إن اختراع تقنيات DVD و SDTV و HDTV والأوساط المرئية الجديدة استدعت الحاجة الى وجود شاشات عرض أكبر و أكثر دقة , فكانت شاشة البلازما التي أعطت ميزات هندسية متأصلة بالمقارنة مع الشاشة الاعتيادية CRT والكريستالية LCD .
ما هي تقنية البلازما ؟
عما قريب سيصبح المصطلحان ” PDP ” وشاشة البلازما Plasma Display كمصطلحي التلفزيون ” TV ” وأنبوب الأشعة المهبطية ” CTR ” الشائعين اليوم , لكن تقنية البلازما حديثة جداً بحيث أن القليل من الناس يعرفون حتى المبادئ الأساسية لهذه التقنية , لذلك سنقدم هنا شرحاً مبسطاً لها .
البلازما : وهي حالة المادة التي تؤين ذراتها بتطبيق الطاقة عليها . وفيما يخص تقنية شاشات البلازما , تستخدم الكهرباء لإنارة الغاز المحتوى في خلايا لوحة العرض بشكل مشابه جداً للطريقة التي يعمل بها مصباح الفلورينست أو النيون
وحدة شاشة البلازما : هي عبارة عن لوحة تتكون من عدة خلايا صغيرة جداً ممتلئة بغاز زينون النيون . عند تطبيق الجهد على القطبين الموجودين داخل الخلية تقوم الإشعاعات الفوق بنفسجية بتهييج طبقة الفوسفور المبطنة للخلية ويتم إصدار الضوء منها . وبالتالي نحصل بالنتيجة على صورة ساطعة ونقية .
بنية الخلية الأساسية : داخل لوحة البلازما الاعتيادية يتم تجميع مجموعة من الخلايا الحمراء والخضراء والزرقاء ضمن مصفوفة دقيقة , يتم التأثير على هذه الخلايا بشكل منفصل بخلاف الشاشات المهبطية CRT والكريستالية LCD . هذا يعني أنها تصدر الضوء بشكل مستقل مولدة نقطة دقيقة في منطقة الرؤيا
مقارنة يبين شاشة البلازما وشاشة الأنبوب المهبطي CRT :
نتائج البلازما :
– لا يوجد تشويه هندسي : تمكن بنية شاشة البلازما الدقيقة من إعطاء صورة ممتازة هندسياً .
– خرج ضوئي متساو : المستوى الضوئي لجميع الخلايا متساوي , فلا يوجد نقاط معتمة أو شديدة الإضاءة .
– وضوح ( تركيز بؤري ) ممتاز : تملك الشاشة وضوحاً ممتازاً على كامل مساحتها .
– لا تتأثر بالحقول المغناطيسية : لا تملك الحقول المغناطيسية أي تأثير على شاشة البلازما
نتائج شاشة CRT :
– تشويه هندسي للصورة : تملك الصورة في الشاشة المهبطية دائماً كمية محددة من التشويه الهندسي .
– خرج ضوئي غير متساو : تملك صورة الشاشة المهبطية مناطق أكثر إضاءة ومناطق أقل إضاءة من غيرها .
– استحالة وضوح جميع مناطق الشاشة : حيث لا يمكن تركيز البؤرة في جميع مناطق الشاشة بشكل متساو
– تشوه الصورة بسبب المجالات المغناطيسية : يمكن لشعاع الالكترونات أن يتأثر بالمجالات المغناطيسية والتي ينتج عنها صورة مشوهة .
لكي نصنع بلازما تحت ضغط منخفض لغاز ما، فإن كل ما يلزم هو مفرغة هواء بارتفاع متر وعرض نصف متر تقريبا، وكذلك مصدر تغذية للتيار المتردد، (في الصناعة يكون مصدر التيار في مجال ترددات الراديو 13.56MHz وحديثا يمكن استخدام أجهزة الميكروويف ذات ترددات أعلى 2.45GHz). في الواقع يمكن عمل بلازما باى شكل ولكن الأكثر استخداما في الصناعة
ويحتوى على قرصين معدنيين نصف قطرهما حوالي 15 سم والمسافة الفاصلة بينهما من 4-5سم. بعد ضخ الهواء بواسطة المفرغة يدخل الغاز المراد تحويلة إلى حالة بلازما وقد يكون خليط من الغازات، وبمجرد مرور التيار الكهربي (~200Watt) يبدأ الغاز في التوهج مصدرا ضوءا ساطعا لونه يعتمد على نوع الغاز. من الامثلة على حالة البلازما هي طبقات الجو المحيطة بالكرة الارضية كما في اليونيسفير وكذلك اللهب الصادر من انطلاق الصواريخ ومن ذلك يتضح انه يمكن اعتبار ان حالة التأين (او البلازما) هي حالة ساخنة بشكل عام
التطبيقات الصناعية للبلازما
صناعة الدوائر الالكترونية المتكاملة
تستخدم البلازما ذات درجات الحرارة المنخفضة في العديد من المجالات الهامة على سبيل المثال، معظم الدوائر المتكاملة المعقدة جدا والتى تدخل في تركيب كل جهاز الكتروني، هذه الدوائر الالكترونية تحتوى على عشرات الآلاف من الترانزستورات والمكثفات موصلة ببعضها البعض بواسطة أسلاك قطرها في حدود 0.1 ميكرومتر، هذا النوع من التكنولوجيا الدقيقة والمعقدة تصنع باستخدام البلازما، حيث تقوم البلازما بنحت الدوائر الالكترونية على شريحة السليكون بناءا على القناع المعدني الموضوع أمام الشريحة.
في هذه العملية يكون النحت على شريحة السليكون كالاتى: حيث أن الالكترونات داخل البلازما حرة الحركة وطاقتها أعلى من الايونات الموجبة فإنها تصل إلى أطراف البلازما بسرعة وتقوم بدورها بجذب الايونات الموجبة اتجاهها وتعجلها باتجاه الشريحة وعند اصطدام الايونات الموجبة بالمناطق المكشوفة على الشريحة تقوم بنحتها، وبعدها يستبدل القناع المعدني بآخر مطبوع عليه الدوائر الكهربية الخاصة بالطبقة الثانية وهكذا بالنسبة للطبقة الثالثة والرابعة… والخ حتى تتم عملية النحت.
هنالك طريقة أخرى متبعة وهى تعتمد على استخدام مركب Carbon tetrafluoride CF4 كمصدر لإنتاج البلازما، وعندها يتحول هذا المركب إلى أجزاء أخرى منها ذرات الفلورين. هذه الذرات تتفاعل مع ذرات السليكون المكونة للشريحة وتكون مركب جديد هو Silicon tetrafluoride والذي يمكن إزالته إثناء عملية الضخ. يتضح مما سبق أن هذه الطريقة هي عملية كيميائية تقوم فيها ذرات الفلورين بالتهام السليكون المراد إزالته. وهذه العملية أسرع من عملية النحت المذكورة سابقا.
وتجدر الإشارة إلى أن البحث والتطوير جارى منذ عام 1980 وحتى الآن للحصول على بلازما منتظمة لتغطى اكبر مساحة ممكنة حيث كانت شريحة السليكون المستخدمة قديما تبلغ 2سم2 إما الآن فهي تصل إلى 20سم2، وهذه البلازما لها استخدامات عديدة فهي تستخدم في شاشات أجهزة الكمبيوتر المتنقلة Notebook computer كمصدر ضوئي، والتي أدت إلى تطور كبير في مجال تكنولوجيا شاشات العرض. ويسعى العلماء حاليا للحصول على شاشة مساحتها 1متر مربع وسمكها لا يزيد عن 4-5 سم لاستخدامها كشاشة تلفزيون يمكن تعليقها في المنازل والمحلات دون إن تشغل حيز من الغرفة، وهذا سوف يتحقق بالوصول إلى بلازما متجانسة على مساحة 1متر مربع.
المحافظة على نظافة البيئة
تستخدم البلازما حاليا في العديد من الدول المتقدمة في التخلص من المواد السامة الملوثة للبيئة معتمدين على العمليات الكيميائية الفريدة التي تتم داخل البلازما. حيث يمكن إن تقوم البلازما بتحويل المواد السامة المنبعثة من مداخن المصانع ومن عوادم السيارات مثل غاز أكسيد الكبريت (SO) وأكسيد النيتريك (NO) إلى مواد غير سامة. فعلى سبيل المثال غاز NO قبل إن يخرج من المدخنة إلى الغلاف الجوى، توجه عليه حزمة من الالكترونات ذات طاقة عالية من جهاز مثبت في منتصف المدخنة تعمل على تأيين الغازات الموجودة (المادة السامة NO والهواء) أي تحولها إلى حالة بلازما. وقبل خروجها إلى الجو تكون مرحلة التأيين قد انتهت وتتكون جزيئات النيتروجين والأكسجين نتيجة لعملية إعادة الاتحاد. وبهذا نكون قد حولنا الغازات الملوثة إلى غازات نافعة وبتكاليف قليلة.
يجدر الإشارة هنا أنه تم حديثا التوجه إلى معالجة الغازات المنطلقة من عوادم السيارات، حيث تم تركيب جهاز بلازما في عادم السيارة ليعالج الغازات السامة قبل خروجها إلى الجو. كذلك أجريت تجارب عديدة على الفضلات الصلبة والسائلة حيث تستخدم بلازما عند درجات حرارة عالية تصل إلى 6000 درجة مئوية تعمل على تبخير وتحطيم المواد السامة وتحولها إلى غازات غير سامة، وفى نهاية العملية يكون ماتبقى من مواد صلبة في صورة زجاج. وتم في أمريكا العام الماضي التخلص من حوالي 4000 مستودع يحتوى على فضلات صلبة وملوثة للبيئة بواسطة البلازما. وقد كانت هذه الفضلات تدفن في باطن الأرض مما كانت تسبب أخطار تلوث. وباستخدام البلازما يمكن حاليا التخلص من 200 كيلو جرام من المواد السامة في الساعة.