الوضعيـــــــــــة 1 –
سان سيمون S. Simon
( 1825 – 1760 )
المقاربة الوضعية هي منهجية تحليله تقوم على استبعاد لأنماط الفكر والتحليل اللاهوتي ( الديني ) والميتافيزيقي ( التجريدي = الطبيعة ) من أي تحليل مقترحة بديلا عنهما الإنسان الذي بات يتمتع بقيمة مركزية في الكون ، بهذا المضمون سنكون على إطلالة لمعادلة جديدة تحكم سير الحياة الاجتماعية برمتها على النحو التالي :
الظاهرة الظاهرة الظاهرة
مرجع لاهوتي مرجع ميتافيزيقي مرجع إنساني / الوضعية
الدين الطبيعة = التجريد العقل
هذه المعادلة التي ستمثل لدى أوجست كونت المراحل التي مرت به الإنسانية ومصدر قانون الحالات الثلاث تبين لنا أن الإنسان لم يكن موضع ترحيب في المرحلتين السابقتين , إذ أن الإنسان عجز عن أن يجد له موقع أو مكانة فيما مضى لذا فقد استبعد من أي تحليل للظواهر مفسحا المجال أمام القوى الدينية أو قو ى الطبيعة . وبما انه لم يكن للإنسان أية قيمة فلم تكن أيضا للمجتمع آية قيمة, ولهذا تطورت الوضعية العلمية التي تناولت ظواهر طبيعية بينما لم تتطور ذات الوضعية حينما كانت تتناول ظواهر متعلقة بالإنسان والمجتمع , وسنرى كيف وضع أوجست كونت حدا لهذه الازدواجية في التفكير والتي يسميها الفوضى العقلية التي تسببت في ثلاث ثورات برجوازية وقعت في أعقاب الثورة الفرنسية 1789 حتى سنة 1848 ، ولكن قبل الوصول إلى أوجست كونت علينا العودة الي جذور الوضعية لدى أستاذ كونت وهو المفكر سان سيمون .
عاش سان سيمون في نظام إقطاعي سليلا لأسرة أرستقراطية ، ويحمل لقبا اجتماعيا هو الكونت وكان ضابطا برتبة ملازم أول لما كانت فرنسا تخوض حربا ضد الإنجليز في شمال القارة الأمريكية ، وقد نضج فكره حلال الثورة الفرنسية التي كانت بمثابة ثورة على النظام الاجتماعي والاقتصادي في أوروبا عامة وفرنسا خاصة وثورة على النظام المعرفي التقليدي السائد في فرنسا وثورة على النظام السياسي الملكي .
بداية المقاربة الوضعية :
بدأت المقاربة الوضعية في مرحلة الفكر الموسوعي الذي عرفه في القرن 18 واتخذت عند سان سيمون طابعا تطبيقيا عمليا وليس نظريا مثلما كان سائدا في المرحلة التجريدية أي العلم النظري المجرد ، ففي القرن 18 طور الفكر الموسوعي آليات تحليل جديدة تقوم على الترابط بين المعرفة والواقع الإنساني لذا سيمثل هذا الفكر مرجعية سان سيمون . فمن أين البداية إن لم تكن من المقاربة الوضعية للدين ؟
أ. تعريف سان سيمون للدين :
في كتابة الشهير ( المسيحية الجديدة ) يعرف الدين بأنه :
” جملة تطبيقات العلم العام التي يمكن بواسطتها أن يحكم الرجال المستنيرون غيرهم من الجهلة ” .
بهذا المضمون فان الديانة عند سان سيمون هي أداة مدنية للحكم المستنير لغير المستنيرين . وبما أن الدين يلعب دورا في التربية لذا فان التربية هي العنصر الذي يساعد على توطيد المشاعر الديمقراطية وتحقيق القيم الأساسية .
مفهومي ” السياسة ” و ” الديمقراطية = الحرية “
• السياسة هي علم الإنتاج .
• الحرية هي نبذ الميز العرقي والثقافي والسياسي .
فما الذي يحدث عندما يلتقي المفهومان ؟ سنلاحظ تغييرا في مفهوم الأمة. وإذا أعطينا هذين المفهومين مدلولا وضعيا وتصورا موضوعيا ( أي محاكمة المفهومين وتحليلهما علميا وليس دينيا ولا تجريديا ). فالذي سيحدث أن أمة جديدة ستنبثق .هذه الأمة متحررة من الميز الديني والانغلاق مثلما ستكون متحررة من تبعات الإقطاعية . ومثل هذه الأمة الجديدة يسميها سان سيمون بـ ” الأمة العاملة ” .
استنتاج أولى :
من الملاحظ أن تغير القاعدة المعرفية تسبب في تغير النتائج . فلو نظرنا إلى المفهومين في المراحل السابقة على الوضعية فلا يمكن الحديث عن أمة عاملة بالمعنى السان سيموني لان السياسة كانت حكرا على طبقة معينة ولان المجتمع ليس حرا ولا يتمتع بأية عدالة , ومثل هذه السياسة والعبودية كانتا تجدان لهما شرعية ذات طابع ديني أو طبيعي . بيد أن الوضعية بوصفها استعمال للعقل ورفع من مكانة الإنسان قدمت السياسة كأداة حيوية في تنشيط الحياة الاجتماعية والاقتصادية ونقلت الأمة من طور الخمول والكسل إلي طور العقل والإنتاج ووضعت الجميع على قدم المساواة وأصبح الإنسان سيد نفسه حرا من ا ي تمييز عرقي أو ثقافي أو سياسي .
هكذا فالانتقال من المرحلة الإقطاعية اللاهوتية إلى المرحلة الصناعية العلمية هو انتقال من ساحة العلم النظري إلي ساحة العلم التطبيقي العملي . فالوضعية تأبى الاعتراف بفواصل مابين النظري والعملي إذ ثمة ترابط بين المعرفة والواقع ألإنساني .
المواطنة والعدالة الاجتماعية :
يربط سان سيمون بين مفهوم المواطنة الذي جلبه معه من أمريكا حيث كان يقاتل الجيش الإنجليزي في بلد تعج فيه الثورات الأهلية الكبرى والعارمة وبين العدالة الاجتماعية بل انه ينحاز إلى مفهوم المواطنة معلنا في كتابه ( المسيحية الجديدة ) تخليه عن لقبه الكونت :
[ لم يعد ثمة أسياد .نحن جميعا متساوون .وأعلمكم بهذه المناسبة أنني أتخلى عن صفتي الكونت التي اعتبرها وضعية جدا أمام صفتي كمواطن ..]
تبع هذا الإعلان حسما لتردد سان سيمون في تأييده للثورة الفرنسية في البداية ثم نال لقب المواطن الصالح مرتين متتاليتين مما يعني انه بات رمزا للتحرر والمساواة والتجديد . هذه النقلة في حياة سان سيمون – المواطن الصالح – ليست نقلة سياسية فحسب بل نقلة اجتماعية وفي هذا الأساس نقلة فكرية ومعرفية في ذات الوقت . كما أن هذه النقلة أيضا جهد سان سيمون في ترجمتها من خلال عمله الدؤوب من اجل تغير مضمون المسيحية من الداخل وإكسابها مضمونا جديدا علميا يقوم على مبدأ الحرية والمساواة . هكذا يبدو الدين هو العلم العام كما يصرح سان سيمون .
عودة إلى مفهوم الدين :
إذن الدين ليس حالة ثابتة بقدر ما هو حالة تطورية ولما يتساءل عن الدين وماهية الأديان نراه في كتاب ( المسيحية الجديدة ) يقول بتطورية الأديان وعدم بقائها على حالها .
[ الأديان مثلها مثل بقية المؤسسات تتمتع بطفولة وفترة قوة ونشاط وأيضا مرحلة انهيار وحين تكون في مرحله انهيار فأنها تكون ضارة ,أما في مرحلة الطفولة فهي غير كافية ..]
ب. قراءة في المقاربة الوضعية للأديان عند سان سيمون :
السؤال : لماذا ينظر الكثير إلى سان سيمون على انه من مؤسسي علم الاجتماع الديني؟
لانه في واقع الأمر ساهم ولو بشكل محدود في تأسيس هذا العلم . ومن حيث الجوهر لان سان سيمون قدم الأديان بوصفها ظواهر اجتماعية وإنسانية من الممكن تحلياها تحليلا علميا كبقية الظواهر الأخرى . بل أن سان سيمون قاربها كما فعل ابن خلدون في نظريته حول تداول الحضارات التي تنشأ ثم تقوى ثم تنهار, وهكذا بدا له الدين . إذن الوضعية تخلصت من كل الثوابت المقدسة .
ت. ما هو الدور الذي تلعبه الفلسفة الوضعية ؟
يلاحظ أن الوضعية الجديدة كما مارسها سان سيمون لا تهدف فقط إلى تغيير شروط إنتاج المعرفة بل الى تغيير النظام السياسي والمؤسساتي والاقتصادي . بمعنى أن الوضعية تمثل نقلة جذرية في النظام السياسي والاجتماعي القائم . وما لم تحدث هذه النقلة فمن المستحيل أن نتحدث عن أمة عاملة .
إذن ثمة تغييرات تجعل من المجتمع عنصرا إيجابيا .
والسؤال هو: ما هي مستويات التغيير الجديد بحسب المقاربة الوضعية ؟
أولا : تحقيق العدالة في مضمونها السياسي والاجتماعي واستبعاد الدين من الحياة الاجتماعية
ثمة مبدأ يحكم تحقيق العدالة المنشودة ذو بعد شخصي وعلمي لدى سان سيمون . هذا المبدأ هو وجوب جبر الهوة الفاصلة بين النظري والتطبيقي للوصول إلى علاقة تكاملية بين المستويين ، ودون ذلك سيظل هناك ازدواجية تحافظ على استمرارية الهوة الفاصلة لذا لابد من إنجاز منظومة ابستيمولوجية ومعرفية جديدة تقوم على التكامل بين البعدين النظري والتطبيقي ولعل أوضح مثال هو ما طبقه سان سيمون على نفسه تعلق في دعوته إلى تحقيق العدالة تخليه عن لقب الكونت وإعلائه لشأن المواطنة ( لم يعد بيننا أسياد…).
هذه المقاربة الوضعية الباحثة عن العدالة السياسية والاجتماعية ستسعى عمليا إلى :
• هدم العناصر السياسية والمؤسسية المكونة للنظام السياسي والاجتماعي القديم والتي من بينها التميزات الطبقية والاجتماعية والمسيحية في شكلها التقليدي
• لذا فان سان سيمون سيرسي دعائم تعامل معرفي جديد مع الظاهرة الدينية بمختلف تنظيماتها ومؤسساتها ، تعامل يقوم على اعتبار الظاهرة الدينية ظاهرة اجتماعية إنسانية من خلال إخراجها من دائرتها المقدسة والنظر إليها باعتبارها ظاهرة إنسا نية ، هذا المبدأ المعرفي الجديد تجاه الظاهرة الدينية سنجده حاضرا وقائما في كتابات الكثير من العلماء مثل غاستون لبلوس G.lebles و هنري و دوركايم و مارسيل موس , هذه الأسماء بالإضافة إلى ماكس فيبر سيكونون أهم المتخصصين في علم الاجتماع الديني مستنيرين بأطروحات سان سيمون ومفهومه للدين ومنهج التعامل معه .
ولكن لماذا يجهد سان سيمون لاستبعاد الدين من الحياة الاجتماعية ويشدد على تشجيع التعامل الجماعي بين أفراد المجتمع ؟ ثم لماذا تنقل سان سيمون بين الكنائس مبشرا بالمسيحية الجديدة ؟
مجتمع سان سيمون
إن مجتمع سان سيمون هو مجتمع صناعي علمي , ومثل هذا المجتمع يبحث عن دماء جديدة لضخها في عروقه كما انه يحتاج إلى وحدة معرفية ومعيارية وبالتالي لابد من القضاء على مخلفات النظام القديم بكل منظوماته وتشكيلاته ومعتقداته وتصوراته وبناه وأنماط تفكيره وتحليله إذا ما أردنا تحقيق العدالة والتقدم فكيف العمل ؟ وما العلاقة بين الدين والمجتمع الجديد ؟
يحرص سان سيمون على تجاوز الدين اعتقادا منه انه العقبة التي تشجع الفراغ . ولأنه ثمة تناقض بين الفراغ والعمل الجماعي المنتج لذا ينبغي أن نغير مضمون الدين بان نكسبه مضمونا جديدا يتمثل في نظام بشري جديد. ولان الإنتاج الجماعي أو الخلق الجماعي تحديدا يقوم على الإنتاج البشري ، لذا ينبغي فك التناقضات التي يعاني منها مجتمع ما بعد الثورة – أي المجتمع الصناعي – إذ يلاحظ سان سيمون أن المجتمع ما زال في حالة صراع قائم على:
• معرفة لاهوتية ومعرفة علمية .
• سلطة إقطاعية وسلطة صناعية .
إذن ثمة تحالف بين المعرفة اللاهوتية والسلطة الإقطاعية ضد المعرفة العلمية والسلطة الصناعية ولفك هذا التناقض أو التحالف ينبغي استبعاد الدين للسماح بمرور العمل الجماعي المنتج وقتل الفراغ .
ثانيا: تشجيع العمل والإنتاج
إن التغيير الجديد التي تريد إرساءه المقاربة الوضعية يقوم أساسا على العمل والإنتاج كيف ذلك؟
بانتشار الأفكار الوضعية بفعل انتشار الصناعة .
إذ يعتقد سان سيمون أن انتشار الأفكار الوضعية ستساعد وستشجع على انتشار الصناعة التي هي الشرط الأساسي والوحيد لقيام مجتمع وضعي ومعرفة وضعية ، فالصناعة بطبيعتها تخلق مجتمعا وضعيا وتصورات وضعية في نفس الوقت استنادا إلى مبدأ يعتبر أنا لمعرفة العملية تعني المعرفة العلمية . إذن الصناعة هي مبدأ مركزي في كل النظريات المعرفية ،هذا المبدأ نجده لدى الفكر الاشتراكي الطوباوي الذي يشمل ويعبر عنه سان سيمون و قودوين و بودون .إذ أن الفكر الاشتراكي الذي يعد سان سيمون عميده بني على مركزية مبدأ الصناعة . بمعنى أن الصناعة تشجع بطبيعتها على خلق القيم الوضعية المستقلة عن الفكر الديني والكنسي في نفس الوقت . كما نجد مركزية مبدأ الصناعة عند دوركايم من خلال كتابيه ” تقسيم العمل الاجتماعي “و” الانتحار ” وكذا مع ماكس فيبر في كتابه ” الأخلاق البروتستانتية والروح الرأسمالية “.
قيمة الصناعة ومكانتها :
إذن الصناعة في الفكر السياسي والاجتماعي الغربي عامة والفرنسي خاصة هي شرط كل التحولات النوعية والفكرية والاجتماعية .
مثال 1 :
العقلانية كما عبر عنها ماكس فيبر هي قيمة بيروقراطية وصناعية قبل كل شيء فالمجتمع الذي لا يملك بيروقراطية و أبنية صناعية لا يمكن ولا يحق له أن يدعي العقلانية.
مثال 2 :
يقيم سان سيمون مقاربة بين الإنتاج والكسل وأمة كسولة وأمة عاملة ويتساءل في إطار المقاربة الوضعية : هل يمكن أن يحصل تعايش بين الأمتين ؟ لذا يطالب سان سيمون بالحزم مع الأمة الغير منتجة بضرورة إزاحتها ولتحل محلها الأمة المنتجة ولكن ما هي أداة التغيير ؟
وفي المجتمع الإقطاعي يعود سان سيمون ليؤكد على استعمال أدوات المعرفة الوضعية والعمل على القضاء على الهوة الفاصلة بين البعد النظري والبعد التطبيقي للوصول الى وحدة المعرفة , هذا هو جوهر المقاربة الوضعية . لذا نجد سان سيمون يصر على استبدال المضمون القديم للمسيحية بمضمون جديد يعمل على تطويرها من الداخل ، هذا المضمون الجديد يتمثل في كتابه ” النظام الصناعي ” من خلال :
• التأكيد على سعيه إلى تكوين مجتمع حر .
• التأكيد على نشر المبادئ والقيم التي ستكون أرضية النظام الجديد .
• التأكيد على إن النظام الاجتماعي يستند على ثلاث فئات :
أ. الفنانون لأنهم يفهمون قيم التغير ويشكلون أداة تشجيع للمجتمع حتى يغير أوضاعه القائمة .
ب. العلماء الذين يقترحون تصورات وبدائل ووسائل عامة يمكن استعمالها لتحسين حال الأغلبية.
ت. الصناعيون الذين يشجعون المجتمع على القبول بالمؤسسات الجديدة .
أما منطق الترتيب أعلاه فهو التقاء الإلهام مع التفكير ومع الإبداع والمهم في هذا التصنيف أن الصناعيين يتربعون على قمة المجتمع الصناعي وفي أعلى مراتب النظام الاجتماعي الجديد . ولنقرأ أهميه المقولة التالية لـ سان سيمون :
[ لو حدثت في ليلة صماء فاجعة مفاجئة ذهبت بأكثر الشخصيات الكبرى من الأسرة المالكة والوزراء وكبار القضاة…وسواهم ممن هم في هذه الطبقة , فان الشعب الفرنسي سيبكيهم حتما لأنه شعب حساس , ولكن هذه الفاجعة لا تبدل شيئا مهما أو تغير تغييرا ذا اثر في أعماق الشعب , أما لو ذهبت هذه الفاجعة برؤوس العلماء والصناعيين وأرباب المصارف والبنوك … فان خسارة المجتمع فيهم كبيرة جدا لان مثل هؤلاء لا يمكن تعويضهم بسهولة !!] ( راجع : تاريخ السوسيولوجيا / غاستون بول ) .
استنتاجات
أ.) في مجتمع العدالة والمساواة ، هو المجتمع الحر الذي يقوم على حركة جمعانية أي مجموعة من المواقف لم يعد الفرد فيه خاضعا
• هذا المجتمع أُخرج الفرد من مرحلة الفكرة ليصبح مواطنا . وهذه نقلة سياسية واجتماعية .
• أشرك الفرد مع الآخرين ( المجتمع ) في عمل جماعي واحد وإبداع واحد وخلق واحد .
هذا يعني أن الوضعية بالمضمون السان سيموني تعبر عن مردودية الفرد وليس فقط تغيرا في الأوضاع الاجتماعية والسياسية . كما يعني أن سان سيمون يراهن على دور المجموعة على التغير ، هذه المجموعة التي تبنى على ثلاث مستويات وهي :
• الإنتاج
• التقنية
• الصناعة
ب.) العناصر الأساسية التي اعتمدتها المقاربة الوضعية مع سان سيمون هي :
1. تحييد الدين والفكر اللاهوتي عن كل مشاركة في الحياة العملية .
2. وضع أسس مشروع علمي وفكري ومعرفي يقوم على مبدأين أساسين هما:
ـ مبدأ العلمية ؛ فلا تعامل بعد الآن مع الظواهر والأشياء إلا من منظور علمي .
ـ مبدأ العلمنة وفيه تحييد وإقصاء صريح للدين .
هذه هي آليات التحليل العلمية التي ضمنها سان سيمون للمقاربة الوضعية وهي الآليات التي سنجدها مستعملة في النص الكونتي بطريقة أو بأخرى . هذه أيضا هي الأرضية المعرفية والعلمية التي سينطلق منها أوجست كونت ليجعل من المقاربة الوضعية أكثر قربا من الواقع والتحليل . ومبدئيا فالمقاربة الوضعية ستجمع بين مستويين رئيسيين :
1. المستوى النظري : عبر قراءة العلوم وتنظيمها وتثبيتها وهو ما قام به سان سيمون
2. المستوى التطبيقي : وهو تطبيق عناصر المقاربة الوضعية في تحليل واقع المجتمع
ومن هذه الأرضية المعرفية سينطلق أوجست كونت في ترتيب بيت العلوم.