التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

التنمية المستدامة

التنمية المستدامة

تميز العقد الماضي من العمل البيئي على مستوى العالم بسيادة مفهوم التنمية المستدامة والذي تمت صياغته للمرة الأولى من خلال تقرير ” مستقبلنا المشترك” الذي صدر عام 1987 عن اللجنة العالمية للتنمية والبيئة برئاسة رئيسة وزراء النرويج السابقة جرو هارلم برونتلاند والتي تحمل حاليا منصب رئيسة منظمة الصحة العالمية. وقد كان مفهوم التنمية المستدامة مفهوما جديدا وثوريا في الفكر التنموي إذ أنه وللمرة الأولى دمج ما بين الاحتياحات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في تعريف واحد.

وحسب تعريف لجنة برونتلاند الذي أصبح علامة فارقة في السياسات البيئية والتنموية منذ التسعينات من القرن الماضي فإن التنمية المستدامة هي ” التنمية التي تأخذ بعين الاعتبار حاجات المجتمع الراهنة بدون المساس بحقوق الأجيال القادمة في الوفاء باحتياجاتهم”. وفي قمة الأرض 1992 والتي عقدت في ريو دي جانيرو كانت ” التنمية المستدامة” هي المفهوم الرئيسي للمؤتمر، الذي صدرت عنه وثيقة ” الأجندة 21″ والتي تحدد المعايير الاقتصادية والاجتماعية والبيئية لكيفية تحقيق التنمية المستدامة كبديل تنموي للبشرية لمواجهة احتياجات وتحديات القرن الحادي والعشرين. كما أن قمة الأرض الثانية التي عقدت في أيلول 2022 في جوهانسبرج عقدت تحت شعار “القمة العالمية للتنمية المستدامة.
وبالتالي فإن الاستدامة حسب تعريف ومنهجية لجنة برونتلاند تدعو إلى عدم استمرارية الأنماط الاستهلاكية الحالية سواء في الشمال أو في الجنوب والاستعاضة عنها بأنماط استهلاكية وإنتاجية مستدامة، وبدون تحقيق مثل هذه التطورات فلا مجال لتطبيق حقيقي لمفاهيم التنمية المستدامة الشاملة. ويؤكد تقرير برونتلاند أيضا على الارتباط المتبادل الوثيق ما بين التنمية البيئية والاقتصادية والاجتماعية وأنه لا يمكن إعداد أو تطبيق أية استراتيجية أو سياسة مستدامة بدون دمج هذه المكونات معا. ويحتاج تحقيق التنمية المستدامة إلى تغيرات جوهرية في الأنظمة الاقتصادية والاجتماعية على الأخص، ولكن مثل هذا التغيير لا يمكن أن يتم من خلال “أمر من الأعلى” أي من السلطة الحاكمة بل من خلال التنظيم الشعبي والاجتماعي الذاتي، والتعاون ما بين القطاعات الاجتماعية والاقتصادية المختلفة، وممارسة الديمقراطية الاقتصادية من خلال عملية تشاورية تشاركية تتضمن كل قطاعات المجتمع.
أبعاد التنمية المستدامة : أهم الخصائص التي جاء بها مفهوم التنمية المستدامة، هو الربط العضوي التام ما بين الاقتصاد والبيئة والمجتمع، بحيث لا يمكن النظر إلى أي من هذه المكونات الثلاثة بشكل منفصل، فلا بد من أن تكون النظرة التحليلية إليهم متكاملة معا.

اقتصاديا :

النظام المستدام اقتصاديا هو النظام الذي يتمكن من إنتاج السلع والخدمات بشكل مستمر وأن يحافظ على مستوى معين قابل للإدارة من التوازن الاقتصادي ما بين الناتج العام والدين، وأن يمنع حدوث اختلالات اجتماعية ناتجة عن السياسات الاقتصادية. بيئيا : النظام المستدام بيئيا يجب أن يحافظ على قاعدة ثابتة من الموارد الطبيعية، ويتجنب الاستنزاف الزائد للموارد المتجددة وغير المتجددة، ويتضمن ذلك حماية التنوع الحيوي والاتزان الجوي وإنتاجية التربة والأنظمة البيئية الطبيعية الأخرى التي لا تصنف عادة كموارد اقتصادية.

اجتماعيا :

يكون النظام مستداما اجتماعيا في حال حقق العدالة في التوزيع، وأيصال الخدمات الاجتماعية كالصحة والتعليم إلى محتاجيها والمساواة في النوع الاجتماعي والمحاسبة السياسية والمشاركة الشعبية.
أن هذه الأبعاد المتشابكة ، تعني أن النظر إلى التنمية المستدامة يختلف حسب زاوية المقاربة أو منهجية وخلفية التحليل، فالاقتصاديون سوف يركزون على الأهداف الاقتصادية أكثر من غيرها كما يؤكد البيئيون على أهمية حماية الطبيعة ويشدد الاجتماعيون على مبادئ العدالة الاجتماعية وتحسين نوعية الحياة. ولهذا تختلف تعريفات الاستدامة من اختلاف المنظور

1-المنظور الاقتصادي للتنمية المستدامة :

من المنظور الاقتصادي الكلاسيكي البحت، تعني الاستدامة استمرارية وتعظيم الرفاه الاقتصادي لأطول فترة ممكنة، أما قياس هذا الرفاه فيكون عادة بمعدلات الدخل والاستهلاك ويتضمن ذلك الكثير من مقومات الرفاه الإنساني مثل الطعام والمسكن والنقل والملبس والصحة والتعليم وهي تعني الأكثر والأفضل نوعية من كل هذه المكونات. أما بعض الاقتصاديين المثقفين من الناحية البيئية فهم يهتمون بما يسمى “الرأسمال الطبيعي” والذي يعني بعض الموارد الطبيعية ذات القيمة الاقتصادية والتي هي أساس النظام الاقتصادي فعليا مثل النباتات والتربة والحيوانات والأسماك وخدمات النظام البيئي الطبيعية مثل تنظيف الهواء وتنقية المياه.

2- المنظور البيئي للتنمية الاقتصادية :

يركز البيئيون في مقاربتهم للتنمية المستدامة على مفهوم ” الحدود البيئية” والتي تعني أن لكل نظام بيئي طبيعي حدودا معينة لا يمكن تجاوزها من الاستهلاك والاستنزاف وإن أي تجاوز لهذه القدرة الطبيعية يعني تدهور النظام البيئي بلا رجعة. وبالتالي فإن الاستدامة من المنظور البيئي تعني دائما وضع الحدود أمام الاستهلاك والنمو السكاني والتلوث وأنماط الإنتاج السيئة واستنزاف المياه وقطع الغابات وانجراف التربة.

3- المنظور الاجتماعي للتنمية المستدامة :

يركز البعد الاجتماعي للتنمية المستدامة على أن الإنسان هو جوهر التنمية وهدفها النهائي، ويهتم بالعدالة الاجتماعية ومكافحة الفقر وتوزيع الموارد وتقديم الخدمات الاجتماعية الرئيسية إلى كل المحتاجين لها بالإضافة إلى أهمية مشاركة الشعوب في اتخاذ القرار والحصول على المعلومات التي تؤثر على حياتهم بشفافية ودقة.
كيف يمكن قياس التنمية المستدامة؟ : بالرغم من إنتشار مفهوم التنمية المستدامة إلا أن المعضلة الرئيسية فيه بقيت الحاجة الماسة إلى تحديد مؤشرات Indicators يمكن قياس مدى التقدم نحو التنمية المستدامة من خلالها. وتساهم مؤشرات التنمية المستدامة في تقييم مدى تقدم الدول والمؤسات في مجالات تحقيق التنمية المستدامة بشكل فعلي وهذا ما يترتب عليه اتخاذ العديد من القرارات الوطنية والدولية حول السياسات الاقتصادية والاجتماعية. المؤشرات الأكثر دقة وشمولية وقدرة على عكس حقيقة التطور في مجال التنمية المستدامة طورتها لجنة التنمية المستدامة في الأمم المتحدة وتسمى عادة بمؤشرات ” الضغط والحالة والاستجابة” Pressure- state-response Indicators لأنها تميز ما بين مؤشرات الضغط البيئية مثل النشاطات الإنسانية، التلوث، انبعاثات الكربون ومؤشرات تقييم الحالة الراهنة مثل نوعية الهواء والمياه والتربة ومؤشرات الاستجابة مثل المساعدات التنموية. وتنقسم مؤشرات التنمية المستدامة عادة إلى أربع فئات رئيسية بناء على تعريف التنمية المستدامة نفسه، حيث تنقسم إلى مؤشرات اقتصادية واجتماعية وبيئية وكذلك مؤشرات مؤسسية Institutional والتي توفر تقييما لمدى تطور الإدارة البيئية. ويتم استنباط هذه المؤشرات لتدل على وضع معظم القضايا البيئية والاقتصادية والاجتماعية التي تعالجها التنمية المستدامة والتي تضمنتها الفصول الأربعون من وثيقة الأجندة 21 التي أقرت في العام 1992 وتمثل خطة عمل الحكومات والمنظمات الأهلية تجاه التنمية المستدامة في كل العالم.
أن هذه المؤشرات تعكس مدى نجاح الدول في تحقيق التنمية المستدامة وهي تقيم بشكل رئيسي حالة الدول من خلال معايير رقمية يمكن حسابها ومقارنتها مع دول أخرى كما يمكن متابعة التغيرات والتوجهات Trends في مدى التقدم أو التراجع في قيمة هذه المؤشرات مما يدل على سياسات الدول في مجالات التنمية المستدامة فيما إذا كانت تسير في الطريق الصحيح نحو تحقيق التنمية المستدامة أم أنها لا زالت متباطئة ومترددة، كما هي معظم دول العالم. ووجود مثل هذه المؤشرات الرقمية بشكل دائم ومتجدد يساهم في إعطاء صورة واضحة عن حالة التنمية المستدامة في الدولة، وبالتالي يقدم المعلومات الدقيقة اللازمة لمتخذي القرارات في الوصول إلى القرار الأكثر صوابا ودقة لما فيه المصلحة العامة والابتعاد عن القرارات العشوائية والتي غالبا ما تكون مبنية على معلومات خاطئة أو ميالة إلى المجاملة والانتقائية. وتتمحور مؤشرات التنمية المستدامة حول القضايا الرئيسية التي تضمنتها توصيات الأجندة 21 وهي التي تشكل إطار العمل البيئي في العالم والتي حددتها لجنة التنمية المستدامة في الأمم المتحدة بالقضايا التالية : المساواة الاجتماعية، الصحة العامة، التعليم، النوع الاجتماعي، أنماط الإنتاج والاستهلاك، السكن، الأمن، السكان، الغلاف الجوي، الأراضي، البحار والمحيطات والمناطق الساحلية، المياه العذبة، التنوع الحيوي، النقل، الطاقة، النفايات الصلبة والخطرة، الزراعة، التكنولوجيا الحيوية، التصحر والجفاف، الغابات، السياحة البيئية، التجارة، القوانين والتشريعات والأطر المؤسسية. وتاليا شرح مفصل لكل هذه القضايا والمؤشرات المرتبطة بها.
القضايا والمؤشرات الاجتماعية :

1- المساواة الاجتماعية :

تعتبر المساواة أحد أهم القضايا الاجتماعية في التنمية المستدامة، إذ تعكس إلى درجة كبيرة نوعية الحياة والمشاركة العامة والحصول على فرص الحياة. وترتبط المساواة مع درجة العدالة والشمولية في توزيع الموارد واتاحة الفرص واتخاذ القرارات. وتتضمن فرص الحصول على العمل والخدمات العامة ومنها الصحة والتعليم والعدالة. والمساواة يمكن أن تكون مجالا للمقارنة والتقييم داخل الدولة نفسها وكذلك بين الدول المختلفة. ومن القضايا الهامة المرتبطة بتحقيق المساواة الاجتماعية تبرز قضايا مكافحة الفقر، العمل وتوزيع الدخل، النوع الاجتماعي، تمكين الأقليات العرقية والدينية، الوصول إلى الموارد المالية والطبيعية، وعدالة الفرص ما بين الأجيال. وقد عالجت الأجندة 21 موضوع المساواة الاجتماعية في الفصول الخاصة بالفقر وأنماط الإنتاج والاستهلاك والمرأة والأطفال والشباب وكذلك المجتمعات المحلية. وبالرغم من التزام معظم الدول في العالم باتفاقيات ومعاهدات تتضمن مبادئ العدالة والمساواة الاجتماعية فإن غالبية هذه الدول لم تحقق نجاحا حقيقيا في مواجهة سوء توزيع الموارد ومكافحة الفقر في مجتمعاتها، وتبقى المساواة الاجتماعية من أكثر قضايا التنمية المستدامة صعوبة في التحقق. وقد تم اختيار مؤشرين رئيسيين لقياس المساواة الاجتماعية وهما :

الفقر : ويقاس عن طريق نسبة السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر، ونسبة السكان العاطلين عن العمل من السكان في سن العمل.
المساواة في النوع الاجتماعي : ويمكن قياسها من خلال حساب مقارنة معدل أجر المرأة مقارنة بمعدل أجر الرجل.

2- الصحة العامة :

هناك ارتباط وثيق ما بين الصحة والتنمية المستدامة، فالحصول على مياه شرب نظيفة وغذاء صحي ورعاية صحية دقيقة هو من أهم مبادئ التنمية المستدامة. وبالعكس، فأن الفقر وتزايد التهميش السكاني وتلوث البيئة المحيطة وغلاء المعيشة كل ذلك يؤدي إلى تدهور الأوضاع الصحية وبالتالي فشل تحقيق التنمية المستدامة. وفي معظم دول العالم النامي، فإن الخدمات الصحية والبيئية العامة لم تتطور بشكل يوازي تطور السوق والاقتصاد وغلاء المعيشة. وقد وضعت الأجندة 21 بعض الأهداف الخاصة بالصحة وأهمها تحقيق احتياجات الرعاية الصحية الأولية وخاصة في المناطق الريفية، والسيطرة على الأمراض المعدية، وحماية المجموعات الهشة (مثل الأطفال وكبار السن) وتقليص الأخطار الصحية الناجمة عن التلوث البيئي. أما المؤشرات الرئيسية للصحة فهي :

حالة التغذية : وتقاس بالحالات الصحية للأطفال.
الوفاة : وتقاس بمعدل وفيات الأطفال تحت خمس سنوات، والعمر المتوقع عند الولادة.
الإصحاح : ويقاس بنسبة السكان الذين يحصلون على مياه شرب صحية ومربوطين بمرافق تنقية المياه.
الرعاية الصحية : وتقاس بنسبة السكان القادرين على الوصول إلى المرافق الصحية، ونسبة التطعيم ضد الأمراض المعدية لدى الأطفال ونسبة استخدام موانع الحمل.

3- التعليم :

يعتبر التعليم، وهو عملية مستمرة طوال العمر متطلبا رئيسيا لتحقيق التنمية المستدامة. وقد تم التركيز على التعليم في كل فصول وثيقة الأجندة 21 حيث أن التعليم أهم الموارد التي يمكن أن يحصل عليها الناس لتحقيق النجاح في الحياة. وهناك ارتباط حسابي مباشر ما بين مستوى التعليم في دولة ما ومدى تقدمها الاجتماعي والاقتصادي. وفي وثيقة الأجندة 21 فإن التعليم يتمحور حول ثلاثة أهداف هي إعادة توجيه التعليم نحو التنمية المستدامة، وزيادة فرص التدريب وزيادة التوعية العامة. وقد حققت الكثير من دول العالم نجاحا ملموسا في التعليم وفي تدريب سكانها على المعلومات الحديثة ولكن لا يزال هناك الكثير من الجهد الذي ينبغي بذله. أما مؤشرات التعليم فهي :

مستوى التعليم : ويقاس بنسبة الأطفال الذين يصلون إلى الصف الخامس من التعليم الإبتدائي.

محو الأمية : ويقاس بنسبة الكبار المتعلمين في المجتمع.


التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

النخبة السياسية واشكالية الانتقال الديمقراطي

النخبة السياسية واشكالية الانتقال الديمقراطي

تعليم_الجزائرتعليم_الجزائر

الرابط
http://www.politics-dz.com/threads/a…403/#post-2578


التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

بحث

السلام عليكم ورحمة الله
ابي بحث عن سياسة الرسول صلى الله عليه وسلم في إدارة الازمات
يا ليت تساعدوني انضغطت بالاختبارات وما امتداني اسويه
اخر تسليم له بعد يومين : (


التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

ارجوا المساعدة

في البداية انا مسرور بالانظمام اليكم اتمنى افيد واستفيد

قبل بداية مشوار مساهماتي في منتداكم الغالي ممكن مساعدة ان امكن

حول البحوث التالية :

الفكر السياسي عند جمال الدين الافغاني .

العولمة واثرها على دول العالم الثالث

النظام البرلماني الالماني

وشكرا مسبقا

انتظرو جديدي وانا بدوري احب مساعدتكم ..


التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

جان جاك روسو العقد الاجتماعي

جان جاك روسو العقد الاجتماعي 1712 1778 :

سجل هذا الفيلسوف خطوة بوضع نظريته في كتابه العقد الاجتماعي ، وتصوره لقيام التوافق بين الناس على العيش جماعة انطلاقا من عقد ضمني يربطهم بين بعضهم ويتضمن بنودا توافقوا عليها فأصبحت دستورا لهم . فالنظام الاجتماعي لديه هو حق مقدس وقاعدة وأساس لسائر الحقوق [ دستور ] .
وجدير بالذكر أن جان جاك روسو قد طور نظرية العقد الاجتماعي التي صاغها الفيلسوف الإنجليزي ” توماس هوبز” ، الذي ركز على المكنة التي يستطيع أن يتجاوز بها النظام الاجتماعي حالة الفوضى الطبيعية التي يعيشها الإنسان . ولقد رفض ” جون لوك ” ما عبر عنه هوبز بالظروف التي كان يعيش فيها الإنسان ؛ وهى حالة الحرب الشاملة والانحلال الاجتماعي ؛ لأنه يرى أن الطبيعة الاجتماعية للإنسان تمنع الدولة الطبيعية من أن تعيش منعزلة ، وأن رغبة الإنسان في ترك الدولة تكمن في سعيه إلى زيادة ملكيته الخاصة والاحتفاظ بها في حالة آمنة .وقد اختلف عنهما ” روسو” بالقول إن السلطة التي تنتظم حياة الناس لا يمكن أن تأتي من الخارج ، وإن انعدام الأمن والطمأنينة هو ما خلق الحاجة إلى إيجاد نظام المجتمع المدني الذي لا يتكامل إلا بحماية حقوق أعضائه ويكون فيه الإنسان حرا في تحديد مصيره طالما أنه يوجه أفعاله طبقا للقانون الذي اشترك في وضعه ؛ فأصبح مصدر السلطة القوى الاجتماعية التي تعبر عن إرادة أفرادها.




التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

بحث حول الادارة العامة المقارنة


المقدمة:
كل مجتمع في يومنا هذا يزخر بالمنظمات التي تسعى لتنظيم أعمالها و تحقيق الأهداف التي أنشأت من أجل تحقيقها، و نجاحها أو فشلها في تحقيق ما تصبو إليه يتوقف على نوعية الأداء الإداري و فعاليته و مقدرة قادتها على تحديد الأهداف التي تلبي رغبات المجتمع و خلق أنظمة جديدة تمكنها من تجنيد الموارد البشرية و المادية و لذلك كان لابد من دراسة النماذج و التجارب الناجحة لتطوير علم الإدارة العامة و بالتالي تطوير الإدارة العامة المقارنة و بذلك تحويل نظم الإدارة العامة من منظور جزئي إلى منظور كلي يحلل بناء المجتمع ككل و تفاعلاته مع نظامه الإداري و ذلك من أجل فهم الإدارة في بيئات مختلفة و متنوعة و هذا ما فيه إثراء للمعارف الإدارية.
و لذلك إرتأينا اختيار هذا الموضوع الذي يتناول دور الإدارة العامة المقارنة في تدعيم دراسات المناطق، و كذلك تدعيم الإدارة العامة بالتنظير العلمي لتحقيق الإستفادة من الرؤى الجديدة في الأهداف التطبيقية.
و لهذا الغرض انتهجنا المنهج الوصفي التحليلي الذي يساعد على عرض المعلومات وفق التسلسل التاريخي و المراحل التي مرت بها الإدارة العامة المقارنة، و من هذا المنطلق تتولد الإشكالات التالية:
ما طبيعة الإدارة العامة المقارنة؟ و هل هي فرع علمي قائم بذاته ام أنها لا تعدو أن تكون طريقة منهجية؟
و للإجابة عن هذه التساؤلات اعتمدنا على خطة ثلاثية المباحث فقد جاء المبحث الأول تحت عنوان “ماهية الإدارة العامة المقارنة” لينطوي تحته مطلبين المطلب الأول المعنون ب ” تعــريف الإدارة العـامة المقارنـة “و المطلب الثاني تحت عنوان ” أهــداف الإدارة العامـة المقـارنـة” ليأتي المبحث الثاني تحت عنوان “تــطـور الادارة العامــة المقارنة و استراتيحيتـها” ليندرج تحته مطلبين تحت عنوان “تطـور الإدارة العامــة المقارنـة” و “استـراتيجيتـها”، أما المبحث الثالث فقد عنواناه ب “مشكـلات الإدارة العامـة المقارنـة و آفاقـها” ليأتي المطلب الأول “مشكـلات الإدارة العامة المقارنة” و المطلب الثاني “آفاق الإدارة العامـة المقارنـة”

المبحث الأول: ماهية الإدارة العامة المقارنة
المطلب الأول : تعريف الإدارة العامة المقارنة
يستخدم العلماء و بعض كتاب الإدارة العامة للتعبير عن المقارنة عدَة مصطلحات منها: الإدارة المقارنة، الدراسة المقارنة للإدارة، المنهج المقارن، التحليل المقارن، المدخل المقارن و المدخل البيئي المقارن، و بذلك هم يعنون أن الإدارة العامة المقارنة هي فرع من علم الإدارة العامة يتناول دراسات في البيروقراطية و الخدمة المدنية و إدارة التنمية و إدارة المؤسسات العامة و الأدارة المحلية و بذلك هي دراسات تطبيقية تتجاوز حدود بلد معينة و لا تنصب على بلد بمفرده حيث تقوم بالمقارنة بين الدول حتى أنها تقوم بدراسات مقارنة في المجتمع الواحد على إعتبار أن هنالك تباين و إختلاف في العناصر و القوى البيئية حتى في الدولة الواحدة.
أما إذا انتقلنا للحديث عن مصطلحي الدراسة المقارنة للإدارة العامة و المنهج المقارن للإدارة العامة فإننا نجد أنهما يعبران عن الطريقة المنهجية المتبعة في البحث كتناول عدَة أنظمة إدارية و القيام بتطبيق المقارنة بينها لإظهار أوجه الشبه أو الخلاف بينها بهدف التوصل إلى مقترحات لتطوير هذه الاأنظمة أي أن المقارنة لا تعدو أن تكون مجرد طريقة مطبقة في مجل الإدارة العامة.
أما مصطلح المدخل البيئي المقارن فيعبر و يبرز أهمية البيئة أو المحيط الخاص بالأنظمة الإدارية في عملية المقارة أي أن أنظمة الإدارة العامة هي وليدة بيئتها أي أنه من غير الممكن نقل نظام إدارة عامة ناجح في مجتمع معيَن إلى مجتمع آخر يختلف عنه لتحقيق نفس النجاح في المجتمع الثاني (1) و بذلك فهو يسعى لدراة المتغيرات البيئية بغرض إعادة بناء أنظمة للإدارة العامة في هذه المجتمعات لتكون أكثر ملائمة للواقع و بالتالي فعالَة و ناجحة.
و الإختلاف هنا بين المصطلحات ليس خلافا على الألفاظ و لكن الخلاف حول طبيعة الإدارة العامة المقارنة فمنهم من يرى أنَها علم قائم بذاته و منهم من يرى أنها لا تعدو أن تكون طريقة منهجية يتوصل من خلالها الباحث إلى نتائج معينة ضمن بحث مقارنة في التنظيم الإداري و بذلك فإن نتئج بحثه ستلحق بفروع الإدارة العامة حيث نجد أنَ الدكتور عبد المعطي محمد عسَاف يتعامل مع الإدارة العامة المقارنة على أنها مقارنة تعنى

(1) عاشور، أحمد صقر، الإدارة العامَة مدخل بيئي مقارن، بيروت: دار النهضة العربيَة، 1979. ص51.
بدراسة مقارنة لظاهرة الإدارة العامة أي اخضاع أيَ ظاهرة إدارية إلى المنهج المقارن (1).
و لكن من جهة أخرة يمكن إعتبار الإدارة العامة المقارنة علم قائم بذاته لأنَـه يعبَر عن مجموعة المعارف المتناسقة في موضوع
معين يتوصل إليها الباحث بإستعمال طريقة منهجية معيَنة (2)، و هذا ما يعني أنَ الإدارة العامة المقارنة هي (علم مناهج المقارن في نطاق الإدارة العامة) حيث أنها تعالج قواعد الطريقة المنهجية للمقارنة مطبقة على أنظمة الإدارة العامة بحيث يمكن قول أنص نطاق علم الإدارة العامة المقارنة يبدأ حيث ينتهي نطاق البحث في الطريقة المقارنة.

المطلب الثاني: أهداف الإدارة العامة المقارنة
-1-أهداف علمية أكاديمية
إنَ بناء علم الإدارة العامة يعتمد على النجاح في تكوين افتراضات و مفاهيم حول الإدارة التي تتجاوز الحدود لكل بلد حيث أشار(Robert Dahl) في مقالته المشهورة بعنوان “دراسة الإدارة العامة ” سنة 1947 إلى أنً دراسة الإدارة يجب أن تكون في مختلف دول العام و ذلك للوصول إلى أسس و قواعد عامة و مؤسسة للم الإدارة العامة أي أنَ البحث لا يجب أ يكون مقتصرا على بيئة إجتماعية بعينها لانً ذلك سيتولد عنه قواعد مفككة مثلما نقول: قواد الغدارة الأمريكية أو اليابانية أي عدم الووصل إلى علم للإدارة العامة.
و كمثال على ذلك الدراسة التي قدَمها (Fred Riggs) في المقارنة بين الإدارة العامة في المجتمعات الزراعية و الصناعية التي توصَل من خلالها إلى أنَ خصائص و هويَة نظام الإدارة العامة يختلف من مجتمع إلى آخـر،

(1) عساف، عبد المعطي محمد، النموذج المتكامل لدراسة الإدارة العامَة-إطار عام مقارن-، الأردن: شركة الفاهوم التجاريَة، 1982. ص58.
(2)بدوي، محمد طه، ، المنهج في علم السياسة، الإسكندرية: كليَة التجارة، 1979. ص115.
فالجهاز الحكومي في المجتمع الزراعي أو الصناعي هو محصلة تفاعل الأنظمة التي يتكون منها كل مجتمعه منهما و هذه الدراسة هي التَي فتحت المجال لدراسة أنظمة الإدارة في المجتمعات النامية بعدما كانت كلً الدراسات تدور حول المجتمعات الغربية المتقدمة.
-2-أهداف عمليَة تطبيقية
تهدف الدارسات الإدارية المقارنة لتطوير الأنظمة الإدارية لجعلها أكثر فعالية و التعرف على حلول أفضل لعديد من المشكلات الإدارية، فالدراسات المقارنة لأنظمة الإدارة العامة في الدول النامية تهدف إلى تطوير و تحديث الإدارة العامة لجعلها أكثر إمكانية و قدرة على القيام بمسؤولياتها في التنمية و يتحقق هذا الأمر كلَما كانت الدراسات متفهمة لبيئة المجتمعات أي تحليل البيئة السياسية و الثقافية و الإجتماعية و الإقتصادية للمجتمع الذي يراد تطوير أنظمة الإدارة العامة فيه (1).
• و هذا الأمر لا يعني أن هنالك فصل بين الأهداف العلمية و العملية ففي غالب الأحيان يترتب عن ظهور نظريات و نماذج للإدارة العامة ترتيب و تنظيم للمعارف الإدارية و بالتالي تطبيق هذه الرؤى على أرض الواقع و كمثال علىلد حركة الإدارة العامة الجديدة و دورها في إدخال العدالة الإجتماعية في الدراسات التطبيقة لتقييم الأجهزة الحكومية.

(1)عاشور، أحمد صقر، الإدارة العامَة مدخل بيئي مقارن، بيروت: دار النهضة العربيَة، 1979. ص51.

المبحث الثاني: تطوًر الإدارة العامة المقارنة و إستراتيجيتها
المطلب الأول: تطوَر الإدارة العامة المقارنة
ترجع الأصول التاريخية لهذه الدراسة إلى الدراسات المقارنة للأنظمة السياسية بحكم الإرتباط الوثيق للإدارة العَامة مع علم السياسة، و بالتالي ارتبطت الدراسات المقارنة بالتحليل المقارن لأنظمة الحكومات، فقد كان أرسطو أوَل من قام بدراسات مقرانة لأنظمة الحكم حيث تناول ما يناهز عن 150 دستور بحثا عن نظام الحكم الفاضل عملا أي النظام الذي يتلاءم مع واقع دولة المدينة اليونانية (1). و لكن البداية الحديثة للإدارة العامة المقارنة بدأت بإنفصال علم الإدارة عن علم السياسة و بالتلي انفصالها عن الحكومات المقارنة و لكن رغم هذا الإنفصال إلاَ أنَها تأثرت بهذه الدراسات و أخذت بعض سماتها. و يمكن تمييز مرحلتين في النشأة الحديثة للإدارة العامة المقارنة:
-1-المرحلة الأولى
تمتدَ هذه المرحلة من بداية ظهور الإدارة العامة المقارنة كنوع من الإدارة العامة حتى بداية الستينات و يمكن أن نطلق على هذه المرحلة مرحلة النهج التقليدي للدراسات الإدارية المقارنة، و أهم ما تميَزت به هذه المرحلة هو سيادة النظم الإدارية الغربية على البحوث المقارنة لأن معظم دول إفريفيا و آسيا و أمريكا اللاتينية كانت مستعمرة و بالتلي عدم القدرة على تطبيق البحث المقارن لأنَ هذه الدول كانت تفتقـد للهويَة السياسة و الإدارية.
و من أهَم الدراسات الإدارية المقارنة دراسة (H.Zink) الذي تناول طبيعة عمل نظام الحكم الأمريكي على مستوى الحكومة الأمريكية و الحكم المحلي و كذلك دراسة (روجيه جريجوار) عن الوظيفة العامة في فرنسا و التي أوضح فيها طبيعة الوظيفة العامة في النظام الإداري الفرنسي كمهنة تتميز بالدوام و الإستمرار (2).

(1)الأفندي، أحمد حامد، النظم الحكوميَة المقارنة، الكويت، وكالة المطبوعات، 1976. ص18.
(2)مهنا، محمد فؤاد، سياسة الإصلاح الإداري و تطبيقاتها في ضوء مبادئ علم التنظيم و الإدارة، القاهرة: دار المعارف، 1978. ص520.
ثمَ انتقلت الدراسات الأوروبية من دراة الأنظمة الإدارية بشكل منفرد إلى إجراء المقارنات بينها و ذلك بالتركيز على الشكل التنظيمي للتنظيمات الإدارية و الرقابة في النظام الإداري. و من هذا السياق يمكن القول أنَ رواد الإدارة العامة المقارنة في
الولايات المتحدة الأمريكية أمثال وودرو ويلسون و ايرنست فرويند اعتمدا على الخبرات الأروربية لتحسين الإدارة الأمريكية.
و غالبية هذه الدراسات كانت تتسم بالطابع القانوني أي تركَز على البناء الحكومي الرسمي كما أقامته نصوص الوثائق الدستورية و الساسية دون أن يشير إلى الواقع الفعلي و إيجاد علاج لمشاكل و قضايا التطبيق الإداري كالمركزية و اللامركزية، كما أنَ هذه الدراسات كانت وصفيَة أي لم يكون هنالك تحليل للمعطيات كتلك الدراسات التَي كرست لإجراء مقارنة بين عدد من دول إوروبا الغربية و لكن هذه الدراسات لم تكون تتضمن أيَة معايير لتحديد أوجه الشبه و أوجه الخلاف بين الأنظمة الإدارية.
-2-المرحلة الثانية
ما ميَـز هذه المرحلة هو ظور الدول النامية كمجموعة هامَة على مسرح المجتمع الدولي بعد حصول أغلبها على الإستقلال بحيث لم يعد من الممكن تجاهلها في الدراسات الإدارية المقارنة و هذا ما دفع المنشغلين بالإدارة العامة المقارنة لتوسيع نطاق الدراسة بعدما كان مقتصراً على النظم الإدارية الغربية و هذا ما ظهر جليَاً في كيفية تنفيذ الأمم المتحدة لبرامج المعونة الفنية، التي رأت أن نجاحها مرهون بمستوى الكفاءة الإدارية في كلَ دولة (1) أي القيام بدراسة أحوال اقتصاد كلَ دولة و أنظمتها الإدارية و هدا ما يعني تحليل بناء المجتمع و علاقات نظام الإدارة العامة فيه و تفاعله معها و هذا ما دعا له (John Gaus) الذي اهتم بالبيئة في دراسة الإدارة العامة بأي بلد ما حيث كان يرى أنَـه لا يمكن نقل قاعدة معيَنة من مجتمعها أي المجتمع الذي نشأت فيه و نمت إلى مجتمع آخر دون أن تطرأ عليها تغييرات و تفاعلات مع محيطها الجديد حيث إنَها ستأخذ شكلا مختلفا عمَما كانت عليه (2)
(1) درويش، عبد الكريم، و ليلى تكلا، أصول الإدارة العامَة، القاهرة: مكتبة الأنجلو المصريَة، 1980. ص145.
(2) درويش، عبد الكريم، و ليلى تكلا، مرجع سابق، ص158.
و هذا ما يعني أنَ نجاح أي تنظيم إداري في دولة ما لا يعني بالضرورة أنَه سوف يصادف نفس النجاح و من الأمثلة على ذلك دراسة لوثر جولوك عن (إعادة تنظيم الإدارة الحكومية في مصر) و دراسة مصطفى الكثيري عن (الخصوصية التاريخية و الحضارية لبلدان المغرب العربي و دمى انعكاساتها على التنمية الإدارية) و على المستوى العربي ظهرت الدراسات الإدارية المقارنة بمنطقة الخليج العربي التي عززت هذه الجهود بإنشاء مجلس التعاون الخليجي سنة 1981 حيث أنها قامت بجمع المعلومات و القيام بمقارنات تشمل مختلف الشؤون الإقتصادية، الإجتماعية، الإدارية، السياسية و العسكرية.
أي انَه في هذه المرحلة انتقلت هذه الدراسة من التحليل الجزئي لنظم الإدارة العامة إلى تحليل بناء المجتمع ككل مع نظامه الإداري و الخروج من الطابع الغربي للدراسة إلى بيئات مختلفة.

المطلب الثاني: إستراتيجية الإدارة العامة المقارنة
-1-نموذج المقارنة
بـرز في الدراسات المقارنة عدد من النماذج المقارنة على أساسها و تستخدم هذه النماذج لجمع المعلومات و البحث و التحليل للوصول إلى النتائج، و من أشهر هذه النماذج نموذح (Fred Riggs) للإدارة العامة في المجتمعات الزراعية و الصناعية الذي يقوم على المقارنة بين أنظمة الإدارة العامة من منظور كلَي من خلال تفاعل بين الإدارة العامة و البئة و ذلك باتباع خمس متغيرات بيئية و هي: الأساس الإقتصادي، البناء الإجتماعي، النظام السياسي، الإطار العقائدي و نظام الاتصالات. بالإضافة إلى نموذج (Sutton) الذي صنَف فيه المجتمعات إلى مجموعات لكلَ خصائصها و التي برهن فيها أنَـه من خلال الصفات المجتمعية يمكن استقراء نظام الحكم، دون أن ننسى الدراسة التي قام بها (Sayre-Koufman) في مجل البيروقراطية حيث درس السلوك البيروقراطي و تفاعله مع البيئة السياسية و هذا النموذج أعطى دفعا و معلومات قيمة للدراسة التي أعدها أساتذة من جامعة إنديانا عن تركيا، مصر، فرنسا، بوليفيا، الفلبين و تايلند. و من هنا رأى (waldo) أنَ المشكلة الأساسية في بناء نماذج لدراسة الإدارة العامة المقارنة يكمن في اختيار نموذج عام يشمل الظاهرة الإدارية ككل (1).
(1)محمود، محمد فتحي، الإدارة العامَة المقارنة، الرياض، جامعة الملك سعود، 1405. ص48.
-2-الإطار النظري للمقارنة
مع تطـور علم الإدارة العامة تعددَت المداخل و المناهج المستخدمة في دراسة موضوعاتها من أهمها: المدخل القانوني، المدخل الوظيفي، المدخل السلوكي، المدخل البيئي و أحدثها حركة الإدارة العامة الحديثة.
-أ- المنهج القانوني:
الذي يقوم أساسا على تحليل أنظمة الترقية و الترفيع بين عدد من الدول و من الدراسات التي تعبَر عن هذا الإتجاه دراسة محمد أنس قاسم جعفر (نظم الترقية في الوظيفة العامة و أثرها في فاعلية الإدارة) و قام فيها بدراسة نظم الترقية في بعض التشريعات المقارنة و هي الولايات المتحدة الأمريكية و انجلترا و فرنسا و قد إختار هذه الدول على أساس أن أمريكا تمثل اتجاها في مجل التوظيف بصفة عامة و الترقية بصفة خاصة مغيراً لإنجلترا و فرنسا حيث درس الأحكام النظامية العامة للترقية و موانعها القانونية و اجراء الترقية من حيث السلطة المختصة و ما تثيره الترقية من إشكالات نظامية في التطبيق الإداري .
-ب- المنهج الوظيفي:
الذي يعتمد على التحليل المقارن للعملية الإداريَة بين عدد من المنظمات الحكومية في دول مختلفة، حيث يقوم بجمع المعلومات عن الوظائف الإداريَة في أداء هذه المنظمات و تأثير ممارستها لى الكفاءة و الفعاليَة الإداريَة دون أن يدرس البيئة الخارجية المؤثرة على هذه المنظمات و من أمثلة هذه الدراسات البحوث التي تصدرها المنظمة العربيَة للعلوم الإداريَة عن (أنظمة الإدارة العامَة في الدول العربيَة).
-ج- المنهج السلوكي:
الذي يقوم بالتخليل المقارن و بجمع المعلومات عن الأبعاد النفسيَة و الإجتماعيَة لأداء البيروقراطيَات المختلفة من حيث العوامل المحرَكة لسلوك الإفراد العاملين فيها و المتحكمة في إتخاذ القرارات بالإضافة إلى دراسة أنماط القيادة و أثرها على أداء و سلوك البيروقراطيَات.
-د-المنهج البيئي:
و لا يمكن أن تكون الدراسة كاملة إلاَ إذا عايشت الواقع أي تجمع المعلومات من واقع الممارسة الفعليَة و المؤثرات البيئيَة المؤثرة على الموضوع محلَ الدراسة مع الإستعانة ببعض الأدوات البحثيَة كالإستقصاءات و المقابلات.
-هـ-أفكار حركة الإدارة الحديثة:
يقوم هذا المنهج على أساس تقويم البرامج الحكومية في عدد من الدول كجمع المعلومات عن كيفيَة تحقيق الأجهزة الحكوميَة للعدالة في توزيع خدماتها على المواطنين بالإضافة إلى دراسة دور الدولة في توفير فرص العمل و مدى إتاحتها الفرصة لهم للمشاركة في إتخاذ القرارات الرئيسيَة.
-3-تحديد وحدة المقارنة
درج المهتمون بالإدارة العامَة المقارنة لفترة طويلة على إعتبار النموذج البيروقراطي وحدة الدراسة المقارنة (1)، و لكن مع السبعينات إحتلَت إدارة التنمية مكان الصدارة في هذه الدراسات و مصطلح إدارة التنمية (2) جلب انتباه قادة الدول النامية لما فيه من تسليط للضوء على مقاصدهم المتمثلة في تحقيق التنمية لبلدانهم، و لذلك كان لابدَ من تناول نظم إداريَة متعدَدة.

(1) درويش، إبراهيم، الإدارة العامَة نحو اتجاه مقارن، القاهرة: دار النهضة العربيَة، 1984. ص193.
(2) درويش، إبراهيم، مرجع سابق، ص189.

المبحث الثالث: مشكلات الإدارة العامَة المقارنة و آفاقها
المطلب الأول: مشكلات الإدارة العامَة المقارنة
يواجه التحليل المقارن مجموعة من المشاكل فكما سبق لنا و ذكرنا أنَ هذه المشاكل تتصل أساسا بمناهج و أدوات البحث الممقارن و الَتي تستخدم للتوَصل إلى دراسة مقارنة علميَة بالإضافة إلى مجموعة أخرى من الماكل و في مقدمتها:
-1-المفاهيم
إنَ عدم دقَة المصطلحات يمثَل أحد جوانب الضعف الأساسيَة في البحث الإداري المقارن، حيث أنَه لا يوجد إتفاق بين الدارسين للإدارة العامَة حول معنى المفاهيم فعلى سبيل المثال: مفهوم البيروقراطيَة قد يعني النظام الإداري ككل، و قد يعني مجموع الإجراءات التي يجب إتباعها في مبارة العمل الحكومي، و قد تعني السلطة و النفوذ التي يمارسها الموظف العام (1) و مفهوم الحكومة الذي يشبر إمَا للسلطات الثلاث أو إلى السلطة التنفيذيَة وحدها. إضافة إلى أنَ المفاهيم الإداريَة غالبا ما تتغيَر فوظيفة الدولة لم تعد كما كانت في السابق.
و من المشكلات أيضا التي تواجه تحديد المفاهيم قضيَة الترجمة فبعض مصطلحات الإدارة العامَة من الصعب تعريبها لما يفقدها من دلالتها الحقيقيَة، و لحلَ هذه الإشكالات وجب التوجه إلى مفاهيم ذات مستوى عال من العموميَة كتعريف الحكومة بأنَها: (الأداة الرسميَة التي من خلالها يتم طرح و لورة و تنفيذ القرارات بشكل قانوني و قد قصد بهذا التعريف أن يكون شاملا ليحوي الدول كافَة كانت متطوَرة أو متخلَفة، ديمقراطية أو إستبدادديَة)(2). بالإضافة إلى ضرورة تنويع المجتمعات التي تكون هدفا للدراسة المقارنة.
-2-جمع المعلومات
تعتمد الدراسة المقارنة على معلومات مباشرة و غير مباشرة، فالمعلومات المباشرة مصادرها الإستبيان، المقابلة و الملاحظة و لكن هذه الأدوات غالبا ما تواجه صعوبات منها أنَه غالباً ما تحيط بهذه الأمور السريَة لا سيما في
(1) درويش، إبراهيم، الإدارة العامَة نحو اتجاه مقارن، القاهرة: دار النهضة العربيَة، 1984. ص190.
(2) درويش، عبد الكريم، و ليلى تكلا، أصول الإدارة العامَة، القاهرة: مكتبة الأنجلو المصريَة، 1980. ص162.
الدول النامية، كما أنَه في حالة الإستبيان تثار مشكلة إختيار العيَنة و الدقَة في إعداد و تطبيق الإستبيان و عدم تجاوب أفراد العيَنة في الإجابة على الإستبيان.
أمَا مصادر المعلوات غير المباشرة تتمثل في الإحصاءات الرسميَة و الوثائق و لكن هذه المصادر لا يعوَل عليها كثيراً لأنَها لا تحاكي واق الممارسة الفعليَة و تركَز على الأوضاع الرسميَة.
-3-تداخل النظام الإداري مع الأنظمة الأخرى
إنَ تداخل الأنظمة الإدارية مع أنظمة أخرى كالنظام السياسي يجعلها كفرع في إطاره حيث أنَه من الصعب الفصل بين الإدارة و السياسة و فهم واحدة دون الأخرى، و هذا ما يظهر عند محاولة المقارنة بين الأنظمة الإداريَة المختلفة حيث أنَ هذه المقارنة يجب أن تنطلق من الفهم بأن الإدارة ليست إلاَ جزءاً من عمليَات النظام السياسي (1)، و هذا ما يعني أنَ دراسة الإدارة العامَة المقارنة متصل اتصَالا مباشراً مع الدراسات السياسيَة المقارنة للأنظمة السياسيَة و هذا ما يعرقل عمل الباحثين للتوصَل إلى مقارنات محددَة و دقيقة لهذه الظاهرة.
-4-موضوعيَة الباحث
تقوم موضوعيَة الباحث إمَا بأنَه يكتب عن أوضاع معيَنة في مجتمعه أو أنَه قد يكون مدفوعا بمصلحة ما تخَصه شخصيَاً أو تخَص مجتمعه (2) و ذلك ما يلاحظ من عدم نقد الباحثين لأنظمتهم في الدراسات التي يقومون بها، و حتَى و إن كانوا حياديين و يقومون ببحث يدرس بلداً غير بلدهم و نظاماَ لم ينشأوا عليه فإنهم سيكونون أمام أوضاع لا يستطيعون أن يحيطوا بها لأنَها ليست بيئتهم بما فيها من عقائد و معتقدات و قيم و تنظيمات غير رسميَة تؤثر على أوضاعها الإداريَة.

(1)عساف، عبد المعطي محمد، النموذج المتكامل لدراسة الإدارة العامَة-إطار عام مقارن-، الأردن: شركة الفاهوم التجاريَة، 1982، ص62.
(2)غرايبية، فوزي و آخرون، أساليب البحث العلمي في العلوم الإجتماعية و الإنسانية، عمان، 1981، ص18
المطلب الثاني: آفاق الإدارة العامَة المقارنة
هنالك عدَة موضوعات بدأت الآن تشغل بال المهتمين بالإدارة العامَة المقارنة
-1-تعيين الحدود
ربَما لا زال لحدَ الآن الخلاف قائما حول الحدود الملائمة لميدان الإدارة العامَة المقارنة فغالبا ما كانت الدراسات المقارنة مندمجة إلى حدَ كبير في فرع إدارة التنمية حيث إحتلت هذه الإدارة حصيلة جهود الباحثين في الإدارة العامَة المقارنة و ذلك ما يظهر في المنشورات و الكتب التي كانت عناوينها تحمل كلمة تنمية أو تنمويَة دون إيَة إشارة إلى كلمة مقارنة.
و كلَ الدراسات أتبثت أنَ مجال الدراسة المقارنة للإدارة العامة متنوع حيث أنَه يعالج كلَ المواضيع سواء كانت سياسيَة، إقتصاديَة أو إجتماعيَة.
-2-دراسات المناطق
هذا ما يعني دراسة الإنظمة و المنظمات الإداريَة في منطقة معيَنة من مناطق العالم و هي دراسة إختياريَة يقوم بها فريق من الباحثين من ذوي الإختصاصات المختلفة (جغرافيَون، تاريخيَون، إقتصاديَون، تربويَون، سياسيَون و علماء إدارة) (1)، و أغلب هذه الدراسات تقوم بها المنظمات الدوليَة المتخصصة التابعة لمنظمة إقليميَة كالجامعة العربيَة و مجلس التعاون الخليجي و منظمة الوحدة الإفريقيَة.
و هذه المنظمات هي: المنظمة العربيَة للعلوم الإداريَة و المكز الإفريقي للبحث الإداري و التدريب من أجل الإنماء و المركز الآسياوي لإدارة التنمية، و هذه المنظمات تسعى بالدرجة الإولى لمواجهة الماكل الإداريَة في التنمية القومية و وسائل تحسين قدراتها و مهاراتها الإداريَة لمواجهة متطلبات التنمية.
-3-الإختلال بين النظير و التطبيق
إنَ دراسة الإدارة العامَة المقارنة غالباً كانت تركَـز على المدخلات و تتجاهل المخرجات للنظام الإداري أي أنَها لم تخرج عن إطارها النظري.
(1)بدوي، محمد طه، ، المنهج في علم السياسة، الإسكندرية: كليَة التجارة، 1979، ص128.
الخاتمة
إنَ نجاح علم الإدارة العامَة المقارنة يعتمد على تكوين افتراضات و مفاهيم عامَة حول السلوك الإداري و ليس فهم جانب أو دولة بعينها، حيث أنَ التنوع بين الدول سواء من حيث المساحة، عدد السكان، درجة الإستقرار السياسي و الإيديولوجي، مستوى التنمية الإقتصاديَة، الظروف التاريخيَة و طبيعة المؤسسات الحكومية كلَها عوامل تؤدي إلى إتساع إطار دراسة الإدارة العامَة المقارنة و لذلك كان ضروريَا على الكتَاب تقديم دراسات لحلَ الماكل الملَََحة مثل تنظيم السكاَن و حماية البيئة و إنتاج الغذاء. و لكن كما يقول العلماء في هذا المجال (إنَ حركة الإدارة العامَة المقارنة لم تنتج معلومات أو معرفة مفيدة للمجتمع و ليست القضيَة أنَ الإنتاج كان دواءاً رديئاً و لكن لم يكن هنالك دواء على الإطلاق).

البيبليوغرافيا:
(1) الأفندي، أحمد حامد، النظم الحكوميَة المقارنة، الكويت، وكالة المطبوعات، 1976.
(2) بدوي، محمد طه، ، المنهج في علم السياسة، الإسكندرية: كليَة التجارة، 1979.
(3) بوحوش، عمَار، أبحاث و دراسات في السياسة و الإدارة، دار الغر الإسلامي، المجلد1، 2022.
(4) درويش، عبد الكريم، و ليلى تكلا، أصول الإدارة العامَة، القاهرة: مكتبة الأنجلو المصريَة، 1980.
(5) درويش، إبراهيم، الإدارة العامَة نحو اتجاه مقارن، القاهرة: دار النهضة العربيَة، 1984.
(6) عاشور، أحمد صقر، الإدارة العامَة مدخل بيئي مقارن، بيروت: دار النهضة العربيَة، 1979.
(7) عساف، عبد المعطي محمد، النموذج المتكامل لدراسة الإدارة العامَة-إطار عام مقارن-، الأردن: شركة الفاهوم التجاريَة، 1982.
(8) غرايبية، فوزي و آخرون، أساليب البحث العلمي في العلوم الإجتماعية و الإنسانية، عمان، 1981.
(9) محمود، محمد فتحي، الإدارة العامَة المقارنة، الرياض، جامعة الملك سعود، 1405.
(10) مهنا، محمد فؤاد، سياسة الإصلاح الإداري و تطبيقاتها في ضوء مبادئ علم التنظيم و الإدارة، القاهرة: دار المعارف، 1978.




التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

أدوات الرقابة البرلمانية فى النظم السياسية


أدوات الرقابة البرلمانية فى النظم السياسية
د.محمد حسين
تمارس البرلمانات عددا من الوظائف، تتراوح فى مجالها ونطاقها من دولة الى أخرى، وذلك :
1- حسب الإطار الدستوري السائد وأسلوب توزيعه لاختصاصات الحكومة،
2- وكذلك تبعا لمدى التطور الديمقراطى وقوة البرلمان وقدرات أعضائه.
وبوجه عام، هناك نوعان من تلك الوظائف:
الأول عام، تمارسه البرلمانات كهيئة ممثلة للشعب، كدورها فى صنع السياسات العامة وخطط التنمية؛
والثاني فني، وهو ما يعرف بالدور التشريعي والرقابي، الذى تقوم به فى مواجهة السلطة التنفيذية (حيث لا تخضع السلطة القضائية للبرلمان أو السلطة التنفيذية، تطبيقا لمبدأ استقلال القضاء وحصانته، وكحكم بين السلطات أيضا).
وفيما يلي نبذة عن كل هذه الوظائف:
1- الترشيح لمنصب رئاسة الدولة:
تتولى البرلمانات فى النظم النيابية ترشيح رئيس الدولة أو رئيس الحكومة، وذلك تطبيقا لفكرة الحكم بواسطة الأغلبية البرلمانية . ويختلف الأمر حسب نوع النظام: فالملكي يتولى فيه الملك منصبه بالوراثة، ولا يوجد للبرلمان دور فى ذلك ، ولكن البرلمان يختار رئيس الحكومة من بين أعضائه من الحزب الفائز في الانتخابات التشريعية ؛ والجمهوري يقوم فيه البرلمان بترشيح رئيس الجمهورية ، ثم يترك القرار النهائي للناخبين. وفى النظم الرئاسية، يتولى رئيس الدولة منصبه عن طريق الانتخاب المباشر للمواطنين، بدون أى تدخل من جانب البرلمان، كما هو الحال فى الولايات المتحدة الأمريكية مثلا. فالبرلمان إذن لا يقرر الشخص الذى يتولى منصب رئيس الدولة، سواء كان ملكا أم رئيس جمهورية، وذلك تطبيقا لفكرة الفصل بين السلطات.
2- صنع وإقرار السياسة العامة:
مع تضخم دور السلطة التنفيذية فى ظل التقدم الصناعي وتزاحم العمل الحكومي، برز دور البرلمان فى التأثير على السياسة العامة، نظرا لما يتمتع به من قدرة على التعبير عن المطالب الشعبية وأولويات الرأي العام.
3 – الوظيفة المالية:
حصلت البرلمانات على سلطتها المالية عبر مرحلة صراع طويل مع الحكومة منذ القرن التاسع عشر، حتى أصبحت تلك السلطة من أهم مصادر قوتها فى مواجهة الحكومة. وتتمثل السلطة المالية للبرلمان فى تحديد حجم نفقات الدولة، واتخاذ الوسائل الضرورية لتغطية العجز المالى فى الميزانية سواء عن طريق الضرائب أو طرق أخرى.
4 – التأثير فى الرأي العام:
ارتبط نمو الاتجاهات الديمقراطية فى مختلف أنحاء العالم بدور البرلمان، حيث مثل عبر التاريخ نقطة الانطلاق لأفكار الحرية والمساواة والمشاركة السياسية والشعبية فى الحكم. كذلك كان البرلمان منبع الحركة الوطنية والمطالبة بالاستقلال فى الدول النامية خلال الفترة الاستعمارية. وتساهم البرلمانات فى تشكيل الرأي العام، وبلورة الاتجاهات السياسية العامة حول النظام السياسى، ولا يقتصر تأثيرها فى الرأي العام على النطاق الداخلي وإنما قد يمتد الى النطاق الخارجي، فيما يسمى الدبلوماسية الشعبية، التى أصبحت إحدى العلامات البارزة فى العلاقات الدولية المعاصرة، واستطاعت أن تشكل قنوات تأثير على الرأي العام الدولي.
5 – الوساطة بين المواطنين وأجهزة السلطة التنفيذية:
يقوم عضو البرلمان بدورين من الأدوار النيابية، فهو يمثل الشعب فى مجموعه، وذلك من خلال عمله البرلماني فى أمور التشريع والرقابة على الحكومة، والثاني أنه يمثل مصالح الناخبين فى دائرته الانتخابية ويعمل على تلبية مطالبهم. أى أن أعضاء البرلمان يقومون بدور الوساطة بين دوائرهم الانتخابية من ناحية والحكومة والأجهزة الإدارية والرسمية من ناحية أخرى. بهذا المعنى الأخير، يكون النائب وسيطا بين الناخبين وبين الحكومة، فهو يتدخل لدى الإدارة والحكومة والوزراء ليلفت نظرهم إلى بعض القرارات غير الملائمة التى يعود أثرها بالضرر على المواطنين؛ كذلك يطالب بتحقيق بعض المطالب الخاصة لأبناء دائرته.
6- الوظيفة التشريعية:
تنصرف الوظيفة التشريعية للبرلمان الى وضع القوانين أساسا. وتعد هذه الوظيفة من أهم وظائف البرلمانات، تاريخيا وسياسيا. ولهذا، فإن دور البرلمان الأول أصبح هو وضع تلك القواعد، أى القوانين. واليوم، تعتبر وظيفة التشريع أبرز ما يقوم به البرلمان، حتى أن التسمية المرادفة للبرلمان فى مختلف الثقافات المعاصرة هي المؤسسة أو السلطة التشريعية. وبرغم أن المبادرة باقتراح القوانين وصياغتها فى هيئة مشروعات تأتى غالبا من جانب السلطة التنفيذية، فإن ذلك لا ينفى دور البرلمان فى مناقشتها وتعديلها قبل الموافقة عليها، وكذلك اقتراح قوانين جديدة. فالقانون ما هو إلا تعبير عن إرادة المجتمع وأولوياته، التى يجسدها المشرع فى صورة قواعد عامة تحكم التفاعلات بين الأفراد والجماعات وتنظم العمل والعيش المشترك بينهم. وهذه الوظيفة هى التى تجعل البرلمان من أهم سلطات الدولة، باعتباره ممثل الأمة والمعبر عن نبضها، ولأنه الذى يسن القوانين ويعدلها ويلغيها، ومن الضروري موافقته على كل المشروعات بقوانين التى تقدمها إليها السلطة التنفيذية ، بل وعلى المعاهدات الدولية التي تبرمها السلطة التنفيذية. أضف الى ذلك أن تنفيذ سياسة الوزارة يتوقف عادة على ثقة البرلمان.. كذلك، فإن السلطة القضائية لا تطبق إلا القوانين التى تقرها السلطة التشريعية.
7 – الوظيفة الرقابية :
يقوم النظام الديمقراطى على فكرة التوازن بين سلطات الحكم، التشريعية والتنفيذية والقضائية، حتى لا تجور إحداها على الأخرى، وتستأثر بالسلطة، وبالتالي تهدد مصالح المجتمع وتؤثر سلبيا على نظام الحكم.
وهناك ثلاث صور أساسية للرقابة، يكمل بعضها البعض حتى تستقر الديمقراطية ويتحقق التوازن بين السلطات وكذلك الإرادة الشعبية للمواطنين. فأما النوع الأول من الرقابة، فهي التى يمارسها البرلمان على الحكومة. وتعتبر تلك الرقابة البرلمانية من أقدم وظائف البرلمان تاريخيا، وأشهرها سياسيا، حيث البرلمان هو المسئول عن متابعة وتقييم أعمال الحكومة. ولكن عملية رقابة البرلمان على السلطة التنفيذية لا تتم بدون توازن فى القوة السياسية بينهما، حتى لا تنقلب الى سيطرة، وتصبح السلطة التنفيذية خاضعة تماما للبرلمان، وبالتالي ينهار مبدأ الفصل بين السلطات، الذى هو أساس الحكومات الديمقراطية وشرط الاستقرار السياسى. ولهذا، فإن عملية الرقابة تكون متبادلة ومتوازنة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. فالرقابة البرلمانية وسيلة لحماية مصلحة الشعب، ومنع الانحراف، والالتزام بالسياسية التنموية التى وافق عليها البرلمان، والالتزام بالميزانية التى أقرها، حفاظا على الأموال العامة من الإهدار. ويعتبر البرلمان سلطة رقابة سياسية على السلطة التنفيذية تحاسبها وتراقب تصرفاتها وأعمالها وقراراتها، ويستطيع البرلمان من خلالها التحقق من مشروعية تصرفات السلطة التنفيذية وأعمالها ومدى استهدافها الصالح العام، ويكون له مراجعتها وإعادتها الى الطريق الصحيح إذا انحرفت. وأما النوع الثاني من الرقابة ، فتمارسه الحكومة على البرلمان. فكما أن البرلمان يمارس وظيفة رقابية على الحكومة، فإنه يخضع فى الوقت نفسه لنوع من رقابة الحكومة عليه أيضا. فإذا كان أعضاء البرلمان يستطيعون اتهام الوزراء، وسحب الثقة من الحكومة إذا ثبت الاتهام عليها، فإن الحكومة قد تلجأ الى حل البرلمان إذا رأت أنه غير متوازن أو موضوعي فى تقديره للأمور، أو يبالغ فى الاتهام بدون سند مقبول الى درجة تجعل التعاون بينهما مستحيلا، فترى ضرورة الاحتكام مباشرة الى الشعب ليقرر من الطرف الذى على صواب. أما النوع الثالث من الرقابة، فهو يتمثل في الرقابة التى يمارسها الرأي العام على البرلمان ذاته. وقد تكون تلك الرقابة الاجتماعية على البرلمان موسمية (وتتمثل فى موقف الناخبين تجاه أعضاء البرلمان وقت الانتخابات، حيث يعتبر تجديد اختيار الأعضاء نوعا من الرقابة الدورية التى يمارسها الرأي العام على البرلمان) أو دائمة ، وهي التي تتم طوال فترة عمل البرلمان، ويمارسها المجتمع من خلال وسائل الإعلام، سواء على أداء الأعضاء أو قوة البرلمان ككل، وهى نوع هام جدا من الرقابة الشعبية على البرلمان. وفى الحقيقة، فإن الصورة الأولى للرقابة، أى من البرلمان على الحكومة، تعتبر مقياسا هاما لكفاءة البرلمان ومؤشرا عـلى درجة الديمقراطية فى المجتمع. فالمقصود بالرقابة البرلمانية، إذن، هو دراسة وتقييم أعمال الحكومة، وتأييدها إن أصابت ومحاسبتها إن أخطأت.
صور العلاقة الرقابية:
تتنوع صور العلاقة الرقابية بين البرلمان والسلطة التنفيذية فى النظم الديمقراطية، ففي بعضها يقوم البرلمان بانتخاب رئيس السلطة التنفيذية وبالتالي يستطيع عزله (أى سحب الثقة منه)، وفى البعض الآخر لا يستطيع البرلمان ذلك، كما هو الحال فى النظام الأمريكي. ولكن، على الرغم من غياب تلك الصفة بالنسبة للكونجرس الأمريكي، والنظم الرئاسية والتي تأخذ بمبدأ الفصل الواضح بين السلطات عموما، يظل للبرلمان القدرة على الرقابة والعمل باستقلالية بعيدا عن تدخل السلطة التنفيذية. ولأن الرقابة البرلمانية عملية متعددة الأبعاد، فهناك وسائل متعددة أمام النواب لممارسة مهام الرقابة على الحكومة، منها المناقشات المستمرة والعميقة للميزانية، والرقابة والإشراف على العمل الحكومي، وتوجيه الأسئلة للوزراء عن أمور تتعلق بعملهم. كذلك، فبعض البرلمانات ابتكرت وسيلة أخرى من وسائل الرقابة على العمل الحكومي، وهى المفوض البرلماني، وهو شخصية مستقلة يقوم بتعيينها البرلمان من أجل الإشراف والرقابة على الإدارة. ويعود الثقل الكبير للوظيفة الرقابية فى نظر المجتمع وأعضاء البرلمان الى عدد من الأمور التى أملتها التطورات السياسية، أهمها:
أ- مدى هيمنة الحكومة على صنع السياسات العامة: فهي مصدر معظم التشريعات، وهى التى تمتلك القدرة على التنفيذ، وهى المخولة بوضع اللوائح التنفيذية للقوانين، وتمتلك القدرات الفنية والإدارية وقواعد المعلومات اللازمة لصنع وتنفيذ السياسة، بحيث لا يتبقى للبرلمان الكثير من هذه القدرات لكي يقوم بصنع السياسة ورسم الأولويات.
وبالتالي، يتجه اهتمام البرلمانات فى ظل هذه الأوضاع الى محاولة استثمار وتفعيل ما هو ممكن من وسائل وآليات للمساهمة فى صنع القرار، وأهمها الرقابة.
ب- التوازنات السياسية والحزبية فى البرلمان والتي قد تحد من قدرته على توجيه الحياة السياسية وصنع السياسات العامة، لاسيما فى ظل وجود تكتل أو أغلبية حزبية كبيرة مؤيدة للحكومة، وبالتالي تصبح الرقابة أهم الوسائل المتبقية أمام المعارضة للتأثير فى السلطة التنفيذية.
ج – الثقافة السياسية السائدة فى المجتمع والتي قد تنظر الى الدور الرقابي للبرلمان بشكل أكثر تقديرا وإعجابا من نظرتها لدوره التشريعي، وينطبق ذلك بوضوح على نظرة الرأي العام الى أعضاء المعارضة البرلمانية أو المستقلين، حيث يميل الرأي العام وتتجه وسائل الإعلام الى الانبهار وربما تبجيل العضو الذى يستطيع إحراج الوزراء ويقتنص الفرص لإظهار التقصير فى أداء الحكومة، بل وربما يفاخر الأعضاء أنفسهم بذلك ويعتبرونه علامة فى تاريخهم البرلماني.
أهمية مبدأ الفصل بين السلطات
يساعد الفصل المتوازن بين سلطات النظام السياسي الثلاث ، وتفعيل الرقابة المتبادلة بينها واحترام كل منها للاختصاصات الوظيفية المنوطة بالسلطة الأخرى وفقا للقواعد الدستورية والقانونية المعتمدة في بناء نظام أكثر استقرارا وأمنا. غير أن هناك عددا من الإشكاليات لعل أهمها:
1- عدم قدرة النظام السياسي عادة على ضمان ممارسة آليات الرقابة والمساءلة المتبادلة والفعالة بغض النظر عما جاء في النصوص القانونية أو في التطبيق من قبل السلطات الثلاث، أو فيما بينها؛ فالنظام البرلماني يضع أسس واضحة للعلاقة بين السلطات واليات الرقابة المتبادلة بينها، وكذلك الحال بالنسبة للنظام الرئاسي، حيث الصلاحيات الخاصة بكل سلطة وآليات الرقابة والمساءلة بينها واضحة ومحددة. أما النظام المختلط الذي يجمع بين بعض أسس النظام الرئاسي وبعض أسس النظام البرلماني بشكل عشوائي وانتقائي لا يساعد في بناء نظام مساءلة فعّال، ويزداد الأمر صعوبة إذا كان النظام ناشئا وغير مكتمل.
2- غياب التوازن في توزيع الصلاحيات بين السلطات في النظام السياسي ، حيث تهيمن السلطة التنفيذية بشقيها (الرئاسة ومجلس الوزراء) على السلطتين التشريعية والقضائية وفقا للنصوص القانونية أو بسبب التطبيق على حد سواء.
3- حتمية الصراع بين السلطات الثلاث. فالغموض في النصوص وعدم الوضوح في توزيع الصلاحيات يسهم بشكل ملحوظ في تحول الصراع على الصلاحيات داخل السلطات الثلاث وفيما بينها إلى صراع حقيقي في الأمد الطويل.
وعليه فإن الكثيرين من المفكرين يرون ضرورة مراجعة طبيعة النظام السياسي المختلط، ليس فقط للتأكد من تضمين آليات المساءلة ومبادئ الشفافية بما يخلق بيئة تساعد على التصدي للفساد، وإنما أيضا لضمان استقرار النظام السياسي.
مزايا النظام الرئاسي
إن النظام الرئاسي هو نوع من أنظمة الحكم يضع الهيئة التنفيذية بيد رئيس الدولة وهو رئيس الصفوة الحاكمة يعاونه مجموعة وزراء يعدون بمثابة مستشارين “وأحياناً يطلق عليهم أسم سكرتير كما هو الحال بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية”. ويكون رئيس الدولة هو رئيس الحكومة في نفس الوقت، ويكون غير مسؤول سياسياً أمام السلطة التشريعية، ويختار رئيس الدولة “الحكومة” من قبل الشعب بشكل مباشر أو غير مباشر. ويرى بعض فقهاء القانون الدستوري أن النظام الرئاسي هو “ذلك النظام الذي ترجح فيه كفة رئيس الدولة في ميزان السلطات”، (محمد كامل ليلة: 1968، 568).
أولا: نشأة وتطور النظام الرئاسي:
لقد كان لآراء لوك ومونتسكيو في الفصل بين السلطات تأثير كبير على واضعي دستور الولايات المتحدة الأمريكية في سنة1787 فأقاموا نظامهم على أساس ذلك المبدأ. وقد قصد واضعو الدستور الأمريكي اعتماد الفصل المطلق بين السلطات وتحقيق المساواة بينها. غير أن النصوص الدستورية التي وضعوها أسفرت عن فصل نسبي سمح ببعض التداخل في الاختصاصات كما إن العمل قد أدى إلى رجحان كفه السلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الدولة. وهذا النظام يختلف اختلافاً كبيراً عن الأنظمة المسماة خطأ بالرئاسية مثلما عله في بعض نظم دول أمريكا اللاتينية وهي ليست بذات المعنى القانوني والسياسي في الولايات المتحدة الأمريكية . نعم هي محاولات لتقليد النموذج الأمريكي ، لكن الحقيقة تشير إلى الكثير من بلدان العالم لم تنجح في ذلك لأسباب تختلف من بلد لأخر بسبب اختلاف المعطيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية… الخ، فالدستور والنظام السياسي هو وليد البيئة الاجتماعية وليس حدثاً طارئاً عليها، ويجب الإشارة إلى أن الدستور الأمريكي وغيره من الدساتير التي آخذت بالنظام الرئاسي قد تأثرت بشكل كبير بآراء مونيسكيو وخصوصاً كتابة روح القوانين Siprit of Laws الذي بين فيه نظريته الخاصة بمبدأ الفصل بين السلطات.
ثانيا: أسس ومتطلبات النظام الرئاسي:
إن النظام الرئاسي يقوم على مجموعة من الأسس والمتطلبات التي يتميز بها عن غيره من الأنظمة السياسية الأخرى ويمكن الإشارة إلى هذه الأسس والمتطلبات بالآتي:-

1- وجود رئيس دولة منتخب من قبل الشعب بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
2- الفصل شبه المطلق بين السلطات.
3- يكون اختيار الوزراء “الحكومة” بيد رئيس الدولة دون تدخل من السلطات الأخرى ويكونون مسئولون أمامه فقط.
4- المرونة الحزبية.
ويمكن تناول هذه الأسس والمتطلبات وفقاً لمجموعة محاور وكما يأتي:
ثالثا: مزايا وعيوب النظام الرئاسي:
للنظام الرئاسي كغيره من الأنظمة السياسية الأخرى مجموعة من المزايا والعيوب ويمكن إيجازها بالآتي:
أ‌. المزايا:

1- توفير الاستقرار السياسي لمرحلة انتخابية كاملة. (محمد كامل ليله،1968، 597 ).
2- تأمين استقرار الحكومة بغض النظر عن الاتجاهات الحزبية المعارضة.
3- يوفر فرصة أفضل لعمل الحكومة وحرية الحكومة وفي المقابل يوفر للبرلمان حرية الحركة
والمناقشة فللبرلمان سلطة مهمة لعل أبرزها يتركز في المسائل المالية. (نادية المختار،2001، 30).
4- إن الرئيس في النظام الرئاسي يتمتع بشعبية كبيرة وهيبة مهمة لأنه مرشح الأمة ومنتخب من الأمة
بشكل مباشر وهذا ما يعفي الرئيس من الولايات الضيقة.
5- إنه نظام ناجح في البلدان ذات التجربة الديمقراطية المتكاملة والتي يكون فيها مستوى النضوج
والوعي السياسيين عالياً. (د.ثناء فؤاد عبد الله،1997، 256). لأن الديمقراطية لا تكتفي برسم
حدودها لما يحق أو لا يحق أن تفعله، ولكنها أيضاً تحكم على بعض الأفكار والمعتقدات التي تجد لها
مكاناً في أذهان بعض الأفراد من الشعب، بل يجري في بعض الأحيان السماح للعنصرين بالتظاهر
والتعبير ضد هذه الجهة أو تلك باسم الديمقراطية وحرية الفكر وهذا غير موجود في كثير من دول
العالم الأخرى. (د. رجا بهلول،2000، 50-51).
ب- العيوب:
1- إن تطبيق هذا النظام الذي يقوم على الفصل بين السلطات غير ممكن لأنه يعني كالفصل بين أجزاء الجسم البشري، لان الاتصال بين السلطات الثلاث اتصالاً عضوياً.
2- إنه يلغي مبدأ المسؤولية السياسية مما يعني إمكانية التهرب من المسؤولية وصعوبة معرفة المسؤول الحقيقي عن الخطأ.
3- يرى روسو أن فيه تجزئة للسيادة، وذهب آخرون مثل بعض الفقهاء/ المان كجيلنك ولاباند والفرنسي العميد ديكي إلى القول، إن الفصل بين السلطات يؤدي إلى هدم وحدة الدولة. (راجع أحسان المفرجي وآخرون،1990، 75).
4- أنه يؤدي إلى الاستبداد في دول عالم الجنوب أي استبداد السلطة التنفيذية وهيمنة الرئيس سياسياً ودستورياً في الحياة الوطنية وإعادة انتخابه لأكثر من مرة.
4- ويذكر بعض المفكرين العرب أن الأنظمة العربية وبشكل عام هي نظم محافظة وهي على النقيض من النصوص الدستورية والقانونية لا تسمح بتغيير قمة النظام السياسي والهياكل الأساسية بنحو سلمي وكاستجابة لمطالب الرأي العام، بل إن الأدهى من ذلك إنه ليس هناك تغير لأي نظام سياسي عربي قد تم بصورة سلمية ومن خلال عملية ديمقراطية سلمية، وإنما يكون التغير إما عن طريق العنف المسلح أو الوفاة الطبيعية. (يحيى الجمل،1984، 363). ولذلك فالنظام الرئاسي يزيد من الغطاء الدستوري والقانوني للاستبداد بالسلطة والديكتاتورية.


التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

تـحـديــات عــمـلـيـات الأمـم الـمـتـحــــدة لـحــفـظ الـســـلام في عــهــد مــا بـعـ

تـحـديــات عــمـلـيـات الأمـم الـمـتـحــــدة لـحــفـظ الـســـلام في عــهــد مــا بـعــد الحـــرب الــبــاردة

المـوضـــــوع : Challenges to United Nations Peace Keeping Operations in the Post- Cold War Era
المـؤلـــــــف : Emil Osmancavusoglu
المــصــــــدر : Perceptions , Vol. IV, No .4
تاريخ النشـر : December 1999-February 2000
إعداد : سعيد عكاشة

منذ إنشائها عام 1945 ، أخذت الأمم المتحدة على عاتقها مسئولية حفظ الأمن والسلام العالميين. وقد تخيلها واضعو ميثاقها كمنظمة يمتد دورها من منع وقوع الأزمات واستفحالها، إلى الحفاظ على الاستقرار لأطول فترة ممكنة في المناطق العامرة بالتوترات. وبمعنى آخر تحدد دور الأمم المتحدة في تحقيق ثلاث مهام:
– تحقيق السلام.
– حفظ السلام .
– بناء السلام.
وإذا كان مفهوما تحقيق السلام ، وبناء السلام قد ارتكزا على ممارسة الجهود الدبلوماسية، وتقديم العون للدول من أجل بناء مؤسساتها الوطنية، فإن مفهوم حفظ السلام بقى غامضاً ، حيث تحدث ميثاق الأمم المتحدة عن أشخاص لهم صفة عسكرية يتم تكليفهم باستعادة السلام والأمن في المناطق التي تشهد صراعات ، ولكن من دون أن يكون لهم الحق في استخدام القوة لتنفيذ هذه المهمة !
ورغم هذا الغموض كانت قوات حفظ السلام أداة لا غنى عنها في جهود الأمم المتحدة لتحقيق السلام عبر مراقبة اتفاقات وقف إطلاق النار ، والفصل بين القوات المتحاربة، ومؤخراً في عمليات مراقبة الانتخابات في بعض البلدان. ومع نهاية الحرب الباردة، اتضح أن غموض النصوص الواردة في ميثاق الأمم المتحدة حول حدود الدور الذي تلعبه قوات حفظ السلام حين تكلف بأداء مهام محددة، قد خلق مأزقا ذا طبيعة متعددة. فميثاق الأمم المتحدة لم يتناول على مدى 111 مادة من مواده التــدابيـر المحتملة لتحقيق مهمة حفظ السلام، وعلى حين أن الفصل السادس من الميثاق كان يغطى التسويات التطوعية للنزاعات ، فإن الفصل السابع تحدث عن أفعال التنفيذ دون أن يذكر صراحة حدود الصلاحيات الممنوحة لقوات حفظ السلام، وهو الأمر الذي حدا بـ داج همورشولد – السكرتير العام السابق للأمم المتحدة – للقول – بسخرية- أن حدود هذه الصلاحيات قد ذكرت في المادة رقم ستة ونصف من الميثاق !.

تطور عمليات حفظ السلام:
أن مبادئ وتقاليد حفظ السلام لم توضع مسبقاً ، بل انبثقت من خلال العديد من المهام التي تم تنفيذها فعلاً . ومن أجل فهم كيف تبلورت هذه المبادئ والتقاليد ، سوف نلقى الضوء على عمليات حفظ السلام التي قامت بها الأمم المتحدة منذ الحرب الباردة وحتى اليوم.
يقول “انتوني ماكديرمت” أنه لا يوجد عصر ذهبي لعمليات حفظ السلام، فخلال الحرب الباردة كانت عمليات حفظ السلام عموماً قليلة، واقتصرت على منطقة الشرق الأوسط ،وبعض المناطق التي رحل عنها الاستعمار حديثاُ . ولتسهيل قراءة تطور تاريخ مفهوم حفظ السلام سوف نقسم هذا التاريخ إلى ثلاث فترات ، شهد كل منها جيلاً من أجيال قوات حفظ السلام .
عقب اندلاع أزمة السويس عام 1956 ، أنشأت الجمعية العامة للأمم المتحدة أول قوة طوارئ دولية وكلفت هذه القوة بالإشراف على انسحاب القوات الفرنسية والبريطانية والإسرائيلية من الأراضي المصرية، وكذلك إنشاء دوريات مراقبة في شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة.
وتلا ذلك، تكوين بعثة أخرى قامت بمهمة استعادة السلام في الكونغو بين عامي (1960-1964) ، وفى عام 1964، شكلت قوة أخرى فى جزيرة قبرص وكلفت بمهمة الفصل بين القبارصة الأتراك واليونانيين، كما عملت بعثة أخرى عام 1973 فى مصر وسوريا لمراقبة وقف إطلاق النار بين الدولتين وإسرائيل عقب قرار وقف إطلاق النار، ثم كلفت هذه القوة فيما بعد بالإشراف على انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان عام 1978 .
ومن كل هذه المهمات، تعلمت الأمم المتحدة بعض الدروس الهامة وبلورت العديد من المبادئ التى باتت تحكم عمليات حفظ السلام ، وطبقاً للأمين العام المساعد للأمم المتحدة للشؤون السياسية سير/بريان اوركارث كانت هناك شروط سياسية محددة لنشر قوات حفظ السلام، مثل اتفاق الأطراف الشريكة، وتقديم المساعدة المستمرة من مجلس الأمن الذى أصبح مسئولا منذ عملية السويس عام 1956 عن توجيه هذه القوات، واستخدام القوة فقط فى حالة الدفاع عن النفس، واستعداد بعض الدول الأعضاء فى المنظمة الدولية ومجلس الأمن لتمويل هذه العمليات.
وفى كل العمليات السابقة، برزت حقيقة أن قوات حفظ السلام عندما تستمر فى أداء مهمتها لفترة طويلة (قد تزيد على عقد من الزمان) ، فإنها تصبح طرفاً فاعلاً فى السياسات الداخلية للبلدان التى تتمركز فيها، حيث كانت هذه القوات تقوم بمهام متنوعة وتؤثر فى هذه المجتمعات تأثيراً يؤكد ضلوعها فى العمليات السياسية والاقتصادية مثل تقديم الخدمات الطبية، وإقامة ملاجئ الإيواء لمن شردتهم الحروب، وتوزيع الأغذية ، وجمع شمل العائلات، وغيرها. وقد أشار د. بطرس بطرس غالى الأمين العام السابق للأمم المتحدة إلى أن الثلاث عشرة عملية التى نفذتها الأمم المتحدة لحفظ السلام أثناء الحرب الباردة قد تركزت على مراقبة وقف إطلاق النار، وحماية المناطق العازلة، والتأكد
من عدم تحريك أى من طرفى الصراع لقواته أبعد من خطوط وقف إطلاق النار المتفق عليها ، وكان الهدف من هذه المهمات إعطاء الفرصة لصانعى القرار للتفاوض من أجل الوصول إلى تسوية سلمية للنزاع.
بنهاية الحرب الباردة عام 1988 – عقب التغييرات التى لحقت بالاتحاد السوفيتى السابق نتيجة انتهاج سياسة الجلاسنوست والبريسترويكا- ، انخفضت إلى حد كبير حدة الصراعات والمنافسات بين الشرق والغرب، ودخل العالم بعدها فى مرحلة غير مسبوقة من التفاؤل، ليس فقط فيما يتعلق بحجم العمليات التى أصبح من المطلوب تنفيذها، ولكن أيضاً بالمدى الواسع للمهام التى كلفت بها قوات حفظ السلام. فقد شهدت السنوات بعد عام 1989 اتساع حجم عمليات حفظ السلام بشكل يفوق كل ماتم منذ عام 1945. ففى عام 1988، نفذت الأمم المتحدة خمس مهام لحفظ السلام، ارتفعت عام 1993 إلى 18 عملية، وعلى حين كان عدد القوات المشاركة فى بعثات حفظ السلام عام 1989 حوالى 9950 شخصاً، فإن هذا العدد ارتفع إلى 80.000 فرد حتى يوليو عام 1993 ، ومن ضمن هؤلاء كان هناك 65.000 جندى مشاركين فى 16 بعثة للأمم المتحدة لتحقيق السلام فى شتى بقاع العالم.
وفى هذا الجيل، استمرت المهام التقليدية لقوات حفظ السلام جنباً إلى جنب مع المهام الجديدة مثل المساعدة فى إجراء الانتخابات، ومراقبة أوضاع حقوق الإنسان، وإعادة توطين اللاجئين، وتدريب قوات البوليس، وحماية جهود الإغاثة الإنسانية، ونزع سلاح القوات المتحاربة وتسريح بعضها. ومن أهم العمليات التى شهدها هذا الجيل، عملية نقل المساعدات للسكان فى ناميبيا (1989-1990) ، وعملية مراقبة تقليدية فى السلفادور (1991-1995) ، وعملية الاشراف على نقل السلطة فى كمبوديا (1992-1993). وكعلامة على أهمية هذه العمليات، وكتقدير لجهود الأمم المتحدة فى تلك المناطق، منحت قوات حفظ السلام جائزة نوبل للسلام عام 1988، وقيل أنها تستحق هذه الجائزة بسبب دورها الفعال فى التمهيد للمفاوضات السلمية الحقيقية فى أكثر من بقعة من بقاع العالم.

الجيل الجديد من قوات حفظ السلام:
فى واقع الأمر، يمكننا أن نتحدث عن تداخل بين الجيلين الثانى والثالث من قوات حفظ السلام، وعملياً بدأ الجيل الثالث فى الظهور منذ عام 1990، وتميزت عمليات هذا الجيل بأنها الأكثر استناداً إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. وبقدر ما أظهرت عمليات الجيل الثانى الحاجة الماسة إلى تحسين وتنسيق قدرات ومهام قوات حفظ السلام لأجل الوفاء بمتطلبات العمليات الإنسانية وعمليات مراقبة أوضاع حقوق الانسان والتنمية الاجتماعية والمهام العسكرية التقليدية، فقد أظهرت أيضاً افتقار الأمم المتحدة للتمويل اللازم وكذلك للدعم اللوجستيكى والسياسى من قبل أعضاء المنظمة وعلى رأسهم الدول الخمس الأعضاء. وهو الأمر الذى جعل المنظمة الدولية تتحول إلى تقليص عمليات حفظ السلام والتركيز على جهود الوساطة السياسية. وفوضت الدول الأعضاء للقيام بهذا الدور منفردة أو عبر المنظمات الإقليمية ، وهو مقترب كان قائماً بشكل محدود فى الماضى قبل أن يتحول إلى جزء من خطة الإصلاح التى أعلن عنها الأمين العام الحالى كوفى عنان فى 16 يوليو 1997 .
لقد ظهر الجيل الثالث من قوات حفظ السلام نتيجة للمشاكل التى اعترضت الجيل الثانى، فقد اتضح أن المجتمع الدولى لم يقدم الموارد اللازمة لتمكين الأمم المتحدة من أداء هذه المهام بكفاءة ، كما اتضح أيضاً أنه بدون الدعم السياسى من الدول الأعضاء الخمسة الدائمين فى مجلس الأمن- وعلى الأخص بدون الدعم اللوجستى الذى يتوجب على الولايات المتحدة تقديمه لقوات حفظ السلام- لا يمكن لعمليات حفظ السلام أن تتم أو تنجح .
وعلى مستوى آخر، أظهرت عمليات الجيل الثانى أيضاً تساؤلات حول ما إذا كان تدخل الأمم المتحدة فى بعض البلدان كما حدث فى انجولا والبوسنة وكمبوديا والصومال يتواءم مع مبادئها الثلاثة المعروفة (قبول كل أطراف النزاع بتدخل الأمم المتحدة فى النزاع، النزاهة ، استخدام القوة فقط فى الدفاع الذاتى عن النفس) ؟

تحديات عمليات حفظ السلام:
لقد أظهرت بعض هذه العمليات أو كلها، أن تدخل الأمم المتحدة لم يكن مقبولاً من كل أطراف النزاع، وهو الأمر الذى أدى إلى تعريض قوات حفظ السلام لمخاطر عسكرية كبيرة، كما كان عجز هذه القوات عن أداء بعض المهام سبباً فى إفراغ مبدأ إرسال هذه القوات وفق نصوص الفصل السابع من محتواه، والتشكيك فى مصداقية الأمم المتحدة. واتضح أيضاً أن تنفيذ مهمة تحقيق أو حفظ السـلامفى أجواء معادية كتلك التى أصبح على الجيل الثالث من قوات حفظ السلام التعامل معها، يقتضى وضع مبدأ استخدام القوة للدفاع الذاتى موضع التنفيذ ، وهو مالم يحدث فى أغلب الاحيان. وعلى سبيل المثال، رغم أن الأمم المتحدة أعلنت فى يوليو عام 1995 عن إنشاء منطقة آمنة فى مدينة سربرنيتشيا أثناء الحرب فى البوسنة ، إلا إنها لم تتمكن من حماية هذه المنطقة ووقفت عاجزة تماماً أمام اجتياح القوات الصربية للمدينة ، وأدى هذا الاجتياح إلى مجازر جماعية راح ضحيتها عدة آلاف من المدنيين المسلمين، واتضح فيما بعد أن التفويض الذى كان ممنوحاً لقوات حفظ السلام لم يكن يشمل استخدام القوة لحماية المدنيين. وقد تحملت الأمم المتحدة انتقادات الرأى العام الشعبى فى العالم كله بسبب ماجرى هناك، وكما يقول بيترو ديميترو فإن البيئة العامة للصراعات الدولية فى فترة الجيل الثانى قد تميزت بالتعقيد ، وكان الأمر يقتضى دعم الأمم المتحدة وزيادة مواردها لتنفيذ المهام المكلفة بها وهو مالم يحدث. كذلك يقول ماتس بيردل أن هذه التجارب أظهرت الحاجة الماسة للتفريق بين مهمة تحقيق السلام، ومهمة حفظ السلام، لأن الدمج بينهما كما حدث فى الصومال مثلاً، أدى إلى ظهور مخاطر عسكرية وسياسية كبيرة.
لقد تعلمت الأمم المتحدة من هذه التجارب، وباتت تركز أكثر على العناية بكفاءة العمليات وليس على حجمها. وفى يوليو 1997، اقترح كوفى عنان إجراء إصلاحات لمواجهة التحديات المستقبلية. منذ نهاية الحرب الباردة ظهرت دعوات عديدة لإصلاح الأمم المتحدة ، وفى البداية حاولت المنظمة الدولية السير فى طريقين : الإصلاح ، والأقلمة . وقد تعثر الإصلاح فى هذه الفترة المبكرة نتيجة إحجام الدول الأعضاء عن تقديم المكون المالى للمنظمة لإجراء مثل هذه الإصلاحات ، ورأت الولايات المتحدة إنها لا يمكنها حتى دفع المتأخرات التى تراكمت عليها عبر عدة سنوات إلى المنظمة قبل أن ترى هذه الإصلاحات الإدارية قد وضعت موضع التنفيذ. أما سياسة الأقلمة بمعنى تفعيل دور المنظمات الإقليمية والقوى الحريصة على الاستقرار فى مناطق معينة وتفويضها بحل النزاعات، فقد تعثرت أيضاً بسبب المخاطر التى نشأت من جرائها، وأدت إلى التشكيك فى مصداقية الأمم المتحدة نفسها.
وقد شدد كوفى عنان مؤخراً على أن الإصلاحات
التى يتعين على الأمم المتحدة إجراءها ذات طبيعة تطورية ولا يمكن تحقيقها بضربة واحدة. ومن الإصلاحات التى تم إنجازها: إنشاء مجموعة إدارية عليا لمنع التداخل وتحقيق أفضل تنسيق ممكن بين أفرع الأمم المتحدة المختلفة. وكذلك إنشاء آلية يشرف عليها فريق صغير وكفء من أجل خفض النفقات وإصلاح الميزانية. كذلك تسعى المنظمة الدولية حالياً لتسهيل إجراءات اتخاذ القرارات فى مجلس الأمن، حيث ظهر بوضوح أن الكثير من الفرص الثمينة قد ضاعت فى متاهة قنوات صناعة القرار . الأمر نفسه فيما يتعلق بمسألة وضع خطط مسبقة لتحركات قوات حفظ السلام ، حيث اتضح أن معظم العمليات التى نفذت من قبل قد افتقدت وجود مثل هذه الخطط ، ولم يكن لديها جهاز جمع معلومات كفء عن الميدان الذى تعمل فيه، وكانت قوات كل دولة مشاركة فى حفظ السلام تعتمد بشكل منفرد على عناصر الاستخبارات المتواجدة فى صفوفها ، ولا يوجد تنسيق بين هذه العناصر وبعضها البعض الأمر الذى خلق نوعا من التضارب فى تقييم المعلومات المتوافرة. لأجل ذلك، تعمل المنظمة الدولية على تحسين سبل الاتصال بين العمليات المختلفة لقوات حفظ السلام وبين القيادة الرئيسية فى مقرها فى نيويورك .
ومؤخراً ، جرى الاتفاق على تأسيس وكالة تخطيط مركزى فى السكرتارية العامة ، وتشكيل فوج معاون لتأمين احتياجات قوات حفظ السلام وتخزين المعدات اللازمة لها فى المواقع التى يتوجب أن تتوجه إليها ، ووضع خطط مسبقة لإخلاء هذه القوات بالطائرات بأسرع وقت ممكن عند الحاجة إلى ذلك، وتحسين قدرات الإنذار المبكر، وتأمين عناصر استخبارات تتولى مد هذه القوات بالمعلومات الضرورية لتأمين تحركاتها .
والجدير بالذكر، أن خطة الإصلاح التى قدمت عام 1992 لم تكن تفى بكل هذه الأغراض، وهو ما يعطى لاقتراحات الأمين العام الحالى قوة إضافية. ولكن تبقى مشكلة إصلاح مجلس الأمن ذاته كأهم مشكلة تواجه الأمم المتحدة حالياً، حيث فشلت كل محاولات إدخال تعديلات على تشكيله وقانونه، وكان العديد من الخبراء قد شددوا على ضرورة أن يعكس مجلس الأمن التمثيل الجغرافى للعالم. فيما طالب البعض الآخر بتوسيع المجلس ، وتعديل حق الفيتـو المملوك للدول الخمس الدائمة العضوية، لأنه لم يعد
المملوك للدول الخمس الدائمة العضوية، لأنه لم يعد من المناسب أن تكون دولة مثل اليابان تسهم بـ 13% من ميزانية المنظمة، وليس لها قوة توازى حجم هذا الإسهام. وقد أظهرت أزمة الخليج أيضاً، أن اليابان وألمانيا قد ساهمتا فى دعم قوات التحالف دون أن يكون لهم دور يوازى هذا الإسهام فى القرارات التى صدرت عن مجلس الأمن أثناء وبعد الأزمة .
وعلى الرغم من أن بعض المتفائلين رأوا فى قيام الأمم المتحدة بدور مركزى فى معالجة أزمة الخليج، مؤشراً على استرداد المنظمة لمكانتها المفترضة كفاعل رئيسى فى حل الصراعات الدولية، إلا أن البعض الآخر رأى أن الولايات المتحدة لم تلجأ إلى المنظمة الدولية لإيمانها بدورها، بقدر ما هدفت فقط الحصول على شرعية التدخل فى الأزمة، وقد حذر هؤلاء من الأثر المدمر لهذا المسلك على شرعية الأمم المتحدة وعلى العمليات التى ستنهض بها مستقبلاً.
وعلى أية حال، فإن مسألة إصلاح مجلس الأمن ستبقى أملاً بعيد المنال، حيث لا يتوقع أن توافق الدول الدائمة العضوية فيه على إجراء اى إصلاحات. أما المشكلة الأخرى فهى التضارب – الذى ظهر نتيجة العولمة وارتفاع معدل الصراعات عبر الدولية – المتمثل فى وضع مفهوم السيادة التى تطرحها العولمة. فالأمم المتحدة ، لم تتأسس لأجل حماية الحكومات والدول، بل كلفت فى الواقع بمهمة حماية الأجيال القادمة من أخطار الحروب. وحسب نص الفصل السابع من ميثاقها، فإن التدخل فى أى مكان فى العالم يظل مشروطاً بوقوع ما يهدد السلام العالمى، أو قيام طرف دولى بالاعتراض على طرف آخر .
وإذا ما نظرنا إلى أزمة الخليج سنجد أن المقترب الجديد الناتج عن العولمة قد تم تطبيقه على صدام حسين، حيث استصدر مجلس الأمن القرار رقم 687 لعام 1991، والذى شرع التدخل الشامل والسافر ( أو غير المبرر ) فى السيادة العراقية : إزالة أنواع معينة من الأسلحة، ترسيم الحدود ، إنشاء قوات مراقبة ، تحديد سقف لصادرات النفط العراقية .
أما القرار 688، فقد دعا لتطبيق إجراءات لحماية الأقلية الكردية فى العراق واصفاً هروب اللاجئين الأكراد بأنه يشــكل خطـراً على السلام

العالمى، وعلى حد وصف كريستوفر جرينوود لم يعد مقبولاً الاختباء وراء مبدأ السيادة لمنع التدخل الخارجى ضد نظام يقتل شعبه، أو لإنقاذ دولة انهارت مؤسساتها ودخلت فى حالة فوضى شاملة. والأمر نفسه حدث فى كوسوفو عام 1998 حيث أصدر مجلس الأمن القرار رقم1160، وتلاه القرار 1199 الذى دعا الحكومة اليوغسلافية لسحب قواتها من أقليم خاضع لسيادتها.
وبشكل عام، أصبح هناك استعداد متزايد لتقبل تفويض الأمم المتحدة للمنظمات الإقليمية لأداء بعض المهام، وهو ما يعنى احتمال تغلب الأمم المتحدة على مشاكل الدعم السياسى والتمويل اللازم لمثل هذه العمليات. وكان الأمين العام للأمم المتحدة كوفى عنان قد صرح فى 16 يوليو 1997 ، بأنه أوصى بالفعل – فى إطار الإصلاحات المطلوب تنفيذها – بأن تلعب المنظمات الإقليمية وأى قوات متحالفة دوراً نشطاً فى عمليات حفظ السلام .
ولكن هذه الاستراتيجية الجديدة قد تؤدى الى نتيجة عكسية ، إذ أن ميثاق الأمم المتحدة لا ينص على إمكانية تفويض مهام الأمم المتحدة الى المنظمات الإقليمية، وأيضاً يمكن أن يكون هذا التفويض أمراً خطيراً إذا ما خرج عن حدوده المرسومة، حيث يمكن أن يؤدى على المدى الطويل إلى تهميش الأمم المتحدة ذاتها بحيث تتحول إلى مجرد لاعب خارجى فى الصراعات الدولية، وكما يقول جريفين (على الرغم من أن هذه المنظمات تمثل حلاً مبتكراً للأزمات التى تعانيها الأمم المتحدة حالياً ، إلا أن سياسة الأقلمة قد تقود إلى التسامح الواسع مع التدخلات الخارجية، والتى قد تكون فى طبيعتها أقل حيادية من الأمم المتحدة ، وتكون ممارساتها ليست مراقبة بشكل صارم ودقيق) .

قوات حفظ السلام المستقبلية:
لقد أظهرت العلاقة التى نشأت بين الأمم المتحدة وحلف الناتو فى أثناء حرب كوسوفو العديد من الدروس الهامة، إذ أوضحت أن الحاجة إلى الأمم المتحدة مازالت قائمة، كما نبهت إلى أهمية وضرورة إصلاحها. ففى هذه الحرب، تم تحييد دور المنظمة الدولية، وكان ذلك فى الأغلب تكتيكا اتبعته الولايات المتحدة من جانبها لتفادى احتمال استخدام الصين أو روسيا لحق الفيتو. وفى النهاية، كانت الأمم المتحدة تسعى بقوة لتحقيق الشــرعية.
ولكن إذا ما أرادت الأمم المتحدة – مستقبلا – الانخراط فى أى عملية من بدايتها، عليها أن تؤمن الميزانية والبنية الأساسية الضرورية للنهوض بمثل هذه العمليات .
ان الأمم المتحدة تحتاج حالياً لكى تتدخل بكل قوتها فى العمليات ذات الطبيعة الإنسانية والعسكرية أكثر من أى وقت مضى. وقد أثبت القرار 1244 الصادر من مجلس الأمن فى يناير 1999، والخاص بإعادة تعمير كوسوفو حيوية دور المنظمة الدولية والحاجة الماسة لجهودها. وإذا ما أرادت الأمم المتحدة الالتزام بميثاقها وحماية الأجيال القادمة من أخطار الحروب، فعليها أن تعيد النظر فى أجندتها الخاصة بحفظ السلام. إنها تحتاج للتمويل، والقوة الكافية لدعم الجيل الجديد من عمليات حفظ السلام ، ومثلما تغيرت طبيعة الحروب حالياً ، يجب أن نتوقع تغيير طبيعة مهمة حفظ السلام .



التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

التنمية والنمو

النمو الاقتصادي : هو زيادة في حجم الناتج الحقيقي
الناتج الإجمالي الحقيقي : هو قيمة السلع والخدمات لسنه واحدة من العناصر الوطنية والأجانب
الناتج الإجمالي القومي: هو قيمة السلع والخدمات لسنه واحدة من العناصر الوطنية
التنمية : هي الزيادة السريعة في مستوي الدخل الفردي ولكن ليست فقط بالجانب المادي وانما جوانب أخرى (سياسية – اجتماعيه – ثقافية- الخ)
الفرق بين التنمية والنمو ؟
النمو : هو زيادة التلقائية في الناتج ونمو مالي فقط
التنمية : تعتبر هيكلي مقصور ونمو مالي وسياسي وثقافي واجتماعي
سمات التخلف ؟1- سمات متعلقة بالبناء الاقتصادي (* انخفاض مستوي الدخل * تخلف طرق الإنتاج * زيادة البطالة * التبعية الاقتصادية للخارج )
2- سمات تتعلق بالبناء الاجتماعي (* ارتفاع معدل النمو السكاني * التفا وق بين الريف والحضر * التفاوت طبقي كبير * ارتفاع نسبة الأمية )
3- سمات تتعلق بالبناء السياسي (* عدم الاستقرار السياسي * أبعاد الناس عن المشاركة السياسية * سيطرة حزب واحد * لا دور للسلطة القضائية )
التنمية المستدامة : هو سد احتياجات الأجيال الحالية دون إهدار حق الأجيال القادمة
أهداف التنمية الشاملة ؟1- أهداف اقتصادية : * تحقيق النمو الاقتصادي * الكفاءة في استخدام الموارد المتاحة (النفط)
2- أهداف بيئية : * بيئية صحية للبشر (محاربة الأمراض) * استخدام عقلاني للموارد المتاحة * المحافظة على الموارد الغير متجددة
3- الأهداف الاجتماعية : * محاربة البطالة (حق العمل) * العدالة الاجتماعية (حق التعليم –حق الصحة)
الثقافة السياسية : هي مجموعه القيم والمعايير السلوكية المتعلقة بالأفراد في علاقاتهم مع السلطة السياسية .
مجتمع المعرفة : هي المعلومات التي تأتى عن طريقها التكنولوجيا والجامعات والمدارس والمباني الثقافية وغيرها.
نقاط إحصائية
* يشكل العرب 4.5% من سكان العالم.
* يشكل العرب 10% من مساحة العالم.
* صادرات الدول العربية تشكل 3.9% من صادرات العالم.* واردات الدول العربية تشكل 2.6% من واردات العالم.
ماهي المبادئ التي يجب عليها ان تخلق ثقافة عربية مبدعة ؟
* استلهام التراث* نيل الحرية الضامنة
* استثمار المشروع الثقافي الغربي بشكل خلاق لا تقليد فيه* عدم اعتبار الثقافة العربية الذاتية المنشودة مجرد اكتشاف ثقافة طمستها عصور التخلف

التنمية البشرية في الوطن العربي

التنمية في جوهرها هي عملية تحرير ونهضة شاملة تقتضي التحرر من شبكة علاقات السيطرة والتبعية وتستلزم العمل على إقامة بنيان اقتصادي وسياسي واجتماعي وثقافي جديد ومتوازن وكفء والدخول في علاقات التعاون الدولي بندية واستقلال حيث يجب تعبئة وتوظيف جميع الطاقات الذاتية بهدف إشباع الحاجات الأساسية مادية ومعنوية ثم رفع مستوى الرفاه لأفراد الشعب بشكل مطرد
إن معرفة الذات هي الخطوة الأولى في طريق التنمية الطويل فبلدان الوطن العربي في مجملها لا تزال في خطواتها الأولى على طريق التنمية بل إن هناك فريقا من المفكرين الغربيين شكك في قدرة العرب العقلية والذهنية على تحقيق التنمية والخروج من دائرة التخلف.

مؤشرات التنمية

ارتبطت المؤشرات المستخدمة لقياس التنمية ارتباطا وثيقا بالتطور الحادث في مفهوم التنمية
فالتنمية الاقتصادية لا تتحقق بالصورة المطلوبة إذا اقتصر التغيير على الوسائل الاقتصادية وتم إهمال الجوانب الاجتماعية ومع ظهور التنمية الاجتماعية ظهرت جملة من المؤشرات لقياس التنمية في مختلف دول العالم سميت بالمؤشرات المركبة وهناك قضيتان أضافتا أبعاد جديدة للمفهوم هما الاهتمام بالبيئة وإعلاء قيمة العنصر البشري التنمية المستدامة هي الحاجة إلى المحافظة على البيئة والموارد الطبيعية وحماية حقوق الأجيال القادمة.وهناك العديد من المؤشرات التي تم تطويرها لقياس التنمية البيئية مثل معدل استنزاف إنتاج الثروات الطبيعية ونسب التلوث كما ظهر مفهوم التنمية الإنسانية أو البشرية فالبشر هم هدف التنمية ووسيلتها وللتنمية البشرية مؤشرات تتعلق بالعلم والتعليم والبحث والتكنولوجيا والصحة والأوضاع السياسية.

أهمية مؤشرات التنمية

لا يمكن أن تستغني عن الإحصاءات إذ هي ضرورية من اجل القيام بعملية تخطيط واتخاذ قرارات سليمة ويستخدم الساسة لغة الأرقام بصفة مستمرة للتدليل على دقة ما يقولون وما أنجزوه والمواطنون أنفسهم يحتاجون للأرقام والمؤشرات لمساءلة حكوماتهم والمؤشرات توضح نتائج ما تم بذله من جهود تنموية إيجابا أو سلبا مما يساعد على تحديد الخطوات المستقبلية الواجب اتخاذها لضمان السير في الطريق الصحيح

مقياس درفنوفسكي لمستوى المعيشة:

يحتوي على ثلاث عناصر يتم قياس كل منها بمؤشرات معينة والعناصر هي:
1- الحاجات الضرورية المادية من تغذية ومأوى وصحة حيث يقاس بمؤشر حجم ونوعية الخدمات السكنية وكثافة الأشغال ومدى الاستقلالية في استخدام السكن.2- الحاجات الأساسية المعنوية وهي التعليم والتمتع بوقت الفراغ والأمن3- الحاجات الأعلى وهي فائض الدخل الذي يتبقى بعد إشباع الحاجات الأساسية
المقياس المادي للتقدم في نوعية الحياة:
في هذا المقياس تم دمج ثلاث مؤشرات للتنمية:1- معدل وفيات الرضع 2- توقع الحياة عند الميلاد 3- نسبة السكان المتعلمين

: المقياس الاقتصادي التقليدي للتنمية (مقياس الناتج القومي الإجمالي)

يرتكز هذا الأسلوب على الناتج القومي الإجمالي ويشتق منه مؤشرات للتنمية منها: متوسط نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي، معدل النمو السنوي في الناتج القومي الإجمالي، معدل النمو السنوي في نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي.

ولقد انتقدت هذه المقاييس من عدة زوايا:

1- الدخل والرفاهية: حيث رفاهية الفرد لا تتحدد بدخله فحسب بل تتحدد بطريقة استخدام ذلك الدخل.2- النمو ومصادره
3- الدخل والمقارنات الدولية: يصعب إجراء مقارنات بين الدول باستخدام متوسط نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي بسبب أسعار صرف العملات لا تعبر عن القوة الشرائية النسبية.4- النمو والتوزيع: لا يمدنا هذا المؤشر بأي معلومات حول نصيب القطاعات المختلفة وتأثيرات الإنتاج والاستهلاك على البيئة.

المؤشر العام للتنمية:

يتكون هذا المقياس من18 مؤشرا تم اختيار المؤشرات ذات معاملات الارتباط العالية فيما بينها أي المؤشرات التي بينها علاقات أقوى ومنها:1- توقع الحياة عند الميلاد
2- نسبة الملتحقين بالتعليم الفني والمهني
3- متوسط عدد الأفراد لكل غرفة
4- متوسط الاستهلاك اليومي من البروتين الحيواني
المؤشر المركب للتنمية البشرية
إن مفهوم التنمية البشرية كما تبناه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عرف على انه عملية توسيع الخيارات المتاحة أمام الناس
أهم الخيارات التي يعبر عنها التقرير هي:

1- الحياة الطويلة الخالية من الأمراض والعلل وهي تعتمد بشدة على التغذية والصحة الجيدة والماء النقي والهواء الغير ملوث وعلى حجم الإنفاق الحكومي أو المجتمعي على قطاع الصحة وما يرتبط به من خدمات
2- حيازة المعرفة تقاس بنسبة الملمين بالقراءة والكتابة من15 سنة فأكبر ونسبة القيد في التعليم الابتدائي والثانوي والعالي معا
3- التمتع بحياة كريمة وتقاس باستخدام متوسط الدخل الفردي الحقيقي المعدل والذي يتم حسابه من خلال اخذ تعادل القوة الشرائية في الاعتبار
أصدر البرنامج الإنمائي عدة تقارير منها “نحو إقامة مجتمع للمعرفة والصادر عام 2022 وقد تناول الوضع في الوطن العربي من خلال المؤشرات التالية:
1- مؤشرات الحرية والحكم الصالح
2- مؤشرات التمثيل والمساءلة
3- مؤشر الانطباع عن الفساد في معاملات الأعمال4- مؤشر نشاط المجتمع المدني بجميع أشكاله ومنظماته5- مؤشر نهوض المر أه حيث نصت الدساتير العربية على إعطاء النساء حقهم السياسي6- المؤشرات الخاصة بالمعرفة مثل:
* ارتفاع سعر المعرفة مع انخفاض الدخل
* الأمية وانتشارها في الدول العربية
* قوة وسائل الإعلام العربي
* متوسط سنوات التعليم للفرد

أكد التقرير أن هناك خمس أركان لمجتمع المعرفة في الدول العربية هي:

1- إطلاق حريات الرأي والتعبير والتنظيم
2- النشر الكامل للتعليم الراقي النوعية
3- توطين العلم وبناء قدرة ذاتية في البحث والتطوير في جميع النشاطات المجتمعية
4- التحول الحثيث نحو نمط إنتاج المعرفة في البنية الاقتصادية والاجتماعية العربية
5- تأسيس نموذج معرفي عربي أصيل منفتح ومستنير
تصنيف الدول العربية على أساس الدخل:
صنف البنك الدولي في عام 1999 دول العالم المختلفة طبقا لمتوسط نصيب الفرد من الناتج القومي الجمال إلى ثلاث مجموعات:
1- دول ذات دخل مرتفع (كويت وقطر وإمارات)2- دول ذات دخل متوسط (غالبية الدول العربية)3- دول ذات دخل منخفض (موريتانيا وسودان ويمن وجزر القمر)
لكن هناك أمرين: 1- هو عدم ثبات أساس التصنيف بمعنى الناتج القومي الإجمالي ليس ثابتا 2- معيار الدخل منفردا لا يعد مؤشرا كافيا للحكم على مستويات التنمية في بلد ما.
تصنيف الدول العربية على أساس التخلف:
بقا لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لا تقع أية دولة عربية ضمن مجموعة الدول المتخلفة بينما توصف بالدول النامية وتقع خمس دول عربية هي السودان وجيبوتي وجزر القمر واليمن وموريتانيا في مجموعة الأقل نموا.
تصنيف البلدان العربية طبقا لمقياس التنمية البشرية:
صنف تقرير التنمية البشرية إلى ثلاث مجموعات:
1- الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة أو العالية هي البحرين والكويت والإمارات وقطر
2- الدول العربية ذات التنمية البشرية المتوسطة وهي ليبيا ولبنان وسعودية وعمان وأردن وتونس وسوريا وجزائر ومصر ومغرب وجزر القمر
3- الدول العربية ذات التنمية البشرية المنخفضة وهي يمن وجيبوتي وسودان وموريتانيا

توقع الحياة عند الميلاد:

يمكن تصنيف الدول العربية لست مجموعات وهي:1- مجموعة يزيد توقع الحياة عند الميلاد على 75 عاما وهي الكويت حيث يبلغ المعدل بها 76 عاما2- مجموعة توقع الحياة عند الميلاد بين 70 و75 عاما وتضم إمارات وبحرين ولبنان وسعودية وسوريا وعمان وليبيا وأردن3- مجموعة توقع الحياة عند الميلاد بين 65 لأقل من70 عاما وتضم تونس ومصر وجزائر وقطر ومغرب4- مجموعة توقع الحياة عند الميلاد فيها بين 60 لأقل من 65 عاما وتضم يمن5- مجموعة توقع الحياة عند الميلاد بين 50 لأقل من 60 عاما وتضم جزر القمر وسودان موريتانيا6- مجموعة توقع الحياة عند الميلاد فيها تقل عن 50 عاما وتضم جيبوتي حيث يصل بها المعدل 44 عاما

عناصر التنمية البشرية ومكوناتها ؟

*التعليم : هو استثمار للفقراء – وسيلة للحراك الاجتماعي ونعني (بالحراك الاجتماعي) هو تحريك هذه الطبقة من السفلة آلي الطبقة الوسطية ، جودة التعليم واستمرار يته ، حفظ التراث للامة
*الصحة : – الإنسان السليم يكون قادر على العمل – يحي الإنسان حياه مديدة خاليه من الأمراض – وبيانات صحية هامة يتم جمعها لقياس المستوي الصحي
*مستوي دخل الفرد : – تحسين المعيشة برفع مستوي الدخل – تنوع مصادر الإنتاج
ما هي الآثار المترتبة على معدلات التنمية بالنسبة للتعليم؟
*يساعد المرآة على تنظيم النسل
*يساعد المرآة على اكتساب أساليب صحية حديثة
*يساعد المرآة على إدارة شؤون بيتها
*يدعم السلوك الاقتصادي للأفراد
اذكر خصائص المجتمع العربي على حركة التعليم ودورة التنموي ؟
*تجزئة الوطن العربي
*تبعيه الوطن العربي من جميع النواحي
*الاعتماد على الجغرافيا الطبيعية اكثر من الجغرافيا البشرية
*المركزية الشديدة في الأدارة وضعف المشاركة الاجتماعية
أهداف التنمية البشرية في الألفية الثالثة
*استئصال الفقر والجوع الشديدين
*تحقيق التعليم الابتدائي الشامل
*الحفز على المساواة بين الجنسين (المرأة والرجل) وتمكين النساء
*تخفيض نسبة وفيات الأطفال
تحسين الصحة الاموميه
*ضمان الاستدامة البيئية
ما هي الجهود التي تبذلها المؤسسات والمنظمات الدولية في مجال التنمية البشرية
*تبني استراتيجيات تنموية طويلة الأجل
*الاهتمام في السياسات العالمية بالبلدان التي تواجه اصعب تحديات التنمية
*تيسير المساعدات والمنح الخاصة لمكافحة الفقر والأمراض والجوع
*زيادة الجهود الدولية المبذولة لنشر التعليم الابتدائي
*تشجيع المواطنين في الدول النامية على المشاركة في تخطيط وتشغيل أداره ومشروعات التنمية
أهم المبادئ التي أكد عليها تقرير التنمية البشرية عام 2022 في موضوع التنمية السياسية ؟
*تعزيز التنمية البشرية يتطلب حكما ديمقراطيا شكلا وموضوعا
*العلاقة بين الديمقراطية والتنمية ليست تلقائية
*فرض سيطرة ديمقراطية على قوات الآمن
*الجهود الدولية الرامية آلي أحداث تغيير

مفهوم الثقافة :

هي جميع السمات الروحية والمادية والفكرية والعاطفية التي تميز مجتمعا بعينة أو فئة اجتماعية بعينها وهي تشمل طرائق الحياة والتقاليد والمعتقدات والفنون والآداب ويندمج في الوقت ذاته في نطاقها القيام بالحقوق الأساسية للإنسان.
خصائص المميزة للثقافة العربية؟

1- العراقة : فقد عرفت الأرض العربية ثقافات كثيرة وحضارات عريقة كالحضارة الآشورية والبابلية والفرعونية وغيرها ولكنها انصهرت جميعها في الحضارة العربية الإسلامية.
2- تتمتع بسمات إنسانية رفيعة بسبب تأكيدها على مبادئ وقيم وأفكار أخلاقية هامة مثل الحق والخير والعدل……….
3- الشمول والتكامل والتوازن بين الجوانب المادية والجوانب الروحية.
4- قدرتها على استيعاب الثقافات الأخرى دون أن تفقد خصائصها وخصوصيتها .
5- نظامها الروحي العظيم فعلى أرضها ظهرت اليهودية والمسيحية والإسلام،بل أعتبر الإسلام مجمع التأمل الروحي ولقب محمد بخاتم الأنبياء وأعطى الإسلام اللغة العربية ديمومة وانتشار.
6- قدرتها على التكيف مع مقتضيات التطور بفضل ما تميز به الإسلام من نظرة وسطية غير مغالية وسمة الوسطية التي تحميها من التطرف والشطط نحو تيار المادي أو الجمود أمام الروح.
7- التمتع بالدينامية والحركة مع قابلية التطور والتجدد من خلال الأنماط المختلفة للإبداع فنا ولغة ونحتا ورسما وعمارة فهي لم تنغلق ولم تتوقع ولهذا عشت ونمت وتطورت.
8- القدرة على مواجهة محاولات الغزو والاستيلاب والتشويه الثقافي ورفضها لكل محاولات طمس الهوية العربية .

ظاهرة صراع الثقافات

وجود قوة ثقافية مسيطرة أمام ضعف بنية ثقافية أخرى واستسلامها فليس هناك أخذ وعطاء بقدر ما يكون من تبعية واستسلام وتآكل في نسيج الثقافة المواطنة والسير في طريق الفناء والموت.

ظاهرة حوار الثقافات

هي الظاهرة التي تعكس أخذا وعطاء حيث تتلاقح عناصر ثقافة ذاتية مع عناصر ثقافة أخرى غيرية ليتوالد من ذلك تأليف جديد وإبداع حركة إلى المستقبل ، ويمكن وقوع هذا النوع من التفاعل في ظروف وشروط نفسية واجتماعية بالنسبة للأخذ بصفة خاصة بحيث لا يشعر بالإحباط والدونية وأن تكون له إرادة حضارية على تجاوز وضعة وإمكاناته وبالتالي يكون في هذا الحوار ندية ولا تنتج عنة بالضرورة تبعية.
وهذا النوع من التفاعل في حوار الثقافات مهم وضرورة لتطوير عناصر الثقافة الذاتية وترسيخها وتأكيد هويتها من ناحية ومن ناحية أخرى تمكنها العناصر الثقافية الجديدة والمكتسبة والمنبثقة مع جذورها من المشاركة في بناء ما يعرف بنظام ثقافي عالمي جديد

القضايا والمشكلات الكلية في الثقافة العربية؟

*التجزئة والتبعية بسبب التعرض لموجات التبعية من الاستعمار الأجنبي.
*عدم التكافؤ بين البلدان العربية من حيث الموارد المالية والبشرية معا مما أدى عدم تكامل جهود التنمية.
*عدم الاكتفاء الذاتي رغم وفرة الموارد وضعف الإنتاج واتجاه أفكار جديدة بل تنصرف إلى تثبيت القائم .
*اعتماد الثقافة على السلطة لتنميتها ونشرها جعلها لا تولد أفكارا جديدة بل تنصرف إلى تثبيت القائم.
ضعف المحتوى السياسي والمضمون العلمي في الثقافة العربية وله انعكاساته السلبية على أحداث تطور حقيقي للمجتمع فالثقافة
*السياسية هامة لتدريب الفرد على سلوكيات الديمقراطية والثقافة العلمية هامة لتدريبه على استخدام التفكير والأسلوب العلمي في حل المشكلات.
*ثقافة مولعة بإثارة الاتجاهات الانتقادية خاصة في تفكير النصوص مما يجعلها ثقافة جدلية تحتاج إلى نظرة تعادلية توفيقية.
*ثقافة تهمل جماهيرها العريضة وهم الأميون (أكثر من نصف المجتمع العربي) وثقافة الأمية فيها تبعية وفيها إحباط وفيها انسحاب فوسائط الثقافة تكاد تجعل الثقافة ملكا للأقلية المتعلقة مما يزيد من فجوة المعرفة بين أفراد المجتمع.
*تأثر الفكر الفقهي بالمنطق القياسي والاستقراء وهو الحكم على الشاهد استنادا إلى الغائب يجعل مساحات الاجتهاد ضيقة وتقل القدرة على الصمود لأن الرأي لا يصدر عن تجربة ومعاناة.
واقترح حميد مولانا أربع استراتيجيات لزيادة فعالية وجدوى التفاعل والاتصال بين الثقافات:
*منع الحروب وترسيخ السلام.
*احترام القيم والثقافة والتقاليد .
*دعم حقوق الإنسان وكرامته.
*الحفاظ على الأسرة والوطن والأمة والجماعة والبشرية.
أذكر الآليات التي استخدمت لفرض تبعية المجتمع العربي للثقافة الغربية ؟
*إحكام تبعية الاقتصاد العربي للنظام الرأسمالي وتحديد شروط تطوره الداخلي.
*تركيز استثمارات الدول الرأسمالية في العالم العربي لإنتاج السلع الأولية وفي الصناعات الاستراتيجية ثم التحويلية بنسبة محدودة .
*الاستخدام الموسع للمعونات والقروض المالية تحقيقا للتبعية المالية والاقتصادية وفرض شروط سياسية واجتماعية لقبول هذه القروض.
*التحكم في السياسات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية للمؤسسات الدولية مثل (البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ) لخدمة مصالح النظام الرأسمالي.

ما هي الآليات التي استخدمت لتسهيل هيمنة الثقافة الغربية ومحاصرة الثقافات الأخرى ومنها العربية؟
*احتكار التقنية معرفة وتشغيلا والسعي لزرع بعض أنماط مفروضة منها على الوطن العربي
*توجيه الفكر والعلم الاجتماعين ومعهما الفكر التنموي لتأكيد تفوق الحضارة الغربية وأنها النموذج الأعلى .اهتمام الدول الرأسمالية بإقامة مؤسسات في الأقطار العربية تؤثر مباشرة في الثقافة العربية ومقوماتها وفي الوقت نفسه تسعى لنشر الثقافة الغربية وعرض بعض ممارساتها الأكثر*جذبا واتخذت هذه المؤسسات أسماء مراكز ثقافية (البريطاني والأمريكي.. الخ *إقامة مؤسسات تعليمية تشمل على الكثير من المراحل التعليم كالمدارس والجامعات الإنجليزية والفرنسية والألمانية والأمريكية.*إقامة مؤسسات هدفها ترجمة نماذج مختارة من الفكر والتاريخ وطرائق الحياة الغربية ونشرها بأسعار رخيصة لتسهم في تشكيل العقول على الطرائق العربية وتربط بعض المثقفين بمصالح هذه المراكز مثل مؤسسة فرانكلين للترجمة والطباعة.
*الاهتمام بالبعثات الإرسالية والإرساليات التبشيرية لنشر الثقافة الغربية وتشويه التراث العربي الروحي والفكري والاجتماعي.
*التوظيف المتنامي والمضطرد لوسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية خاصة البرامج والمواد التليفزيونية والأفلام السينمائية لتشكيل الوعي الثقافي والاجتماعي للمواطن العربي واللعب بغرائز المشاهدين وإرضاء رغبات بعض المحتاجين في اتجاه لدعم تغلغل الحضارة الغربية، فطغت ثقافة الفيديو كلب وسيطرت الأفلام الكارتون التي تحمل في مضامينها الكثير المظاهر المنافية لقيم الثقافة العربية.
*احتكار التقنية المستخدمة في مجال الإعلام والمعلومات ،فاحتكرت الشركات معظم المنتج من الحواسيب والبرمجيات
وكذلك الوكالات الناقلة للأخبار العلمية بتوجيه محطات إذاعية وتليفزيونية باللغة العربية إلى الوطن العربي مما يساعد على تحقيق أهداف الهيمنة الإعلامية الغربية وتشويه صورة العرب لدى الغرب ونشر أخبار تهدف إلى النيل من القيم والتراث العربي والإسلامي.
*اعتماد التلفزيونات العربية على استيراد ما متوسطة 42% من البرامج والمواد العلمية من الغرب وأن هذه النسبة ترتفع في حالة بعض الأقطار إلى أكثر من 75%.
التأثير السلبي على التنشئة الاجتماعية للأطفال من خلال تقديم مواد إعلامية ثقافية متناقضة مع القيم العربية مثل العنف واللامبالاة والخروج عن قواد التربية الأسرية والتوحد

الآليات والاستراتيجيات التي تستخدمها الثقافة الغربية لتعميم ثقافتها الاستهلاكية؟
*الاهتمام بالخطاب الإعلامي وإعداده فائقا مستندا إلى العلم والتقنية والفنون والآداب بحيث يدفع الناس دفعا إلى الاستهلاك بحيث يصبح هدفا بذاته ورمزا للمتعة والتمايز الاجتماعي.
*ربط تسويق المنتجات بشخصيات فنية ورياضية وكرتونية من ثقافة الغرب يتعلق بها الأطفال والمراهقون فيندفعون إلى تقليد شخصياتهم المثالية فيما يأكلون ويلبسون… .
*تشجيع هجرة العقول والأدمغة واستقطابها في الدول الغربية وهذا يؤدي من ناحية تبني الثقافة الاستهلاكية السائدة في المجتمعات الغربية التي هاجروا إليها.
*فرض الهيمنة الاقتصادية من خلال قواعد التجارة الخارجية.
*تشجيع الاستثمارات العربية في المشروعات التجارية والمالية والتوكيلات الأجنبية والخدمات الاستهلاكية كالمطاعم والفنادق وانحسار الاستثمار في المجالات الإنتاجية.
*بسبب انحسار الصناعات التحويلية أصبح المجتمع العربي يعتمد في غذائه 80% على الأقل على الخارج وأصبحت القرية بعد ان كانت منتجة لغذائها مستهلكة.
*زيادة الاستثمار في الأعمال العقارية والإسكان الفاخر الذي يعكس محاكاة واضحة لفلسفة وتقنية البناء الغربي والذي يصاحبه التأثيث والتجهيز الغربي.
*ظهور ملامح الثقافة الاستهلاكية والتبعية الثقافية للثقافة الغربية على ملامح الحياة اليومية وعلى خطاب الناس واهتماماتهم خاصة الطبقة البرجوازية من المجتمع صاحبة الدخول المرتفعة .