التصنيفات
البحوث الاقتصادية

بحث حول المدرسة النيوكلاسيكة

المطلب الأول: البوادر الأولى لنيوكلاسيك
ظهرت المدرسة الحدية حوالي سنة 1870 في كل من إنجلترا والنمسا وسوسرا ، على يد ويليم ستانلي جيوفونز في إنجلترا وكارل مانجر في النمسا وليون فراس في سويسرا حيث أن أعمال هؤلاء الاقتصاديين ظهرت في وقت واحد تقريباً إلا أنهم لم يتأثر أي منهم بالكتاب الآخرين فيما مادى به من أفكار اقتصادية ومع ذلك انتهوا جميعاً في بحثهم الاقتصادي إلى نفس النتائج ، غير أن هرمان جوستن كان أو كاتب عكف على تطوير الأفكار التي نادى بها الرواد الثلاثة .
فكانت نقطة دراستهم تبنيهم فكرة المنفعة بهذا نقلوا النيوكلاسيك مفهوم القيمة في العمل إلى القيمة التي تحدد منفعة ولذة ، فالعمل ليس هو الذي يحدد القيمة بل المنفعة هي التي تسمح بها آخر وحدة خير من الخيرات بإشباع رغبة من الرغبات هي التي تحدد القيمة ومن هنا ظهرت تسمية الحدية ” le marginalisme ”
فالمدرسة الحدية لم تقف عند الرواد الثلاثة بل حصلت على رواد جدد في كل من سويسرا والنمسا ، فشكلوا حيل ثاني لهذه المدرسة فكان فلفريد و بارتينو في سويسرا كان خليفة فالراس في تطبيقات النظرية الحدية ، أما في النمسا كانوا هناك مفكرون عديدين لهم شأن كبير في تطور الفكر الاقتصادي وفي مقدمتهم فون فايزر ويوهم بافرك وفي هذه الحالة فإن بداية المدرسة النيوكلاسيكية الحدية هي :
* تشكيك في صحة بعض النظريات الكلاسيكية
* تقديم طريقة التحليل
* الاهتمام بصورة قاطعة نحو عملية توزيع الموارد الاقتصادية من خلال ميكانيكية السوق .
* الاهتمام الأول بدراسة السوق والجزئيات التي يتكون منها والتي تعمل فيه وتحركه خلال فترة محدودة من الزمن .
* تأثير النيوكلاسيك بالتغيرات البيئية الاقتصادية لدول غربية عرفت ركود وتخلصت منه .
* اهتمامهم هو موضوع النمو الاقتصادي وتوزيع الدخل في الأجل الطويل .
التغيرات البيئية الاقتصادية :
– إخفاق تنبؤات الكلاسيك بشأن الطبقات العمالية وعدم تمكنها من الخروج عن دائرة الكفاف .
– إخفاق كارل ماركس بشأن زيادة أعداد المتعطلين من العمال ( البطالة التكنولوجية) وزيادة عوامل البؤس .
التغيرات البيئية الثقافية : ساعدت على اختيار موضوعات البحث وطرق التحليل :
-إخراج النيوكلاسيك لعلم الاقتصاد من دائرة التاريخ وعلوم اجتماعية و أصبح النظر إليه على أنه علم بحث يحوي نظريات ثابتة قابلة للتجربة في كل عصر ومكان .
-وصول إلى نتائج في تحليل الجزئي لم تكن متوقعة إطلاقاً بالنسبة للكلاسيك ، مثال : تحليل طلب المستهلك على أساس المنفعة الحدية وتحليل غرض المنشأ على أساس ظروف الإنتاج والنفقات أدى إلى تطوير نظرية سعر السوق
المطلب الثاني : أهم المدارس
لقد كان عدد المساهمين في الفكر النيوكلاسيكي كبير ومتنوع أي من كل البلدان حيث شكلوا عدة مدارس هي :
– المدرسة النمساوية ويمثلها كارل منجر – فون فيز – وبوهم باورك .
– المدرسة الإنجليزية (توفيقية) تمثلها ستالين جيفوس – ألفريد مارشال .
– مدرسة لوزان الرياضية يمثلها ليون غالراس – باريتو .
1) المدرسة النمساوية :
– منهج التحليل منهج تجديدي وينكرون المنهج الاستقرائي
– تحويل الاقتصاد من طبيعة السياسة إلى اقتصاد خالص مجرد .
– الحرية الاقتصادية نسبية أي يرون ضرورة تدخل الدولة حسب مقتضيات الأمور.
2) المدرسة الإنجليزية (التوفيقية ):
– حاول توفيق بين كافة اتجاهات نيوكلاسيك بل اتسع ليشمل التوفيق بين الكلاسيك والنيوكلاسيك .
– إدخال الحقائق الواقعية في تحليله الاقتصاد ( فردية سيكولوجية أو بيئية أو اجتماعية ).
فرق بين المدة القصيرة والمدة الزمنية الطويلة .
3) المدرسة الرياضية ” لوزان” :
– اختلف عنهم في المنهج فهو ينطلق من الكل ليصل إلى الجزئيات .
-رفض تحليل الجزئي الذي يبحث في سبب الظاهرة متغاضياً عن الأسباب الأخرى .
– تحليل وظيفي يقوم على علاقة التنمية والتغيير.
المطلب الثالث : نظرية وفرة عوامل الإنتاج
تفسر النظرية الكلاسيكية السبب في قيام التجارة الخارجية بين الدول في اختلاف النفقات النسبية في إنتاج السلع ولكنها لم تفسر لماذا تختلف النفقات النسبية من دولة لأخرى ونظر الآن النظرية الكلاسيكية تقوم على أساس اعتبار العمل أساس لنفقة السلعة وإن التبادل الدولي يتم على أساس المقايضة فقد قام ” هيكشر” بتحليل هذه الفروض التي تقوم علها النظرية الكلاسيكية .
وقد رفض ” أولين” الفروض التي قامت عليها النظرية وهي اعتبار العمل أساس لقيمة السلعة وإنه يجب تطبيق الأسعار وأثمان عوامل الإنتاج على أساس نظرية القيمة فالتفاوت في قيمة سلع لا يرجع إلى التفاوت فيما نفق على السلعة من عمل ولكن فيما أنفق من عناصر الإنتاج على السلعة ، وبين ” أولين” أن التجارة الخارجية تقوم نتيجة لا للتفاوت النسبي بين تكاليف الإنتاج إنما تقوم للتفاوت بين الدول في أسعار عوامل الإنتاج ، وبالتالي في أسعار السلع المنتجة ، هذا الاختلاف في أسعار عوامل الإنتاج إنما يرجع إلى ظروف كل دولة من حيث وفرة أو ندرة عوامل الإنتاج وينعكس هذا كله في أثمان السلع المنتجة ، وهكذا سيوجد دولاً ستتخصص في إنتاج سلع معينة لأنها تتمتع بميزة معينة في إنتاجها وإن هذه الميزة ترجع لاختلاف أسعار عوامل إنتاج المشتركة في إنتاجها .
وإن الحديث عن التخصص يعني الحديث عن سياسة الحرية التجارية ، إن وضع الموارد الاقتصادية في أحسن استخداماتها الممكنة داخل الاقتصاد ، يعني تخصص بلد في إنتاج السلعة بأقل تكاليف وبذلك تحقيق التنمية الاقتصادية فإذا تخلينا عن فكرة التخصص فإنه يبعدنا عن توزيع الأمثل للموارد الاقتصادية ومن ثم تنخفض إنتاجية هذه الموارد وهذا يؤدي إلى انخفاض الدخل القومي الحقيقي داخل البلد وترتفع نفقة إنتاج السلع وتتعرض رفاهية المستهلك إلى التناقص .
ورغم الانتقادات التي وجهت لهذه النظرية فإن أهميتها تتمثل في تطبيقها لنظرية الثمن وتحليل التوازن الذي يستخدم في نظرية العرض والطلب على نظرية التجارة الخارجية فضلاً عن إبقائها الضوء على العلاقة المتبادلة ما بين التجارة الخارجية وهيكل الاقتصاد القومي للدولة التي تباشرها وبصفة خاصة مدة تأثر صورة توزيع الدخل القومي ما بين مختلف الدول الأطراف في هذه التجارة أي أثمان خدمات عناصر الإنتاج في الدولة بالنسبة لهذه الأثمان نفسها في الدول الأخرى.

المبحث الثاني : الفكر العام للمدرسة النيوكلاسيكية
لقد أقام الحديون تحليلهم النظري على أساس تحديد قيم السلع ، ثم طبقو هذه القيم على ظاهرتي التوزيع والاستهلاك .
وفلسفتهم في التحليل تقوم على استنباط القوانين الاقتصادية من سلوك فرد معين ، أو ما يسمونه ” الرجل الاقتصادي” Economic man ” الذي يخضع في سلوكه الاقتصادي إلى دوافع اقتصادية وحدها ويتمثل في المصلحة الذاتية للفرد تحقيق أكبر لذة ونفع بأقل جهد وألم أو محاولة إشباع رغبات القصوى بأدنى مجهود
المطلب الأول: القيمة
لقد حاول الحديون الإجابة عن تساؤل :
ما هي العوامل المحددة لقيمة السلع في الأسواق ؟
أجابوا على هذا التساؤل بأن قيمة أي سلعة هي “لمنفعة الحدية ” التي يحصل عليها عند استهلاك أي سلعة .
المقصود بالمنفعة : قدرة السلعة على إشباع الحاجة الإنسانية المتعددة .
المقصود بالحدية : ما يصل بالوحدة الأخيرة من السلعة .
ولتوضيح فكرة المنفعة الحدية عند الرواد الأوائل ينبغي ملاحظة ثلاث أمور ذات الصلة بها :
– تناقص المنفعة الحدية
– العلاقة بين درجة الإشباع وندرة السلع .
– وحدة القيمة .

أ – تناقص المنفعة الحدية
يقر الحديون أن الحاجة الإنسانية قابلة للإشباع وهذا ما يقوم به المجتمع الاقتصادي ، كما يقرون أن هناك إلحاح على الحاجة قبل بدئ الإشباع لأنه كلما زاد عدد وحدات السلع في إشباع الحاجة قل تدريجياً الإلحاح على الحاجة وتناقص مقدار المنفعة التي يحصل عليها من كل وحدة من وحدات السلع والعكس صحيح .
ب- العلاقة بين درجة الإشباع وندرة السلع :
يرى الحديون أن هناك ارتباط وثيق بين ندرة السلع ودرجة الإشباع
أي أن كلما كانت وفرة في وحدات السلع كانت درجة الإشباع متوفرة وبذلك تنخفض المنفعة الحدية.
وكلما كانت قلة في السلعة كانت درجة الاتساع قليلة وبذلك ترتفع المنفعة الحدية وهذا هو تطبيق العملي لقانون تناقص المنفعة الحدية ”.
وحدة القيمة:
وفي ضوء ما سبق من حيث تناقص المنفعة الحدية والعلاقة بين درجة الإشباع وندرة السلع فان المنفعة الحدية تتناقص لكن المنفعة الكلية في تزايد مطرد كلما زاد عدد الوحدات المستهلكة من أي سلعة.
إذا كانت الوحدات السابقة عن الوحدة الأخيرة من سلع تحقق للفرد منفعة مرتفعة من منفعة الوحدة الأخيرة.
فكيف تتحدد قيمة كل الوحدات على أساس منفعة هذه الوحدة الأخيرة.
لقد أجابوا عن هذا التساؤل بان ثمة قانون آخر هو أن يمكن أن نحل أي وحدة من وحدات السلعة محل أي وحدة أخرى طالما أن جميع وحدات السلع متجانسة، وتحتوي على نفس الصفات وهذا هو قانون الإحلال.
ومادام الأمر كذلك تكون لجميع وحدات السلع قيمة موحدة.
* نخلص مما تقدم أن النظرية الحدية تتناول أمرين في تفسير القيمة:
1 – فكرة القدرة الاشباعية لسلع وخدمات
2 – فكرة ندرة السلع القادرة على الإشباع محدودية الكمية بالنسبة لطلب ومن هاتين الفكرتين نخرج بالفكرة المنفعة الحدية التي تحدد قيمة السلعة من وجهة نظر الفرد المستهلك .
المطلب الثاني: التوزيع:
التوزيع:
يرى نيو كلاسيك أن كل نشاط اقتصادي هو نشاط منتج ومحقق لمسالة الرفاهية الاقتصادية من جانبين المادي وغير المادي ولم يعد هناك شك فان إنتاج الخدمات يدخل في حساب الدخل القومي ومن ثم يساهم في زيادة الدخل القومي على مدى الفترة الطويلة وبذلك تحقق التنمية الاقتصادية ، ولقد وزعوا هذا الدخل على عناصر الإنتاج بتحليل الوظيفي أي عوائد العناصر تكون حسب وظيفة كل عنصر.
فالأجر: هو اجر العمال العاديين والفنيين والموظفين ومكافأة الإدارة.
الفائدة: هي عائد رأس المال الذي وظف في العملية الإنتاجية فراس المال هو عنصر من صنع الإنسان وخلقه اقتضى التضحية بالاستهلاك في الحاضر ولهذا يجب تعويض صاحبه بالفائدة.
الربح: عائد عنصر إنتاجي رابع لم يأخذه الكلاسيك بعين الاعتبار وهو عنصر التنظيم وهو فائدة المشروع او صاحب الفكرة ومخرجه وهو يأخذ الربح لان خاطر بتجميع كل عناصر الإنتاج من اجل العملية الإنتاجية .

المطلب الثالث: الاستهلاك:
الاستهلاك:
إن المستهلك صدفة الأساسي عند إنفاقه لدخله هو تحقيق اكبر إشباع ممكن لحاجياته. فالمستهلك يأخذ في اعتباره الحاضر والمستقبل عند إنفاقه بمعنى ينفق جزءا من الحاجات التي يحتاجها في الوقت الحاضر ويترك الجزء المتبقي للمستقبل وهذا ما يعرف بالادخار .
فالمستهلك يستبدل النقود بوحدات من سلعة إلى أن يصل إلى المنفعة الحدية لهذه السلعة وهذا ما يمثل ” الوضع التوازني لسلعة واحدة ” أما ” المجموعة التوازنية ” فهي أن ينفق دخله على وحدات السلع التي اختارها حيث يوزع دخله على وحدات السلع بحيث يصل إلى المنفعة الحدية لكل وحدة من وحدات السلع التي اختارها وهذا الوضع التوازني يؤدي إلى أن تكون المنفعة الحدية لنقود متساوية على جميع السلع المستعملة .
المنفعة الحدية لسلعة (أ) المنفعة الحدية لسلعة (ب)
الوضع التوازني :
سعر سلعة (أ) سعر سلعة (ب)
المطلب الرابع: السياسة الاقتصادية:
يركز رواد المدرسة الحدية على أن الحدية الاقتصادية هي التي تحقق اكبر إشباع ممكن أو اكبر منفعة ممكنة ذلك أن كل مستهلك فرد هو أكثر دراية بمدى إلحاح حاجاته المتعددة وأولويات هذه الحاجات في سلم تفضيله ومن ثم يمكن لهذا المستهلك الفرد أن يوزع دخله النقدي على النحو الذي يستطيع معه أن يحصل على اكبر إشباع ممكن وأي تدخل خارجي في توزيعه لدخله النقدي لا مناص من أن ينحرف به عن تحقيق هدفه المنشود من هذا التوزيع ولهذا نادى الحديون بضرورة عدم تدخل الدولة إلا في بعض المجالات الذي قام بتجديدها رواد النظرية الكلاسيكية : فالموقف المذهبي لنيو كلاسيك يقوم على أساس ملكية الفردية والحرية الاقتصادية أي سيادة النظام الرأسمالي .
أما التقدم التكنولوجي فاعتبروه يأخذ مكانه تلقائيا ويعتمد على عوامل غير اقتصادية وجعلوا تراكم الرأسمالي أكثر انطباقا على الهياكل الاقتصادية القائمة في القرن 19 و 20.

المبحث الثالث : نقد المدرسة النيوكلاسيكية
المطلب الأول: عدم انطباق النظرية الحدية على واقع السلوك الاقتصادي
– قانون تناقض المنفعة الحدية(أساسياً في الطلب) وهذا بمعنى أنه إذا أبقيت الأشياء الأخرى على حالها فإن أية زيادة في معدل استهلاك سلعة ما من شأنها أن تقلل حدة الطلب على أية وحدات صغيرة .
– لكي يكون قانون تناقض المنفعة الحدية صحيحاً :
1- لابد أن يجري استهلاك سلعة ما في نفس الظروف المحيطة بالفرد المستهلك فضلاً عن تبات دخله النقدي.
2- لابد أن تتولد للفرد المستهلك رغبة أخرى عند الاستهلاك بمعنى أن الفرد يستشعر بحاجة للماء يتزايد بزيادة ما يتناوله من طعام إلى جوار الشراب ، فإنه كلما أفرط في الشراب زادت رغبته في تعاطي الماء ، وفي هذه الحالة ظاهرة الاستهلاك تتماشى مع قانون تزايد المنفعة الحدية .
المنفعة الحدية :
نظرية المستهلك لا تنطبق على الواقع من ناحيتين :
1- لا يمكن أن يهتم المستهلك في الواقع بإجراء تعديلات دقيقة عند الحد فمعظم الناس لا يرغبون أن يكونوا بمثابة آلة حاسبة ، كما أن الطبيعة الإنسانية لا تهتم بالأشياء الصغيرة ومهما أمعن الفرد المستهلك في التدبير في إنفاق موارده على شراء سلع الاستهلاك فإنه لا يمكن أن يضع فاصل بين ما يرغب في شرائه وما يعرض عنه وبذلك لا يمكن أن يصل إلى وضعه التوازني حتى ولو كان هناك حالة من الاستقرار في السوق .
2- ومن المتوقع عادة أن تحدث تغيرات ضئيلة متكررة في السعر والدخل ، وعلى المستهلك الرشيد أن يأخذ احتياطاته من فترة إلى أخرى إلا أن المستهلك تعود على مشتريات معينة طيلة الأسبوع ولا يغيرها إلا إذا تغيرت الظروف بشكل واسع ، وهذا التغيير يجب أن يكون مناسبة لتغيير الظروف .
المطلب الثاني : تأثير الدوافع غير اقتصادية على سلوك الاقتصادي
تستخدم كلمة المنفعة في الاقتصاد لتعني ” الرغبة ” (قوة الطلب) ، ويرى البعض أن المنفعة تؤدي معنى خاصية النفع أو الفائدة والنتيجة أن لفظ المنفعة يستخدم في الخلط بن الاعتبارات الاقتصادية والأخلاقية .
إن نظرية سلوك المستهلك وضعت في وقت كان فيه معظم الاقتصاديين يؤمنون بمقياس المنفعة وهؤلاء أطلق عليهم اسم ” المنفعيين” كانوا يقيسون صلاحية أي حدث من الأحداث بمدى منفعته لبني الإنسان ، فلا غرو إذا خلط النفعيون بين الاقتصاد وعلم الأخلاق ولا غرو إذا اعتقدوا أن المنفعة شيء يمكن قاسه كمياً .
ففي الواقع لا يمكن إلا قياس قوة طلب معين بالنسبة إلى قوة طلب آخر وأنه خلق المنفعة لا تقرر نظرية سلوك المستهلك إلا نسبة الرغبة أو قوة الطلب بغض النظر عن الاعتبارات الأخلاقية .
دلت المدرسة الحدية بأنه يمكن استخلاص من القوانين الاقتصادية بالنظر إلى ” رجل اقتصادي” يخضع في سلوكه للدوافع الاقتصادية ولا يستجيب إلا للمنطق الدقيق على أساس الموازنة بين الآلام والمنافع .
عارض بعض الاقتصاديين على أن الإنسان لا يوجد معزولاً عن بيئته وأن هذا الرجل المجرد لا وجود له في الواقع وان كل فرد يتأثر بالنظم القائمة في البيئة التي يعيش في كنفها ، ومن هنا ظهرت المدرسة الأمريكية المسماة بمدرسة التنظيمات المؤسسية التي يتزعمها ثورستين فيلن والتي توافرت على البحث بمدى تأثر مختلف التنظيمات المؤسسية في السلوك الاقتصادي .
المطلب الثالث : خطأ النظرية الحدية في تركيز على الوحدات الاقتصادية الصغيرة .
الانتقادات التي واجهت المدرسة الحدية وهي أن المدرسة أقامت تحليلها النظري على أساس الوحدات الاقتصادية الصغيرة ، مثل : المستهلك الفرد ، المنتج الفرد ، المدخر الفرد، وأهملت تماماً الوحدات الاقتصادية الكبيرة ، مثل : الناتج القومي ، الدخل القومي ، الاستهلاك القومي ، الادخار القومي ، الاستثمار القومي …
وبهذا وقعت المدرسة في خطأ لافتراضها أن الأحجام الكلية ليست سوى مجموع الأحجام ومثال على ذلك ظاهرة الادخار فعندما يزيد ادخار بعض الأفراد لا يعني زيادة الادخار الكلي بل على العكس يعني نقص الادخار الكلي ، وهذا يفسر أن زيادة ادخار بعض الأفراد تنطوي على النقص في طلبهم على السلع طالما أن زيادة ادخارهم على حساب النقص في استهلاكهم وهنا فإن نقص طلب هؤلاء الأفراد على السلع لابد أن يفضي إلى النقص في الطلب الكل على السلع وبالتالي إلى نقص دخول المنظمين وهذا يؤدي إلى نقص ادخارهم وإذا كان هذا النقص أكبر نسبياً من زيادة الادخار من جانب بعض أفراد المجتمع المشار إليهم فإن المحصلة النهائية هي النقص في الادخار الكلي رغم الزيادة في الادخار الفردي لبعض الأفراد في المجتم


الاقتباس غير متاح حاليا