التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

أسئلة إمتحان فنيات التحرير

1إستغرقت الكتابة الصحفية و استقلالها عن الكتابة الأدبية فترة طويلة و ذالك لعدة أسباب أذكرها و ناقشها

2من أهم المستويات التي ترتكز عليها في المقارنة بين التحرير الأدبي و التحرير الإعلامي ( مستوي الإبداع ) الذي نلمحه بوضوح في الكتابة الأدبية .لكن قد يقول البعض انه ينتفي قي الكتابة الإعلامية كيف ترد علي هذا القول ؟ وماهية أكثر الأنواع الصحفية إبداع .

2-يعتقد البعض الباحثين أن القيم الإخبارية الليبرالية و الاشتراكية لا نجد لها سندا في العالم الثالث. كيف برر ذالك ؟

3-يثار انتقاء الأخبار بعوامل كثيرة منها (ثاثيراث وكالات الانباء ) أشرحها ؟



مششششششششششششششششششششششششششششششككككككككككككككككككك ككككككككككككوووووووووووورررررررررررررررررررررررررر ررر

التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

الإعلام والدعاية وتأثيرها على الرأي العام

أصبح الإعلام في عصرنا علماً له قواعد وأصول ولم تعد الممارسات العملية وحدها كافية للتقدم في مجالات الإعلام المختلفة من صحافة وإذاعة وتلفزيون وسينما وغيرها من وسائل الاتصال.

ولما كان عصرنا هو عصر التقدم والعلم الذي يحتم مسايرةٍ الأفكار العالمية في مختلف المجالات ،ويؤكد أن كل نهضته علمية لابد لها من الارتباط بالمستوى العالمي في الفكر.

إن دراسة الموضوعات المتخصصة في مجالات الإعلام على اختلافها وتعددها لابد وأن ترجع أولاً إلى معرفة الإنسان الذي تتعرض له وسائل الاتصال، ومعرفة هذا الإنسان هي دراسة الرأي العام ،وهذا بطبيعته يتطلب معرفة مدى تأثره بالدعاية والإعلام.

مفهوم الرأي العام

لإعطاء تصور واضح عن مفهوم الرأي العام ارتأينا أن نستعرض في البداية التطور التاريخي لهذا المفهوم من البداية إلى أن أصبح مصطلحاً شائع الاستعمال والتداول، فالأشياء توجد أولا ثم تعرض أسماءها،ومنها الرأي العام فهو قديم قدم البشرية، وإن كان كاصطلاح من مصطلحات العصر الحديث الذي تعددت فيه وسائل التعبير عن هذا الرأي العام من الصحيفة إلى الإذاعة إلى التلفزيون.

وعندما اكتشف الإنسان الكتابة وما رافقها من ظهور الحضارات زادت أهمية الرأي العام، فكان حكام (سومر) و (بابل) و(آشور) يقيمون للرأي العام وزناً لا بأس به، كما تكشف آثار مصر القديمة عن إدراك واضح للرأي العام وتكشف عن أساليب راقية للتأثير فيه وتوجيهه الوجهة المطلوبة مثل (تأليه) الفرعون وتقديس الكهان وتشييد المعابد وإقامة الأهرامات، ولم يكن هذا كله سوى أساليب متطورة للتأثير في الرأي العام.

وكانت المدن اليونانية القديمة أول من أعطى للرأي العام مجالاً واسعاً لتنظيم شؤون المجتمع.

لقد تحدث الرومان بعد ذلك عن (الآراء الشائعة) ووصلوا إلى مفهوم (صوت الجمهور أو (صوت الشعب) ،وإن الكلمات الإغريقية (casa pfeme nomos) واصطلاح (vxo populi) تدل على رأي المواطنين الراغبين في التأثير في الأمور العامة.

ثم جاءت الحضارة الإسلامية ومن خلال القواعد التي أرستها نستطيع القول، إنها قد اهتمت بالرأي العام وأعطته سلطات كبيرة تصل إلى حد معصية الحاكم والثورة عليه، إن هو خرج عن حدود سلطته المحددة له، وقد وضع الإسلام أصولا عامة منها (مبدأ الشورى) كما اعترف الإسلام بالحقوق والحريات كحق الملكية الفردية والجماعية. وأقام الإسلام حرية الرأي وحرية العقيدة وغير ذلك من الحريات الأخرى.

وابتداء من كتابات ميكيا فيلي (1469- 1527) حدث تطور معتبر في الكيفية التي تناول الفكر الفلسفي ما يسمى (بالرأي العام)، فقد اعتبره عنصراً يجب أن يؤخذ بالحسبان في عملية الصراع من أجل السلطة.

فيما كان روسو (1712- 1778) أول فيلسوف يستخدم تعبير الرأي العام ومن أهم كتابات روسو العديدة كتابه في العقد الاجتماعي، ويمكن اعتبار الفكرة الأساسية وراء العقد الاجتماعي هو موضوع الوحدة… وحدة البناء الاجتماعي وذلك بإخضاع المصالح الخاصة للإدارة العامة. فالحكومة دورها مساعد لأن الإدارة العامة هي مجموع إرادة الشعب الذي يضع القوانين والحكومة ما هي إلاالافراد الذين يقومون بتنفيذ القوانين، وواضح أن مفهوم إرادة الشعب يشير في المعنى العملي التطبيقي إلى جوهر الرأي العام في معناه المعاصر.

في القرن الثامن عشر المسمى بـ (عصر التنوير) جاءت الثورة الأمريكية وبعدها الفرنسية كأبرز حدثين يعبران عن دور وقوة الرأي العام.

ثم جاء القرن التاسع عشر الملىء بالأحداث والتغيرات حيث قامت الثورة الصناعية، وتطورت الكشوفات العلمية واختراع وسائل الاتصال الجديدة حتى أصبح الرأي العام ذو سطوة وسلطان كبير، كان من نتائجه مطالبة العمال بوضع التشريعات التي تضمن حقوقهم ومصالحهم.

وشهدت نهاية القرن التاسع عشر كتابات (جوستاف لوبون) العالم الاجتماعي الذي كان أحد الأوائل الذين أدركوا فكرة (الجمهور) و (التكتل) الشعبي، وتأثيرها في العمل السياسي.

وأخيراً جاء القرن العشرين فتوج انتصارات الرأي العام بمزيد من الانتصارات ذلك أن ظهور الراديو والتلفزيون والسينما قد جعل هذا القرن قرن الرأي العام، وكان للحرب العالمية الأولى التي شهدها هذا القرن أثرهام في تدعيم الرأي العام فظهور الدراسات النفسية في القارة الجديدة بعد هذه الحرب التي ركزت على دراسة السلوك، قادت إلى اكتشاف أن أصل السلوك ما هو إلا بعض صور التهيؤ للعمل وأطلقت عليه مفهوم (المواقف) أو (الاتجاهات) وهذا المفهوم ليس إلا الرأي العام في جوهره، أو القاعدة التي يقوم عليها الرأي العام.

ومنذ بداية الثلاثينات بدأ ما يسمى بأبحاث قياس الرأي العام حيث تقوم هذه الأبحاث بقياس المواقف وردود الأفعال على القضايا والموضوعات التي تشهدها الحياة السياسية والاجتماعية. إن الأحداث الضخمة التي شهدها القرن العشرين والتي هزت الوجدان العالمي بأسره بدءاً من الحرب العالمية الأولى (1929-1932) والحرب العالمية الثانية، قد أثرت بهذا الشكل أو ذاك بالرأي العام وبدوره في الحياة السياسية الوطنية والدولية ،وأصبح للرأي العام دور كبير في صياغة الأحداث وفي توجيهها وبات أصحاب القرار السياسي يضعونه في حساباتهم سواء صرحوا بذلك أم لم يصرحوا به.

ولتوضيح مفهوم الرأي العام ذهب بعض الباحثين إلى تفسير معنى كلمتي (الرأي) و (العام) المكونة لمصطلح الرأي العام وإننا نلجأ إلى الطريقتين معاً لتوضيح هذا المفهوم ودلالته.

فهناك من وصف الرأي العام كعاطفة إزاء موضوع معين التي يرحب بها أكثر أعضاء الجماعة اطلاعاً وذكاء، ثم لا تلبث هذه العاطفة أن تنتشر وتعتنق من قبل معظم الأشخاص الذين تتكون منهم جماعة متعلمة ذات مشاعر سوية تعيش في دولة متمدنة ومتحضرة.

فيما أعتبر آخرون أن كل ما يمكن أن يحث على عملية التفكير والإعراب عن ذلك حول قضايا المصلحة العامة يدخل في تكوين الرأي العام، وبالتالي يمثل الرأي الأكثر فعالية لأكبر عدد ممكن من المواطنين الواعين.

والرأي العام إنما يصبح ذا معنى، حين يكون متعلقاً بموقف يتخذه أفراد كثيرون يعبرون أو يمكن مناشدتهم للتعبير من خلاله عن أنفسهم في شكل تحبيذ أو تأييد أو بالعكس في شكل رفض ومعارضة لحالة محددة، أو شخص معين بالذات، أو اقتراح محدد ذي أهمية واسعة النطاق، بشرط ان يكون هذا متمتعاً بقدر كبير من القوة العددية والشدة بحيث يسمح باحتمال اتخاذ إجراء مباشر أو غير مباشر إزاء الهدف المقصود.

ويؤكد العلماء على هذه الطبيعة المائعة للرأي العام، فهو قوة حقيقية شأنها شأن الريح، له ضغط لا تراه ولكنه ذو ثقل عظيم، وهو كالريح لا تمسك بها ولكنك تحني لها الرأس متطبعاً.

والرأي جزء من منظومة متكاملة تبدأ بالمعلومات وتنتهي بالسلوك وتشمل (المعلومات والآراء والإتجاهات والقيم والمعتقدات والسلوك) وهناك تداخل بين هذه المسميات المختلفة وحسب الضرورة للتمييز بينها لمعرفة المعنى الدقيق لكلمة الرأي الذي نقصده في مصطلح الرأي العام.

إن أهم ما يميز الرأي هو مجموعة من الخصائص التي من شأنها أن تحكم جوهره:

1- إن الرأي عمل من أعمال الإرادة وعلى هذا الأساس فإن الموقف إزاء الكوارث الطبيعية لا يمكن أن يسمى رأيا.

2- يتميز الرأي بأرتباطه بالوعي..إن الرأي يوجد عندما تطرح أمام الشخص أو أمام أعضاء الجماعة قضايا فتتجاوز بتأثيرها نطاق العواطف لتدخل نطاق الوعي وهذا التجاوز هو الذي يتيح فرصة ضمان ثبات الرأي ووضوحه.

(فالرأي أكثر من مجرد انطباع وبنفس الوقت لا يصل إلى مرحلة اليقين أو الحقيقة الشاملة).

لقد اطلق العالم الأمريكي (ليوكومب) في كتابه علم النفس الإجتماعي مصطلح (الإتجاهات الجماعية) على الرأي العام، وعلى الرغم من أننا غالبا ما نجد في الرأي علامة في الاتجاه والرأي العام من غير اتجاه.

فالاتجاه (استعداد نفسي لاستجابة سلوكية معينة تجاه موقف معين لم يتحدد بعد، إن الاتجاه كامن إذا توفر أحد شروط الرأي العام وهو أن يكون ظاهراً، إلا أن الاتجاه له تأثير توجيهي على استجابة الفرد لجميع الموضوعات والمواقف التي تستثير هذه الاستجابة.

والرأي يقسم إلى (الرأي الشخصي) و (الرأي الخاص).

أما الرأي الشخصي: فهو ذلك الرأي الذي يكونه الفرد لنفسه في موضوع معين بعد تفكير في هذا الموضوع ويجاهر به دون أن يخشى شيئاً.

أما الرأي الخاص: هو ذلك الجزء من الرأي الشخصي الذي لا يجاهر به الشخص، أمام الناس ولكنه يحتفظ به لنفسه خشية أن يعرض نفسه للخطر وتظهر أهميته في الانتخابات والاقتراعات السرية.

أما كلمة (عام): فأنها تشير إلى المسائل والمصالح المشتركة والشؤون التي يشترك في الاهتمام بها كل أو أغلب الأعضاء البالغين في جماعة أو أمة.

تعرف الموسوعة الفلسفية الرأي العام بأنه:

(مجموع معين من الأفكار والمفاهيم التي تعبر عن مواقف مجموعة أو عدة مجموعات إجتماعية إزاء أحداث أو ظواهر من الحياة الإجتماعية إزاء نشاط الطبقات والأفراد).

ويعّرفه قاموس وبستر بأنه:

(هو الرأي المشترك خصوصاً عندما يظهر أنه رأي العامة من الناس).

ويعرفه معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية بأنه:

(هو وجهات النظر والشعور السائد بين جمهور معين في وقت معين إزاء موقف أو مشكلة من المشكلات).

ويعرفه ليونارد دوب بأنه:

(يشير إلى اتجاهات أفراد الشعب إزاء مشكلة ما في حالة انتمائهم إلى مجموعة اجتماعية واحدة).

ويعرفه وليم البيج بأنه:

(نتاج التفاعل بين جماعات الأفراد يتناولون بالمناقشة قضية أو موضوعاً جدليا تتعارض فيه الآراء أو تتساوى).

أما جون ستور فيعرفه بأنه:

(هو كل ميول ورغبات المجتمع وما ينفر عنه).

من خلال هذه التعريفات فأننا نستطيع أن نتبين قواعد عامة تحكم الرأي العام وهي:

1- الرأي العام موقف اختباري يتخذه المرء إزاء قضية مثيرة للجدل.

2- أن يكون ظاهراً، فشرط الرأي العام هو التعبير عنه.

3- يتصف بالديناميكية والحركة، أي أنه استجابة لمعطيات الحياة المتنوعة، فهو بذلك يختلف عن العقائد التي تتصف بالثبات والاستقرار.

4- الرأي العام نتاج اجتماعي لعملية اتصال متبادل بين العديد من الجماعات والأفراد في المجتمع، ويشترط وجودهأتفاقاً موضوعياً كما يفترض المناقشة العلنية لموضوع الرأي العام.

5- يستمد الرأي العام شكله من الإطار الاجتماعي الذي يتحرك بداخله.

6- إن الرأي العام يمثل آراء جمع كبير من الأفراد، وأن هذه الآراء تتصل بالمسائل المختلف عليها وذات الصالح العام، وإن هذه الآراء لا تمارس تأثيراً على سلوك الأفراد والجماعات السياسية الحكومية.

تقسيمات الرأي العام:

خرج الباحثون بتقسيمات للرأي العام وعلى شروط أو ملامح معينة، ولعل من أبرز هذه التقسيمات هي:

أولاً: التقسيم الزمني-

1- رأي عام يومي: وهو الفكرة اليومية التي يعتنقها معظم الناس نتيجة لحادث مفاجىء أو كارثة حلت بالجماعة وهو رأي متقلب سريع التغيير.

2- رأي عام مؤقت: وهو محدد بعوامل زمنية تمثله منظمات معينة كالأحزاب.

3- رأي عام دائم: ويتركز على أسس تأريخية وثقافية ودينية ويمتاز هذا الرأي بأنه أكثر تأثيراً في الناس كما يمتاز بالأستقرار والثبات.

ثانياً: التقسيم الكمي-

1- الرأي الساحق: وهو رأي أكثرية الجماعة ويتكون غالباً نتيجة لاندفاع الجماهير وحماسها إزاء مسالة معينة ونادراً ما يكون نتيجة الدرس والبحث والرؤية.

2- رأي الأغلبية: ويمثل ما يزيد عن نصف الجماعة وهو رأي الأغلبية الفعالة ذات التأثير.

3- رأي الأقلية: وهذا الرأي يمثل ما يقل عن النصف في الجماعة ولكن ليس معنى هذا بلا قيمة فقد يضم رأي بعض الصفوة وقد يصبح أحيانا رأي الأغلبية.



التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

الإعلام الثقافي والهوية


  • الإعلام الثقافي والهوية

    الإعلام الثقافي والهوية

    :

    يصعب على غير المشتغلين أو المهتمين بالثقافة والإعلام أن يقوموا بدور فاعل وحيوي في الإعلام الثقافي ، سواء أكان ذلك في الإذاعة أو التليفزيون أو الصحافة أو أية وسيلة من الوسائل الإعلامية أو التثقيفية المقروءة أو المسموعة أو المشاهدة ، فإن لم يتوفر قدر مناسب من الثقافة والمعرفة فلن يتمكن هؤلاء من القيام بهذه المهمة الصعبة ، التي لها آثار ونتائج بعيدة المدى في إنجاح خطط التنمية ، وزيادة وعي ومشاركة وتفاعل الأفراد في المجتمع . ومن هذه الرؤية يتضح أهمية أن يكون الإعلامي الذي يود أن يضع أو يصيغ أو يخطط أو ينفذ برامج وسياسات الإعلام الثقافي على دراية بالثقافة والتثقيف وأهمية المثقف ، وأثر الواقع عليه ، وأهمية الهوية والحفاظ عليها ، وطبيعة الهوية الثقافية للمجتمع العربي ، والهوية وأزمات المثقف العربي ، ودور المثقف في الحفاظ على الهوية ، وما يطرح من قضايا العولمة وسعي بعض أصحاب الثقافات للهيمنة ، إن مدى وعي وإدراك الإعلامي الراغب في العمل في مجال الإعلام الثقافي لهذه القضايا يجعله على المستوى اللائق للعمل الجاد في هذا المجال
    .

    المثقف وتحديات الواقـع

    على المشتغل في وسائل الإعلام عامة والإعلام الثقافي خاصة أن يدرك أن المثقف العربي يواجه تحديات راهنة عميقة ، داخلية وخارجية ، وقد اعتدنا أن نستمرئ إحالة الانكسارات إلى المفاعيل الخارجية في هروب واضح من تحميل أنفسنا المسؤولية إزاء الكثير من أوضاعنا المحلية ، التي تراكمت سلبياتها داخل حياتنا عبر قرون عديدة ساهمت فيها منظومات الاستعمار والاحتلال والتخلف والاستغلال الاقتصادي والأفكار الجامدة ، والتي مجتمعة عطلت التفكير ، وأدت هذه المنظومات إلى أن يكون التخلف العلمي والثقافي والاقتصادي والاجتماعي من نصيب شعوب كثيرة ومنها منطقتنا العربية ، وعليه ازداد العبء الذي يواجه المثقف العربي والدور المناط به ، فعليه الآن أن يدخل إلى جوهر الصراع بين التقدم والتخلف ليكون له دورٌ مؤثرٌ وإيجابي في تخليص النظم الاجتماعية والفكرية من جمودها
    .
    ليس من اللائق بالمثقف العربي أن يربأ بنفسه عن حاجات مجتمعه وقضاياه الكبيرة ليدخل إلى التنظير والتجريد ، ويضع نفسه في صف النخبة متجاهلاً رسالته الثقافية والاجتماعية ، وعليه أن يتصدى بشكل واضح ضد النظم التربوية والتعليمية التي تجعل من العقل العربي مقلداً وناقلاً ومستظهراً، وكأن هناك مخططا لإماتة ملكة الإبداع والبحث والتفكير العلمي.
    فالمثقف الذي يلتزم بقضايا أمته هو الذي يتفاعل إيجابياً مع مشاكلها ويستغرق في همومها ، ولا بد أنه سيصدم حين يعاين النسبة المرتفعة للأمية، أمية القراءة والكتابة ، ويرى تَعَطُّل التفكير المنهجي ، وكيف يزدحم التفكير العربي بالخرافة والإشاعة والاستسلام مما يقعده عن العمل للمستقبل ، المثقف العربي يكتشف يومياً عمق الرداءة الثقافية التي تبثها الفضائيات إلى جمهور عريض يظن نفسه قد أصبح مثقفاً ، لذا عليه أن يتصدى لهذه الرداءة وأن يتفاعل مع الوسائل المختلفة للإعلام ليقدم رؤيته وآرائه .
    إن الإنسان بشكل عام يكون مغلوباً على أمره إزاء القهر الذي يمارس عليه ، وعلى حقوقه السياسية والأساسية ، لدرجة قد يظن البعض أنه لا يعي ذلك ، وإذا وعاه لا يملك أدوات مقاومته ، والدفاع عن المقهورين هو الدور الطليعي للمثقف . ولنا أن نتساءل عن تحديات عديدة تواجه المثقف العربي ، تحتاج منه إلى موقف وجرأة النقد والتناول ، حيث يشيع لدى المواطن العربي الإحباط السياسي ، والثقافي ، وجلد الذات ، والانكسارات المتوالية ، والبيروقراطيـة ، في حيـن أن رغبته هي في حيـاة ديمقراطية حقيقية في مجتمع يحترم مواطنيه ويعمل على رفاهيتهم … الخ
    .
    ويلاحظ ظهور العديد من الهيئات الثقافية التي تتجاوز القطرية والقومية إلى الإقليمية أو الدولية بهدف التأثير ثقافياً في الشرائح الاجتماعية المختلفة ، خاصة في البلدان المتخلفة والفقيرة لتغيير نظم وأنماط الحياة السائدة لمصلحة القوى المتحكمة في الاقتصاد والاستهلاك .. فأين يقف المثقف والإعلام الثقافي أمام هذا الواقع وهذه التحديات ؟!
    إن انصباب جهود بعض المثقفين العرب على النقل النظري لأفكار الغرب بحجة الإطلاع إن لم يصاحبها إعمال لطاقة العقل العربي في الخلق والإبداع والمقارنة ، ستحيلنا إلى هيمنة أعمق تحوّل المثقف إلى مجرد ناقل ، ونحن نريده قادراً على تنوير وقيادة فكر وثقافة الأمة للنهوض والمستقبل. يقول الكاتب محمد سعيد مضية : أنه” في ظروف العزلة والاغتراب اقتصرت جهود المثقفين العرب على مهمة نقل أنساق فكرية من الغرب إلى الوطن العربي أفلحت في تعميق التبعية وإطالة أمدها وأوهنت طاقة الإبداع وإنتاج المعرفة بالواقع العربي ومشكلاته وبقضاياه العيانية وأوهنت من قدرة المثقف على قيادة الأمة على دروب النهوض الحضاري وتحرير الإنسان العربي” (1) .
    فالمثقف العربي أمامه تحدي خلق الاستجابة المجتمعية للتفكير العلمي ، وأن يكون في طليعة الرافضين للاحتواء والقطرية والمحلية ، فالانفتاح على العالم لا يعني الهيمنة . إن التحدي الحقيقي للمثقف العربي هو في قدرته على تخليص المجتمع العربي من إحباط وفشل التجارب السابقة التي تسعى ثقافة الهيمنة إلى ترسيخها ، ليصبح العجز والفشل جزءاً من مكونات العقل العربي، لذا فهو من خلال مثابرته بنشر أفكاره من خلال الوسائل الإعلامية ووسائل الإعلام الثقافي يمكن أن يشكل مع غيره التغيير المطلوب
    .

    الهويـــة
    :

    ” إن معرفة القائمين على برامج الإعلام الثقافي بمدلولات هويتنا التي ترتكز على مجمل تراثنا الحضاري يساعد في وضع برامج ثقافية ذات خصوصية للحفاظ على جوهر الانتماء ، وتبقى هويتنا في ثقافتنا العربية الإسلامية هي ” الامتياز عن الغير من كافة النواحي ” ، والجرجاني عرّف الهوية بأنها ” الحقيقة المطلقة المشتملة على الحقائق اشتمال النواة على الشجرة في الغيب المطلق ” ، وفي الكتابات الأدبية والنقدية والفكرية تعريفات عديدة منها أن الهوية تعبر عن ” خاصية المطابقة ، مطابقة الشيء لنفسه أو مطابقته لمثيله”، والهوية هي حقيقة الشيء .. التي تميزه عن غيره ” .
    يقول يوسف مكي عن الهوية ” هي مجموع السمات الروحية والفكرية والعاطفية الخاصة التي تميز مجتمعا بعينه وطرائق الحياة ونظم القيم والتقاليد والمعتقدات وطرائق الإنتاج الاقتصادي والحقوق ، وهي الوعي المتطور للفكر الإنساني والإنجاز الرائع “
    (2) .
    وعليه فالهوية في معناها العام رغم اختلاف التوصيفات هي خصوصية الفرد أو المجتمع عن أفراد أو مجتمعات أخرى ، من حيث القيم والمعتقدات والموروثات والتراث ، بحيث يصبح للمجتمع أو الأمة ما يميزها عن غيرها ويطبعها بطابع حضاري خاص تُعرف به .
    ويمكن أن نلاحظ أن أي جزء من الهوية الفردية أو الجماعية يشكلها النقاش والحوار والصراع مع الآخر ، فليس هناك هوية تكون منقطعة الوشائج مع غيرها نهائياً ، أو تشكلت من ذاتها دون أن يكون لعوامل كثيرة أثراً في تشكلها
    .
    لذا فيمكن ملاحظة تعدد الهويات في مجتمعنا الإنساني الذي حتما تصاحبها تعدد في الخصوصيات ، لذا نشأت العلاقات الثقافية والحضارية والإنسانية بين الشعوب في شكل من التأثر والتأثير دون تنازل عن الخصوصية أو ذوبان الأنساق الخاصة المكونة لكل هوية من الهويات . وهذه الأنساق التي تشكل الهويات للمجموعات الإنسانية المختلفة وعلى مر الصراع الإنساني في البيئات البشرية المتعددة لم تؤدِ ـ ولن تؤدي ـ إلى وجود هوية واحدة للجميع مهما اشتد الصراع والرغبة في الهيمنة ، ذلك لأن الهوية مُكوِّن يدخل في صلب وجود الجماعات وتمايزها .
    إن انطلاق الإعلامي والمثقف من وعيه لطبيعة مكونات هوية أمته التي ينتمي إليها ، وقناعته بهذه المكونات ، هو الذي يشكل له خطة وخطاب الدفاع عن الهوية ، وبرنامج العمل والفكر والإبداع والانطلاق ، ليعمل من خلال الإعلام وغيره على تحصين ثقافة أمته ضد التيارات الثقافية الغازية ، ويدعوه لمنطلقات تجديدية مدروسة تفتح آفاق المستقبل والفكر والوعي ، والأخذ من الثقافات ما يناسب هوية الأمة للتحسين والتطوير دون انغلاق على الذات أو استسلام إلى الآخر .
    جاء في إعلان مبادئ التعاون الثقافي الدولي ” تتشكل جميع الثقافات بما فيها من تنوع خصب وما بينها من تباين وتأثير متبادل كجزء من التراث الذي يشترك في ملكيته البشر جميعاً ” . وهنا حض على التنوع والتباين والتبادل وليس على هيمنة هوية ثقافية على أخرى ، فالمثقف العربي أمامه تحد كبير في هذا الجانب ، وعليه مسؤولية جسيمة في التصدي ، وفي فتح فضاءات جديدة عصرية مفيدة وضرورية يسانده في ذلك إعلام قوي

    المصدر :

    اسم الكتاب :الاعلام الثقافي في الاذاعة والتليفزيون

    اسم المؤلف: د.عبدالله تايه

    تعليم_الجزائر
    [تعليم_الجزائر



    تعليم_الجزائررد مع اقتباس

  • 08-09-2009 17:50
    #2


    تعليم_الجزائرالملاك
    تعليم_الجزائر تعليم_الجزائر تعليم_الجزائر تعليم_الجزائر l عضو مميز l <a href="http://javascript://” target=”_blank” rel=”nofollow”>تعليم_الجزائر <a href="http://javascript://” target=”_blank” rel=”nofollow”>تعليم_الجزائر <a href="http://javascript://” target=”_blank” rel=”nofollow”>تعليم_الجزائر

    حـالـة التـواجـد : تعليم_الجزائر


    تاريخ التسجيل : Feb 2022


    مكان الإقــامــة : الجزائر – سطيف – العلمة


    الـجـــــنـــــس : ذكر


    الــــعـــــمـــــر : 21


    المشـاركــــات : 255


    معدل تقييم المستوى:466


    قــوة الترشيح : تعليم_الجزائر

    رقمية، الإعلام والثقافة بالمغرب
    محمد أسليـم

    تتيح ورقة عمل هذه الندوة التقاط ثلاثة مفاهيم تقع في صلب الراهنية، وهي: الرقمية، الإعلام والثقافة، وستشكل محور هذه المداخلة التي تتمحور حول الفكرة البسيطة التالية: نحن في مجتمع يباشر، كسائرمجتمعات دول العالم الثالث والجنوب عموما، الخطوات الأولى في عملية التحديث، مما يعني عدم اكتمال عصرنة جميع قطاعاته ومؤسساته بعد، بل إن مجموعة من هذه المؤسسات لا زالت قيد التشكل لا غير، لكنه يشهد الآن مداهمة تحولات قسرية كبرى تفد إليه من المكان نفسه الذي داهمتنا منه الحداثة، وهو الغرب الذي يطالب سائر المجموعات البشرية اليوم الانخراط في عملية ما يسمى بـ « ما بعد الحداثة». فهل يكون هذا مناسبة لحرق المراحل عبر إجراء طفرة تتيح تدارك ما فات الوصول إليه على نحو ما يتحدث البعض عندما يعتبر الرقمية فرصة جديدة أمام دول الجنوب للحاق بالغرب أم سنخطئ هذا الدخول مثل سابقه؟ للاستجابة لهذا النداء، أيجب التخلي عن الورشات المفتوحة أم يتعين إغلاقها لفتح أخرى جديدة أم يجب العمل على واجهتين: واجهة مواصلة التحديث مع الدخول في ما بعد الحداثة في آن؟ لا تزعم هذه الورقة الإجابة عن هذه الأسئلة ولا تقديم وصفة سحرية للخروج من مأزقنا الجديد، وفي المقابل ستكتفي بمحاولة وصف بعض مما يجري الآن في القطاعات الثلاثة موضوع التأمل.

    1. الرقمية:
    بتعريف بسيط هي الثورة الصناعية الثالثة، ومثلما كان للثورتين السابقتين عناوين بارزة للحالية أيضا سماتها الجلية؛

    – الثورة الأولى انطلقت باكتشاف الفحم الحجري والآلة البخارية، مما أدى إلى تغيير في إدراك مقولة المكان وفتح الباب أمام التوسعات الاستعمارية الكبرى؛

    – في الثانية تم اكتشاف الكهرباء والبترول، ما أدى إلى تغيير في مقولة الزمان عبر البث المباشر بواسطة المذياع والتلفزة، وظهور وسائل نقل جديدة، مما سيؤدي إلى كثافة الاتصال والتواصل وإعادة هيكلة المدن، الخ.

    – أبرز ما يميز الثورة الرقمية التي انطلقت منذ سبعينيات القرن الماضي ظهور ما يسمى بـ «الآلات المفكرة» التي يتوقع أن ينجح بعضها في أداء مهام وعمليات ذهنية تفوق نظيرها لدى الإنسان متوسط الذكاء[1]. هذه الآلات تتيح مضاعفة الإنتاج وخفظ كلفته، مما يغرق الأسواق بالمنتوجات الصناعية بشكل غير مسبوق، من جهة، ويخفظ تدخل الإنسان في عمل أهم قطاعات الشغل في الأزمنة الحديثة، وهي الفلاحة والصناعة والخدمات، من جهة ثانية، وبالتالي انتشار البطالة بشكل غير مسبوق أيضا في الأزمنة الحديثة. ثمة من يرى أن الثورة الرقمية ستضع نهاية للعمل البشري المأجور نفسه، مما يحتم على المجتمعات الحالية إعادة التفكير في توزيع الترواث، وهو ما سيؤدي بالتأكيد إلى ظهور ثقافة جديدة[2]. وبما أن الرقمية تدشن حضارة جديدة، فحديث النهايات صار يتردد اليوم في كل مكان: «نهاية التاريخ»، «نهاية العمل المأجور»، «نهاية السياسة»، «نهاية الأدب»، الخ.

    الحاسوب الذي بدأ انتشاره منذ أوساط السبعينيات ويتوقع أن يتزايد انتشاره بشكل كبير بالنظر إلى أن أحد أهداف ما يسمى بـ «الأهداف الألفية للتمنية» OMD التي صاغتها الأمم المتحدة عام 2000 وضعُ التكنولوجيات الجدية، بالخصوص تكنولوجيات الإعلام والتواصل في متناول الجميع»[3]، نقول: الحاسوب هو أحد هذه الآلات المفكرة. وهو يتجاوز مجرد وسيط إلى كونه جهازا يختزل مجموعة من الأجهزة، ويتيح القفز على مؤسسات عريقة النشأة والرسوخ في المجتمعات البشرية. إليكم بعض الأمثلة:

    – ثمة برامج في مجال تعدد الوسائط تتيح للمستخدم الفرد إذا ما تعلمها وأجاد استعمالها أن يمتلك بمفرده ما يعادل استدويو إذاعيا بكامله؛

    – ثمة برامج معلوماتية تتيح للمستخدم بمفرده إنشاء محطة بث إذاعي، عبر شبكة الأنترنت، انطلاقا من منزله، تغطي مجموع أنحاء الأرض، مستغنيا ليس عن سائر آليات وطواقم محطات البث التقليدية فحسب، بل وكذلك عن الإجراءات الإدارية والقانونية الضرورية لإنشاء محطة مماثلة في العالم الواقعي ؛

    – المراسلة بالبريد الإلكتروني تتيح التواصل السريع بين المرسل والمرسل إليه في وقت قياسي، وبتكلفة تكاد تبلغ الصفر، مما يجعل مقارنته بنظيره التقليدي غير واردة؛ لإرسال رسالة بالبريد العادي يجب: تحرير الصفحة، طيها، إدخالها في ظرف بريدي، تحرير العنوان في واجهة الظرف، إلصاق طابع البريدي في الظرف، إيداع الرسالة في صندوق رسائل البريد لتدخل في دورة من التدخلات: الفرز، الشحن برا أو جوا، الإيداع في مؤسسة بريد الاستقبال، الفرز، التسليم لساعي البريد، لتصل أخيرا، وبعد هذا كله، إلى المتلقي. مقابل ذلك، لدى استخدام البريد الإلكتروني، لا يتطلب وصول الرسالة إلى متلقيها سوى تحريرها والضغط على زر الإرسال، وها هو يستلمها في بضع ثوان أنى كان مسكنه في أرجاء الكوكب الأربعة.

    وما قيل في الأمثلة السابقة يصدق أيضا على النشر الإلكتروني عبر الحاسوب والشبكة؛ امتلاك جهاز حاسوب ومساحة استضافة صار اليوم معادلا لامتلاك دار نشر بكاملها لبث سائر أنواع الملفات التي ظلت مهمة إيصالها إلى القراء حتى اليوم مقصورة على – بل ومن اختصاص – المطابع ودور النشر الورقية: كتب، مجلات، صحف. أكثر من ذلك، كلفة النشر الإلكتروني هي من القلة بحيث لا فائدة في المقارنة بينها وبين نظيرتها المادية، مما جعل المسألة نظريا في يد الجميع. وكون الشبكة قارة جديدة مفتوحة لكل الناس، لا تعود ملكيتها لأية جهة، فمن الطبيعي ألا تشهد عملية النشر كثافة غير مسبوقة فحسب، بل وتشهد أيضا ما يمكن أن يوصف بـ «الفوضى» و«التسيب» من منظور مصافي النشر التقليدي متمثلة في لجان القراءة بدور النشر وهيآت تحرير الصحف والمجلات. لم يعد إنتاج الخطاب اليوم مقصورا على أهله؛ صار بإمكان أي كان أن يلتقط أحداثا بجهازه الخلوي ويبثها في أحد مواقع مشاركة الأشرطة، مثل اليوطوب والـ myspace والـ dailymotion وغيرها، وها هو يستولي على قسم من عمل الصحافة وهو تقديم الروبورتاج الحي لحدث ما. والأمر نفسه ينطبق على قطاعات الأدب ونشر الخبر سياسيا كان أم ثقافيا؛ بالمثل، صار بإمكان أي كان أن يكتب ما شاء، ويودعه في الشبكة، مقدما إياه بالصفة التي يشاء، ناعتا نفسه بـ «الشاعر» أو «الكاتب» أو «الناقد»، بل وحتى بالصحفي، الخ.

    2. الإعـلام
    أ) لمحة تاريخية موجزة جدا:
    الإعلام بتعريفه البسيط هو تدوين معلومة وإشاعتها في المكان. يرتبط تاريخه بتاريخ الكتابة نفسها، ولكن نشأته الحقيقية ترتبط بظهور المطبعة عام 1448؛ فلكي يكون إعلام لابد من توفر عناصر: الطباعة، انتظام الظهور، وجود جمهور من القراء الفضوليين.

    أول منشور منتظم الظهور صدر في فرنسا عام 1631، هو La gazette، ولكن يجب انتظار حوالي قرنين عن ظهور المطبعة لتصدر أول يومية في فرنسا وهي صحيفة لوفيغارو، ومن ثمة يشهد الحقل الصحفي بداية تشكل حقيقية له، حيث ستظهر وكالات للأنباء، وستظهر مهنة «الصحفي» بعد كانت الحدود بين الصحافة والأدب غير واضحة تماما في البداية.

    في عام 1917، بلغ مجموع سحب اليوميات الباريزية وحدها 6.5 مليون نسخة.

    بيد أن ظهور الراديو سنة 1930 والتلفزة عام 1950 سيعرض هذا القطاع لمنافسة حقيقية، ستشهد ذروتها في الثورة الرقمية التي نعيش بدايتها الآن، وذلك بظهور منافس جديد يدعى بـ «الصحافة الإلكترونية المجانية». هكذا، ففي فرنسا وحها فقدت الصحف الباريزية 12% من قرائها، أي ما يعادل 000 800 قارئ يومي[4]، وفي أمريكا، في عام 2022، سيفقد 000 18 صحفي وظائفهم بسبب التمدد المتزايد للصحافة الإلكترونية في شبكة الأنترنت[5].

    ب) المشهد الإعلامي المغربي في الشبكة:
    يشكل قطاع الإعلام بالمغرب، وضمنه الإعلام الثقافي، مثالا حيا لما تحدثنا عنه في مستهل هذا العرض، وهو: في غمرة انغماس مجموعة من الحقول في عملية التحديث، بل وحتى قبل اكتمال تشكل مجموعة منها، بحكم جدتها الكاملة، ومنها قطاع الإعلام، يُداهمها إكراه وجوب اللحاق بتحولات ما بعد الحداثة؛

    في سياق تتجاوز نسبة الأمية بمعناها التقليدي (عدم معرفة القراءة والكتابة) نسبة 50% من مجموع السكان، مما يعني غياب قاعدة واسعة من القراء تتيح الحديث عن وجود صحافة حقيقية احترافية، وهو ما يعاين واقعيا، حيث لا يتجاوز سحب أول يومية مقروءة في المغرب اليوم 000 186 نسخة (صحيفة المساء). في هذا السياق، يفاجأ قطاع الصحافة قيد التشكل بميلاد الصحافة الإلكترونية المجانية ومنافستها الشرسة للإعلام المكتوب. وبقدر ما يصعب التكهن بما ستؤدي إليه هذه المنافسة يصعب اقتراح حل سحري للخروج من هذا الوضع، ومن ثمة، وقوف هذا التأمل عند حدود وصف ما يجري لا غير:

    مجموع مواقع البث الإعلامي المغربية بالشبكة 33 يومية، وهو ما يجعله يحتل المرتبة الثانية على صعيد شمال إفريقيا بعد مصر التي تتوفر على 42 موقعا، ويحتل الرتبة الرابعة عربيا بعد لبنان التي تتوفر على 59 موقعا والعراق التي تملك 50 موقعا، ثم مصر التي لها 42 موقعا[6]. تقتضي هذه الإشارة الإحصائية وقفة لمقارنة حجم الإصدارات الإلكترونية مقارنة مع نظيرتها الورقية، من جهة، ثم مقارنة عدد الإصدارات الإلكترونية بالعدد الإجمالي لسكان كل بلد على حدة أيضا، من جهة ثاية، وهو ما لا نزعم القيام به في هذا السياق. في المقابل نود إبداء ملاحظاتين:

    – معظم ما ينشره الإعلام المغربي الرقمي هو إعادة نشر لما يصدر في الورق، ولكن بخصم، إن جاز هذا التعبير؛ باستثناء صحيفة الصباح التي تتطابق نسختاها الرقمية والورقية كل الصحف تحذف العديد من مواد إصداراتها الورقية كما لا توظف تقنيتي الصوت والصورة. الاستثناءات في هذا الباب تتجسد في المواقع الإسلامية وبوابات، مثل منارة، ومواقع صحفية غير مهنية مثل هسبريس.

    – جل المواقع لا تجدد أخبارها على مدار الساعة. وسبب ذلك يعود دون شك إلى اعتماد هذه الصحف في بناء مواقعها وتحيينها على معلوماتيين وليس على صحفيين، وهو ما يعكس غياب التكوين المعلوماتي لدى الصحفيين، من جهة، ويولد تبعية معلوماتية تبلغ حد انقطاع تحيين بعض المواقع لمدة طويلة كما في حالة موقع صحيفة «العلم» الذي يوجد منذ عدة أسابيع ظاهريا تحت الصيانة والتطوير وباطنيا ربما في مشاكل أو صعوبات تقنية، وتعذر تصفح مواقع أخرى مثل «الأحداث المغربية» و«المساء» و«بيان اليوم» وملازمة مواقع أخرى مرحلة البناء منذ عدة شهور، كموقع «نيشان»؛

    يستنتج مما سبق وجود ما يمكن تسميته بـ «مكان فارغ» في حقل الإعلام الرقمي. هذا المكان الفارغ الذي له نظيره في الفن ويستغله في المغرب شباب ضعيف التكوين فنيا وثقافيا، استحوذ عليه على صعيد الإعلام الثقافي أيضا شباب لا يبدو أنهم ذوي تكون صحفي أو فني. مكنهم من هذا الاستيلاء امتلاك المعرفة والتقنية المعلومياتيين، فأسسوا بذلك منابر نجحت في استقطاب رقميا ما لم تنجح في تحقيقيه معظم الصحف الورقية. باستثناء موقع صحيفة هسبريس الإلكترونية، المحتويات التي تروجها هذه المواقع هي: الغناء والأفلام والبرامج المعلوماتية والدردشة والشات وكرة القدم والفكاهة؛ الموقع المغربي الأول الذي لا منازع له في الوقت الراهن هو موقع «الحيوح» No title المتخصص في الغناء والفيديوكليبات: أقل عدد زيارات شهدها في الشهر الأخير كان 867 642 زائر يوم 25 شتنبر 2022 وأكبر عدد: 774.158 يوم 13 من الشهر نفسه متجاوزا ثاين موقع في الترتيب، وهو «هسبريس» بحوالي 7 مرات.

    3. الثقافـة:
    تتيح الثورة الرقمية وإحدى أبرز مُلازمتيها في الوقت الراهن، وهما العولمة والشوملة، إجراء مراجعة جذرية لمفهوم الثقافة على نحو ما صاغه الحقل الأنثروبولوجي سابقا. من هذه المراجعات التعريف الذي يحددهها باعتبارها حقلا لتوترات ثلاثة تُضفي عليها (أي الثقافة) صبغة الدينامية: توتر (فرد – جماعة)، توتر (داخل – خارج)، ثم توتر (ماضي – حاضر).

    – في الأول يُحدد الفرد باعتباره عنصرا داخل جماعة، ولكن لا يمكن اختزاله إلى حاصل مجموع سمات ثقافة أفراد الجماعة مقسوما على عددهم. على هذا النحو يتم الحديث عن فرد أكثر ثقافة من الآخر داخل الثقافة الواحدة (الروسي الذي يقرأ شكسبير والمغربي الذي يقرأ فوكو، الخ)؛

    – في الثاني يتم الحديث عن مجالات ثقافية محددة جغرافيا، ولكن هذا الانغلاق لا يكون كاملا كما يبدو لأول وهلة؛ فالثقافة كانت على الدوام – ولا زالت – حصيلة اتصالات وتفاعلات مع الخارج (حروب، علاقات اقتصادية، تبادل الديانات، النساء، الخ.)؛

    – في التوتر الثالث: الثقافة تراكم ماض، ولكن لا حياة لها إذا لم تتطور ولم تنفتح على المستقبل[7].

    هذه التجاذبات تشهد اليوم، في سياق الرقمية، حركة قوية بسبب كثرة التنقلات (شمال – جنوب عبر السياحة والاستثمار ثم جنوب – شمال عبر الهجرة)، واجتياح الصورة ووسائل الإعلام السمعية – البصرية لحياتنا. صار اليوم بإمكان الفرد، داخل بيته ومن وراء شاشته، أن ينظم إلى أية جماعة بشرية في أي نقطة من الكوكب، بمعنى أنه صار بإمكانه أن يتواصل مباشرة مع المجموعة البشرية الكونية، وهو ما يرى فيه بعض الباحثين أحد مظاهر تحول عميق تشهده كافة الثقافات البشرية اليوم، يتميز بظهور تقنيات جديدة لتخزين المعارف وإيصالها، من جهة، وبتحول المرجعيات التقليدية للهوية[8]. والأمر نفسه يقال عن التوتر الثاني (داخل – خارج)، حيث زحف العولمة والفرضنة virtualisation يُزيحان بشكل منهجي حدود ما يُسمى بالدولة القطرية المؤطرة بحدود جغرافية مادية كانت إلى وقت قريب هي ما يتيح الحديث عن جهات أو مناخات ثقافية. في هذا المستوى، يمكن طرح السؤال: أين تقف حدود ما هو مغربي عن غيره عندما نكون إزاء منبر ليس له من المغربية إلا جنسية صاحبه في حين يتكون قراؤه وكتابه من خليط من الأفراد متعددي الجنسيات على نحو ما نجد في العديد من المنابر الرقمية وفي مقدمتها المنتديات التفاعلية والمجلات الثقافية الرقمية؟ تتضح هذه النقطة أكثر بالنظر إلى إمكانيات النشر والانتماء الثقافيين المتاحين لرواد الشبكة المغاربة.

    ب ) فضاءات وأشكال رواج الثقافة في شبكة الأنترنت:
    – قوائم الاتصالات الفردية: تتيح جميع الحسابات البريدية الرقمية للمستخدم إنشاء قائمة عناوين للاتصال، وبذلك يمكنه أن ينشر، وبضغة زر واحدة، أية معلومة ثقافية أو إبداع شخصي إلى مجموع أعضاء قائمة اتصاله ولو عُدَوا بالمئات. هذه الإمكانية مستغلة بكثرة من لدن المغاربة؛

    – المجموعات البريدية: خدمة مجانية تقدمها العديد من الشركات، مثل قوقل والياهو ومكتوب. وعبر إنشاء مجموعة أو الانضمام إليها يُتاحُ للعضو الحصول على نُسخة من كل رسالة يبثعها باقي أعضاء المجموعة الذين يمكن أن يبلغوا الآلاف، كما يتاح للمستخدم نفسه أن يُبلغ أي معلومة ثقافية إلى مجموع زملائه برسالة واحدة تصل نسخة منها للجميع؛

    – المدونات: خدمة مجانية تقدمها العديد من الشركات، مثل مكتوب وموقع www.blogger.com وغيرهما، تمكن كل فرد من الحصول في بضع دقائق على ما يشبه موقعا جاهزا يمكنه أن ينشر فيه ما شاء (أخبار، شعر، حكي، خواطر، فيديوهات، صور، أغاني، الخ.)، عمليا خارج أية رقابة. هذه الخدمة يستفيد منها المغاربة بكثرة، بل وينتضمون في هيأة لهم تسمى «تجمع المدونين المغاربة».

    – مواقع نشر أشرطة الفيديو: تقدمها شركات عديدة، مثل غوغل وMyspace وDailymotion، على أن أشهرها هو موقع اليوتوب الذي يعرفه جل المغاربة للتداعيات المترتبة عن نشر أشرطة فيه استقطبت الرأي العام المغربي (قناص تارجيست، حفل الشواذ بالقصر الكبير؛

    – المنتديات الثقافية: تعد بالمئات، وتتيح لكل منخرط أن ينشر أعماله الإبداعية والفكرية والفنية بغاية القراءة والمناقشة بقدر ما تتيح له مناقشة أعمال باقي الأعضاء. هنا أيضا ينتشر عدد كبير من الكتاب والمبدعين المغاربة؛

    – الصحف الإلكترونية: هي الأخرى عديدة، والنشر فيها متيسر جدا لمن شاء.

    – المجلات الرقمية: عديدة أيضا، وينتشر فيها المغاربة بكثرة، لا سيما في المنابر التي تعرف احتشادا كبيرا مثل دروب وكيكا.

    – تجمعات ثقافية عبارة عن خليط من هيئات ومؤسسات ومنتديات، كاتحاد كتاب الأنترنت العرب والجمعية الدولية للمترجمين العرب والمركز الاستراتيجي العربي ومنتدى من المحيط إلى الخليج…

    ترتب عن تعدد هذه الفضاءات الناتجة عن هذا المنعطف الكبير المتمثل في ظهور تقنيات جديدة لتسجيل المعلومات وتخرينها وإيصالها نتيجتان أساسيتان على الأقل:

    الأول: وجود الخبر في جميع الأمكنة دون أن يكون في مكان بعينه؛ صار من المتعذر مواكبة كل ما يُنشر بقدر ما صار عمليا من المستحيل حصر جميع أماكن تنقل المثقفين والمبدعين مغاربة كانوا أو غيرهم والإحاطة بكل ما ينشرونه. والسبب في ذلك أنه مع حادث الشبكات دخل العالم إلى مرحلة لم يعد يوجد فيها أي مركز سمته الأساسية تدفق المعلومات بما يتيح الحديث عن «الطوفان الثاني»[9].

    الثاني: دمقرطة بث المعلومة والخبر الثقافيين والوصول إليهما. بيد أن هذه الدمقرطة وإن كانت إيجابية من حيث إنهائها احتكار مؤسسات ومنابر الإعلام التقليدية الكتابية والسمعية البصرية امتلاك المعلومة ونشرها، فإنها (الدمقرطة) في إتاحتها لأي كان أن ينشر ما شاء، بمنتهى السهولة وخارج أي رقابة، تعيد حقل الإعلام بمعنى ما إلى مرحلة بداية تشكله، حيث كانت تسود النميمية والمشافهة، مما يجعل سؤال المصداقية يُطرح بحدة.

    خلاصة:
    الثورة الرقمية التي نعيش بداياتها الآن هي بصدد التأثير جديا على عدد كبير من مؤسسات العالم القديم، عالم ما قبل الرقمية. وقطاع الإعلام عموما، وضمنه الإعلام الثقافي، لا يسلم من هذا التأثر الذي تتجلى أبرز مظاهره في ما يُشبه عودة إلى حقبة ما قبل تشكل قطاع الإعلام. هل هو مؤشر نهاية لهذه المؤسسة أم هو بداية إعادة تشكل لهذا الحقل؟

    في السياق المغربي، التغيير على صعيد الإنتاج الثقافي عموما، وضمنه الإعلام الثقافي، هو من السرعة والمداهمة بحيث يُدخل تغييرات عميقة على ما لم يكتمل تشكله بعد. نشأة الصحافة المغربية حديثة جدا، وشريحة القراء لازالت ضعيفة جدا، ومع ذلك نجحت بعض الصحف الرقمية في استقطاب من القراء ما لم تنجح في استقطابه معظم الصحف الورقية.

    لاستمرار منابر النشر الحالية يجب عليها استغلال جميع الإمكانيات التي تمنحها الرقمية، من تكوين معلوماتي للصحفيين، وتجديد الخبر على مدار الساعة، والتكيف مع البيئة الجديدة لرواج المعلومات، هذه البيئة التي توفر وثائق من الكثرة والمجانية بما يجعل القراءة تأخذ شكل ترحال متزايد من لدن مبحري الشبكة.




التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

نظريات الإعلام: . كاملة

مفهوم نظريات الإعلام:

يقصد بنظريات الإعلام خلاصة نتائج الباحثين والدارسين للاتصال الإنساني بالجماهير بهدف تفسير ظاهرة الاتصال والإعلام ومحاولة التحكم فيها والتنبؤ بتطبيقاتها وأثرها في المجتمع ، فهي توصيف النظم الإعلامية في دول العالم على نحو ما جاء في كتاب نظريات الصحافة الأربع لبيترسون وشرام.

علاقة نظريات الإعلام بفلسفة الإعلام:

هناك علاقة بين نظريات الإعلام وفلسفة الإعلام ففلسفة الإعلام هي بحث العلاقة الجدلية بين الإعلام وتطبيقاته في المجتمع ، أي تحليل التفاعل بين أسس الإعلام كعلم وبين ممارساته الفعلية في الواقع الاجتماعي، ويرى النظريون أن نظريات الإعلام جزء من فلسفة الإعلام، لأن فلسفة الإعلام أعم واشمل من النظريات ، وكثيرا ما شاع استخدام نظريات الإعلام باعتبارها فلسفة الإعلام أو مذاهب الإعلام، ولكن في واقع الأمر أن استخدام تعبير نظريات الإعلام كان في مجمله انعكاسا للحديث عن أيديولوجيات ومعتقدات اجتماعية واقتصادية أو الحديث عن أصول ومنابع العملية الإعلامية(مرسل، ومستقبل، ووسيلة …الخ)

وترتبط النظريات بالسياسات الإعلامية في المجتمع، من حيث مدى التحكم في الوسيلة من الناحية السياسية، وفرص الرقابة عليها وعلى المضمون الذي ينشر أو يذاع من خلالها، فهل تسيطر عليها الحكومة أم لها مطلق الحرية أم تحددها بعض القوانين.

1-نظرية السلطة

ظهرت هذه النظرية في إنجلترا في القرن السادس عشر ، وتعتمد عل نظريات أفلاطون وميكافيللي، وترى أن الشعب غير جدير على أن يتحمل المسؤولية أو السلطة فهي ملك للحاكم أو السلطة التي يشكلها.

وتعمل هذه النظرية على الدفاع عن السلطة، ويتم احتكار تصاريح وسائل الإعلام، حيث تقوم الحكومة على مراقبة ما يتم نشره، كما يحظر على وسائل الإعلام نقد السلطة الحاكمة والوزراء وموظفي الحكومة؛ وعلى الرغم من السماح للقطاع الخاص على إصدار المجلات إلا انه ينبغي أن تظل وسائل الإعلام خاضعة للسلطة الحاكمة.

وتمثل تجربة هتلر وفرانكو تجربة أوروبية معاصرة في ظل هذه النظرية ، وقد عبر هتلر عن رؤيته الأساسية للصحافة بقوله:

“انه ليس من عمل الصحافة أن تنشر على الناس اختلاف الآراء بين أعضاء الحكومة، لقد تخلصنا من مفهوم الحرية السياسية الذي يذهب إلى القول بأن لكل فرد الحق في أن يقول ما يشاء”.

ومن الأفكار الهامة في هذه النظرية أن الشخص الذي يعمل في الصحافة أو وسائل الإعلام الجماهيرية ، يعمل بها كامتياز منحه إياه الزعيم الوطني ويتعين أن يكون ملتزما أمام الحكومة والزعامة الوطنية.

2-نظرية الحرية:

ظهرت في بريطانيا عام 1688م ثم انتشرت إلى أوروبا وأمريكا، وترى هذه النظرية أن الفرد يجب أن يكون حرا في نشر ما يعتقد انه صحيحا عبر وسائل الإعلام، وترفض هذه النظرية الرقابة أو مصادرة الفكر.

ومن أهداف نظرية الحرية تحقيق اكبر قدر من الربح المادي من خلال الإعلان والترفيه والدعاية، لكن الهدف الأساسي لوجودها هو مراقبة الحكومة وأنشطتها المختلفة من أجل كشف العيوب والفساد وغيرها من الأمور، كما انه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تمتلك الحكومة وسائل الإعلام؛ أما كيفية إشراف وسائل الإعلام في ظل نظرية الحرية فيتم من خلال عملية التصحيح الذاتي للحقيقة في سوق حرة بواسطة المحاكمة.

وتتميز هذه النظرية أن وسائل الإعلام وسيلة تراقب أعمال وممارسات أصحاب النفوذ والقوة في المجتمع، وتدعو هذه النظرية إلى فتح المجال لتداول المعلومات بين الناس بدون قيود من خلال جمع ونشر وإذاعة هذه المعلومات عبر وسائل الإعلام كحق مشروع للجميع.

نقد النظرية:

لقد تعرضت نظرية الحرية للكثير من الملاحظات والانتقادات ، حيث أصبحت وسائل الإعلام تحت شعار الحرية تُعرض الأخلاق العامة للخطر، وتقحم نفسها في حياة الأفراد الخاصة دون مبرر، وتبالغ في الأمور التافهة من أجل الإثارة وتسويق المادة الإعلامية الرخيصة، كما أن الإعلام اصبح يحقق أهداف الأشخاص الذين يملكون على حساب مصالح المجتمع وذلك من خلال توجيه الإعلام لأهداف سياسية أو اقتصادية ، وكذلك من خلال تدخل المعلنين في السياسة التحريرية ، وهنا يجب ان ندرك ان الحرية مطلوبة لكن شريطة ان تكون في إطار الذوق العام، فالحرية المطلقة تعني الفوضى وهذا يسيء إلى المجتمع ويمزقه.

3- نظرية المسؤولية الاجتماعية:

بعد ان تعرضت نظرية الحرية للكثير من الملاحظات لابد من ظهور نظرية جديدة في الساحة الإعلامية ، فبعد الحرب العالمية الثانية ظهرت نظرية المسؤولية الاجتماعية في الولايات المتحدة الأمريكية، وتقوم هذه النظرية على ممارسة العملية الإعلامية بحرية قائمة على المسؤولية الاجتماعية ، وظهرت القواعد والقوانين التي تجعل الرأي العام رقيبا على آداب المهنة وذلك بعد ان استُخدمت وسائل الإعلام في الإثارة والخوض في أخبار الجنس والجريمة مما أدى إلى إساءة الحرية أو مفهوم الحرية.

ويرى أصحاب هذه النظرية ان الحرية حق وواجب ومسؤولية في نفس الوقت، ومن هنا يجب ان تقبل وسائل الإعلام القيام بالتزامات معينة تجاه المجتمع، ويمكنها القيام بهذه الالتزامات من خلال وضع مستويات أو معايير مهنية للإعلام مثل الصدق والموضوعية والتوازن والدقة – ونلاحظ ان هذه المعايير تفتقد إليها نظرية الحرية – ويجب على وسائل الإعلام في إطار قبولها لهذه الالتزامات ان تتولى تنظيم أمورها ذاتيا في إطار القانون والمؤسسات القائمة، ويجب ان تكون وسائل الإعلام تعددية تعكس تنوع الآراء والأفكار في المجتمع من خلال إتاحة الفرصة للجميع من خلال النشر والعرض، كما ان للجمهور العام الحق في ان يتوقع من وسائل الإعلام مستويات أداء عليا، وان التدخل في شؤون وسائل الإعلام يمكن ان يكون مبرره تحقيق هذه المصلحة العامة؛ أضف إلى ذلك ان الإعلاميين في وسائل الاتصال يجب ان يكونوا مسؤولين أمام المجتمع بالإضافة إلى مسؤولياتهم أمام مؤسساتهم الإعلامية.

وتهدف هذه النظرية إلى رفع مستوى التصادم إلى مستوى النقاش الموضوعي البعيد عن الانفعال، كما تهدف هذه النظرية إلى الإعلام والترفيه والحصول على الربح إلى جانب الأهداف الاجتماعية الأخرى .

ويحظر على وسائل الإعلام نشر أو عرض ما يساعد على الجريمة أو العنف أو ماله تأثير سلبي على الاقليات في أي مجتمع، كما يحظر على وسائل الإعلام التدخل في حياة الأفراد الخاصة؛ وبإمكان القطاع العام والخاص ان يمتلكوا وسائل الإعلام في ظل هذه النظريات ولكنها تشجع القطاع الخاص على امتلاك وسائل الإعلام.

4- النظرية السوفيتية(الاشتراكية):

ان الأفكار الرئيسية لهذه النظرية التي وضع أساسها ماركس وانجلوس ووضع قواعد تطبيقها لينين واستالين يمكن إيجازها في ان الطبقة العاملة هي التي تمتلك سلطة في أي مجتمع اشتراكي ، وحتى تحتفظ هذه الطبقة بالسلطة والقوة فإنها لابد ان تسيطر على وسائل الإنتاج الفكري التي يشكل الإعلام الجزء الأكبر منها، لهذا يجب ان تخضع وسائل الإعلام لسيطرة وكلاء لهذه الطبقة العاملة وهم في الأساس الحزب الشيوعي .

ان المجتمعات الاشتراكية تفترض أنها طبقات لا طبقية، وبالتالي لا وجود صراع للطبقات، لذلك لا ينبغي ان تنشأ وسائل الإعلام على أساس التعبير عن مصالح متعارضة حتى لا ينفذ الخلاف ويشكل خطورة على المجتمع.

لقد حدد لينين اختصاصات الصحافة وأهدافها :

* زيادة نجاح واستمرارية النظام الاشتراكي وبوجه خاص دكتاتورية الحزب الشيوعي.

· يكون حق استخدام وسائل وقنوات الاتصال لأعضاء الحزب المتعصبين والموالين أكثر من الأعضاء المعتدلين.

· تخضع وسائل الإعلام للرقابة الصارمة.

· يجب ان تقدم وسائل الإعلام رؤية كاملة للمجتمع والعالم طبقا للمبادئ الشيوعية ووجود قوانين موضوعية تحكم التاريخ.

· إن الحزب الشيوعي هو الذي يحق له امتلاك وإدارة وسائل الإعلام من أجل تطويعها لخدمة الشيوعية والاشتراكية.

5- النظرية التنموية:

نظرا لاختلاف ظروف العالم النامي التي ظهرت للوجود في منتصف هذا القرن هي بالتالي تختلف عن الدول المتقدمة من حيث الإمكانيات المادية والاجتماعية ، كان لابد لهذه الدول من نموذج إعلامي يختلف عن النظريات التقليدية الأربع التي استعرضناها، ويناسب هذا النموذج أو النظرية أو الأوضاع القائمة في المجتمعات النامية فظهرت النظرية التنموية في عقد الثمانينات، وتقوم على الأفكار والآراء التي وردت في تقرير لجنة “واك برايل” حول مشكلات الاتصال في العالم الثالث، فهذه النظرية تخرج عن نطاق بعدي الرقابة والحرية كأساس لتصنيف الأنظمة الإعلامية ، فالأوضاع المتشابهة في دول العالم الثالث تحد من إمكانية تطبيق نظريات الإعلام التي أشرنا إليها في السابق وذلك لغياب العوامل الأساسية للاتصال كالمهارات المهنية والمواد الثقافية والجمهور المتاح.

ان المبادئ والأفكار التي تضمنت هذه النظرية تعتبر هامة ومفيدة لدول العالم النامي لأنها تعارض التبعية وسياسة الهيمنة الخارجية.

كما ان هذه المبادئ تعمل على تأكيد الهوية الوطنية والسيادة القومية والخصوصية الثقافية للمجتمعات؛ وعلى الرغم من أن هذه النظرية لا تسمح إلا بقدر قليل من الديمقراطية حسب الظرف السائدة إلا أنها في نفس الوقت تفرض التعاون وتدعو إلى تظافر الجهود بين مختلف القطاعات لتحقيق الأهداف التنموية، وتكتسب النظرية التنموية وجودها المستقل من نظريات الإعلام الأخرى من اعترافها وقبولها للتنمية الشاملة والتغيير الاجتماعي.

وتتلخص أفكار هذه النظرية في النقاط التالية:

· ان وسائل الإعلام يجب ان تقبل تنفيذ المهام التنموية بما يتفق مع السياسة الوطنية القائمة.

· ان حرية وسائل الإعلام ينبغي ان تخضع للقيود التي تفرضها الأولويات التنموية والاحتياجات الاقتصادية للمجتمع.

· يجب ان تعطي وسائل الإعلام أولوية للثقافة الوطنية واللغة الوطنية في محتوى ما تقدمه.

· ان وسائل الإعلام مدعوة في إعطاء أولوية فيما تقدمه من أفكار ومعلومات لتلك الدول النامية الأخرى القريبة جغرافيا وسياسيا وثقافيا.

· ان الصحفيين والإعلاميين في وسائل الاتصال لهم الحرية في جمع وتوزيع المعلومات والأخبار.

· ان للدولة الحق في مراقبة وتنفيذ أنشطة وسائل الإعلام واستخدام الرقابة خدمة للأهداف التنموية.

6- نظرية المشاركة الديمقراطية:

تعد هذه النظرية أحدث إضافة لنظريات الإعلام وأصعبها تحديدا، فقد برزت هذه النظرية من واقع الخبرة العملية كاتجاه إيجابي نحو ضرورة وجود أشكال جديدة في تنظيم وسائل الإعلام، فالنظرية قامت كرد فعل مضاد للطابع التجاري والاحتكاري لوسائل الإعلام المملوكة ملكية خاصة، كما أن هذه النظرية قامت ردا على مركزية مؤسسات الإذاعة العامة التي قامت على معيار المسؤولية الاجتماعية وتنتشر بشكل خاص في الدول الرأسمالية.

فالدول الأوروبية التي اختارت نظام الإذاعة العامة بديلا عن النموذج التجاري الأمريكي كانت تتوقع قدرة الإذاعة العامة على تحسين الأوضاع الاجتماعية والممارسة العاجلة للإعلام، ولكن الممارسة الفعلية لوسائل الإعلام أدت إلى حالة من الإحباط وخيبة الأمل بسبب التوجه الصفوي لبعض منظمات الإذاعة والتلفزيون العامة واستجابتها للضغوط السياسية والاقتصادية ولمراكز القوى في المجتمع كالأحزاب السياسية ورجال المال ورجال الفكر.

ويعبر مصطلح “المشاركة الديمقراطية” عن معنى التحرر من وهم الأحزاب والنظام البرلماني الديمقراطي في المجتمعات الغربية والذي أصبح مسيطرا على الساحة ومتجاهل الاقليات والقوى الضعيفة في هذه المجتمعات، وتنطوي هذه النظرية على أفكار معادية لنظرية المجتمع الجماهيري الذي يتسم بالتنظيم المعقد والمركزية الشديدة والذي فشل في توفير فرص عاجلة للأفراد والاقليات في التعبير عن اهتماماتها ومشكلاتها.

وترى هذه النظرية ان نظرية الصحافة الحرة (نظرية الحرية) فاشلة بسبب خضوعها لاعتبارات السوق التي تجردها أو تفرغها من محتواها، وترى ان نظرية المسؤولية الاجتماعية غير ملائمة بسبب ارتباطها بمركزية الدولة ، ومن منظور نظرية المشاركة الديمقراطية فإن التنظيم الذاتي لوسائل الإعلام لم يمنع ظهور مؤسسات إعلامية تمارس سيطرتها من مراكز قوى في المجتمع، وفشلت في مهمتها وهي تلبية الاحتياجات الناشئة من الخبرة اليومية للمواطنين أو المتلقين لوسائل الإعلام.

وهكذا فإن النقطة الأساسية في هذه النظرية تكمن في الاحتياجات والمصالح والآمال للجمهور الذي يستقبل وسائل الإعلام، وتركز النظرية على اختيار وتقديم المعلومات المناسبة وحق المواطن في استخدام وسائل الاتصال من أجل التفاعل والمشاركة على نطاق صغير في منطقته ومجتمعه، وترفض هذه النظرية المركزية أو سيطرة الحكومة على وسائل الإعلام ولكنها تشجع التعددية والمحلية والتفاعل بين المرسل والمستقبل والاتصال الأفقي الذي يشمل كل مسؤوليات المجتمع؛ ووسائل الإعلام التي تقوم في ظل هذه النظرية سوف تهتم أكثر بالحياة الاجتماعية وتخضع للسيطرة المباشرة من جمهورها، وتقد فرصا للمشاركة على أسس يحددها الجمهور بدلا من المسيطرين عليها.

وتتلخص الأفكار الأساسية لهذه النظرية في النقاط التالية:

· ان للمواطن الفرد والجماعات والاقليات حق الوصول إلى وسائل الإعلام واستخدامها ولهم الحق كذلك في أن تخدمهم وسائل الإعلام طبقا للاحتياجات التي يحددونها.

· ان تنظيم وسائل الإعلام ومحتواها لا ينبغي ان يكون خاضعا للسيطرة المركزية القومية.

· ان سبب وجود وسائل الإعلام أصلا هو لخدمة جمهورها وليس من أجل المنظمات التي تصدرها هذه الوسائل أو المهنيين العاملين بوسائل الإعلام.

· ان الجماعات والمنظمات والتجمعات المحلية ينبغي ان يكون لها وسائلها الإعلامية.

· ان وسائل الإعلام صغيرة الحجم والتي تتسم بالتفاعل والمشاركة افضل من وسائل الإعلام المهنية الضخمة التي ينساب مضمونها في اتجاه واحد.

· ان الاتصال أهم من ان يترك للإعلاميين أو الصحفيين.



التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

: مدخل لعلم الاعلام مفاهيم عامة

ارجو الردود قبل التحميل

____ ___ ____ _______ ______ ____.rar



التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

ميثاق اخلاقيات و قواعد المهنة للصحفيين الجزائريين

ميثاق اخلاقيات و قواعد المهنة للصحفيين الجزائريين
بيان الواجبات و الحقوق
الصحفي المحترف –مهما كان وضعه – هو من يمارس بصفة اساسية مهنته بطريقة منتظمة و مقابل اجر ,في وسيلة او عدة وسائل اعلامية . و منها يستمد موارده الاساسية .
ان الحق في الاعلام . و حرية التعبير. و النقد. هو من الحريات الاساسية التي تساهم في الدفاع عن الديمقراطية و التعددية . و من هذا الحق في معرفة الوقائع و الاحداث. و التعريف بها تنبثق مجموعة واجبات و حقوق الصحفيين .
ان مسؤولية الصحفي ازاء الجمهور تعلو على كل مسؤولية اخرى و خاصة ازاء مستخدمة و ازاء السلطات العمومية.
تتضمن مهمة الاعلام بالضرورة حدودا يفرضها الصحفيون على انفسهم و يطبقونها بحرية. وهذا هو موضوع بيان الواجبات المصاغ هنا.
لكن الواجبات لا يمكن ان تحترم فعليا اثناء ممارسة المهنة الا اذا توافرت الظروف العملية لاستقلالية الصحفي . و هذا هو موضوع بيان الحقوق.
ان هذا الميثاق ليس بالقانون المسلط و الرادع . و لا بالنظام الذي يفرض و يجبر . و انما هو ميثاق اخلاقيات يحدد مجموع قواعد السلوك القائمة على المبادئ المعمول بها عالميا.لظبط علاقة الصحفيين فيما بينهم.و علاقتهم بالجمهور.
و ينبغي ان تتخذ هذه القواعد المتبناة بحرية و المصادقة عليها ديموقراطيا. كدليل سلوك في ممارسة مهنة الصحافة .
ان المجلس الأعلى لاخلاقيات المهنة. الذي يتشكل من الزملاء. يسهر على احترام هذه المبادئ.
بيان الواجبات:
يلتزم الصحفي بواجب:
1-احترام الحقيقة مهما كانت التبعات التي تلحق به,بسبب ما يمليه حق الجمهور في المعرفة.
2-الدفاع عن حرية الاعلام ,و الرأي,و التعليق ,و النقد.
3-الفصل بين الخبر و التعليق.
4-احترام الحياة الخاصة للأشخاص,و حقهم في رفض التشهير بهم عن طريق الصورة.
5-نشر معلومات المتحقق منها فقط,و الامتناع عن تحريف المعلومات و الحرص على سرد الوقائع ضمن سياقها.
6-الامتناع عن نشر الاشاعات.
7-تصحيح كل معلومة يتبين بعد نشرها أنها خاطئة.
8-الحفاظ على السر المهني و عدم الافشاء بالمصادر.
9- الامتناع عن الانتحال ,و الافتراء ,و القذف و الاتهامات غير المؤسسة.
10-عدم الخلط بين مهنة الصحفي أو الاشهاري أو الادعائي,و عدم قبول أي تعليمة من المعلنين سواء كانت مباشرة او غير مباشرة.
11-عدم قبول تعليمات في التحرير ,سوى من مسؤولي التحرير ,و في الحدود التي يمليها وازع الضمير.
12-الامتناع عن الترويج ,بأي شكل من الأشكال ,العنف,الارهاب ,الجريمة ,التعصب,العنصرية,التمييز الجنسي و اللاتسامح.
13-كل صحفي جدير بهذا الاسم,و معترف بالقوانين المعمول بها في كل بلد,لا يقبل في اطار الشغل المهني الا بحكم زملائه بعيدا عن كل تدخل حكومي أو غيره .
14-الامتناع عن الحصول عن أي إمتياز ناتج عن وضع تكون فيه صفته كصحفي و علاقاته و نفوذه عامل إستغلال مناسب.
15-الإمتناع عن طلب منصب زميل, أو التسبب في طرده أو التنزيل من رتبته من خلال قبول عرض عمل بدله بشروط أدنى.
16-عدم الخلط بين دوره كصحفي و دور قاضي او شرطي.
17- احترام افتراض البراءة.
18- عدم استعمال الاساليب غير الشريفة للحصول على المعلومات او الصور و الوثائق.

بيان الحقوق :
من حق الصحفي :
1-الوصول الى كل مصادر الخبر و الحق في التحقيق الحر في كل الوقائع التي تتعلق بالحياة العامة. و لا يمكن ان يمنع من الوصول الى المصادر الا استثناء و بموجب اسباب معبر عنها بوضوح.
2-التحلي بوازع الضمير.
3-الابلاغ بكل قرار هام من شانه الاضرار بحياة المؤسسة.
4-التمتع بقانون اساسي مهني.
5-الاستفادة من تكوين متواصل و تحسين مؤهلاته المهنية.
6-التمتع بالشروط الاجتماعية و المهنية الضرورية لممارسة مهنته و عقد عمل فردي في اطار اتفاقية جماعية. ضامنة لامنه المادي و استقلاليته الاقتصادية.
7-الاعتراف له بحقوق التاليف. و الاستفادة منها.
8-احترام المنتوج الصحفي . و الوفاء لمضمونه.

الجزائر في : 13 افريل 2000.


التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

محاضرات مقياس نظريات الاتصال للسنة الثالثة علاقات عامة


المستوى
: السنة الثالثة اتصال وعلاقات عامة.
المقياس: نظريات الاتصال
الأستاذ: غالم عبد الوهاب
الهدف من المحاضرة
1. تحديد المفاهيم ونقصد بالطبع تحديد مفهوم كل من النظرية والاتصال مع التركيز على تبيان أمثلة حول اختلاف مرجعيات البحث في تحديد المفهوم الثاني.
2. تبيان مستويات التنظير الخاصة بعلوم الإعلام والاتصال

يتكون هذا المقياس في شقه المفهوماتي في الأساس من مفهومين أساسيين، حيث سنعمل في مرحلة أولى إلى تحديد مفهوم النظرية، قبل أن ننتقل في مرحلة ثانية إلى الوقوف على مفهوم الاتصال، ليتم الجمع بينهما فيما بعد من أجل الوصول إلى بناء قاعدة مفهوماتية لهذا المقياس.
مفهوم النظرية
يعد مفهوم النظرية من بين المفاهيم الزئبقية التيعرفها تاريخ البحث العلمي، حيث لا يمكن أن نجدتحديدا واحدا له، بل أنه يختلق من مدرسة إلى أخرى، بل بين الباحثين في التيار الفكري الواحد.
النظرية هي مجموعة مترابطة من التعريفات والمفاهيم والقضايا التي تكون رؤية منظمة للظواهر عن طريق تحديدها للعلاقات القائمة بين المتغيرات بهدف تغييرها والتنبؤ بتطوراتها في المستقبل.
مونت بالنر “إذا كان الفرض هو إقرار غير حقيقي بوجود علاقة بين متغيرين أو أكثر، فإن النظرية هي إقرار حقيقي بوجود علاقة بين متغيرات محققة إمبريقيا.
كما يعرفها كارل بوبر على أنها مجموعة من المقدمات والفرضيات المتسقة، غير أن النظرية مشكلة من فرضيات صحيحة بشكل مطلق، أي أنها يجب أن تخضع لعامل الإختبار من أجل التأكد من صحتها أو خطئها.
أما يورقن هابرماس فيعرف النظرية على أنها ” تملك ثنائية نتحصر بين بنائها الهيكلي وواقع دراستها، وبذلك يتطلب من النظرية أن تكون وحدات بنائية دقيقة ومتناسقة في الوقت نفسه تعكس جزئيات واقع الدراسة”.
تكسي النظرية أهمية كلما زادت قابليتها للتطبيق واتسمت بالوضوح، وتزداد شهرة كلما اتسمت بالشمول والقدرة على استيعاب ظواهر متعددة وفهمها وتفسيرها.
بعد تحديد مفهوم النظرية ننطلق إلى تحديد المفهوم الثاني المكون لأساس المقياس، إنه طبعا مفهوم الاتصال، حيث سنركز في التعامل معه على تحديد المصطلح اللغوي قبل التعرف على الاتجاه اللغوي والسلوكي في تحديد هذا المفهوم.
مفهوم الاتصال
إن الاتصال باعتباره من المفاهيم المكونة للعلوم الإنسانية لم يظهر إلا مع الحرب العالمية الثانية،حيث عرف عديد التطورات من حيث المفهوم،فهو يستخدم في أحيان للدلالة على نقل معلومات من طرف إلى آخر،ويستخدم مرادفا لمفهوم البلاغ أو المواصلات أو التواصل وهذا يرجع في نظر الباحثين إلى الارتباط الوثيق بينه وبين العلوم الأخرى،إذ أن البدايات الأولى لتوثيق مفهوم الاتصال ساهم فيها باحثون من شتى التخصصات كعلم السياسة،الاجتماع والنفس.
كلمة اتصال أصلها مادة وصل وتعني الصلة وبلوغ الغاية،نقوا وصلت الشيء وصلا و صلة والوصول خلاف الفصل.
أمل عن المغنى اللغوي الأجنبي فأصل كلمة اتصال(communication) يرجع إلى الكلمة اللاتينية(communis) ومعناها(commun)أي مشترك وعام وبالتالي فإن الاتصال باعتباره عملية يتضمن المشاركة والتفاهم حول شيء أو فكرة أو إحساس،اتجاه،سلوك أو فعل ما.
لعل الاتصال من الأمور الأساسية في حياة أي إنسان مهما كانت خصائصه ووظائفه،حيث إذا طلبنا من أي كان أن يصف لنا حياته البسيطة ومما تتكون فإن الإجابة المؤكدة التي لا يمكنه الخروج عنها ستكون إما القيام باتصال(communicating) أو تلقي اتصال(being communicated to).
أما عن المفهوم الاصطلاحي، فهناك تعاريف ركزت على التفسير اللغوي لكلمة اتصال(communicare)بمعنى يشيع أو يجعل الشيء شائعا.فالاتصال يتحقق عندما تتوفر مشاركة عدد من الأفراد في أمر ما كما يعرفه موريس(CH.MORRIS).ويرى ولبر شرام (WILBER SCHRAMM) في تحديد مفهوم الاتصال أنه عندما نتصل فإننا نحاول أن نشترك في المعلومات والاتجاهات والأفكار.ويرى أيضا سارفن وتنكرد(SERVEN ET TANCARD) أن الاتصال هو العملية التي تشيع وتنشر ما كان قاصرا على فرد واحد بين اثنين أو أكثر.
أما المدرسة السلوكية فكانت لها أيضا عدة إسهامات،نذكر من إسهاماتها مفهوم كارل هوفلند(C ;HOVLAND)الذي يرى أنه العملية التي يقوم بمقتضاها الفرد بإرسال مثيرا عادة ما يكون لفضيا لكي يعدل من سلوك الآخرين.وكذلك يشير ديفيد بيرلو(D ;BERLO) في تقريره على أن الفعل الاتصالي أو السلوك الاتصالي يهدف إلى الحصول على استجابة معينة من شخص ما،أي أن الاتصال هو الاستجابة لفرد معين اتجاه مثير معين.
إذن المتتبع لهذه المفاهيم يدرك جيدا العنصر المشترك،حيث تشير كل التعريفات إلى أن الاتصال هو عبارة عن عملية تفاعلية بين طرفين تهدف إلى التأثير وإحداث التغيير..
إذن المتتبع لهذه المفاهيم يدرك جيدا العنصر المشترك، حيث تشير كل التعريفات إلى أن الاتصال هو عبارة عن عملية تفاعلية بين طرفين تهدف إلى التأثير وإحداث التغيير أو مهما كان الهدف الذي يسعى إليه القائم بالاتصال، وقد كانت هذه النقطة مشتركة بين كل الباحثين من مختلف التخصصات لاعتبار أن الاتصال بدأ في حضن العلوم الاجتماعية الأخرى.
لقد كان الاتصال ولا زال فعلا ضروريا في حياة ونشاط المجموعات الإنسانية داخليا وخارجيا، إذ بدون اتصال لا يمكن تصور قيام حياة بشرية، فهو ضروري لها مثل الهواء والماء، وإذا كان الاتصال تمّ في بداياته الأولى عن طريق وسائل بسيطة على غرار اللغة المنطوقة والكلمة المكتوبة والحركات والإيحاءات الجسمانية والإشارات، فإنه الآن يخضع لعامل التطور خصوصا ما تعلق بجانبه المرتبط بالوسائل المستخدمة فيه التي أصبحت تتميز بالتعقيد والتنوع.
لقد أدى تراكم وتواتر هذه التطورات إلى إحداث العديد من التغييرات في العلاقات الاجتماعية، هذه الأخيرة أصبحت تتسم بنوع من التعقيد بعد أن ألغت هذه التطورات حدودها الجغرافية، في إطار التطور المادي لمفهوم الاتصال، أما عن التطور المصاحب لهذه الحركية فقد تعلق بجانب التنظير لهذا العلم من خلال محاولة إرساء قاعدة نظرية تمكنه من أن يحتل مكانة بين العلوم.
في هذا الإطار أصبح الحقل المفهوماتي لهذا العلم الذي كان يوصف إلى وقت قريب بالفتي غني بالعديد من المفاهيم على غرار الطرق السريعة للمعلومات والثقافة الافتراضية ومجتمع الاتصال ومجتمع الإعلام ومجتمع المعرفة وإلى غيرها من المعلومات التي ارتبطت أساسا بتطور البحوث في هذا المجال.
مستويات التنظير في مجال علوم الإعلام والاتصال
شكلت التطورات التي عرفتها الظاهرة الاتصالية على مر مراحل تطورها هاجسا بالنسبة إلى الباحثين من أجل معالجة العديد من الإشكاليات، حيث يميز الباحثون في مجال علوم الإعلام والاتصال بين ثلاث مستويات للتنظير.
المستوى الأول: وسائل الإعلام والاتصال والمبلغين
تركز جهود التنظير في هذا المجال على إيجاد إجابات للعديد من الأسئلة المكونة لمجموعة من الإشكاليات، فالباحثون في هذا المستوى كانوا يسعون إلى الإجابة عن مثل
ü ما هي وسائل الإعلام؟
ü ماهي وسائل الاتصال؟
ü الفرق بين المفهومين؟
ü أيهما أشمل؟…إلخ

بالإضافة إلى محاولة حصر دور هذه المؤسسات في المجتمع من خلال التركيز على البحث في طرق تحديدها وآليات تنظيمها، وما هي الوظائف التي تحويها هذه الوسائل باعتبارها مؤسسات اجتماعية وعلاقتها بالنظم الاجتماعية الأخرى ومكونات المجتمع وفئاته المهنية المختلفة.
كما أن الباحثين في هذا المجال لم يغفلوا الإشكاليات المرتبطة بهذه الوسائل في شقها المادي من خلال محاولة معرفة التكنولوجيا المستخدمة وضوابط استعمالها وتأثيرها في مكونات المجتمع الأخرى، إضافة إلى تتبع التطور التاريخي لهذه الوسائل وحتى تطور أدوارها وتنوع وظائفها الاجتماعية وتأثيراتها على العلاقات الاجتماعية…إلخ

المستوى الثاني: منتجات وسائل الإعلام (الرسائل الإعلامية والاتصالية )

ركز الباحثين من خلال هذا المجال على دراسة طبيعة الرسائل الاتصالية التي تنتجها وسائل الإعلام والاتصال وطرق تحليلها ومنهجيات التعامل معها بالبحث للوصول إلى أثرها على المجتمع بفئاته المختلفة من خلال ربطها بالأثر على الوجود الاجتماعي والوعي الإنساني، وحتى مصاحبتها للتغير الاجتماعي.
كما ظهرت في هذا الإطار العديد من الإشكاليات التي تمحورت أساسا في الدراسات النقدية على غرار التعامل مع مفهوم الثقافة الجماهيرية وثقافة النخبة وعلاقاتها بالتنشئة الاجتماعية وغيرها من المفاهيم الأخرى.


المستوى الثالث: سياقات وسائل الإعلام

ويركز الباحثون في هذا المجال على دراسة وتحليل العلاقات الاجتماعية والعمليات الاجتماعية التي تقع ضمنها وسائل الإعلام والتي هي جزء منها، وبعبارة أخرى يحاول الباحثون التعامل مع مفهوم التمفصل الاجتماعي(l’articulation sociale) لوسائل الإعلام والاتصال كنموذج البنية الاجتماعية الذي يعكس إلى حد بعيد تعقد العلاقات الاجتماعية التي تميز العالم الاجتماعي الحقيقي.
التمفصل الاجتماعي هو الربط بين المفاصل المختلفة لجسم واحد، وهنا نحاول الإشارة إلى كيفية ارتباط وسائل الإعلام والاتصال في علاقات عضوية بالبنيات الاجتماعية الأخرى، كأنها ربط حقيقي بين هذه الوسائل.
كل مجتمع له له خصائصه التي يكسبها لهذه الوسائل، فالمجتمع من هذا المنظور هو مجموعة من المؤسسات التي تكون في علاقاتها ما يسمى بالنسق أو بنية اجتماعية والعلاقة الموجودة هنا تسمى بالتمفصل الاجتماعي.
تتولى دراسة هذا المجال النظريات الاجتماعية الكبرى أو النظريات الإعلامية المتأثرة بها، حيث تجدر الإشارة إلى أن قضية التنظير تعتمد أساسا على الموقف الذي يتخذه المنظر الاجتماعي من مساءلة العلاقة بين وسائل الإعلام والاتصال وبنيات المجتمع الأخرى في الإطار الاجتماعي الأوسع وهو موقف يعكس في كثير من الأحيان الأطر المرجعية الإيديولوجية والسياسية والحضارية لمجتمع البحث.

نقدم شكري الخاص للأستاذ المحترم غالم عبد الوهاب والى كافة طلبة السنة الرابعة اتصال وعلاقات عامة بمستغانم


التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

الامتحان الجزئي الاول في مقياس مناهج و ابحاث الاتصال


جامعة محمد خيضر بسكــــرة
شعبة علوم الاعلام و الاتصال السنة الثالثة : اتصال و علاقات عامة
المقياس : مناهج وابحاث الاتصال التوقيت : 08.00/09.00
استاذ المقياس : بوزيد رملي
س1- لماذا صنف علماء المنهجية تحليل المحتوى الى اتجاهين و ليس اتجاها واحدا فقط ؟
س2- حدد كارل اريك و ديكسر سمات اساسية لاحد الاتجاهين السابق ذكرهما . حدد هذا الاتجاه و اذكر سماته ؟
س3- يذكر بيرلسون ان مطلب التنظيم كخاصية اساسية في دراسة المضمون يحتوي امران اساسيان و ان تحليل المضمون يستند على عدد من المنطلقات حتى يضمن مصداقيته . اذكر هذه الافكار مع شرح وافي ؟
س4- تعتبر الفرضية : تصورا لعلاقة بين متغيرين او اكثر . و لكن على الباحث ان يضبطها جيدا آخذا بعين الاعتبار مفهومي : الحركة و التفاعل في هذه العلاقة – ما المقصود من هذا الكلام ؟ دعم شرحك بمثال .

التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

سلسلة دروس السنة الأولي علوم إنسانية "تاريخ الكتابة"

تاريخ الكتابة

مقدمة :
إن الكتابة شكل متطور من أشكال الاتصال الإنساني الآني والمستقبلي ، وقد كانت الكتابة في الأساس أسلوبا بدائيا في التسجيل المادي ثم أصبحت وسيلة للتدوين الأفكار وأرقى المكتسبات الإنسانية والكتابة بالتعريف الدقيق هي التعبير الخطي أو المادي عن اللغات ، ووسيلة للقبض على الكلام المنطوق وتجميده .
ومن أهمية الكتاب أنها تقسم التاريخ البشري إلى شقيه الأساسيين ما قبل التاريخ ، والتاريخ . أو ماقبل الكتابة وما بعدها الكتابة . ولا أرنا بحاجة إلى الكثير من التفصيل عن أهمية الكتابة بالنسبة لسلوك الإفراد والجماعات ومذاهبهم وأخلاقياتهم وحضارتهم إجمالا .
إن الكتابة باختصار لصيقة بتطور الفكر الإنساني بكامله مهما كانت أساليبها المستقلة . ولا شك في أن عملية التدوين /التسجيل/ أي الكتابة مرتبطة إلى حد كبير باستقرار الإنسان وإنتاجه للقوات وتخزين فائض إنتاجه والمبادلة عليه أو التجارة به ،طبعاً قام الإنسان منذ عصور ما قبل التاريخ بتنفيذ الأشكال والصور لإغراض أخرى غير اقتصادية كالعبادة والسحر ، أو للإغراض الجمالية ، وان كان لذلك كله أوبعضه مساس بالإنتاج الإنساني ،المهم أن الإنسان كتب لضرورة معاشيه اقتصادية قبل كل شيء ، والمسلم حتى الآن أن مطالع الكتابة ظهرت في بلاد الرافدين أو الهلال الخصيب اجمالاً وفي مصر،وكان ذلك بسبب المناخ والبيئة الزراعية الصالحة التي ساعدت باكراً على الاستقرار والإنتاج من ثم الكتابة.
وقد تم ذلك في كل من المنطقتين بشكل مستقل ، ولكن الكتابة فيهما لم تنشأ فجأة أو بمعزل عن تراكم خبرات السنين أو تطور حاجات المجتمع الإنساني وتفاعل الأقوام والشعوب فيما بينها.
اصل الكتابة :
تفصل ثلاثون ألف سنة ونيف بين رسومات الكهوف في ” لاسو” واتلاميرا في جنوب أوروبا وبين الرسومات الجدارية في مصر . وأننا بالكاد نعرف ، ما هي الخطوة التي ربطت سرد القصص عن طريق الصور وسردها بواسطة الرموز ، ولكننا نعلم ما هي الدوافع التي حدت بالإنسان القديم على رسم فيل الماموث والأيل والثور الأمريكي على جدران الملاجئ التي عاش فيها ” قصة صيدها” فقد حفر الإنسان القديم خطوط هذه الرسوم على العظام بواسطة حجارة مدببة ، كما رسمها ولونها على جدران ا لكهوف بواسطة الفحم وارياش مصنوعة من عيدان وأغصان الأشجار . وصنع الألوان من أصبغة ترابية سحقها ومزجها بشحم الحيوانات .
وحين أتقن الإنسان الزراعة ازداد تناسله وتوطد رخاؤه الاقتصادي كما تجلت حاجته لحفظ السجلات التي تتعلق بمعاملته التجارية وملكية الأراضي والعقارات وتسجيل نشاطاته الدينية أيضا وعلى سبيل المثال ، يمكننا أن نتخيل إن ابسط طريقة اتبعها الإنسان القديم لتسجيل ملكية ثلاث بقرات إنما تمثلت في نقش صورها على الحجر أو رسمها على الجدران .
الكتابة المسمارية
ترجع أقدم النماذج الكتابية إلى المستوطنات السومرية التي تمركزت في الهلال الخصيب منذ قرابة 5500 سنة ، حيث ازدهرت الزراعة عندهم ، وظلت حضارتهم من عام 3500 ق.م إلى أن انتشرت بعد حوالي 1800 عام .في الحقيقة إن نظام الكتابة عند السومريين ، والذي نطلق عليه اسم الكتابة المسمارية بما أنها تأخذ شكل الوتد والإسفين ، ولا يعطينا صورة واضحة عن الطريقة التي طورت رسم الصور البسيطة إلى لغة مكتوبة ومنتظمة فحسب ، بل ويطالعنا على ماهية التأثير الذي نجم عن استعمال أدوات معينة على هيئة وأسلوب الإشكال المكتوبة ذاتها .
فعندما قام البابليون بفتح الأراضي السومرية ، اعتمدوا الكتابة المسمارية عام 1720 ق .م مما أدى انتشارها بين الشعوب السامية في الشوق الأوسط.
إن المراحل الأولى من الكتابة عبارة عن سلسلة من الصور المترابطة كان الغرض منها سرد قصة من القصص لتبقى كرسالة أو كسجل من المعلومات ومرجع للاستخدام في المستقبل . وفي المرحلة التالية تم تخفيض عدد الصور لتأمين سرعة رسم الصور والأشكال ، ويطلق على الأسلوب الذي يرمز للصورة بالـ بيكتوغرام ” صورة تمثل فكرة معينة” ، ويصطلح على الشيءالذي يرمز للفكرة بالايديوغرام ( رمز تمثل فكرة ولا تمثل كلمة ) ، واكتسب السومريين تدريجياً ما لا يقل عن 2000 رمز من البيكتوغرامات والايديوغرامات و فونوغرام حيث تم تخفيضها إلى حوالي 600 أشارة فقط .
الكتابة المصرية :
لقد تطورت أساليب الكتابة المصرية والسومرية والتقت في نقاط متشابهة عبر مراحل البيكتوغرام والايديوغرام الفونوغرام ، لكن المصريين توسعوا أكثر في هذه الطريقة حين ابتكروا العلامات الأبجدية .
فطوروا سلسلة تتألف من 24 رمز تقريباً يمثل كل واحد منها حرفاً ساكناً واحداً ، فمنحهم ذلك أبجدية فعالة وكاملة تقريباً . إلا أنهم فشلوا لعدة أسباب في الاستفادة من الفرص الاقتصادية التي أتيحت لهم نتيجة هذا الانجاز العظيم ، فقد أعاقت الإشارات الزائدة وغير الضرورية نظامهم الكتابي .
وقد أطلق اليونان على المرحلة الأولى من الكتابة المصرية ” الهيروغليفية ” وتعني النقش المقدس وهناك نوعين أخريين للكتابة الفرعونية وهي ” الديموطيقية” ” الكتابة الشائعة والكتابة الهيرية ” أو الهيراطيقية ” وهي كتابة ابسط من الهيروغليفية خاصة بالكهنة” وقد استخدم المصريون في الكتابة الفرشاة القصبية والحبر على الورق البردي وتعد طريقة سريعة وسهلة لاستخدام لدرجة أن الدافع القسري لاختصار الأشكال القديمة أو الاستغناء عنها كلياُ بات أمر قليل الاحتمال . ويعتبر استخدام المصريين للحبر والقلم خطوة ثورية في مجال الكتابة فهم أول من استخدم الحبر ، واستعملوا الحبر الأحمر للدلالة على الألقاب والقوانين .
ظهور الحروف الابجدية :
يختلف العلماء والباحثون حول كيفية انتقال أثار ومراحل تطور أنظمة الكتابة الأولى إلى الحضارات اللاحقة ، لكن معظم الحروف الأبجدية مستوحاة من مصادر متنوعة ، فقد اعتقد الإغريق –وفقاً لكنبات المؤرخ ” هيرودوت ما بين 484 و 425 ق.م أن إسلافهم اكتسبوا فن الحروف من الفينيقيين الذين طوروا حضارتهم لتصبح غنية في كل ميادين الحياة الرغيدة وذلك منذ القرن الثاني عشر قبل الميلاد تقريباً.
واعتمدت حضارتهم على التجارة في جميع أرجاء منطقة البحر الأبيض المتوسط ، إما بالنسبة الأبجدية التي استمدوها من النماذج الكنعانية فقد وصلت إلى مرحلة الكمال على اقل تقدير عام 1000 ق.م ،هذا وقد تناهى إلى عالمنا الآن بأن نظاماً كتابياً جديداً ظهر إلى حيز الوجود عام 3000 ق.م في جزيرة كريت ، حيث ظهرت على الجزيرة نفسها عام 2000 ق.م ، مخطوطة تستند إلى الفونوغرام والمقاطع اللفظية ، تبعتها مخطوطة ثانية بعد مضي 200 سنة ، وتدعى كلتا المخطوطين ” بالخط المنيوي “أ ” و “ب” لكن جرى فك رموز المخطوطة الثانية فقط منها ، علماً كان لهم نظامهم الكتابي في الألف الثانية قبل الميلاد لكنه اندثر جراء الخراب الذي لحق بالثقافة الإغريقية على يد الغزاة الدوريين ، عام 1100 ق.م ، هذا وقد بدأت اليونان تدريجياً بالاستعمال نظام الكتابة الفينيقية بعد حوالي 300-400 سنة من هذا التاريخ . لقد اشتهر الفينيقيون بالتجارة والاستعمار ، وتمركزوا على طول الساحل السوري- في ” جبيل ” بادىءالأمر ثم في مدينتي صيدا وصور المجاورتين ، ثم اتجه الفينيقيون بعد ذلك ولمدة تزيد عن 400 سنة منذ القرن العاشر نحو تأسيس مستوطناتها باتجاه غرب منطقة البحر الأبيض المتوسط وعلى سواحل شمال إفريقيا وجنوب اسبانيا وصقليا وسردينيا وقبرص وفي أواسط ايطاليا واليونان .
ومن خلال هذا الانفتاح الواسع ، صاغ الفينيقيون أبجديتهم بالاعتماد على مصادر مختلفة ، حيث تضمنت المسمارية والهيروغليفية المصرية وخط المنيوي ، بالإضافة إلى أشكال أخرى من الكتابة استمدوها من شمال مستوطناتهم وشرقها ، ففي اوغاريت ، على سبيل المثال ، وعلى بعد 100 ميل شمال ” جبيل ” قبيل القرن العاشر الميلادي شاع نظام كتابي أبجدي يستخدم حروفاً يعود شكلها أصلا إلى المسمارية البابلية ولها ثلاثون أشارة صامتة .
اتخذ هذا النظام ” الحروف” المبسطة التابعة لأنظمة أخرى ومنحها قيماً جديداً ، وكانت الرموز الفينيقية واضحة وسهلة الكتابة ولا ترتبط الحروف بأية علاقة ظاهرية مع الصور والايديوغرامات ، أنها المبادئ والإشكال التي اتخذها اليونانيون وانكبوا على دراستها واستخدموها ثم اجروا عليها التعديلات فبقيت تلك المبادئ والأشكال شائعة لفترات طويلة في اللغة العبرية القديمة واللغة القرطاجية ولغات أخرى تابعة إلى شمال أفريقيا .
انظمة الكتابة الشرقية:
إن الأبجدية التي طورها الفينيقيون رسخت أيضا في أنظمة الكتابة الشرقية ، فشعوب الآرامية ، التي يشكل الفينيقيون جزء منها ، استوطنت سوريا قبل عام 1000 ق.م ، واشتهرت هذه الشعوب بالتجارة الواسعة والمزدهرة في جميع إنحاء المنطقة الممتدة بين البحر الأبيض المتوسط ووادي الفرات ، إما فيما يتعلق بنظامهم الكتابي وحروفهم الأبجدية فقد حملت شبهاً كبيراً مع نظام الكتابي لدى الفينيقيين وحروفهم التي انتشرت باتجاه الغرب .
وقد قام الغزو الآشوري بعد 733 ق.م ، بإخضاع هذه الشعوب وتفريقها لكنهم سرعان ما استبدلوا اللغة البابلية ومسمارية بلغتهم الخاصة في المنطقة كلها .
إما الخط الإسلامي في اللغة العربية ينحدر من السلالة النمطية للكتابة الارامية ، فقد ظهر بادئ الأمر حوالي عام 500 م ، ولكن من المؤكد ان الأشكال الأولية لهذه الكتابة قد عرفت طريقها إلى حيز الوجود قبل 200 عام من ذلك التاريخ .
ولا يصعب في حقيقة الأمر تعقب أثار الشكل الخارجي لهذه الكتابة التي تنطوي على ما يدل على ارتباطها بالفينيقية وتماسها المباشر مع الكتابة الهيرية والديموطيقية في مصر القديمة .
وعندما أصبح هذا الخط متبعاً في تدوين القران الكريم في أوائل القرن السابع ، انتشرت مع الفتوحات الإسلامية الواسعة في شمال إفريقيا واسيا الصغرى وشرقاً باتجاه الهند والصين ، وتوقفت هذه الفتوحات عن التقدم في غرب أوروبا عندما هزم ” تشارلز مارتل ” جيوش المسلمين في معركة ” بواتييه” سنة 733 م .
الكتابة الصينية :
تعد قديمة قدم الكتابة الآرامية ، واستمرت لمدة 3000 سنة كنظام أساسه البيكتوغرام ، ثم استخدمت الايديوغرام ثم أضيفت الرموز الصوتية ، لكنها عانت من قصور واضح لأنها تألفت عموماً من كلمات ذات مقاطع لفظية واحدة ، ” تستخدم اللغة الصينية حوالي 400-500 صوت قصير ” ولم تنشأ أبجدية صوتية في الصين .
اليونان:
يصعب وصف أثار الغزو ” الدوري” لأراضي اليونان في القرن الثاني عشر قبل الميلاد ، ولم يتم العثور بعد عام1200 ق.م على نقوش بحروف التخطيط المينيوي /ب/ الذي استعملته الحضارات الأولى التي تتكلم اليونانية ، حيث يعود تاريخ أقدم دليل على وصول الأبجدية الفينيقية إلى 850 ق.م تقريباً .
تتألف الأبجدية الفينيقية من مجموعة محدودة تحتوي على 24 رمزاً ملحقاً بأصوات صامتة منفردة ، وقد اقتبس اليونانيون هذه السلسلة من الإشارات .
روما :
لقد انسجمت الشعوب الرومانية من الالفباء اليونانية واستوعبتها استيعاباً كاملاً إما عن طريق التماس المباشر من اليونانيين أو من خلال تأثير بلاد ” اتروريا” القديمة في ايطاليا ، فاقتبسوا الحروف دون تغييراً يذكر ، ثم ما لبثت الكتابات اللاتينية واليونانية المنقوشة بعد بداياتها الأولى ، أن أظهرت المزيد من الرتابة الأناقة في تصميم وتنفيذ، ومن المعتقد انه في القرن الثالث قبل الميلاد ، امتلك الكتبة الرومان ولايونان رغبة جامحة في استخدام الأشكال المنهجية للحروف الكبيرة .
الكتابة في العصور المظلمة:
لقد انجر الناسخون الايرلنديون في بادئ الأمر نسخاً مليئة بالأخطاء نقلاً عن المخطوطات النفيسة وكتب الإنجيل الرومانية ، فالرسوم التي زينوا بها أعمالهم ،ظهرت في مجوهرات السكسونيين الوثنيين ، كما أنها بلغت مستوى غنياً رفيعاً جداً ، وقد استخدموا الحروف الاستهلالية والحروف نصف النصية ، وحل رق البرشمان ” جلود العجل والغنم ” مكان ورق البردي منذ بدابة انتشار الديانة المسيحية وأصبح المادة الكتابية الرئيسة في الغرب .
الحروف الكارولينجية الصغير :
هناك حدثان رئيسيان فقط في التاريخ الكتابة الغربية تستند إليهما كافة التطورات التي حدثت في وقت لاحق : الأول تمثل الانجاز النهائي للنظام الأبجدي ذاته –يرتكز هذا الانجاز على مبادئ العلوم الصوتية واللفظية – الذي أخرجه اليونانيون القدماء إلى حز التطبيق ثم قام الرومان بتعديله ، والثاني هو ” اختراع سلسلة الأحرف الرسمية الصغيرة” ، التي تنتمي إليها السلالة الكارولينجية والتي تثمل مقياساً للجمال والبساطة على العكس من بقية أنظمة الكتابة كلها ، كما استمرت هذه السلسلة في تأدية خدمات جلى للشعوب الغربية سوية مع الخدمات التي قدمها بلاط شارلمان منذ 1200 سنة خلت بالرغم من التجارب اللاحقة التي حدثت في المرحلة القوطية .
لعب اثر الإسلام في الثقافة الأوروبية دوراً مهماً بأن جعل أسلوب التعليم والتثقيف أسلوبا علمانياً منذ القرن العاشر بعد انحدار احتكار الكنيسة للتعليم ، حيث تم ترجمة العديد من الكتب العربية في مجال الفلك والرياضيات والطب والفلسفة إلى اليونانية واللاتينية .
العصور الوسطى:
استمر الكتابة بالأحرف الصغيرة الكارولينجية حتى القرن الرابع عشر ، واستخدمه النساخ لمدة أربعة القرون منذ القرن العاشر .
وكان الهدف الرئيسي من إنتاج الكتب حتى القرن الثاني عشر تسويق نوعين من الكتب كتب فاخرة مخصصة للأمراء والملوك وقاعات المحاكم ، وكتب لاهوتية تفيد أغراض الكنيسة ثم تطور فن أنتاج الكتاب والزخرفة بشكل كبير في أوروبا.
الناسخ والطباع:
اقتضت التجارب الأولى في مجال الطباعة في أوروبا نقل تصاميم الخطاطين بشكل معكوس إلى سطح قالب خشبي أملس وإزالة الخشب الذي يحيط بإشكال الحروف ، ومن ثم نشر حبر الطباعة على السطح المتبقي من الأحرف ، يمكن عند ذلك ضغط الورق أو الرق على القالب المحبّر الذي ينقل بدوره الأشكال السوداء من الأحرف إلى السطح الأبيض . ويعتبر ” جوهانس غوتبرغ” هو مخترع الالةالكاتبة ، فباشر في سراً في تجاربه للوصول إلى حلول للمشاكل التي تواجهه وكان يعمل في الصياغة .
فقد انهمك غوتبرغ طوال وقته في المشاكل التقنية بإنتاج هذه الحروف الاستهلالية المنمقة ، وبعد أن حصل على مبالغ إضافية من صديقه ” فوست ” ، هنا شعر فوست بالحنق إزاء هذا التأخير وما استغرقه غوتبرغ / هذا المخترع الساذج/ للوصول إلى درجة الكمال في بحثه ، ففي الوقت الذي كان سينشر فيه ” غوتبرغ” أعماله الأولى : الإنجيل ومجموعة الترانيم ، اتخذ فوست إجراء قانونياً بحقه عام 1445 م فجرده من كافة معداته ونماذجه المطبعية ، عندما طبع ونشر أول كتاب في أوروبا عام 1457 م لم يحمل اسم الطابع الحقيقي وتوقيعه : غوتبرغ ، وإنما حمل اسم ” فوست” وشقيق زوجته ” بيتر شوفر” الذي كان يعمل متدرباً ومساعداً لدى غوتبرغ ، كما كلن شاهداً ضده في المحكمة وبعد الخسارة المادية الفادحة التي تعرض لها (غوتنبرغ ) توفي بعد مرور عشرة سنوات عانى منها الفقر المدقع ، وخاصة بعد أن رأى بأم عينه أناسا غيره يجمعون الثروة من أفكاره .
الصفائح ( الكليشيهات ) ومعلمو الكتابة :
ساعد الطباعون الايطاليون في توحيد مقاييس الكلمة المكتوبة ونشرها في سائر إنحاء أوربا وذلك عبر استخدامهم للكتابة بأسلوب ( الحركة الإنسانية ) الرومانية والخط المائل كنماذج في التصاميم المطبعية .
ولكن المر ساعد معلمي الكتابة على تطوير عطاء اتهم الفردية ، بما في ذلك التزيين والزخرفة ، هو ابتكار تقنية جديدة تمثلت في الحفر على الصفائح النحاسية ، استطاعت هذه التقنية الجديدة تقليد أرفع الخطوط والذيول الزخرفية الموجودة في أعلى الحرف أو أدناه والتي اختص بها معلم الكتابة .
الكتابة في عصر الآلة :
تعددت الادعاءات حول لقب ( المخترع الأول ) للأقلام المعدنية ، فقد سجل كتاب مخطوط عام 1748م ادعاء ل
( جوهان جانستن ) حاكم ( ايكسلا ) في أخن انه من دون تبجح ، يدعى حق الشرف في اختراع قلم جديد .
إلا أن صحيفة بوسطن ميكانيك ( نشرت تنويها في أب 1835 م يشير إن مخترع الأقلام الفولاذية عام 1800م كان أمريكيا ) مواطن معروف قي مدينتنا اسمه السيد ( بيرغن ويليامسون ) ، كما نسب منشور ألماني شرف الاختراع إلى معلم مدرسة في ( كوينغزبرغ ) بأنه صنع أقلاما من المعدن عام 1808 م لكن جهوده في هذا الاختراع أوصلته إلى الفقر .
إما الحبر فقد استخدمه الناسخون المحترفون في العهود القديمة حبر الكربون لأنه يدوم لفترات طويلة ، ويشبه في تركيبه سائل الحبر في الكتابة المصرية الذي يعود تاريخه إلى 2500ق .م وكان يصنع الحبر من الهباب الأسود ( الشجار ) والماء والصمغ ، وليس له أثر كيميائي سلبي على الفولاذ .
الكتابة واحدة من الفنون :
إن ( فن الكتابة ) هو بين الحرف الفنية ، فقد عدّ من الخط البديع فرعا نظاميا من الفنون الجميلة ، وهو الفن الذي حلت به الهزيمة قبل غيره من الفنون والمهن الأخرى أمام نظيره الآلي ( الآلة الكاتبة ) .
الشخصية والقلم :
في منتصف العشرينات تم تصنيع معظم أدوات الكتابة ذات الجودة العالية من قبل أضخم أربع شركات لصناعة القلم هي : ووترمان – باركر – شيفر – واهل .
ومع أننا نجري التحسينات على كتابتنا ، ما نزال عاجزين عن إخفاء الجزء الأكبر من شخصيتنا ومشاعرنا في كل مرة نكتب فيها ، سوء كنا متعبين أو نشطين ، يافعين أو مسنين ، فان كتابتنا تنفرد بنوعيتها مثل بصمات الأيدي ، لذلك لا تفشل في التعبير عن أشخاصنا أو عن الزمن الذي نعيش فيه .
الخاتمة :
هكذا نجد إن الطريقة التي تعلم بها الإنسان كيفية تجسيد اللغة بواسطة الكتابة أعظم المعجزات في تاريخ الحضارة البشرية والتي تبوأت وما تزال مركز الصدارة في نجاحه كجنس بشري ، والكتابة هي الطريق التي تحافظ على بقاءالافكار الجماعية وحفظ معلوماتها وهي الوسيلة الوحيدة لسرد التاريخ ، باعتبارها الطريقة المثلى التي تساعد الإنسان على تشييد الإمبراطوريات و بسط نفوذها عليها .
كما أنها قد حملت صفات الفن وأصبحت موضوعا جماليا باهرا في أماكن وعصور مختلفة ، حيث سرد الكتاب تاريخ ( الفن السحري ) منذ نشأته الأولى وبدءا بالكتابة المسمارية لدى السومريين قبل حوالي ستة آلاف سنة عام وحتى يومنا هذا .
وبين لنا الكتاب الرابط بين أدوات الكتابة والطريقة التي تطورت بها تلك الكتابة ، وبين لنا كيف تطورت إشكال بعض الحروف الأبجدية انطلاقا من المادة الرئيسة المعروفة لدى كل الأمم – ألواح الصلصال عند السومريين وأوراق البردي والقلم القصبي عند المصريين و الحفر على الحجر عند الرومانيين ، ويختم الكتاب بقوله :
( وان كتابة الإنسان مرآة شخصيته ) .



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

موفق بإذن الله … لك مني أجمل تحية .

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .


التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

الصحافة الجزائرية الواقع والآفاق


تعتبر الصحافة في مختلف دول العالم من وسائل الإعلام الأكثر أهمية للتحكم في الأوضاع وتوجيهها لخدمة أغراض وأهداف وطنية أو لخدمة السلطة أو الجهة المالكة للصحافة، ومع التطور الهائل في تكنولوجيا وسائل الاتصال، من أقمار صناعية وشبكات عنكبوتية باتت تغطي جهات المعمورة الأربع وتصل إلى أقصى نقطة فيها، متيحة الفرصة للعاملين في مجال الأخبار لنقل أدق تفاصيل الخبر وآخر تطوراته لحظة بلحظة، والتعليق عليه وتحليله على الهواء مباشرة من موقع الحدث، بالتوازي مع أجهزة الهاتف الجوال التي أضحت ناقلا مهما للأخبار الطارئة التي تأتينا عبر الرسائل القصيرة، تمكنت الصحافة من الازدهار وأصبحت تستأثر باهتمامات مختلف الأوساط، وتمثل مجال استقطاب للعديد من مراكز اتخاذ القرارات ومجموعات المصالح.

غير أن هذا التطور المذهل في عالم الصحافة أدخل الجزائر منذ الانفتاح الديمقراطي الذي أقره دستور 23 فبراير 1989 م في طوفان إعلامي سببه قضية جوهرية، هو أن طبيعة النظام السياسي لا يقبل إلا بهامش يسير من الحرية على ضيقه… وعندما نتكلم عن هامش الحرية في الجزائر اليوم، يقودنا الحديث عن حرية التعبير التي تتميز بها الصحافة الخاصة المكتوبة فقط، رغم أن معظمها ينتهج أسلوب اختلاق الخبر والانتقائية والكيل بمكيالين..

قد يعطي حال الصحافة المكتوبة في الجزائر الانطباع بأنها مشرقة، لكنها في الحقيقة بائسة، بل شديدة البؤس.. وعنوان بؤسها هو احتكار المطابع ففي الجزائر ست مطابع كبيرة تسيطر الحكومة على خمسة منها تطبع لجل الصحف التي تبقى رهينة التوقيت الذي تحدده لها لتسليم الصفحات حتى يمكن سحب الصحيفة، وحتى حجم سحب كل صحيفة مرهون بطاقة هذه المطابع التي تعاني الاكتظاظ، بغض النظر على قدرة كل عنوان على استقطاب القراء. فيما يبقى مشروع مطبعة الجنوب متوقف والمطابع الخاصة بالشرق والغرب تنتظر الفرج، علاوة على أنها بحاجة إلى ضمانات كبيرة..

وما يزيد بؤس الصحافة المكتوبة مشكل الورق المستعمل في الطباعة، فالورق المستعمل مستورد ولا تتوفر فيه أدنى المعايير والشروط المعمول بها عالميا، ناهيك عن تمسك الصحف بالشكل المتوارث من الحقب الماضية واقتصارها على أربعة وعشرين صفحة أو ما يزيد بقليل، وسعيا منها لارتقاء بمستوى الصحافة الإلكترونية من حيث المحتوى والشكل انتهجت طريقة “نسخ لصق” باقتباس المواضيع، بل يزيد بسرقة ما ينشر في المواقع الإخبارية ونسبها لبعض صحفييها…

ويتفاقم بؤسها باحتكار المال حيث أصبحت مداخيل الإشهار تضمنها الوكالة الوطنية للنشر والإشهار للصحف المخنوقة بفضل تعليمة الحكومة الصادرة في ماي 2022، والتي تجبر المؤسسات العمومية على تمرير إعلاناتها على وكالة الإشهار العمومية قبل أن يتم توزيعها على الصحف. وهو قرار يرهن تسليم الإشهار العمومي إلا للتلميذ النجيب الذي يحفظ الدروس، فالكثير من الصحف اختفت لأسباب تجارية، وأخرى متعلقة بعقاب السلطة لها على خطها الافتتاحي حتى باتت الصحف التي فلتت من احتواء السلطة شديد الحرص على توازنها المالي أو ربحها، وتموقعها في بيئة اقتصادية يميزها الفساد والصراع المستميت حول الريع.. وربما يتعدى التغطية على الفساد وأحيانا المشاركة فيه والاغتراف منه..

البؤس يتسع ليشمل الصحافيين الجزائريين بسبب القوانين الزجرية في حقهم، ونذكر في هذا الشأن مرسوم حالة الطوارئ، ثم قانون العقوبات المعدل في جويلية 2001 م، حيث تم تشديد العقوبات على جنح الصحافة لا سيما القذف في حق رئيس الجمهورية والمسئولين السامين في الدولة. ولا زلنا إلى اليوم بقوانين تقر بسجن الصحافي عقابا له على كتاباته، والصحافيون يفتقدون لأدنى حماية في ممارسة مهامهم، فهم أول من يكون محل متابعة وتعنيف لما يكتبون عن الفساد، ويكفي في هذا الشأن ذكر عدد الصحافيين الذين مثلوا أمام المحاكم، أو أدخلوا السجن وعانوا من المضايقات وتلقيهم عشرات الاستدعاءات لأنهم أدانوا سوء التسيير والتجاوزات بالإضافة لحالات حرمان مراسلين أجانب من الاعتماد.

معاناة الصحفي لا تتوقف في حدود الحصار الذي تفرضه الخطوط الحمراء، بل تتعدى ليضيق به مكان عمله في التحرير والعمل، فكثير هي الصحف التي لا تتوفر على مكاتب وحتى وإن وجدت فهي تضيق بأهلها كون ولليوم لم توفر الدولة مكان يسع الجميع رغم الوعود… ويمضى الصحفي في العمل ليواجه حصار أخر عن سابقه يتمثل في شبح الحياة الاجتماعي فالكثير منهم يعانون الويل في حياتهم بحثا على لقمة العيش ويحلمون بالحصول على حاسوب محمول، ناهيك عن معاناتهم في الحصول على سكن يأويهم، أو على الأقل رفع الأجور التي لا يتعدى في أحسن الحالات 300 دولار… إلا أن كرامتهم لا تسمح لهم بالتشهير بوضعيتهم المأساوية… فقد وصل الأمر إلى حد مطالبة أحد الصحفيين بالتبرع بكليته مقابل الحصول على مبلغ مالي لشراء بيت لعائلته التي تعيش في الشارع بعد طردها من مسكنها، والأدهى من ذلك أن المساعدة التي تلقاها المعني جاءت من بلد العراق الذي يقبع تحت وطأة الاحتلال، في وقت أدارت – فيه السلطة والنقابات وحتى مؤسسات عمل فيها من قبل كصحفي – ظهرها ولم تكترث لوضعيته، وكثيرون هم أمثال هذا الصحفي…

الواقع المزري يدفعنا للحديث عن واقع التشغيل في هذا القطاع الذي أصبح استغلاليا بقطاعه العام والخاص، فكثير هي الأقلام الشابة، بل يتعدى حتى ليشمل مختلف شرائح رجال الإعلام الذين يواجهون البيروقراطية والإقصاء في مختلف المؤسسات الإعلامية، زد على ذلك وجود ظاهرة التشغيل بعقود ما قبل العمل لتقليل من النفقات ليجد الإعلامي نفسه بعد عام من الاستغلال عاطل عن الشغل ويبحث عن مصير جديد ليبدأ حياته من جديد.. وما يحمس المدراء والمسئولين هم أصحاب الوظائف المزدوجة ذوى الخبرة في جلب الأموال بطرق إلتوائية، ويكون جزاءهم جزء من ذاك المال وقد يتجاوزه إلى منصب عمل في تلك المؤسسات أو لأحد أقاربهم من لا علاقة له بالصحافة…

ورغم الحصار المضروب إلا أن المحيط القانوني في الجزائر ساعد على وجود حرية إعلامية وتعددية عبر صفحات الصحف ارتبطت بالتعددية السياسية التي عجلت الأحداث المأساوية في تشكلها، فكانت مضربا للمثل عربيا وحتى دوليا، وجعل من الجزائر بلد له السبق في بناء صحافة حرة بلغت الجرأة ما لم تبلغه حتى صحافة بعض الدول الديمقراطية وحرية لتعبير، إلا أن هذه الصورة لم تعمر طويلا فتحول إلى بلد يتلذذ بسجن الصحفيين وملاحقتهم عند كل منعرج وكأنهم مجرد مجرمين…

لقد سمحت تلك الحقبة إلى إصدار ستين يومية ونحو مائة أسبوعية، وفُرض توازي بين الصحف المكتوبة باللغة العربية والمكتوبة باللغة الفرنسية كون الساحة الجزائرية تتميز بثنائية الملكية، والسوق اليوم يضم ست صحف حكومية والباقي خاصة، لأفراد وأحزاب، الخاصة تسعى للإثارة والانتشار’ والحكومية تعمل على التأكيد أن كل شيء على ما يرام..

الوضع الذي آلات له الصحافة الجزائرية يتطلب اتخاذ الإجراءات والضوابط الملائمة لترشيد الصحافة لخدمة الثقافة والفكر بهدف تغيير المجتمع نحو الأفضل، ومواجهة الإعلام الثقيل، والتصدي لهيمنته الدولة التي تتضح جليا من خلال سيطرتها على وكالة الأنباء والتلفزيون والإذاعة، وفرضها رقابة مشددة على مصدر الخبر، زد على ذلك إعلان السلطة صراحة أنها لن تفتح مجال الإعلام السمعي بطري أمام التعددية إلى حين تشاء..

وأمام هذا السد يلجأ المواطن إلى الفضائيات العالمية التي تلقى صدى كبير أمام شح التلفزيون والإذاعة للأخبار والبرامج والأعمال الهادفة كما ومضمونا حتى باتت هذه الوسائل يتيمة غائبة من قائمة القنوات المفضلة لدى أفراد المجتمع، وما يزيد نفور الفرد لها اتباع هذه الوسائل لغة إعلامية لا تزال أسيرة لغة فارغة ومطنبة بمفردات الثناء على كل ما هو رسمي بغية التلميع الدائم للسراب.. والكل يعلم مدى التأثير الكبير لهذه الوسائل الإعلامية في بلد بلغت نسبة الأمية فيه الـ 30 % من مجوع السكان، ونفهم لماذا تصر السلطة على احتكارها، وتشجيعها للبرامج الهزيلة وعديمة المنفعة والمصداقية ومثيرة السخرية، فالسبب يكمن في مستوى ومدى وعي المسئولين المسيرين للتلفزيون بقنواته الثلاث والإذاعة بقنواتها الوطنية ومحطاتها الجهوية…

من الترف الحديث عن صحافة حرة ومتطورة في الجزائر، في ظل انعدام منظمات قوية لأهل المهنة ونواد وتقاليد نقابية، وفضاءات حرة لمناقشة القضايا الأخلاقية والمهنية والاجتماعية. هذا الوضع غذته انقسامات فكرية وولاءات سياسية ودوافع مصلحية، والقوى التي تخيفها حرية التعبير لا تقبل بوجود هذه الفضاءات. لذلك لا عجب أن تصنف الجزائر في الرتبة 129 من بين 167 دولة تعاني من غياب حرية التعبير، في ترتيب منظمة “محققون بلا حدود” غير الحكومية الصادر في العام المنصرم 2022، بمعنى أن الجزائر فقدت 34 نقطة مقارنة بأول ترتيب أقامته نفس المنظمة سنة 2022 وهي عام بعد عام تتأخر في الترتيب ومن غير شك أن مرتبة العام 2022 لن يؤشر عليها بالأخضر، طالما أن هناك قوانين تجرّم الصحافيين بحجة القذف والتشهير فالصحفي وإن انحرف بكتاباته أو تمادى ربما في الإساءة لا يمكن أن يعامل معاملة المجرم لأن الرأي حتى وإن كان لم يعجب البعض يبقى رأيا، إضافة للقائمة السوداء التي تتضمن أزيد من 60 صحيفة تم تعليقها وتمنع من الصدور لعدة تبريرات، فضلا عن سياسة التضييق المتواصل على مصادر الخبر والتوزيع غير المنصف للإشهار، والأهم لماذا تعجز الحكومات المتوالية عن إنجاب قانون للإعلام يكون في مستوى طموحات كل المهتمين بهذا القطاع الاستراتيجي ؟

لقد تلقى الوسط الإعلامي عدة دعوات من مختلف الوزراء المتعاقبين على قطاع الإعلام من رحباني إلى هيشور مرورا بمحي الدين عميمور وخليدة تومي ومحمد عبو، فكل هؤلاء جمعوا الصحفيين في لقاءات لإثراء مسودة مشروع قانون للإعلام لم ير النور أبدا، شأنه شأن مجلس أخلاقيات المهنة… واليوم الدور على الوزير الهاشمي جيار لتنشيط المشاريع المتأخرة خاصة أنه أكد أنه هناك إرادة سياسية قوية لتأهيل قطاع الإعلام بمختلف تشكيلاته.

والواقع اليوم ورغم الصورة المحتشمة للصحافة الجزائرية إلا أنها سجلت حضورا في ميدان جديد قد يجهله الكثير هو الإعلام الإلكتروني من خلال إطلالة مجموعة من المواقع الإعلامية المهتمة بالأخبار وتحاليل الأحداث أو حتى الإطلالة الإلكترونية للصحف المطبوعة، فكان لهذه المواقع إسهامات مهمة في استخدام الإنترنت كوسيلة صحفية، باعتبارها وسيلة تكنولوجية مفتوحة المجال نحو العالمية للحريات عبر كل المجتمعات.

الظاهرة ورغم حداثتها وجدت صدى لدى الجزائريين في الداخل والخارج أيضاً، رغم أنه من المبكر جداً الحكم عليها ومدى تأثيرها على مستقبل الصحافة بالنظر إلى أن صحافة الورق لا تزال إلى اليوم سيدة الموقف، فإن ذلك لا ينسينا ما نراه في جيل الشباب من افتتان بالمواقع الإلكترونية متابعة لها واستفادة مما تضخه من معلومات بسرعة ومهنية عالية رغم حداثتها”.


السلام عليكم و رحمة الله و بركاتهن بارك الله فيكم على ما تقدمونه من خير للطلبة و الاساتذة.