بسم الله الرحمـان الرحيمأضع بين أيديكم مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في علم الاجتماع العائلي بعنوان
“الاعلام والتوعية الأسرية في المجتمع الجزائري”
دراسة ميدانية للأسر المقيمة في ولاية باتنةمن اعداد الطالب
اليمين شعبانتحت اشراف الدكتور
أحمد بوذراعللتحميل من هنا
التصنيف: علم الاجتـماع
علم الاجتـماع
الضوابط الشرعية للعلوم الحديثة
هذه الأشياء التي يجب أن نلتفت إليها، ونبينها لإخواننا المسلمين، لأن الملحدين يشككون في هذه الأشياء، فمثلاً قصة الإسراء والمعراج: كل المستشرقين في الفترة السابقة كانوا يشككون فيها، ولما جاء عصرنا أصبح العصر نفسه شاهداً على إسراء ومعراج الرسول صلى الله عليه وسلَّم، لأن العصر نفسه اكتشف أن هناك سرعة إسمها سرعة الضوء، وهي ثلاثمائة ألف كيلومتراً في الثانية، وعندما حسبها العلماء وجدوها السرعة المذكورة في كتاب الله عزَّ وجلَّ: {وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ} 47 الحج
فالحقائق العلمية تشرح وتوضح الآيات القرآنية، وعصرنا الآن هو عصر العلم، قال صلى الله عليه وسلَّم لأصحابه:{إِنَّكمْ قَدْ أَصبَحْتُمْ في زمانٍ، كثيرٍ فقهاؤُهُ، قليلٍ خُطَباؤُهُ، كثيرٍ مُعْطُوهُ، قليلٍ سُؤَّالُهُ، العَملُ فيهِ خيرٌ مِنَ العِلْمِ، وسيأتي زمانٌ – وهو الذي نحن فيه الآن – قليلٌ فقهاؤُهُ، كثيرٌ خطباؤُهُ، وكثيرٌ سُؤَّالُهُ، قليلٌ مُعطوهُ، العلمُ فيهِ خَيرٌ مِنَ العَملِ}{1}
العلم فيه خير من العمل، لأنني عندما أرد مسلماً عن شكوكه التي في عقله نحو مسألة من مسائل الدين أو العقيدة، هل هذا أفضل للمسلمين أم صلاة النافلة التي قد أشعر فيها بنفسي فامتلأ غروراً وتكبراً؟، عندما أردُّ هذا المسلم إلى الحق، وأبيِّن له الطريق المستقيم؛ فهذا عمل أفضل، لأن نفعه تعدَّاني إلى غيري، وهذا العمل داخل في قول الله عزَّ وجلَّ:{رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ} 8آل عمران
فمن الذي يردُّ الناس من الزيغ ؟، العلماء العاملون والصالحون الذين كل همُّهم تثبيت اليقين في قلوب المؤمنين، وزيادة الإيمان في قلوب الموحدين، ونمو الإحسان في قلوب المحسنين، وصفاء القلوب لصفاء المشاهدة في أرواح المؤمنين. فالجهاد الأعظم في هذا العصر هو جهاد العلم، ولكن هناك ضابطان:
الضابط الأول: ألا أحضر شيئاً علمياً ثم أضعه على كتاب الله أو سنة رسوله، أي أحضر نظرية لعالم افترضها، ولم تثبت علمياً بعد، وألوى الآيات القرآنية أو الأحاديث النبوية لتأكيدها، وإنما القوانين العلمية التي أصبحت ثابتة ويقينية هي التي لا تتعارض إطلاقاً مع الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، وهذا ما يجعل كل يوم علماء – لا حصر لهم ولا عدَّ لهم – من دول الشرق والغرب يدخلون في دين الله.
لأنه بعد أن يصل إلى العلم اليقيني يذكر له شخص مسلم آية قرآنية واحدة يكون هو قد وصل إلى نتائجها بعد التجارب العلمية والأبحاث والاكتشافات والمجاهدات، وقد ذكرها الله في القرآن في آية بسيطة، أو في كلمة واحدة، وهذه الكلمة لا يستطيع أن يغيِّرها أو يبدلها أو يجئ بكلمة أخرى تحل محلها، من أين هذا الكلام؟.
يعرف عندئذ أن هذا الكلام من عند الله عزَّ وجلَّ، وأنه تنزيل من الحميد المجيد، وأن هذا هو الصدق الذي جاء به النبي الكريم صلى الله عليه وسلَّم، وهكذا فالقوانين العلمية اليقينية هي التي قد نؤيد بها حقائقنا الدينية. فلا يجوز الآن في عصرنا أن نركزَّ في حديثنا لشخص تارك للصلاة على عذاب القبر الذي يتعرض له فقط، ونعتقد أن هذا وحده هو الذي يجعله يلتزم بالصلاة، لكن لابد أن أوضح له: ماذا تفيد الصلاة بالنسبة للمخ والجوارح؟، وكيف تفيده نفسه؟، لأنه يريد أن يعرف هذه الأشياء التي تفيده؟، والقرآن بيان لهذه الأشياء في هذا الزمان.
وهذا لا يعني أننا نلغي كلام السابقين، ولكن لكل زمان دولة ورجال، وهذا هو النهج الصحيح للعلماء الذين سبقونا، والذين كانوا على نهج الرسول صلى الله عليه وسلَّم. فالإمام الشافعي في بغداد عمل مذهباً فقهياً، ولما جاء إلى مصر وجد أن أهل مصر لهم أحوال وأعراف تختلف عن أهل بغداد، فترك مذهبه السابق وهو فقه مقنن ومقيد، وعمل مذهباً جديداً يتلاءم ويتواكب مع أهل مصر.
وغنى عن التعريف ما حدث له مع ابنة سيدي أحمد بن حنبل، عندما تركوا له الماء ووجدوا في الصباح الماء كما هو، وسألها أبوها: ما رأيك في الشافعي؟، فقالت له: فيه ثلاث خصال ليست في الصالحين؛ لم يقم الليل، وصلى الفجر بدون وضوء، وملأ بطنه من الطعام، قال لها والدها : إذا عُرف السبب بطل العجب، وعلينا أن نسأل الإمام الشافعي في ذلك، فقال لهم عندما سألوه:
في هذه الليلة أكرمني الله عزَّ وجلَّ وحللت مائة مسألة كلها- تهم المسلمين، فهل حل المائة مسألة أفضل؟ أم صلاة ألف ركعة؟، قال: والفجر صليته بدون وضوء، لأني منذ صليت العشاء وأنا متوضأ، ولم أنم. فقيامه: أن يجلس بين يدي المتفضل يطلب العلم والفضل من الله ويستمطر كنوز المعرفة من الله هذا قيامه.
وهذا كان نظام الأئمة الأعلام رضِيَ الله عنه وأرضاهم ولكل زمان دولته ورجاله. فالثوب واحد ، ولكن حُلّة هذه السنة وموديلها غير السنة السابقة أو اللاحقة ، وإن كان هو نفس القماش، ولكن على العالم أن يفصِّل القماش على قدر الزمان، ولا يصح لعالم من أهل اليقين أن يقف على المنبر ويفصِّل للناس جلباباً كان موجوداً في القرن الثاني أو الثالث
{1} عن حِزام بن حيكمٍ بن حِزام عن أَبيهِ فى مجمع الزوائد ، وفى ومسند الشاميين عن عبد الله بن سعد ، كما رواه جلال الدين الشيوطى فى جامع المسانيد و المراسيل عن عبد الله بن سعيد الأنصارى.
http://www.fawzyabuzeid.com/table_bo…82&id=16&cat=4
منقول من كتاب {إشراقات الإسراء- الجزء الأول}
اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً
[IMG][/IMG]
[/frame]
بحث حول النظرية المالتوسية
الجمهوريـة الجزائريــــة الديمقراطيـة الشعبيـــــة
وزارة التعليــم والبحث العلمـــي
المركز الجامعي زيان عاشوربالجفلةمعهد: الآداب وعلم الاجتمــاع
فرع : علـم اجتماع وديمغرافيا المقياس : ديمغرافياالطالب: الفـوج : مواطن
السنـة : الآخرة
– Jubaإشراف الأستاذ
– المتعلم مدى الحياة
السنة الجامعية
لم يصل إلى الجامعة للأسفخطةالبحث
1/ المقدمـــــــــة
الإشكالية : ماهو أثر النظرية المالتوسية في الدراسات السكانية ؟
المبحث الأول: مؤسس النظرية المالتوسية
المطلب الأول : توماس روبارت مالتوس
– حياته ومؤلفاته
المبحث الثاني : نظريته في السكان
المطلب الأول : مقاله في السكان
المطلب الثاني : نقد نظرية مالتوسالخاتمـــــــــة :
1/ مقدمة :
كان الناس فيما مضى يعتقدون أن زيادة السكان خير وبركة كما أنها عامل على التقدم وأن من ينجب أطفالا كثيرين يؤدي خدمة جليلة للمجتمع ويكون أكثر فائدة من الأعزب الذي يخشى الزواج خوفا من كثرة النسل ومن المتزوج الذي لا ينجب أطفالا وبالتالي لا يترك وراءه أثرا يفيد به مجتمعه وقد ظل هذا الاعتقاد سائدا في أوربا حتى القرن التاسع عشر تقريبا حين بدأ الناس يغيرون موقفهم منه وخاصة في المدن حيث أصبح الكثيرون يخشون كثرة النسل التي يؤدي إلى الفقر والي الكثير من المشاكل الآمر الذي أدى إلى ظهور وسائل منع الحمل ثم انتشار هذه الوسائل بدرجة
شعرت معها كثير من الحكومات بقلق علي مستقبلها نتيجة لانخفاظ نسبة المواليد بشكل واضح وهكذا كان الأمر في أغلب البلاد الأوروبية .
حياته :
ولد توماس رو برت مالتوس في إنجلترا عام 1766 ، درس اللاهوت في جامعة كمبردج كما برع في الرياضيات وأصبح لا يعتقد في شيء ينقصه الدليل وعلى ذلك فقد رفض أن ينساق مع تيار التفاؤل الذي قام على أساس عاطفي يستولي على أفئدة الناس دون تفكير أو مناقشة ولم يتأثر مالتوس بهذا التيار من التفاؤل لأنه كان يحكم عقله في كل شئ وبكل دقة .
ثم التحق كاهنا بكنيسة إنجلترا في سنة 1798 وعمل أستاذا للتاريخ وعام الاقتصاد في سنة 1806 حتى وفاته في سنة 1834 وقد شهد العصر الذي عاش فيه مالتوس في غرب أوربا تغيرت اجتماعية واقتصادية هامة أدت إلي ارتفاع بطئ في معدل زيادة السكان وقد ساد آنذاك أمر هام هو أن الشعب الكثير العدد يكون ذا قوة اقتصادية وعسكرية وذلك بعض النظر عن الظروف الذي يعيش في ظلها أفراد هذا الشعب .مؤلفاته : كتاب : محاولة حول مبدأ السكان سنة 1798 .
مقالات في الاقتصاد والسكاننظريته في السكان :
مقاله في السكان:
نشر مالتوس مقاله الأول في سنة 1798 وهو في 32 من عمره دون ان يذكر أسمه فيه وقد
ظهر بعنوان مطول هو (( مقال عن مبدأ العام للسكان كما يؤثر في تقدم المجتمع في المستقبل
، مع ملاحظات على تكهنات جدوين ودي كوندرسيه وغيرهما من الكتاب )) .
وليس هناك افضل من أن نستعرض بعض فقرات مما كتب مالتوس في مقاله لكي نفهم آراءه
، فقد كتب في الطبعة الأولى يبني قضيته على حقيقتين :* الحقيقة الأولى : أن الغذاء ضروري لحياة الإنسان
* الحقيقة الثانية : أن الشهوة الجنسية بين النوعين ضرورة أيضا وأنها ستبقى على ماهي عليه
ثم أكد بعد ذلك ( أن قوة السكان في التزايد أعظم من قوة الأرض في إنتاج القوت للإنسان ……… والسكان ، إذا لم يعق نموهم عائق ، يتزايدون حسب متتالية هندسية في الوقت الذي يتزايد فيه القوت حسب متتالية حسابية فقط ) ولما كان الإنسان لا يستطيع الحياة بدون غذاء
(( فإن هاتين القوتين غير المتعادلتين لا بد أن يوجها نحو التعادل .)) ولذلك فان العوائق التي تحد من نمو السكان (( دائمة النشاط )) ؛ وكل هذه العوامل ((يمكن حصرها في البؤس والرذيلة )) أما البؤس الذي يرفع نسبة الوفيات ؛فرأى أنه ((نتيجة ضرورية محتومة )) ؛ولكنه لم يكن متأكدا من الرذيلة التي تخفض نسبة المواليد ؛إذ كتب يقول ((إن الرذيلة نتيجة محتملة جدا ‘ولذلك نراها سائدة بكثرة ‘ولكن لا يصح أن يقال عنها إنها نتيجة ضرورة محتومة .)) وأخيرا أنهى إلى أن (( عدم المساواة الطبيعية بين قوة السكان في التناسل وقوة الأرض في الإنتاج ‘وتدخل قانون الطبيعة العظيم الذي يجب أن يحفظ آثار هما في تعادل دائما )) قد يكون صعوبة بدت (( حاسمة ضد البقاء المحتمل لمجتمع يجب أن يعيش كل أعضائه في راحة وسعادة ودعة نسبية ولا يحسبون بأي قلق على تهيئة وسائل البقاء لهم ولأسرهم )) .
ذلك أهم ما أوردة مالتوس في الطبعة الأولى لمقالة الذي أدى إلى تشاؤم الكثيرين ولا غرابة في ذلك ‘فإن ختام مقالة كان مشعبا بالتشاؤم فعلا؛ ولم يكن من السهل التوفيق بين ما نادى به ؛ وبين فكرة أن العالم يقع تحت سيطرة إله رءوف رحيم .ولذلك فقد اتهم مالتوس بنشر كتاب ضد الدين ؛ وكان اتهاما خطيرا بسمعته كرجل دين هو نفسه .وقد دعاه ذلك إلى مراجعة مقالة بإمعان وروية ؛وأن يتعمق في دراسة السكان مدة خمسة أعوام ؛ زار خلالها أوربا مرتين ؛ وجمع مادة كبيرة ؛حللها وناقشها في الطبعة الثانية التي نشرها باسمه في عام 1803 ولذلك كان مقالة المنقح ؛ ولا يزال ؛ من أهم المراجع ذات الشأن في مسألة السكان . ويحسن أن نورد هنا شرحا وافيا لهذا المبدأ العام في السكان كما فصله في مقالة الثاني .
مبدأ مالتوس في السكان كما جاء في مقالة الثاني :
يبدأ مالتوس في عرض مبدئه العام في السكان بقوله أن الغرض الأساسي من مقالة أن يختبر آثار أحد الأسباب المهمة (( التي عاقت تقدم البشر إلي السعادة )) أما السبب فهو (( الاتجاه الثابت لجميع المخلوقات الحية نحو التزايد بدرجة أكثر من الغذاء المعد لها .)) ثم يستطرد قائلا (( أن جرثوميات الحياة التي تحتويها هذه الأرض لو تركت لتنمو بحرية لملأت ملايين القنينات خلال بضعة آلاف من السنين ؛ولكن الضرورة ؛ ذلك القانون الطبيعي العاتي المهيمن يقيدها وفق حدود معينة .إن فصائل النبات والحيوان لتنكمش تحت تأثير هذا القانون المقيد العظيم ؛ ولا يستطيع الإنسان بأي جهود معقولة أن يهرب منه .)) وعلى هذا الأساس فان البشر كغيرهم من أنواع المخلوقات الحية الأخرى يميلون إلى التزايد بسرعة أكثر من ازدياد وسائل المعيشية إلا أن هذا الميل تقيده عوامل مختلفة . وقبل أن يحلل مالتوس هذه العوامل يهتم بتوضيح الموضوع فيقول ، (( ماذا تكون زيادة السكان الطبيعية لو تركت لتمثل في حرية تامة ? وماذا ينتظر أن تكون نسبة الزيادة في غلة الأرض وسط أكثر الظروف ملاءمة للكفاح الإنساني
ثم يقول مالتوس بعد ذلك ، إنه ليس في استطاعتنا بالملاحظة المباشرة أن نتحقق من نسبة الزيادة لسكان لا يعوق نموهم عائق لأننا (( لا نجد حالة ما من الحالات المعروفة إلى الآن ، تركت فيها قوة السكان تبذل نشاطها في التزايد بحرية تامة .)) ولكن يمكننا أن نكون عن ذلك فكرة لا بأس بها مما حدث في أمريكا ، (( ففي الولايات الشمالية الأمريكية حيث كانت وسائل المعيشية أكثر من الكفاية ، وكانت أخلاق الناس أكثر صفاء ولم تكن العوائق ضد الزيجات المبكرة كثيرة … قد وجدنا أن السكان كان يتضاعف عددهم في أقل من خمسة وعشرين عاما وذلك خلال فترة تزيد على قرن ونصف . وعلى الرغم من ذلك فإنه في خلال هذه الفترات كانت الوفيات كثيرة في بعض البلاد بل كانت تزيد على المواليد أحيانا ؛ ولذلك يمكن أن نعلن في أمان أن السكان ؛ إذا لم يعق نموهم عائق ؛ يستمرون في مضاعفة عددهم كل خمسة وعشرين عاما ؛ أو يتزايدون في متتالية هندسية )) .
وإذا ما انتقلنا بعد ذلك إلي آراء مالتوس في زيادة إنتاج الأرض ؛ نجده وقد احتاج إلى مثال واقعي يستند إليه كما فعل فيما يتعلق بزيادة السكان في أمريكا قد اختار حالة بريطانيا في أيامه لهذا الغرض ؛ مع ملاحظة أن الزراعة فيها كانت وقتئذ في المحل الثاني بعد الصناعة ؛وقد رأى أنه إذ اعتنى بالأرض عناية فائقة ؛ فإنها سوف تنتج إنتاجا يبلغ ضعف الإنتاج الأصلي بعد خمسة وعشرين عاما ؛ كما رأى في الوقت نفسه أ-ن الأرض لا يمكنها أن تنتج أربعة أمثال إنتاجها الأصلي بعد خمسة وعشرين سنة أخري كما يحدث في حالة الزيادة بين السكان .
ويقول في الصدد (( سوف يناقض ذلك كل ما نعرفه عن خواص الأرض ؛ فإن إصلاح البقاع البور سوف يحتاج وقتا ومجهودا . ويجب أن يكون واضحا لكل من عندهم أي إلمام بالمواضيع الزراعية ؛ أنه نسبيا كلما اتسعت الزراعة فإن الإضافات التي يمكن للأرض زيادتها سنويا إلى متوسط الإنتاج السابق لابد أن تتناقص تدريجيا وبانتظام )) . ويتضح من ذلك أنه كانت عند مالتوس فكرة واضحة عما أصبح يعرف فيما بعد بقانون الغلة المتناقصة . ولكنه للوصول إلي مقارنة واضحة بين زيادة السكان وزيادة إنتاج الأرض ، كان على استعداد لأن أن يفترض ولوخطأ ، أن الإنتاج الإضافي السنوي للأرض سوف تكون معادلة للإنتاج الأصلي كل خمسة وعشرين عاما ؛ ثم يؤكد أنه لا يمكن لأكثر الناس تفاؤلا أن ينتظر أكثر من ذلك ؛ ولكن علي الرغم من كل هذا التساهل في حساب تزايد إنتاج الأرض ؛ فإن الغلة أو القوات سوف يتزايد في متتالية حسابية .– ولإيضاح هذا المبدأ في مسألة السكان يضرب مالتوس المثل الآتي :
(( إذا أخذنا الأرض كلها … وفرضنا أن السكان الحالين يعادلون ألف مليون ؛ فإن الأنواع البشرية سوف تتزايد حسب الأرقام 1: ؛ 2 ؛ 4 ؛ 8 ؛ 16 ؛ 32 ؛ 64 ؛ 128 ؛ 256… ألخ بينما يزداد القوت حسب الأرقام :1 ؛ 2 ؛ 3 ؛ 4 ؛ 5 ؛ 6 ؛ 7 ؛ 8 ؛ 9 …ألخ . وعلي ذلك فخلال قرنين يكون عدد السكان بالنسبة للمواد الغذائية كنسبة 256 إلى 9 ؛وبعد ثلاثة قرون 496 إلى 13)).
ويختم مالتوس الباب الأول من مقاله بفقرة كثيرا ما تغفل في نقد رأيه وهي (( في هذا الفرض لم توضع أي قيود على إنتاج الأرض ، فقد يزداد على الدوام ويصبح أكثر من أية كمية بعينها ، ولكن مع ذلك فإن قوة السكان تكون أكثر علوا ولايمكن خفض الزيادة في الأنواع البشرية إلي مستوى وسائل المعيشة إلي بالعمل الدائم لقانون الضرورة القوى الذي يعمل كضابط للقوة العظمى ( السكان ) . ))
وفي الباب الثاني من المقال يبحث مالتوس العوامل التي تضبط أو تعيق زيادة السكان . أما العائق النهائي فهو الحاجة إلي الغذاء ولكن في نظره ليس بالعائق المباشر إلا في المجاعات أما العوائق التي تعمل باستمرار وبقوة تزيد تبعا لظروف كل مجتمع فصنفها إلي صنفين :– عوائق إيجابية :
وهي متعددة ومختلفة وتشمل كل عوامل البؤس التي تنقص عدد السكان بتقصير الحياة البشرية ، أي بزيادة نسبة الوفيات ، كالحرف المضرة بالصحة والأعمال الشاقة ، مثل تشغيل الأطفال ، والتعرض لتقلبات الفصول ، والفقر الشديد وتربية الأطفال السيئة ، وازدحام المدن الكبيرة والإفراط بأنواعه ، وكل الأمراض والأوبئة والمجاعات .
-العوائق المانعة :
فتؤثر في نمو السكان عن طريق خفض نسبة المواليد ، وقسمها إلي قسمين :
1/ الرذيلة :
وتشمل الاختلاط الجنسي الفوضوي ، والميول الجنسية غير الطبيعية ،وانتهاك حرمة الزوجية ، والوسائل المختلفة لإخفاء نتائج العلاقات غير الشرعية ،
2/ الضبط الأخلاقي :
فهو الامتناع عن الزواج مع الاحتفاظ بسلوك عفيف طول مدة الامتناع .
ولاشك أن مالتوس فقد خلص نفسه من الاتهام الذي وجه إليه ، وهو نشر مقال ضد الدين ، فالضبط الأخلاقي ليس رذيلة ولا بؤسا ، ولكنه في الوقت نفسه يحفظ عدد السكان في الحدود المناسبة ، وبهذا الرأي الجديد الخاص بالضبط الخلقي محا كل شائبة ظاهرة تشوب رحمة اللهوختم مالتوس الباب الثاني من مقاله بتلخيص مبدئه العام في السكان في
المسائل الثلاث الآتية :
أ / يحدد عدد السكان ضرورة بوسائل المعيشة أي القوت .
ب/ يزداد عدد السكان بشكل ثابت ، حينما تزداد وسائل المعيشة ، مالم يعق ذلك
موانع قوية جدا وظاهرة .
جـ/ هذه الموانع والموانع الأخرى التي تضبط قوة السكان العظمى ، وتجعل آثارها في
مستوى وسائل القوت ، ترجع كلها إلي الضبط الأخلاقي والرذيلة والبؤس .وهناك ملاحظتان جديرتان بالذكر حول المبدأ العام لمالتوس :
الأول :
ليست المتتالية الهندسية التي ذكرها مالتوس أية متتالية ، ولكنها متتالية معينة ، بمعنى أن العدد يتضاعف كل 25 عاما ، ولا يكون ذلك في أي نوع من السكان وإنما في سكان غير معوقين بأي عائق مما ذكر سالفا ، وكذلك الحال في المتتالية الحسابية ، فهي متتالية معينة، وقد اعتبرها حدا أقصى ، ولم يرى أنه من الممكن زيادة وسائل المعيشة كل 25 عاما بكمية تعادل الإنتاج الأول ، ولكنه أفترض ذلك لتوضيح رأيه .
الثانية :
هناك رأي شائع وهو أن مالتوس تنبأ بأن السكان إذا اطردت زيادتهم فسيكون لذلك نتائج مروعة في المستقبل القريب أو البعيد ، ولكن جوهر مقاله يتركز في أن استعداد السكان ليفوقوا وسائل القوت كان ولم يزل دائم التأثير ، ونتج عنه ، ولا يزال ينتج عنه ، أحداث مروعة تنحصر في البؤس والرذيلة ، وهذا رأي جديد من ناحية ، ومفعم بالتشاؤم من ناحية أخرى .
نقد نظرية مالتوس
نقـــــــد 01 :
إن افتراض مالتوس بأن السكان يتزايدون وفق متتالية هندسية هو افتراض صحيح نظريا
( أي من جهة النظر الرياضية ) إلا أن ذلك مستحيل التحقيق من الواقع حيث لا يمكن التصور بأن السكان سيتضاعفون هندسيا إلي مالا نهاية .
وكذلك زيادة الغذاء حسب متتالية حسابية لا يصدق في كل زمان ومكاننقـــــــد 02 :
لم يضع في حسابه التطور العلمي ودوره في ابتكار وسائل منع الحمل لتقليل النمو السكاني
نقـــــــد 03 :
تناول مالتوس في حديثه عن السكان ووسائل المعيشة الموارد الغذائية فقط دون اعتبار لبقية نواحي المعيشية الأخرى التي تتحدد مستوى معيشة السكان مثل ( توفر الموارد الطبيعية – استخدام الأساليب التكنولوجية والتنظيم الاجتماعي )خاتمــــــة:
بغض النظر عن النقد الموجه لنظرية مالتوس إلا أنها تعتبر من أهم النظريات في مجال السكان بحيث أصبحت مرجعا للكلام عن الأفكار السكانية الماضية والتالية له حيث كان له فضل كبير في توجيه الأنظار مبكرا إلي مشكلات السكان بل أن هناك من الباحثين من يعتبره المؤسس الحقيقي للدراسة الحديثة للسكان ، حيث استخدم الحقائق العاصرة له لتأييد مذهبه السكاني يصدد حركة النمو السكاني وعلاقتهما برفاهية الإنسان كما أنه أسهم بدور كبير وربما أكثر من غيره إدخال دراسة السكان في نطاق ميدان العلم الاجتماعي بهدف تحسين الظروف معيشة بنى البشر .المراجع المتبعــــة
1/ د/ حسين ، الساعاتي . د/ عبد الحميد ، لطفي. دراسات في السكان . دار المعرفة الجامعية
2/ د / فتحي ،محمد أبوعياد . علم السكان . دار النهضة العربية . بيروت . لبنان. طبعة الخامسة
.السنة 2000
علم إجتماع المنظمات
ثانيا نظريات المنظمات
يمكن ادراج النظريات التي اهتمت بدراسة المنظمات تحت ثلاث محاور رئيسية :
1-المدرسة الكلاسيكية :
-وتظم النظرية البيروقراطية
-نظرية التقييم الاداري
-نظرية الادارة العلمية
2-المدرسة السلوكية :
-نظرية العلاقات الانسانية
-نظرية تدرج الحاجات
-نظرية العوامل المزدوجة
-نظرية x و y
3-المدرسة الحديثة :
-النموذج الياباني اي نظرية J , A , Z
-نظرية النظم
-الادارة بالاهداف
ارتبطت نشاة علم اجتماع المنظمات بعلم الاجتماع الصناعي واتساع نطاق النمو التنظيمي في العصر الحديث والذي يمكن تسميته بعصر التنظيمات او عصر المنظمات وعلى الرغم من وجود التنظيمات منذ الاف السنين خاصة بمصر والصين الا ان هناك تنظيمات تتزايد وجودها في المجتمع الحديث لتصبح اكبر حجما واكثر تعقيدا .ازداد اهتمام علماء الاجتماع بدراسة التنظيم بعد ان اصبح له دورا بارزا وواضحا في الحياة الاجتماعية اذ نجد الكثير من التغيرات تحدث داخل المنظمات وتؤدي الى ظهور مشكلات تنظيمية متعددة مما يتطلب دراسة التغير التنظيمي والمشكلات التنظيمية الناتجة عن ذلك وقد ادرك علماء الاجتماع انه بدون فهم التنظيمات ومايحدث داخلها والنتائج المترتبة عن الحياة فيها لايمكن فهم الحياة الاجتماعية المعاصرة وحل مشكلاتها ونتيجة لتراكم قدر كبير من المعلومات عن تنظيمات العمل المختلفة واتساع نطاق النمو وفاعلية الدور الذي يؤديه التنظيم في الحياة الاجتماعية ظهرت الحاجة الى ميدان جديد من مياين الدراسة في علم الاجتماع تختص بدراسة التنظيمات والمنظمات وكل مايتعلق بهذا المجال .
ثانيا نظريات المنظمات يمكن ادراج النظريات التي اهتمت بدراسة المنظمات تحت ثلاث محاور رئيسية : 1-المدرسة الكلاسيكية : -وتظم النظرية البيروقراطية -نظرية التقييم الاداري -نظرية الادارة العلمية 2-المدرسة السلوكية : -نظرية العلاقات الانسانية -نظرية تدرج الحاجات -نظرية العوامل المزدوجة -نظرية x و y 3-المدرسة الحديثة : -النموذج الياباني اي نظرية j , a , z -نظرية النظم -الادارة بالاهداف |
هل من اضافات اخرى حول الموضوع كيف حالك إن شاء الله دائما بخير ؟
ارتبطت نشاة علم اجتماع المنظمات بعلم الاجتماع الصناعي واتساع نطاق النمو التنظيمي في العصر الحديث والذي يمكن تسميته بعصر التنظيمات او عصر المنظمات وعلى الرغم من وجود التنظيمات منذ الاف السنين خاصة بمصر والصين الا ان هناك تنظيمات تتزايد وجودها في المجتمع الحديث لتصبح اكبر حجما واكثر تعقيدا .ازداد اهتمام علماء الاجتماع بدراسة التنظيم بعد ان اصبح له دورا بارزا وواضحا في الحياة الاجتماعية اذ نجد الكثير من التغيرات تحدث داخل المنظمات وتؤدي الى ظهور مشكلات تنظيمية متعددة مما يتطلب دراسة التغير التنظيمي والمشكلات التنظيمية الناتجة عن ذلك وقد ادرك علماء الاجتماع انه بدون فهم التنظيمات ومايحدث داخلها والنتائج المترتبة عن الحياة فيها لايمكن فهم الحياة الاجتماعية المعاصرة وحل مشكلاتها ونتيجة لتراكم قدر كبير من المعلومات عن تنظيمات العمل المختلفة واتساع نطاق النمو وفاعلية الدور الذي يؤديه التنظيم في الحياة الاجتماعية ظهرت الحاجة الى ميدان جديد من مياين الدراسة في علم الاجتماع تختص بدراسة التنظيمات والمنظمات وكل مايتعلق بهذا المجال .
ثانيا نظريات المنظمات
يمكن ادراج النظريات التي اهتمت بدراسة المنظمات تحت ثلاث محاور رئيسية : 1-المدرسة الكلاسيكية : -وتظم النظرية البيروقراطية -نظرية التقييم الاداري -نظرية الادارة العلمية 2-المدرسة السلوكية : -نظرية العلاقات الانسانية -نظرية تدرج الحاجات -نظرية العوامل المزدوجة -نظرية x و y 3-المدرسة الحديثة : -النموذج الياباني اي نظرية j * a * z -نظرية النظم -الادارة بالاهداف |
بارك الله فيكم….هلا توسعتم أكثر في الموضوع
** التوضيف بالمؤسسة الجزائرية.**تسيير الموارد البشرية في ضل اصلاحات المؤسسة العمومية الاقتصادية.
**عقلانية العمل و انعكاساتها على الانضباط في المؤسسة.
**تكنولوجيا الاعلام الالي و تاثيرها على العامل في المؤسسة الجزائرية.
**حوادث العمل داخل المؤسسة الصناعية
**تطبيق نضام الجودة بالمؤسسة الجزائرية..
**حوادث العمل و التامينات الاجتماعية.
**وضعية الموضف في قطاع التوضيف.
**التفاعل الاجتماعي داخل المؤسسة الاقتصادية.
**الوضعية الاجتماعية و المهنية للعامل في ضل الخوصصة.
**اعادة ادماج المسرحين في المؤسسة.
**فعالية الاتصال داخل المؤسسة الصناعية
فالأرواح معاني ولكن مع بعضها تكون مباني، وكل روح متميزة عن الأخرى، يكلمون بعضاً لأن هناك فوارق بينهم، فالملائكة عالم كله معاني، ولكن مع بعضهم يكونون مثلنا، يتحدثون مع بعض، وكل واحد مكلف بتكليف خاص به من الله عزَّ وجلَّ، أو من رئيسه المباشر من كبار الملائكة عليهم السلام.
لكن الإيمان والحكمة، فيهما إشارة عالية: هي أن من يريد أن يسير إلى الله؛ لابد أن يأخذ علم الإيمان والحكمة من رجل أخذ هذه الأشياء من سماء فضل الله عزَّ وجلَّ، ولا يأخذهم من الكتب أو من الجماعة الذين ليس عندهم إشراقات روحانية ولا شفافية نورانية، فالكلام يحيي القلوب طالما أنه صادر من قلب حيٍّ، أما إذا صدر من قلب ميِّت، فلا يؤثر في المرء، وقد قال في ذلك الإمام أبو العزائم رضِيَ الله عنه في حِكَمِهِ :
{كما أن كل ماء لا ينزل من السماء لا ينفع – في سقي الزرع (الماء الراكد مثلاً)، كذلك كل علم لا ينزل من سماء رسول الله صلى الله عليه وسلَّم لا يرفع القلوب إلى مقام القرب من علام الغيوب عزَّ وجلَّ}.
إذن العلم الرافع: هو العلم النافع النازل من سماء فضل الله عزَّ وجلَّ في الحال على العباد الذين اجتباهم الله واختارهم الله عزَّ وجلَّ .
هذا هو العلم الذي اعترض عليه الشيخ عز الدين بن عبد السلام – وكان شيخ الإسلام في زمانه – ولما دخل وقابل الشيخ أبا الحسن الشاذلي ، وكانوا جالسين في الخيمة في المنصورة في معركة لويس التاسع، والعلماء كل واحد منهم أخذ يدلي برأيه في مسألة من المسائل، والشيخ ساكت، وفي الآخر قالوا للشيخ: نريد أن نسمع رأيك في هذه المسألة؟ فأفاض عليهم ما ألهمه به الله عزَّ وجلَّ ، فخرج ابن عبد السلام كطفل صغير، وأخذ ينادي على باب الخيمة: هلموا .. فاستمعوا إلى هذا العلم الحديث عهد بالله عزَّ وجلَّ ، أي استمعوا إلى هذا العلم النازل طازجاً من الله عزَّ وجلَّ. هذا العلم الذي يحرِّك القلوب ويطهِّرها، ويصفِّيها ويقرِّبها إلى معاني حضرة علام الغيوب عزَّ وجلَّ.
يمحو الكيان بعاليه و سافله علمٌ من الله بالإلهام في الوصل
فالذي يستطيع أن يمحو الكيان، ويجعله ينساق إلى الله عزَّ وجلَّ، هو علم الإلهام، لأن له جاذبيَّـة غريبة وعجيبة في قلوب المشتاقين والمحبين بل وقلوب المؤمنين أجمعين. وما علامته؟، قالوا: {إذا كان الكلام عن النور يحدث لسامعيه السرور} أي فذلك دليل على أنه وارد من عالم البرزخ.
ولو فتح الله للبعض عيون البصائر، لرأوا القلوب الجالس أهلها في هذه المجالس، وكأنها مشدودة بخيط رفيع من النور لله عزَّ وجلَّ، فلا تستطيع أن تقوم، ولا أن تتحرك يميناً ولا يساراً لأنها مشدودة، ومن الذي شدّها؟ هو الله، كي يضع فيها العلم النافع النازل من سماء الله عزَّ وجلَّ. وإذا امتلأ القلب بهذا العلم الإلهامي تنفعل له الجوارح، ويصير الإنسان بعد ذلك في عالم الناس، وحاله كما قال الله عزَّ وجلَّ: {أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ} 122الأنعام
هل من يسير بهذا النور يكون مثل أي شخص آخر؟ سأضرب لكم مثلاً لتعرفوا الفرق بين الاثنين؛ أحياناً نرى رجلاً أخذ الدكتوراة في العلوم الفقهية والشرعية والحديث، ومع ذلك نراه يرتكب المعاصي، إذن أين علمه؟ لماذا لم يمنعه؟ وتارة نرى رجلاً أميَّـاً لا يقرأ ولا يكتب، ولكن عنده وازع في باطنه يمنعه من المعاصي، حتى أنه قد يتعرض لأمور وفتن شديدة ومضايقات، بل واضطهاد، ولكنه يرفض أن يفعل المعصية
لأن النور الذي ينزل مع علوم العارفين، والذي يقولون فيه: {تسبق أنوارهم أقوالهم ؛ فتجذب القلوب وتهيأها لسماع الغيوب}، هذا النور: هو الذي يمنع الإنسان عن معصية الله عزَّ وجلَّ: وعندما يأتي في دنيا الناس؛ يرى المعاصي مثلما رآها رسول الله، ويرى الطاعات مثلما رآها رسول الله – ولكن طبعاً صورة على قدره، وليس الصورة كلها – فيرى المعاصي لو تهيأت له على أنها جهنم، وعلى أنه سينزل فيها، إذن هل يفعلها؟ لا، وهذا ما يقول فيه الله سبحانه وتعالى: {كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ} [5-6التكاثر]
http://www.fawzyabuzeid.com/table_bo…82&id=16&cat=4
منقول من كتاب {إشراقات الإسراء- الجزء الأول}
اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً
[IMG][/IMG]
[/frame]
روبرت كينج ميرتون
روبرت كينج ميرتون عالم الاجتماع الأمريكي
حياته :
يعد ميرتون من رواد النظرية البنائية الوظيفية المعاصرة،ولد عام(1910) م وتوفي عام(2003)م ومعنى ذالك أنه ولد بعد بارسونز بثمان سنوات وعاش بعده ما يقارب الواحد وعشرين سنة ،ولعل ميرتون أسهم من خلال جهوده في تطوير الكثير من المفاهيم في البنائية الوظيفية من خلال عرضه لمجموعة من الإسهامات النظرية والمنهجية أكثر وضوحا وملامسة للواقع الاجتماعي من مفاهيم بارسونز المعقدة والصعبة والتي تكاد تنزع نحو التجريد أكثر من القدرة على التطبيق في الواقع الاجتماعي مما جعلها محور شديد للنقد من رايت ميلز وجولدنر والكثير من العلماء الذين لم ترق لهم مصطلحات بارسونز المعقدة.اهم الاسهامات التي قدمها العالم روبرت ميرتون تنحصر في التالي:
– تبنيه مدخل النظريات متوسطة المدى التي تتجنب النقد الذي وجه للنظريات الكبرى والصغرى وقد استفاد ميرتون في هذا الإطار من نظرية الانتحار لدوركايم ونظرية ماركس في الاخلاق البروستاتنية ودور الدين في الحياة الاجتماعية.
– تناوله ما أسماه بالوظائف الكامنة والغير مباشرة والوظائف الظاهرة وهنا يتجلى ما أضافه ميرتون على بارسونز الذي اكتفى بتناول الوظائف الظاهرة والمباشرة والملاحظة للظاهرة الاجتماعية دون التطرق للوظائف المستترة .
– الأنماط الوظيفية: حيث عرض ميرتون بصورة رائعة العلاقة بين الأهداف الثقافية والمجتمعية والوسائل التي تتيح تحقيق تلك الأهداف وتحدث عن أنواع عديدة وأشكال مختلفة كالامتثال والانسحاب والطقوسية والابتداع والتمرد.
– البدائل الوظيفية: ويقصد بها عدم التسليم المطلق بفكرة الوظيفية التي قد تظهر في بناءات وأنساق اجتماعية معينة.
ولعل من أفضل البحوث الميدانية التي طبقت نظرية ميرتون في الأنماط الوظيفية(نظرية الانومي) هي دراسة الدكتور محمد إبراهيم السيف بعنوان الحرمان العاطفي في الأسرة السعودية.
تعتبر هذه أبرز اسهامات ميرتون باختصار شديد وسنفصل لها فيما سيأتي…
المؤثرين فيه:
على الرغم من الاختلافات بين تالكوت بارسونز وروبرت ميرتون في تفاصيل النظرية التي حاول كل منهما للآخر ومن التعديلات التي اقترح ميرتون إدخالها على الوظيفية إلا ان كليهما يبدأ من نفس المسلمات النظرية والإيدولوجية التي يبدأ بها كل أصحاب الاتجاه الوظيفي وأصحاب الاتجاه العضوي من قبلهم. وأهم هذه المسلمات أن البناء الاجتماعي في حالة ثبات وان هناك تكاملاً بين عناصر هذا البناءوأن هناك إجماعاً عاماً بين أعضاء المجتمع على قيم معينة وأن هناك توازناً يجب ألا يصيبه الخلل في البناء الاجتماعي.
نقد ميرتون – الذي كان تلميذاً لتالكوت بارسونز – ينقد بارسونز على أساس أن أعماله تمثل جهداً غير ناضج لمحاولة تكوين نظرية اجتماعية عامة ولكنه لم يمس في كتاباته المسلمات الرئيسية التي ارتكزت عليها أعمال بارسونز أو غيره من الوظيفين. ذلك أنه هو ذاته سلم بها تماماً. وبدلاً من ذلك ركز جهده على نقد تفاصيل هذه الأعمال أو الفروض الجزئية التي تحتوي عليها.( أحمد، سمير، النظرية في علم الاجتماع، 1985،ص 197)
مفاهيم :
• الوظائف الكامنة مقابل الوظائف الظاهرة:
• الوظائف الظاهرة : تشير إلى النتائج الموضوعية التي تحدثها سمة اجتماعية أو ثقافة معينة، تلك النتائج التي تفرض على الأفراد تبينها وتتكيف معها، فهي إذن نتائج يتوقع الأفراد حدوثها.
• الوظائف الكامنة : فتشير إلى نتائج يتوقع الأفراد حدوثها.
وقد أعطى ميرتون أمثلة على الوظائف الكامنة وهي ما يلي:
نتائج خطة الأجور الجديدة لنقابة العمال أو نتائج برامج الإعلام لزيادة الأغراض المتفق عليها لإثارة الحماس الوطني وحشد عدد كبير من الناس الذين يرفضون طرح آرائهم عندما يختلفون مع السياسات. وهنا نصل إلى أن ” أ ” وضع نتائج ” ب ” والتي ينظر إليها كنتائج وظيفة أو كنتائج معطلة عن الأداء الوظيفي.
• المعوقات الوظيفية في مقابل الوظيفية
يشير هذا المفهوم إلى تلك النتائج التي يمكن ملاحظتها والتي تحد من تكيف النسق أو توافقه. فالتفرقة العنصرية مثلاً قد تكون معوقاً وظيفياً في مجتمع يرفع شعار الحرية والمساواة.
يقول إن مفهوم المعوقات الوظيفية بما يتضمنه من ضغط وتوتر على المستوى البنائي يمثل أداة تحليلية هامة لفهم ودراسة ” الديناميات الاجتماعية والتغير ”• البدائل الوظيفية:
تكمن أهمية هذا المفهوم في التحليل ، حينما نتخلى عن التسليم بفكرة الوظيفية التي ينطوي عليها بناء اجتماعي معين. ومعنى ذلك أنه يتعين علينا ألا نسلم بأن الجهاز السياسي يمثل الوسيلة الوحيدة لمواجهة حاجات جماعات معينة مثل رجال الأعمال والطموحين من أفراد المستويات الاجتماعية الدنيا.
وإذن فمفهوم البدائل الوظيفية يركز الاهتمام على مدى التنوع الممكن في الوسائل التي تستطيع أن تحقق مطلباً وظيفياً.
يؤكد ميرتون على أن الوظيفة ترتبط بالدوافع، ، ولو أن الدوافع ينبغي أن تتضمن في الحقائق التي تجمع لأغراض التحليل الوظيفي وأن الدوافع والوظيفة يختلفان كل على حدة.
ويرى ميرتون أن إدراك حاجات النسق الاجتماعي بصورة ما أمر ضروري حيوي للتحليل الاجتماعي، وإنه يكمن داخل تحليل وظيفي تصور معين قد يكون ضمنياً صريحاً عن المطالب الوظيفية يتجه إلى الارتباط مع ظروف بقاء نسق معين كما يميل إلى احتواء الحاجات البيولوجية والاجتماعية.
وأخيراً نجد ميرتون يحذر من الاهتمام الشديد بدراسة الجوانب الاستاتيكية في البناء الاجتماعي وهو اهتمام أبرزه بعض أنصار الوظيفية.
• الوظيفية : تلك النتائج التي تقع تحت الملاحظة والتي تساعد على توافق نسق معين أو تكيفه والتكيف هو مجموعة من حاجات النسق. وهناك خمسة معاني تستخدم فيها اصطلاح الوظيفية كما يحددها ميرتون هيا:
• الوظيفة كما تستخدم في الحياة اليومية للإشارة إلى النشاط الاجتماعي، كأن يقال إن فلاناً لم يمارس وظيفته الاجتماعية المعتادة لسبب من الأسباب.
• مفهوم الوظيفة بمعنى العمل أو المهنة التي يمارسها الفرد حيث يهيئ هذا العمل للفرد دخلاً يعتمد عليه في الحياة.
• تستخدم الوظيفة بمعنى آخر في العلوم السياسية ويقصد بها الدور الذي يقوم به الفرد في مركز اجتماعي معين وبخاصة الأشخاص الذين يشغلون وظيفة سياسية معينة .
• الوظيفة أيضاَ تستخدم في الرياضيات لكي تشير إلى أحد المتغيرات في علاقته بمتغير آخر أو أكثر
• أما الاستخدام الخامس فيمثل مكناناً مركزيا في التحليل الوظيفي في علم الاجتماع والانثربولوجيا ، ذلك الاستخدام المستعار أساسا من العلوم البيولوجية حيث يشير إلى العمليات العضوية والحفاظ على كيانه.
إن أهم نقطة عند ميرتون هو أنه فسر الوظيفية من خلال إطار أو تصور لمطالب النسق. فقط ربط بين الوظيفة والدافع رغم اختلافهما. فللنشاط عنده وظيفة ظاهرة قد تكون هي حاجات الأفراد بينما الوظيفة الكامنة هي التعبير عن حاجات النسق.
استخدم ميرتون الوظائف والنتائج لمعنى واحد ونظر إلى الوظائف الكامنة على أنها نتائج غير مباشرة للنشاط لا تتعارض مع نتائج نشاطات الأفراد التي تحمل دوافعهم.
• موضوع الكلية الوظيفية :
من نتائج التأكيد على الوحدة الوظيفية أن بعض علماء الأنثربولوجيا الأوائل قد افترضوا أنه إذا وجد عنصر اجتماعي أو جزئية اجتماعية في نظام مستمر لابد أن يكون لها نتائج إيجابية بالنسبة لتكامل النظام الاجتماعي هذا الفرض ترتب عليه وجود بعض النتائج أو القرارات القياسية من نوع يوجد نظام ، إذن العناصر أو الجزئيات جزء من هذا النظام إذن العناصر لها وظيفة إيجابية بالنسبة للنظام.وجد ميرتون أن هناك مدى أوسع من الإمكانات الإمبريقية :
أولاً : قد لا تكون العناصر أو الجزئيات الوظيفية ذات تأثير وظيفي إيجابي بالنسبة للنظام أو للعناصر في النظام فقط ولكن قد تكون أيضاً لها وظيفة بالنسبة لعناصر أو لجزئيات معنية أو لكامل النظام.
ثانياً: بعض النتائج سواءكانت وظيفية أو غير وظيفية تكون مقصودة ومعترف بها من جانب المسئولين في النظام وبذلك فهي واضحة جلية بينما توجدد نتغير مقصودة وغير معترف بها ولذلك فإنها كامنة خفية. وهكذا بعكس تأكيدات مالينوفيسكي وبراون يقترح ميرتون تحليل النتائج المتنوعة المختلفة للعناصر أو الجزئيات الاجتماعية الثقافية سواء آأكانت إيجابي أو سلبية، واضحة أو خفية بالنيبة للأفراد والجماعات الفرعية وللبناء الاجتماعي والثقافي الأكثر شمولاً.
بهذه الطريقة ينظر ميرتون إلى الفكر الوظيفي المعاصر بإعتباره معوضاً لمبالغات الصور الأولى من التحليل وذلك بالتركيز على الأنماط الحاسمة لنتائج العناصر أو الجزئيات الاجتماعية بالنسبة لبعضها البعض وبالنسبة للكل الاجتماعي متى اقتضت الحقائق ذلك.اسهاماته المنهجية:
أولاً : النظريات متوسطة المدى :
رأى ميرتون أن النظرية في علم الاجتماع يجب أن تكون متوسطة المدى، وقد عرف النظرية متوسطة المدى بأنها: تلك التي تقع بين طرفين : الطرف الأول يتمثل في مجموعة من الافتراضات العلمية البسيطة التي نقابلها عند أجراء البحوث الميدانية والطرف الثاني يتمثل في النظريات الشاملة الموحدة التي تسعى إلى تفسير كل ملاحظة عن انتظام في السلوك الاجتماعي والتنظيم الاجتماعي.
بعبارة أخرى نستطيع القول أن ميرتون يقترح مستوى للنظرية الاجتماعية أعلى قليلا من مستوى الفروض التي تعتمد عليها البحوث الامبريقية والتي لا تتضمن قدراً يذكر من التجريد، ولكنه أقل مستوى من النظريات الكبرى التي تتضمن قدراً كبيراً من التجريد بأنه يسمح بإخضاع ما يتضمنه من قضايا للاختبار الامبريقي نظراً لقرب هذه القضايا من الوقائع الملموسة.
وعلى ذلك فإن النظرية متوسطة المدى تتناول أساساً جوانب معينة من الظاهرات الاجتماعية، وليست الظاهرات في عموميتها، فيمكن مثلاً أن تكون لدينا نظرية عن الجماعات المرجعية ونظرية عن للحراك الاجتماعي ونظرية صراع الأدوار ونظرية تكون عن القيم..الخ.
وبعد أن تصبح لدينا هذه النظريات المتعددة ذات المدى المتوسط يمكننا في المستقبل أن نصوغ منها نظرية عامة موحدة، ولكن الوقت لم يحن بعد لمثل هذه النظرية الموحدة.( أحمد، سمير، النظرية في علم الاجتماع، 1985،ص 198)
على حين أن نظريات المدى المتوسط مجردة إلا أنها أكثر ارتباطاً بالعالم التجريبي أو الإمبريقي ومن ثم فهي تشجع على البحث الضروري لتوضيح المفاهيم وإعادة صياغة التعميمات النظرية وذلك من منطلق أنه بدون هذا التفاعل المتبادل بين النظرية والبحث فإن الخطط النظرية ستظل غير نظامية ومفككة وليست ذات منفعة تذكر في توسيع آفاق المعرفة الاجتماعية. ومن ثم ستصبح مفاهيم وفروض النظريات الاجتماعية المتوصل إليها من خلال اتباع استراتيجية المدى المتوسط محكمة التنظيم بصورة أكبر وأقوى. كما وأن البحوث المرتكزة على النظريات تفرض توضيح وتوسيع وإعادة صياغة مفاهيم وفروض كل نظرية من النظريات المتوسطة المدى.
إلا أن هناك سؤالاً يظل على قدر كبير من الأهمية وهو : كيف يتعين صياغة نظريات المدى المتوسط ويأخذ هذا التنظير الوظيفي شكل لقد أصبحت الوظيفية النموذج ( البرادايم ) حيث أن هذا الشكل ممكن أن يتيح التوصيف السهل وتوسيع قاعدة المفاهيم المتصلة بها كما يشجع في نفس الوقت على المراجعة النظامية وإعادة الصياغة وذلك حسبما تمليه النتائج الامبريقة.
وقد أصبحت الوظيفية بهذا الشكل في نظر ميرتون منهجاً ليس فقط لبناء النظرية متوسطة المدى, ليس فقط لبناء نظريات المدى المتوسط وإنما أيضاً لبناء الخطط النظريات الخاصة بالمدى المتوسط. وهكذا فميرتون مثله في ذلك مثل بارسونز تمثل الوظيفية عنده استراتيجية لترتيب المفاهيم والتمييز بين العمليات الاجتماعية الهامة وغير الهامة. ولكن على العكس من إستراتيجية بارسونز فإن استراتيجة ميرتون وعلى هذا الأساس فقط يتعين بعد ذلك استخدام بروتوكول وظيفي لبناء أنظمة نظرية أكثر تجرداً. ( أبو طاحون، عدلي، النظريات الاجتماعية المعاصرة، ص ص 229- 230)
وقد حدد ميرتون مجموعة من الوحدات التي يجب أن تمثل بؤرة لاهتمام التحليل في النظرية الاجتماعية متوسطة المدى مثل: الأدوار الاجتماعية، العمليات الاجتماعية، الأنماط الثقافية، الانفعالات المحددة ثقافياً، المعايير الاجتماعية، تنظيم الجماعة، البناء الاجتماعي، وأساليب الضبط الاجتماعي… الخ.
وبذلك جعل بؤرة اهتمام النظرية الاجتماعية ما أسماه ” بالعناصر الثقافية المقننة”.
وقد انتقد ميرتون غيره من أصحاب الاتجاه الوظيفي، خاصة براون ومالينوفيسكي على أساس أن الافتراضات التي ترتكز عليها نظرياتهم شديدة العمومية وغير محددة، فهؤلاء العلماء قد افترضوا أن الأنشطة الاجتماعية المقننة أو العناصر الثقافية وظيفية بالنسبة للمجتمع بأسره وأن جميع هذه العناصر الثقافية والاجتماعية تؤدي وظائف اجتماعية وأن هذه العناصر لا يمكن للمجتمع الاستغناء عنها.
ورأى ميرتون أن هذه الافتراضات غير صحيحة لذلك أقام نظريته على ثلاث فروض أساسية بديلة هي :
1. العناصر الاجتماعية أو الثقافية قد تكون وظيفية بالنسبة لمجموعات معينة وغير وظيفية بالنسبة لمجموعات غيرها وضارة وظيفياً بالنسبة لمجموعات أخرى. وعلى ذلك فلابد من تعديل فكرة أن أي عنصر اجتماعي أو ثقافي يكون وظيفياً بالنسبة للمجتمع بأسره.
2. أن نفس العنصر قد تكون له وظائف متعددة ونفس الوظيفة يمكن تحقيقها بواسطة عناصر مختلفة، مثال: الملابس فهي قد تقي من الطقس أو تكسب الفرد مكانة اجتماعية أو أن يكون لها دور في تحديد مدى جاذبيته الشخصية. ومعنى ذلك أن هناك تنوعاً في الوسائل التي يمكن أن تحقق هدفاً وظيفياً معيناً. وقد استخدم ميرتون لذلك مفهوم البدائل الوظيفية.3 . يجب أن يحدد التحليل الوظيفي الوحدات الاجتماعية التي تخدمها العناصر الاجتماعية أو الثقافية. ذلك أن بعض العناصر قد تكون ذات وظائف متعددة، وقد تكون نتائجها ضارة وظيفياً.( أحمد، سمير، النظرية في علم الاجتماع، 1985،ص ص 198- 200)
كما قسم ميرتون الوظائف إلى قسمين كالآتي:
تصنيفات ميرتون للوظائف
1. الوظائف الظاهرة
وهي التي ترمي إلى تحقيقه التنظيمات الاجتماعية . مثلا بأن تكون الجامعات مخصصة للدراسة والبحث العلمي والخدمة الاجتماعية .
2. الوظائف الكامنة
وهي التي لا تأخذ التنظيمات الاجتماعية بالحسبان تحقيقها او العمل لاجلها ، كأن تمارس الجامعة وظائف سياسية او اقتصادية او تمثل فضاءات اجتماعية للتسلية والترفية واضاعة الوقت او تحقيق مكانات اجتماعية …الخ ( حجازي أكرم، النظريات الاجتماعية)ثانياً : نموذج ميرتون للتحليل الوظيفي :
شأنه في ذلك شأن كل المعلقين على التحليل الوظيفي يبدأ ميرتون مناقشته باستعراض أخطاء الوظيفيين الأوائل لا سيما عالمي الانثبولوجيا مالينوفيسكي وراد كليف براون، وبصفة عامة يرى ميرتون أن التنظير الوظيفي يواجه ثلاثة مسلمات موضع تساؤل وهي :
• 1الوحدة الوظيفية للأنساق الاجتماعية.
•2 الكلية الوظيفية للعناصر الاجتماعية.
•3 ضرورة وحتمية العناصر الوظيفية للأنساق الاجتماعية. ( أبو طاحون، عدلي، النظريات الاجتماعية المعاصرة، ص ص 231)ثالثاً : مسلمات الوحدة الوظيفية:
يرى ميرتون أن بدأ التحليل بفرضية الوحدة الوظيفية Functional Unity أو تكامل الكل الاجتماعي يمكن أن ينحرف بالاهتمام بعيداً ليس فقط عن تلك الأسئلة وإنما أيضاً عن النتائج المختلفة المتفرقة للعناصر الاجتماعية أو الثقافية المتوفرة ( العرف- الإعتقاد – المؤسسات ) بالنسبة لأعضاء هذه الجماعات.
هذه المناقشة للوحدة الوظيفية تعزى لاهتمامات بارسونز الأولى بالتكامل الوظيفي، فقد افترض في عمله الوظيفي الأول وجود حاجة إو مقتضى وظيفي واحد فقط وهو الحاجة إلى التكامل. بعد ذلك وفي أعماله التالية وسع هذا الفرض وأضاف ثلاثة مقتضيات وظيفية أخرى وهي الحاجة للتوافق والحاجة إلى بلوغ الهدف والحاجة إلى الكمون والتي سبق تناولها عند الكلام عن العمل الوظيفي لبارسونز في متطلبات النسق، ولكن يبدو أن وظيفية بارسونز بدأت بنفس الاهتمامات التي تتجلى في أعمال دور كايم وأعمال بروان مما جعل ميرتون يتساءل عن القيمة التوضيحية أو الإرشادية لفرض يمكن أن يحول الاهتمام أو ينحرف بعيداً عن التساؤلات النظرية والامبريقية الهامة.
وهكذا فإنه بدلاً من فرضية الوحدة الوظيفية فإنه يجب أن يكون هناك تأكيد على أنماط وصور ومستويات ومجالات التكامل الاجتماعي والنتائج المختلفة لوجود عناصر بالنسبة لقطاعات معينة من الأنظمة الاجتماعية، بهذه الطريقة يبدأ ميرتون في توجيه التحليل الوظيفي بعيداً عن الاهتمام بالأنظمة الكلية، ومتجهاً نحو التأكيد على كيف أن مختلف أنماط التنظيم الاجتماعي داخل الأنظمة الاجتماعية الأكثر شمولاً تنشأ وتدعم وتتغير ليس فقط بمتطلبات النظام الكلي وإنما أيضاً بالتفاعل المتبادل العناصر الاجتماعية الثقافية داخل الكليات النظامية. ( أبو طاحون، عدلي، النظريات الاجتماعية المعاصرة، ص ص 229- 230)رابعاً : بروتوكول لتنفيذ التحليل الوظيفي:
للتحقق من أسباب ونتائج أبنية وعمليات معينة يصر ميرتون على أن يبدأ التحليل الوظيفي ” بوصف خالص “لأنشطة الأجزاء والجماعات موضوع الدراسة وفي وصف أنماط التفاعل المتبادل والنشاط بين العناصر موضوع البحث وبهذا سيكون من الممكن تمييز العناصر أو الجزيئات الاجتماعية التي ستخضع للتحليل الوظيفي مثل هذه الأوصاف يمكن أيضاً أن تعطي إشارة رئيسية للوظائف التي يتم أداؤها بمثل هذا النشاط النمطي وحتى تصبح هذه الوظائف أكثر وضوحاً لابد من اتخاذ خطوات أخرى إضافية هي :
1. ان يقوم الباحث بتوضيح البدائل الرئيسية المسبعدة نتيجة سيادة وغلبة نمط معين.
2. بعد الوصف الخالص تتضمن تقييماً للمعنى أو الدلالة الفعلية أو الانفعالية للنشاط بالنسبة لأعضاء الجماعة ووصف هذه المعاني قد يلقي بعض الضوء على دوافع أنشطة الأفراد المشتركين وبذلك تلقي بعض الضوء التجريبي على الوظائف الواضحة للنشاط.
3. تحتاج هذه الأوصاف إلى خطوة تحليلية ثالثة بتمييز بعض مصفوفات الدوافع بالنسبة للتماثل أو الانحراف بين المشاركين، ولكن يجب عدم الخلط بين هذه الدوافع وبين الوصف الموضوعي للنمط أو التقييم اللاحق للوظائف التي يخدمها النمط.
وهكذا فإن خطوة تحليلية أخيرة تتضمن وصف كيف أن الأنماط موضع الدراسة تكشف عن انتظامات لا يعرفها المشاركون ولكنها تبدو ذات نتائج للأفراد المشتركين وأنماط أو انتظامات في النظام. وبذلك سيتم ضبط وتوفيق التحليل مع الوظائف الخفية أو المستترة لعنصر أو جزئية معينة. ( أبو طاحون، عدلي، النظريات الاجتماعية المعاصرة، ص ص 229- 230)
خامساً : بروتوكول البناء الاجتماعي والانومي عند روبرت ميرتون :
ربما كانت النظرية الأوسع قراءة وانتشاراً وتأثيراً تلك التي وضعها ميرتون متضمنة في مقال ” البناء الاجتماعي والأنومي ولا توجد مقالة نظرية مثل تلك المقالة، وعلى حين أن المقالة التي تتضمن الصيغة الأولية للنظرية كتبت قبل صياغته لاستراتيجية المدى المتوسط والبروتوكول الوظيفي إلا أنها ظهرت مرة أخرى في مختلف طبعات كتابه النظرية الاجتماعية والبناء الاجتماعي وذلك بعد مناقشة استراتيجيته وبروتوكوله فضلاً عن أن دفاعه وتوسيعه للنظرية في الطبعات الحديثة من نفس الكتاب يدل على أنه يعتبر نظرية البناء الاجتماعي والأنومي موضحة للبروتوكول الوظيفي واستراتيجية المدى المتوسط.
إن نظرية ميرتون عن الأنومي تحاول أن تجيب على السؤال التالي: ما الذي يسبب الانحراف ونسبته ونوعه في المجتمع؟
إن الطريقة التي تم بها صياغة هذا السؤال تكشف عن أي ميرتون مدين لدور كايم الذي سبق أن طرح ما يشبه كثيراً هذا السؤال عن الانتحار بالإضافة إلى أن ميرتون في محاولته هذه يتواصل مع دور كايم إلا أنه يتوسع فوق تصور دور كايم للأنومي، فالانحراف يعتبر استجابة أو توافقاً من جانب السكان في مجتمع مع حالة الشذوذ أو الأنومي في حين الأنومي هي نتيجة سوء التكامل داخل وبين الثقافة والبناء. وهكذا وفي الاقتراب من مسألة الانحراف يؤكد ميرتون أن الانحراف هو نتيجة لسوء التكامل وأن نوع الانحراف مرتبط بطبيعة سوء التكامل ويمكن أن نجد في هذا الشأن فروضاً وظيفية عديدة منها:1. الأنساق الاجتماعية تتألف من عناصر أو أجزاء مترابطة.
2. أن هذه العناصر أو الأجزاء لابد وأن تظهر قدراً من التكامل أو حسب تعبير ميرتون التوازن.
3. ينتج عن سوء التكامل أو عدم التوازن سلوكاً ضالاً زائفاً.
4. تحدد طبيعة سوء التكامل نوع السلوك الضال الزائف في إتباع أو توقع بروتوكوله الوظيفي.ويحاول ميرتون أن يضيف للعنصر المعني في تحليله‘ معدل ونوع السلوك المنحرف والسياق البنائي الذي يظهر فيه وبينما يرفض الرأي القائل بأن الانحراف يمثل تعبيراً عن الحاجات البيولوجية غير المحكومة، إلا أنه يحاول ضمنيا فهم كيف تعمل الحاجات السيكولوجية الموجهة ثقافياً لإنتاج الانحراف في الأفراد ومسايرة لاهتمامه بالوظائف والمعوق الوظيفي وصافي رصيد النتائج يحلل ضمنياً نتائج الانحراف بالنسبة لوحدات اجتماعية مختلفة: الكل الاجتماعي، الجماعة الفرعية، كاشفاً معدلات مرتفعة من الانحراف والأفراد المنحرفين أنفسهم، فبالنسبة للكل الاجتماعي فإن المضمون هو أن الانحراف يفسر الوظيفة ولو أنه قد يعني نتائج إيجابية معينة للانحراف الابتكاري، أما بالنسبة للجماعات الفرعية فإن الانحراف يمثل توافقاً ومن ثم يبدو أن له بعض النتائج الإيجابية من أجل حل وضعها في نظام سيء التكامل، وبالنسبة لحاجات الأفراد يمثل الانحراف كثيراً من حالات الإحباط والقلق والصراعات العاطفية والنتيجة أنه يمكن اعتباره أحياناً وظيفياً.
فكرة ميرتون ببساطة كالآتي : يقول أن إحدى النقاط الهامة للتكامل، أو التوازن في الأنساق والمنظومات الاجتماعية تقع بين الأهداف الثقافية والمسارات البنائية لإنجاز وتحقيق تلك الأهداف، فضمنياً فإن ميرتون يتبع دور كايم بين الضمير الجمعي ونظام العلاقات البنيوية بين الفاعلين، وقد صور ميرتون هذا التمييز في صورة النظام الثقافي والنظام الاجتماعي، كذلك فإنه أيضاً مثل دور كايم يعترف بوجود مشكلة رئيسية للتكامل بين الثقافة والبناء، ويؤكد بشكل خاص على أن الأفكار الثقافية تفرض أهدافاً أو غايات يتحتم توجيه الفعل نحوها، وهذا تأكيد مناظر لتأكيد بارسونز في تصور وحدة الفعل.
يجد ميرتون أن النظام الذي تصبح فيه الغاليات الثقافية والوسائل البنائية متكاملة يتميز بالتوازن لأن الفاعلين سيشاركون في الغايات أو يستوعبونها ويتمثلونها وتصبح الأهداف جزءاً من بنائهم السيكولوجي والحاجاتي. وسوف يقبلون جميعاً ويستخدمون الوسائل المحققة لهذه الغايات بإعتبارها مشروعة.
كما لاحظ ميرتون أن توازناً فعالاً بين هذين الطورين من البناء الاجتماعي يصان ويحتفظ به طالما تتزايد الإشباعات من إنجاز الأهداف والإشباعات التي تظهر مباشرة من الأنماط المؤسسية والمنظمة لبلوغها.
ويحدث سوء التكامل أو اختلال التوازن عندما ينعدم التوازن الضمني بين الغايات والوسائل وبعبارة أخرى عندما يقبل الفاعلون الوسائل ولكنهم يرفضون أو يجهلون أو يسعون وراء غايات بديلة فيقال أن هناك انحرافاً أو شذوذاً وكما هو واضح فإن ميرتون استخدم أفكار دور كايم بشكل أوسع ويتجاوز حالة إنعدام المعيارية ( Normlessnsss ) ومع ذلك فإنه يتفق مع ما ذهب إليه دور كايم من حدوث خلل في التنظيم نتيجة لإنعدام الضمير الجمعي , فمن وجهة نظر ميرتون إن حالة الأنومي توجد حينما لا تنظم الأهداف الثقافية السائدة أو الوسائل المعيارية المشروعة سلوك الفاعلين.( أبو طاحون، عدلي، النظريات الاجتماعية المعاصرة، ص ص 253- 256)طبق ميرتون نظريته الوظيفية في تحليل المصادر الاجتماعية والثقافية للسلوك المنحرف، وكان هدف ميرتون من هذه الدراسة طبق ميرتون نظريته الوظيفية في تحليل المصادر الاجتماعية والثقافية للسلوك المنحرف. وكان هدف ميرتون من هذه الدراسة أن يبين كيف يمارس البناء الاجتماعي ضغوطاً محددة على أشخاص معينين في المجتمع لممارسة سلوك غير امتثالي بدلاً من ممارستهم لسلوك امتثالي.
وقد بدأ ميرتون بالتسليم بأن الأبنية الاجتماعية والثقافية تصوغ صفة المشروعية على أهداف معينة وعلاوة على ذلك تحدد أساليب معينة مقبولة لتحقيق هذه الأهداف. أي أن ميرتون قد ميز بين عنصرين رئيسيين فيما أسماه بالبناء الثقافي للمجتمع: الأهداف المحددة ثقافياً من جهة والأساليب النظمية لتحقيق هذه الأهداف من جهة أخرى.
وفي المجتمع جيد التكامل نجد تكاملاً وتناغماً بين الأهداف والأساليب، فكل من الأهداف والأساليب نجد تقبلاً من أفراد المجتمع ككل كما أنها تكون ميسوره لهم جميعاً . ويحدث اللا تكامل في المجتمع عندما يكون هناك تأكيد على أحد الجانبين بدرجة لا تتناسب مع التأكيد على الجانب الآخر ، وهذا ما يحدث في المجتمع الأمريكي . فهناك في هذا المجتمع تأكيد على أهداف معينه ، مثل النجاح الفردي وجمع النقود وارتقاء السلم الاجتماعي دون تأكيد مماثل على الأساليب النظمية لتحقيق هذه الأهداف . فأساليب تحقيق هذه الأهداف غير متاحة للجميع في المجتمع .
وقد نشأ عن ذلك حاله من اللامعياريه في المجتمع . ذلك لأنه لا بد من أن تكون هناك درجه من التناسب بين هدف تحقيق النجاح وبين الفرص المشروعه للنجاح بحيث يحصل الأفراد على الأشباع الضروري الذي يساعد على تحقيق النسق الاجتماعي لوظائفه ، فاذا لم يتحقق ذلك فإن الوظيفة الاجتماعية تصاب بالخلل ويحدث ما أسماه بالمعوقات الوظيفية .
قدم ميرتون تصنيفاً لأنماط استجابات الأفراد أو تكيفهم لذلك التفاوت أو الأنفصام بين الأهداف المرغوبه والمحدده ثقافياً ( أي النجاح ) وبين الأساليب المتاحه لتحقيق هذه الأهداف. وقرر أن هناك خمس أنماط لتكيف الأفراد في المجتمع . أول هذه الأنماط وظيفي . أي يساعد على بقاء النسق الاجتماعي . والأربعه الأخرين ضارين وظيفيا . أو أنماط تكيف منحرفة . أي يهددون بقاء هذا النسق . وهذا الأنماط الخمسة هي :
1. نمط الامتثال Conformity :
ويحدث هذا النمط من التكيف حين يتقبل الأفراد الأهداف الثقافية ويمتثلون لها وفي نفس الوقت يتقبلون الأساليب التي يحددها النظام الاجتماعي بوصفها أساليب مشروعة لتحقيق هذه الأهداف.
2 نمط الابتداع Innovation :
يرى ميرتون أن هذا النمط من التكيف هو أهم أنماط التكيف الإنحرافي في المجتمع الأمريكي. ويعني به أن نسبة كبيرة من الناس في المجتمع تتقبل أهداف النجاح التي تؤكد عليها الثقافة الأمريكية ولكنها تجد فرص تحقيق هذه الأهداف موصدة أمامها لأن توزيع الفرص غير متكافئ. وفي هذه الحالة يرفضون الأساليب المشروعة لتحقيق النجاح.
3. نمط الطقوسية Ritualism :
يتمثل هذا النمط من التكيف في التخلي عن الأهداف الثقافية للنجاح الفردي وتحقيق الثروة وصعود السلم الاجتماعي أو التقليل من مستوى طموح الفرد يصل إلى درجة منخفضة يمكن معها إشباع هذا الطموح، وفي نفس الوقت يظل الفرد ملتزماً بطريقة شبه قهرية بالأساليب المشروعة لتحقيق الأهداف على الرغم من أنها لا تحقق له شيئاً يذكر. ويسود هذا النوع من التكيف لدى الطبقة الوسطى،مثل صغار الموظفين البيروقراطيين في الشركات والمصالح الحكومية.
4. نمط: الانسحابية : Retreatism
وهو أقل الأنماط شيوعاً في المجتمع الأمريكي والفرد الذي يلجأ إلى هذا النمط الانسحابي يعيش في المجتمع، ولكنه لا يكون جزءاً منه بمعنى أنه لا يشارك في الاتفاق الجماعي على القيم المجتمعية، والانسحابي يتخلى عن كل من الأهداف والأساليب التي يحددها النسق، ومن أمثلة هذا النمط من التكيف الانحرافي حالات الجنون والتشرد وإدمان الخمور والمخدرات.5نمط. التمرد Rebelion:
يتسم هذا النمط من التكيف بادانة ( وليس مجرد رفض كما هو الحال في النمط السابق) كل من الأهداف الثقافيه للنجاح والالتزام بالأساليب النظاميه لتحقيقها . أي إذا كان النمط السابق يتسم برفض الأهداف والأساليب رفضاً سلبياً والهروب من المجتمع فإن هذا النمط يتسم بالرفض الإيجابي والسعي إلى استبدال البناء الاجتماعي القائم ببناء آخر يضم معايير ثقافية مختلفة للنجاح وفرصاً أخرى لتحقيقه. .( أحمد، سمير، النظرية في علم الاجتماع، 1985،ص ص 201- 204)سادساً : برتوكول ميرتون ( الآلات السياسية في أمريكا ) :
قام ميرتون بهذه الدراسة فقط لمجرد توضيح جدوى وقيمة التفرقة بين الوظائف الظاهرة والكامنة حيث لم يكن المقصود منه أن يكون تفسيراً كاملاً لنموذجه أو برتوكوله الوظيفي وإنما كان مجرد مثال يوضح أن الاهتمام بالوظائف الكامنة يمكن أن يقدم استبصارا تجديدية في عملية دراسة الآلات الأمريكية.
بدأ ميرتون تحليله المادي بفرض مركزي سبق له رفضه أو عدم الثقة فيه وهو فيما يتعلق بـ ” الوظيفة البنائية الرئيسية للرئيس” فقام بتنظيم وتركيز وصيانة عناصر أو أجزاء السلطة المتناثرة والتي توجد مبعثرة خلال التنظيم السياسي. في هذا الصدد يذهب ميرتون إلى أن الجهاز السياسي يقوم بدايةً بوظيفة كوسيلة لتمركز الأسس المبعثرة والمشتتة للقوى السياسية كما يقوم الجهاز السياسي ثانياً بتقديم العون وتلبية حاجات مختلف الجماعات الفرعية الكبيرة المحرومة في المجتمع والتي لم يتم إشباعها بأبنية اجتماعية مصممة بشكل قانوني وموافق عليه ثقافياً. ويقوم الجهاز السياسي الفاسد أو المنحرف في النهاية بوظيفة أساسية تتمثل في توفير سبل الحراك الاجتماعي للأفراد والجماعات المحرومة من الامتيازات.. في مجتمع يشجع على الوفرة الاقتصادية والرقي الاجتماعي لكل أعضائه. لذلك لا تكون نزعة حب الرئاسة مجرد وسيلة للتوسع الذاتي لجماعة الأفراد المتعطشين للقوى والمنفعة فحسب. بل تصبح إمداداً منظماً للجماعات الفرعية التي استبعدت أو عوقت في سباق تحقيق ما هو أحسن. الأمر الذي يجعل الاستهجان الأخلاقي لها أمراً غير ملائماً لفهم الدور البنائي والوظيفي للجهاز السياسي.
من هنا تبقى الرئاسية كبناء في نظر ميرتون. لا من خلال إشباعها لحاجات حيوية للنسق ككل. بل من خلال علاقة تبادل المنفعة التي توجدها بالوحدات الأصغر. إن معيار تبادل المنفعة يمكن العنصر من أن يتمتع باستقلالية. ذلك أن علاقة الجزء بالكل ليست علاقة متكافئة. ومع ذلك فإن الجزء أو النسق الفرعي لا يمكن أن يفهم في النهاية إلا في حدود النسق الأكبر. بهذه الطريقة تتحول النتائج غير المقصودة لتتمثل شكل بناء كامل أشبه باليد الخفية. إن الرئاسية في نظر ميرتون أكثر من مجرد تخريب. إنها عملية تقوم بوظيفة مزدوجة على مستوى الوحدات الصغرى. والوحدات الكبرى للنسق الاجتماعي. تعتمد وظيفتها الكامنة على فشل المؤسسات والنظم الأخرى داخل الكل الاجتماعي. لذلك ينهض تصور ميرتون للوظيفة الكامنة على التحليل النسقي. كما أنه يقلل من دور الذات طالما أن النسق ذاته هو الذي يحدد وظائف النظم المقصودة وغير المقصودة وذلك على مستوى الوحدات الصغرى.
من هذا المنطلق تبدو النزعة المحافظة لوظيفية ميرتون واضحة حيث تفسر ( الرئاسية ) بعيداً بالتركيز على نتائجها على ألئك الأفراد الذين ينغمسون مباشرة في أعمالها. غير أن وجود التخريب السياسي وانتشاره يشكل بدوره خطراً وتهديداً على مشروعية النظام السياسي الديموقراطي. كما أن استمرار وجود هذا التخريب السياسي أمر من شأنه أن يضعف الإيمان بالعمليات الديموقراطية في المجتمع ككل. لقد تطورت ( الرئاسية ) من وجهة النظر التاريخية عن ضعف المجتمع المدني وعن الفشل في تحول المجتمع ككل إلى الطابع الديموقراطي.
لذلك نجد ميرتون في تحليله يتقبل بداهة فكرة ” النزعة الصفوية ” التي مفادها أن هذه النزعة أياً كان شكلها. تعمل على تدعيم وتعزيز بعض المصالح الخاصة ضد المصالح الأخرى التي تعارضها . وذلك من خلال تنظيم المجتمع . ويفترض تحليل مثل هذا وجود أفراد سلبيين . أي ذوات تتلاعب بها الصفوة وتوجهها بالغش والاحتيال نحو أهداف لا تعرفها.
كان ميرتون إلى حد ما ناقداً للمجتمع الأمريكي ويختلف عن بارسونز وغيره من الوظيفيين في أنه لم يتبن بشكل مطلق فكرة وجود الاتفاق الجمعي في المجتمع، وقد أدرك ميرتون وجود تناقضات في النسق الاجتماعي الأمريكي ولكن التناقضات التي أبرزها ليست ذات طابع مادي وهي جزء من طبيعة النسق حسب رأيه، فهناك عدم تكافؤ في الفرص المتاحة للمجموعات المختلفة لتحقيق أهداف النجاح في المجتمع الأمريكي، ولكن عدم التكافؤ هذا يرجع إلى العناصر الكامنة في الثقافة الأمريكية، وهكذا لا يقدم ميرتون أي تفسير بنائي لوجود عدم التكافؤ في الفرص في المجتمع أو لوجود مثل هذا المناخ الثقافي والأخلاقي. وهكذا يشبه ميرتون من يفسر الانحلال الخلقي للناس في فترة ما بتخليهم عن التمسك بالمبادئ الأخلاقية أي أنه يفسر ما هو ثقافي بما هو ثقافي، وليس ذلك بتفسير بالطبع.
4. وقد اقتصر ميرتون على وصف المجتمع ونقد بعض جوانبه الثقافية دون ان يمس جوهر العلاقات الاجتماعية فيه وبذلك يقف عند حدود الدعوة الإصلاحية الجزئية لنتائج اللعبة دون أن يصل إلى حد الدعوة إلى تغيير قواعد اللعبة ذاتها، أي إلى أحداث تغيير جذري في المجتمع. .( أحمد، سمير، النظرية في علم الاجتماع، 1985،ص ص 205- 208)سابعاً : نقد ميرتون للوظيفية:
ينتقد ميرتون ثلاث مسلمات يتصف بها التحليل الوظيفي :
1. الوحدة الوظيفية للمجتمع
ترى هذه المسلمة ان كل العقائد والممارسات الثقافية والاجتماعية تؤدي وظيفة واحدة لكل من الافراد والمجتمع . كما تعتقد ان اجزاء النسق الاجتماعي تتمتع بدرجة عالية من التكامل . وفي هذه النقطة بالذات يشير ميرتون إلى صحتها ولكن بالنسبة للمجتمعات البدائية الصغيرة وليس بالنسبة للمجتمعات الكبيرة المعقدة . لذا ينبغي عدم تعميم هذه المسلمات .
.2 الوظيفية الشاملة
تعني هذه المسلمة ان كل الاشكال والبنى الثقافية والاجتماعية في المجتمع تقوم بوظائف ايجابية ويرى ميرتون ان هذا قد يكون مخالفا لواقع الحياة اذ ليس بالضرورة ان تكون كل بنية او تقليد اوعقيدة تتصف بوظائف ايجابية . ومن واقع المجتمعات العربية فإن فكرة الوحدة العربية على سبيل المثال ربما لا تصمد في بعض الأحايين امام الفكرة الوطنية التي تسعى إلى ابراز الهوية القطرية على حساب الهوية القومية كما ان الفكرة قد تثير تحفظات بين العرب لا سيما لمن يحاولون احياء التراث القديم كالفرعونية والامازيغية وكذلك الامر ينطبق على فكرة الوحدة الاسلامية حيث يبدو الدين يلعب دورا وظيفيا متفاوتا بين الشعوب العربية والاسلامية .
3ضرورة وجود الاجزاء
ترى هذه المسلمة ان الاجزاء المكونة للمجتمع لا تقوم بوظائف ايجابية فحسب بل هي تمثل عناصر ضرورية لعمل المجتمع ككل . وهذا يعني ان البنى الاجتماعية والوظائف ضرورية بالنسبة لمسيرة المجتمع الطبيعية أي انه ليس هناك بنى ووظائف اخرى قادرة على القيام بمسيرة المجتمع كالوظائف القائمة الان . وحسب ميرتون المتأثر بأستاذه بارسونز لابد من الاعتراف بوجود عدة بنى ووظائف داخل نفس المجتمع .
الخـــــــــلاصة
لاشك ان توضيحات ميرتون تمثل اضافات هامة بالنسبة لعلماء الاجتماع الذين يصرون على استعمال التحليلات الوظيفية في دراساتهم للوظائف الاجتماعية ، فتعديلات ميرتون للصيغ القديمة للنظرية الوظيفية تعد تعديلات ضخمة بحيث يمكن تسمية علماء الاجتماع الذين تبنوا تفكيره بـ” الوظيفيين الجدد ” (حجازي اكرم، النظريات الاجتماعية)ميرتون في الميزان:
1. إن دراسة نموذج ميرتون لبناء نظريات وظيفية ذات مدى متوسط يوضح أنه يخلو بشكل ملحوظ من قضايا حاجات النظام. فميرتون لا يقوم دائماً بالتسلسل المنطقي للتحليل الوظيفي.
2. يتهمه بعض نقاده لأنه يبدو مؤكداً على أن الآلات السياسية كانت ذات يوم تتميز بميزة انتقائية على البنائيات البديلة في إشباع وتلبية الحاجات الأولى لقطاعات معينة من النظام هذا النوع مما يطلق عليه السلسة العلية المعكوسة.
3. يلاحظ على دراسته عن البناء الاجتماعي واللامعيارية يفتقر إلى التركيز والنتيجة اختلاف المصطلحات المستخدمة لتسمية الأفكار ومن ثم فإن المعاني التي تصدق على الأفكار كثيراً ما تكون غير واضحة، بالإضافة إلى أن ميرتون لا يقرر أبداً حجبه في صورة فروض أو قضايا مما يجعل من العسير توضيح العلاقات بين التصورات ومع هذا فإذا كان على النظرية أن تثبت أنها مفيدة وتتمسك بدفاع ميرتون عن استراتيجية المدى المتوسط فلابد من إعادة صياغتها شكلياً (أبوطاحون، عدلي، النظريات الاجتماعية المعاصرة، ص ص245-258)المراجع
• أكرم حجازي، النظرية الاجتماعية (الموجز في النظريات الاجتماعية التقليدية والمعاصرة) محمل من النت.
• عدلي أبو طاحون، النظريات الاجتماعية المعاصرة، لا يوجد تاريخ أو طبعة أو بلد نشر, المكتب الجامعي الحديث.
• سمير نعيم أحمد، النظرية في علم الاجتماع،ط5، لا يوجد بلد نشر، دار المعارف، 1958.
•
كيف يمكنني أن انسخ الصفحة من فضلكم
لو كنت تقصد تدرج الحاجات الانسانية لأبراهام ماسلو فهذه هيسعد صالح الحمودي “التحفيز عن طريق إشباع الحاجات”
نظرية ماسلوعضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعودكثيراً ما نسمع عن حاجات “ماسلو” أو عن هرم “ماسلو”، واليوم سنتعرف على تلك الحاجات من خلال تطبيقها وتوفيرها في العمل.
نـظرية “ماسلـو” في تـدرج الحاجات من أفـضل النـظريات التي غـطـت الحاجات الإنـسانية، قدمها “أبراهام ماسلو -Abraham Maslo “، ويحلو للبعض أن يسميها “نظرية تدرج الحاجات”، وقام “ماسلو” بملاحظة المرضى الذين يترددون على عيادته باعتباره متخصصاً في علم النفس التحليلي.
الافتراض الأساسي لهذه النظرية .. أن الفرد إذا نشأ في بيئة لا تشبع حاجاته فإنه من المحتمل أن يكون أقل قدرة على التكيف، وعمله يكون معتلاً، وقام “ماسلو” بتقسيم الحاجات الإنسانية إلى خمس فئات تـنتـظم في تدرج هرمي بحيث يبدأ الشخص في إشباع حاجاته الدنيا ثم التي تعلوها وهكذا، كما هو موضح بالشكل المرفق ..
سوف نقوم بشرح تلك الحاجات بشيء من التفصيل، وقبل أن نبدأ يجب أن تعلم أنه لا يمكن أن يتم الانتـقال إلى فئة قبل إشباع الفئات التي قبلها، ولا أعني بالإشباع هنا بدرجة 100 %، وإنما الإشباع حسب معايير الشخص وتـقيـيمه لتلك الحاجات.
1. الحاجات الفسيولوجية :
وهي قاعدة الهرم، وتمثل أهم الأشياء الأساسية بالنسبة للإنسان ومنها (الطعام – الهواء – الماء – المسكن)، وهذه الفئة يمكن أن يتحصل عليها العامل عن طريق الراتب الذي يتـقاضاه، بحيث يكون ذاك الراتب كافياً لتلك الحاجات.
2. الحاجة إلى الأمن:
بعد أن يتم إشباع الحاجة الفسيولوجية، يبدأ الإنسان بالتطلع إلى الأمن، والشخص في هذه الفئة يبحث عن بيئة عمل آمنة وخالية من الأضرار المادية والنفسية، والمنظمات تقوم بإشباع تلك الحاجة عن طريق (تزويد العاملين بمواد ومعدات الوقاية من الأخطار –التأمين الصحي– التأمينات الاجتماعية – عقود العمل الرسمية والدائمة – اتباع تعليمات الدفاع المدني).3. الحاجات الاجتماعية: وهذه الفئة تبدأ بالانتعاش بعد أن يتم إشباع الفئتين التي أسفل منها (ولا أعني بالإشباع هنا، أي الاكتفاء في ذاك الجانب أو الفئة بنسبة 100 % وإنما يتم إعطاء تلك الفئة حقها من خلال معايير ومتطلبات الشخص نفسه)، الحاجة الاجتماعية تعني حاجة الفرد إلى الانتماء، ومن الأمور التي تغطي أو تشبع تلك الحاجة (تكوين صداقات – قبول الآخرين للشخص)، وتقوم المنظمات بإشباع تلك الحاجة عن طريق (إنشاء النوادي الاجتماعية – تشجيع المشاركة في فرق العمل – عمل المسابقات).
4. الحاجة إلى التقدير:
وهي حاجة الفرد لتنمية احترام الذات والحصول على قبول الآخرين له، والرغبة في تحقيق النجاح، والرغبة في الحصول على مكانة مرموقة وشهرة بين الناس، ويمكن للمنظمات تحقيق ذلك لموظفيها عن طريق (وضع جوائز للأعمال المتميزة – وضع حوافز مادية للمقترحات التي من الممكن أن تفيد المنظمة – خطابات شكر – شهادات تفوق – وضع صحيفة للشركة ونشر الأعمال المميزة بها).
5. الحاجة إلى تأكيد الذات:
وهذه الحاجة تأتي في قمة الهرم، وتبدأ بالتحرك عندما يتم إشباع جميع الحاجات التي أسفل منها، وهذه الحاجة تشير إلى حاجة الفرد إلى توفر الظروف التي تساعد على إبراز قدراته على الابتكار، ولكي يقدم أفضل ما عنده حتى يستطيع أن يشعر بوجوده وكيانه، وعندما تقوم المنظمات بالاستفادة من هؤلاء الأفراد الذين ترتفع لديهم هذه الحاجة، فإنها تستطيع استثمار طاقاتهم أفضل استثمار وتوظيف.وقفة أخيرة:
لقد قام “ماسلو” بتقسيم الحاجات إلى نوعين، حاجات النقص وحاجات النمو، أما حاجات النقص فتضم الثلاث فئات الدنيا وهي (الفسيولوجية – الأمن – الاجتماعية)، فحاجات النقص إذا لم يتم إشباعها فإنها تؤدي إلى عدم نمو الفرد بشكل سليم نفسياً وبدنياً.
وبالطرف الآخر حاجات النمو وهي تضم الفئتين العليا وهي (التـقدير – تأكيد الذات) وإشباعها يساهم ويساعد في نمو الفرد وبلوغه مستوى الكمال البشري.
وللأسف فقد أثبتت الأبحاث العلمية أن أغلب المنظمات لا تقوم بإشباع الحاجات العليا (حاجات النمو) في العمل، فقد وجد الباحث “بورتر –Porter ” أن المدراء في المستويات المتوسطة وما دون في المنظمات يستطيعون فقط إشباع حاجات النقص، ولذلك نجد في كثير من الأحيان أناسا يستقيلون من العمل بالرغم من كفاءاتهم العالية، وقد يكون أحد أهم الأسباب التي تدفعهم هو بحثهم عن حاجات لم تقم منظماتهم بتحقيقها لهم بالرغم من قدرتها على ذلك، وكذلك قد يحصل ذلك على مستوى الدول، فتجد أن أرباب الدولة يقولون ما دمنا نوفر التعليم والصحة والمسكن والضروريات بالنسبة للناس فذلك كافي .. والحقيقة غير ذلك فإن تلك الحاجات قد تشبع حاجات البعض من الناس ولكن هناك شريحة – قد تكون من أهم شرائح المجتمع – تتطلع إلى الحاجات العليا وتبحث عنها، وإذا لم يتم إشباعها بطرق مشروعة قد تبحث عن طرق غير مشروعة لتشبع تلك الحاجات، أو قد تـتخذ طريق الهجرة لتبحث عن مجتمع يحقق لها تلك الحاجات.
النظريات الحديثة في علم الاجتماع التربوي (التفاعلية الرمزية، والنظرية المعرفية(
أولاً: التفاعلية الرمزية Symbolic Interactionalism :
تعتبرُ التفاعلية الرمزية واحدةٌ من المحاور الأساسيةِ التي تعتمدُ عليها النظرية الاجتماعية، في تحليل الأنساق الاجتماعية.
وهي تبدأ بمستوى الوحدات الصغرى (MICRO)، منطلقةً منها لفهم الوحدات الكبرى، بمعنى أنها تبدأُ بالأفراد وسلوكهم كمدخل لفهم النسق الاجتماعي(1). فأفعالُ الأفراد تصبح ثابتةً لتشكل بنية من الأدوار؛ ويمكن النظر إلى هذه الأدوار من حيث توقعات البشر بعضهم تجاه بعض من حيث المعاني والرموز(2). وهنا يصبح التركيز إما على بُنى الأدوار والأنساق الاجتماعية، أو على سلوك الدور والفعل الاجتماعي.
يواجهُها.3) إرفنج جوفمان Erving Goffman (1922-1982):
وقد وجَّهَ اهتمامَهُ لتطوير مدخلِ التفاعلية الرمزية لتحليلِ الأنساق الاجتماعية، مؤكداً على أن التفاعلَ – وخاصةً النمطَ المعياريَّ والأخلاقيَّ- ما هو إلا الانطباع الذهنيُّ الإرادي الذي يتم في نطاق المواجهة، كما أن المعلوماتِ تسهم في تعريف الموقف، وتوضيحِ توقعات الدَور(8).
4) كما أن هناك عدداً كبيراً من العلماء الذين لم تُناقَش أعمالُهم بشكلٍ واسع، مع أنهم من أعلامِ ومؤسسي النظرية التفاعلية الرمزية. ومنهم:
• روبرت بارك Robert Park، (1864-1944). ووليم إسحاق توماس W. I. Thomas، (1863-1947). وهما من مؤسسي النظرية.
• مانفرد كون Manferd Kuhn، (1911-1963). وهو عالم اجتماع أمريكي، ومن رواد مدرسة (آيوا) للتفاعلية الرمزية.
• وكذلك كل من ميلتزر Meltzer، وهيرمان Herman، وجلاسر Glaser، وستراوس Sturauss، وغيرِهم.مصطلحاتُ النظريّة:
1. التفاعل Interaction: وهو سلسةٌ متبادلةٌ ومستمرةٌ من الاتصالات بين فرد وفرد، أو فرد مع جماعة، أو جماعةٍ مع جماعة.
2. المرونة Flexibility: ويقصد بها استطاعةُ الإنسان أن يتصرفَ في مجموعةِ ظروفٍ بطريقة واحدة في وقت واحد، وبطريقةٍ مختلفة في وقتٍ آخرَ، وبطريقةٍ متباينة في فرصةٍ ثالثة.
3. الرموز Symbols: وهي مجموعةٌ من الإشارات المصطَنعة، يستخدمها الناسُ فيما بينهم لتسهيل عمليةِ التواصل، وهي سمة خاصة في الإنسان. وتشملُ عند جورج ميد اللغةَ، وعند بلومر المعاني، وعند جوفمان الانطباعاتِ والصور الذهنية(9).
4. الوعيُ الذاتي Self- Consciousness: وهو مقدرةُ الإنسان على تمثّل الدور، فالتوقعات التي تكُون لدى الآخرين عن سلوكنا في ظروف معينة، هي بمثابة نصوصٍ يجب أن نَعيها حتى نُمثلَها، على حدّ تعبير جوفمان(10).ثانياً: النظرية المعرفية في علم الاجتماع التربوي:
يُعرّف جورج غورفيتش علمَ اجتماعِ المعرفةِ على أنه: دراسةُ الترابطات التي يمكن قيامُها بين الأنواع المختلفة للمعرفة من جهة، والأطُر الاجتماعية من جهة ثانية(11). فعلم اجتماع المعرفة يركز على الترابطات الوظيفية القائمة بين أنواع وأشكالِ المعرفة، بحدِّ ذاتها، ثم بينها وبين الأطُر الاجتماعية، مما يكشف عن أن عَصَب المعرفة يَكمنُ في وظائفها(12).
أما علمُ اجتماع المعرفة التربوي فيُعرفه يونج M. Young على أنه: المبادئُ التي تقف خلفَ كيفيةِ توزيع المعرفةِ التربوية وتنظيمِها، وكيفيةِ انتقائِها وإعطائِها قيمتَها، ومعرفةِ ثقافة الحسّ العام، وكيف يمكن ربطُها بالمعرفة المقدَّمةِ في المدارس، واعتبارها المدخلَ الحقيقيَّ للتعليم(13).
وبناء على ذلك يهتمُّ علمُ اجتماع التربيةِ المعرفي بالبحث في الثقافات الفرعيّةِ داخلَ المجتمع، وعمليةِ التنشئةِ الاجتماعية، وأثرُ ذلك على قِيَم الطفل واتجاهاتِه، ومستوى تحصيلِه الأكاديمي واللُغوي. ويَهتم أيضاً بالبحث في طبيعة العلاقة المتبادلة بين التعليم والتغيّر الاجتماعي، وتحليلِ المدرسةِ كمؤسسةٍ تربوية، معتمداً في ذلك على استخدام الأسلوبِ السوسيولوجي الدقيق Micro – Sociological Approach(14).مصطلحاتُ النظريةِ المعرفية:
1. نُظُم المعرفة: ويُعنى بها أن المعرفة اجتماعية؛ لأن إنتاج المعرفة ليس عملاً فردياً، وإنما هو عمل جماعي.
2. توزيعُ المعرفة: تأخذ المعرفةُ أشكالاً هرميةً تبعاً لتدرجها في القيمة؛ لأن تميُّزَ بعض المعارف عن بعضها الآخر شرطٌ ضروريٌ لبعض الجماعات، وذلك لكي يكتسب المنتفعون منهم أهميةً وشرعيةً لمكانتهم الاجتماعية العالية.
3. الموضوعية والنسبية: إن المعيارَ الوحيدَ للمعرفة هو تحسينُ الأوضاع الإنسانية، فالمعرفةُ القائمةُ على السياقات الاجتماعية جاءت لحلِّ مشكلةِ الإنسان(15).
4. رأسُ المال الثقافي Cultural Capital: يعرِّفه بوردو على أنه: الدورُ الّذي تلعبه الثقافةُ المسيطرة أو السائدة في مجتمع ما، في إعادة إنتاجِ أو ترسيخ بُنيةِ التفاوت الطبقيّ السّائدِ في ذلك المجتمع.ومن أشهرِ ممثلي النظريةِ المعرفية:
1. مايكل يونج M. Young:
الذي أَعلنَ مَولِدَ علمِ اجتماع المعرفة التربوية عامَ 1971، في كتابه: (علمُ اجتماعِ التربيةِ الجديد). وهو يَرى بأن علمَ اجتماع التربية التقليدي كلِّهِ باءَ بالفشل؛ لأن الباحثين أخَذوا المشكلات مأخَذَ التسليم على أنها مشكلاتُ التربية الجديرةِ بالدراسة، من غير أن يحاولوا فحصَ قيمةِ تلك المشكلات نفسِها، لتبيِّن أهميتَها بالنسبة للتربية. فالمدخلُ الحقيقي للإصلاح هو خلقُ المواقف المشكِلةِ، وأن تضَعَ المعرفةُ التربويةُ نفسَها موضع الشّك والتساؤل، فيتغيّر الجدلُ حولَ قضايا التربية، وتَتولّدُ نظرياتٌ خصبة، وبحوثٌ جديدةٌ في مجال البرامج الدراسية(16).2. برونر J. Bruner:
الذي تزعّمَ حركةَ العودةِ إلى الأساسيات Back – to Basic – Movement. إثرَ محاولاتِ إصلاح التعليم، بعدَ أزمة سبوتنيك عام 1957م. وكان كتابُهُ الشهير (العملية التربوية) The Process of Education. بمثابة إنجيل إصلاح المنهج في التعليم الابتدائي والثانوي.
ولبُّ نظرية برونر هو الدعوةُ إلى تجديدِ البُنية الأساسيةِ للتعليم، مع المحافظة على الحواجز بينَ كلِ مادة وأخرى. وهو يعتمدُ على مُسلّمةٍ مُؤَدّاها: أن كلَ الأنشطة العقلية في أي موقع من ميادين المعرفة هي واحدة، مهما تضخّمت المعرفةُ أو تقلَّصت(17).3. بيير بوردو:
إن المقولةَ الرئيسية التي بَنى عليها بوردو نظريتَه، هي أن الثقافة وسطٌ يتم به، ومن خلاله عملية إعادة إنتاج بُنية التفاوت الطبقي. ويستند بوردو في إثبات هذه المقولةِ وتحليلها إلى نظريتين، هما(18):
• مفهومُ رأس المال الثقافي The Cultural Capital.
• مفهوم الخصائص النفسية The Habitus.فالثقافة عند بوردو تَفرضُ مبادئ بناءِ الواقع الاجتماعي الجديد، كما أنها –كأنساق رمزية- هي بمثابة رأسِِ مالٍ قابل للتحول إلى رأسِ مالٍ اقتصادي أو اجتماعي أو أيّ شكل آخرَ من رؤوس الأموال المختلفة(19).
4. ومن ممثلي النظرية المعرفية في علم الاجتماع التربوي كلٌّ من:
فلود Floud، وهالسي Halsey، ومارتن Martin.تعقيب
إن النظريةَ التفاعليةَ الرمزيةَ، لا تقدّم مفهوماً شاملاً للشخصية، فأصحابُ النظرية وعلى رأسِهم بلومر يقرّون بأن هذه النظرية يجب ألا تُشغِل نفسَها بموضوع الشخصية كما ينشغل بها علم النفس. وهذا سبب واضحٌ، ومبررٌ جوهري على قِلة الاستفادة من هذه النظرية في الميدان التربوي، على الرغم من وجود بعض الأبحاث القليلة المنشورة هنا وهناك.
كما أن التفاعليةَ الرمزية أغفلت الجوانبَ الواسعةِ للبُنية الاجتماعية؛ لذلك نجدها لا تستطيع قولَ أي شئ عن ظواهرَ اجتماعية كالقوّة والصراع والتغيّر، وأن صياغتَها النظرية مُغرقةٌ في الغموض، وأنها تقدم صورة ناقصة عن الفرد.أما فيما يتعلّق بالنظرية الاجتماعية في علم الاجتماع، فيمكن القول بأنها المجالُ السائدُ حالياً في علم الاجتماع التربوي، وقد انفردَت باسم: (علم الاجتماع التربوي الجديد)؛ لأنها جمعت بين أسلوب البحث الدقيق، باستخدام أسلوب الملاحظة، والملاحظة بالمشاركة داخل الغرفة الصفية، وبين أسلوب البحث الاجتماعي الواسع، الذي اشتمل على قضايا واسعةٍ كالقهر، والصراع، والتغيّر، والحَراكِ الاجتماعي، ودور التربية في ذلك.
ولعل الدراسةَ التي قامت بها نيلّ كيدّي Nell Keddie. في إحدى المدارس الإنجليزية، بعنوان: “معرفة الفصل المدرسي” من بين الدراسات القليلة التي أُجريَت في إطار هذا الاهتمام بالمعرفة التي توجَد لدى المعلمين حول تلاميذهم، وهي نموذج لاهتماماتِ علم اجتماع التربية الجديد.الهوامش
(1) فادية عمر الجولاني.(1997)، علم الاجتماع التربوي، مركز الاسكندرية للكتاب. ص215
(2) إيان كريب. (1999)، النظرية الاجتماعية من بارسونز إلى هابرماس، ترجمة محمد حسين غلوم، عالم المعرفة، ع (244)، الكويت. ص130
(3) إيان كريب. (1999)، المرجع السابق. ص131
(4) حمدي علي أحمد. (1995)، مقدمة في علم اجتماع التربية، دار المعرفة الجامعية، الاسكندرية. ص180
(5) علي عبد الرزاق جلبي. (1993)، الاتجاهات الأساسية في نظرية علم الاجتماع، دار المعرفة الجامعية، الاسكندرية. ص237
(6) فادية الجولاني. (1997)، مرجع سابق. ص216
(7) إيان كريب. (1999)، مرجع سابق. ص132
(8) فادية الجولاني. (1997)، مرجع سابق. ص218
(9) علي عبد الرزاق جلبي. (1993)، مرجع سابق. ص238
(10) إيان كريب. (1999)، مرجع سابق. ص135
(11) جورج غورفيتش. (1981)، الأطر الاجتماعية للمعرفة، ترجمة خليل أحمد خليل، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، بيروت. ص23
(12) فاطمة بدوي. (1988)، علم اجتماع المعرفة، منشورات جروس برس. ص69
(13) عبد السميع سيد أحمد. (1993)، دراسات في علم الاجتماع التربوي، دار المعرفة الجامعية، الاسكندرية. ص43
(14) علي السيد الشخيبي. (2002)، علم اجتماع التربية المعاصر، دار الفكر العربي، القاهرة. ص67
(15) عبد السميع سيد أحمد. (1993)، مرجع سابق. ص44-47
(16) عبد السميع سيد أحمد. (1993)، المرجع السابق. ص43
(17) عبد السميع سيد أحمد. (1993)، المرجع السابق. ص56
(18) حسن البلاوي، التربية وبُنية التفاوت الاجتماعي الطبقي: دراسة في فكر بيير بوردو. 125
(19) حسن البلاوي، المرجع السابق. ص127