بطيبـة رسْـم للـرسـول ومعهـدُ * * * منير وقد تعفـو الـرسـوم وتهمـدُ
ولا تمتحى الآيات مـن دار حُـرمـة * * * بها منبـر الهادي الذي كـان يصعـدُ
وواضـح آثـار وبـاقـي معـالم * * * وربـع لـه فيـه مصلـىً ومسجـد
بها حجُـرات كـان ينـزل وسْطها * * * مـن الله نـور يستضـاء ويـوقَـد
معارف لم تُطمـسْ على العهـد أيها * * * أتاهـا البلـى فـالآي منهـا تجـدَّدُ
عـرفت بها رسْم الرسـول وعهـده * * * وقبـراً بهـا واراه فـي التُّرب ملحد
ظللت بها أبكي الرسـول فأسعدت * * * عيـون ومثـلاها مـن الجفن تسعـد
يـذكِّـرن آلاء الرسـول وما أرى * * * محيـصا لهـا نفسـي فنفسـي تبلَّـد
مفجَّعـة قـد شفَّهـا فقْـد أحمـدٍ * * * فظلَّـت لآلاء الـرسـول تعـدِّد
وما بلغت من كـل أمـر عُشيـره * * * ولكـن لنفسـي بعـد ما قد تـوجد
أطالت وقوفا تذرف العيـن جهـدها * * * علـى طلل القبـر الـذي فيه أحمـد
فبوركت يا قبر الرسـول وبوركتْ * * * بـلاد ثـوى فيها الرشيـد المسـدَّد
وبـورك لحـد منـك ضمّـن طيباً * * * عليـه بنـاء مـن صفيـح منضّـد
تهيـل عليه التُّـرب أيـدٍ وأعيـنٌ * * * عليـه وقـد غـارت بذلك أسعـد
لقـد غيَّبـوا حلْماً وعلمـًا ورحمـةً * * * عشيـةً يعلـوه الثـرى لا يـوسَّـد
وراحوا بحـزن ليس فيهـم نبيُّهـم * * * وقـد وهنـت منهـم ظهـورٌ وأعضُد
فيبكـون من تبكي السماوات يـومه * * * ومـن قد بكته الأرض فـالناس أكمـد
وهـل عـدلت يـوما رزيةُ هالكٍ * * * رزيـةَ يـوم مـات فيـه محمـد
تقطّـع فيه منـزل الـوحي عنهـم * * * وقـد كـان ذا نـور يغـور وينجـد
يـدل على الـرحمن مـن يقتدي به * * * وينقـذ من هـول الخـزايا ويرشـد
إمام لهـم يهـديهم الحـقَّ جاهـداً * * * معلِّـمُ صـدْق إن يطيعوه يسعـدوا
ويعفو عن الزلات يقبـل عـذرهـم * * * وإن يحسنـوا فـالله بالخيـر أجـود
وإن نـاب أمـر لم يقـومـوا بحمله * * * فمـن عنـده تيسيـر مـا يتشـدَّد
فبينا هـم فـي نعمـة الله بينهـم * * * دليـلٌ بـه نهـج الطـريقـة يقصـد
عزيزعليه أن يجـوروا عـن الهـدى * * * حـريـصٌ على أن يستقيموا ويهتـدوا
عطـوفٌ عليهـم لا يثنِّـي جناحه * * * إلـى كنَـف يحنـو عليهـم ويمهـد
فبينا هم فـي ذلك النـور إذ غـدا * * * إلى نـورهمس هم من المـوت مقصـد
فأصبـح محمـودا إلـى الله راجعـاً * * * ويبكـيه حـتى المـرسـلاتُ ويُحمَـدُ
وأمست بـلاد الحـرْم وحشاً بقاعُها * * * لغيبة ما كانت مـن الـوحـي تعهـد
قفاراً سوى معمـورة اللحـد ضافها * * * فقيـدٌ ويبكيـه بـلاط وغـرقــد
ومسجـده فالمـوحشـات لفقـده * * * خـلاءٌ لـه فيـه مقـام ومقْعـد
وبالجمـرة الكبـرى له ثم أوحشتْ * * * ديـارٌ وعـرْصـاتٌ وربـعٌ ومـولدُ
فبكِّى رسـولَ الله يـا عيـن عبرةً * * * ولا أعرفنْك الـدهـرَ دمعُـك يجمـد
ومـا لك لاتبكيـن ذا النعمة التـي * * * على النـاس منهـا سـابـغ يتغمـد
فجـودي عليه بالدمـوع وأعْـوِلي * * * لفقد الذي لا مثله الـدهـرَ يـوجـدُ
ومـا فقَـد الماضـون مثـلَ محمـدٍ * * * و لا مثلَـه حتـى القيـامـةِ يُفقَـدُ
أعـفَّ وأوفـى ذمـةً بعـد ذمـةٍ * * * و أقـربَ منـه نـائـلاً لا ينكّـد
وأبـذلَ منـه للطـريـف وتالـدٍ * * * إذ ضـنَّ معطـاءٌ بـما كـان يتـلد
وأكرمَ صيتاً فـي البيـوت إذا انتمى * * * وأكـرمَ جَـداً أبطحيـاً يسـوَّد
وأمنـعَ ذرْواتٍ وأثبتَ فـي العـلا * * * دعـائـمَ عـزٍ شـاهقـات تشيَّـد
وأثبتَ فـرْعاً فـي الفـروع ومنبتاً * * * وعُـوداً غـذاه المـزن فالعُـود أغْيـد
ربَـاه وليـدا فـاستتـمَّ تمـامـه * * * علـى أكـرم الخيـرات ربٌ ممجَّـد
تنـاهـت وصـاة المسلميـن بكفه * * * فلا العلـم محبـوس ولا الـرأي يفنـد
أقـول ولا يلقـى لقـولـي عائب * * * مـن النـاس إلا عازبَ العقـل مبْعَـد
وليـس هـواي نـازعاً عـن ثنائه * * * لعلِّـي بـه فـي جنـة الخـلد أخْـلد
مع المصطفى أرجـو بذاك جـواره * * * وفـي نيـل ذاك اليوم أسعى وأجهَـدُ