التصنيفات
الفلسفة السنة الثالثة تانوي

إلى أي مدى يمكن تطبيق المنهج التجريبي في البيولوجيا ؟

إلى أي مدى يمكن تطبيق المنهج التجريبي في البيولوجيا ؟
♠المقدمة: ان التقدم الهائل والدقة الفائقة التي حققها المنهج التجريبي في علوم المادة الجامدة أغرى جميع العلماء في مختلف العلوم لتطبيق نفس المنهج في علومهم علهم يصلون بها الى ما وصل اليه التجريب بعلم الفيزياء من دقة وتقدم ، لذلك عندما وضع العالم والفيلسوف الفرنسي كلودبرنارد أسس العلم الذي يدرس المادة الحية في كتابه المدخل الى علم الطب التجريبي 1813ـ 1878 وسماه البيولوجيا دعى الى تطبيق المنهج التجريبي عليه ولكن هل نستطيع عمليا أن نطبق هذا المنهج في البيولوجيا والى أي مدى يمكن إخضاع الظاهرة الحية لشروط المادة الجامدة ؟
التحليل:
♣ ق1: يرى بعض العلماء أنه من الصعب جدا تطبيق المنهج التجريبي في البيولوجيا ،أن هذه الصعوبات تعود في مجملها الى الأسباب التالية : طبيعة المادة الحية وخصائصها فالظاهرة الحية تختلف عن المادة الجامدة ، وفأر المختبر يختلف عن قطعة حديد وذلك أن الظاهرة الحية تتصف بخصائص كثيرة من أهمها صفة الحركة والتغير والنمو والتغذية والتنفس والعرق و الإطراح والتكاثر…الخ ،كما أن اختلاف كل عضو في الكائن الحي وتخصص وظيفة كل عضو وتكامل عمل الأعضاء وتعقده وصعوبة عزل الأعضاء عن بعضها كل ذلك يجعل التجريب في البيولوجيا صعبا بالإضافة الى صفة الحياة <أي جملة الوضائف التي تقاوم الموت ….لإنها الروح التي تميز الكائن الحي والتي تجعل أي خطأ أو إهمال يؤدي إلى فقدانها ، الى جانب هذه الصعوبات هناك صعوبة كبيرة في اصطناع الظاهرة الحية وصعوبة تكرارها فكيف يقوم التجريب إذا كانت التجربة بالتعريف هي اصطناع الظاهرة وتكرارها وصعوبة أخرى تكمن في عدم القدرة على تعميم نتائج أي تجربة في البيولوجيا وهذا للفردية التي يتصف بها كل كائن حي ، يقول لايبينتز ،( لايوجد فردان متشابهان ) فمايصدق على فأر المختبر لا يصدق على الفئران ، فما هي ضرورة تجربة فردية لانستطيع تعميم نتائجها ويضاف الى كل هذه الصعاب مجموعة الموانع الدينية والخلقية والقانونية التي تحرم وتمنع التجريب على الأحياء .
☻مناقشة : هل هذا يعني أنه من المستحيل تطبيق التجريب في البيولوجيا أم هو مجرد صعوبة يمكن تجاوزها ؟ وهل على العلماء أن يكفوا عن التجريب ويبحثو عن منهج أخر .
♦ ق2: يقول غوبلو ( لاشيء مستحيل في العلم) إن إصرار علماء البيولوجيا على إتخاذ التجريب منهجا علميا لهم جعلهم يتحدون كل الصعاب يقول بارنارد ( على البيولوجيا أن تعتمد على منهج العلوم الفيزيائية مع الاحتفاظ بشروط المادة الحية وقوانينها) نعم انه تجريب على مقاس الظاهرة الحية يتجاوز كل العوائق مستعينا بالكثير من المعطيات الحديثة التي ساعدت على تحقيق المنهج التجريبي في البيولوجيا وأهمها التقدم الكبير لوسائل التجريب والتطور الهائل للأجهزة الإلكترونية التي تمكن من إجراء التجارب دون إيقاع أي أذى بالكائن الحي ( كجهاز الراديو الإيكوغراف) بالاضافة الى اكنشاف الكثير من العلوم المساعدة للبيولوجيا مثل : علم الوراثة ،علم التشريح ،علم الخلية …و أيضا تطور الوعي الإنساني عموما الذي سمح بالتشريح والتجريب في البيولوجيا إلى الحد الذي جعل بعض الأفراد يهبون أجسامهم و أعضائهم بعد وفاتهم لمراكز البحث العلمي للتجريب عليها بل و الإستفادة منها إذا أمكن .
◘ مناقشة : يجب أن لا نبالغ في إباحة التجريب في البيولوجيا فتستبيح ما هو محرم دينيا وما هو محظور أخلاقيا وممنوع قانونيا …. الإستنساخ وتهجين النسل إن في ذلك إنتهاك فاضح لشرع الله في خلقه وما إجراء التجارب الطبية على الحيوانات لتجريب الأدوية إلا تعبير عن أنانية الإنسان وهذا مرفوض أخلاقيا ، ويمنع القانون الدولي إجراء التجارب على الإنسان سواء عن طريق الجسد أو النفس مهما كان جنسه ووضعه تقديسا للإنسانية ونعني هنا ما جرى من تجارب على أسرى الحربين العالميتين.
♥ تركيب: إذا كان لابد من التجريب في البيولوجيا يجب الأخذ بعين الإعتبار طبيعة وخصائص الكائن الحي .
♦ خاتمة : هكذا نرى أن التجريب إذا كان ممكنا أو سهلا في علوم المادة الجامدة فإنه صعب وغير ميسور في علو المادة الحية …. وسيكون شبه مستحيل في العلوم الإنسانية .

التصنيفات
علم الاجتـماع

المنهج العلمي وتقنيات البحث في العلوم الاجتماعية

تمهيـد:
قبل الحديث عن العلاقة بين المنهج العلمي والبحث بشكل عام، والتقنيات، يجدر بنا معرفة مفهوم تقنيات البحث، وتحديد أنواعها، وأهميتها بالنسبة للبحث العلمي ليسهل تصور علاقتها بالبحث.
أولا- مفهوم وأنواع التقنيات:
تشمل التقنيات مختلف الوسائل التي يلجأ إليها البحث قصد التعامل مع الواقع، وجمع المعطيات التي يتطلبها بحثه، فهي جملة الإجراءات وأدوات الاستقصاء التي تستعمل بشكل منهجي ومنظم، من أجل جمع المعطيات الأوليةDonnées primaire أي تلك البيانات الجديدة التي يتحصل عليها الباحث بنفسه، والمعطيات الثانوية Données secondaires والتي تضم بيانات تستند إلى معطيات موجودة من قبل.
وفي الغالب هناك ستة أنواع من التقنيات:
1- وهي الملاحظة والمقابلة والاستبيان بما فيه ذلك سبر الآراء والتجريب، وتستعمل هذه التقنيات الأربع لجمع معطيات أولية، وهي تعتبر تقنيات مباشرة، يقوم فيها الباحث بنفسه بالتعامل مع مصادر البيانات سواء وجها لوجه، أو عن طريق أي وسيلة اتصال متاحة وملائمة ( [1] ).
2- أما التقنيتين المتبقيتين فهما تحليل المضمون والتحليل الإحصائي، وهما يستعملان في جمع معطيات ثانوية، ويُعدّان تقنيات غير مباشرة، ففي هذه الحالة يتعامل مع معطيات جاهزة مسبقا ( [2] ).
ويجب تكييف التقنيات حسب ما يقتضيه موضوع التحقيق، ففي تحقيق عن النواب كان لا بد من معرفة الصورة التي يمنحها هؤلاء لأنفسهم، لتكييف أداة المقابلة حسب موضوع الدراسة، أي النواب.( [3] ).
ويمكن القول، أن كل تقنية من هذه التقنيات يمكنها أن تستعمل أداة أو أكثر من أدوات لجمع البينات من مصادرها المحددة، سواء تمثل هذا المصدر في مجتمع البحث بأكمله، أو تم اختيار عينة منه أو من خلال التعامل مع حالات بعينها.
ثانيا- تصنيف التقنيات:
تعرض مادلين غرافيتز عدة محاولات للتصنيف، وبعد أن تبين حدودها وعيوبها؛ فهي تقدم محاولة بمقتضاها تصنف التقنيات انطلاقا من عدة اعتبارات.
– منها تصنيفها حسب موضوع البحث: فهناك التقنيات الحية التي تتعامل الأفراد والجماعات
– وهناك التقنيات الوثائقية التي تتعامل مع الوثائق( [4] ).
أما موريس أنجرس فيصنفها انطلاقا من سبع معايير:
(1) فمن حيث غياب أو وجود الاتصال مع المبحوث، يكون لدينا تقنيات مباشرة وأخرى غير مباشرة.
(2) أما من حيث شكل العلاقة مع المبحوث عند وجود الاتصال المباشر بحيث قد نستعمل الملاحظة أو التجربة أو المقابلـة.
(3) ولكن عندما نكون بصدد تقنيات غير مباشرة فنحن نتعامل مع منتجات أو مواد لأفراد تعذر الاتصال لأسباب البعد أو الوفاة أو غيرهما، فيكون لدينا وثائق أو آثار تاريخية مكتوبة أو حتى مسموعة أو مصورة.
(4) ويمكن أن نصنف حسب مصدر البيانات فقد يكون المصدر فردا أو جماعة في حالة التقنيات المباشرة، وفي الحالة الثانية قد يكون وثيقة أو وثائق.
(5) وهناك التصنيف من حيث درجة حرية المبحوث، فإذا كانت الأسئلة مفتوحة كان البحث غير موجها، وفي حالة وجود أسئلة مغلقة يكون البحث مقيدا غير موجه، وإذا جمع بين الحالتين كان شبه موجه.
(6) وهناك تصنيف حسب محتوى الوثيقة، فقد تكون بياناتها كمية وقد تكون نوعية.
(7) وفي نفس السياق تصنف حسب المعطيات التي نرغب في جمعها (وهي ليست جاهزة كما في حالة الوثيقة) فإذا كان الهدف إجراء قياسات كانت المعطيات كمية، وإذا كان الهدف هو تصنيف الظواهر مثلا أو تشخيص خصائصها كانت المعطيات كيفية.
ثالثا-التقنيات والمنهج:
يستعرض لوبي Loubet العلاقة بين المنهج والتقنيات، من خلال حديثه أولا عن علاقتها بالمنهج العلمي بشكل عام، حيث تمثل إجرءات البحث التي تسمح بتجسيد وتحقيق العمليات المختلفة التي تحددها مراحل المنهج، وهو يقصد بذلك خطوات مراحل البحث، وهو يقسم هذه مراحل المنهج هذه إلى ثلاث خطوات، تبدأ بالملاحظة المبدئية للوقائع التي بفضلها يختار الباحث موضوعا ما، ومنها تنشأ بعض الافتراضات التفسيرية التي تتحول من خلال الاستنباط إلى فروض، ثم تأتي مرحلة التحقيق Vérification، التي بفضلها يتم تأكيد أو دحض الفرضيات، وفي ضوء ذلك يفسر الواقع فتنشأ القوانين أو النظريات.
فبفضل التقنيات يتم تحقيق الملاحظة الأولى التي تكونت لدلى الباحث، وبهذا يلجأ الباحث إلى مختلف التقنيات : مقابلات، سبر آراء، تحليل المضمون، فهو يكيف تقنياته، لتحقيق هذه الهداف، التي تنتظم حسب المنهج المستعمل في الدراسة.
أي أن المنهج المتبع ( أو المناهج المتبعة) في دراسة ما يمثل خطوة فكرية عامة تنسق بين جملة من العمليات التقنية بهدف واسع هو تفسير الظواهر الاجتماعية، فتصبح التقنيات بذلك أدوات للبحث تحت خدمة إستراتيجية عامة محددة من طرف المنهج ( [5] ).
هذا، وتبدأ مادلين غرافيتز ( التي تمثل مرجع أساسي للكاتب السابق، ولموريس أنجرس وغيرهما) تحليلها للعلاقة بين المنهج والتقنية بالقول بأن كل بحث لا بد له من استعمال جملة من التقنيات ليصل إلى هدفه، وهي ترى أن هذه التقنيات تتحدد وفق الموضوع قيد الدراسة، والدي يرتبط بدوره بالمنهج.
ثم توضح أن هذا التداخل بين المفهومين أدى إلى نشوء غموض والتباس، وتحاول إزاحة ذلك بقولها بأن كليهما يجيب عن سؤال واحد هو: كيف ؟ كيف نصل إلى الهدف؟ غير أن التقنيات تقع -بالتحديد- في مستوى التعامل المباشر مع الوقائع.
فهي تمثل إجراءات ملموسة ترتبط بالواقع المدروس مباشرة، ولكن المنهج مفهوم فكري تصوري فهو ينظم مجموعة من العمليات، وبشكل مجموعة تقنيات، فالتقنيات هي أدوات في خدمة البحث، يقوم بتنظيمها المنهج.
وتنتهي الباحثة العالمة إلى تأكيد مدى حاجة الواحد منهما للثاني، وتضرب مثالا بالصياد، حيث يكون منهجه ناجحا بقدر ما يحصل على عدد كبير من الفرائس، فإذا كان فقط راميا بارعا تدرب على ذلك في القاعات والملاعب ولكنه لا يمتلك منهجا جيدا، أي لا يمتلك إستراتيجية صيد يعرف من خلالها نفسية الفريسة وعاداتها، ونفسية كلب الصيد والأوقات الملائمة لذلك، فإنه لن ينجح لآن امتلاك التقنية لا ينفع مع غياب المنهج. والعكس صحيح فإن غياب التقنية الجيدة سيجعله يعود بخفي حُنين( [6] ).




شكر لكم جزيل الشكر
اللهم إجعلها في ميزان حسناتكم

الاقتباس غير متاح حاليا

من فضلكم أريد بحث حول :اختيار موضوع البحث ومشكلته

التصنيفات
علم الاجتـماع

بحث حول المنهج المقارن


المقدمــــــة
المقصود من المنهج الطريفة التي يتبعها العقل في دراسة موضوع ما للوصول إلى قانون عام أو مذهب جامع أو هو فن ترتيب الأفكار ترتيبا دقيقا بحيث يؤدي إلى كشف حقيقة وقد تعددت منها مناهج البحث العلمي تبعا لتعدد جوانب الدراسة فمنها التاريخي الذي يفسر الوقائع التاريخية وتحدد أسبابها الحقيقية ومنها الوصفي الذي يدرس الظاهرة بجميع خصائصها وأبعادها ومنها المقارن الذي هو موضوع بحثنا فما مفهوم المقارن ؟ ما هي مراحله ؟ وما هي علاقته بالعلوم الأخرى؟
المبحث الأول
المطلب الأول: تعريف المنهج المقارن
أ/لغــــة: هي المقايسة بين ظاهرتين أو أكثر ويتم ذلك بمعرفة أوجه الشبه وأوجه الاختلاف
ب/اصطلاحا:هي عملية عقلية تتم بتحديد أوجه الشبه وأوجه الاختلاف بين حادثتين اجتماعيتين أو أكثر تستطيع من خلالها الحصول على معارف أدق وأوقت نميز بها موضوع الدراسة أو الحادثة في مجال المقارنة والتصنيف يقول دور كايم:« هي الأداة المثلى للطريقة الاجتماعية» وهذه الحادثة محددة بزمانها ومكانها وتريخها يمكن أن تكون كيفية قابلة للتحليل أو كمية لتحويلها إلى كم قابل للحساب وتكمن أهميتها في تمييز موضوع البحث عن الموضوعات الأخرى وهنا تبدأ معرفتنا له
المطلب الثاني: شروط المقارنة
كما يمكننا بواسطة المقارنة الوصول إلى تحقيق دراسة أو في وأدق في ميدان المقارنة والتطبيقية لتحقيق مقارنة سليمة يجب توافر شروط الحكم هذه العملية الذهنية
– يجب أن لا ترتكز المقارنة على دراسة حادثة واحدة وإنما تستند المقارنة إلى دراسة مختلف أوجه الشبه والاختلاف بين حادثتين أو أكثر .
– أن يسلط الباحث على الحادثة موضوع الدراسة ضوءا أدق وأوفى يجمع معلومات كافية وعميقة حول الموضوع.
– أن تكون هناك أوجه شبه وأوجه اختلاف فلا يجوز مقارنة ما لا يقارن.
– تجنب المقارنات السطحية والتعرض من الجوانب أكثر عمقا لفحص وكشف طبيعة الواقع المدروس وعقد المقارنات الجادة والعميقة.
– أن تكون مقيدة بعاملي الزمان والمكان فلا بد أن تقع الحادثة الاجتماعية في زمان ومكان نستطيع مقارنتها بحادثة مشابهة وقعت في زمان ومكان آخرين .
المطلب الثالث: مراحل أنواع المقارنة
للمقارنة 4 أنواع هي:
1/ المقارنة المغايرة: وهي المقارنة بين حادثتين اجتماعيتين أو أكثر تكون أوجه الاختلاف فيها أكثر من أوجه الشبه.
2/ المقارنة الخارجية: وهي مقارنة حوادث اجتماعية مختلفة عن بعضها.
3/ المقارنة الداخلية: تدرس حادثة واحدة مثال البطالة أثناء الثورة قد يكون راجع إلى ضعف النشاط الحربي أو الهجرة السكان أو تجمعهم في السجون والمحتشدات.
4/ المقارنة الاعتيادية: وهي مقارنة بين حادثتين أو أكثر من جنس واحد تكون أوجه التشابه بينهما أكثر من أوجه الاختلاف.
مراحل المنهج المقارن
لا يختلف اثنان في كون المنهج المقارن كغيره من المناهج يمر في دراسته بمراحل تذكرها:
1/ وإثبات وجود الحادثة الاجتماعية وعلى الباحث أن يتحلى بروح العالم الفيزيائي والكيميائي بمعنى أنه يجب عليه أن يعتبر تعينا خلال البحث الحوادث الاجتماعية أشياء فيتناولها من الخارج.
2/ تصنيف مختلف السمات والخصائص و العناصر كل في إطارها لتحديد جملة من المفاهيم.
3/ ثم عليه بعد ذلك أن يكشف العلاقات الثابتة أي القوانين بين الحوادث الاجتماعية التي أقامها فيتحاشى التفسير بالعلل الغائبة ولا يعتمد ألا التفسير بالعلل الفعالة ويجب أن يبحث عن علة الحادثة الاجتماعية في الحوادث الاجتماعية السابقة فيفسر الحادثة محادثة أخرى.
4/ ولكي يتحقق من الغرض الذي يقدمه لتفسير الحادثة الاجتماعية يجب عليه أن يعمد إلى تحليل الشرح المعلومات ومعرفة أسباب الاختلاف والمادة التي يجمعها قصد للحصول إلى قانون سليم
المبحث الثاني
المطلب الأول: المنهج المقارن وعلم الاجتماع
لقد رأينا أن التاريخ يهتم بالحوادث الماضية من حيث هي حوادث خاصة ويبحث عن أسبابها في حدود معينة من الزمان والمكان أما علم الاجتماع فإنه يتجاوز الحدود المكانية والزمانية، ويطلب العلاقات العامة الثابتة بين الحوادث التي تقع في المجتمعات عبر الزمان والمكان وتتمثل هذه العلاقات العامة الثابتة (أي القوانين) في وحدة العادات والمعتقدات لدى مختلف الأمم المتباعدة في الزمان والمكان عند وحدة الشروط الاجتماعية بحيث يمكننا أن تقول أن الشروط الاجتماعية المتماثلة تحدث ظواهر اجتماعية متماثلة (أي المؤسسات والأخلاق والمعتقدات التي تظهر في فئة بشرية) يستعين العالم الاجتماعي في تحقيق الفروض بالتاريخ المقارن فيتناول المجتمعات في أمكنة وأزمنة مختلفة فيلاحظ كيف أن الظاهرة المعينة تتغير تبعا لتغير ظاهرة أخرى معينة ومن هنا فمنهج علم الاجتماع هو منهج مقارنة بالدرجة الأولى يعتمد على الإحصاء والخطوط البيانية لتأخذ شكلا رياضيا وتأخذ مثال ذلك ظاهرة الانتحار الذي درسه دور كايم للكشف عن العلاقة الثابتة بين النسبة للمنتحرين والحالة المدنية والذين ونمط العيش فتبين له أن الانتحار بين المتزوجين وهو عند المتزوجين الذين لا أولاد لهم أرفع منه عند المتزوجين وأن البروتستانين ينتحرون أكثر من الكاثوليكيين….الخ فاستخلص من هذه المعطيات الإحصائية قانونا اجتماعيا مؤداه « أن الانتحار يتناسب عكسا مع درجة الاندماج في المجتمع الديني والمجتمع العائلي والمجتمع السياسي »
المطلب الثاني: المنهج المقارن وعلم السياسة
لقد ساعد المنهج المقارن بشكل كبير في تطور علم السياسة فقد استخدمه العديد من الدول ومن أهمها اليونان من أجل المقارنة بين الأنظمة السياسية لمدنها وذلك لتبني الأنظمة المثلي فقد قام أرسطو بمقارنة 158 دستور من دساتير هذه المدن واعتمد في ذلك على مبدأ الضرورة القائم على أساس أن لكل دولة خصوصياتها.
كما نجد مونتسكيو الذي صنف الأنظمة إلى جمهورية ملكية، دستورية وإستبداية وأكد في مقارنته أن تصنيفه يقوم على أساس الممارسة الفعلية التي تتم داخل النظام فالجمهورية في نظره هي التي تسود فيها العدالة والقانون وتصان فيها الحريات الخاصة والعامة، أما ميكا فيلي ميز في مقارنته بين 3 أصناف من الدول – الدولة التي يحكمها ملك واحد
– الدولة الأرستقراطية وتحكمها أقلية النبلاء 3 الدولة الديمقراطية وهي التي ترجع فيها السيادة للشعب.
المطلب الثالث: منهج المقارن وعلم القانون
لقد عرف القانون المقارن تطورا معتبرا خلال القرن 19 بتأسيس جمعية التشريع المقارن بباريس سنة 1869 حيث تهتم دراسة القانون المقارن بمقارنة قوانين بلدان مختلفة لأجل لمعرفة أوجه الشبه و أوجه الاختلاف بين هاته القوانين كما يعمل على تفسير مختلف فروع القانون.
فقد استعمل ماكس فيبر المنهج المقارن لدراسة المبدأ الذي تقوم عملية ممارسة السلطة في المجتمع وقد قارن وميز بين 3 أنواع من السلطات.
وهي السلطة الكاريزماتية والتي يمارسها أشخاص تكون لهم قدرات ذهنية وشخصية كبيرة وخارقة يخضع لها المحكومين.
السلطة التنفيذية: وهي السلطة التي تستند في أحكامها على العادات والتقاليد والأعراف السائدة في بلد معين.
السلطة القانونية: وهي السلطة التي يستمد فيها الحاكم شرعيته من القانون وهي السلطة التي تعمل بها المجتمعات المتقدمة.
الخاتمــــــة
رغم أن المقارنة كمنهج قائم بذاته حديث النشأة ولكنها قديمة قدم الفكر الإنساني فقد استخدمها أرسطو وأفلاطون كوسيلة للحوار في المناقشة قصد قبول أو رفض القضايا والأفكار المطروحة للنقاش كما تم استخدامها في الدراسات المتعلقة بالمواضيع العامة كمقارنة بلد ببلد آخر إضافة إلى استعماله في المواضيع والقضايا الجزئية التي تحتاج إلى الدراسة والدقة.
كما أسهمت الدراسات المقارنة بالكشف على أنماط التطور واتجاهاته في العظم الاجتماعية.
قائمــة المراجـــع

* د/ قباري محمد: إسماعيل / مناهج البحث في علم الاجتماع
منشأة المعارف بالإسكندرية
* د/ محمود يعقوبي: الوجيز في الفلسفة. طبعة 1973.

منقــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــل كما وجدته


التصنيفات
تاريـخ,

إشكالية القراءة التاريخية: بحث في المفاهيم و الأصول و المنهج / أحمد بابانا العلوي

إشكالية القراءة التاريخية: بحث في المفاهيم و الأصول و المنهج

أحمد بابانا العلوي

– 1 –

كيف نقرأ التاريخ ؟ سؤال في الصميم لأنه يطرح مسألة في غاية الأهمية ، تتعلق بالمعرفة التاريخية و الثقافة التاريخية ، تأسيسا على أن معنى كلمة تاريخ أو ايسطوريا (Historia ) اليونانية، هو الاستقصاء والبحث عن حقائق الأشياء والأحداث والوقائع الإجتماعية.
فالسؤال المطروح يشير من خلال الاستفهام، طلب الفهم لاستكشاف ومعرفة الماضي والحاضر والمستقبل..
من منطلق أن النظر إلى أحوال الماضي، يندرج ضمن الرؤية الواعية لفهم حقائق الحاضر، ووقائعه، و التطلع إلى معرفة ملا مح المستقبل …
إلا أن الإشكال الذي نواجهه يتمثل في الفهم أي في قدرتنا على فهم الحقيقة عندما يتعذر علينا إدراك المقاصد الكامنة وراء الوقائع أو العوامل المؤثرة في مسار الأحداث و اتجاهاتها …
إن الفكر الرومانسي يعتمد في مقاربته للوقائع التاريخية على ربط الفهم بمفهوم الخيال ) الذوق أو الحرس ( مما يعطيه القدرة على تمثل الحدث في الذهن..
و يرى رينان " بهذا الصدد ، و هو يكتب عن المسيح (la vie de jésus ) ، بأن تشخيص عمالقة الماضي يتطلب قدرا من التكهن و التخمين (1) .
ويقول ابن خلدون في مقدمة كتاب العبر بأن التاريخ فن من الفنون تتداوله الأمم و الأجيال، إذ هو في ظاهره لا يزيد على أخبار عن الأيام ، والدول، و السوابق من القرون الأول .. فالتاريخ إذن عبارة عن خبر عن أحداث الماضي و بحث في أحوال البشر و وقائعهم، و بالتالي فهو علم يهتم بالصيرورة التاريخية أي أنه يشمل الماضي و الحاضر والمستقبل.
و لنتوقف قليلا عند كلمة " أرخ " في اللغة العربية يقال أرخ و ورخ توريخا و تأريخا بمعنى الإعلام بالوقت ، و من ثمة فإن تاريخ كل شيء آخره و وقته الذي ينتهي إليه زمنه ، و منه قيل فلان تاريخ قومه، و ذلك بالنظر لإضافة الأمور الجليلة إليه ..
و نستنتج من هذا أن التاريخ و التأريخ تعريف بالوقت بمعنى وضع الحدث التاريخي في سياقه الزمني والمكاني.
وقد قامت طائفة من مبرزي المؤرخين مثل " روبرت فلنت " في كتابه ) فلسفة التاريخ ( و المؤرخ بارنز في كتابه عن تأريخ الكتابة و غيرهم من الباحثين ، بالبحث في جوانب التاريخ المختلفة، إلا أنه كلما اتسعت دائرة الكشوفات الأثرية ، و كلما كثر البحث في نطاق المخطوطات و الوثائـق،
و الآثار و النقوش ، كشفت مصادر كانت مجهولة ، و تجلت حقائق لم تكن معروفة … (2) ، و قد لاحظ " ماكس نوردو " أن هناك خلط بين التاريخ في ذاته و كتابة التاريخ و تسجيل أحداثه، و أخذ على الباحثين أن جهودهم اتجهت إلى جعل الوصف و الموصوف شيئا واحدا …
فالتاريخ له وجوده القائم بذاته، و هو بطبيعة الحال أوسع نطاقا و أبعد مدى من التاريخ المكتوب …
فتأثير الأحداث الطبيعية الكبرى على البشرية ، قد يكون أشد و أخطر من تأثير النظم الاجتماعية ، و السياسية و المعتقدات الدينية … (3)
فالتاريخ إذن بمعناه الضيق يتناول حدثا في الزمان و المكان ، أما التاريخ بمعناه العام فيتناول الحضارات البشرية من جميع زواياها و أبعادها ، و أحوالها سواء كانت كبيرة الشأن أو ضئيلة الشأن ، لا فرق بين الإنسان المغمور و الفاتح الذي ملأت شهرته الآفاق …
ظهر تعبير " إسطوريا " أي التاريخ عند الإغريق في القرنين السادس و الخامس قبل الميلاد، و كان يقصد به البحث عن الأشياء الجديرة بالمعرفة : معرفة البلاد و العادات و المؤسسات السياسية ..
ثم أصبحت الكلمة مقتصرة على معرفة الأحداث التي رافقت نمو الظواهر ، وبذلك ولد تعبير التاريخ بمعناه الشائع ..
إن كلمة التاريخ في الاستعمال المألوف مصطلح يشمل معنيين مختلفين في معظم الأحيان يقصد به الأعمال و المنجزات التي قام بها الإنسان فيما مضى من الزمان . و كثيرا ما يدل على رواية الأعمال والمنجزات و تسجيلها … (4)، و في بادئ الأمر كانت للأساطير و الأوهام أثر ظاهرة في تكوين التاريخ و نرجع نشأة التاريخ بهذا المعنى إلى قدرة الإنسان على تخيل الماضي و الإحساس الفني الذي يلم به حينما يروي الأحداث الماضية و يستحضرها …
وكان الأدب في أول ظهوره مقصور على الشعوب التي تمجد العبقرية في الملاحم، وذلك بإبراز سير الأبطال وتخليد بطولاتهم. (5)
فكانت المنظومات الشعرية الملحمية مشوبة بالأساطير والخرافات بعيدة عن وصف الواقع الحقيقي ..
وقد ظهر أدب الملاحم الأسطوري قبل ظهور الأدب التاريخي..
عند اليونان ظهر<< هوميروس >> قبل << هيرودوت>> بزمن طويل، وفي إيطاليا ظهر << دانتي>> قبل << ميكيا فيلي>> .. ألخ.
ولم يستطع العقل الإقبال على الكتابة التاريخية إلا بعد أن تخلص من قيود التقاليد وأغلال الأساطير والأوهام والخرافات ..
ونتيجة تقدم الثقافة ونشاط الحركة الفكرية والسياسية في الدويلات الإغريقية التي أنضجت العقليات..
إن أقدم الوثائق التاريخية كانت كتابات ورسوما ونقوشا على المعابد والقصور والمقابر التي أقامها الملوك والغزاة الفاتحون، لتسجيل انتصاراهم والإشادة بأخبار المعارك التي خاضوا غمارها، والبلاد التي استولوا عليها، كما سجلوا حلقات أنسابهم وما جمعوا من ثروات وصنعوا من منجزات ..

-2-
بعض الحضارات رغم ما وصلت إليه من تقدم حضاري، لم تظهر عندها قدرات فنية في الكتابة التاريخية المنظمة ..
فالحضارة الفرعونية وضعت قوائم تضم أسماء الملوك بغية تعظيم شأنهم ..
أما في بابل، فقد أخذت الكتابة التاريخية صورة النقوش المرسومة على المباني، و ظهرت عند الأشوريين وثائق و حوليات ملكية تضم مغامرات الحكام في الحرب و الصيد، و القيام ببناء بعض القصور طبعا غابت الحاسة النقدية في هذا التسجيل البدائي للتاريخ و كان الهدف من النقوش تمجيد الملك الحاكم ، و أعلاء شأنه في نظر الأجيال التالية ، و قد تغلب على تلك الوثائق المبالغة و التهويل و الروح الدينية، و نسبة المباني المشيدة للآلهة، و من الحق القول أن مصر تعتبر متحفا تاريخيا ضخما يحفظ مصادر وافية و قيمة للمعلومات التاريخية، في مقابر الملوك و القصور و المعابد و الآثار)6).
و حينما تأثرت الثقافة المصرية القديمة بالثقافة الهيلينية ظهر كاتب مصري هيليني الثقافة اسمه مانتو Manatho)) قام بجمع حوليات عن تاريخ مصر و كتب سردا تاريخيا ، و قد عرف هذا الكاتب بإجادة البحث و تحري الموضوعية في جمع المادة التاريخية ، و تفسيرها إلا أنه لم يبق من كتبه سوى مقتبسات ، و قد شابتها الشوائب نقلها المؤرخ اليهودي يوسفوس (7) .
البابليون و الآشوريون كانوا أكثر تقدما في جمع الوثائق التاريخية ، و لكن لم يظهر بينهم مؤرخ من طراز " مانتو " ، و أقدم الكتابات التاريخية الآشورية هي الوثائق التي كتبها الكتاب السوماريون ، إلا أنه لم يعثر على سرد تاريخي منظم يمكن أن يعزى إليهم .
إن ازدهار الكتابة التاريخية كان يستلزم جوا من الحرية ، تنمو فيه الملكات ، و تتفتح المواهب، و غياب الحرية هو الذي حصر الكتابة التاريخية في تسجيل أخبار قلة من الملوك و أعيان الدولة …
يقول " روبرت فلنت " بأن الصينيين تفوقوا في الأدب التاريخي نتيجة إحساسهم بحقائق الحياة ، وفرط احترامهم لأسلافهم و شدة تعلقهم بالماضي ، و حسن إدراكهم السياسي، و اعتدالهم في إصدار الأحكام، و تقديرهم العالي للمعرفة والثقافة و ميلهم إلى الجد في طلب العلم . و عند الصينيين عدد كبير من المؤرخين منذ ألفين و ستمائة سنة …
و الأدب التاريخي الصيني حافل و ضخم ، و يشمل على تاريخ أسر، وملخصات حولية، ومذكرات مختلفة الأنواع، و سير لا يكاد يحصيها العد، و مدونات تاريخية زاخرة بالمعلومات، تتناول شتى العصور و مختلف جوانب الحياة ..
إلا أن الكتابة التاريخية رغم ذلك لم ترتفع عن مستوى الطريقة الحولية ، فالمؤرخون الصينيون قد بذلوا جهدا في جمع المعلومات واستقصاء الوقائع و تنسيقها . إلا أنهم لم يضعوها في موازين النقد، و لم يسبروا أغوارها، فالتاريخ عندهم تعوزه دقة العالم، و شمول الفلسفة وإحاطتها، ولم يستطع الصعود إلى وجهة نظر عامة . وهم يتناولون التاريخ باعتباره فنا قوميا نافعا لا باعتباره مرآة تنعكس فيها الطبيعة البشرية .
وأشهر المؤرخين الصينيين شهرة هما : " سيزماتيان " المولود حوالي ) 145 ق – م ( و " سرجها كوانج " الملقب بأمير المؤرخين و قد ذاعت شهرته في القرن الحادي عشر ..
كتب الأول وثائق تاريخية تشمل كل ما له أهمية في الحوليات الصينية منذ عهد ) هونج تي ( : ) 2697 ق – م ( إلى العصر الذي عاش فيه، واستقصى الثاني تاريخ الصين خلال ألف و ثلاثمائة و اثنين و ستين سنة (8).
اهتم اليابانيون بالتاريخ مثل الصينيين، و يرى المتخصصون الأربيون في الدراسات اليابانية أن الكتابة التاريخية اليابانية ، ترجع إلى القرن السادس قبل الميلاد . و قد ترجمت إلى الانجليزية الحوليات اليابانية التي تمت سنة 720 ميلادية ، تبدو فيها طابع التأثير الصيني، إلا أنه حدث تطور ملحوظ في الكتابة التاريخية اليابانية ما بين القرنين الميلاديين ) 10 – 13 ( حيث اتسمت بأحكام السرد و إجادة التفكير التاريخي . أما في عهد الإقطاع ظهرت حوليات كثيرة و لكن قل ظهور المؤرخين الممتازين …
و أول مؤرخ ياباني صعد بالتاريخ إلى المرتبة العالمية هو " هاليسكي " ) 1657 – 1725 ( و يعتبره اليابانيون أعظم مؤرخيهم أصالة و أوسعهم إحاطة ، ومن كبار مؤرخي اليابان ) ربي سانجو ( ) 1780 – 1833 ( و في العصر الحديث ظهر في اليابان مؤرخون لهم وزنهم مثل ) موتوري نوريناجا ( ) 1730 – 1801 ( و هرانا استاني ) 1776- 1843 ( و ميزات الأدب الياباني كثرة الروايات اليابانية التاريخية التي ترجع إلى القرن العاشر و القرن الحادي عشر .
أما في الهند فإن التنافر في العادات و التقاليد و اللغة لم يساعد على ظهور الكتابة التاريخية ، لذلك ليس للهندوس تاريخ قومي مكتوب و قد استطاع الهنود أن يعبروا عن أفكارهم و خوالجهم في الكتب المسماة " فيدا " و هي تضم وصفات الحياة الاجتماعية لطائفة الهنود الآرين وآرائهم في الله و الكون و الإنسان و كذلك في الملاحم العظيمة مثل المهاراتا و االرامايانا، و مجموعة الحكم و الأمثال المسماة سوترا، و لكنهم لم يعنوا بتدوين أخبار الحياة الإجتماعية والأحداث الخارجية العادية .
وأقدم المؤلفات التاريخية الهندية لا ترجع إلى أبعد من القرن الحادي عشر الميلادي و أشهرها كتاب ) ملوك كاسميرا ( و تغلب عليه الروح الشعرية والنزعة الأسطورية (9) .
أما فيما يخص بني إسرائيل يرى " بارنز barnes " في كتابه ) أصول الكتابة التاريخية ( بأن الرخاء العظيم الذي استمتع به اليهود و المكانة التي ظفروا بها في ظل المملكة المتحدة في عهد " (شاول و داوود و سليمان( من البواعث الحافزة على كتابة التاريخ، وأقدم محاولتهم للكتابة التاريخية عهدا تتمثل في الأسفار الخمسة ، و سفر يشوع و سفر صمويل و سفر الملوك ..
ويرى الأستاذ برستيد brasted بأن هذه الأسفار هي أقدم ما نملك من الكتابة التاريخية عند قوم من الأقوام ومؤلفها المجهول هو أقدم مؤرخ في العالم القديم (10).
فكيف إذن ظهر هذا الأدب التاريخي عند بني إسرائيل؟ و بالرجوع إلى المؤرخ اليهودي فلافيوس يوسيفوس ) 37 – 105 م ( الذي يعتبر مؤرخ اليهود القومي فقد كتب بعد أن فقد اليهود وحدتهم و سقوط دولتهم و حاول إعادة ذكرى أمجادهم السالفة ليهون عليهم، لذلك عمد إلى المبالغة و الإشادة بالماضي .
يرى " فلنت " أن اليهود كانوا يعتقدون أن الله هو المحرك الأسمى للتاريخ ، و أن مملكته هي الغاية التي يتجه إليها التطور التاريخي .
و قد عرف اليهود بشدة اعتزازهم بماضيهم وإكبارهم لتاريخهم … (11)
و يعتبر التلمود أهم الكتب اليهودية، و هو مستودع للتراث اليهودي كله سواء التاريخي أو الجغرافي أو السياسي أو الأدبي و يقول عالم النفس الأمريكي " اريك فروم " في كتابه ) الدين و التحليل النفسي) بأن العهد القديم من الكتاب المقدس ) أي الكتابات اليهودية ( قد كتبت بروح الدين التسلطي و صورة الإله فيها صورة الحاكم المطلوب لقبيلة أبوية (12) Patriacal
و بخصوص الكتابات اليهودية يقول " اسبينوزا " : " لا ندري في أية مناسبة و في أي زمن كتبت هذه الأسفار التي نجهل مؤلفيها الحقيقيين، و لا نعلم ممن جاءت المخطوطات الأصلية التي وجد لها عدد من النسخ المتباينة، و لا نعلم أخيرا إن كانت هناك نسخ كثيرة أخرى في مخطوطات من مصدر آخر … ( (13)و يضيف نقلا عن ابن عزرا : " إن موسى ليس هو مؤلف الأسفار الخمسة بل إن مؤلفها شخص آخر عاش بعده بزمن طويل " (14) أي بقرون عديدة و يقول أيضا بأن أسفار الأنبياء ) أي أنبياء بني إسرائيل ( قد أخذت من كتب أخرى ورتبت ترتيبا معينا ، لم يكن دائما هو الترتيب الذي سار عليه الأنبياء في أقوالهم أو في كتاباتهم ، كما أن هذه الأسفار لا تتضمن جميع النبوات ، بل بعض النبوات فقط التي أمكن العثور عليها هنا و هناك، وبالتالي فليست الأسفار إلا مجرد شذرات صيغت على شكل رواية هي مجموعة من الفقرات المأخوذة من كتب الأخبار المختلفة ، بالإضافة إلى إنها تكون خليطا دون ترتيب و دون مراعاة للتواريخ ..(15)
إن الفريسين هم وحدهم الذين اختاروا أسفار العهد القديم ) من بين الكثير غيرها ( ووضعوها في المجموعة المقننة.
إن المجامع (synodes ) هي من قرر أي الأسفار يجب وضعها بين الكتب المقدسة و أيها يجب إبعادها، و بالتالي فإن سلطة جميع هذه الأسفار مستمدة من سلطة المجامع الدينية و سدنة الهيكل، إلا أن هذا لا يكفي لإثبات المصدر الإلهي لهذه الأسفار، فضلا عما تتضمنه الروايات و القصص الواردة في هذه الأسفار من أساطير و أوهام و خرافات، تجعلها أقرب إلى الآداب التاريخية البدائية …
إن الكتبة التاريخية اليونانية لم يتيسر ظهورها قبل القرن السادس قبل الميلاد ، ) و قد أشرنا إلى ذلك من قبل (، و لا شك أنه توجد في أسفار هوميروس معلومات وافرة عن المجتمع اليوناني و الثقافة اليونانية تقدم صورة واضحة لحضارة عصره …
إلا أن شيوع الكتابة النثرية، و كذلك النظرة النافذة إلى الأساطير الشائعة، وبواعث البحث عن أصول المجتمع و نشأة النظم و القوانين والعادات والتقاليد في منتصف القرن السادس قبل الميلاد ساهمت في توفير الشروط، والمستلزمات للسرد التاريخي..
ففي مطلع القرن السادس بدأ ) كادموس الميليتي ( ممارسة الكتابة النثرية بدلا من الكتابة الشعرية ، و يعد في طليعة الكتاب الناثرين في الأدب اليوناني ، و في نفس الوقت بدأ ظهور الفلسفة التي وضعت أصول التفكير الحر و شجعت على النقد (16)
ثم إن إنشاء المستعمرات و التبادل التجاري، أثر في تقدم الحضارة اليونانية ) في إيونيا وبحر إيجي( كما أن بروز الروح الناقدة ساعدت على تقدم الفلسفة و الأدب و الكتابة التاريخية.
و كذلك فإن احتكاك الثقافات يثير حب الاستطلاع و يحفز إلى التفكير و ينمي العقل.
إن نشوء الكتابة التاريخية كان جزءا من الحركة الفلسفية التي بدأت في ذلك العصر …
و قد ظهرت الرغبة لدى بعض البارزين لإبراز أدوارهم و مكانتهم الاجتماعية و عراقة أنسابهم ، فظهر كتاب يقومون بمهمة تمجيد الأسر الحريصة على إثبات عراقة الشرف و النسب …
و أدى هذا الاهتمام إلى تحري النساب الميل إلى العناية بالجغرافيا و دراسة أخلاق الشعوب المختلفة و عاداتها ، و تقاليدها و وسائل أحوالها الإجتماعية و الثقافية و التاريخية …
لذلك يغلب في الكتابة التاريخية عند اليونان الوصف الجغرافي و الإسهاب في الحديث في مختلف جوانب الحياة الإجتماعية للأمم التي يرد ذكرها ، و تسرد أخبارها " (17)
و قد بدأ المؤرخ ) هيكاشيوس ولد 550 ق- م( الكتابة العلمية للتاريخ بتحريه الحقيقة في المعلومات التي أوردها، كما كان له موقف ناقد من الأساطير المتداولة، و يقول بهذا الصدد " ما أكتبه هنا ) كتاب الأنساب ( تقرير و بيان لما أعده حقا، و ذلك لأن الأقاصيص اليونانية كثيرة و في رأيي أنها تدعوا إلى السخرية (18) .
و هناك كتاب التاريخ الذي ألفه ) هيرودوت 425 – 484 ق – م ( و هو مؤلف تاريخي شامل . و يعتبر " هردوت " بمثابة الأب لعلم التاريخ.
كان رحالة مطبوعا على حب الاستطلاع ، و الحرص على التزود من المعرفة ، و كان يسأل و يستفسر ، و يجمع المعلومات و الأخبار بمختلف الوسائل و السبل ، و يحاول أن يتعرف على العادات ، و التقاليد ، و العقائد و الأديان و القوانين و النظم ، لا يكاد يفلت من اهتمامه الفاحص و نظرته الشاملة شيء، و بقوة عبقريته استطاع أن يضمن كتابه كل ما رآه بعينيه و سمعه بأذنيه في أسلوب جذاب وعرض شائق مما جعل كتابه من طرائف كتب التاريخ الخالدة (19) .
و الموضوع الرئيسي في كتاب ) هرودوت (هو الحرب الفارسية و بخاصة القضاء على حملة ) اكسيركسيس ( و المعلومات التي جمعها حول هذا الموضوع رجحت أهميتها و فائدتها ..
و قد أخذ عليه تقصيره في وصف المعارك الحربية التي دارت بين الفرس و اليونان ..، و لكن مزاياه البارزة، أن عاطفته القومية لم تتغلب على أحكامه ، و بهذا نجده ينصف الفرس ، و يقر لهم بالشجاعة والإقدام ، الأمر الذي عرضه لنقد اليونانيين الشديدي التعصب لقوميتهم(20).

كانت الحرب الفارسية اليونانية في رأي هيرودوت تمثل تصادم طرازين من طراز الحضارة و هما الحضارة الهيلينية و الحضارة الشرقية و لذلك عمد إلى وصف سكان الضفة الغربية للبحر الأبيض المتوسط و العالم الآسيوي ، في القرنين السادس و الخامس قبل الميلاد و صفا تناول فيه الأحوال الإجتماعية و الثقافية ..
و يمتاز وصفه بالنزاهة التامة و التخلص من التعصب الجنسي أو الإقليمي، و قد أكدت البحوث الأثرية الحديثة صدق الكثير من أقاصيصه و أوصافه الإخبارية، و كان يفرق بين ما رآه بنفسه و بين ما يعتقده ، و بين ما يرويه من الأخبار السائدة و الأخبار المتداولة ..
و قد أظهر إيثاره لانتصار أثينا على اوتوقراطية الإمبريالية الفارسية ..
و في كتابه الذي يعتبر ملحمة إنسانية ضخمة ، يبدو تأثره بفكرة تدخل الآلهة في الشؤون الإنسانية …
إن مكانته بوصفه مؤرخا فنانا ، قدم أروع النماذج في السرد التاريخي الرفيع الحي النابض ، فوق متناول الشكوك(21) .
ومن معاصريه المؤرخ ) توقديد thucydide ( ) 396 – 456 ق – م ( الذي تناول الكتابة التاريخية بطريقة مخالفة لطريقة " هيرودوت " فقد أثر الجدية في البحث وتشدد في أبعاد الأساطير و الخرافات التي كان " هبرودوت " يميل إليها و يجد متعة في روايتها.
و قد وضع حدا فاصلا بين المنهج الملحمي ، و التأثر بالاعتقاد بما فوق الطبيعة ، و بين الكتابة التاريخية التي تقوم على تمحيص الحقائق، و استقصاء الأسباب المعقولة للأحداث و العلل الدنيوية ، و أعرض عن الاستطرادات ، واختار موضوعا محدد المعالم هو ) الحرب البليونسية 431 – 404 ق–م) و مجالها أقل اتساعا من المجال الذي اختاره " هيرودوت " ، و قد أعد كتابه في عهد نشوب الحرب و وقوع الصدام ، و يقول " برنز " بأن الصورة الموجزة التي قدمها في كتابه حول ارتقاء بلاد اليونان من حكومات المدن إلى الإمبراطورية الأثينية تبين أن (توقديد) كانت له قدرة عظيمة على بلورة رؤية تاريخية مؤسسة على قراءة دقيقة للأحداث و صيرورتها ..
و قد أظهر بأن أهمية الكتابة التاريخية متوقفة على دقة المعلومات، و صحتها، أكثر مما هي متوقفة على العرض الجذاب .
و هو في تماسك أسلوبه، و اكتفائه بالتفاصيل الوثيقة الصلة بموضوعه ، يعد في طليعة أوائل الداعين إلى التزام المنهج العلمي في كتابة التاريخ …
و قوام هذا المذهب الدقة في تمحيص المادة التاريخية التي يجمعها المؤرخ وهو القائل بأن المعرفة الوافية الدقيقة لما حدث مفيدة و نافعة، لأنه من المرجح احتمال وقوع أحداث شبيهة لما سبق أن حدث(22).
كان بالإضافة على نقد المراجع شديد الحرص على فحص الوثائق والأصول، وكان بارعا في تنسيق المواد التي يجمعها وكذالك في تفسيرها و بالفعل فقد كان ينظر إلى التاريخ من الناحية السياسية، و لكن من منظور السياسي الفيلسوف في ربطه بين المشكلات التاريخية و الأسباب السياسية ، و إلمامه بالأسباب المباشرة و الأسباب البعيدة و لم يكن يسمح لأي معتقد ديني أن يلون رؤيته التاريخية و يؤثر في أحكامه التاريخية ، لأنه كان يريد أن يكتب تاريخا صحيحا ..
و قد أخذ عليه أنه أعطى أهمية للعوامل الجغرافية في المواقف التاريخية، و أنه أغفل تأثير العوامل الثقافية و الاجتماعية والاقتصادية في سير التاريـخ (23).
أما المؤرخ اليوناني " بوليبوس " ) 198 – 117 ق – م ( فقد تناول صعود الإمبراطورية الرومانية و تطور نظامها السياسي حتى سنة ) 146 ق – م ( ، كما أبرز المثل العليا السياسية الرومانية ، و أساليب الرومان في الحرب، و رأي بأن العبقرية السياسية للرومان تجلت باتخاذ نظام للحكم يجمع بين النظام الملكي و النظام أرستقراطي و النظام الديمقراطي و بهذا المزج بين نظم الحكم الثلاثة استطاعوا أن يتجنبوا الخضوع في الحركة الدائرة ) الانتقال من نظام إلى آخر ( .
كان نافذ الرأي في الحكم على السياسات ، و دارسا متعمقا للأحداث والشخصيات، و تصويره لبعض الشخصيات التاريخية المشهورة مثل " هنبال " يعد من طرائف فن التصوير التاريخي كما أنه كان يؤكد على قيمة المعرفة الجغرافية في استجلاء حقائق التاريخ وتقلباته …
وكان يرى بأن معرفة الحقائق التاريخية المؤكدة، قد تعين في تنظيم إدارة الحكم ، و توجيه الأحوال العامة ، و حل المشكلات العارضة و تفريج الأزمات المفاجئة، و قد عني بمسألة السببية في الأحداث التاريخية و كان أكثر تعمقا من " توقديدس " في تحليل الأسباب غير الشخصية المؤثرة في حركة التاريخ ، و لو أن تفسيره كان يغلب عليه الجانب الأخلاقي أكثر من تغليب الناحية الاقتصادية و الاجتماعية (24) .
أما الرومان فإنهم لم يضيفوا للأدب التاريخي إضافات مبتكرة، و ذهبوا في العناية بالتاريخ مذهب اليونان ، و قد اتخذوا الكتابات اليونانية قدوة لهم في سائرنواحي الثقافة و مختلف فنون الأدب ..
إلا أن انتصار الديانة المسيحية على الوثنية كان له تأثير بعيد المدى في الكتابة التاريخية و في الأفكار التي كان يسترشد بها المؤرخون …
و أصبح الإيمان الديني المرجع الأعلى و الركن الأقوى و صار الاعتقاد بما فوق الطبيعة محك الفضائل …
لقد أسبغت الفلاطونية الجديدة على التفكير الديني هالة فلسفية و كان لها أثر واضح في تفكير القديس "أغسطين " و ذهب المؤرخون المسيحيون الأوائل إلى أن حركة التاريخ جزء من الحركة الكونية و قد تجلى هذا الاعتقاد في أوضح صورة في كتاب ) مدينة الله ( الذي كتبه القديس ) أغسطين ( حيث قسم التاريخ قسمين هما : تاريخ ديني مقدس ، و تاريخ دنيوي (25) .
بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية عمت الفوضى و خمدت الحركة الفكرية و ساد الجهل و التخلف و التعصب الديني، و لم تعد هناك عناية بكشف الحقائق، مما أدى إلى تفشي الأباطيل و الأخبار الزائفة خدمة لأغراض العصر، و مراعاة لمصالح الكنيسة، و المطامع الشخصية والولاءات لبعض الجماعات و المذاهب التي تقف حجر عثرة في سبيل تحرير التاريخ و تقدمه، و أصبح الحرص على الولاءات أهم و أوجب من الحرص على الحس التاريخي ..
ففي العصر الوسيط كانت معظم الكتابات التاريخية لنصرة الأمراء و الأعيان، و الأسر و الجماعات، و لتأييد مذهب من المذاهب الرائجة (26) .
بالنسبة لمؤرخي الإسلام ، كان التاريخ مصدرا للعبرة و الفطنة و المعرفة ، و اكتشاف السنن، و التعرف على قوانين الحركة التاريخية و الإفادة من التجارب من أجل الوقاية الحضارية .
و كانت للتاريخ أهميته في تشكيل الوعي التاريخي و الثقافي للأمة ، باعتباره وعاء الفعل الحضاري ، و ميدان تنزيل القيم على الواقع ، و ذاكرة الأمة (27) .
إن الكتابة التاريخية نشطت و ازدهرت و تنوعت خلال القرن الثاني الهجري ، و من أشهر مؤرخي هذه الفترة ) محمد بن اسحاق ( و الواقدي ، و الهيثم بن عدي ، و هشام بن محمد السائب ..
و قد مهد هؤلاء المؤرخون بما جمعوا من مادة السبيل لظهور المؤرخ المحدث الكبير ) محمد بن جرير الطبري – 310 هـ ( و اضرابه من كبار المؤرخين الذين عاصروه اوجاؤوا بعده(28)
كان الوافدي و ابن إسحاق من الذين انتقلوا من الحديث إلى الأخبار ، أما ) ابن جرير الطبري ( فقد كان محدثا كبير ، و إخباري من الطراز الأول ، و توفر هاتين الخصلتين ساعدت على رفع مستوى المؤرخين عند المسلمين ، و أعادت إلى التاريخ إعتباره ، و جعلت جهابذة العلماء و كبار الفقهاء يقبلون على دراسة التاريخ و التأليف فيه و الانقطاع له … (29)
و يأخذ على )الطبري ( أنه لم يتجاوز الوصف و السرد الحولي ، و لم يحاول سبر غور الأحداث و الكشف عن البواعث العميقة المستحقة التي تعمل وراء التغيرات الإجتماعية الظاهرة ، و كان يكتفي بذكر الأسباب المباشرة معتمدا في رواية الحوادث على الإسناد ، دون أن يخضع النص ببحثه و تحليله أو يزنه بميزانه …
و قد انتقد ابن خلدون هذه الطريقة في مقدمته ، و قال بأن الأخبار إذا اعتمد فيها على مجرد النقل لم تحكم أصول العادة و قواعد السياسة و طبيعة العمران و الأحوال في الاجتماع الإنساني و لم يؤمن فيها من العثور و زلة القدم و الحيد عن جادة الصدق(30) .
ولعل الإنصاف يقتضي بان نسجل أن (الطبري) كان واسع المعرفة غزير العلم، مستقل التفكير ، والأرجح أنه كان يغربل الروايات والأقاويل ،فيثبت ما يطمئن إليه ويراه جديرا بالثقة ، وينفي ما يداخله فيه الشك ، مما يدل على دقة النظر وصدق الحكم، وقد مهد الطريق لمن جاء بعده من كبار مؤرخي الإسلام مثل المسعودي ، صاحب مروج الذهب ، وابن مسكويه مؤلف كتاب تجارب الأمم، وابن الأثير ( كتاب الكامل ) وابن الفداء صاحب كتاب المختصر في تاريخ البشر، وابن خلدون مؤلف كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر(31)
ولا شك بأن التاريخ الإسلامي نشأ على غير مثال سابق أي أنه ليس نقلا أو اقتباسا أو استعارة من الغير…
" إن تأليف التاريخ الإسلامي من إبداع العرب .لقد فشلت المحاولات للعثور على مؤثرات خارجية ،يونانية أو فارسية على غرار ما كشف المنقبون ،من مؤثرات أجنبية في الفلسفة وعلم الكلام.
ويحق لنا إذن أن نضع التاريخ في مقام النحو أي في ميدان أظهر فيه العرب الأوائل أصالة وقوة على الخلق والإبداع لاشك فيهما." (32)
فالظاهر أنه ولد نتيجة لتطور المجتمع الإسلامي ومع تغير المناخ الفكري ..
وأغلب المؤرخين كانوا متأثرين ببيئتهم ونزعتهم المذهبية، وعقيدتهم السياسية، ولكن حظهم من النزاهة كان موفورا إلى حد كبير.
وقد اشتهر مؤرخو الإسلام بمراعاة الدقة في تسجيل الحوادث وتأريخها – كما امتاز التاريخ الإسلامي بإسناد الرواية التاريخية إلى شاهد عيان، فنشأ نوع من التدقيق يقوم على فحص سلسلة الاستناد..
ولما استقل التاريخ عن علم الحديث، تميز الإخباري عن المحدث ونشطت حركة الكتابة التاريخية، كما أن علم التفسير ساعد على التوسع في معرفة التاريخ والاهتمام به من طرف العلماء والفقهاء ..
وعلم التاريخ الإسلامي هو علم شامل يضم علم البلدان. وعلم السير والتراجم، والحوليات، وعلم المعرفة التاريخية.
والخلاصة أن المعرفة التاريخية من المنظور إلاسلامي، معرفة بخبر عن الواقع وفي الوقت نفسه علم بالوقائع الاجتماعية وطبائع ا لعمران وأسبابه وعلله..
فالثقافة التاريخية إذن تنمي الحكمة التي يتولد عنها عمق الاختيار وسعته، والتي تلح على الإنسان في التساؤل حتى يصل الأعماق والجذور…
وقد بلغ المؤرخون المسلمون درجة رفيعة في مجال الكتابة التاريخية ،ومثلوا عصرهم وثقافتهم خير تمثيل وساهموا في تقديم النموذج المثالي للمؤرخ وأساليبه في أداء رسالته…
ومن نافلة القول أن ما عرضناه حول أطوار تاريخ الكتابة التاريخية ونشأتها إنما قصدنا منه أن نقف عند رسالة المؤرخ لنستخلص منها أن مهمة المؤرخ ترتكز أساسا على استقراء التاريخ وتأويله أو بعبارة أدق قراءته…

-3-
فالتاريخ ليس هو الحوادث إنما هو تفسير هذه الحوادث، واهتداء إلى الروابط الظاهرة والخفية، التي تجمع بين شتاتها وتجعل منها وحدة متماسكة الحلقات ،متفاعلة الجزيئات ممتدة مع الزمن والبيئة امتداد الكائن الحي في الزمان والمكان . ولكي يفهم الإنسان الحادثة، ويفسرها ويربطها بما قبلها وما تلاها، ينبغي أن يكون لديه الاستعداد لإدراك مقومات الحياة البشرية جميعها : معنوية ومادية (33)
فمهمة المؤرخ تكمن في إدراك الحادثة التاريخية وفهمهما على الوجه الأكمل إلا أن أي نقص في الإدراك أو قصور في القدرة على النظر إلى الحادثة من شتى جوانبها، يعد عيبا في منهج العمل التاريخي وليس مجرد خطأ جزئي في تفسير حادثة أو تصوير حالة. (34)
فلا بد إذن من رؤية تنفذ إلى جوهر الأشياء ولب الوقائع والأحداث التاريخية، بقصد معرفة علاقاتها الصحيحة، والقيم الإجتماعية الكامنة فيها وكذلك الوقوف على العوامل المؤثرة في حركة التاريخ وصيرورته.ولعل اتساع آفاق المعرفة ، وتواصل الثقافات أدى إلى طرح تساؤلات منهجية ومعرفية، وفلسفية حول حمولة ومعاني ومضامين الكتابة التاريخية .
ومن ثمة فإن التاريخ ليس مجرد صور ، وتسجيل لأحداث بل منهج للاستقراء . والنقد والتقويم ، يكشف عن الحقائق الاجتماعية التي تصنع الحدث ، وتحدد المصير والرؤية المستقبلية .
ونظرا إلى أن الثقافة التاريخية هي مصدر معرفتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية … فلابد من الوقوف عند جميع القضايا، والنماذج، سواء تعلق الأمر بالإستبداد السياسي أو الظلم الإجتماعي والصراع الطبقي أو الانحراف السلوكي أو الفكري والثقافي أو التقليد الإجتماعي أو الفساد الإقتصادي .
وضرورة استخلاص العبر من كل ما يمكن أن يترتب عن هذه القضايا جميعها.(35)
يرى " كولنجوود " بأن التاريخ كله من صنع المؤرخ . في حين يرى ( سينيوبوس) أن التاريخ هو ثمرة جمع الو تائق ونقدها وترتيبها وتحليلها ، واستنباط المعلومات الكامنة فيها واستخلاص أحكام ثابتة على قضايا متميزة.(36)
إلا أن منطق التاريخ يفترض وجود فكر تاريخي وراء أي كتابة تاريخية.
وإذا ما درسنا التاريخيات الإسلامية وحللنا المفاهيم الأصلية عند المؤرخين المسلمين ’ فسوف نصل إلى تصور متكامل للتاريخ كصناعة وكتخصص معرفي.(37)
ومن هذا المنطلق، فإن المؤرخ المتمكن يجمع بين دقة ملاحظة العالم ونزاهته ، وبداهة الفنان وألمعيته، وزكانة الفيلسوف وبعد وغوره ، ولذلك لم يظهر كبار المؤرخين في مختلف الحضارات إلا في أوقات النضج والاكتمال ، وليست القدرة على الكتابة التاريخية من الهبات التي تجود بها الطبيعة في يسر وإسماح وإنما هي ثمرة من ثمرات الثقافة المتمكنة الأصلية.
كما أن النظر إلى الحقيقة التاريخية يتطلب رؤية صادقة ، ومعرفة بقوانين الطبيعة ،وطبائع البشر ،وسعة في النظر وأناة في إصدار الأحكام.(38)
والتاريخ الطويل هو محل الرؤية والاستقراء، والاستنتاج لمثل هذه القوانين التي تحكم الحركة البشرية عموما .
فلا بد إذن من فهم هذه القوانين التاريخية فالتغيير رهين باستيعابها، واكتشاف عوامل وأدلة التحريك فيها لذلك ركز الاستعمار على دراسة التاريخ والعلوم الإجتماعية ليكون ذلك مدخله الصحيح إلى التحكم وبسط سيطرته فالثقافة التاريخية والاجتماعية هي مفاتيح الشعوب ،ودليل التعامل معها (39) والثقافة التاريخية أيضا مصدر للمعرفة التي تستوعب المعلومة ،وتوسع الخبرة، وتغنى التجربة، وتعرفنا على أسباب التداول الحضاري .
ومن هذا المنظور فإن التاريخ هو المفتاح الكبيرللمشكلات المعقدة .
والتاريخ هو الرحم الذي خرجت منه العلوم الاجتماعية واستقرئت قوانينها ،وفلسفتها ونظرتها الكلية التي تنظم جميع الجزئيات، وكان السبيل إلى إكتشاف الحركة الإجتماعية . لأنه المختبر الحقيقي للمبادىء والقيم والفلسفات .
والتاريخ ليس حركة عشوائية ،قائمة على المصادفة،وإنما ينتظمه قانون وتحكم حركته سنن، وهو أعمال وصناعة البشر أصحاب القدرات والإرادات، والمسؤوليات ..
ولو لم يكن للتاريخ هذا البعد لما استحق أن يكون علما ومصدرا للعبرة والتجربة للإنسان في كل زمان.
ولما جاز أن يترتب عن الفعل التاريخي أية مسؤولية وعبر تغذى عقولنا…
وبكلمة مختصرة لما كان لقصص التاريخ أي معنى في صناعة الحاضر ورؤية المستقبل..(40)
إن تشكل الوعي التاريخي هو الباعث لأية عملية للإصلاح والتغيير ،واستشراف لآفاق المستقبل ..
وتأسيسا على ذلك فإن الوعي التاريخي يتطلب معرفة عميقة بطبائع العمران البشري وأسبابه وعلله ،مع إدراك صحيح للوقائع أو الظواهر الإجتماعية والثقافية المؤثرة في الأحداث وصياغة ملامحها وتشكل أنماطها الإجتماعية والتاريخية بفعل التأثيرات المتبادلة للنشاطات الإنسانية المختلفة..
فالمعرفة التاريخية من منظور أو مرآة المؤرخ تتمثل في تحليل الحدث ومعرفة قوانين ، بهدف وضع تاريخ علمي يرتكز على قواعد النقد السليم وتحديد العوامل الكامنة وراء تطور الوقائع الأساسية المتعلقة بالجغرافيا البشرية والمظاهر الكبرى ذات الصبغة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية (41) فالكتابة التاريخية إذن تنكب على فهم الحدث وتأويله وتطبيقه بغرض تحديد أو استكشاف أبعاد الوظيفية التاريخية لعصر من العصور وما قد يترتب على ذلك من تأثير على الحقب أو الأجيال اللاحقة .
ومما تجدر ملاحظته في هذا السياق أن العلوم الاجتماعية الحديثة، ميزت بين الوظيفة التاريخية والدور التاريخي …، فالدور محدود في الزمان ،أما الوظيفة قد تتجدد وتؤثر في العصور اللاحقة .
ومن ثمة فإن الدور يرتبط بشبكة التفاعلات الإجتماعية أي بالواقع الظرفي أو العوامل الذاتية .
أما الوظيفية ،فترتبط بغاية بعيدة المدى بالبنيات والمؤسسات الاجتماعية أي بالعوامل الموضوعية وبالتالي تتجاوزالدور التاريخي او الأدوار التاريخية ..(42)
إن أهمية الثقافة التاريخية تتمثل بحق في نشأة الوعي التاريخي الذي يحرر العقول ويطلق الإرادات ويدفع بالقدرات الفاعلة للقيام بترجمة القيم والمبادئ إلى حقائق منزلة على الواقع الإجتماعي ..
فالغاية إذن من المعرفة التاريخية أو من التاريخ كعلم يهتم بالإنسان بكل مكوناته وتجلياته وتشكلاته، تتلخص في فهم قوانين الإجتماع البشري من أجل تأصيل الحاضر، وبما أن الوسيلة تؤدي إلى الغاية فإن معرفة القوانين الإجتماعية تساهم بالتاكيد في تطوير الواقع وحل مشكلاته، والقضاء على أسباب معوقاته..، وفتح مغالقة التي تمنع أي محاولة لتطويره ..(43).
فتفسير التاريخ أو قراءته من أجل فهم طواياه انما هو وسيلة تمهد الطريق، وتؤسس لفكر منهجي مستوعب لمجمل القوانين الحاكمة، لبناء الأمم وسقوطها ..، والهدف هو معالجة القضايا والأسئلة التي تدور حول كيفية التحرك والنهوض بالمجتمعات، واستخدام أدوات المعرفة التاريخية في فهم الماضي واستشراف المستقبل.

-4-
إن السؤال الذي عمدنا إلى طرحه في مستهل هذا البحث حول المضامين النسقية والأساليب المنهجية لمقاربة قراءة التاريخ إنما نروم من خلاله لفت النظر إلى أهمية الثقافة التاريخية في تكوين العقل المعرفي.(الأبستيمولوجي) الذي من نتائجه الهامة أنه جعل من الفكر والعلم والمعرفة المصدر الأول للتطور والأداة الفعالة في التغيير التاريخي المنشود من جيل إلى آخر.
لهذا انصب اهتمامنا على المقاربة المنهجية لما يتضمنه النص التاريخي من أحداث وصور ووقائع تحبل بالمعاني والعبر التي تلخص التجربة الإنسانية وتحيل على أسبابها وعللها.وبحق نستشف منها الحقائق والمثل التي تضيء السبل، وتفتح الآفاق وتشحذ الإرادات الخلاقة والمبدعة والمجددة للمجتمعات والمؤسسة للدول.
وما يجب استخلاصه من الدرس التاريخي هو أن الوعي التاريخي تنشأ عنه الوظيفة التاريخية التي تجعل جيلا معينا يقوم بدور تاريخي ويسهم في حركة التاريخ لعصره، في مختلف المجالات : السياسية والإجتماعية والثقافية والإقتصاية ..
فلنقرأ التاريخ إذن باعتباره غاية الى تطور الدول ووسيلة لبناء المجتمعات المتحضرة.
وبحق فإن الفيلسوف هيجل فسر التاريخ كله بالصراع الدائم بين فكرتين أي أن الحركة التاريخية هي خلاصة جدل قائم بين الفكرة ونقيضها.
ومن ثمة لم يعد علم التاريخ محصورا في جمع المعلومات عن الماضي وتحقيقها، وسرد الأحداث أو رواية الأخبار، وتسجيلها، وتفسيرها..
فالتاريخ يدرس التطور البشري في جميع مناحيه وأطواره، بحثا عن الغاية من جدلية التاريخ، وحركته الدائبة وصراعه المحتدم، بين عالم الأفكار وعالم الأشخاص وعالم الأشياء.
الهـوامـــش:
1. عبد الله العروي- مفهوم التاريخ – ج II المركز الثقافي العربي ط I 1992 ص 309
2. علي أدهم – تأريخ التاريخ – كتابك رقم 6-دار المعارف- 1977 ص3
3. م –س- ص 5
4. م –س- ص 9
5. م –س- ص 10
6. م –س- ص 12
7. م –س- ص 13
8. م –س- ص 14-15
9. م –س- ص 18
10. م –س- ص 20
11. م –س- ص 21
12. د/ محمد الحسيني إسماعيل: بنو إسرائيل من التاريخ القديم .. وحتى الوقت الحاضر –مكتبة وهبة- ط I 2022 ص 19
13. اسبينوزا رسالة في اللاهوت والسياسة ترجمة د/ حسن حنفي دار الطليعة ط 4- 1997 ص 255
14. م-س- ص 266
15. م-س- ص 311
16. علي أدهم – م- س ص 22
17. م – س- ص 24
18. م – س- ص 25
19. م – س- ص 26
20. م – س- ص 27
21. م – س- ص 28
22. م – س- ص 30
23. م – س- ص 31
24. م – س- ص 33
25. م – س- ص 41
26. م – س- ص 44
27. د/ سالم أحمد محل –المنظور الحضاري في تدوين التاريخ عند العرب – كتاب الأمة رقم 60- ص 34
28. علي أدهم – بعض مؤرخي الإسلام- ص 28
29. م – س- ص 29
30. م – س- ص 33-34
31. م – س- ص 35
32. عبد الله العروي – العرب والفكر التاريخي ط 2- ص 79
33. سيد قطب في التاريخ فكرة ومنهاج دار الشروق ط 11 ص 37
34. سيد قطب – م- س ص 39
35. د/ سالم أحمد محل – المنظور الحضاري في تدوين التاريخ عند العرب ص 26
36. عبد الله العروي – مفهوم التاريخ – ج I ص 19
37. – م – س ص 20
38. علي أدهم – بعض مؤرخي الإسلام ص 1-2
39. د/ سالم أحمد محل – المنظور الحضاري في تدوين التاريخ عند العرب ص 22
40. م – س- ص 20
41. د/ نبيل خلدون فريسة – ابن خلدون مرآة الجو كندا ص 68
42. م – س- ص 18
43. د/ حسن حنفي –التراث والتجديد- ( المؤسسة الجامعية ط 5-2002 ) ص 13.


التصنيفات
تاريـخ,

مسائل المنهج في الكتابه التاريخيه العربيه / إبراهيم بيضون

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مسائل المنهج في الكتابه التاريخيه العربيه / إبراهيم بيضون

الحجم : 2.9 MB

http://www.4shared.com/get/BwA_DwGJ/____.html


التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

حصريا بحث عن المنهج التاريخي و التجريبي و الاحصائي و الانثربولوجي

خطة البحث
الفصل الأول: المنهج التاريخي
المبحث الأول: تعريفه و علاقته بالتاريخ
المبحث الثاني : أهمية استخدام المنهج التاريخي في البحث
المبحث الثالث : خطوات و مراحل المنهج التاريخي
المبحث الرابع : الصعوبات التي تواجه الباحثين بالمنهج التاريخي و النقد

الفصل الثاني : المنهج التجريبي
المبحث الاول : تعريفه و خصائصه
المبحث الثاني : أنواع التجارب
المبحث الثالث : – سلبيات المنهج التجريبي
المبحث الرابع : الصعوبات التي تواجه الباحث في البحوث التجريبية و عيوبه

الفصل الثالث : المنهج الإحصائي
المبحث الاول : التعريف
المبحث الثاني : أنواعه
المبحث الثالث : ملاحظات أساسية عن المنهج الاحصائى

الفصل الرابع : المنهج الانثربولوجي:
المبحث الاول : لمحة عن الانثروبولوجيا
المبحث الثاني : المنهج الانثروبولوجي

المراجع
1/ منهجية البحث العلمي – القواعد و المراحل و التطبيقات – : الدكتور محمد عبيدات و الدكتور محمد أبو نصار ، كلية الاقتصاد و العلوم الأردنية 1999 من ص 34 الى ص 40 .دار وائل للطباعة و النشر .

2/- كيفية كتابة الابحاث و الاعداد للمحاضرات : الدكتور محيي محمد سعد * جامعة الإسكندرية * الطبعة الثانية 2000 . المكتب العربي الحديث من ص 33 -34 .

3/اسس و مبادئ البحث العلمي : الدكتورة فاطمة عوض صابر و الدكتورة ميرفت علي خفاجة * جامعة الإسكندرية * 2022 مكتبة و مطبعة الاشعاع الفنية .

المنهج التاريخي:

يدور هذا المنهج حول الجهود الضخمة التي يبذلها الباحثون لتحليل مختلف الأحداث التي حدثت في الماضي و تفسيرها بهدف الوقوف على مضامينها و تفسيرها بصورة علمية تحدد تأثيرها عل الواقع الحالي للمجتمعات و استخلاص العبر منها. و بناءا عليه يستخدم هذا المنهج للحصول على أنواع مختلفة من البيانات و المعلومات ذات الطابع المعرفي و ذلك لتحديد تأثير هذه الأحداث الماضية على المشكلات أو القضايا التي يعاني منها أفراد المتجمعات في الأوقات الحلية ، وتجدر الإشارة هنا إلى أن الأحداث التاريخية تعبر مادة غنية حيث يقوم الباحثون بتحليلها و استخلاص مضامينها المختلفة و بالتالي فإنها تثري أفكارهم و خبراتهم من جهة بالإضافة إلى أنها –أي الأحداث التاريخية- تساعد في تطوير المناهج العلمية المستخدمة من قبل الباحثين الآخرين و تعميمها بشكل ايجابي .

علاقة التاريخ بالمنهج التاريخي:

تم تعريف التاريخ بحسب بعض الباحثين بأنه: ” التدوين الموثق للأحداث الماضية ” كما عرف البعض الأخر بأنه ” وصف الحقائق التي حدثت في الماضي بطريقة تحليلية ناقدة ” و يستخلص من هذين التعريفين بان علم التاريخ لا يمكن فصله بل ربطه مع المنهج التاريخي وذلك باعتبار البحث أو التقصي العلمي وسيلة موضوعية هدفها الوصول إلى النتائج أو القوانين أو عقد يمكن تعميمها أو استخدامها للتنبؤ بما قد يحدث في المستقبل ضمن السياق التاريخي .

أهمية استخدام المنهج التاريخي في البحث :

و تكمن أهمية استخدام المنهج التاريخي في البحث في انه يمكن من خلال دراسة الأحداث الراهنة و الاتجاهات المستقبلية في ضوء ما حدث في الماضي حتى يمكن بذلك تقويم ديناميكية التغيير أو التقدم أو تحقيق المزيد من الفهم للمشكلات المعاصرة و إمكانية التنبؤ بالمشكلات التي قد تنجم مستقبلا و بذلك يحقق المنهج التاريخي ميزة مزدوجة من حيث الاستفادة من الماضي للتنبؤ بالمستقبل و الاستفادة من الحاضر لتفسير الماضي .
وعلى الرغم من أن طبيعة البحث التاريخي قد لا تؤدي إلى التوصل إلى قوانين علمية ثابتة و لا تؤدي إلى التوصل إلى نظريات محددة أو تعميمات معينة إلا إن ذلك لا يقلل من قيمة و أهمية البحث التاريخي ، ففي نظر و رأي العديد من العلماء انه يكفي إسناد صفة العلم إلى موضوع ما إن يقوم الباحث بدراسته مسترشدا بالأسلوب العلمي لمحاولة الوصول إلى الحقيقة و الخطوات التي يمر بها البحث التاريخي لا تختلف عن الخطوات التي تستخدم في مناهج البحث بصفة عامة إلا أن البحوث التاريخية لا تعتمد على جمع البيانات عن طريق إجراء الاختبارات أو القياسات على الأفراد بل تبحث عن بيانات موجودة من قبل

خطوات و مراحل المنهج التاريخي :

إما الخطوات أو المراحل التي يجب أم يتبعها الباحث أو المؤرخ العلمي فتتخلص في :

1- اختيار موضوع البحث : على سبيل المثال تاريخ السينما الأردنية من زمن الإمارة إلى غاية الوقت الحالي .

2-جمع المعلومات من المصادر الأولية و الثانوية الداخلية و الخارجية: و تجدر الإشارة هنا إلى أن المصادر الأولية تشمل مجموعة الوثائق أو الأثر المختلفة المتعلقة بحضارات سابقة. إما الوثائق فتشمل تسجيلا دقيقا لأحداث تاريخية قد تكون مكتوية أو مصورة أو حتى شفهية من خلال إجراء المقابلات مع الأفراد الذين عايشوا أحداثا تاريخية محددة بالإضافة إلى تحليل مضمون المخطوطات و المذكرات التي قد تكون محفوظة في المتاحف أو المكتبات.
وتوجد مصادر أخرى للبحث التاريخي منها القصص و الأساطير و الفلكلور و الحكايات الشعبية و الكتب العلمية و الفنية و السير الذاتية لأشخاص عاشوا تلك الفترات الزمنية و باستخدام مختلف النشرات و الرسومات و المجلات العامة و المتخصصة.

3- نقل موضوعي لمصادر البحث و المعلومات التي تم الاستعانة بها بالإضافة للمعلومات التي تم تدوينها حول ظاهرة ما أو مكان أو شخص ما.

و عموما يهتم النقل الموضوعي حول صحة ما تم توثيقه أو تدوينه أو جمعه من معلومات إلى فترة زمنية محددة أو مجتمعات حضارية و ذلك من خلال مراجعة المعلومات المتوافرة على ضوء معطيات زمنية و خصائص الثقافة الحضارية التي كانت سائدة أو أسلوب المؤرخين التي نسبت إليهم المعلومات أو الأحداث التي تم رصدها من ناحية مصداقيتهم أو مراتبهم العلمية أو مساهمتهم في تلك الفترات الزمنية يضاف إلى ذلك مدى خضوع المعلومات التي تم جمعها إلى النقد الداخلي مع التأكد من حقيقة المعلومات التي تم الحصول عليها من مختلف المصادر ، و ذلك للوقوف على معناها و درجة مصداقيتها.

صياغة الفرضيات و كتابتها :

الأبعاد و الأسباب التي كانت كامنة وراء الحدث أو الظاهرة التاريخية و تفسيرها على ضوء ماهو متوافر من أدلة و براهين موجودة فعلا و استخلاص النتائج و المضامين التي تساعد على التنبؤ المستقبلي لاستخلاص العبر مما حدث في الماضي و ما يحدث حاليا من قضايا أو ظواهر و إمكانية تعميمها على المستقبل مع التحليل كامل لمختلف العوامل في كلتا الحالتين :

كتابة التقرير النهائي بأسلوب علمي :

كما هو معروف في البحوث فان على المؤرخ أو الباحث أن يجمع كافة البراهين و بعناية كبيرة و تحليلها لاستخلاص النتائج بروح موضوعية محضة و ذلك خطوة ضرورية للانتقال إلى كتابة التقرير النهائي بأسلوب علمي معتمد على الأدلة و البراهين الواقعية بعيدا عن الخبال أو التوهم في النظر و الاستخلاص العلمي للنتائج

الصعوبات التي تواجه الباحثين بالمنهج التاريخي :

يرى بعض العلماء أن المنهج التاريخي يفتقر إلى درجة كبيرة من الموضوعية وذلك لعدم القدرة أو الإمكانية لإخضاع كافة الأحداث الماضية للتجريب أو التكرار من جهة بالإضافة إلى ضعف قدرة الباحثين بحسب هذا المنهج على ضبط العوامل المؤثرة من خلال تجميد أو تثبيت بعضها .

على الجانب الآخر يرى بعض الكتاب المنهج التاريخي كأسلوب علمي يعاني من بعض الأمور التي يمكن تلخيصها بالشكل التالي :

– تتعرض بعض الأحداث التاريخية للتلف أو التزوير و بالتالي فانه من الصعب القول بان التاريخ سيعطينا معرفة كاملة حول مختلف جوانب الحياة و ظواهرها في الماضي.
– صعوبة تطبيق المنهجية العلمية – بمراحلها المختلفة- لتغيير الأحداث التاريخية و ذلك لأسباب أهمها طبيعة الحدث التاريخي و خصائصه و مصادر الحصول على معلومات موثقة عنه من جهة بالإضافة إلى صعوبة إخضاعه للتجربة من جهة أخرى .

– صعوبة وضع فرضيات واضحة مبنية على أسس نظرية قوية للأحداث التاريخية و ذلك لأسباب أهمها أن علاقة السبب بالنتيجة في تحديد مسار الأحداث التاريخية نفسها ليست علاقة يمكن تصوريها بشكل دقيق أو واضح و ذلك لتشابك أو تعارض أو تعدد الأسباب و من ثم التفسيرات لهذا الحدث أو ذاك

-عجز الباحثين بحسب المنهج التاريخي عن الإلمام الكافي بالمادة التاريخية و من مصادرها الأولية أو الثانوية ،الأمر الذي يؤدى إلى صعوبات لا يمكن تجاهلها عند التحقق من الفرضيات أو الأسباب باستخدام التجريب .

و بناءا عليه تبدو عملية الوصول إلى نتائج أو استخلاصات يمكن تعميمها بحسب هذا المنهج مستحيلة و ذلك لارتباط الظواهر التاريخية بمعطيات زمنية و بيئية يصعب تكرارها بدرجة كبيرة .

نقد :

إلا أن من أهم ما يلاحظ على المنهج التاريخي في رأي الباحثين انه لا يعتبر علما باعتبار أن من أهم من يقوم باسترجاع الأحداث التاريخية لتحليلها لا يقومون بملاحظة الظواهر التي حدثت فعلا حيت يمكن لهم دراستها بطريقة موضوعية ، ذلك أنهم – أي المؤرخون- يعتمدون على الاستماع أو النقل عن الآخرين أو بتجميع بعض الأوراق أو المقالات التي نشرت هنا و هناك . الأمر الذي يوجب الحيطة و الحذر لتفادي الوقوع في الخطأ أو التأويل غير الدقيق للظواهر التي حدثت في الماضي .
يضاف إلى ذلك انه لا يجوز للباحثين إلصاق كلمة العلم على أي من الأحداث التاريخية إلا إذا استطاع الباحثون استنتاج بعض الأمور أو الحقائق و استخدامها للتنبؤ المستقبلي في الكشف عن بعض العلاقات او القوانين أو القواعد التي يمكن تعميمها أو القبول طروحاتها تحت ظروف مختلفة.

إن هذه الملاحظات بشكل عام لا نقص من أهمية المنتج التاريخي باعتباره علما إنسانيا و خاصة للعلماء من الأفراد ، ذلك أن التاريخ من الناحية الموضوعية عبارة عن قواعد ذات دلالات هدفها التحليل و التحقيق من خلال سرد أو إيراد علمي منطقي للوقائع و أسبابها من لحظة تحققها في الماضي إلى وجودها الحالي.

المنهج التجريبي :

تعريف المنهج التجريبي :

يمكن تعريف المنهج التجريبي بأنه ” يتضمن كافة الإجراءات و التدابير المحكمة التي يتدخل فيها الباحث الاجتماعي عن قصد مسبق في كافة الظروف المحيطة بظاهرة محددة ” و يهدف هذا المنهج إلى قياس اثر احد المتغيرات المستقلة أو أكثر على متغير تابع محدد وذلك من خلال التحكم أو السيطرة على كافة العوامل المحيطة بالظاهرة موضوع التجربة و بناءا عليه يعد هذا المنهج أكثر المناهج العلمية دقة لتحليل الظواهر و المشكلات الاجتماعية و الاقتصادية.
يضاف إلى ذلك أن أسلوب التجربة يقوم أساسا على أسلوب التجارب العلمية الميدانية و المخبرية التي تؤدي إلى تعرف العلاقات السببية بين العوامل المختلفة التي تحدث الظاهرة أو المشكلة.
– عموما يمكن القول أن المنهج التجريبي يتضمن عددا من الخطوات أو المراحل البرمجية أهمها ملاحظة المشكلة أو الظاهرة موضوع الاهتمام ، وتعرف أبعادها وأسبابها على شكل فرضيات قابلة للاختبار و مبنية على أسس نظرية قوية . ومن ثم وضع تصميم للتجربة و نوعها و مكان إجرائها.

خصائصه:

من الخصائص العامة للمنهج التجريبي انه يقوم على الدقة في اختبار شرعية الفرضية التي تم وضعها كما يتعين على الباحث ابداء او إبراز ملاحظاته العلمية الدقيقة عند مقارنة موضوع الفرضيات التي وضعها و الوقائع او النتائج التي وصل اليها بأسلوب تحليلي منطقي او واقعي و تجدر الاشارة هنا الى ان هذا المنهج يمتاز عن غيره من مناهج البحث العلمي بانه يسعى اصلا للكشف عن العلاقات السببية بين العوامل المؤثرة و الظاهرة محل الاهتمام

انواع التجارب :

1/- تجربة المجموعة الواحدة :

يرتكز هذا الأسلوب على تجريب تاثير عامل واحد على أداء المجموعة ،على سبيل المثال :
قيام رئيس الجمعية الوطنية لحماية المستهلك بقياس أداء موظفي الجمعية بالنسبة لعملية تلقي الشكاوي و متابعتها مع الجهات ذات العلاقة بقضايا المستهلك و بعد وضع الدرجات الخاصة بمستوى أداء كل موظف ، يتم إعطاء الموظفين في الجمعية دروسا أو تدريبات خاصة في كيفية الرد على شكاوي المستهلكين و متابعتها كخطوة أولى يتم بعدها مقارنة درجة الأداء لكل واحد منهم في المرة الأولى و مقارنتها مع الدرجات التي حصلوا عليها بعد فترة التدريب أو التأهيل المشار إليها سابقا .
و إن كانت نتيجة المقارنة أن هناك تطورا ملموسا في أدائهم يمكن أن نقول أن التدريبات التي أعطيت لهم كانت ذات أهمية و أنها شكلت العامل المسؤول عن التغير في أدائهم فيما يتعلق في التعامل مع قضايا المستهلكين و مشكلاتهم و تجدر الإشارة هنا إلى أن هناك ضرورة كبيرة لضبط كافة العوامل الأخرى المحيطة بعمل أولئك الموظفين التابعين لجمعية حماية المستهلكين إذا ما أريد الحصول على نتائج ايجابية للتجربة .

2/- التجربة على مجموعتين :

بحسب هذا النوع من التجارب يتم التعامل مع مجموعتين متشابهتين و في الوقت نفسه يقوم الباحث بعرض العامل التجريبي على مجموعة واحدة (المجموعة المفحوصة ) من المجموعتين مع تجاهل عرضه على المجموعة الضابطة بعدها تتم مقارنة المجموعتين بهدف تعرف وجود أي تغير ملموس على المجموعة المفحوصة أم لا .
أهم ما يعيب هذا الأسلوب في التجريب انه نادرا ما توجد مجموعتان متشابهتان بشكل كامل، الأمر الذي يقلل من تعميم نتائج التجربة في حالات أو تجارب معينة و بخاصة في بيئة يصعب التحكم في العوامل المؤثرة فيها.

3/- التجربة على عدة مجموعات :

يرتكز هذا الأسلوب على استخدام أكثر من مجموعة و بالتناوب ، الشرط الأساسي لهذا النوع من التجارب هو وجود مجموعات متشابهة أو متكافئة إن أمكن ، و ذلك من اجل تطبيق العامل التجريبي على كل مجموعة بالتناوب بحيث تصبح كل واحدة من المجموعات في المرة الأولى مجموعة تجريبية و في المرة الثانية مجموعة ضابطة . و تجدر الإشارة هنا إلى ضرورة توافر بعض الشروط لإنجاح البحث التجريبي منها أن تكون الفرضيات المراد اختبارها ذات أساس نظري دقيق كخطوة أولى مع توافر إجراءات واضحة لعملية التجريب الميدانية أو المخبرية كخطوة ثانية بالإضافة إلى ضرورة وجود باحثين مجربين من ذوي الملاحظة الدقيقة حتى يمكن الوصول إلى نتائج واقعية يمكن تعميمها على مجموعات أو عينات ممثلة لمجتمع الدراسة .
بشكل عام يعتبر أسلوب التجريب أكثر الأساليب فعالية في الوصول إلى علاقات سببية بين عامل أو أكثر و عوامل أخرى تابعة . إلا أن هذا الأسلوب في الوقت نفسه يعاني من بعض العيوب أهمها احتمالية وقوع الباحث في بعض الأخطاء أثناء عملية المراقبة أو الضبط للعامل أو العوامل المراد عزلها بالإضافة إلى بعض الأخطاء التي قد تحدث في اختيار أسلوب المعاينة و حجم العينة في المجموعات التجريبية و الضابطة و مدى تشابهها أم لا و تجدر الإشارة هنا إلى أن هذا الأسلوب العلمي يعاني من ظاهرة النزاعات الشخصية لدى بعض الباحثين لإنجاح التجارب التي يشرفون عليها الأمر الذي يؤدي إلى نتائج غير دقيقة لا يمكن تعميمها لبعدها عن الواقع الطبيعي للأشياء أو الظواهر المفحوصة .

3- سلبيات المنهج التجريبى:

أ- صعوبة تحقيق الضبط التجريبي في المواضيع والمواقف الاجتماعية وذلك بسبب الطبيعة المميزة للإنسان الزى هو محور الدراسات الاجتماعية والإنسانية، فهناك عوامل إنسانية عديدة( مثل إرادة الإنسان،الميل للتصنع…الخ )يمكن أن تؤثر على التجربة ويصعب التحكم فيها و ضبطها.
ب-هناك عوامل سببية ومتغيرات كثيرة يمكن أن تؤثر في الموقف التجريبي ويصعب السيطرة عليها ومن ثم يصعب الوصول إلى قوانين تحدد العلاقات السببية بين المتغيرات.
ج- أن الباحث ذاته يمكن أن نعتبره متغيرا ثالثا يضاف إلى اى متغيرين(مستقل وتابع) يحاول الباحث إيجاد علاقة بينهما.
د- فقدان عنصر التشابه التام في العديد من المجاميع الإنسانية مقارنة بالتشابه الموجود في المجالات الطبيعية.
ه- هناك الكثير من القوانين والتقاليد والقيم التي تقف عقبة في وجه إخضاع الكائنات الإنسانية للبحث لما قد يترتب عليها من أثار مادية أو نفسية.

4- الصعوبات التي تواجه الباحث في البحوث التجريبية:
يكتنف المنهج التجريبي في البحث صعوبات عديدة شانها في ذلك شان طرق البحث الاخرى و من هذه الصعوبات مايلي :
1- إن النتائج التي نتوصل إليها من التجريب لا تقتصر فقط على أفراد التجربة و إنما يتم تعميم نتائجها على جماعات اكبر من العينة موضوع الدراسة لذلك إذا لم تكن العينة في التجربة ممثلة للمجتمع الأصلي المراد تطبيق النتائج عليه فانه لا يمكن تعميمها عليه .

2- قد يشكل عدم توافر الأدوات و الأجهزة الدقيقة نوعا من الصعوبة في إجراءات البحث مما يؤدي إلى وجود أخطاء في القياسات ذلك لان استخدام الأجهزة غير الدقيقة في التجربة كثيرا ما يؤدي إلى بيانات و نتائج غير دقيقة و بالتالي فشل التجربة و الدراسة نهائيا .

3- قد يقابل الباحث مشكلة عدم توافرا فراد العينة في بعض البحوث مثل البحوث التي تجري على الفئات الخاصة (ذوي الإعاقة) لذلك على الباحث أن يراعي المبادئ العلمية الخاصة باختيار العينة الاختيار الصحيح

4- في التجارب التي تجري في الحقل التربوي يقابل الباحث بعض الصعوبات من غير شك في تحديد جميع المتغيرات و العوامل التي تؤثر على نتائج التجربة كما أن عزل جميع العوامل التي يمكن أن يكون لها صلة بالتغييرات التي تحدث خلال التجربة و التحكم فيها يعتبر مستحيلا لذلك فعلى الباحث أن يضع نصب عينيه ضرورة التحكم في المتغيرات التي لها وثيقة بالتجربة التي يقوم بها على أن يترك دون ضبط أو تحكم المتغيرات الأخرى ، التي قد تكون ذات تاثير طفيف و غير ملموس على النتائج.

5- ينبغي على الباحث في الحقل التربوي أن يراعى في التصميم التجريبي و في تنفيذ هذا التصميم استخدام ظروف للتجريب تقترب إلى حد كبير من الواقع التعليمي العادي حتى يكون لنتائجها قابلية للتعميم أو التطبيق.

6-في البحوث التجريبية قد يحدث خطا التحيز سواء في القائم بالبحث أو في الأشخاص الذين هم موضع التجربة ذاتها و ذلك لان هؤلاء الأشخاص إذا انتبهوا لدورهم في التجربة سيحاولون بذل الجهد لإنجاح التجربة وبذلك لا تكون التجربة قريبة من الظروف الطبيعية .

عيوب المنهج التجريبي :

أهم ما يعيب المنهج التجريبي صعوبة الحصول على تعاون أفراد العينة المدروسة فيما يتعلق بضبط الأنماط السلوكية للأفراد تحت التجربة ، الأمر الذي قد يؤدي في النهاية إلى صعوبة تعميم نتائج التجربة و مقابلتها مع الفرضيات التي قامت عليها التجربة نفسها .
كما أن هذا النوع من البحوث يحتاج إلى مهارات و خبرات عالية المستوى من الناحية العلمية المرتبطة بمدى اتصاف من يقومون بها بالموضوعية و الخبرة اللازمتين لإنجاح التجارب .

المنهج الإحصائي:

1-التعريف:

هو عبارة عن استخدام الطرق الرقمية والرياضية في معالجة وتحليل البيانات وإعطاء التفسيرات المنطقية المناسبة لها ويتم ذلك عبر عدة مراحل:
أ- جمع البيانات الإحصائية عن الموضوع.
ب- عرض هذه البيانات بشكل منظم وتمثيلها بالطرق الممكنة.
ج- تحليل البيانات.
د- تفسير البيانات من خلال تفسير ما تعنيه الأرقام المجمعة من نتائج.

2-أنواع المنهج الاحصائى:

أ- المنهج الاحصائى الوصفي:
ويركز على وصف وتلخيص الأرقام المجمعة حول موضوع معين وتفسيرها فى صورة نتائج .

ب-المنهج الإحصائي الاستدلالي أو الاستقرائي:
يعتمد على اختيار عينة من مجتمع اكبر وتحليل وتفسير البيانات الرقمية المجمعة عنها والوصول إلى تعميمات واستدلالات على ما هو أوسع واكبر من المجتمع محل البحث.

3- المقاييس الاحصائية:

هناك عدة مقاييس الإحصائية التي يتم استخدامها في إطار هذا المنهج منها المتوسط- الوسيط –المنوال والنسب المئوية والمعدلات والجداول التكرارية.ويمكن للباحث استخدام أكثر من طريقة في تحليل وتفسير البيانات.

4- ملاحظات أساسية عن المنهج الاحصائى:

أ- في حين يدخله بعض الكتاب ضمن مناهج البحث العلمي فان آخرين لا يدخلونه وان كان الجميع يقرون بوجود طرق إحصائية يمكن إتباعها في التعامل مع البيانات البحثية.
ب- يستخدم المنهج الاحصائى الوسائل الرياضية والحسابية لمعالجة البيانات وتقديم التفسيرات المنطقية لها.
ج- ومن خلال ذلك يستطيع الباحث التعرف على تحديد نقاط التوازن أو الوسط في الموضوع محل البحث.وتحديد الحدود الدنيا والعليا للأمور المطلوب بحثها.
د- هناك طريقتان لاستخدام المنهج الاحصائى _كما سبق ذكره:المنهج الاحصائى الوصفي والمنهج الاحصائى الاستدلالي.
ه- يمكن استخدام الحاسوب في تحليل الأرقام الإحصائية المجمعة من اجل تأمين السرعة والدقة المطلوبة.
و- يتم جمع البيانات عن طريق المصادر الاستبيانات و المقابلات.
– ويمكن الجمع بين أكثر من طريقة.
ز- يمكن استخدام عدداً من المقاييس الإحصائية كما سبقت الإشارة ويمكن الجمع بين أكثر من مقياس.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المنهج الانثربولوجي:

لمحة عن الانثروبولوجيا :

يتضح من المعنى اللفظي لإصطلاح انثروبولوجيا أن موضوع هذا العلم هو الإنسان ،و الإنسان الإطار الوحيد الذي يحدد الموضوعات التي يدرسها هذا العلم أما الزمان أو المكان فلا يقيدان الموضوعات التي تدخل في نطاقه بمعنى انه العلم الذي يدرس الإنسان و أجداده و أصوله منذ أقدم العصور و الأزمنة حتى يومنا هذا ، فهو يدرس الإنسان في كل زمان ، وكذلك يدرس الإنسان في كل أنحاء العالم و بصورة أدق في كل أجزاء الكرة الأرضية أي يدرس الإنسان في كل مكان ، وهكذا لا يتقيد هذا العلم بفترات الزمان أو بحواجز المكان ، ولكنه يتقيد ببحث موضوع واحد لا يخرج عنه و هو “الإنسان” ولكن ” الإنسان” موضوع واسع جدا ويجب تحديد هذا الموضوع بصورة أضيق حتى نستطيع تمييز هذا العلم عن العلوم الطبيعية و الاجتماعية الأخرى التي تدرس أيضا الإنسان . يهتم هذا العلم بالجنس البشري فيدرس أجسام أفراده و مجتمعاتهم ووسائل الاتصال فيما بينهم و كل ما ينتجونه سواء أكان مادة أو علاقة اجتماعية أو فكرة. وقد اهتم الانثروبولوجيون الأوائل بدراسة مظاهر الحياة الاجتماعية للمجتمعات البدائية ، إذ اجتذبتهم غرابة تلك المجتمعات و اختلافها عن المجتمعات الأخرى بخاصة المجتمعات الأوروبية ، ويمكن تلخيص الأسباب التي دفعت الرعيل الأول من الانثروبولوجيين إلى ذلك الاتجاه فيما يلي :
1- كان أهم ما يبحثون عنه هو اللغات و العادات الغريبة التي تختلف و تتناقض مع لغات و عادات مجتمعاتهم الأوروبية المتمدينة و أصبح هذا تقليدا على ممر السنين ، فبينما يهتم الانثرولوجيون بالمجتمعات شبه البدائية ، يهتم علماء الاجتماع و الاقتصاد و علماء السياسة بالمجتمعات المتمدينة التي تعرف على الأقل الكتابة و القراءة ، ويرى بعض الانثروبولوجيين (1) على الاهتمام بالمجتمعات البدائية يعد أهم ما يميز الانثروبولوجيا عن العلوم الاجتماعية الأخرى . وقد أصبح هذا القول غير صحيح في القرن العشرين حيث انتشرت الدراسات الانثروبولوجية الخاصة بالمجتمعات المتمدينة و خاصة القرى ، وكذلك بعض الدراسات المختصة بتحديد معالم حضارات المجتمعات المتقدمة مثل المجتمع الأمريكي و الروسي و الصيني ، وقد بحث بعضهم في عمليات الصراع أو الامتزاج بين الحضارات المتقدمة التي تتلاقى في حالات الهجرة أو الحروب ، ومن أمثلة ذلك الدراسات المتعددة التي تخصصت في دراسة المهاجرين الأوروبيين و الصينيين و اليابانيين الذين هاجروا إلى الولايات المتحدة الأمريكية و يعيشون في مجتمعات شبه مغلقة يحتفظون فيها بلغاتهم الأصلية و عادات أوطانهم الأولى ، يتضح مما سبق انه بينما اقتصرت أبحاث علماء الإنسان في القرن التاسع عشر على المجتمعات شبه البدائية ، فقد اهتم بعض علماء الإنسان في القرن العشرين بالمجتمعات المتمدينة ولكن الاتجاه الغالب هو دراسة المجتمعات شبه البدائية و المختلفة .

2- يتميز علم الإنسان بالنظرة الكلية الشاملة أي المنهج الكلي التكاملي الذي يهدف إلى تحديد جميع عناصر الثقافة في مجتمع ما ، فمثلا إذا درس الاثروبولوجي قبيلة الشلوك في السودان عليه أن يبحث كل عنصر مادي أو اجتماعي أو فكري في حياة تلك القبيلة ، بحيث يصل في النهاية إلى تحديد طريقة الحياة التي تعيشها أفراد تلك القبيلة ، ولذلك يهتم بملاحظة مساكنهم و ملابسهم و أدواتهم و نظام العائلة و القرابة و النظام الاقتصادي و المعتقدات و الطقوس الدينية و اللغة المستخدمة ة السحر ووسائل الضبط الاجتماعي من سنن اجتماعية و تقاليد و كذلك يحدد صور الفن المنتشرة ، كما انه يعني أيضا بدراسة النظام السياسي و الجماعات التي تتكون منها القبيلة و المراكز الرئيسية في تلك الجماعات و الأدوار الاجتماعية للأفراد في داخلها ، وخلاصة القول أن الانثروبولوجي يدرس كل ثقافتها ،أن التزام علم الإنسان بالمنهج الكلي التكاملي يدفع الانثرولوجي إلى الاهتمام بالمجتمعات شبه البدائية صغيرة الحجم حيث يصبح في الإمكان تطبيق المنهج التكاملي و حيث يستطيع عالم واحد الإلمام بكل الجوانب الثقافية للمجتمع . ولا شك أن الانثرولوجي أن يصل إلى معرفة العلاقات الاجتماعية في المجتمع الصيني الضخم أو المجتمع الأمريكي أو المجتمع العربي كما يعرفا عالم الاجتماع ، وكذلك أن يصل إلى معرفة نظام الأسعار و نظام البنوك كما يعرف عالم الاقتصاد ، كما انه لن يفهم قوانين تلك الأمم المتمدينة بنفس الدقة التي تصل إليها رجال القانون ، ولكنه يستطيع- وحده- أن يدرك الصورة ككل ويعرف الحقائق الأساسية لتلك العلوم بحيث يستطيع أن يرسم صورة كلية شاملة لجميع مظاهر الحياة الاجتماعية في مجتمعات صغيرة الحجم مثل قبائل الشلوك أو الماساي أو الدنكا بالسودان ، ولذلك كانت معظم دراسات الانثروبولوجيا خاصة بالمجتمعات شبه البدائية و المختلفة . وعندما تقدمت و كثرت أبحاث علماء الاقتصاد و الاجتماع و السياسة و الدين و القانون أصبح قي مقدور الانثروبولجي الاستفادة بتلك الدراسات للوصول إلى تحديد عناصر حضارة المجتمع المتقدم كبير الحجم و الغنى بالعلاقات الاجتماعية المعقدة المتشابكة.

المنهج الانثروبولوجي :

يقوم هذا المنهج على أساس الملاحظة الميدانية، فيختار الباحث قبيلة أو مجتمعا في محاولة لتفهم ثقافته و تقاليده عن طريق دراسة قوامها الإنسان نفسه، وكثيرا ما تقوم الدول المستعمرة بإتباع هذا المنهج لدراسة ثقافات الشعوب التو تقوم باستعمارها.



kghkhjlhjljkl

التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

: المنهج التاريخي بالتفصيل


خطة البحث

مقدمــــة
1_تعريف المنهج التاريخي
2_ خصائص المنهج التاريخي
3_ أهمية المنهج التاريخي
4_ أهداف المنهج التاريخي
5_خطوات المنهج التاريخي
6_ نقد و تقييم المنهج التاريخي
خاتمـــة
المراجع

مقدمـــــة

يستخدم علماء الاجتماع و الباحثين في العلوم الأخرى المنهج التاريخي، عند دراستهم للتغير

الذي يطرأ على شبكة العلاقات الاجتماعية و تطور النظم الاجتماعية، و التحول في المفاهيم و القيم الاجتماعية، كذلك عند دراستهم لأصول الثقافات و تطورها و انتشارها و عند عقد المقارنات المختلفة بين النظم و الثقافات، بل أن معرفة تاريخ المجتمع ضرورية لفهم واقعه، و عليه و لأهمية المنهج التاريخي في مثل هذه الدراسات سوف نتعرف على خصائص و أهمية و خطوات هذا المنهج من خلال بحثنا هذا.

1)- تعريف المنهج التاريخي ” الإستردادي”:
أولا/ تعريف المنهج: و هو الأسلوب و الطريق المؤدي لمعرفة الحقائق أو الغرض المطلوب، كذلك نطلق عليه الوسيلة المؤدية إلى اكتشاف الحقائق و المعرفة العلمية.
ثانيا/ تعريف التاريخ لغة: أرخ، تأريخ، تسجيل حادثة ما في مكان ما و زمان ما.
ثالثا/ تعريف التاريخ اصطلاحا: عرفه ابن خلدون على أنه: ” إن فن التاريخ …لا يزيد على أخبار عن الأيام و الدول، و السوابق من القرون الأول، تنمى فيها الأقوال، و تضرب فيها الأمثال…و في باطنه نظر
و تحقيق و تعليل للكائنات و مباديها دقيق، و علم بكيفيات الوقائع و أسبابها عميق”. (1)
و هو تأريخ لماضي الإنسانية و الحضارات و ما تركه الإنسان من أثار مادية و ثقافية من خلال الكتابة و التدوين، و هو ذاكرة الشعوب و مرآة للأمة تعكس لنا حوادث الماضي
و حقبات من الزمن و التي كانت نتيجة تفاعل بين الأفراد في مكان ما و زمان ما.
رابعا/ المنهج التاريخي ” الإستردادي”: و سمي كذلك بالمنهج الاستردادي لأنه عملية استرداد و عملية إسترجاع للماضي، و هو منهج علمي مرتبط بمختلف العلوم الأخرى ، حيث يساعد الباحث الاجتماعي خصوصا عند دراسته للتغيرات التي تطرأ على البنى الاجتماعية و تطور النظم الاجتماعية في التعرف على ماضي الظاهرة و تحليلها و تفسيرها علميا، في ضوء الزمان و المكان الذي حدثت فيه، و مدى ارتباطها بظواهر أخرى و مدى تأثيرها في الظاهرة الحالية محل الدراسة و من ثم الوصول إلى تعميمات
و التنبؤ بالمستقبل.
بعض أعلام المنهج التاريخي:
– العلامة ابن خلدون: و استخدم المنهج التاريخي في دراسته للعمران البشري في تحليله لمراحل تطور الدولة و هرمها.
– ماكس فيبر: كذلك استخدم المنهج التاريخي في دراسته لبعض الفرق الدينية البروتستنتية و تأثيرها في المجتمع أنذاك.
– كارل ماركس: أيضا هو استخدم المنهج التاريخي في دراسته لصراع الإنسان مع الطبيعة و تطور النظم في المجتمع عبر مراحلها التاريخية.

بعض الصفات التي يجب أن يتحلى بها الباحث التاريخي:
1_ أن تكون للباحث ثقافة واسعة في اللغات و لا سيما لغة البحث
2_ أن يكون قادرا على فهم و تحليل القضايا
3_ أن تكون له خلفية تاريخية على موضوع البحث و خاصة المصطلحات الخاصة بوثائق البحث
4_ كذلك يجب أن تكون له معرفة بالعلوم الأخرى كالأختام و النقود و الجغرافيا و ذلك لأنه لا يمكننا دراسة الحادثة التاريخية بمعزل عن العلوم الأخرى
2)- خصائص المنهج التاريخي:
1- يعتمد على ملاحظات الباحث و ملاحظات الأخرون
2- لا يقف عند مجرد الوصف بل يحلل و يفسر
3- عامل الزمن، حيث تتم دراسة المجتمع في فترة زمنية معينة
4- أكثر شمولا و عمقا لأنه دراسة للماضي و الحاضر
3)- أهمية المنهج التاريخي:
1- يساعدنا في التعرف على البحوث السابقة
2- يساعدنا على معرفة تطور المشاكل و حلولها السابقة، و دراسة سلبيات و إيجابيات هذه الحلول
3- يساعد في التعرف تاريخ و تطور النظم و علاقتها بالنظم الأخرى و البيئة التي نشأت فيها
4- يمكننا هذا المنهج من حل مشاكل معاصرة على ضوء خبرات الماضي
5- لا يقتصر المنهج التاريخي على التاريخ و العلوم الاجتماعية فقط بل يتعدى استخدامه إلى العلوم الطبيعية، الاقتصادية، العسكرية،…الخ
6- يمثل تكامل بينه و بين المنهج المقارن.
4)- أهداف المنهج التاريخي:
1- التأكد من صحة حوادث الماضي بوسائل علمية
2- الكشف عن أسباب الظاهرة بموضوعية على ضوء ارتباطها بما قبلها أو بما عاصرها من حوادث
3- ربط الظاهرة التاريخية بالظواهر الأخرى الموالية لها و المتفاعلة معها
4- إمكانية التنبؤ بالمستقبل من خلال دراستنا للماضي
5- التعرف على نشأة الظاهرة

5)- خطوات المنهج التاريخي:
عند دراسة ظاهرة أو حدث تاريخي يتوجب على الباحث إتباع خطوات أثناء دراسته و هي كما يلي:
1- اختيار موضوع البحث: و نقصد هنا تحديد مكان و زمان الواقعة التاريخية، الأشخاص الذين دارت حولهم الحادثة، كذلك نوع النشاط الإنساني الذي يدور حوله البحث.
2- جمع البيانات و المعلومات أو المادة التاريخية: بعد الانتهاء من تحديد مكان و زمان الواقعة التاريخية يأتي دور جمع البيانات اللازمة و المتعلقة بالظاهرة من قريب أو من بعيد و تنقسم إلى مصادر أولية
و ثانوية.
2-1 المصادر الأولية: و تتمثل في السجلات، الوثائق، و الأثار، المذكرات الشخصية، محاضر اجتماعات…الخ.
2-2 المصادر الثانوية: و هي المعلومات الغير مباشرة و المنقولة التي تؤخذ من المصادر الأولية و يعاد نقلها و عادة ما تكون في غير حالتها الأولى و نجدها في الجرائد و الصحف و الدراسات السابقة أو الرقصات الشعبية المتوارثة الرسوم و النقوش و النحوت، الخرائط، التسجيلات الإذاعية و التلفزيونية .
3- نقد مصادر البيانات: و هذه مرحلة جد مهمة في البحث حيث يجب التأكد من صحة المعلومات التي جمعت و ذلك ليكون البحث أكثر مصداقية و أمانة و في ذلك قال ابن خلدون: ” و كثيرا ما وقع للمؤرخين و المفسرين و أئمة النقل من المغالط في الحكايات و الوقائع لاعتمادهم فيها على مجرد النقل غثا أو سمينا و لم يعرضوها على أصولها و لا قاسوها بأشباهها و لا سبروها بمعيار الحكمة و الوقوف على طبائع الكائنات و تحكيم النظر و البصيرة في الأخبار فظلوا عن الحق و تاهوا في بيداء الوهم
و الغلط و لا سيما في إحصاء الأعداد من الأموال و العساكر إذا عرضت في الحكايات إذ هي مظنة الكذب و مظنة الهذر و لا بد من ردها إلى الأصول و عرضها على القواعد.”(1)
و يكون النقد داخلي و خارجي
3-1 النقد الخارجي: و يتضمن التأكد من صحة الوثيقة محل البحث و هو بدوره ينقسم إلى نوعين:
3-1-1 نقد التصحيح: و هنا يتم التأكد من صحة الوثيقة ونسبتها إلى صاحبها و ذلك ب:
“التأكد من صحة الوثيقة الخاصة بحادثة معينة أو أكثر، لتحديد مدى صحتها و مدى صحة نسبتها إلى أصحابها، و ذلك لما تتعرض له كثير من الوثائق من حشو و تزييف، و إضافات دخيلة، أو تحريف لأسباب كثيرة و أشكال متعددة، فالوثيقة قد تكون مكتوبة بيد المؤلف و إنما بيد شخص أخر، و لا توجد سوى نسخته الوحيدة هذه، فيكون من واجب الباحث تصحيح الخطأ في النقل، قد تكون الوثيقة متعددة النسخ
و أماكن التواجد، بحيث يحتاج الأمر إلى تحديد أصليها من ثانويها”.(1)
3-1-2 نقد المصدر: و في هذه المرحلة يتم التأكد من مصدر الوثيقة و زمانها و مؤلفها، للتأكد من نسبها لصاحبها و للتحقق من هذه النقاط وجب إتباع الخطوات التالية:
3-1-2-1 ” التحليل المخبري، حسب طبيعة مادة الوثيقة، كاستخدام التحليل بالفحم المشع، بالنسبة للوثائق الكاربوهيدراتية، و لكل مادة أساليب تحليل خاصة بها.
3-1-2-2 دراسة الخط و اللغة المستعملة
3-1-2-3 فحص الوقائع الوارد ذكرها في الوثيقة، و مقارنتها بأحداث العصر المنسوبة إليه
3-1-2-4 تفحص مصادر الوثيقة و الاقتباسات”.(2)

3-2 النقد الداخلي: و نقصد بذلك التحقق من معنى الكلام الموجود بالوثيقة سواء المكتوب حرفيا أو المقصود بطريقة غير مباشرة و كذلك فيه نوعين:
3-2-1 النقد الايجابي: و الهدف منه تحديد المعنى الحقيقي و الحرفي للنص، و ما يرمي إليه الكاتب و هل حافظ على نفس المعنى في الوقت الحالي أم لا.
3-2-2 النقد السلبي: هنا يتم التحقق من رؤية الكاتب لمشاهدة الوقائع بدراسة مدى خطأ أو تحريف الوثيقة، كذلك مدى أمانته في نقل الواقعة، و التأكد من سلامة جسمه و عقله و سنه يلعب دور كبير في التأكد من هذه المعلومات، كذلك معرفة ما السبب الذي أدى به إلى كتابة هذه الوثيقة و الإحاطة بجميع ظروفه أنذاك.

4- صياغة الفروض: و هي عبارة عن حل مؤقت لإشكالية البحث و الذي على إثره تتم دراسة الموضوع
5- تحليل الحقائق و تفسيرها و إعادة تركيبها:
هنا يتم تحليل الظاهرة الراهنة و التي هي موضوع الدراسة في ظل الحقائق التي قام بجمعها و التنسيق بين الحوادث، و من ثم تفسيرها علميا مبتعدا عن الذاتية معتمدا في ذلك على نظرية معينة.
6- استخلاص النتائج و كتابة التقرير:
و تعتبر هذه أخر مرحلة في البحث حيث تكون عصارة البحث بالخلوص إلى النتائج التي كان الباحث قد وضع لها فروض سابقة في البداية و كتابة تقريره النهائي حول الظاهرة المدروسة.

6)- نقد و تقييم المنهج التاريخي:
من إيجابيات المنهج التاريخي أنه:
1_ يعتمد المنهج التاريخي على المنهج العلمي في تقديم البحوث
2_ النقد الداخلي و الخارجي لمصادر جمع البيانات الأولية و الثانوية
3_ قليل التكلفة في جمع البيانات

كما تؤخذ عليه بعض المأخذ نذكر منها:
1_ المادة التاريخية لا تخضع للتجريب و ذلك لانقضائها، مما يصعب إثبات الفرضيات
2_ يصعب تعميم النتائج المتوصل إليها و التنبؤ بالمستقبل و ذلك لارتباط الظاهرة التاريخية بظروف مكانية و زمنية معينة
3_ صعوبة إخضاع البيانات التاريخية للتجريب مما يجعل الباحث الاكتفاء بالنقد الداخلي و الخارجي
4_ المعرفة التاريخية تعد ناقصة لما تعرض له من تزوير و تلف و تحيز في نقل الأحداث

خاتمــــــة

رغم الانتقادات أو المأخذ التي سجلت على المنهج التاريخي، إلا أنه يحتفظ بمكانته الخاصة ضمن

المناهج الأخرى، و يحظى بحصة الأسد من خلال اختياره في أغلب البحوث العلمية و ذلك لما له من أهمية في التعرف على ماضي و كيفية نشأة الظاهرة و تطورها عبر التاريخ مما يجعل الحلول ممكنة أمام الباحث و يسهل عليه تطبيق الحلول بطريقة علمية و موضوعية.

قائمة المراجـــــــع

1- عبد الرحمان ابن خلدون، مقدمة ابن خلدون، دار الهيثم، القاهرة، ط1، 2022.
2- عمار بوحوش، محمد محمود الديبات، مناهج البحث العلمي و طرق إعداد البحوث، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، ط3،2001.
3- صلاح الدين مصطفى الفوال، منهجية العلوم الاجتماعية عالم الكتب، القاهرة، ط5، دس.
4- خالد حامد، منهجية البحث في العلوم الاجتماعية و الإنسانية، جسور، الجزائر، ط1،2008.
5- سامية محمد جابر و آخرون، البحث العلمي الاجتماعي، دار المعرفة الجامعية، دط،2003.
6- محي الدين مختار، الاتجاهات النظرية و التطبيقية في منهجية العلوم الاجتماعية، منشورات جامعة باتنة، ج 1،دس.
7- صلا الدين شروخ، منهجية البحث العلمي للجامعيين، دار العلوم، عنابة، دط، 2022
8- محمود عبد الحليم منسي، مناهج البحث العلمي في المجالات التربوية و النفسية، مصر، دط،2003
9- المنهج التاريخيطــلب مساعدة حول بحث المـنــهج التاريخي – •[ منتديات طلبة الجزائر ]•.htm
10- المنهج التاريخيالمنهج التاريخي في مجال المكتبات والمعلومات بحث علمي في مفهوم المنهج التاريخي وعل


التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

المنهج الوصفى

المنهج الوصفى(دراسة الحالة):

1- مقدمة:

يقوم على أساس اختيار حالة معينة يقوم الباحث بدراستها قد تكون وحدة ادارية أو اجتماعية،أو فرد مدمن مثلا،أوجماعة واحدة من الاشخاص،وتكون دراسة هذه الحالة بشكل مستفيض يتناول كافة المتغيرات المرتبطة بها وتناولها بالوصف الكامل والتحليل.
و يمكن أن تستخدم دراسة الحالة كوسيلة لجمع البيانات والمعلومات فى دراسة وصفية، وكذلك يمكن تعميم نتائجها على الحالات المشابهة بشرط أن تكون الحالة ممثلة للمجتمع الذى يراد الحكم عليه .

ومن ثم يمكن التأكيد على الآتى:
*أن دراسة الحالة هى احدى المناهج الوصفية.
*بمكن أن تستخدم دراسة الحالة لاختبار فرضية أو مجموعة فروض.
*عند استخدامها للتعميم ينبغى التأكد من أن الحالة ممثلة للمجتمع الذى يراد التعميم عليه.
*من الضرورى مراعاة الموضوعية والابتعاد عن الذاتية فى اختيار الحالة وجمع المعلومات عنها ثم فى عملية التحليل والتفسير.

2- مزايا دراسة الحالة:-
يتميز منهج دراسة الحالة بعدد من المزايا:

أ- يمكن الباحث من تقديم دراسة شاملة متكاملة ومتعمقة للحالة المطلوب بحثها ،حيث يركز الباحث على الحالة التى يبحثها ولايشتت جهده على حالات متعددة
ب- يساعد هذا المنهج الباحث على توفير معلومات تفصيلية وشاملة بصورة تفوق المنهج المسحى.
ج- يعمل على توفير كثير من الجهد والوقت .
مساوئ دراسة الحالة:
ا- قد لا تؤدى دراسة الحالة إلى تعميمات صحيحة اذا ما كانت غير ممثلة
للمجتمع كله أو للحالات الاخرى بأكملها.
ب- أن ادخال عنصر الذاتية أو الحكم الشخصى فى اختيار الحالة أو جمع البيانات عنها وتحليلها قد لا يقود إلى نتائج صحيحة.

3- خطوات دراسة الحالة:

– تحديد الحالة أو المشكلة المراد دراستها.
– جمع البيانات الاولية الضرورية لفهم الحالة أو المشكلة وتكوين فكرة واضحة عنها
– صياغة الفرضية أو الفرضيات التى تعطى التفسيرات المنطقية والمحتملة لمشكلة البحث.
– جمع المعلومات وتحليلها وتفسيرها والوصول إلى النتائج.

4- أدوات جمع المعلومات:

أ- الملاحظة المتعمقة حيث يحتاج الباحث الى تواجده وبقاءه مع الحالة المدروسة لفترة كافية لتسجيل ملاحظاته بشكل منظم أول باول. البحث.

ب- المقابلة حيث قد يحتاج الباحث إلى الحصول على معلوماته بشكل مباشر من الحالات المبحوثة وذلك بمقابلة الاشخاص الذين يمثلون الحالة وجها لوجه وتوجيه الاستفسارات لهم والحصول على الاجابات المطلوبة،وتسجيل الانطباعات الضرورية التى يتطلبها البحث.
ج- الوثائق والسجلات المكتوبة التى قد تعين الباحث فى تسليط الضوء على الحالة المبحوثة.
د- قد يلجأ الباحث إلى استخدام الاستبيان وطلب الاجابة على بعض الاستفسارات الواردة به من جانب الاشخاص والفئات المحيطة بالحالة محل البحث.


التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

المنهج المسحي

*مــــــقدمــة:

قبل التعرض لماهية المنهج المسحي والخوض في تفاصيله لا بدمن إلقاء الضوء على تاريخ هذا المنهج وبدايته باعتباره من أقدم الطرق المستخدمة فيالبحث العلمي. وهو طريقة متميزة تدين بتطورها إلى علمالاجتماع ، فعلي الرغم من أنها تعتبر من الطرق الحديثة إلا أن جذورها التاريخيةترجع لعهود قديمة ؛ فقد بدأت مع الفراعنة في تعداد السكان ، وحصر المحصول .

أما بداياتها في العصر الحديث فتبلورت في منتصف القرن الثامن عشر فيما قامبه “جون هوارد(1726-1795م) من مسح لنظام السجون في انجلترا.
و استخدم كطريقة للبحثبصورة موضوعية منتظمة في عام 1886م بدراسة “بوث” المسحية (1889-1902م) عن عمل وحياةسكان مدينة لندن ؛ وبذالك يعتبره البعض أب المسوحات الاجتماعية كطريقة علمية.

كما يعد منهج البحث المسحي من أكثر طرق البحثالتربوي استعمالا؛لأنه يمكننا من جمع وقائع ومعلومات موضوعية قدر الإمكان عن ظاهرةمعينة ، أو حادثة مخصصة ، أو جـماعة من الجـماعات ، أو ناحية من النواحي (صحية ،تربوية ، اجتماعية…).
ويعمل الباحث فيه على تحليل واقع الحال للأفرادفي منطقة معينة من أجل توجيه العمل في الوقت الحاضر وفي المستقبل القريب.
وقدتطور المنهج المسحي بتطور البحوث العلمية فصار من أكثر الطرق استخداما فنجده فيصفحات الانترنت لمسح آراء المتصفحين في قضية ما ، أو في شاشات التلفزيون عند مناقشةسلوك أو ظاهرة معينة ، لذا فقد حضي المنهج المسحي في وقتنا الحاضر بممارسات جعلتمنه منهجا علميا حيويا وفاعل .

*مـفهـوم المنهج المسحي:

عبر الكثير منالتربويين عن ماهية المنهج المسحي ولكن كل بطريقته الخاصة وسأعرض بعض هذه التعبيراتبعد التعرض لمفهوم المسح ومن ثم نعقب عليها بتعريفنا له كما يلي :

1/المسح لغة :

هو: ” إلقاء نظرة شاملة وفاحصة على موضوع معين بغرض فهمه و إدراك مختلف جوانبهوتداخلاته وأبعاده”.

2/مفهوم المنهج المسحي:

“- هو البحث الذي يهدف إلى وصف الظاهرة المدروسة ، أو تحديد المشكلة أو تبرير الظروفوالممارسات ، أو التقييم والمقارنة ، أو التعرف على ما يعمله الآخرون في التعامل معالحالات المماثلة لوضع الخطط المستقبلية ” .

“-هـو ذلك النوع من البحوث الذي يتم بواسطته استجواب جـميع أفراد مجـتمعالبحث أو عينة كبيرة منهم ، وذلك بهدف وصف الظاهرة المدروسة من حيث طبيعتها ودرجةوجودها فقط ، دون أن يتجـاوز ذلك دراسة العـلاقة أو استنتاج الأسباب “.

-و هو” عدد من مناهج البحث التي تشترك في هدف واحد هو الحصولعلى المعلومات من مجموعة من الأفراد بشكل مباشر ” .

-” الدراسةالمسحية دراسة شامـلة لعدد كبير من الحالات في وقت معين”.

*تعليق على التعريفات السابقة:

من خلال الطرح السابقةيتضح لنا أشترك كل التعريفات السابقة في كون المنهج المسحي يهدف بشكل مباشر لدراسةالظاهرة في الوقت الحاضر بهدف تحديدها ،ويرجع اختلاف التربويين في تعريف هذا المنهجللتصنيفات التي ضمنوها تحت هذا المنهج ،والمتصفح لكتب المناهج يظهر له الاختلافالكبير في تحديد هذا المفهوم تبعا لنظرة الكاتب المنهجية له ، فتارة يكتفونبوصف الظاهرة كميا وتارة يضاف للوصف الكمي وصفا كيفيا ؛ “فالعساف” مثلا يركز على وصفالظاهرة بهدف وصـف الواقـع فقط ولا يتجاوزه إلى معرفـة العلاقة أو استنتاج الأسباب.
وتارة أخرى يتجاوز الوصف والتحديد للتقييم والمقارنةكما جاء في تعريف “القحطاني”. وآخرون.

و من خلال ما سبق يمكننا الخروج بتعريفإجرائي للمنهج المسحي على أنه:
“منهج بحثي يهدف إلى مسح الطاهرة موضوع الدراسة ،لتحديدها ، والوقوف على واقعها بصورة موضوعية ، تمكن الباحث من استنتاج علميلأسبابها و المقارنة فيما بينها وقد تتجاوز ذلك للتقييم تبعا لما تخلص له من نتائج” .

*المفاهيم المتعلقة بالمنهج المسحي:

عند تناول المنهج المسحي تظهر لناكثير من المفاهيم التي لابد لنا كباحثين في المنهجية البحثية من الوقوف عليهاوتحديدها وأهم هذه المفاهيم هي :

1-المسح: ونعني به أن يجمع الباحثبيانات مجتمع الدراسة كله .

2-مسح عينة:ونعني أن يجمع الباحثبياناته عن عينة للمجتمع فقط .

3-الحقائق: وهي أي شيء يمكنالتحقق منه بشكل مستقل وموضوعي.

4-الآراء: وهي تعبير عما يعتقد الشخص أو يؤمنبه أو يشعر به وهي أمور نسبية تختلف من شخص لآخر.

5-السلوك: وتشير إلى فعل قامبه المستجيب.

*وتعتبر هذه المفاهيم من الأهمية بمكانعند تناول أي دراسة مسحية لذا لابد للباحث من تحديد كنه متغيراته وعينته بشكل دقيق .

*تصنيف البحوث المسحية:

فقد صنف الكثير من كتاب المناهج البحثية المنهجالمسحي كلا حسب منظوره ومفهومه للمنهج المسحي وفيما يلي نظرة لبعض هذه التصنيفات :

1/التصنيف وفق الميدان الذي يقوم الباحث بمسحه فيمكن أن تصنف وفق ذالك إلى :

أ-المسح المدرسي:

الذي يدرس الميدان التربوي بأبعاده المختلفة.مثل:المعلم،المتعلم،الوسائل،الطرق،الأهداف،المناهج،و غيرها. هادفة إلى تطويرالعملية التربوية،ووضع الخطط المناسبة لذالك؛إذا فالمسح المدرسي يمثل الخطوة الأولىالتي يتم فيها جمع البيانات لوضع خطط التطوير .

ب-المسحالاجتماعي:

فيتعلق بدراسة قضايا المجتمع المختلفة مثل توزيعالسكان، العادات، الأسرة، والتي تمثل خطوة مبدئية مهمة لتطوير المجتمع .

ج-دراساتالرأي العام:

وتتعلق دراسات الرأي العام بمسح أراء الجماعة ومشاعرها وأفكارهاومعتقداتها.وهي دراسة حيوية تحقق عدد من الفوائد أهمها تساعد في الحصول على معلوماتوبيانات ضرورية لأي عمليه تخطيط؛فتساعد على اتخاذ القرارات السياسية والاجتماعيةوالاقتصادية.

2/التصنيف وفق المجال :

أ-مسحالتعداد:وهو الذي يغطي مجتمع الدراسة بأكمله.

ب-مسح العينات :وهو الذي يدرس عينة منالمجتمع.

ج-تعداد المحسوسات:تقتصر الدراسة فيه على حصر بعض العناصرالمحسوسة، وتتعلق معلومات هذه الدراسة بمجتمع صغير والحصول على البيانات فيه سهلومباشر وغير قابل للشك مثل عدد الكتب في مكتبة المدرسة.

د-تعداد غير المحسوسات:
وفيه نحصر العناصر الغير محسوسة ،ويتناول تكوينات ومفاهيم غير قابلة للملاحظةالمباشرة ويمكن استنتاجها من مقاييس غير مباشرة ؛ لذا فلا بد في هذا النوع منالتأكد من ثبات وصدق الأدوات والتركيز على التعريف المجرد الواضح لمفاهيم الدراسةمثل حصر مستوى التلاميذ في المدرسة وروحهم المعنوية.

هـ-مسح العينات لمتغيراتمحسوسة:

وهنا نلجأ للمعاينة لأن مجتمع الدراسة كبير كحصر نسب التعليم بين البنينوالبنات في الحضر والريف الجزائري فنلجأ لعينات كبيرة لنتمكن من تمثيل المجتمع وتعميمالنتائج عليه.

و-مسح العينات للمتغيرات غير المحسوسة:

فنلجأ فيهكذلك للاكتفاء بعينة ممثلة للمجتمع مثل دراسات استطلاع الرأي .

3/التصنيف وفق العينة :

أ-المسح العام لمجتمع الدراسة.

ب-مسح عينة كبيرة من هذا المجتمع.

4/التصنيف وفق البعد الزمني:

أ-البحوث المسحيةالطويلة:

وفيه تجمع البيانات على فترات زمنية مختلفة بهدف دراسة التغير على مديفترة زمنية طويلة ولها ثلاث تصميمات هي المجموعة المختارة وتدرس نفس الأفراد عبرفترة زمنية طويلة نسبيا ، و دراسة التوجهات وفيه تيم دراسة أفراد مختلفين في نفسالتوجهات خلال فترات زمنية مختلفة . ودراسة المجتمع الخاص وفيه تيم تتبع مجتمع خاصخلال فترة طويلة من الزمن.

ب-البحوث المسحية العرضية:وفيه تدرس عينة منالمجتمع في فترة زمنية محددة .

5/التصنيف وفق الهدفمن المنهج المسحي :
وهو منحي لبعض كتاب المناهج البحثية ويتبنى أصحاب هذاالاتجاه تصنيف مناهج بحثية عديدة تحت مسمى المنهج المسحي ما عدا المنهج التجريبيوشبه التجريبي ، والبحوث الحقلية ، والتاريخية، باعتبار أنه منهج شامل لجميعالمناهج الباقية مثل:

أ-المسح الوصفي:ويعنى بوصف الظاهرة وحديدها ، وتبريرالظروف والممارسات ،أو التقييم والمقارنة .

ب-المسح الارتباطي: يدرسالعلاقات الارتباطية بين المتغيرات .

ج-المسح التنبؤي:ويدرسالأسباب المحتملة للنتيجة المدروسة، وإيجاد العلاقات بين المتغيرات المستقلةوالتابعة .

د-المسح التطوري:ويدرس أنماط ومراحل نمو أو تغيير الظاهرة عبرالزمن .

ويظهر لنا مما سبق أن تصنيفاتالمنهج المسحي قد تتداخل لدرجة إدراج بعض المناهج المستقلة عنة فيه تبعا لوجهة نظرالكاتب وأفكاره لتصنيف هذا المنهج.

*خطوات البحوث المسحية:

1-خطةالبحث:

التي تبدأ بسؤال يعتقد الباحث فيه بأن أفضل إجابة له تتم باستخدام المنهجالمسحي ، وهو سؤال يتعلق عادة بسلوك يمكن الحصول على بيانات عنه عن طريق التقريرالذاتي للأفراد ، كما لابد من تحديد مجتمع الدراسة ، وأسلوب جمع البيانات.

2-المعاينة:

ويحدد فيها حجم العينة ، وأسلوبالمعاينة ، ليتمكن من تعميم النتائج.

3-بناء الأدوات:

وتتمثل في الاستبيانوالمقابلة .

4-إجراءات الدراسة المسحية:

يعمل فيه الباحث على التحققميدانيا من صلاحية أدوات الدراسة وطرق تطبيقها ، ومن ثم تطبيقها .

5-معالجةالبيانات:
وتتضمن ترميز البيانات ، والتحليل الإحصائي ، وتفسير النتائج ، وإعدادالتقرير النهائي للبحث .

*ويظهر أن خطوات المنهج المسحي تكمن في تحديد الظاهرة موضوعالدراسة مع مراعاة المفاهيم المتعلقة بهذه الظاهرة والتي سبق عرضها في هذا البحثتحت عنوان مفاهيم متعلقة بالمنهج المسحي ، وصياغة مشكلة الدراسة في أسئلة بحثيةتقود إلى تصميم أدوات البحث المسحي المتمثلة في الاستبيان أو المقالة أو كلاهما معابهدف الوقوف على الظاهرة موضوع الدراسة وتكميمها ،وبعد التأكد من صلاحية الأدواتوصدقها ، يعمل الباحث على تحديد عينة بحثه بما يتناسب مع الظاهرة والفئة المستهدفةفي بحثه ، ومن ثم يطبق الأدوات ، ثم يخضع النتائج للمعالجة الإحصائية المناسبة مثلكا2 .، وبعدها يأتي دور الباحث في استخلاص النتائج لإيجاد العلاقات والأسبابالمرتبطة بالظاهرة والتي بدورها تنير الطريق لبحث أخر قد يستخدم المنهج السببي أوالارتباطي.

*مميزات وعيوب المنهج المسحي:

1/المميزات:

يتميز المنهجالمسحي بأنه أشبه ما يكون بالأساس لبقية أنواع البحوث في المنهج الوصفي ،إضافة إلىقابليته للتطبيق، وسهولة تطبيقه وتعدد مجالاته في التطبيق.

2/العـيوب:

ويعاب عليه صعوبة السيطرة على كل متغيرات الدراسة فيه، إضافة إلى اختلاف العلماء حول ما يدخل تحت مفهومه من الدراسات.

4-ملاحظات عن المنهج المسحى:
أ- المنهج المسحى هو أحد انواع الدراسات الوصفية ومن خلاله يقوم الباحث بجمع بيانات تفصيلية عن مؤسسات ووحدات اداريةاو اجتماعية أو تعليمية أو ثقافية أو منطقة جغرافية وذلك من اجل دراسة الظواهر والأنشطة والأوضاع القائمة بها للتعرف عليها و مقارنتها بوحدات أكثر تطورا بهدف الوصول الى خطط افضل لتحسين الاداء فى المجتمعات الممسوحة.
ب – قد يتم دراسة كافة المؤسسات والوحدات الموجودة فى المجتمع أو وتجميع البيانات من افراد المجتمع أو قد يكتفى بنماذج أو عينات يحددها الباحث مسبق اذا كان المجتمع كبير.
جـ – تتمثل اهم وسائل جمع البيانات فى الاستبيان والمقابلة وقد يحتاج الباحث للعودة للسجلات والوثائق الخاصة بالوحدات المطلوب دراستها.
د- اثبت المنهج البحثى فعاليته فى دراسة العديد من المجالات مثل المسح التعليى والاجتماعى و الاقتصادى ,كما اثبت المنهج فعاليته فى دراسة العلاقات السببية مثل علاقة التدخين بالسرطان وعلاقة المستوى الثقافى باستخدام المكتبة.

المراجع

جابر، جابر عبد الحميد ، أحمد، كاظم : مناهج البحث في التربية وعلمالنفس ، القاهرة :دار النهظة العربية ، ط2 ، 1978م .
الجزولي ،عبد الحفظ عبدالحبيب ؛ الدخيل ، محمد عبد الرحمن : طرق البحث في التربية والعلوم الاجتماعيةالأسس والإجراءات والتطبيق والتحليل الإحصائي الرياض : دار الخريجي للنشر ،2000م .
ذوقان عبيدات وآخرون : البحث العلمي مفهومة،أدواته،أساليبه مصححة ومنقحة ،عمان : دار الفكر ، 1984م ،202-207 .
فاخر، عاقل : أسس البحث العلمي في العلومالسلوكية ، بيروت : دار العلم للملايين .
القحطاني ، سالم سعيد ؛ العامري ،أحمدسليمان ؛ آل مذهب،معدي محمد ؛ العمر ، بدران عبد الرحمن :منهج البحث في العلومالسلوكية ،الرياض : د. د ،2004م.
العساف، صالح: المدخل إلى البحث في العلومالسلوكية ، الرياض : مكتبة العبيكان ، 1989م.
أبو علام ،رجاء محمد : مناهج البحثفي العلوم النفسية والتربوية ، القاهرة : دار النشر للجامعات ،2006م.