التصنيفات
علم المكتبات

الوصف الأرشيفي بين النظرية والتطبيق/ أ د ناهد حمدي أحمد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الوصف الأرشيفي بين النظرية والتطبيق/ أ د ناهد حمدي أحمد

الحجم : 5.3 MB

http://www.mediafire.com/?aj8ivz22muovnm4


التصنيفات
علم المكتبات

علم المعلومات والمكتبات : دراسات في النظرية والإرتباط الموضوعية/د أحمد أنور بدر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

علم المعلومات والمكتبات : دراسات في النظرية والإرتباط الموضوعية/ د أحمد أنور بدر

الحجم 14.83 MB

http://www.mediafire.com/?i962mgpc16343u1


التصنيفات
علم المكتبات

علم المعلومات بين النظرية والتطبيق/ براين كامبل فيكرى – ألينا فيكرى

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


علم المعلومات بين النظرية والتطبيق/ براين كامبل فيكرى – ألينا فيكرى

الحجم 13.5 MB

http://www.mediafire.com/?xnbylseecdal31z


التصنيفات
لغــة وأدب عربي

النظرية السياقية

[COLOR=#333333]النظرية السياقية
عرفت مدرسة لندن بما سمي بالمنهج السياقيأو المنهج السياقي أو المنهج العلمي وكان زعيم هذا الاتجاه فيرث الذي وضع تأكيدا أكثر على هذه الوظيفة الاجتماعية للغة.ومعنى الكلمة عند أصحاب هذه النظرية هو استعمالها غي اللغة أو الطريقة التي تستعمل بها أو الدور الذي تؤديه.ولهذا يصرحفيرث بأن المعنى لا ينكشف الا من خلال /COLOR]
تسييقالوحدة اللغوية أي وضعها في سياقات مختلفة وعلى هذا فدراسة معاني الكلمات تتطلب تحليلا للسياقات والمواقف التي ترد فيها .حتى ماكان منها غير لغوي .ومعنى الكلمة يتعدد تبعا لتعدد السياقات التي تقع فيها أو بعبارة أخرى تبعا لتوزيعها اللغوي
أنـــواع السياق
أ-اللغوي وهو المحيطالدلالي الذي يحدد مدلول العناصر اللسانية فيختلف المدلول باختلاف السياقات التي يرد فيها مثل المدخل المعجمي ضربوفي الاية الكريمة*وأذ أستسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر*فمدلول ضرب اصابة الحجر وفي اية أخرى نجد قوله تعالى*واذا ضربتم في الارض فليس عليكم جناح أن تقصرو*فضربتم هنا تعني سافرتم نضرب كذلك مثالا أخر ودائما من قوله تعالى*فضربنا على اذانهم في الكهف سنينا عددا*هنا ضربنا تعني أنمناهم

وفي البيئة العربية يقولون ضربت الطير أي ذهبت تبتغي الرزق وضرب الدرهم بمعنى سبكه وطبعه وضرب الجزية عليهم أي أوجبها عليهم
ب-العاطفي
يختلف هذا على السياقات الاخرى في كونه يرتبط بدرجة قوة الانفعال المصاحبة لاداء الفعل في الكلام من تأكيد أو مبالغة أو اعتدال مثل غضب.سخط فنجد أبا هلال العسكري يقول بأن الغضب من الضغير الى الكبير ومن الكبير الى الصغير أما السخط فلا يكون الا من الكبير الى الصغير
ج-سياق الموقف هو الاطار الخارجي الذي يحيط بالانتاج الفعلي للكلام في المجتمع اللغوي أي الحيز الاجتماعي مثل كلمة عملية في موقف التعليم تدل على عملية حسابية وفي الطب تدل على عملية جراحية وفي الحرب تدل على خطة عسكريةملاحظة سياق الموقف يشابه الى حد كبير مع الاجتماعي
د- الثقافي ويتعلق بالمحيط الثقافي بمفهومه الواسع للمجتمع اللغوي حيث يختلف المفهوم الذهني للمداخل المعجمية باختلاف السايقات الثقافية مثل كلمة كافر تدل على المزارع في المحيط الثقافي للبيئة الزراعية نصداقا لقوله تعالى*كمثل غيث أعجب الكفار نباته*اما في المحيط الثقافي الديني فتدل على الجاحد لوحدانية الله ومثال ذلك قوله تعالى*ان الذين كفرو وماتو وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله*
مميزات المنهج السياقي
1-أنه على حد تعبير أولمان يجعل المعنى سهل النقياد للملاحظة والتحليل الموضوعي
2-أنه لم يخرج في تحليله اللغوي عن دائرة اللغة وبذلك نجى من النقد الموجه الى جميع المناهج السابقة
وجهت عدة اعتراضات لهذه النظرية
1-أن فيرث لم يقدم نظرية شاملة للتركيب اللغوي واكتفى فقط بتقديم نظرية دلالية مع أن المعنى يجب أن يعتبر مركب من العلاقات السياقية ومن الاصوات والنحو والمعجم والدلالة
2-لم يكن فيرث محددا في استخدامه لمصطلح السياق معاهميته كما كان حديثه عن الموقف غامضا كما أنه بالغ كثيرا في اعطاء ثقل زائد لفكرة السياق
3-أن هذا المنهج لا يفيد في بعض الاحيان عندما نصادف كلمات يعجز السياق عن تفسيرها


التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

النظرية السيميولوجية


مدخل إلى المنهج السيميائي

عرف النقد العربي الحديث والمعاصر مجموعة من المناهج النقدية بفضل المثاقفة و الترجمة والاحتكاك مع الغرب ، من بينها : المنهج البنيوي اللساني والمنهج البنيوي التكويني والمنهج التفكيكي ومنهج القراءة والتقبل الجمالي والمنهج السيميولوجي الذي أصبح منهجا وتصورا ونظرية وعلما لايمكن الاستغناء عنه لما أظهر عند الكثير من الدارسين والباحثين من نجاعة تحليلية وكفاءة تشريحية في شتى التخصصات والمعارف الإنسانية.إذا، ماهي السيميولوجيا؟ وما منابعها؟ ومامرتكزاتها المنهجية؟ وما هي اتجاهاتها ومدارسها؟ وما مجالات تطبيقها سواء في الغرب أم عند العرب؟ وإلى أي مدى حقق البحث السيميائي نجاعته وفعاليته في مقاربة النصوص وتحليلها ولاسيما الأدبية منها . هذه هي الأسئلة التي سوف نحاول الإجابة عنها قدر الإمكان.

1- تعريف المصطلح:

إن أهم الإشكالات النظرية التي يصطدم بها الدرس السيميائي يتجلى بالأساس في تداخل المصطلحات وتشعبها واختلاف مضامينها. لذلك سوف نقتصر في هذا الصدد على تحليل مدلول المصطلحين الرئيسين المستعملين في هذا الحقل المعرفي وهما: السيميوطيقاSémiotique والسيميولوجياsémiologie معترفين أننا مهما حاولنا إيجاد محاولة لتعريف هذين المصطلحين لانستطيع أن نستقر على تعريف دقيق ومحدد، لأن” أية محاولة للتعريف، لابد لها أن تصطدم بتعدد وجهات النظر في تحديد هوية هذا الحقل المعرفي تحديدا قارا. خصوصا إذا نحن أدركنا الحيز الزمني الذي يستغرقه وهو حيز قصير”
ويضيف جون كلود كوكيه J.C.Coquet أحد اقطاب مدرسة باريس السيميائية قائلا:” إن القارىء العادي، وكذلك الباحث في مجال العلوم الاجتماعية من حقهما أن يتساءلا عن موضوع هذا العلم، إلا أنهما مع ذلك يجب أن يعلما- على الأقل- أن التعريفات والتحديدات، تختلف ولاسيما إذا تعلق الأمر بموضوع علمي لم يمر على ميلاده وقت طويل”.
إن هذين المصطلحين يترادفان على المستوى المعجمي، حيث استعملا في الأصل للدلالة على” علم في الطب وموضوعه دراسة العلامات الدالة على المرض”. ولاسيما في التراث الإغريقي حيث عدت السيميوطيقا جزءا لايتجزأ من علم الطب.
وقد وظف أفلاطون لفظ Sémiotike للدلالة على فن الإقناع، كما اهتم ارسطو هو الآخر بنظرية المعنى وظل عملهما في هذا المجال مرتبطا أشد مايكون بالمنطق الصوري، ثم توالت اهتمامات الرواقيين الذين أسسوا نظرية سيميولوجية تقوم على التمييز بين الدال والمدلول والشيء (المرجع).
ومع بداية النهضة الأروبية نصادف الفيلسوف ليبنتزLeibnitz الذي “حاول أن يبحث عن نحو كلي للدلائل، وعن ضرورة وجود لغة رياضية شكلية تنطبق على كل طريقة في التفكير” .
وإذ حاولنا استقراء تراثنا العربي، وجدناه حافلا بالدراسات المنصبة على دراسة الأنساق الدالة، وكشف قوانينها ولاسيما تلك المجهودات القيمة التي بذلها مفكرونا من مناطقة وبلاغيين وفلاسفة وأصوليين…إلخ.بيد أن مثل هذه الآراء السيميولوجية التي شملتها كل هذه المجالات المعرفية لم تكن منهجية أو مؤسسة على أسس متينة ولم تحاول يوما أن تؤسس نظرية متماسكة تؤطرها أو تحدد موضوع دراستها أو اختيارالأدوات والمصطلحات الإجرائية الدقيقة التي تقوم عليها. وبالتالي لم تفكر في استقلالية هذا العلم، بل ظلت هذه الآراء السيميولوجية مضطربة تجرفها وتتقاذفها التصورات الإيديولوجية والسوسيولوجية والثقافية. ويقول مبارك حنون في هذا الصدد :” إلا أن مثل تلك الآراء السيميولوجية التي احتضنتها مجالات معرفية عديدة. بقيت معزولة عن بعضها البعض. ومفتقدة لبنية نظرية تؤطرها كلها.
وإذا،بقيت عاجزة عن أن تبني لنفسها كيانا تصوريا ونسيجا نظريا مستقلا إلى أن جاء كل من سوسير وبورس”.
يتفق جل الباحثين على أن المشروع السيميولوجي المعاصر بشر به سوسير في فرنسا في كتابه” محاضرات في اللسانيات العامة”،وارتبط هذا العلم بالمنطق على يد الفيلسوف الأمريكي شارل ساندرس بورس CHS . PEIRCE في أمريكا. لكن على الرغم من ظهورهما في مرحلة زمنية متقاربة، فإن بحث كل منهما استقل وانفصل عن الآخر انفصالا تاما إلى حد ما.فالأول- كما قلنا- بشر في “محاضراته”ب” ظهورعلم جديد سماه السيميولوجيا(Sémiologie) سيهتم بدراسة الدلائل أو العلامات في قلب الحياة الاجتماعية ولن” يعدو أن يكون موضوعه الرئيسي مجموعة الأنساق القائمة على اعتباطية الدلالة” على حد تعبير سوسير-Saussure- الذي يقول كذلك في هذا الصدد:” ونستطيع – إذا- أن نتصور علما يدرس حياة الرموز والدلالات المتداولة في الوسط المجتمعي، وهذا العلم يشكل جزءا من علم النفس العام. ونطلق عليه مصطلح علم الدلالة Sémiologie : من الكلمة الإغريقية دلالة Sémion. وهو علم يفيدنا موضوعه الجهة التي تقتنص بها أنواع الدلالات والمعاني. ومادام هذا العلم لم يوجد بعد فلا نستطيع أن نتنبأ بمصيره غير أننا نصرح بأن له الحق في الوجود وقد تحدد موضوعه بصفة قبلية. وليس علم اللسان إلا جزءا من هذا العلم العام.”
وقد تزامن هذا التبشيرمع مجهودات بورس( 1839-1914) الذي نحا منحى فلسفيا منطقيا. وأطلق على هذا العلم الذي كان يهتم به ب “السيميوطيقا ” SEMIOTIQUE” واعتقد تبعا لهذا أن النشاط الإنساني نشاط سيميائي في مختلف مظاهره وتجلياته. ويعد هذا العلم في نظره إطارا مرجعيا يشمل كل الدراسات. يقول وهو بصدد تحديد المجال السيميائي العام الذي يتبناه : ” إنه لم يكن باستطاعتي يوما ما دراسة أي شيء- رياضيات كان أم أخلاقا أو ميتافيزيقا أو جاذبية أو ديناميكا حرارية أو بصريات أو كيمياء أو تشريحا مقارنا أو فلكا أو علم نفس أو علم صوت، أو اقتصاد أو تاريخ علوم أو ويستا( ضرب من لعب الورق) أو رجالا ونساء،أو خمرا، أو علم مقاييس دون أن تكون هذه الدراسة سيميائية”.
إذا،فالسيميوطيقا حسب بورس تعني نظرية عامة للعلامات وتمفصلاتها في الفكر الإنساني، ثم إنها صفة لنظرية عامة للعلامات والأنساق الدلالية في كافة أشكالها… وبالتالي، تعد سيميائية بورس مطابقة لعلم المنطق . يقول أمبرطو إيكو Umberto Eco في هذا الخصوص عن بورس محددا مضمون علمه بكل دقة ووضوح وعلاقته بعلم المنطق:” لنستمع الآن إلى بورس: إنني حسب علمي الرائد أو بالأحرى أول من ارتاد هذا الموضوع المتمثل في تفسير وكشف ماسميته السيميوطيقا SEMIOTIC أي نظرية الطبيعة الجوهرية والأصناف الأساسية لأي سيميوزيس محتمل” إن هذه السيميوطيقا التي يطلق عليها في موضع آخر” المنطق” تعرض نفسها كنظرية للدلائل. وهذا مايربطها بمفهوم ” السيميوزيس” الذي يعد على نحو دقيق الخاصية المكونة للدلائل”.
ويحسن بنا في هذا المضمار،أن نستحضر بعض تعاريف باقي الباحثين السيميائيين ولو بإيجاز كي يتسنى لنا التمييز بين المصطلحين أو بعبارة كي نستطيع الإجابة عن السؤال الذي يفرض نفسه علينا بإلحاح ألا وهو: الفرق بين المصطلحين. وبالتالي، هل يؤثر تغيير شكل المصطلحين على تغيير مضمونهما؟
فهذا بيير غيرو Pierre Guiraud- أحد أساتذة جامعة نيس الفرنسية- يعرف السيميوطيقا قائلا:” السيميوطيقا علم يهتم بدراسة أنظمة العلامات ، اللغات، أنظمة الإشارات، التعليمات…إلخ. وهذا التحديد يجعل اللغة جزءا من السيميوطيقا”.
يتبين لنا من خلال هذا التعريف أعلاه ، أن غيرو يتبنى نفس الطرح السوسيري الذي يعتبر اللسانيات فرعا من السيميولوجيا، غير أن رولان بارت Roland Barthes سيفند هذا الطرح ويقلب المعادلة على عقبيها ، بتأكيده على أن السيميولجيا لايمكن أن تكون سوى نسخة من المعرفة اللسانية. فإذا كان العالم السوسيري قد ضيق الدرس السيميولوجي ووجه كل اهتماماته للغة، وجعلها الأصل محل الصدارة ، فإن مفهوم بارت للسيميولوجيا فسح المجال بحيث اتسع حتى استوعب دراسة الأساطير واهتم بأنسقة من العلامات التي أسقطت من سيميولوجية سوسير كاللباس وأطباق الأكل والديكورات المنزلية ،ونضيف الأطعمة والأشربة وكل الخطابات التي تحمل انطباعات رمزية ودلالية.
أما جورج مونان George Mounin أحد أنصار اتجاه سيمياء التواصل بفرنسا إلى جانب كل من برييطو Prieto وبويسنس BuyssensومارتينيهMartinet…إلخ فيعني بالسيميولوجيا:”دراسة جميع السلوكات أو الأنظمة التواصلية، وعوض في الفرنسية بالسيميوطيقاSEMIOTIQUE “. ثم نصادف باحثا آخر وهو أمبرطو إيكو أحد اقطاب المدرسة الإيطالية السيميائية الذي يفضل استبدال مصطلح السيميولوجيا SEMIOLOGIEبمصطلح السميوطيقا SEMIOTIQUE يقول في مستهل كتابه: البنية الغائبة La structure Absente معرفا هذا العلم ” السيميوطيقا تعني علم العلامات” .
أما بالنسبة لمدرسة باريس التي تضم كلا من غريماسGreimas وكوكيهCoquet وأريفيArrivéإلخ…فلها تعريف مغاير للتعاريف السالفة الذكر. فالسيميوطيقا في مشروعها” تأسيس نظرية عامة لأنظمة الدلالة” .
هذا، ويتبين لنا من خلال التعريف أن السيميولوجيا والسيميوطيقا متقاربتان في المعنى. فالسيميولوجيا –إذا- مترادفة للسيميوطيقا، وموضوعها دراسة أنظمة العلامات أيا كان مصدرها لغويا أو سننيا أو مؤشريا كما تدرس أنظمة العلامات غير اللسانية. فلم تعد ثمة أسباب أو مبررات تجعل أحد المصطلحين يحظى بالسيادة دون الآخر. وإن كانت هناك أسباب تميز بعضهما. فهي في الواقع أسباب تافهة تعتمد النزعة الإقليمية على حد تعبيرترنس هوكز الذي يقول في هذا الخصوص: ” ومن غير اليسيرالتمييز بينهما، وتستعمل كلتا اللفظتين للإشارة إلى هذا العلم( يعني به علم الإشارات) والفرق الوحيد بين هاتين اللفظتين أن السيميولوجيا مفضلة عند الأوربيين تقديرا لصياغة سوسير لهذه اللفظة، بينما يبدو أن الناطقين بالإنجليزية يميلون إلى تفضيل السيميوطيقا احتراما للعالم الأمريكي بيرس” ؛ لكن الصيغة الثانية السيميوطيقا كتسمية لمجال هذا العلم هي التي أقرت أخيرا. وقد أخذ بها من قبل ” المجمع الدولي لعلم السيميوطيقا”المنعقد بباريس في شهريناير سنة 1909م. يقول أمبرطو إيكو في هذا الصدد:” لقد قررنا على كل حال أن نتبنى هنا بصفة نهائية مصطلح السيميوطيقا Sémiotique بدون أن نتوقف عند المناقشات حول التوريطات الفلسفية أو المنهجية لكلا المصطلحين. نحن نخضع بكل بساطة للقرار المتخذ في يناير سنة 1969 بباريس من لدن الهيئة الدولية التي تمخضت عنها الجمعية الدولية للسيميوطيقا والتي قبلت ( بدون أن تقصي استعمال السيميولوجيا) مصطلح السيميوطيقا على أنه هو الذي ينبغي ابتداء من الآن أن يغطي جميع المفاهيم الممكنة للمصطلحين المتنافس فيهما” .
والاختلاف بين السيميولوجيا والسيميوطيقا في رأي كثير من الباحثين لايجب أن يأخذ الجانب الأوسع، أو الحيز الكبير من اهتماماتهم. إذ هما سيان كما رأينا، غير أن هذه الأخيرة، ونعني السيميوطيقا أصبحت تطغى في الساحة. يقول غريماس ردا على سؤال روجي بول درواRoger-Pol-droit حول الاختلاف بين المصطلحين في حوار صدرته صحيفة ” العالم Le Monde ” 7 يونيو 1974م تحت عنوان: “علم العلامات” : ” أظن أنه لاينبغي أن نضيع الوقت في مثل هذه الجدالات الكلامية حينما تكون أمامنا أشياء كثيرة. فعندما تقرر منذ سنوات في 1968 إحداث جمعية دولية، وجب الاختيار بين المصطلحين. وبتأثير من جاكبسون وموافقة ليفي شتراوس وبنفنست وبارت بالإضافة إلي تم التمسك بالسيميوطيقا غير أن مصطلح السيميولوجيا له جذور عميقة في فرنسا. ومن ثم تم الأخذ بتسمية مزدوجة، وقد يعتقد اليوم أن الأمر يتعلق بشيئين مختلفين. وهذا أمر مغلوط طبعا. وسنقترح في الغالب وتبعا لنصيحة هيلمسليف لتخصيص اسم السيميوطيقات Sémiotiques للأبحاث المتعلقة بالمجالات الخاصة كالمجال الأدبي والسينمائي والحركي كما سنعتبر السيميولوجيا بمثابة النظرية العامة لهذه السيميوطيقات.”
أهم ما يمكن أن نستشفه من خلال هذا التصريح ال”ﯖريماصي” هو أنه حاول أن يقدم تفسيرا دقيقا لظاهرة لم يتم الحسم فيها على ما يبدو واقترح تبعا لنصيحة هيلمسليف Hjelmslev الأبحاث التي سيختص بها كل على حدة. فالسيميوطيقا ستنصب اهتماماتها على القسم المتعلق بالمجالات التطبيقية في حين يعد علم السيميولوجيا مجالا نظريا عاما تندرج تحته جميع السيميوطيقات وهذا ما نلامسه من خلال تصفحنا لبعض الكتب التي ألفت في هذا المجال. فحينما يتعلق الأمربتحليل نصوص أدبية كانت أم توراتية ( دينية) أو حينما يتعلق الأمر بمحاولات تطبيقية بصفة عامة. يفضل مؤلفو هذه الكتب استعمال مصطلح السيميوطيقا لعنونة مؤلفاتهم التطبيقية ونذكر على سبيل المثال لا الحصر: ” عن المعنى: محاولات سيميوطيقية” Du sens :essais sémiotiques ” لغريماس و”موباسان: سيميوطيقة النص، تمارين تطبيقية” Maupassant :la “sémiotique du texte : exercices pratiquesوالتحليل السيميوطيقي للنصوص- Analyse sémiotique des textes لجماعة أنتروفيرن وغيرها من المؤلفات مثل : ميشيل أريفي وكوكيه إلخ…
ونستنتج من كل ما سبق، أن السميولوجيا والسميوطيقا كلمتان مترادفتان مهما كان بينهما من اختلافات دلالية دقيقة، أي إن السيميولوجيا تصور نظري والسيميوطيقا إجراء تحليلي وتطبيقي. وبالتالي، يمكن القول بأن السيميولوجيا هي علم ونظرية عامة ومنهج نقدي تحليلي وتطبيقي.

2- المرجعيات والمنابت:

وتجدر الإشارة إلى أن السيميولوجيا مرتبطة ارتباطا وثيقا بالنموذج اللساني البنيوي الذي أرسى دعائمه وأسسه العالم السويسري فرديناند دو سوسير منذ القطيعة الإبيستمولوجية التي أحدثها في ميدان الدراسات الألسنية إن جاز التعبير مع الفيلولوجيا وفقه اللغة واللسانيات التاريخية الدياكرونية.وقد جعلت هذه القطيعة اللسانيات العلم الشامل والرائد الذي تستفيد منه مختلف المدارس والمشارب المعرفية كالنقد الأدبي والأسلوبية والتحليل النفسي وعلم الاجتماع بالإضافة إلى جهود الوظيفيين والكلوسماتيكيين في اللسانيات والشكلانيين الروس في الشعرية.
وأخيرا، السيميولوجيا باعتبارها علما حديث النشأة اقتدت هي الأخرى في بناء صرحها النظري بالمبحث اللساني البنيوي، واستقت منه تقنيات وآليات ومفاهيم تحليلية تعد بمثابة مرتكزات أساسية يقوم عليها المبحث السيميائي الحديث، ولاسيما سيميوطيقا الدلالة التي تندرج في إطارها أبحاث رولان بارت السيميائية. هذا الأخير الذي التجأ منهجيا إلى اشتقاق بعض الثنائيات اللسانية وطبقها على موضوعات سيميائية غير لغوية ذات طبيعة اجتماعية كالألبسة والأطعمة…إلخ. أهم هذه الثنائيات: اللسان/الكلام، الدال/المدلول، المركب /النظام، التقرير/ الإيحاء.
وعليه، يمكن أن نحدد مجموعة من المرجعيات التي استندت إليها السيميولوجيا أو السيميوطيقا. ومن هذه المرجعيات أو المنابع:
1- الفكر اليوناني مع أفلاطون وأرسطو والرواقيين؛
2- التراث العربي الإسلامي الوسيط ( المتصوفة- نقاد البلاغة والأدب كالجاحظ…)؛
3- الفكر الفلسفي والمنطقي والتداولي( بيرس، فريج، كارناب، راسل…)؛
4- اللسانيات البنيوية والتداولية التحويلية بكل مدارسها واتجاهاتها؛
5- الشكلانية الروسية ولاسيما فلاديمير بروب صاحب المتن الخرافي الذي انطلق منه كريماس وكلود بريمون لخلق تصورهما النظري والتطبيقي إلى جانب أعلام أخرى في مجالات الشعر والأدب والسرد….؛
6- فلسفة الأشكال الرمزية مع إرنست كاسيرر الذي درس مجموعة من الأنظمة الرمزية التواصلية مثل: الدين والأسطورة والفن والعلم والتاريخ.

3- مبادىء السيميوطيقا:

من المعلوم أن السيميوطيقا هي لعبة الهدم والبناء،تبحث عن المعنى من خلال بنية الاختلاف ولغة الشكل والبنى الدالة. ولايهم السيميوطيقا المضمون ولامن قال النص، بل مايهمها كيف قال النص ماقاله،أي شكل النص. ومن هنا فالسيميوطيقا هي دراسة لأشكال المضامين. وتنبني على خطوتين إجرائيتين وهما: التفكيك والتركيب قصد إعادة بناء النص من جديد وتحديد ثوابته البنيوية.
وترتكز السيميوطيقا على ثلاثة مبادىء أساسية، وهي:
أ‌- تحليل محايث: نقصد بالتحليل المحايث البحث عن الشروط الداخلية المتحكمة في تكوين الدلالة وإقصاء المحيل الخارجي. وعليه،فالمعنى يجب أن ينظر إليه على أنه أثر ناتج عن شبكة من العلاقات الرابطة بين العناصر.
ب‌- تحليل بنيوي: يكتسي المعنى وجوده بالاختلاف وفي الاختلاف. ومن ثم، فإن إدراك معنى الأقوال والنصوص يفترض وجود نظام مبنين من العلاقات. وهذا بدوره يؤدي بنا إلى تسليم أن عناصر النص لا دلالة لها إلا عبر شبكة من العلاقات القائمة بينها. ولذا لايجب الاهتمام إلا بالعناصر إلا ماكان منها داخلا في نظام الاختلاف تقييما وبناء. وهو مانسميه شكل المضمون، أي بعبارة أخرى تحليلا بنيويا لأنه لا يهدف إلى وصف المعنى نفسه، وإنما شكله ومعماره.
ت‌- تحليل الخطاب: يهتم التحليل السيميوطيقي بالخطاب، أي يهتم ببناء نظام لإنتاج الأقوال والنصوص وهو ما يسمى بالقدرة الخطابية. وهذا ما يميزه عن اللسانيات البنيوية التي تهتم بالجملة.

4- المدارس والاتجاهات السيميولوجية:

لقد استعرض مارسيلو داسكال هذه الاتجاهات في اتجاهين رئيسيين:المدرسة الأمريكية المنبثقة عن بيرس والتي يمثلها كل من موريس وكارناب وسيبووك ، والمدرسة الفرنسية أو بالأحرى الأوربية المنبثقة عن سوسير والتي يمثلها كل من بويسنس وبرييطو وجورج مونان ورولان بارت وغيرهم. كما استعرض بعض الاتجاهات الفرعية الأخرى يمثلها كل من ﯖريماس وبوشنسكي وجوليا كريستيفا. لكن ما يلاحظ على مارسيلو داسكالMarcelo Dascal هو إغفاله لاتجاه أو مدرسة تعد من أهم المدارس السيميولوجية الروسي، وهي مدرسة تارتو التي يمثلها كل من يوري لوتمان وأسبنسكي وبياتغورسكي وإيفانوف.
أما الأستاذ محمد السرغيني فهو يرتضي تقسيما ثلاثيا للاتجاهات السيميولوجية تتمثل في الاتجاه الأمريكي والاتجاه الفرنسي والاتجاه الروسي. ولكنه يقسم الاتجاه الفرنسي إلى فروع على النحو التالي:
1- سيميولوجيا التواصل والإبلاغ كما عند جورج مونان؛
2- اتجاه الدلالة الذي ينقسم بدوره إلى الأشكال التالية:
أ‌- اتجاه بارت وميتزالذي يحاول تطبيق اللغة على الأنساق غير اللفظية.
ب‌- اتجاه مدرسة باريس الذي يضم : ميشيل أريفي وكلود كوكيه وﯖريماس.
ت‌- اتجاه السيميوطيقا المادية مع جوليا كريستيفا.
ث‌- اتجاه الأشكال الرمزية مع مولينو وجان جاك ناتيي أو ما يسمى مدرسة ” إيكس” على اعتبار مولينو كان ولايزال يدرس بكلية آداب هذه المدينة الفرنسية.
في حين يفضل مبارك حنون التقسيم التالي: سيميولوجيا التواصل، وسيميولوجيا الدلالة، وسيميوطيقا بورس، ورمزية كاسيرر وسيميولوجيا الثقافة مع الباحثين الروس ( يوري لوتمان وأوسبانسكي وإيفانوف وطوبوروف…) والباحثين الإيطاليين ( أمبرطو إيكو وروسي لاندي…)، وتنطلق هذه السيميولوجيا من اعتبار” الظواهر الثقافية موضوعات تواصلية وأنساقا دلالية”.

5- موضوع السيميائيات:

من خلال تمعن التعريفات التي قدمت للسيميائيات يتضح أنها جميعها تتضمن مصطلح العلامة. ويعني هذا أن السيميولوجيا هي علم العلامات ( الأيقون- الرمز- الإشارة). ومن الصعب إيجاد تعريف دقيق للعلامة لاختلاف مدلولها من باحث لآخر. فعند فرديناند دوسوسير تتكون العلامة من الدال والمدلول والمرجع. ولكنه استبعد المرجع لطابعه الحسي والمادي واكتفى بالصورة الصوتية وهي الدال والصورة الذهنية المعنوية وهي المدلول.كما اعتبرالسيميولوجيا علما للعلامات التي تدرس في حضن المجتمع. وهذا يؤكد لنا ارتكازالعلامة على ماهو لغوي ونفسي واجتماعي. وتبدو العلامة في تعاريف السيميائيين كيانا واسعا ومفهوما قاعديا وأساسيا في جميع علوم اللغة.
وتنقسم العلامات على نسقين:
أ‌- العلامات اللغوية المنطوقةتعليم_الجزائراللغة- الشعر- الرواية-….).
ب‌- العلامات غيراللفظيةتعليم_الجزائر الأزياء- الأطعمة والأشربة- الإشهار- علامات المرور- الفنون الحركية والبصرية كالسينما والمسرح والتشكيل …).
وإذا كانت العلامة عند سوسير علامة مجردة تتكون من الدال والمدلول ، أي تتجرد من الواقع والطابع الحسي والمرجعي. فإن العلامة عند ميخائيل باختين العالم الروسي ذات بعد مادي واقعي لايمكن فصلها عن الإيديولوجيا. وفي نظره ليس كل علامة إيديولوجية ظلا للواقع فحسب وإنما هي كذلك قطعة مادية من هذا الواقع. إضافة على ذلك، يرى باختين أن العلامات لايمكن أن تظهر إلا في ميدان تفاعل الأفراد أي في إطار التواصل الاجتماعي. وبذلك فوجود العلامات ليس أبدا غير التجسيد المادي لهذا التواصل. ومن هنا يخلص باختين في دراسته السيميائية إلى ثلاث قواعد منهجية وهي:
1- عدم فصل الإيديولوجيا عن الواقع المادي للعلامة.
2- عدم عزل العلامة عن الأشكال المحسوسة للتواصل الاجتماعي.
3- عدم عزل التواصل واشكاله عن أساسهما المادي.

6- علاقة السيميائيات بالمجالات الأخرى:

للسيميولوجيا تفاعلات كثيرة مع معارف وحقول أخرى داخل المنظومة الفكرية والعلمية والمنهجية. فلقد ارتبطت السيميولوجيا في نشاتها مع اللسانيات والفلسفة وعلم النفس والسوسيولوجيا والمنطق والفينومولوجيا أو فلسفة الظواهرعلاوة على ارتباطها بدراسة الأنتروبولوجيا كتحليل الأساطيروالأنساق الثقافية غير اللفظية. كما ترتبط السيميولوجيا منهجيا بدراسة الأدب والفنون اللفظية والبصرية كالموسيقى والتشكيل والمسرح والسينما. وترتبط كذلك بالهرمونيطيقا وبدراسة الكتب الدينية المقدسة. وارتبطت كذلك بالشعرية والنحو والبلاغة وباقي المعارف الأخرى. وإذا كانت السيميولوجيا أعم من اللسانيات أي إن اللسانيات جزء من السيميولوجيا كما عند سوسير فإن رولان بارت يعتبر السيميولوجيا أخص من اللسانيات، أي إن السيميولوجيا فرع من اللسانيات وأن كثيرا من العلامات البصرية والأنساق غير اللفظية تستعين بالأنظمة اللغوية.

7- مجالات التطبيق السيميولوجي:

لقد صار التحليل السيميوطيقي تصورا نظريا ومنهجا تطبيقيا في شتى المعارف والدراسات الإنسانية والفكرية والعلمية وأداة في مقاربة الأنساق اللغوية وغير اللغوية. وأصبح هذا التحليل مفتاحا حداثيا وموضة لابد من الالتجاء إليها قصد عصرنة الفهم وآليات التأويل والقراءة. ويمكن الآن أن نذكر مجموعة من الحقول التي استعملت فيها التقنية السيميوطيقية للتفكيك والتركيب:
1- الشعر( مولينو- رومان جاكبسون- جوليا كريستيفا- جيرار دولودال- ميكائيل ريفاتير….).
2- الرواية والقصة: ( ﯖريماس- كلود بريموند- بارت- كريستيفا-تودوروف- جيرار جنيت- فيليب هامون…).
3- الأسطورة والخرافةتعليم_الجزائر فلاديمير بروب…).
4- المسرح( هيلبو- كير إيلامElam Keir).
5- السينما( كريستيان ميتز- يوري لوتمان…).
6- الإشهار( رولان بارت- جورج بنينوG. Penino – جان دوران J. Durand …).
7- الأزياء والأطعمة والأشربة والموضة ( رولان بارت-….).
8- التشكيل وفن الرسمتعليم_الجزائربييرفروكستيل Pierre Francastel- لويس مارتانlouis Martin- هوبرت داميش Ebert Damisch- جان لويس شيفر….).
9- التواصل: ( جورج مونان- برييطو-….).
10-الثقافة( يوري لوتمان- توبوروف- بياتيكورسكي- إيفانوف- أوسبنسكي- أمبرطو إيكو- روسي لاندي-….).
11-الصورة الفوتوغرافيةتعليم_الجزائر العدد الأول من مجلة التواصل- رولان بارتAvedon –…).
21- القصة المصورة La bande dessinée تعليم_الجزائربيير فريزنولد دورييلPierre Fresmanlt-Deruelle…….. ).
13- الموسيقى: ( مجلة Musique en jeu في سنوات 70-1971 …).
14- الفن: (موكاروفسكي-…..).

8- السيميولوجيا في العالم العربي:

ظهرت السيميولوجيا في العالم العربي عن طريق الترجمة والمثاقفة والاطلاع على الإنتاجات المنشورة في أوربا والتلمذة على أساتذة السيميولوجيا في جامعات الغرب . وقد بدأت السيميولوجيا في دول المغرب العربي أولا، وبعض الأقطار العربية الأخرى ثانيا، عبر محاضرات الأساتذة منذ الثمانينيات عن طريق نشر كتب ودراسات ومقالات تعريفية بالسيميولوجيا(حنون مبارك- محمد السرغيني- سمير المرزوقي – جميل شاكر- عواد علي- صلاح فضل- جميل حمداوي- فريال جبوري غزول-…)، أو عن طريق الترجمة( محمد البكري- أنطون أبي زيد- عبد الرحمن بوعلي- سعيد بنكراد…)، وإنجاز أعمال تطبيقية في شكل كتب( محمد مفتاح- عبد الفتاح كليطو- سعيد بنكراد- محمد السرغيني- سامي سويدان…)، أومقالات(انظر مجلة علامات ودراسات أدبية لسانية وسيميائية بالمغرب ومجلة عالم الفكر الكويتية وعلامات في النقد السعودية ومجلة فصول المصرية- …)، ورسائل وأطروحات جامعية تقارب النصوص الأدبية و الفنية والسياسية… على ضوء المنهج السيميائي أنجزت بالمغرب وتونس وهي لاتعد ولاتحصى.
ولقد وقع النقد السيميولوجي العربي في عدة اضطرابات اصطلاحية ومفاهيمية في ترجمة المصطلح الغربيSémiologie-Sémiotique إذ نجد : علم الدلالة (محمد البكري…)- الرمزية(أنطون طعمة في دراسته” السميولوجيا والأدب”…)- السيمياء( محمد مفتاح في كتابه ” في سيمياء الشعر القديم”)- علم العلامات- علم الإشارات- السيميولوجيا- السيميوطيقا…
وما يلاحظ على هذه التطبيقات السميائية أنها عبارة عن تمارين شكلية تغفل الجوانب المرجعية والمضمونية والأبعاد الإيديولوجية، كما تخلط بين المناهج تلفيقا وانتقاء.أما النتائج المتوصل إليها فأغلبها تبقى- في اعتقادي- تحصيل حاصل بعد تسويد العديد من الأوراق المرفقة بالأشكال والجداول والرسومات الهندسية والأسهم التواصلية ؛ولكن الفائدة قليلة جدا تتمثل في لعبة التفكيك والتركيب دون الحصول على معارف جديدة ماعدا القليل من الدراسات والأبحاث الجادة. ويلاحظ أيضا أن هذا المنهج السيميائي يقف عند حدود الملاحظة والوصف ولا يتعدى ذلك إلى التقويم والتوجيه الذين يعدان من أهم عناصر النقد الأدبي.

خاتمة:

تلكم نظرة موجزة عن مفهوم السيميولوجيا وما يتصل بها من مفاهيم، وتلكم كذلك أهم منابتها المرجعية و مبادىء التحليل السيميائي ومستوياته ومدارسه واتجاهاته وتطبيقاته في الغرب والعالم العربي.

– الهوامش:
1 – عبد الرحيم جيران: ( مفهوم السيميائيات)، الحوار الأكاديمي والجامعي، العدد1، السنة 1يناير1988، ص:7؛
– J.C.Coquet et autres : Sémiotique : l’école de Paris. Hachette 1982, Paris : 5 ;
– A regarder, Le petit Robert, Paris, 1976, p : 1633 ;
– أنور المرتجي: سيميائية النص الأدبي، إفريقيا الشرق، الدار البيضاء،ط1، 1987، ص: 3؛
– مبارك حنون: ( السيميائيات بين التوحد والتعدد)، الحوار الأكاديمي والجامعي، العدد2، فبراير 1988، السنة1، ص: 8؛
– فرديناند دي سوسير: محاضرات في علم اللسان العام، ترجمة عبد القادر قنيني، ط1، 1987،أفريقيا الشرق، الدارالبيضاء، ص:88؛
– نفس المرجع، ص:26؛
-Oswald Ducrot/Tzvetan Todorov : Dictionnaire encyclopédique des sciences du langage. Edition du Seuil, 1972, p : 11 ;
– نقلا عن ترجمة إدريس بلمليح: الرؤية البيانية عند الجاحظ، ط1، 1984، دار الثقافة ، البيضاء، ص:111؛
– بيير غيرو: السيمياء، ترجمة: أنطون أبي زيد،ط1، 1984، منشورات عويدات بيروت ، لبنان، ص: 5؛
– George Mounin : Clefs pour la
Linguistique .Collection Clefs ,19 éditions, Paris : 133 ;
– U .ECO : La Structure Absente : 8 ;
– Coquet et autres : Sémiotique : l’école de Paris, p : 5 ;
– ترنس هوكز: البنيوية وعلم الإشارة، ترجمة مجيد الماشطة، ط1 ،1996، بغداد ، العراق، ص:114؛
-U. Eco : la Structure Absente : 11 ;
– A regarder : la sémiotique : L’école de Paris, Paris :128 ;
– رولان بارت: مبادىء في علم الأدلة، ترجمة محمد البكري، دار قرطبة للنشر بالدارالبيضاء ، ط1، 1986؛
-Groupe d’Entreverne : Analyse Sémiotique des textes, éd. Toubkal, Casablanca, 1987, p : 7-9 ;
– مارسيلو داسكال: الاتجاهات السيميولوجية المعاصرة، ترجمة حميد لحميداني وأخرين، ط1 ، 1987، دار أفريقيا الشرق، البيضاء.
– د. محمد السرغيني: محاضرات في السيميولوجيا،دار الثقافة ، الدار البيضاء، ط1 ،1987م؛
– محمد السرغيني: نفس المرجع، صص:55-66؛
– مبارك حنون :دروس في السيميائيات، ط1 ، 1987، دار توبقال للنشر، الدار البيضاء؛
– المرجع السابق، ص: 85؛
– انظرد. عبد الرحمن بوعلي: محاضرات في السيميولوجيا، ألقيت على طلبة الإجازة بكلية الآداب بوجدة سنة 2022-2006؛



التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

النظرية الواقعية

النظرية الواقعية

مقدمة :

الواقعية هي المنظور المهيمن في حقل العلاقات الدولية خاصة بعد فشل نظام
الأمن القومي الذي تبنته عصبة الأمم و ظهور الأنظمة التسلطية في أوربا
مكان الفرضية الليبرالية المتعلقة بنشر الديمقراطيات .

كل هذا
دفع بالباحثين إلى القول بفشل المقاربات المعيارية على رأسهم الأستاذ
freedriks schuman الذي قال يجب إستبدال المقاربة الكلاسيكية بالمقاربة
الجديدة (الواقعية) و يعنى هذا الكلام دعوة صريحة بضرورة نقل التركيز من
المجالات القانونية للعلاقات الدولية إلى المجالات النفعية .

أهم أفكار الواقعية
المسرح الفوضوي للعلاقات الدولية

و هو مرادف لحالة الحرب لأنه لا توجد أية قوة عليا قادرة علة منع الفواعل
الدولية من اللجوء إلى العنف المسلح في علاقاتها مع الأفراد أو علاقة
الدول فيما بينها أي منطق القوة هو المحدد الفعلي لمسار العلاقات الدولية .

2- الفواعل الأساسية في العلاقات الدولية

هي فواعل الصراع و منذ ظهور نظام اسبانيا هذه الفواعل هي الدول القوية
المنظمة و المعرفة في حدود إقليمية (جماعات قومية معرفة بحدود جغرافية)

3- الدول القومية هي الفواعل العقلانية الوحيدة في العلاقات الدولية و هذه الدول يجسدها الحكام على رأس السلطة
و عقلانية هذه الفواعل تتمحور في فكرة تعضيم المصالح الوطنية المعرفة
بالقوة في مواجهة الأطراف الأخرى و هنا المنضمات الحكومية و الغير
الحكومية هي منظمات غير عقلانية
و هنا تتجسد مقولة أستعمل قوتي . لأحافظ على قوتي . لأزيد قوتي

4- القانون الواقعي

يتمثل في ميزان القوى الذي يمثل أداة لتحقيق السلم و الأمن الدولي بقدر ما يتثل قانون لضبط النظام و الاستقرار الدوليين.
* العودة إلى الحرب أو خيار الحرب هو وسيلة شرعية في السياسة الخارجية
* يقول كلوزوفيتش ( تبدأ الحرب حينما تنتهي الدبلوماسية / الحرب هي استمرار للسياسة لكن بوسائل أخرى )
كما أقرو بأسبقية السياسة الخارجية على السياسة الداخلية

أهم أفكار أعلام الواقعية

1- إدوارد هاري كار : في تحديده لمفهوم الساسة إنتقد فكرة تجانس المصالح و فكرة السلام الدولي المشترك ” السياسة في معناها الدائم هي سياسة القوة ” و نلاحظ أنه لا يفسر لماذا سياسة القوة في العلاقات الدولية .

2- رونالد نيبو: ” السياسة هي صراع دائم من أجل القوة “
و يعتبر أن مصدر الصراع هو الطبيعة البشرية المححدة بالمصالح فكل إنسان أو
نظام يسعى للحصول على القوة و الهيمنة و بالتالي يصطدم مع الآخرين.

3- هانس مورغنتاو :
انتقد جميع الذين سبقوه في محاولة منه لبناء نظرية واقعية للسياسة الدولية
فذهب إلى دراسة الظاهرة الدولية كما هي لخصها في ( غريزة الحياة – غريزة
التنافس – غريزة الهيمنة)
ففي عالم يعاني من ندرة الموارد يصبح الانسان فيه محكوما في علاقاته مع الآخرين بإرادة متنامية القوة ( السياسة الدولية هي مثل أي سياسة صراع من أجل القوة )4- ريمون آرون : يقول المصلحة القومية يجب ألا تتحدد في المصالح الفردية هذا في سياق أسبقية السياسة الخارجية عن السياسة الداخلية فالبحث عن القوة هو الهدف الحاسم و القار في سلوكات الدول .

نقد النظرية الواقعية
1/ على المستوى المنهجي : مبالغة الواقعية في الطابع التجريدي للعلاقات الدولية
2/ على مستوى المفاهيم المعتمدة في التحليل : عدم دقة مفاهيم القوة و خاصة مفهوم المصلحة الوطنية



التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

الروابط بين النظرية والممارسة في السياسة الدولية

http://www.4shared.com/get/37110698/…/________.html
هذا رابط كتاب بعنوان:
العلاقات الدولي_الروابط بين النظرية والممارسة في السياسة الدولية



التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

بحت حول النظرية التراكمية " السنة الثالثة تنظيمات ادارية"

***خـــــــــطــــــــة الــــــــبـــــــحــــــــــت***

مـــــقــــــدمــــــــــــــــــة

الـــفـــــصـل الأول: مــــاهـيـة الــنـظــريــــة الــتـــراكــمـيــة

الــمـبــحــث الأول: تـعــــريــــف الــنــظـريــة الـتـراكــمـيــة

الــمـبـحـث الـثـانــي: خـصــائـص الـنـظـريـة الـتـراكـمـيـة الـتـدريـجـيـة

الــمـبـحــث الــثـالـث: الانـتـقــادات الــمــوجـهـة لـلـنـظـريــة الـتـراكـمـيــة الـتـدريـجـيــة

خــــــــاتــمـــــــــــــــــة

قــــائــــمـــــة الــمــراجـــــــــع

مـــــقـــــد مـــــــــــــــة

إن النموذج التراكمي وباعتباره استمرارية للنشاطات الحكومية السابقة حيث أن صانعي القرارات يفضلون تجزئة المشكلات عند صناعة القرار الذي يحقق لكل منها هامشا مطلوبا من الحل أي استبدال السلوك العقلاني الرشيد في صناعة القرار بالسلوك المرضي من منطلق كون صانع القرار ليس لديه مصفوفة إن صح التعبير تحتوي على جميع البدائل أمامه فيختار البديل طبقا لمعاييره المستمدة من ذاته أو من السياسة العامة ككل إنما صانع القرار يستعرض البدائل طبقا للمستجدات والظروف المحيطة ثم يعمل على اختيار البدائل التي يحقق بها الحد الأدنى وليس الحد الأعلى من المعايير التي يحددها مقياس له،و” حتى يعثر على الحلول المرضية”. والسؤال الذي يتبادر طرحه ما المقصود بالنموذج، النظرية أو المنهج التراكمي “التدريجي” وما هي الأسس التي تقوم عليها كنظرية ما هي المزايا التي أضفتها على حقل السياسة العامة؟
وقد تناولنا في بحثنا هذا الخطة التالية للإجابة عن هذا التساؤل متناولين فيه بالخطوط العريضة وبعد استعراض مقدمة بسيطة فصلا واحدا تصمن ماهية النظرية التراكمية وشمل هذا الأخير ثلاثة مباحث المبحث الأول تعريف للنظرية التراكمية وفي المبحث الثاني خصائص النظرية التراكمية والثالث الانتقادات الموجهة للنظرية التراكمية وأخيرا خاتمة للموضوع، ونظرا للنقص المراجع فقد تلقينا صعوبات جمة في جمع هذا الكم المتواضع من المعلومات حول بحثنا وقد اعتمدنا بالدرجة الأولى وركزنا على مرجع واحد وهو”لجيمس أندرسون” ونرجو من الله أن نكون قد وفقنا في الإلمام بالموضوع.

الـــفــصــــل الأول: مــــــــاهـــــيـــــة الــنــظـــريـــــــة الــتـــــراكــمــيــــــــــة

بـالإضــافـة إلـــى الــنــظـريـــة الــســيــاســيــة و نــظـريـــــة الــرشــد و الــشــمــولـــيــــة، تـــوجــــــد

نــظـريـــــة ثــالــثــة لا تـقـــــل أهــمـيـــة عـــن الــنـظــريـــات الــلــواتـــي ســبـقــتـهـــا ألا وهـــي

الــنــظـريـــة الــتــراكــمــيــــة أو الــتــدريـــجــيـــة الــتــي تـعــتــبــــر أكــثــــر وصـفـيـــة و تــوضـيـحــيـة

بـالــنـــســبــة لـصــانـعــــي الــقـــــــرارات الـــحـــكـــــومــيــــــة.

الــمــبـحــث الأول: تــعــريــــف الــنــظــريـــة الــتــراكــمــيــــة

إن هذه النظرية طورت لتجاوز الانتقادات الموجهة إلى نظرية الرشد والشمولية، أو الصعوبات التي تواجه

تطبيقها كما أنها أكثر وصفية و توضيحية بالنسبة لمتخذي القرارات السياسية، حيث يقول لند بلوم :” إن

التراكمية أو التدريجية تمثل العملية النموذجية لاتخاذ القرار في المجتمعات التعددية كالولايات المتحدة

الأمريكية” (1).

فالقرارات و السياسات هي حصيلة “الأخذ والرد” والاتفاق بين عدد من المشاركين الحزبيين في عملية صنع

واتخاذ القرار و التدريجية تتميز بأنها تعد مقبولة سياسيا لأنها تسهل الوصول إلى الاتفاق في المواضيع المختلف

عليها بين الجماعات، وقد يصبح البرنامج المعدل والمكيف هو الأنسب بدلا من الالتزام بالطريقة القائلة “احصل

على كل شيْ أو لا شيْ” وطالما أن متخذي القرارات في ظل ظروف عـدم التأكـد حيث يتعاملون مع التوقعــــات

المستقبلية لتصرفاتهم، فإن القرارات التدريجية تقلل من أخطاء عدم التأكد ومن تكاليف المغامرات التي قد تتخذ

لها القرارات البديلة.

و النظرية التدريجية تتلاءم مع الواقع الذي يتميز بمحدودية الوقت المتاح لأخذ القرارات، ومحدودية المعلومات

والقدرات لديه لاتخاذ القرارات البديلة و الأكثر من ذلك فإن الناس بطبيعتهم عمليون وواقعيون أكثر فهم لا

يبحثون عن الحلول المثالية في القرارات التي يتعذر تنفيذها ويفضلون الحلول الواقعية و الممكنة.

وباختصار فإن النظرية التدريجية يمكن أن تسهم في صنع قرارات عملية مقبولة ومحدودة.

———————————–

1): جيمس أندرسون،صنع السياسة العامة ،ت عامر الكبسي،ط1 ( دار المسيرة للنشر والتوزيع عمان،1999-1420 ) ص 27.
الــمــبــحــث الــثــانــي: خــصــائـــص الــنـظـــريــة الــتـــراكــمــيـــة الـــتـــدريــجــيـــة

يمكن تلخيص خصائص هذه النظرية على شكل النقاط التالية:

– إن اختيار الأهداف والمقاصد والتحليل العلمي للتصرفات المطلوب تحقيقها هي متداخلة فيما بينها وليست

مستقلة أو منفصلة.

– إن متخذ القرار يأخذ باعتباره بعض البدائل فحسب وليس جميعها وهذه البدائل تضل غالبا متأثرة بالسياسات

الحالية وتترك لها هامشا كبيرا.

– عند تقييم البدائل المطروحة فإن التركيز يكون على عدد من نتائج البديل المهمة والمحددة.

– إن المشكلة التي تواجه متخذي القرار قابلة لإعادة التحديد وإن تعريفها يراجع بين الحين والآخر. والتدريجية

والتراكمية تسمح بإعادة النظر في العلاقة بين الأهداف والوسائل لتسهيل السيطرة على المشكلة.

– لا يوجد قرار منفرد ولا حل صحيح بعينه للمشكلة الواحدة، والاختيار الجيد للقرار هو الذي تتفق كل

التحليلات عليه، وليس بالضرورة أن تتفق على أن هذا القرار هو الأمثل والأحسن للوصول إلى الأهداف.

– إن القرار التدريجي هو علاجي ويحافظ على التواصل والاستمرار مع الحاضر، و يستجيب بظروفه أكثر من

كونه منطلقا للتغيير في الأهداف الاجتماعية المستقبلية.

الــمــبــحــــث الــثــالـــث: الانــتـقــــادات الــمـــوجـــهـــة لــلـنــظــريــة الــتــراكـمـيـــــــــة

جاءت النظرية المزدوجة التي يتزعمها عالم الاجتماع أتزري كنقد للنظرية التراكمية فهو يقول على
سبيل المثال: ” إن القرارات التدريجية تسهم في خدمة مصالح فئات و جماعات على حساب الفئات
الضعيفة، والأقليات التي تهمل حقوقها”.

كما أن اهتمام القرارات التدريجية بالتوقعات القريبة المدى سيؤدي إلى الاستقرار والاستقرار على الأوضاع

الحالية و سيحد لا محال من الإبداع والتجديد في المجتمع.

والنقد الآخر هو أن القرارات الكبيرة المتعلقة بالظروف الاستثنائية كالحروب و الكوارث الطبيعية التي تقع

خارج نطاق النظرية التدريجية، ولذلك فإن الحاجة قائمة لاتخاذ قرارات عميقة و أساسية لتكون محركة

للقرارات التدريجية.

فالطريقة المزدوجة تسمح لمتخذي القرارات بتوظيف الطريقة الرشيدة الشاملة و النظرية التدريجية في المواقف

المختلفة في ظل ظروف معينة تكون التدريجية مناسبة أكثر من الشاملة وفي ظروف أخرى قد يحدث العكس.



التصنيفات
العلوم الفيزيائية السنة الثالثة تانوي

مجموعة من التعريفات و الأسئلة النظرية مع أجوبتها لجزء التطورات الرتيبة

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين


***********************
مجموعة من التعريفات و الأسئلة النظرية مع أجوبتها لجزء التطورات الرتيبة
***********************
رابط الملف
تعليم_الجزائر

أرجوا لكم استفادة طيبة والتوفيق والنجاح
لكم مني أجمل تحية
لاتنسونا من الدعاء


التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

النظرية السياسية المعاصرة

النظرية السياسية المعاصرة

الديمقراطية والليبرالية

بداية المحاضرة مع الملاحظات التالية :
أود في بداية المحاضرة الإشارة إلى نقطة تتعلق بهذه المحاضرة و المحاضرات اللاحقة ضمن هذه المادة:
في الواقع و بعد الاستماع إلى محاضرات الدكتور “حسني الشياب” في مادة النظرية السياسية المعاصرة، وهي محاضرات في غاية الأهمية من ناحية تحليل النظرية والنظرية السياسية، ثم حديثه عن مناهج البحث، و أيضا بعد ذلك الإطلاع على كتاب “الأكاديمية” الذي يحمل عنوان “النظرية السياسية المعاصرة” للدكتور قحطان أحمد الحمداني” والذي يتحدث أيضا بعمق عن مناهج البحث في النظرية السياسية في التعريف والمفاهيم. نرى أنه ومن باب الحفاظ على الوقت و الاستفادة منه بشكل كبير، نرى أن الدخول إلى عمق بعض النظريات وتفصيلها هو في غاية الأهمية ، حتى لا نقع في مشكلة التكرار لمحاضرات سابقة. ولذلك ستكون النظريات السياسية الديمقراطية والليبرالية هي موضوع لمحاضراتنا في النظرية السياسية المعاصرة. طبعا سنأخذ أمثلة متعددة من العالم أو أمثلة على النظريات السياسية. ( إنكلترا، الولايات المتحدة،فرنسا..الخ)

السياق التاريخي

في مواجهة صعود الاستبداد ضمن سياق الحروب الدينية، بدأت مع نهايات القرن السادس عشر و بداية السابع عشر تتشكل ما يمكن أن نسميها “المذاهب الديمقراطية”، وهي نظريات وأفكار تدعو لاقتسام السلطة داخل الدولة بين الملك و مجالس أخرى، و مذاهب “ليبرالية” تدعو لوضع حدود لسلطة الدولة. تم بناء الأفكار على أسس فكرية قديمة أهمها: القانون الروماني،الأفكار التي كانت سائدة في المدارس الفلسفية وأهمها أفكار أرسطو، الفكر الجمهوري الإيطالي،الإنسانية، ونضيف لها الأفكار الإصلاحية المسيحية.

أولا ـ جون لوك و نظرية سيادة القانون.

جون لوك هو المنظر الرئيسي لما يمكن أن نسميه “الثورة المجيدة” في انكلترا 1688، هذه الثورة التي شيدت الملكية الدستورية و الليبرالية الاقتصادية. ولد جون لوك في عام 1632.درس الأدب والطب في أكسفورد. أم أهم مؤلفاته فهي ( محاولة حول التسامح، الاختلاف بين السلطة الدينية والسلطة المدنية،رسالة حول التسامح،نصوص حول المسيحية و العقل).
انتقد جون لوك في الجزء الأول من كتابه “تحليل الحكومة المدنية”، الطروحات الملكية لمعاصره “روبيرت فيلمر” التي تقول بأن السلطة السياسية لا يمكن أن تكون إلا ملكية و أن “السلطة الأبوية” للملوك أسست في نفس الوقت بالطبيعية و من خلال الثورة. يقول لوك أن هذه النظرية خاطئة ولابد من اكتشاف واحدة أخرى تتعلق بالحكم. ومن أجل هذا لابد من العودة للحالة الطبيعية عند الإنسان. فما هي هذه الحالة الطبيعية ؟

ـ الحالة الطبيعية:

هي حالة من الحرية و المساواة، حيث لا يوجد تبعية أو طاعة بين البشر، والذين هم من فضاء واحد ونظام واحد، لقد ولدوا من غير اختلاف ولديهم نفس المؤهلات. طبعا هذا الطرح كان قد سبق عصر جون لوك وخاصة في المدارس الفلسفية التي اعتمدت النهج الأرسطي، ثم تم أعادة تشكيله تحت عناوين مختلفة أثناء الثورة الإنكليزية.

الحرية الطبيعية ليست من غير حدود عند لوك. إنها محددة بما سماه “قانون الطبيعة” نفسه، هذا القانون يمتزج مع العقل والذي يعلم جميع الناس أن البشر جميعهم متساوون ومستقلين ،يجب ألا يضر أحد أحدا آخر، لا في حياته ولا صحته ولا حريته. نفس المنطق في الحق الطبيعي يتطلب أن يكون لدي القدر على محاسبة الذي يشكل أذى لي أو يضرني، هذا الذي يغتصب القانون الطبيعي. والجميع في حالة الطبيعة يمتلكون هذا الحق الذي يتكون من جانبين أساسيين : إعاقة ضرر الآخرين، و الحصول على الحق في محاول وقوع هذا الضرر. هذا الحق في الدفاع عن النفس وفي العقوبة هو أيضا له حدود، حيث لا نستطيع أن نفعل ما نريد مع شخص مذنب.

في الواقع من العبث القول أن الإنسان سيطبق القانون في غير مصلحته، لأن “حب الذات” كما يقوا لوك يجعل من البشر متحيزين لمصالحهم و لمصالح أصدقائهم. بالتأكيد، ولهذا السبب سنرى أن الإنسان يسعى للخروج من الحالة الطبيعية إلى حالة أخرى نتحدث عنها لاحقا.

نرى جون لوك أنه مازال يصطف خلف التقاليد القديمة الموروثة من (أرسطو،سان توماس،و غروتيوس)، حيث أن حالة الطبيعة هي منذ البداية حالة اجتماعية، البشر مجبرون للقيان بأشياء تجاه بعضهم البعض، حتى ولو لم توجد حالة مدنية أو حالة سياسية.
ـ الانتقال من الحالة الطبيعية إلى الحالة السياسية.
ترافق الحالة الطبيعية العديد من الصعوبات. حيث ملكية الفرد أو الإنسان في هذه الحالة معرضة لضعف وهشاشة كبيرة. يقول جون لوك هنا :” إذا كان الإنسان حرا في حالة الطبيعة وسيدا مطلقا على شخصيته وأملاكه، إلا أنه ليس الوحيد الذي يمتلك ويعيش نفس الحرية، فالجميع لديهم نفس المميزات والقسم الأكبر منهم لا يحترم المساواة ولا العدالة، وهذا يعرض الملكية للخطر وعدم الثبات. ضمن هذه المشكلة لابد من البحث عن علاج.

ولكن السؤال هنا: هل نترك الحالة الطبيعية للبحث عن حالة أكثر سوءا منها ؟
حالة الطبيعة حتى ولو كانت عابرة وغير ثابتة إلا أنها عند جون لوك تختلف عن ما جاء به “هوبز”. هوبز يرى أن الحالة الطبيعية هي قاتلة، فمن أجل حماية الحياة نحن جاهزون لكل شيء،وخاصة للتضحية بالحرية. بينما عند لوك لا نصل للحديث عن فقدان الحياة بل عن الازدهار ، لذلك لا يمكننا الانتقال للحالة السياسية إذا كنا سنفقد ميزات الحالة الطبيعية. ولن نغير حالتنا الطبيعية إذا لم نحصل في الحالة الجديدة على ميزات أكثر من الحالة الماضية.

من أجل وضع حد أو نهاية لضعف وهشاشة الحياة في الحالة الطبيعية، لابد من أن نجتمع أو ننتقل إلى الجماعية. حيث يتخذ الإنسان قرارا بالاتصال بالإنسان الآخر، من أجل حماية بالتبادل لحياتهم،لحريتهم ولأملاكهم. وحتى يصيح هذا ممكنا، يجب و يكفي أن كل فرد من بين الجماعة يمتلك و يمارس حقه الطبيعي ، وهنا لن يكون لديه القدر على الحصول على حقه أو يثأر للضرر الواقع عليه لأنه أصبح يعيش في جماعة وليس لوحده. إذا الجماعة هنا عليها أن تمتلك القوانين والتي من خلالها تتم المحاسبة ثم تنفيذ الأحكام، في هذه الحالة الحق الطبيعي في العقوبة سيكون مضمونا من قبل الجماعة بدل من أن يقوم كل فرد وبنفسه بتحصيل أو تطبيق الأحكام.

نستنتج هنا الصفات الثلاث الجوهرية للاجتماع السياسي. هذا الاجتماع سيكون لديه :
1ـ قوانين، معروفة وواضحة ومجربة.
2ـ قاض يطبق القوانين بشكل موضوعي، وهذا ممكن لأنه لا يطبق قوانينه الشخصية بل قوانين الجماعة أو المجتمع السياسي.
3ـ سلطة تستطيع تنفيذ الأحكام ، وهذا ممكن أيضا لأن من سيملك السلطة هي قوة مشتركة مكونة من كل الجسم الاجتماعي.

من يريد مميزات قيام الدولة عليه القبول و احترام هذه القوانين التي تكفل الحرية التي كفلتها القوانين الطبيعية. و بالتالي يتم التخلي عن الحق الطبيعي في العقوبة لصالح السلطة ( إلا في حالات الدفاع عن النفس حيث الضرورة والحالة الطارئة لا تسمح للسلطة بالتدخل الفوري).

هنا ننتقل لما نسميه “العقد الاجتماعي”،هذا العقد الذي لن يجعلنا نخسر أو نفقد حقوقنا في تبادلها مع الآخرين لأن:
ـ العقد الاجتماعي سيحمي الملكية، أو جوهر الحقوق الطبيعية.
ـ يتم التخلي عن الحقوق التي ليست من الأولويات، لأن الدولة ستنوب عن الفرد في ممارستها، وسيكون هذا لصالح المجموع.

إذا يمكننا في النهاية أن نختصر نظرية العقد الاجتماعي عن جون لوك بما يلي : حقوق انتقلت إلى الدولة حيث كانت في حالة الطبيعة : وفيها (الحق في تفسير القانون الطبيعي ،الحق في الحكم،الحق في العقوبة). وأصبحت في المجتمع السياسيتعليم_الجزائر سلطة تشريعية، سلطة قضائية، سلطة تنفيذية). أما بالنسبة للحقوق المتعلق بالفرد ، انتقلت من حق الملكية الطبيعي إلى حق الملكية القانوني.
ـ الاجتماع السياسي و حماية الملكية.
الخروج من الحالة الطبيعية ليس لديه معنى إلا إذا أوصلنا لحماية أفضل للملكية التي يملكها الإنسان في الحالة الطبيعية . فالدولة ليس لوجدها سبب إذا لم تكن تستطيع حماية الملكية. وهنا يقول جون لوك :”النهاية الرئيسية و الجوهرية، لوضع يكون فيه الناس مجتمعين أو خاضعين لجمهوريات أو حكومات، هي حماية و الحفاظ على ممتلكاتهم”. وهنا الدولة يجب ألا تستخدم قوة المجتمع ،في الداخل، إلا من أجل ضمان تطبيق القوانين، وفي الخارج، من أجل حماية الدولة من الاعتداءات الخارجية، ووضع المجتمع في حماية من الغزو أو الاجتياح.

ـ حدود السيادة.

من الوظيفة الأساسية للمجتمع السياسي في حماية “المجال الخاص” سيكون لدينا وظيفة أخرى كبرى: وهي حدود السلطة السياسية. يقول جون لوك في هذا الصدد:” بما أن المواطنين ليس لديهم اهتمام آخر إلا القدرة على الحفاظ على شخصياتهم،حريتهم، ملكياتهم، فإن سلطة المجتمع و السلطة التشريعية المقامة من خلالهم لا تستطيع الافتراض أن من واجبها الامتداد بشكل أوسع و أبعد من حماية الخير العام. هذه السلطة يجب أن تضع في مأمن وتحافظ على المجالات الخاصة لكل إنسان.

إذا السلطة التشريعية، إذا كانت عليا ( أعلى مصدر تشريعي في الدولة)، فهي ليست مطلقة، إنها محددة كالدولة نفسها، من خلال القوانين الطبيعية. ويقول جون لوك في هذا الشأن:” إنها سلطة ليس لها غاية سوى الحفاظ على الحقوق، فليس من حقها التدخل في تحديد أي موضوع. قانون الطبيعة يستمر دائما كقاعدة أبدية بالنسبة لكل البشر، عند المشرعين وعند غيرهم، وقوانين المشرع يجب أن تنطبق مع القوانين الطبيعية”.

جون لوك يشكل هنا في نظريته ما سيصبح قلب أو مركز مذهب حقوق الإنسان، و الذي كل الديمقراطيات الليبرالية الحديثة تعترف به كمؤسس لها، حيث هذه الديمقراطيات جعلت من مبادئ جون لوك مبادئ عليا لها.

ـ شروط قيام و تجديد العقد الاجتماعي.

إن المفهوم الذي قدمه جون لوك “للعقد الاجتماعي” ليس مفهوما طوباويا لا يمكن تحقيقه. إنه لا يتخيل أن الناس يجتمعون في يوم جميل و يخلقون الدول بواسطة اقتراع شكلي. إنه يفهم العقد الاجتماعي أن بإمكانه أن يكون بشكل متعاقب متتالي و ضمني. لقد دفع لوك هذه الموضوع و التفكير فيه بشكل كبير نحو الأمام. حتى أكثر مما قدم جان جاك روسو في “العقد الاجتماعي”. أما الشروط التي تحدث عنها جون لوك فهي :
1ـ ضرورة الانتساب الطوعي:

الإرادة الطوعية في الانضمام على العقد الاجتماعي، وفي كل الظروف، هي مطلوبة حتى يكون العقد سليما وصالحا. بحيث لا أحد يمكن أن يسحب الحالة الطبيعية ويخضع للسلطة السياسية للآخرين من غير إرادته الخاصة.

2ـ تاريخية “العقد الاجتماعي”، أي حصوله تاريخيا:

فيما يتعلق بالعقد الاجتماعي الطوعي يمكن أن نقدم اعتراضين على هذا المفهوم : الأول، عدم وجود مثال تاريخي لمجتمع سياسي بدأ بعقد اجتماعي. ثانيا، وهذا من جهة أخرى مستحيل، حيث كل إنسان ولد في دولة ومن هنا حريته هي منذ البداية متنازل عنها، فهو ليس حرا برفض العلاقة التي أخذها وربطته مع الآخر في مكان وجوده أو في مكان آخر.

فيما يتعلق بغياب المثال التاريخي، جون لوك يعترف بالعقبة. فالانتقال من مرحلة الطبيعة إلى المرحلة الاجتماعية ضاع غياهب الماضي. رغم ذلك، يعتقد لوك أن الحكومات الملكية البدائية أنها كانت ثمرة لعقد اجتماعي. باختصار، الدول هي في الحقيقة تشكلت بواسطة عقد اجتماعي طوعي، حتى ولو كان هذا العقد في الغالب ضمنيا و نتيجة لتتابع أو توال في الانضمام الفردي إليه.

ـ مذهب الحرية برعاية القانون أو ” دور القانون”.

رأينا أنه في عملية الارتباط أو التجمع السياسي، القوانين الناتجة عن الطبيعة تتجسد في القوانين المدنية. وعلى هذه القوانين تستند الأحكام والقضاء. “دولة لوك” هي حكومة من القوانين وليس من البشر، هي حالة من حكم القانون. من هذا المفهوم و الذي كان قد خضع للتداول في إنكلترا قبل جون لوك، يستنتج جون لوك أو يعطي تحليلا خاصا واضحا وعميقا. إنه يبين أن “دور القانون” و الحرية لا يمكن فصلهما وكل منهما يشترط الآخر. هذا المذهب سيشكل جوهر الليبرالية الحديثة.

أولاـ جوهر الحرية.

لا بد في البداية من الإشارة أن الحرية لا تعني القدرة على فعل كل شيء. إنها شيء آخر، إنها عدم الخضوع لسلطة تعسفية للآخر. ” الحرية الطبيعية للإنسان هي عدم خضوعه لسلطة تهيمن على إرادته، الحرية ترتكز على أن تكون غير معيقة أو تشكل عنفا ما ضد الآخرين”. بمعنى آخر الحرية ليست سلطة بل هي علاقة اجتماعية، وعكس الحرية ليس الضرورة بل التعسف و القهر.

ثانياـ جوهر القانون.

يتطرق لوك لهذا الموضوع بعناية ودقة. إنه يبين أن ، إذا القانون استطاع أن يلعب هذا الدور، هذا يعني أن له قيمة معرفية إدراكية: إنه قبل كل شيء معرفة ما يتوجب علينا فعله وما يجب ألا نفعله. إذا إنه يعطينا الوسيلة الفكرية لتجنب كل خلاف معه و يعطي للآخرين نفس الوسيلة بالنسبة لنا.

ثالثاـ العلاقة بين القانون والحرية.

القانون عندما يدرك ويتم فهمه فإنه يجعل الحرية ممكنة. فحيث لا يوجد قانون لا توجد حرية. في حكم القانون و سلطته، قدرتنا على التصرف محدودة، حيث لا يمكننا معارضة القانون في التعدي على أملاك الآخرين أو على حريتهم. بالمقابل حريتنا غير محددة، في أشياء أو أسباب جيدة، أي عندما نتصرف وفق القانون. أما قوة الدولة في “حكومة من القوانين وليس الأشخاص” لا يمكنها التدخل غلا وفق القانون، القاضي لا يستطيع أن يقضي إلا وفق القانون. لذلك التعسف والقهر ضد الفرد لا ينتج من سلطة ناتجة عن إرادة هذا الفرد.

وفي دولة جون لوك، الناتجة عن عقد اجتماعي، التعسف الدولاتي تم تقليصه على أبعد حد، ذاك الحد الذي سيكون ضروريا لحماية الحرية.

ـ صفات القانون.

حتى يستطيع القانون أن يلعب الدور الذي يريده له جون لوك، لابد أن يكون مؤكدا وواضحا في الموضوع الذي يتناوله. لأن أي غموض في القانون سيؤدي للإضعاف من قيمته المعرفية. يحدد جزن لوك صفات القانون بما يلي :
ـ الوضوح : أي الابتعاد عن الغموض في صياغته. ونحن نعرف من ايام الرومان أن كل تقدم في القانون هدف للبحث عن أدوات معرفية فكرية تسمح بتقليل الغموض في القوانين.
ـ العمومية: ينتج تعميم القانون من خلال مفهومه. على القانون ألا يصدر عن شخص أو يستهدف شخصا،فالقانون المدني يجب أن يكون عاما كما هي قوانين الطبيعة.
ـ نشر القانون والإعلان عنه: القانون ليس المطلوب فقط معرفته، بل يجب أن ينشر أمام الجميع.بمعنى الجميع يعرفون بأن الجميع قد علموا وعرفوا بهذا القانون. و بالتالي هناك واجبات من قبل الجميع تجاه هذا القانون. أيضا القانون يشكل وسيطا بين جميع المواطنين يساعدهم على الاتصال فيما بينهم ويشكل تصرفاتهم تجاه قضايا معينة.
ـ ألا يكون للقانون مفعول رجعي: هذه صفة ملازمة للصفة الماضية أو ناتجة عنها. إذا كان القانون ذا مفعول رجعي، فهذا يعني أنه وجد زمن خلاله هذا القانون لم يكن منشورا أو معلنا عنه، وخلال هذا الزمن لا يوجد أي مواطن كان يعرف أن هذا القانون ساريا.
ـ الاستقرار: منذ لحظة الإعلان عن القانون، هذا يعني بعدم تطوير التشريع إلا ببطء كبير. فالتشريع الذي يتغير باستمرار لن يكون لديه الوقت لكي يصبح عاما ويعرف الجميع،و بالتالي لن يشكل قاعدة من أجل تعاون المواطنين فيما بينهم، ولا من أجل الحفاظ على حرياتهم في مواجهة السلطة.
ـ المساواة: فكرة المساواة أمام القانون هي فكرة قديمة، لكن نظرية لوك السياسية و حول القانون تضيف الجديد على الفكرة. السبب الذي من أجله يجب أن يكون القانون مساويا للجميع هو سبب إدراكي معرفي وليس سببا أخلاقي. إذا من الواجب أن تكون القوانين مساوية للجميع، هذا لأنها الوسيلة الوحيدة حتى يعرف كل واحد بماذا هو مرتبط ومتمسك ، ومهما كان الشخص الذي يندمج أو يعيش معه. و إذا الآخر ليس لديه نفس الحقوق التي أملكها، لا استطيع أو لا أعرف كيف سأتفاعل معه، حيث أنني في حالة عدم المساواة، سأجهل الواجبات القانونية التي يخضع إليها الآخر بالنسبة لي، و ما هي واجباتي القانونية تجاهه.
لقد أكد جون لوك في نظريته السياسية على الصفات المتعددة للقانون ، حتى يكون بإمكانه إدانة جميع السياسات التي تستخدم القوانين الطارئة، التعسفية والقمعية تجاه الإنسان. ثم إدانة القوانين التي تشرعها الأكثرية و لا تأخذ بظروف الأقلية وحاجاتها. إذا حصل هذا من تجاوزات للقوانين وعدم اكتمال صفاتها المذكورة فإنه من الأفضل كما يقول لوك العودة إلى حالة الطبيعة.

إن جون لوك يؤسس بنظريته السياسية و القانونية، نظرية كاملة للثورة في بلاده، مبررا الثورة التي قامت في عام 1688 أو ثورة ” ويغ” Whig ، ولكنه أيضا وضع أسسا للثورات المستقبلية في الولايات المتحدة وفرنسا. لقد تفرد جون لوك في نظريته من خلال طرحه لمبدأ المقاومة ضد الأنظمة السياسية الطاغية، و إدخال هذا الحق في رفض الاضطهاد كمبدأ من المبادئ الدستورية، هذا المبدأ الذي أصبح عضويا في كل دستور ولا يمكن فصله عنه.

النظرية السياسية المعاصرة

الأكاديمية العربية الحرة
التطرية السياسية عند جون راوولز

نظرية ” جون راوولز” في العدالة

ولد جون راوولز في الولايات المتحدة عام 1921، وهو فيلسوف و بروفسور في جامعة هارفارد. في عام 1971 جمع فكره في كتاب ضخم، سماه “نظرية العدالة”. وفي عام 1993 كان له كتاب آخر تحت عنوان” الليبرالية السياسية”.بالرغم أن كتاب “نظرية العدالة” صنف وكأنه”ميثاق للحركة الاجتماعية الديمقراطية الحديثة”، إلا أنه أيضا يمكن الملاحظة أن “راوولز” يبرر سياسات إعادة توزيع الضرائب في دولة “الرفاهية/العناية” وفق قواعد سياسية صنفها “الديمقراطيون الاجتماعيون الكلاسيكيون” على أنها لم تكن على قطيعة كاملة مع تراث الفلسفة الماركسية، وخاصة الصراع الطبقي.

ـ في الواقع، مقابل ” التمامية أو الكلية” Holisme في الماركسية ( وهي نظرية أو مقولة تتحدث عن نظام معقد يشكل خلية واحدة، وهذا النظام العضوي الكلي أكبر و أعظم من أي جزء من أجزائه من الناحية الوظيفية)، راوولز يقبل بأن ” تعددية الأفراد، التي لها أنظمة تنتهي لغايات منفصلة، هي طابع وصفة جوهرية للمجتمعات الإنسانية”. بمعنى آخر يؤكد راوولز على حصانة وحرمة حرية الفرد. ثم يعلن قائلا:” سأصنف مبدأ الحرية يعادل كل شيء وهو قبل مبدأ الذي يتحدث عن اللامساوة الاقتصادية والاجتماعية”.

ـ و مقابل نظرية الصراع الطبقي، يقول بان الاقتصاد هو ذلك الذي إنتاجه بشكل يرتفع عندما المشاريع الفردية يكون لديها حرية المبادرة. وليس الاقتصاد بإنتاج ثابت لا يتغير. فاللامساواة الاجتماعية بهذه الحالة ليست نتيجة الملكية لطبقة و الناتجة عن عمل تقوم به طبقة أخرى.

إن النظرية السياسية عند راوولز نستطيع تصنيفها ضمن ما يمكن أن نسميه “التقليد الديمقراطي و الليبرالي”. ولكن في جوانب أخرى سنرى أنه يبتعد عن أسس هذه التطرية.

أولا ـ ما هي أهداف نظرية للعدالة ؟

يقول راوولز:” إن العدالة هي الفضيلة الأولى للمؤسسات الاجتماعية، كما الحقيقية هي أنظمة وطرق في التفكير، القوانين و المؤسسات يجب أن تكون عادلة”.

1ـ ضرورة مبادئ العدالة؛ صفاتها العامة؛ وبنية قواعد المجتمع.

العدالة، بالنسبة لراوولز، تتطلب في البداية ” حصانة” للشخص : لا يوجد أي مجتمع يمكن أن يكون عادلا إذا ارتكز على التضحية بالعديد من أفراده، أو حتى الأقليات فيه.من جهة أخرى، بما أن” المجتمع هو ارتباط، أكثر أو أقل رضا لأفراده، من الأشخاص الذين يعترفون بالعديد من القواعد الإجبارية لسيره،و الذين لديهم في نفس الوقت “صراع” من أجل المصالح و” هوية” للمصالح، فالمشكلة بالنسبة لهم ستكون التفاهم على مجموعة من المبادئ التي تحدد “توزيعا” صحيحا أو “عادلا” للامتيازات و المميزات و للأعباء”.

راوولز يقترح إقامة “مبادئ للعدالة” و التي سترضي أو تلبي هاذين المطلبين. اقتراحاته ستشكل أو تؤسس”نظرية العدالة بمعنى الإنصاف و الحق” ، أي justice as fairnesse. مبادئ العدالة يجب أن تكون عامة، بمعنى ليس فقط أن توجد و توضع في التنفيذ، بل أن تكون معروفة من قبل الجميع، كل واحد يعرف أن الآخرين يعرفون هده المبادئ مثله، كما يجب أن يكون هناك وجهة نظر مشتركة حول هذه المبادئ أو حول مبدأ العدالة، وبذلك يؤسسون “الميثاق الأساسي بمجتمع منظم بشكل جيد.بالتأكيد لن يكون لدى الجميع نفس الفكرة حول العدالة؛ ولكن وفق راوولز، على الأقل يظن أنه الجميع يستطيعون أن يحصلوا على نفس المفهوم حول ما يجب أن تكون عليه العدالة بشكل جوهري و أساسي. بالإضافة لذلك، نظام قواعد العدالة سيكون عليه السماح بالتنظيم،الفعالية و الاستقرار للحياة الاجتماعية.

أما “بنية قاعدية ” للمجتمع ستنتج من معرفة و الاعتراف بمبادئ العدالة. إنها ستضم تأسيسا سياسيا،و المبادئ والعناصر لنظام اجتماعي/اقتصادي، في داخلها سيكون للفرد دورا مميزا ووضعا أولويا.

في الواقع، عندما قرر راوولز دراسة “البنية الوحيدة القاعدية” للمجتمع، استبعد بشكل واع دراسة قواعد العدالة “للمجموعات الخاصة” داخل المجتمع. أيضا من جهة أخرى، دراسة العدالة يمكن أن تنقسم إلى نظرية “الخضوع الصارم” لقواعد العدالة أو ” عدالة مثالية”، و نظرية “الخضوع الجزئي”، ولكن راوولز لا يهتم إلا بالنظرية الأولى. فنظرية “الخضوع الجزئي” هي دراسة ” المبادئ التي تقود مسيرتنا أو سلوكنا ضد الظلم” ، و تضم نظرية العقوبات، تبرير الأشكال المختلفة لمعارضة الأنظمة الظالمة،التمرد،الثورات، اللاخضوع للحياة المدنية،الخ. مهما كانت أهمية هذه الدراسات، فإن راوولز يعتبر أن تعريف الظروف والشروط المثالية للعدالة هي لها الأولوية. و في النهاية، إنه يؤكد أن نظرية العدالة ليست هي نفسها سوى جزء من دراسة للمجتمع و لتعريف ” لحالة اجتماعية مثالية”. إن جون راوولز سيؤسس هذه النظرية على قواعد جديدة، ستتجاوز في نفس الوقت “النظرية النفعية” utilitarisme و ما يسميه ” الحدسية” intuitionnisme ( مذهب فلسفي يعتمد على الحدس قبل البرهان).

2ـ نقد النفعية.

إن نظريات النفعيون في الأخلاق وفي القانون سيطرت في العالم الأنكلوـ سكسوني، لكنها اصطدمت بتناقضات كان أهمها، أنها لا تتطابق إلا مع المشاعر الأخلاقية تلك التي نحصل عليها بالحدس المباشر. خطأ “النفعية” يتكون من أنها أرادت تطبيق على المجموعة الاجتماعية نفس المنطق الذي تطبقه على الفرد. فالفرد هو جاهز للتضحية بالعديد من رغباته، أو أن يصيبه العديد من العقوبات، من أجل الحصول في النهاية على أفضل شكل من الرضا الشخصي. النفعية رأت أن المجتمع يمكن أن يقوم بنفس المنطق. ولكن المجتمع في الواقع ليس لديه الحق بالتضحية بالعديد من الأفراد أو بحريتهم في سبيل سعادة الجميع. فالنفعية هنا كانت خاطئة من حيث أنها لم تأخذ على محمل الجد التعددية و الطابع الذي يميز و يفرق بين الأفراد. فالنفعية إذا ليست فردية.

نظرية العدالة كحق و إنصاف ستختلف عن النفعية، من حيث أنها لن تبحث نهائيا ولا في أي شكل من الأشكال عن الوصل بحالة التضحية بالفرد إلى أقصاها. أيضا بالإضافة لذلك، في النظرية النفعية هناك بحث للوصل إلى أقصى حد من الرضا، مهما كانت نوعيته، فالعدالة فيها ترتكز على الحصول على الأشياء التي تعرفها هذه النظرية بأنها جميعها جيدة. بينما في نظرية العدالة عند “جون راوولز”، على العكس، ” مفهوم العدل هو أدنى من مفهوم الخير، بمعنى تحقيق العدالة من خلال الخير”.

ثانيا ـ فكرة العقد الاجتماعي عن جون راوولز.

يقول “جون راوولز”، هدفي هو تقديم مفهوم للعدالة و الذي يعمم ويحمل إلى أعلى مستوى من التجريد النظرية المعروفة للعقد الاجتماعي، والتي نجدها عند “لوك”، “روسو” و ” كانط”. ومن أجل هذا،علينا ألا نفكر بأن العقد الأصلي هو مدرك أو مفهوم حتى يلزمنا أن ندخل في مجتمع خاص أو من أجل إقامة شكل خاص من الحكم. الفكرة التي سترشدنا هي قبل كل شيء مبادئ العدالة المقبولة من أجل البنية القاعدية للمجتمع وهذه المبادئ هي موضوع الاتفاق الأصلي في المجتمع.
إنها المبادئ نفسها التي، الأشخاص الأحرار والعقلانيون، الراغبون في تحويل رغباتهم و مصالحهم الخاصة ووضعها في موقع من المساواة، سيقبلونها، والتي وفقها، سيعرفون المصطلحات الأساسية التي ستربط فيما بينهم. هذه المبادئ عليها خدمة القاعدة التي هي أساس الاتفاقات، فالأشخاص يميزون أشكال التعاون الاجتماعي و الذي بداخله يمكن أن نلتزم، و أشكال الحكم التي يمكن أن تقوم أو تشيد. ضمن هذا الشكل من رؤية مبادئ العدالة، يمكن أن نسمي ذلك بنظرية العدالة كحق و إنصاف”.

نعتقد إذا أن عقدا اجتماعيا يمكن القيام به انطلاقا من حالته الأصلية، هو الذي يعادل أو يساوي ،وفق راوولز، ” حالة الطبيعة” التي تحدث عنها الكتاب الكلاسيكيون. المبادئ التي ستقام أثناء قيام العقد الاجتماعي هي ثمرة للتوافق بين الحدس والتفكير. الحدس الأول يجعنا نطرح العديد من المبادئ، تتوافق مع معتقداتنا الكبيرة حول العدالة، ولكن فيما بعد، عندما يتدخل التفكير، سيستطيع هذا التفكير، إما أن يؤكد قناعاتنا الأولى، أو يقودنا إلى تحسينها و إصلاحها. بمعنى في حال قيام العقد، فإن المبادئ التي يقام عليها سيتكون قد خضعت لتوازن مفكر فيه. وفي هذه الحالة، العقد الاجتماعي لن ينتج عن حقيقة بسيطة، ولا عن بناء مصطنع و مجرد للعقل، ولكن عن اختلاط بين الحدس و التفكير.

ثالثاـ الخيارات الكبرى للعدالة.

في الوقت الذي فيه يختارون مبادئ العدالة و البنية القاعدية للمجتمع، الناس من المفترض أنهم متساوون في المنافع،في طلب العدالة وفي الإرادة الخيرة. من جهة أخرى من المفترض أنهم يجهلون ماذا ستكون مواقفهم الخاصة في المجتمع. وبالتالي في هذه الحالة هم ينتقلون إلى العقد الاجتماعي تحت حجاب من الجهل. إذا عليهم التفكير حول المبادئ التي من شأنها الوصول إلى الحالة الأفضل لكل فرد سيعيش في هذا المجتمع. في هذا الحالة كيف تفرض مشكلة العدالة ؟

جون راوولز ينقل المشكلة إلى موضع آخر، ليطرح مجموعة من الخيارات أو ( مبادئ العدالة) و التي نوجزها بالتالي :
1ـ مبدآن للعدالة وفق التعبير القاموسي أو المعجمي ( نتكلم عنها في مراحل لاحقة) وهما :
ـ مبدأ الحرية الأكبر و الذي يساوي بين الجميع.
ـ مبدأ العدل من خلال تكافؤ الفرص، و مبدأ الاختلاف.

2ـ مفاهيم مختلطة. وفيها ثلاثة مبادئ أساسية :
ـ مبدأ المنفعة المتوسطة.
ـ مبدأ المنفعة المتوسطة، ولكنه خاضع لإجبار معين، هذا الإجبار إما أن يكون ضمان الحد الأدنى اجتماعيا، أو أن التوزيع الشامل و العام للمنافع في المجامع يجب ألا يكون فيه فوارق كبيرة.
ـ مبدأ المنفعة المتوسطة ويكون خاضعا لواحد من الإجبارين السابقين، مع إضافة التكافؤ في الفرص.

3ـ مفاهيم غائية كلاسيكية.( الغائية هي نظرية تقول بأن كل شيء في الطبيعة موجه لغاية محددة).
ـ المبدأ الكلاسيكي للمنفعة.
ـ مبدأ المنفعة المتوسطة.
ـ مبدأ الكمال.

4ـ مفاهيم حدسية. وتضم:
ـ التوازن للمنفعة الشاملة و مبدأ التوزيع العادل.
ـ التوازن للمنفعة المتوسطة ومبدأ التوزيع.
ـ التوازن بين قائمة من المبادئ المقبولة من النظرة الأولى.

5ـ مفاهيم أنانية. وتضم:
ـ استبدادية وديكتاتورية “الأنا”: حيث على كل واحد أن يخدم مصالحي ومنافعي.
ـ كل واحد أو فرد عليه التصرف وفق العدالة ويخضع لها، إلا أنا، حيث أقرر ما أريد فعله.
ـ بشكل عام: كل واحد لديه الحق بمتابعة مصالحه كما يراها.

إن جون راوولز يبعد مبدئيا كل المبادئ بعد توجيه انتقادات لها، باستثناء المبدأ الأول المتعلق بالمفهوم المعجمي للعدالة.

1ـ النفعية الكلاسيكية،النفعية المتوسطة، والكمالية.

ـ النفعية الكلاسيكية: تعتبر المجتمع كفرد واحد. هنا جون راوولز يذكر نظرية “آدم سميث” حول (المشاهد أو المتفرج الحيادي أو النزيه)، و التي تقيم المنافع و المصالح وغير المنافع أيضا ، لمختلف الأنظمة الاجتماعية والاقتصادية بأنها ممكنة. حيث وضع”سميث” نفسه في أماكن العديد من الموجدين في المجتمع، وشاهده من خلال رغباتهم ثم قارن فيما بينهم، بعد ذلك وقف لجانب النظام الذي يزود المجتمع أو الجماعة بأفضل المنافع. لكن راوولز ينتقد ذلك، حيث يقول أن هذا ينكر أن الرغبات عند الأفراد هي منفصلة وغير متشابهة ولا يمكن مقارنتها وفق مقياس واحد. بمعنى آخر، نظرية النفعية الكلاسيكية، لا تعتبر عذاب وألم الأفراد أنه ظلما، إذا استطعنا اعتباره ضروري للوصل للإرضاء العام في أقصاه.

ـ أما النفعية المتوسطة: و التي تسعى إلى الوصول إلى الرضا في أقصاها لأكبر عدد من أعضاء المجتمع، فهي امتداد وتشجيع للنفعية الكلاسيكية في العديد من النقاط.

ـ أخيرا، مبدأ الكمال، والذي يدعيه راوولز، بالمبدأ المعنوي ووفقه مجتمع يكون مفضل على آخر إذا سمح بظهور وتفتح الكمال عند الإنسان، وهذا يكون غير موجود في مجتمع آخر. ولكن في الواقع هذه المسألة نسبية. فالمجتمع الذي أعطى ( ليوناردو دافنشي، موزار، بيتهوفن، أو أي بطل رياضي ما) يمكن تقييمه بأنهم المفضل على مجتمعات أخرى، حتى ولو كان فيه الكثير من الفقر أو العبودية أو الظلم الاجتماعي. بشكل مقلوب، أصحاب النظرية الكمالية، سيقيمون بالمجتمع، حيث يحكم العدل الاجتماعي، ولكن فيه الناس هم بحالة رديئة. راوولز يرفض هذا المبدأ، لأنه في الحالة الأصلية أو الطبيعية للإنسان أي ما قبل العقد الاجتماعي لا يوجد أحد لديه أي ضمان بأنه سيكون من بين من يحصلون على الرضا الكامل بعد قيام العقد.
أما الحلول”الذاتية الأنانية” هي مبعدة لأنها متناقضة مع فرضيات القاعدة الأصلية. ولأن هذا المبدأ لا يمكنه أن يحدث اتفاقا بالإجماع، حيث هذا الاتفاق هو ضروري لإقامة العقد الاجتماعي. وإذا كل فرد تابع مصالحه بالطريقة التي يردها، فإننا نصل إلى مجتمع الأقوى هو الذي يحكم. وبما أنني تحت حجاب الجهل لا أستطيع معرفة ما هو وضعي بعد العقد الاجتماعي،هل سأكون ضعيفا أم قويا، فإنه من الخطورة القبول بهذا المبدأ.

ما هما مبدآ العدالة الذي تحدث عنهما جون راوولز ؟

المبدأ الأول :
كل شخص يجب أن يكون له حق متساو في النظام العام للحريات المتساوية للجميع.
ضمن هذا المبدأ،الحريات الأساسية لا يمكن الحد منها إلا باسم الحرية نفسها، وهنا يوجد حالتين: أولا، تقليص للحرية يجب أن يدعم النظام العام للحريات الموزعة بين الجميع؛ثانيا، عدم المساواة في الحريات يجب أن يكون مقبولا من قبل أولئك الذين لديهم حرية أقل.
المبدأ الثاني:
عدم المساواة الاقتصادية و الاجتماعية يجب أن تكون محدودة، ولكن ضمن مجتمع مفتوح أمام الجميع و يؤمن بتكافؤ الفرص.
هذا المبدأ عمليا موجود في مبدأ الفعالية والوصول إلى أقصى حد من المنافع؛ و بالنسبة للمساواة في تكافؤ الفرص هي موجودة في داخل مبدأ الاختلاف. وهنا أيضا لدينا حالتين : الأولى، عدم المساواة في الفرص يجب أن تحسن فرص الذين لديهم فرصا أقل؛ ثانيا، معدل مرتفع من الادخار يجب أن يخفف التكاليف و الأعباء عن الذين لا يستطيعون تحملها.

المبدأ الأول :
الحريات الأساسية للمواطنين هي بشكل عام، الحرية السياسية ( حق الاقتراع أو حق الوصول إلى أي مركز عام في الدولة و المجتمع)، حرية التعبير،الاجتماع، حرية التفكير و الاعتقاد؛ الحرية الشخصية والتي تضم الحماية من أي تعسف أو ممارسة للتعذيب، وتضم أيضا حق الملكية، الحماية من التوقيف و السجن التعسفي. وجميع المواطنين في دولة قائمة على العقد الاجتماعي يجب أن يحصلوا على هذه الحقوق بشكل متساو. نلاحظ هنا أن الحريات التي لا تظهر على هذه القائمة من الحريات الأساسية هي ليست محمية بالمبدأ الأول. يقصد هنا “حق تملك العديد من الأملاك الضخمة، مثل وسائلا لإنتاج مثلا. وعندما يقول جون راوولز أن الحريات لا يمكن الحد منها إلا باسم الحريات، فهذا يعني أن الحد من واحدة من الحريات، أو الحد منها عند العديد من المواطنين، هذا مشروط بزيادة الحريات عند الجميع أو الآخرين.

المبدأ الثاني:
يطبق على توزيع الدخل والثروة، وعلى بناء منظمات تستخدم سلطات مختلفة ومسؤوليات مختلفة ومتعددة. كل فرد يستطيع الانتماء إلى نظام اقتصادي أو اجتماعي الذي يحسن الفرص للجميع. لا بد من التذكير هنا أن مبدأ الاختلاف يرتكز على الفكر الليبرالية حيث الاقتصاد هو تعاون يحسن بشكل قاطع الإنتاج العام. فعندما عدد من الفاعلين يربحون أكثر من الآخرين، فهذا يمكن أن يشارك في تحسن الإنتاج العام.

رابعا ـ المساواة الديمقراطية

لقد ترك راوولز بشكل مقصود بعض التعابير الغامضة ضمن هذا المجال، وأهمهما تعبيران أساسيان هما ” المنفعة للجميع” و ” مفتوح للجميع”. الأول يمكن أن يمتد إلى معنى آخر إما أن يكون “مبدأ الثبات والفعالية”، أو ” مبدأ الاختلاف، أما الثاني، إما “طريق مفتوح أمام المواهب والإبداعات” أو” العدالة في الفرص”.إذا افترضنا أن المبدأ الأول ليس غامضا،سيكون لدينا إجمالا وفي هذه المرحلة، أربع تفسيرات ممكنة للمبدأين والتي يسميها راوولز كما يلي : 1ـ نظام الحريات الطبيعية.2ـ المساواة الليبرالية.3 ـ الارستقراطية الطبيعية.4ـالمساواة الديمقراطية. راوولز سيبعد الثلاثة الأولى لصالح “المساواة الديمقراطية”. لذلك نتناول هنا التفسير الثالث عند راوولز.

من بين الأنظمة الاجتماعية المختلفة والممكنة، راوولز يدين تلك الأنظمة التي تضم بشكل كلي أو جزئي الملاحظات التالية :
ـ “نظام الحرية الطبيعية”، الذي يعرّف من خلال ،الحرية، الطريق المفتوح أمام المواهب و من خلال الفعالية، بمعنى لآخر الليبرالية المحضة من غير وجود “دولة العناية أو الدولة الفاضلة”، هو بشكل مضاعف نظام ظالم ويرفضه راوولز.

ـ مجتمع” المساواة الليبرالية”، و الذي يعرّف من خلال الحرية، مبدأ الفعالية و تكافؤ الفرص، بمعنى آخر مجتمع ليبرالي مع نظام ضريبي مفروض، كذلك نظام للتعليم، خاص أو عام، ممهد أمام كل الطبقات،هو مجتمع مفضل على السابق، حيث أنه يبحث عن تقليص التأثير الاصطدام الاجتماعي و من الصدفة الطبيعية لتوزيع الثروة. مع ذلك، راوولز يتهمه بأنه لا يصارع إلا في جزء منه من أجل المساواة وتكافؤ الفرص.
ـ “الأرستقراطية الطبيعية”، ستكون النظام الاجتماعي الذي سيحترم الحرية، مبدأ الاختلاف والطريق المفتوح أمام المواهب. وهذا يعني مجتمع منظم، والمراكز القيادية فيه تعود فقط لمن يستحقها أو لأصحاب القدرات، من في أن نقلق من الظروف التي يمكن أن تغير من ذلك.

لكن راوولز يرفض أيضا هذا النظام، حيث أنه لا يفعل شيئا من أجل تصحيح اللامساوة الاجتماعية أو الطبيعية في الفرص. يبقى إذا “المساواة الديمقراطية”، بمعنى آخر المجتمع الذي يعترف بمبدأي العدالة. راوولز يصف هذا النظام كما سيأتي.

مؤسسات “دولة العناية أو الفاضلة”.

1ـ المؤسسات التي تتطابق مع المبدأ الأول.
المجتمع يجب أن يكون “ديمقراطية ليبرالية”، إذا نفهم من خلال استخدام هذا المصطلح، أنه يحترم حقوق الإنسان و الحريات الفردية و أنه ديمقراطي على الصعيد السياسي، ويرتكز على مبدأ “دور وحكم القانون، وعلى دولة الحق، حيث القانون معمم على الجميع ويعرفه الجميع وهو مرتكز الجميع. يضيف جون راوولز، إذا الحرية لا يمكن أن تكون محدودة من خلال النظرة أو البحث عن أفضل توزيع للمنافع الاجتماعية والاقتصادية، إلا أنها يمكن أن تكون كذلك باسم الحرية نفسها.

راوولز يميز بين الحالة المثالية التي تكون لدينا بشكل فعلي بعد العقد الاجتماعي، الذي يؤسس مجتمعا عادلا، و الحالة غير المثالية، حيث نتفق على ما يمكن أن يكون في مجتمع عادل، ولكن نحن نعرف أن المجتمع الحالي هو غير عادل ولا بد من تبديله.وفي الحالة الأخيرة، راوولز يعلن: أننا نستطيع أن نقيد حريات أولئك، على الأقل الحريات السياسية، الذي يعارضون هذه التغييرات.

2ـ مؤسسات تطابق المبدأ الثاني.
المبدأ الثاني هو بدوره دليل من أجل تحديد البنية القاعدية للمجتمع. إنه أولى مقارنة بالمبدأ النفعي القائل بالوصول إلى أقصى حد من المنتج الاقتصادي. هذه العناصر التالية لنظام راوولز تقترب من سياسات”الاجتماعية ـ الديمقراطية” التقليدية.
يؤكد راوولز أنه سيبين العديد من الأفكار حول البنية الاجتماعية/الاقتصادية من أجل تبيين خصوصيته حول العدالة. إن مسألة البنى الجيدة الاجتماعية الاقتصادية تبين أو تعطي علوما اجتماعية واقتصادية.فنظرية العدالة لا تهتم سوى بالمبادئ. كذلك، بشكل خاص، راوولز يؤكد أن نظريته لا تسمح بأن نفضل أو نؤثر شيئا مع أو ضد الليبرالية أو الاشتراكية. فالنظامان يمكن أن يرضيان أو العكس، أهداف العدالة. فمسألة الاختيار بين اقتصاد متمركز على الملكية الخاصة أو العامة، هي متروكة أو مفتوحة على طول و أثناء عملية التنمية. ولكن هناك فكرة سابقة تقييمية تتعلق بالنظام الليبرالي ولصالحه وهي أنه يحترم الحريات.
إن راوولز سيصف ليس فقط بنية قاعدية مثالية،يبحث عن تأسيسها أو خلقها،ولكن بشكل عام، يبحث عن “دولة العناية/الرفاهية” والتي هي موجودة من قبل، والذي يبحث عنه هنا “هو رؤية كيفية تنظيمها يتفق مع مبدأي العدالة”. الهدف هو،فلنتذكره كما أوردناه سابقا، ثلاثي:الحفاظ على الحريات،زيادة أو الرفع من أوضاع الأقل حصولا على المنافع، ثم بناء عملية تكافؤ الفرص.