التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

محاضرات في التنمية

المحاضرة1:التصنيع كأسلوب للتنمية
أ /نبيل بويبية / جامعة جيجل/2008/2009

يعتقد البعض أن التصنيع هو جوهر عملية التنمية، فهو يعرف بأنه عبارة عن أحد جوانب أو عمليات التنمية الاقتصادية، يخصص فيها نسب متزايدة من الموارد الوطنية من أجل إقامة هيكل اقتصادي محلي متنوع ومتطور تقنيا، قوامه قطاع تحويلي ديناميكي ينتج وسائل الإنتاج والسلع الاستهلاكية، ويؤمن معدلا عاليا من النمو الاقتصادي.
وفي هذه الحالة يجب أن يصبح قطاع الصناعة التحويلية بمثابة القطاع الرائد في الاقتصاد المحلي، وهذا ما حدث في الدول المتقدمة، حيث أقامت قطاعا صناعيا متنوعا أحدث تغييرا هيكليا في اقتصادياتها، فالثروة الصناعية التي حدثت في الدول الأوربية لم يقتصر دورها على إنتاج السلع الإنتاجية والوسيطة الاستهلاكية فقط وإنما أثرت تأثيرا واضحا على قطاعات الاقتصاد الأخرى (الزراعية، التعدينية، الخدمية…. ) وأحدثت تغييرا واضحا في هيكلها وبنيانها الاقتصادي.
ويمكن تحقيق ذلك بزيادة حجم الاستثمارات لتوسيع القاعدة الصناعية ومن ثم زيادة الدخل الصناعي الذي يسهم في نمو الدخل القومي، كما يترتب على ذلك امتصاص الصناعة لفائض العمالة الموجود في القطاع الزراعي، ويترتب على التصنيع تنويع الهيكل الإنتاجي وهيكل الصادرات، ويتميز الإنتاج الصناعي بارتفاع إنتاجية العمل واستخدام الأساليب والوسائل الإنتاجية المتطورة.
-i إستراتيجيات التصنيع.
أولا- إستراتيجية تصدير المواد الأولية:
لقد انتهج عدد كبير من الدول النامية هذه الإستراتيجية وذلك وفقا لمبدأ الميزة النسبية المتوفر لدى كل دولة، حيث على سبيل المثال نجد كلا من الجزائر والسعودية، تونس ومصر انتهجت هذه الإستراتيجية ولو بصفة جزئية وذلك بتخصص السعودية والجزائر في تصدير البترول وبعض الموارد المعدنية، أما تونس فقد تخصصت في تصدير الفوسفات والمواد الفلاحية البترول بدرجة أقل، أما مصر فقد اختصت في تصدير البترول والقطن مؤخرا .
أي أن هذه الإستراتيجية تتمثل في اعتماد الدول النامية على إنتاج وتصدير المنتجات والمواد الأولية الطبيعية، وهي أساسا المواد الخام، الوقود، المعادن، وبعض المنتجات الغذائية والزراعية ، وذلك سعيا منها للحصول على أسعار أعلى لصادراتها (أي جعلها أكثر قيمة) وجعل مداخليها من هذه الصادرات أكثر استقرارا .
ولكن رغم ما تحققه الدول النامية من مدا خيل هائلة بالعملة الصعبة نتيجة انتهاج هذه السياسة التصديرية للموارد الأولية (خاصة المصدرة للنفط)، إلا أنها لا تزال دون مستوى التنمية الاقتصادية، فنمو صادراتها من المواد الأولية والذي أدى بدوره إلى نمو ناتجها المحلي الإجمالي لم يؤد إلى أي دفعة في قطاعاتها الإنتاجية والتصنيعية .
1) مزايا وعيوب هذه الإستراتيجية:
1-1) مزاياها:
إن من المزايا الرئيسية الممكنة للنمو الذي يقوده تصدير المواد الأولية، أنه يؤدي إلى تحسين توظيف عوامل الإنتاج الموجودة وزيادة توفر عوامل الإنتاج، وانتقال الأثر إلى القطاعات الأخرى، فالإنتاج الذي يتبع طريق الميزة النسبية يؤدي إلى زيادة كثافة استخدام العناصر الأكثر وفرة نسبيا في العملية الإنتاجية، كما أن توسع الصادرات التقليدية قد يؤدي إلى توسع نطاق موارد الاستثمار الأجنبي والادخار المحلي والعمالة والقوة العاملة المدربة لتكميل عوامل الإنتاج الثابتة (الأرض والموارد الطبيعية) ، وذلك بطبيعة الحال في حالة ما إذا استغلت الإيرادات من العملة الصعبة الناتجة عن هذه الإستراتيجية التصديرية الاستغلال الأمثل.
1-2) عيوبها:
• ضعف معدل النمو الاقتصادي:
حيث أن اختيار السلع الرئيسية من المواد الأولية المصدرة لا يجب أن يكون فقط على أساس امتلاك ميزة نسبية في هذا المجال، بل يجب الأخذ في الحساب مقدار الحصيلة الإجمالية من العملة الصعبة الناتجة عن تصدير هذه السلع الرئيسية، وذلك لما لهذه الحصيلة من دور مهم في تمويل التنمية، وعلى سبيل المثال لو تواجه السلعة الرئيسية المصدرة منافسة قوية من جانب المنتجات الصناعية أو طلب ضعيف أو تدني في أسعارها، فإن الحصيلة الضعيفة من العملة الصعبة سوف تؤدي في النهاية إلى ضعف وانخفاض في معدل النمو الاقتصادي، ولهذا فإن الصادرات من المواد الأولية هذه يجب أن تضمن قدرا كافيا من العملة الصعبة لتمويل عملية تنمية باقي القطاعات .
• عدم استقرار الدخل من الصادرات:
ذلك أن البلد الذي لا يقوم بتنويع صادراته من المواد الأولية ويعتمد على تصدير سلعة واحدة أو عدد محدود من السلع، يتعرض لدرجة أكبر من عدم الاستقرار في الدخل الناتج عن الصادرات، إذا ما قورن بالبلد الذي يقوم بتنويع هيكل صادراته.
وحتى يمكن أن نقول أن الدخل من الصادرات يتمتع بالاستقرار يجب أن تكون هناك درجة من النمو في الدخل في المدى الطويل، وهذا كما تم ذكره لا يتحقق إلا بتنوع هيكل الصادرات وذلك بشرط أن يتجاوز هذا التنوع تصدير المواد الأولية إلى تصدير السلع نصف مصنعة أو كاملة الصنع الناتجة عن تحويل هذه المواد الأولية .
• عدم الاستقرار في أسعار المواد الأولية المصدرة:
حيث تتعرض المواد الأولية في المدى القصير لتقلبات شديدة في أسعارها وحجم صادراتها، والتي بدورها تؤدي إلى تقلبات في المداخيل بالعملة الصعبة، وما لذلك من أثر على التنمية الاقتصادية وذلك بسب قلة مرونة الطلب الدخلية والسعرية عليها، وقلة مرونة عرضها والتي ترجع من جانب إلى عدم الاستقرار في صناعات البلدان المشترية، ومن جانب آخر إلى اختلاف المواسم وبالتالي اختلاف كميات المنتجات (في حالة المنتجات الصناعية والغذائية) .
كما تتعرض المواد الأولية المصدرة في المدى البعيد إلى انخفاض أسعارها، ويعود سبب هذا الانخفاض في الطلب إلى عدة أسباب منها :
 نمو دخل الدول المتقدمة ما يترتب عنه نمو في الطلب على السلع الغذائية للدول النامية.
 توجه الدول الصناعية إلى الصناعات التي تنخفض فيها نسب استخدام المواد الأولية.
 انتهاج الدول المتقدمة الصناعية لإستراتيجية الإنتاج الأولي خاصة الزراعي وذلك سعيا منها لتحقيق الاكتفاء الذاتي.
• تراجع معدلات التبادل الدولي:
ويعتبر هذا عيبا آخر من عيوب هذه الإستراتيجية، ويكون هذا سبب في تناقص حجم الصادرات نتيجة انخفاض الطلب على المواد الأولية وانخفاض أسعارها، ويكون اتجاه معدلات التبادل الدولية في غير صالح الدول النامية، ونتيجة لذلك تجد نفسها عاجزة عن تدبير العملة الصعبة لمقابلة حاجاتها المتزايدة من واردات السلع الاستهلاكية والسلع الرأسمالية، وبما أن الصادرات تشكل نسبة مهمة من الدخل القومي فإن الخطورة تزيد على الاقتصاد الوطني ككل .
ثانيا- إستراتيجية الإحلال محل الواردات:
1) تعريفها:
تعني إقامة بعض الصناعات التحويلية من أجل سد حاجة السوق بدلا من السلع المصنوعة التي كانت تستورد من الخارج ولقد سعت الكثير من الدول النامية إلى اتباع هذه الإستراتيجية، والمقياس الأكثر شيوعا لقياس الإحلال هو الذي يعطي الإحلال على أنه النسبة بين الواردات والعرض الكلي من السلعة، فإذا ازداد الإنتاج المحلي(العرض) بمعدل أعلى من معدل زيادة الواردات فإن يعني أن إحلال الواردات قد تم، أما إذا زادت الواردات بمعدل أكبر من معدل زيادة الإنتاج المحلي فإن ما يتم هو عكس إحلال الواردات ويكون إحلال الواردات سالبا .
2) مراحلها:
تتكون هذه الإستراتيجية من مرحلتين أساسيتين هما :
2-1) المرحلة الأولى:
ويتم في هذه المرحلة إحلال الواردات محل السلع الاستهلاكية غير المعمرة ويكون الإحلال بواسطة إقامة صناعات خاصة لهذه السلع (مثل صناعة الملابس، الأحذية… )، بالإضافة إلى الصناعات التي تنتج المدخلات المطلوبة لإنتاجها (مثل الخامات الخاصة بصناعة النسيج والجلد والخشب)، وعادة ما توفر الدولة لهذه الصناعات الحماية الكافية وذلك لمنع منافسة المنتجات الأجنبية، ولضمان القدر اللازم من الأرباح للمستثمرين لتحفيزهم على إقامتها.
2-2) المرحلة الثانية:
وتبدأ هذه المرحلة عندما يصل الإحلال في المرحلة الأولى إلى الدرجة التي تؤدي إلى زيادة الإنتاج المحلي للسلع الاستهلاكية بنسبة تفوق زيادة استهلاكها المحلي، أي أن السوق المحلية لم تعد قادرة على امتصاص المزيد من المنتجات الاستهلاكية لذلك يتم توجيهها نحو التصدير، وفي نفس الوقت يمكن البدء في إقامة بعض الصناعات الوسيطة والرأسمالية وذلك بمساعدة التقدم الصناعي الذي يكون قد تحقق في المرحلة الأولى.
3) سياساتها وشروط نجاحها:
من جهة أولى إن إتباع هذه الإستراتيجية مرتبط بتطبيق السياسات التالية .
• الإبقاء على أسعار صرف مرتفعة للعملة لكي تنخفض تكلفة الواردات الأخرى (باستثناء الأغذية) وذلك لحماية المنتجات المحلية، وفي عدة مرات تجدد أسعار الصرف لأغراض مختلفة توازي إلى حد ما التباينات في معدلات التعريفات.
• الإبقاء على مراقبة أدق للموجودات من العملة الصعبة، وإقامة نظام لترخيص الاستيراد بحيث يكون من الضروري الحصول على رخصة استيراد من هذا النظام.
• منح قروض حكومية بأسعار فائدة منخفضة جدا لأغراض تفضيلية كتأسيس مشاريع تصنيعية.
ومن جهة أخرى فإن نجاح هذه الإستراتيجية يتطلب عدة شروط يتقدمها وضع أسس لاختيار الصناعات التي يجب إحلالها محل الواردات، وهي تشمل الصناعات الاستهلاكية، ثم الوسيطة الإنتاجية، مع أهمية مراعاة عدم استمرار سياسة الحماية المتبعة وتخفيفها مع مرور الزمن، إلى جانب ضرورة الاعتماد على الموارد المحلية قدر الإمكان وتقليل التبعية للخارج، وذلك من خلال تعظيم استغلال الطاقات الإنتاجية المتوفرة، والاستخدام الأمثل للفائض الاقتصادي المتاح، مع الاهتمام بالتقنية المحلية والعمل على تطويرها بالطرق والأساليب العلمية الممكنة، ومحاولة تطوير التقنية المستوردة من الخارج في الاستفادة من التطور العلمي الحاصل في الدول الأخرى.

4) عيوبها:
لقد أثبتت هذه الإستراتيجية فشلها في تحقيق التنمية في البلدان النامية، لأنها كانت تبدأ بالحد من الواردات وتنتهي باستيراد حتى الخامات والمواد الأولية ابتداء من وسائل الإنتاج من سلع تجهيز ومنتجات نصف مصنعة إلى سلع الاستهلاك، وانتهت هذه الإستراتيجية بزيادة الواردات والديون الخارجية، فظلت الدول المنتهجة لها تابعة للدول المتقدمة ومربوطة بتصدير المواد الأولية إليها .
ويرجع فشل هذه الإستراتيجية في تحقيق ما كان مرجوا منها لعدة أسباب نذكر منها :
• ارتفاع تكاليف الإنتاج والناتجة عن الحماية، يعيق عملية التصنيع ويحد من حجم السوق المحلي ويجعل الصناعات تعتمد في بقائها على استمرار الحماية.
• إن معظم السلع المنتجة في ظل هذه الإستراتيجية هي سلع استهلاكية كمالية أو شبه كمالية.
• إن الحماية ينتج عنها غالبا ارتفاع في أسعار السلع المنتجة وكذلك ارتفاع الأجور مما يعرقل عملية التصدير ويولد الضغوط التضخمية.
• إن التصنيع الاستهلاكي في غالب الأحيان يعتمد على المواد الخام المستوردة الأمر الذي يفاقم من مشكلة النقص في العملة الصعبة.
ومجمل القول أن هذه الإستراتيجية لا تعطي المنتجات المصنعة في ظلها قدرة تنافسية لمواجهة المنتجات الخاصة بالدول الصناعية .
ثالثا- إستراتيجية التصنيع من أجل التصدير:
1) مفهومها:
يقصد بإستراتيجية التصنيع من أجل التصدير التركيز عند اختيار ما يتم القيام به من صناعات على تلك الصناعات التي تتوفر لها فرصة تصدير منتجاتها، ويعني ذلك أنه في هذه الإستراتيجية يكون التركيز بشكل أساسي على التصدير للسوق الخارجية، أما التسويق في السوق المحلية فإنه أقل أهمية، وتعطي هذه الإستراتيجية للتصدير أهمية كبيرة، فهي تعتبره المسؤول الأول عن تمويل خطط التنمية في الدول النامية على أساس ذاتي، ذلك أن جانبا هاما من احتياجات التنمية في هذه الدول من السلع الوسطية والاستثمارية، وحتى من السلع الاستهلاكية لا يمكن إشباعه إلا بالاستيراد من الخارج، ولا بد من توفير حصيلة جيدة من الصادرات لتمويل هذه الواردات، ويزيد من أهمية هذه الحصيلة وضع صادراتها من المواد الأولية وما تعانيه من تدهور شروط التبادل التجاري لغير صالحها وانخفاض إيراداتها من هذه الصادرات، ولذلك يكون من صالح الدول النامية تصدير المزيد من منتجاتها الصناعية والتقليل ما أمكن من تصدير المواد الأولية بشكلها الخام .
2) دوافع وأسباب تطبيقها:
يمكن ذكر أهم الأسباب التي تجعل الدول النامية تأخذ بهذه الإستراتيجية فيما يلي :
• الاستفادة من المزايا النسبية المحلية فتتحول الدولة من مصدر للمنتجات الأولية إلى مصدر للمنتجات الصناعية التي تستخلصها من المنتجات الأولية، فتتحول مثلا الدولة المصدرة للنفط الخام إلى تصدير مشتقاته المتعددة.
• الاستفادة من وفرة حصيلة الصادرات من العملة الصعبة التي ستتحقق بفضل إتباع هذه الإستراتيجية لتمويل عمليات التنمية الاقتصادية، ومساعدة الدولة في عدم لجوئها إلى الاقتراض من الخارج إلا عند الضرورة القصوى.
• التغلب على مشكل ضيق السوق المحلية وما يعانيه من صغر حجم الوحدات الإنتاجية، وبالتالي ارتفاع تكاليف الإنتاج، فإذا استطاعت الصناعات البيع في الأسواق الأجنبية فإن هذا سيؤدي إلى كبر حجم الوحدات الإنتاجية وتخفيض نفقات الإنتاج، وتتمثل أشكال إقامة صناعات التصدير في :
 إما تصنيع المواد الأولية وتصديرها.
 أو انتقال صناعة إحلال الواردات إلى مرحلة التصدير.
 أو إقامة الصناعات التصديرية على أساس الميزة البينية للدول النامية.
3) سياساتها وشروط نجاحها:
3-1) سياساتها:
وتتمثل سياسات هذه الإستراتيجية في الإصلاحات التي تم إدخالها على إستراتيجية إحلال الواردات بهدف الانتقال للتصدير وتتمثل فما يلي :
• منح معونات للسلع الصناعية المصدرة.
• تخفيض الحماية الجمركية على السلع المستوردة.
• تعديل أسعار الصرف.
• رفع أسعار الفائدة وجعلها تعطي أسعارا إيجابية حقيقية.
• إدخال تعديلات على أسعار الخدمات التي تقدمها المرافق العامة بهدف جعلها أسعارا معقولة.
3-2) شروط نجاحها :
من أهم شروط نجاح هذه الإستراتيجية ما يلي:
• الاستقرار السياسي والاقتصادي.
• توفير الحوافز للمصدر كالإعفاءات الضريبية للعمليات المدعمة والمكملة للنشاط التصديري.
• سياسة الخوصصة وتدعيم القطاع الخاص بما يؤدي إلى زيادة الكفاءة وفرص التصدير والقدرة على المنافسة.
• وجود نظام قوي وفعال للخدمات من شأنه تحفيز وتنشيط الصادرات.
• وجود درجة عالية من التكامل بين القطاع الصناعي والقطاعات الأخرى داخل الاقتصاد الوطني مثل القطاع الزراعي.
• الاستفادة من نظام المناطق الحرة.
• توفير المناخ المناسب لنمو الاستثمارات الأجنبية.
• تدعيم الصناعات الصغيرة والمتوسطة لأنها قادرة على توفير فرص عمل تساهم في حل مشكلة البطالة بصورها المختلفة داخل هذه الدول.
4) إيجابياتها :
• التشجيع على حسن استغلال مبدأ الميزة النسبية والذي من شأنه أن يمكن الدولة من الاستفادة من وفرات التخصص في إنتاج سلع معينة، وهذه السلع ليست بالضرورة سلعا أولية ولكن سلع مصنوعة تعتمد كما تم ذكره على الميزة النسبية.
• التغلب على مشكل صغر السوق المحلي مما يمكن الدول النامية من الاستفادة من وفرات الحجم.
• إن إنتاج السلع المصنوعة بغرض التصدير من شأنه أن يشجع على ارتفاع مستوى الكفاءة داخل الاقتصاد الوطني، وهذا العامل هام جدا وخاصة في حالة الصناعات التي تنتج سلعا أو تستخدم كمستلزمات إنتاج في صناعات محلية أخرى.
• إن معدل نمو السلع المصنوعة بغرض التصدير لا يتوقف على معدل نمو السوق المحلي (مثل السلع التي تنتج بهدف الإحلال محل الواردات) لكنه يتوقف على معدل نمو اقتصاديات الدول المستوردة.
5) عيوبها:
ويمكن ذكرها فيما يلي :
• قد يصعب على الدول النامية أن تقيم صناعات تصديرية بسبب شدة المنافسة من جانب الدول الصناعية ذات التجربة الطويلة في مجال التصنيع.
• إن الدول الصناعية قد تقيم جدارا عاليا من الحماية الجمركية فيما يتعلق بصناعاتها التي تتميز بالبساطة أو باستخدام قوة إنتاجية كثيفة اليد العاملة (مثل الملابس الجاهزة.. ) وهذه هي الصناعات التي يمكن أن تتمتع فيها الدول النامية بميزة نسبية في إنتاجها.
• إن الدولة التي تعتمد أساسا على تصدير منتجاتها المصنوعة إلى أسواق الدول الصناعية تعاني من وقت لآخر من أي أزمات اقتصادية تمر بها اقتصاديات هذه الدول الصناعية المستوردة.
رابعا- إمكانية الدمج بين إستراتيجيتي إحلال الواردات والتصنع من أجل التصدير:
بعد أن رأينا أن إستراتيجية تشجيع الصادرات الصناعية يمكن أن تكون فعالة في تحقيق الاستقلال الاقتصادي والتخلص من التبعية وإنهاء الاعتماد على إنتاج وتصدير المنتجات الأولية، إلا أن هذه الإستراتيجية انتقدت كما تم ذكره على أنها لا تمكن البلدان النامية من إيصال السلع الصناعية إلى الأسواق الدولية لأنها تحتاج إلى مستوى عال من الإنتاجية، وتوفير المستلزمات من آلات وتقنية كثيفة رأس المال، كما تحتاج إلى أسواق كبيرة لصادراتها والتي قد لا تتوفر للعديد من البلدان، وبخلافه يتعرض البلد المعني إلى مخاطر، ولهذا فإنه من المناسب للبلدان النامية الجمع بين إحلال الواردات والتصنيع للتصدير ، ويتم إتباع إمكانية الدمج هذه لضمان نجاح نتائج كلا الإستراتيجيتين في إحداث انتعاش في التنمية الاقتصادية، ويكون ذلك عن طريق إقامة واستحداث فروع تصديرية لبعض الصناعات التحويلية، وذلك لفك الخناق عن السوق المحلية وتوسيعها، وتطوير صناعات ذات طابع إحلالي لتصبح فيما بعد ذات طابع تصديري .
ويتم تطبيق الإستراتيجيتين معا عن طريق تقديم المساعدة والدعم للصناعات المنتجة للسلع الموجهة نحو التصدير من جهة، وإقامة العوائق في وجه استيراد بعض السلع المصنعة من جهة أخرى، ولكن ما يعاب على هذين الإجراءين أن هناك بعض الاقتصاديين ممن يرون أن الإعانات التي تقدم لأصحاب المصانع المنتجة للسلع الموجه للتصدير، قد لا تمكنهم من منافسة جميع أصحاب الصناعات الذين يتميزون بالخبرة الطويلة في البلدان الصناعية، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن هذه الإعانات قد ترهق الاقتصاد مما يؤدي إلى انخفاض الدخل وانخفاض القدرة الشرائية للأفراد .
-iiتجارب بعض الدول النامية حديثة التصنيع في مجال التصدير وأسس نجاحها.
لقد حققت مجموعة من دول جنوب شرق آسيا منذ منتصف القرن العشرين معدلات نمو اقتصادي سريعة ومرتفعة، وكان الجزء الكبير من هذا النمو راجعا لاعتماد هذه الدول على قطاع الصناعة، حيث استخدم كل اقتصاد من اقتصاديات هذه الدول مزيجا من السياسات والإجراءات لتنشيط وتفعيل هذا القطاع.
أولا- تجربة كوريا الجنوبية :
يتضح من تدرج تجربة التصنيع لكورية الجنوبية منذ استقلالها في عام 1948 وحتى عام 2022، أن خطوط التنمية بدأت في التحول من إستراتيجية الإحلال محل الواردات في الخمسينيات من القرن العشرين إلى التصنيع من اجل التصدير في الستينيات من نفس القرن، حيث أنه في أواخر الخمسينيات كانت أحد أفقر الدول الأسيوية على اعتبار أنها كانت تتلقى ما قيمته 10% من ناتجها المحلي الإجمالي في شكل مساعدات، بينما كانت مدّخراتها المحلية تمثل من 02% إلى 03% من الناتج القومي الإجمالي، كما كان لديها سعر صرف مقوم بأعلى من قيمته ومعدل تضخم عالي وسريع، وكان معدل النمو الاقتصادي فيها متواضعا.
وعلى الرغم من الفرص التي أتيحت لإعادة البناء بعد انتهاء الحرب الكورية والحجم الملحوظ من المساعدات الأمريكية، إلا أن حال ميزان المدفوعات كان سيئا للغاية فقد كانت الصادرات بها أقل من نصف الواردات، زد على ذلك أن ما يقارب 88% من هذه الصادرات كانت عبارة عن مواد خام، وتغيرت الصورة في سنة 1960 حيث قامت الحكومة الكورية الجنوبية بعمل خفض كبير في قيمة عملتها الوطنية، بالإضافة إلى توفير الائتمان التفضيلي للمصدرين مع منحهم إعفاءات أو استثناءات من الرسوم على الواردات من المواد الخام والسلع الرأسمالية، كما بدأت في وضع نظم لحوافز التصدير مع زيادتها تدريجيا عندما بدأت الصادرات في الانطلاق، وبمرور الوقت زادت أهمية سعر الصرف كأحد العوامل المحفزة لتدفقات الصادرات، وبدأت الصادرات في النمو من 03% من الناتج المحلي الإجمالي بين سنتي 1960-1962 إلى 23% في المتوسط بين سنتي 1973-1975، وجاوز المعدل السنوي لنمو الصادرات في المتوسط 40%، وكانت مكونات الصادرات آنذاك كثيفة العمل وهي المنسوجات والملابس والأحذية، ومع نهاية الستينيات من القرن العشرين بدأت مهارات العمالة في الظهور وبدأت معدلات التكوين الرأسمالي في الزيادة مشيرة إلى زيادة الرأسمال المتاح لكل عامل، وبدأت صادرات الالكترونيات تحتل مكانة متزايدة في مكونات الصادرات الصناعية، ومع بداية السبعينات من نفس القرن بدأت بعض المكونات الجديدة للصادرات مثل الماكينات وآلات النقل في الدخول إلى قائمة الصادرات، وبدأ التحول نحو الأنشطة الأقل كثافة في عنصر العمل، حيث زاد استخدام قوة العمل الموجودة (استخدمت بأكملها)، ومع نهاية سنة 1966 أصبح واضحا أن النمو الاقتصادي لكوريا الجنوبية سوف يكون أكثر مما هو متوقع إذا تم توظيف مدخرات جديدة في استثمارات جديدة، ومن ثم بدأت في الاقتراض من الخارج و بدأت في السماح للاستثمار الأجنبي الخاص بالدخول.
وقد أدت الحوافز السوقية و الدعم السياسي الذي قدمته الحكومة الكورية منذ سنة 1961 إلى نمو كبير في الصادرات وصل إلى 28% سنويا، ولفترة تزيد على 35 سنة منذ سنة 1960 وحتى سنة 1966، وفي نفس الفترة نما متوسط الدخل للفرد الكوري بحوالي 08% سنويا في المتوسط وهو أعلى معدلات النمو في العالم، وطبقا لبعض التقديرات يعزى حوالي 40% من النمو في الإنتاج القومي خلال الفترة 1955-1975 للصادرات، مع الأخذ بعين الاعتبار أثر الصناعات التصديرية المباشرة والآثار غير المباشرة للصناعات الأخرى التي انتعشت نتيجة زيادة طلب المصدرين على المدخلات، وبدأت الصادرات في النمو بمعدل يقدر 03% من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة 1960-1962 إلى معدل 28% خلال الفترة 1973-1975 ثم إلى أكثر من 30% خلال الفترة 1976-1995، إلى أن بلغ حجم التبادل التجاري الكوري الجنوبي في نهاية سنة 1995 حوالي 264 مليار دولار بزيادة مقدارها 31% عن السنة السابقة، ثم عاودت انتعاشها بعد سنة 2022 بعد أن تجاوزت أحداث الأزمة المالية الآسيوية في سنتي 1997-1998، واعتمدت كوريا الجنوبية لتحقيق هذه الطفرة كليا على قطاع الصناعة، حيث نمت حصته (القطاع الصناعي) في الصادرات من 17% إلى حوالي 80% في منتصف السبعينات من القرن العشرين، وإلى أكثر من ذلك في منتصف التسعينات من نفس القرن، واقترن النمو السريع بالتنويع والتغيير الهيكلي، ونمت جميع القطاعات الصناعية بسرعة، ونمت صناعات السلع الإنتاجية التي كانت حصتها من القيمة المضافة في بداية الستينات حوالي 15% إلى 39% في منتصف السبعينات وإلى أكثر من 40% في التسعينات من نفس القرن مشيرة إلى التنوع الصناعي، وعلى الرغم من أن معظم الصادرات في بداية النمو كانت صناعات كثيفة العمل وبخاصة صادرات الملابس والمنسوجات والأحذية، إلا أنها استطاعت مع حلول منتصف السبعينات تصدير ألواح الصلب والماكينات الكهربائية والسفن وخدمات البناء، ثم دخلت عالم الالكترونيات في الثمانينيات ثم ثورة الاتصال في التسعينيات من القرن الماضي.
ويمكن ذكر أهم الإجراءات والأسس الاقتصادية التي اعتمدت عليها كوريا الجنوبية لترقية صادراتها في الستينيات فيما يلي :
• إعادة هيكلة الإدارة الضريبية.
• رفع معدلات الفائدة على الودائع البنكية، ووضع تنظيمات ومقاييس تشريعية لتشجيع الاستثمار الأجنبي.
• إتباع شروط مرنة للقرض.
• منح تخفيضات ضريبية على واردات التجهيزات المستخدمة في صناعة المنتجات الموجهة للتصدير.
• خلق منطقة حرة، و تبسيط الإجراءات الجمركية.
هذا عن سنوات الستينيات حيث كانت الانطلاقة، فيما بعد تم إتباع المقاييس التالية في سياسة ترقية الصادرات :
• الإعفاء من الحقوق الجمركية على واردات المواد الأولية وسلع التجهيز.
• منح معدلات فائدة تفضيلية للمصدرين.
• تخفيض الضريبة على الأرباح الصناعية والتجارية الناتجة عن عملية التصدير.
• وضع مقاييس خاصة تسمح بإهتلاك متسارع لتشجيع عملية الإنتاج.
• تعويض بعض الاقتطاعات الضريبية للمصدرين.
• إعانات فيما يخص تمويل الصادرات.
ثانيا- تجربة تايوان :
إن نمط التصنيع في تايوان يتشابه تماما مع نظيره في كوريا الجنوبية، حيث اعتمدت صناعاتهما بصورة أكبر على الاستثمارات الأجنبية المباشرة، كما عرف القطاع الحكومي نصيب أكبر من المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الصناعات التحويلية، ومنذ منتصف الستينيات توجهت تايوان من إستراتيجية إحلال محل الواردات إلى إستراتيجية التصنيع من أجل التصدير، وقد نمت الصناعات التايوانية وتطورت وأصبحت قادرة على المنافسة في الأسواق الدولية، إلى جانب تلبيتها للطلب المحلي، وعملت على تشجيع إقامة صناعات أكثر تعقيدا، مثل صناعات الصلب والبتروكيمياء وماكينات تصنيع الآلات والمعدات الإلكترونية، ولقد بدأت الحكومة التايوانية في تطبيق سياستها التنموية بإتباع سلسلة من الإصلاحات منها :
• خفض قيمة العملة.
• توحيد أسعار الصرف في سنة 1958.
• إلغاء القيود على الواردات.
• تعديل السياسة النقدية.
• إنشاء مناطق حرة للتصدير.
وكان من نتيجة هذه الإجراءات أن انخفض معدل التضخم إلى أقل من 02% سنويا خلال الخمسينيات من القرن العشرين، وقد تبع هذه الإصلاحات زيادة ملحوظة في الصادرات وفي معدل النمو الاقتصادي، حيث شكلت الصادرات 12.2% من الدخل القومي سنة 1958، بينما شكلت الواردات في نفس السنة 20% من الدخل القومي، وارتفعت الصادرات إلى 19.6% من الدخل القومي سنة 1965، وفي سنة 1969 تساوت الصادرات مع الواردات نتيجة للنمو السريع في الصادرات، وخلال عقد الستينيات من القرن العشرين أمكن مضاعفة الصادرات التايوانية خمسة أضعاف، بينما ارتفعت الواردات بأربعة أضعاف ونمت الصادرات لتحل محل المساعدات الأجنبية والسماح بزيادة كبيرة في الواردات، وكانت هذه الأخيرة ضرورية حيث كان الاقتصاد يحتاجها في العملية الإنتاجية بدرجة كبيرة، وقد تكونت قائمة الصادرات الأولية لتايوان من المواد الغذائية المصنعة والمواد المشابهة، وقد توسعت قائمة الصادرات لتشمل الملابس والمنسوجات والماكينات الكهربائية وغيرها من الصناعات، وكما حدث في حالة كوريا الجنوبية ارتبطت زيادة الصادرات والدخل الحقيقي بزيادة معدلات التوظيف والأجور الحقيقية.
وعلى العموم فقد ظهرت السياسات المنتهجة مشابهة في معظم أدواتها لسياسات كوريا الجنوبية، حيث استهدفت السياسات الحكومية تشجيع الصادرات عموما بالإضافة إلى التركيز على تشجيع تصدير مجموعة معينة من السلع، وقدمت الحوافز بأشكال عديدة ولصور عديدة من الأنشطة الاقتصادية، وعلى العكس من كوريا الجنوبية فقد بدأت تايوان مبكرا في تشجيع رأس المال والاستثمار الأجنبي، وحاولت خلق بيئة جذابة للمستثمرين الأجانب، حيث كانت تعتبر الاستثمار الأجنبي أحد المصادر الهامة للتنمية الاقتصادية.
ثالثا- تجربة هونغ كونغ :
بالرغم من قلة مساحتها وقلة مواردها الطبيعية والمائية، استطاعت هونغ كونغ أن تحقق تنمية كبيرة في النشاط الصناعي والتجاري والسياحي والمصرفي، وهذا بفضل توجهها نحو الخارج وإتباعها لسياسة التصدير، مما سمح لصادراتها أن تبلغ معدلات عالمية، وأن تجد لنفسا مكانة محترمة في التجارة العالمية وقد انعكس هذا الوضع على مستوى معيشة الأفراد، وهذا نتيجة الدور الذي لعبته الحكومة في توفير الظروف الملائمة للقطاع الخاص وتوفير البنية الأساسية التي تشجع على النمو الاقتصادي، واتخذت الحكومة مجموعة من الإجراءات لزيادة القدرات التكنولوجية في الصناعة، والتي من أهمها:
• حرية تداول السلع والخدمات.
• عدم وجود الرقابة على الصرف الأجنبي.
• تخفيض معدلات الضرائب.
• توفير الخدمات المالية والفنية بصورة كبيرة.
ونظرا للمضايقة التي واجهتها الصادرات التقليدية في الأسواق الأجنبية من جراء نظام الحصص واتجاه الزيادة في تكاليف العمل، مما أدى إلى التقليل من القدرة التنافسية للصادرات، أخذت الصناعة تتوجه نحو التركيز على المنتجات عالية الجودة والالكترونيات، وللحفاظ على مكانة المنتجات التقليدية في الأسواق الأجنبية تم اللجوء لليد العاملة الرخيصة من الصين، كما تم إقامة مراكز للتدريب، كما لعب الاستثمار الأجنبي دورا حيويا وخاصة في صناعة الإلكترونيك وتوفير رأس المال ونقل التكنولوجيا.
رابعا- تجربة سنغافورة :
يعتبر التوجه التصديري هو أساس النمو السريع لسنغافورة، وقد رحبت سنغافورة برأس المال الأجنبي وتعتبر معظم الصناعات بها من نوع الصناعات كثيفة رأس المال (مثل صناعة تكرير البترول)، وعلى الرغم من نجاح سنغافورة في تنمية سياسة التصنيع بها إلا أنها بدأت من سياسة الإحلال محل الواردات مع حلول منتصف الستينيات من القرن العشرين، وكان الاهتمام الرئيسي أن الشركة لا تنتج إلا للسوق المحلي حتى سنة 1965، نتيجة لذلك ظلت مشكلة البطالة في سنغافورة لعدة سنوات بعد الاستقلال، يضاف إلى ذلك الأثر السيئ لسياسة الإحلال محل الواردات على الصادرات والتي ساهمت في تفاقم العجز في ميزان المدفوعات، وفي سنة 1967 بدأت سنغافورة في تبني إستراتيجية التصنيع ذات التوجه التصديري، هذا ما انعكس في إحداث التغييرات الجذرية لمجموعة سياسات التنمية الاقتصادية، ولقد شجع الهيكل الجديد لسياسات التنمية الاقتصادية على إقامة مجموعة من التجهيزات الصناعية الجديدة والتي تهدف جميعها لترويج الصادرات، ونتيجة لانخفاض معدلات الأجور مع الموقع الاستراتيجي للدولة في آسيا وكفاءة وسائل النقل والتوجه التجاري الخارجي الجديد وهيكل الاستثمار، كانت كلها عوامل جعلت من سنغافورة مركزا لجذب الشركات متعددة الجنسيات والتي بدأت في التوسع ودخول هذه المنطقة، ولتحقيق هدف خلق الوظائف الجديدة تم تقديم عدد من الحوافز سنة 1967 في ظل قانون توسيع الحوافز الاقتصادية، منها على سبيل المثال خفض معدلات الضرائب على الدخول الناتجة عن الأنشطة الصناعية الموجهة للتصدير، هذه السياسات – بالإضافة إلى عدد آخر من العوامل المستقلة والتي يعتبر من أهمها التوسع السريع في النظام التجاري الدولي خلال تلك الفترة وإعادة تخصيص مصانع الغزل والنسيج من الدول الأسيوية الأخرى – يمكن النظر إليها على أنها أحد الأسباب التي أدت إلى زيادة الاستثمار الصناعي الكلي خلال الفترة الممتدة بين سنتي 1968-1973 عن 2.3 مليار دولار، وقد استفادت قطاعات الخدمات الصناعية والمالية من الزيادة في الاستثمار الأجنبي، وداخل الأنشطة الصناعية كان هناك توسع في الالكترونيات، تكرير البترول، قطع غيار السفن، قطاعات المنسوجات، وهو الأمر الذي ساعد على استيعاب عدد كبير من القوى العاملة الموجودة.
وفيما يتعلق بالخدمات المالية فقد كان لإقامة البنك الأمريكي ـ الآسيوي دور كبير في إنشاء مجموعة من التسهيلات التمويلية الدولية للعمل في سوق الدولار الآسيوي، والذي يميز المرحلة الأولى من النمو السريع في هذا السوق هو ظهور سنغافورة كمركز مالي دولي رئيسي، أما النجاح الذي حققته سنغافورة في المرحلة الثانية للتنمية فيمكن أن يعزى ليس للزيادة السريعة في الاستثمار الأجنبي والصادرات فقط، ولكن أيضا للنمو الحاد في التوظيف الذي أدى إلى تحول سنغافورة من اقتصاد يتمتع بفائض عمالة منخفضة الأجر إلى اقتصاد يكتظ بالعمالة المرتفعة الأجر.
خامسا- تجربة أندونيسيا :
في سنة 1966 استطاعت الحكومة الأندونيسية أن تكفل استقرار السياسة الاقتصادية فعملت أولا على خفض معدل التضخم الذي بلغ 639%، واهتمت بإصلاح البنية الأساسية وزيادة معدلات الصادرات مع توفير ما يكفي للاستهلاك المحلي، وقد انتهجت أندونيسيا في تحقيق أهدافها سياسة اقتصادية تركز على التوجه الاقتصادي غير المباشر، حيث قامت الدولة بتوجيه اقتصادها من خلال مؤسساتها العامة مع إعطاء القطاع الخاص والاستثمار الأجنبي غاية اهتمامها، وقد تضمنت خطط الحكومة إصلاح جميع القطاعات التي من شأنها تنمية الاقتصاد الأندونيسي، خاصة قطاع التعدين والزراعة، كما أولت القطاع المصرفي أهمية كبيرة حتى تمكِّنه من القيام بدوره على أكمل وجه، وقد زادت الصادرات الأندونيسية بمعدلات متضاعفة حيث ارتفعت بمعدل نمو سنوي بلغ 13.6% خلال الفترة الممتدة بين سنتي 1987-1993، وقد حملت قائمة الصادرات الأندونيسية مجموعة متنوعة من المنتجات إذ تعتبر أندونيسيا المورد الرئيسي لبعض السلع مثل القصدير، المطاط، الغاز الطبيعي السائل، القهوة،………الخ، والسلع المصنعة مثل الالكترونيات، المنسوجات، الأغذية المصنعة، الاسمنت،………الخ، وتقوم أندونيسيا بالتصدير إلى مجموعة متنوعة من الدول تتصدرهم اليابان، الصين، ألمانيا، هولندا، الولايات المتحدة، وقد نجحت أندونيسيا في تنويع استراتيجياتها التصديرية في جزء كبير منها نتيجة نجاحها في جذب الاستثمار الأجنبي، كما كان للمشروعات دور كبير في جلب الآلات، التكنولوجيا، الاتصالات مع السوق الخارجي وتدريب العمالة في أندونيسيا.
كما كان للمساعدات التي قدمتها الحكومة الأندونيسية للمصدرين دور في إنجاح سياستها التصديرية، حيث كان صُنَّاع القرار في أندونيسيا يرون أن أفضل الطرق لتحقيق رغبة الشركات في زيادة صادراتهم ليس منح حوافز لقطاعات بعينها، بل فضلت خلق مستوى من الحوافز للجميع على نحو يشجع الاستثمارات، وبالنسبة لبيئة أعمال المصدرين فقد منحت الحكومة الأندونيسية الشركات المصدرة التي لا تقل صادراتها عن 65% من إنتاجها الحوافز التالية:
• عدم فرض قيود على الواردات.
• إعفاء جمركي من الرسوم على الواردات، وضريبة القيمة المضافة على الآلات والمواد الخام.
• السماح بحوالي 95% ملكية أجنبية.
• أنشأت الحكومة الأندونيسية نظاما لتمويل الصادرات يقدم ائتمانا قبل وبعد الشحن.
سادسا- تجربة ماليزيا :
لقد نجحت ماليزيا في ترقية صادراتها بنسبة 17% في المتوسط خلال الفترة الممتدة بين سنتي 1987-1993 حيث وصلت إلى 47 مليار دولار أمريكي، وقد استمرت ماليزيا في انتهاجها لإستراتيجية التصنيع الأمر الذي انعكس بالإيجاب على صادراتها، حيث شكلت المنتجات الصناعية 71% من إجمالي هذه الصادرات سنة 1993، واستمرت في هذا الاتجاه إلى غاية منتصف العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، هذا بعد أن كان البترول الخام عمود الصادرات الماليزية، بالإضافة إلى المطاط، وزيت النخيل، خشب الأشجار.
ومن بين الصادرات الماليزية نجد الآلات الكهربائية حيث بلغت مساهمتها حوالي 60% في صادرات ماليزيا الصناعية، يليها من حيث الأهمية كل من المنسوجات والكيماويات والبترول والمعادن، وقد نجحت ماليزيا في تنويع أسواق صادراتها على مستوى العالم، حيث تصدر إلى اليابان 17% من صادراتها الإجمالية، كما تصدر للاتحاد الأوروبي حوالي 16% من صادراتها وتتلقى الولايات المتحدة منها ما يقارب 15%.
و قد مثل الاستثمار الأجنبي عجلة النمو الرئيسية لصادرات ماليزيا في العصر الحديث، وقد أفاد هذا الاستثمار الصادرات الماليزية من خلال قيام المستثمرين الأجانب بتوسيع خطوط منتجاتهم سواء الأمامية أو الخلفية، ومكَّن الاستثمار الأجنبي ماليزيا من تنويع قائمة صادراتها وإبعادها عن الصادرات النفطية والتقليدية التي تواجه أسعار عالمية غير مستقرة، وتعتبر صادرات الالكترونيات أهم أنواع صادرات ماليزيا منذ مطلع حقبة التسعينيات من القرن العشرين وحتى منتصف العقد الأول من القرن الواحد والعشرين.
بالإضافة إلى الاستثمار الأجنبي هناك عاملا أخر أدى إلى تفعيل الصادرات الماليزية، والمتمثل في نظام تزويد الشركات بالمساعدات والتمويل للإنتاج الموجه للصادرات، وقد أدى هذا النهج كذلك إلى زيادة في تسهيل نمو الصادرات الماليزية على نطاق واسع، حيث قدمت ماليزيا حوافز لكل من المنتجين والمصدرين في المناطق غير النامية، وللمستوردين للتكنولوجيا الجديدة أو المستثمرين في المنتجات غير التقليدية، وعلاوة على ذلك فقد قدمت الحكومة الماليزية دعما للصادرات عن طريق تقديم مجموعة كبيرة من الخدمات والحوافز، والتي من بينها ما يلي:
• 50% إعفاء من الضرائب المرتبطة بالأنشطة التصديرية.
• إعفاء ضريبي يمثل ما نسبته 05% من قيمة الصادرات.
• إعفاء مزدوج على التكاليف المرتبطة بالصادرات متضمنة تكاليف تسويق الصادرات، والتأمين على الصادرات وتأمين الحمولات المستوردة.
• استرداد قيمة الجمارك والرسوم على السلع الوسيطة المستخدمة في الصادرات.
سابعا- تجربة تايلاند :
تدلنا تجربة تايلاند في مجال تنمية الصادرات على أهمية وأثر السياسات الاقتصادية الكلية والتنظيمات الحكومية على التجارة الخارجية، فخلال الستينيات من القرن العشرين كانت تعرف تايلاند على أنها مصدر للسلع الزراعية التقليدية، وبخاصة الأرز والمطاط والخشب وخام القصدير، وخلال السبعينيات من نفس القرن قدمت الحكومة دعما كبيرا للمصدرين، وأدى ذلك أن تضمنت قائمة الصادرات التايلاندية إلى جانب الصادرات الزراعية الخام مجموعة من السلع الزراعية المصنعة والمنتجات المصنعة الأخرى، وبمقارنة هيكل التكلفة النسبية للدولة آنذاك مع غيرها من الشركاء التجاريين يمكن القول بأن معظم الصادرات التايلاندية هي عبارة عن صادرات كثيفة العمل، مثل الأغذية المعلبة والمنتجات الخشبية والمجوهرات.
ولأن الحكومة التايلاندية وجهت كل اهتمامها للأنشطة التصديرية والمصدرين فقد فتحت الباب للاستثمار الأجنبي، ووضعت مجموعة كبيرة من الحوافز لمجموعة محددة من الصناعات، وكان من أثر ذلك أن تنوعت الصادرات ونمت، وتتضمن قائمة الصادرات التايلاندية الآن الصادرات الالكترونية والأجزاء المتكاملة منها، والصادرات الكهربائية، والمنتجات الجلدية مثل الأحذية، والمنتجات البلاستيكية، وتشكل الصادرات الصناعية ما نسبته 54% من الصادرات التايلاندية، وقد نمت الصادرات التايلاندية بمعدل 23% سنويا خلال الفترة الممتدة بين سنتي 1987-1993 حتى وصلت إلى 37 مليار دولار أمريكي، ويكمن سبب نجاح الصادرات التايلاندية للأدوات المنتهجة من قبل الحكومة والتي يتمثل بعضها فيما يلي:
• إعفاءات ضريبية.
• خفض تكاليف الطاقة.
• تقديم المساعدات التسويقية للشركات.
كما لعب الاستثمار الأجنبي دورا كبيرا في إنجاح الصادرات التايلاندية، وخاصة في مجال الالكترونيات والأحذية، ومن المهم أن نلاحظ أن الخبرة التايلاندية في تنمية الصادرات أشارت أن الاستثمار الأجنبي لا يعتبر لوحده الأرضية الرئيسية لتنمية الصادرات، فهناك أيضا بعض السياسات الأخرى والتي من أهمها قيام الشركات الموجودة في تايلاند بتعديل خطوط إنتاجها حيث ارتفع هيكل التكلفة بمرور الوقت مع ازدياد حده المنافسة، كما ساهمت السياسة الصناعية لتايلاند في إنجاح إستراتيجية تنمية الصادرات الصناعية.
وقد احتوت سياسة التصدير التايلاندية على مجموعة من الحوافز مقسمة على ثلاثة مناطق، ويمكن عرض أهمها على النحو التالي:
 الشركات الموجودة في المنطقة الأولى تستفيد من:
• 50% تخفيض في الرسوم المفروضة على الواردات من الآلات.
• إعفاء لسنوات من الضرائب على الدخل (بالنسبة للشركات الموجودة في المناطق الصناعية فقط).
• إعفاء لمدة سنة من الضرائب على المواد الخام.
 الشركات الموجودة في المنطقة الثانية تستفيد من:
• 50% تخفيض في الرسوم المفروضة على الواردات من الآلات.
• إعفاء لمدة ثلاثة سنوات من الضرائب على الدخل (تزداد إلى سبعة بالنسبة للشركات الموجودة في المناطق الصناعية).
• إعفاء لمدة سنة من الضرائب على المواد الخام.
 الشركات الموجودة في المنطقة الثانية تستفيد من:
• 100% خفض في الرسوم المفروضة على الواردات من الآلات.
• إعفاء لمدة ثمانية سنوات من الضرائب على الدخل يتبعها خمسة سنوات خفض في الضرائب على الدخل بنسبة 50%.
• إعفاء مزدوج من الضرائب على الدخل من المياه، الكهرباء، تكاليف النقل للعشر سنوات الموالية.








التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

ماذج التنمية في دول جنوب شرق أسيا

تجربة الصين … دروس وعبر
مدخل…..

ان التجربة التنموية الصينية تعد من اكبر وانجح التجارب التنموية في العالم وذلك للظروف الصعبة التي واجهت هذه التجربة وفي مقدمتها كبر حجم السكان وقلة الموارد قياساً بالسكان ، لذا فان التعرف على اساسيات هذه التجربة يجعلنا نقف على الدرب السليم عند القيام بالتخطيط لاي عملية تنمية .

الوضع العام في الصين قبل التنمية …

في القرن التاسع عشر كانت الصين امبراطورية تعيش منغلقة على نفسها الى حد كبير وفي هذا القرن كثرت الحروب ، وانشرت الثورة الصناعية بشكل كبير، فبدات حرب الافيون بين الصين وبريطانيا عام (1842) وانتهت بسيطرة بريطانيا على هونك كونك ، ثم بدأ التخلي عن تايوان لليابان عام (1895) ، وحصلت روسيا والمانيا على امتيازات خطوط الحديد فيها ، وكان لهذه الاوضاع ردود فعل عميقة في البلاد وانتشار روح الثورة ضد الحكم القائم الضعيف ، وانتهت بثورة عام (1911) وقيام الجمهورية عام (1921) ، التي انهت الحكم الضعيف في الصين .

وفي العشرينات بدأ هناك جناحين الاول يرى ان النموذج الشيوعي لايناسب الصين واوضاعها العامـة ، والثاني يميل الى النموذج السوفيتي الشيوعي ويرى انه الضمان لتحقيق التغيير الايجابي . وفي عام (1925) اشتد الخلاف داخل الحكم وحسم الامر عام (1927) باخراج الشيوعيين من الحكم واضطرو الى الذهاب الى الريف الذي كان بعيد عن سلطة الدولة وكونوا هناك نفوذ قوي بقيادة قائد الحزب (ماوتسي تونغ) ثم نشبت الحرب الاهلية في نهاية الاربعينيات واستمرت عامين وانتهت الحرب بسيطرة الجيش الاحمر وهو تنظيم للحزب الشيوعي على السلطة عام (1949) .

اجراأت ما قبل التنمية …
كانت الخطوات الاولى للقيام بتنمية شاملة هي القيام بعدة اجراأت منها :

(الغاء الامتيازات الاجنبية – تأمين التجارة الخارجية – تحديد حدود دنيا للاجور ترتبط هذه الحدود باسعار الارز (سلعة الغذاء الرئيسية) – تطبيق نظام البطاقات التموينية لاستهلاك السلع الاساسية مع تحديد اسعارها – فرض نظام تراخيص العمل والاقامة في المدن – تأمين المشروعات الكبيرة ومصادرة الملكيات الكبيرة واملاك بعض الاجانب –ألغاء العملة السابقة – تنظيم الملكيات الزراعية الصغيرة والمتوسطة في شكل جمعيات تعاونية (تشبه هذه المرحلة الى حد كبير الاجراأت التي قامت في الاتحاد السوفيتي بعد الثورة) .

بداية الخطط التنموية … 1-
بدأت الخطة الخمسية الاولى بين (1953-1957) باعطاء وزن كبير للصناعة بمختلف مستويـاتها ، مع التاكيد على الزراعة واعادة تنظيم الجمعيات لضمان تقديمها لفائض اكبر لتمويل عملية التنمية ، أي ان (ماوتسي تونغ) كان يؤكد على الزراعة والصناعة معاً ، كما ان التوازن كان موجوداً بين الاستهلاك والتراكم وتوسيع نظام التعليم والقضاء على الامية . وقد نجحت الخطة نجاح كبير فارتفعت معدلات نمو الصاعة الى (20%) عما كان متوقعاً وارتفعت مستويات الصحة والتعليم بشكل واضح ، ومعدلات نمو الزراعة (41%) مما ضمن تحسناً ملحوظاً في مستوى التغذية ، وارتفع تراكم الدخل القومي الى (24%) ومعدلات الاستثمار المادي الى (71%) .

2- ادت النتائج الايجابية للخطة الخمسية الاولى الى زيادة الثقة بامكان تحقيق انجازات اكبر ، فوضعت الخطة الخمسية الثانية (1958-1962) لتحقيق القفزة العظيمة الى امام ، والهدف هو مضاعفة الانتاج خلال سنة واحدة تحت شعار (بقدر ما يجسر الانسان بقدر ماتنتج الارض) وقد ركزت الخطة على الصناعة الثقيلة وتمويلها من خلال زيادة نسبة التراكم المقرر من الانتاج المحلي ومعنى ذلك زيادة الفائض المطلوب من الزراعة والصناعة الاستخراجية ، ولم تنجح القفزة في دفع الانتاج الصناعي الى المستويات المرجوة في الوقت الذي ضعف فيه دور الصناعات الصغيرة ، فقد شهدت الفترة مابين (1957-1960) النزاع ثم الفراق بين الصين والاتحاد السوفيتي ، وتعاقب ظروف مناخية مدمرة عصفت بالانتاج الزراعي ، وكان الفشل في الصناعة واستمر التنظيم الزراعي وفق الخطة .

3- وضعت الخطة الخمسية الثالثة بين (1963-1967) وسط مشاكل عديدة ، فقد ارهقت المواجهات الخارجية الامكانيات العامة وانخفضت انتاجية الصناعة عما كان مقدراً لها وظهر فتور في حماس العاملين لضعف الحوافز المادية ، وكانت قيادة الصين تشعر ان النظام فيها كان مستهـدف ، فمن حرب في كوريا الى اخرى مع الهند والى ثالثة لمواجهة القوى التي حاولت اعادة السيطرة على الهند الصينية ، وخوفاً من انتكاس الثورة قامت حركة سميت بـ(الثورة الثقافية) عام (1966) وكان هدف (ماو) من اثارة الثورة الثقافية تكتيل قوى الشبيبة بأعتبارها صاحبة المصلحة في التغيير وانها الوحيدة القادرة على دفع الصين الى امام وماجهة الاعداء دون اعتماد على أحد من الخارج ، وقد تبع التوجه الجديد تعديل اسلوب الخطة الثالثة ومدها حتى عام (1970) لكي توائم التغيرات الجديدة ، وكانت مشكلة الثورة الثقافية ليست في المسائـل التي طرحتها ولكن في العنف الذي شملها واتساع نطاق تطبيقها في المدن التي هي المراكز الحساسة للتغير الاجتماعي مهما قيل عن الريف وطاقاته ، وقد واكب الثورة الثقافية تغيير مادي واضح من مضاعفة نصيب الصناعة الثقيلة التي اصبحت قاعدة التطور الصناعي ، وزيادة انتاج الصناعات الخفيفة والمحلية التي مكنت من تغطية نسبة هامة من احتياجات الاقاليم وكانت انتاجيتها مرتفعة الى حد جعلت الصين مكتفية ذاتياً في اغلب السلع الغذائية ويتمتع المواطنون بمستوى تغذية اعلى بكثير عما كانوا يحصلون عليه .

كما كان لها الاثرفي بروز القيم الصينية التقليدية مثل العمل باجتهاد في سبيل المصلحة الذاتية وطغيانها على بعض قيم الحزب الشيوعي ، ومن ثم عادت الاسرة لتكون الوحدة الاهم في الريف الصيني ، وبعدان كان الصيني في الماضي يخدم الشعب اصبح يخدم الاسرة ونفسه .

4- خفت حدة الثورة الثقافية عند وضع الخطة الخمسية الرابعة وفي ظل الانفراج الدولي أزاء الصين وخروجها من عزلتها وانضمامها الى الامم المتحدة ، واستمرت الخطة في سياسة الاعتماد على الذات وزيادة الاستثمار المخصص للصناعة مع استمرار الجهود الاجتماعية للقضاء على الامية وتوسيع فرص التعليم وتحسين المستوى الصحي والمعاشي للمواطنين ، اما الانتاج الزراعي فقد قفز الى ما قيمته (223) مليون دولار في السنة ، أي بمعدل (600%) عما كان عليه عام (1949) ، وقد احتلت الصين بعد هذه الخطة المركز الثالث في العالم بعد روسيا وامريكا من حيث حجم الانتاج الصناعي وتنوعه .

5- اما الخطة الخمسية الخامسة (1976-1980) والتي توفي فيها (ماو) خلال السنة الاولى بدأت سياسة اصلاح جديدة ترى ان العبرة هي في ثبات الخطوات ومواجهة الواقع وليس في القفز فـوقه ، كما وجهت الدعوى الى تحديث الصناعة واعطاء البحث العلمي والتقدم التكنلوجي دوراً اكبر تحت رعاية الدولة واعادة النظر في المشروعات وتقويمها على اساس ادائها وحسن انتاجها وليس على اساس حجم هذا الانتاج بغض النظر عن نوعيته وهي المشكلة التي واجهت الدولة الاشتراكية في المراحل الاولى لعملها . وبعد رحيل (ماو) ضعفت الايدلوجية الاشتراكية وعادت الوطنية الصينية الى البروز ومعها فكرة (انـ الصـين مـركز العـالم) .

ظهور بعض مظاهر التغيير…

أ?- في محاولة لارجاع (شنغهاي) لسابق عهدها كمركز تجاري وصناعي دولي ، اقيمت في الثمانينات (14) شركة امريكية – صينية مشتركة في مجالات (الاجهزة الكهربائية – المعدات النفطية – العطور – …الخ) اضافة الى مجموعة شركات مشتركة مع اليابان وهولندا وألمانيا .

ب?- أنشاء عدد من المشاريع الخاصة ، ففي عام (1984) كان هناك (9,3) مليون مشروع متوزعة بين النقل والبناء وصناعة الاحذية والخدمات . وقد خلف هذا طبقة برجوازية صغيرة في الصين .

ج?- انشاء مناطق حرة في عدة اقاليم على الساحل الصيني الجنوبي الشرقي لجلب رؤوس الاموال الاجنبية .

د- بدأت الصين تستجيب الى كتابات الغرب الرأسمالي حول ضرورة تحديد النسل لايجاد نوع من التوازن بين السكان والموارد ، وقد قررت فرض نوع من العقوبات على من ينجب اكثر من طفل واحد ، مما ادى الى عودة ظاهرة ( وأد البنات) في الريف التي اختفت عند قيام الثورة .

مؤشرات النجاح بالارقام حتى منتصف الثمانينات ….

1- ارتفع الدخل الصناعي بعد الخطة الاولى (128%) عما كان عليه في السابق .

2- يقدر انتاج الصين من مادة الارز بـ أكثر من (38%) من انتاج العالم .

3- ارتفع انتاجها من القمح من (30) مليون طن عام (1970) الى (41) مليون طن عام (1975) واحتلت المرتبة الثالثة في العالم بعد روسيا وامريكا ، وكان نصيب الفرد من القمح (394كغم) .

4- ارتفعت نسبة الادخار الى (40%) وهي اعلى نسبة في العالم ، حتى اعلى من اليابان .

5- ارتفع معدل الدخل القومي للفرد الصيني الى (4,7%) خلال (33) سنة من عام (1952- 1985) على الرغم من زيادة السكان (400) مليون نسمة ، وهو من اعلى المعدلات في العالم .

6- ارتفع معدل العمر من (48) سنة عام (1949) الى قرابة السبعين في نهاية السبعينات وانخفض معدل الوفيات الى حوالي (6) بالالف .

اسباب نجاح التجربة الصينية …

1- التعاون بين الدولة والقاعدة العريضة من الجماهير ، وبخاصة الفلاحين الذين يشكلون الجزء الاعظم من السكان ، كما ان بداية الثورة كانت في الريف الذي انطلق منه الحزب الشيوعي .

2- اصلاح الزراعة وهي القطاع الرئيسي في الصين من خلال القضاء على الاقطاع وتوزيع الاراضي وتكوين الجمعيات الفلاحية ونجاح الاستثمارات الزراعية وقيام بعض الصناعات في الريف وبالتالي لم ينعكس سلباً على العمالة الريفية ( واصبح الفلاح احد اهداف التنمـية ، بعد ان كان ضحية في تجارب دولية اخرى) .

3- نجاح الثورة الثقافية الى حد ما في تطوير ابناء الصين بكافة فئاتهم ونشر القيم الاشتراكيـة .

4- كفاءة الجهاز التخطيطي كان له الدور الفاعل في تعبئة الطاقات والموارد وموازنتها بشكل دقيق بحيث حققت اشباع هذا الكم الهائل من السكان والقيام بالتصدير وتحقيق مكانة متقدمة بين الدول الصناعية .

5- القيم والعوامل الاجتماعية كان لها الاثر البالغ في نجاح خطط التنمية مثل تحديد الاستهـلاك – الادخار – تحديد النسل – احترام العمل وتقديسه – التعاون .

6- الاستفادة من الاخطاء السابقة في الخطط الخمسية وتجنب الاخطاء التي وقعت بها الاشتراكية وتطبيقاتها في روسيا .

7- انخفاض معدل الضرائب الى ادنى مستوى مما ساهم في تخفيف العبىء على المواطنين (الفلاحين بالذات) .

8- الموازنة بين قطاعات التنمية والسير في تطويرها بمسارات متقاربة .

9- استقلالية النظام السياسي في الصين وعدم تبعيته بالرغم من المساعدات الهائلة التي قدمها الاتحاد السوفيتي ، الا انها انتهت بعد فتور العلاقة بينهما عام (1960) .

العبرة من التجربة التنموية الصينية …

ان اهم درس يؤخذ من هذه التجربة الكبيرة هو امكانية قيام التنمية اذا ما توفرت الارادة لذلك واذا ما توفرت القيادة التي تعتمد التخطيط السليم وتحقق التعاون مع الشعب فلن يقف حجم السكان الهائل عائق امام التنمية ، بل العكس فقد تم استغلاله بشكل جيد بحيث قفزت الصين الى مصاف الدول المتقدمة خلال فترة قصيرة ، وفي هذا درس مهم جداً لكل الدول النامية ذات الموارد المحدودة وحجم السكان الكبير في ان يستفادوا من هذه التجربة العظيمة ، مع الاخذ بنظر الاعتبار ضرورة الاستقلال السياسي والغاء التبعية التي كانت العامل الاساسي في نهضة الصين ونهضة أي دولة تحاول القيام بالتنمية الناجحة .

المصادر :

.

2. دولت احمد صادق وآخرون ، جغرافية العالم ، القاهرة ، مكتبة الانجلو المصرية ، الجزء الاول ، 1976 .

3. عبد المنعم الحسني وعادل شكارة ، التخطيط الاجتماعي ، بغداد ، دار الحكمة للطباعة والنشر ، 1992 .

4. غالب محمود عريبات ، تخلف العرب والعالم الثالث ، عمان ، المطبعة الاردنية ، 1989 .

5. ميدال لبلاش ، اصول الجغرافية البشرية ، ترجمة شاكر خصباك ، بغداد ، دار المأمون ، 1987 .

6. نهوض الصين ، مجلة المنتدى ، عمان ، منتدى الفكر العربي ، العدد (133) ، 1996 .

7. وقائع وبحوث ندوة (التنمية المستقلة في الوطن العربي ) ، بيروت ، مركز دراسات الوحدة العربية ، 1987 .

8. يوان شانغ ، الاصلاح البنيوي والتنمية الاقتصادية في الصين ، المجلة الدولية للعلوم الاجتماعية ، اليونسكو ، العدد (120) ، 1989 .




التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

نظرية التنمية عند كينز:


نظرية التنمية عند كينز:

تمــــهيد

يعتبر جون مينارد كينز مؤسس المدرسة الكينزية.
انطلق كينز في بناء نظريته في ظروف مغايرة لتلك الظروف التي بنيت فيها النظريات السابقة.
أهم ظرف أزمة الكساد الكبير التي أصابت العالم الغربي سنة 1929، والتي من مظاهرها:

– حدوث كساد في السلع والخدمات (العرض يفوق الطلب).
– توقف العملية الإنتاجية وبالتالي عملية النمو الاقتصادي.
– ارتفاع مستويات البطالة.
– انخفاض مستويات الأسعار.

أولاً: نقد النظرية الكلاسيكية والفرضيات التي قامت عليها.

– عدم صحة فكرة التشغيل الكامل.
– عدم صحة فرضية التوازن التلقائي.
– عدم واقعية فرضيه حيادية الدولة.
– عدم صحة فرضية مرونة الأجور والأسعار، خصوصاٌ الأجور في اتجاهها التنازلي.
– عدم صحة قانون ساي للأسواق وفكرة العرض يخلق الطلب.

ثانياً: فرضيات كينز.

– يمكن أن يتوازن الاقتصاد عند حالة عدم التشغيل الكامل، ويستمر ذلك لفترة طويلة.
– لايمكن للاقتصاد أن يتوازن تلقائياً، وإن حدث فسيكون ذلك في المدى البعيد وبتكلفة اجتماعية باهظة.
– وجوب تدخل الدولة لإعادة التوازن الاقتصادي او للحفاظ عليه.
– الطلب هو الذي يوجد العرض المناسب له وليس العكس.
ثالثاً: بناء النظرية الكينزية.
اعتبر كينز أن أزمة الكساد الكبير هي أزمة قصور في الطلب وليس أزمة فائض في العرض.
وهو يرى أن حلها يتطلب تحريك الطلب وذلك ليتحرك العرض وبالتالي استعادة عملية النمو لسيرورتها.
وعليه فإن الأمر يتطلب –حسب كينز- تحديد محددات الطلب الكلي (القومي)، وذلك لمعرفة السياسات المناسبة.
وقد قدم كينز المخطط التالي الذي يوضح ذلك.

—– محددات الطلب الكلي عند ”كينز“—–

تعليم_الجزائر

تحريك الطلب الكلي يكون إما:
– بتحريك الطلب الاستهلاكي الخاص وذلك برفع الدخل.
– أو بتحريك الطلب الاستثماري الخاص وذلك بتخفيض سعر الفائدة.
– أو بتحريكهما معاً.
لكن المشكل هو:
– استحالة تحريك الطلب الاستهلاكي عن طريق الدخل بسبب ظروف الكساد.
– استحالة تحريك الطلب الاستثماري عن طريق تخفيض الفائدة لانعدام الكفاية الحدية لرأس المال.
– أي استحالة تحريك الطلب عن طريق القطاع الخاص في ظل أزمة مثل أزمة الكساد 1929.
الحل الذي اقترحه هو:
– تدخل الحكومة عن طريق زيادة الإنفاق الحكومي وذلك لتحريك الطلب الكلي.
– فالإنفاق الحكومي من شأنه أن يحرك الطلب الاستهلاكي (لأنه يرفع دخل المستهلكين).
– كما أنه يحرك الطلب الاستثماري الخاص (بسبب زيادة الطلب الاستهلاكي الخاص، الطلب الاستثماري العام )
شروط الإنفاق: يجب أن يخصص هذا الإنفاق:
– إما في الاستهلاك العام (زيادة دخول الوظيف العمومي، زيادة الإنفاق على تحسين الإدارة العمومية، تقديم إعانات للعاجزين…).
– أو أن يخصص في الاستثمارات العمومية غير المنتجة ( بناء الطرقات والموانئ، المستشفيات، المدارس…). وذلك لتفادي تأزم ظاهرة الكساد.
ومنه تتحرك عملية الاستثمار والإنتاج، وبالتالي تعود عملية النمو والتنمية للسير من جديد.

النقد:

سياسة الزيادة في الإنفاق الحكومي قد تكون إيجابية في بعض الظروف (ظروف الكساد)، لكن غير ذلك في ظروف أخرى (مثل أزمة الركود التضخمي).

سياسة قليلة الفعالية في الدول النامية وذلك بسبب:

– عدم رشادة الإنفاق الحكومي.
– عدم مرونة الاستثمار لتغيرات أسعار الفائدة.
– عدم كمال الاسواق.

تتطلب سياسة كينز في تحفيز عملية النمو تدخلات حكومية كبيرة، مما يستدعي أموال كبيرة، وهذا الأمر غير متوفر للدول المتخلفة.

النظرية الكينزية

لم تتعرض نظية كينز لتحليل مشاكل الدول النامية و لكنها اهتمت بالدول المتقدمة فقط ويري كينز أن الدخل الكلي يعتبر دالة في مستوي التشغيل في أي دولة فكلما زاد حجم التشغيل زاد حجم الدخل الكلي و الأدوات الكينزية و الاقتصاديات النامية هي

1.الطلب الفعال: وفقا لكينز فإن البطالة تحدث بسبب نقص الطلب الفعالي و للتخلص منها يقترح كينز حدوث زيادة في الانفاق سواء على الاستهلاك أو الاستثمار.

2.الكفاية الحدية لرأس المال: يرى كينز أن الكفاية الحدية لرأس المال تمثل أحد المحددات الرئيسية لنعدل الإستثمار وتوجد علاقة عكسية بين الاستثمار و الكفاية الحدية لرأس المال.

3.سعر الفائدة:يمثل سعر الفائدة العنصر الثاني المحدد للإستثمار بجانب الكفاية الحدية لرأس المال في النموذج الكينزي. ويتحدد سعر الفائدة بدوره بتفضيل السيولة وعرض النقود.
4.المضاعف: فالمضاغف الكينزي يقوم على أربعة فروض كما يلي: ‌أ-وجود بطالة لا إرادية. ‌ب-اقتصاد صناعى. ‌ج-وجود فائض في الطاقة الانتاجية للسلع الاستهلاكية. ‌د-يتسم العرض بدرجة مرونة مناسبة و توفير سلع رأس المال اللازمة للزيادة في الانتاج.
5.السياسات الاقتصادية: هناك مجالات أخرى لا تتوافق فيها الظروف السائدة بالدول النامية مع متطلبات عمل السياسات الكينزية.

تقييم نظرية كينز للدخل حول مضاعف التجارة الخارجية:

من أهم الماخذعلى نظرية كينز انه اعتبر آلية الدخل آلية ذاتية لتكييف ميزان المدفوعات بتجاهله لتأثيرات ظاهرة
اختلال الاقتصادي الخارجي على كمية النقود المتداولة وما تمارسه التغيرات فيها من تغيرات مناظرة على مستويات الدخل:
-تغيرات مستوى الأسعار المحلية مقارنة مع الأسعار الخارجية
-تغيرات مستوى الأسعار للفائدة المحلية مقارنة بالمستويات العالمية لها
-مقدار الأرصدة النقدية التي يحتفظ بها الأفراد.
كما تجعل هذه النظرية العلاقة بين تغير الإنفاق وتغير الدخل دورا أساسيا في إحداث التوازن وتتجاهل العوامل الأخرى حيث من بين أهم الانتقادات لها كذلك:
-لا يوجد ضمان لتحقيق التوازن تلقائيا بسبب تغيرات الدخل الوطني إذ يمكن ان يمتص الادخار جزءا من الزيادة التي حدثت في الدخل.
-إمكانية وجود تناقض بين تحقيق مستوى تشغيل كامل وتحقيق توازن ميزان المدفوعات.
– تعتمد على التحليل الساكن إذ تغض النظر عن زيادة الطاقة الإنتاجية وتكتفي بالطاقة العاطلة التي افترض كينز بوجودها
.



التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

التنمية الشاملة و التنمية السياسية

التنمية الشاملة و التنمية السياسية

مقدمة:

لا خلاف على أن خلالا عميقا يعتور مسيرة التنمية العربية في ديارنا العربية، ولقد ازداد الوعي بهذا القصور في السنوات القليلة الأخيرة، نتيجة عدد من المدخلات أهمها التطورات الداخلية التي عصفت بالمجتمعات العربية و القريبة منها،وكذلك زيادة نسب التعليم وتسارع وكثافة الاتصال العالمي من حيث الكم والكيف.
لقد وجد كثيرون أن هوة واسعة ومتزايدة في ميادين، تراكم الثروة،و المعرفة و الحرية، تفصلنا عن شعوب كثيرة قريبة وبعيدة.
وقد يكون هناك أجماع في العالم العربي أن موطن هذا الخلل سياسي في الأساس،ويتشكل في غياب الحرية، وضعف المسائلة الشعبية، وتكبيل المشاركة بقيود ثقيلة. كما أن هناك شبه إجماع بأن الإصلاح المنشود لإقالة عثرة هذا الخلل وإذكاء نهضة عربية،لا بد وأن يبدأ بالإصلاح السياسي، وأن كأن لا يجب أن يقتصر عليه، وأن هذا الإصلاح السياسي له مواصفات تتعدى الشكل إلى المضمون و المظهر إلى النتيجة المرجوة.
هناك بالتأكيد أصوات تقول أن (التركيز على الإصلاح السياسي بهذه الصورة، هو من قبيل الاشتراط غير المحقق، لسببين الأول إن هناك بعض التجارب الإنسانية من حولنا حققت نموا معقولا دون إصلاح سياسي شامل، بل تحت وطئت دكتاتورية،و السبب الثاني أن أي ( الإصلاح) في المطلق ،قد يتناول الشكل دون المحتوى فنعود إلي سيرتنا الأولى من الشكوى ضد ( الإصلاح) أو من قصور (الإصلاح) !
وفي هذا الاعتراض بعض الوجاهة، إلا انه الاستثناء لا القاعدة، ولا يقاس على الاستثناء، مجمل التجارب العالمية حققت نموا وتقدما بسبب ( الإصلاح السياسي) أو بسبب ( الحكومة الراشدة) ذات المواصفات المحددة،وعادة تقاس بكيفية الوصول إلى الحكم،وطريقة هذا الحكم في تصميم الأهداف المجتمعية، وكيفية مراقبة الحكم للتأكد من الوصول إلى ( الخير العام)..المقصود بالإصلاحات السياسية هو (إعادة الهيكلة بالمنظومة السياسية، لتتواءم مع تحديات القرن الواحد و العشرين)

تعريف التنمية

كما أجمعت عليها الأدبيات الإنسانية، وكما حددها فريق التنمية العربية الإنسانية ،الذي اصدر حتى الآن تقرين حول التنمية ( الثالث تعطل لأسباب قصور رؤية مؤلفيه) فان تعريف التنمية له شقان:
1- خلق فرص حياة أفضل، بالمعنى العام، للأجيال القادمة.
2- دراسة علمية للإمكانيات المجتمعية، و توظيفها التوظيف الأفضل للصالح العام.
أما التعريف الذي تبناه فيقول ( إن للبشر، لمجرد كونهم بشر، حقا أصيلا في العيش الكريم، ماديا ومعنويا، جسدا ونفسا و روحا، وبهذا فان عملية التنمية تنشد توسيع خيارات البشر بما يمكنهم من تحقيق الغايات الإنسانية الأسمى، وهي الحرية، العدالة و الكرامة الإنسانية و الرفاه الإنساني.
وليس في تلك المطالب جديد، وربما تختصر بكلمتين اثنتين، العدالة و المساواة. (العدالة) هي مفهوم تراثي عربي قديم، وكلنا تعلمنا على مقاعد الدراسة إن ( العدل أساس الملك) أما المساواة فهي كلمة حديثة ناتجة من الدساتير و الممارسات الغربية الحديثة، وهي من المبادئ التي نص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان،ونجد لها صدى لا يغيب عن العقل السليم في الأديان السماوية.
محطة الإصلاح الأخيرة هي الوصول إلي (حالة الرفاه) في المجتمع، ولا يقتصر مفهوم (الرفاه) على التنعم المادي،بل يشمل الجوانب الإنسانية الكريمة مثل التمتع بالحرية واكتساب المعرفة، وتحقيق الذات، ولا يتأتى ذلك إلا بالمشاركة الفعالة في الاجتماع البشري.
مفتاح الإصلاح السياسي هو ( الإصلاح التعليمي)
لا يمكن أن يكتسب البشر قدرات تعينهم على فهم وتحقيق ( الرفاه) و المشاركة الفعالة إلا بالتعليم، بل بمستوى راق من التعليم، التعليم العنصري، و التعليم الفئوي،،و التعليم المضاد ( للعلم) أي التعليم ( الإيديولوجي) كلها أشكال معادية للتنمية ،بل ومعطلة لها.
التعليم هو الذي يكسب القدرات لإنسان يساهم في التنمية، ولو التفتنا حولنا لوجدنا أن (التعليم الراقي) هو الذي حقق لسنغافورة ما تحقق لها، ويحقق للهند ما يتحقق لها اليوم،و لكن لن يحدث تعليم راق إن لم يكن هناك ( قيادة سياسية) واعية ولها برنامج في التعليم واضح المعالم،ونخبة مجتمعية تحث وتصر على ( التعليم ألراقي)
التعليم الراقي يوسع الخيارات،ولا تُوسع الخيارات إلا من خلال الحرية التي تمكن البشر من الاختيار بين بدائل متاحة.
في حين تخلق التنمية الفرص للممارسة الحرية، من خلال بنائها لقدرات الناس فان الناس لن يتمكنوا من ممارسة الحرية لا إذا توافر الإطار الكفيل بحمايتها، و المتمثل بنظام الحكم الصالح.
التجربة العربية
رغم التقدم النسبي في المسيرة العربية التنموية بعامة التي نشهدها من خلال بعض الإحصاءات المتوفرة، فان عقبات التنمية العربية مشاهدة، ففي الاقتصاد لم يتجاوز معدل نمو الدخل للفرد العربي خلال العقدين الماضيين الأخيرين النصف في المائة سنويا ( الهند 7%) فالهوة إن قارنا نفسنا بالغير نجدها قد تعمقت، ذلك مثال واحد على أمثلة عديدة
في المجال المعرفي لم يكن أداؤنا أحسن،فقد دخلنا الألفية الثالثة ومنظومة نشر المعرفة مكبل في شقيه/ مجال نشر المعرفة ومجال إنتاجها ( المسؤول هو التعليم). .قرابة 65 مليون راشد عربي لا زالوا أميين من 300 مليون تقريبا، ولا يتجاوز نسبة الالتحاق بالتعليم العالي عربيا أكثر من 13%)
يبلغ المتوسط العالمي لاستخدام الكمبيوتر لكل ألف من البشر 78 جهاز، نجدها بين العرب تقل عن 18 جهاز، استخدام الانترنت لا يتجاوز 6و1% من العرب، رغم أن العرب يشكلون 5% من سكان المعمورة. (في الخليج استخدام الانترنت 7-9%)
الإنتاج العلمي يعاني من ضعف، وشبه غياب في الحقول المتقدمة، و الإنفاق على البحث العلمي يقل عن سُبع المعدل العالمي.
باختصار شديد هناك ( وهن في منظومة المعرفة ) يقود إلى وهن في الاقتصاد العربي، الذي إن سحبنا منه مساهمة ( النفط) ،فان كل الأرقام السابقة تتدهور إلى الأسوأ.

أين تكمن المشكلة؟

تقع المشكلة في مثلث
1- (تعليم وتدريب) أننا نُودع أبنائنا في نظم تعليمية تشدد على التلقين وتستمرئ الأتباع و التقليد وتنبني مناهج تكرس الخضوع و الطاعة،ولا تسوغ نقد (المسلمات، الاجتماعية أو السياسية أو التراثية) فيخرج الأبناء (مكبلة لديهم ملكة التفكير ،قريبون من التكفير و التخوين الاجتماعي و السياسي و التراثي). ففكرونا في الاجتماع و السياسة أمامهم خطوط (حمراء) ليس من قبل ( السُلط) فقط ،بل وأيضا من قبل ( المجتمع) الذي لا يستسيغ سماع الرأي الآخر، فهم أمام رقابة داخلية وخارجية، شخصية واجتماعية، يرعبهم مقص اثنان وعشرون رقيبا، ومعممون يفتون بما لا يعرفون.
2- ( بين القديم و الحديث) بهذا ينقسم (وعى) العربي على ذاته، فهو من جهة يريد أن يظل مخلصا لأفكاره التقليدية و الموروثة الراسخة من جهة، ومن جهة أخرى تأسره اكتشافات الحداثة العلمية و التقنية، التي يتناقض بعضها مع اليقيني من أفكاره ،ويزيد ذلك انقسام المثقف العربي بين مقولات التحديث وبين (ثوابت الأمة) فتراه يقوم بدور (المبرر) سياسيا أو تراثيا، فكثيرا ما تقرءا نقدا يعجبك ،ثم ينتهي بمثل هذا القول (فالدين و الثقافة العربية و الإسلامية لا يحضان على ارتياد تخوم المعرفة فحسب، بل أنهما استطاعا في وقت سابق بناء مجتمع للمعرفة عز نظيره في التاريخ) هذا الاستثناء الثقافي معطل للعقل النقدي، ودليل على وجود (رقيب داخلي)
3- (بين المحلي و القومي) ينقسم فكر العرب المطالبين بالتنمية بين (قومي) و (إقليمي) و (محلي) وتروح الأدبيات التنموية بين هذه المستويات ،دون تحديد دقيق لعلاقة المتغيرات الثلاثة يبعضها، ويُركز كثيرا على ( القومي) وربما ( الإقليمي) ويُهرب من مناقشة ( المحلي). وإن لم نستطع الدفع بمعادلة ( إصلاح الجزء هو الطريق الصحيح لإصلاح الكل) سنظل نراوح في مكاننا،فانشغال كل (داخل بداخلة) مع التساند المطلوب و العقلاني،وليس الهروب من الداخل إلي ( الخارج)، واحدة من المعطيات التي وجب مناقشتها.
تلك الثلاثية التي أرى من الضرورة طرحاها للنقاش لعدد من الأسباب:
1- إن تجربة كثير من دول العالم تقول إن ( التشبث بالماضي) مضيعة للوقت، التجربة اليابانية و الصينية هي دليلنا على ذلك، فقد طفقت الصين كلما جاءتها هبات التحديث ،أن قارنتها بما لديها، فترفض ما لا يتواءم مع حصيلتها التاريخية، حتى تخلفت وانهزمت، فقلبت المعادلة، كل جديد يتنافى معه القديم يعني هجر القديم. واستطرادا فان ( أهل ايطاليا اليوم ليسوا سليلي الرومان) هل قراء أحدكم كتابا ايطاليا يدعو إلي العودة (إلى العصر الروماني) أو يونانيا يدعو للعودة إلى عصر الإغريق !
علينا (توسيع دائرة العقل ما أمكن، وتضييق دائرة النقل ما أمكن) إلا أن كثيرون يصرون أن يتحفونا اليوم (بتوسيع دائرة النقل وتضييق دائرة العقل) حتى نرى ما يراه ابن تيمية مثلا في ( الكفرة و الرافضة)! علبنا التعامل مع معطيات العصر.
2- مفتاح التقدم لا غير هو إن يكون في قلب التعليم و التدريب الراقي (صناعة المعرفة) وهي أي المعرفة، نسبية أولا ومتحولة ثانيا، وإنسانية ثالثا وعقلية رابعا. إذا تعريف المعرفة المرادة أنها نسبية،إنسانية،متحولة وعقلية. وهي الرافعة للتنمية التي قدمت كل هذه الثروة للمجتمعات العالمية من ايرلندا إلي الهند، إن المعرفة (قوة) كما استقر في ذهن العقلاء، وهي أي المعرفة بهذا المعنى، لها متطلبات سابقة، منها الحرية (دون سقف اجتماعي أو سلطوي) ولها آليات أيضا،ودعونا نعترف أن ما نبه إليه واستنكره عبد الرحمن الكواكبي قبل أكثر من قرن لا زال قابعا في أعماقنا، فقد قال ( أننا حاكمين ومحكومين ألفنا أن نعتبر التصاغر أدبا،و التذلل لطفا،و التملق فصاحة،و ترك الحقوق سماحة، وقبول الأهانة تواضعا،و الرضاب بالظلم طاعة،و الإقدام تهورا، وحربة القول وقاحة، وحرية الرأي كفرا، وحب الوطن جنونا) ما أشبه الليلة بالبارحة! أنها وصفة متكاملة للحجر على المعرفة الحق.
3- (الدين و الدنيا) لنجعل حورنا حول ( الدنيا) لا حول ( الدين) لعدد من الأسباب، أن الدين اُستغل في معظم فترات تاريخنا استغلالا سياسيا،ولأنه فوق ذلك، لم يتوصل من سبقنا في هذا المضمار إلي حلول نهائية،فأصبحت التجربة التاريخية تتبنى (عش ودعهم يعيشون) لو انطلقنا من هنا (اعتقد ودعهم يعتقدون) فان الحوار حول الدنيا (أي التنمية) يبقى عقلانيا وتوافقيا للوصل إلي الأفضل لخدمة الناس جميعا.
الإصلاح السياسي
الإصلاح السياسي و الحكم الصالح، أصبح في بؤرة الاهتمام المحلى و العالمي ،وقبول مبدأ (الإصلاح) في هيكلية السلطة أصبح في نسيج القيم الدولية الحديثة. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة ليست امرأة قيصر، إلا أنها أولا تحولت بعد الحادي عشر من سبتمبر (بالنسبة لمنطقتنا) من سند للاستقرار إلي داعية للتغيير،وأصبحت تشير إلى الاستقرار السابق على انه stagnation .
وثانيا انه ليس صحيحا أن الإصلاح صار حاجة عربية لأنه متطلب أمريكي، بل هو متطلب أمريكي لأنه حاجة عربية. علينا أن نعترف أن سياسة الولايات المتحدة بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001 قد تغيرت إلى أن ( الشرق الأوسط به أنظمة فاسدة غير ديمقراطية لم تعد جديرة بالدفاع عنها) وقد شمل الكلام الحلفاء الأقدمين و الأعداء المشبوهين. أما الإضافة فهي أن الولايات المتحدة في سياستها العامة تختلف عن (أوربا) التقليدية، الأخير تصلح ما تعتقد انه الحد الأدنى لتحقيق مصالحها، أما الأولى فإنها (تهدم الكل) ثم تعيد البناء.
يفسر البعض هذا التوجه بسبب تاريخ نشأت وتطور تلك البلاد البعيدة و المعقدة، ولكنها اليوم خلف جهود ملاحقة (ايدولوجيا الساخطين) عن طريق تغيير شروط اللعبة،وهي تقديم الجزرة،وورائها العصي، حفاظا على مصالحها التي ترى أنها مهددة بسبب ( فشل ذريع في التنمية بين ظهرانينا)

العقبات

رغم الدعوة عربيا إلي الإصلاح، دخل الإصلاح المنشود في معضلتين:
1 الإصلاح قبل تحرير فلسطين، أم بعد تحرير فلسطين؟
2 الإصلاح من الداخل، أم من الخارج؟
في يقيني إن الإصلاح هو أداة أفضل للتفاوض أو غيره حول فلسطين، وأن لا داخل مطلق، و أو خارج مطلق، هناك تفاعل (تاريخي) بين الداخل و الخارج مستمر ودائم.
علينا الاعتراف(0كما حدث في البحرين) بان السنوات الأخيرة قد شهدت انفراجا وتغييرا في طرائق العمل التي تسلكها الحكومات العربية،كما شهدت انتعاشا في جانب من الممارسات الديمقراطية، وبدا ذلك في زيادة المشاركة السياسية،وتعديل هيكل السلطة داخل مؤسسات الحكم، وزيادة نشاط المجتمع المدني،وتخفيف القيود المشددة على مؤسساته،وتوسيع حيز الحريات المتاح للناس،و الدفاع عن الحريات الإنسانية،وتنظيم الانتخابات على نحو أكثر تواترا،و التصديق على معاهدات حقوق الإنسان،وإعطاء مزيد من الحريات الصحفية. ولعل ما يحسب إلي البحرين بالزائد أن (خطوات الإصلاح قد بدأت قبل الهجمة السبتمبرية) بسبب وعى القيادة.
بيد إن الشقة عربيا وإقليميا ما زالت واسعة بين ( الطموح و الانجاز) و ما هو (محمود) وما هو (مطلوب). فحرية تكون الأحزاب وتنظيم النقابات في بعض بلادنا لا زالت بعيدة المنال، وجمعيات النفع العام لا زالت مقيدة في بلدان كثيرة، ومخرجات صناديق الاقتراع زالت دون المستوى المطلوب تغمرها علاقات الروابط الاجتماعية بدلا من الروابط الحقوقية.
هناك (هوة) بين المكتوب و المطبق، وبين المأمول (حتى من المؤسسات التشريعية) وبين ( المحقق) هناك أخفاق في تحقيق الشعار (المسؤولية للجميع ومن الجميع)
المسكوت عنه

المسكوت عنه هو إشاعة وعي اجتماعي واسع لتأكيد (دولة القانون) ولكن أي قانون، ليس القانون (المُقيد) بل القانون (المصلح) الذي يحترم التعددية الفكرية و الاجتماعية و الثقافية في التكوين المجتمعي للجميع ومن الجميع.
فالتنمية الشاملة لها أكثر من باب سياسي، اقتصادي ، ثقافي تتناغم فيه الأغلبية العاقلة مع الفكر العالمي، يبعد المجتمع عن التمزق الاجتماعي وأشكال التعصب، التي تفتك بنا.
إن مشروع ( الملك و الشعب) الإصلاحي في البحرين نقل المجتمع إلى التطلع إلى منابع ضوء واعدة، وعلينا جميعا أن ندعو لتواصل هذا المشروع، ونغنيه بزخم متجدد ومتزايد، ونثابر على توسيع الحوار الحي وتعميقه في أوساط المواطنين.
وعلينا جميعا أن نتابع بعيون مفتوحة ( يعاسيب الفساد ) فاغرة أفواهها، تنخر عظام الوطن، وتفقر المواطنين، أكانت هذه (اليعاسيب) مواطنا منتخبا،أو وزيرا أو موظفا كبيرا أو صغيرا، فليس اضر على التنمية من هذه (اليعاسيب)، لقد قال لي سمو ولي العهد الشيخ سلمان بن حمد أل خليفة،حكمة لا زلت أحفظها،قال (كل دينار فساد،يطرد خمسة دنانير استثمار) إن تعقيد البيروقراطية وسد الأبواب أمام انطلاقة اقتصاد وطني حر وشفاف هو تعطيل لوجه من وجوه التنمية.
مؤسسات الحكم الصالح لا تتطلب فقط (صناديق انتخاب) و (انتخابات دورية) إنما تتطلب بجانب ذلك، مجالس تشريعية (أمينة وكفؤءة ومنظمة) ذلك يتطلب تحرير الطاقات البشرية، ووضع حد للإرهاب الفكري و المزايدة الفجة،و التغطي بمقولات تراثية أو تضليل الناس بالباطل.
مؤسسات الحكم الصالح تتطلب تعليما نوعيا مختلفا يقود المجتمع ولا يسايره، تتطلب شفافية في التخطيط و التنفيذ، تتطلب أن يكون ( الشخص الصالح للمكان المناسب) وتتطلب وسائل إعلام لا تبحث عن زوائد الكلام.
لقد تحول العالم من الحديث عن (الأمن )بمعناه الصلب إلى الأمن بعناه الرخو، وهو الأمن الداخلي المؤدي للتنمية، فكل جيوش العالم لا تستطيع أن تقهر (فكرة آن أوانها).


التصنيفات
التاريخ والجغرافيا السنة الثالثة متوسط

-مظاهر التنمية في قارة أوروبا

رغم تطور قارة أوروبا في مختلف الميادين
إلا أنه يسودها تفاوت في تطور المجتمعات الأوروبية لماذا هذا التفاوت؟

1-مظاهر التنمية في القارة:تعتبر أوروبا من أكبر القارات تقدما في المجال الاقتصادي حيث تطورت كل من:
لصناعة: عرفت منذ منتصف القرن 18م خاصة أوروبا الشمالية والغربية بفضل الثورة الصناعية ،وهي تمثل أكبر نسبة في الدخل الوطني الخام.
الزراعة: كان لتنوع المناخ وخصوبة التربة دور في تنوع المحاصيل الزراعية حيث تسود:
-زراعة القمح في السهول الكبرى الشمالية .
-زراعات البحر الأبيض المتوسط.
-تربية المواشي في المناطق الداخلية.
* إضافة إلى قلة نسبة اليد العاملة في الزراعة 10%مع اختلاف النسبة من دولة أوروبية لأخرى.
التجارة: استطاعت دول أوروبا أن تحقق الاكتفاء الذاتي للسكان في جميع الميادين رغم:
-فقرها في المواد الأولية
-قلة المساحة
-ارتفاع عدد سكانها وهي تتعامل اقتصاديا فيما بينها ومع جميع دول العالم.
التطور التكنولوجي: تتميز السلع الأوروبية بوفرتها ونوعيتها الجيدة وتطورها المستمر وذلك بفضل الاستخدام الواسع للطرق التكنولوجية بالإضافة إلى اهتمام القارة بالصناعة الفضائية والبحث التكنولوجي لأغراض سلمية.
– السياحة: تلعب دورا كبيرا في اقتصاد أوروبا إذ تمثل مصدر هام للدخل الوطني الأوروبي خاصة الدول المطلة على البحر المتوسط..
2-عوامل تقدم أوروبا:منها التاريخية كالثورة الصناعية والحركة الاستعمارية ومنها السياسية والاجتماعية كالاستقرار السياسي والتكتل والاتحاد وطبيعة الفرد الأوروبي وتفانيه في العمل.

الدخل الوطني الخام

الثورة الصناعية

ص49

تكنولوجيا

اكتفاء ذاتي

خريطة أوروبا الاقتصادية

صور متنوعة

الكتاب المدرسي

خريطة المبادلات التجارية

جداول

السبورة

يتعرف على مظاهر التنمية
في قارة أوروبا

يستخلص عوامل التفاوت
الاقتصادي
في المجتمعات الأوروبية

يدرك أسباب
تقدم أوروبا اقتصاديا
واجتماعيا


التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

التنمية المستدامة

التنمية المستدامة

تميز العقد الماضي من العمل البيئي على مستوى العالم بسيادة مفهوم التنمية المستدامة والذي تمت صياغته للمرة الأولى من خلال تقرير ” مستقبلنا المشترك” الذي صدر عام 1987 عن اللجنة العالمية للتنمية والبيئة برئاسة رئيسة وزراء النرويج السابقة جرو هارلم برونتلاند والتي تحمل حاليا منصب رئيسة منظمة الصحة العالمية. وقد كان مفهوم التنمية المستدامة مفهوما جديدا وثوريا في الفكر التنموي إذ أنه وللمرة الأولى دمج ما بين الاحتياحات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في تعريف واحد.

وحسب تعريف لجنة برونتلاند الذي أصبح علامة فارقة في السياسات البيئية والتنموية منذ التسعينات من القرن الماضي فإن التنمية المستدامة هي ” التنمية التي تأخذ بعين الاعتبار حاجات المجتمع الراهنة بدون المساس بحقوق الأجيال القادمة في الوفاء باحتياجاتهم”. وفي قمة الأرض 1992 والتي عقدت في ريو دي جانيرو كانت ” التنمية المستدامة” هي المفهوم الرئيسي للمؤتمر، الذي صدرت عنه وثيقة ” الأجندة 21″ والتي تحدد المعايير الاقتصادية والاجتماعية والبيئية لكيفية تحقيق التنمية المستدامة كبديل تنموي للبشرية لمواجهة احتياجات وتحديات القرن الحادي والعشرين. كما أن قمة الأرض الثانية التي عقدت في أيلول 2022 في جوهانسبرج عقدت تحت شعار “القمة العالمية للتنمية المستدامة.
وبالتالي فإن الاستدامة حسب تعريف ومنهجية لجنة برونتلاند تدعو إلى عدم استمرارية الأنماط الاستهلاكية الحالية سواء في الشمال أو في الجنوب والاستعاضة عنها بأنماط استهلاكية وإنتاجية مستدامة، وبدون تحقيق مثل هذه التطورات فلا مجال لتطبيق حقيقي لمفاهيم التنمية المستدامة الشاملة. ويؤكد تقرير برونتلاند أيضا على الارتباط المتبادل الوثيق ما بين التنمية البيئية والاقتصادية والاجتماعية وأنه لا يمكن إعداد أو تطبيق أية استراتيجية أو سياسة مستدامة بدون دمج هذه المكونات معا. ويحتاج تحقيق التنمية المستدامة إلى تغيرات جوهرية في الأنظمة الاقتصادية والاجتماعية على الأخص، ولكن مثل هذا التغيير لا يمكن أن يتم من خلال “أمر من الأعلى” أي من السلطة الحاكمة بل من خلال التنظيم الشعبي والاجتماعي الذاتي، والتعاون ما بين القطاعات الاجتماعية والاقتصادية المختلفة، وممارسة الديمقراطية الاقتصادية من خلال عملية تشاورية تشاركية تتضمن كل قطاعات المجتمع.
أبعاد التنمية المستدامة : أهم الخصائص التي جاء بها مفهوم التنمية المستدامة، هو الربط العضوي التام ما بين الاقتصاد والبيئة والمجتمع، بحيث لا يمكن النظر إلى أي من هذه المكونات الثلاثة بشكل منفصل، فلا بد من أن تكون النظرة التحليلية إليهم متكاملة معا.

اقتصاديا :

النظام المستدام اقتصاديا هو النظام الذي يتمكن من إنتاج السلع والخدمات بشكل مستمر وأن يحافظ على مستوى معين قابل للإدارة من التوازن الاقتصادي ما بين الناتج العام والدين، وأن يمنع حدوث اختلالات اجتماعية ناتجة عن السياسات الاقتصادية. بيئيا : النظام المستدام بيئيا يجب أن يحافظ على قاعدة ثابتة من الموارد الطبيعية، ويتجنب الاستنزاف الزائد للموارد المتجددة وغير المتجددة، ويتضمن ذلك حماية التنوع الحيوي والاتزان الجوي وإنتاجية التربة والأنظمة البيئية الطبيعية الأخرى التي لا تصنف عادة كموارد اقتصادية.

اجتماعيا :

يكون النظام مستداما اجتماعيا في حال حقق العدالة في التوزيع، وأيصال الخدمات الاجتماعية كالصحة والتعليم إلى محتاجيها والمساواة في النوع الاجتماعي والمحاسبة السياسية والمشاركة الشعبية.
أن هذه الأبعاد المتشابكة ، تعني أن النظر إلى التنمية المستدامة يختلف حسب زاوية المقاربة أو منهجية وخلفية التحليل، فالاقتصاديون سوف يركزون على الأهداف الاقتصادية أكثر من غيرها كما يؤكد البيئيون على أهمية حماية الطبيعة ويشدد الاجتماعيون على مبادئ العدالة الاجتماعية وتحسين نوعية الحياة. ولهذا تختلف تعريفات الاستدامة من اختلاف المنظور

1-المنظور الاقتصادي للتنمية المستدامة :

من المنظور الاقتصادي الكلاسيكي البحت، تعني الاستدامة استمرارية وتعظيم الرفاه الاقتصادي لأطول فترة ممكنة، أما قياس هذا الرفاه فيكون عادة بمعدلات الدخل والاستهلاك ويتضمن ذلك الكثير من مقومات الرفاه الإنساني مثل الطعام والمسكن والنقل والملبس والصحة والتعليم وهي تعني الأكثر والأفضل نوعية من كل هذه المكونات. أما بعض الاقتصاديين المثقفين من الناحية البيئية فهم يهتمون بما يسمى “الرأسمال الطبيعي” والذي يعني بعض الموارد الطبيعية ذات القيمة الاقتصادية والتي هي أساس النظام الاقتصادي فعليا مثل النباتات والتربة والحيوانات والأسماك وخدمات النظام البيئي الطبيعية مثل تنظيف الهواء وتنقية المياه.

2- المنظور البيئي للتنمية الاقتصادية :

يركز البيئيون في مقاربتهم للتنمية المستدامة على مفهوم ” الحدود البيئية” والتي تعني أن لكل نظام بيئي طبيعي حدودا معينة لا يمكن تجاوزها من الاستهلاك والاستنزاف وإن أي تجاوز لهذه القدرة الطبيعية يعني تدهور النظام البيئي بلا رجعة. وبالتالي فإن الاستدامة من المنظور البيئي تعني دائما وضع الحدود أمام الاستهلاك والنمو السكاني والتلوث وأنماط الإنتاج السيئة واستنزاف المياه وقطع الغابات وانجراف التربة.

3- المنظور الاجتماعي للتنمية المستدامة :

يركز البعد الاجتماعي للتنمية المستدامة على أن الإنسان هو جوهر التنمية وهدفها النهائي، ويهتم بالعدالة الاجتماعية ومكافحة الفقر وتوزيع الموارد وتقديم الخدمات الاجتماعية الرئيسية إلى كل المحتاجين لها بالإضافة إلى أهمية مشاركة الشعوب في اتخاذ القرار والحصول على المعلومات التي تؤثر على حياتهم بشفافية ودقة.
كيف يمكن قياس التنمية المستدامة؟ : بالرغم من إنتشار مفهوم التنمية المستدامة إلا أن المعضلة الرئيسية فيه بقيت الحاجة الماسة إلى تحديد مؤشرات Indicators يمكن قياس مدى التقدم نحو التنمية المستدامة من خلالها. وتساهم مؤشرات التنمية المستدامة في تقييم مدى تقدم الدول والمؤسات في مجالات تحقيق التنمية المستدامة بشكل فعلي وهذا ما يترتب عليه اتخاذ العديد من القرارات الوطنية والدولية حول السياسات الاقتصادية والاجتماعية. المؤشرات الأكثر دقة وشمولية وقدرة على عكس حقيقة التطور في مجال التنمية المستدامة طورتها لجنة التنمية المستدامة في الأمم المتحدة وتسمى عادة بمؤشرات ” الضغط والحالة والاستجابة” Pressure- state-response Indicators لأنها تميز ما بين مؤشرات الضغط البيئية مثل النشاطات الإنسانية، التلوث، انبعاثات الكربون ومؤشرات تقييم الحالة الراهنة مثل نوعية الهواء والمياه والتربة ومؤشرات الاستجابة مثل المساعدات التنموية. وتنقسم مؤشرات التنمية المستدامة عادة إلى أربع فئات رئيسية بناء على تعريف التنمية المستدامة نفسه، حيث تنقسم إلى مؤشرات اقتصادية واجتماعية وبيئية وكذلك مؤشرات مؤسسية Institutional والتي توفر تقييما لمدى تطور الإدارة البيئية. ويتم استنباط هذه المؤشرات لتدل على وضع معظم القضايا البيئية والاقتصادية والاجتماعية التي تعالجها التنمية المستدامة والتي تضمنتها الفصول الأربعون من وثيقة الأجندة 21 التي أقرت في العام 1992 وتمثل خطة عمل الحكومات والمنظمات الأهلية تجاه التنمية المستدامة في كل العالم.
أن هذه المؤشرات تعكس مدى نجاح الدول في تحقيق التنمية المستدامة وهي تقيم بشكل رئيسي حالة الدول من خلال معايير رقمية يمكن حسابها ومقارنتها مع دول أخرى كما يمكن متابعة التغيرات والتوجهات Trends في مدى التقدم أو التراجع في قيمة هذه المؤشرات مما يدل على سياسات الدول في مجالات التنمية المستدامة فيما إذا كانت تسير في الطريق الصحيح نحو تحقيق التنمية المستدامة أم أنها لا زالت متباطئة ومترددة، كما هي معظم دول العالم. ووجود مثل هذه المؤشرات الرقمية بشكل دائم ومتجدد يساهم في إعطاء صورة واضحة عن حالة التنمية المستدامة في الدولة، وبالتالي يقدم المعلومات الدقيقة اللازمة لمتخذي القرارات في الوصول إلى القرار الأكثر صوابا ودقة لما فيه المصلحة العامة والابتعاد عن القرارات العشوائية والتي غالبا ما تكون مبنية على معلومات خاطئة أو ميالة إلى المجاملة والانتقائية. وتتمحور مؤشرات التنمية المستدامة حول القضايا الرئيسية التي تضمنتها توصيات الأجندة 21 وهي التي تشكل إطار العمل البيئي في العالم والتي حددتها لجنة التنمية المستدامة في الأمم المتحدة بالقضايا التالية : المساواة الاجتماعية، الصحة العامة، التعليم، النوع الاجتماعي، أنماط الإنتاج والاستهلاك، السكن، الأمن، السكان، الغلاف الجوي، الأراضي، البحار والمحيطات والمناطق الساحلية، المياه العذبة، التنوع الحيوي، النقل، الطاقة، النفايات الصلبة والخطرة، الزراعة، التكنولوجيا الحيوية، التصحر والجفاف، الغابات، السياحة البيئية، التجارة، القوانين والتشريعات والأطر المؤسسية. وتاليا شرح مفصل لكل هذه القضايا والمؤشرات المرتبطة بها.
القضايا والمؤشرات الاجتماعية :

1- المساواة الاجتماعية :

تعتبر المساواة أحد أهم القضايا الاجتماعية في التنمية المستدامة، إذ تعكس إلى درجة كبيرة نوعية الحياة والمشاركة العامة والحصول على فرص الحياة. وترتبط المساواة مع درجة العدالة والشمولية في توزيع الموارد واتاحة الفرص واتخاذ القرارات. وتتضمن فرص الحصول على العمل والخدمات العامة ومنها الصحة والتعليم والعدالة. والمساواة يمكن أن تكون مجالا للمقارنة والتقييم داخل الدولة نفسها وكذلك بين الدول المختلفة. ومن القضايا الهامة المرتبطة بتحقيق المساواة الاجتماعية تبرز قضايا مكافحة الفقر، العمل وتوزيع الدخل، النوع الاجتماعي، تمكين الأقليات العرقية والدينية، الوصول إلى الموارد المالية والطبيعية، وعدالة الفرص ما بين الأجيال. وقد عالجت الأجندة 21 موضوع المساواة الاجتماعية في الفصول الخاصة بالفقر وأنماط الإنتاج والاستهلاك والمرأة والأطفال والشباب وكذلك المجتمعات المحلية. وبالرغم من التزام معظم الدول في العالم باتفاقيات ومعاهدات تتضمن مبادئ العدالة والمساواة الاجتماعية فإن غالبية هذه الدول لم تحقق نجاحا حقيقيا في مواجهة سوء توزيع الموارد ومكافحة الفقر في مجتمعاتها، وتبقى المساواة الاجتماعية من أكثر قضايا التنمية المستدامة صعوبة في التحقق. وقد تم اختيار مؤشرين رئيسيين لقياس المساواة الاجتماعية وهما :

الفقر : ويقاس عن طريق نسبة السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر، ونسبة السكان العاطلين عن العمل من السكان في سن العمل.
المساواة في النوع الاجتماعي : ويمكن قياسها من خلال حساب مقارنة معدل أجر المرأة مقارنة بمعدل أجر الرجل.

2- الصحة العامة :

هناك ارتباط وثيق ما بين الصحة والتنمية المستدامة، فالحصول على مياه شرب نظيفة وغذاء صحي ورعاية صحية دقيقة هو من أهم مبادئ التنمية المستدامة. وبالعكس، فأن الفقر وتزايد التهميش السكاني وتلوث البيئة المحيطة وغلاء المعيشة كل ذلك يؤدي إلى تدهور الأوضاع الصحية وبالتالي فشل تحقيق التنمية المستدامة. وفي معظم دول العالم النامي، فإن الخدمات الصحية والبيئية العامة لم تتطور بشكل يوازي تطور السوق والاقتصاد وغلاء المعيشة. وقد وضعت الأجندة 21 بعض الأهداف الخاصة بالصحة وأهمها تحقيق احتياجات الرعاية الصحية الأولية وخاصة في المناطق الريفية، والسيطرة على الأمراض المعدية، وحماية المجموعات الهشة (مثل الأطفال وكبار السن) وتقليص الأخطار الصحية الناجمة عن التلوث البيئي. أما المؤشرات الرئيسية للصحة فهي :

حالة التغذية : وتقاس بالحالات الصحية للأطفال.
الوفاة : وتقاس بمعدل وفيات الأطفال تحت خمس سنوات، والعمر المتوقع عند الولادة.
الإصحاح : ويقاس بنسبة السكان الذين يحصلون على مياه شرب صحية ومربوطين بمرافق تنقية المياه.
الرعاية الصحية : وتقاس بنسبة السكان القادرين على الوصول إلى المرافق الصحية، ونسبة التطعيم ضد الأمراض المعدية لدى الأطفال ونسبة استخدام موانع الحمل.

3- التعليم :

يعتبر التعليم، وهو عملية مستمرة طوال العمر متطلبا رئيسيا لتحقيق التنمية المستدامة. وقد تم التركيز على التعليم في كل فصول وثيقة الأجندة 21 حيث أن التعليم أهم الموارد التي يمكن أن يحصل عليها الناس لتحقيق النجاح في الحياة. وهناك ارتباط حسابي مباشر ما بين مستوى التعليم في دولة ما ومدى تقدمها الاجتماعي والاقتصادي. وفي وثيقة الأجندة 21 فإن التعليم يتمحور حول ثلاثة أهداف هي إعادة توجيه التعليم نحو التنمية المستدامة، وزيادة فرص التدريب وزيادة التوعية العامة. وقد حققت الكثير من دول العالم نجاحا ملموسا في التعليم وفي تدريب سكانها على المعلومات الحديثة ولكن لا يزال هناك الكثير من الجهد الذي ينبغي بذله. أما مؤشرات التعليم فهي :

مستوى التعليم : ويقاس بنسبة الأطفال الذين يصلون إلى الصف الخامس من التعليم الإبتدائي.

محو الأمية : ويقاس بنسبة الكبار المتعلمين في المجتمع.


التصنيفات
التاريخ والجغرافيا السنة الثالثة متوسط

-مظاهر التنمية في قارة أوروبا

رغم تطور قارة أوروبا في مختلف الميادين
إلا أنه يسودها تفاوت في تطور المجتمعات الأوروبية لماذا هذا التفاوت؟

1-مظاهر التنمية في القارة:تعتبر أوروبا من أكبر القارات تقدما في المجال الاقتصادي حيث تطورت كل من:
لصناعة: عرفت منذ منتصف القرن 18م خاصة أوروبا الشمالية والغربية بفضل الثورة الصناعية ،وهي تمثل أكبر نسبة في الدخل الوطني الخام.
الزراعة: كان لتنوع المناخ وخصوبة التربة دور في تنوع المحاصيل الزراعية حيث تسود:
-زراعة القمح في السهول الكبرى الشمالية .
-زراعات البحر الأبيض المتوسط.
-تربية المواشي في المناطق الداخلية.
* إضافة إلى قلة نسبة اليد العاملة في الزراعة 10%مع اختلاف النسبة من دولة أوروبية لأخرى.
التجارة: استطاعت دول أوروبا أن تحقق الاكتفاء الذاتي للسكان في جميع الميادين رغم:
-فقرها في المواد الأولية
-قلة المساحة
-ارتفاع عدد سكانها وهي تتعامل اقتصاديا فيما بينها ومع جميع دول العالم.
التطور التكنولوجي: تتميز السلع الأوروبية بوفرتها ونوعيتها الجيدة وتطورها المستمر وذلك بفضل الاستخدام الواسع للطرق التكنولوجية بالإضافة إلى اهتمام القارة بالصناعة الفضائية والبحث التكنولوجي لأغراض سلمية.
– السياحة: تلعب دورا كبيرا في اقتصاد أوروبا إذ تمثل مصدر هام للدخل الوطني الأوروبي خاصة الدول المطلة على البحر المتوسط..
2-عوامل تقدم أوروبا:منها التاريخية كالثورة الصناعية والحركة الاستعمارية ومنها السياسية والاجتماعية كالاستقرار السياسي والتكتل والاتحاد وطبيعة الفرد الأوروبي وتفانيه في العمل.

الدخل الوطني الخام

الثورة الصناعية

ص49

تكنولوجيا

اكتفاء ذاتي

خريطة أوروبا الاقتصادية

صور متنوعة

الكتاب المدرسي

خريطة المبادلات التجارية

جداول

السبورة

يتعرف على مظاهر التنمية
في قارة أوروبا

يستخلص عوامل التفاوت
الاقتصادي
في المجتمعات الأوروبية

يدرك أسباب
تقدم أوروبا اقتصاديا
واجتماعيا


التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

التنمية والنمو

النمو الاقتصادي : هو زيادة في حجم الناتج الحقيقي
الناتج الإجمالي الحقيقي : هو قيمة السلع والخدمات لسنه واحدة من العناصر الوطنية والأجانب
الناتج الإجمالي القومي: هو قيمة السلع والخدمات لسنه واحدة من العناصر الوطنية
التنمية : هي الزيادة السريعة في مستوي الدخل الفردي ولكن ليست فقط بالجانب المادي وانما جوانب أخرى (سياسية – اجتماعيه – ثقافية- الخ)
الفرق بين التنمية والنمو ؟
النمو : هو زيادة التلقائية في الناتج ونمو مالي فقط
التنمية : تعتبر هيكلي مقصور ونمو مالي وسياسي وثقافي واجتماعي
سمات التخلف ؟1- سمات متعلقة بالبناء الاقتصادي (* انخفاض مستوي الدخل * تخلف طرق الإنتاج * زيادة البطالة * التبعية الاقتصادية للخارج )
2- سمات تتعلق بالبناء الاجتماعي (* ارتفاع معدل النمو السكاني * التفا وق بين الريف والحضر * التفاوت طبقي كبير * ارتفاع نسبة الأمية )
3- سمات تتعلق بالبناء السياسي (* عدم الاستقرار السياسي * أبعاد الناس عن المشاركة السياسية * سيطرة حزب واحد * لا دور للسلطة القضائية )
التنمية المستدامة : هو سد احتياجات الأجيال الحالية دون إهدار حق الأجيال القادمة
أهداف التنمية الشاملة ؟1- أهداف اقتصادية : * تحقيق النمو الاقتصادي * الكفاءة في استخدام الموارد المتاحة (النفط)
2- أهداف بيئية : * بيئية صحية للبشر (محاربة الأمراض) * استخدام عقلاني للموارد المتاحة * المحافظة على الموارد الغير متجددة
3- الأهداف الاجتماعية : * محاربة البطالة (حق العمل) * العدالة الاجتماعية (حق التعليم –حق الصحة)
الثقافة السياسية : هي مجموعه القيم والمعايير السلوكية المتعلقة بالأفراد في علاقاتهم مع السلطة السياسية .
مجتمع المعرفة : هي المعلومات التي تأتى عن طريقها التكنولوجيا والجامعات والمدارس والمباني الثقافية وغيرها.
نقاط إحصائية
* يشكل العرب 4.5% من سكان العالم.
* يشكل العرب 10% من مساحة العالم.
* صادرات الدول العربية تشكل 3.9% من صادرات العالم.* واردات الدول العربية تشكل 2.6% من واردات العالم.
ماهي المبادئ التي يجب عليها ان تخلق ثقافة عربية مبدعة ؟
* استلهام التراث* نيل الحرية الضامنة
* استثمار المشروع الثقافي الغربي بشكل خلاق لا تقليد فيه* عدم اعتبار الثقافة العربية الذاتية المنشودة مجرد اكتشاف ثقافة طمستها عصور التخلف

التنمية البشرية في الوطن العربي

التنمية في جوهرها هي عملية تحرير ونهضة شاملة تقتضي التحرر من شبكة علاقات السيطرة والتبعية وتستلزم العمل على إقامة بنيان اقتصادي وسياسي واجتماعي وثقافي جديد ومتوازن وكفء والدخول في علاقات التعاون الدولي بندية واستقلال حيث يجب تعبئة وتوظيف جميع الطاقات الذاتية بهدف إشباع الحاجات الأساسية مادية ومعنوية ثم رفع مستوى الرفاه لأفراد الشعب بشكل مطرد
إن معرفة الذات هي الخطوة الأولى في طريق التنمية الطويل فبلدان الوطن العربي في مجملها لا تزال في خطواتها الأولى على طريق التنمية بل إن هناك فريقا من المفكرين الغربيين شكك في قدرة العرب العقلية والذهنية على تحقيق التنمية والخروج من دائرة التخلف.

مؤشرات التنمية

ارتبطت المؤشرات المستخدمة لقياس التنمية ارتباطا وثيقا بالتطور الحادث في مفهوم التنمية
فالتنمية الاقتصادية لا تتحقق بالصورة المطلوبة إذا اقتصر التغيير على الوسائل الاقتصادية وتم إهمال الجوانب الاجتماعية ومع ظهور التنمية الاجتماعية ظهرت جملة من المؤشرات لقياس التنمية في مختلف دول العالم سميت بالمؤشرات المركبة وهناك قضيتان أضافتا أبعاد جديدة للمفهوم هما الاهتمام بالبيئة وإعلاء قيمة العنصر البشري التنمية المستدامة هي الحاجة إلى المحافظة على البيئة والموارد الطبيعية وحماية حقوق الأجيال القادمة.وهناك العديد من المؤشرات التي تم تطويرها لقياس التنمية البيئية مثل معدل استنزاف إنتاج الثروات الطبيعية ونسب التلوث كما ظهر مفهوم التنمية الإنسانية أو البشرية فالبشر هم هدف التنمية ووسيلتها وللتنمية البشرية مؤشرات تتعلق بالعلم والتعليم والبحث والتكنولوجيا والصحة والأوضاع السياسية.

أهمية مؤشرات التنمية

لا يمكن أن تستغني عن الإحصاءات إذ هي ضرورية من اجل القيام بعملية تخطيط واتخاذ قرارات سليمة ويستخدم الساسة لغة الأرقام بصفة مستمرة للتدليل على دقة ما يقولون وما أنجزوه والمواطنون أنفسهم يحتاجون للأرقام والمؤشرات لمساءلة حكوماتهم والمؤشرات توضح نتائج ما تم بذله من جهود تنموية إيجابا أو سلبا مما يساعد على تحديد الخطوات المستقبلية الواجب اتخاذها لضمان السير في الطريق الصحيح

مقياس درفنوفسكي لمستوى المعيشة:

يحتوي على ثلاث عناصر يتم قياس كل منها بمؤشرات معينة والعناصر هي:
1- الحاجات الضرورية المادية من تغذية ومأوى وصحة حيث يقاس بمؤشر حجم ونوعية الخدمات السكنية وكثافة الأشغال ومدى الاستقلالية في استخدام السكن.2- الحاجات الأساسية المعنوية وهي التعليم والتمتع بوقت الفراغ والأمن3- الحاجات الأعلى وهي فائض الدخل الذي يتبقى بعد إشباع الحاجات الأساسية
المقياس المادي للتقدم في نوعية الحياة:
في هذا المقياس تم دمج ثلاث مؤشرات للتنمية:1- معدل وفيات الرضع 2- توقع الحياة عند الميلاد 3- نسبة السكان المتعلمين

: المقياس الاقتصادي التقليدي للتنمية (مقياس الناتج القومي الإجمالي)

يرتكز هذا الأسلوب على الناتج القومي الإجمالي ويشتق منه مؤشرات للتنمية منها: متوسط نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي، معدل النمو السنوي في الناتج القومي الإجمالي، معدل النمو السنوي في نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي.

ولقد انتقدت هذه المقاييس من عدة زوايا:

1- الدخل والرفاهية: حيث رفاهية الفرد لا تتحدد بدخله فحسب بل تتحدد بطريقة استخدام ذلك الدخل.2- النمو ومصادره
3- الدخل والمقارنات الدولية: يصعب إجراء مقارنات بين الدول باستخدام متوسط نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي بسبب أسعار صرف العملات لا تعبر عن القوة الشرائية النسبية.4- النمو والتوزيع: لا يمدنا هذا المؤشر بأي معلومات حول نصيب القطاعات المختلفة وتأثيرات الإنتاج والاستهلاك على البيئة.

المؤشر العام للتنمية:

يتكون هذا المقياس من18 مؤشرا تم اختيار المؤشرات ذات معاملات الارتباط العالية فيما بينها أي المؤشرات التي بينها علاقات أقوى ومنها:1- توقع الحياة عند الميلاد
2- نسبة الملتحقين بالتعليم الفني والمهني
3- متوسط عدد الأفراد لكل غرفة
4- متوسط الاستهلاك اليومي من البروتين الحيواني
المؤشر المركب للتنمية البشرية
إن مفهوم التنمية البشرية كما تبناه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عرف على انه عملية توسيع الخيارات المتاحة أمام الناس
أهم الخيارات التي يعبر عنها التقرير هي:

1- الحياة الطويلة الخالية من الأمراض والعلل وهي تعتمد بشدة على التغذية والصحة الجيدة والماء النقي والهواء الغير ملوث وعلى حجم الإنفاق الحكومي أو المجتمعي على قطاع الصحة وما يرتبط به من خدمات
2- حيازة المعرفة تقاس بنسبة الملمين بالقراءة والكتابة من15 سنة فأكبر ونسبة القيد في التعليم الابتدائي والثانوي والعالي معا
3- التمتع بحياة كريمة وتقاس باستخدام متوسط الدخل الفردي الحقيقي المعدل والذي يتم حسابه من خلال اخذ تعادل القوة الشرائية في الاعتبار
أصدر البرنامج الإنمائي عدة تقارير منها “نحو إقامة مجتمع للمعرفة والصادر عام 2022 وقد تناول الوضع في الوطن العربي من خلال المؤشرات التالية:
1- مؤشرات الحرية والحكم الصالح
2- مؤشرات التمثيل والمساءلة
3- مؤشر الانطباع عن الفساد في معاملات الأعمال4- مؤشر نشاط المجتمع المدني بجميع أشكاله ومنظماته5- مؤشر نهوض المر أه حيث نصت الدساتير العربية على إعطاء النساء حقهم السياسي6- المؤشرات الخاصة بالمعرفة مثل:
* ارتفاع سعر المعرفة مع انخفاض الدخل
* الأمية وانتشارها في الدول العربية
* قوة وسائل الإعلام العربي
* متوسط سنوات التعليم للفرد

أكد التقرير أن هناك خمس أركان لمجتمع المعرفة في الدول العربية هي:

1- إطلاق حريات الرأي والتعبير والتنظيم
2- النشر الكامل للتعليم الراقي النوعية
3- توطين العلم وبناء قدرة ذاتية في البحث والتطوير في جميع النشاطات المجتمعية
4- التحول الحثيث نحو نمط إنتاج المعرفة في البنية الاقتصادية والاجتماعية العربية
5- تأسيس نموذج معرفي عربي أصيل منفتح ومستنير
تصنيف الدول العربية على أساس الدخل:
صنف البنك الدولي في عام 1999 دول العالم المختلفة طبقا لمتوسط نصيب الفرد من الناتج القومي الجمال إلى ثلاث مجموعات:
1- دول ذات دخل مرتفع (كويت وقطر وإمارات)2- دول ذات دخل متوسط (غالبية الدول العربية)3- دول ذات دخل منخفض (موريتانيا وسودان ويمن وجزر القمر)
لكن هناك أمرين: 1- هو عدم ثبات أساس التصنيف بمعنى الناتج القومي الإجمالي ليس ثابتا 2- معيار الدخل منفردا لا يعد مؤشرا كافيا للحكم على مستويات التنمية في بلد ما.
تصنيف الدول العربية على أساس التخلف:
بقا لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لا تقع أية دولة عربية ضمن مجموعة الدول المتخلفة بينما توصف بالدول النامية وتقع خمس دول عربية هي السودان وجيبوتي وجزر القمر واليمن وموريتانيا في مجموعة الأقل نموا.
تصنيف البلدان العربية طبقا لمقياس التنمية البشرية:
صنف تقرير التنمية البشرية إلى ثلاث مجموعات:
1- الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة أو العالية هي البحرين والكويت والإمارات وقطر
2- الدول العربية ذات التنمية البشرية المتوسطة وهي ليبيا ولبنان وسعودية وعمان وأردن وتونس وسوريا وجزائر ومصر ومغرب وجزر القمر
3- الدول العربية ذات التنمية البشرية المنخفضة وهي يمن وجيبوتي وسودان وموريتانيا

توقع الحياة عند الميلاد:

يمكن تصنيف الدول العربية لست مجموعات وهي:1- مجموعة يزيد توقع الحياة عند الميلاد على 75 عاما وهي الكويت حيث يبلغ المعدل بها 76 عاما2- مجموعة توقع الحياة عند الميلاد بين 70 و75 عاما وتضم إمارات وبحرين ولبنان وسعودية وسوريا وعمان وليبيا وأردن3- مجموعة توقع الحياة عند الميلاد بين 65 لأقل من70 عاما وتضم تونس ومصر وجزائر وقطر ومغرب4- مجموعة توقع الحياة عند الميلاد فيها بين 60 لأقل من 65 عاما وتضم يمن5- مجموعة توقع الحياة عند الميلاد بين 50 لأقل من 60 عاما وتضم جزر القمر وسودان موريتانيا6- مجموعة توقع الحياة عند الميلاد فيها تقل عن 50 عاما وتضم جيبوتي حيث يصل بها المعدل 44 عاما

عناصر التنمية البشرية ومكوناتها ؟

*التعليم : هو استثمار للفقراء – وسيلة للحراك الاجتماعي ونعني (بالحراك الاجتماعي) هو تحريك هذه الطبقة من السفلة آلي الطبقة الوسطية ، جودة التعليم واستمرار يته ، حفظ التراث للامة
*الصحة : – الإنسان السليم يكون قادر على العمل – يحي الإنسان حياه مديدة خاليه من الأمراض – وبيانات صحية هامة يتم جمعها لقياس المستوي الصحي
*مستوي دخل الفرد : – تحسين المعيشة برفع مستوي الدخل – تنوع مصادر الإنتاج
ما هي الآثار المترتبة على معدلات التنمية بالنسبة للتعليم؟
*يساعد المرآة على تنظيم النسل
*يساعد المرآة على اكتساب أساليب صحية حديثة
*يساعد المرآة على إدارة شؤون بيتها
*يدعم السلوك الاقتصادي للأفراد
اذكر خصائص المجتمع العربي على حركة التعليم ودورة التنموي ؟
*تجزئة الوطن العربي
*تبعيه الوطن العربي من جميع النواحي
*الاعتماد على الجغرافيا الطبيعية اكثر من الجغرافيا البشرية
*المركزية الشديدة في الأدارة وضعف المشاركة الاجتماعية
أهداف التنمية البشرية في الألفية الثالثة
*استئصال الفقر والجوع الشديدين
*تحقيق التعليم الابتدائي الشامل
*الحفز على المساواة بين الجنسين (المرأة والرجل) وتمكين النساء
*تخفيض نسبة وفيات الأطفال
تحسين الصحة الاموميه
*ضمان الاستدامة البيئية
ما هي الجهود التي تبذلها المؤسسات والمنظمات الدولية في مجال التنمية البشرية
*تبني استراتيجيات تنموية طويلة الأجل
*الاهتمام في السياسات العالمية بالبلدان التي تواجه اصعب تحديات التنمية
*تيسير المساعدات والمنح الخاصة لمكافحة الفقر والأمراض والجوع
*زيادة الجهود الدولية المبذولة لنشر التعليم الابتدائي
*تشجيع المواطنين في الدول النامية على المشاركة في تخطيط وتشغيل أداره ومشروعات التنمية
أهم المبادئ التي أكد عليها تقرير التنمية البشرية عام 2022 في موضوع التنمية السياسية ؟
*تعزيز التنمية البشرية يتطلب حكما ديمقراطيا شكلا وموضوعا
*العلاقة بين الديمقراطية والتنمية ليست تلقائية
*فرض سيطرة ديمقراطية على قوات الآمن
*الجهود الدولية الرامية آلي أحداث تغيير

مفهوم الثقافة :

هي جميع السمات الروحية والمادية والفكرية والعاطفية التي تميز مجتمعا بعينة أو فئة اجتماعية بعينها وهي تشمل طرائق الحياة والتقاليد والمعتقدات والفنون والآداب ويندمج في الوقت ذاته في نطاقها القيام بالحقوق الأساسية للإنسان.
خصائص المميزة للثقافة العربية؟

1- العراقة : فقد عرفت الأرض العربية ثقافات كثيرة وحضارات عريقة كالحضارة الآشورية والبابلية والفرعونية وغيرها ولكنها انصهرت جميعها في الحضارة العربية الإسلامية.
2- تتمتع بسمات إنسانية رفيعة بسبب تأكيدها على مبادئ وقيم وأفكار أخلاقية هامة مثل الحق والخير والعدل……….
3- الشمول والتكامل والتوازن بين الجوانب المادية والجوانب الروحية.
4- قدرتها على استيعاب الثقافات الأخرى دون أن تفقد خصائصها وخصوصيتها .
5- نظامها الروحي العظيم فعلى أرضها ظهرت اليهودية والمسيحية والإسلام،بل أعتبر الإسلام مجمع التأمل الروحي ولقب محمد بخاتم الأنبياء وأعطى الإسلام اللغة العربية ديمومة وانتشار.
6- قدرتها على التكيف مع مقتضيات التطور بفضل ما تميز به الإسلام من نظرة وسطية غير مغالية وسمة الوسطية التي تحميها من التطرف والشطط نحو تيار المادي أو الجمود أمام الروح.
7- التمتع بالدينامية والحركة مع قابلية التطور والتجدد من خلال الأنماط المختلفة للإبداع فنا ولغة ونحتا ورسما وعمارة فهي لم تنغلق ولم تتوقع ولهذا عشت ونمت وتطورت.
8- القدرة على مواجهة محاولات الغزو والاستيلاب والتشويه الثقافي ورفضها لكل محاولات طمس الهوية العربية .

ظاهرة صراع الثقافات

وجود قوة ثقافية مسيطرة أمام ضعف بنية ثقافية أخرى واستسلامها فليس هناك أخذ وعطاء بقدر ما يكون من تبعية واستسلام وتآكل في نسيج الثقافة المواطنة والسير في طريق الفناء والموت.

ظاهرة حوار الثقافات

هي الظاهرة التي تعكس أخذا وعطاء حيث تتلاقح عناصر ثقافة ذاتية مع عناصر ثقافة أخرى غيرية ليتوالد من ذلك تأليف جديد وإبداع حركة إلى المستقبل ، ويمكن وقوع هذا النوع من التفاعل في ظروف وشروط نفسية واجتماعية بالنسبة للأخذ بصفة خاصة بحيث لا يشعر بالإحباط والدونية وأن تكون له إرادة حضارية على تجاوز وضعة وإمكاناته وبالتالي يكون في هذا الحوار ندية ولا تنتج عنة بالضرورة تبعية.
وهذا النوع من التفاعل في حوار الثقافات مهم وضرورة لتطوير عناصر الثقافة الذاتية وترسيخها وتأكيد هويتها من ناحية ومن ناحية أخرى تمكنها العناصر الثقافية الجديدة والمكتسبة والمنبثقة مع جذورها من المشاركة في بناء ما يعرف بنظام ثقافي عالمي جديد

القضايا والمشكلات الكلية في الثقافة العربية؟

*التجزئة والتبعية بسبب التعرض لموجات التبعية من الاستعمار الأجنبي.
*عدم التكافؤ بين البلدان العربية من حيث الموارد المالية والبشرية معا مما أدى عدم تكامل جهود التنمية.
*عدم الاكتفاء الذاتي رغم وفرة الموارد وضعف الإنتاج واتجاه أفكار جديدة بل تنصرف إلى تثبيت القائم .
*اعتماد الثقافة على السلطة لتنميتها ونشرها جعلها لا تولد أفكارا جديدة بل تنصرف إلى تثبيت القائم.
ضعف المحتوى السياسي والمضمون العلمي في الثقافة العربية وله انعكاساته السلبية على أحداث تطور حقيقي للمجتمع فالثقافة
*السياسية هامة لتدريب الفرد على سلوكيات الديمقراطية والثقافة العلمية هامة لتدريبه على استخدام التفكير والأسلوب العلمي في حل المشكلات.
*ثقافة مولعة بإثارة الاتجاهات الانتقادية خاصة في تفكير النصوص مما يجعلها ثقافة جدلية تحتاج إلى نظرة تعادلية توفيقية.
*ثقافة تهمل جماهيرها العريضة وهم الأميون (أكثر من نصف المجتمع العربي) وثقافة الأمية فيها تبعية وفيها إحباط وفيها انسحاب فوسائط الثقافة تكاد تجعل الثقافة ملكا للأقلية المتعلقة مما يزيد من فجوة المعرفة بين أفراد المجتمع.
*تأثر الفكر الفقهي بالمنطق القياسي والاستقراء وهو الحكم على الشاهد استنادا إلى الغائب يجعل مساحات الاجتهاد ضيقة وتقل القدرة على الصمود لأن الرأي لا يصدر عن تجربة ومعاناة.
واقترح حميد مولانا أربع استراتيجيات لزيادة فعالية وجدوى التفاعل والاتصال بين الثقافات:
*منع الحروب وترسيخ السلام.
*احترام القيم والثقافة والتقاليد .
*دعم حقوق الإنسان وكرامته.
*الحفاظ على الأسرة والوطن والأمة والجماعة والبشرية.
أذكر الآليات التي استخدمت لفرض تبعية المجتمع العربي للثقافة الغربية ؟
*إحكام تبعية الاقتصاد العربي للنظام الرأسمالي وتحديد شروط تطوره الداخلي.
*تركيز استثمارات الدول الرأسمالية في العالم العربي لإنتاج السلع الأولية وفي الصناعات الاستراتيجية ثم التحويلية بنسبة محدودة .
*الاستخدام الموسع للمعونات والقروض المالية تحقيقا للتبعية المالية والاقتصادية وفرض شروط سياسية واجتماعية لقبول هذه القروض.
*التحكم في السياسات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية للمؤسسات الدولية مثل (البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ) لخدمة مصالح النظام الرأسمالي.

ما هي الآليات التي استخدمت لتسهيل هيمنة الثقافة الغربية ومحاصرة الثقافات الأخرى ومنها العربية؟
*احتكار التقنية معرفة وتشغيلا والسعي لزرع بعض أنماط مفروضة منها على الوطن العربي
*توجيه الفكر والعلم الاجتماعين ومعهما الفكر التنموي لتأكيد تفوق الحضارة الغربية وأنها النموذج الأعلى .اهتمام الدول الرأسمالية بإقامة مؤسسات في الأقطار العربية تؤثر مباشرة في الثقافة العربية ومقوماتها وفي الوقت نفسه تسعى لنشر الثقافة الغربية وعرض بعض ممارساتها الأكثر*جذبا واتخذت هذه المؤسسات أسماء مراكز ثقافية (البريطاني والأمريكي.. الخ *إقامة مؤسسات تعليمية تشمل على الكثير من المراحل التعليم كالمدارس والجامعات الإنجليزية والفرنسية والألمانية والأمريكية.*إقامة مؤسسات هدفها ترجمة نماذج مختارة من الفكر والتاريخ وطرائق الحياة الغربية ونشرها بأسعار رخيصة لتسهم في تشكيل العقول على الطرائق العربية وتربط بعض المثقفين بمصالح هذه المراكز مثل مؤسسة فرانكلين للترجمة والطباعة.
*الاهتمام بالبعثات الإرسالية والإرساليات التبشيرية لنشر الثقافة الغربية وتشويه التراث العربي الروحي والفكري والاجتماعي.
*التوظيف المتنامي والمضطرد لوسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية خاصة البرامج والمواد التليفزيونية والأفلام السينمائية لتشكيل الوعي الثقافي والاجتماعي للمواطن العربي واللعب بغرائز المشاهدين وإرضاء رغبات بعض المحتاجين في اتجاه لدعم تغلغل الحضارة الغربية، فطغت ثقافة الفيديو كلب وسيطرت الأفلام الكارتون التي تحمل في مضامينها الكثير المظاهر المنافية لقيم الثقافة العربية.
*احتكار التقنية المستخدمة في مجال الإعلام والمعلومات ،فاحتكرت الشركات معظم المنتج من الحواسيب والبرمجيات
وكذلك الوكالات الناقلة للأخبار العلمية بتوجيه محطات إذاعية وتليفزيونية باللغة العربية إلى الوطن العربي مما يساعد على تحقيق أهداف الهيمنة الإعلامية الغربية وتشويه صورة العرب لدى الغرب ونشر أخبار تهدف إلى النيل من القيم والتراث العربي والإسلامي.
*اعتماد التلفزيونات العربية على استيراد ما متوسطة 42% من البرامج والمواد العلمية من الغرب وأن هذه النسبة ترتفع في حالة بعض الأقطار إلى أكثر من 75%.
التأثير السلبي على التنشئة الاجتماعية للأطفال من خلال تقديم مواد إعلامية ثقافية متناقضة مع القيم العربية مثل العنف واللامبالاة والخروج عن قواد التربية الأسرية والتوحد

الآليات والاستراتيجيات التي تستخدمها الثقافة الغربية لتعميم ثقافتها الاستهلاكية؟
*الاهتمام بالخطاب الإعلامي وإعداده فائقا مستندا إلى العلم والتقنية والفنون والآداب بحيث يدفع الناس دفعا إلى الاستهلاك بحيث يصبح هدفا بذاته ورمزا للمتعة والتمايز الاجتماعي.
*ربط تسويق المنتجات بشخصيات فنية ورياضية وكرتونية من ثقافة الغرب يتعلق بها الأطفال والمراهقون فيندفعون إلى تقليد شخصياتهم المثالية فيما يأكلون ويلبسون… .
*تشجيع هجرة العقول والأدمغة واستقطابها في الدول الغربية وهذا يؤدي من ناحية تبني الثقافة الاستهلاكية السائدة في المجتمعات الغربية التي هاجروا إليها.
*فرض الهيمنة الاقتصادية من خلال قواعد التجارة الخارجية.
*تشجيع الاستثمارات العربية في المشروعات التجارية والمالية والتوكيلات الأجنبية والخدمات الاستهلاكية كالمطاعم والفنادق وانحسار الاستثمار في المجالات الإنتاجية.
*بسبب انحسار الصناعات التحويلية أصبح المجتمع العربي يعتمد في غذائه 80% على الأقل على الخارج وأصبحت القرية بعد ان كانت منتجة لغذائها مستهلكة.
*زيادة الاستثمار في الأعمال العقارية والإسكان الفاخر الذي يعكس محاكاة واضحة لفلسفة وتقنية البناء الغربي والذي يصاحبه التأثيث والتجهيز الغربي.
*ظهور ملامح الثقافة الاستهلاكية والتبعية الثقافية للثقافة الغربية على ملامح الحياة اليومية وعلى خطاب الناس واهتماماتهم خاصة الطبقة البرجوازية من المجتمع صاحبة الدخول المرتفعة .