عن إنشاء الفروع و المكاتب ، لإمكانية شحن السلع مباشرة إلى المستهلكين الصناعيين ، و هو ما أدى إلى تراجع عدد المنظمات التي تستخدم الفروع و المكاتب في توزيع سلعها (1)

-2 المعارض المتخصصة : و تكون إما على المستوى المحلي ، أو على المستوى الدولي ، إذ يقوم المنتجون الصناعيون من خلالها بعرض سواء المنتجات أو قطع غيارها أو عرضهما معا ، حيث يقوم المستهلكون الصناعيون بزيارة هذه المعارض للإطلاع عن قرب عن المنتجات و خصائصها ، فتتم عملية عقد صفقات الشراء عن طريق هذه المعارض .

-3 مندوبو البيع : حيث وفق هذه الطريقة ينوب مندوبو البيع عن المنتج الصناعي من خلال قيامهم بالطواف على أسواق المشتري الصناعي ، و طرح نماذج من السلع التي يقوم بانتاجها المنتج الصناعي ، لكن هذه الطريقة في حاجة إلى مندوبي بيع يتصفون بكفاءة عالية المستوى ، محيطين بكل مميزات المنتج الذي يوزعونه فإتصافهم بالقدرة على الإقناع و التفاوض ، بالإضافة إلى جودة المنتج كفيل بإبرام صفقات لصالح المنتج الصناعي ، لكن عيب هذه الطريقة هو العمولات الضخمة التي يتلقاها المندوبون نظير قيامهم بعملية التوزيع (2).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
(1) د.أحمد شاكر العسكري، التسويق مدخل إستراتيجي ، دار الشروق ، عمان ، الأردن ، 2000 ص161
(2) د.عمر وصفي عقيلي و آخرون ، مبادئ التسويق ، دار زهران للنشر و التوزيع عمان الأردن 1996 ص 286

المطلب الثاني : قنوات التوزيع الغير مباشر :

بعد تعرضنا في المطلب السابق لقنوات التوزيع المباشرة على شكليها ، نأتي من خلال هذا المطلب لدراسة قنوات التوزيع الغير مباشرة و التي تنقسم هي الأخرى لقسمين هما قناة غير مباشرة لتوزيع السلع الإستهلاكية و قناة توزيعية غير مباشرة للسلع الصناعية ، حيث سنأتي لدراسة كل قناة على حدى من خلال تخصيص فرع لكل قناة .

إن هذه الطريقة أدت إلى إعتمادها بعض الظروف التي يمكن أن نوجزها في :
-1 البعد الجغرافي : فبعد المنظمة عن مكان تواجد المستهلكين يؤدي إلى إعتماد وسطاء لتمام عملية التوزيع خصوصا في حالة المنظمات الضخمة ذات الصيت الدولي الواسع
-2 يعمل الوسطاء على توفير السلعة في المكان المناسب و في الوقت المناسب لتحقيق الإشباع المطلوب .

-3 يعمل الوسطاء على نقل المعلومات الخاصة بتفضيلات المستهلكين قصد الوصول إلى مستوى تلبية حاجاتهم و مطالبهم المختلفة (1)

الفرع الأول : قناة التوزيع غير المباشرة للسلع الإستهلاكية :

للسلع الإستهلاكية مجموعة من القنوات التوزيعية الغير مباشرة ، تتلائم و السلع المرغوب في توزيعها.
فهي تختلف باختلاف طبيعة السلعة و الحجم المرغوب في توزيعه ، إذ نميز بين ثلاث قنوات هي :

أولا : من المنتج إلى تاجر التجزئة إلى المستهلك ، يشترط لإعتماد هذه القناة أن تكون القدرة لتجار التجزئة للشراء بكميات ضخمة ، إذ تصل السلعة إلى المستهلك النهائي من المنتج بمرورها عن وسيط واحد هو تاجر التجزئة .

ثانيا : من المنتج إلى تاجر الجملة إلى تاجر التجزئة إلى المستهلك : و هي قناة تقليدية بعض الشئ يتم إعتمادها في حالة عدم قدرة تجار التجزئة على الشراء بكميات كبيرة ، فيمكن إعتبارها كبديل للقناة الأولى .

ثالثا : من المنتج – إلى الوكيل – إلى تاجر الجملة ، إلى تاجر التجزئة إلى المستهلك ، تعتمد هذه القناة من طرف المنظمات الضخمة ، ذات الإنتاج الكبير (2)

و الشكل التالي من شأنه إيضاح فكرة القنوات الغير مباشرة للتوزيع .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
(1) محمد فريد الصحن ، المفاهيم و الإستراتيجيات الإسكندرية مصر 1998 ص 363
(2) د.عمر وصفي عقيلي و آخرون – مبادئ التسويق – دار زهران للنشر و التوزيع ، عمان ، الأردن ، 1996 ص 289 .

الفرع الثاني : قنوات التوزيع الغير مباشرة للسلع الصناعية:

هنا يمكن تقسيم القناة إلى صنفين هما :

أولا : من المنتج الصناعي إلى الوكيل إلى المشتري الصناعي ، بحيث يقوم الوكيل بدور الوسيط بين المنتج الصناعي و المستهلك الصناعي .

ثانيا : من المنتج الصناعي – إلى الوكيل الصناعي ، إلى الموزع الصناعي ، إلى المشتري الصناعي فتمر السلعة بوسيطين قبل وصولها إلى المشتري الصناعي .

المطلب الثالث : أشكال الوسطاء المختلفة و مردوديتهم :

هنا يمكن تقسيمهم لصنفين : وسطاء يمتلكون السلعة ، و وسطاء لا يمتلكون السلعة بمعنى إمتلاك السلعة من عدمه و هي في طريقها إلى المستهلك النهائي.

أولا : وسطاء لا يملكون السلعة و هم من لا تصبح السلعة تحت ذمتهم أثناء إنتقالها من مناطق إنتاجها إلى مناطق إستهلاكها .

1. الوكلاء : هم الذين يقومون ببيع السلعة نيابة عن المنتج مقابل عمولة و هناك عدة أنواع من الوكلاء هي:
1.1 السمسار : ليست له حرية تحديد السعر و لا شروط البيع ، تنتهي علاقته بالعملاء بإنعقاد الصفقة أو نهايتها يظهر في العقارات و الأوراق المالية
2.1 وكيل الشراء : و هو يمثل المشتري ، علاقته مع زبائنه تكون طويلة .
3.1 وكيل البيع: يسمح وكيل البيع للمنتج بالتفرغ للعملية الإنتاجية ، و يتحمل هو العمليات المتعلقة بالبيع حيث تكون له صلاحية تحديد السعر مع التحديد في العقد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
(1) المرجع السابق ص 290

4.1 وكيل المنتج : و هو يمثل منتجا واحدا أو عدد من المنتجين بشرط أن يكونوا متنافسين ، لكن صلاحياته تكون قليلة إذا ما قارناها مع صلاحيات وكيل البيع .

5.1 بائعي المزاد العلني : حيث يتم إعلام المستهلكين بطبيعة السلع و وقت و مكان البيع بالمزايدة و ذلك نيابة عن مالك السلعة فمهمتهم تكمن في التوفيق بين البائع و المشتري (1)

ثانيا : وسطاء يمتلكون السلعة : هنا تصبح السلعة تحت تصرف المكلف أي عند إنتقالها من المنتج إلى المستهلك تكون ملكيتها عائدة للمكلف بنقلها ( الموزع ) حيث نميز بين ثلاثة أصناف .

-1 تجار التجزئة : و هم يمثلون الخط الأمامي مع المستهلك ، فتجارة التجزئة تمثل حلقة هامة بين المنتج و المستهلك حيث تبرز أهميتها في النقاط التالية :

1.1 يعني تاجر التجزئة بعرض تشكيلات كثيرة و متنوعة أمام المستهلك بعد القيام بتجميعها من مصادر متعددة .

2.1 يقدم تاجر التجزئة خدمة البيع بالتقسيط و الإئتمان خصوصا في حالة السلع المعمرة.

3.1 إمكانية تلبية حاجات و رغبات المستهلكين بسرعة نتيجة الإتصال المباشر بهم و نشوء علاقات شخصية بين صاحب المتجر و المستهلكين

4.1 يعمل تاجر التجزئة على بذل جهد أكبر و ذلك نظرا لوجود المصلحة الشخصية و حافز تحقيق
الربح (2)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
(1) محمد فريد الصحن ، التسويق المفاهيم و الإستراتيجيات ، الإسكندرية ، مصر 998 ص 374
(2) د.عمر وصفي عقيلي و آخرون ، مبادئ التسويق ، دار زهران للنشر و التوزيع عمان ، الأردن ، 1996 ص294

-2 تجار الجملة : و هم الذين يعنون بعملية الربط بين تجار التجزئة و المنتجين ، و لا ينوط بهم البيع المباشر للمستهلك النهائي ، فتاجر الجملة هو كل شخص طبيعي أو معنوي يقوم بالبيع إلى أولئك الأشخاص الذين يشترون السلع لأحد الغرضين :
• إما إعادة بيع السلع التي يقومون بشرائها للمستهلك النهائي .
• إستعمال السلع التي يشترونها في عملية الإنتاج .
فهو يعمل على مساعدة المنتج في تصريف إنتاجه حيث يقسمها إلى وحدات صغيرة تتناسب و حاجة تاجر التجزئة ، كما يتحمل جزءا من تكاليف التخزين عن المنتج .
فمن خلال ما سبق يمكن الإشارة إلى الوظائف التي يقدمها الوسطاء للمنتج و المستهلك على حد سواء .

الفرع الأول : الوظائف التي يؤدونها :

فقد لخص ” كوتلر ” هذه الوظائف في النقاط التالية :
– البحوث إذ يعتبر جمع المعلومات ضروري لتخطيط و تسهيل عملية التبادل ، و تفيد المنتج في تخطيط و تنفيذ الوظائف التسويقية .
– المفاوضة فالوسيط يقوم نيابة عن المنتج بالإتفاق النهائي سواء مع المستهلك النهائي أو المشتري الصناعي حول السعر و بعض الشروط الأخرى حتى يتم نقل ملكية السلعة إلى المستهلك .
– تحمل المخاطر مثل انخفاض السعر ، تغير أذواق المستهلكين ، التلف ، خصوصا عند شراء السلع و تخزينها مع إنتظار حلول الطلب عليها .
– الإتصال فهم الأقرب إلى المستهلك مما يمكنهم من الحصول على ردود فعله .
– التمويل ، حيث يقوم بعض الوسطاء بالدفع مقدما للمنتجين ، و ذلك لشراء منتوجهم لفترة معينة.
– الترويج من خلال التأثير على المستهلكين لشراء السلع و ترويج منتجات الشركات ، و حتى إشتراكهم في بعض الأحيان ببرامج الترويج التي يقوم بها المنتجون (1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
(1) محمد فريد الصحن ، التسويق المفاهيم و الإستراتيجيات ، الإسكندرية ، مصر 998 ص67 .

الفرع الثاني : معايير إختيار الوسطاء

أولا : معيار تغطية السوق : فحجم السوق المستهدف خدمته فكلما طالت منافذ التوزيع كلما سهل تغطية السوق بشكل أفضل .

ثانيا : الرقابة : فنجد المنتج يحاول التأكد من حين لآخر أن سلعته معروضة بشكل جيد و في المكان الملائم ، حيث أن بعض السلع تحتاج إلى طريق معينة للبيع و مهارات بيعية عالية ، مما يستوجب اختيار الوسطاء الذين يستطيعون القيام بهذه المهام .

ثالثا :التكلفة : فكلما كان عدد الوسطاء قليلا كان سعر المنتج منخفضا و بالتالي يكسب ميزة تنافسية في السوق من حيث السعر .

رابعا : القدرة على الملائمة و التكيف و تعني مرونة المنتج في تغيير منافذ التوزيع عند الرغبة في ذلك ، فإعتماد الوكلاء كوسطاء يترتب عليه إلتزام طويل (1)

من خلال الأربع معايير السابقة نلمس بعض التناقض فمن جهة معيار تغطية السوق يتطلب الكثير من التكاليف و تقلل من الرقابة التي يفرضها المنتج على الوسطاء لكثرتهم ، بينما نجد أن الإعتماد على عدد قليل من الوسطاء يزيد من درجة الرقابة و يعمل على إنقاص قيمة التكاليف لكنه لا يسمح التغطية المطلوبة للسوق .

فيبقى على مسؤول التسويق في الشركة العمل على تحقيق شئ من التوازن بين هذه المعايير للوصول إلى إختيار بديل أكثر جاذبية و الذي يحقق أهداف المنظمة .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
(1) د.فريد الصحن ، التسويق ، المفاهيم و الإستراتيجيات ، الإسكندرية ، مصر ، 1998 ، ص 387 .

الشكل التالي يوضح كيف يقلل الوسطاء من المعاملات في نظام التوزيع .

الخاتمة :

بوصولنا إلى خاتمة هذا البحث نكون قد وصلنا للحصول على إجابات لبعض التساؤلات ، فأدركنا أن كل منتج يجب أن يتوصل لبناء إستراتيجية تتلائم و طبيعة منتوجه و إمكانياته و كذا أهدافه التي يرغب في تحقيقها من خلال هذا المنتج .

إذ يكون عليه إختيار قناة توزيع تتلائم و أهدافه ، وذلك وفق إعتبارات كنا وصلنا إليها من خلال بحثنا هذا ، فالوصول لإعتماد تصميم قناة توزيعية يتوجب على المنتج المفاضلة بين عديد من المعايير و محاولة المزج للوصول إلى تغطية عيب كل معيار بمحاسن معيار آخر .

و يبقى هو موضوع التوزيع بمثابة الموضوع الواسع من حيث مجالات الدراسة و البحث و ذلك من خلال التشخيص لبيئة المجتمع موضوع الهدف.

قائمة المراجع

اللغة العربية :

-1 د.توفيق محمد عبد المحسن ، التسويق و تدعيم القدرة التنافسية ، دار الفكر العربي ، القاهرة ، مصر 2022
-2 د.أحمد شاكر العسكري ، التسويق مدخل إستراتيجي ، دار الشروق ، عمان ، الأردن ، 2000
-3 د.محمد فريد الصحن ، التسويق ، المفاهيم و الإستراتيجيات ، الإسكندرية ، مصر ، 1998
-4 د.عمر وصفي عقيلي و آخرون ، مبادئ التسويق ، دار زهران للنشر و التوزيع ، عمان ، الأردن ،
1996
-5 د.هناء عبد الحميد سعيد ، إدارة التسويق ، جامعة القاهرة ، ، مصر ، 1996

اللغة الفرنسية :
– KOTLER et DUBOIS , MARKETING MANAGEMENT , UNION ,Edition Paris,France,2000


شكرا لكم اخواني الاعزاء

شكرا جزيلا تعليم_الجزائر تعليم_الجزائر تعليم_الجزائر تعليم_الجزائر
تعليم_الجزائر

شكرا للك الموضوع في انتضار المزايد

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .

التصنيفات
البحوث التجارية

بحث شامل المنافسة والقدرة التنافسية

خطة البحث:

مقدمة
-I ماهية المنافسة 01
-1-I مفهوم التنافسية 01
-2-I أنواع التنافسية 01
-3-I عوامل التنافسية 02
-4-I قياس التنافسية 02
-II تطوير مفهوم الأداء 03
-1-II أهمية الأداء 03
-2-II مفهوم الفعالية و الإنتاجية 03
-3-II كيف تطورت فكرة الأداء 04
-4-II الإدارة الحديثة للأداء 06
-III القدرة التكنولوجية الكلية و الجزئية 08
-1-III مفهوم التكنولوجيا 08
-2-III أنواع التكنولوجيا 08
-3-III القدرة التكنولوجية كأداة للتنمية 10
-4-III مؤشرات الأداء التكنولوجي في المؤسسة 12
-IV أهمية التصديـر 13
-1-IV مفهوم التصدير 13
-2-IV أنواع التصدير 13
-3-IV أهمية التصدير 14
خاتمة.

مقدمة

يعيش العالم اليوم مرحلة جديدة تغيرت فيها أموراً كثيرة عما كان سائداً في سنوات قليلة ماضية, فبالإضافة إلى التغييرات على الصعيد السياسي, نشأت أوضاع اقتصادية جديدة تدور حول مفاهيم تحرير التجارة الدولية و تأكيد أهمية دور القطاع الخاص و التحول نحو اقتصاديات السوق في كثير من دول العالم, كما أن على الصعيد التقني و العلمي شهد العالم تحولات هائلة أنتجت واقعاً جديداً يبدو للجميع يقوم على التواصل و الاتصال الحظي من خلال الأقمار الصناعية و الأنترنت.
الخلاصة أن العالم يعيش الآن عصراً سمي في مرحلة “بعصـر المعلومـات” ثم أطلق عليه عصر ما بعد الصناعة, و أخيراً يطلق عليه البعض عصر المعرفة, و في جميع الأحوال و بغض النظر عن التسمية فإن سمات و ملامح هذا العصر و آلياته و معاييره تختلف جذرياً عن كل ما سبقه, و تفرض بالتالي على كل من يعاصره ضرورة الأخذ بالمفاهيم و الآليات الجديدة و المتجددة.
وقد كان أخطر آثار العصر الجديد بروز التنافسية كحقيقة أساسية تحدد نجاح أو فشل المؤسسات بدرجة غير مسبوقة, و من هنا أصبحت المؤسسة في موقف يحتم عليها العمل الجاد و المستمر لاكتساب الميزات التنافسية لإمكان تحسين موقعها في الأسواق أو حتى مجرد المحافظة عليه في مواجهة ضغوط المنافسين الحاليين و المحتملين.
في ضوء ما تقدم يمكن صياغة إشكالية البحث التالي:
كيـف يـمكـن للمـؤسسـة اكتسـاب قـدرة تنافسيـة ؟
لمعالجة هذه الإشكالية, نقسم البحث إلى ثلاث عناصر أساسية, في البداية نتناول تأثير المنافسة العالمية على مفهوم الأداء, ثم نحاول التعرض لأهمية القدرة التكنولوجية في تعزيز القدرة التنافسية لنتطرق في الأخير إلى أهمية التصدير و علاقته بالمكانة التنافسية, لكن قبل ذلك نشير إلى ماهية التنافسية.

ماهية المنافسة:
-1-I مفهوم التنافسية:
يمكن القول بأن هناك نوعين من المنافسة في دنيا الأعمال, المنافسة المباشرة و المنافسة الغير مباشرة, و المنافسة الغير مباشرة تتمثل في الصراع بين المؤسسات القائمة في المجتمع للحصول على الموارد لمتاحة في هذا المجتمع, أما المنافسة المباشرة فهي تلك المنافسة التي تحدث في المؤسسات التي تعمل في قطاع واحد.
و هناك تعريف آخر يرتكز على السوق و مفاده أن التنافسية تقاس من خلال أداء المؤسسة في السوق مقارنة بنظيراتها, و ذلك استناداً إلى تقويم حصة السوق النسبية.
-2-I أنواع التنافسية:
و تصنف التنافسية إلى صنفين:
-1-2-I التنافسية بحسب الموضوع: و تتضمن نوعين:
أ- تنافسية المنتج: تعتبر تنافسية المنتج شرطا لازماً لتنافسية المؤسسة, لكنه ليس كاف و كثيراً ما يعتمد على سعر التكلفة كمعيار وحيد لتقويم تنافسية منتج معين, و بعد ذلك أمراً غير صحيحاً, باعتبار أن هناك معايير أخرى قد تكون أكثر دلالة كالجودة و خدمات ما بعد البيع.
ب- تنافسية المؤسسة: يتم تقويمها على أساس أشمل من تلك المتعلقة بالمنتج, حيث لا يتم حسابها من الناحية المالية في نفس المستوى من النتائج, في حين يتم التقويم المالي للمنتج بالاستناد إلى الهامش الذي ينتجه هذا الأخير, أما تنافسية المؤسسة يتم تقويمها آخذين بعين الاعتبار هوامش كل المنتجات من جهة, الأعباء الإجمالية.
-2-2-I التنافسية وفق الزمن:
تتمثل في التنافسية اللحظية و القدرة التنافسية:
أ‌- التنافسية اللحظة: تعتمد هذه التنافسية على النتائج الإيجابية المحققة خلال دورة محاسبية, غير أنه يجب ألا نتفاءل بأن هذه النتائج, لكونها قد تنجم عن فرصة عابرة في السوق, أو عن ظروف جعلت المؤسسة في وضعية احتكارية, فالنتائج الإيجابية في المدى القصير قد لا تكون كذلك في المدى الطويل.
ب‌- القدرة التنافسية: يبين استطلاع الرأي أن القدرة التنافسية تستند إلى مجموعة معايير, حيث أن هذه الأخيرة تربطها علاقات متداخلة فيما بينها, فكل معيار يعتبر ضروري, لأنه يوضح جانبا من القدرة التنافسية, و يبقى المؤسسة صامدة في بيئة مضطربة, و لكنه لا يكفي بمفرده.
و على خلاف التنافسية اللحظية, فإن القدرة التنافسية تختص بالفرص المستقبلية, و بنظرة طويلة المدى من خلال عدة دورات استغلال.
-3-I عوامل التنافسيـة:
هناك ثلاث عوامل أساسية تحد درجة المنافسة و هي:
1- عدد المؤسسات التي تتحكم في المعروض من منتج معين, فكلما زاد عدد المؤسسات كلما ازدادت شدة المنافسة بينهما و العكس بالعكس صحيح.
2- سهولة أو صعوبة دخول بعض المؤسسات إلى السوق, فكلما كان من السهل دخول بعض المؤسسات الجديدة لإنتاج و تسويق منتج معين, كلما زادت شدة المنافسة, و العكس صحيح.
3- العلاقة بين حجم المنتجات التي يطلبها الأفراد في السوق و تلك الكمية التي تستطيع المؤسسات تقديمها و عرضها من هذه المنتجات, فكلما زاد المعروض من المنتجات عن المطلوب منها كلما زادت شدة المنافسة و العكس صحيح.
-4-I قياس التنافسيـة:
يمكن معرفة موقع المؤسسة من التنافسية و ذلك بالاستناد إلى للثنائية فعالية – إنتاجية, و كذا من خلال مقارنة أداء المؤسسة في السوق بأداء منافسيها. و هكذا نجد أن الأداء هو المؤشر الأساسي الذي يتحكم في القدرة التنافسية للمؤسسة, و قد تطور مفهوم هذا الأخير وفقا لتطور أوضاع المحيط, و هذا ما سنحلله في العنصر الموالي.

-II تطور مفهوم الأداء:
-1-II أهمية الأداء:
يعتبر الأداء الاقتصادي من أهم الموضوعات التي تحدد درجة تطور و تنظيم الاقتصاد, حيث من خلاله تتشكل الركائز المادية للمجتمع و التي تؤمن انطلاقة نحو الحضارة و الرفاه الاجتماعي, الذي يبنى بالدرجة الأولى على أساس التراكمات المادية و المالية التي تحققها البلدان و التي تنعكس مباشرة على تطور الدخل القومي فيها.
و لهذا كان الاهتمام بقياس الأداء منذ القدم, فق كان لفريديريك تايلور الفضل في الدراسة الدقيقة للحركات التي كان يؤيدها العامل و توقيت كل منها بقصد الوصول إلى الوقت اللازم لإدارة الآلة و إيقافها. و لقد كان جوهر الدراسة التي أجراها تايلور هي أن هناك مجموعة من تفاصيل الحركات تشترك فيها عمليات كغيره, بحيث إذا أمكن مشاهدة كل هذه الحركات و دراسة الزمن المستغرق, فمن الممكن اعتبار النتيجة و حدة فنية يستفاد منها في العمليات المشابهة التي لم يجري بها دراسة زمن خاصة بها.
نلاحظ من خلال ما سبق أن النظرة إلى الأداء كانت تقتصر فقط على الزمن المستغرق للأفراد و المعدات لتحديد معدلات الأداء, و لكن سرعان ما تطورت تلك النظرة وفقا لتطورات المحيط كما أشرنا.
-2-II مفهوم الفعالية و الإنتاجية:
تطورت فكرة الأداء و دخلت مصطلحات جديدة كالفعالية و الإنتاجية, و لها ارتباط وثيق بقياس الأداء, لذا نرى من الضروري توضيح هذه المفاهيم:
أولاً: الفعاليـة:
تعرف الفعالية على أنها:” استغلال الموارد المتاحة في تحقيق الأهداف المحددة, أي أنها تختص ببلوغ النتائج”, إذ نلاحظ أن الفعالية تهتم بالنتائج, بينما الكفاءة ترتبط بالوسيلة التي أتبعت في الوصول إلى هذه النتائج.

ثانياً: الإنتاجيـة:
تعرف الإنتاجية بأنها:
1- أداة قياس للتقدم التقني: و يعكس هذا التعريف نتيجة الدراسات التي تمت في مستوى أكثر شمولية “ماكرو اقتصادية”.
2- أداة قياس الاقتصاد في الوسائل: و يتعلق هذا التعريف بالمدد الزمنية للخيارات المتاحة للفرد. و هذا التعريف صالح على مستوى المؤسسة, و على مستوى الاقتصاد.
3- أداة قياس كفاءة نظام إنتاجي معين: و يفترض هذا التعريف العمل الفوري و نسمي المؤسسة فائدة كبيرة إذا قامت بتسوية المشاكل التقنية, مثل تحسين أداء المصالح.
-3-II كيف تطورت فكرة الأداء:
و تواجه المؤسسات اليوم تحديات جديدة تفرض عليها مقارنة الأداء و ما تحققه من إنجازات بما يصل إليه غيرها من المنظمات الأحسن تنظيما و الأفضل و الأنجح في السوق, و هو ما يعبر عنه بالقياس إلى القسط الأفضل, و قد تطورت هذه الفكرة بتأثير المنافسة العالمية و الرغبة في الوصول إلى أفضل المستويات في الأداء, و من ثم ظهرت فكرة المستوى العالمي للأداء حسب ما يوضحه الشكل التالي:

و بالتالي يمكن القول أن مفهوم تطور من مدى توافر الموارد إلى الاستعمال الأمثل لهذه الموارد قصد تحقيق الأهداف المسطرة, و منه كان التركيز في الأداء عل الفاعلية ثم انتقل إلى الفعالية و مدى إمكانية تحديد طرق الإنتاج, لكن كما يوضح الشكل أصبح اليوم يحمل أو معنى أوسع, و يقاس بمدى تأثير على محيط الإنسان و حمايته, و بالتالي مراعاة الجانب الإنساني لدى قياس الداء أصبح من الضروري و من المحتم.
-4-II الإدارة الحديثة للأداء:
نستطيع القول أن الهدف الأساسي من وجود تسيير (إدارة) في أي مؤسسة أو منظمة هو ضمان و تأكيد تحقيق الأهداف التي نشأت المؤسسة من أجلها.
Achievement of objectives -1
و السبيل الأساسي لضمان و تأكيد تحقيق الأهداف هو تخطيط الأداء (الأنشطة) الموصلة إلى هذه الأهداف, إذ لا بد من بذل جهود للوصول إلى نتائج.
Performance planning -2
و لكي يتم الأداء على الوجه الأفضل حسب التخطيط يجب توفير المستلزمات المادية و البشرية و المعنوية, و يجب تهيئة الظروف و الأوضاع التنظيمية و الإدارية, و يجب توفير المعلومات و الإرشادات والمعايير الموجهة للأداء, أي تهيئة و توجيه الظروف لإمكان الأداء.
Performance Facilitation -3
و لا تستطيع المؤسسة أو الإدارة المعنية أن تنتظر إلى نهاية الأداء لتكتشف عما إذا كانت الأهداف قد تحققت أم لا, بل يجب متابعة و مراجعة الأداء و تبيين احتمالات النجاح المستهدفة.
Performance Audit -4
حيث تتغير الأوضاع و الظروف, و تتبدل الأساليب و التكنولوجيات و تختلف كفاءة العناصر المستخدمة في الأداء من فترة لأخرى و تستحدث أهداف و تطلعات متجددة, فإن الأمر يقتضي التطوير في الأداء وفقاً لتطور الظروف و الموارد و المعوقات المتغيرة باستقرار.
Performance Development -5
و نظراً لانفتاح الأسواق, و اشتداد المنافسة تصبح المحافظة على المركز التنافي النسبي أمراً صعباً للمؤسسة إن لم تعمل على تحسين أدائها, و تمييز منتجاتها للتفوق على المنافسين و إشباع رغبات المستهلكين, بشكل يتفوق تماما على المنافسين.
Performance Improvement -6
هذه العناصر الأساسية الست تكون جميعا مفهوما متكاملاً هو ” إدارة الأداء “.
Performance Management -7
و المشكلة الأساسية التي تواجه الإدارة فيما يتصل بموضوع الأداء أنه في أغلب الأحيان تختلف الأداء الفعلي على الأداء المخطط (الأهداف).
Performance Gap -8
و لحل هذه المشكلة هناك النموذج الديناميكي لتحسين الأداء, الذي يعتبر من أحدث النماذج وأحسنها لأنه يقوم على التعديل المستمر بدراسة الواقع الحالي للمؤسسة و الواقع المحيط بها, و يتم التركيز على المورد البشري بالحفز على الابتكار و استثمار القوة الذهنية, و إعطاء الصلاحية للإنجاز, و التركيز كذلك بالمقابل على السوق و العملاء بإعطاء المفهوم الكامل للخدمة و مفهوم الحل الشامل و خلق القيمة لتصل في الأخير إلى إعادة البناء و التجديد و ليس الترميم.
ذكرنا أنه للقيام بالتعديل المستمر لابد من دراسة الوقع الحالي للمؤسسة و من بين التحاليل التي تقوم بها في هذا تحليل المستوى التكنولوجي.

-III القدرة التكنولوجية الكلية و الجزئية:
-1-III مفهوم التكنولوجيا:
التكنولوجيا هي تركيبة من التجهيزات و الوسائل و المعارف التطبيقية في الصناعة, و هذه المعارف منها ما هو مرتبط بالعلم و تطبيقاته في الصناعة و الاستعمال, و منها ما هو مرتبط برأسمال البشري –معرفة كيفية العمل و الإنتاج- و هي معارف منظمة و مشكلة لتقنيات مجمعة لدى الأفراد –إمكانيات و طاقات و معارف- تسمح لهم بتوجيه الآلة و تنظيم الإنتاج, و هي نتيجة تراكم سنوات من التجارب الإيجابية لدى عدد معين من الأفراد تستعمل في إنتاج سلع و في إنشاء سلع جديدة.
-2-III أنواع التكنولوجيا:
يتم تصنيف التكنولوجيا على أساس عدة أوجه منها ما يلي:
-1-2-III على أساس درجة التحكم: نجد هناك:
1- التكنولوجيا الأساسية: و هي تكنولوجية مشاعة تقريباً, و تمتلكها المؤسسات الصناعية و المسلم به أن درجة التحكم فيها كثيرة جداً.
2- تكنولوجيا التمايز: و هي عكس النوع السابق, حيث تمتلكها مؤسسة واحدة أو عدد محدود من المؤسسات الصناعية, و هي التكنولوجيا التي تتميز بها عن بقية منافسيها المباشرين.
2-2-III- على أساس موضوعها:و هناك:
1- تكنولوجيا المنتوج: و هي التكنولوجيا المحتواة في المنتوج النهائي و المكونة له.
2- تكنولوجيا أسلوب الإنتاج: و هي تلك المستخدمة في عمليات الصنع, و عمليات التركيب و المراقبة.
3- تكنولوجيا التسيير: و هي المستخدمة في معالجة مشاكل التصميم و التنظيم, كتسيير تدفقات الموارد.
4- تكنولوجيا التصميم: و هي التي تستخدم في نشاطات التصميم في المؤسسة, كالتصميم بمساعدة الإعلام الآلي.
5- تكنولوجيا المعلومات: و هي التي تستخدم في معالجة المعلومات و المعطيات و الاتصال, تتزايد أهميتها باستمرار نظراً للدور الذي تلعبه في جزء من عمليات التسيير, الذي يعتمد على جمع و معالجة و بث المعلومات.
-3-2-III على أساس أطوار حياتها:
حيث أن التكنولوجيا تمر بعدة مراحل (الانطلاق, النمو, النضج, الزوال), و وفقاً لذلك تنقسم إلى:
1- تكنولوجيا وليدة
2- تكنولوجيا في مرحلة النمو
3- تكنولوجيا في مرحلة النضج.
-4-2-III على أساس محل استخدامها:
1- تكنولوجيا مستخدمة داخل المؤسسة: و تكون درجة التحكم فيها ذات مستوى عال من الكفاءة و الخبرة و بفضلها تكون المؤسسة مستقلة عن المحيط الخارجي فيما يخصها.
2- تكنولوجيا مستخدمة خارج المؤسسة: و عدم توفر هذه التكنولوجيا داخل المؤسسة لأسباب أو لأخرى, يجعلها ترتبط بالتبعية لمحيط الخارجي, من موردي أو مقدمي تراخيص استغلالها.
-5-2-III على أساس كثافة رأس المال:
1- التكنولوجيا المكثفة للعمل: و هي تلك التي تؤدي إلى تخفيض نسبة رأس مال اللازمة لوحة من الإنتاج, مما يتطلب زيادة في عدد وحدات العمل اللازمة لإنتاج تلك الوحدة, و بفضل تطبيقها في الدول ذات الكافة السكانية و الفقيرة في الموارد و رؤوس الأموال.
2- التكنولوجيا المكثفة لرأس المال: و هي التي تزيد من رأس المال اللازم لإنتاج وحدة من الإنتاج مقابل تخفيض وحدة عمل, و هي تناسب في الغالب الدول التي تتوفر على رؤوس أموال كبيرة.
3- التكنولوجية المحايدة: ة هي تكنولوجيا يتغير فيها معامل رأس المال و العمل بنسبة واحدة, لذلك فإنها تبقى على المعامل في أغلب الأحيان بنسبة واحدة.
-6-2-III على أساس درجة التعقيد:
1- التكنولوجيا ذات الدرجة العالية: و هـي التكنولوجيـا شديدة التعقيد, و التي رأى كل مـن Yres Plasseraud و Martine Miance , أنه من الصعب على المؤسسات الوطنية في الدول النامية تحقيق استغلالها إلا بطلب المهونة من صاحب البراءة.
2- التكنولوجيا العادية: و هي أقل تعقيداً من سابقتها, و يمكن للفنيين و المختصين المحليين في الدول النامية استيعابها, إلا أنها تتميز أيضاً بضخامة تكاليف الاستثمار, و الصعوبات التي تصادف الدول النامية في الحصول باستغلال براءتها مع المعرفة الفنية.
-3-III القدرة التكنولوجية كأداة للتنمية:
إن العلاقة بين التكنولوجيا قائمة لا محالة, فأول بحث أو دراسة علمية أبرزت ذلك كانت قد خصصت الاقتصاد الأمريكي في سنوات الخمسينات, ثم تلتها بعد ذلك دراسات اقتصادية كلية و جزئية أخرى ساندتها بنتائج مماثلة.
و تساهم القدرة التكنولوجية في التنمية بعنصرين:
– العنصر الصلب ممثلاً أساساً في القاعدة الصناعية للآلات و المعدات, أو صناعة السلع الرأسمالية, و مختلف الوسائل التقنية التي تسهل الأعمال, و تمكن من الإسراع فيها و كذلك إتقانها.
– العنصر (الناعم) و الممثل في المعلومات و المعارف التي يختزنها البشر العارفون المهرة, و هي تكنولوجيا في شكل معارف تقنية و علمية, تمكن من تطوير مختلف الصناعات, القطاعات و الخدمات و النشاطات الاقتصادية و غيرها.
حيثما تعلق الأمر بالقدرة التكنولوجية, فقد تحول مركز الاهتمام بها إلى ميدان التطور التاريخي لهذه القدرة عبر الزمن, بالتطبيق مع مجتمعات معينة, و تم تعريفها بطريقة جديدة قوامها أنه محصلة لعنصرين هما حركية النظام الإنتاجي, و فاعلية السياسة العامة, و بالتالي الاقتصار على المفهوم القديم للقدرة التكنولوجية المعتمد على عنصرين السابقين لا يفيد.
يبدو من غير المناسب في قياس التطور التكنولوجي الاعتماد فقط على مقولة الابتكار, و لو كان ذلك بأساليب الجديدة لقياس فاعليته, و إنما يكون الأنسب هو البدء في مسيرة الابتكار بالنظر فيما بين أيدينا و من حولنا من آلات و معدات, و معلومات و معارف, و مؤسسات تعليمية و تدريبية و جامعية, و منشآت إنتاجية, و نفقات مالية, و قوة علمية هندسية, و تشريعات و أطر للسياسات …الخ. و باختصار فإنه يتعين تفعيل مقومات المقدرة التكنولوجية عن طريق روح الابتكار فيها.
و بتعبير آخر, فإنه يجب أن نعبر الفجوة بين القدرة التكنولوجية الفعلية الآن, و بين القدرة التكنولوجية المحتملة و أن تقوم بتعبئته لتبلغ بالفعل بعض آفاق ما هو ممكن و محتمل, و ذلك هو أول الطريق إلى الإبتكار على أن ندرك ما يلي:
1- إمكان البدء بنقل التكنولوجيا الجديدة الأجنبية المستحدثة, أي بأن تمارس عملية التعلم و تراكم حصيلة التعلم بدءاً من التقليد كابتكار فرعي, و لو عن طريق الهندسة, العكسية حتى إن تم ذلك من خلال استخدام البراءات التي دخلت في حيز العلم.
2- إن البحث و التطوير كنقطة ابتداء للنمو الاقتصادي المدفوع من الداخل هو مدخل ضروري و فعال, على أن يفهم في إطاره الواسع, الذي يسمح بتكامله مع قدرات التصميم الهندسي خاصة.
3- إن دور القطاع العام و القطاع الخاص و المنشآت المتوسطة و الصغيرة و الصغرى يجب أن تتكامل, وأن يعاد النظر في هذا التكامل, من منظور بناء نظام إنتاجي, و هو أمر صعب في ظل التسارع في بيع شركات القطاع العام إلى رأس مال الخاص.
4- إن صياغة سياسة عامة متجانسة, موجهة نحو حفز التدخل الحكومي لتطوير قدرة الإبتكار في النظام الإنتاجي هي مسألة حسمها الفكر الاقتصادي التنموي في العقدين الأخيرين, و لابد أن تقسم هذه السياسة بالطابع الانتقائي, أي بأن تستهدف إعطاء الأولوية لتطوير القطاعات الأكثر قدرة على دفع النمو الاقتصادي من خلال المنشآت ذات الكفاءة, وهو ما يعرف ب Economic Competence , و يعود هذا التركيز على ضرورة السياسة العامة إلى سببين:
• إخفاقات آلية السوق.
• حث عملية الابتكار و هذا هو الأهم الآن.
5- إن بناء قدرة الابتكار, بدء من تفعيل الطاقة التكنولوجية الفعلية, وهو أمر ذو مغزى وطني و قومي أكيد … ز هذا ما تتفق عليه جلّ إن لم يكن كل الكتابات الدولية بخصوص الموضوع, وخاصة في ضوء الصعوبات بشأن نقل التكنولوجيا حتى البشرية منها.

-4-III مؤشرات الأداء التكنولوجي في المؤسسة:
للربط بين الأداء بمفهومه المتطور و عنصر التكنولوجيا في المؤسسة, لابد أن يشير إلى أهم مؤشرات الأداء المستعملة في تحديد القدرة التكنولوجية و هي كما يلي:
أ‌- معدل الابتكار التكنولوجي: وهي اختيار واحد أو أكثر من مقاييس الأداء التكنولوجي للمنتجات و العمليات الرئيسية ورصد تقدمها عبر الزمن.
ب‌- إنتاجية البحوث و التطوير: يمكن تحديد أي مقياس للإنتاجية كنسبة التغير في المخرجات إلى التغير في المدخلات, و على سبيل المثال التحسن في أداء المنتج و العملية مقسوما على الاستثمار الإضافي في البحوث و التطوير (RKD).
ت‌- معدل العائد على الاستثمار في البحوث و التطوير: و هو مقياس الربح المتولد عن قدر معين من الاستثمار في البحوث و التطوير.
ث‌- الموارد المخصصة للبحث و التطوير: و هو مقياس لمستوى الإنفاق لمشاريع المختلفة ووحدات النشاط و في ظل مستوى الشركة ككل.
ج‌- معدل تقييم منتج جديد: و هو يقاس من خلال عدد المنتجات الجديدة المقدمة سنويا, عدد براءات الاختراع المتحصل عليها, أو نسبة المبيعات المشتقة من منتجات جديدة.
ح‌- التنويع المعتمد على التكنولوجيا: طالما أن استراتيجية التكنولوجيا موجهة جزئياً نحو هدف التنويع, فإنه من المهم قياس درجة النجاح في إنجاز هذا الهدف من خلال نسبة المبيعات الناتجة من مجهودات الخاصة بالتنويع.
خ‌- مقاييس أخرى ملائمة: يمكن استخدام مقاييس أخرى على حسب طبيعة المؤسسة مثل: حقوق الاختراع أو مبيعات التكنولوجيا, زمن تدريب الأفراد على التكنولوجيا الجديدة, زمن دورة تنمية منتج جديد, تكلفة التطوير لكل مرحلة و مستوى التفوق التكنولوجي.
و كخلاصة لهذا العنصر يمكن أن نعتبر القدرة التكنولوجية مكونة من أربعة عناصر أساسية تكون في مجملها القدرة التكنولوجية و هي: القدرات الهندسية و القدرات الاستثمارية و القدرات الإنتاجية, و القدرات الإبداعية, و توافر هذه القدرات على المستوى الجزئي ولو بشكل متفاوت بين المؤسسات يعطي قدرة تكنولوجية على المستوى الكلي.

-IV أهمية التصديـر:
-1-IV مفهوم التصدير:
التصدير هو عملية هامة تتدخل في مراحل النشاط التجاري للمؤسسة الاقتصادية وهو ركيزة تنموية فعالة بالنسبة للدول النامية. و يختلف مفهوم التصديـر من شخص لآخـر و من فئة لأخرى حيث أنّ:
– الرجل المناسب, يعرف التصدير كما يلي: هو كل عملية تحويل سلعة أو خدمة من عون مقيم إلى عون غير مقيم, بمعنى من مواطن حقيقي إلى شخص أجنبي.
– أما رجل الجمارك: فيعرف التصدير كل عملية عبور السلع و الخدمات من الحدود الوطنية إلى الحدود الأجنبية.
– أما حسب الموسوعة الاقتصادية, فمفهوم التصدير هو تلك العملية التي من خلالها تتدفق السلع و الخدمات من التراب الوطني و التي تحول خارج هذه الحدود و يمكن أن تكون بكثرة أو بقلة.
و يمكن تقديم تعاريف للتصدير على المستويات التالية:
– على مستوى المؤسسة: هو عملية تصريف الفائض الاقتصادي الذي حققته المؤسسة إلى الأعوان الخارجية.
– على المستوى الوطنية: هو عملية تصريف الفائض الاقتصادي الذي حققته دولة إلى الدول التي تعاني نقص في الإنتاج, و هو عملية عبور السلع و الخدمات من الحدود الوطنية.
– على المستوى الدولي: التصدير هو وسيلة من وسائل تحقيق الرفاه الاقتصادي لأي دولة من الدول, يستعمل لمواجهة المنافسة و اقتحام الأسواق الخارجية, و التحكم في تقنياته يؤدي إلى ازدهار العلاقات الاقتصادية الخارجية لدولة ما.
-2-IV أنواع التصدير:
يوجد في التصدير أسلوبين التصدير المباشر, و أسلوب التصدير الغير مباشر.
1- أسلوب التصدير المباشر: نقصد به ذلك النشاط الذي يترتب على قيام شركة ما ببيع منتجاتها إلى مستفيد عملي يتولى عملية تصدير المنتج إلى الأسواق في الخارج سواء كان المنتج بشكله الأصلي أو بشكله المعدل.
2- التصدير المباشر: يتطلب وجود صلة مباشرة بين الشركة المنتجة و الشركة المصدرة في نفس الوقت, و الشركة المستفيدة خارج البلد الأصلي للشركة المصدرة.
يفيد التصدير المباشر في تعميق معرفة و خبرة الشركة بالأسواق الدولية و يساعدها على زيادة كفاءة الإدارة في ميدان الأعمال الدولية أيضا.
-3-IV أهمية التصدير:
أهمية التصدير تتركز في المزايا التي تحصل عليها الدولة منه في ثلاث محاور أساسية:
1- إن التصدير هو المصدر الرئيسي للنقد الأجنبي الذي يستفاد منه في تمويل عمليات الاستيراد من جهة, و تخفيض العجز في ميزان المدفوعات من جهة أخرى.
2- إن الصناعات التصديرية قد تحصل على مدخلات من صناعات غير تصديرية, كما أن جزء من مخرجاتها قد يستخدم في تدعيم صناعات غير تصديرية أيضاً, و هذه العلاقة التكاملية تؤدي حتماً إلى تطور الصناعات غير التصديرية و تحويلها إلى صناعات تصديرية في الأجل الطويل.
3- إن التصدير يعني التواجد المستمر في الأسواق الخارجية, و القدرة على المنافسة, للحصول على أكبر حصة تسويقية, و هذا التواجد يفرض على الشركات المصدرة مواكبة الشركات المنافسة لها في الأسواق الخارجية, من حيث تكنولوجيا الإنتاج, و تطوير المواصفات الفنية, و استخدام وسائل ترويج أكثر تأثيراً و غيرها, و كل هذه الأمور تنعكس بدورها على تطوير هيكل الصناعات التصديرية, بشكل مباشر و تطوير هيكل الصناعة ككل بشكل غير مباشر, و أقرب مثال على ذلك الصناعات الالكترونية اليابانية التي بدأت تظهر في الأسواق الأوروبية في أوائل السبعينات, و رغم أنها كانت متوسطة الجودة مقارنة بمثيلاتها المصنعة في دول أوروبا الغربية و أمريكا, إلا أن التواجد المستمر في هذه الأسواق أكسب الشركات اليابانية الخبرة و مكنها م نقل التكنولوجيا الإنتاجية من الدول المنافسة و تطويرها إلى الأفضل حتى أصبحت الآن الأكثر بيعاً و الأكبر تفضيلاً من جانب المستهلك الأوروبي و الأمريكي على حدّ سواء. وقد انعكس ذلك الأمر على الصناعات الهندسية الأخرى المنتجة في اليابان, و بدأت تغزو أسواق العالم.
إضافة إلى ذلك و على مستوى المنافسة العالمية, أصبح التصدير يشير إلى مدى امتياز اقتصاد بلد معين بالمردودية و التكلفة الدنيا و الجودة, حتى أن مقياس الأداء الاقتصادي و التكنولوجي أصبح في السنوات الأخيرة يعتمد كثيراً على اعتبار قدرات التصدير و خاصة محتوياته التكنولوجية, و المقصود بذلك هو طبيعة التكنولوجية ذاتها, فصنع و تصدير جهاز أوتوماتيكي مثلا يختلف في أهميته و قيمته المضافة عن صنع و تصدير آلة ميكانيكية.
و من خلال ما سبق نستنتج أنّ عملية التصدير يتسرب تأثيرها انطلاقا من تحسين الجودة إلى حدوث تخفيض في تكاليف الإنتاج و التكلفة النهائية, وصولاً إلى احتلال وضعية تنافسية أقوى, و بالتالي الاستحواذ على شريحة سوقية أكبر مما يرفع رقم الأعمال و بالتالي الحصول على أكبر أرباح و توزيع جزء منها إلى المساهمين و إعادة استثمار الجزء الباقي.في نشاطات مختلفة منها البحث التطبيقي أو الإبداع التكنولوجي, و بالتالي القدرة التصديرية الفعلية لا تتمثل في تصدير أكبر الكميات فحسب, بل في تصدير أكبر كمية من المنتجات التي تتصف بمواصفات تكنولوجية متقدمة.

الخاتمة:

إن تحسين الأداء و تطوير و تجديد المؤسسات لم يعد أمراً اختياريا, و لكنه أصبح شرطا جوهريا لإمكان البقاء و الاستمرارية و عدم الانتثار, لذا كان الاهتمام في هذا العصر بقضية تطوير الأداء من المنظور كلي شامل يستهدف في الأساس تكوين و تدعيم القدرات التنافسية.
كما أنّ للقدرة التكنولوجية دور فعال و مهم في دعم القدرة التنافسية, وذلك بإعطائها حركية للنظام الإنتاجي, و فعالية للسياسة العامة و ليس فقط كما كان ينظر عليها على أنه قاعدة صناعية للآلات و المعدات من جهة, و معارف و معلومات من جهة أخرى, أو بصيغة أخرى يتعين علينا للرفع من قدرتنا التكنولوجية كبلدان نامية أن تقوم بتفعيل مقومـات المقـدرة التكنولوجية عن طريق بث روح الابتكـار فيها.
أما التصدير فأصبح أهم مؤشر لقياس القدرة التنافسية العالمية أو الدولية, خاصة إذا كان المنتجات المصدرة تتصف بمواصفات تكنولوجية متقدمة, و حتى إن كانت هذه المنتجات غير منافسة عالميا, فمجرد تواجدها في السوق الدولي يدفع منتجاتها إلى الرفع من مستوى الجودة, و بالتالي اللحاق بركب المنافسين كما حدث للمنتجات الالكترونية اليابانية.

قائمة المراجع:

-I الكتب:
1- أبو قحف عبد السلام, التنافسية و تغير قواعد اللعبة, مكتبة الإشعاع, مصـر, 1997.
2- السلمي علي, تطوير أداء و تجديد المنظمات, دار قباء للطباعة و النشر و التوزيع, مصر, 1998.
3- أوكيل محمد سعيد, اقتصاد و تسيير الإبداع التكنولوجي, ديوان المطبوعات الجامعية, الجزائر, 1994
4- راشد فاروق محمد السعيد, التنظيم الصناعي و الإداري لطلبة كليات الهندسة, الدار الدولية للاستثمارات الثقافية, مصـر, 2001.
5- عقيل جاسم عبد الله, مدخل في تقييم المشروعات, دار الجامعية للنشر, عمان, 1999.
6- غالب ياسين سعد, الإدارة الدولية مدخل استراتيجي, دار اليازوردي العلمية, الأردن, 1999.
7- مرسي خليل نبيل, هل يمكن لشركتك النجاح بدون إعداد خطة استراتيجية, دار المعرفة الجامعية, مصـر, 1995.

-II الرسائل و الأطروحات:
1- الداوي الشيخ, نحو تسيير استراتيجي فعّال لكفاءة مؤسسات الإسمنت في الجزائر, أطروحة دكتوراه, جامعة الجزائر, 1999.
2- بن نذير نصر الدين, الإبداع التكنولوجي في المؤسسات الصغيرة و المتوسطة, رسالة ماجيستر, جامعة الجزائر, 2022.
3- بلخيري فاطنة, استغلال براءة الاختراع في الجزائر, رسالة ماجستير, جامعة الجزائر, 1998.
4- بوشناف عمار, الميزة التنافسية في المؤسسة الاقتصادية, رسالة ماجيستر, جامعة الجزائر, 2022.
-III المجلات:
1- مجلة العلوم الاقتصادية و علوم التسيير, العدد 01, 2001, شركة الهدى للطباعة و النشر, جامعة سطيف.


شكرااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا

التصنيفات
البحوث التجارية

بحث حول مصادر تمويل المؤسسة الاقتصادية

لفصل الأول…
مختلف مصادر تمويل المؤسسة الاقتصادية

تمهيد:
تعتبر مسألة التمويل من أعقد المسائل التي تواجه المسير المالي في المؤسسة، إذ تقع على عاتقه عملية تدبير الأموال اللازمة لتمويل مختلف أنشطة المؤسسة.
فإذا كانت النظرية المالية التقليدية تهتم فقط بكيفية تدبير و الحصول على الأموال الضرورية لاستمرار نشاط المؤسسة، فإن النظرية المالية الحديثة أصبحت تهتم إلى أبعد من ذلك بالطرق و الكيفيات التي تمكن من الحصول على هذه الموارد المالية بأقل التكاليف الممكنة.
لقد أصبح من الضروري على المسير المالي، عند تحديد سياسة التمويل التي يتبعها للحصول على الأموال، و قبل اتخاذ قرار التمويل، التفكير في جملة المتغيرات التي تحكم و تحدد عملية التمويل، إذ تسعى المؤسسة إلى امتلاك و سائل التمويل المناسبة و اللازمة لتحقيق نشاطاتها و تغطية احتياجاتها من الأموال، وبذلك تلجأ إلى الاعتماد على مواردها الداخلية في شكل تمويل ذاتي، و في حالة عدم كفايته تلجأ إلى تدبير الموارد الخارجية، حيث يتم ذلك سواء بصفة مباشرة من المدخرين عن طريق السوق المالية، أو بصفة غير مباشرة عن طريق اللجوء إلى الهيئات و المؤسسات. تشكل هذه الأخيرة تمويلاً أساسياً و وحيداً بالنسبة للمؤسسات غير القادرة على اعتماد السوق المالية كمصدر لتمويل احتياجاتها.
بناءاً على ما سبق، فإنه سيتم التمييز بين مصادر التمويل على النحو التالي:
مصادر التمويل الداخلي،
مصادر التمويل الخارجي المباشر،
مصادر التمويل الخارجي غير المباشر.

المبحث الأول : مصادر التمويل الداخلي.
هي مجموعة الموارد المالية، التي تستطيع المؤسسة الحصول عليها من عملياتها الجارية أو من مصادر عرضية دون اللجوء إلى مصادر خارجية. و من مميزات هذه الأموال أنها تبقى، و لمدة طويلة، في خدمة المؤسسة، حيث يتم رصدها لتغطية الاحتياجات المالية اللازمة لتسديد الديون، و تنفيذ الاستثمارات الرأسمالية، و زيادة رأس المال العامل .
كما تتكون مصادر التمويل الداخلي من الفائض النقدي المحصل عليه من طرف المؤسسة، من خلال عملياتها الجارية، والذي يتمثل في مجموع الأرباح غير الموزعة، و مخصصات الإهتلاكات و المؤونات ذات الطابع الاحتياطي، بالإضافة إلى قيمة التنازل عن الأصول غير المستخدمة .

1.التمويل الذاتي.
إن نشاط المؤسسة يمكن أن يخلق فائضاً نقدياً، يؤدي إلى تكوين عرض نقدي حقيقي، يسمح هذا الأخير للمؤسسة باستخدام الأموال غير الموزعة على الشركاء، لأجل الحصول على قروض أو حصص جديدة.
هذا الفائض النقدي، لا يبقى كله تحت تصرف المؤسسة، ذلك لأن جزءا منه يوزع على الشركاء، الرصيد المتبقي يشكل ما يعرف بالتمويل الذاتي.
تظهر أهمية التمويل الذاتي، من خلال اعتماده حالياً من طرف كل من خبراء التسيير و المختصين في التحليل المالي، و استعماله نظراً لأهميته الأساسية في حياة و نمو المؤسسة و تطورها.

1.1. تعريف التمويل الذاتي:
يمكن إعطاء تعاريف عدة للتمويل الذاتي:
أ- التمويل الذاتي هو تمثيل الثروة التي بحوزة المؤسسة المالية.
ب- التمويل الذاتي هو إعادة استثمار الفائض المالي كله أو بعضه في أعمال المؤسسة، وبذلك تتفادى هذه الأخيرة زيادة رأس مالها سواء من أصحابها أو من الغير، وهذا لأغراض التوسع في المؤسسة وما يترتب عن ذلك من مشاكل ومصاريف تثقل كاهل المؤسسة.
جـ- هو عبارة عن مفهوم يبين القدرات الذاتية للمؤسسة على تمويل الاستثمارات التي تقوم بها .
2.1. مكونات التمويل الذاتي:
يتكون التمويل الذاتي أساسا من:
– مخصصات الاهتلاك المقتطعة سنويا.
– المؤونات التي زال الخطر الذي أنشأت من أجله.
– الأرباح المحتجزة.

1.2.1.الاهتلاك:
أ. تعريف الاهتلاك:
يعرف الاهتلاك على أنه التسجيل المحاسبي للخسارة التي تتعرض لها الاستثمارات التي تنقص قيمتها مع الزمن بهدف إظهارها بالميزانية بقيمتها الصافية.
– يعرف الاهتلاك بأنه طريقة لتوزيع التكاليف حيث توزع تكلفة الاستثمار القابل للإهتلاك على دورات مدة حياته .
– كما يعرف على أنه مصروف لا يستخدم أموال الحاضر، وإن كان يترتب عليه خصم جزء من الإيرادات واحتجازه لفترة إلى أن يحين وقت إحلال الأصول التي خصم لحاسبها أقساط الاهتلاك.
– هو التعبير المحاسبي للخسارة التي تلحق بقيمة الاستثمارات التي تنفذ نتيجة لمرور الزمن وتسمح بإعادة تكوين الأصول المستثمرة.

ب. طرق الإهتلاكات.
لم يحدد المخطط الوطني للمحاسبة أية طريقة واضحة للاهتلاك. لكن توجد في الواقع طرق أكثر استخدام ، و هي:
طريقة الإهتلاك الخطي أو الثابت،
طريقة الإهتلاك المتغير،
طريقة الإهتلاك المتصاعد،
طريقة الإهتلاك المتناقص.
حسب القانون الضريببي ، و من خلال المادة 174 من قانون الضرائب المباشرة التي تنص على أن النظام الخطي هو الإهتلاك القانوني، كما يمكن الرجوع إلى الإهتلاك المتناقص و الإهتلاك المتصاعد.

ب/1. الإهتلاك الخطي (الثابت):
تكون على أقساط ثابتة ومتساوية سنويا، تحسب هذه الأقساط بمعدل متناسب على القيمة الأصلية للاستثمارات ، حيث يحسب معدل القسط بقيمة 100 على عدد سنوات الاستغلال، ( 100 / N، تشيرN إلى عدد السنوات ).

ب/2. الإهتلاك المتناقص:
يحسب الإهتلاك المتناقص بتطبيق معدل ثابت على القيمة المتناقصة التي تكون :
قيمة أصلية للسنة الأولى،
قيمة محاسبية صافية للسنوات القادمة.
المعدل الثابت يساوي معدل الإهتلاك الخطي المطبق للمدة العادية لاستعمال هذا الأصل، يخصص له معامل يتبع مدة استعمال هذا الأصل، و حسب المادة رقم 174 فقرة 2، من قانون الضرائب المباشرة الجزائري، تحدد هذه المعاملات كالتالي :
1.5 إذا كانت مدة الاستغلال بين 3و4 سنوات.
2.0 إذا كانت مدة الاستغلال بين 5و6 سنوات.
2.5 إذا كانت مدة الاستغلال أكثر من 6 سنوات.
عندما تكون الدفعة المتناقصة أقل من الدفعات المطابقة لنسبة من القيمة المتبقية، بالنسبة للسنوات الجارية، نتحصل على مخصصات إهتلاك تساوي هذه النسب المستخدمة في نظام الإهتلاك الخطي.
ونشير إلى أنه تؤخذ كأساس لحساب الإهتلاكات القيمة المحاسبية الصافية، و أما عن مدة حياة الأصل فنعتبر بعدد السنوات المتبقية الجارية.

ب/3. الإهتلاك المتصاعد:
يطبق الإهتلاك المتصاعد أو المتزايد على القيمة الأصلية لمعدل الإهتلاك أكثر فأكثر زيادة تدريجياً، إلى أن تنعدم قيمة الاستثمار. بالتالي فإن إمكانية التمويل الذاتي تتناقص خلال السنوات الأولى .
تستطيع المؤسسات تطبيق هذا النوع من الإهتلاكات بعد تقديم طلب إلى مصلحة الضرائب. يحسب هذا الإهتلاك بضرب القاعدة القابلة للاهتلاك الذي يقبل كبسط عدد السنوات المطبقة لمدة الاستعمال المتناقصة، وكمقام نأخذ (N+1 ) /2 ؛ حيث تمثل N عدد سنوات الإهتلاك، وتتغير هذه النسبة حسب عدد السنوات.

2.2.1.المؤونات:
المؤونات أموال تقتطع من الأرباح لمواجهة الخسائر أو الأخطار المحتمل وقوعها في المستقبل فحسب المخطط المحاسبي الوطني فإن المؤونات توجد لمواجهة حدوث حدث أو خطر محتمل بأنشطة المؤسسة كما نصت المادة 718 من القانون التجاري الجزائري على أنه ” حتى وفي غياب أو عدم كفاية الأرباح يجب القيام بالاهتلاكات والمؤونات اللازمة حتى تكون الميزانية مطابقة للواقع، وتطبيقا لمبدأ الحيطة والحذر تقوم المؤسسات بتكوين مخصصات تتمثل في قيمة المخزون والحقوق و مؤونات الأخطار والتكاليف ومن بين الحالات التي تقوم المؤسسة فيها بتكوين المؤونات والمخصصات هي حالة احتمال أو ترقب حدوث أخطار محدقة بالمؤسسة مما يترتب عنها تكاليف باهظة عند وقوعها.
تخصص المؤونات للعناصر من غير الاستثمارات ، التي تتناقص قيمتها بشكل استثنائي ، ومن ثم يمكن تمييز ثلاثة مجموعات كبيرة للمؤونات وهي :
مؤونات تدهور قيم الاستثمارات غير القابلة للاهتلاك مثل المصاريف الإعدادية والقيم المعنوية، وتشمل أيضاً عناصر المخزونات،
مؤونات قيم الحقوق من زبائن ، أوراق مالية وتجارية …. وغيرها،
مؤونات الأعباء والخسائر من أخطار وضمانات …. وغيرها.

3.2.1. الأرباح المحتجزة:
أ. تعريف:
إن تحقيق الربح هو أحد الأهداف الأساسية والضرورية لجل المؤسسات وهذا الربح تقوم المؤسسة بتجزئته إلى عدة أقسام فمنه ما يذهب إلى المساهمين ليوزع عليهم ومنه ما تحتفظ به ويسمى هذا الأخير بالأرباح المحتجزة أو المحجوزة. x
أو هي :” الأرباح المتحصل عليها من النتيجة الإجمالية بعد اقتطاع الضريبة والتوزيعات على الأرباح منها”، بمعنى الجزء المتبقي بعد اقتطاع الضرائب المطبقة من النتيجة الإجمالية للدورة، وهي بذلك تعبر عن ما حققته المؤسسة فعلاً من نشاط خلال الدورة المالية وتمثل النتيجة الصافية للدورة.
ويمكن أن تتحدد النتيجة وفق إحدى الطريقتين التاليتين:
 من الميزانية: وذلك من خلال الفرق بين الأصول والخصوم،
 من حساب النتيجة: وهنا تحسب النتيجة بتطبيق الفرق بين مختلف النواتج والتكاليف.

ب. دور النتيجة في التمويل الذاتي.
تخضع النتيجة الصافية المتحصل عليها من طرف المؤسسة في نهاية السنة المالية، للسياسة المتبعة من قبل مجلس إدارة المؤسسة ، وبعد أن تطرح منها الاحتياطات، يمكن أن تأخذ الاتجاهين التاليين عند التوزيع :
يوزع جزء منها على المساهمين والمستخدمين، حيث يحدد هذا الجزء وفقاً للسياسة المالية المنتهجة من قبل مسيري المؤسسة،
يتم تحويل الجزء الباقي غير الموزع من النتيجة الصافية، إلى نتائج قيد التخصيص، وهنا يدخل هذا الجزء غير الموزع من النتيجة ضمن التمويل الذاتي للمؤسسة .

4.2.1. الاحتياطات:
أ. تعريف:
الاحتياطات عبارة عن الأموال التي جمعت من طرف المؤسسة وهي جزء من الأرباح المحققة والغير موزعة أي أن الاحتياطات يتم تكوينها من الأرباح المحتجزة حيث عرفت على أنها “الاحتياطات مهما كان نوعها إنما هي عبارة عن أرباح صافية قابلة للتوزيع ولكنها حجزت في حساب احتياطي خاص لذلك فهي تعتبر حقا من حقوق أصحاب المشروع”.

ب. أنواع الاحتياطات:
تجزئ الاحتياطات حسب المخطط المحاسبي الوطني إلى عدة أنواع أبرزها ما يلي:

ب/1. الاحتياطات القانونية: وهي احتياطات إجبارية حددها المشروع وفقا للمادة 721 من القانون التجاري الجزائري ” يجب على الشركات ذات المسؤولية المحدودة وشركات الأسهم أن يكون لها احتياطي حيث تقتطع 5% سنويا وهذا بعد تخفيض خسائر السنوات الماضية ولا يكون هذا الاحتياطي إجباري إذا بلغ 10% من الأموال الخاصة (رأس مال الشركة).

ب/2. الاحتياطات النظامية: يتم إنشاؤها طبقا للنظام الأساسي للشركة وذلك بتعيين أو تخصيص نسبة معينة من الأرباح السنوية لأغراض معينة ينص عليها النظام الأساسي ولا يمكن للشركة العدول عن تكوينه أو استخدامه في غير الأغراض المخصصة له إلا بقرار من الجمعية العامة.

ب/3. الاحتياطات التعاقدية: يتم تكوين الاحتياطات التعاقدية في أي مؤسسة وذلك للعقد المبرم بينهما وبين الغير مثل العقود التي تبرمها المؤسسة مع الموردين أو الدائنين حيث تمثل الاحتياطات التعاقدية مبالغ الاحتياطات المشكلة وفقا لبنود عقود أخرى غير النظام الأساسي بالمؤسسة.

ب/4. الاحتياطات الاختيارية: يقترح هذا من الاحتياطات من قبل مجلس الإدارة على الجمعية العامة للمساهمين مع توزيع أرباح الدورة حيث أن هذا النوع لا يكون تعاقدي ولا قانوني ولا نظامي.

جـ- أهمية حساب الاحتياطات:
عندما تحقق المؤسسة أرباح غالبا ما لا يوزع هذا الأخير كله ويحتفظ بجزء منه و يعتبر هذا الجزء المحتفظ به مصدر التمويل للتوسع في المؤسسة.

3.1.تقييم التمويل الذاتي:
ينطوي التمويل الذاتي على العديد من المزايا والعيوب من أهمها ما يلي:

1.3.1. مزايا استخدام التمويل الذاتي.
وهي متعددة ، يمكن ذكر أهمها على النحو التالي :
يعتبر التمويل الذاتي المصدر الأول والأساسي بالنسبة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة ، التي يتعذر عليها الحصول على حاجتها من الأموال من مصادر أجنبية، وبخاصة عند انعدام الضمانات أو نظراً لارتفاع أسعار الفائدة المطبقة على القروض،
يعتبر فضلاً عن ذلك ، المصدر الأول لتكوين رأس المال الطبيعي بأقل تكلفة ممكنة ، حيث لا يحمّل المؤسسة أية أعباء عند قرار الرفع من رأس مالها ، أين يتم تمويل استثمارات المؤسسة بواسطة مدخراتها ، مما يقلل من مخاطر الاستثمارات الجديدة ،
يحافظ على الاستقلالية المالية للمؤسسة إذ لا تقع عليه رقابة من قبل الدائنين ، كما يتيح للمؤسسة حرية التصرف فيه ، حيث يمكن تخصيصه للاستثمار، تسديد الديون، توزيعه على الشركاء أو تمويل دورة الاستغلال،
استفادة المؤسسة من التخفيضات الجبائية، باعتبار أن الإهتلاكات تمثل الجانب الأوفر من التمويل الذاتي وبما أنها معفاة من الضريبة ، فإن ذلك يؤدي إلى تخفيض الوعاء الضريبي للمؤسسة ، بما يساوي قيمة الإهتلاكات المسموح خصمها ضريبياً ، بالتالي يمكن اعتبار القيمة المخصومة ضريبياً بمثابة قرض مقدم للمؤسسة من لدن المصالح الضريبية ،
يخفض من إمكانية لجوء المؤسسة إلى الاستدانة بشكل دائم ، حيث يستبعد إمكانية تحمل المؤسسة لأعباء تعاقدية ؛ من دفع الفوائد أو تسديد الديون،
يتيح للمؤسسة فرصة إعادة استثمار الأرباح المحتجزة ، في حالة عدم أخذ المساهمين لنصيبهم منها ، مما يدعم القدرة الاقتراضية للمؤسسة بواسطة حقوق الملكية .

2.3.1 . عيوب استخدام التمويل الذاتي.
يأتي ذكر أهم سلبيات استخدام التمويل الذاتي ممثلة في النقاط التالية :
عادة ما يكون حجم التمويل الذاتي غير كاف لتمويل الاستثمارات المقررة ، وتلبية احتياجات التمويل، وبذلك فإن الاعتماد الكلي عليه يسمح بعملية الزيادة في رأس المال بشكل بطيء . مما قد يؤدي إلى عدم الاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة والمربحة ، بسبب هذا النوع من التمويل ، لتوفير الاحتياجات المالية اللازمة للمؤسسة،
قد يؤدي عدم توزيع الأرباح على المساهمين و المستخدمين، و ضمها إلى التمويل الذاتي إلى فقدان اهتمامهم بالمؤسسة،
إن التمويل الذاتي يحجز الادخار المجمع في نفس القطاع، و من ثم فإن عدم الاستغلال الأمثل لهذه الأموال، قد يؤدي إلى إضعاف العائد بسبب تقصير الإدارة في دراسة مجالات استخدام هذه الأموال، وذلك بخلاف الأموال الأجنبية، و قد يكون من الأمثل توزيعها على الشركاء لاستثمارها في مشاريع أكثر مردودية،
لعل عدم خضوع التمويل الذاتي للرقابة، قد يؤدي إلى تبديد الأرباح المتراكمة، و ذلك باستثمارها في مشاريع غير ذات أهمية، أو تجميدها و عدم الاستفادة منها.

2.سياسة توزيع الأرباح.
قد تقرر المؤسسة بخصوص هذه السياسة، إما توزيع الأرباح على الملاك، وإما احتجازها و عدم توزيعها بغرض إعادة استثمارها. لكن في الغالب، عند الحديث عن سياسة التوزيع، فالمقصود بذلك النسبة التي ينبغي توزيعها على الملاك، و من ثم تحديد النسبة التي يتم احتجازها.
تدل مختلف مفاهيم رأس المال العامل، عن هامش الأمان الذي تتمتع به المؤسسة و الذي يسمح لها بالوفاء بالتزاماتها القصيرة الأجل.
إذا كان رأس المال العامل الصافي، يعبر عن وجود هامش أمان مالي في المدى القصير، فإن رأس المال العامل الخاص، و كذا رأس المال العامل الأجنبي، يسمحان بتحديد طريقة تمويل هذا الهامش (بأموال خاصة أو أجنبية)، و كلما كان هذا الهامش مغطى بالأموال الخاصة، مما يعزز ثقة الدائنين و المقرضين في المدى القصير، أين تكون مخاطر التمويل مغطاة بواسطة الأموال الخاصة للمؤسسة.

1.2. أسباب توزيع الأرباح .
حتى تتمكن المؤسسة من توزيع الأرباح، لا بد أن تكون قد حققت نتائج إيجابية، أي أن يكون رصيد حساب النتيجة موجباً، و هذا طبعاً بعد طرح كل الالتزامات القانونية و التأسيسية، و كذا خسائر السنوات السابقة.
يعتبر هذا الرصيد، جزء من التمويل الذاتي للمؤسسة، لا يمكن للمؤسسة الاحتفاظ به كلية لتمويل احتياجاتها، حيث تلجأ المؤسسة إلى توزيع جزء من هذه الأرباح، و ذلك نظراً للأسباب التالية:
يسمح هذا التوزيع بتحفيز المساهمين على الاحتفاظ بأسهمهم و عدم بيعها، و كذا تحفيزهم على الاكتتاب عند قرار المؤسسة زيادة رأس المال،
عند توزيع الأرباح، فإن هذا الإجراء يعكس صحة الحالة المالية للمؤسسة، و بخاصة إذا ما قامت بالتوفيق بين عملية توزيع الأرباح و زيادة الاستثمار في نفس الوقت،
تلجأ المؤسسة لعملية توزيع الأرباح، حتى تزيد من ثقة المستثمرين فيها، و بهذا فهي تعوضهم عن جزء من الأموال المستثمرة.
و تجدر الإشارة إلى أنه لا يمكن توزيع الأرباح من طرف المؤسسة في الحالات التالية:
في حالة تحقيق المؤسسة لخسائر معتبرة متراكمة خلال السنوات السابقة،
إذا ما كانت المؤسسة خلال السنة الحالية في وضعية جد صعبة من حيث المردودية، و الاستغلال.
إذا ما قررت المؤسسة احتجاز الأرباح بغرض القيام باستثمارات استثنائية معتبرة،
إذا حققت المؤسسة نمواً معتبراً، بما يؤدي إلى الرفع من رقم أعمالها و زيادة احتياجاتها من رأس المال العامل، هذا الاحتياج الذي يجب تمويله بموارد دائمة، في هذه الحالة، فإن أي توزيع للأرباح قد يؤدي إلى اختلال توازن المؤسسة، و من ثم عدم تسديد التزاماتها.
بينما يمكن للمؤسسة أن تقوم بتوزيع الأرباح على المساهمين في الحالات التالية :
o نفي إمكانية تعرض المؤسسة إلى اختلال توازنها المالي، كنتيجة لإحدى الحالات السابقة،
o إذا عزمت المؤسسة على زيادة رأس المال، حسب استراتيجياتها، و هذا بغرض تشجيع المساهمين على زيادة الاكتتاب.

2.2. العوامل المؤثرة على سياسة توزيع الأرباح.
يخضع قرار توزيع الأرباح على المساهمين و الشركاء في المؤسسة عند اتخاذ قرار التوزيع، هذه العوامل تسمح بتحديد النسبة التي يمكن توزيعها، و ذلك حسب قرار أغلبية المساهمين في الجمعية العامة للمؤسسة، تتمثل هذه العوامل في الآتي:

1.2.2. فرص الاستثمار المتاحة.
يعتبر حجم توزيع الأرباح كعنصر تابع لفرص الاستثمار المتاحة، و كذا للموارد المالية التي يمكن استخدامها لتمويل تلك الفرص. و هنا تقوم المؤسسة بتحديد حجم زيادة رأس المال الممكن، بعد ذلك تحديد نسبة التمويل من الأرباح المحصل عليها خلال السنة المالية الحالية، ثم يوزع الباقي على المساهمين.
بأكثر بساطة، فإن حجم الاستثمار يعد كدالة تابعة للأرباح الموزعة، حيث ينخفض حجم التوزيعات مع زيادة حجم الاستثمارات المتاحة و العكس بالعكس.

2.2.2. استقرار التوزيعات.
يقصد باستقرار التوزيعات، الاستقرار في النمط المعتمد للتوزيع، كما يفضل أن يأخذ هذا النمط صورة نمو منتظم، يعبر عن زيادة التوزيع و هذا حتى يمكن أن يؤدي إلى زيادة قدرة المؤسسة على جذب المزيد من المستثمرين و المساهمين الجدد.
قد يكون نمط التوزيع منتظماً، يعبر عن زيادة التوزيع بشكل ثابت في نصيب السهم عند التوزيع من سنة لأخرى وبمعدل معقول، و هذا بهدف جذب المساهمين و المستثمرين الجدد. و عموماً، قد يأخذ استقرار التوزيعات أحد الصور الثلاث التالية :
استقرار نسبة الأرباح الموزعة،
استقرار نصيب السهم من التوزيعات،
استقرار نصيب السهم من التوزيعات مع توزيعات إضافية.

3.2.2. استقرار الأرباح.
تكون المؤسسات التي تعاني من تذبذب في نسبة الأرباح الموزعة، أكثر عرضة لحالات عدم الوفاء بالتزاماتها المالية، و كنتيجة لذلك تلجأ إلى تخفيض نسبة الأموال المقترضة في هيكلها المالي. تعمد المؤسسة بعد ذلك، إلى توزيع نسبة صغيرة من الأرباح، أما الجزء الأكبر المحتجز من الأرباح، فإنه يستخدم مباشرة في تمويل الاحتياجات الاستثمارية للمؤسسة، و هكذا تعفي نفسها من اللجوء إلى المزيد من الإقراض.

4.2.2. معدلات النمو.
إن الزيادة في معدل نمو المؤسسة، يؤدي حتما إلى زيادة احتياجاتها من الموارد المالية، و بهذا تعمد المؤسسة إلى احتجاز الأرباح، و إصدار المزيد من الأسهم لغرض تمويل هذا النمو المحتمل. عادة ما يصحب هذا الإصدار للأسهم نتيجة لتكاليف العملية، إضعاف مركز الملاك الأصليين للمؤسسة، و قد يتعرضون للخسارة بسبب انخفاض القيمة السوقية للسهم.

5.2.2.الاعتبارات الضريبية.
يفضل المساهمون عادة توزيعاً ضئيلاً للأرباح، في الحالة التي يزداد فيها حجم الضرائب على الأرباح الموزعة، و في حالة انخفاض الضرائب تلجأ المؤسسة إلى سياسة توزيع واسعة. كما أن المستثمرون يفضلون الاستثمار في المؤسسات التي تعتمد سياسة توزيع ضئيلة للأرباح عند زيادة حجم الضرائب على الأرباح الموزعة، و هذا إذا ما قورن بمعدلات الضرائب على فوائض القيمة المحققة، جراء بيع الأوراق المالية. أما عند انخفاض معدلات الضرائب على الأرباح الموزعة، فإنهم يلجئون إلى الاستثمار في المؤسسات ذات التوزيع الأوسع للأرباح .

6.2.2. عامل التضخم.
عندما يكون الاقتصاد في حالة تضخم، فإن الإهتلاكات المتراكمة لدى المؤسسة لا تكفي عادة لتجديد الأصول الثابتة عند انتهاءها. مما يؤدي بالمؤسسة إلى اللجوء لسياسة احتجاز الأرباح، بغرض مواجهة هذه الاحتياجات الاستثمارية. و بهذا ترتفع نسبة الأرباح المحتجزة في ظل التضخم، مع افتراض ثبات العوامل الأخرى.

7.2.2. العوامل القانونية و التعاقدية.
من الممكن توزيع الأرباح إلى ظاهرة تآكل رأس المال، و بهذا تضع التشريعات قيوداً تقضي بعدم التوزيع، عادة ما يطلق عليها في مثل هذه الحالات بقيد إضعاف رأس المال.
يوجد أيضا قيد ما في الأرباح، الذي يقضي بعدم جواز توزيع الأرباح مما لم تكن هناك نتائج إيجابية محققة سابقا، و ذلك بهدف منع الشركاء من سحب استثماراتهم من رأس المال.
فضلاً عن القيود القانونية توجد قيود تعاقدية، منها ما يسمى بقيد الأسهم الممتازة، و ذلك بأن يتضمن عقد إصدار أسهم ممتازة قيد يقضي بعدم إجراء توزيعات على حملة الأسهم العادي، ما لم يحصل حملة الأسهم الممتازة على نصيبهم من الأرباح خلال السنوات السابقة .

8.2.2. عامل مراقبة المؤسسة.
حسب هذا العامل، تصبح مراقبة المؤسسة من طرف المساهمين جد صعبة، ذلك لقلة معلوماتهم حول إستراتيجية و تسيير المؤسسة، كنتيجة للتوزيع المرتفع للأرباح. في هذه الحالة يفضل المساهمون توزيع الأرباح، ثم زيادة رأس المال المؤسسة بنفس حجم الأرباح الموزعة، و بهذا يحصلون على تعويض استثماراتهم ليقرروا توظيف هذه الأمـوال في الاستثمـارات المربحة. بما يستوجب من مسيري المؤسسة أن يقدمـوا معلـومات
و توضيحات حول المشاريع الاستثمارية الجديدة المبرمجة، و هذا من أجل تشجيع المساهمين على إعادة استثمار أرباحهم في المؤسسة عند قرار زيادة رأس المال.

المبحث الثاني: مصادر التمويل الخارجي المباشر.
يشمل التمويل الخارجي كافة الأموال التي يتم الحصول عليها من مصادر خارجية، بالإضافة إلى ذلك فإن حجم التمويل يتوقف على حجم التمويل الداخلي و احتياجات المؤسسة، و بهذا يعتبر التمويل الخارجي مكملاً للتمويل الداخلي، لتغطية و تلبية المتطلبات المالية للمؤسسة.
عموماً، فإن التمويل الداخلي لا يكفي لوحده لتغطية المتطلبات المالية للمؤسسة، مما يستوجب ضرورة اللجوء إلى مصادر خارجية في شكل اقتراض أو زيادة في رأس المال أو المزج بينهما في آن واحد.
سنتعرض من خلال هذا المطلب إلى مختلف أشكال التمويل الخارجي المباشر، أما تلك الأشكال غير المباشرة للتمويل الخارجي، فسنتطرق لها فيما بعد. وفي ما يلي سنستعرض مصادر التمويل الخارجي المباشر على النحو التالي :
الرفع في رأس المال.
التمويل السندي.
الدخول إلى البورصة.

1. الرفع في رأس المال.
إن الرفع في رأس المال أو تخفيضه ما هو إلا تحويل للأموال داخل نفس الذمة، و هذا في حالة ما إذا كانت الذمة المالية للمؤسسة الفردية لا تختلف عن ذمة مالكها. أما في حالة ما إذا كانت المؤسسة عبارة عن شخص معنوي مستقل الذمة المالية عن المساهمين، فهنا تعبر مساهمة الشريك عن جزء من رأس المال. يستفيد الشريك عندها من الأرباح و يتحمل الخسائر، كما يستفيد بجزء من الأصول عند تصفية المؤسسة.
في ما يلي سنقوم بدراسة نوعين من أشكال رفع رأس المال :
التمويل بالأموال الخاصة.
التمويل بشبه الأموال الخاصة.

1.1. التمويل بالأموال الخاصة.
الأموال الخاصة هي أموال موضوعة تحت تصرف المؤسسة بصفة دائمة، بغرض تمويل احتياجاتها المالية و الاستثمارية. و هي تشير إلى المجموع الجبري للحصص، فروقات إعادة التقييم، الأرباح التي يتم حسبها اتخاذ قرار التوزيع، الخسائر، إعانات الاستثمار و المؤونات المنتظمة. كما تعتبر مصدر تمويلي للمؤسسة، إذ تساهم مع الأموال المقترضة، في تمويل نشاطات المؤسسة.
أما الأموال الخاصة من الذمة المالية، تمثل فائض قيمة عناصر أموال المؤسسة مقارنة بالخصوم المستحقة ¬(الديون)، و التي تمثل ثروة المؤسسة. أما في حالة توقف المؤسسة عن النشاط أو بلوغها حالة التصفية، فإن الأموال الخاصة في هذه الحالة تمثل الثروة التي توزع على الشركاء.
انطلاقاً من العرض السابق نستطيع أن نعرض مميزات الأموال الخاصة على النحو التالي :
استغلال الأموال الخاصة غير محدد بمدة زمنية،
الأموال الخاصة غير قابلة للاستهلاك،
يتوقف عائد الأموال الخاصة على نتيجة المؤسسة، و لا تتميز بالأولوية في التسديد،
في حالة التصفية، يكون نصيب المساهمين ممثلاً في قيمة الأصول بالمؤسسة، و هذا بعد تسديد كل الديون.

2.1. التمويل بشبه الأموال الخاصة.
تمثل هذه الأموال أموالاً تضاف إلى رأس مال المؤسسة، حيث لها خصائص قانونية ومحاسبية مختلفة عن الأموال الخاصة، ولكنها تضمن نفس الوظائف من الناحية المالية مثل الأموال الخاصة. من أمثلتها نذكر : الأسهم ذات العائد الممتاز بدون حق التصويت ( ADP) ، شهادات الاستثمار (CI)، التي تتيح التمويل دون فقدان السيطرة على مراقبة المؤسسة، فضلاً عن الاستفادة من التحفيزات الجبائية التي تقدمها الدولة لهذا النوع من الأوراق. ونشير إلى أن هذه الأموال تسمح بتحقيق ما يلي :
زيادة في الأموال الخاصة دون التأثير على عامل مراقبة المؤسسة،
تعتبر أكثر جاذبية لانعدام المخاطر المالية.
تتميز هذه الأوراق المالية بالخصائص التالية :
عدم إلزاميتها، إذ يمكن تأجيل تعويضها في حالة تعرض المؤسسة لأزمات مالية،
تعتبر كضمان لبعض دائني المؤسسة.

2.التمويل بواسطة القرض السندي.
يمكن للمؤسسات المسعرة في البورصة، كذلك الأمر بالنسبة للمؤسسات العمومية أن تصدر سندات في السوق المالية، حيث تعتبر هذه السندات بمثابة قروض طويلة الأجل لتمويل الحاجات المالية للمؤسسة.

1.2.مفهوم السند.
السند هو عبارة عن صك تصدره المؤسسة، وهو يمثل بذلك عقد أو اتفاق بين المؤسسة (المقترض)، وبمقتضى هذا الاتفاق يقرض الثاني سلفا معينا للطرف الأول الذي يتعهد برد أصل المبلغ وفوائد متفق عليها في تواريخ محددة فهو بذلك عبارة وثيقة تثبت الاقتراض لقاء فوائد تدفع سنويا.
– هو عبارة عن اتفاق مكتوب ومؤشر بختم الطرف الذي صوره أو أنشأه وفيه يتعهد بدفع فائدة دورية ودفع المبلغ المتفق عليه في تاريخ مستقبلي محدد أو مقرر.
– هو عبارة عن مستند مديونية تصدره المنشآت ويعطي لحامله الحق في الحصول على القيمة الاسمية للسند par value في تاريخ الاستحقاق كما يعطيه أيضا الحق في الحصول على عائد دوري يتمثل في نسبة مئوية من القيمة الاسمية.

2.2.مميزات القرض السندي.
حسب المادة 715 مكررة 81 من القانون التجاري ، التي تنص على أن :” السندات هي أوراق مالية قابلة للتفاوض ، وهي تعطي نفس الحقوق لجميع الدائنين المكتتبين عند إصدارها وبنفس القيمة الاسمية ، بحيث من الضروري أن تكون هناك مساواة بين جميع المقرضين تجاه نفس القرض السندي”.
يستفاد من نصوص المادة 715 مكرر 82 والمادة 715 مكرر 84 من القانون التجاري ، فيما يتعلق بشروط إصدار السندات ما يلي :
يخول فقط للجمعية العامة العادية للشركاء، اتخاذ قرار إصدار سندات بغرض التمويل، و التي تمنح لمجلس الإدارة صلاحية القيام بذلك،
يجب أن تكون قد أعدت ميزانيتين مصادق عليهما من قبل مراجع الحسابات .

تلجأ المؤسسة لتقديم ضمانات للجمهور، بهدف ضمان نجاح عملية الاقتراض، رهن المحل التجاري، أو الرهن العقاري، أو كفالة المؤسسة الأم للمؤسسة التابعة لها.
عادة ما تلجأ المؤسسة عند إصدار السندات إلى وساطة بنك أو مجموعة بنوك، تقوم هذه الأخيرة بضمان توظيف كل الأوراق المالية، حيث تسدد كامل مبلغ القرض للمؤسسة المصدرة في تاريخ محدد، أو عن طريق طرح السندات للاكتتاب على مستوى هذه البنوك، و في الحالتين يكون ذلك مقابل عمولة خدمات أو عمولة ضمان.

3.2.إيجابيات و سلبيات التمويل بالقرض السندي.
1.3.2. إيجابيات التمويل بالقرض السندي.
يتيح التمويل بواسطة القرض السندي مجموعة من المزايا تتمثل في الآتي :
يعتبر هذا النوع من التمويل أقل تكلفة مقارنة بالتمويل بالأسهم، ذلك ما تبرره الوفورات الضريبية التي تنتج عنه، إضافة إلى تعرض المقترضين إلى مخاطر أقل نسبياً من تلك التي يتعرض لها حملة الأسهم.
يتيح للمؤسسة فرصة المحافظة على استقلالية التسيير، بحيث لا يمنح للمقترضين حق التصويت في الجمعية العامة،
تنخفض تكلفة إصدار السندات مقارنةً بتكلفة إصدار الأسهم،
يمكن تحديد مقدار الفوائد الواجب دفعها مباشرةً عند الإصدار، و كذا تحديد المدة اللازمة لتسديد الدين، بالتالي فإن نسبة الفوائد لا تتغير تبعا لمستوى الأرباح، بعكس حالة الأسهم.

2.3.2.سلبيات التمويل بالقرض السندي.
يترتب على التمويل بواسطة القرض السندي بعض المخاطر من ذلك :
الخطر الذي يتعرض له المكتتب نتيجة التقلبات في أسعار الفائدة ( ارتفاعها )،
يتعرض المكتتب أيضا إلى خطر الإمضاء المتمثل في عدم ملاءة المقترض، مما يؤدي إلى عدم تسديد أصل القرض و الفوائد عند الاستحقاق، إلا أنه يمكن التقليل من هذه المخاطر بواسطة الضمانات،
يمنح عقد القرض السندي الحق للمقترض في فرض مجموعة من القيود على المؤسسة منها حق عدم حصول المؤسسة على قروض جديدة، حق عدم بيع و شراء الأصول الثابتة، منع إجراء توزيعات أو التخفيض من نسبتها،
القرض السندي مرتبط بموعد استحقاق، و من ثم يجب على المؤسسة العمل على توفير قدر كبير من الأموال لغرض تسديد الدين عند تاريخ الاستحقاق،
تترتب على القرض السندي تكلفة مرتفعة نتيجة لتسديد الفوائد، حيث أن الفشل في تسديد هذه الفوائد أو أصل الدين قد يعرض المؤسسة إلى الإفلاس،
يعتبر هذا النوع من التمويل متاحاً فقط للمؤسسات الكبرى، بينما تجد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الصعوبة في الحصول عليه.

3.التمويل بواسطة الأسهم.
1.3.الأسهم العادية: الأسهم العادية هي أكثر الأوراق المالية شيوعا وتداولا في أسواق رأس المال وتعطي صاحبها جملة من الحقوق، وتقوم شركات المساهمة بإصدار هذه الأسهم والتي يكون لها نفس القيمة الاسمية ونفس الحقوق والواجبات.

1.1.3. تعريفها:
– يعرف السهم العادي على أنه وثيقة ذات قيمة اسمية واحدة تطرح للاكتتاب العام، قابلة للتداول وغير قابلة للتجزئة.
– الأسهم العادية هي عبارة عن أوراق مالية طويلة الأجل (أبدية طالما الشركة مستمرة)، تمثل مستند ملكية، له قيمة اسمية، وقيمة دفترية، وقيمة سوقية وكذلك قيمة تصفوية.
 فالقيمة الاسمية: هي القيمة المكتوبة على الصك أو قسيمة السهم، والتي توزع الشركة المصدرة لها الأرباح بنسبة مئوية فيها، وقد تضع بعض الدول حد أدنى وحد أقصى لهذه القيمة الاسمية.
كما قد يشترط تساوي القيمة الاسمية للأسهم من قبل كافة الشركات العاملة بالدولة.
 القيمة الدفترية: تتمثل في قيمة حقوق الملكية – التي لا تتضمن أو تشتمل على قيمة الأسهم الممتازة- مقسومة على عدد الأسهم العادية المصدرة، أو هي قيمة السهم المدونة بالدفاتر. ويمكن تلخيصها في المعادلة التالية:

القيمة الدفترية =

وتشمل القيمة الدفترية على حقوق رأس المال المدفوع، الاحتياطات، الأرباح المحجوزة، وبالتالي فإن القيمة الدفترية للسهم تكون في تزايد بتقدم الشركة ونجاحها وذلك لارتفاع حجم الاحتياطات والأرباح المحجوزة علما أنه في بداية عمل الشركة، تكون القيمة الدفترية = القيمة الاسمية.
 القيمة السوقية: وهي عبارة عن سعر أو ثمن تداول السهم في سوق رأس المال (عندما تطرح للاكتتاب)، وقد تكون هذه القيمة أكبر أو أقل من القيمة الاسمية، وتتحدد القيمة السوقية وفقا لمعطيات التالية:
القيمة الدفترية.
ظروف العرض والطلب للسوق المالي (تقلبات العرض والطلب).
توقعات المحللين الماليين لمستقبل أوضاع الشركة.
المركز المالي والمستقبلي للشركة.
مدى توزيع الشركة للأرباح في السنة.
 القيمة التصفوية: هي القيمة التي يتوقع المساهم أن يحصل عليها في حالة تصفية الشركة وسداد الالتزامات المترتبة عليها، وكذلك حقوق الأسهم الممتازة.
وهنا يمكننا القول أن حل الشركة وتصفيتها وانتهاء نشاطها لا يعتبر مؤشرا جيدا للمساهمين العاديين، إذ لا يحصلون على أي شيء أبدا.

2.1.3. الأنواع الحديثة للأسهم العادية.
ظهرت في أواخر الثمانينيات وبداية التسعينيات، أنواعاً جديدة من الأسهم العادية إلى جانب الأسهم العادية التقليدية ، التي شكلت النوع الوحيد من الأسهم لفترة طويلة. سنستعرض منها أساساً، الأسهم العادية للأقسام الإنتاجية، الأسهم العادية ذات التوزيعات المخصومة قبل حساب الضريبة، إضافة إلى الأسهم العادية المضمونة القيمة .

أ. الأسهم العادية للأقسام الإنتاجية.
قبل ظهور هذا النوع من الأسهم كانت المؤسسة الواحدة تمتلك مجموعة واحدة من الأسهم،ترتبط فيها التوزيعات بالأرباح المحققة من طرف المؤسسة ككل. من هنا لجأت بعض المؤسسات الأمريكية إلى إصدار هذه الأسهم التي يرتبط كل نوع منها بحجم الأرباح التي يحققها قسم معين من الأقسام الإنتاجية للمؤسسة.
بالرغم من المزايا التي يحققها هذا النوع الجديد من الأسهم، إلا أنه يخلق نوعاً من تضارب المصالح بين المستثمرين في المؤسسة الواحدة.

ب.الأسهم العادية ذات التوزيعات المخصومة قبل حساب الضريبة.
برز هذا النوع من الأسهم في بداية الثمانينيات، عندما أصدرت الولايات المتحدة تشريعاً ضريبياً يسمح للمؤسسات التي تبيع حصة من أسهمها العادية لمستخدميها، بغرض مشاركتهم في ملكية المؤسسة، حيث تخصم التوزيعات على تلك الأسهم قبل احتساب الضريبة.
نص هذا التشريع على إعفاء المؤسسات المالية التي تمنح قروضاً للمستخدمين، بهدف تمويل شراء الأسهم، وذلك من دفع الضريبة على 50 % من الفوائد التي تحصل عليها. يسمح هذا الخصم الضريبي للمقرض من تخفيض معدل الفائدة على القرض، وهو ما يعني بالتبعية تخفيض تكلفة شراء الأسهم.
يقوم المقرض بتسديد أصل القرض وفائدته سواءً من نصيبه في التوزيعات التي تتولد عن الأسهم المشتراة، أو من مساهمات مالية إضافية تقدمها له المؤسسة المصدرة للأسهم، على أن تخصم قيمتها من الإيرادات قبل حساب الضريبة.

جـ. الأسهم العادية المضمونة.
سميت بهذا الاسم لأنها تعطي لحاملها الحق في مطالبة المؤسسة بالتعويض في حالة انخفاض القيمة السوقية لها إلى حد معين، وخلال فترة معينة بعد إصدارها. وتختلف بذلك عن الأسهم العادية، التي ليس لحاملها الحق في مطالبة المؤسسة بسداد تكلفة انخفاض قيمتها السوقية. ومن خصائص هذه الأسهم أنها تتميز بما يلي :
يمكن للمستثمر تحقيق أرباح رأسمالية، عند كل ارتفاع في القيمة السوقية للأسهم،
تظهر مخاطر التعرض للخسائر فقط عندما تنخفض القيمة السوقية للسهم إلى أقل من المستوى المحدد للتعويض. وبالتالي لا يمكن أن تتجاوز الخسائر قيمة الفرق بين سعر الشراء والسعر الأدنى للقيمة السوقية الذي تضمنه المؤسسة،
تتم عملية التعويض عن الخسائر من خلال دفع قيمة التعويض نقداً، أو في صورة أسهم ممتازة، ويعتبر هذا الإجراء الأخير أحسن من سابقه من حيث عدم تعرض المؤسسة لمخاطر التصفية، التي يمكن أن يؤدي إليها التعويض النقدي.

3.1.3. مزايا وعيوب الأسهم العادية:
أ. المزايا:
* يفضل المستثمرون التمويل عن طريق هذا المصدر لأنه يحقق لهم معدل عائد أفضل ويعتبر هذا مصدر وقاية من أثر التضخم في بعض الاستثمارات.
* إن الزيادة في التمويل عن طريق هذا المصدر تؤدي إلى الزيادة في مقدرة الشركة على الاقتراض.
* نجد أن الضريبة على الأرباح الرأسمالية من بين الأسهم العادية أقل من معدل الفائدة على القروض.
* إن لهذا المصدر تاريخ استحقاق غير محدد.
* لا توجد أي التزامات أو أعباء ثابتة على الشركة مثل الفوائد في حالة التمويل عن طريق القروض.
ب- العيوب:
هناك نوعين:
ب-1: عيوب التمويل عن طريق إصدار الأسهم العادية من وجهة نظر الشركة المصدرة:
– إذا كانت الشركة تعتمد على التمويل بالملكية بدرجات عالية أو تستخدم المديونية بنسبة صغيرة مما يعني أن التكلفة المرجحة المتوسطة للأموال تكون كبيرة مما هو متوقع.
– لا تخصم التوزيعات من الضريبة أي لا تحصل على أي إعفاءات ضريبية مثل الفوائد كما هو الحال بالنسبة لمدفوعات الفوائد.
– تكلفة إصدار الأسهم الجديدة أعلى من تكلفة الاقتراض.
– يتضمن بيع الأسهم العادية على حق التصويت مما يضعف رقابة الملاك الحاليين على الشركة.
– إن الاقتراض قد ينجم عنه استعمال أموال الغير بمعدل فائدة ثابت ومنخفض بينما إصدار أسهم جديدة يؤدي إلى المشاركة المتساوية لحملة الأسهم في الأرباح المتوقعة.
ب-2:من وجهة النظر الاجتماعية: إن التمويل عن طريق الأسهم العادية من وجهة النظر الاجتماعية قد يفضله البعض لأن الشركة في هذه الحالة أقل تعرضا لإعادة التنظيم أو الإفلاس بسبب الأعباء الثابتة المترتبة على استخدام القروض.
2.3.الأسهم الممتازة.
1.2.3.تعريف الأسهم الممتازة
يمثل السهم الممتاز سند ملكية يسمى أيضاً الأولوية أو سهم الأفضلية، وهو يشبه السهم العادي من حيث القيمة الاسمية، التي تحدد عند إصداره.
لحامل السهم الممتاز الأولوية على حامل السهم العادي في الحصول على نصيبه عند التصفية، كما له الحق في التوزيعات السنوية التي تتحدد بنسبة مئوية ثابتة من القيمة الاسمية للسهم، وهو يماثل السهم العادي أيضاً من حيث أن صاحب السهم الممتاز ليس له الحق في المطالبة بتوزيع الأرباح عند إقرار المؤسسة عدم توزيعها .

2.2.3.الأنواع الحديثة للأسهم الممتازة.
إلى جانب الأسهم الممتازة التقليدية، ظهرت أنواع جديدة بداية الثمانينيات في الولايات المتحدة الأمريكية نذكر منها على وجه الخصوص؛ الأسهم الممتازة ذات التوزيعات المتغيرة والأسهم الممتازة التي لها حق التصويت .

أ. الأسهم الممتازة ذات التوزيعات المتغيرة.
تختلف عن الأسهم الممتازة التقليدية من حيث نسبة التوزيعـات، التي تكون ثابتة ومحددة بنسبة معينة من القيمة الاسمية للسهم في الأسهم الممتازة التقليدية. أما الأسهم الممتازة الجديدة فتمتاز بتغير نسب التوزيعات، وذلك وفقاً لمعدل العائد على أنوع السندات الحكومية (سندات الخزينة) ، على أن يتم تعديل نصيب السهم من الأرباح مرة واحدة كل ثلاثة أشهر، وهذا تبعاً لتغير معدل عائد تلك السندات.
لكي تتم المحافظة على مستوى ملائم من الطلب على هذا النوع من الأسهم، عادة ما يتضح بأن لا تقل نسبة التوزيعات عن 75 % من القيمة الاسمية للسهم.

ب. الأسهم الممتازة التي لها حق التصويت.
تمنح هذه الأسهم لحملة الأسهم العادية، كتعويض عن انخفاض القيمة السوقية للسهم العادي.

3.2.3. تقييم الأسهم الممتازة
أ. المزايا:
تعتبر الأسهم الممتازة مصدر تمويل طويل الأجل للمؤسسة، وبذلك فإنها تتميز بمزايا يمكن حصر أهمها في مايلي :
المؤسسة ليست ملزمة قانونياً بتوزيع الأرباح، بما يمكّن من احتجازها بهدف زيادة قدرة التمويل الذاتي للمؤسسة،
إصدار الأسهم الممتازة من شأنه أن يساهم في تخفيض نسبة الأموال المقترضة في الهيكل المالي للمؤسسة، وبالتالي يؤدي ذلك إلى تخفيض تكاليف الاقتراض ومن ثم الرفع من درجة الاستقلالية المالية.

ب- العيوب:
بالرغم من المزايا الهامة للأسهم الممتازة، إلا أن التمويل بها تكتنفه مجموعة من المخاطر تتمثل أساساً في مايلي :
ارتفاع تكلفتها نسبياً مقارنة بتكلفة التمويل بالقروض، وهذا بالنظر إلى المخاطر التي يتعرض لها المقترضون، مما يجعلهم يطالبون بعائد أكبر،
لا تحقق الأسهم الممتازة أي وفورات ضريبية، وذلك لأن الأرباح الناتجة عنها لا تعد من التكاليف التي تطرح من المبلغ الخاضع للضريبة في حالة حساب قيمة الضرائب على عمليات المؤسسة أو على نشاطها، بهدف تسديد المستحقات الواجبة الدفع للمصالح الضريبية.

المبحث الثالث : مصادر التمويل الخارجي غير المباشر.
بالرغم من الدور الأساسي والهام الذي تلعبه مصادر التمويل الداخلي في تلبية الحاجات المالية للمؤسسة. في غالب الأحيان تكون هذه المصادر غير كافية مما يحتم على المؤسسة ضرورة البحث عن مصادر تمويل أخرى خارجية.
كما سبق لنا وأن تعرفنا على مصادر التمويل الخارجي المباشر، فإننا سوف نتعرف من خلال هذا المطلب على مصادر التمويل غير المباشر. تقسم هذه المصادر إلى مصادر تمويل متوسطة، طويلة الأجل، بالإضافة إلى مصادر تمويل قصيرة الأجل يتم الحصول عليها من المؤسسات المالية كالبنوك.

1.التمويل طويل ومتوسط الأجل.
تتمثل هذه المصادر أساساً في القروض الممنوحة من قبل البنوك أو الهيئات المالية المتخصصة، يمكن أن تأتي في شكل مساعدات من الدولة أو إحدى جماعاتها المحلية.

1.1.مصادر التمويل التقليدية متوسطة وطويلة الأجل.
يمكن تقسيمها إلى قروض طويلة وأخرى متوسطة الأجل، وذلك على النحو الآتي :

1.1.1.القروض طويلة الأجل.
هي تلك القروض التي تفوق مدتها السبع سنوات، بهدف توفير موارد مالية كبيرة لقطاع المؤسسات، يتم استغلالها في تمويل مشروعاتها الاقتصادية الكبيرة وتغطية احتياجاتها المالية الأخرى.
يمنح هذا النوع من القروض من قبل البنوك والمؤسسات المالية المتخصصة في توظيف الموارد المالية طويلة الأجل، وهنا قد تفرض جملة من الشروط على المؤسسة المستفيدة من القروض الطويلة الأجل، حيث إمكانية فرض معدل فائدة مرتفع نسبياً . كما قد تطلب ضمانات مادية أو شخصية لقاء منحها، وفي أحيان أخرى قد يشترط مراقبة كيفية استخدامها ومجالات استعمالها .

2.1.1.القروض متوسطة الأجل.
تستخدم هذه القروض في أغلب الأحيان لتمويل الأصول الثابتة؛ من تجهيزات الإنتاج، معدات النقل، وقطع الغيار. تمنح عادة من قبل البنوك التجارية، التي تشترط عدم تجاوز مدة تمويلها لمدة صلاحية استعمال الاستثمار. ونشير إلى أن مدة استحقاق هذه القروض تفوق السنة ولا تتجاوز السبع سنوات .
عادة يتم تسديد القروض متوسطة الأجل في شكل أقساط متساوية أو متغيرة دورياً، وفق الاتفاق بين البنك والمؤسسة. وبنفس حالة القروض طويلة الأجل، فإن القروض متوسطة الأجل تكون مضمونة بأصول المؤسسة، وفي بعض الأحيان تقترن بجملة من الشروط التي تضمن للبنك استرجاع أمواله .
يناسب هذا النوع من القروض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، التي يتعذر عليها الحصول على قروض طويلة الأجل لتغطية احتياجاتها المالية، ويتميز بانخفاض تكلفة التمويل به مقارنة بتكلفة التمويل بالقروض طويلة الأجل.

2.1. المساعدات المالية.
تقدم هذه المساعدات من طرف الدولة كمعونة لقطاع المؤسسات، من أجل السهر على تنظيم ومراقبة عمل وأنشطة المؤسسات، الهيئات المالية والمصرفية. ونشير إلى أن طبيعة هذه المساعدات قد تختلف من حين لآخر، فقد تأتي في شكل تخفيضات جبائية وشبه جبائية يكون الغرض الأساسي منها هو التحفيز على الاستثمارات ونمو المؤسسات الحديثة النشأة .
نركز في دراستنا على المساعدات ذات الطبيعة المالية، التي تمنح من قبل الدولة إلى مختلف المؤسسات الاقتصادية، سواءً أكانت في شكل منح غير مسترجعة، أو تدخل في إطار مسح ديون بعض المؤسسات، وأحياناً تكون في شكل قروض ميسرة بشروط أخف من شروط الحصول على الموارد التمويلية الأخرى؛ كتخفيض معدلات الفائدة أو منح مدة أطول للتسديد.

3.1.التمويل بالاستئجار:
نظرا لاتجاه الكثير من المشروعات في الآونة الأخيرة نحو استئجار خدمات بعض الأصول الثابتة كالأراضي والمباني بدلا من امتلاكها، ظهر نوع جديد من مصادر التمويل إلى جانب عناصر التمويل التقليدية التي سبق ذكرها والتي أصبحت تعتمد عليها منظمات الأعمال بغرض الحد من بعض المخاطر التي كانت تواجهها كالتقدم التكنولوجي ومخاطر التخلف عن الدفع… ، هذا النوع هو ما يطلق عليه التمويل بالاستئجار، وأصبح هذا النوع أي التمويل بالاستئجار يشمل جميع الأصول الثابتة تقريبا.

1.3.1. تعريف الاستئجار:
– إن الاستئجار هو عبارة عن عقد يلتزم بموجبه المستأجر بدفع مبالغ محددة بمواعيد متفق عليها لمالك أصل من الأصول. لقاء انتقاء الأول بمواعيد متفق عليها لمالك
أصل بالخدمات التي يقدمها الأصل المستأجر لفترة معينة كأن تقوم إحدى المؤسسات المتخصصة في البناء والتعمير باستئجار آلات ورافعات خاصة من مؤسسات أو جهات مالكة لهذه الأصول المستأجرة.
– كما يمكن أيضا تعريف الاستئجار على أنه عبارة عن اتفاق بين منشأة أعمال معينة ومنشأة أخرى، تكون مالكة لأصل معين، تقوم من خلالها المنشأة الأولى باستخدام هذا الأصل لمدة تفوق السنة في مقابل التزامها بدفع مبلغ متفق عليه دوريا يسمى دفعة الإيجار.
* وإن هدف المؤسسة من وراء عملية الاستئجار هو الانتفاع من الخدمات التي يقدمها هذا الأصل. وعند الحديث عن الاستئجار نشير إلى أن هناك تشابه بينه وبين الاقتراض، حيث أن كلا منهما ينجم عنه التزامات تعاقدية ثابتة، ولهذا يؤدي الاستئجار من الناحية العملية إلى ارتفاع مديونية المستأجر وزيادة مخاطره المالية.

2.3.1. أشكال قرض الإيجار.
لقد تعددت وتنوعت أشكال القرض الايجاري وذلك بحسب الزاوية التي ينظر منها إليه؛ فمن حيث معيار الإقامة نجد قرض الإيجار المحلي وقرض الإيجار الدولي، ومن حيث موضوع العقد نجد قرض إيجار المنقولات وقرض إيجار العقارات، أما من حيث طبيعة العقد فيصنف إلى قرض إيجار تشغيلي وآخر مالي. وسنقتصر في دراستنا لهذه الأشكال على الشكلين الأخيرين فقط وذلك على النحو التالي :

أ. قرض الإيجار التشغيلي.
يرتبط بهذا النوع من القروض التأجيرية ما يعرف بتأجير الخدمات أو الاستئجار مع تقديم خدمات أخرى، وهنا تكون الشركة المؤجرة هي نفسها منتج الأصل محل الاهتمام، وتتحمل هذه الأخيرة مسؤولية الصيانة، توريد قطع الغيار للمستأجر، وتشمل جميع خدمات إعداد الأصل للتشغيل، يبقى فقط على المؤجر التأكد مما يلي :
دفع الضرائب المفروضة على الأصل،
دفع أقساط التأمين على الأصل،
توفير الصيانة اللازمة للأصل.
من السمات المميزة لقرض الإيجار التشغيلي، أن دفعات الإيجار لا تكاد تكفي لتغطية التكلفة الكلية للأصل، لأن عقد الإيجار لا يمتد إلى نهاية العمر الافتراضي للأصل، مما يستوجب تغطية باقي التكلفة من خلال إعادة تأجير الأصل لمؤسسات أخرى أو من حصيلة بيع الأصل ذاته. ولا يتطلب ذلك نقل ملكية الأصل للمستأجر، بمعنى وجود فاصل كبير بين ملكية الأصل الفعلية التي تكون للمؤجر، وبين استعماله بمعرفة المستأجر .
حسب القانون الجزائري نصت المادة الثانية من الأمر 96/09 السابق ذكره، أن عمليات قرض الإيجار تدعى بالتشغيلية في حال ما لم يحول المؤجر لصالح المستأجر كامل الحقوق والالتزامات والمنافع والمخاطر المرتبطة بحق ملكية الأصل والتي تبقى لصالح المؤجر أو على نفقاته.
استناداً إلى ما سبق ، يتجه المحاسبون والماليون إلى أن عقد الإيجار التشغيلي يقدم تمويلاً خارج الميزانية (تمويل خارجي غير مباشر)، كما تعامل أقساط الإيجار كمصروفات في حساب الأرباح والخسائر في الدفاتر المحاسبية للمستأجر، وبالمقابل تعالج هذه الأقساط باعتبارها كإيرادات لحساب المؤجر .

ب. قرض الإيجار المالي.
يتميز قرض الإيجار المالي عن قرض الإيجار التشغيلي بأنه لا يتضمن خدمات الصيانة ولا يمكن إلغاؤه، إضافة إلى ضرورة تسديد قيمة الأصل كاملةً. ولكن هذا لا يمنع من تقديم خدمات إضافية أخرى إلى المؤسسة المستأجرة من قبل المؤجر؛ كإبرام عقد صيانة مستقل عن العقد الأصلي. كما أن ملكية الأصل تنتقل إلى المستأجر في نهاية العقد إذا لم يتضمن عقد الإيجار ما ينص على خلاف ذلك .
يمتاز هذا النوع من القروض بعدم كفاية أقساط الإيجار لتغطية قيمة الأصل، إضافة إلى تحقيق عائد. كما أن التأمين على الأصل وتسديد مستحقات الضرائب تكون من مسؤولية المستأجر، وأيضاً وجب أن تتوافق حدة القرض مع العمر الافتراضي للأصل .
أما في التشريع الجزائري، ومن خلال نص المادة الثانية من الأمر 96/09 المتعلق بالاعتماد الايجاري في الجزائر، فإن عمليات قرض الإيجار تدعى بالمالية في حالة ما إذا نص عقد القرض الايجاري على تحويل لصالح المستأجر، كل الحقوق والالتزامات ، المنافع والمساوئ والمخاطر المرتبطة بملكية الأصل الممول بواسطة قرض الإيجار، وقد أضيفت لهذا التعريف حالتان يعتبر بموجبهما قرض الإيجار مالياً وهما :
إذا لم يكن هناك فسخ لعقد قرض الإيجار،
إذا ورد بعقد القرض ما يضمن للمؤجر حق استعادة نفقاته من رأس المال والحصول على مكافأة الأموال المستثمرة.
انطلاقا مما سبق، يمكن استخلاص أهم الخصائص التي يتميز بها قرض الإيجار المالي :
في المعتاد تستغرق مدة قرض الإيجار المالي غالبية العمر الافتراضي للأصل، ونادراً ما تقل مدته عن ثلاث سنوات، بالتالي لا تعتمد أرباح المؤجر على القيمة الباقية للأصل في نهاية مدة العقد،
يتم من خلاله تحويل كل الحقوق والالتزامات والمنافع والمساوئ المرتبطة بملكية الأصل إلى المستأجر، وبما أن مدة العقد تغطي مدة الحياة الاقتصادية للأصل، فإن ذلك ما يفسر بأن المستأجر بإمكانه استعادة كامل نفقات رأس المال، إضافة إلى تحقيق عائد من الأموال المستثمرة،
إن مهمة اختيار الأصل، التفاوض مع المنتج، تحديد المواصفات الفنية، سعر وشروط التسليم…. الخ، تقع مباشرة على عاتق المستأجر.
تجدر الإشارة إلى أن هذا النوع من قروض الإيجار، يعد الأكثر انتشاراً واستخداماً وهذا بالرغم من صعوبة تطبيقه، نظراً لتحفظ وتردد المستأجر على توقيع العقد لوجود خطر تعظيم تكلفة اكتساب الأصل مستقبلاً لذلك نجد أغلب المستأجرين يطالبون بتحديد خيار الشراء بقيمة اسمية منخفضة قبل توقيع عقد القرض. ونشير إلى أنه ترتبط بقرض الإيجار المالي بعض الأشكال القريبة من مفهومه نذكر أهمها في ما يلي :
ب/1. البيع وإعادة التأجير: يعد اتفاق يقوم بموجبه مستعمل المعدات ببيع معداته لشركة تأجير، بحيث يكون لهذه المعدات عمراً إنتاجياً معقولاً، ثم تقوم شركة التأجير بإعادة تأجير ذات المعدات للبائع المستعمل الذي يصبح مستأجراً لعقد التأجير. وفي المقابل تتخلى المؤسسة عن ملكية الأصل. وتدفع إيجاراً دورياً للطرف الذي أعاد تأجير الأصل لها.
بالنسبة للقيمة المتبقية من الأصل، بعد انتهاء عقد الإيجار فهي من حق الطرف الذي اشترى الأصل، ويتوقع أن تكون محصلات الإيجار إضافة إلى القيمة المتبقية من الأصل كافية لتغطية تكلفة شرائه، إضافة إلى تحقيق عائد مناسب. ونشير إلى أهداف هذا الأسلوب من الاقتراض والتي نلخصها في الآتي :
• الحصول على رأس مال عامل؛
• تكوين أرباح خاضعة للضريبة، وذلك عندما تزيد القيمة السوقية العادية للمعدات عن قيمة استهلاك المعدات المحددة في حسابات مالكها الأصلي،
• تحقيق تكلفة التمويل بأجل متوسط أو طويل، إذا كان الشراء قد تم تمويله على أسس قصيرة،
• تخفيض تكلفة التمويل السابق إذا تمت إعادة التمويل بسعر فائدة أقل.
ب/2. قرض الإيجار الرفعي: يرتبط قرض الإيجار الرفعي بالأصول التي تتميز بارتفاع قيمتها، وهذا على عكس الأنواع الأخرى من التأجيرات. كما أن له ثلاثة أطراف تتمثل في المستأجر، المؤجر وطرف ثالث هو المقرض، ولا يختلف وضع المستأجر في هذا النوع عنه في الأنواع الأخرى، أما المؤجر فوضعه يختلف من حيث تمويل الأصل جزئياً من أمواله، ويمول الباقي من الأموال المقترضة، ولمزيد من الضمان يوقع كل من المؤجر والمستأجر على عقد القرض، غير أن هذا لا يغير من حقيقة أن المؤجر هو المقترض، أما المستأجر فيوقع بوصفه ضامناً للتسديد .
ب/3. قرض الإيجار المالي المباشر: هذا النوع من القروض تطبقه عادة البنوك والمؤسسات المالية الأخرى، ويتضمن استرجاعاً لرأس المال المستثمر إضافة إلى الفوائد، كما لو أن الأمر يتعلق بقرض عادي. ونشير إلى إمكانية المؤجر الحصول على حصة من القيمة المتبقية من الأصل، مثل منحة مقابل قيامه بترتيب عقد الإيجار، ويمكن أن تكون في شكل حصة هامشية، كأن يأخذ 1% أو أن تكون نسبة هامة كتعويض عن مخاطر الائتمان الملقاة على عاتقه فيقسم القيمة المتبقية مع المستأجر بالتساوي .

3.3.1.مزايا وعيوب التمويل بقرض الإيجار.
قد يكون قرض الإيجار ملائماً في حالات معينة وغير ملائم في حالات أخرى، وتعود أسس هذا التحكيم فيما يخص الملاءمة من عدمها إلى كفاءة متخذي القرار. ولا سيما المسيرين الماليين، ومدى جدية تكوينهم وخبراتهم في المفاضلة بين تقنيات تمويل الاستثمارات. بذلك فإننا سوف نتعرض إلى أهم مزايا وعيوب التمويل بقرض الإيجار، وهذا بالنسبة للمؤسسة المستأجرة.
أ.مزايا التمويل بواسطة قرض الإيجار.
تتحدد أهم المزايا التي تجنيها المؤسسة المستأجرة عند القيام بإبرام عقد الإيجار، والتي أخذها بالاعتبار عند دراسة أفضل سبل تمويل عمليات الحصول على الاستثمارات والمعدات والتجهيزات في ما يلي :
يقدم قرض الإيجار تمويلاً كاملاً لقيمة الأصل، من الآلات والمعدات بنسبة 100% ، وهذا ما لا يتوفر عادة في أساليب التمويل الأخرى،
لا يتطلب التمويل بواسطة قرض الإيجار تجميد رأس المال العامل أو خطوط الائتمان، وبهذا يوفر السيولة اللاّزمة لاستعمالات أخرى ذات فائدة، ولعل هذه الميزة تبدو أكثر أهمية خلال المراحل الأولى من حياة المشروع، عندما تكون إمكانيات المشروع المالية محدودة وحاجته إلى الأموال الكبيرة نسبياً،
عدم تأثر المؤسسات التي تلجأ إلى التمويل بقرض الإيجار بعوامل التضخم قصيرة الأجل، حيث يتم الاتفاق بشروط محددة ثابتة ولمدة طويلة،
تحسين صورة ميزانية المؤسسة، وكذا تحسين النسب التحليلية المستخرجة من أرقامها، حيث لا تظهر المعدات المؤجرة في جانب الأصول رغم وجودها في حالة تشغيل، بينما يظهر المقابل لقيمتها في الجانب الخصوم (الالتزامات)، كما تظهر أقساط الإيجار المدفوعة للمؤجر على تلك الأصول، في حساب الأرباح والخسائر كأعباء، مقابل ما يتحقق من إنتاجية لتلك الأصول،
تحقيق قدر من المرونة للمستأجر، إذ يجنبه ذلك تحمل تكلفة الأصل خلال الفترات التي لا يحتاج فيها إليه، فقرض الإيجار قد يكون قصير الأجل بما يغطي الاحتياجات الفعلية، وبانتهاء هذه الاحتياجات يعاد الأصل إلى المؤجر، أين يمكن إعادة تأجيره في حالة الحاجة إليه مستقبلاً،
يحقق التمويل بقرض الإيجار مزايا ضريبية، عندما تقل فترة الإيجار عن العمر الافتراضي الذي تقبله إدارة الضرائب ، والذي يعد الأساس لحساب قيمة أقساط إهتلاك الأصل، بذلك يتسنى للمؤسسة المستأجرة تحقيق مزايا ضريبية من الاستئجار، تفوق قيمتها ما كان يمكن تحقيقه جراء اقتناء الأصل دون استئجاره ، يعبر عنه بالوفر الضريبي.

ب. عيوب التمويل بقرض الإيجار.
تنحصر أهم العيوب التي تكتنف عملية التمويل بواسطة قرض الإيجار في النقاط التالية :
بالرغم من أهمية استعمال قرض الإيجار كوسيلة لتمويل احتياجات المؤسسة الاستثمارية، إلا أنه لا زال يتميز بالتكلفة المرتفعة من حيث معدلات الفائدة المطبقة عليه، مقارنة بأسعار الفائدة على القروض التقليدية،
عدم التزام المؤسسة المستأجرة بالدفع عند حلول الآجال المحددة، مما قد يؤدي إلى زيادة مخاطر عدم التسديد بالنسبة للمؤجر وفي نفس الوقت ارتفاع تكاليف التأخر عن التسديد في الآجال المحددة. بالإضافة إلى قلة شركات التأمين التي تقوم بتأمين مثل هذه المخاطر،
قد يؤدي فقدان أو تلف الأصل أو المواد المستأجرة نتيجة سوء الاستعمال في الموقع إلى تحمل المؤسسة لتكاليف مالية جديدة قد لا تؤخذ في الحسبان من قبل المؤجر.

2.مصادر التمويل قصير الأجل.
هذه الوسائل التي تمنحها المؤسسات المالية في شكل قروض قصيرة الأجل، وباختلاف طبيعتها وأحجامها توجه مباشرة لتمويل دورة الاستغلال (تمويل النشاط العادي للمؤسسة).وتتنوع ما بين قروض تجارية وأخرى مصرفية.

1.2. القروض التجارية.
1.1.2. مفهوم القرض التجاري وأشكاله.
يعرف القرض التجاري بأنه قرض قصير الأجل، يمنحه المورد إلى المشتري عندما يقوم هذا الأخير بشراء بضائع أو مواد أولية بصورة آنية، مقابل وعد بالتسديد في تاريخ لاحق .
تلجأ المؤسسة إلى هذا النوع من القروض الخارجية غير المباشرة، في حالة عدم كفاية رأس المال لمقابلة الحاجات الجارية، وكذا في حالة تعذر الحصول على قروض مصرفية قصيرة الأجل ذات تكلفة منخفضة.
بما أن القرض التجاري ينتج عن العمليات التجارية العادية للمؤسسة، فإنه بذلك يعتبر مصدر تمويل تلقائي أو طبيعي، كما يؤدي تمديد فترة القرض وزيادة حجم المشتريات إلى حصول المؤسسة على تمويل إضافي .
انطلاقاً من فكرة أن القرض التجاري يتيح للمؤسسة فرصة الحصول على ما تحتاجه من بضائع ومواد أولية، مع فرصة تسديد القيمة المستحقة على مشترياتها لاحقاً، فإن طريقة التسديد هذه يمكن أن تظهر في إحدى الأشكال التالية :

أ. الحساب الجاري المفتوح.
يعتبر الحساب الجاري من أهم أشكال القرض التجاري، حيث تفضل العديد من المؤسسات التمويل بواسطته، لأن المؤسسة تتحفظ كثيراً تجاه تحديد آجال الاستحقاق في حالة عدم مقدرتها على التسديد.
تظهر عملية الحساب الجاري من خلال التسجيلات في الدفاتر المحاسبية لكل من المؤسسة ومورديها لهذه العمليات، حيث تسجل المؤسسة ما عليها من حقوق تجاه مورديها، وبالمقابل يسجل الموردون قيمة الديون المترتبة على المؤسسة محاسبياً من خلال حساب العملاء.

ب. الأوراق التجارية.
تتمثل هذه الأوراق أساساً في السند لأمر و السفتجة (الكمبيالة) ، يتم تحريرها من قبل المؤسسة بمبلغ المشتريات لفائدة المورد كسداد لقيمتها.
تسجل الأوراق التجارية محاسبياً، من خلال حساب أوراق الدفع في المؤسسة، بينما تظهر في الدفاتر المحاسبية للمورد من خلال حساب أوراق القبض.
نشير إلى أن هذه الأوراق تتميز بإمكانية تداولها من شخص إلى آخر، من خلال تظهيرها للغـــير أو خصمها لدى البنك قبل موعد استحقاقها وتحويلها إلى سيولة نقدية، وهذا بعد اقتطاع عمولة الخصم التي تمثل العائد المدفوع للبنك لقاء العملية.

2.1.2. مزايا وعيوب التمويل بالقروض التجارية.
أ. مزايا التمويل بالقروض التجارية.
تنحصر أهم المزايا التي ينفرد بها القرض التجاري، بوصفه مصدراً لتمويل الاحتياجات المالية الآنية للمؤسسة في ما يلي :
يمثل القرض التجاري إعانة مالية للمؤسسة من جهة، كما يعتبر وسيلة ترويج لمبيعات المورد من جهة أخرى، وقد يكون هذا الأخير متحمساً لإيجاد وكيل لمبيعاته في منطقة معينة، لدرجة أنه يعرض على مؤسسة جديدة في تلك المنطقة أن يقدم لها قرضاً لتغطية نفقات التشغيل في المراحل الأولية من العمليات، وفي بعض الأحيان بدون قيود للتسديد،
تتصف القروض التجارية بالسهولة والبساطة في الحصول عليها، وهذا بخلاف القروض المصرفية. في بعض الأحيان قد يؤدي التأخير في تسديد القروض المصرفية إلى إفلاس المؤسسة، بينما تمنح تسهيلات إضافية من قبل الموردين في حالة التأخر في تسديد القروض التجارية،
تتطلب بعض أنواع القروض التجارية في بعض الأحيان ضرورة وجود ضمانات قانونية كبيرة، كاستعمال الأوراق التجارية كضمان للبنك على استرجاع مبلغ القرض،
يعتبر التمويل بواسطة القروض التجارية مصدر تمويل قليل التكلفة مقارنة بمصادر التمويل الأخرى، وفي بعض الأحيان تكون تكلفته منعدمة، وهذا عندما تسدد المؤسسة قيمة القرض قبل الفترة المحددة لمنح الخصم النقدي، بالتالي تعتبر هذه الفترة بمثابة قرض تجاري عديم التكلفة،
قد يتعذر على المؤسسات الصغيرة وأيضاً حديثة النشأة في بعض الأحيان، إمكانية الحصول على قروض مصرفية من المؤسسات المالية،مما يجعل من القروض التجارية المصدر الوحيد والمتاح أمام هذه المؤسسات لتغطية احتياجاتها التمويلية والتموينية.

ب. عيوب التمويل بالقروض التجارية.
في حالة غياب الخصم النقدي، يعتبر القرض التجاري في حكم التمويل المجاني، غير أنه قد ينقلب إلى تمويل مكلف جداً إذا لم تحسن المؤسسة استخدامه، إذ قد يترتب على عدم تسديد المؤسسة لمستحقات الموردين في الآجال المحددة الإساءة إلى سمعتها في السوق، بشكل يمكن أن يفقدها مركزها التنافسي إلى درجة الإفلاس والخروج من السوق .

2.2. القروض المصرفية قصيرة الأجل.
1.2.2. مفهوم القرض المصرفي وشروطه.
يقصد بالقرض المصرفي ذلك القرض الذي تحصل عليه المؤسسة من البنوك التجارية، ويأتي في المرتبة الثانية بعد القرض التجاري، من حيث اعتماده كمصدر تمويل قصير الأجل. وعادة ما تضع البنوك شروطاً على منح القروض المصرفية، نذكر منها ما يلي :
يتعين على المؤسسة تقديم طلب إلى البنك تبين فيه طبيعة احتياجاتها، وإرفاقه بكافة البيانات التي تساعد البنك على اتخاذ قراره بكل موضوعية، وبمجرد الموافقة على منح القرض يجعل الحساب الجاري للمؤسسة لدى البنك دائناً بقيمة القرض الممنوح،
قد تطلب البنوك من المؤسسات التي لا تتمتع بمركز قوي في السوق ضمانات على القرض، كما قد تطلب توقيع طرف ثالث لضمان استرجاع مبلغ القرض أو دفع الفوائد مقدماً، وفي جميع الحالات يكون تسديد القرض على دفعات حسب الاتفاق بين البنك والمؤسسة،
يمكن أن يطلب البنك من المؤسسة الموافقة على شرط الاحتفاظ برصيد معوض لدى البنك، وهذا حتى يضمن الوفاء بالتزاماتها تجاهه.

2.2.2. أشكال القرض المصرفي.
للقرض المصرفي أشكال متعددة، نستعرض أهمها على النحو الآتي :

أ. تسهيلات الصندوق.
يعتبر هذا النوع من القروض المصرفية بمثابة تسهيلات لخزينة المؤسسة، أين تتحصل عليه من لدن البنوك التجارية والمؤسسات المالية المتخصصة الأخرى، بهدف تغطية مختلف الفوارق التي يمكن أن تقع بين المدخلات والمخرجات خلال مدة قصيرة من فترات النشاط. وبالتالي فإن هذه الطريقة تعطي الحق للمؤسسة في أن يكون رصيد حسابها الجاري لدى البنك مديناً لعدد معين من الأشهر، حيث يتم استعمال هذا الحساب لتغطية العجز الآني لخزينة المؤسسة، خاصة في العمليات التي لا تستوجب التأخير، كسداد أجور المستخدمين، أو شراء مواد أولية لتغطية الطلبيات الكبيرة للإنتاج.

ب. السحب على المكشوف.
يعد السحب على المكشوف قرضاً قصير الأجل موضوعاً تحت تصرف المؤسسة من قبل البنك، وهو لا يختلف كثيراً عن قروض تسهيلات الصندوق. يسمح هذا النوع من القروض المصرفية للمؤسسة بالمواجهة المؤقتة لاحتياجاتها المالية لعمليات معينة؛ أي تغطية احتياجات رأس المال العامل التي تتجاوز قدرتها على التمويل الذاتي، ما يميز هذا القرض هو أن مدته تتعدى الشهر أحياناً، أين يوجه بصفة أساسية لتغطية الاحتياجات الآنية للمؤسسة.

جـ. القرض الموسمي.
هو عبارة عن قرض قصير المدى تحتاجه المؤسسة بصدد تغطية نشاطاتها عندما تكون لديها فوارق بين الإنتاج والاستهلاك؛ أي عند حدوث اختلال بين المدخلات والمخرجات. ونشير إلى أن مدة القرض الموسمي لا تتجاوز السنة، وأنه يستخدم في تمويل تلك الاختلالات والفوارق وبخاصة في الفترات التي تتطلب توفير أكبر قدر ممكن من الموارد المالية؛ كتمويل مواسم الحصاد بالنسبة للعمليات الفلاحية.

د. قروض تعبئة الحقوق وخصمها.
المقصود بعملية التعبئة المرتبطة بالحقوق، أنه إذا كانت المؤسسة تحوز على أوراقاً تجارية للغير لم تنتهي مواعيد استحقاقها، فإن بإمكانها تحويل هذه الأموال إلى سيولة، وذلك بخصمها لدى البنك مقابل التنازل عن جزء من قيمتها، بالإضافة إلى تحمل مصاريف وعمولات تترتب على عملية الخصم. وتجدر الإشارة إلى أن للخصم مظهرين أساسيين هما :
مظهر اقتصادي يشير إلى التعجيل في دفع قيمة الأوراق التجارية،
مظهر قانوني يشير إلى التنازل عن قيمة الدين لصالح البنك، ونقل ملكية الأوراق التجارية إليه، أين يمكن للبنك أن يرجع على كل من وقع على الورقة التجارية في حالة عدم التسديد.

قد يأخذ الخصم شكل عقد تحويل الفاتورة، يسمح هذا الأخير للمؤسسة بأن تبيع مجموعة من الفواتير المتمثلة في الحقوق على الزبائن لبنك متخصص، يتكفل بعملية استرجاع هذه الحقوق مقابل عمولات مع تحمل مخاطر عدم التسديد.

خلاصة:
اهتم هذا الفصل بدراسة وتحليل مختلف أوجه تمويل المؤسسات، وذلك من خلال استعراض مختلف المصادر التمويلية للمؤسسة، وفي كل مرة محاولة استبيان مزايا وعيوب كل نوع من هذه المصادر، حتى تسهل عملية المفاضلة بينها من حيث طرق وأساليب الحصول عليها والأوقات الملائمة لاستعمال كلاً منها.
تناولنا في هذا الفصل على وجه التحديد، في المبحث الأول منه مصادر التمويل الداخلي للمؤسسة، والتي شملت على وجه الخصوص التمويل الذاتي، وبما أن هذا الأخير يشمل الأرباح غير الموزعة، فقد تناولنا سياسة توزيع الأرباح في المؤسسة، حيث تطرقنا للتمييز بين الفترات التي يستوجب على المؤسسة توزيع الأرباح خلالها والفترات التي يستوجب عليها عدم القيام بذلك، وقد خلصنا إلى أن عدم توزيع الأرباح لفترة طويلة وحتى لنسبة ضئيلة، قد يؤدي إلى استياء المساهمين في المؤسسة، وكذا المستخدمين، مما قد يؤدي بدوره إلى فقد ثقتهم في المؤسسة وتخفيض حصصهم برأس مال المؤسسة مستقبلاً. كما تعرفنا على المكونات الأخرى للتمويل الذاتي، والتي تمثلت أساساً في الإهتلاكات والمؤونات ذات الطابع الاحتياطي.
أما التمويل الخارجي المباشر، الذي يشمل الرفع في رأس المال، التمويل السندي والتمويل بالأسهم، فإن المؤسسة تلجأ لهذه المصادر الخارجية في حالة عدم كفاية المصادر الداخلية لتمويل عملياتها الاستثمارية والاستغلالية. ونشير في هذا الصدد أن تكوين رأس المال أو الزيادة فيه، قد تكون من خلال تقديم مساهمات نقدية من قبل الشركاء القدامى أو الجدد، أو من خلال تقديم مساعدات عينية. ويمكن أن تتم هذه الزيادة عن طريق تحويل ديون المؤسسة إلى أسهم أو بإضافة الاحتياطات أو الأرباح رهن التخصيص، أو من خلال عمليات الاندماج أو الامتصاص الجزئي أو الكلي لمؤسسة أخرى. أما التمويل بالقروض السندية، فإنه تتم من خلال إصدار أوراق مالية قابلة للتفاوض. وبخصوص التمويل بالأسهم، فإن هذه العملية تعبر عن انفتاح رأس مال المؤسسة، أين يمكن أن يشترك في حيازته مجموعة كبيرة من المكتتبين، وهي تؤدي إلى زيادة إمكانيات التمويل للمؤسسة، كما تسمح بتحسين فعاليتها، وتحسين وضعيتها المالية على المدى القصير والطويل.
وفي المبحث الثالث من هذا الفصل، تعرفنا على مختلف المصادر التمويلية غير المباشرة للمؤسسة، والتي تنقسم إلى مصادر التمويل الطويلة والمتوسطة الأجل من جهة، والتي تشمل القروض التقليدية متوسطة وطويلة الأجل، بالإضافة إلى قروض الإيجار، التي تحقق وفورات ضريبية هامة للمؤسسة، من خلال أقساط الإهتلاك المطبقة على الأصل المستأجر.
كما تشمل مصادر التمويل غير المباشرة من جهة أخرى، المصادر التمويلية القصيرة الأجل، التي تشمل بدورها القروض التجارية والقروض المصرفية الممنوحة من طرف البنوك، والتي تلجأ لها المؤسسة في حالة تمويل احتياجات دورة الاستغلا


شكرا جزيلا وبارك الله فيك

شكرا جزيلا

مشكووووووووووووور أخي

اريد طبع البحث