التصنيفات
لغــة وأدب عربي

النحو إلى أصول النحو

الحمد لله ، و الصلاة و السلام على رسول الله ، و على آله و صحبه و من والاه .
أما بعد :
( فإن النحو علم يُعرف به حقائق المعاني ، و يوقف به على معرفة الأصول و المباني ، و يحتاج إليه في معرفة الأحكام ، و يستدل به على الفرق بين الحلال و الحرام ، و يُتوصل بمعرفته إلى معاني الكتاب ، و ما فيه من الحكمة و فصل الخطاب )[1]
و لابد له مع ذلك من أصول تُحكمه ، و ضوابط تضبطه حتى يكون الاستدلال ، و الاحتجاج على أصول و قواعد محكمة.
و قد كتب في ذلك الجلال السيوطي ( الاقتراح في أصول النحو و جدله ) فنثر فيه درراً ، و غرراً ، و فوائد بديعة ، و شوارد رفيعة .
و مما زاده جمالاً على جماله شرح ابن الطيب الفاسي ( فيض نشر الانشراح من روض طي الاقتراح ) عليه ، فجلى فيه غوامضه ، و أبان مشكلاته .
و قد اعتراهما حشوٌ يُورث الملل و السآمة على المشتغل بالقراءة فيهما .
و قد صحَّ العزم باختصار و تهذيب لكتاب السيوطي مقتصراً فيه على المهم من تلك الأصول ، وزائداً عليه المهم _ من غيـره _ ، مجانباً للحشو فيه .
و سميته بـ ( النحو إلى أصول النحو ) .
و مرادي بـ ( النحو ) الأولى القصد إذ هو من معانيه [2]، و بالثانية العلم – أي علم النحو -.
و الله أسأل أن ينفع به كما نفع بأصله .

مقدمات
أصول النحو : علم يُبحث فيه عن أدلة النحو الإجمالية من حيث هي أدلته ، و كيفية الاستدلال بها، و حال المستدل بها .
حد النحو : علم بأصولٍ يُعرف بها أحوال أواخر الكلم العربية إعراباً و بناءً .
و قيل : انتحاء سمْتِ كلام العرب ليلحق مَنْ ليس مِنْ أهل العربية بأهلها في الفصاحة .
حد اللغات : اللغة أصوات يُعَبِّر بها كل قوم عن أغراضهم .

فصل
في مبدأ اللغة
اختلف أهل العربية في ذلك على أقوال ثلاثة :
الأول : أنها من وضع الله تعالى . وهو الأرجح .
الثاني : أنها اصطلاحية .
الثالث : التوقف .

فصل
في المناسبة بين الألفاظ و المعاني
أطبق أهل اللغة على التناسب بين الألفاظ و المعاني ، بل الألفاظ قوالب للمعاني .
و هي شرط في الألفاظ لأنها إن كانت من وضع الله تعالى فهي لازمة لحكمته ، أو كانت من وضع البشر فهي ظاهرة لمرادهم لمعناها .
و دلالة الألفاظ على المعاني إما :
(1) بذواتها .
(2) أو بوضع الله تعالى .
(3) أو بوضع الناس .
(4) أو بكون البعض بوضع الله ، و البعض بوضع الناس .

فصل
في الدلالات النحوية
الدلالة هي ما يقتضيه اللفظ عند إطلاقه .
و هي ثلاث دلالات :
الأولى : دلالة لفظية : وهو ما يعود إلى القول و الكلام .
الثانية : دلالة صناعية : و هي ما يعرف بالمصطلح .
الثالثة : دلالة معنوية : وهو ما يفهم من الملابسات المحيطة بالمتكلم من غير استعانة بكلام كـقولك للمسافر : سفرا سعيدا أي تسافر سفرا سعيدا .

فصل
في الحكم النحوي
الحكم النحوي ستة أقسام :
الأول : الواجب ؛ كـ ( رفع الفاعل ) و تأخره عن الفعل .
الثاني : الممنوع ؛ كعكس ما سبق .
الثالث : الحسن ؛كرفع المضارع الواقع جزاءً بعد شرط ماضٍ .
الرابع : القبيح ؛ كرفع المضارع بعد شرط مضارع . وهو ضعيف أو ضرورة .
الخامس : خلاف الأوْلى ؛كتقديم الفاعل على المفعول نحو ( ضرب غلامُهُ زيداً ) بدلاً من ( ضرب زيداً غلامه ) .
السادس : جائز على السواء ؛ كحذف المبتدأ أو الخبر أو إثباته حيث لا مانع من الحذف و لا مقتضى له .
و منه رخصة : وهو ما جاز استعماله لضرورة الشعر .

فصل
في طرق معرفة العجمة
الكلام العجمي هو كلُّ ما ليس بعربي ، و لو نقل إلى العربية .
و لمعرفة العجمة في الاسم طرائق سبعة :
الأولى : أن يُعرف بالنقل عن إمام من أئمة العربية .
الثانية : أن يكون خارجاً عن أوزان الأسماء العربية .
الثالثة : أن يكون أوله نون ثم راء كـ ( نرجس )، فإنه لا يعرف في العربية اسم هذه حاله .
الرابعة : أن يكون آخره دالٌ بعدها زاي كـ ( مهندز )، أو دالٌ بعدها ذال كـ ( بغداذ ) .
الخامسة : أن يجتمع فيه :
(1) الجيم و الصاد كـ ( الصولجان ) .
(2) الجيم و القاف كـ ( المنجنيق ) .
(3) الجيم و الكاف كـ ( جنكيز ).
(4) الجيم و الطاء كـ ( الطاجن ) .
(5) السين و الذال كـ ( السذَّاب ) .
(6) الصاد و الطاء كـ ( صراط ) [3].
(7) الطاء و التاء كـ ( طست ) .
السادسة : أن يكون خماسياً أو رباعياً عارياً من الحروف الذلاقية _ و هي : الباء ، و الراء ، و الفاء ، و اللام ، و الميم ، و النون _ .
فإذا كان الاسم كذلك _ أي رباعي أو خماسي وهو خالٍ من تلك الحروف _ فهو أعجمي[4].
السابعة : أن يأتي الاسم و فيه لام بعدها شين ، فإن الشينات في العربية كلها قبل اللام .

الأدلة
تثبت النحويات بأمور هي :
الأول : السماع : و المحتج به منه :
القرآن : فكلُّ ما ورد أنه قريء جاز الاحتجاج به في العربية سواءً كان :
(1) متواتراً وهو ما قرأ به السبعة .
(2) آحاداً وهو ما روي عن بعضهم و لم يتواتر .
(3) شاذاً : وهو ما كان عن غير السبعة .
و الإجماع على الاحتجاج بالقراءات الشاذة .
و ليس فيه لغة ضعيفة و لا شاذة و فيه لغات قليلة .
و ليس فيه ما ليس من لغة العرب ، و إنما يتوافق اللفظُ اللفظَ و يقاربه و معناهما واحد . و أحدهما بالعربية و الآخر بغيرها . و كل ما فيه فهو أفصح مما في غيره إجماعاً .
الحديث : الصحيح الاحتجاج به ، و هو أولى من غيره عدا القرآن .
و يستدل منه بما ثبت عن النبي e نقله على اللفظ المروي به ، و سواء فيه :
(1) المتواتر .
(2) الآحاد .
كلام العرب : و يحتج منه بما ثبت عن الفصحاء الموثوق بعربيتهم ، حتى و لو كانوا كفاراً .
و يحتج بكلام قبائل قلب الجزيرة : قريش ، قيس ، تميم ، أسد ، ثم هذيل ، و بعض كنانة ، و بعض الطائيين .
و لا يؤخذ عمن جاور غير العرب لفساد ألسنتهم .
و لا يحتج بكلام المولّدين و المُحدَثِيْن .
و فرقٌ بين المولَّد و المصنوع ، فإن المصنوع يورده صاحبه على أنه عربي فصيح ، و المولَّد بخلافه .

فصل
في أقسام المسموع
ينقسم المسموع عن العرب إلى قسمين :
(1) مُطّرِد : وهو الكلام المنقول عن العرب ، مستفيضاً ، بحيث يُطْمَأَن إلى أنه كثير كي يقاس عليه .
(2) شاذ : وهو كلُّ كلام عربي أصيل ، لم تذكر له قاعدة كلية ، و لم يحظَ بالشيوع و الكثرة ، و لا يقاس عليه .
و هما على أربعة أضرب :
الأول : مطرد في القياس و الاستعمال معاً و هذا هو المطلوب و الغاية : و هو الكلام :
(1) الذي لا يخرج عن القواعد العامة المبنية على الأعم و الأشمل .
(2) و الذي كثر استعماله في العربية .
الثاني : مطرد في القياس شاذ في الاستعمال : و هو الكلام :
(1) الذي لا يخرج عن القواعد العامة المبنية على الأعم و الأشمل .
(2) و ندر استعماله .
الثالث : مطرد في الاستعمال شاذ في القياس : و هو الكلام :
(1) الذي خرج عن القواعد العامة المبنية على الأعم و الأشمل .
(2) الذي كثر استعماله .
الرابع : شاذ في القياس و الاستعمال معاً : و هو الكلام :
(1) الخارج عن القواعد العامة المبنية على الأعم و الأشمل .
(2) و لم تستخدمه العرب . وهو مجمع على رفضه .

فصل
في حكم اللغات
جميع لغات العرب حجة على اختلافها ، و يقاس عليها .
و يستعمل الأقوى و الشائع منها .
فائدة : اختلاف اللغات من وجوه :
الأول : الاختلاف في الحركات .
الثاني : الاختلاف في الحركة و السكون .
الثالث : الاختلاف في إبدال الحروف .
الرابع : الاختلاف في الهمز و التليين .
الخامس : الاختلاف في التقديم و التأخير .
السادس :الاختلاف في الحذف و الإثبات .
السابع : الاختلاف في الحرف الصحيح يُبْدَل حرفاً معتلاً .
الثامن : الاختلاف في الإمالة و التفخيم .
التاسع : الاختلاف في الحرف الساكن يستقبله مثله فمنهم من يكسر الأول ، و منهم من يضم .
العاشر : الاختلاف في التذكير و التأنيث .
الحادي عشر : الاختلاف في الإدغام .
الثاني عشر : الاختلاف في الإعراب .
الثالث عشر : الاختلاف في صورة الجمع .
الرابع عشر :الاختلاف في التحقيق و الاختلاس .
الخامس عشر :الاختلاف في الوقف على هاء التأنيث .
السادس عشر :الاختلاف في الزيادة ، نحو : انظر و انظور .
و من اختلاف اللغات ما هو اختلاف تضادٍّ .
و قد يكون في الكلمة لغتان ، أو ثلاث ، أو أربع ، أو خمس ، أو ست ، و لا يكون أكثر من ذلك .
الثاني : الإجماع : وهو اتفاق علماء النحو و الصرف على مسألة أو حكم .
و المراد بالعلماء أئمة البلدين _ الكوفة و البصرة _ ، أو أكثر النحاة ، لا كلّ العلماء في العصور .
و إجماع العرب إن وقف عليه .
و هو حجة إذا لم يخالف :
(1) المنصوص .
(2) المقيس على المنصوص .
و يعمل بالمجمع عليه عند تعارضه مع المختلف فيه .
و إحداث قولٍ من تركيب للمذاهب شبيه بتداخل اللغات .
مسألة : هل يعتبر الإجماع السكوتي ؟
التحقيق على اعتباره .
الثالث : القياس : وهو حمل غير المنقول على المنقول إذا كان في معناه .
وهو معظم أدلة النحو ، و التعويل عليه في أغلب المسائل النحوية .
و لا يتحقق إنكاره لأنه أغلب النحو ، و إنكاره إنكار للنحو .
و ينقسم إلى :
(1) حمل فرع على أصل .
(2) حمل أصل على فرع .
(3) حمل نظير على نظير .
(4) حمل ضد على ضد .
و الأول و الثالث هو قياس المساوي : وهو أن تكون العلة في الفرع و الأصل على سواء .
و الثاني قياس الأولى : و هو أن تكون العلة في الفرع أقوى منها في الأصل .
و الرابع قياس الأدون : و هو أن تكون العلة في الفرع أضعف منها في الأصل .
وهو ينقسم _ أيضاً _ :
(1) قياس جلي : أي واضح ظاهر لوضوح جامعية علته للأصل و الفرع .
(2) قياس خفي : وهو ترك القياس و الأخذ بما هو أوفق للناس ، و هو الاستحسان .
والقياس أنواع ستة :
الأول : القياس الأصلي : وهو إلحاق اللفظ بأمثاله في حكم ثبت لها باستقراء كلام العرب ، حتى انتظمت منه قاعدة عامة .
الثاني : قياس التمثيل : وهو إعطاء الكلم حكم ما ثبت لغيرها من الكلم المخالفة لها في نوعها ، و لكن توجد بينهما مشابهة في بعض الوجوه .
الثالث : قياس الشبه : وهو حمل العرب لبعض الكلمات على أخرى ، و إعطاؤها حكمها لشبه بينهما من جهة المعنى .
الرابع : قياس العلة : وهو اشتراك المقيس و المقيس عليه في العلة التي يقوم الحكم عليها . و يأتي الكلام على العلة إن شاء الله تعالى .
الخامس : قياس الطرد : وهو الذي يوجد معه الحكم للاطراد .
السادس : إلغاء الفارق : وهو بيان أن الفرع لم يفارق الأصل إلا فيما لا يؤثر ، فيلزم اشتراكهما .
و شروطه :
الأول : أن لا يكون المقيس عليه شاذاً .
الثاني : أن يكون المقيس قد قيس على كلام العرب .
الثالث : أن يكون الحكم قد ثبت استعماله عن العرب .
و أركانه أربعة :
الأول : الأصل : و هو المقيس عليه .
و من شرطه : أن لا يكون شاذاً خارجاً عن سَنَنِ القياس .
و ليس من شرطه الكثرة ؛ إذ قد يقاس على القليل لموافقته للقياس ، و لا يقاس على الكثير لمخالفته إياه .
و يجوز تعدد الأصول المقيس عليها .
الثاني : فرع : وهو المقيس .
و هو من كلام العرب إذ القياس على كلامهم .
الثالث : الحكم : وهو ما يكتسبه الفرع من الأصل .
و يقاس على حكم ثبت استعماله عن العرب ، و على ما ثبت بالقياس و الاستنباط .
و هل يجوز القياس على أصل مختلف في حكمه ؟
يجوز عند إقامة الدليل ، و يمنع عند عدمه .
الرابع : العلة الجامعة بين الأصل و الفرع .
اعتلالات النحويين صنفان :
الأول : علة تطرد على كلام العرب و تنساق إلى قانون لغتهم ، و هي الأكثر استعمالاً ، و أشد تداولاً .
الثاني : علة تُظهر حكمة العرب ، و تكشف عن صحة أغراضهم و مقاصدهم في موضوعاتهم .
و العلة قد تكون :
(1) بسيطة : و هي التي يقع التعليل بها من وجه واحد .
(2) مركبة : وهي التي يقع التعليل بها من عدة أوجه .
و أكثر العلل على الإيجاب .
و ثبوت الحكم في محل النص ثبوت بالعلة لا بالنص .
من شرط العلة : أن تكون هي الموجبة للحكم في المقيس عليه .

و يجوز :
(1) التعليل بعلتين .
(2) تعليل حكمين بعلة واحدة .
(3) التعليل بالأمور العدمية .

فصل
في مسالك العلة
الأول : الإجماع : وهو أن يجمع أهل العربية على أن علة هذا الحكم كذا .
الثاني : النص : وهو أن ينصَّ العربي على العلة .
الثالث : الإيماء : وهو الإشارة إلى العلة بخفاء .
الرابع : السبر و التقسيم : و هو ذكر الأقسام المحتملة ، ثم يختبر ما يصلح منها و ينفي ما عداه بطريقه .
الخامس : المناسبة : و هو أن يحمل الفرع على الأصل بالعلة التي علّق عليها الحكم في الأصل .
و هل يجب لإظهار المناسبة عند المطالبة ؟
قيل يجب ، و قيل لا يجب .
السادس : الشبه : وهو أن يحمل الفرع على الأصل بنوع من الشبه غير العلة التي علّق عليها الحكم في الأصل .
و قياسه قياس صحيح يجوز التمسك به كقياس العلة على الصحيح .
السابع : الطرد : وهو الذي يوجد معه الحكم وتفقد المناسبة في العلة .
الثامن : إلغاء الفارق : و هو بيان أن الفرع لم يفارق الأصل إلا فيما لا يؤثر فيلزم اشتراكهما .

فصل
في القوادح في العلة
الأول : النقض :و هو أن توجد العلة و لا يوجد الحكم .
و هذا عند من لا يرى التخصيص ببعض الأفراد لوجود اطّرادها ، فإذا وُجدت وجد الحكم فتخلفه عنها مع وجودها نقض لها .
الثاني : تخلف العكس : أي كون العلة غير منعكسة .
و العكس شرط في العلة وهو : أنه إذا فقدت العلة فقد الحكم .
الثالث : عدم التأثير : وهو أن يكون الوصف لا مناسبة له _ أي لا أثر له في الحكم _ .
و الأوصاف في العلة مفتقرة إلى شيئين :
أولهما : أن يكون لها تأثير .
ثانيهما : أن يكون فيها احتراز .
الرابع : القول بالموجب : و هو أن يسلم للمستدل ما اتخذه موجباً للعلة مع استبقاء الخلاف ، و متى توجه الخلاف كان المستدل منقطعاً ، فإن توجه الخلاف في بعض الصور المختلف فيها مع عموم العلة لتلك الصور لم يعد المستدل منقطعاً .
الخامس : فساد الاعتبار : وهو أن يستدل بالقياس في مقابلة النص عن العرب .
السادس : فساد الوضع : و هو كون الجامع في القياس ثبت اعتباره بنصٍ أو إجماع في نقيض الحكم .
و هو أيضاً : تعليق العلة على ضد المقتضى .
السابع : المنع للعلة : أي عدم قبولها _ و قد يكون في الأصل و الفرع _ .
و عدم قبول العلة مكابرة ، و موجب لقطع المناظرات .
الثامن : المطالبة بتصحيح العلة : أي أن يطالب المعترضُ المستدلَّ بثبوت العلة .
التاسع : المعارضة : وهو أن يعارَض المستدل بعلة مبتدأة .

فصل
في الأسئلة
السؤال مبناه على أربعة أركان :
الأول : السائل و هو الطالب للجواب .
و ينبغي له أن يقصد قصد المستفهم ، و يسأل عما ثبت فيه الغموض .
الثاني : المسؤول به : و هي أدوات الاستفهام المعروفة .
و يكون السؤال مفهوماً غيرَ مبهمٍ .
الثالث : المسؤول منه : و هو المطلوب منه الجواب على السؤال .
و شرطه أن يكون من أهل الفن المسؤول فيه كالنحوي عن النحو .
و يستحب له : أن يجيب بعد تعيين السؤال ، و سكوته بعده قبيح ، إلا إذا كان سكوته لما رآه من الحاضرين ما لا يليق بالأدب .
و قبيحٌ سكوته عن ذكر الدليل بعد الجواب زمناً طويلاً ؛ إلا إذا كان سكوته بحثاً عن أقرب الطرق إيفاءً بالغرض ، و ينبغي له أن يتحرى في الفتوى ما لا يتحرى بالمذاكرة .
و له أن يزيد في الجواب إذا اقتضى ذلك .
و النقص فيه _ أي الجواب _ عيب لما فيه من الإخلال بالجواب ، و عدم استيفائه .
و إذا كان السؤال عاماً كان الجواب عاماً .
الرابع : المسؤول عنه : وهو الأمر المتطلب جواباً .
وينبغي أن يكون مما يمكن إدراكه و الإحاطة به .
و الجواب : هو المطابق للسؤال .

فصل
في اجتماع الأدلة
قد تجتمع الأدلة السابقة _ السماع و الإجماع و القياس _ دليلاً على مسألة .

فصل
في الاستصحاب
وهو استمرار الحكم و بقاء ما كان على ما كان .
و هو من الأدلة المعتبرة ، و من أضعفها .
و لا يجوز التمسك به حال وجداننا لدليل .
و إذا تعارض مع دليلِ سماعٍ أو قياسٍ فلا عبرة به .

فصل
في أدلة متفرقة شتى
اعلم أن أدلة النحو كثيرة جداً لا تحصر ، و ما مر ذكره فهو منضبط بضابط ، و هناك أدلة لا ضابط خاص لها تندرج تحته ، منها :
الأول : الاستدلال بالعكس :وهو أن يعكس دليل على حكم مّا لإبطال هذا الحكم .
الثاني : الاستدلال ببيان العلة : و هو تبيان علة الحكم للاستدلال بوجودها على وجوده، و بعدم وجودها على عدم وجوده .
وهو نوعان :
الأول : أن يبيِّن علة الحكم و يستدلَّ بوجودها في موضع الخلاف ليوجد بها الحكم .
الثاني : أن يبين العلة ث يستدل بعدمها على عدم ذلك الحكم في موضع الخلاف .
الثالث : الاستدلال بعدم الدليل في شيء على نفيه : وهو نفي الدليل لعدم وجوده ، لأنه يلزم من فقد العلة فقد المعلول .
و هذا يكون في أي أمر ثبت فإن دليله يظهر ظهوراً لا خفاء فيه .
الرابع : الاستدلال بالأصول : وهو إبطال دليل بالرجوع إلى الأصل .
الخامس : الاستدلال بعدم النظير : وهو النفي لعدم وجود دليل على الإثبات .
فإن وجد الدليل على الإثبات لم يلتفت إليه .
السادس : الاستحسان : وهو ترك القياس و الأخذ بما هو أوفق للناس .
وهو القياس الخفي .
و دلالته ضعيفة غير محكمة .
ومنه :
(1) ترك الأخف إلى الأثقل من غير ضرورة .
(2) ما يخرج عن أصل قاعدته كـ ( استحوذ ) .
(3) ما يبقى الحكم فيه مع زوال علته .
(4) إذا اجتمع التعريف العلَمي و التأنيث السماعي أو العجمة في الثلاثي الساكن الوسط ، فالقياس منع الصرف ، و الاستحسان صرفه لخفته .
مثال المؤنث : هند . العجمة : نوح .
السابع : الاستقراء : و هو تعرُّف الشيء الكلي بجميع جزئياته .
أو إثبات الأمر الكلي بتتبع الجزئيات .
الثامن : الدليل المسمى بـ ( الباقي ) : و هو بقاء الدليل على حكمه الأصلي في جانب معيَّن بعدما خولفت الجوانب الأخرى لعلة اقتضت ذلك .
بيان ذلك :
أن الإعراب لا يدخل منه شيء في الفعل ، لأن الأصل البناء لعدم وجود علة تقتضي الإعراب .
و لكن هذا الحكم قد خولف في دخول الرفع و النصب في المضارع . لوجود العلة المقتضية للنصب و الرفع .
و هذا الحكم لم يُخالَف في الجر ، و هذا هو الدليل الباقي من أن الأصل عدم دخول الإعراب على الفعل .

التعارض و الترجيح
إذا تعارض نقلان أخذ بأرجحهما :
و الترجيح إما أن يكون في :
(1) الإسناد : و ذلك بأن يكون رواة أحد النقلين أكثر من الآخر ، أو أعلم و أحفظ .
(2) المتن : و ذلك بأن يكون أحد النقلين على وَفْق القياس ، و الآخر على خلافه .
إذا تعارض ارتكاب شاذ و لغة ضعيفة فارتكاب اللغة الضعيفة أولى من الشاذ .
إذا تعارض قياسان أخذ بأرجحهما و هو ما وافق دليلاً آخر من : نقلٍ أو قياس .
و إذا تعارض القياس و السماع نُطِقَ بالمسموع على ما جاء عليه لأنه نص الأصل .
و إذا كان التعارض في قوة القياس و كثرة الاستعمال قُدِّم ما كثر استعماله .
و إذا تعارض أصل و غالب فالعمل بالأصل ، و قد يعمل بالغالب على قلة .
و إذا تعارض قبيحان أُخذ بأقربهما ، و أقلهما فحشاً .
و إذا تعارض قولان عن عالم أحدهما مرسل _ أي لم يقيَّد بدليل _ ، و الآخر معلل _ أي مقيَّد بدليل _ أخذ بالثاني لقيام حجته .

أحوال مستنبط هذا العلم
من شرطه :
(1) أن يكون عالماً بلغة العرب .
(2) أن يكون محيطاً بكلامها .
(3) أن يكون مطلعاً على نثرها و نظمها .
(4) أن يكون خبيراً بصحة نسبة ذلك إليهم .
(5) أن يكون عالماً بأحوال الرواية .
(6) أن يكون عالماً بإجماع النحاة .
و إذا أدى المجتهدَ القياسُ إلى شيء ثم سمع العرب نطقت بغيره على قياسٍ غيره فإنه يدع ما كان عليه .
قال مقيده _ عفا الله عنه _: وافق الفراغ من رَقْم هذه الوجيزة الأصولية النحوية مغرب يوم الثلاثاء العشرين من شهر ربيع الأول عام اثنين و عشرين و أربعمائة و ألف في رياض نجد .
و الحمد لله رب العالمين .

—————-
[1] شرح عيون الإعراب لابن فضال 123.
[2] قال الداودي ناظماً معاني كلمة ( نحو ) :
النحو في لغة قصد كذا مثل و جانبٌ وقريب بعض مقدار
نوع و مثل بيان بعد ذا عقب عشر معانٍ لها في الكل أسرار
انظر : فيض نشر الانشراح 1/229 ، حاشية الخضري على شرح ابن عقيل 1/10 .
[3] و حكموا بأن الصاد مبدلة من السين ، و ليستا لغتان . ( الفيض 1/403 ) .
[4] نظم السيوطي بعض هذه الضوابط بقوله :
و تعرف العجمة بالنقل و أن يخرج عن وزن به الاسم اتزن
و إن تلا في الابتدا النون را و الدال زاي أو رباعي عـرا
عن الذلاقـة و ماذا تبعـا و الصاد أو قاف و جيم حمعا
أنظر : الفريدة 1/108 ( الشرح ) .
النحو إلى أصول النحو
عبد الله بن سُليمان العُتَيِّق


التصنيفات
اللغة العربية وعلومها

تيسير النحو : لفضيلة الشيخ أبي عبد الله محمد سعيد رسلان حفظه الله تعالى

بسم الله الرحمن الرحيم

تيسير النحو
شرح التحفة السنية بشرح المقدمة الآجرومية

جديد=> ( 34 محاضرة بالصوت والصورة )

 هل تبحث عن درس أو تحضير إختبار او فرض  تمارين أو بحوث !؟

استعمل محرك بحث التعليم نت الشامل

ليساعدك للوصول الى هدفك

تعليم_الجزائر

تعليم_الجزائر

التصنيفات
اللغة العربية وعلومها

[شرح متن] من الشروح المميّزة على متن الآجرومية في النحو

السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فيسرّني أن أضع بين أيديكم هذا الشّرح الطّيّب لمتن الآجرومية في النحو للأستاذ : خالد بن إبراهيم النّملة ـ وفقه الله ـ أسأل الله أن ينفع بها سامعيها .

الملفات المرفقة تعليم_الجزائر 02.mp3‏ (5.18 ميجابايت)
تعليم_الجزائر 01.mp3‏ (5.21 ميجابايت)
تعليم_الجزائر 03.mp3‏ (5.26 ميجابايت)
تعليم_الجزائر 04.mp3‏ (5.23 ميجابايت)
تعليم_الجزائر 05.mp3‏ (5.32 ميجابايت)
تعليم_الجزائر 06.mp3‏ (5.18 ميجابايت)
تعليم_الجزائر 07.mp3‏ (5.27 ميجابايت)


التصنيفات
اللغة العربية وعلومها

بيان لبعض مصطلحات النحو الكوفي

الصرف

يرى الكوفيون أن الفعل المضارع الواقع بعد واو المعية أو بعد الفاء في جواب التمني والعرض والأمر والنفي والاستفهام والنهي نحو لا تأكل السمك وتشرب اللبن إلى أنه منصوب على الصرف او الخلاف
وقد فسر الفراء ـ رحمه الله ـ هذا المصطلح في موضعين من كتابه معاني القرآن قال ” فإن قلتَ: وما الصَّرْف؟ قلت: أن تأتى بالواو معطوفةً على كلامٍ فى أوّلِهِ حادثةٌ لا تستقيمُ إعادتُها على ما عُطِف عليها، فإذا كان كذلك فهو الصَّرْفُ

كقول الشاعر:
لاتَنْهَ عنْ خُلُقٍ وتأتِىَ مِثْلُهُ * عارٌعليْكَ إذا فَعلتَ عظِيمُ

ألا ترى أنه لا يجوز إعادة “لا” فى “تأتى مثله” فلذلك سُمّى صَرْفاً إذْ كان مَعطوفاً ولم يستَقم أن يُعاد فيه الحادث الذى قبلَه” وهذا النص لا يقتضي أن يكون الصرف عند الفراء محصورا في الواو بل يكون في الفاء وغيرها على ما ذكره
فالفراء قد نظر إلى خاصية انصراف هذه الأفعال في مدلولاتها عما قبلها وأن علامة هذا الانصراف هو النصب فعبر بمصطلح ” الصرف ” عن هذه الظاهرة


التصنيفات
اللغة العربية وعلومها

[فكرة] مسابقة في النحو والصرف والإملاء

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياكم الله جميعاً
هذه مسابقة في النحو والصرف والإملاء
يضع أحد الأعضاء سؤالاً (سواء جملة يطلب إعرابها* أو فقرة فيها أخطاء إملائية يطلب تصحيحها* أو كلمة يطلب وزنها….. إلى آخر ذلك)
ويجيب عليه الباقون
ومن يجيب له الحق في وضع السؤال التالي
بشرط أن لا تزيد مدة السؤال عن 5 أيام
فإن مرت 5 أيام ولم يُجَبْ عن السؤال فعلى السائل أن يضع الجواب ثم أقوم بوضع سؤال جديد وتدور الدائرة من جديد
أسأل الله أن تستمتعوا بها
واعلموا أن هذه المسابقات ليست للتسلية فقط* وإنما هي مفيدة تنشط الذهن وتعين على تطبيق القواعد النحوية واسترجاع المعلومات القديمة* وتحث على البحث والمذاكرة
واسألوا مجرباً

نبدأ باسم الله

السؤال الاول:
أعرب قوله صلى الله عليه وسلم:
قل آمنت بالله. ثم استقم

من لها؟


التصنيفات
اللغة العربية وعلومها

[صوتية] [mp3] سلسلة تيسير النحو للشيخ محمد سعيد رسلان [رابط واحد = 235 mb]

بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّ الْحَمْدَ للهِ ، نَحْمَدُهُ ، وَنَسْتَعِيْنُهُ ، وَنَسْتَغْفِرُهُ ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا .
مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ .
وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ .
أمَّا بعد:
فهذه أشرطة سلسلة تيسير النحو للشيخ محمد سعيد رسلان-حفظه الله-

ـــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ
نبذة عن السلسلة: فما زالت دراسةُ النحوِ هي الباب لفَهْمِ العربيةِ* ومِنْ ثَمَّ فَهْم كتابِ اللهِ تعالى واستيعابِ أحكامِهِ ومعانيه* وما زالت كتبُ السلفِ من العلماءِ الجهابذةِ الذين كَرَّسوا حياتَهُم لهذا العلم الجليل* هي خيرُ زادٍ؛ لِمَا أودعوه فيها من ذخائرِ خبرتهم* وروائع أفكارهم* ونتاج قرائحهم* وكتاب «التحفة السَّنِيَّة بشرح المقدمة الآجرُّومِيَّة» كتاب واضحُ العبارةِ* ظاهرُ الإشارةِ* يانعُ الثمرةِ* داني القِطافِ* فيه تيسير فَهْمِ «المقدمة الآجرُّومِيَّة» التي هي باب إلى تَفَهُّمِ اللغة العربية.
ـــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع المواد الصوتية (34 شريطا)
الحجم: 235 mb بصيغة mp3
(الملف مضغوط بصيغة zip)
ـــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ
اضغط هنا للتحميل بإذن الله
——————–
لتحميل ملف عناصر أشرطة السلسلة بصيغة pdf : هنــــا
——————–
تنبيــه:- ممنوع إعادة رفع الأشرطة على مواقع الرفع التي تحتوي على إعلانات أو صور.
– الحقوق متاحة للمسلمين بشرط عدم الإستخدام التجاري.
——————–
أرجو المساهمة بنشر رابط الأشرطة في المنتديات مع ذِكْر هذيْن الشرطيْن:
1- الحقوق متاحة لكل مسلم بشرط عدم الإستخدام التجاري أو الرِبْحِي
2- ممنوع إعادة رفع الأشرطة بموقع رفع آخر يحتوي على إعلانات أو صور مهما كان نوعها
ــــــــــــــــــــــــــ
أرجو الدعاء لكل من ساهم بالرفع
ــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: موقع الشيخ رسلان حفظه الله www.rslan.com

الملفات المرفقة تعليم_الجزائر ملف عناصر أشرطة سلسلة تيسير النحو للشيخ رسلان.pdf‏ (157.2 كيلوبايت)


التصنيفات
اللغة العربية وعلومها

[بحث] علم النحو أهميته ومدارسه ونشأته

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون .
يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا.
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا . يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما.
أما بعد
فأحمد الله على إفضاله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله فإن أولى ما تقترحه القرائح وأعلى ما تجنح إلى تحصيله الجوانح ما يتيسر به فهم كتاب الله تعالى المنزل ويتضح به معنى حديث نبيه صلى الله عليه وسلم المرسل فإنهما الوسيلة إلى السعادة الأبدية والذريعة إلى تحصيل المصالح الدينية والدنيوية وأصل ذلك علم الإعراب الهادي إلى صوب الصواب * مع العلم أننا في زمان عقمت فيه القرائح. واعتاطت الأذهان اللواقح.
ومما لا ريب فيه أن عماد ذلك وأسّه علم النحو إذ هو معيار لا يتبين نقصان كلام ورجحانه حتى يعرض عليه ومقياس لا يعرف صحيح من سقيم حتى يرجع إليه ومن شذ فيه فقد خمش وجه الكلام وجعل نفسه غرضا لسهام الملام .
لذلك فقد نهى السلف عن التحدث بغير العربية إلا لضرورة أو حاجة ملحة لا بد للمتحدث منها ومن ذلك ما قاله الشافعي رحمه الله تعالى في ما نقله عنه شيخ الإسلام في الإقتضاء: [سمى الله الطالبين من فضله في الشراء والبيع تجارا ولم تزل العرب تسميهم التجار ثم سماهم رسول الله صلى الله عليه و سلم بما سمى الله به من التجارة بلسان العرب والسماسرة اسم من أسماء العجم فلا نحب أن يسمى رجل يعرف العربية تاجرا إلا تاجرا ولا ينطق بالعربية فيسمى شيئا بالعجمية وذلك أن اللسان الذي اختاره الله عز و جل لسان العرب فأنزل به كتابه العزيز وجعله لسان خاتم أنبيائه محمد صلى الله عليه وسلم ولهذا نقول ينبغي لكل أحد يقدر على تعلم العربية أن يتعلمها لأنها اللسان الأولى. بأن يكون مرغوبا فيه من غير أن يحرم على أحد أن ينطق بالعجمية]
فقد كره الشافعي لمن يعرف العربية أن يسمى بغيرها وأن يتكلم بها خالطا لها بالعجمية وهذا الذي ذكره وقاله الأئمة مأثور عن الصحابة والتابعين.
وروى أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف حدثنا وكيع عن أبي هلال عن أبي بريدة قال قال عمر ما تعلم الرجل الفارسية إلا خب ولا خب رجل إلا نقضت مروءته.
وقال حدثنا وكيع عن ثور عن عطاء قال لا تعلموا رطانة الأعاجم ولا تدخلوا عليهم كنائسهم فإن السخط ينزل عليهم. وهذا الذي رويناه فيما تقدم عن عمر رضي الله عنه
وقال حدثنا إسماعيل بن علية عن داود بن أبي هند أن محمد بن سعد بن أبي وقاص سمع قوما يتكلمون بالفارسية فقال ما بال المجوسية بعد الحنيفية. أنظر كتاب الأدب لابن أبي شيبة باب من كره الكلام بالفارسية ص153
وقد روى السلفي من حديث سعيد بن العلاء البرذعي حدثنا إسحاق بن إبراهيم البلخي حدثنا عمر بن هرون البلخي حدثنا أسامة بن زيد عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم من يحسن أن يتكلم بالعربية فلا يتكلم بالعجمية فإنه يورث النفاق" إقتضاء الصراط المستقيم/ص204-205.
قلت(أبو الحسين) :أخرجه الحاكم4/98ح7001 وعلق عليه الذهبي: " في إسناده عمر بن هرون كذبه ابن معين" وذكره ابن عراق في تنزيه الشريعة2/291 والسيوطي في اللآليء 2/238 وقال ابن حجر في الفتح6/184: "سنده واه" وذكره الشوكاني في الفوائد1/221وقال ابن الجوزي في الضعفاء والمتروكين2/218:" (عمر بن هارون) تركه أحمد وابن مهدي وقال يحيى كذاب خبيث ليس حديثه بشيء وقال مرة كذاب وقال النسائي متروك الحديث وقال أبو داود غير ثقة وقال علي والدارقطني ضعيف وقال ابن حبان يروي عن الثقات المعضلات ويدعي شيوخا لم يرهم" .
وقال شيخ الإسلام /المجموع32/252:" وَمَعْلُومٌ أَنَّ " تَعَلُّمَ الْعَرَبِيَّةِ ؛ وَتَعْلِيمَ الْعَرَبِيَّةِ " فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ ؛ وَكَانَ السَّلَفُ يُؤَدِّبُونَ أَوْلَادَهُمْ عَلَى اللَّحْنِ . فَنَحْنُ مَأْمُورُونَ أَمْرَ إيجَابٍ أَوْ أَمْرَ اسْتِحْبَابٍ أَنْ نَحْفَظَ الْقَانُونَ الْعَرَبِيَّ ؛ وَنُصْلِحَ الْأَلْسُنَ الْمَائِلَةَ عَنْهُ ؛ فَيَحْفَظُ لَنَا طَرِيقَةَ فَهْمِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ؛ وَالِاقْتِدَاءِ بِالْعَرَبِ فِي خِطَابِهَا . فَلَوْ تُرِكَ النَّاسُ عَلَى لَحْنِهِمْ كَانَ نَقْصًا وَعَيْبًا ؛ فَكَيْفَ إذَا جَاءَ قَوْمٌ إلَى الْأَلْسِنَةِ الْعَرَبِيَّةِ الْمُسْتَقِيمَةِ وَالْأَوْزَانِ الْقَوِيمَةِ : فَأَفْسَدُوهَا بِمِثْلِ هَذِهِ الْمُفْرَدَاتِ وَالْأَوْزَانِ الْمُفْسِدَةِ لِلِّسَانِ النَّاقِلَةِ عَنْ الْعَرَبِيَّةِ الْعَرْبَاءِ إلَى أَنْوَاعِ الْهَذَيَانِ ؛ الَّذِي لَا يَهْذِي بِهِ إلَّا قَوْمٌ مِنْ الْأَعَاجِمِ الطَّمَاطِمِ الصميان "
ولما سئل رحمه الله تعالى عن قوم يؤلفون الأناشيد ولا يلتزمون فيها بقواعد العربية قال:" وَمَا زَالَ السَّلَفُ يَكْرَهُونَ تَغْيِيرَ شَعَائِرِ الْعَرَبِ حَتَّى فِي الْمُعَامَلَاتِ وَهُوَ " التَّكَلُّم بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ " إلَّا لِحَاجَةِ كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ مَالِك وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَد بَلْ قَالَ مَالِك : مَنْ تَكَلَّمَ فِي مَسْجِدِنَا بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ أُخْرِجَ مِنْهُ . مَعَ أَنَّ سَائِرَ الْأَلْسُنِ يَجُوزُ النُّطْقُ بِهَا لِأَصْحَابِهَا ؛ وَلَكِنْ سَوَّغُوهَا لِلْحَاجَةِ وَكَرِهُوهَا لِغَيْرِ الْحَاجَةِ وَلِحِفْظِ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ كِتَابَهُ بِاللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ وَبَعَثَ بِهِ نَبِيَّهُ الْعَرَبِيَّ وَجَعَلَ الْأُمَّةَ الْعَرَبِيَّةَ خَيْرَ الْأُمَمِ فَصَارَ حِفْظُ شِعَارِهِمْ مِنْ تَمَامِ حِفْظِ الْإِسْلَامِ فَكَيْفَ بِمَنْ تَقَدَّمَ عَلَى الْكَلَامِ الْعَرَبِيِّ – مُفْرَدِهِ وَمَنْظُومِهِ – فَيُغَيِّرُهُ وَيُبَدِّلُهُ وَيُخْرِجُهُ عَنْ قَانُونِهِ وَيُكَلِّفُ الِانْتِقَالَ عَنْهُ إنَّمَا هَذَا نَظِيرُ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ أَهْلِ الضَّلَالِ مِنْ الشُّيُوخِ الْجُهَّالِ حَيْثُ يَصْمُدُونَ إلَى الرَّجُلِ الْعَاقِلِ فَيُؤَلِّهُونَهُ ويخنثونه ؛ فَإِنَّهُمْ ضَادُّوا الرَّسُولَ إذْ بُعِثَ بِإِصْلَاحِ الْعُقُولِ وَالْأَدْيَانِ وَتَكْمِيلِ نَوْعِ الْإِنْسَانِ وَحَرَّمَ مَا يُغَيِّرُ الْعَقْلَ مِنْ جَمِيعِ الْأَلْوَانِ . فَإِذَا جَاءَ هَؤُلَاءِ إلَى صَحِيحِ الْعَقْلِ فَأَفْسَدُوا عَقْلَهُ وَفَهْمَهُ وَقَدْ ضَادُّوا اللَّهَ وراغموا حُكْمَهُ . وَاَلَّذِينَ يُبَدِّلُونَ اللِّسَانَ الْعَرَبِيَّ وَيُفْسِدُونَهُ لَهُمْ مِنْ هَذَا الذَّمِّ وَالْعِقَابِ بِقَدْرِ مَا يَفْتَحُونَهُ ؛ فَإِنَّ صَلَاحَ الْعَقْلِ وَاللِّسَانِ مِمَّا يُؤْمَرُ بِهِ الْإِنْسَانُ . وَيُعِينُ ذَلِكَ عَلَى تَمَامِ الْإِيمَانِ وَضِدُّ ذَلِكَ يُوجِبُ الشِّقَاقَ وَالضَّلَالَ وَالْخُسْرَانَ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ " المجموع32/252.
وقال أيضا:" وأما اعتياد الخطاب بغير العربية التي هي شعار الإسلام ولغة القرآن حتى يصير ذلك عادة للمصر وأهله ولأهل الدار وللرجل مع صاحبه ولأهل السوق أو للأمراء أو لأهل الديوان أو لأهل الفقه فلا ريب أن هذا مكروه فإنه من التشبه بالأعاجم وهو مكروه كما تقدم ولهذا كان المسلمون المتقدمون لما سكنوا أرض الشام ومصر ولغة أهلهما رومية وارض العراق وخراسان ولغة أهلهما فارسية وأهل المغرب ولغة أهلها بربرية عودوا أهل هذه البلاد العربية حتى غلبت على أهل هذه الأمصار مسلمهم وكافرهم وهكذا كانت خراسان قديما ثم إنهم تساهلوا في أمر اللغة واعتادوا الخطاب بالفارسية حتى غلبت عليهم وصارت العربية مهجورة عند كثير منهم ولا ريب أن هذا مكروه وإنما الطريق الحسن اعتياد الخطاب بالعربية حتى يتلقنها الصغار في الدور والمكاتب فيظهر شعار الإسلام وأهله ويكن ذلك أسهل على أهل الإسلام في فقه معاني الكتاب والسنة وكلام السلف بخلاف من اعتاد لغة ثم أراد أن ينتقل إلى أخرى فإنه يصعب عليه واعلم أن اعتياد اللغة يؤثر في العقل والخلق والدين تأثيرا قويا بينا ويؤثر أيضا في مشابهة صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين ومشابهتهم تزيد العقل والدين والخلق ، وقال شيخ الإسلام أيضا:
فإن نفس اللغة العربية من الدين ومعرفتها فرض واجب فإن فهم الكتاب والسنة فرض ولا يفهم إلا بفهم اللغة العربية وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب " ثم منها ما هو واجب على الأعيان ومنها ما هو واجب على الكفاية وهذا معنى ما رواه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عيسى بن يونس عن ثور عن عمر بن يزيد قال كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أما بعد فتفقهوا في السنة وتفقهوا في العربية وأعربوا القرآن فإنه عربي وفي حديث آخر عن عمر رضي الله عنه أنه قال تعلموا العربية فإنها من دينكم وتعلموا الفرائض فإنها من دينكم وهذا الذي أمر به عمر رضي الله عنه من فقه العربية وفقه الشريعة يجمع ما يحتاج إليه لأن الدين فيه فقه أقوال وأعمال ففقه العربية هو الطريق إلى فقه أقواله وفقه السنة هو الطريق إلى فقه أعماله" إقتضاء الصراط المستقيم ص207.
ومما يؤكد على ما ذهبنا إليه من وجوب تعلم العربية ما قاله الأصمعي:" إن أخوف ما أخاف على طالب العلم إذا لم يعرف النحو أن يدخل فيما قال النبي صلى الله عليه و سلم من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار لأنه عليه الصلاة و السلام لم يكن لحانا ولم يلحن في حديثه فمهما رويت عنه ولحنت فيه كذبت عليه" أنظر روضة العقلاءونزهة الفضلاء محمد بن حبان البستي أبو حاتم/ص81.
فإن تعرض لنا جاهل بالقول: "كيف أوجبتم تعلم العربية مع أن الصحابة ما قالوه ولو كان فرض كفاية ما تركوه"
قلنا لقد ازددت باعتراضك هذا جهلا فإنه كان مركوزا بطبائعهم … ما فاتهم إلا الاصطلاحات التي أنت بحاجة لها وهم أغنياء عنها".
ولو أن رجلا اجتنى من ثمار العلوم السنية المشتهى وبلغ في رتبة الفقه المنتهى ولم يمارس النحو كان مقطوع الحجج غريقا في اللجج لا يوثق بعلمه ولا ينتفع بفهمه.و إن شئت فاسمع الوعاظ والخطباء الذي يلحنون فاسمع لهم ولا تعترض عليهم وإلا كان حالك كما أخرج البيهقي في شعب الإيمان2/258:" أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا الحسن بن علي بن أحمد الرناني بمرو ثنا أحمد بن جعفر بن محمد البغدادي قدم علينا ثنا أبو أمية الطرطوسي ثنا عبد الله بن صالح بن مسلم العجلي أخبرني أبو زيد النحوي قال : قال رجل للحسن البصري ما تقول في رجل ترك أبيه و أخيه قال : الحسن ترك أباه و أخاه(يصحح له) فقال الرجل فما لأباه و أخاه( أي من الحق) فقال الحسن فما لأبيه و أخيه(يصحح له أيضا) فقال الرجل للحسن أراني كلما تابعتك خالفتني"!!!! .
وأخرج البيهقي أيضا في الشعب2/258:" أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو العباس الأصم ثنا السري بن يحيى ثنا عثمان بن زفر ثنا حبان بن علي عن ابن شبرمة قال : ما عبر الرجال بعبارة أرقى من العربية ".
والنحو من أشرف العلوم وأفضلها وأعظم آلاتها وأكملها إذ به يحفظ القرآن الذي هو حبل الله المتين * وبحفظه تحفظ قواعد الدين المتين ، على أنه ينبغي أن يعلم أن المقصود علم الآلة وإلا فعلم التوحيد لا يقدم عليه شيء.
وبالنحو صلاح اللسان فقد قال إمام النحو ابن مالك في الكافية الشافية في النحو:
وبعد، فالنحو صلاح الألسنة والنفس إن تعدم سناه في سنه
به انكشاف حجب المعاني وجلوة الفهوم ذا إذعان
وكل علم فسوى موات إلا مع الإتقان للآلات
كالنحو والتصريف والمعاني وعلمي المنطق والبيان
ولكن لأهم علم النحو لا سيما الذي لصرف يحوي
وأنشد (علي بن حمزة بن عبد الله بن فيروز الكسائي قرأ على حمزة، وأدب الرشيد وولده الأمين قال الكسائي: صليت بالرشيد، فأخطأت في آية ما أخطأ فيها صبي، قلت: " لعلهم يرجعين "، فوالله ما اجترأ الرشيد أن يقول: أخطأت، لكن قال: أي لغة هذه ؟ قلت: يا أمير المؤمنين، قد يعثر الجواد وهو من تلامذة الخليل وسمع الأعمش* قال الشافعي فيه: من أراد أن يتبحر في النحو فهو عيال على الكسائي قال الفراء: ناظرت الكسائي يوماً وزدت، فكأني كنت طائراً يشرب من بحر. ت182هـ ).أنظر تاريخ الإسلام للذهبي12/299والعبر له ص 56 وسير أعلام النبلاء له 9/133:
إنما النحوُ قياسٌ يتبعْ … وبه في كلِّ أمرٍ ينتفعْ
وإذا ما أبصرَ النحوَ الفتى …. مر في المنطق مراً فأتسعْ
وإذا لم يعرف النحوَ الفتىَ … هاب أن ينطقَ جبناً فانقمعْ
يقرأ القرانَ لا يعلمُ ما … صرفَ الإعرابُ فيه وصنعْ
فتراهُ يخفضُ الرفعَ وإن … كان من نصبٍ ومنْ خفضٍ رفعْ
وأنظر بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة للسيوطي2/146 وتاريخ بغداد للخطيب البغدادي11/412.
وحكي أن رجلاً دخل على عبد العزيز بن مروان يشكو صهراً له فقال: إن ختني فعل بي كذا وكذا . فقال له : ومن خنتك وفتح النون . فقال : ختنني الختان الذي يختن الناس . فقال عبد العزيز لكاتبه : ما هذا الجواب فقال : إن الرجل يعرف النحو وكان ينبغي أن تقول : من ختنك بضم النون .أنظر خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب عبد القادر بن عمر البغدادي8/480.
وذكر ابن هشام في كتابه مغني اللبيب/ص877: "وحكى العسكري في كتاب التصحيف أنه قيل لبعضهم ما فعل أبوك بحماره فقال باعِه فقيل له لم قلت باعِه قال فلم قلت أنت بحمارِه فقال أنا جررته بالباء فقال فلمَ تجر باؤك وبائي لا تجر.
ومثله من القياس الفاسد ما حكاه أبو بكر التاريخي في كتاب أخبار النحويين أن رجلا قال لسماك بالبصرة بكم هذه السمكة فقال بدرهمان فضحك الرجل فقال السماك أنت أحمق سمعت سيبويه يقول ثمنها درهمان؛ وقلت(ابن هشام) يوما ترد الجملة الاسمية الحالية بغير واو في فصيح الكلام خلافا للزمخشري كقوله تعالى ( ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة ) فقال بعض من حضر هذه الواو في أوَّلها وقلت يوما الفقهاء يلحنون في قولهم البايع بغير همز فقال قائل فقد قال الله تعالى ( فبايعهن )" .
وجاء في تاريخ النحو العربي لسعيد الأفغاني قال عبد الملك بن مروان وقد قيل له 🙁 أسرع إليك الشيب ): قال ( شيبني ارتقاء المنابر ومخافة اللحن ).
ومن أروع ما اطلعت عليه ما ذكره الإمام ابن القيم في جلاء الأفهام وهو يتكلم في الفصل الأول في افتتاح صلاة المصلي بقول اللهم ومعنى ذلك، وفيه يبين بلاغة العرب قال : " ونظير هذا قولهم ذبح بكسر أوله للمحل المذبوح وذبح بفتح أوله لنفس الفعل ولا ريب أن الجسم أقوى من العرض فأعطوا الحركة القوية للقوي والضعيفة للضعيف وهو مثل قولهم نهب ونهب بالكسر للمنهوب وبالفتح للفعل وكقولهم ملء وملء بالكسر لما يملأ الشيء وبالفتح للمصدر الذي هو الفعل وكقولهم حمل وحمل فبالكسر لما كان قويا مرئيا مثقلا لحامله على ظهره أو رأسه أو غيرهما من أعضائه والحمل بالفتح لما كان خفيفه غير مثقل لحامله كحمل الحيوان وحمل الشجرة به أشبه ففتحوه وتأمل كونهم عكسوا هذا في الحب والحب فجعلوا المكسور الأول لنفس المحبوب ومضمومه للمصدر إيذانا بخفة المحبوب على قلوبهم ولطف موقعه في أنفسهم وحلاوته عندهم وثقل حمل الحب ولزومه للمحب كما يلزم الغريم غريمه ولهذا يسمى غراما ولهذا كثر وصفهم لتحمله بالشدة والصعوبة وإخبارهم بأن أعظم المخلوقات وأشدها من الصخر والحديد ونحوهما لو حمله لذاب ولم يستقل به كما هو كثير في أشعار المتقدين والمتأخرين وكلامهم فكان الأحسن أن يعطوا المصدر هنا الحركة القوية والمحبوب الحركة التي هي أخف منها ومن هذا قولهم قبض بسكون وسطه للفعل وقبض بتحريكه للمقبوض والحركة أقوى من السكون والمقبوض أقوى من المصدر ونظيره سبق بالسكون للفعل وسبق بالفتح للمال المأخوذ في هذا العقد وتأمل قولهم دار دورانا وفارت القدر…….. إلى أن قال رحمه الله تعالى:" ومثل هذه المعاني يستدعي لطافة ذهن ورقة طبع ولا تتأتى مع غلظ القلوب والرضى بأوائل مسائل النحو والتصريف دون تأملها وتدبرها والنظر إلى حكمة الواضع ومطالعة ما في هذه اللغة الباهرة من الأسرار التي تدق على أكثر العقول وهذا باب ينبه الفاضل على ما وراءه ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور النور 40 وانظر إلى تسميتهم الغليظ الجافي بالعتل والجعظري والجواظ كيف تجد هذه الألفاظ تنادي على ما تحتها من المعاني وانظر إلى تسميتهم الطويل بالعشنق وتأمل اقتضاء هذه الحروف ومناسبتها لمعنى الطويل وتسميتهم القصير بالبحتر وموالاتهم بين ثلاث فتحات في اسم الطويل وهو العشنق وإتيانهم بضمتين بينهما سكون في البحتر كيف يقتضي اللفظ الأول انفتاح الفم وانفراج آلات النطق وامتدادها وعدم ركوب بعضها بعضا وفي اسم البحتر الأمر بالضد وتأمل قولهم طال الشيء فهو طويل وكبر فهو كبير فإن زاد طوله قالوا طوالا وكبارا فأتوا بالألف التي هي أكثر مدا وأطول من الياء في المعنى الأطول فإن زاد كبر الشيء وثقل موقعه من النفوس ثقلوا اسمه فقالوا كبارا بتشديد الباء ولو أطلقنا عنان القلم في ذلك لطال مداه واستعصى على الضبط فلنرجع إلى ما جرى الكلام بسببه فنقول الميم حرف شفهي يجمع الناطق به شفتيه فوضعته العرب علما على الجمع فقالوا للواحد أنت فإذا جاوزوه إلى الجمع قالوا أنتم وقالوا للواحد الغائب هو فإذا جاوزوه إلى الجمع قالوا هم وكذلك في المتصل يقولون ضربت وضربتم وإياك وإياكم وإياه وإياهم ونظائره نحو به وبهم ويقولون للشيء الأزرق أزرق فإذا اشتدت زرقته واستحكمت قالوا زرقم ويقولون للكبير الاست ستهم وتأمل الألفاظ التي فيها الميم كيف تجد الجمع معقودا بها مثل لم الشيء يلمه إذا جمعه ومنه لم الله شعثه أي جمع ما تفرق من أموره ومنه قولهم دار لمومة أي تلم الناس وتجمعهم ومنه أكلا لما الفجر 19 جاء في تفسيرها يأكل نصيبه ونصيب صاحبه وأصله من اللم وهو الجمع كما يقال لفه يلفه ومنه ألم بالشيء إذا قارب الاجتماع به والوصول إليه ومنه اللمم وهو مقاربة الاجتماع بالكبائر ومنه الملمة وهي النازلة التي تصيب العبد ومنه اللمة وهي الشعر الذي قد اجتمع وتقلص حتى جاوز شحمة الأذن ومنه تم الشيء وما تصرف منها ومنه بدر التم إذا كمل واجتمع نوره ومنه التوأم للولدين المجتمعين في بطن ومنه الأم وأم الشيء أصله الذي تفرع منه فهو الجامع له وبه سميت مكة أم القرى والفاتحة أم القرآن واللوح المحفوظ أم الكتاب". جلاء الأفهام في فضل الصلاة على خير الأنام ص148 ومابعدها.
ولك أخي الكريم بارك الله فيك الإطلاع على أكثر من هذا لابن القيم وأنت تنظر في كتابه القيم {بدائع الفوائد}
تعريف النحو
لغة: له ستة معان. أنظر شرح الأشموني بحاشية الصبان1/49
1- القصد: يقال نحوت نحوك أي قصدت قصدك.
2- الجهة: توجهت نحو البيت أي جهة البيت.
3- قسم: تقول هذا على أربعة أنحاء أي أقسام . ومنه حديث عائشة رضى الله عنهافي صحيح البخاري5/1970ح4834وغيره :" أن النكاح في الجاهلية كان على أربع أنحاء…."
4- بعض: أكلت نحو السمكة. أي بعضها
5- مثل: مررت برجل نحوك أي مثلك.
6- مقدار :عندي نحو ألف دينار.أي مقدار ألف…
اصطلاحا: علم يبحث فيه عن أحوال أواخر الكلم إعراباً وبناء. أنظر شرح الأشموني لشرح ألفية ابن مالك1/49 .
حكمه: الوجوب الكفائي *قاله النووي.أنظر شرح النووي لصحيح مسلم1/71
موضوعه: الكلمات العربية.
فائدته: صيانة اللسان عن الخطأ في الكلام والاستعانة به على فهم كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم.
أهمية علم النحو
وضَّح ابن خلدون أهمية علم النحو، وأبرز مميزاته التي لا نجدها في لغة أخرى، ومما قاله :
"إن اللغة في المتعارف هي عبارة المتكلم عن مقصوده، وتلك العبارة فعل لساني، فلابد أن تصير ملكة متقررة في العضو الفاعل لها وهو اللسان، وهو في كل أمة بحسب اصطلاحاتهم، وكانت الملكة الحاصلة للعرب من ذلك أحسن الملكات وأوضحها، إبانة عن المقاصد لدلالة غير الكلمات فيها على كثير من المعاني من المجرور، أعني المضاف، ومثل الحروف التي تفضي بالأفعال إلى الذوات من غير تكلف ألفاظ أخرى. وليس يوجد إلا في لغة العرب". ولاشك أن ملاحظته الدقيقة هذه في إبراز بعض خصائص اللغة التي لا نجدها في غير لغة العرب، وإشارته إلى استخدام الأفعال وتغير مقاصدها بإدخال الحروف عليها، مما يؤكد أهمية هذه الصفة المعروفة في أساليب اللغة العربية،
كان ابن خلدون على بينة من فشو العامية المخالفة لصريح العربية، ولم يكتف بذلك، وإنما حاول أن يقدم لنا آراءه في رأب هذا الصدع، وعقد لذلك فصلاً في تعليم اللسان المضري. كما أشار إلى الأمر نفسه في حديثه عن علم الأدب، فقال :
"هذا العلم لا موضوع له، يُنظر في إثبات عوارضه أو نفيها، وإنما المقصود منه عند أهل اللسان ثمرته في فنَّي المنظوم والمنثور على أساليب العرب".
وتحدث ثانية عن فساد اللسان العربي، ووضح عوامله، وظهور اللحن، وضعف الأصالة، ثم عقد فصلاً خاصاً بذلك، ذكر فيه أن "اللغات كلها ملكات شبيهة بالصناعة، إذ هي ملكات في اللسان للعبارة عن المعاني وجودتها وقصورها، بحسب تمام الملكة أو نقصانها" إن عرف التخاطب في الأمصار وبين الحضر ليس بلغة مضَر القديمة، ولا بلغة أهل الجيل، بل هي لغة أخرى قائمة بنفسها، بعيدة عن لغة مضر، وعن لغة هذا الجيل العربي الذي لعهدنا، وهي عن لغة مضر أبعد، فأما أنها لغة قائمة بنفسها، فهو ظاهر يشهد له ما فيها من التغاير الذي يعد عند صناعة أهل النحو لحناً، وهي مع ذلك تختلف باختلاف الأمصار في اصطلاحاتهم، فلغة أهل المشرق مباينة بعض الشيء للغة أهل المغرب، وكذا أهل الأندلس معهما، وكل منهم يتوصل بلغته إلى تأدية مقصوده والإبانة عما في نفسه". وهذا معنى اللسان واللغة وفقدان الإعراب ليس بضائر لهم كما قلناه في لغة العرب لهذا العهد وأما إنها أبعد عن اللسان الأول من لغة هذا الجيل فلأن البعد عن اللسان إنما هو بمخالطة العجمة فمن خالط العجم أكثر كانت لغته عن ذلك اللسان الأصلي أبعد لأن الملكة انما تحصل بالتعليم كما قلناه وهذه ملكة ممتزجة من الملكة الأولى التي كانت للعرب ومن الملكة الثانية التي للعجم فعلى مقدار ما يسمعونه من العجم ويربون عليه يبعدون عن الملكة الأولى واعتبر ذلك في أمصار أفريقية والمغرب والأندلس والمشرق أما أفريقية والمغرب فخالطت العرب فيها البرابرة من العجم بوفور عمرانها بهم ولم يكد يخلو عنهم مصر ولا جيل فغلبت العجمة فيها على اللسان العربي الذي كان لهم وصارت لغة أخرى ممتزجة والعجمة فيها أغلب لما ذكرناه فهي عن اللسان الأول أبعد وكذا المشرق لما غلب العرب على أممه من فارس والترك فخالطوهم وتداولت بينهم لغاتهم في الأكره والفلاحين والسبي الذين اتخذوهم خولا ودايات وأظارا ومراضع ففسدت لغتهم بفساد الملكه حتى انقلبت لغة أخرى وكذا أهل الأندلس مع عجم الجلالقة والإفرنجة وصار أهل الأمصار كلهم من هذه الأقاليم أهل لغة أخرى مخصوصة بهم تخالف لغة مضر ويخالف أيضا بعضهم بعضا كما نذكره وكأنه لغة أخرى لاستحكام ملكتها في أجيالهم والله يخلق ما يشاء ويقدر. أنظر مقدمة ابن خلدون ج1/ص558
نشأة علم النحو وعلماؤه :
أول من وضع علم النحو بإجماع النحويين هو أبو الأسود الدؤلي(ظالم بن عمرو – وهو أبو الأسود الدؤلي – يروي عن عمر وأبي ذر. قيل أنه صحابي شهد بدرا، بصري ت69هـ) وقيل أنه أخذه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال السيوطي في تاريخ الخلفاء ص157:"( قال أبو القاسم الزجاجي في أماليه : حدثنا أبو جعفر محمد بن رستم الطبري حدثنا أبو حاتم السجستاني حدثني يعقوب بن إسحاق الحضرمي حدثنا سعيد ابن سلم الباهلي حدثنا أبي عن جدي عن أبي الأسود الدؤلي أو قال : عن جدي أبي الأسود عن أبيه قال : دخلت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه فرأيته مطرقا مفكرا فقلت : فيم تفكر يا أمير المؤمنين ؟ قال : إني سمعت ببلدكم هذا لحنا فأردت أن أصنع كتابا في أصول العربية فقلت : إن فعلت ذلك أحييتنا و بقيت فينا هذه اللغة ثم أتيته بعد ثلاثة فألقى إلي صحيفة فيها : بسم الله الرحمن الرحيم الكلمة اسم و فعل و حرف فالاسم : ما أنبأ عن المسمى و الفعل : ما أنبأ عن حركة المسمى و الحرف : ما أنبأ عن معنى ليس باسم و لا فعل ثم قال : تتبعه و زد فيه ما وقع لك و اعلم يا أبا الأسود أن الأشياء ثلاثة : ظاهر و مضمر و شيء ليس بظاهر و لا مضمر و إنما يتفاضل العلماء في معرفة ما ليس بظاهر و لا مضمر قال : أبو الأسود : فجمعت منه أشياء و عرضتها عليه فكان من ذلك حروف النصب فذكرت منها : إن وأن و ليت و لعل و كأن ولم أذكر لكن فقال لي : لم تركتها ؟ فقلت : لم أحسبها منها فقال : بل هي منها فزدها فيها).
وأبو الأسود كوفي الدار بصري المنشأ .أما علم الصرف فقد وضعه معاذ بن مسلم الهراء وهو الذي أدب عبد الملك ابن مروان.
ثم جاء بعد الدؤلي خمسة نفر وهو الذي خلفهم. أنظر أبجد العلوم – صديق حسن خان القنوجي3/73. :
عنبسة بن معدان الفيل الميساني وهو أبرع أصحاب الدؤلي على ما ذكره الخليل وهو في الطبقة الأولى من البصريين ت100هـ.
ميمون الأقرن وهو رأس النحويين بعد عنبسة.
يحيى بن يعمر الوشقي العدواني، أبو سليمان النحوي البصري تابعي لقي عبدالله بن عمر وابن عباس ت129هـ.
عطاء بن أبي الأسود الدؤلي.
أبو الحارث بن أبي الأسود الدؤلي البصري روى عن عبد الله بن عمر ت109هـ.
عبدالله بن أبي إسحاق الحضرمي البصري النحوي المقرىءت117هـ وقيل سنة119وقيل سنة 205 ذكر أنه أول من وضع أصول النحو وقياسه). ذلك أن سيبويه قد سمى في كتابه من روى عنهم أصول النحو من الأئمة ولم يتجاوز الحضرمي إلى إمام قبله، فالحضرمي على هذا هو رأس البصرية.
ثم الإمام المعروف الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي الأزدي اليحمدي، أبو عبد الرحمن شيخ سيبويه ولد سنة 100هـ وتوفي سنة170هـ.
قال الذهبي في سير أعلام النبلاء ج7/ص430:
"حدث عن أيوب السختياني وعاصم الأحول والعوام بن حوشب وغالب القطان أخذ عنه سيبويه النحو والنضر بن شميل وهارون بن موسى النحوي ووهب بن جرير والأصمعي وآخرون وكان رأسا في لسان العرب دينا ورعا قانعا متواضعا كبير الشأن يقال إنه دعا الله أن يرزقه علما لا يسبق إليه ففتح له بالعروض وله كتاب العين في اللغة وثقه ابن حبان وقيل كان متقشفا متعبدا قال النضر أقام الخليل في خص له بالبصرة لا يقدر على فلسين وتلامذته يكسبون بعلمه الأموال وكان كثيرا ما ينشد وإذا افتقرت إلى الذخائر لم تجد ذخرا يكون كصالح الأعمال
وكان رحمه الله مفرط الذكاء ولد سنة مئة ومات سنة بضع وستين ومئة وقيل بقي إلى سنة سبعين ومئة وكان هو ويونس إمامي أهل البصرة في العربية".
سيبويه عمرو بن عثمان بن قنبر، إمام النحاة ورئيس البصريين أبو بشر، مصنف الكتاب المشهور الذي هو عمدة النحو. مولى بني الحارث بن كعب .. ، ويُكَنَّى أبا بشر ويقال كنيته أبو الحسن ، وسيبويه بالفارسية : " رائحة التفاح وتوفي وله نيف وأربعين سنة … ، كان المُبَرِّد إذا أراد إنسانٌ أنْ يقرأ عليه كتاب سيبويه ، يقول له : " ركبتَ البحر " ، تعظيماً له ، واستعظاماً لما فيه . وكان المازني ، يقول : مَنْ أراد أنْ يعمل كتاباً كبيراً في النحو بعد كتاب سيبويه ، فليستحي ولد سنة148هـ وتوفي سنة180هـ ) اهـ الفهرست ص76، وينظر: أبجد العلوم 3/ 38.
9- علي بن حمزة الكسائي عبد الله الاسدي بالولاء، الكوفي، أبو الحسن ألكسائي: أمام في اللغة والنحو والقراءة.من أهل الكوفة. ولد في إحدى قراها.وتعلم بها.وقرأ النحو بعد الكبر، وتنقل في البادية، وسكن بغداد، وتوفي بالري، عن سبعين عاما.وهو مؤدب الرشيد العباسي وابنه الامين.قال الجاحظ: كان أثيرا عند الخليفة، حتى أخرجه من طبقة المؤدبين إلى طبقة الجلساء والمؤانسين.أصله من أولاد الفرس.
ثم افترقوا إلى فرقتين: أ) كوفية. ب) بصرية.
10- سعيد بن مسعدة المجاشعي بالولاء أبو الحسن الأخفش الأوسط البلخي ثم البصري النحوي المعتزلي أخذ النحو عن سيبوية ت210هـ.
11- الفراء يحيى بن زياد الأسلمي الكوفي أبرع الكوفيين، أخذ النحو عن الكسائي ت257هـ
صالح بن إسحاق الجرمي أبو عمرو البصري أخذ عن الأخفش ت225هـ.
أبو عثمان بكر بن محمد بن عثمان المازني البصري أخذ عن الأصمعي وغيره وأخذ عنه المبرد *قال أبو حعفر الطحاوي الحنفي المصري: سمعت القاضي بكار بن قتيبة قاضي مصر، يقول: ما رأيت نحوياً قط يشبه الفقهاء إلا حيان بن هرمة والمازني،ت249هـ.
أبو العباس محمد بن يزيد الأزدي البصري المعروف بـ ( المبرد ) أخذ عن المازني وأخذ عنه نفطويه ت286هـ.
أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الزجاج أخذ عن المبرد وأخذ عنه أبو علي الفارسي ت310هـ.
أبو بكر محمد بن السري بن سهل المعروف بـ(السراج) أخذ عن المبرد وأخذ عنه السيرافي والرماني ت316هـ.
أبو محمد عبد الله بن جعفر (ابن درستويه) الفارسي النحوي أخذ عن ابن قتيبة والمبرد وأخذ عنه الدارقطني ت343هـ.
أبو بكر محمد بن مبرمان ت345هـ.
أبو علي الحسن بن أحمد الفارسي ت377هـ.
أبو سعيد الحسن بن عبد الله بن المرزبان السيرافي أعلم الناس بنحو البصريين أخذ عن ابن السراج ت368هـ.
أبو الحسن علي بن عيسى الرماني أخذ عن ابن السراج ت384هـ.
أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي أخذ عن الفارسي ت392هـ.
أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني النحوي المتكلم الأشعري أخذ عن الفارسي ت471هـ
أبو القاسم محمود بن عمر الخوارزمي الزمخشري كان إمام عصره * وكان له لوثة اعتزال تجلت بوضوح في كتابه( الكشاف) وهو حنفي المذهب معتبر ت538هـ*
أبو عمرو عثمان بن عمر (ابن يونس) المعروف بابن الحاجب الكردي الفقيه الأصولي المالكي ت646هـ.
26- محمد بن عبد الله بن عبد الله بن مالك العلامة جمال الدين أبو عبد الله الطائي الجياني الشافعي إمام النحاة ولد سنة601هـ* سمع من السخاوي كان في النحو بحرا لا يحارى وحبرا لا يبارى * روى عنه ابنه بدر الدين والبدر بن جماعة ومن تلاميذه شرف الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مِرَى النووي، المتوفى سنة 676 وزين الدين أبو بكر بن يوسف بن محمود بن عثمان المزي الدمشقي، المتوفى سنة 726. وعلم الدين بن القاسم بن محمد بن يوسف البرزالي المتوفى سنة739* لم يعثر له على شيخ معتبر مشهور مع علو كعبه وعظيم شأنه فإنه أخذ العلم بالنظر وقيل أخذ عن ثابت بن خيار وقيل من شيوخه أبو المظفر ثابت بن محمد بن حيان الكلاعي، المتوفى سنة 638*ت672هـ.. أنظر لزاما ترجمته في نفخ الطيب للمقرّي 2/427 وبغية الوعاة (1/482) ووفيات الوفيات/الكتبي 3/411 و عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان_ بدر الدين العيني،ص201 وتاريخ الإسلام للذهبي12/347* ووصفه الذهبي في تذكرة الحفاظ4/1490:" كبير النحاة العلامة القدوة حجة المغرب". وأنظر أيضا أبجد العلوم- صديق بن حسن القنوجي ج3/ص34 وانظر مقدمة شرح الأشموني1/17 وما بعدها.
أبو عبد الله محمد بن محمد بن داود الصنهاجي المغربي المعروف بابن آجروم ومعناه بلغة البرير الفقير الصوفي وكانت ولادته سنة 682 اثنتين وثمانين وستمائة وتوفى سنة 723 له مقدمة الآجرومية في النحو على مذهب الكوفيين لأنه عبر بالخفض وهو عبارتهم وقال الأمر مجزوم وهو ظاهر في أنه معرب وهو رأيهم وذكر في الجوازم كيفما والجزم بها رأيهم وأنكره البصريون فتفطن* وهي مقدمة نافعة للمبتدئين ألفها بمكة المكرمة. انظر بغية الوعاة ج1/ص238.
ثم أبو محمد عبد الله جمال الدين بن يوسف بن أحمد بن عبد الله بن هشام الأنصاري المصري الإمام الذي فاق أقرانه وشأى من تقدمه وأعيا من يأتي بعده ، لا يشق غباره في سعة الاطلاع وحسن العبارة تمذهب على المذهب الشافعي ثم تحنبل وحفظ مختصر الخرقي *ت 762هـ، وقال المقريزي في السلوك لمعرفة الملوك2/482 توفي سنة799هـ.وقيل 855كما في نظم العقيان للسيوطي ص41 وربما يكون هذا بعيدا عن الصواب والله أعلم.
ومن المتأخرين من نحاة عصر المماليك الإمام نور الدين أبو الحسن علي بن محمد الشافعي المصري الأشموني ت900هـ وقيل سنة 920هـ.كما في ديوان الإسلام للعزي ص10* أو قي سنة927 كما في شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي8/165.له شرح على ألفية ابن مالك بحاشية الصبان.
وغيرهم كثير.
ثم تتابع الناس في العصر الحديث على النظم والتأليف والشرح والتعليق في النحو والصرف والبديع والبيان وغيرها من فنون العربية * يعرف ذلك من كان له أدنى اهتمام بلغة القرآن والسنة والمحروم من حرم معرفة لغة الكتاب والسنة.
هذا وأسأل الله أن ينفع به عباده وأن يجعله لي ذخرا عنده إلى يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
وللقراء الأكارم تصويب صحيحه وبيان خطئه، والموفق من وفقه الله لما يحب ويرضى، ومن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين.

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك


التصنيفات
اللغة العربية وعلومها

أهمية علم النحو قصة وقصيدة

بسمِ الله الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ

الحمدُ لله والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ الله ، وعلى آلِه وصحبِه ، ومن اهتَدى بهُداهُ ..
أمَّا بعدُ ..
قالَ الشَّيخُ زَينُ الدِّينِ السَّنهوريُّ رحمه الله تعالى ( ت 894 ) في كتابِه ( الجامعُ المفيدُ في صِناعةِ التَّجويدِ ـ ص : 167ـ 168 ) :
قالَ ابنُ الأنباريِّ : سَمعتُ أحمدَ بنَ يَحيى يقولُ : « كَان أحدُ الأئمَّةِ في الدِّينِ يَعيبُ النَّحْوَ ، ويقولُ : أوَّلُ تعلُّمِه شُغلٌ ، وآخرُه بَغْيٌ ، يَزدرِي العالِـمُ بهِ النَّاسَ ، فقرأَ يومًا : ( إِنَّما يَخشَى اللهُ مِنْ عِبَادَهِ العُلَمَـاءَ ) فقيلَ لهُ : كَفَرْتَ مِن حَيثُ لَـم تَعلَمْ ، تَجعلُ الله تعالى يَخشَى ؟! فقالَ : لَا طَعَنْتُ على عِلمٍ يَـؤولُ بي إلَى مَعرِفةِ هَذا أبدًا » .
وقالَ أَبو عمرو الدَّاني في شَرحِ الـخَاقَانيَّـة : « كَتبتُ مِن حِفظِ أبي بَكرٍ مُحمَّدِ بنِ عليِّ بنِ أحمدٍ الأُذفويِّ المقرئِ قالَ : أُنشِدنا لِـعَليِّ بنِ حَمزةَ الكِسائيِّ ـ الإمام ـ رحمهُ الله تعالَى :

إِنَّمـا النَّحْـوُ قِياسٌ يُـتَّـبَـعْ
و بِه فـي كُلِّ عِلمٍ يُنـتَـفَـعْ

فَإِذا مَا أَبصَرَ النَّحوَ الفَتَى
مَرَّ في المنطقِ مَـرًّا وَاتَّسَـعْ

وَاتَّــقاهُ كُلُّ مَــن جالَــسَهُ
مِن جَليسٍ نَاطِقٍ أَوْ مُستَمِعْ

وَإِذا لَـمْ يُبصِرِ النَّحْـوَ الفَـتَى
هَابَ أَنْ يَـنطِقَ حِينًا فَانقَمَـعْ

فَـتَـرَاهُ يَنْــصِبُ الرَّفْـــعَ و مَــا
كَانَ مِن خَفْضٍ وَ مِن نَصبٍ رَفَعْ

وَإِذَا حَرْفٌ جَــرَى إِعــرَابُه
صَعُبَ الحرفُ عَليهِ وَامْتَـنَعْ

يَقرأُ القُــرآنَ لَا يَعـرِفُ مَـا
صَرَّفَ الإِعْرابُ فِيهِ وَصَـنَـعْ

يَـحْـذَرُ اللَّـحْـنَ إِذَا يَـقـــرَؤُهُ
وَهْوَ لَايَدرِي وَفي اللَّـحْنِ وَقَعْ

يَلْـزَمُ الذَّنـبُ الَّذي أَقْــرأَهُ
وَهْوَ لَا ذَنْبَ لَهُ فِيمـا اتَّـبَـعْ

وَالَّذي يَـعْــرِفُـــهُ يَـقـرَؤُهُ
فَإِذَا مَا شَكَّ فِي حَرْفٍ رَجَعْ

نَاظِـرًا فِيـهِ وَفِي إِعْــــرَابِهِ
فَإِذَا مَا عَرَفَ الحَـقَّ صَدَعْ

وَكَذا لِلْعِلْمِ وَ الـجَـهْلِ فَـخُذْ
مِـنْـهُما مَا شِئْتَ مِن أَمرٍ وَ دَعْ

أَهُـمَـا فِيهِ سَـــواءٌ عِندَكُمْ
لَيْسَتِ السُّـنَّـةُ فِيـنا كَالبِدَعْ

كَمْ رَفيعٍ وَضَعَ النَّحْوَ وَ كَمْ
مِن وَضيعٍ قَــد رَأَيـناهُ رَفَـعْ

************