التصنيفات
العلوم الإلكترونية

عالم التقنية النانوية Nanotechnology

مقدمة:


تعليم_الجزائرعالم التقنية النانوية Nanotechnology

التقنية النانوية هي ابتكار واستخدام المواد أو الأجهزة في مجالات صغيرة جداً تقع ما بين 1 إلى 100 نانومتر – حيث يعادل النانومتر الواحد جزء من مليار من المتر ( 0,000000001 متر)- أي أصغر بخمسين ألف مرة من قطر شعرة من الإنسان. وقد سمى العلماء المجال من 1- 100 نانومتر بالمجال أو النطاق النانوي، والمواد ضمن هذا المجال سميت بلورات نانوية أو مواد نانوية.

المجال النانوي فريد من نوعه؛ وذلك لأن العديد من الوظائف الحيوية تعمل في مجال طوله من 0,1- 100 نانومتر. ضمن هذه الأبعاد تبدي المواد خصائص حيوية مختلفة، وبناءً على ذلك توقع العلماء أن العديد من التأثيرات ضمن المجال النانوي سوف تكتشف وتستخدم في ابتكارات تقنية جديدة وفي شتى مجالات الحياة.

عدد من هذه الاكتشافات الهامة قد ظهرت بالفعل وهي مستخدمة في جميع أنحاء العالم، ومن الأمثلة عليها : تلك الأدوات التي تقوم بالقراءة والكتابة على القرص الصلب في الكمبيوتر. ولا يزال العديد من العلماء والمهندسين والتقنيين يعتقدون أنهم لم يتوصلوا إلا إلى بداية عالم التقنية النانوية.

التقنية النانوية لا تزال في بداياتها، ولا أحد يمكنه التنبؤ بما يمكن أن ينتج عنها خلال الأعوام والعقود القادمة. يعتقد العلماء أنه يمكن القول وبكل ثقة أن التقنية النانوية سيكون لها تأثير رئيسي على الطب والصحة، وعلى إنتاج وحفظ الطاقة، وعلى حماية البيئة والالكترونيات والكمبيوتر وعلى أمن العالم أجمع.
BME. Feras

مشاركات: 13
اشترك في: السبت سبتمبر 15, 2022 2:45 pm
الاختصاص: Biomedical Engineering

ما هي التقنية النانوية ؟

II. ما هي التقنية النانوية؟

تعليم_الجزائرالأبعاد النانوية

لفهم حجم النطاق النانوي علينا أن ننظر إلى قطر الذرة. يبلغ قطر ذرة الهيدروجين – التي تعتبر أصغر الذرات الطبيعية – حوالي 0,1 نانومتر فقط. تتحد الذرات مكونةً جزيئات – الوحدة الصغرى في المركبات الكيميائية – ، ويبلغ قطر الجزيئات التي تحتوي على 30 ذرة نحو نانومتر واحد فقط.
إمكانية إنشاء مواد جديدة تقوم بنفس وظائف الجزيئات الطبيعية جعلت العلماء يكرسون اهتمامهم في عالم لا يتجاوز قطره 100 نانومتر، وهي المسافة التي تتغير فيها خصائص المواد بشكل كبير.

لقد عرف الإنسان تغير خصائص المواد ضمن هذا النطاق الدقيق، فالعاملون في مجال الزجاج في العصور الوسطى – على سبيل المثال – توصلوا إلى أنه بتقطيع الذهب إلى حبيبات دقيقة ورش هذه الحبيبات على الزجاج فقد يتحول لونها إلى اللون الأزرق أو الأخضر أو الأحمر حسب حجم تلك الحبيبات، وحصلوا بذلك على الزجاج الملون المستخدم أحياناً في النوافذ. هم تمكنوا من إنشاء بلورات نانوية من الذهب، ففي المجالات فوق 100 نانومتر يظهر الذهب بلونه المعروف، أما في المجالات الأقل من ذلك فيظهر بألوان مختلفة.
الباحثون والخبراء في مجال التقنية النانوية أثاروا الفضول حول إمكانية إنشاء أدوات في مستوى النطاق الجزيئي أو النانوي، وأيضاً إمكانية جعلها تقوم بتكرار وظائفها بشكل دائم تماماً كما تفعل الأعضاء الحية. ولكن بعض العلماء شكك إمكانية البنى الدقيقة على تحقيق ذلك.

مقاربات التقنية النانوية NanoTechnology Approaches

III. مقاربات التقنية النانوية NanoTechnology Approaches:

يقوم العلماء حالياً بتجارب لصنع بنى أو أدوات ضمن النطاق النانوي، وذلك وفقاً لنوعين من المقاربات: مقاربة التقسيم ومقاربة التجميع.

أ‌- مقاربة التقسيم :

يبدأ التقنيون في عملية التقسيم مع جسم مادي فيقطعونه إلى قطع صغيرة. تستخدم عموماً هذه العملية اليوم لصنع رقاقات الكمبيوتر، وقد تم التوصل إلى صنع رقاقات كمبيوتر أرق من 100 نانومتر على الرغم من أن معظم الرقاقات التجارية سماكتها أكبر بكثير من ذلك. الرقاقات الأصغر والأسرع ستجعل الكمبيوترات قابلة لأن تكون أصغر وقادرة على إنجاز وظائف أكثر وبسرعة أكبر.

مقاربة التقسيم – والتي تدعى أحياناً بالبناء الميكروي أو النانوي – تستخدم تقنيات الطباعة الحجرية المتقدمة لصنع بنى بحجم رقاقات الكمبيوتر التجارية الحالية أو حتى أصغر منها. هذه التقنيات في الطباعة الحجرية المتقدمة تشمل نوعين: طباعة حجرية بصرية وطباعة حجرية الكترونية شعاعية.

حالياً يمكن أن تستخدم الطباعة البصرية لصنع تراكيب صغيرة بمقدار 100 نانومتر، وتبذل الجهود لصنع أدوات أصغر باستخدام هذه التقنية.
أما الطباعة الشعاعية الالكترونية فيمكنها صنع تراكيب أصغر تصل إلى 20 نانومتر ولكنها غير مناسبة للإنتاج لأنها مكلفة جداً.
وفي النهاية فإن هذه المقاربة في إنتاج التراكيب النانوية ليست فقط مرتفعة التكاليف ولكنها أيضاً مستحيلة تقنياً.
إن تجميع وتركيب رقاقات الكمبيوتر أو المواد الأخرى المجال النانوي غير عملي لسبب رئيسي. فعند قطع مادة ما بأسلوب تصميمي خاص؛ يجب أن تكون الأداة المستخدمة لإنجاز العمل تتمتع بأبعاد دقيقة أكثر من دقة أبعاد المادة المراد قطعها، وهكذا فإن هذه الأداة يجب أن يكون لها طرف قاطع أدق من أدق التفاصيل لكي تتمكن من القطع وفق الأبعاد المطلوبة، وهذا ما ليس متوفراً حالياً ويتطلب تكاليف باهظة للحصول عليه.

ب‌- مقاربة التجميع :

تعليم_الجزائر مثال لمراحل مقاربة التجميع Nano5.jpg (30.66 كيلوبايت) شوهد 845 مرات

كنتيجة لعقبات مقاربة التقسيم، أصبح العلماء مهتمين بشكل كبير بمقاربة أخرى لصنع بنى ضمن المجال النانوي تعرف بمقاربة التجميع.
هذه المقاربة تستلزم التعامل الجيد مع الذرات والجزيئات لتشكل البنى أو التراكيب النانوية. وتجتنب مشكلة إيجاد طريقة أكثر دقة لتصغير المادة إلى الحجم النانوي. عوضاً عن ذلك فإن التراكيب النانوية ستكون مجمعة ذرة فوق ذرة وجزيء فوق جزيء تماماً كما يحدث في الطبيعة. لكن التجميع في هذا المجال له تحدياته الخاصة.

في المدارس يتعلم الأطفال القليل حول هذه التحديات عندما يدرسون حركة الجزيئات الصغيرة العشوائية التي تُرى في الجسيمات الراكدة في السوائل – كالماء مثلاً -.
إن الجسيمات نفسها لا تتحرك ولكن جزيئات الماء المحيطة بها تكون في حركة متواصلة، وهذه الحركة تسبب تصادم الجزيئات عشوائياً، كما تبدي الذرات حركة عشوائية تبعاً لطاقتها الحركية.
إن درجة الحرارة وقوة الروابط تبقي الذرات في مكان يحدد الدرجة التي يمكن للذرات أن تتحرك فيها. حتى في المواد الصلبة عند درجة حرارة الغرفة وأنت جالس على الكرسي فإن ذرات الهواء من حولك تتحرك في عملية تدعى الانتشار. هذه القدرة على الحركة التي تتمتع بها الذرات تزداد عندما تتحول المادة من الحالة الصلبة إلى السائلة ومنها إلى الغازية.

إذا استطاع العلماء والمهندسون النجاح في التجميع ضمن المجال الذري فيجب أن يمتلكوا الوسيلة ( الموارد المالية ) ليتغلبوا على هذا النوع من السلوك. مثال واضح عن تحدٍّ حدث عام 1990 عندما قامت شركة IBM باستخدام فكرة مجس مجهري لتجميع ذرات الزينون الأحادية لتشكيل الأحرف IBM على سطح من النيكل.

لمنع الذرات من الحركة بعيداً عن مواقعها المحددة : تم تبريد سطح النيكل إلى درجات حرارة قريبة من الصفر المطلق (273,15- درجة مئوية أو 459,67- درجة فهرنهايت). عند درجة الحرارة هذه تمتلك الذرات طاقة حركية صغيرة جداً، ولكن تحقيق هذه الدرجة غير عملي وغير اقتصادي في عمل الأجهزة التجارية. وبالرغم من ذلك فإن قدرة العلماء على التعامل الجيد مع الذرات هي واحدة من أوائل الإشارات على أن مقاربة التجميع يمكن أن تنجح. وهي أيضاً تشير إلى نشوء التقنية النانوية كعلم تجريبي…

BME. Ferasمشاركات: 13 اشترك في: السبت سبتمبر 15, 2022 2:45 pm الاختصاص:Biomedical Engineering

أعلى

نشأة التقنية النانوية The Emergence of NanoTechnology

IV. نشأة التقنية النانوية The Emergence of NanoTechnology:

إن مفهوم التقنية النانوية بدأ مع الفيزيائي الأمريكي ريتشارد فينمان Richard Feynman (1918- 1988) الذي قدم أمثلة كثيرة عن فوائد إنتاج تراكيب صغيرة جداً، وقد طرح آنذاك أن الموسوعة البريطانية بكاملها يمكن أن يصل حجمها إلى حجم رأس الدبوس، وأن مجمل المعرفة الإنسانية المطبوعة يمكن اختزالها إلى 35 ورقة عادية. وعلى الرغم من أن فينمان لم يبتكر مصطلح التقنية النانوية، إلا أنه وجه الأنظار إلى مفاتيح التقنية النانوية الحديثة، كأهمية المجاهر المتطورة وتطور نظريات صناعتها.

وقد أشار إلى عالم الطبيعة كمثال على إمكانية حصر الكثير من المعلومات في حيز صغير جداً. إن خلية واحدة – على سبيل المثال – يمكن أن تتحرك وتؤدي عمليات كيميائية حيوية، وتحتوي ضمن الحمض النووي DNA الخاص بها على كافة المعلومات عن تصميم وعمل الكائن الحي المعقد.

اعتقد فينمان أن صنع بنى ضمن المجال النانوي ممكن إذا ما تم استخدام الأساسيات في قوانين الفيزياء. وقد استشهد بإمكانية تجميع ذرة مع ذرة لتأليف بنية ما ( جزيء أو أداة ) من ذرات أحادية حيث تترابط مع بعضها بدقة بواسطة قوى كيميائية.
هذه الإمكانية قادت إلى مفهوم ” المجمع العام ” وهو جهاز آلي بأبعاد المجال النانوي، والذي يمكنه بشكل آلي تجميع الذرات لتشكيل جزيء من المركبات الكيميائية المطلوبة.
فمثلاً، جهاز يمكنه تجميع ذرات الكربون لتشكيل أدوات كبيرة رخيصة الثمن، مثل هذه المواد يمكن أن يكون لها الكثير من التطبيقات الصناعية والاستهلاكية، وذلك لأنها أقل وزناً وأيضاً صلبة جداً وعازلة كهربائياً وناقلة للحرارة في نفس الوقت.
إن فكرة المجمع الآلي في المجال النانوي تستمر حتى تعزز من قبل بعض الباحثين. ورغم ذلك هناك مناقشة هامة فيما إذا كان جهاز ما ممكن بالفعل ضمن قوانين الكيمياء والفيزياء والترموديناميك المعروفة.

أ) أدوات التقنية النانوية:

إن المجتمع العلمي بدأ عملاً جاداً العلوم النانوية عندماً أصبحت الأدوات متوافرة في أواخر السبعينات وبداية الثمانينات، أولاً للفحص وثانياً للمعالجة والتحكم بالمواد والأنظمة في المجال النانوي. هذه الأدوات تتضمن مجهر إرسال الإلكترون ( TEM ) ومجهر القوى الذرية ( AFM ) والمجهر الأنبوبي الفاحص ( STM ).

1- مجهر إرسال الإلكترون TEM :
يستخدم هذا المجهر حزمة إلكترونية ذات طاقة عالية لفحص عينة سماكتها لا تتجاوز 100 نانومتر. وتكون هذه الحزمة الإلكترونية موجهة على المادة لتكبيرها، حيث تُمتص بعض الإلكترونات أو ترتد من على سطح المادة بينما يعبر بعضها الآخر عبر المادة لتشكيل صورة مكبرة لها. مجاهر TEM يمكنها تكبير المادة حتى 30 مليون مرة بينما المجهر البصري الضوئي العادي يمكن أن يكبر المادة حتى 1000 مرة فقط.
إن هذه المجاهر مناسبة لوصف مادة بأبعاد أقل من 100 نانومتر وهي تعطي معلومات عن حجم البنية النانوية ومكوناتها ومركباتها البلورية.
إن مجهر TEM أداة فعالة وشائعة في مجتمع العلم النانوي. معظم الصور التي تُنشر في الصحف العلمية عن بلورات نانوية مأخوذة ومسجلة بواسطة هذه المجاهر.
مجاهر TEM يمكنها بسهولة أن تبدي للعيان ذرات فردية في بلورات نانوية لنصف ناقل.

2- مجهر القوى الذرية AFM :
هذا المجهر يستخدم رأس سيليكوني دقيق جداً – عادة يكون قطره أقل من 100 نانومتر – يستخدم كمجس لإنشاء صورة عن عينة من مادة ما. حالما يتحرك المجس السيليكوني على طول سطح العينة فإن الإلكترونات من الذرات الموجودة في العينة تصد الإلكترونات الموجودة في المجس. ويقوم المجهر بضبط ارتفاع المجس لإبقاء القوة ثابتة على العينة.
يقوم جهاز حساس بتسجيل حركات المجس نحو الأعلى أو الأسفل تبعاً لسطح المادة وينقل البيانات إلى الكمبيوتر الذي ينشئ صورة ثلاثية الأبعاد لسطح العينة. وبالتالي يمكن تسجيل الوصف الدقيق للسطح بمعلومات عالية الدقة.

3- المجهر الأنبوبي الفاحص STM :
يستخدم هذا المجهر مجساً صغيراً يمكن أن يكون رأسه صغيراً جداً حتى مقدار ذرة واحدة. يستفيد هذا المجهر من الخاصية الموجية للإلكترونات والتي تدعي بالنفاذية .
إن النفاذية تسمح للإلكترونات أن تُقذف من المجس لتخترق أو تنفذ عبر سطح العينة المفحوصة، ويتعلق معدل نفاذ الإلكترونات من المجس إلى سطح العينة بالمسافة بين المجس والسطح.
هذه الإلكترونات المتحركة تولد تياراً كهربائياً صغيراً يقيسه هذا المجهر، ويقوم المجهر بضبط ارتفاع المجس ليبقى هذا التيار ثابتاً. وبمتابعة تغير ارتفاع المجس أثناء حركته فوق السطح يمكن الحصول على خريطة مفصلة للسطح لدرجة تكون فيها الذرات الفردية الموجودة على السطح واضحة.

ب) معالجة الذرات:

إضافةً إلى التصوير فإن المجاهر AFM و STM تفيد أيضاً في معالجة التراكيب النانوية. وفي هذا الجانب فإن الرؤوس تشابه الأذرع التي يمكن استخدامها في معالجة الذرات الفردية.
فمثلاً خبراء IBM لم يقوموا فقط بتحريك الذرات وتنظيمها على شكل الأحرف ولكنهم استخدموا مجهر STM لترتيب 48 ذرة من الحديد بشكل دائري حيث أمكن مشاهدة هذه الظاهرة بالعين المجردة. ولم تكن هذه المعالجة ممكنة إلا في درجات حرارة منخفضة جداً.

وبالرغم من أن مجاهر AFM وSTM صالحة للذرات المتحركة والبنى النانوية فإن العملية تكون بطيئة جداً ومبددة للوقت. لذلك يأمل العلماء بتطوير هذه التقنية بواسطة استخدام عدد كبير وضخم من الرؤوس الفاحصة بدلاً من استخدام رأس واحد فقط.

جـ) تركيب جزيئات الكربون وتطويراتها:

لقد أثارت العديد من التطويرات في الثمانينات والتسعينات الاهتمام حول التقنيات النانوية الممكنة. في عام 1985 اكتشف الكيميائيون في جامعة رايس في هيوستن- تكساس أن باستطاعتهم صناعة جزيئات كربونية كروية تماماً مؤلفة من 60 ذرة كربون.
القدرة على صنع هذه البنى الكربونية كانت مثيرةً لعدة أسباب؛ فالكربون هو حجر البناء الأساسي للمادة في الكائنات الحية، كما أن ذرات الكربون تتحد بسهولة مع الذرات الأخرى ويمكنها تشكيل مركبات أكثر من أي عنصر آخر، كما تشكل ذرات الكربون روابط قوية تساعد في تشكيل مواد قوية وخفيفة نسبياً في نفس الوقت.
ولكن الخواص الأهم في كرات الكربون هذه كانت أكثر إثارة عندما اتحدت مع مواد أخرى مما جعلها إما عازلة أو ناقلة أو نصف ناقلة للكهرباء.

وفي عام 1991 نشر الفيزيائي الياباني سوميو إيجيما Sumio Iijima تقريراً موسعاً بناءً على اكتشاف كرات الكربون هذه، فخلال دراسته اكتشف إصداراً معدلاً لأنابيب عُرفت بأنابيب الكربون النانوية، وقد كان الأنبوب رفيعاً وقوياً بشكل غير عادي من الكربون الذي وصف آنذاك بأنه ” أقوى مادة يمكن تصنيعها “.
وفي عام 1993 قام عالمان فيزيائيان يعمل كل منهما على حدة هما إيجيما من اليابان والأمريكي دونالد بيتون Donald Bethune ، قاما بتطوير أنبوب نانوي بسماكة قدرها ذرة واحد فقط.
كان لهذه الإنجازات مضامين هائلة، حيث إن استخدام هذه الأنابيب في الدارات الإلكترونية يمكن أن ينتج رقاقات تحتوي على بلايين الترنزيستورات مقارنة بـ 42 مليون ترانزيستور في الرقاقات الحالية، وبذلك فإن الكمبيوتر يمكن أن يصبح أصغر وأسرع وأكثر فاعلية.

لقد قاد التركيز المتزايد على المجال النانوي حكومة الولايات المتحدة في عام 1999 إلى تعريف التقنية النانوية كدراسة ذات أهمية، وفي الـ 2000 أعلن الرئيس بيل كلينتون عن المبادرة الوطنية للتقنية النانوية National Nonotechnology Initiative (NNI)، وذلك بميزانية بلغت 442 مليون دولار. وتبعها بعد ذلك بقليل الدول الصناعية الرائدة في العالم.
وبحلول عام 2022 كانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان تدير مبادرات التقنية النانوية مع مستويات تمويل وصلت إلى مليار دولار خلال العام لتعزيز التطور في هذا المجال، وقد وصلت الميزانية في الولايات المتحدة إلى 3,7 مليار دولار خصصت لأبحاث التقنية النانوية خلال السنوات الأربعة التالية.

تم تطوير منتجات تجارية هامة اعتماداً على تقنيات نانوية. تم التوصل إلى تصميم رؤوس القراءة والكتابة في القرص الصلب عن طريق فيلم متعدد الطبقات بسماكة نانومترية. هذه الأفلام زادت حساسية رؤوس القراءة والكتابة، وبذلك يمكن إضافة العديد من البتات bits الإضافية على سطح الأقراص الصلبة، مما سيؤدي إلى زيادة سعة الذاكرة الموجودة في أجهزة الكمبيوتر الحديثة.

خط إنتاج آخر في التقنية النانوية كان استحضار جسيمات نانوية من الزنك أو أكاسيد التيتانيوم التي تمتص أشعة الشمس فوق البنفسجية وغير مرئية بالعين المجردة. هذه التقنية جعلت شركات مستحضرات التجميل قادرة على تقديم حماية للبشرة في منتجاتها من دون آثار ظاهرة.

في أوائل القرن الحادي والعشرين بدأت شركات مساهمة بتعريف العلم النانوي والتقنية النانوية كمجال لتطوير نفسها بواسطة العديد من المفاهيم والمقاربات التي يمكن أن تؤثر في خطوط متعددة للصناعة. وقد أصبح شائعاً للشركات المساهمة ذات التقنية العالية أن تمتلك مديراً أو عالماً متخصص في تطوير استراتيجية التقنية النانوية وأبحاثها وتطوراتها.

التحديات التي تواجه التقنية النانوية

V. التحديات التي تواجه التقنية النانوية:

هناك تحدٍّ رئيسي يواجه التقنية النانوية ألا وهو كيفية صناعة البنى النانوية المرغوبة، ومن ثم دمجها في نظام عملي تماماً لتكون مرئية لعين الإنسان، وهذا يتطلب إنشاء واجهة Interface بين بنى مصممة في نطاق النانومتر وأخرى في نطاق الميكرومتر.

هناك استراتيجية شائعة تتجلى في استخدام ما هو معروف بطريقة ” مقاربة التقسيم- التجميع “، هذه الطريقة تستلزم صنع بنية نانوية بأدوات تستخدم في المجال النانوي، وإنشاء البنى النانوية وفق تقنيات تركيب محددة. ومن ثم عرضها للعالم في المجال الميكرومتري عن طريق استخدام عملية مقاربة التقسيم.

ولكن هناك عوائق تقنية تواجه التقنية النانوية. فعلى سبيل المثال، تنتج مقاربة التجميع بلورات نانوية بحدود 1 نانومتر، وهو بعد صغير جداً بالنسبة لتقنيات التركيب والإنشاء الحالية ليتم التعامل معها. ونتيجة لذلك فإن عرض البلورات النانوية على العالم معقد جداً وعملية مكلفة للغاية. ويجب إيجاد تدابير وإجراءات متطورة للتغلب على هذه العوائق قبل أن تتمكن البنى النانوية من أن تصبح جزءاً من التطبيقات الصناعية السائدة حالياً.

كذلك وبينما أصبح حجم البنية النانوية أقل دقة فإن منطقة سطح المادة ازداد وبشكل مثير بالنسبة إلى الحجم الكلي للبنية. وذلك يفيد في التطبيقات التي تتطلب منطقة سطحية كبيرة، تساهم هذه المنطقة في زيادة إمكانية احتكاك طبقات غير مرغوب بها من الجزيئات بالسطح، مؤذية بذلك الأداء الكهربائي للأنابيب النانوية.

هناك قضية هامة أخرى ترتبط بحقيقة أن خواص البلورات النانوية حساسة جداً لأي تغير بحجومها أو بنيتها أو خواص سطحها. إن أي تغيير بسيط يمكن أن يغير من الخواص الفيزيائية بشكل كبير.

يتطلب منع حدوث مثل هذه التغيرات دقة عالية في تطوير وإنشاء البنى النانوية، ويمكن بعد تحقق ذلك تطوير الأجهزة المعتمدة على البنى النانوية إلى المستوى المناسب.

VI. التأثيرات المستقبلية للتقنية النانوية:

من المتوقع أن يكون للتقنية النانوية تأثيرات متنوعة على الاقتصاد والمجتمع والبيئة والأمن القومي.
في عام 2000، بدأت مؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية العمل مع المبادرة الوطنية الأمريكية للتقنية النانوية لتوجيه الآثار الممكنة للتقنية النانوية واقتراح الطرق لتخفيض وتقليل النتائج غير المرغوب بها.

على سبيل المثال ,فإن تطورات التقنية النانوية قد تؤدي إلى نقص في بعض الوظائف، كما هو الحال عندما قضى تطور السيارات على العديد من وسائل النقل المعتمدة على الدواب و أدى إلى فقدان العديد لوظائفهم.

إن المنتجات المعتمدة على التقنية النانوية ستؤدي حتماً إلى نتائج مشابهة في بعض الصناعات المعاصرة. ومن الأمثلة على المهن المهددة بالانقراض هي الأعمال في الصناعة التقليدية للتلفزيونات. إن تلفزيونات الإصدار الحقلي المعتمدة على التقنية النانوية أو شاشات التلفاز المسطحة ذات البلورات السائلة ستجعل هذه الأعمال مهملة. تبشر هذه الأنواع الجديدة من التلفزيونات بتحسين جذري في نوعية الصورة .

فمثلاً، في التلفزيونات الجديدة فإن كل بكسل (عنصر صورة) مؤلف من رأس حاد يبعث الالكترونات بسرعة عالية عبر فجوة صغيرة داخل وميض أحمر أو أخضر أو أزرق .إن البيكسلات تكون أكثر سطوعاً بعكس شاشات ال LCD التقليدية التي تفقد سطوعها في ضوء الشمس .
إن تلفزيونات الإصدار الحقلي تحتفظ بوضوحها في سطوع ضوء الشمس وهي تستخدم طاقة أقل بكثير من التلفزيونات العادية ويمكن أن تكون مصنعة بشكل رفيع جداً ( أقل من المليميتر ) ورغم ذلك فإن الأجهزة التجارية الحالية ستكون أضخم قليلاًمن أجل الاستقرار و الثبات التركيبي و قوة البنية .

ادعت شركة Samasung أنها ستطلق الموديل التجاري الأول المعتمد على أنابيب الكربون النانوية القاذفة في أوائل 2022، وحتى اليوم، ما زالت منتجاتها قيد التجريب .

من الممكن أن تكون الخسائر المحتملة الأخرى في الأعمال هي أمناء الصناديق في الأسواق التجارية في حال استبدلوا بالكومبيوترات ذات الأفلام الرقيقة المرنة المعتمدة على التقنية النانوية والتي تكون موضوعة في أغلفة المنتجات البلاستيكية، وبذلك يمكن معرفة قيمتها كلها دفعة واحدة .وبذلك يمكن لزبائن الأسواق التجارية ببساطة تمرير عرباتهم عبر بوابة كشف بشكل مشابه تماماً لأنظمة الأمن المغناطيسي الموجودة عند مخارج المحلات اليوم.

وهكذا ورغم أي تحول في التقنية النانوية فإنه من المتوقع أن توجد التقنية النانوية العديد من الأعمال الجديدة .ويمكن أن تصبح الآثار الاجتماعية كبيرة من التحسن المعتمد على التقنية النانوية في العناية بصحة الإنسان.

ونتيجة تحسن التقنية النانوية فإن زيادة عشرة أعوام في عمر الإنسان هو شيء متوقع في الولايات المتحدة الأمريكية وسيكون لذلك أثر هام على الأمن الاجتماعي و ترتيبات التقاعد.

وفي مجالات التقنية الحيوية و الوراثية : تمتلك سبل تطور أساسية في التقنية النانوية مضموناً أخلاقياً. ويمكن أن يكون للمواد النانوية آثار بيئية عكسية، لذلك؛ لابد من وجود تنظيم مناسب في الموقع لتقليل أية آثار مؤذية، ولأن المواد النانوية غير مرئية للعين المجردة فلا بد من اتخاذ حيطة إضافية لتجنب إطلاق هذه الجسيمات في المحيط .

تشير بعض الدراسات التمهيدية إلى خواص مسرطنة (إمكانية التسبب بالسرطان) للأنابيب الكربونية النانوية .

ورغم أن هذه الدراسات تحتاج للتأكيد فإن العديد من العلماء يعتقدون أنه من الحكمة اتخاذ الإجراءات لمنع أية مخاطرة محتملة يمكن أن تسببها هذه التراكيب النانوية. لكن الأكثرية الضخمة من المنتجات المعتمدة على التقنية النانوية ستحتوي على مواد نانوية متاخمة لمواد أو عناصر أخرى أكثر من المواد النانوية محدودة الحجم ذات الحركة الحرة، وعند ذلك لن تصنف و كأنها مخاطرة.

وفي الوقت نفسه، فإنه من المتوقع أن يكون لانتشار التقنية النانوية فوائد بيئية كتقليل انبعاث ملوثات الهواء ومنظفات قنوات نقل النفط. وتعطي مناطق السطح الواسعة في المواد النانوية قدرة هامة على امتصاص مواد كيميائية متعددة.

فقد استخدم الباحثون الآن وفي المخبر الوطني لشمال غربي المحيط الهادي في ريتشلاند في واشنطن (و هو جزء من قسم الولايات المتحدة للطاقة ) قالباً نفوذاً من السيليكا مع طبقة فعالة خاصة لإزالة الرصاص والزئبق من إمدادات الماء.

أخيراً، يمكن أن يكون للتقنية النانوية في الأمن الوطني والتي يمكنها تحسين القوى العسكرية والسماح برقابة أفضل للسلام وتحقيق المعاهدات.

يمكن أن تطور الجهود مع أجهزة التقنية النانوية لمنع إنتاج الأسلحة النووية أو للكشف عن وجود أسلحة كيميائية و بيولوجية.

التقنية النانوية ومراكز الأبحاث :

لقد تواجدت منذ ميلاد التقنية وحتى يومنا هذا العديد من مركز الأبحاث العلوم النانوية وتقنياتها وفي كثير من جامعات دول العالم المتقدمة ومختبراتها، كما تواجدت مراكز تعنى بهذه العلوم بشكل تخصصي أكثر، فرأينا معاهد وجامعات تدرس الإلكترونيات النانوية والضوئية مثل : معهد التقنية النانوية في نيويورك وجامعة كاليفورنيا، كما رأينا جامعة كورنيل في نيويورك تدرس فرعاً تقنياً آخر من التقنية النانوية ألا وهو ( التقنية النانوية الحيوية ).

وكاختصاصات أخرى، نجد معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا يدرّس أبحاث البناء والتشكيل النانوي Nanopatterning & Assembly، وجامعات في بينسيلفانيا وهيوستن في الولايات المتحدة أيضاً تدرس العلوم البيئية والحيوية ذات الأساس النانوي، وأخرى في ولاية كاليفورنيا كجامعة بيركلي تدرّس علم المواد النانوية. وتتواجد حقيقة غير ذلك العديد والعديد من مراكز الأبحاث والمختبرات التي تعنى بهذه التقنية في العالم كمجموعة معاهد ماكس بلانك في ألمانيا، ومركز البحث العلمي الفرنسي CNRS، والمعهد الوطني للعلوم والتقنيات الصناعية في اليابان.


موضوع جميل وشيق استاذنا العزيز
هل لديك فكرة عن الاجهزة الالكترونية التي تتعامل مع هذه التقنية ؟
تحياتي