العولمة ومقتضيات التنمية البشرية فى شمال أفريقيا
م
عهد البحوث والدراسات الأفريقية
جامعة القاهرة
1-مقــدمة :-
لقد شهد العقد الأخير من القرن العشرين سيادة اقتصادات المعرفة على المستوى العالمى ، وأصبح الطريق للاندماج الايجابى فى منظومة الاقتصادات المتقدمة رهناً بما يمكن أحرازه وتحقيقه فى مجال التنمية البشرية من تعليم وصحه وحقوق سياسية ، وقبل كل ذلك زيادة متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى .
أدركت دول العالم ومنها بطبيعة الحال دول الشمال الأفريقى (مصر –ليبيا- تونس – الجزائر – المغرب) (1) أهمية الاهتمام بالعنصر البشرى باعتباره أداه التنمية وغايتها غير أن أغلب الدول النامية بشكل عام رغم أدراكها لهذه الحقيقة ظلت تعانى من ضعف مستوى التنمية فى هذا المجال وفقاً لما تشير به المؤشرات الصادرة عن المنظمات الدولية والتى هى أساساً مستقاه من المصادر الوطنية . تقف الندرة النسبية للموارد الاقتصادية فى هذه الدول عائقاً نحو تحقيق التنمية البشرية المنشودة ، رغم أهميتها وإدراك الدول لهذه الأهمية كسبيل للاندماج فى منظومة الاقتصاد العالمى فى عصر يتسم بالكثافة المعرفية على مستوى الإنتاج السلعى .
تهدف هذه الورقة لعرض وتحليل حالة التنمية البشرية فى دول شمال أفريقيا كما ترسم سبيل تحقيق هذه التنمية فى ظل الندرة النسبية للموارد من ناحية وظروف العولمة من ناحية أخرى .
تم تقسيم الورقة للأقسام الرئيسية التالية ، فضلاً عن المقدمة والخاتمة وقائمة المراجع :-
القسم الأول: أهمية التنمية البشرية كمحور فاعل للاندماج فى الاقتصاد العالمى .
القسم الثانى: حالة التنمية البشرية فى شمال أفريقيا ، وتفسير اتجاهاتها .
القسم الثالث: تعزيز عوامل النجاح وتحقيق التقدم فى مجال التنمية البشرية فى دول شمال
أفريقيا .
2- أهمية التنمية البشرية كمحور فاعل للاندماج فى الاقتصاد العالمى
2-1 أوضاع التنمية فى دول الشمال الأفريقى
يعيش فى دول إقليم الشمال الأفريقى حوالى 150 مليون نسمة ، يمثلون قرابة خمس سكان القارة ، وقد بلغ متوسط الفرد من الناتج المحلى الإجمالى (World Bank, 2022:5) 1630 دولار أمريكى فى عام 2000 ، وهو ما يمثل أكثر من ضعف متوسط نصيب الفرد فى القارة الأفريقية ككل ، إذ بلغ متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلى فى القارة فى ذات العام 671 دولار أمريكى فى السنة . وإذا كانت دول الشمال الأفريقى وفقاً لمقياس متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلى (رغم ما يعترى هذا المقياس من عيوب) هى أفضل حالاً من دول أفريقيا جنوب الصحراء ، والذى بلغ متوسط نصيب الفرد فيها من الناتج المحلى الإجمالى عن العام نفسه 299 دولار – ( بعد استبعاد جمهورية جنوب أفريقيا ) ، فإن أغلب هذه الدول وقد ارتبطت بعضوية منظمة التجارة العالمية من ناحية ، وباتفاقات الشراكة مع الاتحاد الأوروبى من ناحية أخرى .
ان دول الشمال الأفريقى إذا ما وضعت فى مقارنات أخرى مع باقى دول العالم ، فأن الصورة لا شك سوف تكون فى غير صالحها ، أن أجراء المقارنة هنا يجد أساسه فى اتجاه دول الشمال الأفريقى للاندماج فى السوق العالمى أو على الأخرى أنها قد أندمجت بالفعل فى الاقتصاد العالمى أن هذا الاندماج يقوم بالأساس على المنافسة وتقسيم العمل على المستوى الدولى ، ولا شك أن تقسيم العمل على المستوى الدولى سوف يترك تأثيره على عملية التنمية ، ومن ناحية أخرى فأن المنافسة يفترض قيامها بين الأنداد أى تحقيق شرط التكافؤ لذلك بالمطلوب هو تعظيم المنافع من هذا الاندماج .
أن الصورة التى يمكن أن نشتق منها حال دول الشمال الأفريقى توضحها تقارير التنمية التى ينشرها البنك الدولى (World Bank,2000:279-275) بشكل دورى سنوياً ، إذ يتضح وفقاً لمعيار متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى أن هذه الدول تأتى ضمن دول مجموعة الدخل المتوسط المنخفض ، وفقاً لترتيب البنك الدولى عام 1999 بحسب معيار متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى فأن دول الدراسة كان ترتيبها على مستوى 206 دولة على النحو التالى تونس تأتى فى المرتبة رقم 101 ، الجزائر فى المرتبة رقم 115 ، مصر فى المرتبة رقم 120 ، المغرب فى المرتبة رقم 126 ، ليبيا ، غير متاح بيانات كافية عنها ، غير انه وفقاً لتقرير التنمية البشرية عام 2022 فان تعديل قيمة متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلى لمعادل القوى الشرائية للدولار الأمريكى قد أعطى صورة مختلفة عن ذلك المقياس الذى يعتمده البنك الدولى فى اصدار تقارير التنمية فى العالم . لقد أوضح تقرير التنمية البشرية ان متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى طبقاً لمعادل القوة الشرائية بالدولار الأمريكى فى هذه الدول على التوالى هو 6390$ ، 6090$ ، 3520$ ، 3600$
أما إذا انتقلنا للمؤشر الثانى من مؤشرات التنمية البشرية ، وهو متوسط العمر المتوقع عند الميلاد ، فسوف نجده على النحو التالى : الجزائر 69 سنة للذكور ، 72 سنة للإناث – مصر 59 سنة للذكور – 65 سنة للإناث – المغرب 65 سنة للذكور – 69 سنة للإناث – تونس 70 سنة للذكور – 74 سنة للإناث – ليبيا ذكور وإناث فى المتوسط 70 سنة) ذلك فى الوقت الذى بلغ فيه العمر المتوقع بالنسبة للمجموعة الدخيلة التى تنتمى إليها هذه البلدان 67 سنة للذكور ، 74 سنة للإناث ، وفى الولايات المتحدة 75 سنة للذكور – 80 سنة للإناث ، المملكة المتحدة 75 سنة للذكور – 80 سنة للإناث ، وفى ألمانيا 74 سنة للذكور – 80 سنة للإناث . أن العمر المتوقع عند الميلاد يعكس مدى أهتمام الدولة بالرعاية الصحية فى السابق واللاحق للأمراض (الوقاية – العلاج) كما يعكس العمر المتوقع عند الميلاد حالة التغذية وما يحتاجه الإنسان من سعرات حرارية لكى يمارس حياته كشخص منتج على وجه الاعتياد ، وفضلاً عن ذلك فأنه يعكس مدى تمتع الإنسان بالعيش فى بيئة خالية من التلوث الحالى للأمراض ، وأخيراً فأنها تعكس مدى الاستقرار النفسى الذى يجب أن يتمتع به الإنسان فى حياته لكى يحيا حياة مستقرة .
أما من ناحية التعليم وهو المؤشر الثالث الذى أخذت به تقارير التنمية ، فأن ما خصصته دول الدراسة للإنفاق العام على التعليم كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى فهى على النحو التالى الجزائر 5.1% ، مصر 4.8% ، المغرب 5% ، تونس 7.7% ، كما بلغت نسبة الملتحقين فى المجموعات العمرية المختلفة بمرحلتى التعليم الإبتدائى والثانوى ما يلى الجزائر: الثانوى 69% ، الإبتدائى 96% – مصر: الثانوى 75% ، الإبتدائى 95% – المغرب: الثانوى 38% ، الإبتدائى 77% – تونس: الثانوى 74% ، الإبتدائى 100% .
أن التسرب من التعليم الإبتدائى رافد أساسى من الروافد المغذية للأمية ، ولمكافحة الأمية يجب أن تكون نسبة استيعاب المجموعة العمرية فى التعليم الإبتدائى 100% على النحو الذى تقدمه الإحصاءات عن الدول المتقدمة ، أما التعليم الثانوى بأنواعه المختلفة فأن التسرب منه يعنى تغذية سوق العمل بعمالة غير مؤهلة أو مدربة لممارسة الحرف ، وبالتالى فهى تمثل عبء على سوق العمل لما تحتاجه هذه العمالة من تدريب قد يكتسب بطرق غير علمية وتظل هذه العمالة تمارس أعمالها بطرق متخلفة . فالننظر مثلاً على سبيل المثال للحرف فى الولايات المتحدة الأمريكية ، إذ لا يستطيع صاحب الحرفة أن يمارس حرفته إلا إذا حصل على تأهيل علمى لممارسة هذه الحرفة ، وهو تأهيل يتم فى معاهد علمية متخصصة (نسبة التعليم الثانوى فى الولايات المتحدة الأمريكية 96% ، وفى المملكة المتحدة 92%) .
2-2 اقتصادات المعرفة وارتباطها بمستوى التنمية البشرية:-
اتسمت عمليات الانتاج السلعى والخدمى منذ بداية الربع الأخير من القرن العشرين بعدة سمات أساسية ميزتها عن تلك العمليات التى كانت تتم منذ بداية الثورة الصناعية فى منتصف القرن الثانى عشر – وفى منتصف القرن العشرين . لقد سيطرت الآلية على عملية الإنتاج وكان اكتشاف البخار كقوة دافعة هو المحرك الأساسى للثورة الصناعية ، إلا أنه بانتهاء الحرب العالمية الثانية بزغ عهد جديد فى عمليات التصنيع ألا وهو عهد الثورة الأوتوماتيكية ، إذ تسمح هذه الأخيرة باتمام عدة عمليات مركبة دون تدخل الإنسان وهى عمليات يختلط الجهد العضلى مع الجهد الذهنى (مرسى ، 1990 .
أن التقدم الذى شهده العالم فى مجال نقل المعلومات ، وثورة الاتصالات ، وما أفرزه هذا التقدم من تطبيقات تكنولوجية باتت مستخدمة من قبل المجتمع الإنسانى قد أفرز عدة سمات أساسية ميزت الاقتصاد العالمى . فالاقتصاد العالمى فى الوقت الراهن يشهد بزيادة التبادل السلعى كثيف المعرفة ، فالننظر إلى صفقات التجارة الدولية فى مجال سلع المنتجات الإلكترونية ، الاستهلاكى المعمر منها ، أو الإنتاجى . أن كثيراً من التطبيقات التكنولوجية والتى كانت معروفة منذ الثورة الصناعية الأولى قد لحقها التطور التكنولوجى لقد كان اكتشاف الترانستسور فى بداية خمسينيات القرن العشرين بمثابة فتح جديد فى عالم تكنولوجيا الاتصالات والمعرفة . أيضاً فالننظر إلى قيمة السلع التى يتم تبادلها على المستوى العالمى فالمادة الخام أصبحت تشكل جزءاً يسيراً من قيمة هذه السلع ، (مرسى ،1990:47-48) ، أما تشكيل السلعة بالطرق العلمية والفنية فهو يعتمد على المعرفة وما تخلقه هذه المعرفة من قيمة مضافة عالية .
لقد أنتجت الثورة المعلوماتية تغييرات فى مجالات ثلاثة رئيسية مرتبطة بعملية التنمية البشرية ، حيث تغير هيكل الانتاج الصناعى على المستوى العالمى ، وتغير هيكل قوة العمل ، كما تغير هيكل الموارد .
لقد تبدل هيكل الإنتاج وطرأت عليه تغيرات جعلت من صناعة الخدمات صناعة رائدة بعد أن كان الإنتاج الصناعى السلعى هو القطاع الرائد – ويتبلور الإنتاج المعرفى كسلعة من السلع التى يتم تبادلها بديلاً عن السلع المادية الملموسة ، ولا شك أن عملية الإنتاج المعرفى تعتمد على التقدم الذى يتحقق فى مجال التنمية البشرية ، كما أن صناعات مثل صناعة التأمين والبنوك والخدمات والتجارة – باتت من الأهمية فى تكوين الناتج المحلى للدول ، وهو الأمر الذى يعكس أهمية التنمية البشرية باعتبار أن الإنسان هو المحرك الأساسى لمثل هذه الصناعات من خلال جهده الذهنى . (مرسى 1990: 61-62) .
أما هيكل قوة العمل ، فإذا كان تغيره قد جاء بشكل غير مباشر من خلال تأثير الثورة المعلوماتية ، إلا أننا نرى أن تغير هيكل الإنتاج كان له الأثر المباشر فى تغير هيكل قوة العمل – فالصناعات الحديثة سواء كانت فى مجال الإنتاج السلعى أو فى مجال الإنتاج الخدمى باتت فى حاجة لعمالة تستطيع تشغيل الآلات الأوتوماتيكية ، وأصبحت مهارة الحرفة غير مطلوبة ، فاستخدام الإلكترونيات من شأنه أتمام عدة عمليات فى وقت أقل ، ومدته أكثر ، فالننظر للعمليات الحسابية وطريقة استخراجها من أجهزة الحاسب الآلى ، إذ يقوم مشغل الحاسب بإدخال بياناته ثم يستخرج نتائجه ويطبعها دون حاجة لعمليات جمع أو طرح يدوى . غير أن استخدام الأوتوماتيكية فى الإنتاج الصناعى والخدمى قد ترتب عليه ضعف فى العلاقة بين الإنتاج والعمالة ، لقد كان الطلب على العمالة يشتد فى فترات الرواج ، ويتراخى فى فترات الكساد ، إلا أنه مع التقدم العلمى أصبحت هذه العلاقة أضعف عن ذى قبل ، إذ تقوم التكنولوجيا الجديدة بخلق فرص عمل جديدة هى فى حقيقتها أقل التى كانت متاحه فى عهد الثورة الصناعية الأولى إلا أنها فرص تحتاج قدر كاف من التعليم والتدريب يسمح بوجود مشغلين (Users) لتشغيل الآلات المتقدمة . (مرسى 1990: 64-65) وأخيراً فأن تغير هيكل الموارد قد أرتبط أيضاً بالثورة المعلوماتية كنتيجة من نتائجها ، لقد سمح التقدم العلمى بتحقيق وفورات فى استخدام الموارد ، وخفض فى الفاقد والتالف منها (مرسى 1990: 65) ، بل تحقيق خفض فى المستخدم فيها بعد تقديم أشكال جديدة من المنتجات التكنولوجية عالية التقنية . فعلى سبيل المثال فأن استخدام الشبكة الدولية للمعلومات من شأنه خفض الطلب على أوراق الطباعة . لقد أصبحت المعرفة مورداً أساسياً من موارد الثروة ، بل أن أهمية هذا المورد تتزايد بتزايد التقدم العلمى .
ومن ناحية أخرى فأن صادرات الدول المتقدمة تعتمد بالأساس على صادرات فروع الشركات متعددة الجنسية التى تعمل داخل أراضيها ، وهى بطبيعة الحال شركات تنتمى فى أغلبها وفقاً لدولة المركز لمجموعة الدول الصناعية المتقدمة .
لقد فازت دول الشمال الغنى بثمار هذه الثورة المعلوماتية ، ولم يأت فوزها بهذه الثمار عن صدفة وإنما جاء كنتيجة طبيعية للاهتمام بمجال البحث والتطوير وما يلزم هذا المجال من تقدم فى التنمية البشرية . ويكفى النظر لقائمة الصادرات السلعية عالية التكنولوجيا للتعرف على موقع دول الشمال الأفريقى فى إطار هذه المنظومة العالمية ، فالصادرات كثيفة المعرفة كنسبة من صادرات الصناعة التحويلية كانت فى الجزائر 1% ، مصر صفر % ، المغرب صفر % ، تونس 2% وفقاً لبيانات عام 2000(World Bank 2022) ، ذلك فى الوقت الذى بلغت فيه نسبة هذه الصادرات فى دول مثل تايلاند 31% ، الولايات المتحدة الأمريكية 33% ، بريطانيا 28% ، سنغافورة 59% ، الفلبين 71% ، النرويج 16% عن ذات العام ، أما هذه النسبة على مستوى مجموعات من الدول فقد كانت 20% فى مجموعة الدول ذات الدخل المتوسط المنخفض ، وهى ذات المجموعة التى تنتمى إليها دول الشمال الأفريقى ، 12% فى دول أمريكا اللاتينية والكاريبى . وإذا كانت النسب المئوية وفقاً لهذا المؤشر ليست معياراً للمقارنة يمكن الاعتداد به لبيان حجم وقيمة صادرات الدول من السلع عالية التقنية ، فلنا أن نتخيل مقدار حجم صادرات الولايات المتحدة مثلاً المطلق من السلع كثيفة المعرفة ، حتى لو كانت نسبة هذه الصادرات أقل من الفلبين أو سنغافورة .
3- حالة واتجاهات التنمية البشرية فى دول شمال أفريقيا
نتناول فى هذا القسم من الدراسة أوضاع التنمية البشرية من خلال المؤشرات الفرعية التى يقوم على أساسها اشتقاق قيمة دليل التنمية البشرية على النحو الذى يتبعة برنامج الأمم المتحدة الإنمائى UNDP ، يلى ذلك تحليل اتجاهات دليل التنمية فى دول الدراسة
3-1 التنمية البشرية من خلال المؤشرات الفرعية لدليل التنمية
يقوم دليل التنمية البشرية فى تركيبة على ثلاث مؤشرات فرعية هى دليل العمر المتوقع ، ودليل التعليم ، ثم أخيراً دليل الناتج المحلى الإجمالى معدلاً لمتوسط نصيب الفرد من هذا الناتج بما يعادلة من قوة شرائية بالدولار الأمريكى ( أنظر الملحق رقم “2” ) .
3-1-1 دليل متوسط العمر المتوقع : يقدم هذا الدليل نتيجة ما تبذله دولة من الدول فى
مجال الرعاية الصحية بكل جوانبها سواء كانت رعاية سابقة للمرض أو لاحقة له ( وقاية او علاج ) ، فزيادةالعمر المتوقع أن يعيشة إنسان ما عند ميلاده يعكس مدى اهتمام الدولة بأحوال مواطنيها ومدى ما تبذله فى سبيل الحفاظ على صحتهم العامة ، فهو مؤشر يعكس الإهتمامات الصحية والبيئية ، والإهتمام بالبنية الأساسية من مرافق ونقل وتوفير لمياه صالحة للشرب وصرف صحى ، وكافة الجوانب التى من شأنها أن تطيل من عمر الفرد.
يوضح الجدول رقم (1) بالملحق رقم (1) دليل متوسط العمر المتوقع لدول شمال أفريقيا ويتضح منه أن مؤشر دليل العمر المتوقع فى هذه الدول أعلى من باقى مجموعة دول التنمية البشرية المتوسطة فى اطارها التجميعى ، إذ بلغت قيمة هذا الدليل فى مجموعة الدول المذكورة .0.70 على حين جاءت قيمة دليل التنمية فى أقل الحالات المعروضة من دول شمال أفريقيا 0.72 ( حالة مصر – حالة المغرب ) ، وهو مايعكس التحسن النسبى لدول الدراسة على مستوى المجموعة التى تنتمى اليها ( مجموعة التنمية البشرية المتوسطة ) ، اما اذا تمت مقارنة قيمة هذا الدليل فى دول الدراسة لمجموعة دول التنمية البشرية المرتفعة يتضح وجود فارق ليس بالهين ، اذ بلغ هذا الفارق فى احسن الحالات 0.08 بنط مئوى ، وهى قيمة يمكن الإعتداد بها اذا ما أدركنا ان الجهد المطلوب تحقيقة لزيادة العمر المتوقع عند الميلاد هو جهد مركب لاتصاله باكثر من مجال من المجالات ذات الصلة بالصحة العامة ، فضلا عن الوقت الذى يحتاجه هذا الجهد لكى يتم جنى ثماره .
ان الإصلاحات المطلوبة فى المجالات الإقتصادية والإجتماعية من شأنها ان تزيد من الدخل القومى على المستوى الكلى ، وتزيد من دخل الأفراد وبالتالى تمكنهم من زيادة الإهتمام بشئونهم الصحية ( Wakhrey , 1995 )
2-1-2 دليل التعليم
يستند دليل التعليم لمؤشرين أساسين هما نسبة البالغين الذين لديهم إلمام بالقراءة والكتابة من مجموع عمر البالغين ، فضلا عن نسبة عدد الملتحقين بالتعليم فى المجموعات العمرية المختلفة ، وان كان المؤشر الفرعى الثانى له نصف اهمية المؤشر الفرعى الأول ( نسبة البالغين الذين لديهم إلمام بالقراءة والكتابة ).
وعلى ذلك فالمؤشر فى مجملة يعكس حالة الأميه فى القراءة والكتابة باكثر مما يعكس حاله التعليم ويتضح من الجدول رقم (1) بالملحق رقم (1) ان قيمة دليل التعليم جاءت فى دول شمال افريقيا اقل من قيمة دليل مجموعة التنمية البشرية المتوسطة ( فيما عدا ليبيا ) ، وهو الأمر الذى يعكس ضرورة الإهتمام بأوضاع التعليم بشكل عام ، ومحو أميه القراءة والكتابة بشكل خاص .
يتضح الفارق بين دول الشمال الأفريقي من ناحية ومجموعة دول التنمية البشرية المرتفعة من ناحية اخرى اذ بلغت قيمة دليل التعليم فى هذه المجموعة 0.91 على حين كانت فى مصر 0.50 ، والمغرب 0.63
ان اهتمام الدولة بالتعليم ينعكس فى مقدرتها على استيعاب المجموعات العمرية فى المراحل التعليمية المقررة لكل مجموعة ، وفى نوعية التعليم الذى تقدمة الهيئة التعليمية للدارسين ، اما مسأله التسرب من التعليم وعلى الأخص فى المرحلة الأساسية فهى مسئولية الدولة والمجتمع معاً ، اذ يجب ان تتضافر الجهود بين الدولة والأسرة والجمعيات غير الحكومية للقضاء على ظاهرة التسرب من التعليم الأساسى ، إذ أن هذا التسرب هو الرافد الأساسى لتغذية الأمية .
ان نوعية التعليم الذى تقدمة الدولة لأبنائها يختلف بإختلاف التخصصات ، غير أنه فى المراحل الأولى من التعليم قد تكون الجدية هى العنصر الفاعل فى تخريج دارس ملم بقواعد لغته واصول تاريخة ، وثقافتة العامة فضلا عن بعض القواعد الأساسية للحساب ، اما اذا تدرجنا بمراحل التعليم حتى الجامعة وبالذات مراحل الدراسات العاليا فيها فجامعاتنا مازالت فى حاجة للتطوير لكى تساير جامعات الدول المتقدمة . ان الأمر الذى لاشك فيه ان هذا التطوير يحتاج لموارد مالية قد تعجز الدول عن توفيرها فى ظل مشكلات العجز فى الموازنات العامة ، وتطبيق البرامج الإقتصادية للتكيف الهيكلى ، ( Reimers , 1991 ) وهنا فان الدعوة لمساهمات المجتمع المدنى فى تمويل الجامعات الأهلية ، وضبط حركة الجامعات الخاصة هى كلها شروط واجبة التحقق (2)
3-1-3 دليل الناتج المحلى الإجمالى لمتوسط نصيب الفرد معدلاً بالقوة الشرائية للدولار الأمريكى
وهو المؤشر الفرعى الثالث الذى يقوم علية دليل التنمية البشرية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى إذ يعتمد البرنامج دليل الناتج المحلى الإجمالى لمتوسط نصيب الفرد معدلاً بالقوة الشرائية للدولار الأمريكى . ويستمد المؤشر فكرتة الأساسية من فرض قوة انخفاض القيمة الحدية للنقود بزيادة كميتها لدى الفرد ، وهو فرض صحيح اذا ما ظلت دالة الهدف للأفراد ثابتة ، غير ان الإنسان بطبيعتة النفسية والسلوكية وخصائص حاجاته الإنسانية سرعان ما تتبدل دوال اهدافة.
يقدم الجدول رقم (1) بالملحق رقم (1) قيمة دليل الناتج المحلى الإجمالى ، وهى فى ثلاث حالات ( ليبيا – تونس – الجزائر ) أعلى من قيمة هذا الدليل فى مجموعة دول التنمية البشرية المتوسطة غير أن كل حالات الدراسة دليلها فى الناتج المحلى الإجمالى أقل من قيمة هذا الدليل بالنسبة لمجموعة دول التنمية البشرية المرتفعة.
ورغم ان هذا المؤشر يتمتع بأهمية نسبية متساوية مع الأهمية بالنسبة للمؤشرين الأخرين ( دليل العمر المتوقع ، دليل التعليم ) غير أننا نرى انعكاس أهميتة على قيمة الدليلين المذكورين فمن خلال متوسط نصيب الفرد من قيمة الناتج المحلى الإجمالى ، يستطيع الإنسان أن يوجه جزء من هذه القيمة للتعليم والصحة ، ان متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى يظل معياراً هاماً وصالحاً لقياس درجة التنمية البشرية اذا ما ابتعدنا به عن القيم الشاذة التى تؤثر فى مصداقية المتوسط الحسابى للحكم على العينات أو المجتمعات . ان هذه القيم الشاذة تتأتى من سوء توزيع الدخل ، فالعدالة فى توزيع الدخل واقتراب معامل جينى من قيمة الواحد الصحيح تجعل متوسط نصيب الفرد معياراً هاماً للحكم على مستوى التنمية البشرية .
ان زيادة متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى تعنى زيادة قيمة هذا الناتج بمعدلات تزيد عن معدلات زيادة عدد السكان . ان البعض يستخرج من هذه المقدمة نتيجة سريعة ألا وهى ضرورة خفض معدل النمو السكانى . ان هذه النتيجة تنظر للسكان باعتبارهم جمهور من المستهلكين فقط غير ان حقيقة الأمر تقرر بأن التنمية لا تتم الا بالإنسان وللإنسان وهذا يعنى زيادة عدد السكان إذا ارتبطت بزيادة إنتاجياتهم فهذا معناه أن الناتج المحلى الإجمالى سوف يزيد بمعدلات أسرع من معدلات النمو السكانى ، وهو الأمر الذى يحقق الزيادة فى متوسط نصيب الفرد من الناتج ، وتظل قضية العدالة فى التوزيع محور التفكير لدى الفلاسفة وعلماء السياسة ، وأيضا لدى علماء الإقتصاد .
إن الأداء الإقتصادى فى دول الشمال الأفريقي يقوم على سياسة الانفتاح على العالم الخارجى ، وهى سياسة أصبحت من دعائم النظام العالمى ولا تستطيع دولة من الدول أن تنفصل عنها ، غير أن إشكالية الإندماج تكمن فى ضرورة تعظيم الفرص المتاحة منه .
يقدم الجدول رقم (2) بالملحق رقم (1) اطاراً عاماً للعلاقات الإقتصادية الدولية فى دول شمال أفريقيا ، ويتضح منه أن تجارة المنتجات المصدرة تحت وصف صادرات من المواد عالية التقنية كنسبة من الصادرات المصنعة ، هى تجارة ضئيلة للغايه ففى عام 1990 ثلاث دول من الخمس كانت النسبة فيها صفر % وفى عام 2001 لم تتجاوز دولتين منهما نسبة الـ 5 % ( مصر ) أما المغرب فان الإحصاءات تفيد بان صادرتها عالية التقنية كنسبة من الصادرات المصنعة قد قفزت من الصفر الى 11% على حين زادت هذة النسبة فى تونس من 2% الى 3% بمقدار بنط مئوى واحد أى بنسبة 50 % أما الصادرات من المواد الأولية فمازالت تسيطر على نسبة تزيد عن 50 % فى كل من مصر والجزائر على حين بلغت هذه النسبة فى دول التنمية البشرية المرتفعة 16 %
ان خطورة الاعتماد على المواد الخام فى الحصول على النقد الاجنبى اللازم لتغطية عمليات الإستيراد تكمن فى امكانية نضوب المواد الخام من ناحية ، ومن ناحية أخرى امكانية تذبذب اسعارها بل تدهورها فى كثير من الأحيان ، ان المواد الخام التى يتم تصديرها ينظر اليها فى دولنا تعامل بإعتبارها دخلا وهى فى حقيقة الأمر ليست كذلك فهى ثروه تغير شكلها من مخزون فى باطن الأرض الى سيوله نقدية ، وهذة الأخيرة يجب أن تعامل باعتبارها ثروة وليست دخل أى يجب أن تستثمر جميعها لكى تولد الدخل المنتظر منها مع الحقاظ على قيمتها اذ انها ملك للأجيال القادمة .
3-2 اتجاهات دليل التنمية البشرية :
تفيد البيانات الإحصائية المنشورة أن تقدماً ما قد تحقق فى دليل التنمية البشرية فى كل من تونس – الجزائر – مصر – المغرب ، أما ليبيا فغير متاح عنها بيانات الا فى عام 2001 . والسؤال الذى يطرح نفسة فى هذا المقام الى أى مدى يمكن الإعتداد بالتقدم الذى حدث فى هذا المجال عند الدخول فى مجال منافسة العالمية ؟ ان السؤال لايغلق الباب أمام هذه المنافسة ، وانما يقصد من اثارته الإنتقال لسبل تحقيق التنمية البشرية ودفعها للأمام على النحو الذى نعرضة فى القسم التالى . يقدم الجدول رقم ( 3 ) بالملحق رقم (1) تطوراً لقيمة دليل التنمية البشرية لدول الدراسة فى ست سنوات وقد قمنا باستخراج الوسط الهندسى لهذه القيمة فى الصيغة
ن حاصل ضرب قيمة الدليل لعدد ن من السنوات
وجاءت نتيجة الوسط الهندسى لقيمة الدليل على النحو التالى : 0.627 ، 0.613 ، 0.539 ، 0.516 فى كل من تونس ، الجزائر ، مصر ، المغرب على التوالى ولإجراء المقارنة مع حالات أخرى فقد تم حساب الوسط الهندسى فى حالات أخرى لدول تنتمى لمجموعة دول التنمية البشرية المرتفعة . وقد اتضح منها ان قيمة الوسط الهنسى لهذا الدليل عن ذات السنوات هى 0.902 ، 0.885 ، 0.875 ، 0.847 فى كل من الولايات المتحدة ، فرنسا ، أسبانيا ، ايطاليا ، اسرائيل على التوالى .
يتضح من تحليل اتجاهات التنمية البشرية ان معدلات نمو دليل التنمية البشرية فى دول مجموعة التنمية المرتفعة هو اسرع من معدل نمو هذا الدليل فى مجموعة دول الدراسة رغم ما طرأ عليه من تحسن خلال الفترة منذ عام 1975 حتى عام 2001 على النحو الذى يوضحة الجدول رقم (3) بالملحق رقم (1) ، وهو الأمر الذى يفرض التحدى على دول الشمال الأفريقى لكى تندمج فى الإقتصاد العالمى .
4-تعزيز عوامل النجاح وتحقيق التقدم فى مجال التنمية البشرية فى شمال أفريقيا :-
لقد هيأت الحكومات فى دول شمال أفريقيا الإطار التشريعى اللازم لتحقيق التقدم فى مجال التنمية البشرية فى ظل الظروف العالمية الراهنة ، ومن ناحية أخرى فقد اجازت السلطات التشريعية فى هذه الدول تلك الأطر التشريعية . وعلى المستوى العالمى فقد بذل جهد كثيف فى هذا المجال سواء على المستوى القارى أو على المستوى الثنائى بين بلدان شمال افريقيا والإتحاد الأوروبى ، وأخيراً فقد صدر فى أكتوبر 2001 وثيقة تعد الأهم فى كل هذه الوثائق ألا وهى وثيقة مبادرة الشراكة الجديدة لتنمية أفريقيا ” النيباد ” ، نتناول فى هذا القسم من الدراسة الخطوات الإجرائية اللازمة لتحقيق التقدم فى مجال التنمية البشرية على مستوى دول الدراسة ، لذلك فسوف نعرض فى فرع أول الجهود اللازمة على المستوى الوطنى ، ثم يلى ذلك الجهود اللازمة على المستوى القارى.
4-1 الجهود اللازمة على المستوى الوطنى
ان الأخذ ببرامج التكيف الهيكلى ، بات أحد الشروط اللازمة التطبيق فى السياسات الإقتصادية الداخلية حتى تتمكن الدول المعنية من التفاعل مع المجتمع الدولى . ان هذه البرامج تقوم فى جوهرها على شقين أساسيين هما الإستقرار والتكيف . ان الإستقرار وفقاً لهذه البرامج يستهدف التوازن المالى والتوازن النقدى ، اى بعبارة أخرى خفض عجز الموازنة العامة ، والتحكم فى الإصدار النقدى للنقود من خلال استناد هذا الإصدار لرصيد من العملات الأجنبية يمثل حقوقاً للدولة المعنية والتزاما على العالم الخارجى ، وهو الأمر الذى يتحقق من خلال زياده قيمة مجموع الأرصدة الدائنة المستقلة فى ميزان المدفوعات عن قيمة مجموع الأرصدة المدينة المستقلة ، وبعبارة أبسط زيادة قيمة الصادرات السلعية والخدمية عن قيمة الواردات السلعية والخدمية ، مع تحقيق رصيد دائن لصالح الدولة المعنية من تدفقات موارد النقد الأجنبى للداخل.
أما برامج التكيف فهى تقوم على أساس نموذج يقرر بأن زيادة الإستثمارات المخططة عن المدخرات المتحققة يعنى زيادة قيمة الواردات السلعية والخدمية عن قيمة الصادرات السلعية والخدمية بعد جمع رصيد تدفقات رأس المال اذا كان مدينا وطرحة اذا كان دائنا ، وعلى ذلك فان شروط برامج الأستقرار التى يدعمها صندوق النقد الدولى تتقاطع مع شروط برامج التكيف التى يدعمها البنك الدولى . وامام اشكالية خفض الطلب الكلى بشقية العام والخاص . تلجأ الحكومات لترشيد انفاقها بالتخلى عن بعض المشروعات التى كانت تمتلكها أو حتى تلك المشروعات التى كانت تزمع القيام بها وذلك لإتاحة الفرصة للقطاع الخاص لكى يدخل الى تلك المجالات التى تخلت عنها الحكومات بفعل فرضية الإزاحة .
ان تطبيق هذه البرامج أسفر عن تدنى الرعاية الصحية والتعليمية المجانية ، وظهرت بكثافة نسبة أكثر من ذى قبل المستشفيات الخاصة التى تقدم العلاج بالمقابل المادى ، كذلك أيضاً انتشرت المدارس الخاصة ، ناهيك عن الجامعات . أما من حيث تحقيق معدلات النمو فى الناتج المحلى الإجمالى ، فهى لاتتناسب مع معدلات نمو السكان ذلك بفعل عدم التحسن فى الإنتاجية الحديه لعنصر العمل ، وامام هذه المشكلات الناجمة عن سياسات هى من قبيل المعطيات الدولية ، فان الدور الفاعل للحكومات فى مراقبة الأسواق وتطبيق التشريعات يجب تفعيلة باكثر مما هو عليه الأن ، فالقضاء على التهرب الضريبى والجمركى من شأنه زيادة الموارد السيادية للدولة ، وهو الأمر الذى يهئ فرصة لإعادة توزيع الدخل فى ظل ظروف دولية نجم عنها زيادة معدلات البطالة على المستوى العالمى . ان محاربة الفساد فى كل صورة واشكاله هو المهمة المقدسة للحكومات والى جانبها تأتى الرقابة الشعبية .
أما على مستوى القطاع الخاص ، فان هذا القطاع علية الأهتمام بعمليات البحث والتطوير Researches and Develpement ، كذلك ايضاً اتساع المجال لتدريب العاملين من شأنه زيادة إنتاجية عنصر العمل الأمر الذى ينعكس فى زيادة انتاجيته .
وعلى المستوى الشعبى فان الجمعيات غير الحكومية NGOs عليها ان تمارس دورها فى التوعية بأهمية التعليم والثقافة والإهتمام بالرعاية الصحية ، وفتح مجالات الرزق من خلال المشروعات التى يمكن تمويلها ذاتياً من المجتمعات المحلية .
ان هذه الإجراءات يجب ان تكون تحت الرعاية الحكومية ، توجهها وتراقب تنفيذها ، واننا نرى ان ذلك لا يتنافى مع قيم الديمقراطية المنشودة ، بل أنه يعززها .
4-2 الجهود اللازمة على المستوى القارى
تعد وثيقة مبادرة النيباد أحدث واهم مبادرات التنمية الأفريقية ، تحتوى هذه المبادرة على عده مبادرات فرعية ، منها مبادرة التنمية البشرية وهى مبادرة تهتم بمختلف جوانب التنمية البشرية من رعاية صحية ، وتعليم وحقوق للمرأة والطفل وغير ذلك من المجالات التى تدخل فى نطاق التنمية البشرية
لقد قدمت هذه المبادرة لمجموعة دول الثمانية يوم 27 يونيو 2022 فى كندا بهدف اعتمادها ، والحصول على تسهيلات أئتتمانية ، ودعم تنموى فى شكل مساعدات إنمائية حتى تستطيع دول القارة ان تخفض من معدلات الفقر ، وتعيد هيكله اقتصادها بما يهيأ لها النفاذ للأسواق الخارجية . غير ان استجابة دول الثمانية لهذه المبادرة كانت اقل مما توقعه المجتمع الأفريقى ، حيث تقرر تشكيل آلية لمراجعة الأداء فى داخل دول القارة بمعرفة دول القارة ذاتها ( آلية مراجعة النظراء ) ، فاذا ما قامت دولة بإستيفاء الشروط السياسية الخاصة بتحقيق الديمقراطية والحكم الجيد ، والثقافة فانها تكون مهيئة للإستفادة من مساعدات المجتمع الدولى
ان الشروط التى تضمنتها مبادرة النيباد فى مجال الإصلاح السياسى ومجال الإصلاح الإقتصادى يكون من المفيد تطبيقها على مراحل وهنا فسوف تكون المساعدات الإنمائية المطلوبة ( 64 مليار دولار لتحقيق معدل متوسط للنمو 7% خلال الخمسة عشر عاما التالية لإعتماد المبادرة ) رهناً لتحقيق هذه الشروط وهو الأمر الذى يعوق من مسيرة التنمية .
ان الإتجاه لإقامة الحوار والعلاقات ( جنوب / جنوب ) أى العلاقات البينية بين دول القارة من خلال تحقيق التكتلات الإقتصادية الأقليمية واقامة المشروعات المشتركة وتبادل الخبرات الفنية هو السبيل لخروج افريقيا من أزماتها وتحقيق التنمية البشرية المطلوبة.
خاتمة البحث
ان النتيجة الأساسية المستخرجة من البحث هى ضرورة العمل على المستوى الوطنى والمستوى القارى لتحقيق التنية البشرية كما ان هذه التنمية تعد أحد اهم الشروط اللازمة للإنخراط فى المجتمع الدولى واقتصادات العولمة التى تقوم اساساً على المعرفة .
لقد انقضى زمناً كانت المادة الخام هى محور عمليات النهب الإستعمارى ، وأصبحت العقول هى محور هذا الأهتمام ، سواء باستقطاب أبناء دول العالم الثالث من النابغين ، أو أخفاء منابع المعرفة عنهم حتى لا يستطيعوا القيام بتحقيق التقدم فى اوطانهم . وليس غريباً ان نسمع عن إغلاق أقسام متخصصة فى مجال العلوم الطبيعية بالجامعات الأمريكية امام العرب ان النجاح فى القضاء على هذا التحدى يحتاج لتضافر الجهود الحكومية مع الجهود الشعبية على مستوى الدولة الواحدة من ناحية وعلى مستوى القارة الإفريقية من ناحية أخرى ، ولعل الإتحاد الإفريقى كتنظيم قارى حل محل منظمة الوحدة الأفريقيةبهذا الدور ويتمكن من تحقيق التكامل الإقتصادى الإقليمى ثم القارى على النحو الذى رسمته معاهدة أبوجا وإعتمده القانون التأسيسى للإتحاد بل حث على الإسراع فى تنفيذه . ان الإتحاد الأفريقي بما يحويه من مؤسسات مالية كصندوق النقد الأفريقى والبنك المركزى الأفريقى وبنك الإستثمار الأفريقى ، كذلك أيضاَ بما يحويه من لجان فنيه كلجنة الإقتصاد الريفى ولجنة البيئة وغير ذلك من اللجان المتخصصة قد يتمكن من تحسين مستوى التنمية على مستوى القارة من خلال تحقيق التوسع فى السوق الأفريقى والنفاذ للأسواق الدولية ، كذلك ايضاً من خلال التخصص وتقسيم العمل والإنتاج على المستوى الكبير Mass production من خلال التنسيق فيما بين دول القارة .
وأخيراً فان زيادة متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى مقروناً بالعداله فى توزيع الدخل من شأنه ان يؤثر بالإيجاب فى قيمة دليل التعليم ودليل الصحة بما يرفع من مستوى دليل التنمية البشرية .
هوامش البحث
1. حسب تقسيم البنك الدولى ، وقد اقتصرت الدراسة فى كثير من أجزائها على مصر – تونس – الجزائر – المغرب ، وذلك لعدم توافر بيانات منتظمة عن ليبيا
2. تختلف الجامعات الأهلية عن الجامعات الخاصة ، فالأولى تقوم على التبرعات ولاتستهدف تحقيق أرباح ، أما الثانية فهى مشروعات شبه تجارية تستهدف تحقيق
الربح
المراجـــــع :-
• برنامج الأمم المتحدة الإنمائى ، تقرير التنمية البشرية 2022 ، نيويورك
• رمزي زكى ، 1993 الليبرالية المتوحشة (القاهرة : دار المستقبل العربي) .
• كريمة كريم ، جوده عبد الخالق (1997) أساسيات التنمية الاقتصادية ( القاهرة : دار النهضة العربية )
• فؤاد مرسى ، 1990 الرأسمالية تجدد نفسها سلسلة عالم المعرفة العدد 147 (الكويت : المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب .
مراجع باللغة الإنجليزية :-
• Easterlin, Richard A. 2000 “ The Globalization of Human Development ” Annals at American Academy of Political & Social Sience, Vol . 570 Jule pp 32-49 .
• Mandela , Nelson 2000 The Challenges of the Next Century: The Globalization of Responsibility New Perspectives Quarterly , Winter pp 34-36 .
• Maramba, Petronella 1996,”Structural Adjustment Pragrams and Human Rights African Women” Women,s International Network News Vol. 22, No . 3 Summer, pp 20-21 .
• Moose, George E. 1996 “The Economic Sitution in Sub – Saharon Africa” U.S. Department of State Diapach, Vol. 7 No 33 pp 413-417 .
• Reimers, Fernando 1991 “ The Role of Organization and Politics in Government Financing of Education ” Comparative Education Vol 27 No. 1 pp 35-52 .
• UN Chroical 1996 “ Enhancing Support Tor African Development United Nations Chronicale Vol. 33, No .2 pp 6-10 .
• Wakhweya, Angela M. 1995 Structural Adjustmet and Health British Medical Journal Vol. 3/ No. 6997 pp 71-73 .
• World Bank 2000 World Develppment Reports 2000/2001 Attacking Poverty (Washington D.C. 2000) .
• World Bank 2022 Africa Development Indicaters 2022 Washington D.C. .
• Internutional Monetary Fund 2022 Direction of Trade Statistics Year Book . Washington D.C..
ملحق رقم (1)
جدول رقم (1)
حالة التنمية البشرية في دول شمال أفريقيا عام 2001
اسم الدولة الترتيب حسب التنمية البشرية لعام 2022 متوسط العمر المتوقع عند الولادة بالأعوام نسبة الأمية لدى البالغين % من عمر 15 عام فما فوق مجموع نسب الالتحاق الإجمالية بالتعليم الابتدائي والثانوي والعالي % الناتج المحلى الإجمالي للفرد ( معدل القوة الشرائية للدولار الأمريكي $ ) دليل متوسط العمر المتوقع دليل التعليم دليل الناتج المحلى الإجمالي قيمة دليل التنمية البشرية
ليبيا 61 72.4 80.8 89 7570 0.79 0.84 0.72 0.783
تونس 91 72.5 72.1 76 6390 0.79 0.73 0.69 0.740
الجزائر 107 69.2 67.8 71 6090 0.74 0.69 0.69 0.704
مصر 120 68.3 56.1 76 3520 0.72 0.63 0.59 0.648
المغرب 126 68.1 49.8 51 3600 0.72 0.50 0.60 0.606
تنمية بشرية متوسطة – 67 78.1 64 4053 0.70 0.74 0.62 0.684
تنمية بشرية مرتفعة – 77.1 – 89 23135 0.87 0.91 0.91 0.908
• يحتوى الدليل على ترتيب لعدد 175 دولة .
المصدر : برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ، تقرير التنمية البشرية للعام 2022 ( نيويورك ، 2022 )
جدول رقم (2)
هيكل التجارة في دول شمال أفريقيا
عامي 1990 ، 2001
الدول بحسب ترتيبها فى دليل التنمية البشرية الواردات % من الناتج المحلى الصادرات من السلع والخدمات % من الناتج الإجمالى الصادرات من المواد الأولية % من الصادرات السلعية الصادرات من المواد المصنعة % من الصادرات الصادرات من المواد عالية التقنية % من الصادرات المصنعة معدل التجارة
1990 2001 1990 2001 1990 2001 1990 2001 1990 2001 1990
ليبيا 31 15 40 36 95 – 5 – 5 – 82
تونس 51 52 44 48 31 23 69 77 2 3 82
الجزائر 25 21 23 37 97 98 3 2 صفر 4 59
مصر 33 23 20 18 57 60 42 33 صفر 1 47
المغرب 32 36 26 30 48 36 52 64 صفر 11 111
تنمية بشرية متوسطة 19 27 20 29 – – 48 58 5 19 –
تنمية بشرية مرتفعة 20 24 20 24 19 16 79 82 18 24 –
المصدر : برنامج الأمم المتحدة الإنمائى ، تقرير التنمية البشرية للعام 2022 ( نيويورك ، 2022 ) ص 288 – 289
جدول رقم ( 3)
إتجاهات دليل التنمية البشرية 1975 – 2001
السنة
الدولة 1975 1980 1985 1990 1995 2001
ليبيا – – – – – 0.784
تونس 0.514 0.572 0.620 0.654 0.693 0.740
الجزائر 0.510 0.559 0.609 0.648 0.668 0.704
مصر 0.433 0.480 0.530 0.572 0.605 0.648
المغرب 0.427 0.472 0.506 0.538 0.567 0.606
” تعنى غير متاح
المصدر : برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ، تقرير التنمية البشرية للعام 2022 ( نيويورك ، 2022 ) ص ص 242 – 243
ملحق رقم (2)
طريقة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في حساب دليل التنمية البشرية
يعتمد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي NNPD في حسابه لدليل التنمية البشرية على ثلاثة مؤشرات فرعية متساوية في أوزانها الترجيحية هي دليل العمر المتوقع ، دليل التعليم ، دليل الناتج المحلى الإجمالي
وبالتالي فإن دليل التنمية البشرية = 3/1 دليل العمر المتوقع + 3/1دليل التعليم + 3/1دليل الناتج المحلى الإجمالي
ولحساب قيمة هذه المؤشرات الفرعية يعتمد البرنامج على الطرائق التالية :
أولاً : بالنسبة لدليل العمر المتوقع ، وهو دليل لقياس الجهود النسبية التي تبذلها دولة ما للعمر المتوقع عند الولادة ويعتمد هذا الدليل على معلمتين أساسيتين للحد الأقصى والحد الأدنى للعمر ويتم حسابه على النحو التالي :
العمر المتوقع عند الميلاد – معلمة الحد الأدنى للعمر وتساوى 25
دليل العمر المتوقع = ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معلمة الحد الأقصى للعمر وتساوى 85 – معلمة الحد الأدنى للعمر وتساوى 25
= قيمة تتراوح ما بين الصفر والواحد الصحيح
فإذا كانت قيمة البسط مساوية لقيمة المقام فان خارج القسمة سوف تكون قيمته واحد صحيح ، وهى حالة تتحقق عندما يكون العمر المتوقع عند الميلاد مساوياً لمعلمة الحد الأقصى للعمر .
ثانياً : بالنسبة لدليل التعليم ، وهو بدوره يتكون من مؤشرين فرعيين هما دليل إلمام البالغين بالقراءة والكتابة ودليل إجمالي نسب الالتحاق وللأول وزن نسبى بمقدار 3/2والثانى بمقدار 3/1 وعلى ذلك فان دليل التعليم يأخذ الصيغة التالية : 3/2 دليل إلمام البالغين بالقراءة والكتابة + 3/1 دليل إجمالي نسب الالتحاق
نسبة إلمام البالغين بالقراءة والكتابة من إجمالى عدد البالغين – صفر
دليل إلمام القراءة والكتابة = ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
100 – صفر
نسب الالتحاق بالتعليم في مختلف المجموعات العمرية – صفر
دليل إجمالي نسب الالتحاق = ــــــــــــــــــــــــــــــ
100 – صفر
أما دليل الناتج المحلى الإجمالي ، فيعتمد على فكرة المنفعة الحدية للنقود ومعادل القوة الشرائية بالدولار الأمريكي لمتوسط نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالي
اللوغاريتم الطبيعي لقيمة متوسط نصيب الفرد طبقاً لتعادل القوة الشرائية – اللوغاريتم الطبيعي للعدد 100 بالأساس 10 بعد تعديلها بما يعكس انخفاض المنفعة الحرية إذا كانت هذه القيمة أعلى من الحد الأدنى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللوغاريتم الطبيعي لمتوسط نصيب الفرد من الناتج على المستوى العالمى – اللوغاريتم الطبيعي للعدد 100 بالأساس 10 بعد تعديلها بما يعكس انخفاض المنفعة بالأساس 10 الحدية
لمزيد من التفاصيل والأمثلة لحساب دليل التنمية البشرية يمكن مراجعة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ، تقرير التنمية البشرية لعام 2022 ( نيويورك ، 2022 ) ص 341 كذلك أيضاً أنظر شرح هذا الدليل في
كريمة كريم ، جوده عبد الخالق ، أساسيات التنمية الاقتصادية – 1997 – القاهرة : دار النهضة العربية – ص ص 32 – 35