التصنيفات
إدارة أعمال

العولمة ومقتضيات التنمية البشرية في دول شمال افريقيا

العولمة ومقتضيات التنمية البشرية فى شمال أفريقيا

م

عهد البحوث والدراسات الأفريقية
جامعة القاهرة

1-مقــدمة :-
لقد شهد العقد الأخير من القرن العشرين سيادة اقتصادات المعرفة على المستوى العالمى ، وأصبح الطريق للاندماج الايجابى فى منظومة الاقتصادات المتقدمة رهناً بما يمكن أحرازه وتحقيقه فى مجال التنمية البشرية من تعليم وصحه وحقوق سياسية ، وقبل كل ذلك زيادة متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى .
أدركت دول العالم ومنها بطبيعة الحال دول الشمال الأفريقى (مصر –ليبيا- تونس – الجزائر – المغرب) (1) أهمية الاهتمام بالعنصر البشرى باعتباره أداه التنمية وغايتها غير أن أغلب الدول النامية بشكل عام رغم أدراكها لهذه الحقيقة ظلت تعانى من ضعف مستوى التنمية فى هذا المجال وفقاً لما تشير به المؤشرات الصادرة عن المنظمات الدولية والتى هى أساساً مستقاه من المصادر الوطنية . تقف الندرة النسبية للموارد الاقتصادية فى هذه الدول عائقاً نحو تحقيق التنمية البشرية المنشودة ، رغم أهميتها وإدراك الدول لهذه الأهمية كسبيل للاندماج فى منظومة الاقتصاد العالمى فى عصر يتسم بالكثافة المعرفية على مستوى الإنتاج السلعى .
تهدف هذه الورقة لعرض وتحليل حالة التنمية البشرية فى دول شمال أفريقيا كما ترسم سبيل تحقيق هذه التنمية فى ظل الندرة النسبية للموارد من ناحية وظروف العولمة من ناحية أخرى .
تم تقسيم الورقة للأقسام الرئيسية التالية ، فضلاً عن المقدمة والخاتمة وقائمة المراجع :-
القسم الأول: أهمية التنمية البشرية كمحور فاعل للاندماج فى الاقتصاد العالمى .
القسم الثانى: حالة التنمية البشرية فى شمال أفريقيا ، وتفسير اتجاهاتها .
القسم الثالث: تعزيز عوامل النجاح وتحقيق التقدم فى مجال التنمية البشرية فى دول شمال
أفريقيا .

2- أهمية التنمية البشرية كمحور فاعل للاندماج فى الاقتصاد العالمى

2-1 أوضاع التنمية فى دول الشمال الأفريقى
يعيش فى دول إقليم الشمال الأفريقى حوالى 150 مليون نسمة ، يمثلون قرابة خمس سكان القارة ، وقد بلغ متوسط الفرد من الناتج المحلى الإجمالى (World Bank, 2022:5) 1630 دولار أمريكى فى عام 2000 ، وهو ما يمثل أكثر من ضعف متوسط نصيب الفرد فى القارة الأفريقية ككل ، إذ بلغ متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلى فى القارة فى ذات العام 671 دولار أمريكى فى السنة . وإذا كانت دول الشمال الأفريقى وفقاً لمقياس متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلى (رغم ما يعترى هذا المقياس من عيوب) هى أفضل حالاً من دول أفريقيا جنوب الصحراء ، والذى بلغ متوسط نصيب الفرد فيها من الناتج المحلى الإجمالى عن العام نفسه 299 دولار – ( بعد استبعاد جمهورية جنوب أفريقيا ) ، فإن أغلب هذه الدول وقد ارتبطت بعضوية منظمة التجارة العالمية من ناحية ، وباتفاقات الشراكة مع الاتحاد الأوروبى من ناحية أخرى .
ان دول الشمال الأفريقى إذا ما وضعت فى مقارنات أخرى مع باقى دول العالم ، فأن الصورة لا شك سوف تكون فى غير صالحها ، أن أجراء المقارنة هنا يجد أساسه فى اتجاه دول الشمال الأفريقى للاندماج فى السوق العالمى أو على الأخرى أنها قد أندمجت بالفعل فى الاقتصاد العالمى أن هذا الاندماج يقوم بالأساس على المنافسة وتقسيم العمل على المستوى الدولى ، ولا شك أن تقسيم العمل على المستوى الدولى سوف يترك تأثيره على عملية التنمية ، ومن ناحية أخرى فأن المنافسة يفترض قيامها بين الأنداد أى تحقيق شرط التكافؤ لذلك بالمطلوب هو تعظيم المنافع من هذا الاندماج .
أن الصورة التى يمكن أن نشتق منها حال دول الشمال الأفريقى توضحها تقارير التنمية التى ينشرها البنك الدولى (World Bank,2000:279-275) بشكل دورى سنوياً ، إذ يتضح وفقاً لمعيار متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى أن هذه الدول تأتى ضمن دول مجموعة الدخل المتوسط المنخفض ، وفقاً لترتيب البنك الدولى عام 1999 بحسب معيار متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى فأن دول الدراسة كان ترتيبها على مستوى 206 دولة على النحو التالى تونس تأتى فى المرتبة رقم 101 ، الجزائر فى المرتبة رقم 115 ، مصر فى المرتبة رقم 120 ، المغرب فى المرتبة رقم 126 ، ليبيا ، غير متاح بيانات كافية عنها ، غير انه وفقاً لتقرير التنمية البشرية عام 2022 فان تعديل قيمة متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلى لمعادل القوى الشرائية للدولار الأمريكى قد أعطى صورة مختلفة عن ذلك المقياس الذى يعتمده البنك الدولى فى اصدار تقارير التنمية فى العالم . لقد أوضح تقرير التنمية البشرية ان متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى طبقاً لمعادل القوة الشرائية بالدولار الأمريكى فى هذه الدول على التوالى هو 6390$ ، 6090$ ، 3520$ ، 3600$
أما إذا انتقلنا للمؤشر الثانى من مؤشرات التنمية البشرية ، وهو متوسط العمر المتوقع عند الميلاد ، فسوف نجده على النحو التالى : الجزائر 69 سنة للذكور ، 72 سنة للإناث – مصر 59 سنة للذكور – 65 سنة للإناث – المغرب 65 سنة للذكور – 69 سنة للإناث – تونس 70 سنة للذكور – 74 سنة للإناث – ليبيا ذكور وإناث فى المتوسط 70 سنة) ذلك فى الوقت الذى بلغ فيه العمر المتوقع بالنسبة للمجموعة الدخيلة التى تنتمى إليها هذه البلدان 67 سنة للذكور ، 74 سنة للإناث ، وفى الولايات المتحدة 75 سنة للذكور – 80 سنة للإناث ، المملكة المتحدة 75 سنة للذكور – 80 سنة للإناث ، وفى ألمانيا 74 سنة للذكور – 80 سنة للإناث . أن العمر المتوقع عند الميلاد يعكس مدى أهتمام الدولة بالرعاية الصحية فى السابق واللاحق للأمراض (الوقاية – العلاج) كما يعكس العمر المتوقع عند الميلاد حالة التغذية وما يحتاجه الإنسان من سعرات حرارية لكى يمارس حياته كشخص منتج على وجه الاعتياد ، وفضلاً عن ذلك فأنه يعكس مدى تمتع الإنسان بالعيش فى بيئة خالية من التلوث الحالى للأمراض ، وأخيراً فأنها تعكس مدى الاستقرار النفسى الذى يجب أن يتمتع به الإنسان فى حياته لكى يحيا حياة مستقرة .
أما من ناحية التعليم وهو المؤشر الثالث الذى أخذت به تقارير التنمية ، فأن ما خصصته دول الدراسة للإنفاق العام على التعليم كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى فهى على النحو التالى الجزائر 5.1% ، مصر 4.8% ، المغرب 5% ، تونس 7.7% ، كما بلغت نسبة الملتحقين فى المجموعات العمرية المختلفة بمرحلتى التعليم الإبتدائى والثانوى ما يلى الجزائر: الثانوى 69% ، الإبتدائى 96% – مصر: الثانوى 75% ، الإبتدائى 95% – المغرب: الثانوى 38% ، الإبتدائى 77% – تونس: الثانوى 74% ، الإبتدائى 100% .
أن التسرب من التعليم الإبتدائى رافد أساسى من الروافد المغذية للأمية ، ولمكافحة الأمية يجب أن تكون نسبة استيعاب المجموعة العمرية فى التعليم الإبتدائى 100% على النحو الذى تقدمه الإحصاءات عن الدول المتقدمة ، أما التعليم الثانوى بأنواعه المختلفة فأن التسرب منه يعنى تغذية سوق العمل بعمالة غير مؤهلة أو مدربة لممارسة الحرف ، وبالتالى فهى تمثل عبء على سوق العمل لما تحتاجه هذه العمالة من تدريب قد يكتسب بطرق غير علمية وتظل هذه العمالة تمارس أعمالها بطرق متخلفة . فالننظر مثلاً على سبيل المثال للحرف فى الولايات المتحدة الأمريكية ، إذ لا يستطيع صاحب الحرفة أن يمارس حرفته إلا إذا حصل على تأهيل علمى لممارسة هذه الحرفة ، وهو تأهيل يتم فى معاهد علمية متخصصة (نسبة التعليم الثانوى فى الولايات المتحدة الأمريكية 96% ، وفى المملكة المتحدة 92%) .

2-2 اقتصادات المعرفة وارتباطها بمستوى التنمية البشرية:-
اتسمت عمليات الانتاج السلعى والخدمى منذ بداية الربع الأخير من القرن العشرين بعدة سمات أساسية ميزتها عن تلك العمليات التى كانت تتم منذ بداية الثورة الصناعية فى منتصف القرن الثانى عشر – وفى منتصف القرن العشرين . لقد سيطرت الآلية على عملية الإنتاج وكان اكتشاف البخار كقوة دافعة هو المحرك الأساسى للثورة الصناعية ، إلا أنه بانتهاء الحرب العالمية الثانية بزغ عهد جديد فى عمليات التصنيع ألا وهو عهد الثورة الأوتوماتيكية ، إذ تسمح هذه الأخيرة باتمام عدة عمليات مركبة دون تدخل الإنسان وهى عمليات يختلط الجهد العضلى مع الجهد الذهنى (مرسى ، 1990تعليم_الجزائر .
أن التقدم الذى شهده العالم فى مجال نقل المعلومات ، وثورة الاتصالات ، وما أفرزه هذا التقدم من تطبيقات تكنولوجية باتت مستخدمة من قبل المجتمع الإنسانى قد أفرز عدة سمات أساسية ميزت الاقتصاد العالمى . فالاقتصاد العالمى فى الوقت الراهن يشهد بزيادة التبادل السلعى كثيف المعرفة ، فالننظر إلى صفقات التجارة الدولية فى مجال سلع المنتجات الإلكترونية ، الاستهلاكى المعمر منها ، أو الإنتاجى . أن كثيراً من التطبيقات التكنولوجية والتى كانت معروفة منذ الثورة الصناعية الأولى قد لحقها التطور التكنولوجى لقد كان اكتشاف الترانستسور فى بداية خمسينيات القرن العشرين بمثابة فتح جديد فى عالم تكنولوجيا الاتصالات والمعرفة . أيضاً فالننظر إلى قيمة السلع التى يتم تبادلها على المستوى العالمى فالمادة الخام أصبحت تشكل جزءاً يسيراً من قيمة هذه السلع ، (مرسى ،1990:47-48) ، أما تشكيل السلعة بالطرق العلمية والفنية فهو يعتمد على المعرفة وما تخلقه هذه المعرفة من قيمة مضافة عالية .
لقد أنتجت الثورة المعلوماتية تغييرات فى مجالات ثلاثة رئيسية مرتبطة بعملية التنمية البشرية ، حيث تغير هيكل الانتاج الصناعى على المستوى العالمى ، وتغير هيكل قوة العمل ، كما تغير هيكل الموارد .
لقد تبدل هيكل الإنتاج وطرأت عليه تغيرات جعلت من صناعة الخدمات صناعة رائدة بعد أن كان الإنتاج الصناعى السلعى هو القطاع الرائد – ويتبلور الإنتاج المعرفى كسلعة من السلع التى يتم تبادلها بديلاً عن السلع المادية الملموسة ، ولا شك أن عملية الإنتاج المعرفى تعتمد على التقدم الذى يتحقق فى مجال التنمية البشرية ، كما أن صناعات مثل صناعة التأمين والبنوك والخدمات والتجارة – باتت من الأهمية فى تكوين الناتج المحلى للدول ، وهو الأمر الذى يعكس أهمية التنمية البشرية باعتبار أن الإنسان هو المحرك الأساسى لمثل هذه الصناعات من خلال جهده الذهنى . (مرسى 1990: 61-62) .
أما هيكل قوة العمل ، فإذا كان تغيره قد جاء بشكل غير مباشر من خلال تأثير الثورة المعلوماتية ، إلا أننا نرى أن تغير هيكل الإنتاج كان له الأثر المباشر فى تغير هيكل قوة العمل – فالصناعات الحديثة سواء كانت فى مجال الإنتاج السلعى أو فى مجال الإنتاج الخدمى باتت فى حاجة لعمالة تستطيع تشغيل الآلات الأوتوماتيكية ، وأصبحت مهارة الحرفة غير مطلوبة ، فاستخدام الإلكترونيات من شأنه أتمام عدة عمليات فى وقت أقل ، ومدته أكثر ، فالننظر للعمليات الحسابية وطريقة استخراجها من أجهزة الحاسب الآلى ، إذ يقوم مشغل الحاسب بإدخال بياناته ثم يستخرج نتائجه ويطبعها دون حاجة لعمليات جمع أو طرح يدوى . غير أن استخدام الأوتوماتيكية فى الإنتاج الصناعى والخدمى قد ترتب عليه ضعف فى العلاقة بين الإنتاج والعمالة ، لقد كان الطلب على العمالة يشتد فى فترات الرواج ، ويتراخى فى فترات الكساد ، إلا أنه مع التقدم العلمى أصبحت هذه العلاقة أضعف عن ذى قبل ، إذ تقوم التكنولوجيا الجديدة بخلق فرص عمل جديدة هى فى حقيقتها أقل التى كانت متاحه فى عهد الثورة الصناعية الأولى إلا أنها فرص تحتاج قدر كاف من التعليم والتدريب يسمح بوجود مشغلين (Users) لتشغيل الآلات المتقدمة . (مرسى 1990: 64-65) وأخيراً فأن تغير هيكل الموارد قد أرتبط أيضاً بالثورة المعلوماتية كنتيجة من نتائجها ، لقد سمح التقدم العلمى بتحقيق وفورات فى استخدام الموارد ، وخفض فى الفاقد والتالف منها (مرسى 1990: 65) ، بل تحقيق خفض فى المستخدم فيها بعد تقديم أشكال جديدة من المنتجات التكنولوجية عالية التقنية . فعلى سبيل المثال فأن استخدام الشبكة الدولية للمعلومات من شأنه خفض الطلب على أوراق الطباعة . لقد أصبحت المعرفة مورداً أساسياً من موارد الثروة ، بل أن أهمية هذا المورد تتزايد بتزايد التقدم العلمى .
ومن ناحية أخرى فأن صادرات الدول المتقدمة تعتمد بالأساس على صادرات فروع الشركات متعددة الجنسية التى تعمل داخل أراضيها ، وهى بطبيعة الحال شركات تنتمى فى أغلبها وفقاً لدولة المركز لمجموعة الدول الصناعية المتقدمة .
لقد فازت دول الشمال الغنى بثمار هذه الثورة المعلوماتية ، ولم يأت فوزها بهذه الثمار عن صدفة وإنما جاء كنتيجة طبيعية للاهتمام بمجال البحث والتطوير وما يلزم هذا المجال من تقدم فى التنمية البشرية . ويكفى النظر لقائمة الصادرات السلعية عالية التكنولوجيا للتعرف على موقع دول الشمال الأفريقى فى إطار هذه المنظومة العالمية ، فالصادرات كثيفة المعرفة كنسبة من صادرات الصناعة التحويلية كانت فى الجزائر 1% ، مصر صفر % ، المغرب صفر % ، تونس 2% وفقاً لبيانات عام 2000(World Bank 2022) ، ذلك فى الوقت الذى بلغت فيه نسبة هذه الصادرات فى دول مثل تايلاند 31% ، الولايات المتحدة الأمريكية 33% ، بريطانيا 28% ، سنغافورة 59% ، الفلبين 71% ، النرويج 16% عن ذات العام ، أما هذه النسبة على مستوى مجموعات من الدول فقد كانت 20% فى مجموعة الدول ذات الدخل المتوسط المنخفض ، وهى ذات المجموعة التى تنتمى إليها دول الشمال الأفريقى ، 12% فى دول أمريكا اللاتينية والكاريبى . وإذا كانت النسب المئوية وفقاً لهذا المؤشر ليست معياراً للمقارنة يمكن الاعتداد به لبيان حجم وقيمة صادرات الدول من السلع عالية التقنية ، فلنا أن نتخيل مقدار حجم صادرات الولايات المتحدة مثلاً المطلق من السلع كثيفة المعرفة ، حتى لو كانت نسبة هذه الصادرات أقل من الفلبين أو سنغافورة .

3- حالة واتجاهات التنمية البشرية فى دول شمال أفريقيا
نتناول فى هذا القسم من الدراسة أوضاع التنمية البشرية من خلال المؤشرات الفرعية التى يقوم على أساسها اشتقاق قيمة دليل التنمية البشرية على النحو الذى يتبعة برنامج الأمم المتحدة الإنمائى UNDP ، يلى ذلك تحليل اتجاهات دليل التنمية فى دول الدراسة
3-1 التنمية البشرية من خلال المؤشرات الفرعية لدليل التنمية
يقوم دليل التنمية البشرية فى تركيبة على ثلاث مؤشرات فرعية هى دليل العمر المتوقع ، ودليل التعليم ، ثم أخيراً دليل الناتج المحلى الإجمالى معدلاً لمتوسط نصيب الفرد من هذا الناتج بما يعادلة من قوة شرائية بالدولار الأمريكى ( أنظر الملحق رقم “2” ) .
3-1-1 دليل متوسط العمر المتوقع : يقدم هذا الدليل نتيجة ما تبذله دولة من الدول فى
مجال الرعاية الصحية بكل جوانبها سواء كانت رعاية سابقة للمرض أو لاحقة له ( وقاية او علاج ) ، فزيادةالعمر المتوقع أن يعيشة إنسان ما عند ميلاده يعكس مدى اهتمام الدولة بأحوال مواطنيها ومدى ما تبذله فى سبيل الحفاظ على صحتهم العامة ، فهو مؤشر يعكس الإهتمامات الصحية والبيئية ، والإهتمام بالبنية الأساسية من مرافق ونقل وتوفير لمياه صالحة للشرب وصرف صحى ، وكافة الجوانب التى من شأنها أن تطيل من عمر الفرد.
يوضح الجدول رقم (1) بالملحق رقم (1) دليل متوسط العمر المتوقع لدول شمال أفريقيا ويتضح منه أن مؤشر دليل العمر المتوقع فى هذه الدول أعلى من باقى مجموعة دول التنمية البشرية المتوسطة فى اطارها التجميعى ، إذ بلغت قيمة هذا الدليل فى مجموعة الدول المذكورة .0.70 على حين جاءت قيمة دليل التنمية فى أقل الحالات المعروضة من دول شمال أفريقيا 0.72 ( حالة مصر – حالة المغرب ) ، وهو مايعكس التحسن النسبى لدول الدراسة على مستوى المجموعة التى تنتمى اليها ( مجموعة التنمية البشرية المتوسطة ) ، اما اذا تمت مقارنة قيمة هذا الدليل فى دول الدراسة لمجموعة دول التنمية البشرية المرتفعة يتضح وجود فارق ليس بالهين ، اذ بلغ هذا الفارق فى احسن الحالات 0.08 بنط مئوى ، وهى قيمة يمكن الإعتداد بها اذا ما أدركنا ان الجهد المطلوب تحقيقة لزيادة العمر المتوقع عند الميلاد هو جهد مركب لاتصاله باكثر من مجال من المجالات ذات الصلة بالصحة العامة ، فضلا عن الوقت الذى يحتاجه هذا الجهد لكى يتم جنى ثماره .
ان الإصلاحات المطلوبة فى المجالات الإقتصادية والإجتماعية من شأنها ان تزيد من الدخل القومى على المستوى الكلى ، وتزيد من دخل الأفراد وبالتالى تمكنهم من زيادة الإهتمام بشئونهم الصحية ( Wakhrey , 1995 )
2-1-2 دليل التعليم
يستند دليل التعليم لمؤشرين أساسين هما نسبة البالغين الذين لديهم إلمام بالقراءة والكتابة من مجموع عمر البالغين ، فضلا عن نسبة عدد الملتحقين بالتعليم فى المجموعات العمرية المختلفة ، وان كان المؤشر الفرعى الثانى له نصف اهمية المؤشر الفرعى الأول ( نسبة البالغين الذين لديهم إلمام بالقراءة والكتابة ).
وعلى ذلك فالمؤشر فى مجملة يعكس حالة الأميه فى القراءة والكتابة باكثر مما يعكس حاله التعليم ويتضح من الجدول رقم (1) بالملحق رقم (1) ان قيمة دليل التعليم جاءت فى دول شمال افريقيا اقل من قيمة دليل مجموعة التنمية البشرية المتوسطة ( فيما عدا ليبيا ) ، وهو الأمر الذى يعكس ضرورة الإهتمام بأوضاع التعليم بشكل عام ، ومحو أميه القراءة والكتابة بشكل خاص .
يتضح الفارق بين دول الشمال الأفريقي من ناحية ومجموعة دول التنمية البشرية المرتفعة من ناحية اخرى اذ بلغت قيمة دليل التعليم فى هذه المجموعة 0.91 على حين كانت فى مصر 0.50 ، والمغرب 0.63
ان اهتمام الدولة بالتعليم ينعكس فى مقدرتها على استيعاب المجموعات العمرية فى المراحل التعليمية المقررة لكل مجموعة ، وفى نوعية التعليم الذى تقدمة الهيئة التعليمية للدارسين ، اما مسأله التسرب من التعليم وعلى الأخص فى المرحلة الأساسية فهى مسئولية الدولة والمجتمع معاً ، اذ يجب ان تتضافر الجهود بين الدولة والأسرة والجمعيات غير الحكومية للقضاء على ظاهرة التسرب من التعليم الأساسى ، إذ أن هذا التسرب هو الرافد الأساسى لتغذية الأمية .
ان نوعية التعليم الذى تقدمة الدولة لأبنائها يختلف بإختلاف التخصصات ، غير أنه فى المراحل الأولى من التعليم قد تكون الجدية هى العنصر الفاعل فى تخريج دارس ملم بقواعد لغته واصول تاريخة ، وثقافتة العامة فضلا عن بعض القواعد الأساسية للحساب ، اما اذا تدرجنا بمراحل التعليم حتى الجامعة وبالذات مراحل الدراسات العاليا فيها فجامعاتنا مازالت فى حاجة للتطوير لكى تساير جامعات الدول المتقدمة . ان الأمر الذى لاشك فيه ان هذا التطوير يحتاج لموارد مالية قد تعجز الدول عن توفيرها فى ظل مشكلات العجز فى الموازنات العامة ، وتطبيق البرامج الإقتصادية للتكيف الهيكلى ، ( Reimers , 1991 ) وهنا فان الدعوة لمساهمات المجتمع المدنى فى تمويل الجامعات الأهلية ، وضبط حركة الجامعات الخاصة هى كلها شروط واجبة التحقق (2)
3-1-3 دليل الناتج المحلى الإجمالى لمتوسط نصيب الفرد معدلاً بالقوة الشرائية للدولار الأمريكى
وهو المؤشر الفرعى الثالث الذى يقوم علية دليل التنمية البشرية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى إذ يعتمد البرنامج دليل الناتج المحلى الإجمالى لمتوسط نصيب الفرد معدلاً بالقوة الشرائية للدولار الأمريكى . ويستمد المؤشر فكرتة الأساسية من فرض قوة انخفاض القيمة الحدية للنقود بزيادة كميتها لدى الفرد ، وهو فرض صحيح اذا ما ظلت دالة الهدف للأفراد ثابتة ، غير ان الإنسان بطبيعتة النفسية والسلوكية وخصائص حاجاته الإنسانية سرعان ما تتبدل دوال اهدافة.
يقدم الجدول رقم (1) بالملحق رقم (1) قيمة دليل الناتج المحلى الإجمالى ، وهى فى ثلاث حالات ( ليبيا – تونس – الجزائر ) أعلى من قيمة هذا الدليل فى مجموعة دول التنمية البشرية المتوسطة غير أن كل حالات الدراسة دليلها فى الناتج المحلى الإجمالى أقل من قيمة هذا الدليل بالنسبة لمجموعة دول التنمية البشرية المرتفعة.
ورغم ان هذا المؤشر يتمتع بأهمية نسبية متساوية مع الأهمية بالنسبة للمؤشرين الأخرين ( دليل العمر المتوقع ، دليل التعليم ) غير أننا نرى انعكاس أهميتة على قيمة الدليلين المذكورين فمن خلال متوسط نصيب الفرد من قيمة الناتج المحلى الإجمالى ، يستطيع الإنسان أن يوجه جزء من هذه القيمة للتعليم والصحة ، ان متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى يظل معياراً هاماً وصالحاً لقياس درجة التنمية البشرية اذا ما ابتعدنا به عن القيم الشاذة التى تؤثر فى مصداقية المتوسط الحسابى للحكم على العينات أو المجتمعات . ان هذه القيم الشاذة تتأتى من سوء توزيع الدخل ، فالعدالة فى توزيع الدخل واقتراب معامل جينى من قيمة الواحد الصحيح تجعل متوسط نصيب الفرد معياراً هاماً للحكم على مستوى التنمية البشرية .
ان زيادة متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى تعنى زيادة قيمة هذا الناتج بمعدلات تزيد عن معدلات زيادة عدد السكان . ان البعض يستخرج من هذه المقدمة نتيجة سريعة ألا وهى ضرورة خفض معدل النمو السكانى . ان هذه النتيجة تنظر للسكان باعتبارهم جمهور من المستهلكين فقط غير ان حقيقة الأمر تقرر بأن التنمية لا تتم الا بالإنسان وللإنسان وهذا يعنى زيادة عدد السكان إذا ارتبطت بزيادة إنتاجياتهم فهذا معناه أن الناتج المحلى الإجمالى سوف يزيد بمعدلات أسرع من معدلات النمو السكانى ، وهو الأمر الذى يحقق الزيادة فى متوسط نصيب الفرد من الناتج ، وتظل قضية العدالة فى التوزيع محور التفكير لدى الفلاسفة وعلماء السياسة ، وأيضا لدى علماء الإقتصاد .
إن الأداء الإقتصادى فى دول الشمال الأفريقي يقوم على سياسة الانفتاح على العالم الخارجى ، وهى سياسة أصبحت من دعائم النظام العالمى ولا تستطيع دولة من الدول أن تنفصل عنها ، غير أن إشكالية الإندماج تكمن فى ضرورة تعظيم الفرص المتاحة منه .
يقدم الجدول رقم (2) بالملحق رقم (1) اطاراً عاماً للعلاقات الإقتصادية الدولية فى دول شمال أفريقيا ، ويتضح منه أن تجارة المنتجات المصدرة تحت وصف صادرات من المواد عالية التقنية كنسبة من الصادرات المصنعة ، هى تجارة ضئيلة للغايه ففى عام 1990 ثلاث دول من الخمس كانت النسبة فيها صفر % وفى عام 2001 لم تتجاوز دولتين منهما نسبة الـ 5 % ( مصر ) أما المغرب فان الإحصاءات تفيد بان صادرتها عالية التقنية كنسبة من الصادرات المصنعة قد قفزت من الصفر الى 11% على حين زادت هذة النسبة فى تونس من 2% الى 3% بمقدار بنط مئوى واحد أى بنسبة 50 % أما الصادرات من المواد الأولية فمازالت تسيطر على نسبة تزيد عن 50 % فى كل من مصر والجزائر على حين بلغت هذه النسبة فى دول التنمية البشرية المرتفعة 16 %
ان خطورة الاعتماد على المواد الخام فى الحصول على النقد الاجنبى اللازم لتغطية عمليات الإستيراد تكمن فى امكانية نضوب المواد الخام من ناحية ، ومن ناحية أخرى امكانية تذبذب اسعارها بل تدهورها فى كثير من الأحيان ، ان المواد الخام التى يتم تصديرها ينظر اليها فى دولنا تعامل بإعتبارها دخلا وهى فى حقيقة الأمر ليست كذلك فهى ثروه تغير شكلها من مخزون فى باطن الأرض الى سيوله نقدية ، وهذة الأخيرة يجب أن تعامل باعتبارها ثروة وليست دخل أى يجب أن تستثمر جميعها لكى تولد الدخل المنتظر منها مع الحقاظ على قيمتها اذ انها ملك للأجيال القادمة .

3-2 اتجاهات دليل التنمية البشرية :
تفيد البيانات الإحصائية المنشورة أن تقدماً ما قد تحقق فى دليل التنمية البشرية فى كل من تونس – الجزائر – مصر – المغرب ، أما ليبيا فغير متاح عنها بيانات الا فى عام 2001 . والسؤال الذى يطرح نفسة فى هذا المقام الى أى مدى يمكن الإعتداد بالتقدم الذى حدث فى هذا المجال عند الدخول فى مجال منافسة العالمية ؟ ان السؤال لايغلق الباب أمام هذه المنافسة ، وانما يقصد من اثارته الإنتقال لسبل تحقيق التنمية البشرية ودفعها للأمام على النحو الذى نعرضة فى القسم التالى . يقدم الجدول رقم ( 3 ) بالملحق رقم (1) تطوراً لقيمة دليل التنمية البشرية لدول الدراسة فى ست سنوات وقد قمنا باستخراج الوسط الهندسى لهذه القيمة فى الصيغة

ن حاصل ضرب قيمة الدليل لعدد ن من السنوات

وجاءت نتيجة الوسط الهندسى لقيمة الدليل على النحو التالى : 0.627 ، 0.613 ، 0.539 ، 0.516 فى كل من تونس ، الجزائر ، مصر ، المغرب على التوالى ولإجراء المقارنة مع حالات أخرى فقد تم حساب الوسط الهندسى فى حالات أخرى لدول تنتمى لمجموعة دول التنمية البشرية المرتفعة . وقد اتضح منها ان قيمة الوسط الهنسى لهذا الدليل عن ذات السنوات هى 0.902 ، 0.885 ، 0.875 ، 0.847 فى كل من الولايات المتحدة ، فرنسا ، أسبانيا ، ايطاليا ، اسرائيل على التوالى .

يتضح من تحليل اتجاهات التنمية البشرية ان معدلات نمو دليل التنمية البشرية فى دول مجموعة التنمية المرتفعة هو اسرع من معدل نمو هذا الدليل فى مجموعة دول الدراسة رغم ما طرأ عليه من تحسن خلال الفترة منذ عام 1975 حتى عام 2001 على النحو الذى يوضحة الجدول رقم (3) بالملحق رقم (1) ، وهو الأمر الذى يفرض التحدى على دول الشمال الأفريقى لكى تندمج فى الإقتصاد العالمى .

4-تعزيز عوامل النجاح وتحقيق التقدم فى مجال التنمية البشرية فى شمال أفريقيا :-
لقد هيأت الحكومات فى دول شمال أفريقيا الإطار التشريعى اللازم لتحقيق التقدم فى مجال التنمية البشرية فى ظل الظروف العالمية الراهنة ، ومن ناحية أخرى فقد اجازت السلطات التشريعية فى هذه الدول تلك الأطر التشريعية . وعلى المستوى العالمى فقد بذل جهد كثيف فى هذا المجال سواء على المستوى القارى أو على المستوى الثنائى بين بلدان شمال افريقيا والإتحاد الأوروبى ، وأخيراً فقد صدر فى أكتوبر 2001 وثيقة تعد الأهم فى كل هذه الوثائق ألا وهى وثيقة مبادرة الشراكة الجديدة لتنمية أفريقيا ” النيباد ” ، نتناول فى هذا القسم من الدراسة الخطوات الإجرائية اللازمة لتحقيق التقدم فى مجال التنمية البشرية على مستوى دول الدراسة ، لذلك فسوف نعرض فى فرع أول الجهود اللازمة على المستوى الوطنى ، ثم يلى ذلك الجهود اللازمة على المستوى القارى.

4-1 الجهود اللازمة على المستوى الوطنى
ان الأخذ ببرامج التكيف الهيكلى ، بات أحد الشروط اللازمة التطبيق فى السياسات الإقتصادية الداخلية حتى تتمكن الدول المعنية من التفاعل مع المجتمع الدولى . ان هذه البرامج تقوم فى جوهرها على شقين أساسيين هما الإستقرار والتكيف . ان الإستقرار وفقاً لهذه البرامج يستهدف التوازن المالى والتوازن النقدى ، اى بعبارة أخرى خفض عجز الموازنة العامة ، والتحكم فى الإصدار النقدى للنقود من خلال استناد هذا الإصدار لرصيد من العملات الأجنبية يمثل حقوقاً للدولة المعنية والتزاما على العالم الخارجى ، وهو الأمر الذى يتحقق من خلال زياده قيمة مجموع الأرصدة الدائنة المستقلة فى ميزان المدفوعات عن قيمة مجموع الأرصدة المدينة المستقلة ، وبعبارة أبسط زيادة قيمة الصادرات السلعية والخدمية عن قيمة الواردات السلعية والخدمية ، مع تحقيق رصيد دائن لصالح الدولة المعنية من تدفقات موارد النقد الأجنبى للداخل.
أما برامج التكيف فهى تقوم على أساس نموذج يقرر بأن زيادة الإستثمارات المخططة عن المدخرات المتحققة يعنى زيادة قيمة الواردات السلعية والخدمية عن قيمة الصادرات السلعية والخدمية بعد جمع رصيد تدفقات رأس المال اذا كان مدينا وطرحة اذا كان دائنا ، وعلى ذلك فان شروط برامج الأستقرار التى يدعمها صندوق النقد الدولى تتقاطع مع شروط برامج التكيف التى يدعمها البنك الدولى . وامام اشكالية خفض الطلب الكلى بشقية العام والخاص . تلجأ الحكومات لترشيد انفاقها بالتخلى عن بعض المشروعات التى كانت تمتلكها أو حتى تلك المشروعات التى كانت تزمع القيام بها وذلك لإتاحة الفرصة للقطاع الخاص لكى يدخل الى تلك المجالات التى تخلت عنها الحكومات بفعل فرضية الإزاحة .
ان تطبيق هذه البرامج أسفر عن تدنى الرعاية الصحية والتعليمية المجانية ، وظهرت بكثافة نسبة أكثر من ذى قبل المستشفيات الخاصة التى تقدم العلاج بالمقابل المادى ، كذلك أيضاً انتشرت المدارس الخاصة ، ناهيك عن الجامعات . أما من حيث تحقيق معدلات النمو فى الناتج المحلى الإجمالى ، فهى لاتتناسب مع معدلات نمو السكان ذلك بفعل عدم التحسن فى الإنتاجية الحديه لعنصر العمل ، وامام هذه المشكلات الناجمة عن سياسات هى من قبيل المعطيات الدولية ، فان الدور الفاعل للحكومات فى مراقبة الأسواق وتطبيق التشريعات يجب تفعيلة باكثر مما هو عليه الأن ، فالقضاء على التهرب الضريبى والجمركى من شأنه زيادة الموارد السيادية للدولة ، وهو الأمر الذى يهئ فرصة لإعادة توزيع الدخل فى ظل ظروف دولية نجم عنها زيادة معدلات البطالة على المستوى العالمى . ان محاربة الفساد فى كل صورة واشكاله هو المهمة المقدسة للحكومات والى جانبها تأتى الرقابة الشعبية .
أما على مستوى القطاع الخاص ، فان هذا القطاع علية الأهتمام بعمليات البحث والتطوير Researches and Develpement ، كذلك ايضاً اتساع المجال لتدريب العاملين من شأنه زيادة إنتاجية عنصر العمل الأمر الذى ينعكس فى زيادة انتاجيته .
وعلى المستوى الشعبى فان الجمعيات غير الحكومية NGOs عليها ان تمارس دورها فى التوعية بأهمية التعليم والثقافة والإهتمام بالرعاية الصحية ، وفتح مجالات الرزق من خلال المشروعات التى يمكن تمويلها ذاتياً من المجتمعات المحلية .
ان هذه الإجراءات يجب ان تكون تحت الرعاية الحكومية ، توجهها وتراقب تنفيذها ، واننا نرى ان ذلك لا يتنافى مع قيم الديمقراطية المنشودة ، بل أنه يعززها .

4-2 الجهود اللازمة على المستوى القارى
تعد وثيقة مبادرة النيباد أحدث واهم مبادرات التنمية الأفريقية ، تحتوى هذه المبادرة على عده مبادرات فرعية ، منها مبادرة التنمية البشرية وهى مبادرة تهتم بمختلف جوانب التنمية البشرية من رعاية صحية ، وتعليم وحقوق للمرأة والطفل وغير ذلك من المجالات التى تدخل فى نطاق التنمية البشرية
لقد قدمت هذه المبادرة لمجموعة دول الثمانية يوم 27 يونيو 2022 فى كندا بهدف اعتمادها ، والحصول على تسهيلات أئتتمانية ، ودعم تنموى فى شكل مساعدات إنمائية حتى تستطيع دول القارة ان تخفض من معدلات الفقر ، وتعيد هيكله اقتصادها بما يهيأ لها النفاذ للأسواق الخارجية . غير ان استجابة دول الثمانية لهذه المبادرة كانت اقل مما توقعه المجتمع الأفريقى ، حيث تقرر تشكيل آلية لمراجعة الأداء فى داخل دول القارة بمعرفة دول القارة ذاتها ( آلية مراجعة النظراء ) ، فاذا ما قامت دولة بإستيفاء الشروط السياسية الخاصة بتحقيق الديمقراطية والحكم الجيد ، والثقافة فانها تكون مهيئة للإستفادة من مساعدات المجتمع الدولى
ان الشروط التى تضمنتها مبادرة النيباد فى مجال الإصلاح السياسى ومجال الإصلاح الإقتصادى يكون من المفيد تطبيقها على مراحل وهنا فسوف تكون المساعدات الإنمائية المطلوبة ( 64 مليار دولار لتحقيق معدل متوسط للنمو 7% خلال الخمسة عشر عاما التالية لإعتماد المبادرة ) رهناً لتحقيق هذه الشروط وهو الأمر الذى يعوق من مسيرة التنمية .
ان الإتجاه لإقامة الحوار والعلاقات ( جنوب / جنوب ) أى العلاقات البينية بين دول القارة من خلال تحقيق التكتلات الإقتصادية الأقليمية واقامة المشروعات المشتركة وتبادل الخبرات الفنية هو السبيل لخروج افريقيا من أزماتها وتحقيق التنمية البشرية المطلوبة.

خاتمة البحث
ان النتيجة الأساسية المستخرجة من البحث هى ضرورة العمل على المستوى الوطنى والمستوى القارى لتحقيق التنية البشرية كما ان هذه التنمية تعد أحد اهم الشروط اللازمة للإنخراط فى المجتمع الدولى واقتصادات العولمة التى تقوم اساساً على المعرفة .
لقد انقضى زمناً كانت المادة الخام هى محور عمليات النهب الإستعمارى ، وأصبحت العقول هى محور هذا الأهتمام ، سواء باستقطاب أبناء دول العالم الثالث من النابغين ، أو أخفاء منابع المعرفة عنهم حتى لا يستطيعوا القيام بتحقيق التقدم فى اوطانهم . وليس غريباً ان نسمع عن إغلاق أقسام متخصصة فى مجال العلوم الطبيعية بالجامعات الأمريكية امام العرب ان النجاح فى القضاء على هذا التحدى يحتاج لتضافر الجهود الحكومية مع الجهود الشعبية على مستوى الدولة الواحدة من ناحية وعلى مستوى القارة الإفريقية من ناحية أخرى ، ولعل الإتحاد الإفريقى كتنظيم قارى حل محل منظمة الوحدة الأفريقيةبهذا الدور ويتمكن من تحقيق التكامل الإقتصادى الإقليمى ثم القارى على النحو الذى رسمته معاهدة أبوجا وإعتمده القانون التأسيسى للإتحاد بل حث على الإسراع فى تنفيذه . ان الإتحاد الأفريقي بما يحويه من مؤسسات مالية كصندوق النقد الأفريقى والبنك المركزى الأفريقى وبنك الإستثمار الأفريقى ، كذلك أيضاَ بما يحويه من لجان فنيه كلجنة الإقتصاد الريفى ولجنة البيئة وغير ذلك من اللجان المتخصصة قد يتمكن من تحسين مستوى التنمية على مستوى القارة من خلال تحقيق التوسع فى السوق الأفريقى والنفاذ للأسواق الدولية ، كذلك ايضاً من خلال التخصص وتقسيم العمل والإنتاج على المستوى الكبير Mass production من خلال التنسيق فيما بين دول القارة .
وأخيراً فان زيادة متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى مقروناً بالعداله فى توزيع الدخل من شأنه ان يؤثر بالإيجاب فى قيمة دليل التعليم ودليل الصحة بما يرفع من مستوى دليل التنمية البشرية .

هوامش البحث

1. حسب تقسيم البنك الدولى ، وقد اقتصرت الدراسة فى كثير من أجزائها على مصر – تونس – الجزائر – المغرب ، وذلك لعدم توافر بيانات منتظمة عن ليبيا
2. تختلف الجامعات الأهلية عن الجامعات الخاصة ، فالأولى تقوم على التبرعات ولاتستهدف تحقيق أرباح ، أما الثانية فهى مشروعات شبه تجارية تستهدف تحقيق
الربح

المراجـــــع :-
• برنامج الأمم المتحدة الإنمائى ، تقرير التنمية البشرية 2022 ، نيويورك
• رمزي زكى ، 1993 الليبرالية المتوحشة (القاهرة : دار المستقبل العربي) .
• كريمة كريم ، جوده عبد الخالق (1997) أساسيات التنمية الاقتصادية ( القاهرة : دار النهضة العربية )
• فؤاد مرسى ، 1990 الرأسمالية تجدد نفسها سلسلة عالم المعرفة العدد 147 (الكويت : المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب .

مراجع باللغة الإنجليزية :-

• Easterlin, Richard A. 2000 “ The Globalization of Human Development ” Annals at American Academy of Political & Social Sience, Vol . 570 Jule pp 32-49 .
• Mandela , Nelson 2000 The Challenges of the Next Century: The Globalization of Responsibility New Perspectives Quarterly , Winter pp 34-36 .
• Maramba, Petronella 1996,”Structural Adjustment Pragrams and Human Rights African Women” Women,s International Network News Vol. 22, No . 3 Summer, pp 20-21 .
• Moose, George E. 1996 “The Economic Sitution in Sub – Saharon Africa” U.S. Department of State Diapach, Vol. 7 No 33 pp 413-417 .
• Reimers, Fernando 1991 “ The Role of Organization and Politics in Government Financing of Education ” Comparative Education Vol 27 No. 1 pp 35-52 .
• UN Chroical 1996 “ Enhancing Support Tor African Development United Nations Chronicale Vol. 33, No .2 pp 6-10 .
• Wakhweya, Angela M. 1995 Structural Adjustmet and Health British Medical Journal Vol. 3/ No. 6997 pp 71-73 .
• World Bank 2000 World Develppment Reports 2000/2001 Attacking Poverty (Washington D.C. 2000) .
• World Bank 2022 Africa Development Indicaters 2022 Washington D.C. .
• Internutional Monetary Fund 2022 Direction of Trade Statistics Year Book . Washington D.C..

ملحق رقم (1)
جدول رقم (1)
حالة التنمية البشرية في دول شمال أفريقيا عام 2001

اسم الدولة الترتيب حسب التنمية البشرية لعام 2022 متوسط العمر المتوقع عند الولادة بالأعوام نسبة الأمية لدى البالغين % من عمر 15 عام فما فوق مجموع نسب الالتحاق الإجمالية بالتعليم الابتدائي والثانوي والعالي % الناتج المحلى الإجمالي للفرد ( معدل القوة الشرائية للدولار الأمريكي $ ) دليل متوسط العمر المتوقع دليل التعليم دليل الناتج المحلى الإجمالي قيمة دليل التنمية البشرية
ليبيا 61 72.4 80.8 89 7570 0.79 0.84 0.72 0.783
تونس 91 72.5 72.1 76 6390 0.79 0.73 0.69 0.740
الجزائر 107 69.2 67.8 71 6090 0.74 0.69 0.69 0.704
مصر 120 68.3 56.1 76 3520 0.72 0.63 0.59 0.648
المغرب 126 68.1 49.8 51 3600 0.72 0.50 0.60 0.606
تنمية بشرية متوسطة – 67 78.1 64 4053 0.70 0.74 0.62 0.684
تنمية بشرية مرتفعة – 77.1 – 89 23135 0.87 0.91 0.91 0.908

• يحتوى الدليل على ترتيب لعدد 175 دولة .
المصدر : برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ، تقرير التنمية البشرية للعام 2022 ( نيويورك ، 2022 )

جدول رقم (2)
هيكل التجارة في دول شمال أفريقيا
عامي 1990 ، 2001
الدول بحسب ترتيبها فى دليل التنمية البشرية الواردات % من الناتج المحلى الصادرات من السلع والخدمات % من الناتج الإجمالى الصادرات من المواد الأولية % من الصادرات السلعية الصادرات من المواد المصنعة % من الصادرات الصادرات من المواد عالية التقنية % من الصادرات المصنعة معدل التجارة
1990 2001 1990 2001 1990 2001 1990 2001 1990 2001 1990
ليبيا 31 15 40 36 95 – 5 – 5 – 82
تونس 51 52 44 48 31 23 69 77 2 3 82
الجزائر 25 21 23 37 97 98 3 2 صفر 4 59
مصر 33 23 20 18 57 60 42 33 صفر 1 47
المغرب 32 36 26 30 48 36 52 64 صفر 11 111
تنمية بشرية متوسطة 19 27 20 29 – – 48 58 5 19 –
تنمية بشرية مرتفعة 20 24 20 24 19 16 79 82 18 24 –

المصدر : برنامج الأمم المتحدة الإنمائى ، تقرير التنمية البشرية للعام 2022 ( نيويورك ، 2022 ) ص 288 – 289

جدول رقم ( 3)
إتجاهات دليل التنمية البشرية 1975 – 2001

السنة
الدولة 1975 1980 1985 1990 1995 2001
ليبيا – – – – – 0.784
تونس 0.514 0.572 0.620 0.654 0.693 0.740
الجزائر 0.510 0.559 0.609 0.648 0.668 0.704
مصر 0.433 0.480 0.530 0.572 0.605 0.648
المغرب 0.427 0.472 0.506 0.538 0.567 0.606

” تعنى غير متاح
المصدر : برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ، تقرير التنمية البشرية للعام 2022 ( نيويورك ، 2022 ) ص ص 242 – 243
ملحق رقم (2)
طريقة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في حساب دليل التنمية البشرية

يعتمد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي NNPD في حسابه لدليل التنمية البشرية على ثلاثة مؤشرات فرعية متساوية في أوزانها الترجيحية هي دليل العمر المتوقع ، دليل التعليم ، دليل الناتج المحلى الإجمالي
وبالتالي فإن دليل التنمية البشرية = 3/1 دليل العمر المتوقع + 3/1دليل التعليم + 3/1دليل الناتج المحلى الإجمالي
ولحساب قيمة هذه المؤشرات الفرعية يعتمد البرنامج على الطرائق التالية :
أولاً : بالنسبة لدليل العمر المتوقع ، وهو دليل لقياس الجهود النسبية التي تبذلها دولة ما للعمر المتوقع عند الولادة ويعتمد هذا الدليل على معلمتين أساسيتين للحد الأقصى والحد الأدنى للعمر ويتم حسابه على النحو التالي :

العمر المتوقع عند الميلاد – معلمة الحد الأدنى للعمر وتساوى 25
دليل العمر المتوقع = ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معلمة الحد الأقصى للعمر وتساوى 85 – معلمة الحد الأدنى للعمر وتساوى 25

= قيمة تتراوح ما بين الصفر والواحد الصحيح

فإذا كانت قيمة البسط مساوية لقيمة المقام فان خارج القسمة سوف تكون قيمته واحد صحيح ، وهى حالة تتحقق عندما يكون العمر المتوقع عند الميلاد مساوياً لمعلمة الحد الأقصى للعمر .

ثانياً : بالنسبة لدليل التعليم ، وهو بدوره يتكون من مؤشرين فرعيين هما دليل إلمام البالغين بالقراءة والكتابة ودليل إجمالي نسب الالتحاق وللأول وزن نسبى بمقدار 3/2والثانى بمقدار 3/1 وعلى ذلك فان دليل التعليم يأخذ الصيغة التالية : 3/2 دليل إلمام البالغين بالقراءة والكتابة + 3/1 دليل إجمالي نسب الالتحاق

نسبة إلمام البالغين بالقراءة والكتابة من إجمالى عدد البالغين – صفر
دليل إلمام القراءة والكتابة = ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
100 – صفر

نسب الالتحاق بالتعليم في مختلف المجموعات العمرية – صفر
دليل إجمالي نسب الالتحاق = ــــــــــــــــــــــــــــــ
100 – صفر

أما دليل الناتج المحلى الإجمالي ، فيعتمد على فكرة المنفعة الحدية للنقود ومعادل القوة الشرائية بالدولار الأمريكي لمتوسط نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالي

اللوغاريتم الطبيعي لقيمة متوسط نصيب الفرد طبقاً لتعادل القوة الشرائية – اللوغاريتم الطبيعي للعدد 100 بالأساس 10 بعد تعديلها بما يعكس انخفاض المنفعة الحرية إذا كانت هذه القيمة أعلى من الحد الأدنى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللوغاريتم الطبيعي لمتوسط نصيب الفرد من الناتج على المستوى العالمى – اللوغاريتم الطبيعي للعدد 100 بالأساس 10 بعد تعديلها بما يعكس انخفاض المنفعة بالأساس 10 الحدية

لمزيد من التفاصيل والأمثلة لحساب دليل التنمية البشرية يمكن مراجعة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ، تقرير التنمية البشرية لعام 2022 ( نيويورك ، 2022 ) ص 341 كذلك أيضاً أنظر شرح هذا الدليل في
كريمة كريم ، جوده عبد الخالق ، أساسيات التنمية الاقتصادية – 1997 – القاهرة : دار النهضة العربية – ص ص 32 – 35


بارك الله فيكم و نفع بكم

جزاكم الله خيرا
وبارك الله فيك وشكرا علي تلك القالة المميزة
و للتعرف علي فريق بداية للتنمية البشرية احد افضل فرق التنمية البشرية في مصر
و عن انجازاته و نشاطاته و اعضائه
اليكم هذا الموقع
فريق بداية للتنمية البشرية


[align=center]شكرا على المعلومات القيمة وللمزيد من المعلومات اليكم الموقع الخاص بفريق بداية للتنمية البشرية
موقع فريق بداية للتنمية البشرية[/align]

التصنيفات
البحوث التجارية

بحث حول الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الجزائر وأثارها على التنمية الاقتصادية

عنوان البحث

الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الجزائر
وأثارها على التنمية الاقتصادية

خطة البحث:

– أهداف الدراسة
– خطة الدراســة
– أهمية الدراسـة
– مقدمـــــــــــــة

1- الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
2- أنواع الاستثمارات الأجنبية.
3- دوافع وأهداف و محفزات الاستثمار الأجنبي .
4- مخاطر الاستثمار الأجنبي.
5- ما المقصود بالتنمية الاقتصادية.

الاستثمارات الأجنبية في الجزائر

– الإطار القانوني للاستثمارات في الجزائر.
– مناخ الاستثمار قي الجزائر.
– دافع الاقتصاد الجزائري.
– المؤهلات الخاصة للجزائر.
– شروط ترقية الإستثمار في الجزائر.
– تقارير وتقييم إمكانية الإستثمارات الأجنبية في الجزائر.
– أفاق الإستثمار في الجزائر.
– الخاتمــــــــــــة.

أهداف الدراســـــــــة:

تهدف هذه الدراسة إلى المساهمة في النقاشات التي تدور في الوقت الحاضر في الدول النامية. حول ضرورة تفعيل دور المنافسة حول الإستثمارات الأجنبية. ويتباين هذا النقاش ضمن إتجاه جديد بدأ بأخذ مكانة في الدول النامية الذي يرتكز في تبين سياسات الإصلاح الإقتصادي الرامي إلى معالجة الإختلالات التي أفرزتها السياسة المالية والنقدية. وباعتبار أننا على أبواب العولمة الإقتصادية التي أصبح منها العالم على شكل قرية كونية. فإن الدول النامية نسعى جاهدة إلى الوصول إلى التنمية الإقتصادية. ومع إدراكنا أن هذه الأخيرة تكون بفضل رؤوس الأموال المتمثلة في الإستثمارات الأجنبية لهذا يمكن لنا تلخيص أهداف هذه المداخلة فيمايلي:
1- إبراز أهمية الإستثمارات الأجنبية في التنمية الإقتصادية.
2- ما مدى إستفادة الجزائر من هذه الإستثمارات الأجنبيـــة.

خطة الدراســـــــــة:

تبدأ معالجة هذا الموضوع بمقدمة مختصرة على الوضع التنافسي العالمي في الجانب الاقتصادي، يتبع بدراسة حول الاستثمارات الأجنبية المباشرة ودورها في الاقتصاد.ثم تم التطرق إلى الاستثمارات الأجنبية في الجزائر وهل استفادة منها .
وفي الخاتمة تم إبداء بعض الاقتراحات حول الآفاق المتعلقة بهذه الاستثمارات .

أهمية الدراســـــــة:

تدخل هذه الورقة ضمن المشاركة في الملتقى الوطني الأول “الاقتصاد الجزائري في الألفية الثالثة ” بجامعة سعد دحلب البليدة بهذه الورقة سنحاول تسليط الضوء على ما هي مكانة الاستثمارات الأجنبية في التنمية الاقتصادية حالة الجزائر.

مقدمـــــة

تتسم البيئة الدولية الراهنة باحتدام التنافس على رؤوس الأموال الأجنبية بين مختلف الدول المتقدمة و الدول النامية على حد سواء . و ذلك نتيجة للدور الهام الذي يلعبه الاستثمار الأجنبي في توفير التمويل المطلوب لإقامة المشاريع الإنتاجية و نقل التكنولوجيا و المساهمة في رفع مستويات المداخيل والمعيشة و خلق المزيد من فرص العمل التعزيز في قواعد الإنتاج وتحسين المهارات و الخبرات الإدارية و تحقيق ميزات تنافسية في مجال التصدير والتسويق .
ويحثل الإستثمار الأجنبي المباشر أهمية إستثنائية في الدول النامية التي تعاني من تفاقم أزماتها المالية الشيء الذي زاد من حدته تقلص مصادر التمويل المختلفة و في ظل تصاعد مؤشرات المديونية و تضخم التكاليف المرافقة لإقتراضها من العالم الخارجي فإن مصادر التمويل التي تبقى متاحة أمامها تنحصر في العمل على جلب الإستثمار الأجنبي المباشر من جهة و تنشيط الإستثمار المحلي و السيطرة عليه من جهة أخرى.
من هذا المنطق أشتد التنافس بين الدول على جذب الاستثمارات الأجنبية من خلال إزالة الحواجز و العراقيل التي تعيق طريقها و منحها الحوافز و الضمانات التي تسهل قدومها ودخولها إلى السوق المحلي .
وفي هذا الإطار قامت كل الدول النامية بوجه عام بسن تشريعات تمنح حوافز مغرية للمستثمرين الأجانب و تزيل كل القيود و الحوافز التي تقف في طريقهم . وكانت الجزائر من بين هذه الدول التي وضعت قوانين استثمار والتي من خلالها تقدم ضمانات واسعة للمستثمرين الأجانب أو المحليين على سواء . وسنتناول في هذا البحث من خلال التحليل والدراسة تلك الحوافز والضمانات مع التركيز على مدى كفاءتها في جذب الاستثمار الأجنبي في ظل بنية دولية يطبعها التنافس على الاستثمارات الأجنبية و لذلك تم تقسيم هذا العمل كما يلي :

الجانب النظري :

الاستثمارات الأجنبية المباشرة:

تحتل الإستثمارت المباشرة مكانة كبيرة وهامة في التحليل الاقتصادي الحديث وخاصة التحليل الرأسمالي وهذا بشأن الشركات المتعددة الجنسيات، بحيث توصل المؤتمر الذي ضم إقتصادين وكبار رجال الأعمال من الولايات المتحدة وكندا وأوروبا في مارس 1921على أن الاستثمارات الدولية المباشرة أصبحت القناة الرئيسية للعلاقات الاقتصادية الدولية، أما الشركات متعددة الجنسيات فهي المعبر الأساسي عن هذه الظاهرة التي لم يسبق لها مثيل.
ويجري تحليل العلاقة الموجودة بين الاستثمارات المباشرة و الشركات متعددة الجنسيات من قبل إقتصادين من بينهم ”ج.دانييغ”، ” ج.كيندلبرغر”، ” ر فرنون”، و ”ج. بيرمان”.

السؤال الذي يطرح بشدة وإلحاح هنا هو المقصود بالاستثمارات الأجنبية المباشرة ؟
وقبل الإجابة على هذا السؤال يجب معرفة خصائص هذه الاستثمارات الأجنبية فمنها ما هو خاص بتصدير رأس المال أو التكنولوجيا ومنها ما يسمى بالاستثمارات في المحفظة
(portofolio investment )، التي تقصد بها ملكية الأوراق المالية على اختلاف أنواعها سندات، أسهم، ضمانات القروض التي يحصل عليها المقرضون مقابل رأس المال المستثمر، ويمكن أن يقترن هذا النوع من الاستثمارات في بعض الأحيان بتنقل الخبرات والتكنولوجيا. أما الاستثمارات المباشرة فهي ذات طبيعة مختلفة من حيث المبدأ، فهي لا تعني مجرد تصدير رأس المال الخالص في صورته المالية فحسب وإنما تعني عادة صفقة متكاملة تتضمن تنظيم إنشاء المشروعات وتوريد التكنولوجيا، والخبرات التنظيمية والإدارية وتأهيل الإطارات والعمال كما يؤكد دانبنغ فإن الخاصية الفردية في حركة رأسمال الدولي الخاص تتركز في أنه غالبا ما يكون مالكا للخبرات والقدرات التي لا يمكن أن تجتاز الحدود المحلية بطريقة أخرى.(1)

أما الاقتصادي”كيندلبرغر” يقول بخصوص الاستثمار الأجنبي أنه عبارة ع/ انتقال رأس المال يرافقه أشراف مستمر من جانب المستثمر، ويثبت هذا قانونيا في بعض الأحيان وذلك تبعا للحصة التي يملكها المستثمر الأجنبي في أسهم الشركات أو الفروع الخارجية.
كما تتميز الاستثمارات المباشرة بخصائص أنها تضمن تبعية الفرع في مجال الأبحاث والتصاميم التي تتولاها الشركة. وخضوع عملية تنظيم الإنتاج والتوريد، والتسويق، والمبيعات إلى مصالح الشركة الأم.(2)

وتشير التحاليل الاقتصادية إلى وجود أنواع وأشكال كثيرة من الاستثمارات المباشرة غير أنه يمكن توحيدها في ثلاثة أنواع أساسية:
-النوع الأول:
يتميز هذا النمط من الاستثمارات بتبعية الاقتصاد الكاملة للشركة الأم وخضوعها لحاجاتها، نظرا لأن كافة القرارات تتخذ من قبل هذه الشركة وتتجلى في ملكية المستثمر الأجنبي لرأس مال الشركة في البلد المضيف.
-النوع الثاني:
هذا النوع من الاستثمارات المباشرة يتمثل في إقامة الطاقات الإنتاجية في بلد معين لإنتاج مواد مخصصة للبيع في سوق مغلقة في إطار البلد المضيف، وقد تعود للشركة عدة فروع في بلدان مختلفة في العالم و تتصف العلاقات المتبادلة بين الشركة الرأسمالية والفروع التابعة لها بغياب التجارة الدولية. كما أن قرارات المقر الرئيسي يتحدد أساسا على ضوء ظروف السوق في البلد الذي يقيم فيه الفرع.

-النوع الثالث:

يتجلى هذا النوع من الاستثمارات التي تخدم السوق العالمية من خلال توريد المنتجات التي تتجها الفروع. وتقام هذه الفروع في مختلف البلدان حسب مبدأ أدنى ما يمكن من التكاليف الإنتاجية وتتوحد الفروع ضمن مخطط هيكلي واحد يضم الشركة الأم.

يقول الاقتصادي ”دنبنغ” بأن الاستثمارات الأجنبية المباشرة تمثل توسعا إقليميا لفعاليات النشاط الخاص، وبعد الدراسات توصل إلى نتيجة مفادها أن القسم الأكبر من تنقلات رأس المال الخاص هو من نصيب الاستثمارات الخاصة للشركات متعددة الجنسيات التي تقوم في معظم الأحيان بالصفقات المألوفة في السوق المفتوحة وغير مرتبطة بتنقل قوة العمل. وتكمن السمة الخاصة بالاستثمارات المباشرة حسب ”دانبنغ” في أن الشركة المستثمرة ”تشتري السلطة” التي تضمن لها الإشراف على القرارات المتخذة في الفرع الخارجي، كما يرى أن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
– (1) DUNNING J.H. Studies in Internatial Investment. London 1970
-(2) Economie Internatzonaal p. LINDERT. KINELBERGER
Economica 1988.
الاستثمار الأجنبي المباشر يساعد على تطور الاقتصاد العالمي بقدر أكبر من الاستثمارات في المحفظة. كما يرى أن هذه الاستثمارات من رأس المال وتكنولوجيا عالمية وخبرات من أجل المنافسة.(3)

يتبنى ”كندلبرغر”نفس وجهة نظر ”دانبنغ” من حيث الأساس فإنه برى الجمع بين الاستثمارات المباشرة والأسواق مع مراعاة الوضع في الأسواق يقود إلى بلورة نظرة منسجمة لمجمل العمليات، فهكذا تكون النظرة الواضحة.

الاستثمارات المباشرة ترتبط بالأسواق فإذا توسعت لا بد أن تنمو الشركة، ويتناول ”كندلبرغر” الاستثمارات الخارجية المباشرة على ضوء الموضوعات التي تتضمنها نظرية تطور الشركات. وهو يقول في هذا الصدد أن إقتصادين عديدين يرون في الأرباح الغير المدفوعة رأسمال أرخص من رأس المال الذي يتم الحصول عليه من خلال القروض أو البيع أسهم جديدة.

يؤكد” كندلبرغر” خصوصا على أهمية الميزة” المنافسة الاحتكارية” التي يجب أن تتمتع بها الشركة، حنى تتحول إلى (ش.م.ج) وهو يشير في هذا الجانب أن الشركة المستثمرة بجب أن لا تكسب في الخارج أكثر مما تكسبه في الداخل، كما يزيد ”كندلبرغر” في تحليله بالقول أن الشركات المتعددة الجنسيات تتطور عندما تكون منافسة. وهو يرى أن (ش.م.ج) لا يمكن أن تشعر في ظل المنافسة الدولية بالولاء لأي بلد من البلدان. وتعمل الشركات متعددة الجنسيات على المساواة بين الربح على رأس المال المستثمر على النطاق العالمي آخذة بعين الاعتبار مخاطر الاستثمار ولهذا السبب يعتقد ”كندلبرغر” أن (ش.م.ج) مستعدة للمضاربة حتى ضد عمل البلد الذي يقع فيه مقرها الرئيسي.(4)

أما ”فرنون” فيربط بين الاستثمارات الخارجية المباشرة وما يدعى دورة المنتوج بما يمكن للاستثمارات الخارجية المباشرة أن تؤديه في الصناعات التحويلية، لتكون وسيلة تضمن وضعا متفوقا لهذه السلع الجديدة من أجل التجارة الدولية. وهو يرى في اتجاه تدفق الاستثمارات الخارجية المباشرة ناتجا لتطور الطلب على المنتجات التي تنتج على أساس التكنولوجيا الأكثر تقدما. ويضيف ”فرنون” ويقول أن الدافع المحرك للشركات هو ارتفاع معدل الربح سواء على رأس المال المصدر ( المستثمر في الخارج) أو على رأس المال المتبقي.(5)
ويمكن إيجاد تعريف أخر للاستثمارات الأجنبية المباشرة وهو أنه الطريقة العملية لتحقيق سياسة استراتيجية للشركات الكبرى المكرسة لضمان التكامل العمودي وتوسيع نطاق الاستغلال على مستوى الاقتصاد الرأسمالي العالمي بهدف رفع درجة الاحتكار حفاظا على معدل الربح وزيادة كميته.
ويمكن لنا إيجاد تعريف أخر والذي يقترحه بعض الاقتصاديين وخاصة المحاسبين المكلفين بإعداد ميزان المدفوعات وهو أن هذا الاستثمار المباشر كل تحرك للأموال إلى مؤسسة أجنبية وأنه كل امتلاك جديد لجزء أو حصة ملكية لمؤسسة أجنبية بشرط أن يكون المقيم داخل البلد له حصة أكبر لهذه المؤسسة (6) وما يجب الإشارة إليه أن الاستثمار الأجنبي المباشر

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــ
– (3) – DUNNING J.H. Studies in International Investment. London 1970

-(4) أ مبروتوي: الأطروحات الخاصة بتطور الشركات متعددة الجنسيات ص 99- 98
-(5)الرجع السابق ، ص 106 .
-(6) كنلدبلغرEconomie iinternational ، ص

يتضمن كل أنواع الاستثمارات سواء كانت امتلاك حصص جديدة هذا ما يسمى بالاستثمار المباشر أو مجرد تحرك رؤوس الأموال وهذا ما يسمى بالاستثمار غير المباشر، ويمكن التفريق بين الاستثمار المباشر و الغير مباشر في تباين أشغال وسياسات وخصائص كل منهما، ولهذا هناك تنوع في الشكل والاختيارات وتفضيلات كل من الدولة المضيفة.

تعريف المنظمات الدولية للاستثمار الأجنبي:

تتبنى منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية تعريفين للاستثمارات الأجنبية، أما التعريف الأول فانه تحرير حركات رؤوس الأول الدولية ويمكن لهذا التحرير أن يكون في مجال عمليات معينة. وهذا التعريف يعتبر أن الاستثمارات المباشرة أنها لكل الإستثمارت المخصصة من أجل إقامة روابط اقتصادية دائمة مع المؤسسة ما وخاصة الاستثمارات التي تعطي إمكانية تطبيق فعلي على تسيير المؤسسة بواسطة:
– أنشاء أو توسيع مؤسسة، قرع أو شركة تابعة.
– مساهمة في أنشاء مؤسسة أو مشروع جديد.

ونشير إلى أن هذا التعريف لا يتحدث إلا للاستثمار المحقق من قبل غير المقيمين. ويعطي هذا التعريف أيضا القروض المالية ذات المدى الطويل (أكثر من خمس سنوات) المقدمة من طرف الشركة الأم لإحدى فروعها في الخارج طبيعة الاستثمارات المباشرة…
أما التعريف الثاني تأخذ به منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ((OCDE من أجل أهداف إحصائية، لأن عملية قياس حركة الاستثمارات المباشرة لا يمكن أن يكون إلا انطلاقا من توحيد التعاريف المستعملة من طرف الدول الأصلية للاستثمار والدول المضيفة.

ولهذا فإن المنظمة قامت بغدة إجراءات للوصول إلى وضع تعريف واحد مرجعي للدول الأعضاء فيها. عند القيام بجمع المعلومات حول الاستثمارات المباشرة ويتخلل التعريف الثاني في أنه كل شخص طبيعي أو كل مؤسسة عمومية أو خاصة، كل مجموعة أشخاص طبيعيين مرتبطين مع بعضهم، أو كل مجموعة مؤسسات يملكون مؤسسة أو لا يملكون شخصية معنوية بعد مستثمرا أجنبيا مباشرا، إذ كان يملك مؤسسة استثمارية، بمعنى فرع أو شركة تابعة تقوم بعمليات استثمارية في بلد غير بلد إقامة المستثمر الأجنبي.

من جهة أخرى نجد أن صندوق النقد الدولي في أحد تقاريره يعطي هو أيضا تعريفا خاصا للاستثمار المباشر بأنه تلك الاستثمارات المخصصة لهدف اكتساب فائدة دائمة في مؤسسة تمارس نشاطها داخل تراب دولة أخرى غير دولة المستثمر ويكون هدف هذا الأخير هو امتلاك سلطة قرار فعلية في تسيير المؤسسة، فإن الوحدات المشاركة وغير المقيمة والتي نخصص استمارات فهي مسماة استثمارات مباشرة.

المبحث الثاني:

أنواع الاستثمارات الأجنبية:

يمكن التمييز بين نوعين من الاستثمارات الأجنبية وهي: الاستثمارات الأجنبية المباشرة، والاستثمارات الأجنبية الغير مباشرة ( المحفظة:Porte- feuille).
وتتصف سياسات وأشكال كل منها بالتعدد والتباين، فحسب النوع و الأهمية النسبية والخصائص تتباين إختيارات وتفصيلات كل من الدول المضيفة من ناحية، والشركات المتعددة الجنسيات من ناحية أخرى في رغبتها في تبني شكل أو أشكال هذا النوع من الإستثمارات ويرجع هذا الإختلاف إلى عدة عوامل:
*الإختلافات في خصائص الشركات المتعددة الجنسيات مثل : حجم الشركة أو مدى درجة أو دولية نشاطها وعدد الأسواق العالمية التي تخدمها أو الخدمات التي تقدمها ومجالات المشاط وأهداف الشركة .
* الاختلاف بين الدول المضيفة من حيث درجة التقدم الإجتماعي والأهداف التي تسعى لبلوغها من وراء إستثمار أجنبي.
* الخصائص الصناعية أو النشاط الذي تمارسه الشركات المتعددة الجنسيات ودرجة المنافسة في الأسواق المضيفة.
* عوامل ترتبط بالأرباح والتكاليف المتوقعة ومتطلبات الإستثمارات المالية، الفنية والأخطار التجارية و الغير التجارية.
إذن ماهو المقصود من الإستثمار الأجنبي المباشر والغير مباشر؟

1- الإستثمارات الأجنبية المباشرة:

هو الاستثمار الذي ينطوي على تملك المستثمر الأجنبي لجزء أو كل الاستثمارات في مشروع معين وذلك عن طريق المشاركة المتساوية، حيث تعتبر النسبة المئوية في المشاركة إذا زاد عنها يعتبر الاستثمار استثمارا أجنبيا هي بحسب منظمات صندوق النقد الدولي FMI والمنظمات المشتركة للتنمية الاقتصادية OCDE هي على التوالي تتراوح بين 25 % و50%.
و تعتبر الإستثمارات الأجنبية المباشرة عبارة عن إنتقال رأس المال يوافقه إشراف مستمر من قبل المستثمر طبقا للحصة التي يملكها في أسهم الشركة أو الفرع الخارجي ويرى Bernard Hurgenier أن الإستثمارات الأجنبية المباشرة هي تلك الإستثمارات المنجزة من طرف مؤسسة مقيمة أو غير مقيمة تحت رقابة أجنبية من خلال:
• إنشاء مؤسسة أو توسيع حركة تابعة لها (1).
المساهمة في مؤسسة جديدة أو قائمة والتي يكون من بين أهدافها إقامة روابط اقتصادية مستمرة مع المؤسسة ويكون لها تأثير حقيقي على تسيير المؤسسة وهناك نوعان للاستثمارات الأجنبية المباشرة:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Bernard Hugenier. Investissement direct P 13 (1)

1-1 الاستثمار المشترك

والمشاركة هذه لا تقتصر على المشاركة في رأس المال بل تمتد أيضا الى الخبرة والإدارة وبراعة الإختراع والعلاقات التجارية، ويكون أحد الأطراف فيها شركة دولية تمارس حقا كافيا في إدارة المشروع أو العملية الإنتاجية بدون السيطرة الكاملة عليه.

1-2 الاستثمارات المملوكة بالكامل للمستثمر الأجنبي:

هذا النوع هو أكثر أنواع الاستثمار تفصيلا لدى الشركات المتعددة الجنسيات ويتمثل في قيام هذه الشركات بإنشاء فروع للتسويق والإنتاج أو أي نوع م، أنواع النشاط الإنتاجي أو الخدماتي بالدولة المضيفة.

2- الاستثمار الأجنبي غير المباشر:

هو الاستثمار الذي يعرف على أنه استثمار المحفظة أي الاستثمار في الأوراق المالية عن طريق شراء السندات الخاصة لأسهم الحصص أو سندات الدين أو سندات الدولة من الأسواق المالية.
أي هو تملك الأفراد والهيئات والشركات على بعض الأوراق دون ممارسة أي نوع من الرقابة أو المشاركة في تنظيم وإدارة المشروع الإستثماري ويعتبرالإستثمار الأجنبي غير المباشر إستثمارا قصير الأجل مقارنة بالإستثمار المباشر(1).
ونلخص أهم أنواع الإستثمارات في الشكل التالي:
الشكل (1-1) 2
الأشكال المختلفة للاستثمارات الأجنبية الغير مباشرة:

التصدير والبيع
والتسويق(من خلال)

اتفاقيات عقود عقود الامتياز تراخيص الوكلاء الموزعين المعارض
مشروعات الإدارة الإنتاج الدولي استخدام أو عقود الدولية
أو عمليات وعقود التصنيع من الباطن العلامة اتفاقيات
تسليم المفتاح التجارية أو الوكالة
الخبرات
التسويقية
والإدارية

‘(1) عبد السلام أبو قحف: نظريات التدويل وجدوى الاستثمارات الأجنبية ص22
2 – د. عبد السلم أبو قحف: السياسات والأشكال المختلفة للاستثمارات الأجنبية ص 38.
دوافع وأهداف و محفزات الاستثمارات الأجنبي:

1) – دافع الاستثمار في دولة أجنبية:

كما هو الحال في التوازنات الاستثمارية علي المسوي المحلى فإن قرارات الاستثمار في دولة أجنبية تحددها دوافع تخفيض المخاطر وزيادة العائد.

1-1- تخفيض المخاطر:

يمكن للمؤسسة أو الشركة تخفيض المخاطرة التي تتعرض لها عندما يكون معامل الارتباط بين عوائد الاستثمار ضعيفا وعلى عكس الإستثمارات المحلية التي يمكن أن يكون معمل الارتباط بين عوائدها قويا نتيجة لمواجهتها نفس الظروف ذات الطبيعة العامة فإن معامل الارتباط لعوائد الاستثمارات المحلية وعوائد الاستثمارات في دولة أجنبية يتوقع أن يكن أقل قوة أي من غير المتوقع مثلا أن تكون الدورات الاقتصادية لدولتين متماثلة أو أن تسير معدلات التضخم علي نفس الوتيرة ومن منظور أخر لا يجب أن يكون معامل الارتباط بين اقتصاد الدولتين قويا ، هذا ما يجعل الدولي أثاره المحمودة علي حجم المخاطر حينئذ يمكن للمستثمر أن يجني ثمار التنويع الدولي للأنشطة التي تقوم بها المنشآت أو الشركات التي تستثمر فيها أمواله، حيت أن أمثلاك شركة للاستثمار في دولة أجنبية من شأنه أن يحقق كامل أسهم هذه الشركة مزايا لا يمكن له أن يحققها لنفسه وهذا هو الواقع حيث توجد بالفعل قيود علي حركة رأس المال بين الدول.

1-2 زيادة العائد:
كذلك يكون الدافع للاستثمار الدولي وتحقيق عائدا كبيرا دون أن يصاحب ذلك زيادة في المخاطر التي تتعرض لها الشركة الأم. فالمنافسة في السوق المحلي قد تكون في مكان يصعب فيه على الشركة تحقيق عائد مميز على استثماراتها المحلية وهنا تأني ميزة التنويع الدولي للنشاط. فالعائد المميز قد يأتي نتيجة للتخلص من التكاليف المصاحبة للتصدير، كما فد يأتي من تحقيق و تطورات بعض تكاليف الإنتاج مثل تكلفة العمالة و تكلفة المواد الخام. وقد بكون من الملائم أن نشير في هذا الصدد إلى أنه إذا كان تحويل العائد المتولد مسموح به فسوف يكون للاستثمار غي دولة أجنبية جاذبية. أما لو كان التحويل غير مسموح به بما يعني ضرورة إعادة استثمار العائد في الدول الأجنبية فقد تفتقد تلك الجاذبية.

2-أهداف الإستثمار الأجنبي:

إن الأهداف التي تسعى الدولة المضيفة إلى بلوغها من وراء الاستثمار الأجنبي هي كالتالـــــــــي:
– تدفق رؤوس الأموال الأجنبية.
– الإستغلال والإستفادة من الموارد المالية والبشرية المحلية والمتوفرة لهذه الدول.
– المساهمة في خلق علاقات إقتصادية بين قطاعات الإنتاج والخدمات داخل الدولة المعنية مما يساعد في تحقيق التكامل الإقتصادي بها.
– خلق أسواق جديدة للتصدير وبالتالي خلق وتنمية علاقات إقتصادية بدول أخرى أجنبية.
– نقل التقنيات التكنولوجية في مجالات الإنتاج والتسويق وممارسة الأنشطة والوضائف الإدارية الأخرى.
– تنمية وتطوير المناطق الفقيرة والتي نعاني من الكساد الإقتصادي وإن الإستثمار الأجنبي يساعد كلا الإدارتين على تحقيق أهدافها وهو ما يقدم على الأقل من حيث المبدأ الفرص لكل شريك لللإستفادة من الميزات النسبية للطرف الأخر. فالشركاء المحليون تكون لديهم المعرفة بالسوق المحلي واللوائح والروتين الحكومي وفهم أسواق العمل المحلية وربما بعض الإمكانيات الصناعية الموجودة بالفعل، ويستطيع الشركاء الأجانب أن يقدموا تكنولوجيات الصناعة والإنتاج المتقدم والخبرة الإدارية وأن يتيحوا فرص الدخل إلى أسواق التصدير.

3- حوافز الإستثمار الأجنبي:

إن القيام بإستثمارات أجنبية ليس عملية عفوية أو إرتجالية وإنما تخضع إلى مجموعة م، المحددات أو العوامل التي تؤثر في مسارها وهناك عدة عناصر أساسية تتجسد في سياسة إقتصادية واضحة وإجراءات تطبقها في سبيل لتنظيمها لعلاقات بين الدولة والمستثمر الأجنبي.

• المحددات الأساسية:
ونتكون مـن:

3-1 العنصر الاقتصادي:

وهو يتكون كذلك من مجموعة من المحددان الاقتصادية الأساسية مثل حجم السوق المحلي والنمو الاقتصادي بالإضافة إلى السياسات الاقتصادية ( السياسة الجبائية- الميزانية النقدية- السياسة التجارية والصناعية).

3-1-1 حجم السوق المحلي:
يؤثر حجم السوق المحلي على مردودية الاستثمار ويعتمد على المساحة وعدد السكان والقدرة الشرائية لدى المستهلكين، فالدول ذات الدخل الفردي المرتفع تكون أكثر قابلية لاستقبال الاستثمارات الأجنبية حتى الدول الصغيرة المجاورة للأموال الكبرى والتي تحتل مواقع إستراتيجية يمكن أن تكون محل اهتمام الشركات الأجنبية.

3-2-1 النمو الاقتصادي:
إن الدول التي تمتاز بنمو اقتصادي وتستقطب الشركات الأجنبية ولهذا يجب على الدول المضيفة أن تستقطب الاستثمارات الأجنبية بإفرازها قدر كبير من التقدم لمواكبة العصر وكذلك بنمو اقتصادي مرتفع وأرصدة ميزانية مستقرة ومعدلات فائدة حقيقية موارين مدفوعات ملائمة للسوق.

3-1-3 الخوصصة:
خلال السنوات الأخيرة نلاحظ الدور المتزايد للقطاع الخاص والأهمية التي نولتها السياسات الاقتصادية لهذا القطاع إعطائه فعالية للأداء الاقتصادي من خلال تفضيل ميكانيزمات السوق ولهذا انطلقت بعض الدول في خوصصة مؤسستها العمومية لجعلها أكثر اندماجا في السوق الدولي وتحديات العولمة.

3-1-4 تثمين الموارد البشرية:
إن وجود يد عاملة مؤهلة وسياسة موجهة في استغلال رأس المال، الإنسان له دور هام في قرار الشركة من خلال نظام تربوي وتكويني عالي. فالموارد البشرية هي القاعدة الأساسية لاستيعاب وتطوير جميع الابتكارات التكنولوجية وزيادة المزيد من الاستثمارات الأجنبية.

3-1-5 العمل على تشجيع رؤوس الأموال المهاجرة:
أي يصعب الاحتفاظ بها محليا لذلك فإن رؤوس الأموال التي هربت خلال سنوات السبع الأخيرة تقدر ب 3،72 مليار دولار وهذا مما يؤدي إلى التخلي عن مشاريع الاستثمار المبرمجة ويؤدي إلى التفاقم ولهذا نعرف ظاهرة هروب الأموال المحلية تفقد الدولة مصداقيتها لدى المستثمرين الأجانب فإجراءات تفضيل النمو المدعم استقرار في اقتصاد كلي يمكن أن يساهم في خلق الثقة وجدب المستثمرين الأجانب.

3-1-6 السياسات الاقتصادية:
تعدد السياسات الاقتصادية يؤثر على استثمار الشركات الأجنبية كالمتعلقة بالأجور والأسعار ومعدل الصرف والفائدة ومعدل الضريبة، فالدول التي تحصلت على نتائج اقتصادية إيجابية وأرصدة ميزانية مستقرة ومعدلات تضخم ضعيفة. هذا ما يجعلها من بين أكثر الدول المستقطبة لرؤوس الأموال الأجنبية وكذلك تطبيق سياسات أكثر اتفاقا لتشجيع الصادرات وتطوير ميزان المدفوعات له أثر كبير لجلب الاستثمار.

3-2 العنصر القانوني
لا بد من تشريعات وقوانين تنظم العلاقات بين أطراف البنية الإقتصادية وهي ”العامل ساحب العمل، الحكومة ” إضافة الى قوانين تشجيع الإستثمارات المناسبة وتصمن حقوق المستثمر والدولة بما يعود من قائدة على الطرفين ولهذا عملت الكثير من الدول على تغيير كبير في تشريعات الإستثمار لعديد من المجالات وتهدف إلى:
– إلغاء كل العراقيل والحواجز التي كانت تمنع دخول المستثمرين الى هذه الدول في بعض النشاطات الإقتصادية مثل الخدمات المالية والبنكية، النقل، الإعلام.
– تبسيط إجراءات الإستثمار وتوفير الحماية له.
– إلغاء قيود الأرباح وتحويلها.
– معالجة الإستثمارات الأجنبية نفس معالجة الإستثمارات الوطنية والتمتع بنفس الحقوق والإمتيازات.
– حماية حقوق الملكية أي ضمن التعويض العادل وفي الحالات التي لا يوجد فيها ضمانات رسمية للإستثمارات، فاتفاقيات الثنائية والإنضمام إلى مؤسسات متعددة الأطراف المؤسسات الجهوية لحماية الإستثمار مثل الوكالة الدولية لضمان الإستثمار والوكالة العربية لضمان الإستثمار.
– تحويل الأرباح وتوزيع رؤوس الأموال من خلال وضع إجراءات تسمح للمستثمرين بالتحويل الكلي للأرباح والعوائد لكن الوضع يختلف على حسب كل دولة من حيث السياسة الجبائية كوسيلة لتحفيز الإستثمار عن طريق الإعفاءات الجبائية وتطبيق رسوم معينة على الإستثمارات الأجنبية.

– تسوية الخلافات واللجوء إلى الوساطة التحكيم في حالة عدم اتفاق الأطراف على حل النزاع يمكن اللجوء إلى المركز الدولي لتسوية الخلافات المتعلقة بالاستثمارات CRIDI التابع للبنك العالمي.

3-3 العنصر السياسي:
إن وجود ايطار من السياسات الملائمة ضروري لتوفير مناخ مناسب للإستثمار ، هذا الإيطار يتميز بالإستقرار السياسي إذ من الجائز تبدل الدولة مجهودات كبيرة لتشجيع الإصتثمارات الخاصة ولكن تذهب أدراج إذا سادت روح التشائم في أوساط المنظمين؟
ووجود نزاعات سياسية فقد تؤدي إلى نقص ثقة المستثمرين الأجانب.

المبحث الرابع

مخاطر الاستثمار الأجنبي

1- مخاطر الأستثمارات في الدولة الأجنبية

1-1 المخاطر السياسية
يعرف بريلي مايوز BREALY et MAYERS المخاطر السياسية التي يتعرض لها المستثمرين الأجانب في نقض الحكومة لوعودها لسبب أو لأخر وذلك بتنفيذ لقرار الاستثمار تتراوح المخاطر السياسية من مجرد مخاطر محدودة التأثير إلى مخاطر استيلاء الحكومة الأجنبية كلية على عمليات الشركة ونظرا للنتائج الخطيرة المترتبة على ذلك فيجب على الشركات المتعددة الجنسيات تخفيض المخاطر إلى حدها الأدنى.
كيـــــــــف ذلــــــــك؟
من الأسباب المتبعة هي ربط العمليات الفرع الأجنبي بالشركات الأم كأن تعمد عمليات الفرع الأجنبي كلبا الخبرة النفسية والفنية والتكنولوجية التي تزود بها الشركة الأم وأن تكون منتجات الفرع ممثلة في مادة وسيطة تستخدم في عمليات الشركة الأم مثل هذه الترتيبات من شأنها أن تضعف من سعي الحكومة الأجنبية للاستيلاء على الشركة وهناك أسلوب أخر تستعمله الشركةFORD الأمريكية للسيارات وذلك بأنها تعتمد بصنعها في دولة ما جزء معين من أجزاء السيارة وتعتمد بصنع جزء أخر في دولة أحرى لتجعل من شأنها الشركة غير ذات قيمة وهو ما يعني تخفيض التبعية السياسية. كذلك يجب على الحكومة أن تتخذ من الترتيبات ما يضمن عدم نقص الحكومة الأجنبية لالتزاماتها كأن تقوم شركة أمريكية بالبحث عن البترول في الصحراء الجزائرية وبنص العقد بأن تتولى الحكومة الجزائرية توفير البنية الأساسية في المقابل حصولها على 25٪ من الأرباح المتولدة لمدة 20 سنة ذلك بحصولها على قرض من البنوك العالمية ذات السمعة لتمويل العمليات.
وهناك قيود أخرى أو نوع من المخاطر السياسية تتمثل في وضع قيود على تحويل الأرباح المتولدة إلى الشركة الأم في الشكل توزيعات وذلك بتقديم قروض إلى الفرع الأجنبي. بدلا من تدعيم رأس المال والحصول على العائد في شكل فوائد:
1-2 مخاطر سعر الصرف:
يتعرض المستثمرون الأجانب إلى نوع من المخاطر تسمى بمخاطر سعر الصرف أو التبادل الناجمة عن التقلب في أسعار الصرف يجعل العائد الشهري الذي يحققه المستثمر الذي يملك رصيد من عملية معينة يكتب بالشكل التالي:
س – س* س
م= = – 1
س* س*

م = معدل العائد الشهري.
س= سعر صرف عملة في بداية الشهر
س* = سعر الصرف في نهاية الشهـــر

2- أثار الاستثمارات الأجنبية على اقتصاديات الدول المضيفة

إن مناطق إدماج رؤوس الأموال الأجنبية تؤثر في الاقتصاديات المحلية وسنحاول الإشارة إلى الآثار الواقعة على التبعية التكنولوجية، ميزان المدفوعات، العمالة، والدخل:

2-1 أثار التبعية التكنولوجية:

تتمثل التبعية التكنولوجية في بلد ما في أن يكون هذا البلد غير قادر خلال مدة طويلة على استعمال أو صيانة أو ابتكار منتجات جديدة أو ما يتصل بها من طرق تنظيمية. ويرجع حالة التبعية هذه إلى انعدام أو نقص الموظفين الأكفاء اللازمين لأعمال الإنتاج في المصانع ولقد أدت عملية نراكم رأس المال إلى توسيع وتنويع نماذج الاستثمارات مما أدى إلى ازدياد التبعية التكنولوجية.
2-2 الأثر على ميزان المدفوعات:

كانت لسياسة التكنولوجية ودور المؤسسات الأجنبية فيها أثر كبير على هيكل التجارة الخارجية حسب السلع و البلدان وعلى إتجاه التبادل التجاري.
ويمكن ملاحظة شيء من عدم المرونة في نمط الواردات ويرجع ذلك الى نسب المشتريات المواد الأولية لهيكل الإنتاج الذي تم بناءه.
وإذا ما حللنا أثر الأسعار على ميزان المدفوعات التجاري تبرز حقيقة مهمة وهي أن الروابط التي تربط البلد المضيف مع البلدان المتقدمة تعرض عليها إقناع امتدادها من منطقة ذات نضخم عال متزايد.
2-3 الأثر على العمالة الدخل:

إن السياسة التي تختارها الدولة مهما كانت طبيعتها تثير مشاكل الحد من البطالة على المدى القصير، هذه المشاكل التي تزداد تفاقما نتيجة لدول المؤسسات الأجنبية.
إن جود مؤسسات أجنبية لتنفيذ مشاريع الإستثمار سواء مباشرة أو عن طريق الشركات المتعددة الجنسيات ه الذي بالتأكيد على جعل هذه الظاهرة أكثر انتشارا وهي الظاهرة التي توجد ضمنيا في الإستراتيجية التي تم اختيارها. ولقد أجبرت الأساليب المستعملة البحث عن توظيف عمال من ذوي المهارات المباشرة وإنشاء برامج تدريسية لتكوين عمال آخرين جدد.

ما المقصود بالتنمية الاقتصادية:

تبدأ غالبية مؤلفات التنمية الاقتصادية، بالتفرقة بين التنمية والنمو ويجتهد كل اقتصادي في إضافة المزبد من الفروق بين المفهومين، إلا أنهم متفقون على أن مفهوم النمو الاقتصادي يعني النمو الكلي لكل من الدخل القومي والناتج القومي كما يستخدم المفهوم عند الإشارة للبلدان المتقدمة.أما مفهوم التنمية الاقتصادية فهو يتضمن الإضافة إلى النمو الكمي إجراء مجموعة من التغيرات الهيكلية في بنيان المجتمعات كما يستخدم للإشارة للبلدان المختلفة.
في حين أن التنمية الاقتصادية تفترض تطويرا فعالا وواعيا أي إجراء تغيرات في التنضيمات التابعة للدولة.
أضف إلى ذلك فإن مفهوم التنمية ينطبق على البلدان المتخلفة والتي تمتلك إمكانيات التقدم ولكنها لم تقم بعد باستغلال مواردها.

ويتضح ما سبق فإن المفهوم السائد للنمو هو التوسع الاقتصادي التلقائي غير المعتمد والذي لا يستدعي تغير في الهيكل الاقتصادي للمجتمع، ويقاس بحجم التغير الكمي في المؤشرات الاقتصادية( الإنتاج، القرض، الدخل الوطني) وينطبق ذلك المفهوم على البلدان المتقدمة.
أما المفهوم السائد للتنمية فهو التوسع الاقتصادي المقصود والذي لا يمكن أن يحدث بدون تدخل الحكومة وبمقتضى بالضرورة تغير الهيكل الاقتصادي للمجتمع وعلى ذلك تصبح المقاييس الكمية غير كافية لقياس درجة التنمية وينطبق المفهوم على البلدان المختلفة.

بعدما تعرفنا على آراء العلماء بين التفرقة بين مفهومين النمو والتنمية
أما تعريف التنمية الاقتصادية فإنه ذلك التعريف الذي يقتضي إضافة أبعاد جديدة وذلك على النحو التالي:
• أن يكون التغيير في حجم النشاط الاقتصادي بالزيادة.
• أن تستند عملية التنمية بالدرجة الأولى غلى القوى الدائمة للمجتمع.
• أن تضمن عملية التنمية تحقيق نموا متواصلا ومستمرا من خلال تجدد موارد المجتمع بدلا من استنزافها .
• أن تحقق توازنا بين قطاعات المجتمع الاقتصادية.
• أن تلبي حاجات الغالبية العظمى لأفراد المجتمع.
• أن تحقق قدرا كبيرا من العدالة بين الأفراد والمجتمع.

ويمكن اعتبار هذه الأبعاد الستة هي الأبعاد الأساسية التي تحدد شكل واتجاه سياسة التنمية الاقتصادية التي تتبعها كافة بلدان العالم، وعلى ذلك يمكن تعريف التنمية الاقتصادية بأنها مجموعة السياسات التي يتخذها مجتمع معين تؤدي إلى زيادة معدلات النمو الاقتصادي استنادا إلى قوة ذاتية مع ضمان تواصل هذا النمو وتوازنه لتلبية حاجات أفراد المجتمع وتحقيق أكبر قدر ممكن من العدالة الاجتماعية.

الإطار القانوني لللإستثمارات في الجزائر

ككل الدول الحديثة الإستغلال تبنت الجزائر مباشرة بعد استرجاع سيادتها الوطنية قانون يتعلق بالاستثمار(1) وتتم عملية الإستثمار بين الدول المتقدمة فيما بينها وبين الدول المتخلفة ومن دول العالم الثالث تكن العملية تكاملية عندما تتم بين الدول المتقدمة وتهدف إلى تنمية دول العالم الثالث في الحالة الثانية وقد تلجأ هذه الأخيرة إلى تأميم الإستثمارات عندما يتبين أنها لا تؤدي إلى تنميتها، فالإشكال بطرح إذن بين الدول المتقدمة المصنعة والدول المتخلفة على هذا الأساس يبقى التساؤل القائم هل فعلا الإستثمار يؤدي إلى التنمية؟
رغم أن كل الدول الحديثة الاستغلال لجأت إلى الإستثمارات الأجنبية، لكن هناك من لجأ الى نمط تنموي مرتكز على القدرات الداخلية وهي الدول المتعلقة على الإستثمارات الأجنبية. على هذا الأساس سنتناول من خلال هذا الفصل تطور قانون الإستثمارات في الجزائر.

1) فترة الستينات
قانون الإستثمارات الصادر في سنة 1963
كان هذا القانون مجها إلى رؤوس الأموال الإنتاجية الأجنبية أساسا وقد خولهم ضمانات ما هو عام خاص بجميع المستثمرين ومنها منهم خاص بالمؤسسات المنشأة عن طريق اتفاقية.
الضمانات العامة
• حرية استثمار للأشخاص المعنويين والطبيعيين الأجانب ( المادة 3 )
• حرية التنقل والإقامة بالنسبة لمستخدمي ومسيري هذه المؤسسات ( المادة 4)
• المساواة أمام القانون ولا سيما المساواة الجبائية ( المادة5)
وأخيرا هناك ضمان ضد نزع الملكية .لا يكون هذا الأخير ممكنا إلى بعد أن تصبح الأرباح المتراكم في المستوى رؤوس الأموال المستوردة والمستثمر، و يؤدي نوع الملكية إلى تعويض عادل. كما أن هذا القانون منح إمتيازات خاصة بالمؤسسات المعتمدة المواد (08 /14 /31).
المؤسسات المنشأة عن طريق الإتفاقيات
يخص هذا النظام المؤسسات الجديدة أو توسيع المؤسسات القديمة التي يشمل برنامج استثمارها على قيمة 5 ملايين دينار في مدة 3 سنوات على أن يتجر هذا الإستثمار من قطاع ذات أولوية أو ينشأ هذا الأخير أكثر من منصب عمل .
يمكن للاتفاقية أن تنص على الإمتيازات الواردة في الاعتماد، زيادة على هذا يمكن أن يجمد النظام الجبائي لمدة 15 سنة.
لكت هذا القانون لم يطبق ميدانيا وخاصة أن المستثمرين شكلوا في مصداقيته ولم يتبع بنصوص تطبيقية خاصة أن الجزائر بدأت في التأمينات (63- 64) وبعد سقوط النظام سنة 1965 ظهر قانون أخر في 1966. (2)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ
1) قانون رقم 63 .277 الصادر في 26/07/1963 يتضمن قانون الإستثمار ج ر رقم 53 ب02/08/1963
2) قانون الإستثمارات في الجزائر عليوش قريرع كمال OPU 1999.

قانون الاستثمارات الصادر في سنة 1966 (3)

يعد فشل قانون 1963 تبنت الجزائر قانونا جديدا لتجديد دور رؤوس الأموال في إطار التنمية الاقتصادية مكانة وأشكال والضمانات الخاصة به يختلف النص الثاني جذريا عن النص الأول، يبدو ذلك من خلال المبادئ التي وضعها قانون 1966 والمرتكز على مبدأين أساسين.

*المبدأ الأول:
إن الاستثمارات الخاصة لا تتجزأ بحرية في الجزائر ذلك بالتمييز بين القطاعات الحيوية الاقتصادية المقررة من طرف الدولة والقطاعات الأخرى، وتكون للدول الأولوية في الاستثمارات في القطاعات الحيوية( المادة2). وبهذا أصبحت الدولة وهيئاتها تحتكر الاستثمار في هذه القطاعات، أما لرأس المال الوطني الأجنبي يمكن له أن يستثمر في قطاعات أخري وهذا بعد حصوله على اعتماد مسبق من قيل السلطات الإدارية. ويمكن للدولة أن تكون لها مبادرة الاستثمار إما عن طريق الشركات المختلطة وإما عن طريق إجراء مناقصات لإحداث مؤسسات معينة (المادة5).
*المبدأ الثاني:
يتعلق بمنح الضمانات والإمتيازات.
تخص إمتيازات الإستثمار الأجنبي ويكون النظام الجاري للإمتيازات والضمانات نتيجة الاعتماد أو الترخيص. وفيما يخص إجراءات الإعتمادات هناك في حالات
– الإعتمادات الممنوحة من طرف الوالي(500.000 دج) تكون خاصة بالمؤسسات الصغيرة.
– الإعتمادات الممنوحة من قبل أمانة اللجنة الوطنية للإستثمار والخاصة بالمؤسسات المتوسطة.
– الإعتمادات الممنوحة من طرف وزير المالية تبعا لرأي اللجنة الوطنية للإمتيازات، أما في ما يخص الضمانات فتكون كذلك على أساس الإعتمادات وتكون كما يلي:
• المساواة أمام القانون ولا سيما المساواة الجبائية.
• تحويل الأموال والأرباح الصافية.
• الضمان ضد التأميم. وفي حالة قرار التأميم يؤدي هذا إلى تعويض بتم خلال 9 أشهر يساوي تعويض القيمة الصافية للأموال المحولة إلى الدولة. كما يمكن أن تمنح إمنيازات خاصة وهي في الحقيقة إمتيازات مالية(المادة 16) ويتمثل هذا في ضمانات القروض المتوسطة والطويلة المدى والتخفيضات لم يطبق هذا القانون على الإستثمارات الأجنبية بل طبق على الإستثمارات الخاصة الجزائرية.(4)
أما في الميدان فقد تم تطبيقه على الإستثمارات الأجنبية والمتعلقة خاصة بالشركات المختلطة وذلك من سنة 1966 إلى 1982 حين قنن المشرع الجزائري الذي سارت عليه الشركات الجزائرية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(3) أمر رقم 66/284 المؤرخ 15/06/1966 يتضمن قانون الإستثمار ج ر رقم 120
(4) code de Ivestisset en A0lgérie- 1972
ابتدأ من سنة 1982 ثم تقنين الشركات المختلطة (5).
ثم يجلب القانونان المستثمرين الأجانب لأنهما كان ينصان على إتفاقية التأميم ولأن الفصل في النزاعات كان يخضع للمحاكم والقانون الجزائري.

2)- فترة الثمانينات:

في سنة 1982 تبنت الجزائر قانونا يتعلق بتأسيس الشركات مختلطة الاقتصاد وكيفية تسييرها بذلك تكون قد أكدت نيتها في رفض الاستثمار المباشر لتدخل الرأس المال الأجنبي، وفضلت الاستثمار عن طريق الشركات المختلطة. تأكد هذا الاتجاه سنة 1986 (6). رغم أن الحكومة أرادت أن ترفع في نسبة الرأسمال الأجنبي إلا أن النواب رفضوه و أكدوا رفضهم سنة 1989. و في سنة 1988 تبنت الجزائر الإصلاحات الاقتصادية التي أدت إلى ظهور المؤسسات العمومية الاقتصادية بدلا من المؤسسات أو الشركات الاشتراكية ذات الطابع الاقتصادي (7) وهذا القانون أدى بالشركات لكي تصبح
– غير خاضعة لوصاية الوزارية.
– غير خاضعة للرقابة الممارسة على المؤسسات الاشتراكية ذات الطابع الاقتصادي و أصبحت هذه الرقابة رقابة اقتصادية.
– غير خاضعة للقانون العام إلا ما نص عليه القانون صراحة
– خاضعة للقانون التجاري يكون تأسيسها في شكل شركة أسهم أو شركة ذات المسؤولية المحدودة.
صناديق المساهمة هي التي تتولى تسيير الأسهم و الحصص التي تقدمها المؤسسات العمومية الإقتصادية للدولة مقابل الرأس المال المدفوع (8) بهذا يكون تأسيس الشركات المختلطة الإقتصاد.
بدخول سنة 1988 أصبح تأسيس الشركات يخضع إلى بروتوكول اتفاق بين صناديق المساهمة و الشركة الأجنبية أما العقد فيبرم بين المؤسسة العمومية الإقتصادية و الشركة الأجنبية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(5) قانون رقم 82/13
(6) قانون رقم 86/13
(7) قانون رقم 99/01 مؤرخ 12/01/88 يتضمن القانون التوجيهي للمؤسسات العمومية الإقنصادية ج ر رقم 13/1988.
(8) القانون 03/88 المادة 04
مناخ الاستثمار في الجزائر

تقرير مناخ الإستثمار في الدول العربية لعام 1998 الذي أصدرته المؤسسة العربية لضمان الاستثمار. تحدث عن التطور الايجابي للأوضاع في الجزائر خلال هذا العام . فان التطورات الاقتصادية كانت مهمة و أبرزها انطلاق بورصة الجزائر للقيم المنقولة, و انشاء سوق لقيم الخزينة العامة و مواصلة الاصلاحات الهيكلية حسب البرنامج المتفق عليه مع صندق النقد الدولي.و سجل الناتج المحلي الإجمالي نموا حقيقيا موجبا, كما تمكنت السلطات النقدية من خفض نسبة التضخم و استقرار الصرف. و أضاف التقرير انه خلال سنة 1998 بلغ حجم الاستثمارات الأجنبية نحو 1.43 مليار دولار منها 1.18 مليار في قطاع المحروقات و 243.9 مليون دولار في القطاعات الأخرى و يمكن تقسيمها كما يلي:
– الصناعات الكيميائية 160.6 مليون دولار.
– الصناعات الغذائية و الفلاحة 43 مليون دولار.
– الأشغال الكبرى 23 مليون دولار.
أما مصادر هذه الاستثمارات الأجنبية فنقسمها على النحو التالي:
– الاتحاد الأوروبي 42 % أي حوالي 600 مليون دولار .
– الدول العربية 25.6 % أي حوالي 366 مليون دولار .
– باقي الدول 32.4 % أي حوالي 77 مليون دولار.
إلى جانب هذا فان الجزائر مازالت تواصل جهودها من جلب الاستثمارات الأجنبية
و ذلك بتكثيف الندوات و الزيارات إلى البلدان العربية و الاجنبية و التوقيع على مجموعة من الاتفاقيات للتعاون الاقتصادي. زيادة على هذا كله فان هناك تطورات سريعة ايجابية خلال هذه السنة مما اكتسبت مناخ الاستقرار و السلم الأهلي و القضاء على الاضطرابات التي عرفتها في السابق .
كما تملك الجزائر المؤهلات و عناصر تنفسية لجذب الاستثمارات و هذا ما يتفق عليه جميع الاقتصاديين المحللين . و خاصة أن مناخ الاستثمار الحالي يساعد على ذلك و أهم العناصر التي تساعد ذلك واقع الاقتصاد الجزائري , الإطار التشريعي، والتنظيمي والإداري خاصة قانون الاستثمار , زيادة على القدرات الذاتية للبلاد .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
– تقرير مناخ الاستثمار في الدول العربية 98

I – واقع الإقتصاد الجزائري

يمكن التلخيص النتائج الإيجابية للاقتصاد الجزائري في الجدول الأتي:

مؤشرات أداء الإقتصاد الجزائري

السنة
1993 1994 1995 1996 1997 1998
خدمة المديونية من الناتج المحلي الخام 88،93 48.7 43.78 29.16 32.4 44.2
نسبة التضخم في %
16.3 39 21.8 15 5.73 4.95
سعر الصرف دينار/دولار
24.1 42.9 52.2 56.2 58.4 59.5
احتياط العملات
مليار دولار(شهرإستيراد) 1.51
1.81 2.64
2.85 2.11
2.08 4.23
4.51 8.47
9.33 6.84
7.5
نسبة التسويق %
– 2.2 0.9 3.8 3.8 1.1 5.1

من خلال هذا الجدول يتبين لنا أن الجزائر قطعت شوطا كبيرا في إصلاحاتها الإقتصادية التي بدأتها وأصبح الأداء الاقتصادي مشجع لجلب الإستثمارات وخاصة بعد الوصول إلى النتائج المرغوب فيها مثل استعادة قوة ميزان المدفوعات، استقرار سعر الصرف، التحكم في التوسيع النقدي ، والتحكم في المديونية والحد من تزايدها وتخفيض كلفة خدمتها ، تحرير التجارة الخارجية، تحرير الأسعار واعتماد فتصاد السوق.

II – التطورات التشريعية الإدارية

لقد أدخلت الجزائر إصلاحات وتعديلات مختلفة على تشريعاتها إنظمتها الإدارة المتعلقة بالإستثمار، فصدرت قانونا خاصا يتضمن الكثير من الحوافز والضمانات كما أعادت النظر غي أنظمتها الجبائية والجمركية وفي تشريعاتها الاجتماعية المتعلقة باليد العاملة، وإنجاز كشروع المناطق الحرة.
وأهم ما جاء في هذا القانون حرية الإستثمار، حرية وضمان الإستثمار بدون الأخذ بعين الاعتبار هل المستثمر أجنبي أم جزائري وأعفت حرية تحويل الأرباح ورؤوس الأموال ومن أجل كل هذا أبرمت الجزائر اتفاقيات منها:
– الاتفاقية المتعلقة بالاعتراف وتنفيذ قرارات التحكيم الدولي .
– اتفاقية المركز الدولي لتسوية النزاعات بين المستثمرين والدول المضيفة.
– اتفاقية الوكالة المتعددة الأطراف لضمان الاستثمارات.
– الاتفاقية العربية المغربية لضمان الاستثمارات.

III المؤهلات الخاصة للجزائر

تتمتع الجزائر بالكثير من المؤهلات الخاصة والعناصر التنافسية، فلدبها موقع جغرافي مميز يتوسط بلدان المغرب العربي وعلى مقربة من بلدان أوروبا الغربية وتمثل مدخل إفريقيا. تملك ثروة من الموارد البشرية فأغلبية السكان شباب يملكون كفاءات عالية.
كما تملك الجزائر قاعدة صناعية كبرى تم بناءها خلال عقود والتي هي في حاجة إلى استثمارات من أجل الزيادة ي الإنتاج بهدف كفاءة السوق المحلية ثم التصدير.
وتملك الجزائر موارد طبيعية متنوعة أهمها احتياطي من البترول والغاز والمعادن المتنوعة كما يمكن ذكر مؤهلات أخرى تملكها الجزائر مثل:

• حجم السوق:
حيث يتراوح عدد السكان في الجزائر نحو 29.2 مليون سنة 1997 ما يجعل الاستهلاك كبير للمواد المصنعة ومواد التجهيز على سبيل المثال بلغت نسبة الواردات سنة 1997 ما يقارب 10.3 مليار دولار وهي في تزايد مستثمر.
• البنية النحتية:
تملك الجزائر نسبة متطورة نسبيا مما يساعد على جلب الاستثمار منها شبكة من الطرق طولها حوالي 120 ألف كيلومتر كما يوجد 4 ألف كيلومتر من السكك الحديدية. يوجد بالجزائر حوالي 11 ميناء يقدم مختلف أنواع الخدمات ويمكنها استقبال جميع أنواع السلع، إلى جانب هذا يوجد 51 مدرجا منها 30 للملاحة الجوية و 12 مطارا دوليا.
• المحيط التقني: تبلغ نسبة المتعلمين نحو 70 % من السكان كما نحاول الجزائر مواكبة التطورات التكنولوجيا في العالم من إتصالات حديثة ومعلوماتية مختلفة.

IV شروط ترقية الإستثمار في الجزائر

بعد مرور الاقتصاد الجزائري بعدة وضعيات متأزمة. ف‘ن مشاركة رأس المال الأجنبي أصبح ضروري في التنمية الاقتصادية من أجل هذا يجب على الجزائر أن توفر وتخلق مناه ملائم لترقية الاستثمارات الأجنبية وذلك بتحقيق بعض الشروط:
– أن تكون كل المعلومات الخاصة بالإستثمار والمحيط به متوفرة
– أن تكون المعاملة متساوية بين المستثمرين المحليين والأجانب.
– تطهير المحيط من البيروقراطية ومحاربة الرشوة.
– احترام قواعد الضمانات والاتفاقيات التي وقعتها الجزائر مع مختلف الدول والهيئات الدولية.
– تحقيق وإنجاز ميكانزمات تحرير سوق الصرف الذي يؤدي إلى تحويل أو تسعير العملة بنسبة حيدة من طرق البنك المركزي الجزائري
– تحرير التجارة العالمية.
– إنجاز سوق مالية مفتحة لرؤوس الأموال الدولية.
– استقرار المحيط التشريعي والسياسي وخاصة المحيط الأمني.

IIV تقارير وتقييم إمكانية الاستثمارات في الجزائر

الأصناف والعوامل التقرير

ضعيف متوسط ممتاز
الهياكل القاعدية
تكلفة اليد العاملة والطاقة
التشجيعات والتحفيزات الجبائية
الموقع الجغرافي
سهولة وقرب الاتصال( النقل والمواصلات)
أهمية السوق المنزلي
تقدير الأوساط المالية الدولية
الخطر السياسي للمستثمر
المناخ الاجتماعي
هيكلة الكفاءات
طبيعة الكفاءة المسيطرة على الاقتصاد *
الوضعية التنافسية للصناعة القاعدية *
القدرة على التجديد والتطوير التكنولوجي *
وجود وأهمية الإستثمار الأجنبي
التفتح والمناخ العام المناخ للمس*تثمر الخاص
نوعية إدارة الإستثمار
المناخ الإخلاص للأعمال
نوعية حياة الإطارات المتوسط المغتربين
تدخل الدولة( مساعدات اغانات)
تدخل الدولة( سياسات صناعية)
ديموقراطية واشتراك المواطنين في التسيير
الحريات الفردية وحقوق الإنسان
حماية المحيط
نوعية ومردو دية القطاعات المالية *
نوعية الصناعات المساعدة للصناعات المهمة *

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ المصدر الشكل العالمي التقرير حول التنمية غي العالم 1993

أفاق الاستثمار الأجنبي في الجزائر

إن طبيعة التشريعات الاقتصادية الجديدة في الجزائر والنتائج التي حققتها عمليات التصحيحات الهيكلية إلى غاية السنوات الأخيرة وصدور قانون الاستثمار في أكتوبر 1993 كذلك قانون 1995 وأخيرا قانون 2001 يتضمن عدة مزايا جمركية وتبسيط الإجراء الإداري وتوسيع مجال النشاط يتضمن مبادرات الاستثمار دليل على أن هناك تعيرا واهتماما بالاستثمار الأجنبي، فالجزائر تسعى إلى حث الشركات الأجانب على اهتمام أكثر بفرص الاستثمار التي تمنحها لمتعاملين الاقتصاديين من كل الدول ويعتبر الشريك الأجنبي الفرنسي المعني الأول بملف الجزائر كونه ضل يستحوذ على أكثر من نصف المبادلات الاقتصادية الجزائرية مع الخارج لفترة طويلة، وفي هذا الإطار نظمت غرفة التجارة والصناعة لباريس اجتماعا حول الأفاق الحقائق الاقتصادية للجزائر لفترة طويلة وفي هذا الإطار نظمت غرفة التجارة والصناعة لباريس اجتماعا حول الأفاق والحقائق الاقتصادية للجزائر الذي ضم حوالي 140 متعاملا اقتصاديا وهذا في أواخر جانفي 1998.

وتسعى الجزائر الحفاظ على قدر كبير من الحواجز الجمركية لحماية المنتوج الوطني بينما يعمل الشركاء الأجانب على البحث على الأسواق الجزائرية دون حواجز.

الخاتمة :

اتضح لنا من خلال الدراسة السابقة, انه بالرغم من الامتيازات و الضمانات الواسعة التي قانون الاستثمار الجزائري , إلا أن حجم الاستثمارات الخاصة الأجنبية المسجلة في البلاد لم يكن يتناسب باي حال مع المستوى الطموحات, و بشكل فان المؤشرات الخاصة بالاستثمارات الأجنبية المباشرة كانت بعيدة جدا عن ما كان متوقعا, من وراء التوسع في منح الحوافز و التسهيلات .
كما أن حجمها لم يقترب من مستوى الاستفادة الفرص الاستثمارية الهائلة التي يتوفر عليها اقتصاد البلاد هذا ما يحدث عليه المعطيات من طرف البنك المركزي حول قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة الصافية المسجلة و التي كانت على النحو الآتي :
1994 1995 1996 1997 1998 1999
ــــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــــ ـــــــــــــ ـــــــــ
00 00 0.27 0.26 0.50 0.46

المبلغ مقدرة ب مليار دولار .
ومع أن هذه الملاحظات ليست خاصة بالجزائر فقط , إلا أنها تعتبر أكثر حدة بالنسبة لها و الباقي الدول الإفريقية النامية التي لم تبدو فيها الحوافز الاستثمارية إلا قدرا محدودا من القدرة على جدب الاستثمار الأجنبي المباشر , و ذلك راجع إلى أن إقدام المستثمر الأجنبي أو أحجامه لا يتوقف على حجم الامتيازات و الإعفاءات الممنوحة له , و إنما يرجع في المقام الأول إلي مدى توفر المناخ الاستثماري الملائم الذي لا تمثل الإعفاءات و الضمانات إلا عنصرا واحدا من عناصره المتعددة وهو ليس أهمها على الإطلاق .
ومعروف أن مناخ الاستثماري يتكون من عناصر الاقتصادية , وأخرى اقتصادية فالأولى تتمثل في الاستقرار السياسي و الأمني , موجود نظام قانوني وقضائي فعال يحمي المستثمر من الإجراءات التعسفية و يمكنه استفاد حقوقه بسرعة, زيادة على ذلك البيروقراطية الإدارية و التي تعرقل بالشكل كبير عمل المستثمر الأجنبي كذلك يجب توافر ثقافة اجتماعية تتلاءم مع ثقافة المستمر الأجنبي، أما العناصر الاقتصادية فتشمل السياسة الاقتصادية الكلية وخاصة ما يتعلق بمعدلات التضخم، أسعار الصرف وأسعار الفائدة القوانين المتعلقة بحرية كتحويل الأرباح ورؤوس الأموال لي الخارج وتحرير نظام التسعيرة ، والحد من تدخل الدولة للتأثير في ظروف المنافسة ، هذا بالإضافة إلي عنصر آخر بالغ الأهمية في هذا المجال وهو مدي توفر شبكة قوية وحديثة من البنية التحتية بمختلف مكوناتها .
ويمكن القول إلي بلوغ الكفاءة في جذب الاستثمار مرتبط يتوفر هذه العناصر مجتمعة وليس علي توفر بعضها فقط.

وقد اهتمت الجزائر منذ فترة بتوفير بعض عناصر المناخ الاستثماري حيث أقدمت علي إجراءات من قبيل الانفتاح السياسي ، وتنفيذ إصلاحات اقتصادية واسعة النطاق وإقامة بعض هياكل البنية التحتية وان كانت هذه الإجراءات –عما لا حضنا من خلال الدراسة –لم تنجح لحد الساعة في جذب المزيد من الاستمارات الأجنبية بل أن الذي حصل هو تراجع حجم مستوي تلك الاستثمارات الشيء الذي حدث في كثير من الدول النامية التي اتخذت إجراءات مماثلة ومن هنا نخرج بالنتيجتين التاليتين:
1)- نظرا الكون مفعول الضمانات القانونية للاستثمار يحاول وينصرف إلي حماية المتميز اكثر مما يخلف لديه الحافز علي الاستثمار فقد مثل التوسع في منح الضمانات القانونية إجراء عديم الفعالية في العديد من الدول النامية ومنها الجزائر وذلك الآن المستمر الأجنبي لا يبحث علي بلد يوفر له مجرد حماية أمواله إنما يبحث بالدرجة الأولى عن ظروف تضمن له تحقيق المزيد من الأرباح ، وذلك غير ممكن التحقيق إلا بتوفير الحد الأدنى من عناصر المناخ الاستثماري الملائم.
2)- علي الدول التي تسعى إلي جذب الاستثمار الأجنبي أن تعمل قبل كل شيء علي توفير المناخ الاستثماري الملائم بدلا من التمادي في منح الإعفاءات والتسهيلات المختلفة، وإلا فإن جهودها في مجال جذب الاستثمار الأجنبي ستظل محدودة الفعالية وستظل قاصرة عن الاستجابة لشروط المنافسة في عالم تحتدم فيه المنافسة علي الاستثمارات الأجنبية، الشيء الذي أدركته الجزائر جيدا إلا أن هذه الأخيرة متيقنة أنها بدون استثمارات خارجية لا يمكن الخروج من الأزمة، والنهوض بالاقتصاد والخروج به من المشاكل التي يتخبط فيها الآن الاستثمارات الأجنبية تساعد في التنمية الاقتصادية, وساعد في تراكم رأس المال, توفير مناصب الشغل, ورفع المستوى المعيشي للمواطن وتحسين قدرته الشرائية و تغيير نمط معيشته .
لذلك تحاول الجزائر أن تجلب أكبر قدر ممكن من الاستثمارات الأجنبية وذلك يتوفر لهم كل الوسائل و كل الضمانات وخاصة توفير لهم مناخ اللازم لذلك .
ويبقى السؤال مطروحا, إلي متى يبقى الأجانب متخوفين من القدوم إلي الجزائر؟ والاستثمار بها .

المراجع باللغة العربية:

– عبد السلام أبو قحف: السياسات والأشكال المختلفة للاستمارات الأجنبية القاهرة 1989
– عبد اللطيف بن أشنهو: المؤسسات الأجنبية ونقل التكنولوجيا إلى الاقتصاد الجزائري
مركز الدراسات الوحدة العربية بيروت 1985
– عليوش خربوع كمال: قانون الاستثمارات في الجزائر 1999
– أميرنوف: الأطروحات الخاصة بتطور الشركات متعددة الجنسيات.

المجلدات:

– ضمان الاستثمار ( الأعداد 129، 130) 1998-1999
– تقرير مناخ الإستثمار في الدول العربية سنة 1998
– مجلة الإقتصاد و الأعمال نوفمبر 2000

المراجع باللغة الأجنبية

-During j.M “studies in International investment London 1970
– Lindert P.Kindelberger Economie International 1988
– Bernard Huginier. Investment deriet.
– Code des investment.


thnkkkkssssssss

نتا البحث درتو درتو خالينا نكوبيو أسيدي ولا نحيه خلاص

شكرا لك اخي الكريم

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .

التصنيفات
علم المكتبات

بنوك المعلومات المحلية و دورها فى التنمية الاجتماعية فى الوطن العربى / الهادى، محمد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بنوك المعلومات المحلية و دورها فى التنمية الاجتماعية فى الوطن العربى / الهادى، محمد محمد.

الحجم : 1.19 MB

http://www.mediafire.com/?xow1o62u5xtr25o


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .

التصنيفات
علم المكتبات

التنمية المهنية للعاملين فى المكتبات و مراكز المعلومات/ العرينى، محسن السيد.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

التنمية المهنية للعاملين فى المكتبات و مراكز المعلومات/ العرينى، محسن السيد.

الحجم : 8.96 MB

http://www.mediafire.com/?9lu6cyuaqs2q45l


التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

بحث حول السياسة الوطنية لتهيئة الاقليم و التنمية المستدامة وأدواتها


المقدمة:
لقد استحوذ موضوع التنمية المستدامة اهتمام العالم خلال 15 سنة المنصرمة و هذا لى الصعيد الإقتصادي و الإجتماعي و البيئة العامية، حيث أصبحت الإستدامة التنموية مدرسة فكرية عالمية تنتشر في معظم دول العالم النامي و الصناعي من بينها الجزائر، لذلك سعت هذه الإخيرة إلى ادماج مفهوم التنمية المستدامة في مشاريعها التنموية من خلال المخططات التنموية الوطنية و الولائية و البلدية بغية تحسين الأوضاع الإجتماعية و الإقتصادية و الثقافية، و من أجل ذلك حاول هذا البحث معالجة مجموعة من الإشكاليات منها:
ماهو مفهوم التنمية المستدامة؟ و ماهي أهدافها؟ و ماهي السياسة الجزائرية المتبعة من أجل تهيئة الإقليم؟ في خطة ثنائية المباحث تضمن المبحث الأول: ماهية التنمية المستدامة أما المبحث الثاني: فتضمن السياسة الجزائرية لتهيئة الإقليم و آفاقها منتهجين في ذلك المنهج التاريخي.

المبحث الأول: ماهية التنمية المستدامة
المطلب الأول: مفهوم التنمية المستدامة
إذا كانت التنمية المستدامة كمفهوم يعتبر قديما فإنه مصطلح يعد حديث النشأة حيث كانت اللجنة العالمية للبيئة و التنمية التي تشكلت برئاسة السيدة “بروند تلاند” رئيسة وزارة النرويج السابقة أول من عرف مصطلح التنمية المستدامة الذي ورد في تقريرها الذي نشر في أفريل 1987 و ذلك كإستجابة لمجموعة من الكوارث البيئية التي هدها العالم منذ أن عقدت أول اجتماع لها في أكتوبر1982 و المتمثل كله في سوء الإدارة البيئية و التنموية، و عرف التقرير التتنمية المستدامة بأنها (استجابة التنمية لحاجات الحاضر من دون المساومة على قدرة الأجيال المقبلة في الوفاء بحاجياتها)، منذ ذلك التاريخ بدأ مصطلح التنمية المستدامة يشيع شيوعا في أروقة الفكر التنموي (1)، و قد ترسخ مفهوم التنمية المستدامة عند الجميع سنة 1992 في قمة “ريو” أو كما تسمى بقمة الأرض بالبرازيل.

(1) مصطفى طلبة، الموسوعة العربية للمعرفة من أجل التنمية المستدامة، المجلد1، الطبعة الأولى، الدار العربية للعلوم، 2022، ص447.
المطلب الثاني: أهداف التنمية المستدامة
تسعى التنمية المستدامة من خلال آلياتها و محتواها إلى تحقيق جملة من الأهداف و هي:
-أ- أهداف إجتماعية:
1) تحقيق نوعية حياة أفضل للسكان من خلال التركيز على العلاقات بين نشاطات السكان و البيئة.
2) التعامل مع النظم الطبيعية و محتواها على أساس حياة الإنسان و ذلك عن طريق مقاييس الحفاظ على نوعية البيئة و الإصطلاح و التهيئة.
3) احداث تغيير مستمر و مناسب في حاجات و أولويات المجتمع و ذلك بإتباع طريقة تلائم امكانياته و تسمح بتحقيق التوازن الذي بواسطته يمكن تفعيل التنمية الإقتصادية و السيطرة على جميع مشكلات البيئة كتدعيم و تحفيز التعليم و التدريب المهني و العام على جميع المستويات و توفير تسهيلات في التعليم و الثقافة لجميع القطاعات (1).
4) تثبيت النمو الديمغرافي و الذي أصبح يكتسي أهمية بالغة ليس لأن النمو السريع يحدث ضغوطا حادة لى الموارد الطبيعية و على قدرة الحكومات على توفير الخدمات.
-ب- أهداف إقتصادية:
-1-تحقيق استغلال و إستخدام عقلاني للموارد و هنا تتعامل التنمية مع الموارد على أنها موارد محدودة لذلك تحول دون استـنـزافها.
-2-تحقيق نمو تقني إقتصادي يحافظ على الرأس المال الطبيعي.
-3-ربط التكنولوجيا الحديثة بأهداف المجتمع و ذلك من خلال توعية السكان بأهمية التقنيات المختلفة في المجال التنموي.

(1) أبو الحسن، عبد الموجود ابراهيم، التنمية و حقوق الإنسان،الاسكندرية، المكتب الجامعي، 2022، ص221.
المطلب الثالث: المؤتمرات العالمية للتنمية المستدامة
-أ- مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة الإنسانية:
و يعتبر أكبر تجمع دولي لبعث مشاكل البيئة و قد عقد المؤتمر في” مدينة ستوكهولم” بالسويد من 5-16 جوان1972 و قد شاركت فيه 114 دولة بالإضافة إلى ممثلي عدد ضخم من المنظمات الدولية الحكومية و غير الحكومية انتهى المؤتمر بوضع مجموعة من التوصيات أهمها:
1) -دعوة الحكومات إلى بذل الجهود لحماية البيئة من التلوث.
2) -انشاء صندوق خاص بتمويل مشروعات البيئة.
3) -دعوة منظمات الأمم المتحدة لإتخاذ الخطوات اللازمة لإنشاء جدول برنامج دولي للتربية البيئية.
-ب- مؤتمر التصحر للأمم المتحدة:
بنيروني بكينيا من 19 أوت إلى 09 سبتمبر1977 شارك في هذا المؤتمر 500 وفد من 94 دولة لمناقشة مشكلة التصحر، و قد أصدر المؤتمر مجموعة من التوصيات كان من بينها مايلي:
1) -يوصي بالمحافظة على الغطاء النباتي القائم.
2) -بأن تقوم المنظمات الدولية و أجهزة الأمم المتحدة كل في مجاله موازة مع العمل الدولي في وضع خطة عمل.
-ج- مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة و التنمية:
عقد بريو ديجانيرو بالبرازيل في جوان1992 بهدف حماية الأرض من الكوارث البيئية و قد ضم ممثلي 178 دولة و حضره أكثر من 100 من رؤساء الدول و الحكومات و قد فرضت قمة “ريو” مصطلحات جديدة معقدة مثل: اضمحلال طبقة الأوزون، الإحتباس الحراري.
-د- مؤتمر جوهانسبورغ للتنمية المستدامة:
بجنوب افريقيا المنعقد في الفترة الممتدة من 26 أوت إلى 04 ديسمبر 2022 أقر فيه ممثلو الدول بضرورة وضع معايير عملية لحماية الثروة السمكية و إنشاء مخطط لتوفير المياه النقية للسكان المحرومين.
كما أنها نصت على إنشاء صندوق تضامن عالمي يهدف إلى تعزيز التنمية الإجتماعية و البشرية في الدول النامية.

المبحث الثاني: التنمية المستدامة و تهيئة الإقليم في الجزائر
تشهد الجزائر حاليا تطور ديمغرافي متواصل إنجر عنه في المقابل تطور عمراني سريع يتمثل في إتساع المساحات العمرانية بصفة كبيرة و ذلك نتيجة للمشاريع التنموية التي تقوم بها الدول و القطاع الخاص في جميع الميادين من أجل تلبية مختلف المتطلبات و الحاجيات المتزايدة للمواطنين يوم بعد آخر.
و بهذا لجأت الدولة إلى التهيئة العمرانية كأساس لتحقيق أهداف ملحة في جميع المدن الجزائرية و عبر كامل التراب الوطني.
و من هنا تمحور هذا المبحث حول واقع التهيئة العمرانية و مراحلها في الجزائر من خلال الإجابة على مجموعة من الإشكاليات منها:
ما المقصود بالتهيئة العمرانية؟ و ماهي أهدافها و وسائلها؟ و ماهي السياسة الجزائرية المتبعة في ذلك؟
المطلب الأول: أهداف التهيئة العمرانية و أدواتها
لقد ظهر مفهوم التهيئة العمرانية مع بداية الثلاثينات في الإتحاد السوفياتي ثم تطور في الدول الرأسمالية، إلا أن تعريفها يختلف من بلد إلى آخر و هذا حسب النظام الإجتماعي المطبق و مستوى التقدم الإقتصادي و الإجتماعي الذي يعرفه.
و عموما يمكننا أن نعرف التهيئة العمرانية كما عرفها الدكتور “تيجاني البشير” بأنها (نوع من أساليب و تقنيات التدخل المباشر سواء بواسطة الأفكار أو بواسطة الدراسات و وسائل التنفيذ و الإنجاز لتنظيم و تحسين ظروف المعيشة في المستوطنات البشرية سواء كان ذلك على المستوى الإقليمي أو الوطني) (1) .
1) التيجاني، بشير، التحضير و التهيئة العمرانية في الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية، 2000، ص84.

و تعرف أيضا التهيئة العمرانية في مفهومها المعاصر حسب الدكتور”تيجاني البشير” في آخر كتاباته حول تهيئة التراب الوطني بأنها (الإدارة العمومية لتنظيم المظاهر الجغرافية، البشرية، و الإقتصادية في الوسط لتحقيق التوازن بين الأماكن و التنظيم الشمولي الموجه لإسعاد السكان و توفير الشغل و الإيواء و الخدمات العمومية لهم من خلال إنجاز الهياكل المتطلبة و إستغلال الثروات الطبيعية المتوفرة للمحافظة على التراث التاريخي في بيئة ايكولوجية نظيفة (1).
أما فيما يخص أهداف التهيئة العمرانية و في كل الأنظمة الإقتصادية تعتبر وسيلة لتحقيق التنمية و الإزدهار الإقتصادي على المدى البعيد و في كل الأحوال يكون تطبيق التهيئة العمرانية من طرف السلطات السياسية و التي تقوم بوضع أهدافها و تقرر كيفية توجيهها و تمويلها بغية تحقيق أهداف معينة منها:
-تنظيم سلطة الدولة.
-نشر و توزيع النشاطات الإقتصادية بطريقة عقلانية.
-تحقيق التكامل الجهوي و تكوين المحيط الإقتصادي الوطني.
-تلبية رغبات الشعب.
-تنمية الدخل القومي و الانتاج الداخلي.
-حماية المحيط و الببئة.

1) التيجاني، بشير، تهيئة التراب الوطني في أبعاده القطرية، الجزائر: دار الغرب للنشر و التوزيع، 2022، ص37.

و هذه الأهداف تخص السياسة الوطنية العامة و لكن هناك أهداف محدودة تخص مناطق معينة كالمناطق المحومة و التي تكون أهدافها الخروج من العزلة و ذلك عن طريق وضع برامج خاصة في أغلب الأحيان (1).
أما بالنسبة لوسائل التهيئة العمرانية فيمكننا القول بأنه لا توجد هناك وسال تستعمل في جميع الحالات و في كل الدول، بل هي تختلف من بلد لآخر و ذلك حسب النظام الإقتصادي و الإجتماعي المتبع، كما تختلف من مرحلة لأخرى.
و من بين وسائل و أدوات التهيئة العمرانية يمكن أن نذكر:
-الدولة: التي هي السلطة العليا في البلاد و التي تختار التوجيهات السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية الكبرى ثم بعد الدولة تأتي الوسائل الأخرى و هي:
-رأس المال.
-المخططات و البرامج كالمخططات الوطنية و الولائية و المخططات البلدية.
-مراكز التنمية المستوحاة من السياسة الإقتصادية الجهوية.
-سياسة اللامركزية و الأعمال الكبرى للتجهيزات الوطنية و الوسائل العامة.
-بالإضافة إلى المعلومات الإحصائية و التي تد ضرورية في عملية تحضير و تطبيق التهيئة العمرانية فهي تفيدنا في معرفة تمركز السكان، نسبة السكان، تطور الكثافة و الهجرة…(2).

1) بشير، باي محمد، التخطيط المحلي و التهيئة العمرانية واقع و آفاق بلدية سكيكدة، مذكرة نهاية تربص للسنة4 المدرسة الوطنية للإدارة، الدفعة24، الجزائر1990-1991، ص18.
2) محمد، الهادي لعروق، التوسع الحضري و انتاج المدن في الجزائر، دورية دولية، العدد03، مارس1999، ص110.
المطلب الثاني: السياسة الوطنية لتهيئة الإقليم في الجزائر
مرت سياسة تهيئة الإقليم الوطني في الجزائر مرحلتين أساسيتين هما :
-أ- المرحلة الأولى 1963/1978:
يمكن استخلاص تهيئة التراب الوطني خلال هذه الفترة بمايلي:
1-تبني الدولة الجزائرية مخططات إقتصادية و برامج كبرى في إقتصادها المركزي الموجه ذي الطابع الإشتراكي بوسائله و مؤسساته العمومية أو الحكومية و نخص بالذكر المخططات الإقتصادية الوطنية مثل المخطط الثلاثي 1967/1969 و المخطط الرباعي 1970/1979 و المخطط الرباعي الثاني 1974/1977 (1) و البرامج الكبرى مثل مشروع السد الأخضر لمقاومة التصحر بواسطة التشجير، و برامج تأميم الأراضي الفلاحية و مشروع بناء 1000 قرية فلاحية.
-ب- المرحلة الثانية 1980/2000:
أما الخطة الوطنية للتنمية القطرية التي وضعتها وزارة التخطيط و التهيئة العمرانية المستحدثة في سنة 1979 استمدت أهدافها التنموية من الميثاق الوطني و تزامن هذا مع وضع:
المخطط الخماسي الأول 1980/1985 و هنا استحدث تقسيم اداري جديد سنة 1984 حيث ارتفع عدد الولايات من 26 ولاية سنة 1974 إلى 48 ولاية.
كما تزودت التهيئة العمرانية في 12جانفي1987 بقانون التهيئة العمرانية و التعمير رقم87/03 المتعلق بالتهيئة العمرانية.

(1)نور الدين، زمام، السلطة الحاكمة و الخيارات التنموية بالمجتمع الجزائري، دار الكتاب العربي، ط1،2002،ص ص176-177.

المطلب الثالث: آفاق التنمية المستدامة في الجزائر
بادرت وزارة المالية في اطار البرنامج الموجه لدعم النمو و التهيئة الإقليمية بتخصيص 36.5 مليار دينار كغلاف مالي لدعم التنمية المستدامة من خلال إنجاز الماريع التالية:
1- مشروع حماية الساحل.
2- مشروع حماية التنوع البيولوجي.
3- انجاز مشروع خاص بالبيئة.
4- وضع دراسة خاصة بالبيئة و تهيئة الإقليم.
5- مشاريع خاصة بتوفير الماء الشروب.
6- عمليات تحسين المحيط الحضري.
7- محاولة انشاء 600 ألف مؤسسة على آفاق سنة 2022 بإمكانها استقطاب ما لا يقل عن 6 ملايين منصب شغل.
8- في اطار برنامج الإنعاش الإقتصادي تم انجاز عمليات تخص انهاء أشغال أكثر من 10 مراكز دفن النفايات في أهم المراكز الحفرية في البلاد.
9- اعداد مخطط تهيئة الشاطئ في اطار مخطط عمل تهيئة البحر الأبيض المتوسط.
10- عمليات موجهة لحماية التراث الثقافي الأثلري مثل القصبة الجزائر، قصر الداي بوهران و قسنطينة، و منطقة بني ميزاب.

الخاتمة:
إن السعي نحو التنمية المتوازنة للإقليم و ما سطر لها من ترتيبات و أدوات و أعمال و برامج منذ بداية التسعينات أضحى صعب المنال بسبب الرؤية المحدودة و المجدرة لتنظيم الفضاء الوطني بكل ما يحمله من خصوصيات و مميزات إقتصادية، إجتماعية، ثقافية، ايكولوجية و بيئية ناهيك عن تظافر عوامل أخرى زادت من حدة الإختلافات بين مختلف مناطق البلاد.
فبات لزاما على الدولة أن تتبنى سياستها التنموية الدائمة على النظرة العلمية الشاملة الخصوصيات على المستويين الداخلي و الخارجي و أن ترسي إطارا مؤسساتيا تلتقي فيه جميع السياسات المسطرة و تطرح فيها الإشكاليات و المساعي المشتركة.

البيبليوغرافيا:
الكتب:
1) أبو الحسن، عبد الموجود ابراهيم، التنمية و حقوق الإنسان،الاسكندرية، المكتب الجامعي، 2022.
2) التيجاني، بشير، التحضير و التهيئة العمرانية في الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية، 2022.
3) التيجاني، بشير، تهيئة التراب الوطني في أبعاده القطرية، الجزائر: دار الغرب للنشر و التوزيع، 2022.
4) مصطفى طلبة، الموسوعة العربية للمعرفة من أجل التنمية المستدامة، المجلد1، الطبعة الأولى، الدار العربية للعلوم، 2022.
5) نور الدين، زمام، السلطة الحاكمة و الخيارات التنموية بالمجتمع الجزائري، دار الكتاب العربي، ط1،2002.
المذكرات:
1) بشير، باي محمد، التخطيط المحلي و التهيئة العمرانية واقع و آفاق بلدية سكيكدة، مذكرة نهاية تربص للسنة4 المدرسة الوطنية للإدارة، الدفعة24، الجزائر1990-1991.
الدوريات:
1) محمد، الهادي لعروق، التوسع الحضري و انتاج المدن في الجزائر، دورية دولية، العدد03، مارس1999.


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اليكم موضوع هام حول مراحل التهيئة العمرانية بالجزائر : تاريخ التهيئة العمرانية تتربع الجزائر على مساحة تقارب 2381741كم2 وتتميز بعدم التجانس في وحداتها التضاريسية من الشمال إلى الجنوب،وتتمثل هذه التضاريس في :السهول الساحلية ،سلسلة الأطلس التلي،الهضاب العليا،سلسلة الأطلس الصحراوي،الصحراء الكبرى،وهذا التنوع في التضاريس أعطى اختلاف في المناخ وبالتالي تباين في المؤهلات الطبيعية بين شمال البلاد وجنوبها.وقد مر تنظيم هذا المجال الجزائري منذ القدم مراحل تبعا لفترات الحكم التي تعاقبت عليه،بداية بفترة الحكم العثماني والتي تميزت بنظامها المتميز والذي كان يسمى نظام البايلك،حيث قسم المجال الجزائري الى ثلاث مناطق رئيسية وهي بأيلك الشرق،بايلك التيطري،بايلك الغرب،وقد اعتمد هذا التقسيم كمحاولة للتحكم الجيد في طرق تهيئة المجال منهجه استغلال كل الأراضي .وتلت هذه الفترة فترة الاستعمار الفرنسي والتي كانت بدايتها في سنة 1830/م وهذه الأخيرة يمكن تقسيمها إلى ثلاثة مراحل رئيسية وهي مرحلة استكمال الغزو الفرنسي للجزائر(1830/1910) تميزت هذه المرحلة باستكمال الغزو وتوسيع عملية الأستطان الأوروبي على حساب أراضي العروش والقبائل المتواجدة في السهول الساحلية الخصبة والأحواض الداخلية،وإقامة المستوطنات والأحياء الأوروبية بالقرب من المدن الجزائرية العتيقة،وتدعيمها بالهياكل الأساسية من طرق برية وسكك حديديه أنجزت بأيدي جزائرية أستقطب كلها من الأرياف،تبدأ هذه الشبكة عند مصادر المواد الأولية من معادن وثروات طبيعية أخرى وتنتهي عند الموانئ من أجل ربط الجزائر بفرنسا في مجال الأستراد و التصدير (المواد الخام مقابل المنتجات الفرنسية المصنعة .)وبالمقابل ضلت الأغلبية الساحقة من الجزائريين تعيش في الأرياف في ظروف مزرية جراء الأوضاع المتدهورة في جميع المجالات.الأمر الذي دفع بالأغلبية منهم إلى النزوح نحو المراكز الحضرية والإقامة على حواف هذه المراكز في بيوت قصديرية والعمل عند المعمرين في الأشغال الشاقة خاصة في ميدان الأشغال التي تخص أنجاز الطرقات وحفر الأنفاق …….. مرحلة الاضطرابات وكثرة الحروب والأزمات الاقتصادية (1910/1954) قد كان تأثير هذه الاضطرابات الاقتصادية والحروب كبيرا على الجزائر وتسببت في انتشار الفقر والمجاعات بين السكان الجزائريين، من جراء تناقص الإنتاج الزراعي الفرنسي وتعويضه بالمنتوج الزراعي الجزائري،خاصة في ميدان الحبوب وقد استمرت هذه المرحلة إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية مما دفع بسكان الأرياف إلى النزوح الريفي شديد باتجاه المراكز الحضرية بحثا عن الشغل وظروف معيشية أقل ضراوة، مما أثر كثيرا على التوازنات الجهوية من جهة وصعوبة الحياة في المراكز الحضارية من جهة أخرى .

مرحلة اندلاع الثورة والسنوات الأولى من الاستقلال (1966/1954) عرفت هذه المرحلة بنزوح ريفي شديد جراء اللا أمن وسياسة التشريد التي مارسها الاستعمار الفرنسي على سكان الأرياف من طرد وتقتيل جماعي وإقامة المحتشدات لعزل السكان عن الثورة من جهة وحراستهم ومراقبتهم من جهة ثانية ، وأستمر النزوح الريفي نحو المدن والمراكز الحضرية في السنوات الأولى بعد الاستقلال بسبب تواجد حظيرة سكنية شاغرة بعد مغادرة الاستعمار الفرنسي وتركز معظم التجهيزات بهذه المناطق من البلاد . مرحلة الاستقلال المرحلة الأولى (1979/1962) سياسة توازنات جهوية أكثر منها سياسة تهيئة عمرانية ورثت الجزائر بعد الاستقلال أوضاعا مزرية عن المستعمر الفرنسي، حيث تميزت هذه الفترة بعدم التجانس في توزيع الهياكل القاعدية وكذا المنشئات الاقتصادية والمراكز الحضرية، حيث ركز المستعمر كل جهوده على المنطقة الشمالية للبلاد خاصة المناطق الساحلية ذات المؤهلات الكبيرة مما جعل هذه المناطق بعد الاستقلال مستقطبة للسكان لتوفر التجهيزات وتوطن كل الخدمات الاقتصادية والاجتماعية بها،هذه الوضعية زادت في حدة الفوارق الجهوية بين أرجاء البلاد وبروز فوهة كبيرة بين المدن والأرياف من جهة وبين المناطق الداخلية للبلاد والمناطق الساحلية من جهة ثانية،وأمام هذه الوضعية الحرجة التي ميزت المجال الجزائري آنذاك. باشرت الدولة عدة إصلاحات وتدخلات من أجل التقليل من حدة اللاتوازن في الانتشار عبر التراب الوطني، وتتمثل هذه الإصلاحات في البرامج التنموية الخاصة بالمناطق المحرومة،حيث استفادة ثمان ولايات من برامج تنموية واسعة في الفترة الممتدة بين (1967-1973) كما عمدت الدولة إلى توظيف عائدات البترول في بناء الاقتصاد الوطني بوضع المخطط الثلاثي (1967-1969)والذي وجهت من خلاله الدولة الاهتمام بقطاع الإنتاج وهذا بإقامة العديد من الأقطاب الصناعية الكبرى، الأول على محور عنابه،قسنطينة سكيكدة.والثاني على محور العاصمة، رويبة، رغاية والثالث على محور أرزيو،وهران،مستغانم ويهدف إنشاء هذه الأقطاب الصناعية إلى تحديث مناطق الشرق والوسط والغرب الجزائري والقضاء على البطالة وخلق نوع من التوازن بين جهات الوطن ، لكن هذه الإصلاحات تركزت على المناطق الساحلية والتلية وبالتالي دعمت وبصورة غير مباشرة التوجه العمراني والاقتصادي الموروث عن الفترة الاستعمارية وزادت في حدة الفوارق بين المناطق الشمالية والجنوبية للبلاد وعمقت الفجوة.وهذا ما يدل على غياب إستراتيجية واضحة المعالم للتهيئة العمرانية في الجزائر آنذاك ،ومن سلبيات هذه الإجراءات أنها مست المدن الكبرى فقط واستهلكت أراضي زراعية خصبة لتوقيع الصناعية مثل سهول متيحة ،عنابه،وهران …، وقد فشلت هذه الأقطاب في لعب الدور المنوط بها، فعوض أن تحقق التنمية في محيطها تحولت إلى مناطق استقطاب وجذب للسكان خاصة النازحين من المناطق الداخلية ، وزيادة تضخم المدن وانتشار البيوت القصديرية على حواف المدن والتي تحولت فيما بعد إلى بؤر للفقر والحرمان والتهميش ، وهذا ما يدل على عدم الأخذ بعين الاعتبار الاختلافات الموروثة من المستعمر بين المناطق الريفية والمناطق الحضرية من جهة والمناطق الشمالية والداخلية من جهة ثانية ،زيادة على عدم الاطلاع على الحقيقة كل الأقاليم الجزائرية قبل مباشرة الإصلاحات .وفي بداية السبعينات زاد وعي الدولة بخطورة الوضع الذي ميز المجال الجزائري نتيجة الفوارق الجهوية التي أفرزتها الأوضاع المزرية لنتائج اللاأستقرار جراء النزوح الريفي كنتيجة للفقر والتهميش الذي شهدته الأرياف الجزائرية آنذاك وكذا التمركز الكبير حول المدن الكبرى ، فبادرة الدولة بسياسة جديدة تهدف للتثبيت سكان الأرياف وتخفيف الضغط على المدن وزيادة الإنتاج ألفلاحي فكانت تحت عنوان الثورة الزراعية وهذا في سنة 1971م مع برمجة أكثر من 1000 قرية اشتراكية بهدف تحسين مستوى التجهيزات في الأرياف و تثبيت السكان.لكن هذه السياسة لم تحقق الأهداف المنوطة بها لسببين:أولها هو ترك النشاط ألفلاحي و تنقل الفلاحين المؤممين نحو المراكز الحضرية لضمان الشغل في الوحدات الصناعية و بالتالي أجور ثابتة و ضمان الاستفادة من الخدمات الاجتماعية كالتمدرس الأطفال و الرعاية الصحية….و السبب الثاني هو تحول الوظيفة الأساسية للقرى الاشتراكية الاشتراكية حيث تحولت فيما بعد إلى انويه لمدن مصغرة تحتوي على كل المزايا الحضرية، حيث بلغ عدد القرى المنجزة 750 قرية وقعت اغلبها على الأراضي الفلاحية الجيدة.
كما ميز هذه المرحلة أيضا التخطيط المركزي و ذلك بوضع المخططين الرباعيين (1970-1973) و (1974-1977) والذي خصص لهما أكثر من 50 بالمائة من الاعتمادات المالية آنذاك وكانا يهدفان إلى مواصلة تنفيذ المشاريع الصناعية الكبرى والبرامج الخاصة كما خصصت عمليات أخرى على المستوى المحلي:المخططات الولائية والمخططات البلدية للتنمية والذي كان في سنة 1974،ومخططات التجديد العمراني …وقد حقق هذين المخططين الرباعيين بعض النتائج الايجابية نذكر منها على وجه الخصوص توفير مناصب الشغل في المناطق المستفيدة من المناطق الصناعية وكذا في إطار الثورة الزراعية التي مست المناطق الريفية،إلا آن كل هذه الأعمال كانت محدودة في الزمان ولم تأثر كثيرا في الخريطة الإقليمية للبلاد وزادت الفوارق الجهوية حدة خاصة بين المناطق الساحلية والمناطق الأخرى مع تبديد للأراضي الفلاحية الخصبة للبلاد .ويمكن القول أن هذه المرحلة ميزتها سياسة توازن جهوي أكثر منها سياسة تهيئة عمرانية … المرحلة الثانية (1990-1979) ظهور سياسة عمرانية ذات صلاحيات لكن بدون سلطة وبدون وسائل في الثمانيات زاد الوعي بالمخاطر التي أفرزتها الاختلالات الموجودة بين أرجاء البلاد، فظهرت التهيئة العمرانية للمرة الأولى ضمن صلاحيات دائرة وزارية، وهذا بإحداث وزارة التخطيط والتهيئة العمرانية في سنة 1979 قصد تأطير ووضع سياسات للتهيئة،من أجل التغيير من الأوضاع المجالية السائدة أنداك وقد تزامن هذا مع وضع المخطط الخماسي الأول (1980-1985) الذي كان يهدف إلى تنمية المناطق الداخلية للبلاد وكذا أعادة هيكلة القطاع الصناعي،وفي سنة 1981م تأسست الوكالة الوطنية للتهيئة العمرانية ، والتي كلفت على وجه الخصوص باعداد المخطط الوطني للتهيئة والتعمير .
،والذي تندرج تحته مخططات جهوية للتهيئة العمرانية . (snat(
،كما صدر في نفس السنة قانونان يتضمنان تعديلات وتتميمات لقانوني الولاية ( srat )
والبلدية ،اللذان ينصان على صلاحيات الجماعات المحلية ويزودانها بأدوات خاصة بالتهيئة ويتمثلان في :المخطط ألولائي للتهيئة ، والمخطط البلدي للتهيئة ، وهذا من أجل تخطيط النمو على مستوى كل الوحدات الإدارية ،والتحكم أكثر في عمليات التهيئة على المستوى المحلي (البلدية-الولاية) وبالإضافة إلى استحداث هذه الأدوات استحث تقسيم إداري جديد سنة 1984م.حيث ارتفع عدد الولايات من 26 ولاية سنة 1974م إلى 48ولاية في سنة 1984م وبالتالي أصبحت الولايات الجزائرية تمثل كيانات عمرانية ووظيفية منسجمة ومتقاربة من حيث الإمكانات والموارد، وقد روعي في هذا التقسيم تقليص مساحات المدن الجزائرية حتى لا تؤثر بهيمنتها على نمو الولايات الجديدة ،وقد كان لهذا التقسيم الجديد عدة ايجابيات خاصة في المناطق الداخلية للبلاد،حيث أدى ظهور عواصم إدارية جديدة للولايات المستحدثة للمناطق المذكورة والتي كانت تعاني التهميش والى خلق تكافؤ من حيث شبكة العمران والاستيطان البشري ، وعمل على تحقيق التوازن في العلاقات بين الأقاليم بفضل استفادتها من إجراءات هامة في الميدان الاقتصادي والاستثمارات في البنية التحتية لجعلها مراكز للخدمة المحلية أو الإقليمية.وبذالك تعد الخريطة الإدارية أداة رسمية لنشر التنمية وتحقيق التوازن بين البلاد والنهوض بالإمكانيات المحلية والحد من ظاهرة النزوح والتركز على الشريط الساحلي وتوجيه التنمية نحو المناطق الداخلية للبلاد (السهول العليا والصحراء ).وتزودت أيضا التهيئة العمرانية في 12جانفي 1987م بقانون التهيئة والتعمير رقم 87/03المتعلق بالتهيئة العمرانية الذي يوضح أدواتها على المستويين الوطني والجهوي واللذان يندرج تحتهما 48 مخطط ولائي للتهيئة ، والمخططات البلدية للتهيئة،ويحدد هذا القانون تناسقها دون أن يتبع بالنصوص الأساسية التطبيقية ،وهكذا لم يتم تحديد اطار العداد وكيفيات اعتماد المخطط الوطني للتهيئة العمرانية والمخططات الجهوية ولا الادوات القانونية المحلية الخاصة، طبقا لما ينص عليه القانون ولذلك كان تطبيق هذه السياسة محدود جدا لعدة اسباب أهمها: *اتباع الدولة لمنهج التخطيط والتي كانت تعطي الاولوية فيه للنظرة القطاعية دون ان تولي الاهتمام بالتنسيق ازاء التوجهات المحلية .
*عمليات التخطيط المثقلة بالقرارات المركزية وضعت ضروريات التهيئة العمرانية في الدرجة الثانية ، بالاضافة تهميش الخصوصيات المحلية لكل مجال، نتيجة غياب المناقشة العامة والتشاور، بالاضافة الى الأزمة الاقتصادية التي أجتاحت الجزائر سنة 1986م ، نتيحة انخفاصض سعر البترول والتي كان لها تأثير كبير على كل السياسات التي أنتهجتها الدولة،ومن بينها سياسة التهيئة العمرانية.وكانت احداث أك


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اليكم موضوع هام حول مراحل التهيئة العمرانية بالجزائر : تاريخ التهيئة العمرانية تتربع الجزائر على مساحة تقارب 2381741كم2 وتتميز بعدم التجانس في وحداتها التضاريسية من الشمال إلى الجنوب،وتتمثل هذه التضاريس في :السهول الساحلية ،سلسلة الأطلس التلي،الهضاب العليا،سلسلة الأطلس الصحراوي،الصحراء الكبرى،وهذا التنوع في التضاريس أعطى اختلاف في المناخ وبالتالي تباين في المؤهلات الطبيعية بين شمال البلاد وجنوبها.وقد مر تنظيم هذا المجال الجزائري منذ القدم مراحل تبعا لفترات الحكم التي تعاقبت عليه،بداية بفترة الحكم العثماني والتي تميزت بنظامها المتميز والذي كان يسمى نظام البايلك،حيث قسم المجال الجزائري الى ثلاث مناطق رئيسية وهي بأيلك الشرق،بايلك التيطري،بايلك الغرب،وقد اعتمد هذا التقسيم كمحاولة للتحكم الجيد في طرق تهيئة المجال منهجه استغلال كل الأراضي .وتلت هذه الفترة فترة الاستعمار الفرنسي والتي كانت بدايتها في سنة 1830/م وهذه الأخيرة يمكن تقسيمها إلى ثلاثة مراحل رئيسية وهي مرحلة استكمال الغزو الفرنسي للجزائر(1830/1910) تميزت هذه المرحلة باستكمال الغزو وتوسيع عملية الأستطان الأوروبي على حساب أراضي العروش والقبائل المتواجدة في السهول الساحلية الخصبة والأحواض الداخلية،وإقامة المستوطنات والأحياء الأوروبية بالقرب من المدن الجزائرية العتيقة،وتدعيمها بالهياكل الأساسية من طرق برية وسكك حديديه أنجزت بأيدي جزائرية أستقطب كلها من الأرياف،تبدأ هذه الشبكة عند مصادر المواد الأولية من معادن وثروات طبيعية أخرى وتنتهي عند الموانئ من أجل ربط الجزائر بفرنسا في مجال الأستراد و التصدير (المواد الخام مقابل المنتجات الفرنسية المصنعة .)وبالمقابل ضلت الأغلبية الساحقة من الجزائريين تعيش في الأرياف في ظروف مزرية جراء الأوضاع المتدهورة في جميع المجالات.الأمر الذي دفع بالأغلبية منهم إلى النزوح نحو المراكز الحضرية والإقامة على حواف هذه المراكز في بيوت قصديرية والعمل عند المعمرين في الأشغال الشاقة خاصة في ميدان الأشغال التي تخص أنجاز الطرقات وحفر الأنفاق …….. مرحلة الاضطرابات وكثرة الحروب والأزمات الاقتصادية (1910/1954) قد كان تأثير هذه الاضطرابات الاقتصادية والحروب كبيرا على الجزائر وتسببت في انتشار الفقر والمجاعات بين السكان الجزائريين، من جراء تناقص الإنتاج الزراعي الفرنسي وتعويضه بالمنتوج الزراعي الجزائري،خاصة في ميدان الحبوب وقد استمرت هذه المرحلة إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية مما دفع بسكان الأرياف إلى النزوح الريفي شديد باتجاه المراكز الحضرية بحثا عن الشغل وظروف معيشية أقل ضراوة، مما أثر كثيرا على التوازنات الجهوية من جهة وصعوبة الحياة في المراكز الحضارية من جهة أخرى .

مرحلة اندلاع الثورة والسنوات الأولى من الاستقلال (1966/1954) عرفت هذه المرحلة بنزوح ريفي شديد جراء اللا أمن وسياسة التشريد التي مارسها الاستعمار الفرنسي على سكان الأرياف من طرد وتقتيل جماعي وإقامة المحتشدات لعزل السكان عن الثورة من جهة وحراستهم ومراقبتهم من جهة ثانية ، وأستمر النزوح الريفي نحو المدن والمراكز الحضرية في السنوات الأولى بعد الاستقلال بسبب تواجد حظيرة سكنية شاغرة بعد مغادرة الاستعمار الفرنسي وتركز معظم التجهيزات بهذه المناطق من البلاد . مرحلة الاستقلال المرحلة الأولى (1979/1962) سياسة توازنات جهوية أكثر منها سياسة تهيئة عمرانية ورثت الجزائر بعد الاستقلال أوضاعا مزرية عن المستعمر الفرنسي، حيث تميزت هذه الفترة بعدم التجانس في توزيع الهياكل القاعدية وكذا المنشئات الاقتصادية والمراكز الحضرية، حيث ركز المستعمر كل جهوده على المنطقة الشمالية للبلاد خاصة المناطق الساحلية ذات المؤهلات الكبيرة مما جعل هذه المناطق بعد الاستقلال مستقطبة للسكان لتوفر التجهيزات وتوطن كل الخدمات الاقتصادية والاجتماعية بها،هذه الوضعية زادت في حدة الفوارق الجهوية بين أرجاء البلاد وبروز فوهة كبيرة بين المدن والأرياف من جهة وبين المناطق الداخلية للبلاد والمناطق الساحلية من جهة ثانية،وأمام هذه الوضعية الحرجة التي ميزت المجال الجزائري آنذاك. باشرت الدولة عدة إصلاحات وتدخلات من أجل التقليل من حدة اللاتوازن في الانتشار عبر التراب الوطني، وتتمثل هذه الإصلاحات في البرامج التنموية الخاصة بالمناطق المحرومة،حيث استفادة ثمان ولايات من برامج تنموية واسعة في الفترة الممتدة بين (1967-1973) كما عمدت الدولة إلى توظيف عائدات البترول في بناء الاقتصاد الوطني بوضع المخطط الثلاثي (1967-1969)والذي وجهت من خلاله الدولة الاهتمام بقطاع الإنتاج وهذا بإقامة العديد من الأقطاب الصناعية الكبرى، الأول على محور عنابه،قسنطينة سكيكدة.والثاني على محور العاصمة، رويبة، رغاية والثالث على محور أرزيو،وهران،مستغانم ويهدف إنشاء هذه الأقطاب الصناعية إلى تحديث مناطق الشرق والوسط والغرب الجزائري والقضاء على البطالة وخلق نوع من التوازن بين جهات الوطن ، لكن هذه الإصلاحات تركزت على المناطق الساحلية والتلية وبالتالي دعمت وبصورة غير مباشرة التوجه العمراني والاقتصادي الموروث عن الفترة الاستعمارية وزادت في حدة الفوارق بين المناطق الشمالية والجنوبية للبلاد وعمقت الفجوة.وهذا ما يدل على غياب إستراتيجية واضحة المعالم للتهيئة العمرانية في الجزائر آنذاك ،ومن سلبيات هذه الإجراءات أنها مست المدن الكبرى فقط واستهلكت أراضي زراعية خصبة لتوقيع الصناعية مثل سهول متيحة ،عنابه،وهران …، وقد فشلت هذه الأقطاب في لعب الدور المنوط بها، فعوض أن تحقق التنمية في محيطها تحولت إلى مناطق استقطاب وجذب للسكان خاصة النازحين من المناطق الداخلية ، وزيادة تضخم المدن وانتشار البيوت القصديرية على حواف المدن والتي تحولت فيما بعد إلى بؤر للفقر والحرمان والتهميش ، وهذا ما يدل على عدم الأخذ بعين الاعتبار الاختلافات الموروثة من المستعمر بين المناطق الريفية والمناطق الحضرية من جهة والمناطق الشمالية والداخلية من جهة ثانية ،زيادة على عدم الاطلاع على الحقيقة كل الأقاليم الجزائرية قبل مباشرة الإصلاحات .وفي بداية السبعينات زاد وعي الدولة بخطورة الوضع الذي ميز المجال الجزائري نتيجة الفوارق الجهوية التي أفرزتها الأوضاع المزرية لنتائج اللاأستقرار جراء النزوح الريفي كنتيجة للفقر والتهميش الذي شهدته الأرياف الجزائرية آنذاك وكذا التمركز الكبير حول المدن الكبرى ، فبادرة الدولة بسياسة جديدة تهدف للتثبيت سكان الأرياف وتخفيف الضغط على المدن وزيادة الإنتاج ألفلاحي فكانت تحت عنوان الثورة الزراعية وهذا في سنة 1971م مع برمجة أكثر من 1000 قرية اشتراكية بهدف تحسين مستوى التجهيزات في الأرياف و تثبيت السكان.لكن هذه السياسة لم تحقق الأهداف المنوطة بها لسببين:أولها هو ترك النشاط ألفلاحي و تنقل الفلاحين المؤممين نحو المراكز الحضرية لضمان الشغل في الوحدات الصناعية و بالتالي أجور ثابتة و ضمان الاستفادة من الخدمات الاجتماعية كالتمدرس الأطفال و الرعاية الصحية….و السبب الثاني هو تحول الوظيفة الأساسية للقرى الاشتراكية الاشتراكية حيث تحولت فيما بعد إلى انويه لمدن مصغرة تحتوي على كل المزايا الحضرية، حيث بلغ عدد القرى المنجزة 750 قرية وقعت اغلبها على الأراضي الفلاحية الجيدة.
كما ميز هذه المرحلة أيضا التخطيط المركزي و ذلك بوضع المخططين الرباعيين (1970-1973) و (1974-1977) والذي خصص لهما أكثر من 50 بالمائة من الاعتمادات المالية آنذاك وكانا يهدفان إلى مواصلة تنفيذ المشاريع الصناعية الكبرى والبرامج الخاصة كما خصصت عمليات أخرى على المستوى المحلي:المخططات الولائية والمخططات البلدية للتنمية والذي كان في سنة 1974،ومخططات التجديد العمراني …وقد حقق هذين المخططين الرباعيين بعض النتائج الايجابية نذكر منها على وجه الخصوص توفير مناصب الشغل في المناطق المستفيدة من المناطق الصناعية وكذا في إطار الثورة الزراعية التي مست المناطق الريفية،إلا آن كل هذه الأعمال كانت محدودة في الزمان ولم تأثر كثيرا في الخريطة الإقليمية للبلاد وزادت الفوارق الجهوية حدة خاصة بين المناطق الساحلية والمناطق الأخرى مع تبديد للأراضي الفلاحية الخصبة للبلاد .ويمكن القول أن هذه المرحلة ميزتها سياسة توازن جهوي أكثر منها سياسة تهيئة عمرانية … المرحلة الثانية (1990-1979) ظهور سياسة عمرانية ذات صلاحيات لكن بدون سلطة وبدون وسائل في الثمانيات زاد الوعي بالمخاطر التي أفرزتها الاختلالات الموجودة بين أرجاء البلاد، فظهرت التهيئة العمرانية للمرة الأولى ضمن صلاحيات دائرة وزارية، وهذا بإحداث وزارة التخطيط والتهيئة العمرانية في سنة 1979 قصد تأطير ووضع سياسات للتهيئة،من أجل التغيير من الأوضاع المجالية السائدة أنداك وقد تزامن هذا مع وضع المخطط الخماسي الأول (1980-1985) الذي كان يهدف إلى تنمية المناطق الداخلية للبلاد وكذا أعادة هيكلة القطاع الصناعي،وفي سنة 1981م تأسست الوكالة الوطنية للتهيئة العمرانية ، والتي كلفت على وجه الخصوص باعداد المخطط الوطني للتهيئة والتعمير .
،والذي تندرج تحته مخططات جهوية للتهيئة العمرانية . (snat(
،كما صدر في نفس السنة قانونان يتضمنان تعديلات وتتميمات لقانوني الولاية ( srat )
والبلدية ،اللذان ينصان على صلاحيات الجماعات المحلية ويزودانها بأدوات خاصة بالتهيئة ويتمثلان في :المخطط ألولائي للتهيئة ، والمخطط البلدي للتهيئة ، وهذا من أجل تخطيط النمو على مستوى كل الوحدات الإدارية ،والتحكم أكثر في عمليات التهيئة على المستوى المحلي (البلدية-الولاية) وبالإضافة إلى استحداث هذه الأدوات استحث تقسيم إداري جديد سنة 1984م.حيث ارتفع عدد الولايات من 26 ولاية سنة 1974م إلى 48ولاية في سنة 1984م وبالتالي أصبحت الولايات الجزائرية تمثل كيانات عمرانية ووظيفية منسجمة ومتقاربة من حيث الإمكانات والموارد، وقد روعي في هذا التقسيم تقليص مساحات المدن الجزائرية حتى لا تؤثر بهيمنتها على نمو الولايات الجديدة ،وقد كان لهذا التقسيم الجديد عدة ايجابيات خاصة في المناطق الداخلية للبلاد،حيث أدى ظهور عواصم إدارية جديدة للولايات المستحدثة للمناطق المذكورة والتي كانت تعاني التهميش والى خلق تكافؤ من حيث شبكة العمران والاستيطان البشري ، وعمل على تحقيق التوازن في العلاقات بين الأقاليم بفضل استفادتها من إجراءات هامة في الميدان الاقتصادي والاستثمارات في البنية التحتية لجعلها مراكز للخدمة المحلية أو الإقليمية.وبذالك تعد الخريطة الإدارية أداة رسمية لنشر التنمية وتحقيق التوازن بين البلاد والنهوض بالإمكانيات المحلية والحد من ظاهرة النزوح والتركز على الشريط الساحلي وتوجيه التنمية نحو المناطق الداخلية للبلاد (السهول العليا والصحراء ).وتزودت أيضا التهيئة العمرانية في 12جانفي 1987م بقانون التهيئة والتعمير رقم 87/03المتعلق بالتهيئة العمرانية الذي يوضح أدواتها على المستويين الوطني والجهوي واللذان يندرج تحتهما 48 مخطط ولائي للتهيئة ، والمخططات البلدية للتهيئة،ويحدد هذا القانون تناسقها دون أن يتبع بالنصوص الأساسية التطبيقية ،وهكذا لم يتم تحديد اطار العداد وكيفيات اعتماد المخطط الوطني للتهيئة العمرانية والمخططات الجهوية ولا الادوات القانونية المحلية الخاصة، طبقا لما ينص عليه القانون ولذلك كان تطبيق هذه السياسة محدود جدا لعدة اسباب أهمها: *اتباع الدولة لمنهج التخطيط والتي كانت تعطي الاولوية فيه للنظرة القطاعية دون ان تولي الاهتمام بالتنسيق ازاء التوجهات المحلية .
*عمليات التخطيط المثقلة بالقرارات المركزية وضعت ضروريات التهيئة العمرانية في الدرجة الثانية ، بالاضافة تهميش الخصوصيات المحلية لكل مجال، نتيجة غياب المناقشة العامة والتشاور، بالاضافة الى الأزمة الاقتصادية التي أجتاحت الجزائر سنة 1986م ، نتيحة انخفاصض سعر البترول والتي كان لها تأثير كبير على كل السياسات التي أنتهجتها الدولة،ومن بينها سياسة التهيئة العمرانية.وكانت احداث أك


[read] شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية . [/read]

التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

محاضرات في التنمية

المحاضرة1:التصنيع كأسلوب للتنمية
أ /نبيل بويبية / جامعة جيجل/2008/2009

يعتقد البعض أن التصنيع هو جوهر عملية التنمية، فهو يعرف بأنه عبارة عن أحد جوانب أو عمليات التنمية الاقتصادية، يخصص فيها نسب متزايدة من الموارد الوطنية من أجل إقامة هيكل اقتصادي محلي متنوع ومتطور تقنيا، قوامه قطاع تحويلي ديناميكي ينتج وسائل الإنتاج والسلع الاستهلاكية، ويؤمن معدلا عاليا من النمو الاقتصادي.
وفي هذه الحالة يجب أن يصبح قطاع الصناعة التحويلية بمثابة القطاع الرائد في الاقتصاد المحلي، وهذا ما حدث في الدول المتقدمة، حيث أقامت قطاعا صناعيا متنوعا أحدث تغييرا هيكليا في اقتصادياتها، فالثروة الصناعية التي حدثت في الدول الأوربية لم يقتصر دورها على إنتاج السلع الإنتاجية والوسيطة الاستهلاكية فقط وإنما أثرت تأثيرا واضحا على قطاعات الاقتصاد الأخرى (الزراعية، التعدينية، الخدمية…. ) وأحدثت تغييرا واضحا في هيكلها وبنيانها الاقتصادي.
ويمكن تحقيق ذلك بزيادة حجم الاستثمارات لتوسيع القاعدة الصناعية ومن ثم زيادة الدخل الصناعي الذي يسهم في نمو الدخل القومي، كما يترتب على ذلك امتصاص الصناعة لفائض العمالة الموجود في القطاع الزراعي، ويترتب على التصنيع تنويع الهيكل الإنتاجي وهيكل الصادرات، ويتميز الإنتاج الصناعي بارتفاع إنتاجية العمل واستخدام الأساليب والوسائل الإنتاجية المتطورة.
-i إستراتيجيات التصنيع.
أولا- إستراتيجية تصدير المواد الأولية:
لقد انتهج عدد كبير من الدول النامية هذه الإستراتيجية وذلك وفقا لمبدأ الميزة النسبية المتوفر لدى كل دولة، حيث على سبيل المثال نجد كلا من الجزائر والسعودية، تونس ومصر انتهجت هذه الإستراتيجية ولو بصفة جزئية وذلك بتخصص السعودية والجزائر في تصدير البترول وبعض الموارد المعدنية، أما تونس فقد تخصصت في تصدير الفوسفات والمواد الفلاحية البترول بدرجة أقل، أما مصر فقد اختصت في تصدير البترول والقطن مؤخرا .
أي أن هذه الإستراتيجية تتمثل في اعتماد الدول النامية على إنتاج وتصدير المنتجات والمواد الأولية الطبيعية، وهي أساسا المواد الخام، الوقود، المعادن، وبعض المنتجات الغذائية والزراعية ، وذلك سعيا منها للحصول على أسعار أعلى لصادراتها (أي جعلها أكثر قيمة) وجعل مداخليها من هذه الصادرات أكثر استقرارا .
ولكن رغم ما تحققه الدول النامية من مدا خيل هائلة بالعملة الصعبة نتيجة انتهاج هذه السياسة التصديرية للموارد الأولية (خاصة المصدرة للنفط)، إلا أنها لا تزال دون مستوى التنمية الاقتصادية، فنمو صادراتها من المواد الأولية والذي أدى بدوره إلى نمو ناتجها المحلي الإجمالي لم يؤد إلى أي دفعة في قطاعاتها الإنتاجية والتصنيعية .
1) مزايا وعيوب هذه الإستراتيجية:
1-1) مزاياها:
إن من المزايا الرئيسية الممكنة للنمو الذي يقوده تصدير المواد الأولية، أنه يؤدي إلى تحسين توظيف عوامل الإنتاج الموجودة وزيادة توفر عوامل الإنتاج، وانتقال الأثر إلى القطاعات الأخرى، فالإنتاج الذي يتبع طريق الميزة النسبية يؤدي إلى زيادة كثافة استخدام العناصر الأكثر وفرة نسبيا في العملية الإنتاجية، كما أن توسع الصادرات التقليدية قد يؤدي إلى توسع نطاق موارد الاستثمار الأجنبي والادخار المحلي والعمالة والقوة العاملة المدربة لتكميل عوامل الإنتاج الثابتة (الأرض والموارد الطبيعية) ، وذلك بطبيعة الحال في حالة ما إذا استغلت الإيرادات من العملة الصعبة الناتجة عن هذه الإستراتيجية التصديرية الاستغلال الأمثل.
1-2) عيوبها:
• ضعف معدل النمو الاقتصادي:
حيث أن اختيار السلع الرئيسية من المواد الأولية المصدرة لا يجب أن يكون فقط على أساس امتلاك ميزة نسبية في هذا المجال، بل يجب الأخذ في الحساب مقدار الحصيلة الإجمالية من العملة الصعبة الناتجة عن تصدير هذه السلع الرئيسية، وذلك لما لهذه الحصيلة من دور مهم في تمويل التنمية، وعلى سبيل المثال لو تواجه السلعة الرئيسية المصدرة منافسة قوية من جانب المنتجات الصناعية أو طلب ضعيف أو تدني في أسعارها، فإن الحصيلة الضعيفة من العملة الصعبة سوف تؤدي في النهاية إلى ضعف وانخفاض في معدل النمو الاقتصادي، ولهذا فإن الصادرات من المواد الأولية هذه يجب أن تضمن قدرا كافيا من العملة الصعبة لتمويل عملية تنمية باقي القطاعات .
• عدم استقرار الدخل من الصادرات:
ذلك أن البلد الذي لا يقوم بتنويع صادراته من المواد الأولية ويعتمد على تصدير سلعة واحدة أو عدد محدود من السلع، يتعرض لدرجة أكبر من عدم الاستقرار في الدخل الناتج عن الصادرات، إذا ما قورن بالبلد الذي يقوم بتنويع هيكل صادراته.
وحتى يمكن أن نقول أن الدخل من الصادرات يتمتع بالاستقرار يجب أن تكون هناك درجة من النمو في الدخل في المدى الطويل، وهذا كما تم ذكره لا يتحقق إلا بتنوع هيكل الصادرات وذلك بشرط أن يتجاوز هذا التنوع تصدير المواد الأولية إلى تصدير السلع نصف مصنعة أو كاملة الصنع الناتجة عن تحويل هذه المواد الأولية .
• عدم الاستقرار في أسعار المواد الأولية المصدرة:
حيث تتعرض المواد الأولية في المدى القصير لتقلبات شديدة في أسعارها وحجم صادراتها، والتي بدورها تؤدي إلى تقلبات في المداخيل بالعملة الصعبة، وما لذلك من أثر على التنمية الاقتصادية وذلك بسب قلة مرونة الطلب الدخلية والسعرية عليها، وقلة مرونة عرضها والتي ترجع من جانب إلى عدم الاستقرار في صناعات البلدان المشترية، ومن جانب آخر إلى اختلاف المواسم وبالتالي اختلاف كميات المنتجات (في حالة المنتجات الصناعية والغذائية) .
كما تتعرض المواد الأولية المصدرة في المدى البعيد إلى انخفاض أسعارها، ويعود سبب هذا الانخفاض في الطلب إلى عدة أسباب منها :
 نمو دخل الدول المتقدمة ما يترتب عنه نمو في الطلب على السلع الغذائية للدول النامية.
 توجه الدول الصناعية إلى الصناعات التي تنخفض فيها نسب استخدام المواد الأولية.
 انتهاج الدول المتقدمة الصناعية لإستراتيجية الإنتاج الأولي خاصة الزراعي وذلك سعيا منها لتحقيق الاكتفاء الذاتي.
• تراجع معدلات التبادل الدولي:
ويعتبر هذا عيبا آخر من عيوب هذه الإستراتيجية، ويكون هذا سبب في تناقص حجم الصادرات نتيجة انخفاض الطلب على المواد الأولية وانخفاض أسعارها، ويكون اتجاه معدلات التبادل الدولية في غير صالح الدول النامية، ونتيجة لذلك تجد نفسها عاجزة عن تدبير العملة الصعبة لمقابلة حاجاتها المتزايدة من واردات السلع الاستهلاكية والسلع الرأسمالية، وبما أن الصادرات تشكل نسبة مهمة من الدخل القومي فإن الخطورة تزيد على الاقتصاد الوطني ككل .
ثانيا- إستراتيجية الإحلال محل الواردات:
1) تعريفها:
تعني إقامة بعض الصناعات التحويلية من أجل سد حاجة السوق بدلا من السلع المصنوعة التي كانت تستورد من الخارج ولقد سعت الكثير من الدول النامية إلى اتباع هذه الإستراتيجية، والمقياس الأكثر شيوعا لقياس الإحلال هو الذي يعطي الإحلال على أنه النسبة بين الواردات والعرض الكلي من السلعة، فإذا ازداد الإنتاج المحلي(العرض) بمعدل أعلى من معدل زيادة الواردات فإن يعني أن إحلال الواردات قد تم، أما إذا زادت الواردات بمعدل أكبر من معدل زيادة الإنتاج المحلي فإن ما يتم هو عكس إحلال الواردات ويكون إحلال الواردات سالبا .
2) مراحلها:
تتكون هذه الإستراتيجية من مرحلتين أساسيتين هما :
2-1) المرحلة الأولى:
ويتم في هذه المرحلة إحلال الواردات محل السلع الاستهلاكية غير المعمرة ويكون الإحلال بواسطة إقامة صناعات خاصة لهذه السلع (مثل صناعة الملابس، الأحذية… )، بالإضافة إلى الصناعات التي تنتج المدخلات المطلوبة لإنتاجها (مثل الخامات الخاصة بصناعة النسيج والجلد والخشب)، وعادة ما توفر الدولة لهذه الصناعات الحماية الكافية وذلك لمنع منافسة المنتجات الأجنبية، ولضمان القدر اللازم من الأرباح للمستثمرين لتحفيزهم على إقامتها.
2-2) المرحلة الثانية:
وتبدأ هذه المرحلة عندما يصل الإحلال في المرحلة الأولى إلى الدرجة التي تؤدي إلى زيادة الإنتاج المحلي للسلع الاستهلاكية بنسبة تفوق زيادة استهلاكها المحلي، أي أن السوق المحلية لم تعد قادرة على امتصاص المزيد من المنتجات الاستهلاكية لذلك يتم توجيهها نحو التصدير، وفي نفس الوقت يمكن البدء في إقامة بعض الصناعات الوسيطة والرأسمالية وذلك بمساعدة التقدم الصناعي الذي يكون قد تحقق في المرحلة الأولى.
3) سياساتها وشروط نجاحها:
من جهة أولى إن إتباع هذه الإستراتيجية مرتبط بتطبيق السياسات التالية .
• الإبقاء على أسعار صرف مرتفعة للعملة لكي تنخفض تكلفة الواردات الأخرى (باستثناء الأغذية) وذلك لحماية المنتجات المحلية، وفي عدة مرات تجدد أسعار الصرف لأغراض مختلفة توازي إلى حد ما التباينات في معدلات التعريفات.
• الإبقاء على مراقبة أدق للموجودات من العملة الصعبة، وإقامة نظام لترخيص الاستيراد بحيث يكون من الضروري الحصول على رخصة استيراد من هذا النظام.
• منح قروض حكومية بأسعار فائدة منخفضة جدا لأغراض تفضيلية كتأسيس مشاريع تصنيعية.
ومن جهة أخرى فإن نجاح هذه الإستراتيجية يتطلب عدة شروط يتقدمها وضع أسس لاختيار الصناعات التي يجب إحلالها محل الواردات، وهي تشمل الصناعات الاستهلاكية، ثم الوسيطة الإنتاجية، مع أهمية مراعاة عدم استمرار سياسة الحماية المتبعة وتخفيفها مع مرور الزمن، إلى جانب ضرورة الاعتماد على الموارد المحلية قدر الإمكان وتقليل التبعية للخارج، وذلك من خلال تعظيم استغلال الطاقات الإنتاجية المتوفرة، والاستخدام الأمثل للفائض الاقتصادي المتاح، مع الاهتمام بالتقنية المحلية والعمل على تطويرها بالطرق والأساليب العلمية الممكنة، ومحاولة تطوير التقنية المستوردة من الخارج في الاستفادة من التطور العلمي الحاصل في الدول الأخرى.

4) عيوبها:
لقد أثبتت هذه الإستراتيجية فشلها في تحقيق التنمية في البلدان النامية، لأنها كانت تبدأ بالحد من الواردات وتنتهي باستيراد حتى الخامات والمواد الأولية ابتداء من وسائل الإنتاج من سلع تجهيز ومنتجات نصف مصنعة إلى سلع الاستهلاك، وانتهت هذه الإستراتيجية بزيادة الواردات والديون الخارجية، فظلت الدول المنتهجة لها تابعة للدول المتقدمة ومربوطة بتصدير المواد الأولية إليها .
ويرجع فشل هذه الإستراتيجية في تحقيق ما كان مرجوا منها لعدة أسباب نذكر منها :
• ارتفاع تكاليف الإنتاج والناتجة عن الحماية، يعيق عملية التصنيع ويحد من حجم السوق المحلي ويجعل الصناعات تعتمد في بقائها على استمرار الحماية.
• إن معظم السلع المنتجة في ظل هذه الإستراتيجية هي سلع استهلاكية كمالية أو شبه كمالية.
• إن الحماية ينتج عنها غالبا ارتفاع في أسعار السلع المنتجة وكذلك ارتفاع الأجور مما يعرقل عملية التصدير ويولد الضغوط التضخمية.
• إن التصنيع الاستهلاكي في غالب الأحيان يعتمد على المواد الخام المستوردة الأمر الذي يفاقم من مشكلة النقص في العملة الصعبة.
ومجمل القول أن هذه الإستراتيجية لا تعطي المنتجات المصنعة في ظلها قدرة تنافسية لمواجهة المنتجات الخاصة بالدول الصناعية .
ثالثا- إستراتيجية التصنيع من أجل التصدير:
1) مفهومها:
يقصد بإستراتيجية التصنيع من أجل التصدير التركيز عند اختيار ما يتم القيام به من صناعات على تلك الصناعات التي تتوفر لها فرصة تصدير منتجاتها، ويعني ذلك أنه في هذه الإستراتيجية يكون التركيز بشكل أساسي على التصدير للسوق الخارجية، أما التسويق في السوق المحلية فإنه أقل أهمية، وتعطي هذه الإستراتيجية للتصدير أهمية كبيرة، فهي تعتبره المسؤول الأول عن تمويل خطط التنمية في الدول النامية على أساس ذاتي، ذلك أن جانبا هاما من احتياجات التنمية في هذه الدول من السلع الوسطية والاستثمارية، وحتى من السلع الاستهلاكية لا يمكن إشباعه إلا بالاستيراد من الخارج، ولا بد من توفير حصيلة جيدة من الصادرات لتمويل هذه الواردات، ويزيد من أهمية هذه الحصيلة وضع صادراتها من المواد الأولية وما تعانيه من تدهور شروط التبادل التجاري لغير صالحها وانخفاض إيراداتها من هذه الصادرات، ولذلك يكون من صالح الدول النامية تصدير المزيد من منتجاتها الصناعية والتقليل ما أمكن من تصدير المواد الأولية بشكلها الخام .
2) دوافع وأسباب تطبيقها:
يمكن ذكر أهم الأسباب التي تجعل الدول النامية تأخذ بهذه الإستراتيجية فيما يلي :
• الاستفادة من المزايا النسبية المحلية فتتحول الدولة من مصدر للمنتجات الأولية إلى مصدر للمنتجات الصناعية التي تستخلصها من المنتجات الأولية، فتتحول مثلا الدولة المصدرة للنفط الخام إلى تصدير مشتقاته المتعددة.
• الاستفادة من وفرة حصيلة الصادرات من العملة الصعبة التي ستتحقق بفضل إتباع هذه الإستراتيجية لتمويل عمليات التنمية الاقتصادية، ومساعدة الدولة في عدم لجوئها إلى الاقتراض من الخارج إلا عند الضرورة القصوى.
• التغلب على مشكل ضيق السوق المحلية وما يعانيه من صغر حجم الوحدات الإنتاجية، وبالتالي ارتفاع تكاليف الإنتاج، فإذا استطاعت الصناعات البيع في الأسواق الأجنبية فإن هذا سيؤدي إلى كبر حجم الوحدات الإنتاجية وتخفيض نفقات الإنتاج، وتتمثل أشكال إقامة صناعات التصدير في :
 إما تصنيع المواد الأولية وتصديرها.
 أو انتقال صناعة إحلال الواردات إلى مرحلة التصدير.
 أو إقامة الصناعات التصديرية على أساس الميزة البينية للدول النامية.
3) سياساتها وشروط نجاحها:
3-1) سياساتها:
وتتمثل سياسات هذه الإستراتيجية في الإصلاحات التي تم إدخالها على إستراتيجية إحلال الواردات بهدف الانتقال للتصدير وتتمثل فما يلي :
• منح معونات للسلع الصناعية المصدرة.
• تخفيض الحماية الجمركية على السلع المستوردة.
• تعديل أسعار الصرف.
• رفع أسعار الفائدة وجعلها تعطي أسعارا إيجابية حقيقية.
• إدخال تعديلات على أسعار الخدمات التي تقدمها المرافق العامة بهدف جعلها أسعارا معقولة.
3-2) شروط نجاحها :
من أهم شروط نجاح هذه الإستراتيجية ما يلي:
• الاستقرار السياسي والاقتصادي.
• توفير الحوافز للمصدر كالإعفاءات الضريبية للعمليات المدعمة والمكملة للنشاط التصديري.
• سياسة الخوصصة وتدعيم القطاع الخاص بما يؤدي إلى زيادة الكفاءة وفرص التصدير والقدرة على المنافسة.
• وجود نظام قوي وفعال للخدمات من شأنه تحفيز وتنشيط الصادرات.
• وجود درجة عالية من التكامل بين القطاع الصناعي والقطاعات الأخرى داخل الاقتصاد الوطني مثل القطاع الزراعي.
• الاستفادة من نظام المناطق الحرة.
• توفير المناخ المناسب لنمو الاستثمارات الأجنبية.
• تدعيم الصناعات الصغيرة والمتوسطة لأنها قادرة على توفير فرص عمل تساهم في حل مشكلة البطالة بصورها المختلفة داخل هذه الدول.
4) إيجابياتها :
• التشجيع على حسن استغلال مبدأ الميزة النسبية والذي من شأنه أن يمكن الدولة من الاستفادة من وفرات التخصص في إنتاج سلع معينة، وهذه السلع ليست بالضرورة سلعا أولية ولكن سلع مصنوعة تعتمد كما تم ذكره على الميزة النسبية.
• التغلب على مشكل صغر السوق المحلي مما يمكن الدول النامية من الاستفادة من وفرات الحجم.
• إن إنتاج السلع المصنوعة بغرض التصدير من شأنه أن يشجع على ارتفاع مستوى الكفاءة داخل الاقتصاد الوطني، وهذا العامل هام جدا وخاصة في حالة الصناعات التي تنتج سلعا أو تستخدم كمستلزمات إنتاج في صناعات محلية أخرى.
• إن معدل نمو السلع المصنوعة بغرض التصدير لا يتوقف على معدل نمو السوق المحلي (مثل السلع التي تنتج بهدف الإحلال محل الواردات) لكنه يتوقف على معدل نمو اقتصاديات الدول المستوردة.
5) عيوبها:
ويمكن ذكرها فيما يلي :
• قد يصعب على الدول النامية أن تقيم صناعات تصديرية بسبب شدة المنافسة من جانب الدول الصناعية ذات التجربة الطويلة في مجال التصنيع.
• إن الدول الصناعية قد تقيم جدارا عاليا من الحماية الجمركية فيما يتعلق بصناعاتها التي تتميز بالبساطة أو باستخدام قوة إنتاجية كثيفة اليد العاملة (مثل الملابس الجاهزة.. ) وهذه هي الصناعات التي يمكن أن تتمتع فيها الدول النامية بميزة نسبية في إنتاجها.
• إن الدولة التي تعتمد أساسا على تصدير منتجاتها المصنوعة إلى أسواق الدول الصناعية تعاني من وقت لآخر من أي أزمات اقتصادية تمر بها اقتصاديات هذه الدول الصناعية المستوردة.
رابعا- إمكانية الدمج بين إستراتيجيتي إحلال الواردات والتصنع من أجل التصدير:
بعد أن رأينا أن إستراتيجية تشجيع الصادرات الصناعية يمكن أن تكون فعالة في تحقيق الاستقلال الاقتصادي والتخلص من التبعية وإنهاء الاعتماد على إنتاج وتصدير المنتجات الأولية، إلا أن هذه الإستراتيجية انتقدت كما تم ذكره على أنها لا تمكن البلدان النامية من إيصال السلع الصناعية إلى الأسواق الدولية لأنها تحتاج إلى مستوى عال من الإنتاجية، وتوفير المستلزمات من آلات وتقنية كثيفة رأس المال، كما تحتاج إلى أسواق كبيرة لصادراتها والتي قد لا تتوفر للعديد من البلدان، وبخلافه يتعرض البلد المعني إلى مخاطر، ولهذا فإنه من المناسب للبلدان النامية الجمع بين إحلال الواردات والتصنيع للتصدير ، ويتم إتباع إمكانية الدمج هذه لضمان نجاح نتائج كلا الإستراتيجيتين في إحداث انتعاش في التنمية الاقتصادية، ويكون ذلك عن طريق إقامة واستحداث فروع تصديرية لبعض الصناعات التحويلية، وذلك لفك الخناق عن السوق المحلية وتوسيعها، وتطوير صناعات ذات طابع إحلالي لتصبح فيما بعد ذات طابع تصديري .
ويتم تطبيق الإستراتيجيتين معا عن طريق تقديم المساعدة والدعم للصناعات المنتجة للسلع الموجهة نحو التصدير من جهة، وإقامة العوائق في وجه استيراد بعض السلع المصنعة من جهة أخرى، ولكن ما يعاب على هذين الإجراءين أن هناك بعض الاقتصاديين ممن يرون أن الإعانات التي تقدم لأصحاب المصانع المنتجة للسلع الموجه للتصدير، قد لا تمكنهم من منافسة جميع أصحاب الصناعات الذين يتميزون بالخبرة الطويلة في البلدان الصناعية، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن هذه الإعانات قد ترهق الاقتصاد مما يؤدي إلى انخفاض الدخل وانخفاض القدرة الشرائية للأفراد .
-iiتجارب بعض الدول النامية حديثة التصنيع في مجال التصدير وأسس نجاحها.
لقد حققت مجموعة من دول جنوب شرق آسيا منذ منتصف القرن العشرين معدلات نمو اقتصادي سريعة ومرتفعة، وكان الجزء الكبير من هذا النمو راجعا لاعتماد هذه الدول على قطاع الصناعة، حيث استخدم كل اقتصاد من اقتصاديات هذه الدول مزيجا من السياسات والإجراءات لتنشيط وتفعيل هذا القطاع.
أولا- تجربة كوريا الجنوبية :
يتضح من تدرج تجربة التصنيع لكورية الجنوبية منذ استقلالها في عام 1948 وحتى عام 2022، أن خطوط التنمية بدأت في التحول من إستراتيجية الإحلال محل الواردات في الخمسينيات من القرن العشرين إلى التصنيع من اجل التصدير في الستينيات من نفس القرن، حيث أنه في أواخر الخمسينيات كانت أحد أفقر الدول الأسيوية على اعتبار أنها كانت تتلقى ما قيمته 10% من ناتجها المحلي الإجمالي في شكل مساعدات، بينما كانت مدّخراتها المحلية تمثل من 02% إلى 03% من الناتج القومي الإجمالي، كما كان لديها سعر صرف مقوم بأعلى من قيمته ومعدل تضخم عالي وسريع، وكان معدل النمو الاقتصادي فيها متواضعا.
وعلى الرغم من الفرص التي أتيحت لإعادة البناء بعد انتهاء الحرب الكورية والحجم الملحوظ من المساعدات الأمريكية، إلا أن حال ميزان المدفوعات كان سيئا للغاية فقد كانت الصادرات بها أقل من نصف الواردات، زد على ذلك أن ما يقارب 88% من هذه الصادرات كانت عبارة عن مواد خام، وتغيرت الصورة في سنة 1960 حيث قامت الحكومة الكورية الجنوبية بعمل خفض كبير في قيمة عملتها الوطنية، بالإضافة إلى توفير الائتمان التفضيلي للمصدرين مع منحهم إعفاءات أو استثناءات من الرسوم على الواردات من المواد الخام والسلع الرأسمالية، كما بدأت في وضع نظم لحوافز التصدير مع زيادتها تدريجيا عندما بدأت الصادرات في الانطلاق، وبمرور الوقت زادت أهمية سعر الصرف كأحد العوامل المحفزة لتدفقات الصادرات، وبدأت الصادرات في النمو من 03% من الناتج المحلي الإجمالي بين سنتي 1960-1962 إلى 23% في المتوسط بين سنتي 1973-1975، وجاوز المعدل السنوي لنمو الصادرات في المتوسط 40%، وكانت مكونات الصادرات آنذاك كثيفة العمل وهي المنسوجات والملابس والأحذية، ومع نهاية الستينيات من القرن العشرين بدأت مهارات العمالة في الظهور وبدأت معدلات التكوين الرأسمالي في الزيادة مشيرة إلى زيادة الرأسمال المتاح لكل عامل، وبدأت صادرات الالكترونيات تحتل مكانة متزايدة في مكونات الصادرات الصناعية، ومع بداية السبعينات من نفس القرن بدأت بعض المكونات الجديدة للصادرات مثل الماكينات وآلات النقل في الدخول إلى قائمة الصادرات، وبدأ التحول نحو الأنشطة الأقل كثافة في عنصر العمل، حيث زاد استخدام قوة العمل الموجودة (استخدمت بأكملها)، ومع نهاية سنة 1966 أصبح واضحا أن النمو الاقتصادي لكوريا الجنوبية سوف يكون أكثر مما هو متوقع إذا تم توظيف مدخرات جديدة في استثمارات جديدة، ومن ثم بدأت في الاقتراض من الخارج و بدأت في السماح للاستثمار الأجنبي الخاص بالدخول.
وقد أدت الحوافز السوقية و الدعم السياسي الذي قدمته الحكومة الكورية منذ سنة 1961 إلى نمو كبير في الصادرات وصل إلى 28% سنويا، ولفترة تزيد على 35 سنة منذ سنة 1960 وحتى سنة 1966، وفي نفس الفترة نما متوسط الدخل للفرد الكوري بحوالي 08% سنويا في المتوسط وهو أعلى معدلات النمو في العالم، وطبقا لبعض التقديرات يعزى حوالي 40% من النمو في الإنتاج القومي خلال الفترة 1955-1975 للصادرات، مع الأخذ بعين الاعتبار أثر الصناعات التصديرية المباشرة والآثار غير المباشرة للصناعات الأخرى التي انتعشت نتيجة زيادة طلب المصدرين على المدخلات، وبدأت الصادرات في النمو بمعدل يقدر 03% من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة 1960-1962 إلى معدل 28% خلال الفترة 1973-1975 ثم إلى أكثر من 30% خلال الفترة 1976-1995، إلى أن بلغ حجم التبادل التجاري الكوري الجنوبي في نهاية سنة 1995 حوالي 264 مليار دولار بزيادة مقدارها 31% عن السنة السابقة، ثم عاودت انتعاشها بعد سنة 2022 بعد أن تجاوزت أحداث الأزمة المالية الآسيوية في سنتي 1997-1998، واعتمدت كوريا الجنوبية لتحقيق هذه الطفرة كليا على قطاع الصناعة، حيث نمت حصته (القطاع الصناعي) في الصادرات من 17% إلى حوالي 80% في منتصف السبعينات من القرن العشرين، وإلى أكثر من ذلك في منتصف التسعينات من نفس القرن، واقترن النمو السريع بالتنويع والتغيير الهيكلي، ونمت جميع القطاعات الصناعية بسرعة، ونمت صناعات السلع الإنتاجية التي كانت حصتها من القيمة المضافة في بداية الستينات حوالي 15% إلى 39% في منتصف السبعينات وإلى أكثر من 40% في التسعينات من نفس القرن مشيرة إلى التنوع الصناعي، وعلى الرغم من أن معظم الصادرات في بداية النمو كانت صناعات كثيفة العمل وبخاصة صادرات الملابس والمنسوجات والأحذية، إلا أنها استطاعت مع حلول منتصف السبعينات تصدير ألواح الصلب والماكينات الكهربائية والسفن وخدمات البناء، ثم دخلت عالم الالكترونيات في الثمانينيات ثم ثورة الاتصال في التسعينيات من القرن الماضي.
ويمكن ذكر أهم الإجراءات والأسس الاقتصادية التي اعتمدت عليها كوريا الجنوبية لترقية صادراتها في الستينيات فيما يلي :
• إعادة هيكلة الإدارة الضريبية.
• رفع معدلات الفائدة على الودائع البنكية، ووضع تنظيمات ومقاييس تشريعية لتشجيع الاستثمار الأجنبي.
• إتباع شروط مرنة للقرض.
• منح تخفيضات ضريبية على واردات التجهيزات المستخدمة في صناعة المنتجات الموجهة للتصدير.
• خلق منطقة حرة، و تبسيط الإجراءات الجمركية.
هذا عن سنوات الستينيات حيث كانت الانطلاقة، فيما بعد تم إتباع المقاييس التالية في سياسة ترقية الصادرات :
• الإعفاء من الحقوق الجمركية على واردات المواد الأولية وسلع التجهيز.
• منح معدلات فائدة تفضيلية للمصدرين.
• تخفيض الضريبة على الأرباح الصناعية والتجارية الناتجة عن عملية التصدير.
• وضع مقاييس خاصة تسمح بإهتلاك متسارع لتشجيع عملية الإنتاج.
• تعويض بعض الاقتطاعات الضريبية للمصدرين.
• إعانات فيما يخص تمويل الصادرات.
ثانيا- تجربة تايوان :
إن نمط التصنيع في تايوان يتشابه تماما مع نظيره في كوريا الجنوبية، حيث اعتمدت صناعاتهما بصورة أكبر على الاستثمارات الأجنبية المباشرة، كما عرف القطاع الحكومي نصيب أكبر من المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الصناعات التحويلية، ومنذ منتصف الستينيات توجهت تايوان من إستراتيجية إحلال محل الواردات إلى إستراتيجية التصنيع من أجل التصدير، وقد نمت الصناعات التايوانية وتطورت وأصبحت قادرة على المنافسة في الأسواق الدولية، إلى جانب تلبيتها للطلب المحلي، وعملت على تشجيع إقامة صناعات أكثر تعقيدا، مثل صناعات الصلب والبتروكيمياء وماكينات تصنيع الآلات والمعدات الإلكترونية، ولقد بدأت الحكومة التايوانية في تطبيق سياستها التنموية بإتباع سلسلة من الإصلاحات منها :
• خفض قيمة العملة.
• توحيد أسعار الصرف في سنة 1958.
• إلغاء القيود على الواردات.
• تعديل السياسة النقدية.
• إنشاء مناطق حرة للتصدير.
وكان من نتيجة هذه الإجراءات أن انخفض معدل التضخم إلى أقل من 02% سنويا خلال الخمسينيات من القرن العشرين، وقد تبع هذه الإصلاحات زيادة ملحوظة في الصادرات وفي معدل النمو الاقتصادي، حيث شكلت الصادرات 12.2% من الدخل القومي سنة 1958، بينما شكلت الواردات في نفس السنة 20% من الدخل القومي، وارتفعت الصادرات إلى 19.6% من الدخل القومي سنة 1965، وفي سنة 1969 تساوت الصادرات مع الواردات نتيجة للنمو السريع في الصادرات، وخلال عقد الستينيات من القرن العشرين أمكن مضاعفة الصادرات التايوانية خمسة أضعاف، بينما ارتفعت الواردات بأربعة أضعاف ونمت الصادرات لتحل محل المساعدات الأجنبية والسماح بزيادة كبيرة في الواردات، وكانت هذه الأخيرة ضرورية حيث كان الاقتصاد يحتاجها في العملية الإنتاجية بدرجة كبيرة، وقد تكونت قائمة الصادرات الأولية لتايوان من المواد الغذائية المصنعة والمواد المشابهة، وقد توسعت قائمة الصادرات لتشمل الملابس والمنسوجات والماكينات الكهربائية وغيرها من الصناعات، وكما حدث في حالة كوريا الجنوبية ارتبطت زيادة الصادرات والدخل الحقيقي بزيادة معدلات التوظيف والأجور الحقيقية.
وعلى العموم فقد ظهرت السياسات المنتهجة مشابهة في معظم أدواتها لسياسات كوريا الجنوبية، حيث استهدفت السياسات الحكومية تشجيع الصادرات عموما بالإضافة إلى التركيز على تشجيع تصدير مجموعة معينة من السلع، وقدمت الحوافز بأشكال عديدة ولصور عديدة من الأنشطة الاقتصادية، وعلى العكس من كوريا الجنوبية فقد بدأت تايوان مبكرا في تشجيع رأس المال والاستثمار الأجنبي، وحاولت خلق بيئة جذابة للمستثمرين الأجانب، حيث كانت تعتبر الاستثمار الأجنبي أحد المصادر الهامة للتنمية الاقتصادية.
ثالثا- تجربة هونغ كونغ :
بالرغم من قلة مساحتها وقلة مواردها الطبيعية والمائية، استطاعت هونغ كونغ أن تحقق تنمية كبيرة في النشاط الصناعي والتجاري والسياحي والمصرفي، وهذا بفضل توجهها نحو الخارج وإتباعها لسياسة التصدير، مما سمح لصادراتها أن تبلغ معدلات عالمية، وأن تجد لنفسا مكانة محترمة في التجارة العالمية وقد انعكس هذا الوضع على مستوى معيشة الأفراد، وهذا نتيجة الدور الذي لعبته الحكومة في توفير الظروف الملائمة للقطاع الخاص وتوفير البنية الأساسية التي تشجع على النمو الاقتصادي، واتخذت الحكومة مجموعة من الإجراءات لزيادة القدرات التكنولوجية في الصناعة، والتي من أهمها:
• حرية تداول السلع والخدمات.
• عدم وجود الرقابة على الصرف الأجنبي.
• تخفيض معدلات الضرائب.
• توفير الخدمات المالية والفنية بصورة كبيرة.
ونظرا للمضايقة التي واجهتها الصادرات التقليدية في الأسواق الأجنبية من جراء نظام الحصص واتجاه الزيادة في تكاليف العمل، مما أدى إلى التقليل من القدرة التنافسية للصادرات، أخذت الصناعة تتوجه نحو التركيز على المنتجات عالية الجودة والالكترونيات، وللحفاظ على مكانة المنتجات التقليدية في الأسواق الأجنبية تم اللجوء لليد العاملة الرخيصة من الصين، كما تم إقامة مراكز للتدريب، كما لعب الاستثمار الأجنبي دورا حيويا وخاصة في صناعة الإلكترونيك وتوفير رأس المال ونقل التكنولوجيا.
رابعا- تجربة سنغافورة :
يعتبر التوجه التصديري هو أساس النمو السريع لسنغافورة، وقد رحبت سنغافورة برأس المال الأجنبي وتعتبر معظم الصناعات بها من نوع الصناعات كثيفة رأس المال (مثل صناعة تكرير البترول)، وعلى الرغم من نجاح سنغافورة في تنمية سياسة التصنيع بها إلا أنها بدأت من سياسة الإحلال محل الواردات مع حلول منتصف الستينيات من القرن العشرين، وكان الاهتمام الرئيسي أن الشركة لا تنتج إلا للسوق المحلي حتى سنة 1965، نتيجة لذلك ظلت مشكلة البطالة في سنغافورة لعدة سنوات بعد الاستقلال، يضاف إلى ذلك الأثر السيئ لسياسة الإحلال محل الواردات على الصادرات والتي ساهمت في تفاقم العجز في ميزان المدفوعات، وفي سنة 1967 بدأت سنغافورة في تبني إستراتيجية التصنيع ذات التوجه التصديري، هذا ما انعكس في إحداث التغييرات الجذرية لمجموعة سياسات التنمية الاقتصادية، ولقد شجع الهيكل الجديد لسياسات التنمية الاقتصادية على إقامة مجموعة من التجهيزات الصناعية الجديدة والتي تهدف جميعها لترويج الصادرات، ونتيجة لانخفاض معدلات الأجور مع الموقع الاستراتيجي للدولة في آسيا وكفاءة وسائل النقل والتوجه التجاري الخارجي الجديد وهيكل الاستثمار، كانت كلها عوامل جعلت من سنغافورة مركزا لجذب الشركات متعددة الجنسيات والتي بدأت في التوسع ودخول هذه المنطقة، ولتحقيق هدف خلق الوظائف الجديدة تم تقديم عدد من الحوافز سنة 1967 في ظل قانون توسيع الحوافز الاقتصادية، منها على سبيل المثال خفض معدلات الضرائب على الدخول الناتجة عن الأنشطة الصناعية الموجهة للتصدير، هذه السياسات – بالإضافة إلى عدد آخر من العوامل المستقلة والتي يعتبر من أهمها التوسع السريع في النظام التجاري الدولي خلال تلك الفترة وإعادة تخصيص مصانع الغزل والنسيج من الدول الأسيوية الأخرى – يمكن النظر إليها على أنها أحد الأسباب التي أدت إلى زيادة الاستثمار الصناعي الكلي خلال الفترة الممتدة بين سنتي 1968-1973 عن 2.3 مليار دولار، وقد استفادت قطاعات الخدمات الصناعية والمالية من الزيادة في الاستثمار الأجنبي، وداخل الأنشطة الصناعية كان هناك توسع في الالكترونيات، تكرير البترول، قطع غيار السفن، قطاعات المنسوجات، وهو الأمر الذي ساعد على استيعاب عدد كبير من القوى العاملة الموجودة.
وفيما يتعلق بالخدمات المالية فقد كان لإقامة البنك الأمريكي ـ الآسيوي دور كبير في إنشاء مجموعة من التسهيلات التمويلية الدولية للعمل في سوق الدولار الآسيوي، والذي يميز المرحلة الأولى من النمو السريع في هذا السوق هو ظهور سنغافورة كمركز مالي دولي رئيسي، أما النجاح الذي حققته سنغافورة في المرحلة الثانية للتنمية فيمكن أن يعزى ليس للزيادة السريعة في الاستثمار الأجنبي والصادرات فقط، ولكن أيضا للنمو الحاد في التوظيف الذي أدى إلى تحول سنغافورة من اقتصاد يتمتع بفائض عمالة منخفضة الأجر إلى اقتصاد يكتظ بالعمالة المرتفعة الأجر.
خامسا- تجربة أندونيسيا :
في سنة 1966 استطاعت الحكومة الأندونيسية أن تكفل استقرار السياسة الاقتصادية فعملت أولا على خفض معدل التضخم الذي بلغ 639%، واهتمت بإصلاح البنية الأساسية وزيادة معدلات الصادرات مع توفير ما يكفي للاستهلاك المحلي، وقد انتهجت أندونيسيا في تحقيق أهدافها سياسة اقتصادية تركز على التوجه الاقتصادي غير المباشر، حيث قامت الدولة بتوجيه اقتصادها من خلال مؤسساتها العامة مع إعطاء القطاع الخاص والاستثمار الأجنبي غاية اهتمامها، وقد تضمنت خطط الحكومة إصلاح جميع القطاعات التي من شأنها تنمية الاقتصاد الأندونيسي، خاصة قطاع التعدين والزراعة، كما أولت القطاع المصرفي أهمية كبيرة حتى تمكِّنه من القيام بدوره على أكمل وجه، وقد زادت الصادرات الأندونيسية بمعدلات متضاعفة حيث ارتفعت بمعدل نمو سنوي بلغ 13.6% خلال الفترة الممتدة بين سنتي 1987-1993، وقد حملت قائمة الصادرات الأندونيسية مجموعة متنوعة من المنتجات إذ تعتبر أندونيسيا المورد الرئيسي لبعض السلع مثل القصدير، المطاط، الغاز الطبيعي السائل، القهوة،………الخ، والسلع المصنعة مثل الالكترونيات، المنسوجات، الأغذية المصنعة، الاسمنت،………الخ، وتقوم أندونيسيا بالتصدير إلى مجموعة متنوعة من الدول تتصدرهم اليابان، الصين، ألمانيا، هولندا، الولايات المتحدة، وقد نجحت أندونيسيا في تنويع استراتيجياتها التصديرية في جزء كبير منها نتيجة نجاحها في جذب الاستثمار الأجنبي، كما كان للمشروعات دور كبير في جلب الآلات، التكنولوجيا، الاتصالات مع السوق الخارجي وتدريب العمالة في أندونيسيا.
كما كان للمساعدات التي قدمتها الحكومة الأندونيسية للمصدرين دور في إنجاح سياستها التصديرية، حيث كان صُنَّاع القرار في أندونيسيا يرون أن أفضل الطرق لتحقيق رغبة الشركات في زيادة صادراتهم ليس منح حوافز لقطاعات بعينها، بل فضلت خلق مستوى من الحوافز للجميع على نحو يشجع الاستثمارات، وبالنسبة لبيئة أعمال المصدرين فقد منحت الحكومة الأندونيسية الشركات المصدرة التي لا تقل صادراتها عن 65% من إنتاجها الحوافز التالية:
• عدم فرض قيود على الواردات.
• إعفاء جمركي من الرسوم على الواردات، وضريبة القيمة المضافة على الآلات والمواد الخام.
• السماح بحوالي 95% ملكية أجنبية.
• أنشأت الحكومة الأندونيسية نظاما لتمويل الصادرات يقدم ائتمانا قبل وبعد الشحن.
سادسا- تجربة ماليزيا :
لقد نجحت ماليزيا في ترقية صادراتها بنسبة 17% في المتوسط خلال الفترة الممتدة بين سنتي 1987-1993 حيث وصلت إلى 47 مليار دولار أمريكي، وقد استمرت ماليزيا في انتهاجها لإستراتيجية التصنيع الأمر الذي انعكس بالإيجاب على صادراتها، حيث شكلت المنتجات الصناعية 71% من إجمالي هذه الصادرات سنة 1993، واستمرت في هذا الاتجاه إلى غاية منتصف العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، هذا بعد أن كان البترول الخام عمود الصادرات الماليزية، بالإضافة إلى المطاط، وزيت النخيل، خشب الأشجار.
ومن بين الصادرات الماليزية نجد الآلات الكهربائية حيث بلغت مساهمتها حوالي 60% في صادرات ماليزيا الصناعية، يليها من حيث الأهمية كل من المنسوجات والكيماويات والبترول والمعادن، وقد نجحت ماليزيا في تنويع أسواق صادراتها على مستوى العالم، حيث تصدر إلى اليابان 17% من صادراتها الإجمالية، كما تصدر للاتحاد الأوروبي حوالي 16% من صادراتها وتتلقى الولايات المتحدة منها ما يقارب 15%.
و قد مثل الاستثمار الأجنبي عجلة النمو الرئيسية لصادرات ماليزيا في العصر الحديث، وقد أفاد هذا الاستثمار الصادرات الماليزية من خلال قيام المستثمرين الأجانب بتوسيع خطوط منتجاتهم سواء الأمامية أو الخلفية، ومكَّن الاستثمار الأجنبي ماليزيا من تنويع قائمة صادراتها وإبعادها عن الصادرات النفطية والتقليدية التي تواجه أسعار عالمية غير مستقرة، وتعتبر صادرات الالكترونيات أهم أنواع صادرات ماليزيا منذ مطلع حقبة التسعينيات من القرن العشرين وحتى منتصف العقد الأول من القرن الواحد والعشرين.
بالإضافة إلى الاستثمار الأجنبي هناك عاملا أخر أدى إلى تفعيل الصادرات الماليزية، والمتمثل في نظام تزويد الشركات بالمساعدات والتمويل للإنتاج الموجه للصادرات، وقد أدى هذا النهج كذلك إلى زيادة في تسهيل نمو الصادرات الماليزية على نطاق واسع، حيث قدمت ماليزيا حوافز لكل من المنتجين والمصدرين في المناطق غير النامية، وللمستوردين للتكنولوجيا الجديدة أو المستثمرين في المنتجات غير التقليدية، وعلاوة على ذلك فقد قدمت الحكومة الماليزية دعما للصادرات عن طريق تقديم مجموعة كبيرة من الخدمات والحوافز، والتي من بينها ما يلي:
• 50% إعفاء من الضرائب المرتبطة بالأنشطة التصديرية.
• إعفاء ضريبي يمثل ما نسبته 05% من قيمة الصادرات.
• إعفاء مزدوج على التكاليف المرتبطة بالصادرات متضمنة تكاليف تسويق الصادرات، والتأمين على الصادرات وتأمين الحمولات المستوردة.
• استرداد قيمة الجمارك والرسوم على السلع الوسيطة المستخدمة في الصادرات.
سابعا- تجربة تايلاند :
تدلنا تجربة تايلاند في مجال تنمية الصادرات على أهمية وأثر السياسات الاقتصادية الكلية والتنظيمات الحكومية على التجارة الخارجية، فخلال الستينيات من القرن العشرين كانت تعرف تايلاند على أنها مصدر للسلع الزراعية التقليدية، وبخاصة الأرز والمطاط والخشب وخام القصدير، وخلال السبعينيات من نفس القرن قدمت الحكومة دعما كبيرا للمصدرين، وأدى ذلك أن تضمنت قائمة الصادرات التايلاندية إلى جانب الصادرات الزراعية الخام مجموعة من السلع الزراعية المصنعة والمنتجات المصنعة الأخرى، وبمقارنة هيكل التكلفة النسبية للدولة آنذاك مع غيرها من الشركاء التجاريين يمكن القول بأن معظم الصادرات التايلاندية هي عبارة عن صادرات كثيفة العمل، مثل الأغذية المعلبة والمنتجات الخشبية والمجوهرات.
ولأن الحكومة التايلاندية وجهت كل اهتمامها للأنشطة التصديرية والمصدرين فقد فتحت الباب للاستثمار الأجنبي، ووضعت مجموعة كبيرة من الحوافز لمجموعة محددة من الصناعات، وكان من أثر ذلك أن تنوعت الصادرات ونمت، وتتضمن قائمة الصادرات التايلاندية الآن الصادرات الالكترونية والأجزاء المتكاملة منها، والصادرات الكهربائية، والمنتجات الجلدية مثل الأحذية، والمنتجات البلاستيكية، وتشكل الصادرات الصناعية ما نسبته 54% من الصادرات التايلاندية، وقد نمت الصادرات التايلاندية بمعدل 23% سنويا خلال الفترة الممتدة بين سنتي 1987-1993 حتى وصلت إلى 37 مليار دولار أمريكي، ويكمن سبب نجاح الصادرات التايلاندية للأدوات المنتهجة من قبل الحكومة والتي يتمثل بعضها فيما يلي:
• إعفاءات ضريبية.
• خفض تكاليف الطاقة.
• تقديم المساعدات التسويقية للشركات.
كما لعب الاستثمار الأجنبي دورا كبيرا في إنجاح الصادرات التايلاندية، وخاصة في مجال الالكترونيات والأحذية، ومن المهم أن نلاحظ أن الخبرة التايلاندية في تنمية الصادرات أشارت أن الاستثمار الأجنبي لا يعتبر لوحده الأرضية الرئيسية لتنمية الصادرات، فهناك أيضا بعض السياسات الأخرى والتي من أهمها قيام الشركات الموجودة في تايلاند بتعديل خطوط إنتاجها حيث ارتفع هيكل التكلفة بمرور الوقت مع ازدياد حده المنافسة، كما ساهمت السياسة الصناعية لتايلاند في إنجاح إستراتيجية تنمية الصادرات الصناعية.
وقد احتوت سياسة التصدير التايلاندية على مجموعة من الحوافز مقسمة على ثلاثة مناطق، ويمكن عرض أهمها على النحو التالي:
 الشركات الموجودة في المنطقة الأولى تستفيد من:
• 50% تخفيض في الرسوم المفروضة على الواردات من الآلات.
• إعفاء لسنوات من الضرائب على الدخل (بالنسبة للشركات الموجودة في المناطق الصناعية فقط).
• إعفاء لمدة سنة من الضرائب على المواد الخام.
 الشركات الموجودة في المنطقة الثانية تستفيد من:
• 50% تخفيض في الرسوم المفروضة على الواردات من الآلات.
• إعفاء لمدة ثلاثة سنوات من الضرائب على الدخل (تزداد إلى سبعة بالنسبة للشركات الموجودة في المناطق الصناعية).
• إعفاء لمدة سنة من الضرائب على المواد الخام.
 الشركات الموجودة في المنطقة الثانية تستفيد من:
• 100% خفض في الرسوم المفروضة على الواردات من الآلات.
• إعفاء لمدة ثمانية سنوات من الضرائب على الدخل يتبعها خمسة سنوات خفض في الضرائب على الدخل بنسبة 50%.
• إعفاء مزدوج من الضرائب على الدخل من المياه، الكهرباء، تكاليف النقل للعشر سنوات الموالية.








التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

ماذج التنمية في دول جنوب شرق أسيا

تجربة الصين … دروس وعبر
مدخل…..

ان التجربة التنموية الصينية تعد من اكبر وانجح التجارب التنموية في العالم وذلك للظروف الصعبة التي واجهت هذه التجربة وفي مقدمتها كبر حجم السكان وقلة الموارد قياساً بالسكان ، لذا فان التعرف على اساسيات هذه التجربة يجعلنا نقف على الدرب السليم عند القيام بالتخطيط لاي عملية تنمية .

الوضع العام في الصين قبل التنمية …

في القرن التاسع عشر كانت الصين امبراطورية تعيش منغلقة على نفسها الى حد كبير وفي هذا القرن كثرت الحروب ، وانشرت الثورة الصناعية بشكل كبير، فبدات حرب الافيون بين الصين وبريطانيا عام (1842) وانتهت بسيطرة بريطانيا على هونك كونك ، ثم بدأ التخلي عن تايوان لليابان عام (1895) ، وحصلت روسيا والمانيا على امتيازات خطوط الحديد فيها ، وكان لهذه الاوضاع ردود فعل عميقة في البلاد وانتشار روح الثورة ضد الحكم القائم الضعيف ، وانتهت بثورة عام (1911) وقيام الجمهورية عام (1921) ، التي انهت الحكم الضعيف في الصين .

وفي العشرينات بدأ هناك جناحين الاول يرى ان النموذج الشيوعي لايناسب الصين واوضاعها العامـة ، والثاني يميل الى النموذج السوفيتي الشيوعي ويرى انه الضمان لتحقيق التغيير الايجابي . وفي عام (1925) اشتد الخلاف داخل الحكم وحسم الامر عام (1927) باخراج الشيوعيين من الحكم واضطرو الى الذهاب الى الريف الذي كان بعيد عن سلطة الدولة وكونوا هناك نفوذ قوي بقيادة قائد الحزب (ماوتسي تونغ) ثم نشبت الحرب الاهلية في نهاية الاربعينيات واستمرت عامين وانتهت الحرب بسيطرة الجيش الاحمر وهو تنظيم للحزب الشيوعي على السلطة عام (1949) .

اجراأت ما قبل التنمية …
كانت الخطوات الاولى للقيام بتنمية شاملة هي القيام بعدة اجراأت منها :

(الغاء الامتيازات الاجنبية – تأمين التجارة الخارجية – تحديد حدود دنيا للاجور ترتبط هذه الحدود باسعار الارز (سلعة الغذاء الرئيسية) – تطبيق نظام البطاقات التموينية لاستهلاك السلع الاساسية مع تحديد اسعارها – فرض نظام تراخيص العمل والاقامة في المدن – تأمين المشروعات الكبيرة ومصادرة الملكيات الكبيرة واملاك بعض الاجانب –ألغاء العملة السابقة – تنظيم الملكيات الزراعية الصغيرة والمتوسطة في شكل جمعيات تعاونية (تشبه هذه المرحلة الى حد كبير الاجراأت التي قامت في الاتحاد السوفيتي بعد الثورة) .

بداية الخطط التنموية … 1-
بدأت الخطة الخمسية الاولى بين (1953-1957) باعطاء وزن كبير للصناعة بمختلف مستويـاتها ، مع التاكيد على الزراعة واعادة تنظيم الجمعيات لضمان تقديمها لفائض اكبر لتمويل عملية التنمية ، أي ان (ماوتسي تونغ) كان يؤكد على الزراعة والصناعة معاً ، كما ان التوازن كان موجوداً بين الاستهلاك والتراكم وتوسيع نظام التعليم والقضاء على الامية . وقد نجحت الخطة نجاح كبير فارتفعت معدلات نمو الصاعة الى (20%) عما كان متوقعاً وارتفعت مستويات الصحة والتعليم بشكل واضح ، ومعدلات نمو الزراعة (41%) مما ضمن تحسناً ملحوظاً في مستوى التغذية ، وارتفع تراكم الدخل القومي الى (24%) ومعدلات الاستثمار المادي الى (71%) .

2- ادت النتائج الايجابية للخطة الخمسية الاولى الى زيادة الثقة بامكان تحقيق انجازات اكبر ، فوضعت الخطة الخمسية الثانية (1958-1962) لتحقيق القفزة العظيمة الى امام ، والهدف هو مضاعفة الانتاج خلال سنة واحدة تحت شعار (بقدر ما يجسر الانسان بقدر ماتنتج الارض) وقد ركزت الخطة على الصناعة الثقيلة وتمويلها من خلال زيادة نسبة التراكم المقرر من الانتاج المحلي ومعنى ذلك زيادة الفائض المطلوب من الزراعة والصناعة الاستخراجية ، ولم تنجح القفزة في دفع الانتاج الصناعي الى المستويات المرجوة في الوقت الذي ضعف فيه دور الصناعات الصغيرة ، فقد شهدت الفترة مابين (1957-1960) النزاع ثم الفراق بين الصين والاتحاد السوفيتي ، وتعاقب ظروف مناخية مدمرة عصفت بالانتاج الزراعي ، وكان الفشل في الصناعة واستمر التنظيم الزراعي وفق الخطة .

3- وضعت الخطة الخمسية الثالثة بين (1963-1967) وسط مشاكل عديدة ، فقد ارهقت المواجهات الخارجية الامكانيات العامة وانخفضت انتاجية الصناعة عما كان مقدراً لها وظهر فتور في حماس العاملين لضعف الحوافز المادية ، وكانت قيادة الصين تشعر ان النظام فيها كان مستهـدف ، فمن حرب في كوريا الى اخرى مع الهند والى ثالثة لمواجهة القوى التي حاولت اعادة السيطرة على الهند الصينية ، وخوفاً من انتكاس الثورة قامت حركة سميت بـ(الثورة الثقافية) عام (1966) وكان هدف (ماو) من اثارة الثورة الثقافية تكتيل قوى الشبيبة بأعتبارها صاحبة المصلحة في التغيير وانها الوحيدة القادرة على دفع الصين الى امام وماجهة الاعداء دون اعتماد على أحد من الخارج ، وقد تبع التوجه الجديد تعديل اسلوب الخطة الثالثة ومدها حتى عام (1970) لكي توائم التغيرات الجديدة ، وكانت مشكلة الثورة الثقافية ليست في المسائـل التي طرحتها ولكن في العنف الذي شملها واتساع نطاق تطبيقها في المدن التي هي المراكز الحساسة للتغير الاجتماعي مهما قيل عن الريف وطاقاته ، وقد واكب الثورة الثقافية تغيير مادي واضح من مضاعفة نصيب الصناعة الثقيلة التي اصبحت قاعدة التطور الصناعي ، وزيادة انتاج الصناعات الخفيفة والمحلية التي مكنت من تغطية نسبة هامة من احتياجات الاقاليم وكانت انتاجيتها مرتفعة الى حد جعلت الصين مكتفية ذاتياً في اغلب السلع الغذائية ويتمتع المواطنون بمستوى تغذية اعلى بكثير عما كانوا يحصلون عليه .

كما كان لها الاثرفي بروز القيم الصينية التقليدية مثل العمل باجتهاد في سبيل المصلحة الذاتية وطغيانها على بعض قيم الحزب الشيوعي ، ومن ثم عادت الاسرة لتكون الوحدة الاهم في الريف الصيني ، وبعدان كان الصيني في الماضي يخدم الشعب اصبح يخدم الاسرة ونفسه .

4- خفت حدة الثورة الثقافية عند وضع الخطة الخمسية الرابعة وفي ظل الانفراج الدولي أزاء الصين وخروجها من عزلتها وانضمامها الى الامم المتحدة ، واستمرت الخطة في سياسة الاعتماد على الذات وزيادة الاستثمار المخصص للصناعة مع استمرار الجهود الاجتماعية للقضاء على الامية وتوسيع فرص التعليم وتحسين المستوى الصحي والمعاشي للمواطنين ، اما الانتاج الزراعي فقد قفز الى ما قيمته (223) مليون دولار في السنة ، أي بمعدل (600%) عما كان عليه عام (1949) ، وقد احتلت الصين بعد هذه الخطة المركز الثالث في العالم بعد روسيا وامريكا من حيث حجم الانتاج الصناعي وتنوعه .

5- اما الخطة الخمسية الخامسة (1976-1980) والتي توفي فيها (ماو) خلال السنة الاولى بدأت سياسة اصلاح جديدة ترى ان العبرة هي في ثبات الخطوات ومواجهة الواقع وليس في القفز فـوقه ، كما وجهت الدعوى الى تحديث الصناعة واعطاء البحث العلمي والتقدم التكنلوجي دوراً اكبر تحت رعاية الدولة واعادة النظر في المشروعات وتقويمها على اساس ادائها وحسن انتاجها وليس على اساس حجم هذا الانتاج بغض النظر عن نوعيته وهي المشكلة التي واجهت الدولة الاشتراكية في المراحل الاولى لعملها . وبعد رحيل (ماو) ضعفت الايدلوجية الاشتراكية وعادت الوطنية الصينية الى البروز ومعها فكرة (انـ الصـين مـركز العـالم) .

ظهور بعض مظاهر التغيير…

أ?- في محاولة لارجاع (شنغهاي) لسابق عهدها كمركز تجاري وصناعي دولي ، اقيمت في الثمانينات (14) شركة امريكية – صينية مشتركة في مجالات (الاجهزة الكهربائية – المعدات النفطية – العطور – …الخ) اضافة الى مجموعة شركات مشتركة مع اليابان وهولندا وألمانيا .

ب?- أنشاء عدد من المشاريع الخاصة ، ففي عام (1984) كان هناك (9,3) مليون مشروع متوزعة بين النقل والبناء وصناعة الاحذية والخدمات . وقد خلف هذا طبقة برجوازية صغيرة في الصين .

ج?- انشاء مناطق حرة في عدة اقاليم على الساحل الصيني الجنوبي الشرقي لجلب رؤوس الاموال الاجنبية .

د- بدأت الصين تستجيب الى كتابات الغرب الرأسمالي حول ضرورة تحديد النسل لايجاد نوع من التوازن بين السكان والموارد ، وقد قررت فرض نوع من العقوبات على من ينجب اكثر من طفل واحد ، مما ادى الى عودة ظاهرة ( وأد البنات) في الريف التي اختفت عند قيام الثورة .

مؤشرات النجاح بالارقام حتى منتصف الثمانينات ….

1- ارتفع الدخل الصناعي بعد الخطة الاولى (128%) عما كان عليه في السابق .

2- يقدر انتاج الصين من مادة الارز بـ أكثر من (38%) من انتاج العالم .

3- ارتفع انتاجها من القمح من (30) مليون طن عام (1970) الى (41) مليون طن عام (1975) واحتلت المرتبة الثالثة في العالم بعد روسيا وامريكا ، وكان نصيب الفرد من القمح (394كغم) .

4- ارتفعت نسبة الادخار الى (40%) وهي اعلى نسبة في العالم ، حتى اعلى من اليابان .

5- ارتفع معدل الدخل القومي للفرد الصيني الى (4,7%) خلال (33) سنة من عام (1952- 1985) على الرغم من زيادة السكان (400) مليون نسمة ، وهو من اعلى المعدلات في العالم .

6- ارتفع معدل العمر من (48) سنة عام (1949) الى قرابة السبعين في نهاية السبعينات وانخفض معدل الوفيات الى حوالي (6) بالالف .

اسباب نجاح التجربة الصينية …

1- التعاون بين الدولة والقاعدة العريضة من الجماهير ، وبخاصة الفلاحين الذين يشكلون الجزء الاعظم من السكان ، كما ان بداية الثورة كانت في الريف الذي انطلق منه الحزب الشيوعي .

2- اصلاح الزراعة وهي القطاع الرئيسي في الصين من خلال القضاء على الاقطاع وتوزيع الاراضي وتكوين الجمعيات الفلاحية ونجاح الاستثمارات الزراعية وقيام بعض الصناعات في الريف وبالتالي لم ينعكس سلباً على العمالة الريفية ( واصبح الفلاح احد اهداف التنمـية ، بعد ان كان ضحية في تجارب دولية اخرى) .

3- نجاح الثورة الثقافية الى حد ما في تطوير ابناء الصين بكافة فئاتهم ونشر القيم الاشتراكيـة .

4- كفاءة الجهاز التخطيطي كان له الدور الفاعل في تعبئة الطاقات والموارد وموازنتها بشكل دقيق بحيث حققت اشباع هذا الكم الهائل من السكان والقيام بالتصدير وتحقيق مكانة متقدمة بين الدول الصناعية .

5- القيم والعوامل الاجتماعية كان لها الاثر البالغ في نجاح خطط التنمية مثل تحديد الاستهـلاك – الادخار – تحديد النسل – احترام العمل وتقديسه – التعاون .

6- الاستفادة من الاخطاء السابقة في الخطط الخمسية وتجنب الاخطاء التي وقعت بها الاشتراكية وتطبيقاتها في روسيا .

7- انخفاض معدل الضرائب الى ادنى مستوى مما ساهم في تخفيف العبىء على المواطنين (الفلاحين بالذات) .

8- الموازنة بين قطاعات التنمية والسير في تطويرها بمسارات متقاربة .

9- استقلالية النظام السياسي في الصين وعدم تبعيته بالرغم من المساعدات الهائلة التي قدمها الاتحاد السوفيتي ، الا انها انتهت بعد فتور العلاقة بينهما عام (1960) .

العبرة من التجربة التنموية الصينية …

ان اهم درس يؤخذ من هذه التجربة الكبيرة هو امكانية قيام التنمية اذا ما توفرت الارادة لذلك واذا ما توفرت القيادة التي تعتمد التخطيط السليم وتحقق التعاون مع الشعب فلن يقف حجم السكان الهائل عائق امام التنمية ، بل العكس فقد تم استغلاله بشكل جيد بحيث قفزت الصين الى مصاف الدول المتقدمة خلال فترة قصيرة ، وفي هذا درس مهم جداً لكل الدول النامية ذات الموارد المحدودة وحجم السكان الكبير في ان يستفادوا من هذه التجربة العظيمة ، مع الاخذ بنظر الاعتبار ضرورة الاستقلال السياسي والغاء التبعية التي كانت العامل الاساسي في نهضة الصين ونهضة أي دولة تحاول القيام بالتنمية الناجحة .

المصادر :

.

2. دولت احمد صادق وآخرون ، جغرافية العالم ، القاهرة ، مكتبة الانجلو المصرية ، الجزء الاول ، 1976 .

3. عبد المنعم الحسني وعادل شكارة ، التخطيط الاجتماعي ، بغداد ، دار الحكمة للطباعة والنشر ، 1992 .

4. غالب محمود عريبات ، تخلف العرب والعالم الثالث ، عمان ، المطبعة الاردنية ، 1989 .

5. ميدال لبلاش ، اصول الجغرافية البشرية ، ترجمة شاكر خصباك ، بغداد ، دار المأمون ، 1987 .

6. نهوض الصين ، مجلة المنتدى ، عمان ، منتدى الفكر العربي ، العدد (133) ، 1996 .

7. وقائع وبحوث ندوة (التنمية المستقلة في الوطن العربي ) ، بيروت ، مركز دراسات الوحدة العربية ، 1987 .

8. يوان شانغ ، الاصلاح البنيوي والتنمية الاقتصادية في الصين ، المجلة الدولية للعلوم الاجتماعية ، اليونسكو ، العدد (120) ، 1989 .




التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

نظرية التنمية عند كينز:


نظرية التنمية عند كينز:

تمــــهيد

يعتبر جون مينارد كينز مؤسس المدرسة الكينزية.
انطلق كينز في بناء نظريته في ظروف مغايرة لتلك الظروف التي بنيت فيها النظريات السابقة.
أهم ظرف أزمة الكساد الكبير التي أصابت العالم الغربي سنة 1929، والتي من مظاهرها:

– حدوث كساد في السلع والخدمات (العرض يفوق الطلب).
– توقف العملية الإنتاجية وبالتالي عملية النمو الاقتصادي.
– ارتفاع مستويات البطالة.
– انخفاض مستويات الأسعار.

أولاً: نقد النظرية الكلاسيكية والفرضيات التي قامت عليها.

– عدم صحة فكرة التشغيل الكامل.
– عدم صحة فرضية التوازن التلقائي.
– عدم واقعية فرضيه حيادية الدولة.
– عدم صحة فرضية مرونة الأجور والأسعار، خصوصاٌ الأجور في اتجاهها التنازلي.
– عدم صحة قانون ساي للأسواق وفكرة العرض يخلق الطلب.

ثانياً: فرضيات كينز.

– يمكن أن يتوازن الاقتصاد عند حالة عدم التشغيل الكامل، ويستمر ذلك لفترة طويلة.
– لايمكن للاقتصاد أن يتوازن تلقائياً، وإن حدث فسيكون ذلك في المدى البعيد وبتكلفة اجتماعية باهظة.
– وجوب تدخل الدولة لإعادة التوازن الاقتصادي او للحفاظ عليه.
– الطلب هو الذي يوجد العرض المناسب له وليس العكس.
ثالثاً: بناء النظرية الكينزية.
اعتبر كينز أن أزمة الكساد الكبير هي أزمة قصور في الطلب وليس أزمة فائض في العرض.
وهو يرى أن حلها يتطلب تحريك الطلب وذلك ليتحرك العرض وبالتالي استعادة عملية النمو لسيرورتها.
وعليه فإن الأمر يتطلب –حسب كينز- تحديد محددات الطلب الكلي (القومي)، وذلك لمعرفة السياسات المناسبة.
وقد قدم كينز المخطط التالي الذي يوضح ذلك.

—– محددات الطلب الكلي عند ”كينز“—–

تعليم_الجزائر

تحريك الطلب الكلي يكون إما:
– بتحريك الطلب الاستهلاكي الخاص وذلك برفع الدخل.
– أو بتحريك الطلب الاستثماري الخاص وذلك بتخفيض سعر الفائدة.
– أو بتحريكهما معاً.
لكن المشكل هو:
– استحالة تحريك الطلب الاستهلاكي عن طريق الدخل بسبب ظروف الكساد.
– استحالة تحريك الطلب الاستثماري عن طريق تخفيض الفائدة لانعدام الكفاية الحدية لرأس المال.
– أي استحالة تحريك الطلب عن طريق القطاع الخاص في ظل أزمة مثل أزمة الكساد 1929.
الحل الذي اقترحه هو:
– تدخل الحكومة عن طريق زيادة الإنفاق الحكومي وذلك لتحريك الطلب الكلي.
– فالإنفاق الحكومي من شأنه أن يحرك الطلب الاستهلاكي (لأنه يرفع دخل المستهلكين).
– كما أنه يحرك الطلب الاستثماري الخاص (بسبب زيادة الطلب الاستهلاكي الخاص، الطلب الاستثماري العام )
شروط الإنفاق: يجب أن يخصص هذا الإنفاق:
– إما في الاستهلاك العام (زيادة دخول الوظيف العمومي، زيادة الإنفاق على تحسين الإدارة العمومية، تقديم إعانات للعاجزين…).
– أو أن يخصص في الاستثمارات العمومية غير المنتجة ( بناء الطرقات والموانئ، المستشفيات، المدارس…). وذلك لتفادي تأزم ظاهرة الكساد.
ومنه تتحرك عملية الاستثمار والإنتاج، وبالتالي تعود عملية النمو والتنمية للسير من جديد.

النقد:

سياسة الزيادة في الإنفاق الحكومي قد تكون إيجابية في بعض الظروف (ظروف الكساد)، لكن غير ذلك في ظروف أخرى (مثل أزمة الركود التضخمي).

سياسة قليلة الفعالية في الدول النامية وذلك بسبب:

– عدم رشادة الإنفاق الحكومي.
– عدم مرونة الاستثمار لتغيرات أسعار الفائدة.
– عدم كمال الاسواق.

تتطلب سياسة كينز في تحفيز عملية النمو تدخلات حكومية كبيرة، مما يستدعي أموال كبيرة، وهذا الأمر غير متوفر للدول المتخلفة.

النظرية الكينزية

لم تتعرض نظية كينز لتحليل مشاكل الدول النامية و لكنها اهتمت بالدول المتقدمة فقط ويري كينز أن الدخل الكلي يعتبر دالة في مستوي التشغيل في أي دولة فكلما زاد حجم التشغيل زاد حجم الدخل الكلي و الأدوات الكينزية و الاقتصاديات النامية هي

1.الطلب الفعال: وفقا لكينز فإن البطالة تحدث بسبب نقص الطلب الفعالي و للتخلص منها يقترح كينز حدوث زيادة في الانفاق سواء على الاستهلاك أو الاستثمار.

2.الكفاية الحدية لرأس المال: يرى كينز أن الكفاية الحدية لرأس المال تمثل أحد المحددات الرئيسية لنعدل الإستثمار وتوجد علاقة عكسية بين الاستثمار و الكفاية الحدية لرأس المال.

3.سعر الفائدة:يمثل سعر الفائدة العنصر الثاني المحدد للإستثمار بجانب الكفاية الحدية لرأس المال في النموذج الكينزي. ويتحدد سعر الفائدة بدوره بتفضيل السيولة وعرض النقود.
4.المضاعف: فالمضاغف الكينزي يقوم على أربعة فروض كما يلي: ‌أ-وجود بطالة لا إرادية. ‌ب-اقتصاد صناعى. ‌ج-وجود فائض في الطاقة الانتاجية للسلع الاستهلاكية. ‌د-يتسم العرض بدرجة مرونة مناسبة و توفير سلع رأس المال اللازمة للزيادة في الانتاج.
5.السياسات الاقتصادية: هناك مجالات أخرى لا تتوافق فيها الظروف السائدة بالدول النامية مع متطلبات عمل السياسات الكينزية.

تقييم نظرية كينز للدخل حول مضاعف التجارة الخارجية:

من أهم الماخذعلى نظرية كينز انه اعتبر آلية الدخل آلية ذاتية لتكييف ميزان المدفوعات بتجاهله لتأثيرات ظاهرة
اختلال الاقتصادي الخارجي على كمية النقود المتداولة وما تمارسه التغيرات فيها من تغيرات مناظرة على مستويات الدخل:
-تغيرات مستوى الأسعار المحلية مقارنة مع الأسعار الخارجية
-تغيرات مستوى الأسعار للفائدة المحلية مقارنة بالمستويات العالمية لها
-مقدار الأرصدة النقدية التي يحتفظ بها الأفراد.
كما تجعل هذه النظرية العلاقة بين تغير الإنفاق وتغير الدخل دورا أساسيا في إحداث التوازن وتتجاهل العوامل الأخرى حيث من بين أهم الانتقادات لها كذلك:
-لا يوجد ضمان لتحقيق التوازن تلقائيا بسبب تغيرات الدخل الوطني إذ يمكن ان يمتص الادخار جزءا من الزيادة التي حدثت في الدخل.
-إمكانية وجود تناقض بين تحقيق مستوى تشغيل كامل وتحقيق توازن ميزان المدفوعات.
– تعتمد على التحليل الساكن إذ تغض النظر عن زيادة الطاقة الإنتاجية وتكتفي بالطاقة العاطلة التي افترض كينز بوجودها
.