التصنيفات
تسويق

مذكرة المؤسسة العمومية الاقتصادية واقتصاد السوق

مقدمة:
إن المتتبع لمسار الجزائر الاقتصادي يلاحظ أنه مر بمراحل متعددة منذ الإستقلال وكانت كل مرحلة تتميز بخصائص معينة، وظروف خاصة، ومشاكل وعقبات كثيرة. ذلك أن الحقبة الاستعمارية خلقت عراقيل كبيرة وأوضاع اقتصادية واجتماعية منهارة.
إن الإطار العام الذي مر به الاقتصاد الجزائري ولسنوات عديدة وعبر فترات متعددة هو القطاع العام.
فمنذ الإستقلال كانت اهتمامات الدولة تصب في مجملها على جعل المؤسسات الاقتصادية الموروثة مع قلتها تسير بصفة عادية من جهة، وخلق جهاز إداري اقتصادي قادر على مواجهة الصعوبات من جهة أخرى. لكن مع مرور الوقت تدهورت الوضعية الاقتصادية العامة للبلاد بصفة عامة والمؤسسات الاقتصادية بصفة خاصة. إذ كانت تعاني من مشاكل متعددة في التسيير والتنظيم والمحيط. وأصبحت المؤسسات العمومية الاقتصادية تشكو من متاعب عديدة، منها ما يرجع إلى خصائصها ومنها ما يعود إلى البيئة والمحيط.
إن النظرة السياسية والاجتماعية للمؤسسة العمومية الاقتصادية أثرت سلبا ولسنوات عديدة على مردو ديتها وكفاءتها.إذ وجدت نفسها تتساءل عن مصير اقتصادها و مستقبل مؤسستها ، لأن الأزمة التي تمر بها أزمة نظام اقتصادي في مجمله.
إن الرؤية الاشتراكية الضيقة للمؤسسات العمومية الاقتصادية الجزائرية، والأهداف الاجتماعية والسياسية التي طلبت منها تحقيقها أثرت عليها، إذ تخلت بذلك عن أهدافها الحقيقية والمتمثلة في تحقيق التوازن المالي والاقتصادي.
وباعتبارها –المؤسسة الاقتصادية- نواة كل اقتصاد ومحرك كل نهضة اقتصادية، فقد أخذت الاهتمام الأكبر من السلطات والقائمين على شؤون الاقتصاد، لذلك فقد كان الإصلاح ضرورة حتمية فرضتها التغيرات الداخلية والتوجهات العالمية الجديدة. وإستجابة لمتطلبات الوضعية التي كانت تشكو من ضعف التسيير والتنظيم وكذا جهاز إنتاجي عاجز عن تلبية حاجيات المجتمع، وذي تكاليف عالية جدا.
غير أنه في مرحلة متقدمة من حياة المؤسسات العمومية الاقتصادية تغيرت النظرة وأصبح عتقد الكثير أنه من أجل تحقيق التوازنات العامة ومن أجل تحقيق توازن في ميزانية الدولة يجب إيجاد سبل أخرى غير طريق المؤسسة العمومية والقطاع العام. وبذلك فقد تغيرت النظرة إليها. من نواة الاقتصاد إلى سبب تدني الاقتصاد وتدهوره.

و أصبحت في نظر الكثير ممن كانوا يدافعون عن القطاع العام والمؤسسة العمومية محل اتهام وسبب الأزمة. فهل هذا يعني أن المؤسسة العمومية أضحت غير مؤهلة للعب الدور المطلوب منها؟
إن حالة المؤسسات العمومية الاقتصادية من جهة والرؤية الجديدة لها من جهة أخرى سارعت لإدخال إصلاحات عليها وعبر مراحل متعددة. لإخراجها من وضعيتها المتدهورة وبالتالي تهيئتها للدخول في نمط جديد من التسيير لم تعهده من ذي قبل.
إن الإصلاحات المتلاحقة التي أدخلت على المؤسسات العمومية إنطلاقا من إعادة الهيكلة وإستقلالية المؤسسات ومرورا بصناديق المساهمة والشركات القابضة. كانت محاولات جادة لإخراجها من حالتها الصعبة ووضعيتها المزرية. غير أنه وفي كل مرة تزداد حالتها سوءا بسبب سوء التصرف لدى المسؤولين. إذ يرى الكثير من الإختصاصيين أن العيب لم يكن في القوانين بحد ذاتها بقدر ما كان في تنفيذ هذه القوانين.
ففي خضم هذا المحيط الهائل وهذه العقبات المتكررة، وتلك الإصلاحات المتعاقبة التي لم تحقق ما كان يرجى منها، تعددت الآراء والإتجاهات حول المؤسسات العمومية الاقتصادية وحول مستقبلها وحول مبررات بقائها. فالأسئلة المطروحة في هذا الشأن أصبحت كثيرة.
فإذا كانت المؤسسات العمومية في معظمها تتوجه نحو التجديد و في مفهوم الملكية فإن هناك تساؤلات عديدة مازلت قائمة.
فأولى التوجهات تعتقد أن المؤسسات العمومية الاقتصادية من خلال نظامها الأساسي و شكلها الجديدين، ستظل فعلا الأداة المفضلة التي توفر عليها الدولة لتحقيق نصيبها استراتيجية تنمية البلاد و هذا بإعادة تنظيم القطاع العمومي الى ابعد نقطة قصد تحقيق الأهداف المطلوبة، و بعبارة اخرى فإن المؤسسة و الاقتصادية و التشريعية التي تساعدها على ذلك.
و إذا الزمنا أن ازمة المؤسسة العمومية الاقتصادية عميقة و لا يمكن للدولة أن تستمر في مسح ديونها و إعادة هيكلتها و عليها أن تعطي للقطاع الخاص الفرصة من اجل أخ مكانته في تسيير الاقتصادية. فما هي أفضل طريقة لذلك ؟
و إذا افترضنا أن الخوصصة حل حتمي فهل يجب التحول الى اقتصاد السوق و الى خوصصة المؤسسات العمومية الاقتصادية بسرعة و دون تأخير؟ أم يجب على العكس من ذلك إعطاء وقت أطول لنضج التحول كما أثبتته التجارب؟
أما التساؤل الاخر فهو هل يكون التحول و الانصهار كلي أم جزئي؟ و بمعنى آخر هل كل المؤسسات الاقتصادية قابلة للانحلال و الانصهار؟ أم هناك حل وسط ؟ و عليه يمكن طرح سؤال مهم آخر هو هل أن تحقيق التنمية الشاملة و تحقيق التوازنات الكبرى يمر حتما بالقطاع الخاص ؟
و على كل تبقى كل فرضيات و أخرى مطروحة و لها من المبررات ما يساندها و يدعمها. غير أن الامر أبعد من ذلك لأن المؤسسة العمومية الاقتصادية لا يمكن في المؤسسة بحد ذاتها فحسب بل إن الصعوبة تكمن في المحيط الذي تعيش و تنمو فيه هذه المؤسسة بما له من تأثير عليه.
إن الصعوبة تكمن في أن المحيط الداخلي صعب اجتماعيا و غير ثابت سياسيا. و أن المحيط الخارجي له التأثير ما قد يحول به نظرة القائمين على أمور المؤسسة بين أي فترة و أخرى.
إن مسألة البقاء أو مسألة الانصهار و الانحلال و مسألة الخيارات البديلة إنما هي مسألة جادة تصب في مجملها في نقطة واحدة هي تحقيق نمو اقتصادي شامل.
فأي الخيارات أحسن و أي التوجهات أفضل ؟و أي مستقبل للمؤسسة العمومية الاقتصادية ؟
و لدراسة هذا الموضوع و للإجابة على هذه الأسئلة قسمنا الموضوع إلى فصول متعددة حيث سنطرق في فصله الأول إلى المؤسسة العمومية و مراحل تطورها. ثم في فصل آخر العوامل الداخلية و الخارجية التي تؤثر في حياة المؤسسة و المحيط و في الفصل الثالث سنطرق إلى مستقبل المؤسسة العمومية ومجمل الخيارات الموضوعة أمامها.
و في الفصل الاخير سنرى فيه حالة التطهير المالي التي مرت بها المؤسسة و كذا مستقبل الذي ينتظر هذه المؤسسة في ظل اقتصاد السوق.
و في الخاتمة تقييم لما ورد شرحه، و تقدم بعض القتراحات الواقعة و العقلانية التي تخض مستقبل المؤسسات العمومية الاقتصادية في الجزائر.

مقدمة
المبحث الأول:مبررات وجود المؤسسات العمومية الاقتصادية
المطلب الأول: المؤسسة العمومية في النظام الاشتراكي
المطلب الثاني: المؤسسة العمومية في النظام الرأسمالي
المطلب الثالث:المؤسسة العمومية في الجزائر من النشأة إلى غداة الاستقلال
المبحث الثاني:مراحل تطور المؤسسة العمومية الاقتصادية
المطلب الأول: التسيير الذاتي
المطلب الثاني:الشركات الوطنية
المطلب الثالث:المؤسسات الوطنية

المبحث الثالث: الإصلاحات الاقتصادية
المطلب الأول:إعادة الهيكلة
المطلب الثاني:استقلالية المؤسسات
المطلب الثالث: صناديق المساهمة
المطلب الرابع: الشركات القابضة
المطلب الخامس:إجراءات التطهير المالي و التعديل الهيكلي للمؤسسات
المطلب السادس:شركات تسيير المساهمات

المبحث الأول: مبررات وجود المؤسسات العمومية

تمهيد:

إن وجود المؤسسات العمومية في مختلف الأنظمة يختلف باختلاف المبادئ التي يعتمد عليها كل نظام. فأسباب وجودها في النظام الاشتراكي غير أسباب وجودها في النظام الرأسمالي.
وفي هذا الجزء سنحاول معرفة مبررات وجود المؤسسات العمومية في مختلف الأنظمة.
المطلب الأول: المؤسسة العمومية في النظام الاشتراكي

إن المؤسسات العمومية الاقتصادية في النظام الاشتراكي تضمن تحقيق الأهداف الكبرى للنظام الاشتراكي. وذلك بامتلاك الدولة لوسائل الإنتاج، بواسطة تأميم المؤسسات أو إنشاء أخرى بأموال الدولة طبقا لأهداف الخطة الاقتصادية المسطرة. ومن أجل القضاء على الاستغلال. فالمحيط العام للمؤسسة الاقتصادية العمومية في هذا النظام هو تنفيذ الخطة الموجهة. فالكل موجه، معدل الإنتاج، الأجور، عدد العمال، برامج القروض… فهي تخضع لسياسة تنمية شاملة ملزمة التنفيذ. فإنتاج المؤسسة يعود إلى المجتمع بكامله، فهناك علاقة وثيقة بين المصلحة العامة للمجتمع والمؤسسة وهي بالتالي ليست حرة فيما يتعلق بإنتاجها، سواء من ناحية إختيار المواد الأولية، أو فيما يتعلق بالتجهيزات ووسائل الإنتاج التي تخطط طبقا لبرنامج الاستثمار التي تؤخذ فيه بعين الاعتبار جوانب اجتماعية وسياسية لا تربط دائما بالجانب الربحي.

فانطلاقا من معرفة المبادئ التي يعتمد عليها الاقتصاد الاشتراكي يمكن إعطاء صورة واضحة عن تطور المؤسسات العمومية في هذا النظام ولعل أهم هذه المبادئ:

1- الملكية العامة لوسائل الإنتاج:
وتتمثل في ملكية الدولة لوسائل الإنتاج عن طريق تأميم المؤسسات أو إنشاء أخرى وذلك بهدف نزع الفوارق الاجتماعية والقضاء على جميع أنواع الاستغلال إذ لا يمكن تحقيق ذلك حسب هذا النظام إلا بالملكية الجماعية لوسائل الإنتاج.
2- التخطيط المركزي:

انطلاقا من أن الدولة في هذا النظام تتحكم في وسائل الإنتاج فهي بذلك تأخذ بزمام الأمور كلها. إذ تعتبر الخطط (برمجة الإنتاج، التوزيع، الأجور…) إلزامية ومستمرة وذلك من أجل تحقيق التسيير العقلاني لمجموع الموارد البشرية والمادية.
ومن هنا يخضع المحيط العام للمؤسسة العمومية لتأثير السياسات العامة التي تنتهجها الدولة. إذ تصبح المؤسسة ملزمة بتنفيذ الخطط. وذلك من أجل تحقيق الأهداف الكبرى المحددة مركزها.

غير أنه في كثير من الأحيان لا تهدف المعاملات الاقتصادية إلى الربح واحترام المقاييس وإنما تأخذ في الحسبان اعتبارات تحدد مسبقا وفق الخطة العامة.

ومن هنا فإن المؤسسة في النظام الاشتراكي تعتبر كنوع أو شكل من أشكال الملكية العامة لوسائل الإنتاج. وهذا بالنظر إلى مواردها التي تعتبر ملك للشعب ولأن إنتاجها يعود بالفائدة على الجميع. وبذلك أصبحت المؤسسة من الناحية التسييرية والتنظيمية كملحق إداري للنظام المركزي إذ لا تمتلك أدنى الصلاحيات فهي بذلك أداة لتنفيذ السياسة الاقتصادية.

وكان من بين ما نتج عن هذا التسيير المركزي في كثير من البلدان إهمال الربح. إذ كانت تركز في معظمها على تحقيق الأهداف الاجتماعية والتنموية الكلية.

إن الخضوع المطلق للوصاية المركزية صعبت المسؤولية في كثير من المؤسسات إلى تسوية المعلومات الخاصة بمؤسساتهم، وإعطاء الوصاية نظرة غير واقعية وغير حقيقية حول المؤسسة وهو ما جعل الحالة الصحية لهذه المؤسسات تزداد سوءا يوما بعد يوم.

وبهذا كله يمكن اعتبار المؤسسة في النظام الاشتراكي كوسيلة من وسائل الإنتاج في يد الجهات المركزية إذ تعتبر شكل من أشكال الملكية العامة لوسائل الإنتاج، تسهر على تطبيق القرارات الفوقية دون أي تدخل منها. إذ لم يكن لديها أدنى مسؤولية في اتخاذ القرارات، سواء فيما تعلق الأمر بالإنتاج أو اختيار المواد الأولية أو شيء آخر. بل على العكس من ذلك فقد كانت مجبرة على تنفيذ الخطة المركزية.

المطلب الثاني: المؤسسة العمومية في النظام الرأسمالي.

إن المؤسسات العمومية الاقتصادية في النظام الرأسمالي الحر حقيقة واقعية منذ فترة طويلة.
وحسب بعض المختصين فهناك ثلاثة أنواع من المبررات لوجود المؤسسة العمومية…(1).
1- المنظور الأول (المسمى النيوكلاسيكي): يعتمد على البرهنة للاقتصاد الجزئي والذي حسبه فإن البحث الأقصى عن الربح لكل متعامل اقتصادي خاص ينتج وضعية مثلى للمجتمع والمؤسسة العمومية في هذا الإطار إستثناء يؤكد القاعدة.
2- أما الثاني فهو كلي والذي يعتمد على نظرة نقائص هذا التحليل الاقتصادي مقابل إثبات الوقائع ليبرر تدخل الدولة على المستوى السياسي والاجتماعي.
3- أما المنظور الثالث فهو يعتمد على نظرة مختلفة أساسا للمجتمع ويبرهن على أن تدخل الدولة في اقتصاد رأسمالي يسمح بحل تناقضات هامة.
4- ومن جهة أخرى فإن المؤسسات العمومية الاقتصادية في الاقتصاد الحر، تختلف عن مثيلاتها في الاقتصاد الاشتراكي. إذ لا تؤدي نفس الأهداف، فوجودها في النظام الحر ليس لأغراض اجتماعية، بل على العكس تماما من ذلك فهي مثل مثيلاتها في القطاع الخاص إذ كلاهما يستعمل نفس الطرق في الإنتاج والتوزيع من أجل تحقيق نتائج إيجابية.
وبهذا الدور فهي تلعب دورا هاما وكبيرا في التنمية لما لها من إمكانيات معتبرة.

ولذلك نجد أن:
I- في جميع الاقتصاديات الرأسمالية يوجد مكان مناسب لمؤسسة العمومية الاقتصادية غير أنها تختلف من حيث الشكل والنشاط. إذ ليست منظمة بالطريقة نفسها وليست لها نفس الأهمية، بالرغم من فلسفة النظام الرأسمالي تحتم جعل النشاط الاقتصادي وكافة الأنشطة لدى القطاع الخاص.(1)
فمن الناحية التاريخية كان ظهور المؤسسات العمومية في النظام الرأسمالي على أثر الأزمات الاقتصادية المتتابعة التي عاشها هذا النظام وما خلفته من مآزق على مستوى البطالة والتضخم، إذ تتدخل الدول الرأسمالية عن طريق إنشاء مؤسسات عمومية للوقوف في وجه تلك الأزمات.

فأسباب وجودها والمكانة التي تحتلها تختلف من دولة إلى أخرى، فوجودها في الولايات المتحدة الأمريكية غير وجودها في اليابان، وهو يختلف عنه في فرنسا. إلا أن الأسباب والدوافع العامة تكاد تكون متشابهة، ومن الأسباب التي تدفع إلى حتمية وجود قطاع عام ومؤسسات عمومية في الاقتصاد الرأسمالي ما يلي:
1- الهيمنة والسيادة:
إن عملية خلق مؤسسات عمومية اقتصادية أو تأميم بعضها الآخر يعتبر في بعض البلدان عامل سيادة وهيمنة، وتدهور هذه السيادة غالبا في قطاعات حساسة للغاية مثل

قطاع النقل البحري وقطاع البنوك والنفط والصناعات الثقيلة خاصة العسكرية منها، وهو ما يدفع ويكون رغبة شديدة لتلك الدول في السيطرة على الموارد الطبيعية ذات الطابع الاستراتيجي.

2- الأسباب المالية:
إن المشاريع الاستثمارية الكبيرة تتطلب أموالا باهضة وتكلفة عالية وموارد مالية كبيرة جدا، هذا النوع من الاستثمار لم يكن لدى القطاع الخاص القدرة المالية والإدارية الكافية لتحقيقه، لذلك كان من اختصاص الدولة التي لها الإمكانيات اللازمة والموارد المالية التي تستطيع بواسطتها تحقيق هذه المشاريع.

3- الأسباب الاجتماعية:
غالبا ما تكون للدولة أهداف غير تجارية من وراء إنشاء المؤسسات العمومية الاقتصادية، إذ تهدف إلى ضمان العمل لعدد كبير من العمال وتسعى لتوفير المواد الأولية للمواطنين فتعمد الدولة إلى مساعدة تلك المؤسسات عن طريق الأموال.

4- المخاطرة:
تمتاز بعض النشاطات بدرجة كبيرة وعالية من المخاطرة وذات مردودية ضعيفة وغير مضمونة مثل الطاقة النووية.
وبهذا فإن دور المؤسسات العمومية في الاقتصاد الرأسمالي كبير جدا، لأنه يحيط بنواحي متعددة، فهي تهتم بالاستثمارات الكبيرة وتوفر عمالة أكبر مع مراعاة في ذلك كله جانب المردودية مع لعب دور اجتماعي رفيع المستوى.
II- عناصر تنظيم المؤسسة العمومية في الاقتصاد الرأسمالي:
سنتعرض في هذه الفقرة إلى بعض العناصر التي تسير وفقها المؤسسة العمومية الاقتصادية في النظام الرأسمالي.

1- النمو الاقتصادي:
إن النمو الاقتصادي نقطة أساسية ومركزية في النظام الرأسمالي ويعطي لها أهمية كبيرة وأولوية عظيمة، فهي تهدف إلى زيادة إنتاجها الصناعي من أجل طرح فائض مالي لتمويل الاستثمارات الجديدة.

وباعتبار المؤسسة العمومية عنصر من عناصر تنظيم الاقتصاد الرأسمالي فإن لها نفس الأهداف والطموحات من حيث النمو والربح. بل زيادة على القطاع الخاص فهي تخوض في المشاريع المكلفة لما لها من إمكانيات مالية ومادية معتبرة تسمح لها بالدخول في استثمارات عالية الخطورة وذات مردودية غير مؤكدة، فهو بذلك يستفيد من تسهيلات تمويلية تحميها إلى حد بعيد من العجز المالي الذي تعاني منه كثير من المؤسسات الخاصة.

أما من ناحية العمل فإن شروط العمل عالية لما يوفر القطاع من حماية اجتماعية.
2- تأثير المؤسسة العمومية ومرونتها:
إن المؤسسة العمومية الاقتصادية لها تأثير مباشر على التوازن العام الاقتصادي خاصة في الموارد والاستعمالات والتشغيل والادخار، الأسعار…

ومن جهة أخرى فإن للمؤسسة العمومية الاقتصادية مرونة كبيرة، إذ تتأقلم مع الأوضاع الاقتصادية فيما يخص الاستثمار والأسعار.
3- التنظيم:
تعتبر المؤسسة الاقتصادية العمومية وسيلة تخطيط، فهي بذلك وسيلة تنظيم (1) ومن ثم فهي لا تستطيع تحديد أهدافها لأنها وسيلة أداء للسياسة الاقتصادية العامة ومن ثم فإن تنظيم الاقتصاد يستلزم وجود المؤسسات العمومية الاقتصادية في النظام الرأسمالي.

4- الصالح العام:
يعتبر تحقيق الفائدة العامة للصالح العام حقيقة واقعية تهدف إليها المؤسسات العمومية، فهي في ذات الوقت ضرورة اقتصادية واجتماعية.

غير أن البعد الاجتماعي الذي تحمله المؤسسات العمومية الاقتصادية في أهدافها لا يمنعها من أن تكون لها مردودية عالية وهذا ما يلاحظ في فعالية التسيير التي تعني خروج

فائض مالي ونمو اقتصادي متوازي، فهي بذلك تستعمل نفس المعايير التي تعمل بها المؤسسات الخاصة.

5- الإدارة التسييرية:
إن التسيير العمومي للمؤسسات العمومية الاقتصادية في النظام الرأسمالي ما هو في الحقيقة إلا تنفيذ لأوامر السلطات العمومية، فهو تطبيق لتوصيات الإدارة، مع التأكيد على استقلالية الطاقم الإداري ومهنيته.

المطلب الثالث: المؤسسة العمومية في الجزائر من الوجود إلى غداة الاستقلال.

I – مبررات إنشاء المؤسسة العمومية في الجزائر.
إن المبررات التي أدت إلى لإنشائها كثيرة ومنها(1).

1- سياسية: إذ عملت الجزائر منذ بداية إستقلالها على استرجاع الأصول والثروات الوطنية من الرأسمال الأجنبي لدعم استقلالها السياسي. فقد كان ينظر إليها على أنها نوع من السيادة ونوع من الاستقلالية، وأداة فعالة في تغيير مواقع القرار السياسي وبسط نفوذ النظام السياسي.

2- اجتماعية: إذ اعتبرت المؤسسة العمومية الاقتصادية أداة لتوزيع الثروة مع خلق مناصب عمل.
3- اقتصادية: بتوفير موارد مالية لتوسيع الاستثمارات من أجل تحقيق الفائض المالي.
II- حالة الاقتصاد الجزائري قبيل وبعد الاستقلال.
أ‌- الإرث الاستعماري
لقد كانت الجزائر تمتلك قبل الاستقلال ما يقارب العشرين مؤسسة عمومية (1) فإنشاء المؤسسات قبل 1945 كان نادرا جدا ولا يخص إلا المجال الزراعي(2).
ففي الفترة التي سبقت عام 1945 تم خلق عدد من المؤسسات العمومية التي كانت مكلفة بتحقيق وإنجاز بعض الاستثمارات والأشغال الكبرى.
وقد كان الهدف من وراء ذلك خلق أسباب موضوعية للنظام الاستعماري الجديد، وهو ما يعني تقرير التنظيمات الأساسية في الجزائر عن طريق استثمار رؤوس الأموال.
ولعل أهم ما ميز تلك الفترة هو مخطط قسنطينة الذي وإن كانت أهدافه الظاهرة اقتصادية إلا أن محتواها سياسي. إذ كان يرجى من ورائه إخماد الثورة الجزائرية وذلك عن طريق تحسين الأوضاع المعيشية للسكان الجزائريين.

وكانت عملية التصنيع في مخطط قسنطينة تهدف إلى خلق مناصب عمل جديدة وبالتالي القضاء على أو التقليل من البطالة المنتشرة بنسبة عالية جدا في أوساط السكان، وقد أعطى اهتماما كبيرا للاستثمارات في قطاع الحديد والصلب وذلك بهدف تصديره إلى فرنسا.
ومن بين القطاعات التي ولت الخطة لها اهتماما كبيرا ما يلي:

1- قطاعات وفروع استغلال الثروات الباطنية والطبيعية.
2- القطاع الذي يخلق مناصب شغل (قطاع البناء).
3- القطاع الذي يلبي الطلب الداخلي.
أما على مستوى القطاعات فيلاحظ ما يلي:
أ- قطاع تقليدي: وهو أساس ورزق معظم السكان ويعني قطاع الزراعة، كما يشمل بعض القطاعات التقليدية والحرفية.
ب- قطاع حديث، ويشمل:
– قطاع التنقيب واستغلال النفط لما له من أهمية بالغة في تطور القطاعات الأخرى.
– قطاع البناء والأشغال: باعتباره قطاع يمتص البطالة.
– قطاع تحويلي يضمن الطلب الداخلي.
أما أهم المشاريع الواردة في مخطط قسنطينة فكانت:
– مجمع الحديد والصلب في عنابة.
– المجمع البتروكيمياوي في أرزيو.
– مصفاة تكرير النفط في الجزائر.
– بناء أنبوب الغاز الرابط بين حاسي مسعود وبجاية.
– بناء الأنبوب الغازي بين حاسي الرمل وأرزيو.
وقد صاحب هذا المخطط بعض الإجراءات التشجيعية لصالح المستثمرين ولعل أهمها:
– إجراءات مالية وتعني الاتفاق مع المؤسسات العمومية لتمويل المشاريع مع الاستفادة من معدلات فائدة منخفضة.
– إجراء ضريبى وتشمل الإعفاء الضريبي مع تخفيض الضريبة لبعض القطاعات والصناعات.
أما من حيث توزيع الاستثمارات فهناك استثمارات موجهة للسوق المحلي وهي تعتمد أساسا على الصناعات الخفيفة والمتركزة أساسا على قطاع البناء، والأشغال العمومية والكهرباء والغاز.
أما الاستثمارات التي كانت موجهة للتصدير فكانت ترتكز حول الاستثمارات في قطاع الحديد والصلب وقطاع البيتروكيمياء ثم يليه قطاع المناجم.
ولعل النسبة الأكبر من الاستثمارات ذهبت للقطاع النفطي لأنه أصبح في تلك الفترة يشكل قطاع التراكم الأول، الرأس مال.
أما من حيث التوزيع الجغرافي للاستثمارات، فقد كانت تتمركز معظمها في الشريط الساحلي وبشكل خاص في المدن الكبرى مثل العاصمة ووهران وعنابة وذلك لعدة اعتبارات اقتصادية وسياسية أمنية ولعل أهمها:
– توفر وسائل النقل والطرق.
– وسائل تمويل الصناعات.
– وجود اليد العاملة.
– قربها من الأسواق.
– القرب من المراكز المالية.
– تواجدها بالقرب من الساحل تسهل عملية التصدير.
– وجود التغطية الأمنية.
وما يمكن قوله بصفة مختصرة حول حالة الجزائر الاقتصادية قبيل الاستقلال هو أنها امتداد لسياسة تنموية استعمارية، تحاول من جهة تحويل نظرة الشعب الجزائري عن الكفاح بتوفير الحاجيات، ومن جهة أخرى دعم الاقتصاد الفرنسي من ثروات الجزائر الكبيرة الباطنية والخارجية.
فكل الاستثمارات كانت تهدف إلى تكريس الاستعمار.
وقد كان الهدف من وراء ذلك تعزيز اندماج الجزائر في السوق العالمية عن طريق الاستعمار الكولونيالي.

ورغم ذلك فقد ورثت الجزائر برنامج عمل طموح وبنية صناعية لا بأس بها كان لها التأثير الإيجابي في المرحلة الأولى التي تلت الاستقلال مباشرة.
ج- حالة الاقتصاد الجزائري غداة الاستقلال:
لقد تميزت الفترة التي تلت الاستقلال مباشرة بالصعوبة الخانقة والوضعية الاقتصادية والاجتماعية العسيرة والتبعية شبه الكلية ولعل أهم ما ميز هذه المرحلة:
– التفكك وعدم التكامل وانهيار في جميع القطاعات.
– انعدام صناعة قاعدية تضمن توفير مواد أولية لعملية الإنتاج.
وتبدو التبعية الاقتصادية في تلك الفترة على مستويات متعددة ومنها:
– تبعية مالية وتبعية تقنية تمثلت في اللجوء إلى السوق الخارجي (الفرنسي) لتجديد الحضيرة الوطنية من الآلات الصناعية وغيرها، وأخرى تجارية وتتضح من خلال حجم المبادلات مع فرنسا إذ أن ما يقارب 80% من صادرات الجزائر كانت نحو فرنسا.
– اختلال كبير في الاقتصاد نجم عنه عدم التوازن في انتشار القطاعات، إذ تمركزت مختلف القطاعات الاقتصادية في الشمال.
– وجود قطاع تقليدي يعيش منه معظم أفراد المجتمع، ويستعمل أجهزة وأدوات إنتاجية تقليدية خاصة في الميدان الزراعي.
– شغور كبير في المناصب التقنية، إذ أثرت رحلة المعمرين كثيرا في النشاط الاقتصادي والاجتماعي.
– انعدام الاستثمارات.
والوضعية الصعبة التي كانت تمر بها الجزائر أجبرت المسؤولين والقائمين على الدولة اتخاذ إجراءات استعجالية تمتص من حدة الوضعية، وتعيد من خلال ذلك تنظيم الاقتصاد الوطني، ومن أهم التدابير المتخذة نجد:
– إنشاء لجان تسيير وهو ما يلاحظ من خلال المنشور الصادر في 23/11/1962م والمتعلق باستغلال الأراضي الفلاحية الشاغرة.
– تأميم المؤسسات تأميما كليا إذ أصبح كل شيء تابع للدولة.
– إنشاء بعض الوحدات الإنتاجية البسيطة، لأن الاستثمار بتطلب أموالا كبيرة وهو ما لم يكن يتوفر عليه الاقتصاد الوطني، وهذا ما دفع بالجزائر إلى الاقتراض الخارجي لأن
الموارد الداخلية كانت ضئيلة جدا بسبب هشاشة القطاع الإنتاجي.
فالمؤسسات العمومية الاقتصادية الموروثة من العهد الاستعماري (مخطط قسنطينة) لم يعد النظر فيها غداة الاستقلال، بل استلمتها السلطة الجديدة وباشرت سلطتها عليها دون إحداث تغيير كبير على مستوى الإدارة والتسيير(1).
ولعل ما يشار إليه في هذه الفترة هو ذلك التوجه الذي يدعو إلى الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج، وهو ما يعرف بنشأة القطاع العام في الجزائر الذي استمد توجهاته ومحاوره انطلاقا من بيان نوفمبر 1954م وتأكيدا من مؤتمر الصومام عام 1956م.
ومن أهم المحاور التي اعتمدت في هاذين التاريخين وتأكدت في ميثاق طرابلس 1962م:
– اختيار الاشتراكية أسلوبا سياسيا اجتماعيا واقتصاديا للجزائر.
– تغيير التنظيم الاقتصادي باعتماد الدولة على الصناعات الثقيلة وذلك تبعا للمنهج الاشتراكي المتبع.
هذا التوجه الإيديولوجي أملى على أمور الدولة القيام ببعض الإجراءات التي كانت أكثر من ضرورة، ولتدعيم المسار الاشتراكي ومن أهمها:
– تطوير المنشآت الكبرى.
– إعادة النظر في التجارة الخارجية وحجم المبادلات.
– تأميم شركات التأمين والمصارف.
– تمليك الدولة لوسائل الإنتاج.
والحقيقة التي يجب الإشارة إليها هي أن تاريخ تكوين القطاع العام في الجزائر يعود إلى قبل الاستقلال، وذلك في فترة الأربعينيات، حيث عمل المستعمر على تكويم المنشآت التحتية كالسكك الحديدية، وأشغال أخرى من وسائل النقل والموانئ والتأمينات كلها تمثل

روع لمؤسسات فرنسية.
لقد نظرت الدولة الجزائرية إلى القطاع العام كمحور مركزي للسياسة الاقتصادية، وأداة رئيسية لإحداث تحول اجتماعي، وتحقيق التوازن الاجتماعي والجهوي، وخلق مناصب عمل. إذ اعتبر القطاع العام وسيلة هامة وأداة رئيسية لتحقيق مجموعة مختلفة من الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، هذا فضلا عن الأسباب الإيديولوجية والعملية التي دفعت الدولة إلى عدم الثقة في كفاءة ودور القطاع الخاص(1).
ولهذا التوجه دوافع كثيرة ومتعددة منها ما هو اقتصادي مثل توفير الموارد المالية، وإنشاء مؤسسات عمومية واجتماعي مثل إعادة توزيع الثروة على أبناء الشعب وخاصة سياسي حيث عملت الجزائر منذ الاستقلال على استرجاع الأصول والثروات الوطنية من الرأسمال الأجنبي لدعم استقلالها السياسي(2).
إن معظم التحاليل التي خصت هذه الفترة كانت تلقي الضوء على ثلاث نقاط ميزت التدخل الاقتصادي للدولة(3).

1. السلطة الجديدة:
إن التحدث عن تدخل الدولة الاقتصادي والاجتماعي والثقافي يفرض بالضرورة ذلك التجانس السياسي والإيديولوجي الذي يسمح له بالقيام بمعاملات واضحة ومركزة وفعالة.

2. غياب الإيديولوجية الاقتصادية:
رغم ما جاء في ميثاق طرابلس عام 1962م من أن الجزائر تنتهج الاشتراكية منهجا سياسيا إلا أن البعض كان يعتبر ذلك تقنية تنمية ليس إلا، ولم يتضح ذلك ولم يعتمد

بصفة واضحة إلا في مرحلة متقدمة.

3. ضعف الموارد المالية:
إن تدخل الدولة كان يحده وينقص من قيمته وفعاليته الموارد المالية، فخزينة الدولة كانت شبه فارغة بالإضافة إلى هروب رؤوس الأموال إلى الخارج.
هذه العراقيل كانت حاجزا كبيرا في تدخل الدولة وإعطاء هذا التدخل فعالية تحقق أهداف حسنة.

أما من حيث الأهداف فقد كان ينتظر من القطاع العام الشيء الكثير، ولعل أهم تلك الأهداف (1):
– تحقيق النمو الاقتصادي.
– تحريك المدخرات الوطنية.
– توزيع الاستمارات القطاعية.
– خلق فرص عمل لتوظيف القوى العاملة.
تحقيق التوازن الاجتماعي عن طريق إعادة توزيع الثروات.

أما فيما يخص التصنيع فقد بدأت الجهود تتركز لإحداث قفزة نوعية من أجل الوصول إلى بناء صناعة قاعدية تضمن إمداد القطع الفلاحي بوسائل تقنية جديدة تحسن من مردوديته.
أما من جانب التجارة الخارجية، فقد كانت تهدف إلى إحداث توازن في حجم المبادلات بين الجزائر وفرنسا، كما كانت ترمي إلى خلق شركات تابعة للدولة، ولكي تضمن بذلك المراقبة على جميع العمليات التجارية.

المبحث الثاني: مراحل تطور المؤسسة العمومية الاقتصادية في الجزائر
تمهيد:
لقد مرت المؤسسة العمومية الاقتصادية بمراحل متعددة انطلاقا من مرحلة التسيير الذاتي مرورا بالشركات الوطنية والمؤسسات الوطنية وصولا إلى الإصلاحات الجديدة التي أدخلت عليها، وقد ميزت كل مرحلة مميزات معينة تختلف عن المراحل الأخرى.

وهي في حقيقة الأمر ليست مجرد مصطلحات بل هناك مفاهيم تسييرية وتنظيمية مختلفة.
وفي هذا الجزء سنتطرق إلى مختلف المراحل التي مرت بها المؤسسات العمومية.
المطلب الأول: التسيير الذاتي

1. تنظيم المؤسسات المسيرة ذاتيا
إن التسيير الذاتي تجربة فرضت نفسها في الإحداث غداة الاستقلال، فالذهاب الجماعي والكبير للمستعمرين وملاك المصانع خلق وضعية صعبة للمؤسسات لم تكن في الحسبان…(1)

فعمال الأراضي والمصانع أخذوا بأيديهم وسواعدهم الأملاك الموجودة وسيروها رغم الصعاب التي واجهتهم.
فالتسيير الذاتي ظهر كتنظيم اجتماعي فرض نفسه بذهاب المعمرين وملاك المصانع ومن هنا برزت عدة مراسيم تنظيمية للتسيير الذاتي ونخص بالذكر:
– المرسوم المؤرخ في 23/11/1962 المتعلق بإنشاء لجنة التسيير في المؤسسات العمومية.

– المرسوم المؤرخ في 18/03/1963 المتعلق بحل مشاكل الملكيات الشاغرة.
– المرسوم المؤرخ في 22/03/1963 الموضح للمعالم الكبرى للتسيير الذاتي.
هذا المرسوم ينص على أن الهيئات المكونة لهذه المنشأة تتكون أساسا من:
– الجمعية العامة
– مجلس العمال.
– لجنة التسيير.
– المدير.
أ) الجمعية العامة:
وهي تضم جميع العمال الدائمين للمؤسسة ومن جنسية جزائرية والبالغين من العمر 18 سنة فما فوق، وتجتمع باستدعاء من مجلس العمال أو لجنة التسيير مرة كل ثلاثة أشهر وهي تصادق على مخطط تنمية المؤسسة كما تصادق على قانون تنظيم العمل فيما يخص تحديد وتوزيع المهام.
ب) مجلس العمال:
ينتخب من طرف الجمعية العامة ثلث أعضائه من عمال الإنتاج ويجتمع مرة في الشهر بطلب من لجنة التسيير ومن مهامه:
– تبيين النظام الداخلي للمؤسسة
– يقرر شراء أو بيع الأجهزة في إطار البرامج المعدة من طرف الجمعية العامة.
– مراقبة الحسابات لنهاية السنة.
ج) لجنة التسيير:
وتتكون من 3 إلى 11 عضو ثلث الأعضاء منتخبين من القطاع الإنتاجي ومن مهامها:
– تأمين عمليات التسيير في المؤسسة.
– تضع مخططات التنمية.

– تنظيم العمل.
– تحل المشاكل اليومية المتعلقة بالإنتاج.
– تقرر الاقتراض القصير المدى.
وتجتمع على الأقل مرة كل شهر.
د) المدير:
إن مرسوم التسيير الذاتي يوضح أن المدير هو ممثل الدولة في المؤسسة، ويسهر على شفافية العمليات الاقتصادية والمالية ويضمن التطابق بين مخطط المؤسسة والمخطط الوطني.
ويسهر كذلك على تطبيق قرارات لجان التسيير ومجلس العمال وذلك طبقا للقوانين السارية المفعول.
يعين ويقال من الوزير المعني بالقطاع.

2. سير المؤسسات المسيرة ذاتيا:
يمكن ملاحظة هذه الفترة ثلاثة أنواع من التسيير:
1- تسيير العمال:
إن التسيير الذاتي يعتمد على المساهمة الفعالة للعمال غير أن المهمة الأساسية تبقى من نصيب جمعية العمال التي تقرر التوجهات الكبرى للمؤسسة.
2- أعضاء التسيير الذاتي:
إن معظم التحاليل الواردة حول التسيير في هذه الفترة تبين أن دور الجمعيات العامة ومجلس العمال كان منحصرا جدا فيما يخص تسيير المؤسسة.

3- مدير الإدارة:
إن المدير مكلف بحماية أملاك الدولة ضد أي استعمال غير عقلاني ومنطقي من طرف العمال والسهر على تطبيق المخطط الوطني.

وفي الواقع أن المدير يدير تقريبا بصفة منفردة المؤسسة. إذ يعتبره العمال غريبا عن المؤسسة لأنه يعين من السلطة المركزية.

وبصفة عامة يمكن أن نقول أن المشاركة العمالية كانت محصورة جدا. ففي كثير من الحالات أصبح التسيير الذاتي شكليا لأن كل المنتخبين من العمال أصبحوا شكليا لأنهم لا يستطيعون القيام بمهامهم المخولة لهم في إطار التسيير الذاتي.

III- مشاكل التسيير الذاتي ونتائجه:
أ. المشاكل:
كان القطاع الصناعي المسير ذاتيا يعاني من مشاكل عديدة نذكر منها:
1. كان يعاني من نقص في الإطارات واليد العاملة المؤهلة لأنه قبل الاستقلال لم يكن العمال الجزائريون يعملون في المناصب التقنية، فالذهاب الجماعي للمعمرين ترك فراغا كبيرا.
2. كان يعاني هذا القطاع من نقص رؤوس المال موارد المالية، ولم تكن إمكانية طلب قروض متوفرة.
3. المنافسة الخاصة ومشكل تسويق الإنتاج كانا من العراقيل الهامة لعملية التسيير الذاتي، دون أن ننسى مشكل نقص المواد الأولية.
4. عدم وصول المساعدات الحكومية لهذا القطاع وخاصة الإعانات المادية.
5. إن نمط التسيير واجه صعوبات بسبب تداخل الصلاحيات وتقاسمها بين مختلف التنظيمات الموجودة داخل المؤسسة، التي تسعى إلى أخذ القرارات…(1).

وفي الواقع وجدت المؤسسة المسيرة ذاتيا نفسها أمام قطاعي بنكي خاص ومؤسسات مصرفية لم تكن مندمجة تماما في الاقتصاد الوطني وهياكل تنظيمه.
6. ومن أكبر المشاكل والعقبات التي كانت تواجه التسيير هي ضرورة تنمية الروح الحسية للعمال.

ب. نتائج التسيير الذاتي:
– على المستوى الاقتصادي، المؤسسة المسيرة ذاتيا ساهمت عن طريق الضريبة على الأرباح في التنمية الاقتصادية.
– وفيما يخص أدوات الإنتاج فإن التسيير الذاتي حافظ واستغل الثروات الصناعية الوطنية.
المطلب الثاني: الشركات الوطنية:
I- هياكل الشركات الوطنية:
1. الناحية التنظيمية:
إن أصحاب القانون والمختصين أثبتوا أن هذا النوع من التنظيم للمؤسسات مستمد من التشريع الفرنسي. غير أنه لم يكن يستجيب للواقع وللمتطلبات الجديدة للاقتصاد الجزائري.
هذا التنظيم كرس إرادة الدولة في تسيير النشاطات الاقتصادية لتلك المؤسسات.
فاختيار هذا التنظيم كان رغبة الدولة في تكريس مبدأ المركزية.
2. التأمينات:
إن التأمينات التي قامت بها الدولة سنوات قليلة بعد بداية الاستقلال سمح لها بأن تصبح المالكة لكثير من الوحدات الإنتاجية.
فأولى التأمينات مست “صنع وبيع واستيراد وتصدير التبغ والكبريت وكذا جميع المؤسسات الخاصة بهذا القطاع” مرسوم 04 نوفمبر 1963م.

وهذا ما ثبت احتكار الدولة لهذا القطاع عن طريق الشركة الوطنية للتبغ والكبريت SNTA.
وبعد ذلك جاءت تأميمات أخرى خصت المناجم، التأمينات، البنوك، وصناعات مختلفة…
من الناحية الاقتصادية وابتداء من سنة 1966 أصبح التوجيه الاقتصادي واضح المعالم وهو ما أحكم سيطرة الدولة على الاقتصاد الوطني…
ومن الناحية القانونية فإن التأمينات نقلت جميع الأملاك المؤممنة إلى الشركة الوطنية معتبرة إياه كرأس مال تأسيسي لهذه الشركات.

3. إنشاء مؤسسات جديدة:
ابتداء من سنة 1964م أنشئت العديد من الشركات الوطنية في مجالات وأنشطة اقتصادية متعددة نذكر منها:
-سوناطراك –سونيتاكس.
وقد عرفت هذه الشركات توسعات بفضل الاستثمارات الحكومية خاصة في ميدان السلع الاستهلاكية.

II- تنظيم الشركات الوطنية:

أ) الهياكل:
إن هياكل الشركات عرفت العديد من أنواع التنظيم. هذه الأنواع تتلاءم مع أشكال قانونية مختلفة. فأولى أنواع التنظيم وضعت في أولى الشركات الوطنية (سوناطراك) أي وضع قانون أساسي يسمح بوجود مجلس إدارة، وهي شركات ذات رأس مال مقسم إلى أسهم في يد الدولة.
في مجلس الإدارة يوجد العديد من مدراء الوزارة ويترأس مجلس الإدارة الوزير المعني بالقطاع.

إن مهمة الجمعية العامة ومجلس الإدارة مراقب من طرف لجنة مراقبة متكونة من ثمانية (08) أعضاء، أربعة منهم ممثلين للدولة وعضو من البنك المركزي وعضو من CAD وعضوان من العمال.
هذه اللجنة تقوم بوضع سياسة التنمية وتوزع الأرباح.
يعين الرئيس المدير العام بمرسوم، ويمارس مهامه التسييرية، ويمكن مساعدته من طرف لجنة تقنية تتكون من ثلاثة أعضاء (مدير الإدارة، مدير الصندوق الجزائري للتنمية CAD وممثل عن العمال).
أما في بعض الحالات التنظيمية الأخرى فنجد أن الرئيس المدير العام المعين بمرسوم له كامل السلطة والصلاحيات في تسيير الشركة تحت وصاية الوزارة المعنية.
غير أن مهمة العمال تكاد تكون محصورة في غالب الأحيان شكلية وليس لهم دخل في اتخاذ القرارات الخاصة بالشركة.
وما يشار إليه هو عدم جدوى وفعالية الهيئات المنتخبة في اتخاذ القرار كان من وراء دفع المشروع إلى التوجه نحو قاعدة بسيطة وهي الإدارة الواحدة أي تسيير المؤسسة من طرف المدير.
إن التسيير عن طريق الهياكل المركزية والإدارة الواحدة ما هو إلا شكل أو منهج تسييري للقطاع العام يدخل في نطاق التخطيط المركزي.
ب) المدير العام:
– يعين عن طريق مرسوم من طرف الوزارة الوصية. فالمدير العام له كامل الصلاحيات التي تضمن تسيير الشركة، ويتصرف باسمها ليقوم بجميع العمليات الخاصة بشركته للوصول إلى هدفه مع الأخذ بعين الاعتبار تحفظات الوزارة الوصية.
– يسير العمال، ويضع في المناصب الرجال الذين يراهم أهلا لذلك.
– يستعين المدير العام للشركة الوطنية بمجلس ولجنة تقنية يبدي لها الآراء دون أن يكون مجبرا على إتباعها كما تجدر الإشارة إلى ان معظم المدراء العامون لهم توجه سياسي، ويعينون من بين الإطارات السامية للحزب. وهو ما يعني كما يشير إليه الأستاذ أحمد بن يعقوب في أحد كتاباته ذلك البعد السياسي الذي توليه الدولة للشركات الوطنية.
– الرقابة:
تتلقى الشركات الوطنية فرق رقابة متعددة تضمن السير الحسن لهذه الشركات، وكذا ضمان السير الحسن للمخطط الوطني عبر الشركة.
ومن جهة أخرى يمكن للأعوان المكلفين بالرقابة مراقبة العمليات الاقتصادية والمالية والإعلان عن الخلل وإعطاء الحلول لتلك الإختلالات.
كما يوجد مراقبة دائمة يقوم بها محافظوا الحسابات.
III- خصائص الشركات الوطنية:
تميزت الشركة الوطنية بالخصائص التالية:…(1)

1. التفرع الجغرافي لوحدات الإنتاج:
لقد كانت الشركة الوطنية مكلفة بتسيير جميع وحداتها المتفرقة في جميع أنحاء الوطن فقد كان نوع التسيير وهيكلة العمال على مستوى النشاط والتكنولوجيا يختلف من وحدة إلى أخرى، هذا الاختلاف لم يسمح بوضع هياكل تنظيمية جادة على مستوى مقر الشركة الوطنية، فنحن أمام شركة وطنية كبيرة متكونة من وحدات إنتاجية منعزلة.

2. المستوى التكنولوجي:
أنشئت وحدات الإنتاج المجتمعة تحت مسؤولية الشركة الأم في فترات مختلفة وبمستويات تكنولوجية مختلفة أيضا. فقد كانت بعض الوحدات تمتلك معدات قديمة وأخرى شبه معطلة، ومن أجل الحفاظ على السير الحسن لهذه الوحدات، اعتمدت الشركات الوطنية على المساعدة التقنية الأجنبية. وكذا القيام بالعديد من الدراسات التقنية من أجل تجديد العتاد.
إن مهمة الشركات الوطنية في بداية الأمر كانت التكفل بالوحدات الصناعية الكبرى فيما يخص التأطير وتجديد العتاد . فبعض الوحدات كانت تمتلك بعض التقنيين الذين تابعوا نشاطهم بعد ذهاب المعمرين ، في حين وحدات أخرى لم يكن لديها مؤطرين.

مع العلم أن معظم الوحدات الإنتاجية الموروثة من العهد الاستعماري وجدت بدون وثائق تقنية محاسبية.

3.الشساعة التجارية:
معظم مصادر تموين الوحدات الصناعية كان من الخارج و اختيار الممونين من صلاحية المؤسسة الأم . غير أن المشكل الكبير الذي كان يواجه تلك الوحدات هو مشكل التسويق ومن جهة أخرى فقد كان مستوى الأسعار من العراقيل التي اعترضت تسويق المنتجات ، دون أن ننسى نوعية المنتوج التي لا تلاقي ترحيبا لدى المستهلك.
وما يمكن الإشارة إليه هو أن الشساعة التجارية للوحدات الإنتاجية عبر التراب الوطني لم تمكن من أن يكون للمنتوج الواحد نفس الخصائص التقنية والتجارية.
هذه المشاكل جميعا (المستوى التكنولوجي، الشساعة التجارية، التسويق) لم تسمح للشركة الوطنية بالتقدم والتطور.

IV- تسيير الشركات الوطنية:
ما يمكن طرحه في هذا المجال هو هل عملية التأمينات التي وقعت هي مجرد نقل الملكية من الرأس المال الخارجي إلى الدولة؟ أم هي فعلا نقطة تحول اقتصادية واجتماعية وسياسية حقيقية؟
ولمعرفة حقيقة الأمر نلقي الضوء على بعض النقاط:
1. القيود:
إن جميع الخصائص التي ذكرت سابقا من التفرع الجغرافي للوحدات الإنتاجية إلى المستوى التكنولوجي المتفاوت إلى هياكل العمل وطرق التسيير، إلى غياب الوثائق المحاسبية والتقنية وقلة الكفاءات الماهرة، وندرة مصادر التموين ومشاكل التسويق والتمويل، كلها عوامل لها الأثر الكبير على نظام سير الشركات الوطنية…(1)

هذه الظروف لا تساعد إطلاقا على العمل العقلاني، وعلى هذا النحو فإن الشركة الوطنية لا يمكن مقارنتها مع الوحدات الصناعية التي كانت موجودة.
فبالضرورة نظام عمل تلك الشركات لم يصل إلى المستوى المطلوب ولم يحقق النتائج الاقتصادية والمالية المرجوة منها، ولم تعطي نفسا قويا للاقتصاد الوطني وللقطاع العمومي.

2. الشركة الوطنية والرأس مال الأجنبي:
من أجل إعطاء دفع جديد لوحداتها الإنتاجية، كانت الشركات الوطنية مجبرة إلى اللجوء إلى السوق الرأسمالية العالمية من أجل تموين وحداتها بالتكنولوجيا الحديثة، وكذا أدوات التجهيز للقيام بدراسات جديدة لبعث الاستثمارات، أو من أجل تمويل المشاريع. ومن جهة أخرى كان اللجوء إلى الدول الأوربية من أجل الاستفادة من الخبرات والتكوين لإطاراتها.

3. علاقة الشركات الوطنية برأس مال الخاص:
لقد ميزت الفترة ما قبل 1970 الخصائص التالية:
– تأميم أهم الهياكل الاقتصادية (صناعة، تجارة، بنوك). وهو ما يساعد على ولادة العديد من الشركات الوطنية.
– وجود قطاع خاص يتزايد بصفة واضحة في قطاع السلع الاستهلاكية.
ومن الشروط التي سمحت خلق هذا الجو الاقتصادي نجد:
أ) قانون الاستثمار لعام 1966 الذي أعطى للمؤسسات الخاصة الكثير من التشجيعات الاقتصادية والجبائية والضريبية.
ب) سير الشركات الوطنية في طريق المؤسسات الخاصة فيما يخص الأسعار وشروط البيع في قطاع السلع الاستهلاكية.
4. الوضعية المالية للشركات الوطنية:
يمكن التمييز في هذه النقطة بين مرحلتين، أولى المراحل هي قبل تأميم البنوك

وثانيها بعد تأميم البنوك.

أ) المرحلة الأولى:
منذ البداية واجهت الشركات الوطنية مشكل التمويل (تمويل الاستثمار وتجديد العتاد القديم)، ففي هذه الفترة كل البنوك المتواجدة كانت غير وطنية، وهو ما لم يسمح بتمويل القطاع العمومي الحديث النشأة.
فالصندوق الجزائري للتنمية الذي أنشئ عام 1963م كان الهدف منه تشجيع الاستثمار وكذا مساعدة القطاع الصناعي المسير ذاتيا.
فأهم دور يلعبه قطاع البنوك بصفة دائمة وتقنية…(1).
ب) المرحلة الثانية 67-69:
تميزت هذه المرحلة بتأميم البنوك، وإنشاء العديد من البنوك التابعة للدولة منها البنك الوطني الجزائري، البنك الجزائري الخارجي، القرض الشعبي الجزائري.
فالبنك الوطني الجزائري كان يخصص نشاطات للقطاع العمومي ويولي أهمية بالغة لتنمية الشركات الوطنية.
فالشركات الوطنية كانت مجبرة على تركيز جميع عملياتها في بنك واحد…(2).
ورغم ذلك ورغم بداية تخطيط الاستثمار إلا أن الاقتصاد الوطني لم يسر على النحو المنتظر منه.
في مرحلة تنظيم الجهاز البنكي عام 1969م، كان على الشركات الوطنية مواجهة نظام بنكي حكومي لا يحسن ولا يملك تقنيات التعامل خاصة فيما يتعلق بالدراسات المالية للمشاريع الاستثمارية.
وما يشار إليه هو أن المردودية المالية لم تكن أولى أهداف الشركات الوطنية بل على العكس من ذلك، فقد كان مشكل التشغيل وخلق مناصب العمل يتربع على سلم أهداف الشركة.

هذه الوضعية أحرجت الشركات الوطنية كثيرا إلا أنها كانت تلجأ إلى خزينة الدولة من أجل تمويل استثماراتها.
وكما أشرنا من ذي قبل فإن الشركات الوطنية لم تكن تملك جهاز معلوماتي فعال يسمح بإعطاء البنوك معلومات كافية وواضحة عن الشركة بهدف تسهيل عملية دراسة الملفات وتسريح القروض.

5. خصائص وأهداف الشركات الوطنية:
من الصعب التكلم عن خصائص نظام العمل لشركة وطنية في ظل وجدود جميع تلك النقائص التي ذكرت من قبل، فمعرفة الأهداف الموجودة من الشركات الوطنية يعطيها صورة واضحة من نظام السير والعمل لهذه الشركات.
أ) الشغل:
مشكل البطالة كان أهم أحد المهام الأساسية للشركات الوطنية، ورغم قلة الاستثمارات الا أن عدد مناصب الشغل كان هاما. فالإحصائيات تبين أن عدد العمال في القطاع العمومي قد تضاعف من سنة 1964 إلى سنة 1969م.

ب) الاستثمار:
ابتداء من سنة 1967م قامت الدولة باستثمارات هامة خاصة في مجال المحروقات، فالمشكل الأساسي الذي كان يواجه الشركات الوطنية هو مشكل التمويل، لأن هذه الأخيرة كانت مرتبطة بوزارة المالية التي كانت توزع الأغلفة المالية.
) تشغيل الوحدات الإنتاجية:
إن أهم الأهداف التي كانت منتظرة من الشركة الوطنية هي رفع من نسبة الطاقة الإنتاجية للشركات، فلم يكن هذا الهدف حسب الخبراء هدف اقتصادي مجرد ولكنه كان يحمل تلك الخاصية السياسية التي تترجم إرادة الدولة في تسيير الشركات الوطنية.
هذه الأهداف الثلاثة كانت أولى الأولويات المنتظرة من كل الشركات الوطنية.

المطلب الثالث: المؤسسات الوطنية:

لقد عرفت المؤسسات العمومية تحولات تنظيمية مهمة ابتداء من سنة 1970م سواء أكان ذلك من الناحية الهيكلية أو التسييرية.
ولمعرفة هذه المرحلة سنتطرق إلى هياكلها الجديدة، وكذا تسييرها والأهداف المنتظرة منها…

I- تطور هياكل المؤسسات الوطنية:
إن التنظيم الجديد للمؤسسات العمومية سيرتكز على المحاور التالية:
1. التخطيط
2. التنظيم الداخلي.

1. التخطيط:
لقد اعتمدت الدولة على التخطيط كوسيلة ضرورية لإدارة وتنظيم الاقتصاد الوطني.
إن التصريحات الرسمية وكذا الميثاق الوطني لسنة 1964م كان كليهما يدفعان ويحثان على التخطيط.
والمخطط الثلاثي الأول (67-69) كان أول مخطط تنظيمي للاقتصاد الجزائري. بدأ تطبيقه في النشاط الاقتصادي والاجتماعي والثقافي في الجزائر تنفيذا لميثاق طرابلس والميثاق الوطني، ومن أهدافه تأميم الثروة الطبيعية وسيطرة الدولة على النشاطات الاقتصادية.
وقد اعتبر المخطط الرباعي (1970م-1973م) كقانون أساسي يحكم جميع النشاطات الاقتصادية والاجتماعية خلال تلك الفترة.
فالتخطيط أصبح الوسيلة الأساسية للاقتصاد، وأهدافه تصبح إجبارية التنفيذ على جميع الأعوان الاقتصاديين.
وباعتبار المؤسسات العمومية أهم الأعوان الاقتصاديين، فإنها مكلفة بتنفيذ توصيات المخطط وتحقيق أهدافه.

وقد كانت المهمة الأساسية للمخطط الرباعي الأول هي بناء الاشتراكية وتوسيع الاستغلال الاقتصادي للوطن…(1) وقد كان يمثل ذلك النموذج للتنمية عن طريق التصنيع وهو ما يمثل في الأصل نموذج الصناعات لدوبرنيس.
ومن النقاط التي تضمنها هذا النموذج:
– إعطاء بعض الأفضلية فيما يخص الاستثمار لبعض القطاعات دون الأخرى.
– التخطيط يقضي على استقلالية المؤسسات العمومية في بعض القطاعات (اختيار الاستثمار من اختصاص الجهات المركزية).
– إن أهداف المؤسسات الوطنية تذوب في أهداف الخطة الاقتصادية.
إن التخطيط المركزي أدخل أبعاد جديدة في نظام التسيير والتنظيم الداخلي للمؤسسات العمومية.

2. التنظيم الداخلي:
إن تطبيق التخطيط المركزي على أرض الواقع كان له الأثر على المؤسسات العمومية وأدخل التعديلات على تنظيمها الداخلي ومنها:

أ) المركزية:
إن المؤسسات العمومية لها أهمية بالغة في نظام التخطيط إذ تعتبر أحد أهم الهياكل المنفذة لأهداف الخطة الاقتصادية، وبهذا فهي أحد الأقطاب الحاملة لوصايا الخطة، وبذلك أصبحت مجبرة على تنظيم صفوفها الداخلية.
ومن أجل ذلك كلفت الدولة الكثير من مكاتب الدراسات الأجنبية القيام بدراسات عميقة لواقع المؤسسات الوطنية من أجل إعادة تنظيمها، غير أن الذي لوحظ حسب الإختصاصيين، فإن تلك المكاتب تقوم بدراسات على الطريقة الرأسمالية، الشيء الذي لم تتلاءم معه المؤسسات الوطنية.

وقد لوحظ أن تسارع المؤسسات الوطنية في بناء مصانع جديدة، الأمر الذي رسخ مركزية القرار لدى المؤسسات الاقتصادية تجاه وحداتها الإنتاجية التي لم يكن بمقدورها اتخاذ أي قرار.
فمقر المؤسسات الاقتصادية أصبح هيئة مكلفة بتنشيط ومراقبة واتخاذ القرارات غير أنها لم تكن حتمية نتيجة قلة الإطارات على مستوى الوحدات الإنتاجية وما يشار إليه هو أن الأخطاء التي كانت ترتكب إنما كانت نتيجة سوء الدراسة وعدم توفر المعطيات الكافية للقيام بتحليل واضح وكامل، ومن ثم اتخاذ القرار المناسب وفق المعطيات الاقتصادية والمالية والمحاسبية المتوفرة.

ب) القرار:
إن الأهداف الكبرى والمتعلقة بالاستثمارات كانت كلها مركزية فوزارة التخطيط تقوم بتقسيم الأغلفة المالية على جميع القطاعات الاقتصادية وفق المشاريع المسطرة والأهداف المرسومة التي تصنعها تلك القطاعات.
فالمؤسسات العمومية تقوم بوضع دراسة أولية للاستثمارات، ومن بعد ذلك تقوم الوزارة الوصية التي تقوم هي الأخرى بدورها بالدفاع عن ذلك أمام الأمانة العامة للتخطيط.
وعندما يقبل المشروع يسجل مع المشاريع الأخرى ضمن الخطة السنوية.
هذه الإجراءات الطويلة كلها تبين أن سلطة القرار لا تمثلها المؤسسات الاقتصادية بل هي من اختصاص الجهة العليا المكلفة بوضع الخطة الاقتصادية العامة للدولة.
فمركزية التخطيط أجبرت المؤسسات الاقتصادية على أن تكون مجرد منفذ توصيات وأهداف الهيئات العليا.
أما على مستوى المؤسسات الاقتصادية فنجد نفس النظام في اتخاذ القرار، إذ الوحدات الإنتاجية لا تمتلك أي شيء في اتخاذ القرار أمام المؤسسة الأم، حتى مثلا في ميدان رفع الإنتاج والتوظيف.
من جهة أخرى هذا النمط في اتخاذ القرار ألغى كل مشاركة للعمال. فالسلطة الاقتصادية في المؤسسة كانت في يد إطاراتها ومسيريها

ج) تقسيم المهام داخل المؤسسة:
إن المؤسسة بجميع عمالها من العمال البسطاء إلى المتدرجين في أعلى سلم المؤسسة كلهم مكلفين بتنفيذ وتحقيق الاستثمارات المصادق عليها في الخطة المركزية.
غير أنه هناك فئات عمالية أكثر فعالية وهي الإدارة المالية التي تتابع جميع النشاطات المالية للمؤسسة وكذا الإدارة المكلفة بالمشاريع. أما جهاز أو نظام المعلومات فهو غير موجود في أغلب المؤسسات الاقتصادية.

II – التنظيم المالي:
إن الإصلاحات المالية هي أحد المحاور في تنظيم المؤسسات الوطنية بعد عام 1970م، فقانون المالية لعام 1970م يصب في هذا الاتجاه، إذ أحدث وأدخل تغييرات كبيرة في الميكانيزمات المالية للمؤسسات الوطنية.
فالتخطيط جاء بإجراءات مالية جديدة، ولعل أهمها مركزية الموارد المالية للوطن.
إن الإصلاحات الجديدة وإن أعطت بعض التشجيع للمؤسسات التوزيع العقلاني للموارد فإنها قلصت من النشاط المالي للمؤسسات وكذا في مجال اتخاذ القرارات الاقتصادية.
وبعكس التنظيم السابق فإن المؤسسات تخضع لمراقبة مالية شديدة تنزع كل استقلالية مالية لها.
ويمكن ملاحظة ذلك على مستوى نقطتين:
1. فقدان التسيير المالي أو الاستقلالية المالية.
2. ضغوطات النظام المالي.

1- فقدان الاستقلالية (التسيير المالي):
إن فقدان الاستقلالية المالية للمؤسسات كان ابتداء من الإصلاحات الاقتصادية 1970م
ويتجلى ذلك وتفسره العناصر التالية:

أ. المؤسسة والبنك:
لقد أجبر قانون المالية لعام 1970م المؤسسات العمومية على تركيز جميع حسابات الشبكة ومعاملتهم البنكية في بنك واحد …(1).
هذه الإجراءات توضح مهمة ودور البنوك في مراقبة المؤسسات الاقتصادية، وهو ما يسمح لها بمتابعة الوضعية المالية لها، وهو ما يربطها بالتخطيط المالي ارتباطا وثيقا، أي أن البنك يصبح وسيلة تخطيط…
بواسطة القروض ومراقبة العمليات المالية هو الوسيلة الأنجع والفعالة لتأطير الإنتاج من أجل الوصول إلى الفعالية…(2)
وحسب التنظيم الجديد الذي بدأ العمل به ابتداء من عام 1970م فإن تمويل نشاطات المؤسسات هو من صلاحية البنوك.

ب. القروض:
إن التنظيم الجديد جاء بنقطة أخرى مهمة غيرت في المسار المالي للمؤسسات الاقتصادية وتتعلق بتمويل القروض.
فالجديد هو الاستثمارات المخططة للمؤسسات تصبح على عاتق المؤسسات وليس كما كان في السابق على حساب ميزانية الدولة.
فالمؤسسة تحمل على عاتقها وعلى مسؤوليتها تكاليف الاستثمارات المخططة، فالتمويل يكون عن طريق البنوك بعد توفير المؤسسات بعض الشروط الإدارية، وتكون تلك القروض مستردة.
فاسترداد القروض وإرجاعها إلى البنوك كان أكبر تغيير وقع في النظام الجديد المتعامل به بين البنوك والمؤسسات الاقتصادية.
وما يشير إليها في هذا الصدد من بعض الخبراء الاقتصاديين هو رؤية المؤسسات التي لم تقبل إلى درجة ما بهذا التنظيم إذ أصبحت المؤسسات مكلفة ليس فقط بإنجاز الاستثمارات بل بتمويلها أيضا.

ويعتبر هذا النظام الجديد حسب القائمين عليه اختبار حقيقي للمؤسسات (المالية والصناعية). فقد اعتبر عدم استرجاع القروض في الفترة السابقة كمساعدة على عدم تقديم مردودية عالية للمؤسسات.

وقد اعتبر هذا الإجراء كوسيلة مراقبة لاستعمالات الموارد المالية طبقا لأحكام وأهداف المخطط الوطني.
اما الاختصاص فكان من جانبين:
الأول من اختصاص البنوك التجارية ويتعلق الأمر بالقروض القصيرة والمتوسطة الأجل. أما الثاني من اختصاص الصندوق الوطني الجزائري للتنمية والذي أصبح فيما بعد يسمى البنك الجزائري للتنمية ويتعلق بالقروض الطويلة الأجل.

ج. المؤسسة والنظام المالي:
إن التنظيم الجديد يمارس ضغطا ماليا على المؤسسات عن طريق عنصرين مهمين:
1- الاشتراك.
2- مراقبة التسيير المالي.

1. اشتراك المؤسسات في ميزانية الدولة:
إن اشتراك المؤسسات في ميزانية الدولة لم يكن عن طريق الضرائب أو عندما تطرح المؤسسة ربحا.
وإنما تشترك بنسبة معينة تختلف من مؤسسة إلى أخرى وذلك بالنظر إلى رأس المال الذي أعطي لها. قبل سنة 1970م كانت المؤسسات تضع كل نتائجها المالية لدى الخزينة.
وفي عام 1970م اعتبرت وزارة المالية أن المؤسسات الاقتصادية يجب عليها أن تعتبر الاشتراكات في ميزانية الدولة كتكلفة أو كأعباء قابلة للتعويض. أما ابتداء من سنة1972م فقد أصبحت اشتراكات المؤسسات الاقتصادية تمثل ذلك الفائض الذي تطرحه تلك المؤسسات.

وهو ما يسمح بتقييم النجاعة الاقتصادية والمالية للمؤسسات.

2. مراقبة السير المالي:
إن عملية المراقبة المالية لمصالح المالية تقوم بواسطة الوثائق التي تحضرها المؤسسات للبنوك أو الخزينة العمومية.
فزيادة على الوثائق المحاسبية هناك الوثائق الخاصة بالإنتاج (مخطط الإنتاج) و(مصادر التمويل).
غير أن المؤسسات كانت تجد صعوبة كبيرة في إعداد تلك الوثائق المطالبة بها، لأنها لا تملك نظام معلوماتي فعال. لهذا كانت من توصيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي في سنة 1974م على المؤسسات أن يكون بحوزتها جهاز إداري ومحاسبي…(1).
ومن أجل هذا وصفت الوزارة (وزارة المالية) مخطط محاسبي للدراسة يملأ الفراغات التي تركها المخطط الذي سبقه.
وهو ما يسمى بالمخطط المحاسبي لسنة 1975م.

III- أهداف المؤسسة الوطنية:
يمكن تلخيص الأهداف المنتظرة من المؤسسات الوطنية فيما يلي:
1. إنجاز الاستثمارات.
2. التشغيل والتكوين.
3. رفع الإنتاج.
4. التحكم التكنولوجي.
5. رفع الفائض المالي.

1. إنجاز الاستثمارات:
في هذه الفترة كانت التوجهات تسير نحو الاستثمارات المنتجة إذ النموذج الصناعي المتبع كان يستوجب استثمارات مكثفة وفي جميع المجالات.

فالنشاط الأساسي للمخطط الرباعي كان موجه للاستثمارات المخططة. وكل أهداف المؤسسات الوطنية كانت تتحكم فيها الجهات المركزية.
فالأهداف بحد ذاتها كانت وسيلة من أجل تحويل الجهاز الإنتاجي إلى جهاز فعال متنقل عن الحالة الموروثة من الفترة الاستعمارية.
فإنجاز الاستثمارات يعني أن المؤسسة قادرة على إتباع جميع الخطوات من الدرجة التقنية إلى تشغيل المصنع.
غير أن مشاكل المؤسسات العمومية كانت كبيرة، وكانت وراء طلبها للمؤسسات الأجنبية من أجل القيام بجميع مراحل الاستثمار.

2. التشغيل والتكوين:
إن امتصاص البطالة كان أحد أهم أهداف المؤسسات العمومية فقد أصبحت المؤسسات تؤمن بأن مستقبلها يكمن في توفير الإطارات الكفؤة والأيدي العاملة المؤهلة، وأن تحقيق أهدافها وأهداف الخطة الاقتصادية لا يمر إلا بهذا الطريق.
فقد فتحت مراكز تكوين للأيدي العاملة، وكذا إقامة برامج تكوين للإطارات والتقنيين على شكل بعثات في الخارج.
أما بالنسبة للعمل فقد قامت المؤسسات الاقتصادية بتشغيل أكبر عدد من العمال يفوق في كثير من الأحيان العدد اللازم والكافي للمؤسسة.
فالتشغيل كان أحد أهم الخطط الاقتصادية، والمؤسسات كانت الوسيلة التي تنفذ هذه الأهداف، غير أن اختيار التكنولوجيات العالية كان يتناقض مع عمليات التوظيف.

3. رفع الإنتاج:
إن الخطة الاقتصادية غالبا ما تحدد مستوى الإنتاج الذي يجب أن تصل إليه المؤسسة والوصول إلى هذا الهدف يمر حتما بالتحكم في وسائل الإنتاج وتدعيمها بوسائل جديدة، وهذا ما يزيد في القدرة الإنتاجية للمؤسسات.

4. التحكم التكنولوجي:
إن التوسيع في الاستثمارات ورفع الإنتاج والإنتاجية يستوجب حتما مستوى تكنولوجيا معين وهو ما سعت إليه المؤسسات وذلك بإكساب وسائل إنتاج حديثة يتحكم فيها
إطارات استفادت من دورات تكوينية في الخارج.

5. رفع الفائض المالي:
إن أصل كل مؤسسة هو طرح فائض مالي، وهو الأمر الذي كان مطلوبا من المؤسسات الوطنية، غير أن هذا الهدف لم يكن يحتل المرتبة الأولى من بين الأهداف المسطرة من طرف المؤسسات بسبب فقدانها للاستقلالية المالية.
IV- التسيير الاشتراكي للمؤسسات:
إن التسيير الاشتراكي للمؤسسات مرحلة جد مهمة مرت بها المؤسسات العمومية الاقتصادية، وذلك انطلاقا من سنة 1971م، هذه المرحلة من التنظيم تزامنت مع إصدار عدة قرارات تتعلق بالهياكل الاقتصادية والاجتماعية منها تأميم المحروقات يوم 24/11/1971م والقوانين المتعلقة بالثورة الزراعية 08/11/1971م.
إذ يعتمد هذا النوع من التنظيم على مشاركة العمال وفق الطرق الاشتراكية…

أ. محتوى الإصلاحات:
تتميز هذه المرحلة من التسيير بخصائص متعددة نذكر منها:

1. التنظيم الجديد وسيلة تنمية:
يعتبر الكثير من المحللين أن التنظيم الجديد ما هو إلا تواصل واستمرار لعملية التنمية المتبعة حتى هذا الوقت.
مع خاصية وهي تلك النزعة الاشتراكية التي تود الدولة بناءها.
إن ماهية التنظيم الجديد اعتبرها الكثير كامتداد لنشاطات الدولة الاقتصادية في مختلف الميادين.

2. أهداف التسيير الاشتراكي:
إن التنظيم الجديد يرى ترسيخ أهدافه عن طريق ثلاثة عناصر وهي:
أ‌) مشاركة العمال في التسيير
ب‌) تكوين العمال
ت‌) عملية المراقبة.

أ) مشاركة العمال في التسيير:
إن التسيير الاشتراكي للمؤسسات غير القانون الأساسي للعامل، إذ لا يعتبره عاملا بسيطا لأنه يشارك في عملية التسيير، وذلك في جميع الميادين (مؤسسات عمومية، اقتصادية تربوية، نقابية…) فمشاركة العمال في التسيير كما يراها الميثاق الوطني ويوضحها: “بأن مؤسسات القطاع العمومي هي ملك لجميع العمال في جميع أنحاء الوطن”. فالتسيير الاشتراكي لا يميز بين العمال والمسيرين.

ب) تكوين العمال:
إن الميثاق الوطني يعتبر مشاركة العمال في تسيير المؤسسات الاشتراكية مدرسة تكوين سياسية واقتصادية واجتماعية، تمكن العمال من تحسين قدراتهم وتنمي روح المسؤولية فيهم.
إن التنظيم الجديد وضع تحت تصرف العمال مراكز تكوين تمكنهم من تحسين طرق التسيير والمشاركة في اتخاذ القرارات.

ج) المراقبة:
إن التسيير الاشتراكي للمؤسسات نظام يسمح للعمال بالمشاركة في عملية المراقبة الدائمة لتسيير المؤسسة. فقد أعطى لهذه المراقبة بعدا سياسيا.
هذا البعد إنما هو ناتج عن كون اعتبار العمال صانعين ومستفيدين من الثورة.
وتتم هذه المراقبة عن طريق جمعية العمال التي هي أحد أهم قواعد التنظيم الجديد وكذا مجلس الإدارة واللجان المتخصصة وهي:

– اللجنة الاقتصادية والمالية.
– لجنة العلاقات الاجتماعية والثقافية.
– لجنة العمال والتكوين.
– لجنة النظافة والأمن.
– لجنة التأديب.

د) القانون الأساسي للمؤسسات الاشتراكية:
الأسئلة المطروحة في هذا الشأن كثيرة ومنها: هل هناك تغيير جذري للقانون الأساسي لهذه المؤسسات بدخولها في مرحلة التسيير الاشتراكي؟ وما هي محتويات هذا التغيير؟
ومعرفة هذه التغيرات تكون عن طريق النصوص التنظيمية التي يحتويها القانون الأساسي، ولعل أهمها نظرته للعامل، إذ ينظر إليه على أنه المنتج المسير، وأن إطارات المؤسسة هم كذلك عمال أجراء.
ومن خصائص هذا القانون أنه يعطي الطابع الاشتراكي للمؤسسات ويعطي مشاركة العمال في التسيير أهمية كبيرة، وينطبق على جميع المؤسسات.
إذ يعتبر المؤسسة ملكا للدولة، وتسير وفق مبادئ التسيير الاشتراكي.
إن هياكل وتسيير المؤسسات الاشتراكية تنطوي تحت ميثاق التسيير الاشتراكي للمؤسسات…(1).
يوضع تحت تصرف المؤسسة رأس مال ابتدائي بحيث لا يمكن تغييره إلا بموافقة مجلس العمال.
وبإعطاء تعريف للوحدة الاقتصادية تتوضح الرؤية حول القانون الأساسي لهذه المؤسسات.
إذ تمثل الأرضية الخصبة لتحقيق الأهداف المسطرة في مخططات التنمية، فهي الهيكل الدائم للمؤسسة وهي مدعمة بوسائل بشرية ومادية من أجل خلق السلع والخدمات…(2)

فهي تلبي الخصائص التالية:
– نشاط اقتصادي منظم ودائم.
– عدد عمالها الدائمين.
ومن الناحية التنظيمية فإن خلق وحدة إنتاجية يكون عن طريق مرسوم وزاري باقتراح من المدير العام. خلق وحدة إنتاجية جديدة له أهمية كبيرة في نظر التسيير الاشتراكي للمؤسسات، وذلك باعتبار أن الوحدات الإنتاجية هي القاعدة الأساسية لمشاركة العمال في التسيير.

المبحث الثالث: الإصلاحات الاقتصادية

تمهيد:
إن كل المؤشرات التنموية ما بعد مرحلة التسيير الذاتي والشركات الوطنية كانت تشير إلى التوجه في إدخال إصلاحات جديدة من أجل بعث منهجية جديدة لترسيخ الاستقلال الاقتصادي وضمان نجاعة أكبر وفعالية أفضل من خلال إعادة النظر في الأسلوب المعتمد وهذا ما سنوضحه في هذا الجزء.

المطلب الأول: إعادة الهيكلة
إن المشاكل بضخامتها التي عاشتها المؤسسات العمومية قبل فترة الثمانينات وكذا العراقيل التي شهدها نظام التسيير الاشتراكي ألزما على المسؤولين إيجاد حلول ومنافذ وإجراءات للخروج من تلك الوضعية.
فكل التوجهات بعد مرحلة السبعينات كانت تشير إلى التوجهات الجديدة لإصلاح المؤسسة العمومية وكان ذلك ابتداء من الخطة الاقتصادية الخماسية الأولى.
وقد سميت هذه الإجراءات المتخذة والتدابير التنظيمية الجديدة بإعادة الهيكلة. ولهذه التوجيهات والإصلاحات أسباب ودوافع، فما هي هذه الأسباب؟ وما محتواها؟ وما هي أهدافها وما هي نتائجها؟

I- أسباب إعادة الهيكلة:
إن وضعية المؤسسات العمومية فرضت إعادة الهيكلة، والتي اعتبرت كضرورة
ملحة لإصلاح الوضعية التي كانت تمر بها المؤسسات، والتي كانت تشكو من ضعف التسيير وديون بنكية كبيرة، وحجم كبير جعلها تفتقد إلى وسائل المراقبة والتدقيق. وعلى العموم يمكن عرض الأسباب التي جعلت الإنتقال إلى إعادة الهيكلة ضرورة.

1. التوجه الاجتماعي لمؤسسات:
إن الاهتمام المتزايد بالنشاطات الاجتماعية وسوء الفهم الذي وقع فيه العمال للتسيير جعل المؤسسات الاقتصادية تسير نحو تلبية رغبات العمال.
وذلك بتوفير التعاونيات الاستهلاكية لهم والمخيمات الصيفية لأولادهم…(1).

2. تنوع الوظائف وعدم التخصص:
إن انتشار وحدات المؤسسات العمومية في كامل التراب الوطني جعلها تشتمل على تخصصات متعددة، وهو ما جعلها تخرج عن الإطار العام لأجله، ونجد بعض المؤسسات تقوم في آن واحد بالإنتاج والتوزيع والتسويق، ونجد أخرى تخرج عن الإطار الإنتاجي الذي رسم لها.
3. حجم المؤسسات الكبير:
إن التوجه الإيديولوجي الذي اتبعته الجزائر كمنهج سياسي واجتماعي واقتصادي فرض عليها إتباع نفس المعايير في وضع استراتيجية التنمية.
فقد كانت المؤسسات الاقتصادية كبيرة الحجم، حيث كانت تقوم بإنتاج أغلب العناصر، وهذا ما أدى إلى تمركزها.
أدى الحجم الكبير إلى ضعف المؤسسات وما نتج عنه هو:
– ضعف استغلال الطاقات المتوفرة.
– نقص التحكم في التكنولوجيا.

– ضعف المراقبة المالية.
– عدم متابعة لجان العمال لنشاطات المؤسسة.
4. سوء متابعة نشاطات المؤسسة:
إن صعوبة ومراقبة نشاطات المؤسسة كان من أهم الصعوبات التي واجهت المؤسسات الاقتصادية وذلك بسبب:
– الوصول المتأخر للمعلومات.
– سوء التنسيق بين المركزية والمؤسسات.
– الإجراءات الطويلة لإعداد الملفات.
– عدم دقة المعلومات بسبب عدم توفر بنك معلوماتي.

5. بعد الوحدات الإنتاجية:
من الأسباب المهمة لإعادة الهيكلة هو ذلك التمركز الكبير والمبالغ فيه لمقرات المؤسسات بالمدن الكبرى وخاصة بالعاصمة. وهذا ما أدى إلى تمركز الإطارات والكفاءات في هذه المقرات، وهو ما خلق مشاكل للوحدات الإنتاجية المتباعدة التي تعتبر المقرات الفعلية لعملية الإنتاج. هذا التمركز نتج عنه مشاكل في الوحدات الإنتاجية بسبب عدم توفر الإطارات الكفؤة، وهذا ما أدى إلى ضعف التنسيق بين المؤسسة الأم ووحداتها الإنتاجية.
ومن الأسباب التي أدت إلى إعادة الهيكلة، نجد:
– تدهور قدرة المؤسسة على طرح فائض مالي.
– ارتفاع التكاليف الاجتماعية للمؤسسة مع مقارنتها بالمردودية.
– ارتفاع مستمر لديون المؤسسات.

II- أهداف إعادة الهيكلة:
انطلاقا من الوضعية التي آلت إليها المؤسسات الوطنية بشكل خاص والاقتصاد بشكل عام كانت عملية إعادة الهيكلة تهدف إلى:

– التحسن الكمي والنوعي لإنتاج المؤسسات مع تحديد مهام كل مؤسسة وتكييف مجال نشاطها مع الأهداف الموكلة لها.
– تحفيز مسيري العمال بإعطائهم أكثر حرية في اتخاذ القرارات الخاصة بالمؤسسة.
– تخفيض ظاهرة الإهمال واللامبالاة وذلك بتحسين شروط العمال الاجتماعية والمهنية.
– إعادة النظر في حجم المؤسسات الاقتصادية مع تطبيق مبدأ اللامركزية وذلك بتحويل المقرات الاجتماعية من العاصمة إلى داخل الوطن مع تقريبها من مراكز الإنتاج، مع خلق مؤسسات محلية وجهوية مختصة.
– التفريق بين مهام الإنتاج والتوزيع، عكس النمط السابق، فقد كانت إعادة الهيكلة تهدف في هذا المجال إلى الفصل بين مهام المؤسسة فأصبح الإنتاج من مهام المؤسسات والتوزيع من مهام التوزيع.
– مراقبة عدد العمال من خلال تنظيم عملية التوظيف.
– تحميل المؤسسات الاقتصادية مسؤولياتها من أجل التمويل الذاتي من خلال طرح فائض مالي.
– التحكم في وسائل الإنتاج.
– إصلاح منهجية الإدارة والتسيير.
وقد كانت ترمي إعادة الهيكلة إلى تحقيق أهدافها من خلال المبادئ التالية:

1. مبدأ الاختصاص في نشاط المؤسسة:
أولى هذه المبادئ هو الاختصاص، إذ تم الفصل بين الوظائف المتعددة التي كانت تقوم بها المؤسسة الواحدة (الإنتاج والتوزيع) فأصبحت المؤسسة تقوم بنشاط واحد ومن أجل ذلك أنشئت مؤسسات جديدة بالتوزيع، وهي بدورها تنقسم إلى وحدات جهوية (شرق، غرب، وسط).

2. مبدأ استقلالية النواة القاعدية:
ويتعلق هذا المبدأ بتحرير خطوط أو فروع تكنولوجيا متجانسة، والاستفادة من إمكانياتها كنواة لتطوير فرع معين من النشاط الصناعي أو الإنتاجي.(1)

3. مبدأ اللامركزية المقرات:
إن الضغط الكبير الذي تولد على تمركز المؤسسات الكبير في العاصمة نتج عنه مشاكل عديدة ولعل أهمها سوء حركة المعلومات ووصولها المتأخر إلى الوحدات الصناعية المنتشرة عبر كامل التراب الوطني.
ومن ثم فقد تم تحويل مقرات العديد من المؤسسات إلى داخل التراب الوطني وعبر جهات متعددة من الوطن.
ومن أجل تحقيق هذه الأهداف من خلال تلك المبادئ فقد كلفت أجهزة معينة من أجل تطبيق إعادة الهيكلة وهي:

1- اللجنة الوطنية لإعادة الهيكلة:
وقد تم تنصيبها في 15/11/1980م والتي كانت قد أحدثت بمرسوم 80-242 لـ 04/11/1980م وتتكون من عناصر من مختلف الوزارات التي لها علاقة بالمؤسسات الاقتصادية، ومن مهامها:
– دراسة الشروط العامة لتطبيق توجيهات الحكومة.
– إبداء رأيها في اقتراحات اللجان الوزارية.
– تقديم تقارير دورية للحكومة عن نشاطها.
– تنسيق ومراقبة الأعمال المنبثقة من مختلف القطاعات الاقتصادية.

2- لجان وزارية:
وهي تتكون من رئيس وعدة أعضاء يعينون من طرف الوزير المعني بالقطاع، ومن مهامها:
– تحليل المسائل العامة بتنظيم الهياكل الخاصة بقطاعها.
– اقتراح الإجراءات المتعلقة بالتطبيق على المستوى القطاعي والتوجيهات المقررة من طرف الحكومة.

III- أنواع إعادة الهيكلة:

1. إعادة الهيكلة العضوية:
لقد جاءت إعادة الهيكلة العضوية لإعادة النظر في حجم المؤسسات الاقتصادية الكبير وتقسيمه إلى مؤسسات صغيرة يسهل التحكم فيها ويسهل تسييرها وتنظيمها ومراقبتها.
فإحلال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم يعتمد على مبدأ التخصص في النشاط، وكان هدف إعادة الهيكلة العضوية:
– الفصل بين المهام في المؤسسات الاقتصادية الكبرى.
– الحفاظ على الكيان القانوني للمؤسسات مع لامركزية المهام على مستوى وحداتها.
– إنشاء مؤسسات تحمل على عاتقها مهام جديدة.
– تخصص العمال في نشاطات محددة بوضوح.
وبالإضافة إلى إعادة النظر في حجم المؤسسات، حولت إعادة الهيكلة العضوية مقرات المؤسسة من العاصمة إلى داخل الوطن وفي بعض الأحيان قربت من مراكز الإنتاج…(1)
وقد وضعت إعادة الهيكلة العضوية حدا لعملية التوظيف في المراكز الإدارية مع التركيز والجمع بين التوظيف والإنتاج

2. إعادة الهيكلة المالية:
لقد خصت إعادة الهيكلة الشركات الوطنية التي كانت تعاني عجزا ماليا كبيرا، وديون بنكية كبيرة ومتراكمة، فقد تم في بداية الأمر تكوين رأس مال للمؤسسات وتحويل
الديون البنكية الطويلة الأجل إلى هبات تتحمل مسؤوليتها خزينة الدولة.
ومن أجل عدم وقوع المؤسسات في نفس المشاكل مع البنوك، فقد طلب منهما طرح فائض مالي، نتائج إيجابية تسمح لها بالتمويل الذاتي.
ويمكن معالجة الإختلالات المالية التي وقعت فيها المؤسسات عن طريق مخطط إعادة الهيكلة المالية الذي تعده المؤسسة وتقدمه إلى اللجنة الوطنية لإعادة الهيكلة وذلك من أجل بحثه وإعطاء النتائج والتوصيات للحكومة، التي تتخذ فيه الإجراء النهائي، ويكمن في:
أن ترفع المؤسسة من إنتاجها وتحسنه وذلك بالاستعمال الأمثل لإمكانياتها وترشيد نفقاتها وتطهير خزينتها. وكانت الطريقة المثلى لإعادة الهيكلة مبنية على تقييم ميزانيات السنوات الأربع الأخيرة للمؤسسة من أجل تحقيق مردودية كافية وذلك عن طريق:
– القدرة على الوفاء بالديون.
– الفعالية في التسيير.
وما يشار إليه هو أن الأسعار كانت مخططة من الجهات المركزية، هذا الشكل والنمط في تحديد الأسعار الذي فرض على المؤسسات لم يكن يسمح بطرح فائض مالي وأرباح، لأن السعر المحدد أقل بكثير من تكلفة الإنتاج.

إعادة هيكلة المؤسسات العمومية الصناعية

المؤسسات القديمة عدد المؤسسات الجديدة
سوناطراك 13 + 1 مركز بحث
سونالغاز 14
الشركة الوطنية للحديد SNS 14
الشركة الوطنية للصناعات الميكانيكية SONACOM 11
SN ****L 04
سونارام SONARAM 02
سونيلاك SONELEC 08
الشركة الوطنية لمواد البناء SNMC 15
سونيتاكس SONITEX 06
الشركة الوطنية للخشب والفلين SNLB 04
الشركة الوطنية للصناعات السيليلوزية SONIC 01
الشركة الوطنية للصناعات الكيميائية SNIC 04
سومباك SOMPAC 05
سوجيديا SOGEDIA 03
الشركة الوطنية للتبغ والكبريت SNTA 01
الشركة الوطنية للمياه المعدنية SNEMA 01
سونيباك SONIPEC 03
الشركة الوطنية للصناعات التقليدية SNAT 02
المجموع 100 مؤسسة جديدة ومركز بحث

(1)
IV- نتائج إعادة الهيكلة:
إن الأهداف التي سطرت لإعادة الهيكلة كانت من الناحية النظرية ذات أهمية كبيرة، وكان يرجى منها أن تؤثر بالإيجاب على المستوى الكلي والمستوى الجزئي.
إلا أن الواقع كان غير ذلك، ومن النتائج الناجمة عن إعادة الهيكلة يمكن أن نذكر ما يلي:
– إن صغر حجم المؤسسات الذي نتج عن إعادة الهيكلة العضوية لم يكن له الأثر المنتظر منه. إذ لم تكن المؤسسة الصغيرة مستقلة عن المؤسسة الأم، بل العكس من ذلك أصبحت المعلومات لا تصل بالصورة المطلوبة إلى الوحدات الإنتاجية الصغيرة رغم بقائها تحت التوجيه الاقتصادي للمركز.
– بقاء صلاحية التشغيل والأجور الممركز كان له الأثر السلبي ومن عدة جوانب على المؤسسة. فالأصل في الأجور هو المردودية، وهو الشيء الذي لم يكن على الحال في إعادة الهيكلة، إذ كانت الأجور تقريبا موحدة وعلى جميع الوحدات الاقتصادية، ولم تترك ذلك للمؤسسة بتحديد أجور العمال، وذلك حسب خصوصيتها وخاصة مردوديتها.
أما من ناحية التشغيل فإن المقاييس المعمول بها لم تكن واضحة ولا من صلاحية المؤسسة بل هو من اختصاص الجهات المركزية، وهو ما ترك المجال واسعا لتدخل اعتبارات كثيرة غير الكفاءة في عملية التوظيف ومنها المحسوبية.
– عدم إعطاء الصلاحيات الكاملة للإطارات المحلية في اتخاذ القرارات، مما عطل استعمال الإمكانات والطاقات الإدارية المتاحة.
– إن عملية إعادة الهيكلة التي قسمت المؤسسة الأم إلى وحدات اقتصادية أقل حجما، قسمت وشتتت الطاقات البشرية ووزعت الإمكانيات والوسائل الإنتاجية، الشيء الذي أجبر الجهاز الإنتاجي على البقاء يشكو من نفس نقص المردودية.
– ولعل أكبر المشاكل التي نتجت عن إعادة الهيكلة هي سوء وصول المعلومات، وصعوبة وصولها من المراكز إلى الوحدات الإنتاجية.
– تفكيك المؤسسات تطلب استثمارات جديدة، مما زاد في ارتفاع الديون الإجمالية (بناء المقرات –اقتناء وسائل العمل) وهو ما جعل بعض المؤسسات العمومية الاقتصادية تقع في عجز مالي كبير.

وقد ظهرت بعض الإختلالات، نذكر منها:
– انخفاض مستوى الاستهلاك العائلي نتيجة انخفاض القدرة الشرائية.
– انخفاض معدل النمو الاقتصادي.
– رغم أهمية نظام المعلومات في التنظيم الاقتصادي إلا أن المؤسسات الوطنية لم تهتم بهذا الجانب بشكل واضح ومقبول.
كل ما عرض سابق كان يدل دلالة واضحة على أن إعادة الهيكلة لم تصل إلى تحقيق أهدافها التي وجدت من أجلها ولو جزئيا، وأن على المسؤولين والقائمين بشؤون الاقتصاد التفكير في منهجية تسيير جديدة، ونظرة جديدة لدور وهدف المؤسسات، وأن المؤسسات تحتاج إلى إصلاح جديد ونصوص قانونية أكثر تماشيا مع الوضع الاقتصادي.
هذه النظرة الجديدة على شكل إصلاح جديد، وهو ما أطلق عليه استقلاليات المؤسسات، وهذا ما سنتطرق إليه في المبحث الثاني.

جدول يوضح عدد وتوزيع المؤسسات الوطنية سنة 1979

عدد المؤسسات عدد العمال 1979 متوسط عدد العمال في المؤسسة
العدد % العدد بالآلاف %
الصناعة طاقة 2 2,35 113 19,42 56500
ثقيلة وخفيفة 17 20 224 38,49 13170
التجارة 6 7,07 30 5,15 5000
الإسكان 11 12,94 72 12,37 6540
الأشغال العمومية 7 8,24 10 1,72 1420
الري 6 7,07 18 3,09 3000
النقل 10 11,75 50 8,59 5000
السياحة 4 4,70 12 2,06 3000
البريد والمواصلات 1 1,17 1,4 0,24 1400
الزراعة (ديوان) 10 11,76 30 5,15 3000
الصيد (ديوان) 2 2,35 4 0,69 2000
الغابات (ديوان) 2 2,35 4 0,69 2000
المالية (بنوك وتأمينات) 7 8,24 13,6 2,34 1942
المجموع 85 100 582 100 103972
المصدر: أحمد بن يعقوب، مرجع سابق، ص 279.

المطلب الثاني: استقلالية المؤسسات
لم تكن عملية إعادة الهيكلة ذلك المخرج من المأزق الاقتصادي الذي عاشته الجزائر في تلك الفترة. وإنما كانت حسب الكثير من المحللين والخبراء استعدادا للدخول في مرحلة جديدة من الإصلاحات الاقتصادية. إذ بعد التغيرات الكبيرة والمتتالية التي عرفتها الجزائر وكذا الإستراتيجيات المتعددة جاءت المرحلة الجديدة التي هي في حقيقة الأمر ما هي إلا إصلاحات أولية تمهد الدخول إلى اقتصاد السوق.

إذ ميزت هذه الفترة تغيرات سياسية واجتماعية واقتصادية كبيرة داخليا وخارجيا كان لها الأثر الواضح في تغيير المسار الإصلاحي في الجزائر ومنها انخفاض أسعار النفط. وحجم المديونية وتراكم الريوع لدى شريحة معينة من الناس.

وداخليا تميزت بعدم الاستقرار السياسي إذ تعاقبت حكومات متعددة في فترات وجيزة أما من الناحية الاقتصادية فتميزت تلك المرحلة بمعدل تضخم كبير اثر سلبيا على القدرة الشرائية للمواطن، وزاد من عبء المديونية الخارجية، وكذا المديونية البنكية تجاه المؤسسات العمومية.

وللخروج من هذه الوضعية الصعبة والحرية، كانت هناك تجربة جديدة ومحاولة أكثر جدية للابتعاد عن الطرق والأساليب القديمة في تسيير الاقتصاد الوطني.

هذه الإجراءات الجديدة أطلق عليها اسم استقلالية المؤسسات، وما هي في حقيقة الأمر إلا ااصلاح من نوع آخر من الناحية التنظيمية والتسييرية بحيث يحد من التسيير المركزي والوصاية المباشرة للمركزية، وتحولت بذلك مؤسسة اقتصادية مستقلة، باعتبارها شركات مساهمة، ومتخلصة بذلك من كل وصاية إدارية مركزية.

I- المحيط الاقتصادي للمؤسسة الاقتصادية في ظل الاستقلالية والدوافع إليها والمشاكل التي سبقتها:

1. المشاكل والعراقيل السائدة قبيل الاستقلالية:
لقد تحولت المؤسسات الاقتصادية قبيل الاستقلالية إلى مجمع ضخم للمشاكل بسبب سوء التسيير والتنظيم. هذه المشاكل كانت السبب الرئيسي في تدهورها وكانت العائق الكبير أمام تطورها، ولعل أهمها:

أ) المشاكل التنظيمية:
المشكل الذي طرح في هذا المجال هو عملية المراقبة التي لو تقم بدورها ولم تعطى لها أهمية بالغة. فالإدارة المركزية كانت تمارس الرقابة بصفة شكلية إذ لم تكن مهمتها تحسين النتائج وتقييم الأهداف وتحديد الأخطاء وتقويمها بل كانت مجرد رقابة سطحية تهتم بتوضيح القوانين.

ب) المشاكل الاجتماعية:
لقد ابتعدت المؤسسات الوطنية الكبيرة عن الهدف المسطر لها من تحقيق نتائج إيجابية ومردودية حسنة ومساهمة فعالة في التنمية الاقتصادية، وأصبحت تهتم أكثر من اللازم بالحياة الاجتماعية للعمال من مخيمات ورحلات، وتصرف عليها الأموال الباهضة. هذا التوجه الاجتماعي للمؤسسة أثر سلبا على إمكانيات المؤسسة المادية، وكان من أهم العوامل التي أدت بالمؤسسات إلى التخبط في المديونية، وهذا كله ناتج عن الرؤية السطحية والضيقة للمسيرين.

ج) المشاكل المالية:
لقد عانت المؤسسات الاقتصادية مشاكل مالية معقدة وكثيرة صعبت في مهمتها الإنتاجية.
فسوء التسيير المالي وعدم إعطاء المردودية أهميتها، والتسيير الاجتماعي للمؤسسة عقد من المديونية التي كانت تعاني منها المؤسسات تجاه البنوك.

إذ القروض التي كانت تتلقاها من الهيئات المركزية، لم تكن تستغل بصفة عقلانية من جهة ومن جهة أخرى كانت تستعمل لتغطية الديون البنكية، فأصبحت المؤسسات تدور في حلقة مفرغة.

د) المشاكل التقنية:
إن التخطيط المركزي للاستثمار اتبعه تخطيط في استيراد التكنولوجية. فلم يسمح للمؤسسة باختيار الوسائل الإنتاجية التي تناسبها، إذ وجدت بعض المؤسسات نفسها مرغمة على اكتساب بعض الوسائل التقنية لم تكن في حاجة إليها أبدا في عمليتها الإنتاجية، وهذا ما كلف خزينة الدولة أموالا طائلة أثرت سلبا على المؤسسات الاقتصادية.

هـ) المشاكل الاقتصادية:
إن التخطيط المركزي لم يسمح للمؤسسة قبل الاستقلالية بالتجانس مع السوق ومتطلباته. إذ لم تكن لديها المركزية الكافية للتلاؤم مع حاجيات المجتمع، وهذا بسبب عدم السماح لها باتخاذ قرارات استراتيجية تراها مناسبة، لأن ذلك كان من صلاحيات الجهات المركزية. ولعل أهم مثال في هذا المجال هو نظام الأسعار المعمول به.

2) مميزات المحيط الاقتصادي في ظل الاستقلالية:
لقد تميز محيط المؤسسة الاقتصادي كما يرى الكثير من الخبراء بميزتين أساسيتينتعليم_الجزائر1)

1. محاولة تحرير وديموقراطية أكثر:
إن استقلالية المؤسسة إنما هو عملية تحرير المؤسسات الاقتصادية وتندرج في إطار التغييرات العامة التي مست مختلف القطاعات السياسية والاجتماعية، ولم تكن عملية
إصلاح منفردة عن القطاعات الأخرى.

فقد جاءت ضمن تغيير شامل في فترة تتميز بالركود السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي، فلذلك أصبحت الإصلاحات أكثر من ضرورة ونتيجة منطقية لتغيرات سياسية كبرى (دستور 1989)، وهذا كله لإيجاد الحلول السريعة للوضعية المزرية التي عايشتها الجزائر عن طريق محاولة ترسيخ سياسة سير جديدة للمؤسسات بعد تحريرها ماليا.

2. الفصل بين ملكية وتسيير المؤسسات:
في هذا الإطار وضمن الإصلاحات الاقتصادية فصلت استقلالية المؤسسات بين حق ملكية رأس المال من طرف المؤسسة وصلاحية الإدارة والتسيير فيها، فحسب المادة 698 من القانون التجاري فإن المؤسسة الاقتصادية العمومية شخصية معنوية متميزة عن الدولة، والدولة مالكة مساهمة في رأس مال المؤسسة، لكن لا تسيرها، ويعبر عن هذه الملكية بالأسهم التي تصدرها المؤسسة للدولة، مقابل تحويل هذه الأخيرة لحصص عينية أو نقدية وجعلها تحت تصرف الشخصية المعنوية الممثلة للمؤسسة. ويقوم بدور المالك صناديق المساهمة (سوف تخصص تحليلا لماهية صناديق المساهمة ومل ما يتعلق بها لاحقا).

ولترسيخ استقلالي المؤسسات ماليا وإداريا عن الهيئات المركزية والتي تعد من مرحلة جديدة في تسيير المؤسسات بشكل خاص والاقتصاد الوطني بشكل عام، فقد صدرت عدة نصوص قانونية ومن بينها:
– قانون توجيهي حول المؤسسات (88-01 المؤرخ في 12/01/1988م)
– قانون صناديق المساهمة (88-03 المؤرخ في 12/01/1988م).
– قانون معدل ومكمل للقانون رقم 84-17 المؤرخ في 17-07-84 المتعلق بقوانين المالية (رقم 88-05 بتاريخ 12/01/1988م).
– قانون معدل وكمل للأمر رقم 75-59 المؤرخ في 26-12-75 والمتضمن للقانون التجاري.
3. دوافع الاستقلالية:
يمكن تقسيم الدوافع التي ساهمت في الدخول في ملية الاستقلال إلى قسمين، خارجية
وداخلية

أ- الدوافع الخارجية:
– شروط المؤسسات المالية العالمية (البنك العالمي وصندوق النقد الدولي) والمتعلقة بتحرير الاقتصاد من أجل تسريح القروض.
– التوجهات العالمية الجديدة.

ب- الدوافع الداخلية:
– الارتفاع المستمر لتكاليف اليد العاملة مقارنة برقم الأعمال.
– التسيير المركزي للمؤسسات الاقتصادية.
– إفلاس المؤسسات الاقتصادية نتيجة تراكمات الديون البنكية الكبيرة.
– عدم قدرة المؤسسات الاقتصادية على تسديد ديونها بسبب عدم المردودية أهميتها، إذ لم يكن أوليان المؤسسات الاقتصادية.
– التكاليف الاجتماعية التي أخذتها المؤسسة على عاتقها زاد في حجم نقل المديونية وكرس العجز المالي لها.
– ارتفاع المصاريف المالية مما زاد في عبء الخزينة العمومية.
– انخفاض إيرادات الخزينة العمومية بسبب انخفاض البترول والغاز.
– كما أن هناك دوافع غير معلنة كانت وراء تسريع عملية الاستقلالية وبالأخص تراكم ريوع الفترة السابقة لدى فئة معينة في السلطة ذات نفوذ سياسي كبير، وذلك من أجل استغلال الأموال الطائلة التي اكتسبوها بطريقة أو بأخرى في مشاريع استثمارية.

II- مفهوم وتنظيم المؤسسة الاقتصادية العمومية في ظل الاستقلالية:

أ- المفهوم:
تعرف المادة رقم 5 من قانون 88-01 بتاريخ 12/01/88 المؤسسات العمومية الاقتصادية بأنها شركات مساهمة أو شركات محدودة المسؤولية، تملك الدولة أو الجماعات

المحلية فيها مباشرة أو بصفة غير مباشرة جميع الأسهم أو جميع الحصص(1) ومن هذا يمكن توضيح ما يلي:

أ. حق ملكية الأسهم للدولة:
تمتلك جميع الحصص والأسهم في الشركة ويتجلى ذلك في ويترجم عن طريق عقود إنشاء المؤسسات والقوانين الأساسية لها، وكذا الأهداف الطويلة الأجل، وتعيين أعضاء مجلس الإدارة وتوزيع الأرباح.
ويمكن عن طريق حق ملكية الأسهم عن الإعلان عن حل المؤسسات، ورفع وتخفيض رأس المال وطرح الأسهم للبيع أو شراء أخرى.

ب. حق الإدارة:
يمتلك مجلس الإدارة في إطار الأهداف المسطرة حق مراقبة النتائج وحق تعيين وإقالة الرئيس المكلف بالإدارة.
وبهذا يصبح مجلس الإدارة من صلاحيته تحديد الآفاق المتوسطة الأجل للمؤسسة وكذا تطورها وتهيئة المحيط لها.
وبهذا يعتبر مجلس الإدارة العنصر المهم في تنظيم المؤسسة إذ يراقب نتائج المؤسسة مع الأهداف المسطرة.

ج. حق الاستغلال:
إن صلاحية إعداد البرامج والبحث عن أنجع السبل ووضع استراتيجية المؤسسة من
صلاحية مجلس الإدارة.
فالتسيير اليومي أو تسيير الاستغلال يعني حق المدير العام أو الرئيس المدير العام بتسيير وتنمية نشاطات المؤسسة تحت الرقابة المستمرة لمجلس الإدارة وهو ما يستلزم وضع استراتيجية ومخططات وبرامج تسمح للإدارة العامة بأن تتفاعل مع الظروف الاقتصادية الطارئة، وذلك عن طريق قرارات صارمة ومراقبة فعالة لدورة الاستغلال.

ب- التنظيم:
يتكون الجهاز التنظيمي للمؤسسة العمومية الاقتصادية من:

أ-الجمعية العامة للمساهمين:
وتتكون من جميع مساهمي المؤسسة العمومية الاقتصادية المتمثلة في الدولة و التي تمارس مهمتها عن طريق صناديق المساهمة. و تقوم الجمعية العامة للمساهمين بوظائف متعددة بالشؤون الإدارية كالتوزيع على الشركة،و تعيين الأجهزة الإدارية ، بالشؤون المالية كمناقشة الميزانية،حسابات الجرد، الاستغلال والأرباح والخسائر وتعديل رأس مال المؤسسة العمومية الاقتصادية.
ب- جهاز الإدارة( مجلس الإدارة):
ويتكون من اثنين من أعضائه من ممثلين عن العمال و الباقي من الجمعية العامة.
ومن اختصاصات مجلس الإدارة ممارسة كل السلطات العادية بالتصرف حسب موضوع الشركة، ثم متابعة و مقارنة النتائج، وتحديد استراتيجية العمل ضمن محيطها مع مراعاة السلطات المستندة لها صراحة في القانون بجمعية المساهمين(1).
كم أن له مسؤولية في إطار السياسة الصناعية ، التجارية و المالية ، وكما يقوم بإعداد الإستراتجية المتوسطة المدى للمؤسسة.

ج- جهاز التسيير:
وهو يشمل إما المدير العام أو الرئيس المدير العام و هناك إمكانية وهي أن يكون رئيس مجلس الإدارة. فمن مهام المدير العام إبرام وتقديم العقود والاهتمام بكل الشؤون المالية والمصرفية والإدارية بحيث لا تتعارض مع مجلس الإدارة.
ج. تنظيم الرقابة:
إن ترسيخ استغلالية المؤسسات العمومية تستلزم روح المسؤولية. فالمؤسسة يجب

عليها أن تتدخل و تسير في إطار القانون الأساسي وفقا للقانون المعمول به وذلك في إطار الخطة وحدودها.
لذلك فان الرقابة لها أهمية كبرى. فهي تعني مراقبة الأعمال و المهمات و توزيع العمل على جميع أعضاء المؤسسة، فإعطاء عملية التنظيم حقها يبدأ من المراقبة الداخلية والدائمة لكل مراحل العملية الإنتاجية. مع إعطاء المراقبة الخارجية( محافظ الحسابات) أهمية من أجل تصحيح وتنظيم الحسابات.

د. علاقة المؤسسة العمومية بالبنوك:
تتجسد العلاقة بين المؤسسة الاقتصادية والدولة عن طريق صناديق المساهمة والتي استبدلت فيما بعد بالشركات القابضة وهو ما سنتحدث عنه لاحقا.
أما العلاقة بين المؤسسة العمومية الاقتصادية و البنك التجاري فهي تختلف اختلافا كبيرا، عن تلك العلاقة التي كانت سادة في الفترة السابقة.
فميكانيزمات تحرير الاقتصاد والأطر التنظيمية الجديدة، أعطت للبنوك دورا أكثر فعالية وباعتبارها مؤسسات تجارية فقد أصبحت تتعامل بمنطق المردودية، وتعالج الملفات المقدمة إليها معالجة اقتصادية ومالية، فهو يراعي بذلك عملي المردودية والمخاطرة، إذ أضحت البنوك تتحمل مسؤوليتها، سواء كانت النتائج إيجابية أو سلبية.
ويمكن توضيح التحولات الجديدة التي تربط المؤسسة بالبنك فيما يلي:
– تراقب البنوك المؤسسات الاقتصادية من أجل استرداد قروضه.
– يمكن للمؤسسة أن تختار البنك الذي تراه مناسبا والذي يتلاءم مع سياستها، وهذا ما كانت مجبرة على تركيز عملياتها في بنك محدد ومعين.
– تمول البنوك استثمارات المؤسسات بعد دراسة الملفات التي تقدمها المؤسسة والتي تحتوي على تفاصيل محاسبية ومالية وتقنية وجبائية وأخرى ضريبية.
– من حق البنوك اختيار الزبائن التي ترى فيهم شروط الاقتراض متوفرة.

المطلب الثالث: صناديق المساهمة.
بتطبيق سياسة استقلالية المؤسسات العمومية أصبح من الضرورة أن تتخلى الدولة على بعض القطاعات الاقتصادية فتخلت عن الإدارة المباشرة للمؤسسات العمومية الاقتصادية لصالح صناديق المساهمة التي تعتبر “شركة مساهمة عمومية وتعد ضامنا لمقابل القيمة المتمثلة في الأسهم والحصص والسندات والقيم الأخرى التي تقدمها الدولة والجماعات المحلية باعتبارها عونا إنتمائيا لها…(1)
إذن فصناديق المساهمة تعد نقطة هامة في الإصلاحات الاقتصادية، إذ أصبحت كممثلة للدولة كمالكة لرؤوس الأموال، والتصرف في موجوداتها وذلك من خلال القيام بالأدوار الموجودة منها.

1. مهام صناديق المساهمة:
إن صناديق المساهمة تتدخل في:
أ- إعداد ومتابعة وتنفيذ مخطط المؤسسة بواسطة ممثليها في مجلس الإدارة، باعتبارها صاحبة أسهم الدولة.
ويخضع هؤلاء الممثلين للشروط والالتزامات نفسها التي يخضع لها القائمون بالإدارة كما يتحملون المسؤوليات المدنية والجزائية نفسها.
– تسمح بضمان الحفاظ على حصص الدولة، وذلك بعملية التعويض بين المؤسسات الغنية والمؤسسات التي تعاني مشاكل مالية، ويتم هذا عن طريق امتلاكها سندات من رؤوس الأموال، وتتدخل الدولة في توفير المبالغ المالية لتغطية الخسائر.
– يدرس الصندوق وينفذ كل تدابير من شأنها تشجيع التوسع الاقتصادي والمالي للمؤسسات العمومية الاقتصادية.
وباعتبار المؤسسة العمومية الاقتصادية شركة أسهم، فرأس مالها يكتب من قبل صناديق المساهمة التي اعتبرت العون الإئتماني المكلف بتسيير محفظة القيم المنقولة لحساب الدولة، لتمارس حق الملكية على المؤسسة العمومية الاقتصادية، وقد تشكلت وفق

مرسوم 21 جوان 1988 على الشكل التاليتعليم_الجزائر1)
– صندوق المساهمة للصناعات الفلاحية، الغذائية، الصيد.
– صندوق المساهمة للمناجم والمحروقات والري.
– صندوق المساهمة للبناء.
– صندوق المساهمة للكيمياء، البيتروكيمياء والصيدلة.
– صندوق المساهمة للصناعات المختلفة (النسيج، الجلود…).
– صندوق المساهمة للخدمات.
وبهذا جاءت صناديق المساهمة لتجسيد توجهات الدولة لتأخذ على عاتقها كل انشغالات المؤسسات.

2. إنشاء صناديق المساهمة:
باقتراح من الهيئات المركزية ووزارة المالية، تنشأ صناديق المساهمة بمرسوم من خلال قرار مجلس الحكومة، وتكون صناديق المساهمة متعددة القطاعات، ويشارك كل قطاع في رأس مال العديد من المؤسسات العمومية الاقتصادية.

3. مهام صناديق المساهمة:
تقوم صناديق المساهمة بالمهمات التالية:
– مهمة مراقبة وذلك عن طريق تسيير محفظة الأسهم.
– تحمل مساهمات المؤسسات وهي بذلك تقوم بدور المؤسسات المالية.

4. سير صناديق المساهمة:
تسير صناديق المساهمة من خلال مجلس الإدارة، ممثل من طرف مختلف القطاعات المهتمة، وكذا الشركاء الاجتماعيين ويكون تعيين أعضاء مجلس إدارة صناديق المساهمة من طرف الحكومة وينتخب رئيس مدير عام على رأس كل مجلس إدارة، وبهذا فإن تعيين الرئيس والإداريين بمرسوم.

5. تمويل صناديق المساهمة:
يتم تمويل صناديق المساهمة بمساهمة الدولة وتكون على الشكل التالي:
– رأس المال التأسيسي.
– محفظة الأسهم وهو الرأسمال الذي تحوزه الدولة في المؤسسات.
– يمكن لصندوق المساهمة أن يطرح سندات مضمونة أو غير مضمونة.

6. النتائج المالية لصندوق المساهمة:
ينظر القانون الأساسي لصناديق المساهمة للنتائج من جانبين:

أ- النتائج الإيجابية:
جزء منها ترجع إلى ميزانية الدولة
أما الجزء الآخر من النتائج الإيجابية فيبقى إلى الصندوق يسمح له برفع الأموال الخاصة.

ب- حالة النتائج الإيجابية:
عندما تكون الخسائر مهمة تتدخل الدولة سواء مباشرة ماليا لدى المؤسسة العمومية أو بتمويل التوازن لصناديق المساهمة.

7. صناديق المساهمة والمؤسسات العمومية:
إن دخول الصناديق المساهمة في مهمتها يميز بين حالتين:
1. حالة المؤسسات العمومية الموجودة.
2. حالة المؤسسات المراد إنشاؤها.
ففي الحالة الأولى هناك تحول لرأس المال لصالح الدولة وهو ما يعني تحويل الأصول والخصوم وإصدار بالمقابل الأسهم. أما الحالة الثانية فتعني المؤسسات الجديدة التي تنشأ بقرار من الحكومة، ففي هذه الحالة تتصرف صناديق المساهمة كمؤسسة مالية تكتب أسهم المؤسسات لصالح الدولة.

نتائج وتقييم:
تنطوي استقلالية المؤسسة العمومية الاقتصادية ضمن سلسلة سياسات الإصلاح التي كانت تنتهجها السلطات، غير أن ذلك التحويل في نمط التسيير لم يصاحبه اتخاذ إجراءات ضرورية ومنها تقسيم الذمة المالية للمؤسسات مع تحديدها تحديدا واضحا، الشيء الذي أدى إلى ظهور نتائج سلبية في أغلب الأحيان على المؤسسات الاقتصادية المستقلة، والدليل على ذلك العجز المالي الكبير الذي أصبحت تتخبط فيه الكثير من المؤسسات.
وهو ما أدى إلى سوء استخدام الطاقات الإنتاجية والتقنية.
أما انحراف صناديق المساهمة عن مهامها التي أنشئت من أجلها إلى استعمال الوصاية على المؤسسات العمومية، وتداخل الصلاحيات في الصندوق الواحد لاحتوائه على العديد من المؤسسات عقد من وضعية المؤسسات الاقتصادية.

ويمكن القول أن صناديق المساهمة وجه آخر من أوجه التسيير الإداري والبيروقراطي للمؤسسات الاقتصادية. واستمر الحال إلى أن حلت في 25/12/1995.

المطلب الرابع: الشركات القابضة
انطلاقا من الوضع الصعب الذي أصبحت تعيشه المؤسسات العمومية الاقتصادية قررت الدولة حل صناديق المساهمة، وإعادة تنظيم المؤسسات العمومية في شكل جديد وذلك بإصدار عدد من القوانين وإنشاء شركات قابضة (مجمعات اقتصادية) تعد أداة مفصلة لتحديد المسؤولية المباشرة عن تسيير أموال الدولة في القطاع الاقتصادي. لقد تطلبت إعادة هيكلة القطاع تجميع المؤسسات العمومية المختلفة في شركات قابضة على شكل شركات مساهمة وهي مثل عنصر الملكية الخاصة بالدولة لتحل محل صناديق المساهمة.

إن الشركات القابضة العمومية تشرف على مجموعة معينة من المؤسسات العمومية ذات النشاط المنسجم فيما بينها، عكس صناديق المساهمة التي كانت تشرف على مؤسسات لم تكن بالضرورة من نفس القطاع.

ولإنجاح علاقات الشركات القابضة بالمؤسسة العمومية الاقتصادية كان يتعين الرجوع إلى العلاقات التقليدية المحددة في القانون التجاري الجزائري التي تحدد الرابطة بين المؤسسة العمومية الاقتصادية ومساهميها.

1. مهام الشركات القابضة:
تتمحور مهام الشركات القابضة فيما يلي:
– تثمين محفظة الأسهم وإعطاء أكثر مردودية لها.
– المساهمة في تنمية جميع المؤسسات الصناعية التجارية والمالية المنطوية تحت مراقبتها فهي بذلك تضع استراتيجية وسياسات الاستثمار والتمويل للمؤسسات وكذا وضع تعديل هيكل ما تراه مناسبا.
– تنظيم وفق ما تسمح به القوانين المعمول بها حركة رؤوس الأموال بين المؤسسات.
– تسهر على حماية استقلالية الذمم المالية للشركات المنتمية لها.
– تساهم الشركات القابضة في وضع السياسات الاقتصادية للحكومة في إطار الاتفاقيات المبرمة مع الحكومة.

ب- تنظيم وسير ومراقبة الشركات القابضة:
تسيير الشركات القابضة من طرف إدارة موضوعة تحت مجلس مراقبة ويعين أعضاء الإدارة ومجلس المراقبة لمدة 6 سنوات قابلة للتجديد من طرف الجمعية العامة. كما بمكن أن تتكون الإدارة من فرد واحد ويسمى بذلك المدير العام الوحيد للشركة القابضة.(1)
أما مجلس المراقبة فيتكون من سبعة أعضاء يجتمعون في دورة عادية كل 3أشهر عن طريق استدعاء من مدير مجلس الإدارة، وهو يقوم بمهمة المراقبة المستمرة للشركة القابضة.
أما مهام مجلس الإدارة لمساهمات الدولة فتنحصر فيما يلي:
– مجلس الإدارة مكلف بتنسيق وتوجيه نشاطات الشركات القابضة.

المجلس الوطني للمساهمات موضوع تحت تصرف رئيس الحكومة الذي يرأسه.
وتتكون الشركات القابضة من 11 مجمعا وهي:
– مجمع البناء.
– مجمع البناء ومواد البناء.
– مجمع صناعة الحديد والمعادن.
– مجمع الميكانيك والكهرباء والإلكترونيك.
– مجمع الكيمياء والصيدلة والأدوية.
– مجمع الصناعات الغذائية الأساسية.
– مجمع الصناعات الغذائية الزراعية.
– مجمع الصناعات المصنعة.
– مجمع الإنجاز والأشغال الكبرى.
– مجمع الخدمات.
– مجمع الخشب والفلين.

المطلب الخامس: إجراءات التطهير المالي والتعديل الهيكلي للمؤسسات.
إن الأزمة الاقتصادية التي مرت بها الجزائر في منتصف الثمانينات كان لها الأثر البالغ على جميع المستويات السياسية والاجتماعية و الثقافية وعلى جميع القطاعات، خاصة على مستوى المؤسسات العمومية الاقتصادية.
إذ أصبح العجز المالي هو السمة البارزة التي تتخبط فيها المؤسسات وهو ما أثر سلبا على إنتاجيتها.
هذه الوضعية كانت تستلزم تدخلا مباشرا للدولة للحد من هذه الأزمة التي كانت تعيشها المؤسسات ، وكان الحل يتمثل في عملية التطهير المالي للمؤسسات العمومية الاقتصادية لمواجهة الإختلالات المالية لها وإعادة التوازن لتلك المؤسسات .

فالتطهير المالي كان إحدى الضروريات اللازمة للمؤسسات من أجل المرور إلى الاستقلالية التامة ومن أجل التحضير للدخول في اقتصاد السوق و التحضير لمواجهة المنافسة الحرة. والتطور ضمن احترام القواعد التجارية المعمول بها…(1).

I- مفهوم وأهداف التطهير المالي:

1. المفهوم:
إن عملية التطهير المالي تعني إعطاء دفعة قوية للمؤسسات العمومية الاقتصادية من أجل التطور الذاتي وذلك عن طريق مسح الدولة لجميع الديون المستحقة على المؤسسات، ومنه يمكن أن نعرف التطهير المالي على أنه ” عملية القضاء على العجز المالي و على مديونية المؤسسة العمومية تجاه البنوك التجارية و الخزينة العمومية ليصبح لها هيكل مالي متوازن…(2).
وعليه فإن هذه العملية تعطي توازنا كاملا لأصول و خصوم المؤسسة مع إعطائها موارد مالية تتفق وطبيعة النشاط.
ومن أجل ذلك اعتمدت الإصلاحات بعض العناصر من أجل التطهير المالي للمؤسسات، وهي:

أ- إعادة تكوين رأس المال الاجتماعي للمؤسسات العمومية الاقتصادية.
ب- تحويل الديون البنكية إلى قروض طويلة الأجل لأنه لوحظ أن أكبر العوائق التي كانت تقف في وجه المؤسسات الاقتصادية وتعرقل الحصول على مردودية هي الديون البنكية الكبيرة من رأس المال والفائدة والمستحقات غير المدفوعة وبذلك أصبحت المؤسسات غير قادرة تماما على دفعها بل زيادة على ذلك أصبحت حساباتها الجارية في البنوك تمشي على المكشوف(Découvert). وهو ما زاد في حدة الوضعية المالية المتأزمة للمؤسسات.
ج- إعادة تقييم أصول المؤسسات من مباني وأراضي ومعدات حتى يعطى لميزانية المؤسسة تقييما جديدا عن طريق إعادة التقييم لأصولها. وبالتالي يعطيها من الناحية

المحاسبية والمالية أموالا خاصة تساعد نوعا ما على الخروج من الوضعية الصعبة التي تعيشها المؤسسات.

II- أهداف التطهير المالي:
– في حقيقة الأمر كانت عملية التطهير المالي للمؤسسات العمومية الاقتصادية تهدف بالدرجة الأولى إلى وضع تلك المؤسسات في جو تهيئ نفسها من خلاله إلى الدخول في اقتصاد السوق والتكيف مع ضوابطه.
– إعادة إعطاء دعم جديد للقطاع العام من أجل إثبات وجوده كقوة اقتصادية من خلال تصفية جزء من ديونه وإعادة جدولة الجزء الآخر منها.
– تحسين الوضعية المالية للمؤسسات لتكريس فيما بعد مبدأ الاستقلالية التامة.
– تقوية محفظة الأموال للمؤسسات.
– تحميل المؤسسات الاقتصادية مسؤولياتها المستقبلية تجاه البنوك والمؤسسات المالية الأخرى.
ومن أجل إنجاح عملية التطهير المالي للمؤسسات كان لابد من أن يصحبها مخطط تصحيح وتقويم للمؤسسات الاقتصادية(1) لأنه إن ظهر بعد ذلك عجز مالي فإنه يمكن اعتبار عملية التطهير المالي تبذير للأموال العمومية.
ومن أجل القيام بعملية التطهير المالي اتخذت إجراءات ميدانية ومنها إنشاء صندوق تطهير المؤسسات العمومية لدى الخزينة، وكان الهدف منه هو تنظيم عملية التطهير عن طريق تكوين رأس مال هذه المؤسسات والبحث عن الاستقرار النقدي الداخلي، وذلك بعد حصوله على إيرادات من ميزانية الدولة (2).
وما يشار إليه هو أن عملية التطهير المالي لم تكن موحدة وعلى جميع المؤسسات، بل لكل مؤسسة خصائصها، وقد صنفت المؤسسات من حيث الاستحقاقات إلى:

– مستحقات على المؤسسات المنحلة: وتخص المؤسسات التي انبثقت عن المؤسسة الأم التي مستها إعادة الهيكلة الأولى ولم توزع ديون المؤسسة الأولى عليها، فقد أخذت الخزينة

العمومية على عاتقها ديون وحقوق البنوك على هذه المؤسسات وذلك بشراء الحقوق البنكية مقابل إصدار الخزينة العامة لسندات غير قابلة لإعادة الخصم.
– مستحقات على المؤسسات غير المتزنة ماليا وغير المستقلة: وهي مؤسسات لم تحصل على استقلاليتها حسب الدراسات والفحوصات السلبية التي أجريت عليها، حيث يتم فيها تحويل السحب على المكشوف (Découvert) إلى قروض متوسطة الأجل.
– مستحقات على المؤسسات المستقلة وغير المتزنة ماليا:
وتتم في مرحلتينتعليم_الجزائر1)

المرحلة الأولى: وتتم عن طريق:
– تحديد حقوق البنوك على هذه المؤسسات
– تحديد مستوى القروض القصيرة الأجل.
– تثبيت قيمة الديون بقروض متوسطة وطويلة الأجل.
المرحلة الثانية: وهي ناتجة عن مخطط الإصلاح والذي يمكن من:
– إعادة تكوين رأس مال المؤسسة من طرف صناديق المساهمة.
– إصدار ضمانات على جزء من القروض المصرفية من طرف صناديق المساهمة.
– شراء جزء من مسحوب هذه المؤسسات بإصدار لسندات مساهمة من المؤسسة العمومية الاقتصادية نفسها أو من الخزينة.

III- نتائج التطهير المالي للمؤسسات العمومية الاقتصادية:
رغم تخصيص أموال طائلة وكبيرة لعملية التطهير المالي حيث بلغت ما يقارب 433 مليار دينار من سنة 1993م إلى سنة 1996م، إلا أنها لم تحقق النجاح الذي كان مرجوا منها لأن الظروف العامة للبلاد من سياسية واجتماعية كانت صعبة للغاية.
– عملية التطهير المالي أعادت النظر في العلاقة الموجودة والمتعامل بها ما بين المؤسسة العمومية والاقتصادية والبنك التجاري، هذا الأخير الذي أصبح يهيئ نفسه لأخذ مكانته في اقتصاد السوق كعنصر فعال. لأن تمويل البنوك التجارية من البنك المركزي يكون لأجل،

وهي القاعدة نفسها التي يتعامل بها البنك مع المؤسسات الاقتصادية، غير أن العجز الكبير في الدورة الاستغلالية للمؤسسات لم يغط القروض القصيرة الأجل ولا المتوسطة والطويلة الأمد.
– ارتفاع معدل المديونية الداخلية للخزينة العمومية اتجاه البنك المركزي بسبب القروض الكبيرة التي تم شراؤها.

ب- التعديل الهيكلي للمؤسسات العمومية الاقتصادية:
إن التراكمات السلبية في مجالات متعددة أصبحت السمة الأساسية التي تميز الاقتصاد الوطني بشكل عام والمؤسسات العمومية الاقتصادية التي تعتبر محرك الاقتصاد بشكل خاص، فقد كانت الوضعية الاقتصادية تتميز بما يلي:
– نسبة بطالة مرتفعة جدا.
– تدهور خزينة الدولة نتيجة القروض الكبيرة التي استفادت منها المؤسسات العمومية.
– اختلال كبير في ميزانية الدولة، نتيجة الإختلالات الكبيرة في ميزانية المؤسسة العمومية الاقتصادية الممولة لمرات عديدة وفي فترات زمنية مختلفة، فعملية التطهير المالي التي سبقت لم تكن الحل الأمثل لأزمة المؤسسات العمومية الاقتصادية كما أثبته الواقع، لأنها وحسب الكثير من المحللين مست الجانب المالي فقط، دون غيره من الجوانب المهمة الأخرى والتي لها دور كبير في حياة المؤسسة العمومية الاقتصادية ولاسيما الجانب التسييري، والاستغلال الأحسن لوسائل الإنتاج.
ولهذه الأسباب كان من الضروري إدخال إصلاحات اقتصادية جديدة على المؤسسات الاقتصادية وإدخال تعديلات أكثر صرامة من أجل سد جميع الفراغات والثغرات التي امتد فيها الاقتصاد الوطني لعهود طويلة.
لذلك كان لابد من الإحاطة بجميع الجوانب ولاسيما:
– دراسة محيط المؤسسة.
– الاعتماد على مسيرين ذوي كفاءة عالية.
– مراقبة دائمة (وهو الدور الجديد للدولة في اقتصاد السوق).

ومن هنا جاءت سياسة التعديل الهيكلي لتنظر في: (1)
– إعادة التوازن للقدرة على إعطاء التنمية الحقيقية من أجل تخفيض البطالة المتزايدة.
– تكثيف النسيج الصناعي.
– تخليص الدولة من الصعوبات المالية الخانقة، والخسائر الدائمة للقطاع العمومي.
وما يشار إليه في هذا الصدد هو أن سياسة التعديل الهيكلي كانت ضرورة داخلية وحتمية خارجية، خاصة مع زيادة الضغوطات الدولية، ولاسيما صندوق النقد الدولي. وهو ما يبدو واضحا من خلال اتفاقيات ستاندباي STANDBAY ومما جاء فيها “يسير الاقتصاد بصورة فعالة حسب قواعد اقتصاد السوق”(2).
ومن المحاور التي تعتمد عليها سياسة التعديل الهيكلي ما يلي:
أ- إعداد مخطط التصحيح الداخلي:
إن وضع مخطط التصحيح الداخلي للمؤسسة يستوجب بالضرورة تشخيص دقيق
للأسباب الحقيقية التي أدت بالمؤسسات العمومية الاقتصادية إلى الفشل.
ولإعداد مخطط التصحيح الداخلي يستلزم:
– تنسيق العمل وتضافر جهود جميع العمال والمسيرين.
– توفير المعلومات الدقيقة (المحاسبية والتجارية) للمؤسسة.
– إخراج المؤسسة من الوضعية الصعبة التي تعيشها.
– إدخال المؤسسة في السوق التنافسية.
– الوصول إلى تحقيق توازن مالي.
– رفع مستوى عوامل الإنتاج.
– تحسين نوعية الإنتاج لضمان مكانه في السوق.
– التقليل من النشاطات الثانوية للمؤسسة، وبالأخص التقليل من المصاريف الاجتماعية.
المراقبة:
لضمان السير الحسن لخطة التعديل الهيكلي لابد من إعطاء الرقابة أهمية بالغة، وذلك على جميع المستويات، من شراء المواد الأولية إلى تسيير المخزون إلى التدقيق في الحسابات، ويكون ذلك:

– المقارنة بين الأهداف المسطرة في الخطة والنتائج المتحصل عليها، مع تشخيص للأسباب إن كانت النتائج سلبية.
– إدخال التعديلات الممكنة في أي فترة مناسبة.
ج- عقود النجاعة:
إن عقود النجاعة عبارة عن عقود توقعها المؤسسات العمومية مع السلطات الوصية وكذا المصارف بعد تحقيق شروط معينة ناتجة عن تطبيق سياسات إصلاح داخلي تمكنها لاحقا من الحصول على نتائج حسنة…(1).
وتهتم هذه العقود غالبا بالجوانب الآتية:
– الابتعاد قدر المستطاع عن الانشغالات الثانوية للمؤسسات بهدف تخفيض التكاليف ومن
ثم التحكم في الدورات الاستقلالية للمؤسسة.
– إلزامية التزام كل طرف ببنود العقد (صرف الأموال، شروط العمل والإنتاج).
وتهتم هذه العقود بتحسين المستوى الإنتاجي للمؤسسة مع العمل على تحقيق بعض الأهداف الاستراتيجية مثل:
– توفير كل الطاقات البشرية والمادية للوصول إلى النتائج الموجودة.
– رفع مستوى الفاعلية.
– الاستخدام الأمثل للطاقات المتاحة.
– تخفيض تكاليف الإنتاج باستعمال تكنولوجيا عصرية.
– تحقيق التوازن المالي.
– الالتزام بتسديد الديون والمستحقات البنكية.
غير أن تحقيق هذه الأهداف يستلزم جهود كبيرة، ومتابعة ميدانية مستمرة، وذلك عن طريق مسيرين ذوي كفاءة عالية.
لقد كان القطاع العمومي في الاقتصاد الجزائري هو المهين دائما حتى أثناء الوضع الاحتكاري في بعض قطاعات النشاط الاقتصادي و من المعروف ان هذا القطاع قد تكفل بعدد من المهام في معركة تصنيع البلاد الا انه تجدر الاشارة لم يكن ناجعا لا من الناحية الانتاجية و لا من الناحية المالية.

عن الطبيعة العمومية للملكية مهينة كانتا مشكلة في أزمة الناجعة التي تشهدها هذا القطاع. لقد كانت المؤسسة تخضع للوزارة. و كان يشترط في المسير ان يكون وفيا سياسيا قبل ان يكون ناجعا تقنيا. ان الإنتاجية و المردودية المالية كانتا معيارين ثنائيين إذ الأهم كان يتمثل في تحقيق أهداف الخطة إذ الطبيعة العمومية للملكية فيما يخص معظم وسائل الإنتاج و النظام الثلاثي للدولة التي تعتبر في الاقتصاد مالكه و مسيرة و قوة عمومية قد عرقل عمل المؤسسة العمومية كشركة تجارية أي كمؤسسة اقتصادية ضعيفة بما تستلزم من متطلبـات لتصبح ناجعة (1). وهو ما نتج عنه:
– الاستعمال جد المحدود لقدرات الانتاجية المتوفرة.
– نقص إنتاجية العناصر.
– تسيير غير فعال للمؤسسات.
إن تجربة إعادة الهيكلة العضوية للمؤسسات التي شرع فيها في بداية الثمانينات و التي لم تعد النظر في نظام المالك المهين إن لم نقل الوحيد الذي كان للدولة على المؤسسة لم تكن مشجعة لتحقيق الهدف الذي كانت ترمي اليه تلك التجربة و هو تكثيف التشجيع الصناعي، بل أدى بالعكس الى تفكيك الجهود و قد نتج عنه التبذير و الكثير من التكرار في الاعمال (2).
و من جهتها فان الاصلاحات التي شرع فيها في نهاية عشرية الثمانينات و المتعلقة باستقلالية المؤسسة العمومية لم تؤدي الى انعاش النمو و ذلك بسبب نقص الموارد المالية التي ميزت نهاية تلك العشرية و بداية عشرية التسعينات و كذا بسبب قانون اقتصادي مازال جد صلبا (3).

المطلب السادس: شركات تسيير المساهمات
يهدف التنظيم الجديد الذي جاء تبعا لحل الشركات القابضة إلى:
– وضع إطار تشريعي يضمن السير الحسن لاستراتيجية تسيير مساهمات الدولة، ويسهر على عملية خوصصة المؤسسات العمومية.
– تدعيم قدرات الدولة مع ممارسة دورها كمالك ومراقب للمؤسسات العمومية وفتح رؤوس الأموال وخوصصتها.

– ترسيخ استقلالية تسيير المؤسسات العمومية الاقتصادية.
– التلاؤم مع برنامج الخوصصة، بشكل يسمح بالاستفادة من جميع الفرص التي توضع أمام الاقتصاد الوطني.

II- محتوى التنظيم:
أدخل هذا التنظيم معايير جديدة لممارسة حق الدولة في ملكية المؤسسات العمومية الاقتصادية. ومن ثم يضع حد للتناقضات الموجودة حاليا فيما يخص عملية خوصصة المؤسسات العمومية.
ومن ثم فإن التنظيم الجديد يضع مخططا أكثر دقة وأكثر صرامة خاصة فيما يتعلق بالجهاز التنفيذي ومن هذا المنطق فهو يكلف.
1.مجلس مساهمات الدولة بوضع التوجهات الكبرى، وتبني استراتيجية فيما يخص تسيير مساهمات الدولة ووضع برنامج تنمية وخوصصة وتعيين أعضاء الجمعية العامة للمؤسسات العمومية الاقتصادية.
2.يكلف الوزير المعني بالتعاون مع الجهات الأخرى المعنية بوضع استراتيجيات التسيير وتبليغها لمجلس المساهمة من أجل المصادقة عليها.
أما الجديد في التنظيم فهو
– بتوسيع مجال الخوصصة ليشمل جميع النشاطات الاقتصادية القابلة للتنافس، أما من حيث الشكل فيمكن أن يكون ذلك عن طريق فتح رؤوس الأموال أو التخلي عن الأصول بصفة كلية.
– تعهد المالكين الجدد بتحديث المؤسسة.
– الاحتفاظ بنسبة معينة من العمال.
– الحفاظ على نشاط المؤسسة.
– احترام قوانين المنافسة.
– استفادة العمال من10% من رأس مال الشركة.
– مع تخفيض قد يصل إلى 15% من سعر التنازل.
أما مراقبة عملية الخوصصة فقد نصب التنظيم الجديد هيئة مراقبة تسهر على السير الحسن لعملية الخوصصة.

المبحث الأول:المؤسسة و المحيط
المطلب الأول: المحيط المباشر
المطلب الثاني: المحيط غير مباشر

المبحث الثاني:الآثار المتبادلة بين المؤسسة و المحيط
المطلب الأول:تهيئة المحيط
المطلب الثاني:آثار المحيط على المؤسسة
المطلب الثالث:آثار المؤسسة على المحيط
المطلب الرابع:المؤسسات العالمية و تأثيرها على المؤسسات الجزائرية

المبحث الأول: مكونات المحيط.
إن المؤسسة الاقتصادية ليست بمعزل عن العالم الخارجي المتواجدة فيه، فنشاطها يتمركز وسط محيط اقتصادي وجغرافي معين وفي فترات زمنية مختلفة كل واحدة منها تتميز بخصائص معينة.
فأداء المؤسسة يتأثر بمجموعة من العوامل المختلفة والمتشابكة(1) ويأخذ هذا المحيط أبعاد متعددة، منها ما هو اقتصادي ومنها ما هو سياسي واجتماعي وثقافي.
ويتميز كل عامل بخصائص معينة تميزه عن العوامل الأخرى، فهو يتأثر بها ويؤثر فيها بشكل تبادلي، وتتأثر المؤسسة الاقتصادية بنوعين من العوامل:
1.عوامل داخلية.
2. عوامل خارجية.
شكل.1.

– البيئة السياسية. – العنصر البشري.
– البيئة القانونية. – الإدارة.
– البيئة الاقتصادية. – التنظيم.
– البيئة الاجتماعية. – طبيعة العمل.
– بيئة العمل.
– العوامل الفنية.

أما الشكل الموالي (رقم 02) فيوضح كيفية التعامل والتفاعل بين المؤسسة ومحيطها.

شكل .02.

لمرجع: ناصر دادي عدون، مرجع سابق، ص 82

أم من حيث المعنى فقد وردت تعاريف متعددة تحاول إعطاء توضيحات حول معنى محيط المؤسسة ومن هذه التعاريف:

1.ما يراهDill من أن محيط العمل الخاص بالمؤسسة هو ذلك الجزء من المحيط الإداري الذي يلائم عملية وضع وتحقيق الأهداف الخاصة بالمؤسسة ، ويتكون هذا المحيط من خمسة مجموعات من المتعاملين ، هي الزبائن والموردين والعاملين والمؤسسات المنافسة ، بالإضافة إلى جماعات الضغط والتأثير كالحكومات وإتحاد العمال وغيرها(1).

أما التعريف الثاني فيرى صاحبه P.Filho أن المحيط الذي تعمل فبه المؤسسة ينطوي على ثلاثة مجموعات من المتغيرات : المجموعة الأولى تضم متغيرات على المستوى الوطني مثل العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، أما المجموعة الثانية فهي متغيرات تشغيلية بكل مؤسسة ، ترتبط بمجموعة من المتعاملين معها ، مثل الهيئات والتنظيمات الحكومية الإدارية والمؤسسات المتعلقة بمحيط المؤسسة الداخلي من عمال ومديرين وغيرهم(2).

المطلب الأول: المحيط المباشر (العوامل الداخلية).

ويتكون المحيط المباشر للمؤسسة من مجموعة من العوامل التي تتفاعل وتؤثر في المؤسسة ونذكر منها:

1.العنصر البشري:
وهو أهم عنصر في المؤسسة إذ يعتبر الإنسان وسيلة وهدف لكل جوانب عملية الإنتاج ، فجودة الإنتاج وارتفاع مردودية المؤسسة تتوقف على مدى مهارة العنصر البشري.

وهذا ما يدفع بالمؤسسة إلى محاولة جلب كل من لديه القدرة والمهارة على التأثير في العملية الإنتاجية ، ويستلزم عن ذلك كشرط ضروري إعطاء الفرد البشري الأهمية المادية اللازمة والعناية المعنوية الضرورية بهدف تحسيسه بروح المسؤولية .

2.الجهاز التسييري:
إن فرض هذا العنصر نفسه من خلال عملية التخطيط والتنظيم والتنسيق بين مختلف فروع المؤسسة ومصالحها سيعطي دفعا قويا لجميع النشاطات ، وتزداد الكفاءة والفعالية والعكس صحيح أيضا، فأي ضعف للإدارة في دعامة من دعاماتها سيكون سببا في عجز ونقص الإدارة ككل.

3.بيئة العملتعليم_الجزائر1)
توجد عناصر عديدة تحيط بالفرد أثناء أدائه لوظيفته ، وما يعرف بمكونات البيئة الداخلية من علاقات اجتماعية تنظيمية أفقية ورأسية ، كنظام الحوافز والاتصال والعلاقات ، والأجور أو ما يسمى بالعوامل المنظمة التي لها تأثير بالغ الأهمية على السلوك الأدائي للعنصر البشري.

4. العامل التكنولوجي:
إن الأجهزة والمعدات التي تمتلكها المؤسسة تؤثر إلى درجة كبيرة في العملية الإنتاجية ، إذ تحيط بهذا العامل بعض العناصر الواجب توفرها حتى تكون له الفعالية المطلوبة ومنها:
– التحكم في الأجهزة التكنولوجية.
– الصيانة المستمرة للمعدات.
– توفير قطع الغيار في الوقت المناسب.

– 5.النظام القانوني:
ويحدد هذا العنصر الحقوق والواجبات على العمال وعلى المؤسسة ، ولمختلف المتعاملين الاقتصاديين مع المؤسسة ، إذ الاتصاف بالمرونة مع المتغيرات الظرفية للقوانين يعطي أكثر كفاءة ومردودية ويساعد كثيرا على جلب أكبر عدد من الزبائن.
المطلب الثاني: المحيط الغير المباشر.
ويتكون من جميع العناصر التي تحيط بالمؤسسة ولها تأثير على أداء وفعالية المؤسسة ومنها:
1.النظام الاقتصادي والبيئي:
ويشمل على مختلف العمليات والأنشطة الخارجية المساعدة على عملية الإنتاج والاستغلال ، من موارد طبيعية وتوفر المعلومات الاقتصادية من أجل إتمام العملية الاقتصادية ولعل أهم هذه العناصر كما يوضحها الدكتور علي عبد الله كما يلي:
– الإطار العام للاقتصاد (اقتصاد اشتراكي موجه ، أو اقتصاد رأسمالي حر ).
– السياسات المالية والنقدية.
– الإنفاق الحكومي.
– الأسواق المالية ومدى مرونتها.
– مرونة النظام البنكي.
– الاستقرار الاقتصادي.
– التغيرات الاقتصادية في مجال الأسعار ، العملة…

2. النظام الثقافي :
إن المعايير الثقافية التي تحكم مجتمع تؤصل فيه قيما وسلوكات حضارية، فالإنسان سلوكه وثقافته في تفاعل مستمر مع المؤسسة وما تقدمه من منتوجات، فالذوق الثقافي الراقي يتطلب إشباع رغبات من نوع خاص، وبذلك فهو يدفع بالمؤسسة إلى تلبية تلك

الرغبات. إن تقاليد مجتمع وقيمه وفلسفته في الحياة، ودينه كلها عناصر ينبغي احترامها، وهو يمثل بذلك فضاء يجب احترامه وهدفا يستلزم بلوغه.
3. النظام السياسي الاجتماعي:
وهو العنصر الذي تحدد فيه وتبنى عليه العلاقات بين الأفراد والعلاقات بين المواطن والسلطة. إن طبيعة النظام السياسي والاستقرار السياسي والقوانين التشريعية
كلها قيود تبني المؤسسة على أساسها سياستها الاقتصادية، فهي تؤثر فيها بصفة مباشرة.
4. النظام العلمي والتقني:
هذا النظام إنما هو مجموعة القوانين والتطبيقات التي تحث على خلق وتطوير المعارف وتنجم عنها بذل مجهودات علمية من أجل البحث والتنمية.
إن الاهتمام بهذا الجانب يدخل على المؤسسة أحدث التقنيات والتطبيقات الجديدة، وهو ما يدفع بالمؤسسة من تحسين أدائها وفعاليتها وارتفاع مردوديتها.
فإذا كان هذا هو المحيط فما هي الأسباب التي تدفع إلى الاهتمام به؟ وما هي الدوافع التي جعلت المؤسسة تعطيه كل هذه الأهمية؟ وما هي أهمية دراسة المحيط من طرف المؤسسة؟
وللإجابة على هذا السؤال سنورد فيها بعض الأسباب التي يراها بعض الخبراء والاختصاصيين كدوافع لاهتمام المؤسسة بمحيطها، ومنها:
– لا تعيش المؤسسة بمعزل عن العالم الخارجي فهي تنمو في وسط مليء بالعناصر التي تتفاعل معها، مثل الأسواق، الإدارات، المؤسسات الأخرى…
– تنوع القيود الثقافية والاجتماعية والسياسية واختلاف العادات والتقاليد.
– تطور الأسواق الكبير وارتفاع الأذواق، والاحتكاك الموجود بين الأمم.
– استعمال المؤسسة لموارد المحيط المختلفة.
– تأثر أفراد المؤسسة من عمال ومسيرين بالعوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المحيطة بهم.
فلهذه الأسباب ولأخرى تسعى المؤسسة إلى أن تكون في تواصل مستمر مع المحيط ومع التغيرات التي تحدث فيه، حتى تواكبها وتلبي بالتالي حاجيات المجتمع المتزايدة من جهة وتبقي لنفسها مكانة مرموقة في السوق.
فإذا كانت هذه هي الأسباب وهذا هو المحيط وهذه هي مكوناته فهل احترمت المؤسسة العمومية الاقتصادية الجزائرية محيطها؟ وهل تفاعلت معه حتى تضمن وجودها على الساحة؟
وتكون الإجابة عن تلك الأسئلة عن طريق الملاحظات الآتية:
– معدل استخدام الطاقات الإنتاجية لم يصل إلى المستوى المطلوب إلا في الحالات النادرة، وهو ما يوضحه الجدول الآتي:
1969 1973 1977 1978
– الشركة الوطنية لمواد البناء (SNMC) 85,96% 81,89% 96% 52,76%
– الشركة الوطنية للخشب والفلين (SNLB) 47,2 82 90,1
الشركة الوطنية للصناعات الغذائيةSN Sempac 63,2 76,6 78,6 79,6
– الشركة الوطنية والمواد الدسمة Socidta 55,4 77,4 77,2 78,8
– الشركة الوطنية للتبغ والكبريت SNTA 100 87,4 80,7 59,9
– الشركة الوطنية للصناعات النسيجيةSonitex 77,5 84,4 86,1 98,4
– الشركة الوطنية للصناعات الجلديةSonipec 87,9 75,1 73,1
– الشركة الوطنية للصناعات الكيمياوية SNIC 67,1 47,1 70,4 72,9
– الشركة الوطنية للصناعات السيلولوزية Sonic 62,5 94,2 77,3 82,9
– الشركة الوطنية للمياه المعدنية الجزائرية EMA 87,5 45,2 51,7
المصدر :أحمد بن يعقوب مرجع سابق ص 168.

– نسبة تعطيل الآلات مرتفعة وذلك لتجاوز الآلات لعمرها الإنتاجي ، مع عدم توفير قطع الغيار المناسبة في الأوقات المطلوبة.
– نقص كفاءة العمال المسيرين وعدم إعطاء أهمية للتكوين ، وعدم إخضاع العمال لرسكلة دائمة ومستمرة.
– سوء التحكم في الآلات التكنولوجية المكتسبة حديثا وهو ما أثر على أداء الكثير من المؤسسات.
– عدم ملائمة القوانين التنظيمية والتحفيزية التي تساعد على إعطاء أكثر همة للعمال من أجل بذل جهدا أكبر.

مخطط يوضح المؤسسة ومحيطها

المصدر: Economie de l’entreprise
Les manuels de l’étudiant, page 36.

المبحث الثاني: الآثار المتبادلة بين المؤسسة والمحيط.
المطلب الأول: تهيئة المحيط
1. مسؤولية الدولة والقوى العمومية:
إن القوى العمومية لها مسؤولية كبيرة في تهيئة المحيط العام للمؤسسة العمومية الاقتصادية، وذلك بهدف إعطاء دفع جديد للمؤسسات وكذا تحرير القدرات الإبداعية المتاحة والمتوفرة، فأصحاب القرار لهم السلطة الكافية من أجل أخذ التدابير اللازمة لتهيئة المحيط القانوني والإداري والتنظيمي الذي يسمح للمؤسسات بالوصول إلى المستوى المطلوب من الكفاءة.

ومن أجل مساعدة القطاع الاقتصادي على القيام بتحولات عميقة، يجب مراقبة نتائج الطرق والميكانيزمات الموضوعة لأجل ذلك.(1)

أما فيما يخص تحرير الطاقات الإبداعية فهناك العديد من النقاط الهامة التي تساعد على تحسين المستوى التنافسي للمؤسسات خاصة في المجالات الآتية:
أ. الناحية القانونية:
إن تنظيم العمل تطور بصورة كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية، والسلطات العمومية لها دور كبير في هذا الميدان بإعطاء أكثر حرية للمسيرين وذلك بإصدار قوانين وخلق جو يسمحان بالتحكم في أدوات الإنتاج، والعمل على إيجاد القوى العاملة التي تؤثر مباشرة وإيجابيا في الإنتاجية.
ب. سياسة الأجور:
يجب أن تتماشى سياسة الأجور مع التغيرات الاقتصادية، فالعلاقة بين الأجور والنجاعة تسير في اتجاه واحد (طردي)، حتى يجد العمال والإطارات الحوافز اللازمة

والضرورية للقيام بأعمالهم ووظائفهم ، أما إن كانا لا يلتزمان فالإهمال سيكون سيد المؤسسة.

2. اختيار الرجال:
إن الاقتصاد الوطني لم يكن يوما منظما بصفة عقلانية ، بحيث يستعمل الموارد التي تصنع الأمم وتضمن مستقبلها ألا وهو الإنسان.

إن تاريخ الأعمال يوضح لنا ويعلمنا بأن معظم الجماعات التي صنعت مجدا أو هرما ماليا أو صناعيا ، وأن جل المؤسسات الاقتصادية التي خطت خطوات كبيرة في الميدان التكنولوجي والصناعي والمالي وبغض النظر عن استغلالها للإمكانيات المتاحة لها بعقلانية ، فإنها كانت تدير نفسها بطاقات بشرية مناسبة لنشاطاتها الاقتصادية.

إن أهم مرحلة في التقويم الاقتصادي للمؤسسات الاقتصادية ، تمر حتما باختيار واستخدام مسيرين جدد ، قادرين على تحمل مسؤولية التغيير. فمن النادر جدا أن يحدث تقويما صحيحا لمؤسسة اقتصادية ما أو قطاع ما بنفس المسيرين الذين ساهموا في تحطيم المؤسسة.

فالمسير الذي يحمل فكرة ما ولمدة طويلة يصعب تغيير ذهنيته ليصبح أكثر عقلانية وأوضح رؤية وأشمل استراتيجية.

إن علوم التسيير أصبحت أكثر دقة ، فقد أضحت تبتعد شيئا فشيئا عن ذلك الارتجال الذي أصبح الميزة الخاصة التي تسيطر على مؤسستنا الاقتصادية، ولذلك فإن أي تسيير استراتيجي يستدعي تحسين القدرات الإنسانية وتحفيزها، من أجل إعطاء إنتاج وفعالية أكثر وبغير هذا فإن الخسارة هي الأقرب. ومن هنا فإن غياب نظام شفاف لترقية المسيرين والعمال ، يمثل عقبة تقف في طريق الترقية الفعالة للمؤسسة.

إن برنامج التنمية يجب أن تعتمد على الكفاءات الإنسانية وعلى جميع المستويات من أجل تكون تناسبية ، وهذا ما لا نلاحظه في مؤسستنا الاقتصادية.

إن التعيين الإداري و السياسي للمسيرين ، وغياب أنظمة تقييم جادة هو أحد الأسباب التي تضمن فشل كل سياسة اقتصادية ، وهو ما يؤدي في النهاية إلى بقاء البلاد في صف الدول المتخلفة.
3. التكوين:
إن إشكالية التكوين المتواصل تطرح بصفة جادة وعلى جميع المستويات في المؤسسات الاقتصادية إذ لا يمكن مواكبة عولمة الاقتصاد والتحولات المتسارعة في الميدان التكنولوجي ، ولا يمكن إعطاء نفس جديد ومتجدد للمؤسسة دون تكوين متواصل سواء كان قصيرا أو طويل المدى. فالتجربة التي لا تتجدد بمعطيات العصر تصبح عديمة الجدوى.
إن معظم المؤسسات العمومية الاقتصادية التي تعاني من ضعف التسيير هي مؤسسات اقتصادية لا يعطي مسؤولوها أهمية للتكوين ولتجديد المعارف.
4. التحفيز:
إن أكبر مشكل تقع فيه الكثير من المؤسسات العمومية الاقتصادية هو مشكل تقديم تحفيزات مادية ومعنوية لعمالها إذ تتدخل في هذا الجانب خاصة في المؤسسات العمومية الاقتصادية عوامل غير موضوعية في عملية التحفيز غير مردودية العمال وإمكاناتهم الشخصية وعملهم المبذول.

لذلك فإن أي تحفيز وأي ترقيه لا يعتمد على معيار المردودية سيكون غير فعال ولن يكون له عواقب إيجابية مع المؤسسة لأنها ستؤثر سلبا على باقي العمال، وبالتالي على مستوى المؤسسة ككل.

المطلب الثاني: آثار المحيط على المؤسسة.
أ- التأثير التكنولوجي:
إن الآلات والمعدات التي تستعملها المؤسسة العمومية الاقتصادية لها من التأثير ما يساهم بدرجة كبيرة في العملية الإنتاجية ويتوقف ذلك على عدة شروط منها:
– مستوى تطور الآلات والمعدات.
– ملاءمة التقنيات المستعملة.
– تخفيض نسبة العطالة (الآلات والمعدات) إلى أدنى درجة ممكنة.
– إدخال الإصلاحات الضرورية عليها في الوقت المناسب.
– توفير قطع الغيار.
إن المحيط تزداد فيه حدة المنافسة، لذلك وجب على المؤسسات العمومية الاقتصادية استخدام كامل طاقاتها والحفاظ عليها.
ب. الأثر الإنساني:
إن محيط المؤسسة بصفة عامة يتكون من عناصر متعددة لا نستطيع أن نرتب أهميتها في العملية الإنتاجية من حيث الأهمية إلا عنصرا واحدا وهو الإنسان، إذ يلعب في هذه الحياة الدور الأول، لأن كل شيء في الدورة الإنتاجية يرتبط بوجوده وبقدراته وبتكوينه وثقافته. فالعامل بمهارته وقدرته يؤثر إيجابيا في السلع التي ينتجها عن طريق الآلات والمعدات التي يعمل عليها، وهي تتوقف على مدى مهارته، هذه المهارة التي يكتسبها من خلال التكوين المتواصل والتعليم الجيد.
إن الاهتمام بالإنسان كعنصر فعال في الحياة الاقتصادية معنويا وماديا سيكون له الفعالية اللازمة في عملية رفع الإنتاج، فهو بذلك:
– يساهم في عملية رفع الإنتاج.
– تحسين نوعية السلع.

– يحافظ على المعدات والآلات من الخراب والتعطيل.
كما يساهم في التأثير على المؤسسة من خلال ما يستهلكه من سلع وخدمات. فالثقافة الاستهلاكية لدى الإنسان تؤثر بصفة مباشرة على المؤسسة ومستغليها، وإذا كان الفرد يميل أكثر إلى السلع والمنتجات الأجنبية فإن المؤسسات المحلية ستلاقي صعوبات في تصريف منتجاتها إلى حد الإفلاس والعكس صحيح، فكلما كان استهلاك المواد المحلية التي يجب أن تكون في المستوى كبيرا فإن ذلك سيساهم في توسيع المؤسسة لنشاطاتها ومن ثم إمكانية توظيف عدد إضافي من العمال.
ج. الاستغلال العقلاني للمواد الأولية:
إن التموين غير المنتظم بالمواد الأولية التي تحتاجها المؤسسة في عمليتها الإنتاجية يساهم بدرجة كبيرة في نسبة التعطلات التي تقع فيها معظم المؤسسات التي لا تخطط لأجل ذلك. إذا أصبحت هذه العملية مهمة للغاية في الاقتصاديات المعاصرة، وتتوقف على مدى مهارة مسيريها.
إن الاستغلال العقلاني والمحكم لهذه المواد عن طريق تسيير علمي للمخزون سيكون له الأثر الإيجابي في تموين المؤسسة بما تحتاجه في الوقت المناسب.
ومن جهة أخرى ما يلاحظ على مؤسساتنا هو ذلك التموضع الجغرافي الذي لا يراعي وجود المواد الأولية، فتواجد المؤسسة بعيدا عن مكان الموارد الطبيعية، المواد الأولية يزيد من تكلفة السلع والمنتجات، وهذا لا يسمح بتصريفها في السوق نظرا لأسعارها الباهضة الثمن بالمقارنة مع السلع الأخرى لمؤسسات مماثلة تراعي هذا الجانب.
المطلب الثالث: تأثير المؤسسة على المحيط.
إن تواجد المؤسسة الاقتصادية داخل حيز يجعل منها عنصرا يؤثر في ذلك المحيط ويتأثر به ويتفاعل مع مكوناته وذلك عن طريق ما تطرحه لهذا المجتمع من خدمات وسلع. ومن الآثار التي تخلفها المؤسسة على المحيط مايلي:
1. مناصب العمل:
إن أهم المشاكل الاقتصادية الكبرى التي تعاني منها المجتمعات وخاصة المتخلفة منها البطالة. فدور المؤسسات الاقتصادية تعمل حسب قدراتها من توفير مناصب عمل

وتعمل على تقليص مستوى البطالة، والحالة العكسية صحيحة دائما. إذ أن إفلاس المؤسسات وتصفيتها أو عجزها (جزئيا أو كليا) سيؤثر سلبا على مستوى البطالة، إذ تسريح العمال يزيد من عدد البطالين وتزداد هذه الحالة تعقيدا في المجتمع الذي يدخل إصلاحات اقتصادية على مؤسساته سواء بإعادة هيكلتها أو خوصصتها.

2. تأثيرات جانبية:
إذا ما قلصت المؤسسة من عدد بطالي المجتمع فإن ذلك يعني ارتفاع في استهلاك السلع والخدمات التي تقدمها المؤسسة وذلك بارتفاع كتلة الأجور التي تغير من طريقة معيشة السكان فتصبح أكثر استهلاكا وبالتالي تصبح المؤسسة أكثر مبيعا.
3. التأثير الاقتصادي:
تعتبر المؤسسة نواة أي اقتصاد، إذ يعتبر إنشاء المؤسسات عنصرا فعالا في تحريك عجلة الاقتصاد ككل وذلك بإنشاء مجمعات سكنية حولها ومنشآت خدماتية وعلمية (الحجار). ومن جهة أخرى فهي تساهم في عملية التكامل الاقتصادي للمجتمع، وذلك عن طريق التبادل الذي ينجم عن طريق تبادل السلع بين المؤسسات إذا تستعمل بعض المؤسسات منتجات نصف مصنعة لمؤسسات أخرى لتتحصل على منتوجها النهائي.
المطلب الرابع: المؤسسات العالمية وتأثيرها على المؤسسات الجزائرية.
أ – صندوق النقد الدولي:
تظهر أولى تأثيرات المحيط الخارجي على المؤسسات العمومية الاقتصادية الجزائرية والاقتصاد الوطني من خلال شروط صندوق النقد الدولي والبنك العالمي ، حيث تم توقيع اتفاق بين الطرفين سنة 1988 وبموجبه تلتزم الجزائر بإحداث برنامج إصلاح كبير ، ويتضمن:
– تحرير أسعار بعض المواد المدعمة من طرف الدولة مع التزامها برفع الدعم في أجل أقصاه سنة.
– تخفيض قيمة الدينار سنة 1991م .
وبعد ذلك جاء اتفاق ستاندبايي سنة 1994م على إثر عدم احترام الجزائر للاتفاقية السابقة، ومما جاء فيه:
1. تخفيض قيمة الدينار.
2. تحرير التجارة الخارجية.
3. تحرير الأسعار.
4. تحسين الشبكة الاجتماعية لذوي الدخل المحدود ( وقد كان ذلك مصاحبا لتسريح العمال).
5. تخفيض عجز الميزانية عن طريق وضع سياسية نقدية ومالية محكمة.
أما تأثير ذلك فكان بالإيجاب والسلب على المؤسسات الاقتصادية:
فمن الناحية الكلية تم تسجيل ارتفاع في الناتج الداخلي الخام خارج قطاع المحروقات ، وانخفاض نسبي في التضخم كما تم تسجيل تحسن في عجز الميزانية.
ومن ناحية فقد أثر بالسلب على كثير من المؤسسات العمومية الاقتصادية وذلك عن طريق تخفيض قيمة الدينار وتحرير التجارة الخارجية ، إذ زاد ذلك من التكلفة وارتفاع الديون الخارجية للمؤسسات العمومية الاقتصادية ، التي أصبحت مضطرة لتسريح عدد كبير من العمال .
أما المرحلة الثانية والتي أثرت كثيرا في مستقبل المؤسسات العمومية الاقتصادية فهي إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي في 22 ماي 1995. وهذا الاتفاق ينص على مايلي:
– تحرير الأسعار كليا ، وكذا تحرير التجارة الخارجية .
– إعادة هيكلة القطاع المالي.
– إعادة هيكلة المؤسسات العمومية الاقتصادية الكبرى وكذا المؤسسات الاقتصادية المحلية.
– كما ينص الاتفاق على وضع إطار قانوني يسمح بخوصصة المؤسسات العمومية.
وكان الهدف من وراء ذلك هو ابتعاد الدولة عن التدخل في الحياة الاقتصادية.
ومن خلال ما تقدم يتضح لنا أن المؤسسة العمومية الاقتصادية والاقتصاد الوطني بصفة عامة تأثر كثيرا بالمحيط الخارجي، وبالعوامل الخارجية إذ أصبح مستقبل المؤسسات العمومية الاقتصادية موجهة وبصفة تقريبا لا إرادية ، وذلك بحكم الظروف الخارجي التي ذكرناها ، وبحكم التغيرات الداخلية وخاصة السياسية التي كانت موجودة ابتدءا من عام 1988.

ب- المنظمة العلمية للتجارة:
يعتبر انضمام الجزائر إلى المنظمة العالمية للتجارة إمدادا لتلك الاتفاقية المبرمة مع صندوق النقد الدولي وذلك بغرض تثبيت وتعديل الجهاز الاقتصادي الجزائري.
هذه الاتفاقية تكرس مبدأ التجارة وإلغاء الحواجز التي تعيق انتقال السلع والخدمات بين مختلف البلدان التي تنظم هده المنظمة فهي تسمح باستمرار دوران عجلة الإنتاج وضمان تراكم القيم المضافة وتحقيق النمو الاقتصادي( التوسع في الاستثمار، إيجاد فرص العمل…) لصالح الدولة القوية، أما بالنسبة للبلدان النامية فإن المنتوج الصناعي و الخدمي لها لا يمكن له وفي كثير من الأحوال منافسة نظيره الأوربي والأمريكيين وذلك لاعتبارات متعددة ومعروفة وهذا ما جعل أسواق البلدان النامية تستقبل المنتوج الأجنبي بدون تسعيرة جمركية، وتعجز عن إرسال ما يعزز جهازها الإنتاجي من المخرجات وذلك لأسباب عديدة منها:
– تكاليف الإنتاج المرتفعة.
– غياب مقاييس الجودة.
– استيراد المواد الأولية.
– المصاعب التقنية.
– ضعف مستوى التأهيل.
فهذه العلاقة التجارية غير المتكافئة تكرس عجز ميزان المدفوعات وتعمق التبعية الاقتصادية، وتزيد في عجز المؤسسات الاقتصادية.
إن سياسة المنظمة العالمية للتجارة في المجال الاستشارة مس بالسادة الوطنية وتهديد حقيقي للمؤسسات الاقتصادية المتوسطة منها الصغيرة، كما هي تهديد حقيقي للزراعة في البلدان الفقيرة لذلك كان لابد من إعطاء حقوق التجارية خاصة للبلدان المختلفة. من أجل أن تأخذ موقفا من المنظمة العالمية للتجارة ومن التجارة الدولية. لأن بدون تلك الحقوق الخاصة لن تتمكن الدولة المختلفة من جني أي ثمار من المبادلات الدولية بل على العكس ستفقد الكثير من المؤسسات الاقتصادية لحيويتها ونشاطها وهو ما يؤثر المجتمع بكامله.

ومن أجل هذا يجب أن نحفظ حقوق العمال وفي جميع أنحاء العالم، وهذا أولا وقبل كل شيء عن طريق مسح الديون من طرف البنك العالمي والصندوق النقد الدولي حتى تتمكن الدول المختلفة من استعمال رؤوس أمولها في الاستثمارات جديدة تعود بالفائدة و المر دودية على بلدانهم.
ولعل أكبر مثال يوضح لا إنسانية المنظمة العالمية التجارة من خلال ما يطلق عليه حاليا اسم العولمة هو مجال الصحة.
فأغلب المرضى الموجودون في البلدان المختلفة(وخاصة مرضى الإيدز) وأغلب منتجي الدواء في أوربا وأمريكا والمشكل يكمن هنا في أسعار الدواء الباهضة التي ليست في متناول الكثير من البلدان الفقيرة وهذا بدعم من المنظمة العالمية للتجارة التي وقعت اتفاقا في سنوات التسعينيات وتحت ضغط كبار منتجي المواد الصيدلية في العالم تحمي بموجبه حقوق الملكية ولمدة لا تقل عن 20 سنة.
وهذه الحقيقة أجبرت المنظمة العالمية للصحة على التنديد بهذا الموقف للمنظمة العالمية للتجارة واعتبرته رمزا من رموز الاحتكار.
إن المنظمة العالمية للتجارة في حقيقة الأمر ما هي إلا وجه من أوجه الاحتكار المنظم ولكن في صبغة قانونية معترف بها. إن المنظمة التي تسمح لنفسها بالمتاجرة اللاإنسانية لا يمكن أن تنتظر منها أن تنفق علينا و تعطينا أموالا تعود بالفائدة علينا.
إن تطبيق الإجراءات إعادة الهيكلة و الخوصصة و ما نتج عنها من غلق المصانع وتسريح للعمال جعل من القطاع الصناعي العام قطاعا هشا، إضافة إلى قطاع خاص حديث وقليل الخبرة أحيانا أخرى. كذلك يجعل المنافسة التجارية شرسة وغير متكافئة لصالح البضاعة الأجنبية وذلك بالرغم من الامتيازات التي تحصل عليها الجزائر بعد توقيع اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوربي(1).

(1) سليمان ناصر: مجلة الباحث، ص86، عدد 01/2002.

المبحث الأول:الخوصصة في الجزائر
المطلب الأول:مفهوم و دواعي و أهداف الخوصصة
الطلب الثاني: عقبات وآثار الخوصصة

المبحث الثاني:مشاكل و شروط و طرق الخوصصة
المطلب الأول:المشاكل التي تعترض الخوصصة
المطلب الثاني:الشروط الضرورية للخوصصة
المطلب الثالث:طرق وتقنيات الخوصصة
المطلب الرابع:أرقام و دلائل عن الخوصصة في الجزائر

المبحث الثالث: الخيارات المستقبلية الأخرى
المطلب الأول:مبررات البقاء
المطلب الثاني:الشراكة

المبحث الأول: الخوصصة في الجزائر.

تمهيد:
في ظل الظروف الصعبة التي أصبحت تعيشها المؤسسات العمومية الاقتصادية والمتميزة بالعجز المستمر في ميزانيتها ، في ظل الوضعية الخانقة التي أصبح يعيشها الاقتصاد الوطني من جراء انخفاض أسعار البترول. لم يكن بإمكان خزينة الدولة تحمل أعباء مالية إضافية ، ورغم الإصلاحات المتعددة التي مرت بها المؤسسات العمومية الاقتصادية لفترات طويلة ( إصلاحات هيكلية ومالية) إلا أنها لم تستطع مواكبة المتغيرات ولم يكن في مقدورها تحسين وضعيتها الاقتصادية والإنتاجية.

حالة المؤسسات أجبرت المسؤولين على التجاوب مع متطلبات المرحلة الداخلية منها والخارجية ،فكانت توصيات صندوق النقد الدولي والبنك العالمي كلها تصب في إعادة النظر في الكيفية التي يسير بها الاقتصاد الوطني وذلك عن طريق إعداد برامج تثبيت وبرامج تصحيح لمعالجة تلك الإختلالات المالية.
وكان الهدف من وراء ذلك الدخول في مرحلة جديدة ، هي مرحلة اقتصاد السوق، الذي يتطلب إعادة النظر في ملكية وسائل الإنتاج.
فالإصلاحات الجديدة تصب في إعداد المؤسسات العمومية الاقتصادية من جميع النواحي بهدف خوصصتها ونقل ملكية وسائل الإنتاج إلى القطاع الخاص ، هذا مع بقاء الدولة كمنظم ومراقب في إطار القوانين لهذه المرحلة ومابعدها.

المطلب الأول: مفهوم ودواعي وأهداف الخوصصة.
I.مفهوم الخوصصة: لقد تم تعريف الخوصصة على أنها تحويل للملكية من القطاع العام إلى القطاع الخاص. غير أنه يمكن إيراد بعض المفاهيم و المصطلحات الواردة في هذا
المجال وعلى سبيل المثال نجد أن:

1. الخوصصة تعني توسيع الملكية الخاصة ومنح القطاع الخاص دورا متزايدا داخل الاقتصاد ، ويتم ذلك من خلال قيام الدولة بتصفية القطاع العام كليا أو جزئيا عن طريق عقود الإيجار ومنح الامتيازات ، كما أن التوسع للملكية الخاصة ، يشير إلى عدم الخروج المفاجئ للقطاع العام من النشاط الاقتصادي، وإنما يشير إلى انخفاض لنصيب الدولة نسبيا وذلك بزيادة نصيب القطاع الخاص(1).
2. كما يعرفها آخرون على أنها تلك العملية التي يترتب عنها انتقال ملكية وسائل الإنتاج من القطاع العام إلى القطاع الخاص أو يتنازل القطاع العام عن تسيير هذه الوسائل لفائدة القطاع الخاص ، ويمكن اعتبار الخوصصة في الحالة الأولى خوصصة الملكية والثانية خوصصة التسيير.
3. وتعني في القانون الاقتصادي ذلك التحول من الملكية العامة لصالح أشخاص طبيعيين أو معنويين تابعين للقطاع الخاص، وهذا التحول في الملكية يعني تحول كل الأصول المادية أو المعنوية في مؤسسة عمومية أو في جزء منها أو في تحويل تسيير المؤسسات العمومية إلى
أشخاص طبيعيين أو معنويين تابعين للقانون الخاص بواسطة صيغ تعاقدية نجد فيها كيفيات تحويل التسيير وممارسة شروطه(2).
كما يعرفها ” نيكولاس آديتوبارليتا” وهو مدير المركز الدولي للنمو على أنها عبارة عن عقد أو بيع خدمات أو مؤسسات تسيطر عليها أو تمتلكها الدولة إلى أطراف من القطاع الخاص.
4. الخوصصة هي مجموعة من السياسات المتكاملة التي تستهدف اعتماد أكبر على آليات السوق ومبادرات القطاع الخاص و المنافسة من أجل تحقيق أهداف التنمية و العدالة الاجتماعية(3).

5. الخوصصة تعني الرغبة في التخلص من الاقتصاد الاشتراكي ، باعتبارها فلسفة اقتصادية واجتماعية بدأت تتقلص نظير التحول نحو اقتصاد السوق ومواكبة النظام العالمي الجديد(4).

ومنه يمكن أن نستخلص أن مفهوم الخوصصة يرتبط بنقاط عديدة ومتعددة يمكن حصرها فيما يلي:
– التحول الكلي أو الجزئي لوسائل الإنتاج من القطاع العام إلى القطاع الخاص.
– تحرير السوق من الاحتكارات العامة والسماح بدخول القطاع الخاص منافسا حقيقيا
للقطاع العام في كافة الأنشطة.
– تحديد دور الدولة ومكانتها في الاقتصاد.
– تحرير التجارة الخارجية.
II- دواعي الخوصصة:
إن مبررات ودواعي الخوصصة في الجزائر – كسائر البلدان النامية- إنما هي نتيجة عوامل عديدة، إذ ليست خيارات اقتصادية فحسب، بل هي حتمية خارجية مفروضة من المحيط الاقتصادي العالمي، فهي بذلك تلغي ذلك الاعتقاد الذي ساد طويلا من أن الملكية العامة هي التي تضمن النمو الاقتصادي، فالواقع في العالم أثبت أن الملكية الخاصة لها من الكفاءة والقدرة ما يعطي نموا اقتصاديا هائلا.
ويمكن تقسيم دواعي ومبررات الخوصصة إلى قسمين:
1. دوافع ومبررات داخلية.
2. دوافع ومبررات خارجية.
1. المبررات الداخلية:
هناك دوافع داخلية عديدة فرضت نفسها وأدت إلى وجوب تحويل الملكية إلى القطاع الخاص، ومنها:
أ. دافع الفعالية الاقتصادية:
إن غياب الفعالية الاقتصادية وانخفاض الربحية لدى المؤسسات العمومية الاقتصادية أدى إلى عدم تحقيق النجاعة لديها، فالجزائر عانت كثيرا في هذا الصدد

، ووجدت صعوبات كبيرة في تحقيق كفاءة مؤسساتها والتي كان سببها الوضعية المالية الصعبة رغم التطهير المالي الذي استفادت منه الكثير منها.

ب. عجز ميزانية الدولة:
إن ضعف المردودية الذي عانت منه المؤسسات العمومية الاقتصادية، استوجب كما وضحنا تدخل الدولة لتقديم إعانة مالية لها وبصفة متكررة، لأنها ولفترات طويلة كانت الدولة تستعمل المؤسسات الاقتصادية كوسيلة دعم للمنتج وللمستهلك، وهو ما أثر سلبا على الموارد المالية للخزينة العمومية.

ت. تدهور الحالة الاقتصادية ولها أسباب متعددة منها:
غياب المنافسة: فالمؤسسات العمومية مارست ولمدة طويلة مبدأ الاحتكار الذي قضى على طموحاتها والذي أدى إلى عدم النجاعة.
ث. انعدام فعالية أجهزة مراقبة تسيير عمليات المؤسسات العمومية الاقتصادية، والناتجة أساسا من التعقيد الحاصل من الهياكل الإدارية، وكذا تعدد الإجراء وتنوع مجالات التدخل.(1)

ج. ظاهرة العناد والبيروقراطية التي عمت معظم المؤسسات العمومية، إذ يعتبر الفساد أكبر عائق للتنمية والتقدم وأوسع قناة لضياع الموارد.(2)

. المبررات الخارجية:
بالإضافة إلى المبررات الداخلية، هناك مبررات خارجية ساهمت في حد كبير إلى وجوب تحويل ملكية وسائل الإنتاج إلى القطاع الخاص ومنها:

أ. المؤسسات المالية العالمية والخوصصة:
إن المنظمات المالية العالمية تؤثر بصورة واضحة ومباشرة على البلدان النامية. فمقابل التمويل تمارس تلك المؤسسات ضغوطات كبيرة على تلك الدول، إذ يرى مسؤولو تلك المؤسسات المالية، أن القطاع العام لا يتناسب مع اقتصاد السوق وأن الملكية الخاصة تعني النجاعة الاقتصادية.
إن الدعوة لرفع تدخل الدولة في التسيير والملكية يظهر بوضوح في مخططات التعديل الهيكلي التي يفرضها صندوق النقد الدولي.

وما يؤكد دعوة هذه المؤسسات المالية لعملية الخوصصة هو دعمها المتواصل لمشاريع التحويل إلى القطاع الخاص في البلدان الأعضاء، لأنها تعد كجزء من برنامج أوسع لتعزيز النمو والكفاءة الاقتصادية والإدارة السليمة للمؤسسات.(1)

ب. عولمة الاقتصاد:
وهي كما يعرفها بعض المفكرين كتوسيع وتعميق المعاملات الاقتصادية عبر الحدود بين الأفراد والمؤسسات والحكومات في دول مختلفة، وذلك بظهور الشركات العالمية التي لها فروع في جميع أنحاء العالم.
ومن قواعد هذا النظام:
– تحرير الأسواق للوصول إلى اقتصاد عالمي موحد.
– تشجيع الخوصصة كجزء مهم من الاقتصاد.
– إعادة تنظيم الإدارة والتوجه الاقتصادي، فدور الدولة الجديد يكمن في إنشاء محيط ملائم.

ج. الفشل الاشتراكي:
إن فشل أسلوب الإنتاج الاشتراكي في تحقيق الفعالية والتسيير الحسن لعلاقات الإنتاج للمؤسسات العمومية، وسقوط المعسكر الاشتراكي كان أهم المبررات الخارجية التي دفعت إلى تغيير النمط الاقتصادي، واللجوء إلى الخوصصة.

د. ثقل المديونية الخارجية:
إن عبء المديونية الناتج عن العجز المستمر في ميزانية المؤسسات العمومية كان له الأثر البليغ في ميزان المدفوعات، نظرا لعمليات التطهير المالي التي شهدتها المؤسسات، وهو ما دفع بالجزائر إلى الاقتراض الخارجي.
وكان من أهم شروط القرض القضاء على المؤسسات الخاسرة إما بيعها أو تصفيتها.

III- أهداف الخوصصة:
تهدف عملية الخوصصة إلى القضاء على جميع النقائص التي سادت المؤسسات العمومية ومنها:
1. تقليص دور الدولة:
من أهداف الخوصصة إعادة النظر في دور الدولة الاقتصادي، إذ بعد أن كانت المالكة لوسائل الإنتاج أصبحت تقوم بدور المراقب والمنظم.
2. تحسين الوضعية المالية وذلك بتحويل الملكية إلى القطاع الخاص عن طريق بيع المؤسسات العمومية.
3. المساهمة في تحسين الإنتاجية والفعالية ، فالخوصصة الناتجة عامة تؤدي إلى زيادة أكبر في الفعالية والقدرة والتحسين المعتبر لمستوى النوعية للسلع والخدمات.
– تحسين استخدام الموارد المتاحة.

– توسيع قاعدة الملكية.
وعلى العموم تنقسم الأهداف المنتظرة من عملية الخوصصة إلى ثلاثة أقسام :
– مالية.
– اقتصادية.
– سياسية.
أ. على الصعيد المالي: وذلك عن طريق:
– توفير رؤوس أموال جديدة بواسطة بيع الأسهم بالنقد المحلي والأجنبي.
– رفع الدعم المالي على المؤسسات الذي أثقل ميزانية الدولة.
– تشجيع تنمية سوق رؤوس الأموال.
– تخفيض العجز من ميزانية الدولة.
ب. على الصعيد الاقتصادي: وذلك عن طريق تحسين الأداء والكفاءة والفعالية.
ج. على الصعيد السياسي: وذلك بترقية مساهمة العمال في رأس مال الشركة أو المؤسسة عن طريق اشتراكهم في التسيير الحسن لممتلكاتهم.
المطلب الثاني: عقبات وآثار الخوصصة.
I . عقبات الخوصصة:
إن عملية خوصصة المؤسسات العمومية ليست بالأمر السهل والهين كما يبدو للكثير لأنها تلاقي صعوبات وعراقيل متعددة تنقص من عملية تطبيقها ولعل أهم هذه العراقيل:
1. العراقيل السياسية:
إن كثيرا من المسؤولين في الدول النامية والجزائر من بين تلك الدول يعارضون بشدة عملية الخوصصة ، ليس أنهم يحملون أفكار اقتصادية أو توجهات إيديولوجية بل

ببساطة لأنها تقلص مصالحهم ، وتهز نفوذهم وتهدد استمراريتهم وبقائهم في مراكزهم، لأن عملية الخوصصة ستعيد تقسيم موازين القوى.

2. العراقيل الاجتماعية:
يعتبر الخوف من فقدان الوظائف والبطالة من العراقيل الكبرى التي تقف في وجه تنفيذ عملية الخوصصة ، فالعمالة في القطاع العام لا تقاس في كثير من الأحيان بمقاييس الكفاءة ، على العكس تماما في القطاع الخاص ، فمعايير الإدارة الجديدة عند تحويل الملكية تفرض تسريح العمال وتعديل الامتيازات.

ومن المناهضين لعملية الخوصصة في الجزائر خاصة لبعض المؤسسات هي الطبقة العاملة التي ترى أن مستقبلها مرهون ببقاء الملكية العامة.

3. العراقيل القانونية:
إن عدم مرونة القوانين وعدم تكيفها مع الطبيعة الجديدة للاقتصاد يساهم إلى درجة كبيرة في تأخير تطبيق عملية الخوصصة ، فرغم الإجراءات والتعديلات التي قامت بها الجزائر لتهيئة البيئة الاقتصادية إلا أنها ليست في المستوى المطلوب كما يراها الكثير من الخبراء الاقتصاديين ، خاصة فيما يتعلق بالتنظيمات الضريبية والجبائية.

4. عدم توفر الأسواق المالية:
وهذا ما يجعل تنمية الموارد المالية أمر صعب التحقيق ، وكذا عملية بيع أسهم الشركات.
5. سوء تقييم المؤسسات العمومية لعدم توفر المعلومات والمعطيات الكافية عنها.

6. تكاليف تطبيق الخوصصة:
من المشاكل التي تواجه الحكومات عند تنفيذ برامج الخوصصة وهو كيفية تدبير التكاليف اللازمة لتنفيذ البرامج ، فالخوصصة في مراحلها الأولى تتطلب تمويل من أجل تهيئة المناخ الملائم لنجاحها، ثم تأتي بعد ذلك التكلفة المصاحبة للتنفيذ (تكلفة الإدارة والإشراف ، تكلفة إصلاح وصيانة الأصول).(1)

II. آثار الخوصصة:
لقد أسالت الخوصصة ومزاياها الكثير من الكلام وذلك لتبرير تحويل المؤسسات العمومية الاقتصادية إلى القطاع الخاص غير أن آثار التحويل كبيرة جدا وخاصة على المستوى الاجتماعي وبالأخص زيادة البطالة ، حتى وإن كان لا يصاحب تحويل الملكية بالضرورة ارتفاع البطالة إلا أن الواقع وفي الغالب ينجر عن هذه العملية ارتفاع كبير لمستوى البطالين ، ومن الآثار المحتملة للخوصصة نذكر ما يلي:

أ. الآثار على مناصب العمل :
إن مصطلح كلمة خوصصة أصبح يعني للكثير البطالة، لأن عملية الخوصصة تصاحبها في كثير من الأحيان إقالات بالجملة لعملها، فأمن العمل الذي كان ينعم به العمال في المؤسسات العمومية الاقتصادية لن يجد له مكانة في الخوصصة لأن أرباب العمل لا يقبلون إطلاقا فائض في العمالة.

إن ارتفاع البطالة في الجزائر من أهم الآثار التي ستخلفها عملية الخوصصة، وبذلك يمثل أكبر حاجز في وجه برنامج الخوصصة، فالمؤسسات العمومية لعبت دورا اجتماعيا مهما ولمدة طويلة خاصة في ميدان إحداث مناصب العمل. لذلك يستوجب اتخاذ
بعض التدابير لحماية العمال، ومن أهم هذه التدابير التي يمكن أن تتخذتعليم_الجزائر2)

1. الإجراء الأول ويهدف إلى تأمين نوع الحماية للعمال المقالين وذلك بأخذ تعهدات من أرباب العمل بالحفاظ على مناصب العمل كليا أو جزئيا.
فالأمر 12-97 في مادته الرابعة يعطي مزايا خاصة للذين يحافظون على نشاط المؤسسة وعمالها.

2. إجراءات تهدف إلى إعادة دمج العمال وتعويضهم، دمج بعضهم بإعادة رسكلتهم وتأهيلهم وتفويض الأخر سواء بالتقاعد المسبق أو الذهاب الإداري. كما يمثل التنازل عن المؤسسة لفائدة العمال من الإجراءات والتدابير التي تحمي مناصب العمل.
3. احتكار الأقلية:
من الآثار الجانبية لعملية الخوصصة هي إمكانية احتكار فئة قليلة للمؤسسات القابلة للخوصصة، وذلك بسبب غياب الادخار للكثير والثراء الفاحش لبعض الفئات القليلة، وهذا ما يعني تركز الثروة في أيدي بعض دون البعض الآخر، والشيء الذي سوف يحدث بدوره ثلاث نتائج سلبيةتعليم_الجزائر1)
– خلق حالة احتكار مالي لفئة وهذا ما يتنافى مع روح الخوصصة (المنافسة).
– خلق فوضى اجتماعية.
– ظهور قوى سياسية جديدة لأن موازين القوى تستبدل في اقتصاد السوق.

ج. التخلي الكلي للدولة:
إن التخلي التدريجي للدولة عن مهامها ليصبح كليا فيما بعد ستكون له عواقب كبيرة، فإذا مست الخوصصة القطاعات القابلة للمنافسة فذلك شيء مقبول، أما إذا انتقلت إلى الخدمات العمومية فتلك هي المشكلة، لأن الخدمة العمومية لها هدف اجتماعي بالدرجة الأولى، فخطر توسعة الخوصصة إلى الخدمات العمومية هي تحد من نوع آخر على الشعب وسيادته، غير أن الواقع يثبت أن خوصصة قطاع الخدمات العمومية يتطلب وقتا طويلا.

في رأينا أن على الدولة الحفاظ على قطاع الخدمات وعدم خوصصته لأنه يمثل الجانب الإنساني للدولة، ويمثل ذلك المنفذ للفئات المحرومة والتي تزداد يوما بعد يوم.

فالبطالة الناتجة عن الخوصصة وخوصصة قطاع الخدمات العمومية هم القنبلة الاجتماعية الخامدة التي ستنفجر يوما.
المبحث الثاني: مشاكل وشروط وطرق الخوصصة
المطلب الأول: المشاكل التي تعترض الخوصصة
إن المشاكل التقنية التي تعترض عملية بيع أسهم المؤسسات العمومية والتي يراها الكثير من الخبراء هي كالآتيتعليم_الجزائر1)
– الحالة الصحية للمؤسسات العمومية.
– نوعية المساهمين.
– إعادة تقييم المؤسسات وأسعار الأسهم.
– رداءة السوق المالية.
– عدم مرونة القوانين.
1. الحالة الصحية للمؤسسات العمومية:
إذا كانت المؤسسة العمومية الاقتصادية المالية والتنظيمية جيدة ولا تعاني من متاعب تذكر في ميزانيتها فإن عملية خوصصتها لا تلاقي صعوبات تذكر.

غير أن الواقع يثبت أن الكثير من المؤسسات المعنية بالخوصصة لا تدخل في هذه الزمرة. في هذه الحالة وجب إدخال بعض التعديلات عليها.

في هذه الحالة كما يقول المختصون تمر عملية خوصصتها بمراحل متعددة، أولاها تتمثل في خوصصتها جزئيا عن طريق البحث عن متعاملين (خواص) لإعطائها دفع مالي مع الحفاظ على المراقبة من طرف الدولة (دعم مالي وتكنولوجي…).

وفي مرحلة ثانية وبعد وقوف المؤسسة على قدميها يتم البيع العمومي لأسهمها.
2. نوعية المساهمين:
إذا كانت الدولة والقائمين على عملية الخوصصة يبحثون على المشاركة الواسعة للمواطنين في عملية الخوصصة عن طريق شراء الأسهم ، فذلك يستلزم وضع قوانين تنظيمية تسمح بوضع حاجز أمام مجموعات المصالح.

فالمساهمة العمالية مطلوبة بكثرة حتى نتجنب الوقوع في مشاكل اجتماعية متعددة.
فنوعية المساهمين تتوقف بدرجة كبيرة على طبيعة القوانين التنظيمية التي تفرضها الدولة.

3. إعادة تقييم المؤسسات وأسعار الأسهم:
في حقيقة الأمر تقييم المؤسسات العمومية الاقتصادية القابلة للخوصصة شيء مهم، لأن الكثير يعتبر أن بيع المؤسسات العمومية ما هو إلا قرار سياسي يريد تحطيم الملكية العامة، فلذلك وجب إعادة النظر في ميزان المؤسسات العمومية حتى يكون التخلص منها اقتصاديا أكثر منه سياسيا.
4. غياب السوق المالية:
إن غياب السوق المالية وعدم قدرتها على مواكبة الأحداث يعطل إلى درجة ما في عملية بيع الأسهم وخوصصة المؤسسات العمومية.

5. طبيعة القوانين التنظيمية:
إن هدف قوانين السوق المالية هو الشفافية في معاملات بيع الأسهم ، فمسؤولية الدولة هي حماية المستثمرين ، بسن قوانين تنظيمية شفافة تسمح بتنظيم علاقات البيع والشراء وتحمي ممتلكاتهم.
المطلب الثاني: الشروط الضرورية للخوصصةتعليم_الجزائر1)
من الشروط الضرورية الواجب توفرها لكي يتم برنامج خوصصة المؤسسات العمومية مايلي :
1. تشخيص المؤسسة.
2. توضيح المستحقات على المؤسسة.
3. تحويل المؤسسة إلى الشكل القانوني.
4. التطهير المالي.
5. المساعدات التقنية.
1. تشخيص المؤسسة:
إن تشخيص المؤسسة العمومية الاقتصادية يتمثل في فرز الأوضاع المالية والكيفية التي يمكن بها تغطية ديون المؤسسة تكاليفها.
كما يمكن أن يمس التشخيص المكانة الحقيقة الحالية والمستقبلية للمؤسسة حتى يسمح للمالكين الجدد بأخذ نظرة جدية على مؤسستهم المستقبلية.
2. توضيح المستحقات على المؤسسة:
من الضروري جدا توضيح وتبيان جميع المستحقات والعهود على المؤسسة بما فيها الديون ، المستحقات المالية الأخرى ، عدد العمال وجميع الاتفاقيات الخاصة بالفروض أو الرهون ( الرهن الحيازي أو الرهن العقاري) وهذا من أجل رفع كل لبس على عملية تنازل الأسهم لصالح المستفدين الجدد.

3. تحول المؤسسة إلى الشكل القانوني :
يتعين على القائمين على برامج الخوصصة تحويل القوانين الأساسية للمؤسسات العمومية الاقتصادية ( يجب تحويلها إلى مؤسسات تجارية أو مؤسسات ذات أسهم).
4. التطهير المالي:
إن تحول المؤسسات العمومية الاقتصادية إلى شركات ذات أسهم يستلزم بالضرورة تمليك المؤسسة لرأس مال ابتدائي يسمح لها من الناحية المالية والمحاسبية أن يكون لها أصول إيجابية، ويكون هذا عن طريق:
– إعادة تقييم الاستثمارات الثابتة.
– مسح المخزون الميت والمستحقات الغير قابلة للاسترجاع.
فالهدف من التطهير المالي هو إعادة التوازن المالي للمؤسسات يسمح بالتجاوب مع متطلبات الدورة الاستغلالية.
ورغم التطهير المالي الذي تستهدفه المؤسسات العمومية الاقتصادية في السنوات الأخيرة إلا أن معظمها عاد إلى ما كان عليه.
5. المساعدات التقنية:
إن خوصصة أي مؤسسة عمومية لا يمكن أن تكون ناجحة وتمتاز بالفعالية إذا لم يحصل مجلس إدارتها على مساعدة تقنية من مختصين لأن عملية الخوصصة تختلف كثيرا عن إعادة الهيكلة، إذ تتطلب دراسة معمقة ودقيقة.

المطلب الثالث: طرق وتقنيات الخوصصة
إن الخوصصة تختلف من مؤسسة إلى أخرى فكل حالة ولها خصائصها، فيمكن بيع جزء من المؤسسة أو فصل نشاط عن آخر أو فرع عن الفروع الأخرى، فهناك العديد من الطرق المستعملة لخوصصة المؤسسات العمومية ومن أهمها:
– العرض العمومية لبيع الأسهم.
– بيع الأسهم للخواص.

– الاستثمار الخاص الجديد في المؤسسة العمومية.
– بيع الأصول (أصول المؤسسة).
– مشاركة العمال.
– عقود التسيير.
1. البيع العمومي للأسهم:
ويعني بيع الأسهم للجمهور لجزء أو كل الأسهم التي تمتلكها الدولة في المؤسسة العمومية الاقتصادية. فبيع جزء من الأسهم يدل في غالب الأحيان على أن الدولة تود إبقاء مراقبتها وسيطرتها على المؤسسة العمومية.
ويقصد بهذه العملية بيع الأسهم الموجودة فعلا في البورصة دون إصدار أسهم جديدة.
ويقوم البيع العمومي للأسهم بواسطة البنك مع بقاء السعر ثابتا أو متغيرا، وتعرض الأسهم للمواطنين المقيمين أو غير المقيمين، إذ تستدعي هذه العملية اللجوء إلى وسطاء ماليين لأنها مكلفة للغاية.
2. البيع الخاص للأسهم:
وتتمثل في بيع الدولة لجزء أو كل الأسهم من رأس المال الاجتماعي لمؤسسة عمومية لفائدة مجموعة معينة وتأخذ هذه العملية نوعين من الطرق وذلك إما بـ:
– الانتقاء المسبق للطالبين.
– أو المفاوضات المباشرة.

وتحدد لجنة حكومية بعد دراسة ملف المترشحين من حيث القدرات المالية والطاقات التسييرية والتنظيمية. ويشترط في هذه الطريقة أن تظهر المؤسسة الاقتصادية ماليا وبالمقابل يرث الملاك الجدد أصول وخصوم المؤسسة.
وأفضلية هذه الطريقة تكمن في أن الدولة تتعرف على المشترين الأقوياء مسبقا.

وتقوم بهذه العملية على أساس:
– التطهير المسبق.
– التكفل بتسريح العمال وذلك بخلق صندوق البطالة.
3. بيع أصول المؤسسة:
إن هذه الطريقة على العكس من سابقتيها، إذ الأولى والثانية تعملان على بيع المؤسسة بأكملها، أما هذه الفترة فتعني بيع جزء من المؤسسة.
إن بيع أصول الشركة يتم وفق دفتر شروط تحدد فيها أسعار الأشغال ونقاط أخرى.
وتتميز هذه الطريقة بالشفافية التامة إذ تلجأ إلى أسلوب المزايدة بعد انتقاء أولي يسمح بتطهير القائمة من أولئك الذين لا يملكون المؤهلات التقنية أو المالية الكافية.
4. الاستثمار الخاص في المؤسسة العمومية:
من أجل تنمية نشاط اقتصادي معين تلجأ الدولة إلى القطاع الخاص وذلك برفع رأس المال الاجتماعي للمؤسسة الحكومية أو المشاركة في الاستغلال.
فالخوصصة عن طريق الاستثمار الخاص الجديد يمثل طريقة مفضلة لحل مشكل السيولة، الاستثمار، التكنولوجيا.
5.المشاركة العمالية:
ينظر إلى خوصصة المؤسسات العمومية عن طريق المشاركة العمالية من زاويتين:
– مشاركة المسؤولين.
– مشاركة العمال.
مشاركة المسؤولين تخص فئة معينة من الإطارات بينما تخص مشاركة العمال جميع الموظفين العاملين بالمؤسسة. هذا النمط يسمح بالمراقبة القريبة و الفعلية لجميع نشاطات المؤسسة، وتمثل الطريقة المثلى للخوصصة لمؤسسة يعمل فيها عدد كبير من العمال، إذ تقف حاجزا أمام تسريح العمال.
ولتطبيق هذه الطريقة يشترط حسب المختصين ثلاثة شروط:
1. فريق من المسؤولين الأكفاء.
2. عمال متكاملين متحفزين.
3. إمكانية الاقتراض للحصول على موارد مالية.

إن تحقيق هذا النمط يستلزم توعية كبيرة بين أوساط العمال من أجل توضيح الفوائد والأرباح التي يمكن أن يجنونها.
إنها الوسيلة الوحيدة التي يمكن من خلالها الحفاظ على مناصب العمل، والتقليل من عملية التسريح.

6. عقود التسيير:
إذ لا يوجد في هذه الطريقة لا تنازل الدولة ولا نقل للملكية، فالقطاع الخاص يجلب التسيير والتكنولوجيا وحسن الأداء، ويهدف إلى رفع المردودية والفعالية.
ويتم هذا عن طريقتعليم_الجزائر1)
– تأجير المؤسسة العمومية الاقتصادية مقابل مبلغ ثابت تحصل عليه الدولة.
– عقد إداري يتولى القطاع الخاص إدارة المؤسسة العمومية الاقتصادية على أن يتقاسم الربح الصافي مع الدولة.
– التزام القطاع الخاص بأداء خدمة معينة مقابل مبلغ ثابت تدفعه الدولة.
المطلب الرابع: أرقام ودلائل عن الخوصصة في الجزائر.
تعود أولى عمليات الخوصصة في الجزائر إلى سنة 1995(1). وقد أخذت هذه العملية شكل التنازل عن أصول المؤسسات وهو ما يدخل في إطار المادة 24 من قانون المالية التكميلي لسنة 1994.
وخصت هذه العملية قطاع السياحة. وذلك عن طريق فتح مزايدة من أجل بيع خمسة(05) فنادق (لم تكن جاهزة كليا).
غير أن هذه العملية لم تلق نجاحا كبيرا وذلك بسبب غياب الطلب عليها إذ لم يتم بيع أي منها.
وفي نهاية سنة 1995 وتحت ضغوط المنظمات المالية العالمية، حاولت السلطة الجزائرية إعطاء دفعة قوية لهذه العملية فعرضت مجموعة من المؤسسات العمومية القابلة للخوصصة عن طريق التنازل عن أصول المؤسسات وكذا عن طريق عرض الأسهم وعقود التسيير.

وبمجرد تكوين اللجان القطاعية عرضت مجموعة أخرى من المؤسسات للخصوصة الجزئية، حيث تم ما بين مارس و جوان 1996 عرض ما يقارب الخمسين عملية خوصصة.
وكان من أهم القطاعات التي مستها هذه العملية قطاع الصناعات النسيجية بثمان وحدات(Ecotex) كما تم عرض 13 فندق بالمزاد العلني.
أما وحدة واحدة من وحدات سيدال فقد تم عرض خوصصتها عن طريق عقود التسيير. أما الشركات التي خوصصتها عن طريق رؤوس أموالها فهي كالتالي:
الديوان الجهوي للحوم الغرب بنسبة49%.
المؤسسة الوطنية العصير و المصبرات (ENAJUC) بنسبة20%(1).
وبالمقابل وفي نفس الوقت شرعت السلطات في خوصصة الكثير من المؤسسات المحلية مع حل عدد كبير منها. إذ تم حل المؤسسات الأكثر عجزا في الميزانية.
أما في القطاع المصرفي البنكي فقد تم إعداد برنامج لفتح رأس مال بنك التنمية المحلية BDL للبنوك العالمية، وقد أستثني العمال من هذه العملية وهذا يهدف إلى تحسين وتقيم القاع البنكي الجزائري، غير انه بصفة عامة لم يكن القطاع المصرفي معينا بالخوصصة وهذا بينص المادة 25 من المرسوم رقم95-22.
إن نظام إقتصاد السوق فرض نفسه في جميع أنحاء العالم إلى درجة أنه يمكن إعتباره الحوار الذي يدور حول التفاصيل بين القطاع العمومي والقطاع الخاص يكاد يكون دون معنى.
إنها الحقيقة الواقعة التي يجب الإعتراف بها. غير أن النقاش والحوار انطلق إلى نقطة أخرى وهي الحماية الإجتماعية في ظل إقتصاد السوق الذي يقيد المحيط الإقتصادي يقود الفعالية والإتقان والمنافسة وبالمقابل وفي نفس الوقت يزيح تلك النظرات التي تستعمر الجانب الإقتصادي لصالح المحيط الاجتماعي.
وفي الجزائر ظل الجانب الاجتماعي ولسنوات عديدة تحت مسؤولية الاقتصاد ولم يكن احد ليناقش الموضوع غير أنه في الفترة الأخيرة وفي ظل مفهوم الصرامة المالية وتحت ضغوط المؤسسات المالية( البنك العالمي وصندوق النقد الدولي) ونوضح للجميع.

ليلى عبد الأديب: مرجع سابق ص 265.

عمق الأزمة فرغم التعديلات الهيكلية المتتابعة لسنوات عديدة، لم يتم لحد الآن ملاحظة التغيرات الكبرى على النظام الاقتصادي أن غياب الرؤية واضحة وإستراتيجية متكاملة لتسيير الجانب الاجتماعي كما تطلبه المتغيرات المالية الاقتصادية سيدفع كل إصلاح إلى فشل ولن يحرز تقدما واضحا.لأن نجاح أي سياسة اقتصادية يعتمد على اللعب على الورقة الاجتماعية فالتكفل بالمشاكل الاجتماعية سيعطي دفعة قوية لعملية الإصلاحات الاقتصادية. غير أن الحقيقة التي يجب أن تذكر هي أن التوجه نحو اقتصاد السوق إنما هو نتيجة حتمية لتأزم الاقتصاد الموجه بسبب الفعالية التي لم تكن موازية دائما ومصاحبة للاقتصاد المخطط، وهذا على العكس تماما من اقتصاد السوق الذي من مبادئه وأهدافه الفعالية و النجاعة المالية و الاقتصادية وهذا ما يجرنا إلى القول أن الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج أكثر جلبا للأموال وأكثر فعالية في القطاع العمومي.
و لكن هل هذا يعني أن القطاع الخاص قادر على الحفاظ على فعاليته؟ هل يمكن له ذلك في غياب التنظيم المحكم للاقتصاد الوطني من طرف الإدارة؟ لأن اقتصاد السوق يفرض هيمنة القطاع الخاص إلا أنه يفرض في نفس الوقت حرية الأسعار و يفرض المنافسة الحرة و لكنه يفرض الاحتكار.
إذا لم تتوفر هذه الشروط ولم تجتمع في نفس الوقت، فإن انتقال الملكية من المؤسسة العمومية إلى قطاع خاص، سيفرغ اقتصاد السوق من محتواه، ولكن تكون هناك لا فعالية ولا حالة تنافسية اقتصادية كما يفرضها اقتصاد السوق…(1).
إن القطاع الخاص في الجزائر ظهر في ظل ظروف احتكار الدولة لجميع القطاعات، وفي ظل نظام اقتصادي مغلق. وهذا ما زاد من مخاوف المتعاملين الاقتصاديي الخواص. وخاصة أمام تأثيرات التصحيحات الهيكلية
وبهذا سيجر معه الاقتصاد الوطني نحو نمو أكثر و استثمار أعلى وتشغيل أكبر.

عبد المجيدبوزيدي، جريدة كوتيديان.

لهذا توجب تحسين المحيط. محيط الأعمال بنزع كل العراقيل الإدارية البيروقراطية التي تحد من توسع القطاع الخاص.
إلا أن الواقع في الآونة الأخيرة يظهر أشياء مخالفة تماما. إذ كل التصريحات السياسية كانت تصب في اتجاه واحد و هو: أن على الجزائر أن تتبنى اقتصاد سوق حر و مفتوح و تنافسي. يجب على كل المؤسسات أن تراعي و تحترم القواعد المالية ولا وجود بعد اليوم لدعم الدولة.
إن تفحص السنوات الأخيرة الماضية يعطينا صورة مخالفة تماما لكل تلك التصريحات، و لا مؤسسة عمومية خوصصت خلال السنوات الأربع الماضية بل أكثر من ذلك مازالت عملية تدعيما لمؤسسات العمومية ماليا و إعادة هيكلة ديونها متواصلا.
فقد عطل قانون المحروقات. و تم غلق ملف فتح رأس مال سونلغاز إلى إشعار آخر. ومازالت الدولة إلى حد الساعة تواصل توزيع الأغلفة المالية على الجماعات المحلية و على المؤسسات العمومية الاقتصادية.
و أبعد من ذلك وخلافا لكل التصريحات السابقة فقد تعهدت الطبقة السياسية خلال اجتماعها بالنقابة خلال خريف 2022 بحماية القطاع العمومي.
ومن خلال ما تقدم يمكن القول أن لا شيء مؤكد في الجزائر فلا القطاع العمومي يضمن بقاءه و لا الخوصصة يمكن أن تأخذ مجراها على الأقل للسنوات القليلة القادمة لسبب بسيط وهو أن السياسة غزت الاقتصاد، فعندما تطغى السياسة على الاقتصاد تبقى كل القرارات الاقتصادية مرهونة بالتقلبات السياسية و لو على حين و عندئذ لا يمكن للمنطق الاقتصادي أن يلعب دوره و يصبح إعطاء صورة للمستقبل أمرا صعبا و معقدا.
المبحث الثالث: الخيارات المستقبلية الأخرى.
المطلب الأول: مبررات البقاء.
إن عملية الخوصصة التي تكلمنا عنها فيما سبق، كحل واقعي وحتمية مفروضة للوضعية الصعبة التي تعيشها المؤسسات العمومية الاقتصادية، غير أنه في رأينا لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتخلى الدولة نهائيا وعن جميع المؤسسات العمومية الاقتصادية
لصالح القطاع الخاص الداخلي منه والأجنبي. وذلك للدواعي والاعتبارات التي تحدثنا عنها فيما سبق والتي لازالت قائمة وتحتم بقاء المؤسسة العمومية الاقتصادية.

لذلك وجب التمييز بين أنواع المؤسسات العمومية الاقتصادية. لأن هذا التمييز هو الذي سيحرر خوصصة المؤسسة من عدمها.
فمن حيث وزن المؤسسات العمومية الاقتصادية ومكانتها في الاقتصاد الوطني يمكن التمييز بين عدة أنواع، كما يحددها الخبراء والاقتصاديون.
1. المؤسسات الاستراتيجية.
2. المؤسسات الاحتكارية.
3. المؤسسات الخدماتية.
4. المؤسسات ذات الوزن العادي.
1. المؤسسات الاستراتيجية:
وهي المرتبطة مباشرة بسيادة الوطن ولها من الوزن المالي والاقتصادي ما يؤثر بصفة مباشرة على المستوى الداخلي للاقتصاد الوطني وكذا العلاقات الخارجية، سواء كان ذلك راجع لنشاطها أو للتطور الذي تتميز به أو من حيث الدور الذي تلعبه في عملية التنمية.
2. المؤسسات الاحتكارية:
وهي المؤسسة المسيطرة على مجال نشاطها بسبب غياب المنافسة فهي بذلك تهيمن على اختصاصها إذ تجد نفسها في وضعية الاحتكار.
3. المؤسسات الخدماتية:
وهي المؤسسات التي تقوم مبدؤها على تقديم الخدمات، وليس أهدافها تحقيق الربح ولكن لبلوغ الأهداف الإستراتجية المحددة، وهي مرتبطة بشكل مهم فيما يخص تحديد الأسعار لخدمتها(1).
. المؤسسات ذات الوزن العادي:
وهي المؤسسات التي يرتبط وجودها بمدى تحقيق الفعالية والمردودية، والدور المتوسط الذي تلعبه في الاقتصاد الوطني وهي المجموعة الأكثر عرضة للإفلاس أو التصفية وإعادة الهيكلة بالطرق المتوفرة قانونا…(2)

إن النظرة الجزائرية للقطاع العام من خلال المؤسسات العمومية كانت محورية لتحقيق التوازن الاقتصادي منذ الاستقلال إلى فترة جد متقدمة. غير أن مسؤولية القطاع العام كانت كبيرة جدا. فقد كانت له إيجابياته كما كانت له سلبياته(3) هذه الشمولية أثرت إيجابيا على المستوى الكلي بينما أثرت سلبا على المستوى الجزئي فغابت الفعالية وفقد الأداء، إذا اعتبرت المؤسسة العمومية كأداة سياسية حكومية.
السؤال المطروح هو هل غابت الدواعي والدوافع التي أدت إلى إنشاء المؤسسات العمومية الاقتصادية في الجزائر؟
إن مستقبل المؤسسة العمومية الاقتصادية في الجزائر مرهون بدرجة كبيرة ببعض التطورات الداخلية من جهة ومرتبط بمدى ثقل ووزن تلك المؤسسات في الاقتصاد الوطني من جهة أخرى وتوفير معايير أداء لتقييم فعال لها يسمح بتشخيص الداء يفرض بالضرورة بقاءها.
فبغض النظر عن التحولات الكبرى السياسية والاقتصادية التي يعيشها العالم ومدى تأثيرها على الاقتصاد، ومدى تأثير المؤسسات المالية العالمية على التوجهات الجديدة للسياسة الاقتصادية، فهناك مبررات لازالت قائمة تفرض وجود مؤسسات عمومية اقتصادية في خصم هذه التحولات ، وأخرى يستلزم توفيرها حتى تتمكن المؤسسة العمومية الاقتصادية من استمراريتها.
ن سيادة الجزائر تمر حتما ببعض المعالم الاقتصادية التي يجب الحفاظ عليها ألا وهي المؤسسات العمومية والقطاعات الإستراتجية التي تضمن مستقبل الجزائر، فتحديدها وإعطاؤها دفعة قوية وتوفير لها الجو الملائم يكسبها سرعة ابتدائية تسمح لها بالدخول في هذه المتغيرات بصفة جيدة، لأنها بذلك تحقق أهدافا اقتصادية بالدرجة الأولى، دون أن تتخلى عن دورها الاجتماعي والسياسي.
ن التنازل الكلي للمؤسسات الإستراتجية لفائدة القطاع الخاص المحلي منه والأجنبي هو دخول في معترك سياسي واجتماعي يضرب عرض الحائط المجتمع ومصالحه، لأن الاستقرار الاقتصادي يمر حتما بالاستقرار الاجتماعي والسياسي.

إن الإفراط في خوصصة المؤسسات العمومية الاقتصادية وخاصة الإستراتجية (المؤسسات التي لها وزن عادي والمؤسسات الأخرى يمكن الحديث عن خوصصتها جزئيا أو كليا دون أن يثير ذلك زوبعة كبيرة، لأن التجارب أثبتت أن الإصلاحات الكبيرة التي استفادت منها لم تغير من أدائها، ولم تحسن من فعاليتها ومردوديتها بل كانت في كل فترة تمتص أموالا باهضة دون جدوى سيفقد الدولة السيطرة على زمام أمورها من جهة ولأنها من الضوابط الاجتماعية.
أما من حيث الأداء فإن مستقبل المؤسسة العمومية الاقتصادية مرهون بتوفير جدي لمعايير أداء واضحة المعالم، عكس ما كان معمول به سابقا(توفير المال دون إخضاع المؤسسة لمعايير تقييم وأداء).
هذا التقييم يجب أن يراعى فيه جوانب عديدة منها ما هو تقني ومنها ما هو مالي اقتصادي وتتدخل فيه عوامل متعددة منها طبيعة المؤسسة وإمكانيتها البشرية والمادية، ونوعية نشاطها ، والتقييم يجب أن يتم من قبل منظمات مستقلة لها من الخبرة والقدرة ما يؤهلها من تشخيص جوانب الضعف والقوة.

فعلى المؤسسة العمومية الاقتصادية أن تراعي مبدأ الربح وأن تهتم بالمردودية الاقتصادية والمالية، وكذا استخدام الأمثل للموارد الاقتصادية لذلك وجب على المؤسسات العمومية الاقتصادية أن تتخذ القرارات الاستثمارية بعد دراسة فعالة للجدوى الاقتصادية، وأن تكتسب لأجل ذلك معدات وآلات موافقة لنشاط المؤسسة وفق ما تتطلبه العملية الاستثمارية مع إحداث قواعد تنظيمية تسييرية مستقلة كليا عن الجهات المركزية.
المطلب الثاني: الشراكة.
تعتبر الشراكة والتي تتمثل في تلك العقود التي تشارك فيها مؤسستين أو أكثر في الميدان الصناعي أو غيره قصد بلوغ وبصفة مشتركة ومحددا من أجل تقاسم الأرباح الناتجة عنه كأحد البدائل الجادة لحل الأزمة التي تعيشها الجزائر. واحد السبل الناجعة لخروج المؤسسات العمومية الاقتصادية من وضعيتها الصعبة.

وتدور فكرة الشراكة أساسا على إحداث نوع من التعاون الإقليمي في المجال الاقتصادي وغيره. فالشراكة هي ذلك الانفتاح الاقتصادي والتعاون الإقليمي المعزز وهي ذلك التكامل الوظيفي والفني من أجل إحداث درجة من التشابك والارتباط.

I. خصائص الشراكة:
إن للشراكة خاصيات تميزها عن غيرها من العلاقات التي تربط بين الدول. ولعل أهم خصائص الشراكة:
أ – إن مفهوم الشراكة مستمد من الفكر النيو ليبرالي التي تعلو بالاعتبارات الاقتصادية وأهميتها على الاعتبارات السياسية. حيث تعتبر الرفاهية الاقتصادية هي صمام الأمان لمنع تفجر المشكلات السياسية، والصراعات الأمنية وبالتالي فهي تعمل على أضواء المشكلات الأمنية عن طريق تعزيز الانفتاح والتعاون الإقليمي.
ب –التكامل الوظيفي والفني: وتكمن هذه الخاصية في إحداث الربط بين دول الإقليم عن طريق خلق شبكة من المصالح والارتباطات على أرض الواقع في المجالات الاقتصادية، التجارية، الفنية.
II- الأهداف:
إن إبرام علاقة شراكة بين طرفين يتجه إلى تحقيق أهداف وغايات استراتيجية لكل الأطراف المعينة ولعل أهمها:
1. تعزيز الانفتاح الاقتصادي بين دول الشراكة.
2. خلق شبكة من المصالح والارتباطات المشتركة على أرض الواقع في المجالات الاقتصادية والتجارية والفنية.
3. تطوير النسيج الصناعي وتحسين القدرة التنافسية بمؤسساتها الإنتاجية وذلك عن طريق:
* انتقال الصناعة من الشمال إلى الجنوب.
* تقديم المساعدات المالية قصد القيام بالإصلاحات الهيكلية للمؤسسة الإنتاجية.
* إصلاح الإدارة والقضاء على المشاكل البيروقراطية.
4. تحقيق التنمية الاقتصادية المتعددة الجوانب ويتم هذا عن طريق:
* تأهيل اليد العاملة.
* الاستفادة من المساعدات المالية.
* تطور القطاعات القادرة على التصدير إلى الخارج.
* ترقية البحث العلمي والتطبيق التكنولوجي.

III- أنواع الشراكة:
1. الشراكة المختلطة:
وهي شركات تجمع شركاء وطنيين مع عدة شركاء أجانب من أجل إنجاز وإقامة مشروع صناعي أو تجاري من أجل تحقيق جملة من الأهداف الاقتصادية والتكنولوجية.
وقد ظهر هذا النوع بشكل خاص في ميدان المحروقات حيث يطلب نشاطها على التنقيب والبحث والإنتاج من أجل تحقيق الأرباح.
2. النوع الثاني: وهو المتعلق بتجسيد عملية الشراكة عن طريق إقامة المشروع واستغلاله وتحويله إلى البلد المستهدف.
VI- توصيات نجاح الشراكة:
لإنجاح الشراكة هناك عدة توصيات لابد من الحرص عليها من أجل ضمان السير الحسن لهذه العملية، وهي تنقسم إلى:

1. على الصعيد المالي:
* إعادة تأهيل الوحدات الصناعية.
* إصلاح المنظومة البنكية.
* إعطاء دفع كبير للسوق المالية.
* تكوين المسيرين.
2. على الصعيد السياسي والاقتصادي:
* القبول بعقود الشراكة في المجالات التي لا تمس بالسيادة الوطنية.
* تهيئة القطاعات الموجهة إلى الشراكة.
* اختيار الشريك الأفضل.

ومن خلال ما تقدم يمكن أن نقول أن الشراكة تعتبر كأحد البدائل الهامة لحل الأزمة التي تتخبط فيها مختلف القطاعات الاقتصادية وذلك بالنظر إلى الدور الذي تلعبه في إعادة التوازن الاقتصادي والمالي للمؤسسات الاقتصادية. وبالنظر إلى التحدي الذي تفرضها العولمة بالدخول إلى اقتصاد السوق بمؤسسات إنتاجية تنافسية. فهي بذلك تتيح انتقال الصناعة وترقي البحث العلمي وتطور الإنتاج وذلك باستعمال التقنيات العصرية في تسيير المؤسسات المالية في إطار إعادة بناء المؤسسات الاقتصادية وهيكلتها وتحسين قدراتها التنافسية.

خاتمة الفصل:
إن الحلول والخيارات التي أوردناها في هذا الفصل والمتعلقة بمستقبل المؤسسات العمومية الاقتصادية هي حلول شاملة، غير أنه يجب مراعاة وفي كل مرة خصوصية المؤسسة.
إذ لا يصلح خيار واحد لكل المؤسسات وإنما يجب معالجة كل مشكلة على حدى.

وفي اعتقادنا أن أفضل طريقة لخوصصة المؤسسات العمومية الاقتصادية هي التي تأخذ في الحسبان المشاركة العمالية لما لها من مزايا متعددة مثل المحافظة على مناصب العمل، ويمكن من المراقبة القريبة والفعلية لجميع النشاطات الاقتصادية.
كما يسمح بالمحافظة على الاستقرار السياسي والاجتماعي الذي هو أساس كل نهضة وكل نمو اقتصادي.

مقدمة:
سنحاول في هذا الفصل الاخير دراسة حالة المؤسسة الوطنية للبناءات المصنعة BATICIC بعد أن نستعرض مختلف الجوانب التي مرت بها المؤسسة الام ألا و هي المؤسسة العمومية الاقتصادية BATI****L ، لان إنشاء BATICIC كان متفرعا من المشاكل التي عانت المؤسسة العمومية الاقتصادية للبناءات المعدنية.

سنتطرق الى الجوانب عديدة لا سيما الوضعية المالية للمؤسسة و جميع عمليات الاستعراض التي مرت بها و تحصلت عليها.و هل أعطت نتيجة أم انها زادت في حدة مشكلتها ؟ و ما هي الاسباب الحقيقية التي ادت بالمؤسسة الى وضعيتها الحالية ؟ و ما هو مستقبل هذه المؤسسة في ظل المتغيرات الجديدة ؟ و في ظل وضعيتها الراهنة؟

I. التعريف بالمؤسسة:
انشئت المؤسسة الوطنية للبناءات المصنعة بموجب المرسوم رقم 82/51 المؤرخ في 01 جانفي 1983 تحمل الطابع الاشتراكي.
و تتوفر نشاطها حول:
• صناعة (بناء) البناءات ذات الهيكل القطاعات الاقتصادية و الاجتماعية.
• إنتاج الاعمدة الكهربائية ذات الشدة العالية و المنخفضة لنقل الكهرباء موجه لتنفيذ برنامج إدخال الكهرباء للمناطق الحضرية و الريفية.
1. أهداف المؤسسة:
يرجى من إنشاء المؤسسة تحقيق بعض الاهداف و منها:
• تحضير و تنفيذ المخططات السنوية المندرجة ضمن نشاطها.
• تحقيق و ضع الدراسات التنقية و التكنولوجية و الاقتصادية و المالية المندرجة ضمن أهدافها

• نجاز الدراسات المتعلقة بالمواد المستعملة في عملية الانتاج.

• وضع دراسات و بحوث من اجل تحسين الانتاج كما و نوعا.
• إنجاز المشاريع الصناعية المندرجة ضمن إطار الخطة.
• لبناء المنشآت الصناعية.
• المساهمة في رفع الانتاج الوطني.
2. الوسائل:
من اجل تحقيق هذه الاهداف و أخرى استعملت بعض الوسائل و منها:
– وضع تحت تصرف المؤسسة وسائل و امكانيات تم تحويلها من الشركة الوطنية للمعادن SN ****L او الديون الوطنية لمواد الري .ONAMHYD
– إمكانية اللجوء الى القروض من اجل تقوية الوسائل المالية.
– ذمة المؤسسة:
من اجل تحقيق إنجاز الاهداف المسطرة و المنتظرة منها في إطار مهمتها فإن المؤسسة تمتلك وسائل إنتاج هامة من حيث دراسة و تصنيع و تركيب و بناء الاشغال و تنقسم هذه المؤسسة الى:
وحدة الهياكل المصنعة حسين داي
وحدة الهياكل المصنعة عنابة
وحدة الهياكل المصنعة وهران I
وحدة الهياكل المصنعة وهران II
وحدة الهياكل المصنعة الاغواط
وحدة الهياكل المصنعة عين الدفلى

– الاعمدة الكهربائية Pylônes :
وحدة رويبة
وحدة السوقر
وحدة عين ولمان
وحدة المغير
وحدة ام البواقي
– الانجاز:
وحدة الهندسة المدنية واد السمار
وحدة الهندسة المدنية باتنة
وحدة الهندسة المدنية و التركيب عين الدفلى
وحدة الهندسة المدنية و التركيب المسيلة
– الهندسة:
وحدة الدراسات الهندسية حسين داي
– الخدمات:
وحدة الاعلام الآلي واد السمار
مركز التكوين بن عمران
3. تنمية المؤسسة:
لقد كلف وضع كل هذه الهياكل و الوحدات مجهودات استثمارية كبيرة، و قد تم وفق مخطط تنمية اتبعته المؤسسة على ثلاث مراحل اساسية:
– عصرنة وحدات صناعية البناءات المصنعة.

– خلق وسائل الانجاز و التركيب و الهندسة المدنية.
– تنمية جميع المركبات الصناعية بهدف تحويل انتاج المؤسسة الى انشاء مركبات كاملة.

و هكذا فان مهمة المؤسسة التي كانت محصورة في تقديم المواد الاولية قد توسعت شيئا فشيئا لتسمح للمؤسسة بأخذ أبعاد تقنية معتبرة، و اصبح تساهم بقدراتها الانتاج بإنجاز مشاريع كاملة.
4. نشاطات المؤسسة:
تتمحور نشاطات المؤسسة حول نشاطين أساسيين:
1. البناءات الصناعية.
2. الاعمدة الكهربائية.
و تتفرغ منها نشاطات اخرى تكميلية منها:
– الهندسة المدنية.
– التركيب.
– الهندسة.
5. إنتاج Charpente métallique :
نتوزع على خمس وحدات، حيث وصلت كمية الانتاج في سنة 1987 على سبيل المثال كما يلي:
– وحدة عين الدفلى: 5979 طن (القدرة الانتاجية 12000 طن / سنة) و بلغ رقم الاعمال 146 مليون د ج.
– وحدة حسين داي: 7990 طن (القدرة الانتاجية 12000 طن / سنة) و وصل رقم الاعمال 4¸84 مليون د ج.
– وحدة عنابة: 7354 طن (القدرة الانتاجية 8000 طن / سنة) و بلغ رقم الاعمال 3¸77 مليون د ج.
– وحدة الاغواط: 3000 طن (القدرة الانتاجية 4000 طن / سنة) و بلغ رقم الاعمال 34 مليون د ج.

– وحدة ةهران I : 4253 طن (القدرة الانتاجية 5500 طن / سنة) و بلغ رقم الاعمـال58 مليون د ج.
– وحدة ةهران II : 1713 طن (القدرة الانتاجية 18000 طن / سنة) و بلغ رقم الاعمال4 ¸29 مليون د ج.
 إنتاج الاعمدة Pylônes:
تتوزع على خمس وحدات حيث وصل الانتاج سنة 1987 على سبيل المثال الى :
– وحدة ة رويبة: 18920 طن (القدرة الانتاجية 20750 طن / سنة) و بلغ رقم الاعمال 175 مليون د ج.
– وحدة ة عين ولمان: 7000 طن (القدرة الانتاجية 8000 طن / سنة) و بلغ رقم الاعمال8 ¸55 مليون د ج.
– وحدة ة السوقر: 6150 طن (القدرة الانتاجية 6000 طن / سنة) و بلغ رقم الاعمال 49 مليون د ج.
– وحدة ة المغير: 6700 طن (القدرة الانتاجية 4000 طن / سنة) و بلغ رقم الاعمـال5 ¸53 مليون د ج.
– وحدة ة ام البواقي: 5000 طن (القدرة الانتاجية 4000 طن / سنة) و بلغ رقم الاعمـال5 ¸39 مليون د ج.
 الهندسة المدنية و التركيب:
و تتوزع كما يلي:
– وحدة واد السمار بلغ رقم أعمالها 127 مليون دج سنة 1987.
– وحدة الانتاج عين الدفلى و قد بلغ رقم أعمالها 102 مليون دج.
– وحدة مسيلة كان رقم أعمالها 5¸19 مليون دج
– وحدة باتنة رقم أعمالها 21 مليون دج.
II. القروض:
لقد استفادت المؤسسة العمومية الاقتصادية BATI****L من قروض عديدة بداية من الاستثمارات المخططة الى القروض تجديد وسائل الانتاج الى إعادة هيكلة ديونها، و على العموم يمكن التميز في هذه النقطة بين مرحلتين مهمتين في الحياة المالية للمؤسسة، إذ تتميز الاولى بالسيطرة على السوق و الثانية هي مرحلة التغيرات الاقتصادية الداخلية و

مدى تأثيرها على الوضعية التي تحصلت عليها BATI****L كانـت في إطـار ما يسـمى بالاستثمارات المخططـةCMT Planifies . و قد كانت تتميز هذه المرحلة بــ:
– احتكار المؤسسة للسوق المحلية و حتى جزء من السوق الخارجية (المغاربية).
– توافد المواد الاولية بشكل لا يطرح أي مشكلة أمام تموين المؤسسة.
– السوق الخارجية ( الدول الاشتراكية) كانت مفتوحة خاصة في إطار الاتفاقيات الثنائية بين الدول الاشتراكية.
– حداثة وسائل الانتاج (الآلات و المعدات).
فكل هذه الظروف ساعدت المؤسسة و عملت لصالحها، فكانت تحتل مكانة عالية، و كانت تطرح فائض مالي معتبر و صحتها الاقتصادية جيدة، فتسديد القروض ام يصادفه أي عائق رغم نسبة الفوائد العالية، و البيانات التالية توضح المبالغ المستفادة و التسديد الحسن للقروض فيما يخص الاستثمارات المخططة.
2. استثمارات تجديد عتاد الانتاج:
لقد استفادت المؤسسة من قرض قيمته 178 مليون دج سنة 1994 لتجديد عتاد الانتاج و كانت اتفاقية القروض مع البنك الوطني الجزائري تتضمن بعض النقاط نذكر منها:
– يوجد القرض الحالي الى تجديد عتاد الانتاج.
– يسد القرض في مدة أقصاها 7 سنوات من بينها سنتيم كفترة سماح.
– تصل نهاية مدة استهلاك القرض الى سنة 1997م.
– تستفيد المؤسسة من القرض الحالي بمعدل فائدة قدره 20 %.

هذا بالإضافة الى الديون المالية الاخرى باتجاه مؤسسات اخرى كالضرائب والصندوق الاجتماعي للاجراء و الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لغير الأجراء.
 قروض 3 مليار دج Consolidation du découvert en CMT :
أمام هذه الوضعية الصعبة التي وصلت إليها المؤسسة كان لابد من إيجاد مخرج و هو ما تم فعلا و ذلك بعقد اتفاقيات قروض جديدة مع البنك الوطني الجزائري لإعادة جدولة ديونها.
فبموجب هذا الاتفاق استفادت المؤسسة بقرض قيمته 3 مليار دج سنة 1996 يسمح لها بإدخال نوع من التوازن لميزانيتها و محتواه بتمثل في تجميع أرصدة الحسابات الجارية المدينة إلى قرض متوسط الاجل 5 سنوات.
 قرض متوسط الأجل (الجانب الاجتماعي):
كما استفادت المؤسسة في إطار إعادة النظر في عدد عمالها من القرض متوسط الأجل مخصص لتسريح العمال (سبب تواجد نظرة تدعى أن العمالة كبيرة المتواجدة على التي تمص جانبا كبيرا من القدرات المالية، و هذا غير صحيح بدليل بقاء المؤسسة بعد عملية التسريح في نفس المشاكل و هو ما سنراه لاحقا).
و البيان التالي يوضح استهلاك القرض المخصص للجانب الاجتماعي الذي استفادت منه المؤسسة سنة 1997 م و تم استهلاك ما بين عامين 1997 م و 1998م حيث تتكلف خزينة الدولة فيما بعد بتسديد المبالغ المستحقة للبنك الوطني الجزائري، و تبلغ قيمة القرض ما يقارب 170 مليون دج.

شركة المباني الصناعية و النحاس BATICIC :
أمام الوضعية الصعبة التي وصلت إليها المؤسسة الام BATI****L اتخذ قرار بإعادة هيكلة المؤسسة و تقسيمها إلى فروع كل واحد منه يتطفل بنشاط معين و قد هيكلت الى ما يلي:
– باتيكومبوس BATICOMPOS
– باتيريم BATIRIM
– باتيجيك BATIGEC
– باتيسيك BATICIC
– مجمع GROUPE BATI****L
سنركز في دراستنا هذه بعد إعادة هيكلة المؤسسة و تعينها إلى فروع على شركة المباني الصناعية و النحاس BATICIC و ما الجديد الذي أنت به إعادة الهيكلة الى المؤسسة الجديدة أم أنه مجرد تقسيم الى الشركة الام؟
I. إنشاء الشركة (إعادة الهيكلة العضوية):
لقد أنشئت الشركة الجديدة في 12/04/1997 بمقتضى إعادة هيكلة BATI****L، و قد عينت مقرها الاجتماعي بعين الدفلى و يتمثل نشاطها في المباني الصناعية و النحاس و تتكون من وحدات الآتية:
– وحدة عين الدفلى.
– وهران I
– الاغواط
– عنابة
-حسين داي
أ. نشاط المؤسسة:
يتمثل نشاطها الأساسي في المباني الصناعية من حيث:
– الدراسة
– الصناعة.
– التركيب.
ب. الملكية:
استلمت الشركة أصولها من المؤسسة الأم وهي تمثل أصول الاستغلال الخاصة بالمباني الصناعية و النحاس
ج. رأس الإدارة:
حدد الرأس مال الاجتماعي للشركة بـ 190.000.000دج مقسم الى 380 سهم كل سهم تبلغ قيمته 500.000 دج.
د. أعضاء الإدارة:
تسير الشركة بمجلس إدارة، الذي يعين من بين أعضائه رئيس مدير عام، الذي يصبح مكلف بإدارة الشركة و القيام بمهامه في إطار ما يسمح به القانون.
II. معطيات و معلومات عن المؤسسة:
في هذه النقطة سنوضح بعض المعطيات المتعلقة بالعمال من حيث الأقدمية و العقوبات التأديبية و حركة العمال، و هي عوامل كلها تؤثر و أثرت سلبا في العملية الإنتاجية للمؤسسة.

الأقدميـــة

إطارات مسيرة إطارات عليا إطارات تقنيون منفذون المجموع
متوسط الأقدمية العدد % العدد % العدد % العدد % العدد % العدد %
أقل من سنة – – 1 1¸0 18 2¸1 16 1¸1 80 3¸5 108 1¸7
من 1 سنة الى2 1 1¸0 1 1¸0 14 9¸0 5 3¸0 53 5¸3 85 7¸5
من 3 سنة الى 4 – 1¸0 2 1¸0 9 6¸0 4 3¸0 35 3¸2 56 7¸3
5 سنوات – – 1 – 6 4¸0 15 1 24 7¸1 66 4¸4
6 الى 8 سنوات – – 1 1¸0 6 4¸0 19 3¸1 38 5¸2 91 6
9الى 10 سنوات – – 2 1¸0 7 5¸4 17 1 54 6¸3 79 3¸5
11 الى 12 سنة – – 1 1¸0 19 3¸1 58 4 90 6 173 5¸11
13 الى 15 سنة 2 1¸0 1 1¸0 21 4¸1 53 5¸3 94 2¸6 185 3¸12
16 الى 20 سنة 4 3¸0 2 1¸0 38 5¸2 107 1¸7 205 6¸13 363 1¸24
21 الى25 سنة 1 1¸0 3 – 36 4¸2 81 4¸5 94 2¸6 179 9¸11
26الى 30 سنة 1 1¸0 – 1¸0 43 4¸2 50 3¸3 70 6¸4 157 4¸10
31 سنة – – 2 – – – – – – – – –
11 7¸0 15 1 217 4¸14 426 3¸28 838 8¸55 1507 100

المصدر : الميزانية الاجتماعية لسنة 2000 BATICIC

عقوبـات تأديبيـة
طبيعة العقوبة الجنس إطارات فنيون منفذون المجموع
تحذير ذ 5 28 47 80
أ 0 3 4 7
إنذار ذ 1 1 23 25
أ 1 3 0 4
توبيخ ذ 0 5 3 84
أ 0 1 0 18
عطلة إجبارية غير مدفوعة الأجر من 1 الى 3 ايام ذ 2 9 23 1
أ 0 3 1 34
ع إ غ م أ من 6 الى8 أيام ذ 3 3 18 24
أ 0 0 0 0
ع إ غ م أ 8 أيام و ما فوق ذ 0 4 7 11
أ 0 0 0 0
إنزال في الدرجة ذ 0 0 0 0
أ 0 0 0 0
إقالة ذ 0 1 0 3
أ 0 0 0 0
ذ 11 51 123 185
أ 1 10 5 16
المصدر : الميزانية الاجتماعية لسنة 2000 BATICIC

حركة العمال
التعين إطارات مسيرة إطارات عليا إطارات فنيون منفذون المجموع
التوظيف
– الدائمين
– المؤقتين
– تحويلات داخلية
– ما قبل التشغيل







37

32


2

18



2

112


11

162


المجموع – – 39 20 114 173
الذهاب :
– استقالة
– تقاعد
– نهاية العقد
– تحويل
– وفاة
– إقالة










5

15

10

2

4

1

4

6

4

1

10

50

1

1

4
7

29

66

3

5

8

المجموع – – 36 15 67 118

المصدر: الميزانية الاجتماعية لسنة 2000 BATICIC

تحليل المعطيات:
إن تحليل معطيات التسيير هذه أعطت النتائج التالية:
أ‌. التشغيل:
عن العدد الإجمالي للعمال المسجل في المؤسسة في سنة 2000 قد ارتفع بنسبة 4 % بالمقارنة مع بداية الهيكلة، و قد ارتكز التوظيف مع مصلحة الإنتاج لتقويته و تلبية الطلبات الإنتاجية لكن أن أغلب التوظيفات كانت مؤقتة وتتوزع كما يلي:
عين الدفلى: 15 عامل أي نمو بنسبة 34 % بالمقارنة مع بداية النشاط.
حسين داي:25 عامل أي نمو بنسبة 83 % بالمقارنة مع بداية النشاط
عنابة :29 عامل أي نمو بنسبة 145 % بالمقارنة مع بداية النشاط
المديرية العامة:89 عامل أي نمو بنسبة 144 % بالمقارنة مع بداية النشاط

ب‌. الأقدمية:
يتراوح معدل الأقدمية حول 1¸ 24% و بتركز حول 16 الى 20 سنة و هو ما يعني ثبات نسبي في عدد العمال كما يفسر لفرص العمل القليلة الموجودة في السوق.

ج. التوظيف:
162 مؤقت.
11 تثبيت مؤقتين.
و يرجع توظيف المؤقتين لمواجهة الطلب عند بداية الاستغلال أو عند نهايتها قبل الاستسلام و تتوزع كما يلي.
دخول خروج

عين الدفلى 20 10
حسين داي 38 22
عنابة 46 18
الاغواط 18 26
وهران 30 23
المديرية العامة 21 19
د. العقوبات التأديبية:
تعتبر هذه النقطة مهمة جدا في أي مؤسسة لأنها تؤثر مباشرة في العملية الإنتاجية و في نتائج المؤسسة، و الجدول التالي يوضح العقوبات التأديبية المتخذة ضد العمال.
الوحدة العقوبة

عين الدفلى
حسين داي
عنابة
الاغواط
وهران
المديرية العامة
درجة 1

36
07
99
09
06
06 درجة 2

03
15



– درجة 3







هـ. التغيب :
الوحدة تغيب مسموح غير مأجور تغيب مرضي ق أ
الساعات الضائعة النسبة الساعات الضائعة النسبة

عين الدفلى
حسين داي
عنابة
الاغواط
وهران
المديرية العامة
7495
11260
13957
2654
2065

2931

31¸1%
47¸1%
82¸1%
19¸1%
39¸0%
24¸0%
6906
5645
9874
4864
12307
363
22¸1%
74¸0%
28¸1%
36¸2%
34¸2%
29¸0%

و. التكوين :
يصل مجموع العمال المكونين الى 83 عامل و 132 متربص بمبلغ قدره 6.174.000 دج و هو ما يمثل نسبة 41¸2 % من الكتلة الأجور.

و قد وجهت عملية التكوين الخاصة نحو التكوين التقني 34¸37% و 66¸62% نحو إعادة رسكلة العمال.

III. تطور الوضعية المالية للمؤسسة:
لم تصمد المؤسسة ماليا طويلا ، إذ اصبحت حساباتها الجارية (الحساب الجاري الأصلي) تسحب على المكشوف بعد شوط أولي الاستحقاقات الاستعراضية.
1. الإرث المالي:
لقد تبعت إعادة هيكلة المؤسسة الأم تقسيم للقروض التي كانت قد استفادت منها المؤسسة الأم سابقا و التي كانت كما يلي:
قرض متوسط الأجل 3 مليار دج
قرض متوسط الأجل 170 مليون دج
2. القروض البنكية :
أ‌. لقد كان من نصيب BATICIC من جراء إعادة الهيكلة للشركة الأم نصيب في القروض إذ بلغ 719.160.000 دج.
ب‌. أما حصتها من تقسيم القرض المتوسط الأجل المخصص لتسريح العمال فقد بلغت
04¸73.988.368 دج.
ج. إعادة تجميع لفوائد القروض السابقة في قرض متوسط الأجل قيمته 220 مليون دج.

ما يلاحظ من إعادة جدولة و هيكلة الديون أنها متتالية و ضخمة إذ بلغت ما يقارب 3.939.160.000 دج و هو مبلغ رهيب. و رغم هذا فإن المؤسسة مازالت تعاني من مشكلات الدفع لوحدات، و ذلك مع وصول أولي الاستحقاقات القرضية، و ذلك يعود لعدم استطاعة وحداتها الإنتاجية و عجزها عن تسديد المبالغ المستحقة.إذ ما يشار إليه هو أن تلك الوحدات دخلت في حلقة مفرغة لم تستطع الخروج منها. إذ اصبحت تعمل على ضمان أجور معالها الشهرية فقط، و لم تفكر في تسديد ديونها لأنها لا تستطيع بكل بساطة، وذلك راجع الى:

– فتح السوق أمام الخواص.
– الإرث المالي الذي ورثته من جراء إعادة هيكلة المؤسسة الأم.
– الحالة التنافسية الشديدة في السوق، إذ فقدت المؤسسة الكثير من المشاريع التي كانت تكسبها من قبل.

و المعطيات التالية توضح حالة المؤسسة المالية في السنوات الأخيرة:

1. تطور الاستحقاقات غير مدفوعة Evolution des impayés :

السنة المبالغ (دج)
1999 م 143.832.000
2000 م 01¸253.461.092
2001 م 88¸339.927.588
2022 م /

3. تطور السحب على المكشوف:
السنة المبالغ (دج)
1999 م 17¸385.365.885
2000 م 02¸324.968.481
2001 م 34¸561.608.290
2022 م /
ا يلاحظ على التطور السريع، و ما يستنتج من خلال هذه المنحنيات البيانية هو أن السحب على المكشوفDécouvert و الاستحقاقات غير مدفوعة على القروضImpayés أصبحت متقدمة في سنة 2022.
و هذا لا يعني إطلاقا أن المؤسسة سددت ما عليها من ديون ، بل على العكس تماما ، إذ ارتفعت أزمتها من جديد.

و يرجع ذلك الاستفادة مرة أخرى من إعادة جدولة لديونها الضخمة إذ وصل مبلغ القرض الجديد المتوسط الأجل 1.843.000.000 دج و هو مبلغ كبير، و قد استفادت منه المؤسسة مؤخرا لأواخر سنة 2022.

لقد دخلت المؤسسة في حلقة فراغ لم تستطع الخروج منها، فعملية إعادة الهيكلة العضوية التي استفادت منها و عمليات الاقتراض التي تحصلت عليها دون أن تنسى الديون غير البنكية الأخرى مثل الضرائب و صندوق الضمان الاجتماعي للأجراء و صندوق الضمان الاجتماعي لغير الأجراء كل ذلك لم يجد نفعا بل زاد من حدة الأزمة.

إذ أصبحت المؤسسة تعمل على تغطية أجور عمالها الشهرية، و دفع بعض المستحقات لشركات التأمين و مصالح الضرائب و الصناديق الاجتماعية، و تسديد ضئيل للبنك الوطني الجزائري.

أمام هذه الوضعية أصبحت في هذه الأيام عملية خوصصة هذه المؤسسة تطرح بشدة، و هو ما يعمل من أجله، وهذا ما يستنتج من العمليات الإحصائية التي تقام في المؤسسة ككل.

خاتمة الفصل:

تعود أسباب الأزمة التي تعاني منها المؤسسة ، و المشاكل التي تحاصرها من كل جهة الى عدة جوانب منها ما يتعلق بهيكلتها و تنظيمها ، و منها ما يتعلق بالمحيط الذي تعيش فيه وخاصة مع المتغيرات الداخلية منها و الخارجية.

لقد مرت المؤسسة بمرحلتين متباينتين، فالمرحلة الأولى تميزت بالنشاط المكثف و النمو المتواصل و القدرة على طرح فائض مالي، و لكن بمجرد تغير المحيط دخلت المؤسسة في المرحلة الثانية و هي مرحلة الأزمة و مرحلة المشاكل.

غير أن أسباب هذه الأزمة لا يعود الى عدد العمال الكبير كما يعتقد البعض و لا الى نقص المساعدات المالية كما يتصور البعض الاخر و لكن في رأينا يعود الى ضعف الرؤية ادى المسئولين و نقص الهمة لدى المسيرين و نية الامتلاك الخاص للمؤسسة لدى الآخرين.

كل هذه الاسباب جعلت المؤسسة في وضعية حرجة أمام البنوك و أمام الدائنين الآخرين، و مع تخلي الدولة التدريجي عن إعطاء الإعانات المالية للمؤسسات العمومية، أصبح من الضروري إيجاد مخرج.

و في اعتقادنا و بناءا على المعطيات الحالية و في ظل المحيط الذي يعيشه الاقتصاد الوطني و تحت ضغط المحيط الخارجي (المؤسسات المالية العالمية) أصبح ملف خوصصة المؤسسة يطرح بشدة هذه الأيام.

و لكن السؤال المطروح هو أي شكل من لأشكال الخوصصة ستعتمد؟
إن أنسب شكل من الأشكال الخوصصة المناسب للمؤسسة هو في رأينا و في ظل المعطيات الراهنة و المتوفرة هو الشكل الذي يأخذ في الحسبان المشاركة العمالية.

فخوصصة المؤسسة عن طريق بيعها للعمال سواء كانوا مسيرين أم عمال سيعطي دفعا جديدا و قويا للمؤسسة و ذلك لأسباب متعددة و لعل أهمها هو الجانب النفسي الذي يلعب دورا كبيرا، فإحساس العمال بالملكية ضروري لإعطاء الأمل للمؤسسة، و ذلك زيادة على القدرات التقنية التي تمتلكها و الدليل على ذلك هو نجاح بعض المجموعات العمالية الصغيرة التي انفصلت عن الشركة و كونت مجموعة عمل و تحصلت على نتائج جد طيبة في ميدان الهندسة المدنية و التركيب و الإنجاز.

و بالرغم مما تتطلبه خوصصة الشركة لفائدة العمال من دراسات عميقة و حسابات دقيقة و من كل الجوانب إلا أنها تضمن بقاء العمال و الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي من جهة و خوصصة الشركة من جهة أخرى.

و يكون ذلك في اعتقادنا عن طريق تحويل الأموال الكبيرة التي استفادت منها الشركة و مازلت تستفيد منها الى حد الساعة (استفادت من نوفمبر 2022 ما يقارب 90 مليار سنتيم كمسح للديون، و تأجيل المستحقات الحالية و إعادة جدولة ديونها لفترة لا يقل عن 7 سنوات) الى القروض خاصة الى العمال.

خاتمة:
إن الناظر والمحلل للاقتصاد الوطني يلاحظ أنه مر بفترات مختلفة ومتعددة، كل فترة زمنية تجدها مصاحبة لظروف سياسية مختلفة ومتعددة هي أيضا.

فكانت أولى فتراته قد بدأت قبل الاستقلال، وما كان يوجد من استثمارات أجنبية في ميادين معينة وخاصة ما جاء به مخطط قسنطينة، غذ حتى وإن كان الهدف الظاهر من تلك المشاريع الاستثمارية اقتصادي إلا أن دوافعه كانت سياسية، إذ كان يهدف المعمر من وراء تلك المشاريع امتصاص الغليان الشعبي، وإخماد نار الثورة.

وقد تميزت مرحلة الاستقلال بالتواصل في المشاريع الاستثمارية رغم الإختلالات الكبيرة التي شهدها الاقتصاد الوطني من جراء شغور المناصب التي كان يديرها المعمرون، مما أدى إلى اعتماد طريقة تسيير محددة ألا وهي مرحلة التسيير الذاتي، فقد كانت هذه الخطوة أولى مراحل التسيير الجزائري.

وما يشار إليه هو ذلك التوجه السياسي الذي انتهجته الجزائر، فقد كان محور التوجه إلى الاشتراكية وبذلك فإن اتخاذ ذلك التوجه كمرجع ألزم على القائمين الأخذ بتوجهاته، فاعتمدت الجزائر على التخطيط المركزي وما صاحب ذلك من إنشاء الصناعات الثقيلة.

وباعتبار المؤسسة العمومية جزء من هذا المحيط فقد خضعت للتخطيط المركزي الموجه، وبذلك ولمدة طويلة وجدت المؤسسات العمومية الاقتصادية تحت أوامر المركز، فقد كان إنشاء المؤسسات مركزيا، وتوزيعها الجغرافي مخطط، وأهدافها محددة من قبل الجهات المركزية ووسائلها الإنتاجية من عتاد وآلات مبرمج شراؤها من قبل السلطات الوصية، حتى وصلت في كثير من الأحيان إلى بعض المؤسسات قد تحصلت على العتاد لم تستعمله يوما في دورتها الإنتاجية، لأنه لم يكن يتناسب مع طبيعتها الاقتصادية.

ومن جهة أخرى ولفترة طويلة لم تكن الجدوى الاقتصادية والمالية من أولويات المؤسسة العمومية، بل كانت الأهداف الاجتماعية لها مكانة عالية في المؤسسة العمومية لجميع تكاليف المؤسسات (التمويل كان متوفرا من عائدات النفط).

وقد تواصلت هذه المرحلة إلى نهاية السبعينيات وبداية الثمانينات رغم محاولات الإصلاح التي حاول القائمون على الاقتصاد الوطني إدخالها (التسيير الذاتي –المؤسسات الوطنية –الشركات الوطنية) إلا أن ثغرات التخطيط المركزي بدأت تظهر على جميع المستويات إذ استمر عمر المؤسسات يكبر، بسبب عدم اعتمادها على مفهوم الربحية، وبسبب عدم استعمال المؤسسات لكامل طاقاتها نظرا لحجمها الكبير.

هذه الوضعية ألزمت القائمين بأمور الدولة إدخال إصلاحات أكثر صرامة من الأولى وهي إعادة الهيكلة العضوية وبتقسيم وتجزئة المؤسسات إلى وحدات أقل حجما، وإعادة الهيكلة المالية، ثم تلت ذلك مرحلة استقلالية المؤسسات العمومية التي تزامنت مع أزمة النفط وهبوط أسعاره.

فتم إنشاء صناديق المساهمة التي أصبحت تتصرف باسم المؤسسات العمومية وبرأس مال المؤسسة، وذلك لمحاولة إنجاح الاستقلالية وإعادة التوازن المالي للمؤسسات وإعطاء دفع جديد لها لرفع فعاليتها وأدائها، وتهيئة محيط ملائم لها.

وفي مرحلة متقدمة حلت صناديق المساهمة التي اعتبرت بيروقراطية من نوع آخر واستبدلت بالشركات القابضة المتمثلة في المجمعات.

غير أن العجز المستمر ألزم الدولة اللجوء إلى المنظمات المالية العالمية مثل صندوق النقد الدولي والبنك العالمي، هذه المنظمات تشترط من ضمن ما تشترطه إعادة النظر في السياسة الاقتصادية المنتهجة، مثل مخطط التصحيح الذي يجب أن يراعي فيه ظروف ونوعية نشاط كل مؤسسة وتهيئة محيطها لمعرفة وتشخيص نقاط الضعف والقوة للمؤسسات من دون أن ننسى فتح الأسواق أمام الخواص بصورة أكبر، تماشيا مع المتغيرات العالمية, ذلك كله من أجل إيصال المؤسسات عن طريق سياسات الإصلاح للوصول إلى الفعالية والأداء المتقن.

وبذلك كانت سياسة التغيير ضرورة داخلية فرضها واقع المؤسسات العمومية التي عانت كثيرا، وأثرت سلبا على الاقتصاد ككل وعلى الخزينة العمومية، وحتمية خارجية اشترطتها المنظمات المالية العالمية من أجل الحصول على قروض وأموال.

كنتيجة لكل تلك الظروف أصبحت الخوصصة كما يراها الكثير هي الحل الفعال (دون تهميش الحلول الأخرى مثل الشراكة) لمشكلة المؤسسات العمومية الاقتصادية وذلك إما بنقل ملكية وسائل الإنتاج كليا وإما بنقلها جزئيا إلى الخواص بهدف تحقيق أداء أفضل وكفاءة ومردودية أحسن.

* نتائج وتحليل:
– لم تسير المؤسسة العمومية الاقتصادية كمؤسسة اقتصادية حقيقية.
– كانت أهداف المؤسسة العمومية الاقتصادية سياسية واجتماعية أكثر منها مالية.
– اعتمدت المؤسسة العمومية الاقتصادية ولمدة طويلة على تمويل مضمون من الخزينة العمومية، أثر على اعتمادها على الإنتاجية وطرح فائض مالي لضمان بقائها.
– يعترف الجميع أن المؤسسات العمومية الاقتصادية كانت مقر توزيع الثروات.
– لقد كانت المؤسسات العمومية الاقتصادية مكان لامتصاص أموال الخزينة.
– لم يعط لمحيط المؤسسة الأهمية اللازمة في جميع الإصلاحات التي أدخلت على المؤسسة العمومية الاقتصادية.
– لم تعط الإصلاحات الاقتصادية أهمية كبيرة للإنسان الذي يعتبر الأداة الحقيقية للإصلاح، فقد كان دور الإصلاح هيكليا وماليا، غير أنه لوحظ في كثير من الأحيان بقاء مسيري المؤسسات في أمكنتهم ولفترة طويلة رغم النتائج السلبية المحققة.
– تحملت المؤسسة العمومية الاقتصادية أعباء اجتماعية كثيرة زادت في حدة أزمتها.

* توصيات:
– إن أي تغيير أو إصلاح لابد أن ينطلق من تشخيص دقيق، وفحص عام وشامل من قبل العارفين لا السياسيين.
– إبعاد الإدارة الوصية عن المؤسسة العمومية الاقتصادية.
– إعطاء الحرية الكاملة لمسيري المؤسسات العمومية الاقتصادية في تسيير أمورها (مع مراقبة صارمة).
– تحميل الجهاز المصرفي المسؤولية من أجل القيام بدوره كعنصر فعال ومنظم ومنشط للحركية الاقتصادية.
– تحسين أداء السوق المالية.

أما من حيث الخوصصة التي أصبحت في نظر الكثير حتمية فباعتقادنا يجب أن يراعى ما يلي:
– لا يمكن المساس بالمؤسسات الاستراتيجية للدولة التي تعتبر ملكا للشعب وثروة الأمة. وإذا اقتضى الأمر ذلك فيجب أن تبقى الأغلبية للدولة.
– يجب اختيار الأسلوب المناسب والطريقة الأحسن للخوصصة.
– اشتراك العمال في عملية الخوصصة بإعطائهم فرصة لتمليك وسائل الإنتاج وذلك عن طريق القروض البنكية، وقد لاقت هذه الطريقة في الخوصصة نجاحا لا يستهان به في كثير من الأحيان.
– يجب أن يراعى البعد الاجتماعي لعملية الخوصصة.
وعلى العموم يجب أن تتلاءم قوانين الخوصصة مع متطلبات المرحلة، وأن تراعي البعد الاجتماعي الذي يضمن السير الحسن لعملية الخوصصة، وأن تحدد المسؤوليات وتحدد الأولويات والأهداف بصورة واضحة.
وأخيرا نقول أن مستقبل المؤسسات العمومية الاقتصادية يجب أن يعالج حالة بحالة، فكل مؤسسة تختلف عن الأخرى في جوانب متعددة، فمنها ما يستوجب الحل وأخرى خوصصة التسيير وثالثة المشاركة العمالية ورابعة طرحها للمزايدة وأخرى للشراكة. وكل ذلك بعد تأهيلها من جميع الجوانب المالية والتقنية والتنظيمية.

 رسائل جامعية:
• د. علي عبد الله: تأثير المحيط على أداء المؤسسة العمومية . رسالة دكتوراة.
• كسرى مسعود:تطور المؤسسات العمومية الاقتصادية في الجزائر. ماجيستير 1999.

 مجلات وجرائد:
• سليمان ناصر:التكتلات الاقتصادية الإقليمية.مجلة الباحث. عدد1/2002 جامعة ورقلة.
• رابح بطاهر: المجلة الجزائرية للمحاسبة.عدد رقم 3/1994.
• جريدة كوتيديان: عدد 2646.15.09/2003.

 منشورات صادرة عن منظمات دولية:
• صندوق النقد الدولي : مجلة النمويل و التنمية، 1993.
• صندوق النقد الدولي : مجلة النمويل و التنمية، 1994 .
• صندوق النقد الدولي : مجلة النمويل و التنمية، 1997.
• صندوق النقد الدولي : مجلة النمويل و التنمية، 1998.

 وثائق محاسبية و مالية عن الشركة :

• الميزانية المالية لسنة 1999.
• الميزانية المالية لسنة 2000.
• الميزانية المالية لسنة 2001.
• الميزانية المالية لسنة 2022.

• المعطيات و أرقام رسمية من البنك الوطني الجزائري

المراجع باللغة العربية:

– أحمد ماهر: اقتصاد الإدارة ،مركز الهيئة الإدارية ، الإسكندرية
– برهان الدحان :دور القطاع الخاص في الحياة الاقتصادية ط1.1990 ص 65.
– خالد الهادي : المرآة الكاشفة ،1996.
– سعيد النجار:التخصيصية و التصحيحات الهيكلية في البلاد العربية ،1995.
– صديق عفيفي: التخصص و اصلاح الاقتصاد المصرفي،الأهرام ،1995.
– ضياء و مجيد الموساوي: الخوصصة و التصحيحات الهيكليةن ديوان المطبوعات الجامعية.
– د.عبد الحميد إبراهيمي:من الاقتصاد الكولونيالي إلى الاقتصاد الوطني.
– عبد السلام أبو قحف: اقتصاديات الأعمال، المكتب العربي الحديث، 1993.
– عبد المجيد بوزيدي :تسعينات الاقتصاد الجزائري. موثم للنشر.
– د. عبد اللطيف بن أشنهو: التجربة الجزائرية في التنمية و التخطيط، ديوان المطبوعات الجامعية، 1982.
– د. عبد اللطيف بن أشنهو : تكوين التخلف في الجزائر. الجزائر 1979.
– د. عبود صمويل: اقتصاد المؤسسة، ديوان المطبوعات الجامعية،1983.
– محفوظ بلقاسم بهلول: الجزائر بين الأزمة الاقتصادية و الأزمة السيلسية، مطبعة حلب،1993.
– محمد بلقاسم بهلول: الإستثمار و اشكالية التوازت الجهوي في الجزائر .ديوان المطبوعات الجامعية 1984.
– ناصر دادي عدون: اقتصاد المؤسسة، دار المحمدية.
– ناصر دادي عدون: ديناميكية تنظيم المؤسسات العمومية ذات الطابع الاقتصادي في اتجاه اقتصاد السوق.
– جامعة باتنة: الملتقى الوطني حول آفاق المؤسسة الاقتصادية الجزائرية،1994.

المراجع باللغة الفرنسية:

– Abdelhak LAMIRI : gérer l’entreprise algérienne en économie de marché. prestcom éditions 1993.
– Abdelmadjid BOUZIDI : Questions sur le mode de fonctionnement de l’économie algérienne. APN 1988.
– Aa. Ben Achenhou : l’expérience algérienne de planification et de développement 1962-1982. OPU 1979.
-Abdelhamid BRAHIMI : l’économie algérienne .OPU 1990.
– Ahmed BOUYAKOUB : la gestion de l’entreprise industrielle publique économique en algérie. Tome 2. OPU Alger 1987.
-Ahmed BOUYAKOUB : régulation économique en Algérie : entreprise, marché, erat. CREAD 1990.
-Ali TEHAMI : le programme algérien des industries locales. OPU 1979.
-Hachimi MADOUCHE : l’entreprise et l’économie algérienne quel avenir ? LAPHOMIC ,1988.
-Hocine BENISSAD : Algérie restructurations et réforme économiques (1979-1993) .OPU 1994.
-Leila ABDELADIM : les privations de l’entreprise publique dans les pays de maghreb : les éditions internationales, 1998.
-Mostefa BOUTEFNOUCHET : les socialisme dans l’entreprise :ENAP 1978.
– Necib REDJEM : l’entreprise publique algérienne. OPU 1987.
-Youcef DEBBOUB : le nouveau mécanisme économique en algérie. OPU 1995.

– Economie de l’entreprise : les manuels de l’étudiant.
– Rabeh BETTAHAR : revu économique N°02.

الفــهــرس
المقدمة
الفصل الأول:المؤسسة العمومية الاقتصادية الجزائرية و مراحل تطورها
المبحث الأول:مبررات وجود المؤسسات العمومية الاقتصادية
المطلب الأول: المؤسسة العمومية في النظام الاشتراكي
المقدمة
الفصل الأول:المؤسسة العمومية الاقتصادية الجزائرية و مراحل تطورها
المبحث الأول:مبررات وجود المؤسسات العمومية الاقتصادية
المطلب الأول: المؤسسة العمومية في النظام الاشتراكي
المطلب الثاني: المؤسسة العمومية في النظام الرأسمالي
المطلب الثالث:المؤسسة العمومية في الجزائر من النشأة إلى غداة الاستقلال
المبحث الثاني:مراحل تطور المؤسسة العمومية الاقتصادية
المطلب الأول: التسيير الذاتي
المطلب الثاني:الشركات الوطنية
المطلب الثالث:المؤسسات الوطنية
المبحث الثالث: الإصلاحات الاقتصادية
المطلب الأول:إعادة الهيكلة
المطلب الثاني:استقلالية المؤسسات
المطلب الثالث: صناديق المساهمة
المطلب الرابع: الشركات القابضة
المطلب الخامس:إجراءات التطهير المالي و التعديل الهيكلي للمؤسسات
المطلب السادس:شركات تسيير المساهمات

الفصل الثاني: المؤسسة و المحيط
المبحث الأول:المؤسسة و المحيط
المطلب الأول: المحيط المباشر
المطلب الثاني: المحيط غير مباشر
المبحث الثاني:الآثار المتبادلة بين المؤسسة و المحيط
المطلب الأول:تهيئة المحيط
المطلب الثاني:آثار المحيط على المؤسسة
المطلب الثالث:آثار المؤسسة على المحيط
المطلب الرابع:المؤسسات العالمية و تأثيرها على المؤسسات الجزائرية

الفصل الثالث: مستقبل المؤسسة العمومية الاقتصادية في الجزائر
المبحث الأول:الخوصصة في الجزائر
المطلب الأول:مفهوم و دواعي و أهداف الخوصصة
الطلب الثاني: عقبات وآثار الخوصصة
المبحث الثاني:مشاكل و شروط و طرق الخوصصة
المطلب الأول:المشاكل التي تعترض الخوصصة
المطلب الثاني:الشروط الضرورية للخوصصة
المطلب الثالث:طرق وتقنيات الخوصصة
المطلب الرابع:أرقام و دلائل عن الخوصصة في الجزائر

المبحث الثالث: الخيارات المستقبلية الأخرى
المطلب الأول:مبررات البقاء
المطلب الثاني:الشراكة
الفصل الرابع:دراسة حالة المؤسسة الوطنية للبناءات المصنعة باتيسيك BATICIC
الخاتمة
الملاحق
المراجع
الفهرس العام
المطلب الثاني: المؤسسة العمومية في النظام الرأسمالي
المطلب الثالث:المؤسسة العمومية في الجزائر من النشأة إلى غداة الاستقلال
المبحث الثاني:مراحل تطور المؤسسة العمومية الاقتصادية
المطلب الأول: التسيير الذاتي
المطلب الثاني:الشركات الوطنية
المطلب الثالث:المؤسسات الوطنية
المبحث الثالث: الإصلاحات الاقتصادية
المطلب الأول:إعادة الهيكلة
المطلب الثاني:استقلالية المؤسسات
المطلب الثالث: صناديق المساهمة
المطلب الرابع: الشركات القابضة
المطلب الخامس:إجراءات التطهير المالي و التعديل الهيكلي للمؤسسات
المطلب السادس:شركات تسيير المساهمات

الفصل الثاني: المؤسسة و المحيط
المبحث الأول:المؤسسة و المحيط
المطلب الأول: المحيط المباشر
المطلب الثاني: المحيط غير مباشر
المبحث الثاني:الآثار المتبادلة بين المؤسسة و المحيط
المطلب الأول:تهيئة المحيط
المطلب الثاني:آثار المحيط على المؤسسة
المطلب الثالث:آثار المؤسسة على المحيط
المطلب الرابع:المؤسسات العالمية و تأثيرها على المؤسسات الجزائرية

الفصل الثالث: مستقبل المؤسسة العمومية الاقتصادية في الجزائر
المبحث الأول:الخوصصة في الجزائر
المطلب الأول:مفهوم و دواعي و أهداف الخوصصة
الطلب الثاني: عقبات وآثار الخوصصة
المبحث الثاني:مشاكل و شروط و طرق الخوصصة
المطلب الأول:المشاكل التي تعترض الخوصصة
المطلب الثاني:الشروط الضرورية للخوصصة
المطلب الثالث:طرق وتقنيات الخوصصة
المطلب الرابع:أرقام و دلائل عن الخوصصة في الجزائر
المبحث الثالث: الخيارات المستقبلية الأخرى
المطلب الأول:مبررات البقاء
المطلب الثاني:الشراكة
الفصل الرابع:دراسة حالة المؤسسة الوطنية للبناءات المصنعة باتيسيك BATICIC
الخاتمة
الملاحق
المراجع
الفهرس العام


الاقتباس غير متاح حاليا

بحث ممتاز، شكرا.

مشكوووووووووووووووووووووووووووووووووووور

merci pour le document

التصنيفات
البحوث التجارية

بحث حول السوق الخارجي

لمـــــــــــــقدمة
يعد التصدير حاليا في ظل العولمة الحديثة والتطور التكنولوجي السريع حاجة ماسة للعديد من المشروعات وشرط أساسي لتطورها ونموها وان معرفة البيئة الخارجية (الثقافية ، الاقتصادية ،السياسية،……….)قبل التصدير يعتبر أمر مهم يساعد مسئولي التسويق الدولي في الشركات المصدرة على اتخاذ قرارات سليمة مبنية على قاعدة متينة لدا وجب في هده الحالة القيام بدراسة السوق الخارجي قبل القيام بأي خطوة
ويعرض هدا البحث أهم الخطوات الواجب إتباعها في دراسة السوق الخارجي و المعايير المعتمد عليها و مقارنة مدى تطابق دراسة السوق الخارجي بالمحلي ونعرض الخطة التالية لانجاز هدا البحث :

المقدمة
المبحث الأول : خصوصيات السوق الخارجي
المطلب الأول: لمادا تلجا المؤسسة السوق الخارجي
المطلب الثاني /:أهمية دراسة السوق الخارجي
المطلب الثالث :صعوبة دراسة السوق الخارجي

المبحث الثاني :طرق ووسائل دراسة السوق الخارجي
المطلب الأول المعايير المعتمد عليها في الدراسة
دراسة السوق الخارجي وسائل المطلب الثاني :
المبحث الثالث /:تجزئة دراسة السوق الخارجي
الخاتمة

المبحث الأول : خصوصيات السوق الخارجي
المطلب الأول: لمادا تلجا المؤسسة لللسوق الخارجي

ردا على الإشباع المتزايد لأسواقها الداخلية (المحلية)ورغبة المؤسسة في المزيد من التطور ومواكبة العولمة و التطور التكنولوجي و جب على المؤسسة التفتح على أسواق أخرى خارجية
والأسواق الخارجية :هي تلك الأسواق التي يتم غيها عملية التبادل عبر الحدود الخارجية أو الدولية لهدف إشباع الحاجات و الرغبات الإنسانية و الهدف من دلك :
توسيع نشاطاتها عن طريق إمكانية زيادة المبيعات
امتداد دورة حياة المنتج المحلي أو مثيله من السلع الأخرى
تمكن عملية دخول الأسواق الخارجية من قياس الكفاءة للمنتجات المحلية
تنويع مصادر الدخل القومي حيث أن الدخول للأسواق الخارجية لمنتجات محلية يساهم في تنويع الدخل

المطلب الثاني /:أهمية وأهداف دراسة السوق الخارجي
1-الاهداف
-صياغة إستراتيجية الانفتاح الدولي للمؤسسة:ودلك من معرفة الميزة التجارية للسوق المستهدف ،كالإمكانات الكامنة للسوق وربحيتها ، المخاطر المحتملة ،إمكانية الاستثمار وكدا وضع السياسة التسويقية للمؤسسة
-التعرف على الأسلوب عمل الأسواق وكدا معرفة ديناميكيتها ودلك بتحليل عدة عناصر :كالبيئة ،الطلب ، المنافسة ….
-معرفة وضع الميزان التجاري للدول الأجنبية وكدا فوائده ومخاطر التعامل معها وماهية السلع التي يمكن تبادلها
2-الأهمية
المساعدة في تجنب اتخاذ القرارات إدارية غير سليمة قبل التعرف على بيئة الأسواق الخارجية
المساهمة في حماية المؤسسة من المشكلات و الأخطاء التي قد تقع بها مستقبلا
المساهمة في التكيف مع المتغيرات الحادثة في الأسواق الخارجية للمؤسسة
المساهمة في التعرف على حدة المنافسة الدولية ودرجتها و سبل التغلب عليها
المساهمة في تحسين الموقف التسويقي للمؤسسة ودلك بالحفاظ على نقاط القوة و عوامل نجاح المؤسسة

المطلب الثالث :صعوبة دراسة السوق الخارجي

بعد التطرق لأهمية دراسة السوق الخارجي بالنسبة للمؤسسة ، وكما لا يخفى أنها ستكون في مواجهة مع مجموعة من الصعوبات لما للسوق الخارجي من خصوصية تميزه عن الأسواق المحلية ومن أهم الصعوبات
1-اتساع مجال الدراسة : لان حقل دراسة الأسواق الخارجية يتضمن المجالات التالية : العرض ، الطلب ، المنافسة المحلية و الأجنبية ، الموزعين ، قنوات ومنافذ التوزيع ، الموظفين و الفنيين و أصحاب قرارات الشراء في البلد المستهدف ، البيئة الدولية و غيرها و بدلك نلاحظ ضخامة حجم العمل المطلوب في دراسة السوق الخارجي
2-مشكلة تعدد الأسواق /: يعني الزيادة في تكاليف دراسة تلك الأسواق و لكي تتغلب المؤسسة على هده المشكلة تقوم بعض المؤسسات بعمل دراسة واحدة و تحاول تعميم نتائجها على جميع الأسواق الخارجية الأخرى و لكن هدا الأمر لا يمكن ضمان دقته و نتائجه
3-مشكلة المعلومات الميدانية : يحتاج جامع المعلومات قبل كل شيء إلى الحصول على موافقة أو رخصة قانونية من السلطات المحلية للقيام بالدراسة إلى جانب أن الحصول على هده المعلومات من مجتمع الدراسة قد يحدث مشكل لأنها تخضع إلى ميولهم و ثقافتهم و طريقة تفكيرهم وغيرها إن لم تتميز هده المعلومات بالسرية فأحيانا تزداد سرية المعلومات بزيادة درجة التكنولوجيا
4-مشكلة اللغة : قد يواجه الباحث مشكلة اللغة و أسلوب طرح الأسئلة وتعدد اللغات واللهجات المحلية في بعض الدول مما يعيق القدرة على الاتصال مع الآخرين فمثلا:لدراسة سوق في ساحل العاج يجب معرفة ثمان لغات مختلفة لتغطية السوق
قد يواجه الباحث أيضا مشكل عدم إفشاء بعض المعلومات بسبب الضغوط السياسية في البلد المعني

المبحث الثاني :طرق ووسائل دراسة السوق الخارجي

المطلب الأول:المعايير المعتمد عليها في دراسة السوق الخارجي

من اجل دراسة المؤسسة لسوق خارجي يتوجب عليها إن تقرن طرق ووسائل دراستها بمعايير تعتمدها في الاختيارات المختلفة:
– تحديد البلدان والأقاليم للدراسة:
وجود حاجيات في سوق ما والمؤسسة بإمكانها تلبيتها.
– دراسة الأقاليم والبلدان أين تم اكتشاف وتحديد الحاجات
وفيها تتطرق المؤسسة لدراسة مايلي:
* الخصائص العامة للبلد:
1-السكان:الكثافة السكانية ،توزع السكان :المستوى الثقافي والتعليمي،العادات والتقاليد:بهدف تطوير منتجات تتلاءم مع العادات الاستهلاكية الأجنبية وقيمهم الثقافية.
2-معرفة الطلب:والذي يجب أن يجذب الاهتمام الأكبر للمؤسسة .فلابد من التعرف على نسبة الاستهلاك للمنتج المعروض وكذا الطلب المتنوع له.
3-التجارة الخارجيةتعليم_الجزائرميزان المدفوعات ،الميزان التجاري ،…)
* إمكانية السوق:
1/الاستهلاك الداخلي 2/الاستيراد 3/الإنتاج الداخلي
4/تطور الحاجيات 5/حصة السلع (المؤسسة)في الواردات
*قدرة الاتصال بالسوق:
1/المسافة الجغرافية :المسافات،وسائل النقل المستعملة،مدة التنقل،كلفة كل وسيلة نقل.
2/المسافات الاقتصادية:وجود ايجازات الاستيراد،تجزئة الواردات ،معايير منح الحصص ،السياسات الجمركية التي تتبعها الدولة
3/المسافات السياسية:النظام السياسي السائد،الاستقرار والأمن،النزاعات الاجتماعية الداخلية.
وهنا تلعب البيئة السياسية دورا هاما وذو وجهان
بالنسبة للبلد إلام للمؤسسة حيث تؤثر في نوعية البلدان التي تتعامل معها المؤسسة المصدرة وكذا نوعية المنتجات المصدرة من تلك البلدان،فمثلا
بالنسبة للبلد المضيف يتوجب على المؤسسة المصدرة تجنب كل ما يضر بالأمان والسيادة الوطنية لذلك البلد ومحاولة إقامة علاقات تعاون مع حكوماتها وكذا يتوج عليها معرفة سياسة هذا البلد في الرقابة على المؤسسات الأجنبية،القيود المفروضة على الاستثمار،تحويل العملات،
– اختيار البلدان والاقليم للدراسة المعمقة:
على المؤسسة ترتيب هذه الاقاليم والبلدان حتى يتسنى لها الاختيار من بينها.
– الدراسة المعمقة للبلدان والأقاليم المختارة:
*المنافسة الأجنبية: تقدير عدد المنافسين ،حصصهم في السوق ، أيضا تقدير قوة وضعف هؤلاء المنافسين وماهية سياستهم ،وهي مهمة معقدة حيث في بعض الدول يتمتع المنافس المحلي بالحماية والتفضيل من قبل المستهلكين الوطنيين إما في دول أخرى-خاصة دول العالم الثالث-فان الشركة المحلية تتحمل عدم ثقة المواطن بمنتجاتها والذي قد يكون ضحية التقليد أو للتفاخر بشراء السلع الأجنبية.فعند تحليل الوضع التنافسي ) ويعد هذا العامل هام جدا عند تحديد أسعارMade in يتوجب على الشركة المصدرة معرفة اثر عبارة (
البيع في كل سوق.
*العرض الوطني : مستوى المنافسة بالنسبة للسلع المستوردة :الإنتاج السنوي،معدل النمو الحالي والمستقبلي،المنتجون الحاليون :عددهم وحصصهم السوقية.
*الطلب : معدل النمو،نسبة المنتجات الأجنبية والمحلية ،طبيعة المستهلكين :دخلهم ،أعمارهم، سلوكياتهم الاستهلاكية والشرائية ،مشاكل الاستيراد،الوثائق الضرورية .
*التوزيع :قنوات التوزيع الموجودة،تركيبة الوسطاء والموزعين من بلد لأخر ،حيث أن معرفتهم يزيل بعض العقبات عند دخول الأسواق الخارجية،حصة الأعمال وثمن(تكلفة) مختلف قنوات التوزيع.
*وسائل الإشهار وترقية المبيعات:الدعائم الموجودة ،تكلفتها،أهميتها،الوسائل المستعملة….
*القوانين والإجراءات:الاستيراد،السلع،التغليف،…الخ.

المطلب الثاني : وسائل دراسة السوق.

– تحديد مصادر المعلومات : تتطلب الدراسة تحديد أداة لجمع البيانات اللازمة ،وهناك مصدران أساسيان للحصول على البيانات وتسمى المصادر الأولية (الميدانية) والمصادر الثانوية.
*المصادر الأولية : تتمثل في الدراسات العامة والاستقصائية وهي نظريا تطابق الطرق والوسائل المتبعة في دراسة السوق المحلي و تتمثل في الملاحظة،التجربة،الاستقصاء.أما عمليا فقد تواجه الباحث صعوبات مقارنة بتطبيقها في السوق المحلي (اللغة،المسافة،الثقافة،السياسات المطبقة)
1-الملاحظة : وهي طريقة تتم فيها ملاحظة السلوك الحالي ونتائج السلوك السابق وتعتمد على الشاهدة الفعلية للظواهر،كملاحظة الإقبال على شراء نوع معين من السلع (ملاحظة الاقبال على الكتب الأجنبية).
2-التجربة : في هذا الأسلوب تجرى تجربة على عينة محدودة قبل أن تنفذ على نطاق واسع.
3-الاستقصاء : تعتمد على توجيه أسئلة لأفراد العينة أو مجتمع البحث،وفيها ثلاث طرق أساسية :الاستقصاء بالبريد، المقابلة الشخصية، الهاتف.
*المصادر الثانوية : بعد الدراسة الأولية لابد من البحث عن المعومات الثانوية،لأنها ضرورية للمؤسسة وهنا تلعب الحكومة الوطنية للشركة دورا هاما في تجميع المعومات ووضعها في خدمة المشروعات التصديرية والتي تكون عادة معطيات اقتصادية وتجارية عامة :قائمة بعدد الشركات الأجنبية والمنافسين في كل بلد ،معلومات عن تطور الأسواق الأجنبية،معلومات عن الأنظمة والقوانين الأجنبية والوطنية في مجال التجارة الخارجية…ويمكن للمؤسسة أن تلجا-في إطار الحصول على هذه المعلومات-إلى منظمات خاصة منها :
-غرف التجارة والصناعة المحلية ،الملحقين التجاريين في السفارات الوطنية في الخارج،…إضافة إلى بنك المعلومات ،المصارف التجارية ،شركات التامين ،شبكة الانترنت ،منشورات المم المتحدة وإحصائياتها،…
– الحصول على النتائج وتقويمها : بعد التعرف على وسائل وطرق دراسة السوق الخارجي وبعد الحصول على نتائج الدراسة يتم تقويم هذه المعلومات وفق الفوائد المحققة قياسا بالتكلفة المصروفة أو الوقت.وهناك أساليب عديدة لتقديم البيانات باستخدام الحاسب الآلي والتي يمكن استخدامها في المجال الدولي عند إجراء البحث لدراسة وتحليل الطلب أو التعرف على الحاجات الحالية للسوق أو قياس الطلب وغيرها من الدراسات.

المطلب الثالث : تجزئة السوق الخارجي

مما سبق وبعد التعرف على الصعوبات والعوائق التي تواجه المؤسسة عند إقدامها على اقتحام السوق الخارجي تلجا المؤسسة إلى تجزئة أو تقسيم السوق إلى قطاعات حتى تستطيع إن تعزز مكانتها السوقية :
1. المعايير المعتمد عليها في التجزئة :
*المعايير المشجعة على التجزئة في السوق الخارجي :
1-التجانس المتزايد الذي يعرفه الطلب على بعض المنتجات ،كمنتجات معترف بها عالميا مثلا : العطور الفرنسية،غرف فنادق المجموعات الدولية :الشيراتون،هيلتون ،التي تتمتع بخاصية العالمية فمعايير التجزئة فيها تتجاوز الحدود الجغرافية.
2-تجانس العرض لبعض المنتجات يفرض معايير تجزئة مماثلة عبر مختلف الأسواق الخارجية وتنتج هذه الحالة عن الخصوصيات التكنولوجية الخاصة بالمنتج.
*العوامل التي تحضر من تعميم هذه الأساليب والطرق:
-الخصائص الديمغرافية : الدين،الجنسية،اللغة،الأصل العرقي،…
-الخصائص الاجتماعية والاقتصادية : مستوى الدخل ،مستوى التحصيل المعرفي،…
-الخصائص الجغرافية : البلد ،الإقليم ،المناخ،…
2. طرق تجزئة السوق :
-التجزئة على أساس الامتيازات الموجودة :تتمثل في جمع الزبائن أو المستهلكين حسب رغباتهم بالنسبة لمنتج معين.
-التجزئة الوصفية : تهدف هذه الطريقة إلى وضع العلاقات بين المتغيرات المفسرة (مستوى الاستهلاك لمنتج معين)ومتغيرات مفسرة (الدخل ،مستوى التحصيل المعرفي)،عوامل جغرافية،اقتصادية نوغيرها.


انتو عارفين ايه هي
بحوث السوق

أبحاث التسويق هي عبارة عن تسجيل وجمع منهجي وتحليل للبيانات حول المشاكل المتعلقة بتسويق البضاعة والخدمات.
يتحتم على كل مدير مشروع صغير أن يسأل الأسئلة التالية بهدف ابتكار استراتيجيات تسويقية فعالة :

من هم العملاء الحاليون والعملاء المحتملون؟
أي نوع من الناس هم؟
أين يعيشون؟
هل يستطيعون الشراء وهل سيقومون بذلك؟

هل أقوم بعرض نوع البضاعة أو الخدمات التي يرغبونها وفي المكان الأفضل و الوقت الأنسب وبالكميات الصحيحة؟
هل تتوافق أسعاري مع ما يعتبره المشترون كقيمة للمنتج؟
هل هناك فائدة من برامج الترويج؟
ما هو رأي العملاء في مشروعي؟
كيف يبدو مشروعي بالمقارنة مع المنافسين؟
لا يعتبر بحث السوق علما متكاملا ولكنه يتعامل مع الأشخاص ومشاعرهم وتصرفاتهم المتغيرة باستمرار والتي تتأثر بعوامل شخصية كثيرة. من أجل إجراء بحث عن السوق يتحتم عليك جمع الحقائق والآراء بطريقة مرتبة موضوعية من أجل اكتشاف ما الذي يرغب الناس بشرائه وليس ما تريد أن تبيعه لهم.

لماذا عليك القيام بها ؟
من المستحيل بيع منتجات أو خدمات لا يرغب بها العملاء، حيث أن معرفة ما يرغب فيه العملاء وكيفية عرضه بصورة جذابة تؤدي للحاجة إلى أبحاث تسويق. وتتميز المشاريع الصغيرة على الشركات الكبيرة في هذا الخصوص. لأن المشاريع الكبيرة يتحتم عليها القيام باستخدام الخبراء بهدف دراسة السوق الكبيرة، بينما يكون أصحاب المشاريع الصغيرة أقرب من عملائهم ويمكن معرفة أمور أكثر وبصورة أسرع حول عادات الشراء لدى هؤلاء العملاء. و يكون لدى أصحاب المشاريع الصغيرة إحساس بحاجات عملاءهم عبر سنين من الخبرة، لكن هذه المعلومات غير الرسمية قد لا تكون ملائمة للسوق الحالية.

تركز أبحاث السوق معلومات التسويق و تنظمها. وتضمن أن هذه المعلومات ملائمة وتسمح لأصحاب المشاريع بما يلي:

تخفيض مخاطر العمل
تحديد المشاكل الحالية والمتوقع حصولها في السوق الحالية.
تحديد فرص المبيعات
تطوير خطط العمل
كيفية القيام بها ؟
يقوم أصحاب الأعمال بأبحاث عن السوق بشكل يومي دون أن يدركوا ذلك. و يعتبر تحليل البضاعة المرتجعة وسؤال العملاء السابقين عن سبب تحولهم إلى المنافسين إضافة للنظر إلى أسعار المنافسين، كل ذلك يعتبر أمثلة عن هذه الأبحاث. وكل ما يقوم به بحث التسويق الرسمي هو إجراء هذه العمليات المألوفة بصورة مرتبة. ويؤمن الإطار الذي تنظم فيه معلومات السوق.

بحث السوق – العملية
الخطوة الأولى: تحديد مشاكل و فرص التسويق
الخطوة الثانية: وضع الأهداف، الميزانية والجدول الزمني.
الخطوة الثالثة: اختيار نوع البحث، الأساليب والتقنيات.
الخطوة الرابعة: تصميم أدوات البحث

الخطوة الخامسة: جمع البيانات
الخطوة السادسة: تنظيم وتحليل البيانات
الخطوة السابعة: تقديم واستخدام نتائج أبحاث السوق

تحديد المشكلة أو الفرصة
الخطوة الأولى في عملية الأبحاث، ألا وهي تحديد المشكلة أو الفرصة، غالباً ما يتم التغاضي عنها رغم أنها حاسمة. ذلك أن تحديد السبب الجذري للمشكلة أصعب من تعيين تجلياتها الظاهرة، على سبيل المثال فإن تراجعاً في المبيعات هو مشكلة لكن ما يجب تصحيحه هو السبب الأساسي. ولتحديد المشكلة، يجب إعداد قائمة بكل عامل قد يؤثر على ذلك، ثم التخلص من أي عامل لا يمكن قياسه. تفحص هذه القائمة أثناء إجراء البحث لمعرفة إذا كان ينبغي إضافة أي عوامل، لكن لا تدع ذلك يؤثر كثيراً على جمع البيانات.

تقييم المعلومات المتوفرة
يجب عليك تقييم المعلمات المتوفرة فوراً. فربما تكون المعرفة الحالية تدعم فرضية أو أكثر، و لربما تصبح الحلول للمشكلة واضحة من خلال عملية تعريفها. يجب عليك موازنة كلفة جمع المزيد من المعلومات مقابل فائدتها المحتملة.

جمع معلومات إضافية
قبل دراسة الاستبيانات أو التجارب الميدانية، انظر إلى المعلومات المحتفظ بها حالياً: سجلات المبيعات، الشكاوى، إيصالات الاستلام، و أي سجلات أخرى يمكن أن تبين أين يعيش ويعمل العملاء، و نمط الشراء لديهم و ما الذي يشترونه. لقد وجد أحد أصحاب الأعمال الصغيرة أن العناوين على إيصالات استلام الدفعات النقدية تسمح له بتحديد العملاء في منطقة السوق. بهذا النوع من المعلومات أمكنه تحديد فئات مرجعية لعناوين عملائه و المنتجات التي اشتروها للتحقق من كفاءة إعلاناته.

لا شك أن عناوين العملاء تخبر عنهم الشيء الكثير. ذلك أن أساليب الحياة و عادات الشراء غالباً ما ترتبط مع المناطق.

تعتبر السجلات الائتمانية مصدراً ممتازاً للمعلومات، إذ تعطي معلومات عن وظائف العملاء، مستويات الدخل و الحالة العائلية. و لذلك فإن تقديم عروض الدفع على الحساب تعتبر أداة تسويق متعددة الوجوه لها تكاليف ومخاطر معروفة جيداً.

ربما يكون العاملون أفضل مصدر للمعلومات حول ما يرغب وما لا يرغب به العملاء، ذلك أن العاملين يسمعون شكاوى العملاء الطفيفة حول المخزن أو الخدمة، و هي أمور لا يشعر العملاء أنها ذات أهمية بحيث ينقلونها إلى صاحب العمل. كما أن العاملين يكونون على معرفة بالأصناف التي يطلبها العملاء و التي لا يوجد لديك مخزون منها. ويمكنهم غالباً توفير معلومات جيدة عن العملاء من خلال اتصالاتهم بهم من يوم لآخر.

البيانات الخارجية
الأبحاث الثانوية

إن الأبحاث الثانوية تستفيد من مصادر منشورة مثل الاستبيانات، الكتب، المجلات، و تعمل على تطبيق و إعادة ترتيب المعلومات فيها لكي تواجه المشكلة أو تغتنم الفرصة المتوفرة. إن صاحب شركة لبيع الإطارات يمكنه أن يخمن أن مبيعات الإطارات الحالية بالتجزئة ترتبط بعلاقة وثيقة مع مبيعات السيارات الجديدة قبل ثلاث سنوات. و لاختبار هذه الفكرة، من السهل مقارنة سجلات مبيعات السيارات الجديدة مع مبيعات الإطارات البديلة بعد ثلاث سنوات. و إذا تم إجراء ذلك على مدى السنوات الأخيرة، فإن ذلك يثبت أو لا يثبت الفرضية و يساعد في جهود التسويق إلى حد كبير.

إن الأرقام المطبقة على المنطقة المحلية يمكن أن تقدم معلومات أفضل مع تطبيق الظروف المحلية على الاتجاهات المحلية. كما تكون الصحف ووسائل الإعلام المحلية الأخرى نافعة إلى حد كبير.
هناك العديد من المصادر لمواد البحث الثانوية. ويمكن أن تجدها في المكتبات، الكليات، المنشورات التجارية و منشورات الأعمال العامة و الصحف. و تمثل الجمعيات التجارية و الوكالات الحكومية مصادر غنية للمعلومات.

الأبحاث الرئيسية
يمكن أن تكون الأبحاث الرئيسية بنفس درجة بساطة سؤال العملاء أو الموردين عن كيفية شعورهم حول الأعمال أو بدرجة تعقيد الاستبيانات المنفذة من قبل شركات أبحاث التسوق المهنية. كما أن استبيانات مباشرة بواسطة رسائل البريد الالكتروني، الاستبيانات الهاتفية، التجارب، دراسات الهيئات، اختبارات التسويق، و ملاحظات السلوكيات جميعها أمثلة على الأبحاث الرئيسية.

تنقسم الأبحاث الرئيسية عادة إلى أبحاث تفاعلية و غير تفاعلية. و تبين الأبحاث الرئيسية غير التفاعلية كيف يتصرف الناس في أوضاع السوق الفعلية دون التأثير على تلك السلوكيات حتى بطريق الصدفة. كما أن الأبحاث التفاعلية بما في ذلك الاستبيانات، المقابلات، و الاستطلاعات، من الأفضل أن يترك القيام بها للمتخصصين في التسويق، حيث يمكنهم أن يكونوا أكثر موضوعية و يعطون نتائج قائمة على حقائق موضوعية.

أولئك الذين لا يمكنهم شراء خدمات أبحاث التسويق ذات الأسعار العالية يجب أن يدرسوا ضمن خياراتهم طلب المساعدة من كلية أو جامعة أو كليات أعمال.
اتفضلو اللينك ده متخص في البحوث

بحوث السوق


الموقع ده جامد بيتكلم عن دراسات الجدوى التسويقية و حبيت اقدمهولكو علشان تستفيدو بيه بيتكلم عن الموضوع


اقدم لكم موقع يقدم دورات عن الازمة العالمية و من محتويات الدورة
كيف تكسر حاجز الخوف وتتفادى الوقوع في مصيدة القطيع؟
قانون التجاذب .. وكيفية استخدامه في تخطي الازمة العالمية
قوانين الغموض وقواعد التعامل معها
تفضلوا بدخول الموقع لمعرفه المزيد
الازمة الاقتصادية العالمية


التصنيفات
علوم التسيير والتجارة

أهمية تطوير هيئة الرقابة على الأوراق المالية لرفع كفاءة السوق المالي

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أقدم لكم إخوتي الكرام ملف يحتوي على أهمية تطوير هيئة الرقابة على الأوراق المالية لرفع كفاءة السوق المالي "دراسة حالة شركة وورلد كم الأمريكية "
http://www.filesin.com/B2D9D292880/download.html

الشكر الجزيل…

.الشكر الجزيل…

اكرر الشكر الجزيل…