التصنيفات
تاريـخ,

نظم الحكم والإدارة في الدولة العثمانية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نظم الحكم والإدارة في الدولة العثمانية / المؤلف : مرادجه دوسن – ترجمة : فيصل شيخ الأرض

الحجم : 28.1 MB

http://www.4shared.com/get/bRLXr-9I/_____.html


بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .

التصنيفات
تاريـخ,

بعث الحضارة الإسلاميّة من جديد . دور النُّخبة

بعث الحضارة الإسلاميّة من جديد… دور النُّخبة


كتب: د/ بدران بن الحسن


13/04/1431 الموافق
28/03/2010

لقد قضى العالم الإسلامي وقتاً طويلاً من عمره الحضاري باحثاً عننقطة بداية لإعادة بناء حضارته من جديد، وإعطاء نفسه الحضاري دفعة تخرجه من حالةالتراوح والتبطل التي استنفدت قدراته في جهود مضنية.
وكان لمالك بن نبي –عليهرحمة الله- رأي في مسألة التخلف الحضاري الشامل التي يعانيها العالم الإسلامي، ورأىمنذ الأربعينيات من القرن الماضي أن العالم الإسلامي يهدر طاقته في حل مشكلات جزئيةمتغاضياً عن المشكلة الكلية التي تحتوي كل تلك المشكلات، ألا وهي مشكلة الحضارة، ورأى أيضاً أنه طالما أن العالم الإسلامي يفتقد إلى الرؤية الواضحة لما يريد أنيقوم به فإنه لن يتمكن من صياغة مشروع للنهضة أو الخروج من التخلف، ولن يتمكن منتحديد وجهته ولا بناء منهج لبناء الحضارة، وذلك في تصوره راجع إلى أن "الرؤية تحدّدالمنهج والوجهة".
وبعبارة أخرى، فإن تصورنا لمشكلة العالم الإسلامي تصوّر جزئيومفكّك، ولذلك فإن فهمنا للمشكلة فهم جزئي وعقيم؛ لأنه لا يحيط بكل أبعاد المشكلة،ولذلك فإن الحلول التي طُرحت كلها حلول جزئية؛ إن اهتمت بجانب أغفلت – عن قصد أو غيرقصد- جوانب أخرى لا تقل أهمية عن الجانب الذي أولته اهتمامها، فأنتجت هذه التصوراتالجزئية رؤى متناقضة ومشوهة وقاصرة في أغلب الأحوال، وغير قادرة على صياغة منهج لحلالمشكلة الأم، ولا لحل المشكلات الجزئية المتراكمة.
ولذلك فإن أسئلة كثيرة تطرحنفسها بقوة على كل متأمل في ما نحن فيه من تردٍّ وتهلهل وتخلف شامل في العالمالإسلامي؛ فلماذا لم نستطع امتلاك هذه الرؤية المتكاملة لمشكلتنا في العالمالإسلامي؟ ولماذا لم نستطع بناء منهج قادر على الخروج بنا من المحنة التي نحن فيها؟
لعل هذا النوع من الأسئلة تراود كل من اهتم بأمر المسلمين، وسعى إلى المساهمةفي فك خيوط الأزمة التي أُحكمت، ولا شك أن كثيراً من الإجابات راودت كل من طرح هذهالأسئلة على نفسه.
وفي تصوري فإن الإجابة عن الأسئلة السابقة يمر حتماًبالإجابة عن سؤال أو أسئلة أخرى تتعلق بمن يتولى صياغة الرؤى الحضارية، ومن يقومعلى بناء مناهج التغيير؟ هل هم عامّة الناس؟ أم هم النخبة من المجتمع؟
وإذااستقرينا التاريخ؛ تاريخ التغيرات الكبرى في تاريخ المجتمعات رأينا أن هناك دائماً "فرقة" تقوم بالمبادرة بحمل لواء التغيير، وتتبنى الأفكار والمشاريع والبرامجالجديدة التي تسوّغ على وفقها نمطاً جديداً للتفكير وصورة جديدة عن العالم،وبالتالي منهجاً جديداً لمعالجة الأمور.
ولنا في الأنبياء وأتباعهم أسوة حسنة،ولنا في تاريخ النبوات، وتاريخ الأفكار الكبرى، والأمم التي تعاقبت الريادةالحضارية في العالم، والمجتمعات التي سادت ثم بادت، لنا في كل هؤلاء خير دليل علىأن هناك "نفراً" من كل "فرقة" يقومون بتغيير "القوم" وبصياغة منهج جديد للحياة.
ولذلك فإن مسألة القيادة التي هي النخبة أو النفر أو الفرقة التي تتولى شؤونالقوم، وإنذارهم وإبلاغهم، وقيادتهم بالتعبير القرآني- هي المسألة المركزية فيصياغة الرؤية والتصور الكلي الشامل من أجل أن تتبنى منهجاً يخرج قومها من ظلماتالفوضى إلى نور المنهج الواضح الأسس، البيّن الخطوات من أجل تحقيق مبادئ النخبةوالمجتمع في أرض الواقع.
وفي هذا السياق فإن المشكلة في تصوري تتعلق بنمطالقيادة التي تقود عملية التغيير الحضاري، ومدى وعيها واستيعابها للمعطيات المختلفةللواقع المعاصر، ولما يتطلبه القيام بمشروع بناء الحضارة من جديد من وضوح للرؤيةوتوفر منهج شمولي متكامل للتغيير.
والحديث هنا يتجه أساساً إلى العلماءوالمجتهدين والمثقفين إلى النخبة التي تقود المجتمعات الإسلامية، ومدى قدرة هذهالقيادات على قيادة مشروع بناء الحضارة الإسلامية من جديد، إن نظرياً أو عملياً.
ذلك أن مستقبل العالم الإسلامي يُناط بالقيادة التي تمتلك القدرة على شق الطريقاليبس في بحر الأزمة الخانق، وأن تكون قادرة – في رأي الجماهير من الناس- على فعلالمعجزات التي تحوّل مسار التاريخ في لحظاته المدلهمة، وتنير الدرب بفعل تجاوزهاليوميات الأحداث، من خلال قدرتها على استشراف المستقبل، ورسم مسارات العملالمستقبلي، والحد من الخسائر، وتحفظ المحتوى العقائدي لما تحمله من أفكار، حتى لايفرغ من محتواه أو يحوّر أو يبدّل.
غير أن مؤسساتنا بكل تنوعها؛ الدعويةوالسياسية والثقافية والعلمية والاجتماعية وغيرها، غير قادرة اليوم على أن تواكبنمط التحولات السريعة والهائلة التي تحدث بفعل عصر العولمة الذي نعيشه، ولذلك فهيغير قادرة على صياغة المجتمع وفق التطلعات التي تؤمن بها.
كما أن النخبة بمختلفطبقاتها اليوم في عالمنا الإسلامي غير قادرة على أن تحمل في وعيها آمال الجماهيروغير قادرة على توجيه هذه الجماهير أيضاً، بل إن هذه النخبة التي من المفترض فيهاأن تكون هي المعبر عن آمال وتطلعات الناس من جهة، وأن تكون هي مجسّات الوعي من جهةأخرى قد انغلقت على نفسها، ولم تعد قادرة على متابعة التغيرات والأحداث الكبرى التيتجري في عالم اليوم.
ولذلك فإن النخبة في العالم الإسلامي اليوم مدعوة إلىمراجعات جوهرية لكل الأطروحات التي تتداولها منذ أمد، وعلى مختلف الأصعدة، ومن كلالأطراف، وعلى النخبة أيضاً أن تعيد ترتيب أولوياتها، ووضع خط فاصل وواضح بين القيمالمبدئية التي لا يمكن أن تتغير وبين المواقف والخطوات الإجرائية التي يمكن التراجععنها أو تغييرها أو تطويرها أو تجاوزها إلى ما هو أكثر نضجاً ونجاحاً وقابليةلتحقيق مقاصد القيم الأصلية المبدئية وتحقيق مصالح الأمة.
وعليه فإن النخبةمطلوب منها اليوم أن تعيد تشكيل مواقفها وفق المبادئ الكبرى للأمة بشكل واضح وصريحومؤسس ومنهجي، وألاّ تلجأ إلى التلفيق بين المفاهيم، ولا التركيب المشوه بين مختلفالمقولات والتصورات، كما أن على النخبة أن تعيد النظر في مفاهيمها التقليديةالموروثة سواء من تراثنا الإسلامي أو من التراث الحضاري للأمم الأخرى، ويكون ذلكوفق رؤية علمية مبنية على الحجة البينة والبرهان العلمي والحوار المنفتح على الآخر،القابل للحقيقة مهما كان مصدرها، خاصة إذا علمنا أن الإسلام لا يُخشى عليه من أيفكرة أخرى، بل إن الإسلام ذاته ما هو إلا رسالة لإتمام المكارم التي بين الناس.
ومن هذا المنطلق، فإن النخبة يكون أمامها مجال فسيح للاجتهاد المحتكم إلى القيمالثابتة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، تسترشد بعد ذلك بما استقر منصالح الكسب البشري من فكر وثقافة وحضارة شحذتها وهذبتها الخبرة الإنسانية الطويلةالأمد.
وعليه، لا نكون في اجتهادنا أمام خطر الانحراف عن القيم الكلية الثابتة؛لأن القرآن مصدِّق ومهيمن على كل تجربة أو فكرة، ولا نكون أيضاً أمام خطر التخلف عنمواكبة الأحداث؛ لأن الانفتاح على مختلف التجارب يذكي الخبرة وحس الخطأ والصواب لدىالأمة، ويقوّي مجسّات التحقق من صلاح التجارب على اختلاف مصادرها ومدى مواءمتهالمختلف المشكلات التي تهدف النخبة لحلها.
ونختم حديثنا هذا بالتأكيد على أنسلوك نهج الحضارة، والعمل على بعث الحضارة الإسلامية من جديد، والتمكين للإسلاموالمسلمين لن يتحقق طالما بقيت النخبة في العالم الإسلامي غير قادرة على بناء رؤيةواضحة، من خلالها تستطيع تحديد القيم والمبادئ الكلية، وتحديد المنهج ذي الإجراءاتالعملية لتحقيق مقاصد هذه القيم في دنيا الناس.



التصنيفات
تاريـخ,

إشكالية القراءة التاريخية: بحث في المفاهيم و الأصول و المنهج / أحمد بابانا العلوي

إشكالية القراءة التاريخية: بحث في المفاهيم و الأصول و المنهج

أحمد بابانا العلوي

– 1 –

كيف نقرأ التاريخ ؟ سؤال في الصميم لأنه يطرح مسألة في غاية الأهمية ، تتعلق بالمعرفة التاريخية و الثقافة التاريخية ، تأسيسا على أن معنى كلمة تاريخ أو ايسطوريا (Historia ) اليونانية، هو الاستقصاء والبحث عن حقائق الأشياء والأحداث والوقائع الإجتماعية.
فالسؤال المطروح يشير من خلال الاستفهام، طلب الفهم لاستكشاف ومعرفة الماضي والحاضر والمستقبل..
من منطلق أن النظر إلى أحوال الماضي، يندرج ضمن الرؤية الواعية لفهم حقائق الحاضر، ووقائعه، و التطلع إلى معرفة ملا مح المستقبل …
إلا أن الإشكال الذي نواجهه يتمثل في الفهم أي في قدرتنا على فهم الحقيقة عندما يتعذر علينا إدراك المقاصد الكامنة وراء الوقائع أو العوامل المؤثرة في مسار الأحداث و اتجاهاتها …
إن الفكر الرومانسي يعتمد في مقاربته للوقائع التاريخية على ربط الفهم بمفهوم الخيال ) الذوق أو الحرس ( مما يعطيه القدرة على تمثل الحدث في الذهن..
و يرى رينان " بهذا الصدد ، و هو يكتب عن المسيح (la vie de jésus ) ، بأن تشخيص عمالقة الماضي يتطلب قدرا من التكهن و التخمين (1) .
ويقول ابن خلدون في مقدمة كتاب العبر بأن التاريخ فن من الفنون تتداوله الأمم و الأجيال، إذ هو في ظاهره لا يزيد على أخبار عن الأيام ، والدول، و السوابق من القرون الأول .. فالتاريخ إذن عبارة عن خبر عن أحداث الماضي و بحث في أحوال البشر و وقائعهم، و بالتالي فهو علم يهتم بالصيرورة التاريخية أي أنه يشمل الماضي و الحاضر والمستقبل.
و لنتوقف قليلا عند كلمة " أرخ " في اللغة العربية يقال أرخ و ورخ توريخا و تأريخا بمعنى الإعلام بالوقت ، و من ثمة فإن تاريخ كل شيء آخره و وقته الذي ينتهي إليه زمنه ، و منه قيل فلان تاريخ قومه، و ذلك بالنظر لإضافة الأمور الجليلة إليه ..
و نستنتج من هذا أن التاريخ و التأريخ تعريف بالوقت بمعنى وضع الحدث التاريخي في سياقه الزمني والمكاني.
وقد قامت طائفة من مبرزي المؤرخين مثل " روبرت فلنت " في كتابه ) فلسفة التاريخ ( و المؤرخ بارنز في كتابه عن تأريخ الكتابة و غيرهم من الباحثين ، بالبحث في جوانب التاريخ المختلفة، إلا أنه كلما اتسعت دائرة الكشوفات الأثرية ، و كلما كثر البحث في نطاق المخطوطات و الوثائـق،
و الآثار و النقوش ، كشفت مصادر كانت مجهولة ، و تجلت حقائق لم تكن معروفة … (2) ، و قد لاحظ " ماكس نوردو " أن هناك خلط بين التاريخ في ذاته و كتابة التاريخ و تسجيل أحداثه، و أخذ على الباحثين أن جهودهم اتجهت إلى جعل الوصف و الموصوف شيئا واحدا …
فالتاريخ له وجوده القائم بذاته، و هو بطبيعة الحال أوسع نطاقا و أبعد مدى من التاريخ المكتوب …
فتأثير الأحداث الطبيعية الكبرى على البشرية ، قد يكون أشد و أخطر من تأثير النظم الاجتماعية ، و السياسية و المعتقدات الدينية … (3)
فالتاريخ إذن بمعناه الضيق يتناول حدثا في الزمان و المكان ، أما التاريخ بمعناه العام فيتناول الحضارات البشرية من جميع زواياها و أبعادها ، و أحوالها سواء كانت كبيرة الشأن أو ضئيلة الشأن ، لا فرق بين الإنسان المغمور و الفاتح الذي ملأت شهرته الآفاق …
ظهر تعبير " إسطوريا " أي التاريخ عند الإغريق في القرنين السادس و الخامس قبل الميلاد، و كان يقصد به البحث عن الأشياء الجديرة بالمعرفة : معرفة البلاد و العادات و المؤسسات السياسية ..
ثم أصبحت الكلمة مقتصرة على معرفة الأحداث التي رافقت نمو الظواهر ، وبذلك ولد تعبير التاريخ بمعناه الشائع ..
إن كلمة التاريخ في الاستعمال المألوف مصطلح يشمل معنيين مختلفين في معظم الأحيان يقصد به الأعمال و المنجزات التي قام بها الإنسان فيما مضى من الزمان . و كثيرا ما يدل على رواية الأعمال والمنجزات و تسجيلها … (4)، و في بادئ الأمر كانت للأساطير و الأوهام أثر ظاهرة في تكوين التاريخ و نرجع نشأة التاريخ بهذا المعنى إلى قدرة الإنسان على تخيل الماضي و الإحساس الفني الذي يلم به حينما يروي الأحداث الماضية و يستحضرها …
وكان الأدب في أول ظهوره مقصور على الشعوب التي تمجد العبقرية في الملاحم، وذلك بإبراز سير الأبطال وتخليد بطولاتهم. (5)
فكانت المنظومات الشعرية الملحمية مشوبة بالأساطير والخرافات بعيدة عن وصف الواقع الحقيقي ..
وقد ظهر أدب الملاحم الأسطوري قبل ظهور الأدب التاريخي..
عند اليونان ظهر<< هوميروس >> قبل << هيرودوت>> بزمن طويل، وفي إيطاليا ظهر << دانتي>> قبل << ميكيا فيلي>> .. ألخ.
ولم يستطع العقل الإقبال على الكتابة التاريخية إلا بعد أن تخلص من قيود التقاليد وأغلال الأساطير والأوهام والخرافات ..
ونتيجة تقدم الثقافة ونشاط الحركة الفكرية والسياسية في الدويلات الإغريقية التي أنضجت العقليات..
إن أقدم الوثائق التاريخية كانت كتابات ورسوما ونقوشا على المعابد والقصور والمقابر التي أقامها الملوك والغزاة الفاتحون، لتسجيل انتصاراهم والإشادة بأخبار المعارك التي خاضوا غمارها، والبلاد التي استولوا عليها، كما سجلوا حلقات أنسابهم وما جمعوا من ثروات وصنعوا من منجزات ..

-2-
بعض الحضارات رغم ما وصلت إليه من تقدم حضاري، لم تظهر عندها قدرات فنية في الكتابة التاريخية المنظمة ..
فالحضارة الفرعونية وضعت قوائم تضم أسماء الملوك بغية تعظيم شأنهم ..
أما في بابل، فقد أخذت الكتابة التاريخية صورة النقوش المرسومة على المباني، و ظهرت عند الأشوريين وثائق و حوليات ملكية تضم مغامرات الحكام في الحرب و الصيد، و القيام ببناء بعض القصور طبعا غابت الحاسة النقدية في هذا التسجيل البدائي للتاريخ و كان الهدف من النقوش تمجيد الملك الحاكم ، و أعلاء شأنه في نظر الأجيال التالية ، و قد تغلب على تلك الوثائق المبالغة و التهويل و الروح الدينية، و نسبة المباني المشيدة للآلهة، و من الحق القول أن مصر تعتبر متحفا تاريخيا ضخما يحفظ مصادر وافية و قيمة للمعلومات التاريخية، في مقابر الملوك و القصور و المعابد و الآثار)6).
و حينما تأثرت الثقافة المصرية القديمة بالثقافة الهيلينية ظهر كاتب مصري هيليني الثقافة اسمه مانتو Manatho)) قام بجمع حوليات عن تاريخ مصر و كتب سردا تاريخيا ، و قد عرف هذا الكاتب بإجادة البحث و تحري الموضوعية في جمع المادة التاريخية ، و تفسيرها إلا أنه لم يبق من كتبه سوى مقتبسات ، و قد شابتها الشوائب نقلها المؤرخ اليهودي يوسفوس (7) .
البابليون و الآشوريون كانوا أكثر تقدما في جمع الوثائق التاريخية ، و لكن لم يظهر بينهم مؤرخ من طراز " مانتو " ، و أقدم الكتابات التاريخية الآشورية هي الوثائق التي كتبها الكتاب السوماريون ، إلا أنه لم يعثر على سرد تاريخي منظم يمكن أن يعزى إليهم .
إن ازدهار الكتابة التاريخية كان يستلزم جوا من الحرية ، تنمو فيه الملكات ، و تتفتح المواهب، و غياب الحرية هو الذي حصر الكتابة التاريخية في تسجيل أخبار قلة من الملوك و أعيان الدولة …
يقول " روبرت فلنت " بأن الصينيين تفوقوا في الأدب التاريخي نتيجة إحساسهم بحقائق الحياة ، وفرط احترامهم لأسلافهم و شدة تعلقهم بالماضي ، و حسن إدراكهم السياسي، و اعتدالهم في إصدار الأحكام، و تقديرهم العالي للمعرفة والثقافة و ميلهم إلى الجد في طلب العلم . و عند الصينيين عدد كبير من المؤرخين منذ ألفين و ستمائة سنة …
و الأدب التاريخي الصيني حافل و ضخم ، و يشمل على تاريخ أسر، وملخصات حولية، ومذكرات مختلفة الأنواع، و سير لا يكاد يحصيها العد، و مدونات تاريخية زاخرة بالمعلومات، تتناول شتى العصور و مختلف جوانب الحياة ..
إلا أن الكتابة التاريخية رغم ذلك لم ترتفع عن مستوى الطريقة الحولية ، فالمؤرخون الصينيون قد بذلوا جهدا في جمع المعلومات واستقصاء الوقائع و تنسيقها . إلا أنهم لم يضعوها في موازين النقد، و لم يسبروا أغوارها، فالتاريخ عندهم تعوزه دقة العالم، و شمول الفلسفة وإحاطتها، ولم يستطع الصعود إلى وجهة نظر عامة . وهم يتناولون التاريخ باعتباره فنا قوميا نافعا لا باعتباره مرآة تنعكس فيها الطبيعة البشرية .
وأشهر المؤرخين الصينيين شهرة هما : " سيزماتيان " المولود حوالي ) 145 ق – م ( و " سرجها كوانج " الملقب بأمير المؤرخين و قد ذاعت شهرته في القرن الحادي عشر ..
كتب الأول وثائق تاريخية تشمل كل ما له أهمية في الحوليات الصينية منذ عهد ) هونج تي ( : ) 2697 ق – م ( إلى العصر الذي عاش فيه، واستقصى الثاني تاريخ الصين خلال ألف و ثلاثمائة و اثنين و ستين سنة (8).
اهتم اليابانيون بالتاريخ مثل الصينيين، و يرى المتخصصون الأربيون في الدراسات اليابانية أن الكتابة التاريخية اليابانية ، ترجع إلى القرن السادس قبل الميلاد . و قد ترجمت إلى الانجليزية الحوليات اليابانية التي تمت سنة 720 ميلادية ، تبدو فيها طابع التأثير الصيني، إلا أنه حدث تطور ملحوظ في الكتابة التاريخية اليابانية ما بين القرنين الميلاديين ) 10 – 13 ( حيث اتسمت بأحكام السرد و إجادة التفكير التاريخي . أما في عهد الإقطاع ظهرت حوليات كثيرة و لكن قل ظهور المؤرخين الممتازين …
و أول مؤرخ ياباني صعد بالتاريخ إلى المرتبة العالمية هو " هاليسكي " ) 1657 – 1725 ( و يعتبره اليابانيون أعظم مؤرخيهم أصالة و أوسعهم إحاطة ، ومن كبار مؤرخي اليابان ) ربي سانجو ( ) 1780 – 1833 ( و في العصر الحديث ظهر في اليابان مؤرخون لهم وزنهم مثل ) موتوري نوريناجا ( ) 1730 – 1801 ( و هرانا استاني ) 1776- 1843 ( و ميزات الأدب الياباني كثرة الروايات اليابانية التاريخية التي ترجع إلى القرن العاشر و القرن الحادي عشر .
أما في الهند فإن التنافر في العادات و التقاليد و اللغة لم يساعد على ظهور الكتابة التاريخية ، لذلك ليس للهندوس تاريخ قومي مكتوب و قد استطاع الهنود أن يعبروا عن أفكارهم و خوالجهم في الكتب المسماة " فيدا " و هي تضم وصفات الحياة الاجتماعية لطائفة الهنود الآرين وآرائهم في الله و الكون و الإنسان و كذلك في الملاحم العظيمة مثل المهاراتا و االرامايانا، و مجموعة الحكم و الأمثال المسماة سوترا، و لكنهم لم يعنوا بتدوين أخبار الحياة الإجتماعية والأحداث الخارجية العادية .
وأقدم المؤلفات التاريخية الهندية لا ترجع إلى أبعد من القرن الحادي عشر الميلادي و أشهرها كتاب ) ملوك كاسميرا ( و تغلب عليه الروح الشعرية والنزعة الأسطورية (9) .
أما فيما يخص بني إسرائيل يرى " بارنز barnes " في كتابه ) أصول الكتابة التاريخية ( بأن الرخاء العظيم الذي استمتع به اليهود و المكانة التي ظفروا بها في ظل المملكة المتحدة في عهد " (شاول و داوود و سليمان( من البواعث الحافزة على كتابة التاريخ، وأقدم محاولتهم للكتابة التاريخية عهدا تتمثل في الأسفار الخمسة ، و سفر يشوع و سفر صمويل و سفر الملوك ..
ويرى الأستاذ برستيد brasted بأن هذه الأسفار هي أقدم ما نملك من الكتابة التاريخية عند قوم من الأقوام ومؤلفها المجهول هو أقدم مؤرخ في العالم القديم (10).
فكيف إذن ظهر هذا الأدب التاريخي عند بني إسرائيل؟ و بالرجوع إلى المؤرخ اليهودي فلافيوس يوسيفوس ) 37 – 105 م ( الذي يعتبر مؤرخ اليهود القومي فقد كتب بعد أن فقد اليهود وحدتهم و سقوط دولتهم و حاول إعادة ذكرى أمجادهم السالفة ليهون عليهم، لذلك عمد إلى المبالغة و الإشادة بالماضي .
يرى " فلنت " أن اليهود كانوا يعتقدون أن الله هو المحرك الأسمى للتاريخ ، و أن مملكته هي الغاية التي يتجه إليها التطور التاريخي .
و قد عرف اليهود بشدة اعتزازهم بماضيهم وإكبارهم لتاريخهم … (11)
و يعتبر التلمود أهم الكتب اليهودية، و هو مستودع للتراث اليهودي كله سواء التاريخي أو الجغرافي أو السياسي أو الأدبي و يقول عالم النفس الأمريكي " اريك فروم " في كتابه ) الدين و التحليل النفسي) بأن العهد القديم من الكتاب المقدس ) أي الكتابات اليهودية ( قد كتبت بروح الدين التسلطي و صورة الإله فيها صورة الحاكم المطلوب لقبيلة أبوية (12) Patriacal
و بخصوص الكتابات اليهودية يقول " اسبينوزا " : " لا ندري في أية مناسبة و في أي زمن كتبت هذه الأسفار التي نجهل مؤلفيها الحقيقيين، و لا نعلم ممن جاءت المخطوطات الأصلية التي وجد لها عدد من النسخ المتباينة، و لا نعلم أخيرا إن كانت هناك نسخ كثيرة أخرى في مخطوطات من مصدر آخر … ( (13)و يضيف نقلا عن ابن عزرا : " إن موسى ليس هو مؤلف الأسفار الخمسة بل إن مؤلفها شخص آخر عاش بعده بزمن طويل " (14) أي بقرون عديدة و يقول أيضا بأن أسفار الأنبياء ) أي أنبياء بني إسرائيل ( قد أخذت من كتب أخرى ورتبت ترتيبا معينا ، لم يكن دائما هو الترتيب الذي سار عليه الأنبياء في أقوالهم أو في كتاباتهم ، كما أن هذه الأسفار لا تتضمن جميع النبوات ، بل بعض النبوات فقط التي أمكن العثور عليها هنا و هناك، وبالتالي فليست الأسفار إلا مجرد شذرات صيغت على شكل رواية هي مجموعة من الفقرات المأخوذة من كتب الأخبار المختلفة ، بالإضافة إلى إنها تكون خليطا دون ترتيب و دون مراعاة للتواريخ ..(15)
إن الفريسين هم وحدهم الذين اختاروا أسفار العهد القديم ) من بين الكثير غيرها ( ووضعوها في المجموعة المقننة.
إن المجامع (synodes ) هي من قرر أي الأسفار يجب وضعها بين الكتب المقدسة و أيها يجب إبعادها، و بالتالي فإن سلطة جميع هذه الأسفار مستمدة من سلطة المجامع الدينية و سدنة الهيكل، إلا أن هذا لا يكفي لإثبات المصدر الإلهي لهذه الأسفار، فضلا عما تتضمنه الروايات و القصص الواردة في هذه الأسفار من أساطير و أوهام و خرافات، تجعلها أقرب إلى الآداب التاريخية البدائية …
إن الكتبة التاريخية اليونانية لم يتيسر ظهورها قبل القرن السادس قبل الميلاد ، ) و قد أشرنا إلى ذلك من قبل (، و لا شك أنه توجد في أسفار هوميروس معلومات وافرة عن المجتمع اليوناني و الثقافة اليونانية تقدم صورة واضحة لحضارة عصره …
إلا أن شيوع الكتابة النثرية، و كذلك النظرة النافذة إلى الأساطير الشائعة، وبواعث البحث عن أصول المجتمع و نشأة النظم و القوانين والعادات والتقاليد في منتصف القرن السادس قبل الميلاد ساهمت في توفير الشروط، والمستلزمات للسرد التاريخي..
ففي مطلع القرن السادس بدأ ) كادموس الميليتي ( ممارسة الكتابة النثرية بدلا من الكتابة الشعرية ، و يعد في طليعة الكتاب الناثرين في الأدب اليوناني ، و في نفس الوقت بدأ ظهور الفلسفة التي وضعت أصول التفكير الحر و شجعت على النقد (16)
ثم إن إنشاء المستعمرات و التبادل التجاري، أثر في تقدم الحضارة اليونانية ) في إيونيا وبحر إيجي( كما أن بروز الروح الناقدة ساعدت على تقدم الفلسفة و الأدب و الكتابة التاريخية.
و كذلك فإن احتكاك الثقافات يثير حب الاستطلاع و يحفز إلى التفكير و ينمي العقل.
إن نشوء الكتابة التاريخية كان جزءا من الحركة الفلسفية التي بدأت في ذلك العصر …
و قد ظهرت الرغبة لدى بعض البارزين لإبراز أدوارهم و مكانتهم الاجتماعية و عراقة أنسابهم ، فظهر كتاب يقومون بمهمة تمجيد الأسر الحريصة على إثبات عراقة الشرف و النسب …
و أدى هذا الاهتمام إلى تحري النساب الميل إلى العناية بالجغرافيا و دراسة أخلاق الشعوب المختلفة و عاداتها ، و تقاليدها و وسائل أحوالها الإجتماعية و الثقافية و التاريخية …
لذلك يغلب في الكتابة التاريخية عند اليونان الوصف الجغرافي و الإسهاب في الحديث في مختلف جوانب الحياة الإجتماعية للأمم التي يرد ذكرها ، و تسرد أخبارها " (17)
و قد بدأ المؤرخ ) هيكاشيوس ولد 550 ق- م( الكتابة العلمية للتاريخ بتحريه الحقيقة في المعلومات التي أوردها، كما كان له موقف ناقد من الأساطير المتداولة، و يقول بهذا الصدد " ما أكتبه هنا ) كتاب الأنساب ( تقرير و بيان لما أعده حقا، و ذلك لأن الأقاصيص اليونانية كثيرة و في رأيي أنها تدعوا إلى السخرية (18) .
و هناك كتاب التاريخ الذي ألفه ) هيرودوت 425 – 484 ق – م ( و هو مؤلف تاريخي شامل . و يعتبر " هردوت " بمثابة الأب لعلم التاريخ.
كان رحالة مطبوعا على حب الاستطلاع ، و الحرص على التزود من المعرفة ، و كان يسأل و يستفسر ، و يجمع المعلومات و الأخبار بمختلف الوسائل و السبل ، و يحاول أن يتعرف على العادات ، و التقاليد ، و العقائد و الأديان و القوانين و النظم ، لا يكاد يفلت من اهتمامه الفاحص و نظرته الشاملة شيء، و بقوة عبقريته استطاع أن يضمن كتابه كل ما رآه بعينيه و سمعه بأذنيه في أسلوب جذاب وعرض شائق مما جعل كتابه من طرائف كتب التاريخ الخالدة (19) .
و الموضوع الرئيسي في كتاب ) هرودوت (هو الحرب الفارسية و بخاصة القضاء على حملة ) اكسيركسيس ( و المعلومات التي جمعها حول هذا الموضوع رجحت أهميتها و فائدتها ..
و قد أخذ عليه تقصيره في وصف المعارك الحربية التي دارت بين الفرس و اليونان ..، و لكن مزاياه البارزة، أن عاطفته القومية لم تتغلب على أحكامه ، و بهذا نجده ينصف الفرس ، و يقر لهم بالشجاعة والإقدام ، الأمر الذي عرضه لنقد اليونانيين الشديدي التعصب لقوميتهم(20).

كانت الحرب الفارسية اليونانية في رأي هيرودوت تمثل تصادم طرازين من طراز الحضارة و هما الحضارة الهيلينية و الحضارة الشرقية و لذلك عمد إلى وصف سكان الضفة الغربية للبحر الأبيض المتوسط و العالم الآسيوي ، في القرنين السادس و الخامس قبل الميلاد و صفا تناول فيه الأحوال الإجتماعية و الثقافية ..
و يمتاز وصفه بالنزاهة التامة و التخلص من التعصب الجنسي أو الإقليمي، و قد أكدت البحوث الأثرية الحديثة صدق الكثير من أقاصيصه و أوصافه الإخبارية، و كان يفرق بين ما رآه بنفسه و بين ما يعتقده ، و بين ما يرويه من الأخبار السائدة و الأخبار المتداولة ..
و قد أظهر إيثاره لانتصار أثينا على اوتوقراطية الإمبريالية الفارسية ..
و في كتابه الذي يعتبر ملحمة إنسانية ضخمة ، يبدو تأثره بفكرة تدخل الآلهة في الشؤون الإنسانية …
إن مكانته بوصفه مؤرخا فنانا ، قدم أروع النماذج في السرد التاريخي الرفيع الحي النابض ، فوق متناول الشكوك(21) .
ومن معاصريه المؤرخ ) توقديد thucydide ( ) 396 – 456 ق – م ( الذي تناول الكتابة التاريخية بطريقة مخالفة لطريقة " هيرودوت " فقد أثر الجدية في البحث وتشدد في أبعاد الأساطير و الخرافات التي كان " هبرودوت " يميل إليها و يجد متعة في روايتها.
و قد وضع حدا فاصلا بين المنهج الملحمي ، و التأثر بالاعتقاد بما فوق الطبيعة ، و بين الكتابة التاريخية التي تقوم على تمحيص الحقائق، و استقصاء الأسباب المعقولة للأحداث و العلل الدنيوية ، و أعرض عن الاستطرادات ، واختار موضوعا محدد المعالم هو ) الحرب البليونسية 431 – 404 ق–م) و مجالها أقل اتساعا من المجال الذي اختاره " هيرودوت " ، و قد أعد كتابه في عهد نشوب الحرب و وقوع الصدام ، و يقول " برنز " بأن الصورة الموجزة التي قدمها في كتابه حول ارتقاء بلاد اليونان من حكومات المدن إلى الإمبراطورية الأثينية تبين أن (توقديد) كانت له قدرة عظيمة على بلورة رؤية تاريخية مؤسسة على قراءة دقيقة للأحداث و صيرورتها ..
و قد أظهر بأن أهمية الكتابة التاريخية متوقفة على دقة المعلومات، و صحتها، أكثر مما هي متوقفة على العرض الجذاب .
و هو في تماسك أسلوبه، و اكتفائه بالتفاصيل الوثيقة الصلة بموضوعه ، يعد في طليعة أوائل الداعين إلى التزام المنهج العلمي في كتابة التاريخ …
و قوام هذا المذهب الدقة في تمحيص المادة التاريخية التي يجمعها المؤرخ وهو القائل بأن المعرفة الوافية الدقيقة لما حدث مفيدة و نافعة، لأنه من المرجح احتمال وقوع أحداث شبيهة لما سبق أن حدث(22).
كان بالإضافة على نقد المراجع شديد الحرص على فحص الوثائق والأصول، وكان بارعا في تنسيق المواد التي يجمعها وكذالك في تفسيرها و بالفعل فقد كان ينظر إلى التاريخ من الناحية السياسية، و لكن من منظور السياسي الفيلسوف في ربطه بين المشكلات التاريخية و الأسباب السياسية ، و إلمامه بالأسباب المباشرة و الأسباب البعيدة و لم يكن يسمح لأي معتقد ديني أن يلون رؤيته التاريخية و يؤثر في أحكامه التاريخية ، لأنه كان يريد أن يكتب تاريخا صحيحا ..
و قد أخذ عليه أنه أعطى أهمية للعوامل الجغرافية في المواقف التاريخية، و أنه أغفل تأثير العوامل الثقافية و الاجتماعية والاقتصادية في سير التاريـخ (23).
أما المؤرخ اليوناني " بوليبوس " ) 198 – 117 ق – م ( فقد تناول صعود الإمبراطورية الرومانية و تطور نظامها السياسي حتى سنة ) 146 ق – م ( ، كما أبرز المثل العليا السياسية الرومانية ، و أساليب الرومان في الحرب، و رأي بأن العبقرية السياسية للرومان تجلت باتخاذ نظام للحكم يجمع بين النظام الملكي و النظام أرستقراطي و النظام الديمقراطي و بهذا المزج بين نظم الحكم الثلاثة استطاعوا أن يتجنبوا الخضوع في الحركة الدائرة ) الانتقال من نظام إلى آخر ( .
كان نافذ الرأي في الحكم على السياسات ، و دارسا متعمقا للأحداث والشخصيات، و تصويره لبعض الشخصيات التاريخية المشهورة مثل " هنبال " يعد من طرائف فن التصوير التاريخي كما أنه كان يؤكد على قيمة المعرفة الجغرافية في استجلاء حقائق التاريخ وتقلباته …
وكان يرى بأن معرفة الحقائق التاريخية المؤكدة، قد تعين في تنظيم إدارة الحكم ، و توجيه الأحوال العامة ، و حل المشكلات العارضة و تفريج الأزمات المفاجئة، و قد عني بمسألة السببية في الأحداث التاريخية و كان أكثر تعمقا من " توقديدس " في تحليل الأسباب غير الشخصية المؤثرة في حركة التاريخ ، و لو أن تفسيره كان يغلب عليه الجانب الأخلاقي أكثر من تغليب الناحية الاقتصادية و الاجتماعية (24) .
أما الرومان فإنهم لم يضيفوا للأدب التاريخي إضافات مبتكرة، و ذهبوا في العناية بالتاريخ مذهب اليونان ، و قد اتخذوا الكتابات اليونانية قدوة لهم في سائرنواحي الثقافة و مختلف فنون الأدب ..
إلا أن انتصار الديانة المسيحية على الوثنية كان له تأثير بعيد المدى في الكتابة التاريخية و في الأفكار التي كان يسترشد بها المؤرخون …
و أصبح الإيمان الديني المرجع الأعلى و الركن الأقوى و صار الاعتقاد بما فوق الطبيعة محك الفضائل …
لقد أسبغت الفلاطونية الجديدة على التفكير الديني هالة فلسفية و كان لها أثر واضح في تفكير القديس "أغسطين " و ذهب المؤرخون المسيحيون الأوائل إلى أن حركة التاريخ جزء من الحركة الكونية و قد تجلى هذا الاعتقاد في أوضح صورة في كتاب ) مدينة الله ( الذي كتبه القديس ) أغسطين ( حيث قسم التاريخ قسمين هما : تاريخ ديني مقدس ، و تاريخ دنيوي (25) .
بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية عمت الفوضى و خمدت الحركة الفكرية و ساد الجهل و التخلف و التعصب الديني، و لم تعد هناك عناية بكشف الحقائق، مما أدى إلى تفشي الأباطيل و الأخبار الزائفة خدمة لأغراض العصر، و مراعاة لمصالح الكنيسة، و المطامع الشخصية والولاءات لبعض الجماعات و المذاهب التي تقف حجر عثرة في سبيل تحرير التاريخ و تقدمه، و أصبح الحرص على الولاءات أهم و أوجب من الحرص على الحس التاريخي ..
ففي العصر الوسيط كانت معظم الكتابات التاريخية لنصرة الأمراء و الأعيان، و الأسر و الجماعات، و لتأييد مذهب من المذاهب الرائجة (26) .
بالنسبة لمؤرخي الإسلام ، كان التاريخ مصدرا للعبرة و الفطنة و المعرفة ، و اكتشاف السنن، و التعرف على قوانين الحركة التاريخية و الإفادة من التجارب من أجل الوقاية الحضارية .
و كانت للتاريخ أهميته في تشكيل الوعي التاريخي و الثقافي للأمة ، باعتباره وعاء الفعل الحضاري ، و ميدان تنزيل القيم على الواقع ، و ذاكرة الأمة (27) .
إن الكتابة التاريخية نشطت و ازدهرت و تنوعت خلال القرن الثاني الهجري ، و من أشهر مؤرخي هذه الفترة ) محمد بن اسحاق ( و الواقدي ، و الهيثم بن عدي ، و هشام بن محمد السائب ..
و قد مهد هؤلاء المؤرخون بما جمعوا من مادة السبيل لظهور المؤرخ المحدث الكبير ) محمد بن جرير الطبري – 310 هـ ( و اضرابه من كبار المؤرخين الذين عاصروه اوجاؤوا بعده(28)
كان الوافدي و ابن إسحاق من الذين انتقلوا من الحديث إلى الأخبار ، أما ) ابن جرير الطبري ( فقد كان محدثا كبير ، و إخباري من الطراز الأول ، و توفر هاتين الخصلتين ساعدت على رفع مستوى المؤرخين عند المسلمين ، و أعادت إلى التاريخ إعتباره ، و جعلت جهابذة العلماء و كبار الفقهاء يقبلون على دراسة التاريخ و التأليف فيه و الانقطاع له … (29)
و يأخذ على )الطبري ( أنه لم يتجاوز الوصف و السرد الحولي ، و لم يحاول سبر غور الأحداث و الكشف عن البواعث العميقة المستحقة التي تعمل وراء التغيرات الإجتماعية الظاهرة ، و كان يكتفي بذكر الأسباب المباشرة معتمدا في رواية الحوادث على الإسناد ، دون أن يخضع النص ببحثه و تحليله أو يزنه بميزانه …
و قد انتقد ابن خلدون هذه الطريقة في مقدمته ، و قال بأن الأخبار إذا اعتمد فيها على مجرد النقل لم تحكم أصول العادة و قواعد السياسة و طبيعة العمران و الأحوال في الاجتماع الإنساني و لم يؤمن فيها من العثور و زلة القدم و الحيد عن جادة الصدق(30) .
ولعل الإنصاف يقتضي بان نسجل أن (الطبري) كان واسع المعرفة غزير العلم، مستقل التفكير ، والأرجح أنه كان يغربل الروايات والأقاويل ،فيثبت ما يطمئن إليه ويراه جديرا بالثقة ، وينفي ما يداخله فيه الشك ، مما يدل على دقة النظر وصدق الحكم، وقد مهد الطريق لمن جاء بعده من كبار مؤرخي الإسلام مثل المسعودي ، صاحب مروج الذهب ، وابن مسكويه مؤلف كتاب تجارب الأمم، وابن الأثير ( كتاب الكامل ) وابن الفداء صاحب كتاب المختصر في تاريخ البشر، وابن خلدون مؤلف كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر(31)
ولا شك بأن التاريخ الإسلامي نشأ على غير مثال سابق أي أنه ليس نقلا أو اقتباسا أو استعارة من الغير…
" إن تأليف التاريخ الإسلامي من إبداع العرب .لقد فشلت المحاولات للعثور على مؤثرات خارجية ،يونانية أو فارسية على غرار ما كشف المنقبون ،من مؤثرات أجنبية في الفلسفة وعلم الكلام.
ويحق لنا إذن أن نضع التاريخ في مقام النحو أي في ميدان أظهر فيه العرب الأوائل أصالة وقوة على الخلق والإبداع لاشك فيهما." (32)
فالظاهر أنه ولد نتيجة لتطور المجتمع الإسلامي ومع تغير المناخ الفكري ..
وأغلب المؤرخين كانوا متأثرين ببيئتهم ونزعتهم المذهبية، وعقيدتهم السياسية، ولكن حظهم من النزاهة كان موفورا إلى حد كبير.
وقد اشتهر مؤرخو الإسلام بمراعاة الدقة في تسجيل الحوادث وتأريخها – كما امتاز التاريخ الإسلامي بإسناد الرواية التاريخية إلى شاهد عيان، فنشأ نوع من التدقيق يقوم على فحص سلسلة الاستناد..
ولما استقل التاريخ عن علم الحديث، تميز الإخباري عن المحدث ونشطت حركة الكتابة التاريخية، كما أن علم التفسير ساعد على التوسع في معرفة التاريخ والاهتمام به من طرف العلماء والفقهاء ..
وعلم التاريخ الإسلامي هو علم شامل يضم علم البلدان. وعلم السير والتراجم، والحوليات، وعلم المعرفة التاريخية.
والخلاصة أن المعرفة التاريخية من المنظور إلاسلامي، معرفة بخبر عن الواقع وفي الوقت نفسه علم بالوقائع الاجتماعية وطبائع ا لعمران وأسبابه وعلله..
فالثقافة التاريخية إذن تنمي الحكمة التي يتولد عنها عمق الاختيار وسعته، والتي تلح على الإنسان في التساؤل حتى يصل الأعماق والجذور…
وقد بلغ المؤرخون المسلمون درجة رفيعة في مجال الكتابة التاريخية ،ومثلوا عصرهم وثقافتهم خير تمثيل وساهموا في تقديم النموذج المثالي للمؤرخ وأساليبه في أداء رسالته…
ومن نافلة القول أن ما عرضناه حول أطوار تاريخ الكتابة التاريخية ونشأتها إنما قصدنا منه أن نقف عند رسالة المؤرخ لنستخلص منها أن مهمة المؤرخ ترتكز أساسا على استقراء التاريخ وتأويله أو بعبارة أدق قراءته…

-3-
فالتاريخ ليس هو الحوادث إنما هو تفسير هذه الحوادث، واهتداء إلى الروابط الظاهرة والخفية، التي تجمع بين شتاتها وتجعل منها وحدة متماسكة الحلقات ،متفاعلة الجزيئات ممتدة مع الزمن والبيئة امتداد الكائن الحي في الزمان والمكان . ولكي يفهم الإنسان الحادثة، ويفسرها ويربطها بما قبلها وما تلاها، ينبغي أن يكون لديه الاستعداد لإدراك مقومات الحياة البشرية جميعها : معنوية ومادية (33)
فمهمة المؤرخ تكمن في إدراك الحادثة التاريخية وفهمهما على الوجه الأكمل إلا أن أي نقص في الإدراك أو قصور في القدرة على النظر إلى الحادثة من شتى جوانبها، يعد عيبا في منهج العمل التاريخي وليس مجرد خطأ جزئي في تفسير حادثة أو تصوير حالة. (34)
فلا بد إذن من رؤية تنفذ إلى جوهر الأشياء ولب الوقائع والأحداث التاريخية، بقصد معرفة علاقاتها الصحيحة، والقيم الإجتماعية الكامنة فيها وكذلك الوقوف على العوامل المؤثرة في حركة التاريخ وصيرورته.ولعل اتساع آفاق المعرفة ، وتواصل الثقافات أدى إلى طرح تساؤلات منهجية ومعرفية، وفلسفية حول حمولة ومعاني ومضامين الكتابة التاريخية .
ومن ثمة فإن التاريخ ليس مجرد صور ، وتسجيل لأحداث بل منهج للاستقراء . والنقد والتقويم ، يكشف عن الحقائق الاجتماعية التي تصنع الحدث ، وتحدد المصير والرؤية المستقبلية .
ونظرا إلى أن الثقافة التاريخية هي مصدر معرفتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية … فلابد من الوقوف عند جميع القضايا، والنماذج، سواء تعلق الأمر بالإستبداد السياسي أو الظلم الإجتماعي والصراع الطبقي أو الانحراف السلوكي أو الفكري والثقافي أو التقليد الإجتماعي أو الفساد الإقتصادي .
وضرورة استخلاص العبر من كل ما يمكن أن يترتب عن هذه القضايا جميعها.(35)
يرى " كولنجوود " بأن التاريخ كله من صنع المؤرخ . في حين يرى ( سينيوبوس) أن التاريخ هو ثمرة جمع الو تائق ونقدها وترتيبها وتحليلها ، واستنباط المعلومات الكامنة فيها واستخلاص أحكام ثابتة على قضايا متميزة.(36)
إلا أن منطق التاريخ يفترض وجود فكر تاريخي وراء أي كتابة تاريخية.
وإذا ما درسنا التاريخيات الإسلامية وحللنا المفاهيم الأصلية عند المؤرخين المسلمين ’ فسوف نصل إلى تصور متكامل للتاريخ كصناعة وكتخصص معرفي.(37)
ومن هذا المنطلق، فإن المؤرخ المتمكن يجمع بين دقة ملاحظة العالم ونزاهته ، وبداهة الفنان وألمعيته، وزكانة الفيلسوف وبعد وغوره ، ولذلك لم يظهر كبار المؤرخين في مختلف الحضارات إلا في أوقات النضج والاكتمال ، وليست القدرة على الكتابة التاريخية من الهبات التي تجود بها الطبيعة في يسر وإسماح وإنما هي ثمرة من ثمرات الثقافة المتمكنة الأصلية.
كما أن النظر إلى الحقيقة التاريخية يتطلب رؤية صادقة ، ومعرفة بقوانين الطبيعة ،وطبائع البشر ،وسعة في النظر وأناة في إصدار الأحكام.(38)
والتاريخ الطويل هو محل الرؤية والاستقراء، والاستنتاج لمثل هذه القوانين التي تحكم الحركة البشرية عموما .
فلا بد إذن من فهم هذه القوانين التاريخية فالتغيير رهين باستيعابها، واكتشاف عوامل وأدلة التحريك فيها لذلك ركز الاستعمار على دراسة التاريخ والعلوم الإجتماعية ليكون ذلك مدخله الصحيح إلى التحكم وبسط سيطرته فالثقافة التاريخية والاجتماعية هي مفاتيح الشعوب ،ودليل التعامل معها (39) والثقافة التاريخية أيضا مصدر للمعرفة التي تستوعب المعلومة ،وتوسع الخبرة، وتغنى التجربة، وتعرفنا على أسباب التداول الحضاري .
ومن هذا المنظور فإن التاريخ هو المفتاح الكبيرللمشكلات المعقدة .
والتاريخ هو الرحم الذي خرجت منه العلوم الاجتماعية واستقرئت قوانينها ،وفلسفتها ونظرتها الكلية التي تنظم جميع الجزئيات، وكان السبيل إلى إكتشاف الحركة الإجتماعية . لأنه المختبر الحقيقي للمبادىء والقيم والفلسفات .
والتاريخ ليس حركة عشوائية ،قائمة على المصادفة،وإنما ينتظمه قانون وتحكم حركته سنن، وهو أعمال وصناعة البشر أصحاب القدرات والإرادات، والمسؤوليات ..
ولو لم يكن للتاريخ هذا البعد لما استحق أن يكون علما ومصدرا للعبرة والتجربة للإنسان في كل زمان.
ولما جاز أن يترتب عن الفعل التاريخي أية مسؤولية وعبر تغذى عقولنا…
وبكلمة مختصرة لما كان لقصص التاريخ أي معنى في صناعة الحاضر ورؤية المستقبل..(40)
إن تشكل الوعي التاريخي هو الباعث لأية عملية للإصلاح والتغيير ،واستشراف لآفاق المستقبل ..
وتأسيسا على ذلك فإن الوعي التاريخي يتطلب معرفة عميقة بطبائع العمران البشري وأسبابه وعلله ،مع إدراك صحيح للوقائع أو الظواهر الإجتماعية والثقافية المؤثرة في الأحداث وصياغة ملامحها وتشكل أنماطها الإجتماعية والتاريخية بفعل التأثيرات المتبادلة للنشاطات الإنسانية المختلفة..
فالمعرفة التاريخية من منظور أو مرآة المؤرخ تتمثل في تحليل الحدث ومعرفة قوانين ، بهدف وضع تاريخ علمي يرتكز على قواعد النقد السليم وتحديد العوامل الكامنة وراء تطور الوقائع الأساسية المتعلقة بالجغرافيا البشرية والمظاهر الكبرى ذات الصبغة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية (41) فالكتابة التاريخية إذن تنكب على فهم الحدث وتأويله وتطبيقه بغرض تحديد أو استكشاف أبعاد الوظيفية التاريخية لعصر من العصور وما قد يترتب على ذلك من تأثير على الحقب أو الأجيال اللاحقة .
ومما تجدر ملاحظته في هذا السياق أن العلوم الاجتماعية الحديثة، ميزت بين الوظيفة التاريخية والدور التاريخي …، فالدور محدود في الزمان ،أما الوظيفة قد تتجدد وتؤثر في العصور اللاحقة .
ومن ثمة فإن الدور يرتبط بشبكة التفاعلات الإجتماعية أي بالواقع الظرفي أو العوامل الذاتية .
أما الوظيفية ،فترتبط بغاية بعيدة المدى بالبنيات والمؤسسات الاجتماعية أي بالعوامل الموضوعية وبالتالي تتجاوزالدور التاريخي او الأدوار التاريخية ..(42)
إن أهمية الثقافة التاريخية تتمثل بحق في نشأة الوعي التاريخي الذي يحرر العقول ويطلق الإرادات ويدفع بالقدرات الفاعلة للقيام بترجمة القيم والمبادئ إلى حقائق منزلة على الواقع الإجتماعي ..
فالغاية إذن من المعرفة التاريخية أو من التاريخ كعلم يهتم بالإنسان بكل مكوناته وتجلياته وتشكلاته، تتلخص في فهم قوانين الإجتماع البشري من أجل تأصيل الحاضر، وبما أن الوسيلة تؤدي إلى الغاية فإن معرفة القوانين الإجتماعية تساهم بالتاكيد في تطوير الواقع وحل مشكلاته، والقضاء على أسباب معوقاته..، وفتح مغالقة التي تمنع أي محاولة لتطويره ..(43).
فتفسير التاريخ أو قراءته من أجل فهم طواياه انما هو وسيلة تمهد الطريق، وتؤسس لفكر منهجي مستوعب لمجمل القوانين الحاكمة، لبناء الأمم وسقوطها ..، والهدف هو معالجة القضايا والأسئلة التي تدور حول كيفية التحرك والنهوض بالمجتمعات، واستخدام أدوات المعرفة التاريخية في فهم الماضي واستشراف المستقبل.

-4-
إن السؤال الذي عمدنا إلى طرحه في مستهل هذا البحث حول المضامين النسقية والأساليب المنهجية لمقاربة قراءة التاريخ إنما نروم من خلاله لفت النظر إلى أهمية الثقافة التاريخية في تكوين العقل المعرفي.(الأبستيمولوجي) الذي من نتائجه الهامة أنه جعل من الفكر والعلم والمعرفة المصدر الأول للتطور والأداة الفعالة في التغيير التاريخي المنشود من جيل إلى آخر.
لهذا انصب اهتمامنا على المقاربة المنهجية لما يتضمنه النص التاريخي من أحداث وصور ووقائع تحبل بالمعاني والعبر التي تلخص التجربة الإنسانية وتحيل على أسبابها وعللها.وبحق نستشف منها الحقائق والمثل التي تضيء السبل، وتفتح الآفاق وتشحذ الإرادات الخلاقة والمبدعة والمجددة للمجتمعات والمؤسسة للدول.
وما يجب استخلاصه من الدرس التاريخي هو أن الوعي التاريخي تنشأ عنه الوظيفة التاريخية التي تجعل جيلا معينا يقوم بدور تاريخي ويسهم في حركة التاريخ لعصره، في مختلف المجالات : السياسية والإجتماعية والثقافية والإقتصاية ..
فلنقرأ التاريخ إذن باعتباره غاية الى تطور الدول ووسيلة لبناء المجتمعات المتحضرة.
وبحق فإن الفيلسوف هيجل فسر التاريخ كله بالصراع الدائم بين فكرتين أي أن الحركة التاريخية هي خلاصة جدل قائم بين الفكرة ونقيضها.
ومن ثمة لم يعد علم التاريخ محصورا في جمع المعلومات عن الماضي وتحقيقها، وسرد الأحداث أو رواية الأخبار، وتسجيلها، وتفسيرها..
فالتاريخ يدرس التطور البشري في جميع مناحيه وأطواره، بحثا عن الغاية من جدلية التاريخ، وحركته الدائبة وصراعه المحتدم، بين عالم الأفكار وعالم الأشخاص وعالم الأشياء.
الهـوامـــش:
1. عبد الله العروي- مفهوم التاريخ – ج II المركز الثقافي العربي ط I 1992 ص 309
2. علي أدهم – تأريخ التاريخ – كتابك رقم 6-دار المعارف- 1977 ص3
3. م –س- ص 5
4. م –س- ص 9
5. م –س- ص 10
6. م –س- ص 12
7. م –س- ص 13
8. م –س- ص 14-15
9. م –س- ص 18
10. م –س- ص 20
11. م –س- ص 21
12. د/ محمد الحسيني إسماعيل: بنو إسرائيل من التاريخ القديم .. وحتى الوقت الحاضر –مكتبة وهبة- ط I 2022 ص 19
13. اسبينوزا رسالة في اللاهوت والسياسة ترجمة د/ حسن حنفي دار الطليعة ط 4- 1997 ص 255
14. م-س- ص 266
15. م-س- ص 311
16. علي أدهم – م- س ص 22
17. م – س- ص 24
18. م – س- ص 25
19. م – س- ص 26
20. م – س- ص 27
21. م – س- ص 28
22. م – س- ص 30
23. م – س- ص 31
24. م – س- ص 33
25. م – س- ص 41
26. م – س- ص 44
27. د/ سالم أحمد محل –المنظور الحضاري في تدوين التاريخ عند العرب – كتاب الأمة رقم 60- ص 34
28. علي أدهم – بعض مؤرخي الإسلام- ص 28
29. م – س- ص 29
30. م – س- ص 33-34
31. م – س- ص 35
32. عبد الله العروي – العرب والفكر التاريخي ط 2- ص 79
33. سيد قطب في التاريخ فكرة ومنهاج دار الشروق ط 11 ص 37
34. سيد قطب – م- س ص 39
35. د/ سالم أحمد محل – المنظور الحضاري في تدوين التاريخ عند العرب ص 26
36. عبد الله العروي – مفهوم التاريخ – ج I ص 19
37. – م – س ص 20
38. علي أدهم – بعض مؤرخي الإسلام ص 1-2
39. د/ سالم أحمد محل – المنظور الحضاري في تدوين التاريخ عند العرب ص 22
40. م – س- ص 20
41. د/ نبيل خلدون فريسة – ابن خلدون مرآة الجو كندا ص 68
42. م – س- ص 18
43. د/ حسن حنفي –التراث والتجديد- ( المؤسسة الجامعية ط 5-2002 ) ص 13.


التصنيفات
تاريـخ,

صناعة المؤرخ / تويليه وتولار

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


صناعة المؤرخ / تويليه وتولار

الحجم : 3.22 MB

http://www.mediafire.com/?27vflf2q85wdu40#1


التصنيفات
تاريـخ,

حوار الحضارات / روجيه جارودى

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حوار الحضارات / روجيه جارودى

الحجم : 8.7 MB

http://www.4shared.com/get/lCIlym9e/___online.html


التصنيفات
تاريـخ,

الاستشراق و التاريخ الاسلامي: القرون الاسلاميه الاولي: دراسه مقارنه بين وجهه النظر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


الاستشراق و التاريخ الاسلامي: القرون الاسلاميه الاولي: دراسه مقارنه بين وجهه النظر الاسلامي و وجهه النظر الاوروبيه / فاروق عمر فوزي

الحجم : 9.79 MB

http://www.al-mostafa.info/data/arab…ile=008273.pdf


بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .


التصنيفات
تاريـخ,

تاريخنا الإسلامي لا يجب أن يكون سياسياً فقط !!

تاريخنا الإسلامي لا يجب أن يكون سياسياً فقط !!

21/01/1431 الموافق
06/01/2010

إن كتب التاريخ العام التي صنفها المؤرخون الكبار جعلت أكبر همها ومحور بحثها وعنايتها : الجانبَ السياسيّ والعسكريّ في التاريخ ، وكأنها قصرت التاريخ على الملوك والحكام ومن يدور في فلكهم من القواد والأعوان، ولم تعط مساحة كافية للشعوب والجماهير والفئات والطبقات المختلفة في قلب المجتمع.

هذا مع إن هذه الفئات قد وجدت لها متسعاً في التاريخ الإسلامي ، ولكن على مستوى آخر غير التاريخ العام، وهو مستوى التراجم الشخصية ، والطبقات الفئوية، التي شملت كل أصناف المجتمع وطبقاته من القمة إلى السفح ، ومن السقف إلى القاع.

وقد عدد مؤرخ الإسلام الكبير الحافظ شمس الدين الذهبي أنواع التواريخ التي تناولت شتى طبقات المجتمع ، فبلغت (40) أربعين تاريخاً ، نقلها عنه الحافظ المؤرخ شمس الدين السخاوي في كتابه "الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ" ، وهذه الطبقات أو هذه التواريخ التي ذكرها الذهبي ، هي :

1- سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم.

2- قصص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

3- تاريخ الصحابة رضي الله عنهم.

4- تاريخ الخلفاء من الصحابة ، ومن بني أمية ، وبني العباس ، ومعهم المروانية بالأندلس والعبيدية بالمغرب ومصر.

5- وتاريخ الملوك والدول ، والأكاسرة والقياصرة ، ومعم ملوك الإسلام ، كابن طولون ، والإخشيد ، وابن بويه ، وابن سلجوق ، ونحوهم ، وملوك خوارزم ، والشام ، وملوك التتار ، ومن لقب بالملك.

6- تاريخ الوزراء ، أولهم هارون عليه السلام ، وأبو بكر ، وعمر ، وبعضهم دخل في الأنبياء ، وفي الخلفاء ، وغير ذلك ، وفي الملوك.

7- تاريخ الأمراء ، والأكابر ، ونواب الممالك ، وكبار الكتاب ، ومنهم خلق من الموقعين ، وبعضهم أدباء ، وشعراء.

8- تاريخ الفقهاء وأصحاب المذاهب ، وأئمة الأزمنة ، والفرضيين ، قلت: ويدخل فيه أهل الاجتهاد ممن قُلّد ، وغيرهم.

9- تاريخ القراء بالسبع (أي بالقراءات السبع ، وينبغي أن نضم إليها الثلاث الأخرى من القراءات العشر).

10-تاريخ الحفاظ.

11-تاريخ مشيخة المحدثين وأئمتهم.

12-تاريخ المؤرخين.

13-تاريخ النحاة ، والأدباء ، واللغويين ، والشعراء ، والبلغاء ، والعروضيين، والحساب.

14-تاريخ العباد ، والزهاد ، والأولياء ، والصوفية ، والنساك.

15-تاريخ القضاة ، والولاة ، ومعهم تاريخ الشهود ، والأمناء.

16-تاريخ المعلمين ، والوراقين ، والقصاص ، والطرقيّة ، والغرباء.

17-تاريخ الوعاظ ، والخطباء ، وقراء الأنغام ، والندماء ، والمطربين.

18-تاريخ الأشراف ، والأجواد ، والعقلاء ، والأذكياء ، والحكماء.

19-تاريخ الأطباء ، والفلاسفة ، والزنادقة ، والمهندسين ، ونحو ذلك.

20-تاريخ المتكلمين ، والجهمية ، والمعتزلة ، والأشعرية ، والكرامية ، والمجسمة.

21-تاريخ أنواع الشيعة ، من الغلاة ، والرافضة ، وغير ذلك.

22-تاريخ فنون الخوارج ، والنواصب ، وأنواع المبتدعة ، وأهل الأهواء.

23-تاريخ أهل السنة من علماء الأمة ، وصوفيتها ، وفقهائها ، ومحدثيها.

24-تاريخ البخلاء والطفيلية ، والثقلاء ، والأكلة ، وذوي الحمق ، والخيلاء ، والسفهاء ، قلت (والقائل السخاوي) : ولم يتعرض لضدهم من الكرماء والأجواد ، كأنه للاكتفاء بالأجواد فيما تقدم ، وقد اجتمع لي منهم جملة.

25-تاريخ الأضراء (جمع ضرير وهو الكفيف) والزّمْنَى ، والصم ، والخرس ، والحدبان (ذوي الظهر الأحدب).

26-تاريخ المنجمين ، والسحرة ، والكيمائيين ، والمطالبين ، والمشعوذين. ( يقصد بالكيمائيين : الذين يزعمون أنهم يحولون الحديد إلى ذهب!! ولهذا وضعهم مع السحرة وأشباههم).

27-تاريخ النسابين ، والأخباريين ، والأعراب.

28-تاريخ الشجعان ، والفرسان ، والشطار ، والسعاة.

29-تاريخ التجار ، وعجائب الأسفار ، والبحار ، وغرباء البحرية ( كأنه يقصد : القراصنة).

30-تاريخ أولى الصنائع العجيبة ، والرشقين في أشغالهم ، واقتراحهم ، وتوليد فنون الأعمال.

31-تاريخ الرهبان ، وأولي الصوامع ، والخلوات ، والأحوال الفاسدة.

32-تاريخ الأئمة (أئمة المساجد) ، والمؤذنين ، والموقتين ، والمعبرين ، والعامة.

33-تاريخ قطاع الطرق ، والفداوية ، ولُعّاب الشطرنج والنرد والقمار ، قلت : وترك الرمي بالنشاب.

34-تاريخ الملاح ، والعشاق ، والمتيمين ، والرقاصين ، وشربة الخمور ، وأهل الخلاعة ، والقيادة ، والكذب ، والأبْنة.

35-تاريخ أولي الدهاء والحزم والتدبير والرأي والخداع والحيل.

36-تاريخ المنديين ، والمخايلين ، والصانعين ، والفرشيين ، والمخنثين ، وأهل المجون ، والمزاح ، والتجر ، والتلار ، والكذب. ( هذه مصطلحات لفئات كانت معروفة في زمن الذهبي ، وإن لم نعرف مضمونها بالضبط، ولكن يظهر أنها جميعاً مذمومة بدليل ما عطفت عليها).

37-تاريخ عقلاء المجانين ، والموسوسين ، والمتمرين ، والمدمغين ، والمطعومين.

38-تاريخ السائلة ، والشحاذين ، والمتنين ، والحرافشة ، والجمرية .

39-تاريخ قتلى القرآن والحب والسماع والفرع والحال.

40-تاريخ الكهان ، وأولي الخوارق والكشف ، الذي كأنه كرامات ، من الفسقة وغيرهم .

قال الذهبي : فهذه أربعون تاريخاً.

وأود أن أضيف هنا : ملاحظات خمساً :

الأولى : أنه أغفل ذكر تاريخ بعض الطبقات المهمة في المجتمع مثل أصحاب الحرف المختلفة ، مثل : النجارين والحدادين ، والبنائين ، والخياطين ، والصباغين ، والصيادين ، والجزارين ، والنحاسين ، والصاغة ، وغيرهم من ذوي الحرف.

ِالثانية : أنه لم يذكر : تاريخ المتنبئين ، ممن ادعى النبوة مثل مسيلمة وسجاح والأسود العنسي وطلحة الأسدي ومن بعدهم.

الثالثة : أنه لم يذكر : تاريخ البلدان ، مثل تاريخ مكة ، والمدينة ، وتاريخ دمشق ، وبغداد ، واليمن ، ومصر ، وجرجان ، وخراسان ، وغيرها ، بل تواريخ أقاليم ومدن في البلدان الكبيرة ، مثل الصعيد والإسكندرية في مصر.

الرابعة : أنه جمع أحياناً فئات متباينة في تاريخ واحد ، مثل : تاريخ النحاة ، والأدباء ، واللغويين والشعراء والبلغاء والعروضيين ، والحساب ، وهم في الحقيقة أكثر من فئة.

ومثل ذلك : تاريخ الوعاظ ، والخطباء ، وقراء الأنغام ، والندماء ، والمطربين ، والآخرون غير الأولين قطعاً.

الخامسة : أن هناك تواريخ اهتمت بأهل قرن معين ، مثل "الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة "لابن حجر ، و "الضوء اللامع في أعيان القرن التاسع" للسخاوي ، وغيرها.

ِعلى أن كتب التاريخ العام أو التاريخ السياسي لا تهتم من التواريخ الأربعين التي ذكرها الذهبي ، إلا بثلاثة أو أربعة منها ، وهو : تاريخ الملوك والأمراء والوزراء وأمثالهم ، دون بقية الأصناف والفئات.

وقد حاول الإمام الذهبي في تاريخه "تاريخ الإسلام" أن يترجم للأعلام من شتى الطبقات ، فكان أقرب إلى الاستيعاب والإنصاف.

قال العلامة السخاوي في كتابه "الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ": وقرأت بخط الذهبي أيضاً في تاريخ الإسلام له : أنه " جمعه ، وتعب فيه ، واستخرجه من عدة تصانيف ، يعرف بها الإنسان ما مضى من التاريخ ، من أول تاريخ الإسلام إلى عصرنا هذا ، ومن وفيات الكبار من الخلفاء ، والقراء ، والزهاد ، والفقهاء ، والمحدثين ، والعلماء ، والسلاطين ، والوزراء ، والنحاة ، والشعراء ، ومعرفة طبقاتهم وأوقاتهم ، وشيوخهم وبعض أخبارهم ، بأخصر عبارة ، وألخص لفظ ، وما تم من الفتوحات المشهورة ، والملاحم المذكورة ، والعجائب المسطورة ، من غير تطويل ، ولا إكثار ، ولا استيعاب ، ولكن أذكر المشهورين ومن يشبههم ، وأترك المخمولين ومن يشبههم , وأشير إلى الوقائع الكبار ، إذ لو استوعبت التراجم والوقائع ، لبلغ الكتاب مائة مجلد ، بل أكثر ، لأن فيه مائة نفس يمكنني أن أذكر أحوالهم في خمسين مجلداً).

وذكر الذهبي ما طالعه من الكتب لتصنيف (تاريخه) فكان عدداً كبيراً وبعضها ليس نصاً في التاريخ ، ولكنه استفاد منه مادة تاريخية.

المرجع : تاريخنا المفترى عليه!! للدكتور يوسف القرضاوي ، ص244


شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .

التصنيفات
تاريـخ,

فن كتابة التاريخ وطرق البحث فيه / د. سيد احمد علي الناصري

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

فن كتابة التاريخ وطرق البحث فيه / د. سيد احمد علي الناصري

الحجم : 7 MB

http://www.4shared.com/get/7pzlz0-f/___.html


التصنيفات
تاريـخ,

نشأة علم التاريخ عند العرب / عبدالعزيز الدوري

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نشأة علم التاريخ عند العرب – عبدالعزيز الدوري

الحجم : 23.6 MB

http://www.4shared.com/get/V_OCSTOz/_____-_.html


التصنيفات
تاريـخ,

موسوعة معارك العــــرب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

موسوعة معارك العــــرب

الحجم : 19.9 MB

http://www.4shared.com/get/lB6aJkxO/___online.html