التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

الصحافه نشأة وتطورا


نادين الاسعد

الصحافة
نشأة وتطوراً

الدكتور هلال ناتوت
استاذ في كلية الاعلام والتوثيق

من متطلبات درجة الدكتوراه في الصحافة و الاعلام
انترناشونال كاونسيل – لبنان

الفصل الأوّل

المبحث الاول: تعريف الصحافة

– تعريف الصحافة ومحاولات تأريخها

مقدّمة: تعتبر الصحافة الغذاء الفكري اليومي في تنوير عقول الناس بإطلاعهم على مجريات الحوادث والمعارف يتناولها شؤون الحياة السياسية والإقتصادية والإجتماعية والأدبية.
لهذا قال الأستاذ الجسر من مهام رسالتها… الكشف عن الحقيقة وهي مهمة رسولية ورسالية في آن معاً.

أولاً: تعريف الصحافة في اللغة:
الصحافة في اللغة مصدر مشتق من العمل صحف
كما أن الصحافة هي فن إنشاء الجرائد والمجلات وكتابتها، على حين الصحافي هو من يعمل في الصحف بمعنى الورّاق ،”والجورنال” هي نقلاً عن التسمية الغريبة للدلالة على الصحف اليومية ثم ارتأى رشيد الدحداح إطلاق تسمية “صحيفة” إلا أن نظير الدحداح اللغوي اعتمد لقطة “جريدة” بمعنى الصحف المكتوبة.

ثانياً: تعريف الصحافة في الإصطلاح:
– على حد قول بورك الإنكليزي “الصحافة هي السّلطة الرابعة”
– في معجم الرائد ” الصحافة هي فن إنشاء الجرائد والمجلات وكتابتها”
– يعنى بالمطبوعة الصحافية نوعان: سياسية وغير سياسية.
– المطبوعة الصحفية الدوريّة: والتي تصدر بصورة مستمرة باسم معيّن وبأجزاء متتابعة مثل الجرائد اليومية كالديار…
– المطبوعة الصحفية الموقوتة: وهي التي لا تصدر أكثر من مرة في الأسبوع كالشبكة مثلا.

– وللصحافة أربعة مهام هي:
• الكشف عن الحقيقة
• التأثير في الرأي العام
• التعبير عن جمهور الشعب
• صناعة التاريخ

ثالثاً:
1- تعريف الخبر أو النّبأ
أ- الخبر في اللغة: هو ما أتاك من نبأ عمّن تستخبر
ب- الخبر في الإصطلاح: هو إيراد لحادث وقع حالاً وسرد صحيح وموقوت لأحداث وكشوف وآراء تؤثر في القرار والرأي العام وتثير اهتمامهم.
2- تعريف النبأ في اللغة:
أ- النبأ هو الخبر وإن لفلان نبأ أي خبرا
ب- تعريف النبأ في الإصطلاح: النبأ هو الخبر ذو الشأن وقد يكون النبأ عن الماضي أو عن القادم الآتي بأن شيئاً سيقع في وقت أو مكان يقر فيه.

الفصل الأول
أولاً
– مؤرخو الصحافة الغريبة
– مؤرخو الصحافة الأوروبية
– صحافة فرنسا نموذجاً
ومع إصدار دي كاييه “وقائعه” ثم ضمها في مجموعتين إثنتين توثيقيتين من 1559 إلى 1604 عقدت له الريادة في كونه من مؤرخي الصحافة الفرنسية مع “له مركور فرنسييه” في وقت اعتمدت الأكاديمية الفرنسية تسمية جورنال 1684 “أي رواية ما يحدث من أخبار اليوم”.
– صحافة القرن الثامن عشر
لمع اسم “بانكوك” يشرائه ” لاغاريت” دي فرانس وله مركور والمهجرية مثل “جورنال دي جنيف” ونظيرتها “جورنال دي بروكسل” أشبه بالكارتيل الإعلامي.
شهدت فرنسا ظهور أول جريدة يومية هي “جورنال دي باري” كما ظهرت 1000 صحيفة خلال أربع سنوات رافعة شعار “الصحافة حارس الشعب”.
– صحافة القرن التاسع عشر.
لمع اسم لا بلان – وهاتان بمثابة أهم مؤرخين إثنين للصحافة الفرنسية في هذا القرن وبعد هزيمة نابليون لم يبق سوى 4 جرائد فقط مع السماح بصحيفة واحدة في الأقاليم.
– الصحافة الشعبية: ظهرت عبقرية برودون منظراً للعمال وأصدر أول جريدة شعبية .

صحافة القرن العشرين
مع بداية القرن الجديد وظهور 75 صحيفة في باريس بفترة قياسية وظهور 250 جريدة في الأقاليم باتت ظهور محاولات تنظيم الصحافة مهنياً وقانونياً امرا مفروضا.

الصحافة الفرنسية بالحرب العالمية الاولى
مع اشتداد الضائقة المالية اندمجت عدّة صحف فرنسية في كارتيل إعلامي ورضخت “لمكتب الصحافة العسكرية” اضافة الى حرمان المراسلين من الجبهات المتقدمة، بينما ظهرت الصحافة المصورة وتقدمت صحف “فرانس سوار” على زميلاتها كما ظهرت صحف الأطفال ايضا.

صحافة الحرب العالمية الثانية خلافاً للحرب الأولى لم تحتجب الصحافة الفرنسية بل تراجعت أقاليم الجنوب وبلغت 1000 صحيفة وظهرت وكالة الأنباء الفرنسية الإلمانية.

صحافة خمسينات القرن العشرين بعد الخمسينات وتقدم وسائل الإتصال مثل الراديو والإنترنت… على حساب الصحافة المكتوبة التي غدا دورها مكملاً للإعلام وتأثرت بالتقدم التقني والتضخم الإقتصادي فضلاً عن توظيف خدمات وكالات الإعلام في مؤسسة واحدة متكاملة ، كما أن أذواق الجمهور مال نحو الصحافة المتخصصة والخفيفة المسلية.

مؤرخو الصحافة الأميركيّة
– صحافة الولايات المتحدة نموذجاً
عقدت ريادة ” بنسلفانيا غاريت” لفرانكلين بمثابة أول صحيفة مبتكرة صدرت سنة 1728 في فيلاديلفيا وشقيقتها “بنسلفانيا وبوسطن” لادامس.
– نشأة الصحافة الأميركية :
– تشير الإحصائيات إلى وجود 217 دورية سنة 1800 في 13 ولاية مع أولى كبريات الصحف “ذي صن”.
– أما “نيويورك هيرالد” ففرضت ريادتها التاريخية في تحديث الصحافة الأميركية 1838 لجهة اعتماد مراسلين ميدانيين لها في أوروبا وإصدارها 33000 نسخة يومياً.
– أما “نيويورك تريبيون” ابتدعت مبدأ المناظرة 1841بين الليبرالية والإشتراكية كما شكلت حرب الإنفصال الأميركية 1863 – 1865 قفزة هامة لدى مؤرخي الصحافة لجهة اعتماد مراسلي الميدان وتقنيات المراسلات.
انتشار الصحافة الأميركية : شكلت حرب الإنفصال مفترقاً مهماً فأحصيت 2400 دورية سنة 1910 طبع منها 24 مليون نسخة ثم ظهرت “سلاسل للصحف حيث فاق إصدارها 40 مليون نسخة 1940 ، ومع صدور سلسلة “ريدرز جست” 1923 عرف عالم الصحافة تغييرات جذرية في نمط المجلات الثقافية السياسية.
ازدهار الصحافة الأميركية
حثت الحربين الأولى والثانية على تطور الصحافة الأميركية وشكلت الولايات المتحدة نموذجاً ريادياً لتكاملية وسائل الإعلام فغدت الصحيفة في نفس المستوى الإعلامي دعامة دعائية ووسيلة اتصالية متقدّمة وعقّلتها التقنيات الحديثة ووحدت مناهجها.
وتشير وقائع تاريخ الصحافة اليومية إلى ازدياد إصداراتها حتى 60 مليون نسخة 1960 وأدى ارتفاع النفقات والمصاريف المالية إلى “تجميع سلاسل صحفية” وربما ساهمت بامتلاك وإدارة محطات إذاعية وتلفيزيونية 1760 مؤسسة “نمطية” عادية 1960، أما المجلات الدورية فتقدمت شأن الصحف اليومية فمنها على سبيل المثال صحف الأحد وملاحقها الأسبوعية ونجاح مجلات أخبارية وسياسياً مصدر مثل “لوك” والايف” ومجلات نسائية.

المبحث الثاني

ثانيا: مؤرخو الصحافة العربية

نظراً لحداثة تاريخ الصحافة العربية، لم يخطر على بال أحد القيام بتوثيقها وارشفتها لأسباب عديدة منها سوء توزيع البريد والضائقة الإقتصادية فضلاً أن فن البيبليوغرافيا لم يكن معروفاً باستثناء بعض الأوروبيين بيننا ومنهم “هنري غملياردو” قنصل فرنسا في القاهرة سنة 1884 الذي هب لوضع تقرير مسهب عن الصحف الصادرة في وادي النيل باللغة الفرنسية وهناك نسختان عن التقرير في مكتبة القاهرة وباريس.
ثم تبعه جرجي زيدان بنشر مقالة في الهلال 1892 عن الجرائد العربية في العالم حيث بلغت 147 صحيفة ثم نشر نبذة أخرى في “الهلال” 1910 أحصى فيها 600 صحيفة مؤكداً على المصرية منها وهناك عدّة محاولات لم تكن دقيقة.
أصدر هيرثمان الإلماني كتاباً عن الصحافة المصرية سنة 1899 أحصى 168 صحيفة محفوظة في دار الكتب بالقاهرة ويعتبر من أهم الأعمال البيبليوغرافية الموثقة بالمشاهدة.

في العهد العثماني 1914
– مرحلة ما قبل الدستور كانت الصحف قليلة
– مرحلة ما بعد دستور الحريات 1908 صدرت 150 دورية حتى 1914 منها
5 جرائد رسمية – 3 أطفال – 6 أدبية – 18 جريدة هزلية

في عهد الإنتداب الفرنسي: 1918 – 1943 أعطي 220 إمتياز ترخيص : 4 جرائد رسمية – 6 للأطفال – 10 دوريات أدبية – 23 هزلية.

في عهد الإستقلال الوطني 1943 صدرت عدّة قوانين أهمها منع التوقيف كما فتحت الدولة اللبنانية 575 نوع امتياز كما فتحت إمتيازاً جديد منها دوريتان رسميتان – 20 للأطفال –
10 أدبية – 6 كاريكاتورية.

المبحث الثاني

فوائد تاريخية عن الصحافة عموماً والعربية منها بنوع خاص

1- أول جريدة أنشئت في العالم “كين بان” سنة 911 قبل المسيح.
2- أول جريدة ظهرت في أوروبا “الأعمال اليومية” في روما في أواسط القرن الأول للمسيح.
3- أول جريدة مطبوعة اسمها “كينو” ظهرت محفورة على الخشب في بكين الصين منذ أكثر من أربعة قرون ولا تزال.
4- أول جريدة برزت بعد انتشار فن الطباعة الحرفية تسمى “غزته” 1566 في إيطاليا البندقية.
5- أول مجلة علمية “مجلة العلماء” الفرنسية 1665.
6- أول جريدة يومية “الديلي كوران” الإنكليزية 1702
7- أول جريدة في العالم الجديد “بوسطن ثيولستر” 1704
8- أول جريدة عربية هي التي أنشأها نابليون الأول سنة 1799 القاهرة.
9- أول جريدة ظهرت في السلطنة العثمانية “بريد أزمير” 1825
10- أول جريدة تركية “تقويمي وقائع” 1832 القسطنطينية
11-أول من اعتنى بجمع الجرائد في العالم أندراوس ورزي 1835
12-أول من كتب عن الصحافة أندراوس وزري 1820 ألف تاريخاً يتضمن 300 صفحة أخبار جرائد بلجيكا 1605 – 1844
13-أول جريدة عربية أنشأها رجل عربي هي “مرآة الأحوال” في الأستانة 1854 رزق الله حسون الحلبي.
14-أول جريدة عربية مصورة أخبار عن انتشار الإنجيل 1863 للمرسلين الأميركيين بيروت.
15-أول مجلة عربية مصورة “النحلة” 1877 ألقس لويس الصابونجي في لندن.
16-أول من كتب عن الصحافة العربية هنري غلياردو قنصل فرنسا القاهرة.
17-أول صحيفة عربية مرسومة بألوان جريدة “أبو نظّارة” في باريس 1887
18-أقدم جريدة عربية لا تزال منتشرة حتّى اليوم “الوقائع المصرية” 1828 القاهرة
19-أول نادي للمولعين بجمع الجرائد 1890 بلجيكا.
20-أول جريدة عربية ظهرت في العالم الجديد “كوكب أميركا” 1892
21-أول معرض للجرائد 1892 بروكسل.
22-أول مؤتمر للصحافة أنشأ 1894 في مدينة أنفرس.
23-اول ناد للمولعين بجمع الصحف في بلجيكا
24-أول مدرسة للصحافة 1899 باريس
25-أول مؤتمر للصحافة العربية 1900 نيويورك.
26-أجمل جريدة صدرت بين جميع الصحف العربية “البشير” 1902.
27-أول متحف للصحافة 1907 بروكسل.
28-أول من اخترع آلة لصف حروف الطباعة العربية رشيد أفندي الخوري صاحب جريدة “الرموز” 1908 بوينس أيرس.
29-أول جريدة أقامت احتفالاً رسمياً لمرور 50 سنة “حديقة الأخبار” البيرونية 1908.
30-أشهر مجموعة للجرائد والمجلات يملكها ألبرت دي فوفنت 55 ألف صحيفة.
31-أوسع مجموعة للصحف العربية يملكها فيليب دي طرازي 1300 جريدة ومجلة.

المبحث الثاني

تطور الصحافة عموماً

1- انتشار العلم: إن ثورة الطباعة التي نشرت منجزات الفكر الإنساني على كل البشر فاذا بالإرساليات تنشر مراكزها الصحية والتعليمية في المشرق لا سيما مصر ولبنان,
2- الصراع الفكري: أدى ظهور التيارات الفكرية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية إلى تباين في أشكال أنظمة الحكم الدولية بحيث غدت الصحافة عامة متمايزة عن بعضها البعض.
3- التقدم الآلي التقني: أعطت الإكتشافات والإنتصارات التقنية العديدة تأثيرها على مادة الجريدة وشكلها وإخراجها و تخصصها وانتشارها فظهور”التيلتيب وجهاز نقل الصور التلفزيوني والهاتف والبرقيات والإنترنت ساعدا على تطور عمل الصحافة ،مما مكن إستعمال الآلة الحديثة البالغة السرعة بعملية الطبع حيث غدت الصحافة عملاً تجارياً ضخماً فظهرت دور الصحافة دار النهار – دار الصياد – دار الأهرام – ودار روز اليوسف أو دار اللومند والباري ماتش فرنسا. أو دار النيويورك تايمز والواشنطن بوست أميركا…
4- التزايد السكاني: النمو المتزايد للمدن ولد في المقام الأول مادة ومصدراً أخبارياً فالحوادث والجرائم موفورة يومياً كما أن دور الحياة العملية والثقافية والإجتماعية والإقتصادية ومواضيع التحقيقات الصحفية كثيرة،كما ظهرت ايضا الصحافة المتخصصة في التربية والتعليم والفنون فهناك: فئة أهل الفكر – فئة العمليين – فئة اللافكريين.
5- حرية الصحافة: واجهت الصحافة تحديات عديدة عبر الحقب المختلفة فعلى حين أدان البابا غريغوريو السابع حب الإستطلاع واعتبره خطيئة حتى أن ناشرا قطع لسانه في روما – بينما تمنى سلاطين بني عثمان وأد الصحافيين في النار لكن الصحافة صمدت في كل مرة لحين بات في استطاعتها أن تنطق دون خوف كونها السلطة الرابعة في الدولة.

الفصل الأول

أنواع الحقوق والحريات

الحقوق والحريات المتعلقة بالشخصية

أ – حق الحياة: هو من حق كل إنسان في الوجود باعتباره كائناً حياً أراد الله له الحياة.
ب- حق الأمن: حق الفرد أن يعيش بأمان واطمئنان دون رهبة أو خوف
ج-حرية الإنتقال: يقصد بحق الذهاب والإياب أي حرية السفر إلى أي مكان داخل حدود الدولة أو خارجها.
د – حرية السكن: حق العيش داخل مسكنه دون مضايقة أو إزعاج.
هـ – سرية المراسلات: بعدم إفشاء سرية المراسلات المتبادلة بين الأشخاص سواء كانت خطابات طرود أو إتصالات.

الحقوق والحريات المتعلقة بالفكر

أ‌- حرية العقيدة والعبادة: حق الفرد في اعتناق دين معين أو عقيدة محددة
ب‌- حرية الرأي: حق الشخص في التعبير عن أفكاره ووجهات نظره الخاصة.
ت‌- حرية التعليم: تشمل الحق في تلقي العلوم المختلفة وفي تلقين العلم للآخرين.
ث‌- حرية الإجتماع: حرية تمتع الفرد بالحق في الإجتماع مع من يريد وفي المكان الذي يراه مناسباً وذلك في الحدود المقررة قانونياً.
ج‌- حرية تكوين الجمعيات والإنضمام إليها: الحق في تكوين وإنشاء جمعيات ذات أهداف مختلفة.

الحقوق والحريات المتعلقة بالنشاط، وتشتمل:

أ‌- حق العمل: لكل فرد الحق في العمل الشريف الذي يناسبه ويختاره بكامل حريته من ناحية النوع والأجر والإنضمام إلى النقابات لحماية مصالحه.
ب‌- حرية التجارة والصناعة: حرية مباشرة للفرد للنشاطات التجارية والصناعية وما يتفرع عنها.
ت‌- حق الملكية: حق إمتلاك واقتناء الأموال من عقارات ومقولات في إطار القوانين.
ث‌- الحقوق والحريات السياسية: وتعني حق المواطنين بالمشاركة في الحياة السياسية والمشاركة في حكم أنفسهم والإشتراك في الإنتخابات والترشيح للهيئات والمجالس وحق التوظيف.

الصحافة اللبنانية وشرعة الإختلاف

تبنت نقابة الصحافة في 25 / 2 / 1974 شرعة الاخلاق التي وضعتها عمدة النقابة برئاسة النقيب رياض طه وفي ما يلي نص شرعة الأخلاق أو “شرف المهنة”.
1- أن الصحيفة مؤسسة تقوم بخدمة عامة ثقافية إجتماعية وطنية قومية إنسانية.
2- تلتزم المطبوعة بمسؤولية أمام الضمير المهني وإزاء القارىء.
3- تلتزم المطبوعة بالصدق والأمانة والدقة وبسرية المهنة.
4- المطبوعة ملك القراء ولهم فرصة التعبير عن حق الرد والتصحيح .
5- للصحيفة أن تعبىء الرأي العام دفاعاً عن البلاد وعن الحق والعدل.
6- تتجنب الصحيفة إثارة التعصب وإثارة النعرات والقدح والتحقير.
7- الأنباء المختلفة أو المحرفة ليست صالحة للنشر.
8- الإفتراء أو الإهتمام دونما دليل يسيء الى الصحافة.
9- تتحاشى الصحيفة نشر الأخبار غير الموثوق بصحتها.
10-تتحاشى الصحافة نشر المواد من شأنها تشجيع الرزيلة والجريمة.
11-احترام سمعة الفرد وتصون كرامته وحياته الشخصية.
12-الشتم والتهويل والإبتزاز من صفات الصحافة الصفراء.
13-المهاترات الشخصية تحط من كرامة المهنة.
14-عدم اللجوء إلى وسائل غير مشروعة لإقتناص الأنباء والأسرار.
15-السبق الصحفي يأتي بعد المصلحة العامة.

الحقوق والحريات بالدستور

1- مبدأ المساواة: إن كل اللبنانيين سواء لدى القانون إذ لا ميزة لأحد إلا من حيث الإستحقاق المادة السابقة.
2- الحريات المدنية والشخصية المادة 8: إن الحرية الشخصية مضمونة في القانون كما أن حرمة المنزل لا يجوز لأحد الدخول إليه إلا في الأحوال القانونية.
3- الحريات الفكرية: مواد 9 – 10 – 13: حرية الإعتقاد مطلقة – حرية التعليم – حرية إبداء الرأي فولاً وكتابة ضمن دائرة القانون.
4- الحريات الجماعية 13: إن حرية الإجتماع وتأليف الجمعيات مضمونة ضمن دائرة القانون.
5- الحريات الإقتصادية: النظام الإقتصادي حر يكفل المبادرة الفردية والملكية الخاصة.

مبدأ حرية الإعلام في القانون اللبناني

1- تعريف الحريات العامة: مجموعة الحقوق التي باتت الشعوب تعتبرها حقوقاً طبيعية كالحرية الفردية – حرية الفكر – حرية التعبير – حرية الإجتماع – حرية الدين – حرية التملك.
2- حرية التعبير والإعلام في الوثائق العالمية: إعلان حقوق الإنسان والمواطن سنة 1789 عن الجمعية التأسيسية للثورة الفرنسية كان بمثابة أول وثيقة رسمية ” لا يجوز التعرض لأي إنسان كان مهما كانت آراؤه شرط أن لا يحدث التعبير عنها تعكيراً للنظام العام الذي يعنيه القانون.

– المادة (11): إن حرية الأفكار والآراء من أهم حقوق الإنسان حيث أن لكل مواطن الحق في الكلام والكتابة والطباعة بحرية على أن يتحمل نتيجة سوء استعماله هذه الحرية أمام القانون.
– المادة (19) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في الجمعية العامة للأمم المتحدة في باريس عام 1948 لكل فرد الحق في حرية الرأي والتعبير والحق في طلب المعلومات والأفكار وتلقيها ونشرها بأي وسيلة دون اعتبار الحدود.
– وورد في إعلان إستقلال الولايات المتحدة الأميركية 4 / 7 / 1776 النص التالي: “إن البشر أجمعين إنما خلقوا متساويين وقد منحهم خالقهم بعض الحقوق غير القابلة للتصرف ومن بينها الحياة والحرية والسعي لتحقيق السعادة.”

3- حرية التعبير والإعلام في القانون اللبناني: المادة 13 من الدستور 1926 المعدل عام 1990 “حرية إبداء الرأي قولاً وكتابة وحرية الطباعة وحرية الإجتماع وحرية تأليف الجمعيات وكلها مكفولة ضمن القانون”
– قانون المطبوعات 1962 يؤكد على حرية الإعلام “المطبعة والصحافة والمكتبة ودار النشر والتوزيع حرة ضمن القوانين العامة وأحكام قانون المطبوعات”.

البحث الثالث

ثالثا: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان

لبنان في عداد البلدان التي اعتنقت نظرياً مبادىء الوثيقة الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 ك1 1948 والمعلنة لحقوق الإنسان إعلاناً عالمياً ملتزم ولو معنوياً.
– فإن الجمعية العامة تنادي بهذا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان:
المادة الأولى: يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق.
المادة الثانية: لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات دون أي تمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي.
المادة الثالثة: لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه.
المادة الرابعة: لا يجوز استرقاق أو استعباد أي شخص.
المادة الخامسة: لا يعرض أي إنسان للتعذيب ولا العقوبات القاسية الوحشية أو الخاصة بالكرامة.
المادة السادسة: لكل إنسان أينما وجد الحق في أن يعترف بشخصيته القانونية.
المادة السابعة: كل الناس سواسية أمام القانون ولهم الحق في التمتع بحماية كافية دون أية تفرقة.
المادة الثامنة: لكل شخص الحق أن يلجأ إلى المحاكم الوطنية لإنصافه.
المادة التاسعة :لا يجوز القبض على أي إنسان وحجزه تعسفاً.
المادة العاشرة: لكل إنسان الحق أن تنظر قضيته أمام محكمة مستقلة نزيهة “دون تمييز”.
المادة الحادية عشر: كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئاً إلى أن تثبت إدانته قانونياً بمحاكمة علنية تؤمن له الضمانات الضرورية للدفاع عنه.
المادة 12: لا يعرض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو أسرته أو مسكنه أو مراسلاته أو لحملات على شرفه وسمعته.
المادة 13: لكل فرد حرية التنقل واختيار محل إقامته داخل حدود كل دولة وأن يغادر أية بلاد والعودة إليها.
المادة 14: لكل فرد الحق في أن يلجأ إلى بلاد أخرى هرباً من الإضطهاد.
المادة 15: لكل فرد الحق في التمتع بجنسية ما.
المادة 16: للرجل والمرأة الحق متى بلغا سن الزواج حق التزاوج وتأسيس أسرة دون أي قيد بسبب الجنس أو الدين دون إكراه.
المادة 17: حق التملك بمفردة أو بالإشتراك مع غيره ولا يجوز تجريده من ملكه تعسفاً.
المادة 18: لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير.
المادة 20: لكل شخص الحق في حرية الإشتراك بالجمعيات السلمية دون إكراه.
المادة 21: لكل شخص نفس الحق الذي لغيره في تولي الوظائف العامة وإن إرادة الشعب هي مصدر السلطات الحكومية.
المادة 22: لكل شخص الحق في الضمانة الإجتماعية.
المادة 23: لكل شخص الحق في العمل بشروط مرضية .
المادة 24: لكل شخص الحق بالراحة في أوقات الفراغ وفي عطلات دورية بأجر.
المادة 25: لكل شخص الحق بمستوى عيش لائق مادياً وصحياً وللأمومة والطفولة والحق بالحماية الإجتماعية.
المادة 26: لكل شخص الحق بالتعلم وللآباء الحق الأول في اختيار نوع تربية أولادهم.
المادة 27: لكل فرد حق المشاركة في التقدم العلمي.
المادة 28: لكل فرد حق التمتع بنظام إجتماعي دولي.
المادة 29: على كل فرد واجبات نحو التمتع الذي يتاح فيه وحده لشخصية أو تنمو نمواً حراً كاملاً.
المادة 30: ليس في هذا الإعلان نص يجوز تأويله على أنه يخول لدولة أو جماعة او فرد أي حق في القيام بنشاط أو تأدية عمل يهدف إلى هدم الحقوق والحريات الواردة فيه.

ملحق

اتحاد الصحافة اللبنانية

الفصل الاول-احكام عامة

المادة 77:ينتظم الصحفيون في هيئتين مستقلتين هما:
– نقابة الصحافة اللبنانية
– نقابة محرري الصحافة اللبنانية
ويتألف من هاتين النقابتين هيئة عليا تدعى” اتحاد الصحافة اللبنانية” يرئسها نقيب الصحافة ويتولى أمين السر فيها نقيب المحررين
المادة 78: مركز اتحاد الصحافة بيروت ونطاقه على جميع الأراضي اللبنانية ويتمتع بالشخصية المعنوية.

الفصل الثاني -نقابة الصحافة اللبنانية

المادة 79: تتألف الجمعية العمومية لنقابة الصحافة اللبنانية من جميع مالكي المطبوعات الصحفية في لبنان الذي تنوافر فيهم الشروط وفقاً للمادة 10على أن يكون للمطبوعة عند التصويت صوت واحد.
المادة 80: تعقد الجمعية العمومية دورة عادية في السنة تشرين الثاني وتعقد دورة انتخابي عامة كل 3 سنوات كانون الأول ودورة استثنائية كل ما دعت الحاجة.
المادة 81: يقسم أعضاء الجمعية العمومية الى فئتين:
– الفئة الاولى: الأعضاء الممثلين للمطبوعات الصحفية السياسية.
– الفئة الثانية: الاعضاء الممثلين للمطبوعات الصحفية غير السياسية والوكالات الإخبارية والنقلية والنشرات الإختصاصية.
المادة82: لا يجوز ان تمثل المطبوعة الصحفية الواحدة في جلسات الجمعية العمومية اذا كانت لأكثر من مالك إلا بصوت واحد.
المادة 83 : يدخل في اختصاص الجمعية العمومية:
– المصادقة على الموازنة السنوية
– تحديد بدل الإشتراك ورسم القبول
– مراجعة حسابات السنة المنصرمة وتصديقها
– بحث المسائل التي تهم النقابة
– انتخاب مجلس النقابة وإتمامه إذا انخفض العدد.
– المادة 84 : يؤلف مجلس نقابة الصحافة من 18 عضواً يوزعون كالآتي
– إثنا عشر يمثلون المطبوعات الصحفية السياسية اليومية
– خمسة يمثلون المطبوعات الصحفية السياسية الموقوتة
– واحد يمثل المطبوعات الصحفية غير السياسية.
المادة 85: بعد انقضاء ثلاثة أيام على انتخاب المجلس ينتخب المجلس من بين أعضائه مكتباً للنقابة مؤلفاً من نقيف ونائب نقيب وأمين سر وأمين صندوق.
المادة 86 : يرأس النقيب جميع جلسات النقابة وتكون له الأرجحية عند التعادل في اتخاذ القرارات وينوب عنه نائبه في غيابه.
المادة 87 : تحدد واجبات المجلس بنظام داخلي.
المادة 88: يدخل في اختصاص المجلس النقابي:
1- النظر في القضايا التي تهم أعضاء النقابة
2- وضع نظامها الداخلي وتعديله عند الإقتضاء
3- تعديل نظامها المالي عند الإقتضاء
4- إدارة أموال النقابة
5- انتخاب أعضاء المجلس التأديبي وفقاً للمادة 100
6- تسوية النزاعات التي تقع بين الأعضاء بناءاً لطلبهم ولا يجوز لصحفي تحت طائلة الإحالة إلى المجلس التأديبي أن يقدم شكوى من زميل له0 باللجوء إلى القضاء في شؤون تصل بالمهنة الأبعد إبلاغ الامر إلى المجلس للتوفيق بينهما.
7- إحالة الأعضاء المخالفين إلى المجلس التأديبي.
8- ملاحقة الأعضاء والأشخاص غير الصحفيين بما يتعلق بكرامة المهنة.
9- النظر بالقضايا التي تهم المطبوعات وإبداء الرأي في طلبات الرخص.
10-النظر في جميع القضايا المتعلقة بالمهنة من تحديد حجم الصحف وسعرها ومواعيد صدورها.
11-تحديد وتعديل الرسوم المترتبة لصندوق النقابة على المطبوعات
12-إدخال التعديلات اللازمة على الرسوم المترتبة لصندوق النقابة على المطبوعات عند الإقتضاء.
13-ملاحقة الأعضاء والأشخاص غير الصحفيين أمام القضاء والسلطات الإدارية عند مخالفتهم أحكام هذا القانون عند التعدّي على صفوف زملائهم عن طريق التلاعب بأنواع مطبوعاتهم.

الفصل الثالث-نقابة محرري الصحافة اللبنانية

المادة 89 : تتالف الجمعية العمومية لنقابة محرري الصحافة اللبنانية من جميع الصحفيين العاملين في مطبوعات صحفية تصدر في لبنان دون أن يكونوا من مالكيها على أن يكونوا مسجلين في الجدول النقابي للصحافة.
المادة 90: يجوز للأجنبي أن يمارس التحرير دون الإنتساب للنقابة وله الحق بالبطاقة الصحفية كمحرر صحفي على أن:
– يكون مأذوناً بالإقامة في لبنان وبالعمل فيه
– أن تكون المعاملة بالمثل مطبقة في بلده.
المادة 91 : تعقد الجمعية العمومية لنقابة المحررين دوراتها وتعيين اختصاصها وفق المادتين 80و 83
المادة 92 : يؤلف مجلس النقابة المحررين من إثني عشر عضواً
المادة 93 : تطبيق البنود 1 الى 8 من المادة 88.
المادة 94 : يخضع مراسلو الصحف الأجنبية لنظام خاص.

الفصل الرابع-المجلس الأعلى للصحافة

المادة 95 : يتألف من مكتبي نقابة الصحافة ونقابة المحررين وعضوين من كل نقابة ينتخبها مجلسها لمدة سنة واحدة يجتمع مرة في الشهر على الأقل أو عند طلب مجلس أحد النقابين ويكون رئيس مصلحة الصحافة والقضايا القانونية في وزارة الإعلام مفوضاً للحكومة لدى هذا المجلس.
المادة :96 يدخل في اختصاص المجلس الأعلى للصحافة:
1- النظر في جميع القضايا التي تهم الصحافة والصحفيين بصورة عامة ومشتركة ما عدا القضايا التي تخص كل نقابة.
2- وضع النظام الداخلي لإتحاد الصحافة اللبنانية بعد موافقة وزير الإرشاد والسياحة.
3- العمل على إنشاء صندوق تقاعد للصحفيين.
4- تعيين لجان مشتركة للتمثيل الصحافي في المناسبات الكبرى.

الفصل الخامس- لجنة الجدول النقابي للصحافة

المادة 97 : ينبثق عن اتحاد الصحافة اللبنانية هيئة تدعى ” لجنة الجدول النقابي للصحافة”
تتألف من مكتبي نقابتي الصحافة والمحررين برئاسة نقيب الصحافة
المادة 98 : يدخل في اختصاص لجنة الجدول:
1- النظر في طلب الإنتساب إلى الجدول النقابي للصحافي
2- منح البطاقات الصحفية والمأذونيات بالانتداب الصحفي إلى الخارج
3- منح الشارات الصحفية على اختلافها.

الفصل السادس-المجلس التأديبي

الفصل السابع-أحكام مؤقتة وختامية
مادة 106 : تؤلف لجنة برئاسة مدير عام وزارة الإعلام وعضوية رجلي قانون يختارهما وزير الإرشاد والسياحة وأربعة صحافيين يختارهم مناصفة كل من مجلس نقابتيي الصحافة والمحررين ويعهد لهذه اللجنة.
1- إعداد مشروع قانون بتحديد الإمتيازات التي يتمتع بها الصحفيون
2- تحضير مشروع قانون بإنشاء صندوق تقاعد وإسعاف للصحفيين.

الفصل الثاني
وكالات الاعلام الغربية والعربية

المبحث الاول: وكالات الإعلام الأوروبية
أولاً: وكالة الأنباء الفرنسية
ثانياً :وكالة أنباء رويترز
البحث الأول
وكالة الصحافةالفرنسية

أسس هافاس مكتبة الإتصال والمراسلة في باريس عام 1832 استطاع هافاس اليهودي الأصل تحقيق حلمه وتصوره لوكالة الأنباء مع تطوير عمل مكتبة باسم “وكالة هافاس” إذ ارسى لأوّل مرة في التاريخ أصول تجربة الوكالة الحديثة
فعمل على أن لا يقدم الخبر بمثابة شائعة أو نبأ مزاجي إنما أشبه بتقرير وصفي مختصر وصحيح وسريع وإدراك أن هكذا أخبار تشبع احتياجات القراء ورغباتهم وهي أهم الخدمات التي يمكن أن تقدمها وكالة الأنباء للصحف المستقلة الأخبارية والدينية…
وينبغي أن يكون لها أجهزة متخصصة في جمعها وتحريرها وتوزيعها وهذه الأجهزة هي “وكالات الأنباء” وأن المخبرين هم وكلاء العامة والخاصة في الإعلام.”
غدت إيرادات الإعلانات الدعامة الأساسية للوكالة في خططها وتسويقها وانتشارها عبر مراسليها مما أتاح لها فاس توسيع مؤسسته وشراء أكبر مكتب للإعلانات في فرنسا مكتبة “بولييه” 1860 مما جعله يقدم خدمات ل 200 صحيفة في الأقاليم الفرنسية فضلاً عن توزيع مراسلين للوكالة في معظم عواصم أوروبا لسد حاجات المشتركين حتّى حققت أرباحاً تجاوزت 500 مليون فرانك فرنسي.
مما حدا بأهل السياسة وقادة الرأي على ضرورة فصل الإعلام عن الإعلان وما إن تحقق هذا الإنفصال من الإعلام والإعلان حتى أخذت الأزمات المالية تتوالى على وكالة هافاس في فترة ما بين الحربين كما أن هزيمة فرنسا 1940 عجلت بانهيار كل شيء حيث توقعت الوكالة في بوردو

صحافة المقاومة
ظهرت في فترة الإحتلال النازي لفرنسا, حولت حكومة فرنسا الحرة في المنفى مكتب هافاس إلى “الوكالة الفرنسية الحرة”
ومع عودة السلطة لحكومة فرنسا الحرة كافأت الدولة بالوكالة وسميت “بالوكالة الفرنسية للأنباء عام 1944 وهي مؤسسة عامة تتمتع بشخصيتها المعنوية وباستقلالها المالي وترتبط الوكالة الفرنسية مع 30 وكالة بعقود مهنية لا سيما كبرى العالمية منها مثل الأسوشيت برس ورويترز وانترفاس وولف…. ولها 3 مراكز للإستماع في بيروت وهونغ كونغ وباريس نفسها هذا وتقدم الوكالة الفرنسية بتقديم الأخبار السياسية والديبلوماسية التقليدية واعداد خدمات اقتصادية لرجال المال والأعمال – فضلاً عن خدمات الرياضة.
أما توزيع نشراتها فيتم بواستطها مباشرة عبر وكلائها المنتشرين في اصقاع العالم.
أدخلت عام 1990 تحديثات لنشاطاتها كالمعلوماتية بحيث كتبت حوالي مليون ونصف كلمة يومياً.
تقدم الوكالة الفرنسية خدماتها إلى حوالي 12 ألف مشترك من مختلف الهيئات الرسمية الخاصة و 10 آلاف في قطاع الإعلام والإعلان والتسويق بينها 650 صحيفة و400 محطة إذاعة و200 تلفزيون. 100 وكالة أنباء محلية ووطنية.
كما ترتبط شبكة خدماتها بكل دول العالم مترافقة مع خدمة Flash AFP على أساس عشر نشرات مقتضبة وسريعة مدة الواحدة دقيقتان ونصف.
ثانياً
وكالة رويترز

أسس جوليوس رويترز مكتباً أخبارياً له في لندن سنة 1851 وعني بأخبار البورصة وأخبار المال والسندات والإقتصاد وأثبت كفاءة مهنية على الساحة الإعلامية فكانت ثالث وكالة أوروبية بعد الفرنسية والإلمانية.
ففي القرن التاسع عشر عمدت جريدة التايمس إلى تعيين مندوب مراسلين لها في العواصم الأوروبية لاستقطاب الخبر باكراً مثلما تقدم وكالة رويترز وغدا كلاهما يرتاب من أعمال الآخر.
حفلت سبعينات القرن التاسع عشر بحروب أوروبية وأميركية بين الشمال والجنوب وكانت أخبارهما “مادة ساخنة” لتوزيعها على مشتركيها بفضل خطوط التلغراف السلكية وهنا بدأ الصراع بين وكالات الأنباء محموماً مما رفع قيمة الخبر وبدل تكلفته المادية فوكالة رويترز أول من أذاع نبأ هزيمة نابوليون الثالث واستسلامه وحصل مراسلها على النبأ من يسمارك نفسه مما جعلها موثوقة المصدرية.
وكان لظهور الصحافة الشعبية الزهيدة الثمن أثراً مهما أخذت تتسابق الصحف للإهتمام بزوايا الأخبار على مختلف أنواعها.
ومع تسارع نبض الحياة عند الخبر القصير والسريع بل والمصدر أفضل مادة رائجة.
كذلك يحضر في هذا المقام عنصر المنافسة الشديدة بين الصحف وإصرارها على الإحتفاظ بالريادة والأولوية في عالم الخبر بشكل تتسابق فيه عقارب الساعة على الزمن نفسه.

وكالة رويتر في مصر
على أثر اتفاق الوكالات الثلاثي غدت مصر من نصيب رويتر البريطانية ومع اكتساح الانكليز لمصر عسكرياً اكتسحت رويتر أيضاً الساحة الإعلامية ثم امتدت الى السودان مع امتداد الاستعمار الانكليزي الى السودان بحيث كوفئ الضابط “وينجت” مراسلها الى السودان كحاكم للسودان.
والغريب أن رويتر توزع نشراتها مجاناً على الجنود الانكليز على حين تدفع الحكومة الفرنسية بدلات اشتراكها وثمن النسخ الموزعة على الجنود.

من المنافسة الى الاحتكار
كثرت تجاذب الوكالات الكبرى منافسة حتى انتهى الى تقاسم العالم: سنة 1870
– وكالة “وولف الألمانية” حظيت بمحمية بروسيا والنمسا
– وكالة “رويتر”، فكان نصيبها المستعمرات البريطانية والشرق الأقصى
– “الوكالة الفرنسية”، المستعمرات الفرنسية وقسم من أميركا اللاتينية وحوض المتوسط

وكالة رويتر بخدمة الأمبراطور
مرت رويتر بعدة مراحل منذ تأسيسها
1- مرحلة التأسيس 2- مرحلة الاحتكار 3- مرحلة شركة تعاونية
4- مرحلة الملكية الرباعية الخاصة وهم مالكو الصحف، ومجمعية الصحافة، والصحافة الاسترالية – والصحافة النيوذلاندية

إنهاء وكالة لا تسير في التبعية الرسمية كما أن للوكالة مكاتب كبرى في الخارج مثل نيويورك وباريس وروما – وفرانكفورت والقاهرة – وبيونس أيرس يدير كل منها مدير إنكليزي يعاونه بعض المساعدين الإنكليز والمراسلين المحليين.
– كما أنه لها مكاتب في جينيف وستوكهولم
– كما لرويتر مكتب مهم جداً في نيويورك يغطي القارة الأميركية مع اعتمادها تكنولوجيا الجيل الثالث من الحواسب زاد سوق زبائنها ليبلغ مدخولها الإعلامي 950 مليون جنيه
– يبلغ زبائنها 16 ألف مشترك 60% مؤسسات مالية 25% خدمات تجارية
– أدخلت رويتر عام 1992 نظام ديلينغ 2022 المتطور لعقد الصفقات المباشرة المالية الكترونيا لخدمة القطاع المصرفي
– كما اشترت قسم التصوير والرسوم من وكالة اليوناتدبرس لتحتكر قطاع الصور والرسوم باحترافية عالية فأنشأت بذلك أفلاماً إخبارية مصورة لكل تلفزيونات العالم.
– على حين أعتمدت 1996 نظام سلسلة 3000 المحوسب للمعلومات دفعة واحدة بحسب التوقيت الحقيقي للخبر في وقت فوري خدمات الـ TV المالي والبريد الالكتروني للزبائن.

البحث الثاني وكالات الأنباء الأميركية

أولاً : وكالة الأسوشيتدبرس
ثانياً : وكالة اليونايتدبرس

وكالة الأسوشيتدبرس
تمتل السياق بالحصول على الأخبار الخارجية الواردة بواسطة السفن الأوروبية أشكالاً تمثل بعضها في أول اتحاد صحفي مكون من 6 صحف أميركية في نيويورك وأطلق عليها “اتحاد أخبار الميناء 1848 ” ثم ما لبث أن اتخذ اسماً جديداً هو نيويورك أسوشياتد برس” 1856 وسرعان ما تكونت اتحادات إقليمية في U.S.A مما زاد من حدة الصراع ومنها حصر ملكية الأخبار ولا يمكن قبول أي عضو جديد , كما لا يمكن لأي صحيفة عضو في الإتحاد بيع الأخبار إلى الصحف الأخرى إلا عبر الوكالة. وهكذا اتضح لنا حصرية هذه الوكالة للأخبار وظل حال التنافس إلى حد اقتنع معه جميع فرقاء وكالات الأنباء إلى ضرورة التعاون الحقيقي بينهم بإنشاء وكالة كبرى قوية ظهرت بداياتها في الولايات الغربية الوسطى إلينوي تدعى “وكالة الأسوشياتد برس” 1892
إلا أن نشوة الإحتكار لم تدم طويلاً حين قاضتها صحيفة “نيويورك صن” رداً على احتكارها فتوزيع الأخبار مما دفع القضاء إلى إبطال إحتكار الوكالة الأخبارية وإلزامها بتوزيعها مما حدا بها إلى رحيلها عن إلينوي سنة 1895 لتستقر في نيويورك.

إنتقال الوكالة إلى نيويورك وأوروبا
عمدت الوكالة إلى توسيع أعمالها بافتتاح مكاتب لها في أوروبا دون منافسة نظيراتها الأوروبيات ثم تفاهمت معها على تقاسم العالم إلى مناطق نفوذ للوكالات بحيث تدخل الأوروبية إلى أميركا عبر الاسوشياتد برس لكن الأخيرة شعرت بأن الإتفاقية مجحفة وسعت إلى التخلص منها بكل الوسائل بشعار “لتسقط الحواجز” وهكذا تكون برسم أخبار الشرق الأقصى في اليابان ثم إطلاق يد الوكالات في العالم دون قيود وإذا بالوكالة تعود إلى مبدأ الإحتكار الإعلامي لكن الحكومة الأميركية هددتها بالمقاضاة وإلزامها بتخفيف قيود عضويتها.
– يدير الوكالة مدير لمدّة ثلاث سنوات قابلة للتجديد ولها مئات المكاتب التمثيلية في أميركا وخارجها ومراسلين في مختلف أنحاء العالم ومن أهمها مكاتب سان فرانسيسكو ولندن وطوكيو وتل أبيب وفي الشرق الأقصى.
– تمثلت خدماتها سابقاً تلغرافياً واليوم الكترونياً عبر الاقمارالإصطناعية على شبكات الإنترنت في بث نشراتها وتوزيعها نصوصاً وصوراً وخلافه.
– وتعتبر الوكالة من المؤسسات النادرة في احترافية التصوير الأخباري والإعلامي لا سيما اعتمادها الآلات الرقمية دون أفلام لتبث مباشرة وفوراً الصور الآتية لحديث معين أو صورة عبر الأقمار الصناعية إلى مشتركيها خلال لحظات والذين يفوقون 10 آلاف زبون.
– وتتعاون مع شركة داو جونز للأسهم بتزويد مشتركي الأسهم بأحدث البيانات الفورية في كل أنحاء العالم.

البحث الثاني
ثانياً: وكالة اليونايتد برس اسوسياشن

تعود نشأتها إلى سلسلة( سكريبس – ماكري), (ونيوز اسوسياشن و بابلشرز برس)وأمام حدة المنافسة دمجت الثلاثةباسم “اليونايتد برس اسوسياشن ” 1907
وهي وكالة لا تعترف بالإحتكار بل سارت على سياسة الباب المفتوح لذا كان طريقها صعباً لمقاومة الاسوسياشن برس وسواها من الأوروبيات دأبت الوكالة على تطوير نشاطاتها وخدماتها الإذاعية بلغة إذاعية مباشرة كسباً للوقت حتى أصبح عدد مشتركيها 1700 مشترك في السبعينات موزعين على 52 بلداً
واليونايتد برس ليست اتحاد تعاونيات بل شركة تجارية ذات شخصية معنوية وقانونية تبيع الأخبار والصور والمواد الإعلانية للصحف والإذاعات البالغ عددها 2300 دورية وإذاعة في U.S.A. وتقوم وكالة متفرغة عنها “فيتشر سنديكت” بتوزيع التحقيقات الصحفية والمقالات يضاف إلى ذلك أنها تزود السفن المشتركة في أخبارها في عرض البحر وللوكالة مدير عام للأخبار وثاني تجاري وثالث للخارج ورابع للمبيعات وأخيراً للصور الأخبارية.
وهي لا تتبع أسلوب المركزية وتعطي لمكاتبها الرئيسية صلاحيات واسعة ومكاتبها موزعة في سان فرانسيسكو – وبوينس ايرس ولندن وباريس وطوكيو إضافة إلى 800 مكتباً في سائر العواصم كالقاهرة والرياض والدار البيضاء … لكن ما لبثت أن تكشفت عن أزمات مالية حتى عام 1985 حيث قام الوليد بن طلال بشرائها إلا أن السوق العربية لا تشكل سوى 3% من سوق الإعلام الدولي وانتهى الأمر بأن قادت الوكالة نحوها “مالكين كوريين ” لصن ميونغ موون”

الوكالات كإحتكارات إعلامية
لقد أثرت الأزمة الإقتصادية العالمية خلال الحربين العالميتين على سوق الصحف والوكالات بحيث ارتفعت الأسعار بحيث سقطت صحف كثيرة أو اضطر للإندماج مع صحف أخرى.
إن الوحدات الصغيرة لن تيقى متنافسة لمدة طويلة ولذلك يجب ابتلاع المنافس الصغير وانتهت عمليات التركيز إلى أن اصبحت الصحف تعتمد على مصدرين إثنين همت وكالة الاسوشياتد برس ووكالة اليونايتد برس انترناشيونال.
غير أن الإعتماد على وكالتين اثنتين يقلل من فرص الإختيار وتحقيق الشخصية الصحيفة المستقلة.
لكن الصحف والمجلات تحاول جاهدة أن تتخلص من الطابع الخطي وأن تضفي على نفسها طابعاً شخصياً منجزاً وهو أمر جد عسير في ظروف التقدم التكنولوجي الذي فرض نفقات باهظة ولعل أشهر هذه المحاولات “صحيفة نيويورك تايمز” التي بدأت بأربعة مشتركين ولها الآن 99 مشتركاً داخل U.S.A و 55 مشتركاً خارج الولايات من بينها الأهرام المصرية:.

أسعار بعض وكالات الأنباء حتى 1993
تختلف باختلاف البلد وإمكانية القيمة الشرائية.
مثلاً:
1- وكالة المغرب العربي للأنباء تدفع ستوياً للصحافة الفرنسية 57800$
2- الأنباء اليمنية سيأ تدفع سنوياً للصحافة الفرنسية 17300$
3- الأنباء اليمنية سيأ تدفع سنوياً لرويترز 18000$
4- وكالة السودان للأنباء تدفع سنوياً للصحافة الفرنسية 24000$
5- وكالة الأنباء الكويتية تدفع سنوياً للصحافة الفرنسية 78104$

البحث الثالث
وكالات الأنباء العربية
أولاً: وكالات الأنباء في مصر
ثانياً: الوكالة الوطنية للإعلام
وكالات الأنباء في مصر
– عرف القطر المصري على عهد الخديوي اسماعيل ما يدعى “بوكالة الأنباء” عام 1877 إلا أن البدايات الفعلية لوكالات الأنباء في مصر فظهرت مع أربع مكاتب للأخبار وهي:
وكالات الشرق العربي- وكالة أبناء العروبة – وكالة الأنباء المصرية ووكالة مصر
1935 1940 1950 1952.
وكالة أنباء الشرق الأوسط: و-أ-ش
ارتأى مجلس الثورة نهاية 1955 إنشاء وكالة ذات شأن ظهر تأسيسها في شباط 1956 دعيت “وكالة أنباء الشرق الأوسط” على شكل شركة مساهمة رأس مالها 20000 جنيه على أن تمتلك أسهمها الصحف المصرية متضامنة وهي الأهرام – ودار أخبار اليوم – ودار الهلال – ودار التحري.
– أصدرت الوكالة أولى نشراتها 31 آذار 1956 في القاهرة و افتتحت فروعاً لها في الخرطوم وغزة وعمان وبيروت ودمشق سنة 1956 وكان إن حولت الدولة هذه الوكالة إلى “شركة توصية بسيطة” سنة 1959 بنفس التسمية السابقة ونصبت عليها أحد العسكريين كمال الدين الحناوي وجاء في أغراض إنشاء الشركة الجديدة لأسباب إعلانية ظاهرياً ولكنها سياسته باطنياً. ثم ألحقت بالقطاع العام 1962 ثم تحولت إلى شركة مساهمة 1964 تحت اسم وكالة أنباء الشرق الأوسط مهمتها تنوير الرأي العام ومحاربة الأخبار المدسوسة ضد الجمهور والعالم العربي وطبع الكتب وتوزيعها.
– ومع الاضطراب المستمر في وضعها الإداري نتيجة لتدخل السلطة والعسكر في غير اختصاصهم وبدء اهتزاز مركز الوكالة صدر قرار رئاسي سنة 1967 بتصفية الشركة ونقل كل أصولها إلى “وكالة الصحافة العربية المتحدة” التابعة للأهرام ودار المعارف وأخبار اليوم.
– ومع عهد السادات الحق بالوكالة اتحاد الإذاعة والتلفزيون لتجانس الاختصاص.
– كما وأن الوكالة أبرمت عقوداً مهنية مع أغلب الوكالات العالمية المشهورة لتبادل المعلومات وترجمتها الفورية وبثها ونشرها وتوزيعها على المشتركين والعملاء.
ورغم كل التحولات الداخلية والخارجية لوكالة أنباء الشرق الأوسط ظلت متماسكة في هيكليتها احترافية في أدائها ديناميكية في تحركها وطنية في توجهاتها إقليمية في عروبتها دولية في عصاميتها مهمة في انتشارها موثوق في مصادرها جيدة في تحريرها.
بناءً عليه فقد اعتمدتها في السبعينات – الصحف ومحطات T.V العربية والآسيوية والأفريقية فضلاً عن الأوروبية والأميركية بمثابة المصدر الموثوق والديناميكي عن أخبار الشرق الأوسط يتراوح ما بين 150-200 خبر يومي 300 تسجيلي وأكثر من 150 تحقيق و300 صورة شهرياً.

معطيات قبول الأخبار العربية بوكالات الأنباء الدولية
لقد استغرق أمر معرفة ذوق وكالات الأنباء الدولية وما ترغبه من أخبار ما يقارب الخمس سنوات ولم تكتف الوكالات العربية الطلب من الوكالات الدولية الثلاث بل تجاوزتها إلى وكالة الصحافة الألمانية التي لها امتدادات واسعة في الدول العربية.
بعد استطلاع آراء الوكالات الأنباء رويتر والأسوشياتد برس والألمانية مكتوبة وما هي المعطيات التي تراها مناسبة لقبول الأخبار العربية في نشراتها خرجنا بالوصايا الـ14:
1- يجب أن لا تبقى أي أسئلة دون إجابة مع توضيح الخبر بغية فهمه.
2- ضرورة تحقيق التوازن في الخبرين المتناقضين
3- أن يكون الخبر صالحاً للاستعمال
4- أن يكون بمقدور المحرر تقييم قدرة المتلقي على استيعاب الخبر ومدى احتياجه له.
5- الاهتمام بدقة الخبر لأن الخبر غير الدقيق لا يمكن الفهم منه إذا كان هو رد فعل على حدث ما أم هو سياسة دولة تجاه حدث ما.
6- في حال اقتباس جزء من التصريح ضمن خبر فيجب وضعه داخل قوسين.
7- على المحرر مراعاة استخدام طريقة الاقتباس المباشر عندما يتعامل مع افتتاحيات الصحف.
8- عندما تقوم وكالات الأنباء العربية بتوزيع نشراتها الأخبار باللغة الانكليزية من المفيد وبقدر الإمكان نشر الترجمة الحرفية الكاملة والمباشرة للخبر.
9- على محرري الوكالات العربية استخدام تفاصيل للسيرة الشخصية للأشخاص الواردة ذكرهم في البلاغات وأخبار التعيينات كما في الوفيات وذكر الأعمار.
10- على الوكالات ذكر مصادر الجوانب المختلفة للقصة الإخبارية.
11- السرعة مهمة لكن دون الإضرار بالدقة.
12- من المفيد التحقق مرتين من الأرقام الواردة في بنود الأخبار.
13- من الضروري نشر تقارير إخبارية عن مواضيع خفيفة تثير اهتمام القارئ إضافة إلى الأخبار السياسية.
14- من الضروري الأخذ بعين الاعتبار أن مهمة الوكالة إيراد الأخبار وليس إعطاء تفسيرات لها.

البحث الثالث
الوكالة الوطنية للإعلام في لبنان
1- تأسيس الوكالة الوطنية وصلاحيتها
تأسست بمرسوم 7276 سنة 1961 وتخضع لإشراف مدير عام الوزارة وصلاحيتها لحظها المرسوم 8588 سنة 1962 حيث أصدرت نشرة باللغات العربية والفرنسية والإنكليزية.
– ومهمتها “جمع الأخبار والتعليقات والبيانات المتعلقة بالأحداث الآنية الوطنية ومحيطنا ونشرها.
والغاية تأمين مجموعة يومية من الأخبار تعمد إلى نشرها في الإذاعة والتلفزيون والصحافة.
فمهمة المدير بالوكالة “كونه الحارس على التوجيه الإعلامي الرسمي،
– وتتكون الهيكلية الإدارية للوكالة من:
– أمانة السر الإدارية ودائرة الأنباء العامة، ودائرة الأنباء الإذاعية ومعظم الجهاز من الصحفيين.
1- دائرة الأنباء العامة:
تتولى هذه الدائرة “تحري” وجمع الأنباء وتحريرها ونشرها مع التعليقات والبلاغات وخاصة بما يتعلق بأوجه نشاط الدولة والحياة السياسية في البلاد وتضم 6 أقسام.
أ- أمانة التحرير: مهمته جمع ما تنتجه دائرة الأنباء العامة لتبويبه وإعداده.
ب- قسم الأخبار والتعليقات: جمع الأنباء وتحريرها لاسيما نشاط الدولة وأحداثها.
ج- قسم الريبورتاج: مساعدة الصحافة على نشر المعلومات التي تحتاج إلى جهد للحصول عليها.
د- قسم الدراسات واستعراض الصحف: فرع لتخليص تعليقات الصحف والمجلات اللبنانية يومياً.
استعراض الصحف الأجنبية: يترجم كل ما ينشر في الصحف العالمية ومتابعة الصحف العربية فيما يختص بلبنان.
فرع الاستماع الإذاعي: يصدر نشرة يومية تلخص التعليقات السياسية عربياً وعالمياً.
هـ- قسم المحفوظات والأرشيف: مهمته حفظ الأخبار العالمية والمحلية الهامة
و‌- قسم الشبكة الدولية: يقدم عن طريق التعاون مع الوكالات الدولية والأجنبية التي يمكن الاستفادة منها على عنوان صفحة الوكالة: الوكالة الوطنية للاعلام
(تم حذف الإيميل لأن عرضه مخالف لشروط المنتدى)

2- دائرة الأنباء الإذاعية
مهامها:تهيئة برامج الأنباء المنتظمة المعدة للإذاعة لاسيما نشرات الأخبار اليومية باللغات الثلاث وتضم هذه الدائرة قسمين:
أ‌- قسم الصحيفة الإذاعية: تقوم بإعداد نشرات الأخبار والصحفية الإذاعية بناءً على العناصر التي تزوده بها وكالة الأنباء الوطنية والإذاعة والوكالات اللبنانية الأخرى.
ب‌- قسم الأحداث الآنية السياسية:
ويعني بإعداد إذاعات خاصة نشرات مقابلات اجتماعات حلقات ومقتطفات من أقوال الصحف كما يوجد 24 مراسلاً في مختلف الأقضية وخمس مراكز في المحافظات ومكاتب في القاهرة، باريس، لندن وواشنطن.
مركز النشر اللبناني
حدد المرسوم الاشتراعي 25 سنة 1983 لتفعيل “مركز النشر اللبناني” وحددت مهماته بما يتلاءم مع السياسية العامة الوطنية ويضم:
1- دائرة العمل الداخلي: تتابع الرأي العام اللبناني وشرح الأهداف العامة لسياسة الدولة وتضم قسمين:
أ- قسم القضايا الاجتماعية.
ب- قسم التوجيه العام
2- دائرة العمل الخارجي: تعنى بالتواصل مع المغتربين خصوصاً العلاقات العامة مع الآخرين عموماً وتضم ستة أقسام:
أ‌- قسم النشر بالعربية
ب‌- قسم النشر بالفرنسية
ت‌- قسم النشر بالإنكليزية
ث‌- قسم النشر بالإسبانية
ج‌- قسم النشر بالبرتغالية
ح‌- قسم المنشورات المختلفة.
3- دائرة الدراسات والأبحاث: وتهتم بإعداد الدراسات والأبحاث وتحليلات الرأي العام للمساعدة على توجيه نشاطات وزارة الإعلام.

من خطوات تطوير الوكالات الوطنية: ينشر لها 24 مكتباً لمراسيلها في الأقضية والمحافظات واستحدثت 3 أقسام جديدة هي:
– قسم الكمبيوتر – قسم البيئة – والدائرة التقنية
كما عقدت اتفاقيات مع أغلب وكالات الإعلان العربية وعقدت اتفاقيات مع أهم وكالات الأنباء العالمية مثل وكالة الشرق الأوسط ووكالة الاسوسييتيد برس- ووكالة اليونايتد برس- ووكالة رويتر.
كما يجدر الذكر على عقدين مميزين مع وكالة الصحافة العالمية N.P.A والوكالة الفرنسية تتعهدان بإرسال مواد إعلامية إلى الوكالة الوطنية مباشرة عبر (5) أقمار اصطناعية لهذه الخدمة.
فالوكالة تعتبر من أهم المراجع الموثوقة.

الفصل الثالث
تطور الصحافة الفرنسية:
من طبع الإنسان شغفه بالأخبار نظراً لحاجته التبادلية مع الآخرين.
نشأة الصحافة الفرنسية:
ظهرت بدايات الصحافة الأوروبية عبارة عن وريقات مخطوطة طائرة بمبادرة فردية طوال أربعة عقود ” نشرة الوقائع” ثم أجمعت وقائع سنوية 1611 لتأريخ الثوابت الصحفية عرفت بوقائع “له مركور فرنسية” وهي أول دورية غير موثوقة وفي باريس حددت أول دورية غير موثوقة تدعى “نوفيل أوردينير” 1631 إلا أن ظهور “لاغازيت” 1631 كانت أول دورية رسمية في فرنسا
سنة 1650 قام رينودو بجمع افتتاحيات إعداده وملاحقتها سنوياً في مجلدات مستقلة فكان رائداً في تاريخ التوثيق الإعلامي.
– حافظت لاغازيت على رسميتها رغم تبديل اسمها إلى “لاغازيت دي فرانس 1660.
– اعتمدت الأكاديمية الفرنسية تسمية “جورنال” 1648
وبالمقابل ظهرت غازيل 1631 رينودو، جورنال دي سافان 1665. دي ساللو، وميركور 1672.
ومن ثم سنلاحظ ظاهرة الصحافة الفرنسية المهاجرة إلى الجوار انكلترا – وبلجيكا – وهولندا لأسباب مهنية أمنية أو اقتصادية.
صحافة القرن الثامن عشر:
أحد الأثرياء يشتري “لاغازيت” يدعى بانكوك” ويجددها باسم “لا غازيت دي فرانس” 1761 وأيضاً اشترى “ميركور” ويسميها “ميركور دي فرانس”.
وأسس أيضاً صحيفتين مهجرتين “جورنال ده جنيف” و”جورنال ده بروكسل” وبالمقابل ظهرت طفرة للصحافة الأدبية، بموازاة الرسمية ومنها “له سبيكتارتور فرانسيه” 1722 و”له جورنال ديتراجنيه” و”له نوفيل دي باريس” 1735 ثم ظهرت مقاهي ومكاتب المطلعة حيث تأسست صالة كبيرة جداً 1779 تضم أغلب الدور الفرنسية والأوروبية.
بالإضافة إلى إدراج مجالس ورواة الأخبار “وصالوناتها في مجال حركية الصحافة الشفهية أو المحلية على نمط الحكواتي” “الكونت دي ليون”
كما نذكر صالون مدام دوبليه سنة 1570 إذ خصصته لمذكرة “الصحافة السرية” ومنها جريدة “ايكليز تينيك” حتى 1771.
– في هذه الفترة شهدت باريس أول جريدة يومية هي “جورنال دو باري”1771.
صحافة الثورة:
مع عهد التنوير نهض الأديب ميرابو مطالباً بحرية الصحافة فعمد إلى إصدار جريدتين “ايتا” جينرو وبروفانس 1789″ حيث وقعت ثورة نابليون واتسعت حرية الصحافة بحيث صدرت 100 صحيفة في أربع سنوات لغاية 1792 رافقه شعار الصحافة “حارس الشعب” وتميزت بالمزاجية والعفوية في سجالات بين الملكية والجمهورية فأوجس نابليون خفية لاسيما عودة مليونير الصحافة بانكوك لإصدار عدة صحف ثورية منها “له مونيتر أونيفرسال” 1789.
– ويعتبر “هاتان” من أهم مؤرخي صحافة الثورة.
– أولى نابليون صحيفة “له مونيتر” كامل عنايته الرسمية فكان يراجع موادها شخصياً لولعه بالصحافة.
صحافة القرن التاسع عشر:
تميزت بوضع متذبذب للحرية حيث صدر مرسوم عام 1811 يسمح بمصادرة تأميم ملكية الصحف لم يبق في باريس سوى أربعة صحف لكن التأميم زال مع هزيمة الإمبراطور فعادت الحرية ومع عهد الرجعية (1815-1830) بتحريض من مارتينال إلى الملك بأن الصحف ليست سوى أدوات للفوضى لكن الغريب أن السلطة نفسها عمدت بالمقابل إلى شراء ذمم بعض الصحف لتسير في ركاب الحكم ليصدر مرسوم 1830 يقضي باستصدار تصريح كل 3 أشهر لصدور أية جريدة مما حرك الشغب في الشارع حيث فرض لويس فيليب رقابة غير مسبوقة باعتقاله 75 صحفياً ورفع 400 قضية بوجه الصحافة وغرامات 90 ألف فرنك.
الصحافة الشعبية:
ظهرت الصحافة الشعبية “له بتي جورنال” 1863 إثر اضطرابات سياسية متعددة حيث بلغ عدد الصحف عموماً 200 صحيفة سياسية و 400 جريدة متنوعة أشهرها “له طان و لو فرانس”
انتهى الوضع السياسي بانتصار بسمارك على نابليون الثالث سنة 1880 للعودة إلى تنظيم الصحافة مما سمح بظهور صحيفة “الكاريكاتور” 1830 مع فيليبون.
الصحافة الفرنسية في القرن العشرين
نعمت الصحافة الفرنسية بمساحة أوسع من الحرية مطلع القرن فظهر في باريس 75 جريدة مختلفة بـ 4 ملايين نسخة.
وأحصي 250 صحيفة من دوريات الأقاليم 1914 تهتم بشؤون مناطقها.
1- الصحافة والحرب العالمية الأولى
اشتدت الضائقة الاقتصادية على الصحافة فاضطر بعضها للاندماج في مؤسسة واحدة وخضعت للرقابة العسكرية.
أسفرت الحرب عن شحن الرأي العام المدني والعسكري.
فالإعلام في الداخل بخلاف المعلومات على الجبهة وعندما استعيد السلام فقدت ثقة الشعب بالسلطة حيث ساهمت الصحافة الإخبارية المصورة وكذلك الكاريكاتورية كدور أساسي في التسويق والترويج.
2- ركود الصحافة الفرنسية:
بدأ تطور الصحافة الفرنسية مبتكراً مقارنة مع سواها من الأوروبيات فارتفع توزيعها إلى 12 مليون سنة 1929 وتقدمت “فرانس سوار” على غيرها ولمع نجم الصحف المصورة وخاصة للأطفال والكاريكاتور.
إلا أن الملاحظ غياب صحافة الرأي المتعلقة بالقرار وأصحابها وعليه نجد تراجع صحف باريس تدريجياً إلى 30 دورية بعدما كانت قبل الحرب 75 صحيفة هذا بالإضافة إلى ظهور أثرياء الصحافة مثل “كورتي الكورسيكي” الذي لا يمت للصحافة إلا بصلة المال.
وأيضاً ركدت خلال الحرب الثانية ونزحت من باريس إلى نحو الجنوب هرباً من حكومة فيشي في وقت يوزع الألمان المساعدات على الصحف الموالية وكان من الطبيعي ظهور صحافة سرية لمقاومة الاحتلال.
نخلص للقول أن الربع الثاني من القرن العشرين كان فترة توقف وركود وتراجع للصحافة الفرنسية.
3- الصحافة الفرنسية بعد خمسينات العشرين
تشير دراسات تاريخ الصحافة الغربية الحديثة إلى نقلة نوعية في مجال الإعلام عموماً وتقدم وسائل الاتصال مثل الراديو وال TV والانترنت وغيرها على حساب الصحافة المكتوبة التي غدا دورها مكملاً.
التقدم التقني غير حياة الصحافة نحو الأفضل استناداً إلى تقنيات الاتصال والهاتف النقال إلى الخليوي المصور.
كما تميل الدراسات إلى ميل شرائح الجمهور نحو الصحافة المتخصصة.
إن غالبية الصحف الباريسية وجدت صعوبة في المحافظة على قرائها باستثناء “له فيغارو” و”اللومند” التي جاوز إصدارها 400 ألف نسخة يومياً 1967.
إن بقاء الصحيفة المكتوبة وسيلة ضرورية للتأمل الجماعي للعالم اذ لا يمكن الاستعاضة عنها في الدراسات الجادة بالبرامج التلفزيونية إجمالاً.

البحث الثاني
تطور الصحافة الإنكليزية
أولاً: نشأة الصحافة الانكليزية وتطورها.
بعد توفر صدور الدوريات في بعض أقطار أوروبا أخذت لندن تروج للصحافة الهولندية 1609 إلا أنه لم يكن لها التأثير الكافي.
– تطور الصحافة الإنكليزية
صدر أول كتاب أخبار منظم الصدور في إنكلترا سنة 1622 وكان يصدر رسمياً باسم السلطات الحكومية.
أما أول صحيفة إنكليزية بالمعنى المفهوم من اللفظ الحديث من حيث الشكل وثبات الاسم وانتظام الصدور “صحيفة” اكسفورد جازيت” 1665 ثم تحول اسمها إلى “لندن جازيت” ولا زالت حتى يومنا فصدرت أول صحيفة يومية 1702 وهي “ديلي كرنت” كما ظهرت صحف إقليمية عديدة.
– غير أن الثورة الحقيقية في الفن الصحافي الإنكليزي كانت على يد اللورد نورتكليف الذي أصدر صحيفة “ديلي ميل” سنة 1896 فكانت ثورة في التحرير والإخراج وتبعتها صحيفة “ديلي اكسبرس” 1900.
وقد أتاح نمو التعليم إلى زيادة عدد القراء فكان ظهور الصحافة الشعبية.
نشأة الصحافة الإنكليزية وتطورها
1- الصحافة الإنكليزية في القرنين 17-18م
وسمت الصحافة الانكليزية بالدينامية حتى أواخر القرن الثامن عشر حتى لقبت “السلطة الرابعة صاحبة الجلالة” سنة 1770 نظراً لاتساع الحرية.

1- الصحافة والحرية:
بعد صراع مرير بين السلطة والصحافة منحتها مساحة واسعة من الحرية لكن الصحافة الهامة لم تعمر طويلاً كغازيت وبالمقابل ظهرت “نورث بريتون” 1762 في مناوأة السلطة والبرلمان وبين هذا وذاك ظهر مسلسل “روبنسون كروز” في الدايلي بوست 1719.
2- التطور التقني في الطباعة والتكنولوجيا.
انصب التطور التقني هذه الفترة على الإنتاج الصحفي حيث بدأت الدوريات عموماً.
– تأسيس وكالة رويترز
أنشأ يوليوس رويترز سنة 1851 مكتب خدمات الأخبار 1848 وهو متعامل سابق مع هافاكس بواسطة الحمام الزاجل بداية الأمر حتى شهدت له “التايمز” بنوعية خدمته واضطرت للاشتراك فيها 1858.
ثانياً: صحافة القرن التاسع عشر
دأبت السلطة على تشديد الرقابة على الصحف خشية من تقدمها السريع بفرضها ضرائب الدمغة ورسوم البريد من أثار سخط الشارع فاضطرت السلطة لتخفيض الضرائب 1633 تم إلغائها 1861.

1- صحيفة التايمز:
تأسست باسم “ديلي يونيفرسال ريجستر” لجون وولتر 1785 ثم استقرت على التايمز واشتهرت مع مديرها “بين” 1841 وتميزت بنزعتها الاستقلالية وسايرت مبدأ الإصلاح وتحسنت أوضاعها لتوزع 40 ألف نسخة سنة 1850.
2- الصحافة الشعبية
كان من حسنات إلغاء الضرائب على الصحافة أن ارتفع عدد الصحف مباشرة.
– واجهت التايمز منافسة شديدة فاضطر يوليوس إلى حركة التفافية صحيفة على صحيفة ستاندر 1857 وعلى الديلي تلغراف 1855.
– ساهم انتشار الطباعة في ظهور بدعة “صحف الأحد” وتتميز بكونها مصورة وللتسلية في آن يتناولها العامة دون السياسية ومن أشهر الباقيات “الدايلي تلغراف” 25 ألف نسخة 1845 ثم ظهرت المجلات المصورة الإحترافية مثل “بتي ماغازين” 1830 ثم “ايفنيغ نيوز” 1881 و”ذي ستار” 1888 كذلك ظهرت صحافة الأقاليم.
3- إمبراطور الصحافة اللورد نورتكليف
يذهب البعض إلى أن التجدد في الصحافة الإنكليزية مردود إلى هارموست من أثرياء الصحافة وقد منح لقب ” اللورد نورتكليف” لاحقاً 1905 لرعاية مجموعته الصحفية الشعبية “تروست” إذ اشترى صحف “انسرز” 1888 و”ايفنينغ نيوز” 1894 و”الديلي ميل” 1896 ومن خلالها مارس الصحافة الإنكليزية المتميزة وابتدع صفحات نسائية حيث طبع مليون نسخة عام 1901.
وفي مطلع 1904 أسس “ديلي الوسترتيدميرور” على النمط الأميركي حيث احتلت الرسوم والصور مكاناً لهما.
ثالثاً: الصحافة الإنكليزية في القرن العشرين
غدا الصراع التجاري والمنافسة المهنية بمثابة قاعدة التعاطي الاحترافي إعلامياً فنشأت الصراعات وأصبحت الوكالات أبواقاً دعائية سياسية لكل دولة تنتمي إليها وعليه يمكن اعتبار كل الاتفاقيات بين الوكالات العالمية أصبحت ملغاة نهائياً عملياً.
– تسويق مجموعات الصحف الإنكليزية
نظراً لأحداث الحرب والانتصارات البريطانية ارتفع مجموع عدد نسخ الصحف اللندنية إلى 45 مليون نسخة 1920 ثم على حين خرجت مجموعات اللورد نورتكليف من الحرب أكثر ثوة وانتشاراً بل تقدمت على غيرها لكن وفاة صاحبها شكل مفترقاً مهنياً صعباً في الصحافة اللندنية.

الملاحظ أن هذا التطور في الصحافة الإنكليزية شكلاً ومضموناً وعدداً إنما جاء على حساب المستوى الصحفي العام الأوروبي والنوعي إذ أن التنافس الضاري بينهما من جهة والمجموعات الإعلامية من جهة أخرى إلى توظيف الأحداث الساخنة والمميزة بشكل استغلالي وتهويلي واحتكاري بصورة بعيدة عن التقاليد المهنية والأخلاق الصحفية الإنكليزية المألوفة.
وبعد انتهاء الحرب أغرقت سوق الصحافة الإنكليزية بدوريات فردية جديدة مما حشد منافسة المؤسسات الصحفية الكبرى في وجهها مما أدى إلى اعتراف أكثر “الفرديات” بينما ظلت مؤسسات الصحف الراقية مستمرة لثبات رصيدها.
وقد طبع سنة 1937 من الصحف البريطانية ما مجموعه 18 مليون نسخة وصول عام 1961، 27 مليون نسخة بينما قفز العدد من صحف الأحد من 13 مليون نسخة إلى 30 مليون نسخة.
حيال هذا الاضطراب والتفاوت في آن معاً تآلفت لجنتان لدراسة مطولة عن أزمة السوق ما بين 1945-1962 حيث أنشأ “مجلس الصحافة الأعلى” أوكل إليه نوع من إقامة وصاية معنوية على الصحافة.
بالمقابل أدت الأزمة الاقتصادية سنة 1960 إلى خسائر فادحة أي ميدان الصحافة فاحتجب عدة صحف مثل “ذي ستار” و”نيوز كرونيل” ثم اندمجت صحف أخرى مثل “بابلشينغ” مع “ادهامس”العامل.

نشأة الصحافة الأميركية وتطورها
بدايات:
أن أول صحيفة مبتكرة هي “بنسلفانيا غازيت” 1828 بنيامين فرانكلين وفي كل الأحوال كانت معظم مواد الصحف الأميركية في بداية أمرها تنقل من الصحف الإنكليزية الواردة من اوروبا ومثلت صحيفتا بوسطن وبنسلفانيا دورهما الصحفي الحقيقي في إشعال ثورة 1776.
وفي دستور 1791 “لن يأتي الكونغرس بأي قانون يحد من حرية الكلمة أو الصحافة”
بانتظار عام 1830 بدأت بوادر نهضة الصحافة الأميركية بالظهور وتشير الدراسات إلى وجود 17 صحيفة و200 دورية في 13 ولاية سنة 1800 فقد حققت “نيويورك هولد” تحقيقات ميدانية ونقل الأحداث بسرعة باعتماد مراسلين للصحيفة في الخارج فغدا الأمر صرعة فظهرت منافسة الأخريات لاسيما “ويكلي تريبون” سنة 1860 في وقت بلغت الصحف255 دورية
ثانياً: صحافة القرن التاسع عشر
شكلت حرب الانفصال بين الشمال والجنوب (1863-1865) محطة أساسية في تاريخ الصحافة الأميركية وارتفع عدد نسخ الصحف وكان للتلغراف دوره الهام في توصيل برقيات الجبهات الساخنة لمراسلي الحرب بمثابة إعلان ساخن.
1- الصحافة الشعبية:
إن الاضطرابات والأزمات شكلت المادة الساخنة للمحررين والمراسلين ورفعت مداخيل الصحف وأحرزت صحافة الولايات المتحدة مع حرب الانفصال وبعدها تقدماً مذهلاً إذ أشارت الإحصاءات إلى وجود 2500 صحيفة سنة 1910 تصدر 24 مليون نسخة في وقت تابع تقدم صحف السنتين” إنطلاقه وغدا لكل مدينة كبيرة عدة صحف مع رياسة نيويورك لزعامة أكبر مركز لنشر الصحف اليومية حيث صدر فيها 22 صحيفة كبرى يومية 1910.
2- صحافة السنت الواحد
شكلت الصحافة الشعبية قطب جذب ساحر باستمرار إذ راجت بأسعار زهيدة إنما بأعداد كبيرة ونذكر في هذا المجال اسم قطبين:
“بوليترز اليهودي” وهيرست الأميركي، وتحتل صحفهما الرخيصة بسنت واحد آخر حقبة من تاريخ الصحافة الشعبية الأميركية.
أما الأول: بوليترز الهنغاري الأصل فقد ارتحل إلى أميركا بفترة حرب الانفصال فأغرته الصحافة فاشترى امتياز صحيفتين قديمتين وأصدر بديلاً عنهما صحيفة “سانت لويس ديسيباتش” سنة 1878 كصحيفة شعبية ثم اشترى صحيفة “نيويورك وورلد” 1883 واتجه بها إلى عالم الصحافة الصفراء موظفاً بدون خجل الجرائم الدموية والأحداث المثيرة للفضائح فنجح بشكل مذهل.
أما الثاني هيرست كان مواطناً أميركياً أصيلاً وابن أحد الأثرياء بدأ متدرجاً صحفياً في “إكزا مينر” ثم ارتحل إلى نيويورك ليؤسس “نيويورك جورنال” الشعبية بسنت واحد وتميز بطموحه وكان أن أسعفته نشوب الحرب ضد أسبانيا لينفرد في استئثارها من خلال مقالات وتحقيقاته عن كوبا والباخرة “مين” في مرفأها هافانا وقد عرف بوطنيته المتطرفة وبطموح سياسي وظفه في إسقاطاته ضد خصومه على صفحات جرائده كما عرفت صحف الأحد انطلاقاً مماثلاً إذ طبع من “ساتردي ايفنينغ بوست” 1.5 مليون نسخة.
فمن الملاحظ انسجام هذه الصحف شكلاً ومضموناً مع مفهوم عقلية المهاجرين الجدد المتميزة بالخشونة ومن ذوي الثقافة الضحلة والراغبين دائماً بالصحافة المصورة والمرسومة.
ويعود سبب قلة النسخ المطبوعة في الصحف الأميركية إلى اتساع مساحة البلاد جغرافياً بالمقابل عرفت سلاسل الصحف حتى بلغت 13 سلسلة عام 1910 تضم 63 صحيفة يومية أهمها مجموعة هيرست ومجموعة سركيبس في وقت لعبت النقابات دور وكالات للمقالات و لتأمين الصور والرسوم التخزينية.

ثالثاً: صحافة القرن العشرين
شهدت الصحافة في القرن العشرين عدة عوامل تجاذبيتها التكنولوجيا الجديدة وفلسفات سياسية وعوامل اقتصادية أثرت في مجمل وضعها.
1- عناصر مستجدة ومنها:
أ- تحول وظيفة الصحافة: فقد نافست الإخبارية المصورة سائر الصحف المتخصصة التقليدية وعندما انتشر الراديو خسرت الصحافة قراءها بعد الحرب الثانية.
ب-ظهور القوميات الأوروبية لاسيما وقوف الأنظمة وراء المعسكر الليبرالي الأوروبي والشيوعي السوفياتي والتمايزي الأميركي وسعت أميركا لتصدير ديمقراطيتها إلى أوروبا.
ج- التجمعات الصحفية: أسفرت إلى زوال الصغيرة منها بسبب الأزمات الاقتصادية وتجميع الباقيات في “تروستات” لتضمن استمرارها.
د- التقدم التقني: على مستوى المطابع وعبر وسائل الاتصال بهاتف أو الفاكس أو الانترنت أو الأقمار الاصطناعية لتأمين الخبر الساخن.
هـ-أخيراً وكالات الأنباء: وهي الدم الحيوي اللازم لكل صحيفة لتواكب الحدث بمصداقية واحتراف.
2- الصحافة الأميركية والمجموعات:
أ- جهدت الصحافة الأميركية في المحافظة على تقدم انطلاقتها إلا أن الأزمة الاقتصادية بعد الحرب الثانية كبحت جماحها حيث تفاوت عدد نسخ الصحف بين 24 مليون سنة 1910 ليرتفع إلى 40 مليون 1940 وازداد صحف الأحد من 17 مليون نسخة إلى 23 مليون نسخة في نفس الفترة.

ب- المجموعات الصحفية: لم يكن لها سوى تأثير بسيط على تجميع الصحف حيث انخفض عدد اليوميات ما بين 1910- 1940 من 2500 دورية إلى 1800 دورية.
بالمقابل ازدادت محطات الإذاعة والراديو تدريجياً على حين أفلست مجموعة هيرست المشهورة لمنوأتها روزفلت”.
ج- ابتدعت الصحافة الأميركية صيغة “التايلوييد” اليومية بنصف حجم الصحيفة العادية بعناوين فخمة وصور مدهشة ومثيرة مع زوايا صغيرة للسياسة الخماسية هذا فضلاً عن ظهور نمط آخر جديد في الصحافة مع “ريدز جست” لوالاس 1923 لتفردها بنوعية خاصة من المعرفة والثقافة السريعة.
ازدهار الصحافة الأميركية: رغم تداعيات الحرب العالمية الثانية ظلت الولايات المتحدة تحتل نموذجاً فريداً في وسائل الإعلام.
إلا أن الصحافة انتقلت بعد الخمسينات إلى الاحتراف المهني والإداري.
– الصحافة اليومية: تشير الإحصائيات إلى ازدياد إنتاج الصحف اليومية باستمرار كما ارتفع عدد النسخ من 40 مليون إلى 60 مليون.
ما بين 1940- 1960 في وقت عجزت صحف الملحقات وبعض الأقاليم عن مقاومة المطالب العمالية المستمرة فلاغرو إذ بقي في نيويورك اليوم 3 صحف بدل 10 صحف في الخمسينات.

الفصل الرابع

تطور الصحافة العربية:
تدين الصحافة العربية في نشأتها إلى الصحافة الغربية وتحديداً مع الصحافة الفرنسية مع بونابرت سنة 1798 غزوته إلى مصر وتبعه الخديوي محمد علي باشا الكبير فأصدرا جرنال الخديوي 1827 أتبعها بالوقائع المصرية.
أما الجريدة الرسمية يعود إلى الضرورات التي يقتضيها الواقع الرسمي لتنطق.

الصحافة الرسمية في مصر.
أولاً: أولياتها الرسمية مع بونابرت 1798
أثناء حملته على مصر وتزويده بجهاز طباعي متكامل مع فنيين ومعدات ولوازمها مما ساعد على “إصدار أول منشور رسمي” باللغة العربية تاريخ 28 حزيران 1798 موجه للجمهور المصري من على الباخرة “لوريان”.
وبعد احتلاله الثغر في تموز أمر بإنزال المطابع في الإسكندرية ووزع أربع آلات نسخة من المنشور الرسمي الأول شكل ذلك دعاية لحكم نابليون عبر:
– منشورات باللغة العربية والفرنسية في الإسكندرية ثم بالقاهرة.
– جريدة “بريد مصر” باللغة الفرنسية في آب 1798 بالقاهرة.
– مجلة “العشرة المصرية”، باللغة الفرنسية آب 1798.
جريدة بريد مصر: 29 آب 1798 “لو كرييه”
هي الوجه الإعلامي لحملة نابليون أو لجيش الشرق وهكذا تقارب صحيفة لوكورييه الإعلام المتخصص كونها الجريدة الرسمية لجيش الشرق وتحت إشراف قوادها أنفسهم مباشرة على ثلاث عناصر:
أ‌- الوجه الرسمي: ينشر الأوامر والقرارات العسكرية على قواد جيش الشرق ونقل أخباره
– تعريف الجنود الفرنسيين بالمجتمع المصري وإدارته.
– متابعة سياسة باريس.
ب- الوجه التثقيفي: إطلاع الجنود على نشاط أعضاء المجمع العلمي المصري وثقافتهم وذكر طرائف ادبية .
ج- الوجه الإعلامي: ما يتعلق بحياة الجندي الفرنسي الشخصية من حاجات وغذاء بل تعمد نابليون توصيلها إلى الأسطول البريطاني الذي يحاصره.
ثانياً: تأسيس الوقائع المصرية عام 1828 مع الخديوي
1- جرنال الخديوي 1827: يمثل جرنال الخديوي 1813 الحلقة الأولى من سلسلة الجرائد الرسمية على عهد محمد علي وكان على دواوين الأقاليم إرسال خلاصة اسبوعية الى ديوان الجرنال “في اليوم من كل أسبوع.”
1- ظروف تأسيس الوقائع المصرية تكون جرنال الخديوي هي النواة الأول للوقائع.
2- أسباب ظهورها: 1827 أوعز الخديوي محمد علي باشا بتأسيسها نظراً لشغفه بصحافة الأستانة وأوروبا وطلب إلى رؤساء الدواوين تزويدها بخلاصة خصوصية عن الوقائع التي تحصل بالجبهات.
3- وصف الجريدة: بداية أربع صفحات ثم أصبحت 8 صفحات وبلغ اشتراكها السنوي 77 قرشاً بداية الأمر ثم بلغ 100 ق سنة 1900 وظهرت ثلاث مرات أسبوعياً.
– هويتها: وردت تسميتها بالخط الديواني “وقائع مصرية”.
4- فهرس الوقائع: ضمت الأنباء الداخلية ومجالس الأقاليم ثم زيد عليها أخبار الآستانة.
5- مواد الوقائع: هيأ الخديوي كل الشروط اللازمة لإخراج الوقائع على الصورة الرسمية المرجوة وتولى تحرير موادها باللغة التركية وعاونه محرر المواد للعربية.
6- تطور الوقائع مع الطهاطاوي: 1841 أشار الخديوي بتطور وتجديد الوقائع كصحافة ممالك أوروبا حيث وضع الشيخ الطهطاوي أصول الجريدة بحسب تنظيم اللغة العربية وتنظيم موادها حسب النظام التركي حيث طرأ تطوير جذري من أخبار بسيطة إلى التجديد والغلو في موضوعات في مختلف ضروب المعرفة.
7- تطور الوقائع مع محمد عبده 1880: احتواء أخبار الدواوين والمحاكم والأمن – على أعمال المديريات والنظارات – تقسم الوقائع إلى عدة أقسام: أوامر الخديوي وللنظارات العليا- والعلوم والآداب- والحوادث الخارجية والإعلانات.
8- التطور اللغوي: مع الشيخ محمد عبده وضلوعه باللغة العربية غدت الوقائع مدرسة صحفية لمحرريها حيث رفع أسلوبها لمستوى الحدث والأهم هو اتفاقه مع وكالات الأنباء العالمية رويتر – وهافاس لتزويد الوقائع بالأخبار الدولية.
وما إن احتل الإنكليز مصر حتى اعتقلوا الشيخ عبده ونفوه لتبدأ الوقائع مع الشيخ عبد الكريم سلمان عام 1882.
ثالثا: الوقائع في العهد الإنكليزي 1882-1952.
بعد الاحتلال الإنكليزي اتسمت بطابعها الرسمي المتخصص بنشر محاضر جلسات مجلس شورى القوانين والمقررات الرسمية وغدت جريدة رسمية للحكومة المصرية تصدر مرتين أسبوعياً في أربع صفحات على نسختين انكليزية وعربية مع ابتداعها “حروف التاج MAJUSCULE .

رابعاً: الوقائع في عهد الثورة الجمهورية 1952.
كان ضرورياً مواكبة الوقائع المصري لمستجدات الواقع لثورة 1952 وجاءت في ثلاثة أقسام:
– القسم الأول: هو القسم الرسمي للتشريعات: قوانين مراسم قرارات.
– القسم الثاني: للإعلانات ما كان رسمياً أو خاصاً مسموح به.
– القسم الثالث: المتعلق بنشر محاضر جلسات مجلس الشعب النواب أما في السبعينات فغدت ملحقاً بالجريدة الرسمية لجمهورية مصر العربة في عهد السادات.
– ونخلص إلى تنقل الوقائع المصرية بين ثلاثة عهود: خديوية – إنكليزية- وجمهورية وتبقى في النهاية المصدر الموثوق لتاريخ التشريع الدستوري والسياسي والإداري فيمصر حتى يومنا هذا.

الفصل الرابع
الصحافة الأدبية
– من المعلوم أن الجريدة أسبق في ظهورها من المجلة إلا أن الأخيرة لا زالت تمثل ظاهرة من ظواهر الحياة الحديثة.
وقد عرفت أولى المجلات الأدبية العربية في مصر باسم “روضة المدارس” 1870 وهي أشبه كونها “لسان حال إعلام الفكر والأدب”.
ومهما يكن من أمر فالصحافة الأدبية كما هو معلوم ليست للجميع وإنما لفئة متخصصة من الرأي العام.
تبقى الإشارة إلى أن الصحافة الأدبية المتخصصة لم تجذب إليها أحداً من أصحاب رؤوس الأموال أو المثقفين الميسورين لتوظيف أموالهم في قطاعاتها فظلت “رسالة الفكر والأدب” وفقاً على اهل القلم الذين يحملون رأس مالهم في عقولهم.
مجلة الثقافة سنة 1939
تأسيسها وهدفها: أصدرت لجنة التأليف والترجمة والنشر مجلة الثقافة في كانون الثاني 1939 تحت إشراف أحمد أمين وإدارته لها وهدفها
أولاً: مزاوجة تراث الشرق السابق وحضارته مع الفكر الأوروبي
ثانياً: نشر التراث والإنتاج الفكري العربي والاجنبي الحاضر والسالف.

الثقافة: مجلة أسبوعية للاجتماع والآداب والعلوم والفنون “صاحب امتياز المجلة رئيس لجنة التأليف والترجمة والنشر” أحمد أمين رئيس التحرير المسؤول:محمد عبد الواحد خلاف”
كما أن اغلب أعضاء لجنة التأليف والترجمة والنشر من أهل الفكر وأساتذة الجامعات.
أسرتها وموضوعاتها: مجلة الثقافة
وهكذا كان عماد الثقافة نخبة من الشباب المثقف منذ عام 1914 ومع ثورة 1919 مع جريدة السفور منبراً لهم ثم مع مجلة الرسالة سنة 1932 إلى مجلة الثقافة 1939 وذلك بهمة 80 شخصاً من خيرة أقلام مصر فهذا توفيق الحكيم يتناول موضوع الاشتغال بالأدب والكتابة – وأحمد أمين النقد الأدبي والتراجم – وعائشة عبد الرحمن في التربية والفقه – ومحمد بنوته بالزراعة – ومصطفى الديواني في العلم والطب…
ولم تأل المجلة جهداً في تجديد مقالاتها موضوعاً وأسلوباً وفي مطلع الخمسينات تطعمت المجلة بأقلام شابة متجددة يؤازرها جيل الشيوخ.
الثقافة ومعاجم اللغة العربية دأبت المجلة على الاهتمام بموضوع اللغة العربية عرضاً ونقداً وقد أولى اللغوي الكبير انستاس الكرملي اللغة كل اهتماماته ودورها في حفظ اللغة وصون التراث وبعد ذكره أهم المعاجم اللاتينية مع كليمكس “الموسيون” وفريوس “معاني الألفاظ” و”المعجم” المماثل لدوائر المعارف اليوم وقد نشر في باريس سنة 1502 ثم ينتقل إلى أول معجم عربي بالمعنى الحقيقي للكلمة فيقف عند الخليل أبن أحمد الفرا هيدي مع “معجم العين” ويفصل لنا إنشاءه وابتداعه طريقة خاصة في أسلوبه المعتمد على منطق فلسفي صرف.
وبعد عرض سريع لظروف تأليف كل معجم مع صاحبه وطريقة تصنيفه وعرضه بعض المآخذ يتجه الأب انستاس ليجمل بعض الشوائب والعيوب المشتركة بين المعاجم وقواميس المرحلة السابقة.
1- صعوبة البحث عن الكلمة
2- جهل اللغويين لأصول الأعجميات مثل الشطرنج الهندية الأصل
3- كثرة التصحيفات في الكلام مثل الحال والخال والجال
4- كثرة التصحيفات في التفسير
5- تفسير الواضح بالغامض مثل المبرد أي السوفان بالفارسية
ويختم حاولنا الاختصار واجتزأنا ما تقدم ليكون مثالاً لنا في تلك المعاجم

أثرها وقيمتها: حاولت مجلة الثقافة الوصول إلى اكبر عدد ممكن من القراء والمثقفين رائدها اختيار الأفضل وعرض غزير للمادة وكادت تمثل تزاوج تراث بين الشرق ومدنية الغرب ونشر النشاط الثقافي.
وتوفر للمجلة لجنة غنية بأعضائها مادياً وفكرياً واجتماعياً وسلطوياً وهكذا تبدو قيمتها في ثبوتها الصدارة في عالم الصحافة الأدبية بشأن مثيلاتها من المجلات العربية التي ساهمت في إيقاظ الفكر العربي إذ تناولت شتى ضروب الإنتاج الفكري من أدب وعلم وفن وسياسة واجتماع فإذ بها تعرض لشتى الآراء والأبحاث لكبار الأعلام أمثال عبد الوهاب عزام محمود تيمور وطه حسين.
وأخيراً سارت المجلة على سنة النشوء ففي الطفولة رعاية وفي الشباب كفاح وازدهار وفي الرجولة مثابرة ومعاناة وأخذت في الانحدار أواخر 1952 بسبب تراكم الديون وقيام الثورة المصرية كما يعزى توقفها أيضاً إلى كثرة المجلات في الوطن العربي وتنوعها.
نخلص إلى أن المجلة الأدبية تشكل عاملاً مهماً عن عوامل حركة الفكر كونها
1- بيئة ثقافية متجددة يجد المتعلمون في المجلات المتخصصة من أدبية وفنية وعلمية فرصتهم للتحصيل والاستزادة.
2- بيئة فكرية وخلقية: فدورها المساهمة في بناء صرح الفكر الأدبي والإنساني من خلال الإبداع والاصطفاء في تهذيب الروح العلمية والأدبية.

الفصل الرابع تطور الصحافة في مصر
يعتبر الصحافيون النابهون أن الفكاهة من العناصر الهامة في تحريك القارىء أما عند العرب فكانت بداياتها مع يعقوب صنوع المصري سنة 1877 اقتباساً من الصحافة الفرنسية فدخل عالم الصحافة الهزلية ليهاجم الخديوي اسماعيل الذي لاحقه فهرب بحراً إلى فرنسا 1877.
يقول صنوع عن الصحافة الهزلية: “ليس الغرض منه مجرد الضحك بل معه الاشتمال على الحكم والمواعظ الحسنة وعلى وجه لا تمل منه النفوس”
وكان لتمييز صنوع معرفته عدة لغات أوروبية أعطته قوة الحضور وتألق الشخصية حتى أن الشيخين الأفغاني وعبده أشارا عليه بتنمية جريدته “أبو نظارة” تمثلاً بنظارتيه المشهورتين.

مجلة أبو نظارة 1877
– الكاريكاتور فن السخرية التي تدخل السرور إلى القلب بشكل بالغ دون استئذان مع إضافة البسمة الظاهرة لتضحك من الواقع المحبط.
– فالكاريكاتور هو فن (اللا) الصريحة المتخفية تارة والساذجة طوراً إلا أنه من نزق صدامي هزلي ساخر يقض مضاجع الحكام ويأخذ بيد المظلومين ناشداً لسان حال الحق والحقيقة في آن معاً.
1- تعريف الكاريكاتور في اللغة: هناك معلومات متفاوتة حول نشأة هذا الفن وتسميته وتعريفه فالبعض ينسبه إلى إيطاليا أو بريطانيا أو فرنسا أو هولندا حتى أن التسمية (كاريكاتور) يشوبها اضطراب في تفسير معناها من الناحية اللغوية فمن يقول أصلها لاتيني “كاريكار” Caricare أي حمل ما لا يطاق في حين يقابلها في الفرنسية المصطلح Caricature الذي اعتمدته الأكاديمية الفرنسية 1762 ويذهب البعض من اشتقاق التسمية من عائلة أنيبال كاراكشي الهولندية لبراعته في الرسوم الهزلية.
لذلك يؤلف هذا الفن بأنه عبارة عن رسم تصويري يراعى فيه التهويل بإبراز السمات الفاقعة الشاذة لإحداث أثر ضاحك.
2- الكاريكاتور في الإصطلاح
تذكر أحدث موسوعة عربية أن الكاريكاتور في الاصطلاح هو من يشير إلى صورة رسم يبالغ في إظهار تحريف الملامح الطبيعية لشخص ما أو ظاهرة معينة حيث يتعمد الرسام إضفاء السخرية على موضوعاته سواء الخاصة أو العامة.
وأصبح يحتل منذ منتصف القرن الثامن عشر مكاناً بارزاً في الصحافة الغربية والشرقية وهو قيمة مجالسية في حد ذاته نراه يعرض التناقض بين ما هو قائم وبين ما هو مأمول.
فالرسم الكاريكاتوري يدين بالشيء الكثير لما في التراث الإنساني من مواد ومظاهر هزلية ساخرة يتمثلها من خلال الفن التشكيلي الحديث.
جريدة أبو نظارة لصنوع 1877
تجدر الإشارة إلى إصدار صنوع ثلاث صحف بسيطة في محاولاته الصحفية المتخصصة الأولى وهي هزلية الطابع.
أ- البعوضة LA MOUSTIQUE
ب- النظارة باللغة الإيطالية LOCHIALINO
ج- الثرثار المصري LE BAVAR EGYPTIAN
بثماني لغات حية وهي ظاهرة فريدة من نوعها في عالم الصحافة إلا أن هذه النشرات الصحفية لم تعمر بدليل عدم العثور على أي منها ولملاحقة الخديوي لتحركاته وعاشت مدرسته الهزلية معه واستمرت مع نظراته ومن أهم صحفه: – أبو نظارة زرقا 1877 في القاهرة
– أبو نضارة 1885 ي باريس
1- جريدة أبو نظارة زرقاء 1877 القاهرة
أصدرها يعقوب صنوع في القاهرة باللغة العربية بأربع صفحات.
– هويتها: إذ يقول : لا نتعرض في هذه الفكاهة لا للديانة ولا للسياسة الوطنية ففي الافتتاحية يتحدث عن نفسه ومجتمعه المصري وقصده من جد لبس لباس الهزل وأسف تحلى بحلى الفكاهة والغزل، وتتطور مسيرة الصحيفة رويداً وتكشف عن عدائها الساخر للخديوي عبر محاورات وهكذا تجاوز صنوع حدود الخطر ولم يتورع عن مهاجمة الوزراء والأمراء حتى أنه لم يوفرا أفراد الأسرة الحاكمة.
واضطر آخر الأمر للجوء إلى القنصلية الإيطالية ومنها غادر مصر 22 حزيران 1878 على ظهر باخرة فرنسية زاعماً أن الجماهير على رصيف الميناء كانت تناشده “لا تتركنا بين مخالب شيخ الحارة” أي الخديوي اسماعيل.
لغة الجريدة: تميزت بلغة محاوراتها وفكاهاتها وهي اللغة العامية الدارجة المصرية وتضمن هذا الأسلوب 1- عدة لهجات. 2- عدة لغات.
هكذا تمكن صنوع من عرض النكتة وجعل في خدمته اللهجة العامية ونجح أيما نجاح كونه يتقن ثماني لغات حية ترسلها في تعريب ما يناسبه من صحف الغرب الفكاهية.
2- صحف أبو نظارة في باريس
عمل كمدرس للغة العربية في باريس ليتدبر أمر معيشته.
2- جريدة أبو نظارة: مصر للمصريين 1885.
إن تواصل صدور حلقة جرائده في باريس تحت أسماء مختلفة وبنفس المضمون والشكل لدليل على استقراره المادي والاجتماعي في فرنسا.
والجدير فيها شكلاً وروعة ومنظراً هذه الصور الممتعة الملونة عدة ألوان 1887 وهي تنافس ما نراه اليوم، صدورها مرة في الشهر ثم مرتين 1890.
نشرت موادها باللغة العربية والفرنسية وأحياناً مع اللغة التركية وخصص لمراجع الساعة قضية السودان واسماعيل والإنكليز أما جديده فكان ذكره لسيرة حياته خوفاً من أن ينساه مواطنوه.
ونوجز: تمثلت الملامح الفنية لدى صنوع بما يلي:
1- تمثلت الملامح الفنية عبر نصوص شبه مسرحية دعاها “اللعبات التياترية”
2- نشر الرسومات الكاريكاتورية بالمجلة في جميع أعداد صحفه بلا استثناء بمثابة لوحات تشكيلية ساخرة.
3- اعتماده المبالغة في النموذج الفني الكاريكاتوري.
4- لجوءه إلى الحوار المباشر باللهجة العامية الدارجة.
لهذا يصرح: “الجرائد ترجمات الأفكار وحدائق الأخبار خصوصاً الجرايد الهزلية اللي بالبدايع محلية وبالنكات مطلية.
خلاصة عن تطور الصحافة المصرية
– واكبت الصحافة المصرية منذ وقائعها الرسمية 1828 لاسيما مع الإنكليز بحدود معينة.
– خضعت مصر للحماية البريطانية بعد الحرب العالمية الأولى فاحتج الشعب مطالباً بالحرية.
– نفى الإنكليز سعد زغلول إلى مالطا 1919.
– أقفلت الرقابة معظم الصحافة المصرية المناوئة ولم تبق سوى الأهرام والمقطم .
– استبدال الدستور بتنظيمات أخرى لم تنجح فأعيد العمل بالدستور ليعلق سنة 1953.
– لم تزل الصحف المصرية تناصر التحرر العربي عموماً.
– عانت الصحف المصرية من تعنت الأجهزة العسكرية.
– فرق قانون المطبوعات بين جريمة الصحافي والمواطن العادي. بإحالة الصحافي إلى محاكم الجنايات بمثابة إرهاب الدولة للصحافيين.
– باركت الصحافة قيام الثورة 1952 إلا أن تجاوز بعضها حدود حرياتها حملت السلطة على الاستيلاء على ممتلكاتها.
– جرت محاولات متكررة لوضع قانون خاص للصحافة لكنها باءت بالفشل.
– ظلت الصحف العاملة تمتثل لتوجهات الاتحاد الاشتراكي حتى غدت الأهرام والأخبار لسان حال الثورة والنظام العسكري.
– في عام 1960 صادرت الدولة كبريات الصحف وأممتها.
– ظهر تشدد صارم جداً إلى حد استحالة الحصول على امتياز لدورية سياسية.
– استندت فلسفة النظام بوجه الصحافة على “ملكية الشعب لوسائل الإعلام”
– ا ما من الناحية الفنية: تطورت في مصر بعد الحرب الأولى بشكل ملحوظ واحتراف مهني بفضل تأسيس معهد الصحافة والإعلام منذ الأربعينات.
بلغ عدد الدوريات 160 صحيفة ومجلة قبل الحرب الأولى وبعد الحرب إلى 50 دورية.
– قلة الصحف الصادرة باللغة الأجنبية.
– ما زال عدد الصحف في تناقص.

الفصل الرابع
أولاً: تطور الصحافة العربية
تطور الصحافة اللبنانية
أولاً: الصحافة الرسمية:
أسفرت فتن 1860 عن قيام نظام المتصرفية مما حمل المتصرفين على الاهتمام بموضوع الصحافة عامة والصحافة الرسمية خاصة فإن إصدار جريدة رسمية في أي عهد سياسي يعود للضرورات التي يقتضيها الواقع الرسمي لتنطق بلسان الحكومة الموجودة لتخدم أغراضها كون الحاكم المولج شؤون البلاد بحاجة إلى جريدة رسمية تنشر نصوص أنظمته التشريعية الرسمية على أفراد الشعب.
تعريف الجريدة: جرد الشيء أي قشره والجريدة في الاصطلاح هي لفظة أول من ابتدع اعتمادها في الصحافة العلامة أحمد فارس الشدياق بإطلاقه “جريدة الجوانب” على صحيفته 1860.
الجريدة الرسمية “بيروت” 1918
2- سبب ظهورها
بعد سقوط سوريا في يد الملك فيصل وانهيار السلطة العثمانية في بيروت حيث استلم مقاليدها عمر الداعوق الذي أعلن الحكومة العربية فيها ورفع الأعلام الشريفية على المباني العامة ورافق ذلك “صدور الجريدة الرسمية بيروت 1918” متضمنة بيانات وأوامر.
3- وصف الجريدة تصدر يومياً ما عدا الجمعة والأحد وباللغة العربية فقط وجاءت على صفحتين اثنتين بحجم 24x 36سم.
4- فهرس الجريدة خلت من أي فهرس يذكر.
الصفحة الأولى – بيان عمومي بتأسيس الحكومة العربية.
الصفحة الثانية: البرقيات الأخيرة إلى رئيس البلدية – إعلانات رسمية – إعلانات خصوصية.
5- لغة الجريدة: اعتماد اللغة العربية الفصحى في تحرير الأخبار والمقالات والتقارير.
أما من ناحية الشكل العام فإن أسلوب البيان المذكور ورد بصيغة الأمر الجازم والمحدود قطعاً نظراً لمتطلبات المرحلة الانتقالية.
وبكلمة نجد جريدة بيروت الرسمية وقد سيطرت عليها النفحة الأدبية أسلوباً ومضموناً.
6- تطورها: لم يتسنى لنا الوقوف على مجموعات متكاملة من “بيروت” الجريدة الرسمية لكن المرجح أن الانتداب على سوريا ولبنان حال دون كل التيارات العروبية.
7- قيمتها: تكمن قيمتها في عدة نقاط
– الأول: كونها المحاولة الأولى الرائدة على الصعيد الرسمي.
– الثانية: إنها تقدم مواد إخبارية وسياسية ودقيقة موثوقة مع بدايات الحكم العربي في بيروت.
– الثالثة: إنها الجريدة البكر التي تجاوزها الباحثون دون التمعن فيها.
الجريدة الرسمية للجمهورية اللبنانية 1943
2- سبب ظهورها: تعتبر الصحيفة السابعة عشر في سلسلة الجرائد الرسمية التي تزامن صدروها مع موافقة المجلس النيابي بجلسته التاريخية 8 تشرين 1943 لجهة إلغاء قانون الانتداب الفرنسي.
3- وصف الجريدة: قد تكون من الصعوبة أن تقع على هذا العدد لعدة عوامل أحاطت بصدوره لناحية السرية والسرعة ولماهيته وقيمته مضموناً واعتباره أهم وثيقة وطنية دستورية تجسد رغبة الشعب اللبناني في الاستقلال جاء عدد 10 تشرين الثاني في 17 صفحة بالحجم الصغير وتضمن قسمين القسم الرسمي وقسم الإعلانات والأحكام القضائية.
الأربعاء 10 تشرين الثاني سنة 1943 العدد 4106 تأسست 1860 صفحة 11500.
4- هويتها: الجريدة الرسمية للجمهورية اللبنانية.
5- فهرس العدد: شغل النصف الأسفل لصفحة الغلاف.
محرروها: ظلت الهيئة الإدارية التي تتولى إصدار الجريدة الرسمية في السراي الكبير.
6- لغة الجريدة: نصت المادة الثانية من الدستور اللبناني حرفياً “اللغة العربية هي اللغة الوطنية الرسمية” أما اللغة الفرنسية فتستعمل بموجب قانون.
7- تطور الجريدة: ألحقت الجريدة الرسمية منذ مطلع الاستقلال في الخمسينات بوزارة العدلية.
إلا أن السلطة عادت وألحقتها منذ الستينات برئاسة مجلس الوزراء.
مع حركة الإصلاح في عهد الرئيس فؤاد شهاب أخذت تصدر مرتين في الأسبوع يومي الاثنين والخميس على التوالي دونما انقطاع لأدوار انعقاد جلساء المجلس النيابي اللبناني.
أما الجريدة نفسها فتناقص ظهورها إلى مرة واحدة في الأسبوع في كل يوم خميس فقط وخفض عدد نسخها من 4500 إلى 2500 نسخة وغدا اشتراكها اليوم 240 ألف ليرة وسعر العدد 5 آلاف ليرة والطريف في الأمر أن القوانين والمراسيم والقرارات مرتبطة بمهلة زمنية لتصبح سارية المفعول حسب منطوق المرسوم الاشتراعي رقم 9 سنة 1939 لكن مع الظروف الاستثنائية فقد أصبح مفعول نفاذ كافة التشريعات الصادرة عن الجهات الرسمية مرتبطاً بلحظة توقيعها من مصادرها وتعليقها لصقاً على باب رئاسة مجلس الوزراء أو القصر الجمهوري.
ملاحظة: إن بحث الصحافة الرسمية يقدم لنا معلومات قيمة عن جانب من ماضينا القانوني والاجتماعي والثقافي وان الصحافة الرسمية وغير الرسمية كانت تفتقران إلى عناصر الدقة والأمانة أحياناً ما خلا الأخطاء اللغوية والأسلوبية كما قدمت لنا صورة عن أوضاعنا السياسية والاقتصادية طوال فترة صدورها في العهد العثماني وخلال الانتداب الفرنسي وتظهر مدى تشبث اللبنانيين بلغتهم الصرفية.

الصحافة الأدبية
تميزت الصحافة العربية منذ نشأتها وحتى الحرب العالمية الأولى بسمة الأدب الصرف فهي صحافة أدبية في جوهرها فمعظم صحفي الفترة الأولى يأتون عن طريق الأدب.
– مرت الصحافة الأدبية في العالم العربي بأطوار عديدة أهمها فترة الربع الثاني من القرن العشرين حين عرفت المجلات الأدبية في كل من مصر ولبنان وسوريا والعراق عهداً زاهراً بلغت فيه الذروة من الإنتاج الفكري حتى رأينا مجلات أدبية ثقافية جامعة كالبلاغ الأسبوعي 1926 لعبد القادر حمزة – والثقافة 1939 لأحمد أمين والكاتب 1944 طه حسين والعرفان سنة 1909 لأحمد عرف الزين والمعرض الأسبوعي سنة 1929 لميشال زكور.
وقد قامت هذه المجلات بدورها في خلق نهضة ثقافية جبارة عمت العالم العربي بأسره.

ثانياً:
مجلة العرفان 1909
تأسيسها: أسسها الشيخ علي الزين بعد حصوله على امتياز من الدولة العثمانية ثم أصدرها الشيخ أحمد عارف الزين 5 شباط 1909 في مدينة صيدا “مجلة علمية أدبية أخلاقية اجتماعية تصدر في غرة كل شهر عربي”.
– هدف المجلة: تنوير الأذهان ونشر الثقافة والآداب وبفضل مؤازرة أهل الفكر لمؤسسها أبصرت العرفان النور لتزيل ظلمات الجهل عن حبل عامل حيث امتلأت الجدران بعبارة “هيا إلى العلم”…
– أسرتها: تولى تحريرها ثلاثة أعلام (الشيخ الزين- الشيخ محمد علي حامد حشيشو 1918) وسليمان مصوبع ومع ازدياد قراءها ازدادت أسرتها.
– موضوعاتها: تنحصر في أربع: علم – أدب – أخلاق – اجتماع.
– موقف العرفان من اللغة العربية: انطلاقاً من عروبة المجلة ووطنية الشيخ الزين قادت مجلته حملة إعلامية بمبادرة ذاتية لنصرة اللغة العربية واقتراح اعتماد الفصحى وتحسينها- فخصصت المجلة ردوداً متواصلة للرد على المنادين باعتماد العامية بدلاًً من الفصحى ومحاربة دعوة التعريب كما تابعت المجلة رسالتها في الذود عن اللغة العربية بتصديها للجهات المستترة وراء أشخاص بعبنهم أو مؤسسات عامة فاعلة على الصعيد التربوي زعمت أن غايتها “تيسير اللغة”.
وهكذا بفضل الوعي الثقافي والمحافظة على مستوى اللغة العربية فقد صرف النظر عن منهج بلاغة عقل”
أثرها وقيمتها: صادفت مجلة العرفان منذ تأسيسها مشقة بالغة في بيئة يخيم عليها الجهل والأمية فرفعت شعار “هيا إلى العلم”. وجهدت في الوصول إلى أكبر عدد ممكن من القراء والمثقفين رائدها اختيار الأفضل وعرض غزير المادة فانتشرت في بلاد الشام والعراق ثم تناولها المهاجرون في افريقا والأميركتين ووزعت مطبوعات مجانية.
والملاحظ أن خطها الدولي الذي نهجته أدباً وثقافة واجتماعاً وسياسة أثار حفيظة البعض فدافعت حتى غدت مرهوبة الجانب وأقيم لها احتفال اليوبيل الذهبي 1952 وهكذا تتجلى قيمة مجلة العرفان في استمرار جهادها طوال ثلاث أرباع القرن.
وبكلمة فمجلة العرفان مجلة نهضوية مستقبلية وليست سلفية متزمتة وهكذا تركت بصماتها على الحياة الفكرية عامة والأدبية خاصة في الوطن العربي وأخيراً انتقلت ملكيتها إلى الابن نزار أحمد الزين 1961 لكن وقوع الأحداث اللبنانية 1975 أثر كثيراً على المجلة ولهجرة الأدمغة.
ومع وفاة نزار في الثمانينات تخلفت عن الركب إلا أن ذلك لم يفت من عضدها فأعاد إليها فؤاد الزين الحفيد رونقها ولم تزل.
بيئة فكرية وخلقية: إن دور المجلات الأدبية بناء صرح الفكرالادبي و الإنساني من خلال الإبداع والاصطفاء وقد ظلت المجلات الأدبية في لبان أمينة على هذا التراث تراث الحرية والانفتاح والأصالة ولا تزال تناضل من أجل أن تبقى حرة مستقلة.

البحث الثاني
صحافة الكاريكاتور
بدأ فن الصحافة الهزلية ضعيفا في المشرق مادة وتحريراً وكماً إلى أن أخذ يتطور تدريجياً في مصر ولبنان بحيث خلقت الصحافة الهزلية الكاريكاتورية لوناً جديداًً في أساليب الهجاء والنقد والسخرية لارتباطه بنفوس الجماهير باللهجات العامية والفكاهة والصورة المضحكة.
– تأسس في لبنان بعد الانتداب 25 صحيفة مختلفة منها 23 هزلية كاريكاتورية قلما عمر بعضها لسنة واحدة على حين استمرت “مجلة الدبور” حتى يومنا.
– كذلك في الاستقلال تأسست 6 مجلات كاريكاتورية لم يبق منها سوى واحدة “الصياد” تنتج الكاريكاتور السياسي.

سيرة الدبور رحلة في عالم الكاريكاتور
تأسيس الدبور: حصل يوسف مكرزل على امتياز إصدار الدبور باسمه شخصياً بمثابة أول جريدة كاريكاتورية انتقادية.
– صدر العدد الأول 1923 هدفها التنبيه على مواضع الخلل والنهوض بالوطن وجاء في افتتاحيتها “أصدرنا هذه الجريدة وطنية غايتها الإدلال على النقص والتنبيه إلى الجد وهي لا تتأخر عن أعمال المبضع حيث ترى الدمل، ولا يعجب القارئ إذ يرى تحت ثوب الهزل طنيناً منبهاً كطنين الدبور ولسعاً كلسعته فمن أراد أن يتحايده فليسلك المسلك المحمود.
– ثم ذهب مكرزل لاحقاً بتأسيسه “الدبور اليومي” 1935 لحمل نفس الرسالة لكنها ما لبثت أن توقفت بعد الحرب الثانية لتبقى الدبور الأسبوعية.
الدبور في مرحلة الانتداب: تزامن صدور الدبور في مرحلة سياسية مفصلية من تاريخ لبنان الحديث مع الإعداد لدستور وطني انتدابي فواكبت التطورات والمتغيرات من زاوية التنبه للخطأ.
1- الدبور والسياسة:
أ- الدبور ومجلس النواب
تصف الدبور وضع مجلس النواب في مرحلة الإعداد لمشروع الدستور 1925 بأسلوبها في النقد النثري:
“رن مجلس النواب للفصاحة والخطابة يدخل بالمواضيع من الشباك مش من الباب ويتلهى بالقشور ويترك اللباب”، ويبعزق من دون حساب على ضهر الجناب، ودولة لبنان الكبير رح تكبر وتصير لبنان صغير مثل أيام المير بشير” ثم تتابع منبهة “أصبحت جوانح الدبور كبيرة وعقوصته حامية لخدمة الوطن”… وسيعقص كل خاين وقرص كل متاجر بالوطنية لنوصل لاستقلال البلاد” لذلك تنبهوا يا سادة من عقوصة الدبور وزنبوره…
ويعتمد اللهجة العامية المطعمة بالفصحى.
ب- الدبور وقطار السلطة: فأوردت الدبور رسماً كاريكاتورياً لقطار السلطة رقم 2 عام 1931 عهد إميل إده، في بيت شعر ركب ركباً ركبوا قبض قبضاً قبضوا.
وينتقد فكرة قبول بعض الصحف لرشوة السلطة.
2- الدبور والإدارة: رغم جهود الفرنسيين لتطوير الإدارة ظلت مقولة “تنابلة السلطان”معشعشة في نفوس الموظفين ومكاتبهم.
أ- الدبور والإداريون: ترفع الدبور صوتها “بالنقد الفكري إلى حد لسع الإدارة الانتدابية في منهجية “إشاعاتها” التحديثية بترويجها لمستحدثات غربية فتذكر المجلة: “أما المستشارون فلا يحكمون وكأنهم هامان وفرعون، ويضربون على أوتار القانون كل ذلك على شرب الويسكي والأفيون ونغم الغرامافون وحالتنا معهم فون فون، وما منعلم إذا جبت لهم فرساي والبانتيون”.
وهذا ما يجسد حالة المسؤولين السكارى متجاوزين القانون.
ب- الدبور ومحدلة السلطة: تزامن الموضوع مع إنشاء مكتب لمراقبة الصحافة والمطبوعات في نهاية 1922 أي مع تأسيس الدبور فتنشر المجلة رسماً كاريكاتورياً “المحدلة السلطة” الضخمة تسير وتقضي على بعض الموظفين لتتخلص منهم بينما يفر الآخرون.
وهكذا حملت الصحافة الهزلية رسالتها الإصلاحية الملتزمة في الانتداب خلال الكلمة والنص والرسم والصورة.
أولهما: على صعيد الإصلاح السياسي والإداري والاجتماعي بمعارضتها وجود الانتداب الفرنسي ومناوأتها لزبانيته ومواليه.
ثانيهما: على صعيد الرسم والصورة فقد تطور نسبياً عما كان عليه في العهد العثماني وانتشر الرسم والتصوير على طريقة الزنكوغراف بداية الامر ثم تطور في “توليفه ودمجه” مع الفوتوغرافيا تدريجياً.
الدبور في مرحلة الاستقلال
يقول النقيب طه: “إن صحافة لبنان هي مرآة المواطن”
1- الدبور والسياسة
أ- الدبور ومجلس النواب
جرت العادة التئام مجلس النواب في دورات عقود استثنائية لدراسة وبت أمور ملحة تهم المواطنين فتنعقد الدبور إحداها في صيف 1956 غير المجدية.
“فكانت لنا دورة أطول من شهر الجوع أو من حبل الكذب فماذا استفادت البلاد من هذه الدورة كله واحد!!
فما الفائدة من اجتماع المجلس أو عدمه: فماذا عملوا أو قرروا ونلاحظ كثرة علامات التعجب والاستفهام في النص الانتقادي.
ب- الدبور والحقوق السياسية للمرأة جهدت المرأة اللبنانية في الحصول على حقوقها السياسية التي روجت لها سلطة الانتداب لكنها لم تقرها فشكلت الظاهرة موضوعاً دسماً للدبور فنشرت رسماً كاريكاتورياً ساخراً بريشة ديران 1948 يجسد تظاهرة نسائية صاخبة تلحق بالرئيس سامي الصلح في مشهدية ديناميكة صارخة وقد أطلق ساقيه للريح هرباً من المطاردة والعويل وقاذورات الماكياج من مختلف الأصناف والأحجام والماركات مع عنوان “عندما وقف سامي بك الصلح في وجه المرأة يعارضها”
2-الدبور والإدارة والاقتصاد:
فمع إقرار قانون من أين لك هذا سنة 1953 بسبب كثرة الصفقات فكان على خلاف الدبور “رسماً كاريكاتورياً هزلياً ساخراً لغني ذي كرش ضخم جداً يحاوره مواطن فقير بائس مشيراً متسائلاً بلهجة ساخرة من أين لك هذا؟ بصيغة تجاهل العارف…
ب- الدبور واحتكار الاقتصاد
تعمدت الدبور عرض مظاهر الاقتصاد ” المختلة” في نظام قائم على الاحتكارات السياسية والعشائرية فتنشر الدبور على كامل غلافها “رسماً كاريكاتورياً يحتل احتكار شركات الريجي والمرفأ والإقطاع المتمترسين وراء حصانه السلطة والنظام حيث نشاهد “الرئيس الباقي يتهيأ خلف مدفع 155 لقصف قلاع الاحتكار ويقف أبو طنوس مشيراً عليه بإطلاق قذائف لتهديم احتكار الاقتصاد”.
– أبو طنوس – يالله يا بيك بلش انسفهم بالمدفع.
– الرئيس الباقي – طول بالك يا بو طنوس عم أعمل بروفة تانصيب منيح!
– ونورد دعابة طريفة في الدبور عن حقوق العمال تجاه الغلاء حيث تظهر سيدة في مقدمة مظاهرة عمالية تحمل يافطة عن حقوقها المتمثلة في “وعدونا بالحرير – وصلونا للتعتير – ولعونا بالبنزين ركبونا على الحمير مش رح نسكت يا كبير.
خلاصة عامة:
ازدادت مساحة حرية الصحافة في الاستقلال وغدت مشهدية الكاريكاتور أكثر حرية وتنوعاً بل أكثر من لغة ومدرسة وفن ولون كما احتلت الشخصية النمطية قدراً هاماً في الرسوم الكاريكاتورية، وبدا احتراف الكاريكاتور رائجاً بل ذاع صيت عديدين منهم المهم أن يعيش الكاريكاتور – ويعايش هم الإنسان اللبناني والعربي العادي في تعرية قضايا مجتمعه.

الفصل الرابع الصحافة العربية المهاجرة حديثاً
أولاً: الصحافة المصرية المهاجرة حديثاً
إنها بهدف الخلوص إلى نتيجة منطقية للتفلت من عقال الصحافة الأم المحلية بحثاً عن رسالة للحرية أوسع تمارس معارضتها باطمئنان في وجه أنظمة أقطارها.
بدايات هجرة الصحافة المصرية مع أديب اسحق المتمصر فأسس جريدة “مصر القاهرة” بدعم من الحزب الوطني الأهلي المعارض لسياسة رياض باشا رئيس الوزراء المصري في هذا الجو حضر اسحق إلى باريس ليصدر صحيفة مصر القاهرة 1879 وهي أول جريدة مصرية مهاجرة وجهد اسحق في تهريب صحيفته إلى داخل القطر المصري حيث كانت السلطة بالمرصاد ثم توقفت الجريدة في1881 حيث أسس اسحق “التجارة” في بيروت.
– ومن أهم الصحافيين المهاجرين الشيخ محمد عبده 1884 حيث رحلة الإنكليز مع الأفغاني فاستقرا في باريس حيث أصدرا “العروة” 1884 ثم توقفت بعد ستة أشهر.
والسبب في رعاية باريس للمجلة يستبطن أهدافاً سياسياً للهجوم على الإنكليز.

الصحافة المهاجرة على عهد عبد الناصر:
مع استقرار الوضع السياسي في مصر عند صدور دستور 1923 توقفت الهجرة للصحافيين إلى الخارج حتى ثورة 1952 لكفالة الدستور حرية الصحافة لكن أزمة الصحافة 1954 بإغلاق السلطة للصحف المعارضة ومصادرتها عاودت الصحف سيرتها الأولى في المهاجرة ومن أشهر الصحفيين.
– في الخمسينات نذكر أحمد ومحمد أبو الفتوح أصحاب جريدة المصري متنقلين بين الدول العربية.
– أما في الستينات فنذكر علي أمين أحد صاحبي “أخبار اليوم” الذي عمل مراسلاً للأهرام في لندن 1965 وحضر إلى بيروت لتطوير إصدارات دار الصياد في الأنوار رغم مخالفته هيكل للفكرة وظل علي ابنه مهاجراً تسع سنوات أخيراً عفا عنه الرئيس أنور السادات وعين رئيس تحرير الأهرام بعد إقالة هيكل 1974

هجرة الصحافة في عهد السادات:
حسم الصراع السياسي في السبعينات لصالح السادات مما حمل بعض الصحافيين على الهجرة إلى عدد من الدول العربية أو الأوروبية فإلى ليبيا ارتحل احمد وحبيب والجبرتي وسرحان وغيرهم وإلى العراق ذهب صالح والتائه والسيد ومبارك وغيرهم.
أما باريس فهاجر إليها – العالم وشكري واسكندر بينما ارتحل محمد السعداني إليها ليؤسس صحيفة 23 يوليو شاركه فرح والشرقاوي.
صحيفة 23 يوليو 1979 في لندن
أسفرت أحداث مراكز القوى عن اعتقال محمود السعداني وسجنه ثم هاجر ليؤسس صحيفة 23 يوليو 1979 وهي مجلة مصرية تصدر بلندن لمصر والعالم العربي وشكلها تقتبس عن روز اليوسف وصباح الخير وقد صدرت في 64 صفحة من الحجم الوسط ومجلس إدارتها فيضم محمود السعداني ونور السيد ومحمد محفوظ وغلافها يزينه الكاريكاتور باستمرار الليثي أو البهجوري.
تبويبها: ترتيب موادها كروز وصباح – صفحتها الثانية ترويسة وصورة كبيرة مع تعليق صغير – أما الثالثة لتحقيق صحفي لرئيس المجلة قضية هامة وكذلك باب إخباري بعنوان أسرار حول مصر وآخر داخل الحدود.
محرروها وجمهورها: وجمهورها: فضلاً عن مؤسسيها السعدني والسيد ومحفظ اشترك في تحريرها فريد فرح وفتحي خليل وبكر الشرقاوي وعبد الحكيم قاسم وجمال إسماعيل ومحمد محفوظ فضلاً عن رسامي الكاريكاتور صلاح الليثي وجروج بهجوري.
– تشير 23 يوليو إلى أنها من المصريين المهاجرين وداخلها لنسمع صوتنا لشعب مصر عن الحقائق والرأي الآخر.
ختاماً وقد توقفت المجلة بعد صدور 45 عدداً الأسباب عديدة:
عدم تمويلها من قبل شيخ خليجي مناوئ للسادات بعد حين
لم تؤمن لنفسها مصادر إعلانية أو مساهمات
ومن الصحف المصرية المهجرية نذكر صحيفة الدعوة عن المركز الثقافي الإسلامي في النمسا 1981.

البحث الثالث
ثانياً: هجرة الصحافة اللبنانية حديثاً
عرفت الصحافة العربية المهاجرة مع رزق الله حسون الحلبي سنة 1855 حين ارتحل إلى الآستانة ليؤسس فيها أول جريدة عربية “مرآة الأحوال” 1855 إلا أن الاضطراب السياسي والأمني عام 1860 أدى إلى هجرة صحافتنا حتى أن عبد الحميد الثاني استجلب أنطوان زريق من نيويورك صاحب “جواب الكردي الهزلية ليعدمه وقال عند تنحيته عن العرش 1908: لو عدت إلى قصر يلدز سأرمي بالصحافيين في أتون النار”
وهكذا كان هاجس الحرية هو السبب في هجرة الصحافيين في العهد العثماني إلى فرنسا وتتكرر نفس الظروف سنة 1973 لتعاود الصحافة اللبنانية سيرتها المهاجرة إلى باريس.

– وتعزى الحرب اللبنانية إلى:
1- أسباب سياسية تتعلق بتجاوز “الدستور العرفي” سنة 1943 وتمايز طائفة الرئاسة أشعر البعض بالغنى فكان اغتيال معروف سعد وتفجير بوسطة عين الرمانة ودخول قوات الردع العربية 1976 ومعاودة ظهور ميلشيات معينة أن استهدفت مؤسسات صحفية عريقة كالنهار والسفير والمحرر والدستور بالابتزاز أو التفجير مما حملها على الهجرة إلى أوروبا حيث الحرية أرحب والسلطة لم تكبح جناح بعض الصحف في تطرفها والزعم بأن الصحافة تشحن الرأي العام طائفياً فضلاً عن انتفاء الحس الوطني فكانت الصحافة أولى ضحايا الحرب العبثية المسماة حرب الغرباء تبقى الإشارة إلى أن المرسوم الاشتراعي رقم 1 تاريخ 1/1/1977 ينص “الرقابة المسبقة” على مواد المطبوعات وهذا أمر مرفوض مهنياً وحقوقياً ودستورياً.
هجرة الصحافة اللبنانية حديثاً
1- الهجرة إلى باريس
أ- مجلة الوطن العربي: أسسها وليد أبو ظهر سنة 1977 على أنها مجلة إخبارية أسبوعين تصدر عن “مؤسسة الوطن العربي” في باريس وتعتبر وريثة جريدة المحرر لهشام أبو ظهر 1971 في بيروت سابقاً وقد اضطر وليد للهجرة إلى فرنسا لأسباب أمنية لاسيما بعد قصف مبنى المحرر بالصواريخ والرشاشات في نيسان 1973.
هيئة المجلة وإدارتها: هيئة التحرير بداية: المشرف العالم وليد أبو ظهر، مدير التحرير المفوض نبيل مغربي، المدير الفني فؤاد خربوطلي إلى أن تولى أبو ظهر رئاسة التحرير 1985 وطورت طاقمها التحريري المهني والإداري مع جريدة الأهرام لتبادل المعلومات ثم ألغي ليستبدل باتفاق جديد مع أهم الصحف الأميركية “نيوزويك”.
تبويبها: التزمت أسلوب التبويب الصحفي المتخصص كما في الصحافة العربية بحيث ضم الغلاف صورة الحدث الأهم لأبرز أحداث الأسبوع ثم في تقديم موادها الإخبارية تنطلق مع وكالات الأنباء العربية مشرق ومغرب ثم المقالات والتحقيقات والاقتصاد والثقافة والفنون والتراث والكلمات المتقاطعة والأبراج والسينما.
محرورها: عمدت إلى استكتاب كبار أهل الفكر والسياسة والصحافة والأدباء مشرقاً ومغرباً مثال السيدة جيهان السادات بمقالها السياسي الدوري وشفيق الحوت واسكندر غالي ومحمود درويش وغادة السمان والمرحوم نزار قباني كما اهتمت بنشر مذكرات لكبار السياسيين والقادة العرب “مذكرات عبد الناصر” وبخط يده والشاذلي بطل العبور 1973 وفهمي نائب رئيس الوزراء المصري 1978 لمعارضته زيارة القدس للسادات ومذكرات جنبلاط ومقابلات شخصية من عدة رؤساء لبن بيلا وياسر عرفات وولي العهد عبدالله.
سياسة المجلة: المجلة ليست حزباً ولا تطمح إلى أن تكون نشرة حزبية وبالتالي تحرص على تقاليد الصحافة وأخلاقياتها في نقل الحوادث كما هي وأنها ليست حكراً على اتجاه فكري أو سياسي معين بحيث أفسح المجال الرأي لمختلف اجتهادات الفكر العربي المعاصر بأقلام كتاب مختلف الإنتماءات السياسة والقضائية وتحدد موقفها من الأنظمة العربية بشكل عام فتؤكد “أننا في الوطن العربي لا نعتبر أنفسنا في خصومة مع أحد شخصياً رئيس أو حاكم أو نظام وكل ما نريده أن تكون لنا ولأي مواطن عربي عادي الحرية من أن يقول مؤيداً أو معارضاً دون خوف أو تردد.
رسالة الصحافة المهاجرة
وفي وطن تغيب عن معظمه الحريات والمؤسسات الدستورية والتشريعية والنقابية الحقيقية المنبثقة عن إرادة الشعب تصبح الصحافة المهاجرة رسالة تؤديها نيابة عن الصوت المكتوم هناك بإرادة القهر والتخويف والترويع.
ب- المستقبل: أسسها نبيل خوري ت 2022 وسنة 1977 صدرت عن الشركة العربية الفرنسية للنشر والطباعة.
هويتها: يبدو أنها استمرار لنظيرتها الفرنسية سابقاً في باريس 1919 وقد جاءت بحجم التايمز والنيوزويك الأميركيتين.
هيئتها وإدارتها: نبيل خوري رئيساً ومديراً مسؤولاً شكري نصرالله للتحرير وعصمت شبنور وسيسل الساك وسامي صفير من الصحافيين اللبنانيين المهاجرين.
تبويبها: تشبه مجلتي التايمز والنيوزويك وتستخدم مبدأ المدرسة الأميركية وبالتالي نوزع المواد التحريرية بمواصفات “الوطن العربي”،
محرروها: فضلاً عن هيئتها الدائمة أحمد بهاء المصري عن مصر ظل محايداً في حين فتح ناصر الناشيبي نار المعارضة بوجه السادات في وقت ناصر الرئيس الأسد بوجه السادات كما نذكر فؤاد مطر – رياض نجيب الدين – سمير عطالله – كوليت خوري – ناصيف مجدلاني.
سياسة المجلة: لخص نبيل خوري سياسة المستقبل الاهتمام بالقضية الفلسطينية ووحدة أرض لبنان واستقلاله والتضامن العربي فالصحافة المهاجرة ونحن منها هرباً من الرقابة والضغط تتعرض لأكثر من محنة أقلها منعها دخول أكثر من بلد عربي أخيراً كانت تتعاطف مع النظام السوري وتنشر مقالات تعليم اللواء مصطفى طلاس وغيره من زعماء البعث ومع غياب السادات خف وهج المجلة وأخيراً تم مقطع الخبط مع النظام عند الحركة الانشقاقية عن فتح
ج- النهار العربي والدول 1979
صدر العدد الأول منها في باريس 28 تشرين الثاني 1979 وتعتبر امتداداً لنظيرتها السابقة في بيروت.
د- كل العرب 1982 وسمت نفسها بمجلة الحدث والصورة عند تأسيسها.
2- هجرة الصحافة إلى لندن
اختارت بعض الصحف اللبنانية لندن معقلاً لهجرتها بسبب مساحة الحرية المتوفرة هناك ولكون ثقافة أصحابها تعتمد الإنكليزية أساساً وهكذا ارتحلت “الحوادث والدستورالى عاصمة الضباب لندن.
أ‌- الدستور أسسها علي بلوط 1974 وأصدرها في لندن وسياستها آنذاك تدعم النظام العراقي.
ب‌- الحوادث: هاجر بها سليم اللوزي سنة 1978 إلى لندن هرباً من الحرب التي استجلبته مجدداً لتغتاله من قبل مليشيات مرتزقة.
ثالثاًً: الصحافة السعودية المهاجرة
تميزت هجرة الصحافة السعودية بداية الأمر بكونها محدودة وبينية عربية إلى مصر تحديداً.
1- الصحافة المهاجرة الأولى:
أ- جريدة الحرم 1920: أصدرها فؤاد شاكر في القاهرة 1930 وجاءت أسبوعية وإشارة هويتها إلى أنها أدبية اجتماعية مصورة، وسبب إصدارها لكي تنطق باسم السعودية ونتحدث عن سياسة الحكومة في مصر ومنها إلى البلاد العربية ثم توقفت مطلع 1934.
ب- مجلة صرخة العرب 1955: للكاتب أحمد عبيد وتشير هويتها إلى كونها “مجلة سياسية جامعة” تصدر شهرياً وتولى تحريرها المصري اسماعيل الحيروك أما سياستها فجاءت عربية إسلامية تعنى بخدمة القضايا العربية وكان الغرض أيضاً إسماع صوت الحكومة السعودية في الخارج عبر مصر لكنها توقفت بعد سنة من صدورها.

الصحافة المهاجرة حديثاً:
أ- صحيفة الشرق الأوسط 1978 : صدرت في لندن لأسباب خاصة بالعمل وليس افتقادها الحرية في السعودية وتهتم بإبراز شؤون العالم العربي وأخباره والتركيز على أخبار المملكة السعودية والخليج مع اعتمادها منهج الاعتدال.
– محرروها: جهاد الخازن رئاسة تحريرها وكتب فيها مصطفى أمين عماد الدين أديب إحسان عبد القدوس أنيس منصور أحمد حجازي عبدالله الجعفري…

كما تتميز بشبكة واسعة من المكاتب المنتشرة في عواصم هامة.
ورغم كونها تصدر من لندن ترفض تسميتها بالمهاجرة كون شركتها مؤسسة سعودية مسجلة في لندن وتعتبر الشرق الأوسط من الأهمية في سوق الصحافة العربية والإقليمية والدولية.

ب- مجلة سيدتي 1981: مجلة نسائية متخصصة تتولى رئاستها د. فاتنة شاكر وهي من أوائل الإعلاميات السعوديات ثم خلفها عماد الدين أديب وقسمت إلى ثلاثة ابواب – للأخبار والتحقيقات النسائية ثم باب الأزياء والماكياج والجمال ثم باب الأسرة لذا اتسم إخراجها بالبساطة والأنوثة.

………………………………………….. ……………………………………….

منقول عن الكتاب المذكور اسمه واسم كاتبه اعلاه
ان شاء الله تستفيدون منه

والسلام عليكم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

موفق بإذن الله … لك مني أجمل تحية .

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .


التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

رسائل الجوال باسعار تناسب امكانياتك واعمالك من سعودي اس ام اس

فى زحمة الحياة ننسي ان التواصل يجعل لحياتنا معني اخر يجعل قلوبنا فى حياة ؛كأن التواصل هو المياه التى تروي قلوبنا ونحن لا نحتاج الى التواصل فقط في حياتنا اليومية او حياتنا الشخصية فالتواصل نواة النجاح فى الحياة الشخصية او العملية ؛ فانت حينما تاتيك رسالة فى الصباح من احد تحبه يكون بقية يومك رائع فماذا لو اصبحت انت يوما ايضا وقررت التواصل مع كل من تعرفهم تخيل ردود افعالهم وكم فرحة ستدخلها قلبا
وتخيل وانت عميل لاحد الشركات وفجاءتك مشكلة فى هذه الخدمة ووجدت الشركة تتواصل معك عبر رسائل الجوال وتخبرك انهم سيقوموا بحل هذه المشكلة فى اقصي سرعة
هكذا هي الحياة اشياء صغيرة تستطيع ان تجعل يومنا افضل ونحن نتغافل عن هذه الاشياء ؛ لكننا فى سعودي sms
قررنا ان نقدم لكم افضل سبل التواصل عبر رسائل الجوال ؛تواصل مع من تحب ؛تواصل مع اعمالك وموظفينك
والاهم تواصل مع عملائك تخيل انت اي شي يسعدك فهو شي يسعد غيرك ايضا ؛فانت حينما تتواصل مع عملائك فانت تؤكد حرصك على تقديم خدمة مميزة لهم
سعودي sms خدماته متعددة خاصة فى القطاعات المهمة مثل المدارس والمستشفيات والشركات فهو يقدم رسائل المدارس من خلال برنامج نور و رسائل المستشفيات والعيادات الخاصة من خلال برنامج ميمو
و رسائل الجوال للشركات من خلال برنامج انجاز
جميعا نعلم اهمية التواصل فى حياتنا حقق نجاح لاعمالك ونجاحك الشخصي فقط برسالة قد تساؤي الكثير قد تساؤي مستقبل طفل فى مدرستك او حياة مريض فى المستشفي الخاصة بك او كسب عميل جديد
انجز عملك فى اسرع وقت مع سعودي اس ام اس تواصل مع موظفينك بكل سهولة ويسر وبتكاليف ييسرة فالرسالة الف كلمة باقل التكاليف سعودي اس ام اس تقدم رسائل المنشات التجارية من اجل دعمك فى تحقيق نجاح مؤسستك
يحتاج الأطباء والعاملين فى المجال الصحى التواصل الدائم مع المرضى وتقديم النصائح المستمرة إليهم، وقد قمنا فى سعودي sms بتوفير أفضل وسائل التواصل عن طريق الرسائل القصيرة،.
بعض مميزات خدمات سعودي اس ام اس :
سعودي اس ام اس يمنحك أفضل خدمة بأقل سعر.
التحكم الكامل فى حسابك وتستطيع من خلال لوحة التحكم .
تستطيع (إضافة وتعديل وحذف) المجموعات مثل الاصدقاء، العائلة، العمل،… .
كذلك يمكنك (إضافة وتعديل وحذف) أرقامك وتصنيفها وتقسمها إلى مجموعات .
إرسال الرسائل الجماعية للمجموعات المُضافه لحسابك على سعودي SMS .
إمـكانية أرشفة الرسائل القديمـة لديك لتتمكن من الرجوع إليها في أي وقت .
الحصول على برامج مجانية يوفرها سعودي اس ام اس لجميع عملائه .
الدعم الفنى الكامل المتواصل لجميع عملاء سعودى اس ام اس .
شرح كامل لكل خدمات سعودي SMS لمساعدة عملائنا .
مع تحيات سعودي اس ام اس
اذا كان هناك اى استفسار لاتتردد يسعدنا استفسارك
للتواصل عبر توتير
للتواصل عبر الفيس بوك
للتواصل عبر الهاتف
920002881 – تحويله 5
يسعدنا دوما ان نكون على تواصل معكم.

التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

تغيير موعد اجراء مسابقة ماجيستر ام البواقي اعلام واتصال

السلام عليكم…..اتمنى ان تكونوا بصحة وعافية يا رب….اردت ابلاغ الجميع ان مسابقة الماجيستر لام البواقي تخصص اعلام واتصال قد تغير موعد اجراء الامتحان الخاص بها وذلك من 15/10/2011الى 22/10/2011ويمكنكم الاطلاع على ذلك عبر موقع الجامعة خلال يومين بالكثير او الانتقال للجامعة للتاكد..وهذه معلومات ماكدة لاني كنت هناك اليوم واردت ابلاغكم وذلك لكي لا يتعارض وماجيستر قسنطينة والذي يجرى هو الاخر بيوم 15/10/2011
وبالتوفق للجميع ولا تنسونا من صالح دعائكم


موفق بإذن الله … لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .

موفق بإذن الله … لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .

التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

الصحافة علم وفن


الصحافة علم وفن الصحافة علم وفن! قد يتبادر، إلى الأذهان، أن هناك تناقضاً، في هذا العنوان، إذ كيف يمكن أن تكون الصحافة علماً وفناً، في وقت واحد، فالعلم يتناول موضوعات خاصة بقوانين علمية محددة، بينما الفن لا يخضع لقوانين محددة، بل يخضع للإبداع الفردي، أو بمعنى آخر، إن العلم موضوعي، والفن ذاتي.
وهذا الموضوع مثار جدل كبير. فالبعض يرى أن الصحافة فن، والراغب في العمل فيهـا لا بد أن يكون موهوباً. وأن الصحفي يولد، وفي يده القلم، وفي رأسه الفكرة، على حد تعبير بعضهم. بينما يؤكد آخرون أن الصحافة مهنة، كسائر المهن، في المجتمع، تحتاج إلى استعداد طبيعي، ولكنها، كأي مهنة، لها مكونات ثلاثة هي: المعارف، والمهارت، والقيم، التي يمكن اكتسابها، وتطويرها، تعليماً وتدريباً.
فالذين يقولون إن الصحافة فن يرون: “أن الصحافة استعداد طبيعي، قبل كل شيء، ولكي يكون الإنسان صحفياً وجب عليه أن يستجيب للنداء، الصادر من أعماقه، وأن تتوافر فيه الموهبة، والرغبة الملحة، في ملاحظة الحياة والناس”.
وعلى الجانب الآخر هناك من يقول بضرورة الدراسة والتجربة، مثل جوزيف بوليتزر الصحفي، المجري الأصل، الذي أصبح ناشر النيويورك ورلد، ورئيس تحريرها، في أوائل القرن العشرين، فمن رأيه “أن كل ذكاء في حاجة إلى من يتعهده، حتى لو سلمنا بأن الاستعدادات الطبيعية هي مفتاح النجاح، في جميع ميادين النشاط الإنساني”، وأن الصفات الخلقية ـ وهي لازمة للصحفي الناجح ـ تنمو بالعلم والتجربة.
ويشير بوليتزر، كذلك، إلى أن الصحفيين، الذين لم يؤهلوا، إنما يتعلمون مهنتهم، على حساب الجمهور. ويضيف قائلاً: “لا يكفي أن يكون صحفي الغد متعلماً، تعليماً جامعياً عاماً، بل لا بد من إعداده، لمهنته الجديدة، إعداداً خاصاً”. ويجيب بوليتزر على الذين يدعون أن الصحافة، في ذاتها، ليست مادة، يمكن تدريسها، بأنه: “كلما قطع المعترضون بأن هناك أشياء لا يمكن تدريسها، برهنوا على ضرورة ما يمكن تدريسه. إن المدرسة تكمل، ولا توجد. وإن كنا نحكم، على قيمة التعليم، من قدرته على إخراج صفات عقلية، من العدم، فإنه لا يكون، أمام معاهد التعليم، من رياض الأطفال إلى الجامعة، إلاّ أن تغلق أبوابها، فيتعطل جميع المشتغلين بالتعليم”.
ويرى جوزيف بوليتزر، كذلك، أن الصحافة هي أكثر المهن حاجة إلى أوسع المعارف، وأعمقها، ويسأل هل يصح أن تُترك هذه المهنة، ذات المسؤوليات الكبيرة، تُمارس من دون أي تأهيل منتظم.
وجدير بالذكر أن بوليتزر أوصى، عند وفاته، بمليونين ونصف مليون دولار، لتأسيس مدرسة صحافة، وإنشاء جوائز سنوية باسمه لأحسن إنتاج، في مجال الصحافة والأدب.
وهناك من يقول: إذا كان لا بد للجامعات، من أن يكون لها دور معلوم، في التدريب المهني للصحفيين، فليكن ذلك، على المستوى فوق الجامعي. ومن أصحاب هذا الرأي، توم هولكنيسون، الذي عمل رئيساً لتحرير صحيفة بيكتشربوست، من 1940 إلى 1950، وأصبح فيما بعد، مديراً لمركز الدراسات الصحفية، في جامعة كارديف البريطانية، ويعدد ما يحمله على الاعتقاد بذلك، قائلاً:
1. إن الصحافة، تختلف عن سائر المهن الفكرية الحرة، كالطب والهندسة والمحاماة، من حيث إن العمل فيها لا يقتصر على لون واحد، من الألوان المتعددة للمعرفة. بل هي مهنة مفتوحة، لا مغلقة، تحتاج إلى ثقافة ذوي المهن الفكرية الأخرى. فالطبيب، مثلاً، بوسعه أن يكون مراسلاً، أو محرراً طبياً، كذلك المحامي أو المهندس. لكن ليس بوسع من تخصص، في الصحافة وحدها، أن يكون طبيباً أو مهندساً أو محامياً، ومادام الأمر كذلك، فإن التدريب المهني فوق الجامعي للصحفيين، سيتيح الفرصة للصحافة كي تستفيد، من كل ذوي المعرفة المتخصصة، على اختلاف ألوانهم.
2. إن التدريب المهني للصحفيين، على المستوى فوق الجامعي، هو أقل أنواع التدريب المهني تكلفة، وأسرعها عائداً، كما إنه أقلها ازدحاماً بالمواد المختلفة، التي يدخل بعضها في اختصاصات الشُّعب، والكليات الجامعية، الأخرى.
3. إن مثل هذا التدريب سيؤدي إلى المزيد من التعاون والتنسيق، بين الصحافة، والجامعات، فقد تطلب بعض المؤسسات الصحفية، من إحدى الجامعات، تخصيص دورة تدريبية، على المستوى فوق الجامعي، لتدريب من يعملون فيها كمراسلين تربويين، ومثل هذا التدريب، سيعين المراسلين حتماً على فهم أحدث التيارات والأفكار، في عالم التربية.
جرت أولى المحاولات، في ميدان التعليم الصحفي، في داخل “واشنطون كوليج”، عام 1869، وبعد سنوات قلائل، درست مادة صف الحروف والاختزال، وكان يقوم، بتدريس المادتين، رئيس تحرير جريدة لكسنفتي جازيت، وكان الطلبة يعملون في تحرير المواد، وأعمال المطبعة. وبعد ذلك غزت فكرة تدريس الصحافة كثيراً من العقول، وانتشرت، في أنحاء الولايات المتحدة، على الرغم من أن الصحافة كانت في أطوارها الأولى، وكان لكل واحد، من القائمين على هذه الدراسة، طريقته الشخصية في التدريس. وتضمنت مناهج الدراسة: تاريخ الصحافة، وإصدار الصحف، وقانون القذف، والإدارة، ومحاضرات عن أهم القضايا العالمية، في الداخل، والخارج، ودراسات تطبيقية، في التحرير بأنواعه، إلى جانب المحاضرات العملية، التي كان يلقيها أرباب هذه المهنة، وتتضمن ملاحظاتهم وخبرتهم وتجاربهم.
أمّا في أوروبا، فكانت الصحافة هي مهنة الأدباء، ثم بدأت الموضوعات الصحفية تهتم بالنواحي الاجتماعية، والتاريخية والاقتصادية ولم تهتم، في بادئ الأمر، بالنواحي الفنية العملية، فلما اندلعت شرارة الحرب العالمية الأولى، ظهرت أهمية الصحافة، في نشر الأنباء، مما دعا إلى الاهتمام بمناهج التدريس على أسس مختلفة. واهتمت كل من ألمانيا والنرويج وبولونيا، بإجراء دراسات خاصة بهذه المهنة، ثم بدأت هذه الدراسات تحتل أمكنة لها، في الجامعات، خاصة في ألمانيا في السنوات الأخيرة، بين الحربين العالميتين، وأصبحت تدرس الصحافة بانتظام في السنوات، التي سبقت الحرب العالمية الثانية، في كثير من جامعات أوروبا. وظهرت أهمية المناهج وكان ذلك، بعد أن أثبتت بعض المناهج قيمتها، في الدراسة، والبحث وظهر التخصص.
ويلاحظ أن بريطانيا على خلاف ما هو متبع، في الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، لا تميل كثيراً إلى نشاء كليات جامعية للدراسات الصحفية، أو الإعلامية، لكنها، مع ذلك، من الدول التي تهتم بالتدريب المهني للصحفيين؛ فقد تضافرت جهود جميع المنظمات الصحفية فيها على تحقيق مشروع قومي للتدريب، هو المجلس القومي لتدريب الصحفيين، وهذا المعهد، أو المجلس، لا يقبل التدريب فيه إلاّ أولئك، الذين يعملون في الصحافة بالفعل. ومن أراد الالتحاق به، عليه أن يبرهن على قدرته الصحفية بشكل عملي، أولاً، وقبل كل شيء، كما إن، لبعض المؤسسات الصحفية الكبرى، برامجها التدريبية الخاصة بها
إن إصدار الصحيفة لم يعد يُنظر إليه، كما كان الحال في الماضي، على أنه عمل أدبي أو فكري فحسب، بل أصبحت الصحافة صناعة قائمة بذاتها، لها اقتصادياتها الخاصة بها. وأصبحت كذلك مهنة لها سمات وخصائص المهن الفنية. وأصبحت جهازاً كاملاً له إدارته الخاصة.
يتضمن جوهر الفن الصحفي، مزيجاً إبداعياً من فن التحرير الصحفي، أو الكتابة بلغة تناسب الصحافة، كوسيلة، وتتسق مع سمات جمهورها، والتصوير الصحفي، والرسوم اليدوية بأنواعها الساخرة، والتوضيحية والتعبيرية، وفن الصور الصحفية والرسوم، ثم الفن الإعلاني، وأخيراً، فن الإخراج الصحفي، الذي يتولى عملية الإبراز والتنسيق والجذب، للمادة الصحفية، وللمادة الإعلانية وتكوين شخصية للصحيفة.
ولإصدار صحيفة (جريدة أو مجلة) لأول مرة لابد من اتخاذ عدة خطوات مهمة قبل الإصدار، هي:
دراسة الجمهور ومعرفة احتياجاته.
1. دراسة الصحف المنافسة.
2. تحديد الهدف من الإصدار.
3. رسم السياسة التحريرية.
4. وضع التصميم الأساسي للصحيفة.
5. اختيار النظام الإنتاجي للصحيفة (مراحل ما قبل الطبع والطباعة).
6. اختيار الكادر البشري المؤهل، وتوزيعه، على الأقسام المختلفة.
7. الحصول على ترخيص قانوني للإصدار، أو التقدم بإخطار.
8. تدبير التمويل اللازم، ووضع الميزانية، وحساب التكاليف.
9. توفير المقر، والتجهيزات التكنولوجية المختلفة، للإصدار.
10. الاتصال بالمعلنين، وحثهم على الإعلان، في الصحيفة.
11. وضع خريطة تنظيمية للصحيفة، تحدد خطوط السلطة، والمسؤوليات والعلاقات وخط سير النص الصحفي، من المحرر إلى المطبعة.
12. الاتفاق مع وكالات الأنباء، ووكالات الخدمات الصحفية، كوكالات الصور والرسوم والمقالات والمعلومات، وكذلك، وكالات الإعلان والتسويق، للاستفادة من خدماتها.
13. إعداد الحملة الإعلانية عن الصحيفة، وجدولتها.
14. إصدار الأعداد التجريبية، (الأعداد الزيرو)، وتحديد موعد نهائي لصدور العدد الأول.
أمّا خطوات إصدار عدد من الصحيفة، وهي الخطوات، التي تتم يومياً، أو أسبوعياً، على عدد واحد من الصحيفة فتتضمن:
1. تقييم العدد الصادر.
2. التخطيط للعدد التالى، ويتضمن ذلك توزيع المهام، على الأفراد، في الأقسام المختلفة.
3. جمع المعلومات، من المصادر الداخلية، والخارجية للصحيفة، من خلال المحررين والمندوبين.
4. مراجعة المواد المجموعة، واستكمالها ميدانياً، أو مكتبياً.
5. التقاط الصور الفوتوغرافية المناسبة للموضوعات، أو الحصول عليها من قسم المعلومات، في بعض الأخبار والموضوعات.
6. تجهيز الرسوم اليدوية التوضيحية والتعبيرية والساخرة.
7. تحرير المواد الصحفية المجموعة في شكل أخبار، وموضوعات صحفية، ومراجعتها.
8. تحرير التعليقات، أو الشروح، المصاحبة للصور الفوتوغرافية، والرسوم اليدوية.
9. جلب الإعلانات الصحفية، ووكالات الإعلان المختلفة، عن طريق قسم، أو إدارة الإعلانات بالصحيفة.
10. تحرير الإعلانات الصحفية، وإخراجها وتنفيذها، على ماكيتات ترسل إلى جهاز التحرير بالجريدة، مقترح عليها الصفحات المطلوب نشرها فيها.
11. تقييم المواد الصحفية، وتحديد صلاحيتها للنشر، بمعنى أن يجري تقييم جميع الأخبار والموضوعات، وتقرير ما إذا كانت صالحة للنشر بشكلها الحالي، أو بعد الاستكمال، أو غير صالحة للنشر، على الإطلاق.
12. الاستقرار على ماكيت، أو تخطيط لمواد العدد التحريرية، والإعلانية، وتوزيعها على الصفحات المختلفة.
13. إخراج الجريدة، بمعنى إعداد الصفحات المختلفة، وفقاً لخطة العدد، وفي إطار التصميم الأساسي للجريدة المستقر عليه، ويعنى ذلك تحديد مواقع الأخبار والموضوعات الصحفية، والإعلانات، داخل الصفحات المختلفة للجريدة، ومساحاتها، وأساليب المعالجة التيبوغرافية لها، ويتضمن ذلك تحديد حجم حروف كل مادة صحفية، واتساع سطورها، والصور والرسوم المناسبة لها.
14. إرسال المواد الصحفية والإعلانية المكتوبة إلى قسم الصف، ومراجعتها، وتصحيحها.
15. إرسال المواد المصورة والمرسومة إلى قسم التصوير ومراجعتها.
16. تجميع المواد المكتوبة والمصورة، وفقاً للماكيت المتفق عليه، في عملية الإعداد، أو المونتاج.
فن التحرير الصحفي
والتحرير الصحفي ـ كخطوة من خطوات إصدار الصحيفة هو العملية اليومية أو الأسبوعية، حسب دورية الإصدار، التي يقوم فيها المحرر الصحفي بالصياغة الفنية، والكتابة الصحفية، أو المعالجة لمضمون المادة الصحفية، أو المعلومات، التي جمعها من المصادر المختلفة، في الأشكال، أو القوالب الصحفية المناسبة، والمتعارف عليها، ثم المراجعة الدقيقة وإعادة الصياغة لها. وتبدأ عملية التحرير الصحفي فور عملية الكتابة الصحفية؛ فالمحرر يكتب المادة، في الشكل، الذي اختاره بنفسه، وقد يكتب المحرر، ويراجعه المحرر المسؤول، أي يحرر ما كتبه. وقد تبدأ العملية، وتنتهي مع المحرر، الذي يقوم بالعمليتين معاً، الكتابة Writing، والتحرير Editing. وتعني كلمة تحرير editing إعداد كتابات الآخرين للنشر، ومنها جاءت كلمة Editor، أي محرر، أو رئيس تحرير. والمحرر الصحفي الناجح هو، الذي ينجح في الكتابة، بلغة صحفية مناسبة وجيدة، مما يجعل هذا النص الصحفي، خبراً كان، أو موضوعاً، لا يحتاج إلى عملية تحرير جديدة، تتضمن المراجعة، وإعادة صياغة بالحذف، أو الإضافة أو تغيير الأسلوب، أو البناء الفني للنص.
والتحرير الصحفي، أو فن الكتابة الصحفية كفن كتابي يختلف عن فن الكتابة العلمية، حيث تعتمد الأخيرة على المصطلحات العلمية، أو الفنية المحددة الدقيقة، التي قد لا يفهمها، إلاّ أصحاب التخصص الدقيق، كما تختلف عن الكتابة الأدبية، التي تعتمد على الخيال، والبلاغة اللفظية، والاستطراد وتخاطب مشاعر المستقبل، وتتوجه إلى قارئ، يبحث عن متعة جمالية وفكرية.
بينما يعتمد التحرير الصحفي، على الأسلوب العلمي الأدبي، أو اللغة الوسطى، التي يسميها البعض، باللغة الصحفية، أو اللغة الإعلامية، ذات الأسلوب الصحفي أو الإعلامي، الذي يفهمه قارئ الصحيفة العادي، وذات الأشكال، أو القوالب الفنية المتميزة، التي يتم، من خلالها، نقل المضمون الصحفي.
والتحرير الصحفي هو نوع جديد من النثر، أضافه أساتذة الصحافة والأدب، إلى أنواع النثر التقليدية (العادي ـ العلمي ـ الفني)، هو النثر العملي، أو الصحفي وذلك بعد ظهور الصحافة، في القرن التاسع عشر، وقالوا إن هذا النثر يقف، في منتصف الطريق، بين النثر الفني، أي لغة الأدب، وبين النثر العادي، أي لغة التخاطب اليومي، وله من النثر العادي، ألفته وسهولته وبساطته ومباشرته وشعبيته، وله من النثر الفني، حظه من التفكير وحظه من عذوبة التعبير. ولعل ذلك المفهوم للنثر العلمي أو الصحفي، هو الذي جعل بعض أساتذة الصحافة يطلق على لغة الصحافة وصف الأدب العاجل. أو الأدب غير الخالد.
الأسلوب الصحفي
الواقع الصحفي يقول: إن هناك أسلوباً صحفياً، أو أسلوباً معيناً، له سمات التحرير الصحفي، وينبع هذا الأسلوب، من عدة محددات، تتعلق بطبيعة الصحافة، كوسيلة اتصال، من حيث حجم الصحيفة، والمساحة المحدودة، وجانبها التقني، وطبيعة دوريتها، أو توقيت إصدارها، الذي يقتضي السرعة والاختصار والتركيز، وبوظيفتها العامة، وهي التعبير عما يحدث، في الحياة اليومية، والتي يطلق عليها الوظيفة الأخبارية ـ كوظيفة أساسية ـ إذ تقوم بنقل الأخبار إلى كل فئات الرأي العام.
ويتخذ التحرير الصحفي أشكالاً أو قوالب خاصة، لها قواعدها المتعارف عليها. وفي النهاية يخرج المقال الصحفي بأنواعه المختلفة ووظائفه المتنوعة. وله تصميماته المختلفة، وفي أحيان كثيرة مع الصور والرسوم المناسبة المختارة.
اتجاهات نشر الأخبار
تبني بعض الصحف منهجها على الصدق، والتثبت من صحة الخبر، قبل كل شيء، وبعضها يبني منهجه على ما يسمى بالسبق الصحفي، حتى ولو ضحى، في سبيل ذلك بالتثبت من صحة الخبر. وكل من المنهجين يستند إلى حقيقة نفسية عند القراء؛ فأصحاب السبق الصحفي يراهنون على الفضول البشرى، والرغبة في الاستطلاع، ومعرفة الأسرار والمفاجآت إشباعاً للغرور، أو ترضية للهفة البشرية.
قد يكون منهج التثبت أكثر جدية، في الصحافة، واحتراماً لرسالتها، بل واحتراماً للقراء، وأصحاب هذا المنهج لا يرون، في صحفهم، مجرد أداة للإعلان، بل سجلاً للتاريخ، ومن ثم قد لا يأنفون من نشر خبر، سبق أن نشرته صحف أخرى، وإن كان بعضها لا يضع مثل هذه الأخبار السابقة في الأماكن البارزة، من الصحيفة، ولا في صفحاتها الرئيسة.
حدث ذات مرة، أن نشرت بعض صحف القاهرة نبأ، تلقته عن إحدى وكالات الأنباء، عن وفاة سلطان باشا الأطرش، زعيم الدروز. وظهرت الصحف في الصباح، وإذا بالأهرام، وحدها، تغفل نشر هذا الخبر، وروجع رئيس تحريرها الصحفي القديم، أنطون باشا الجميل، في هذا الأمر، فكان جوابه: “إن من لم يمت، في الأهرام، لم يمت”، وبالفعل اتضح أن الأهرام كانت قد تلقت الخبر، من الوكالة نفسها كما تلقته الصحف الأخرى، ولكن رئيس تحريرها اتصل بالمصادر العربية والدبلوماسية، في القاهرة ليتأكد من صحة الخبر، قبل نشره، فنفوا له صحته، وعدم علمهم بشيء، من هذا. وبعد ذلك بيوم، أذاعت الوكالة نفسها اعتذاراً، وتصحيحاً للخبر السابق، قالت فيه إن الذي مات كان والدة سلطان باشا الأطرش، لا الزعيم الدرزي نفسه.
وهكذا اختارت جريدة الأهرام التثبت الصحفي، واحترام القارئ، بدلاً من السبق الصحفي، وليس من شك في أن الأفضل هو الجمع بين السبق الصحفي، والتثبت منه، كلما استطاع الصحفي إلى ذلك سبيلاً، وإذا لم يكن بد من الاختيار، فربما كان، من الأصح أخلاقياً، وإنسانياً ووطنياً، تفضل التثبت على السبق الصحفي؛ لأن ثقة القراء واحترامهم رأس مال أدبي كبير للصحافة.

التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

آثار التكنولوجيا الحديثة على نظم الاعلام و الاتصال

المصدر : شبكة المعلومات الدولية
بلغ التقدم التكنولوجي وتزايد تكنولوجيا الاتصال والإعلام الآن درجة كبيرة من التطور تتيح التنبؤ بالاتجاهات وتحديد الآفاق، وتعيين المخاطر وعثرات الطريق التي يمكن ظهورها. ولا شك أن العلم والتكنولوجيا يحققان مثل هذا التقدم على نحو مستمر،مما قد يسهل تحطيم الحواجز بين الأفراد والأمم وأن هذا الاتجاه لا رجعة فيه، لكن النتائج التي يمكن التنبؤ بها حالياً ليست مؤاتية بالضرورة.
والمعلوم أن الاهتمام الآن مركز في كافة البلدان المصنعة، وفي عدد متزايد من البلدان النامية على الفرص الجديدة التي تعرضها الابتكارات التكنولوجية في هذا المجال، ومع ذلك فإن هذه الفرص ليست بعد في متناول أي فرد، ويرجع ذلك إلى عوامل سياسية واقتصادية، لأن كثيراً من الاكتشافات العلمية والابتكارات (الاختراعات) التكنولوجية قد توصل إليها عدد قليل من البلدان ومن الشركات غير الوطنية التي قد تستمر في السيطرة عليها لفترة طويلة قادمة. ومن ثم فمن الحيوي أن تحدد كيف يمكن أن يكون لهذه التطورات التكنولوجية أقصى فائدة لكل الأمم ولكل جماعة في داخل كل أمة، وفي نهاية المطاف لكل الرجال والنساء، وكيف تستطيع أن تساعد على التخفيف من ضروب التفاوت والظلم.
كما أن هناك إحساساً يتسع نطاقه باطراد بأن التقدم التكنولوجي يسبق قدرة الإنسان على تغير آثاره وتوجيهها إلى أفضل السبل، وهو الأمر الذي عبر عنه مفكرون كثيرون طوال قرن أو أكثر وهذه الفجوة تمثل علاقة مزعجة في مجالات معينة كعلم الحياة وعلم الوراثة والفيزياء النووية، وتتقدم التكنولوجيات الجديدة بقوة الدفع الذاتي الخاصة بها أو نتيجة للضغوط السياسية أو المتطلبات الاقتصادية وتفرض نفسها قبل إمكانية استيعابها وتفلت من جميع أشكال الرقابة الأخلاقية والاجتماعية.
وتتسم آثار التكنولوجيا الحديثة بالغموض، حيث أنها تحمل خطر جعل نظم الاتصال القائمة أقل مرونة وتضخم عيوبها واختلالها الوظيفي، فعلى الرغم من إقامة شبكات مركزية أكثر قوة وتجانساً على نحو مطرد، ينشأ خطر زيادة تركيز مصادر الإعلام العامة والمؤسسية وتفاقم ضروب التفاوت والاختلال، وزيادة عدم الإحساس بالمسؤولية والعجز لدى الأفراد والمجتمعات على حد سواء، فقد يؤدي تعدد قنوات الإرسال الذي أتاحته الأقمار الصناعية للبث المباشر إلى تنوع الأهداف والمشاهدين والمستمعين، بيد أنه من خلال اشتداد المنافسة قد يؤدي هذا التعدد إلى توحيد نمط المحتوى كما قد يؤدي على الصعيد الدولي إلى زيادة حدة التبعية الثقافية بزيادة البرامج المستوردة.
ومن المحتمل أن يؤدي إنشاء بنوك المعلومات (البيانات) المتصلة بالحاسبات الإلكترونية إلى فجوة متزايدة بين البلاد والمناطق، وذلك بتقليل الوسائل المتاحة لأفقر البلاد للانتفاع بالمعلومات. كما أن ظهور مجتمعات واسعة ترتبط فيما بينها بالمعالجة الآلية عن بعد يمكن أن يؤدي إلى تفاقم التناقض الظاهر فعلاً بين تكامل البلدان وسيادتها. حيث إن الحاسب الآلي يمكن أن يصبح خادماً أو سيداً حسب الظروف وحسب طريقة استخدامه، ويمكن استخدام المعالجة الآلية عن بعد لجعل المجتمع أشد اتساماً بالطابعين الهرمي والبيروقراطي وتدعيم التكنوقراطية والمركزية وزيادة السيطرة الاجتماعية التي تمارسها السلطة (السياسية أو المالية)، ومن ناحية أخرى فقد يؤدي إلى جعل الحياة الاجتماعية أكثر تحرراً وتلقائية وانفتاحاً وديمقراطية وذلك بحماية تنوع مراكز اتخاذ القرارات والإعلام، وليس بمقدورنا أن نستبعد هذا الاحتمال.
ولا يقل عن ذلك أهمية حماية البعد الإنساني للاتصال وتقنياته، نظراً لأن المرافق التكنولوجية الجديدة والنفوذ المسيطر للبنى الكبيرة قد أديا على نحو ما إلى نزع الطابع الإنساني عن الاتصال، لذلك فإن بعض البلدان تفضل الوسائل السمعية البصرية الخفيفة التي صممت خصيصاً للمجموعات الصغيرة ذات المصالح المشتركة، وتلعب دوراً فعالاً في اتخاذ القرارات المشتركة، ومن ثم فهي في طريقها لأن تصبح جزءاً لا يتجزأ من العمل الاجتماعي (في مشروعات إعادة التوزيع الاقتصادي، وفي تنظيم دوائر مستقلة للمعلومات والمجتمعات المحلية والمهنية،والدراسات الثقافية والتغير الثقافي). ويبدو من المحتمل أن يؤدي تطوير الوسائل التقنية لأجهزة التسجيل المرئي (الفيديو) الخفيفة والسهلة الاستخدام والرخيصة نسبياً والتي يمكن تطويعها لتلائم مختلف أنواع الإنتاج، إلى وضع نهاية لذلك الانفصال بين صناعة ثقافة موجهة للإنتاج السلعي الكبير وبين الجزر المتناثرة من وسائل الاتصال الجماعي. ولهذه الغاية أيضاً، فإن بعض البلدان تشجع المشاركة النشطة من جانب المنتفعين بوسائل الاتصال في تبادل المعلومات والإسهام الديمقراطي للشعب والمشاركة في إدارة وسائل الاتصال وما شابه، وقد تمهد مثل هذه الإنجازات السبيل إلى لا مركزية بنى الإنتاج والتوزيع في مجال الاتصال الاجتماعي. ولإيجاد حلول لهذه الإشكالية، يتعين اتخاذ قرارات وإجراء اختيارات جزئية-اقتصادية وتكنولوجية، وسياسية في المقام الأول-إذ يتعين اتخاذ القرارات السياسية لتجنب بعض النتائج الاقتصادية والتكنولوجية غير المتوقعة، ولحماية احتياجات كافة الفئات الاجتماعية والكيانات القومية وللحفاظ على مصالح الأجيال المقبلة والعالم بأسره. والحقيقة يؤدي هذا المزج من المشكلات المقترنة بظهور التكنولوجيات الجديدة إلى بروز قضايا أساسية ستواجهها كافة المجتمعات، إلا أنه في حين تتيح التكنولوجيات الحديثة آفاق جديدة لتطوير وسائل الاتصال، فإنها تخلق أيضاً مشكلات وأخطاراً، ويجب علينا أن نحذر من إغراء اعتبار التكنولوجيا أداة صالحة لجميع الأغراض قادرة على الحلول محل العمل الاجتماعي، والتفوق على الجهود المبذولة من أجل إحداث تحولات بنيوية في البلدان المتطورة والبلدان النامية ويتوقف المستقبل إلى حد كبير على الاختيارات المتاحة وعلى توازن القوى الاجتماعية وعلى الجهد الواعي لتوفير أفضل الظروف لنظم الاتصال والإعلام داخل الأمم وفيما بينها.




التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

العلاقات العامة والرأي العام و الجمهور

تقديم
ــــــــــــــــــــ
إن الإنسان بطبيعته لا يعيش في عزلة عن الناس، بل تقتضي ظروف الحياة الاتصال بالآخرين والتعاون معهم، وفي أثناء هذا الاتصال بالآخرين والتعاون معهم، أما أن يترك الشخص أثراً حسناً لدى بقية الناس وأما أن يترك أثرا سيئا، فإذا ترك أثرا حسنا ساعده هذا على قضاء أعماله بسرعة وبأقل مجهود والعكس صحيح. وهكذا فتكيف الأفراد و الجماعات مع الواقع الاجتماعي أمر مهم وضرورة لا غنى عنها من اجل الصالح العام.
كذلك الأمر بالنسبة لأية منظمة فهي لا تعيش بمعزل عن الجمهور وعن المجتمع المحيط بها، فهي تحتاج إليه وهو يحتاج إليها، ولا بد من وجود علاقات طيبة بينهما و تعرف كل منها على أهمية الدور الذي تقوم في المجتمع، و بدون الصلات الطيبة بين المنظمات و بين الجمهور المتصل بها أو المجتمع المحيط بها لا يمكن لهذه المنظمات ان تضمن لنفسها السلام و الاستقرار، و كلما كبر حجم المنشآت بعدت المسافة بينها و بين جمهورها و المجتمع المحيط بها، و أصبحت الحاجة ملحة إلى معرفة آراء الآلاف أو ملايين الأفراد و الجماعات، لكي ترسم سياستها بما يلائمهم، ثم تقوم بشرحها لهم بغية كسب ثقتهم و احترامهم و تأييدهم.
كما أن الحكومات الديمقراطية تسعى إلى التعرف على رغبات الجمهور وكسب ثقته وتأييده، لأنه هو الذي سيقوم بتنفيذ السياسات التي ترسمها وعليه يتوقف زوالها أو بقائها، فلقد تشابكت مصالح الناس و تباينت رغباتهم وزادت العلاقات الاعتمادية بين المنظمات، كما زادت قوة الرأي العام وأصبحت الحاجة ملحة لفهم دوافع و مطالب الأفراد و الجماعات، وأضحى كسب تأييد
وتعاون و ثقة الآخرين عن طريق الاقتناع، جزءاً من العمل اليومي للمدير في أي نوع من أنواع المنظمات، سواء كانت اجتماعية أو دينية أو سياسية أو اقتصادية، إذ أدركت هذه المؤسسات أنها لا يمكن أن تحقق نجاحا إذا عاشت بعيدة عن الجمهور أو عزلت نفسها عنه.
و من هنا نشأت الحاجة في عصرنا الحالي إلى إسناد هذه المهمة- مهمة إقامة علاقات طيبة بين منشاة و جمهورها- إلى أشخاص متخصصين في هذه الناحية، وبذلك أنشئت إدارة العلاقات العامة في الوزارات والمنشآت المختلفة، والتي أصبحت من ضروريات وقتنا الحاضر.
ومن جانب آخر أصبح الرأي العام يلعب دوراً مهماً في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وبات من الضروري التعرف على عوامل تكوين وتنشيط الرأي العام، والوسائل المؤثرة فيه، وكيفية توجيهه والتأثير في مساراته.
خلاصة القول أن العلاقات العامة والرأي العام يمثلان اليوم مجالين مهمين في العمل الإعلامي، لذا ينبغي التعمق في دراستهما، والتعرف على الوسائل الإعلامية المناسبة للتأثير فيهما.
في هذه المحاضرات سيجد الطلبة تلخيصاً لأهم المفاهيم والدراسات التي تناولت العلاقات العامة والرأي العام، ولعل من المفيد أن يرجع القارئ أحياناً إلى المصادر الأصلية للمزيد من التعمق والتوسع في الموضوع.
مع التمنيات بالتوفيق والنجاح لجميع طلبة الجامعة العربية المفتوحة في الدنمارك.

الفصل الأول
العلاقات العامة

أولاً: تعريف العلاقات العامة:
ظهر مصطلح العلاقات العامةPublic Relation قرابة نهاية القرن التاسع عشر، وشاع استخدامه في منتصف القرن العشرين، وتعددت تعريفاته، وبالرغم من شيوعه في أوساط الأعمال إلا أنه كان يستخدم لوصف مجموعة متنوعة وواسعة من النشاطات مما ألبسه غموضاً وإبهاما، فها هو قاموس (وبسترWebster’s New Collegiate Dictionary) يعرف العلاقات العامة بأنها مجموعة من النشاطات تقوم بها هيئة أو اتحاد أو حكومة أو أي تنظيم في البناء الاجتماعي، من اجل خلق علاقات جيدة وطيبة وسليمة مع الجماهير المختلفة، التي تتعامل معها، كجمهور المستهلكين والمستخدمين وحملة الأسهم، وكذلك الجمهور بوجه عام، وذلك لتفسير نفسها للمجتمع حتى تكتسب رضاه.
واهم ما أشار إليه هذا التعريف هو انه لم يقصر العلاقات العامة على نوع معين من المؤسسات أو الأجهزة أو على نوع معين من المهن، بل انه أوضح أن العلاقات العامة تمارس في كافة المؤسسات والأجهزة المختلفة، سواء كانت حكومية أو غير حكومية، صناعية أو تجارية أو خدمية أو غيرها، كما أن هذا التعريف اهتم بتوضيح الهدف من العلاقات العامة، وهو تكوين علاقات طيبة بين تلك المؤسسات وبين الجماهير التي تتعامل معها أو تتصل بها، حتى تكتسب تلك المؤسسات في النهاية رضى المجتمع الذي تعيش فيه. كما أن هذا التعريف لم يغفل نوعية الجماهير، سواء كانت الجماهير الخارجية(ممولين أو مستهلكين) أو الجماهير الداخلية، أي أولئك العاملين في هذه المؤسسات.
ويؤخذ على هذا التعريف أنه اعتبر العلاقات العامة نشاط من جانب المؤسسات، واستخدام كلمة نشاط فيه خلط بين مفهوم العلاقات العامة واستخدامها كمرادف لبعض وظائفها مثل الإعلام والدعاية والإعلان عن المنظمة، ولكن مفهوم العلاقات العامة أوسع واشمل من مفهوم هذه المصطلحات، كما أن هذا التعريف اعتبر العلاقات العامة نوعا من النشاط الإنساني دون أن يضفى عليها طابع الفن أو العلم، فهو لم يحدد الأسس العلمية التي تقوم عليها العلاقات العامة، باعتبار أن العلاقات العامة لا تقوم على الارتجال، بل أنها تقيس وتحلل وتخطط وتنفذ وتتابع وتقيم، ويتطلب القيام بها أخصائيين مدربين على عملياتها.
ومن التعريفات ما اعتبرت العلاقات العامة جهوداً تبذل لكسب الجمهور، فقد عرفها (كريستيان) بأنها الجهود التي تبذل للتأثير على الجمهور عن طريق وسائل الإعلام المختلفة، حتى تكوّن لديها فكره صحيحة عن المؤسسة فيساندونها في أزماتها ويعضدونها في أهدافها ويشجعونها في نشاطها.
وعرفها معهد العلاقات العامة بأنها الجهود المخططة والمقصودة والمدعمة لإيجاد التفاهم والثقة والمحافظة على التفاهم المتبادل بين المنظمة وجمهورها.
ويعد مصطلح (الجمهور) لفظه مناسبة، ذلك أن العلاقات العامة تهتم بجميع فئات المجتمع التي تتصل بها، والعلاقات العامة تعمل على كسب ثقة الجمهور في الانجازات التي تقوم بها المؤسسة، وإزالة الجمود والعداء وسوء الفهم، وهي تختلف عن أساليب الاتصال الإغرائية التي يقدمها الإعلان.
ونضرب مثلا بسيطاً لذلك، فإذا أرادت مؤسسة أن تقوم بإصلاح أو تعبيد طرق، وكانت هناك حفرة على طول الطريق، فمن الواجب عليها أن تضع لوحة كتب عليها اسم المؤسسة وتحذير للمارة والسيارات، وأسفها لوجود هذه الحفرة، وذلك ما يغرس في الأفراد شعوراً طيباً نحو المؤسسة ووظيفتها.
ورغم أن هذا التعريف يتفق مع سابقه في أن العلاقات العامة هي الجهود، إلا انه أوضح انه مجهود مدروس ومخطط، وفى هذا إشارة إلى أن هذه الجهود قائمة على أسس علمية من الدراسة و التحليل و التخطيط، كما يتضمن التعريف أن هذه الجهود ليست جهودا وقتية بل جهوداً مستمرة.
وقد حاول كثير من علماء الاجتماع والإعلام الوصول إلى تعريف محدد للعلاقات العامة ووضع مفهوم حديث لها وكان تعريفها القديم:أنها الجهود الإدارية المخططة و المرسومة والمستمرة لتنظيم العمل من قبل المنشآت والتي تهدف إلى إقامة وتدعيم التفاهم المتبادل بين المنشأة وجمهورها حتى يتسنى تكيف المنشأة في المجتمع الذي توجد فيه.
وفي ضوء هذا التصور تصبح العلاقات العامة أكثر من مجرد الإعلان عن سلعة، كما تتضمن أن تتكيف المؤسسة مع الموضوعات والحاجات ومستويات المجتمع الديمقراطي.
وهناك تعريف شائع للعلاقات العامة وأكثر نوعية عرضته مجلة (العلاقات العامةPublic Relation’s News) الأمريكية، وتشير فيه إلى أن العلاقات العامة وظيفة إدارية تقيّم اتجاهات الجمهور، و تحقق تناسق سياسات وتصرفات الفرد أو التنظيم مع المصلحة العامة، وتضع و تنفذ برنامج عمل للفوز بثقة الجمهور و تقبله للمؤسسة.
و في ضوء هذا التعريف، فالعلاقات العامة هي جزء من نشاط أي مؤسسة، و هي مستمرة، و ليست عملاً وقتياً.
وقد اقترح بعض الباحثين تعريفا آخر للعلاقات العامة، فهي في نظرهم فلسفة اجتماعية للإدارة يتم التعبير عنها بسياسات المؤسسة وممارساتها وانجازاتها، ويتوفر لديها وسائل اتصال متبادلة مع جمهورها واجتهاد و كفاح من اجل إيجاد التفاهم المتبادل و الشهرة الطيبة.
ويتضمن هذا التعريف أربعة عناصر رئيسية هي:
أولا: إنها فلسفة إدارية ذات طبيعة اجتماعية، وثانيا: أنها تعبر عن فلسفة في سياسة اتخاذ القرار، وثالثا: فهي العمل الذي ينتج عن هذه السياسات، ورابعا: فهي لديها وسائل اتصال تسهم في خلق هذه السياسات وتقوم بشرحها وتوضيحها وتدافع عنها وتروج لها عند الجمهور، وذلك من اجل تحقيق التفاهم المتبادل و السمعة الطيبة.
وهذا التعريف الأخير غير واضح وغير محدد، فالقول بأن العلاقات العامة هي فلسفة إدارية تسير عليها منظمة ما، لا يساعد كثيراً على توضيح نشاط العلاقات العامة.
وهناك من يعتبر العلاقات العامة عملية مستمرة، فقد قدم سيدلT.C.Seidel تعريفا للعلاقات العامة يقول فيه: إن العلاقات العامة عملية مستمرة، يتم بها توجيه أي مؤسسة أو منظمة للفوز بثقة مستخدميها وعملائها والجمهور عموما، وذلك للتفاهم معهم جميعا، ولقد قلنا أنها عملية مستمرة لأن رأي الجمهور بالصواب والخطأ، وفيما يجب وما لا يجب، دائما في تغير وتطور، وهذا يستدعى الاستمرار في قياس وتحليل رأيه في الخدمات المقدمة والطرق المستخدمة في الجمعية أو المؤسسة أو المنظمة، ويقصد بالمنظمة هنا كل فرد أو هيئة أو مؤسسة عامة أو خاصة، حكومية أو أهلية، تمارس نشاطا من أي نوع، ومن أي لون، لمواجهة جمهور معين، وتتم هذه العملية عن طريقين؛ الأول هو النشاط الداخلي القائم على النقد الذاتي لتصحيح الأوضاع الداخلية، و الثاني هو النشاط الخارجي الذي يستفيد من جميع وسائل الاتصال و النشر الممكنة.
وأول تعريف دقيق لمفهوم العلاقات العامة، وضعه المعهد البريطاني للعلاقات العامة عام 1948 بأنها (( الترويج لإيجاد التفاهم و الصلات القوية بين المنظمة وأفرادها، أو أي مجموعة من المجموعات أو الأفراد أو المنظمات، و ما ينتج عن هذا التفاهم من إقامة سمعة طيبة و علاقة مستمرة)).
ويختلف المؤرخون و المشتغلون بالعلاقات العامة فيما إذا كانت العلاقات العامة فناً تكتيكياً لا يرقى إلى مرتبة العلم، أم علماً لا ينطبق عليه مضمون العلم، من حيث النظرية والمنهج، وللحكم على ذلك يجب أن نتفق أولا على معنى الفن و معنى العلم. فالفن مجموعة من الأعمال الإنسانية المنظمة، تتخذ وسيلة لغاية معينة، أو صناعة من الصناعات التي يزاولها الإنسان لغرض معين، فالفنان لا يعمل عملاً لذاته، يقصد به شيئا آخر أو غرضا معيناً، و تقسم الفنون إلى فنون نفعية مادية ورفيعة (أو جميلة)، والفنون النفعية كالملاحة و التجارة و العمارة، أما الفنون الجميلة فتشمل الموسيقى و الغناء و التمثيل و الرقص التوقيعي.
أما العلم فهو مجموعة من الحقائق المنظمة المتحدة الموضوع، الثابتة الدليل العقلي أو التجريبي، وبمعنى آخر فهو تنظيم المعرفة لطبيعة للظواهر والعلاقات بينها.
إلا انه من الواجب أن نعرف أن العلم والفن متصلان اتصالاً وثيقاً، فليس من المتصور أن يقوم علم بدون فن، أو يرقى فن بدون علم، و يتجلى ذلك في العلوم التطبيقية التي تظهر فائدتها في التطبيق الفني. بيد أن الفن يعتمد في الغالب على علم أو علوم مختلفة، فالتجارة تعتمد في رقيها على علم الاقتصاد و الرياضيات. والملاحة تعتمد على الرياضيات و تخطيط البحار.
والخلاصة أن العلم ينطوي على الإدارة أو المعرفة، والفن ينطوي على العمل. وتشير بعض التعريفات إلى أن العلاقات العامة فن، والمقصود بالفن هنا الفن المهاري، وليس بالمعنى الجمالي، والفن المهاري هو القدرة على التعامل مع الناس و مسايرتهم ومجاراتهم، أي أنها تحتاج إلى مهارة و لباقة و حسن تصرف والى تجديد وابتكار مستمر حسب مقتضيات الظروف والمواقف، وهي فن في كيفية التعامل مع الجمهور والحصول على رضاه و محبته وكسب ثقته و تأييده، و يتحقق ذلك عن طريق الاتصال بالجماهير لنقل الحقائق إليهم، و تفسير هذه الحقائق حتى تلقى هذه المؤسسات والهيئات تأييد الجماهير لها. فها هو بلومفليدD.Bloomfield يرى أن العلاقات العامة هي فن التأثير على الآخرين لسلوك الطريق نفسه الذي تتبعه تلك المؤسسات. كما عرف ( هوارد بونهام Howard Bonham) عضو مجلس إدارة الصليب الأحمر الأمريكية العلاقات العامة بأنها فن التفاهم مع الجمهور، مما يؤدي إلى زيادة الثقة بالأفراد و المنظمات.
وهناك من التعريفات ما اعتبر العلاقات العامة علماً له قواعده وأصوله، فهي تُعنى بدراسة سلوك الأفراد والجماعات و قياس وتحليل الرأي العام، بقصد تنظيم العلاقات الإنسانية على أسس من التعاون والمحبة والوعي، ويتضمن التخطيط العلمي لبرامج العلاقات العامة، ويهتم بالتوصيل الجيد للمعلومات بين الهيئة التي يعنيها الأمر وبين جمهورها، بهدف تحقيق المصلحة المتبادلة بينهما، والوصول إلى درجة عالية في المساندة الكلية و المشاركة الوجدانية.
ويرى أصحاب هذا الاتجاه أن المجتمعات قديماً لم تكن بحاجة إلى هذا العلم، لأن العلاقات العامة كانت عادية و بسيطة. وبتقدم الحضارة وما صاحب التصنيع من تخصص و تقسيم العمل، بدأت المجتمعات تتعقد، وبالتالي العلاقات الاجتماعية بين الأفراد و الجماعات، ونتيجة لهذا كان ضرورياً أن يحدث توازن في المجتمع، قوامه التفاهم المتبادل والتساند الوظيفي بين الأعضاء. ومن هنا كان هدف العلاقات العامة متمثلا في رعاية العلاقات الإنسانية السليمة بين أعضاء المؤسسة من جانب، وبين المؤسسة و الجماهير من جانب آخر. إذ يهتم علم العلاقات العامة بالكشف عن الأسس والمبادئ التي تساعد على إقامة علاقات مفعمة بالثقة بين فئات الشعب المختلفة، بقصد نجاح المشروعات النفعية.
ويؤخذ على موضوع دراسة وتفسير السلوك الإنساني انه ـ أي السلوك الإنساني- بحر واسع ليس له حدود، وغير صحيح القول أن العلاقات العامة تدرس النشاط الإنساني كله.
وهناك وجهة نظر أخرى تعتبر أن العلاقات العامة هي علم وفن أو مهارة، فها هو ركس هارلو وبلاك R.Harlow & Black، وكذلك موسوعة المعارف الأمريكية يشيران إلى أن العلاقات العامة هي علم وفن، فهي علم من ناحية أنها تستند إلى علم الاجتماع الإنساني، وهي علم من حيث أنها تتبع الأسلوب العلمي في البحث والتشخيص. وهى فن إذا نظرنا إليها من الناحية التطبيقية، أي من الناحية التنفيذية، كما يدخل في تشكيلها جوانب ذاتية، حيث أن أساليب تطبيق مبادئ هذا العلم تختلف من أخصائي إلى أخصائي آخر، متأثرة بمنهجه واستعداداته وطريقة إعداده.
ومن حيث البناء اللفظي فان كلمة(علاقات) تعني عملية الصلة والاتصالات والارتباطات التي تتوفر بين هيئة أو مؤسسة والجماهير المتعاملة معها.أما كلمة(عامة) فتعني كل جماعة أو شريحة من المجتمع تكون المنظمة على علاقة بها، وكل جمهور العاملين أو العملاء، أو الموردين، أو حملة الأسهم أو الممولين، أو الهيئات الحكومية.
ولسنا بحاجة إلى أن نشير إلى أن بعض الجماهير التي تدخل في نطاق علاقات هيئة واحدة، قد تكون متعارضة المصالح، وبالتالي فإن مشاكل العلاقات العامة بالنسبة لهيئة أو إدارة تبدأ بالتعرف على الجماهير المختلفة وفهمها وإدراك توقعاتها، والعمل على استمرار الصلات بينها وبين الهيئة في حالة طيبة.
ويرى بعض الكتاب أن العلاقات العامة الطيبة يمكن التعبير عنها بالمعادلة الآتية:
(( الأداء الحسن + الأخبار الصادقة = علاقات عامة طيبة))

وجملة القول فإنه يمكن استخلاص النقاط الآتية من تعريفات العلاقات العامة:
1_ العلاقات العامة علم يستعين بالأسلوب العلمي، ويستند إلى النظريات العلمية والخبرات المقننة والتجارب المدروسة.
2- العلاقات العامة فن، بمعنى أنها تعتمد تطبيقات العلوم الاجتماعية، وتعتمد على مهارات خاصة في تطبيق النظريات المختلفة، واستعدادات فردية تختلف من متخصص لآخر.
3- تحتاج العلاقات العامة إلى متخصصين على مستويات مختلفة، يتخرجون من خلال معاهد وكليات متخصصة، فهم يقومون بتحديد وتقييم الرأي العام من الزاوية التي تهم المنظمة وتتعلق بها، كما أنهم يقدمون النصح والمشورة إلى المديرين بالنسبة لطرق التعامل مع الرأي العام.
4- تعد العلاقات العامة وسيلة لتدريب وإعداد الجماهير لتقبل أفكار وآراء جديدة أو للقيام بمسئوليات مطلوبة.
5- تتضمن العلاقات العامة التفاهم بين المؤسسات وجماهيرها، وتعمل على الترابط وتحقيق التعاون بينها.
6- تستخدم العلاقات العامة أدوات الاتصال والإعلام والبحوث العلمية لتحقيق أغراضها.
7- أصبحت العلاقات العامة ضرورية، ولابد من وجودها في جميع المؤسسات، على كل المستويات، فهي تدخل في مجال التجارة والصناعة والإدارة والتعليم والصحة والجيش غيرها، كما توجد في المجتمعات المتقدمة والنامية، على السواء، وبين الجماهير في مختلف المجتمعات.

ثانياً: فلسفة العلاقات العامة
ـــــــــــــــــــــ
العلاقات العامة متعددة بتعدد أوجه النشاط الإنساني، وتعدد الجماهير أو الجماعات الصغيرة في المجتمع الإنساني، فهناك العلاقات العامة الحكومية، والتجارية، والصناعية، والعسكرية، والسياسية، ولكن كل هذه الأنواع والأقسام تجمعها فلسفة ومبادئ عامة واحدة، وتستند إلى أصول فنية واحدة، وليست في حقيقتها إلا تطبيقا للقواعد العامة للعلاقات العامة، مع مراعاة الظروف والأحوال في المجال الذي تطبق فيه، فالوسائل التي تتبع في العلاقات العامة واحدة، والأدوات واحدة، كوسائل الاتصال بالجماهير، وهي وكالات الأنباء والصحافة والإذاعة والتلفزيون والسينما، أو غير ذلك من الوسائل الأخرى كالاتصالات الشخصية، وهي جميعا تعمل على بلورة الأفكار وتقريب الأذهان. والعلاقات العامة بجميع أقسامها تقف على اتجاهات الجمهور وتدرس نفسية وطرق التأثير فيه، وقيادة الرأي العام وطرق التعامل معه، وكسب ثقته، أما ما هو مثار اختلاف، فهو الجمهور الذي تتجه إليه العلاقات العامة.
وتستند فلسفة العلاقات العامة على مجموعة من المبادئ والحقائق هي :
1- ترتكز فلسفة العلاقات العامة على حقيقية علمية مؤداها أن الإنسان كائن اجتماعي بطبيعته، لا يمكن أن يعيش بمعزل عن الآخرين، وقد اثبت الكثير من البحوث العلمية أن الإنسان يعجز عن إشباع جميع حاجاته الكثيرة البيولوجية والنفسية بنفسه، أما الاحتياجات الاجتماعية فلا تقوم أساساً بدون وجود الإنسان مع آخرين من البشر، وهكذا تنشأ علاقات مختلفة مع غيره من الناس، هو في أشد الحاجة إليها لإشباع احتياجاته المختلفة المتجددة.
2- إن الإنسان كائن اجتماعي متفرد ومتغير من وقت لآخر، ورغم انه يتشابه مع غيره من بني البشر، إلا انه توجد اختلافات في جميع الاتصالات مع بني الإنسان.
3- إن الإنسان كائن اجتماعي يتعامل مع غيره ومع المواقف اجتماعية، بمعنى انه يؤثر ويتأثر بالمواقف الاجتماعية، ولهذا فان انعدام الاتصال المباشر بين الطرفين أو توقفه يؤدي إلى انعدام عنصر الايجابية الذي يعتبر أساس ديناميكية العلاقات العامة، كذالك فان رد الفعل أو الاستجابة التي يظهرها العملاء يؤثر تأثيراً عميقاً في برامج المؤسسة وفى سياستها، بل وفي أسلوب العمل.
4- إن الإنسان يتميز بالعقل والتعقل، ومعنى هذا أن الاقتناع يرتفع به إلى مستوى الإنسان، بينما تهبط به السيطرة والأمر والضغط والإرهاب والقسر إلى مستوى الآلة، مما يقتضي احترام آدمية الإنسان ومحاولة إقناعه حتى يوضع الإنسان في مكانته الحقيقية.
5- ترتكز العلاقات العامة على الجانب الإنساني. فالإنسان هو الذي يرتكز عليه برنامج العلاقات العامة وخطة الإعلام، سواء كان عضواً في جماعة أو مواطنا في المجتمع ككل. فمن غير المنطقي أن تبدأ المؤسسة أو المنشأة بتحسين علاقاتها مع الجمهور الخارجي، وعلاقاتها مع جمهورها الداخلي على غير ما يرام، فيجب أولاً خلق روح الجماعة والتعاون بين أفراد المؤسسة، على اختلاف مستوياتهم الإدارية، ثم بعد ذلك تبدأ في تنمية توطيد العلاقات الحسنة بين المؤسسة وجمهورها الخارجي، مما يساعد على كسب تقدير الرأي العام الخارجي، وزيادة فرص نجاح المؤسسة، ويتحقق ذلك بتوفير البرامج الاجتماعية والترفيهية المناسبة لهم، وتحسين ظروف العمل للعاملين، والسعي لتدريبهم، وإشراكهم في الإدارة وإتاحة الفرص أمامهم للخلق والابتكار.
6- ترتكز العلاقات العامة على ركائز اجتماعية، ولذلك يجب أن تضع كل هيئة أهدافها، بحيث تتوافق مع الظروف المجتمع وأهدافه العامة، واحترام رأي الجماهير، وتقوم العلاقات العامة بتدريب جماهير المؤسسات الداخلية والخارجية على تحمل المسئولية الاجتماعية، فهي عن طريق تبصيرهم بإمكانيات المؤسسات ومجهودها والصفات التي تواجهها تستطيع أن تساعدهم على تحمل مسئولية السياسة العامة للمؤسسة. كما تقوم الهيئة بتبصير جمهور المتعاملين معها بالخدمات التي تؤديها، وتشرح لهم كيفية تنفيذ القوانين، وتوضح مسئولياتهم حيالها، وتحديد مدى المساهمة التي يمكن أن يقدمها المواطن للارتفاع بمستوى الخدمات العامة ومستوى تنفيذها، وتبرز أهمية تعاون الجمهور معها لتحقيق الصالح العام، ومن هنا يظهر عنصر التماسك بين جماهير المنظمة الداخلية والخارجية. وبهذا تكون للعلاقات العامة أهداف اجتماعية يمكن تحقيقها عن طريق برامج العلاقات العامة.
7- يكوّن الناس اتجاهاتهم وآرائهم بصدد مختلف الأمور، كما أنهم يكوّنون هذه الآراء و تلك الاتجاهات، سواء بذلت هيئة ما محاولات للمساعدة في تكوين هذه الاتجاهات والأفكار أو لم تبذل، وقد يتبنى الناس اتجاهات خاطئة، أو يكون لهم ميول متعارضة، ولذلك فمن الضروري أن تحاول المؤسسات والهيئات العمل على تكوين رأي عام سليم، و تحويل الميول المتعارضة إلى ميول مشتركة، و ذلك عن طريق عمليات الإخبار الصادقة والهادفة، وتظهر أهمية هذا التوفيق في أوقات الأزمات والكوارث و الحروب، حين ينهض مجموع المواطنين بواجبهم إزاء مجتمعهم.
8- وتبدو أهمية الجانب السياسي للعلاقات العامة في الحكومة، وتظهر هذه الصفة السياسية في سعي العلاقات العامة إلى إثارة اهتمام المواطنين بشؤون بلدهم عن طريق شرح الأهداف والاتجاهات العامة للدولة وخططها التنموية، ومن ناحية أخرى تهدف العملية الإخبارية في العلاقات العامة إلى وضع الحقائق والبيانات عن النشاط الحكومي أمام نظر الجمهور، ومما يساعد على توجيه وتكوين رأي عام حقيقي أساسه المناقشة المستنيرة القائمة على المعلومات الصحيحة، وهذا يحقق نوعا من الرقابة الشعبية على أعمال ونشاط الأجهزة الحكومية بما يتماشى مع المبادئ الديمقراطية، ولا يدع مجالاً للسيطرة أو الدكتاتورية، مما يتيح الفرص للابتكار الشخصي، وبعض المقترحات التي تظهرها الخبرة والتعامل مع الأفراد والجماهير، فالمديرون لا يستطيعون أن يفرضوا سياستهم الذاتية دون إشراك هيئة الإدارة والأخصائيين في العلاقات العامة معهم في تحمل المسؤولية.
9- تستند العلاقات العامة إلى الجانب الأخلاقي، فهي تسعى إلى تنمية إيمان الجمهور برسالة الهيئة أو المؤسسة، وتهدف إلى تنمية الثقة والاحترام، إذ كثيراً ما يقع أخصائي العلاقات العامة غير المدرب في أخطاء جسيمة، يترتب عليها إحساس العملاء أن مؤسستهم لا تعطيهم العناية الكافية، ولا تهيئ لهم أسباب احترام الذات، وهذا ما يحطم برامج العلاقات العامة ويؤدي إلى انعدام الثقة الضرورية لإنجاح هذا البرنامج، ومن أجل هذا يجب أن تتسم أعمال المؤسسة بالصدق سواء من ناحية الشكل أو الجوهر، ونقصد بالصدق من ناحية الشكل أن تكون المقومات الظاهرة لأساليب الاتصال الفردي والجماهيري من النوع الذي يدعو بطبيعته إلى الثقة. أما من ناحية الجوهر فينبغي أن يكون المضمون مستنداً على حقائق تدعمها الوثائق و البحوث والدراسات التجريبية والرقمية. كما يجب أن تتسم أعمال المؤسسة بالأمانة، وان تتفق أعمالها مع أقوالها، كما يجب أن يلتزم العاملون في العلاقات العامة بالقيم الأخلاقية في جميع تصرفاتهم، وأن يبتعدوا في برامجهم عن الغش و الخداع والتضليل و الدعاية الكاذبة.
10- تستند العلاقات العامة إلى مبدأ التنظيم. و التنظيم هو السير وفقاً لنظام معين، فالهيئة أو المؤسسة يجب عليها أن تتعاون مع الهيئات الأخرى، و من هنا نشأت الحاجة إلى تنظيم الاتصال بين الهيئات، للاتفاق على أسس التعاون بينها لا سيّما في برامج العلاقات العامة.
ولاشك أن السعي لإفهام الناس فكرة معينة أو تعريفهم بمؤسسة أو بشركة أو بفرد يحتاج إلى تنظيم، وإذا أريد للتنظيم أن يصيب توفيقا، وجب وضع خطة تقوم على تقدير الهدف والموارد، و لكي نضع خطة للتنظيم لابد من تعريف طابع الجهد الذي لأجله ينشأ هذا التنظيم، هل يكون هذا الجهد طويل المدى أو قصيره، كما ينبغي مراعاة المدى الجغرافي لذلك التنظيم، وتعيين الجمهور الذي يراد توجيه الخطاب إليه. ولا بد للتنظيم أن يشمل الوسائل المادية الصالحة لأداء العمل أداءً ناجحاً. ثم يأتي دور تمويل التنظيم الذي هو على الدوام مشكلة لا تبعث على الرضى، فالميزانية ينبغي أن، تكفي لتهيئة جميع الموارد والقوى البشرية في الخطة المرسومة. ويأتي دور المعدات لأنها لازمة لتنظيم العلاقات العامة، فوسائل الاتصال العصرية الممتازة لا تعمل بدون الآلات اللازمة، فإذا أريد مخاطبة الذهن البشري، لا بد أن يتم ذلك بواسطة بعض الوسائل الآلية، كالكلمة المطبوعة أو الكلمة المنقولة التي تنتقل سلكياً أو عبر موجات الأثير، التي تتفاوت بين صورة تظهر على شاشة يستعان بها للوصول إلى الرأي العام، على شكل حديث أو تمثيلية أو فلم..إلخ.
11-إتباع طريقة البحث العلمي: من المبادئ الأساسية للعلاقات العامة إتباع طريقة البحث العلمي في حل أي مشكلة من مشكلاتها. فطريقة البحث العلمي مبنية على المنطق، وتحاول الوصول إلى مبادئ عامة عن طريق التحليل الدقيق، والبعيد عن كل تحيز. وتبدأ طريقة البحث العلمي بتعريف المشكلة تعريفا دقيقا، فمتى عرفنا المشكلة حددنا سبل جمع البيانات التي تفيد في حلها، و يلي تعريف المشكلة تحديد الهدف من البحث الذي سنقوم به، ثم تحديد محور البحث من حيث المكان والزمان، ثم جمع المعلومات المتعلقة بالمشكلة، وهذه إما أن تكون في حيازة المنشاة، أو من الممكن الحصول عليها من هيئات أخرى حكومية أو غير حكومية، ثم طريقة الاستقصاء الميداني. والخطوة الأخيرة هي تبويب النتائج واختبار صحتها، ثم تحليلها واتخاذ قرار بشأنها. وإذا اتبعنا طريقة البحث العلمي سالفة الذكر أمكننا الوصول إلى قرار سليم مبني على معطيات الواقع.
ثالثاً: أهمية العلاقات العامة

تبرز أهمية العلاقات العامة في أن المنشآت الصناعية تنتج العديد من السلع التي تهدف إلى إيصالها إلى أيدي المشترين والمستثمرين، وهي في ذلك ترتبط بالموردين والمنشآت الأخرى، التي تتعاون معها، وتمدها باحتياجاتها المختلفة، بالإضافة إلى احتياج جمهورها الداخلي، الذي يتمثل في الموظفين والعمال، إلى من يربطهم بالمنشأة وأهدافها ويحببهم فيها، ويزيد من إخلاصهم وولائهم لها.
وتبدو أهمية العلاقات العامة في أن المنشأة تسعى دائما إلى تنمية هذه الاتصالات وتكوين الآراء حول السلع التي تنتجها المؤسسة، وإذا لم تكن إدارة العلاقات العامة في المنشآت الصناعية على مستوى علمي عال من الخبرة والكفاءة فلاشك أن علاقاتها مع جمهورها الداخلي والخارجي سوف تتأثر بذلك، وقد يحدث أن تواجه المنشأة بمواقف سيئة وصعبة تحتاج إلى القدرة واللباقة و الحكمة في معالجتها، حتى لا يظهر أي رأي مضاد، أو كراهية للمنشأة و منتجاتها، وبخاصة في مجالات المنافسة، والتي يسعى فيها المتنافسون إلى إطلاق الشائعات والتشويش ضد المنشآت الأخرى، وهنا تبرز أهمية العلاقات العامة في مواجهة هذه الصعوبات.
وتبدو أهمية العلاقات العامة كذلك في المنشآت الخدمية، فقد تكون الخدمة التي تقدمها غير ضرورية بالنسبة للفرد، أو قد تكون هناك بدائل لها، مما يصعّب من دور العلاقات العامة. فإذا ما أهملت شركة طيران – مثلا- الاهتمام بعملائها، وعجزت عن تقديم الخدمات على الوجه المرضي، أو عدم قيام طائرتها بالإقلاع في مواعيدها المحددة، فلا شك أن المسافرين سوف يتوجهون نحو شركات الطيران الأخرى، التي تقدم أحسن الخدمات بنفس التكلفة، بل وربما اقل.
وتتضح أهمية العلاقات العامة في مجال المنظمات الحكومية، حيث تقوم بدور مهم في تحسين العلاقات بين الحكومة أو الوزارة والجمهور، فعن طريقها ينمو الشعور بالمسئولية لدى المواطنين، وبالتالي تحويلهم إلى جمهور ايجابي متعاون مع الحكومة. ولقد نمت العلاقات العامة وتطورت كمفهوم إداري، وكوظيفة حيوية في المنظمات الحكومية، في الدول المتقدمة، خلال الثلاثين عاماً الماضية.
وتظهر أهمية العلاقات العامة في أنها تؤدى وظيفة مهمة وحيوية للإدارة العامة، إذ أصبح من واجب الإداريين أن يخبروا الجماهير بسياستهم، ويجسّوا نبض الرأي العام قبل هذه السياسات، ومن حقهم أيضا أن يردّوا على النقاد ويبرروا تصرفاتهم التي تشغل الرأي العام.
وقد ظهرت الحاجة إلى العلاقات العامة على اثر التغيير الكبير الذي حدث في المجتمعات الحديثة، فقد تميز المجتمع الحديث بتغيرات واسعة في شكله وتكوينه وطبيعته من النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ولعل أهم هذه التغيرات:
1- ازدياد كبير في قوة ونفوذ الرأي العام خاصة في المجتمعات الديمقراطية، وهذا التطور في تزايد مستمر من عام إلى آخر، فحتى تستمر الحكومات في الحكم لابد من أن تبذل محاولات لكسب ود الجماهير الشعبية. وتأييد الجمهور للحكومة وثقته فيها ومحبته لها عامل أساسي لنجاح الحكومة، وتحاول الحكومة المساهمة في تكوين رأي عام سليم واعي، عن طريق عمليات الإخبار الصادقة، الهادفة إلى تعليم الجمهور الطرق السليمة للحصول على الخدمات التي تؤديها الأجهزة الحكومية. وبذلك تسعى الوزارات والمصالح والهيئات الحكومية المختلفة إلى تحقيق التفاهم بينها وبين الجماهير المتعاملة معها. فضلاً عن ذلك، فقد ظهرت قوى مختلفة، تحاول كل منها جذب الرأي العام لها مثل النقابات المهنية المختلفة، والاتحادات والفرق التجارية والجمعيات التعأونية وغيرها. لذلك كان لابد من الاهتمام بالرأي العام، ودراسته والتعرف على خصائصه وتوجيهه الوجهة الصحيحة، مما فيه صالحه وصالح المجتمع ومنظماته، كذلك الحال بالنسبة للمؤسسات، فحتى تنجح في أعمالها لابد أن تكون على اتصال دائم بالجماهير التي تتعامل معها والمجتمع الذي تباشر فيه نشاطها.
2- توسع حجم المؤسسات الصناعية والتجارية وازدياد التنافس بينها، فأصبح وجود الشركات الضخمة، ذات التجهيزات الآلية الكبيرة، التي يعمل عليها آلاف العمال، وتنتج إنتاجا ضخما من السلع، وتتعامل مع الملايين من البشر في بقاع العالم المختلفة، من مظاهر المجتمع الحديث. هذه التغيرات في حجم المؤسسات جعلها في حاجة ماسة إلى أن تحقق اتصالات سليمة بهذه الأعداد الكبيرة من الجماهير المختلفة، وان تنظم برنامجا وترسم خططا، تسير في ضوئها، في مجال العلاقات العامة.
3- في ظل هذا التحول الصناعي والتجاري الضخم، نظم العمال أنفسهم في نقابات واتحادات تجمع كلمتهم وتدافع عن مصالحهم، وأصبحت هذه النقابات في الأمم الصناعية المتحدث الرسمي باسم العمال، وأصبح لها من القوة والنفوذ ما جعل أصحاب الأعمال يخشون بطشها ويقبلون مراضاتها. وتتبع النقابات لتحقيق مطالب العمال طريقين، أولا: طريق الضغط على أصحاب الأعمال مستخدمين في ذلك الإضراب، ثانيا : طريق الإقناع – أي إقناع الرأي العام حتى يلمس أفراده عدالة قضيتهم، فينضم إلى صفوفهم، و يضغط بدوره على أصحاب الأعمال والشركات لتحقيق مطالب العمال. و في هذه الحالة لابد لأصحاب الأعمال والشركات من مواجهة ضغط النقابات بضغط مماثل، ومقاومتها بنفس السلاح الذي شهرته في وجهها، وهو اكتساب الرأي العام، ولاشك أن الغلبة في النهاية ستكون لمن يفوز بثقة الرأي العام، وهكذا تبدو أهمية ودور العلاقات العامة.
4- التحول الذي حدث في المجتمعات، من اعتماد اقتصادها على الزراعة إلى الاعتماد على الصناعة، صاحبه تحول أيضا في السكان أنفسهم، فانخفضت نسبة سكان الريف، وارتفعت نسبة سكان الحضر والمدن، وأصبح هذا التحول يحتاج إلى جهود إعلامية ضخمة لمواجهة التغير الاجتماعي والعمل على استقرار المجتمع و تحقيق مصالحه.
5- تطورت وسائل الإعلام و النشر تطوراً ضخما، نتيجة للتقدم الفكري والفني والتقني الكبير، فهناك تطور تقني في الطباعة، وفي إخراج الصحف و المجلات، كما ظهرت وسائل إعلام لم تكن معروفة فيما مضى، كالأفلام السينمائية والراديو و التلفزيون، مما سهل من مهمة العلاقات العامة في الاتصال بالجماهير المختلفة، واستخدام الوسائل الملائمة مع الجماهير المتنوعة، وفي الأوقات المناسبة.

رابعًا:أهداف العلاقات العامة

تمارس معظم الهيئات و المنظمات أعمال العلاقات العامة سواء توفر لديها إدارة أو قسم للعلاقات العامة أم لم يتوفر، وسواء أعدت برامج للعلاقات العامة أم لم تعد. و حتى في حياتنا الشخصية يعمل الفرد على تحسين علاقاته مع الآخرين باستمرار.
ولا تقتصر العلاقات العامة على نوع واحد من النشاط، بل أن مجالها يتبع لكافة أنواع النشاط الخاص والعام في جميع الميادين، زراعية وتجارية وصناعية، وتشمل علاقات العمل وتحسين ظروفه و رفع الكفاية الإنتاجية للعاملين، والتعليم، والانسجام مع المظاهر الهامة للإدارة الصناعية، والاهتمام بالعامل كانسان له حاجاته المادية و الصحية و الثقافية و الترفيهية و الاجتماعية و النفسية.
و تعمل العلاقات العامة على تحقيق عدد من الأهداف، فكل حملة من حملات الإعلام ينبغي أن ترتكز على سلسلة متكاملة من الأهداف والأغراض توضع سلفا، فيتحقق هدف وراء هدف في سلسلة مرتبة، والنتيجة العامة هي تحقيق الأهداف جميعا، وفي النهاية بلوغ الهدف الشامل. وإذا لم تحدد هذه السلسلة من الأهداف سلفا، فان النتيجة ستكون ضياع الوقت والجهد والمال، و بالتالي الفشل الذريع.
ولما كان من المألوف أن تتضارب مصالح الجماهير، فمن الواضح إذن إن أي هدف يرجى بلوغه، إنما ينبغي أن يكون وسطا بين هذه المصالح المتضاربة. وينبغي كذلك تعيين الأهداف في ضوء الاتجاهات الاقتصادية والاجتماعية العريضة السائدة بين الرأي العام. كما ينبغي ان تكون تلك الأهداف معقولة من حيث الجهد و المال والموظفين الذين يسعون إلى تحقيقها. و لعامل الوقت اثر كبير في تعيين أهداف العلاقات العامة. و من الأمثلة على ذلك تنظيم حملة لجمع التبرعات، و نظراً لضيق الوقت تبسط الأهداف، فكلما قصر الوقت تعين تبسيط الأهداف المباشرة.
و يمكن تلخيص تلك الأهداف في الآتي :
1- تهدف العلاقات العامة إلى توعية الجماهير بالأهداف العامل للدولة، وتعليم الجمهور عن السياسة العامة، ومسؤوليته في تنفيذها. كما تهدف المنظمات إلى التوعية بأهدافها، وأسلوب وعمل ونوع نشاطها وخططها للجماهير. كما تسهل التنسيق بين مجهودات الأفراد، فعندما يعرف كل شخص في المجموعة الأهداف المطلوب الوصول إليها، فإنهم يعملون متعاونين في الوصول إليها. وتُعد الأهداف مقياس للتقويم و الرقابة، طالما إنها تحدد المطلوب عمله. و تؤدي أيضا إلى عمليات تعديل استراتيجيات المنظمة، وهكذا فإن انعدام الهدف أو عدم وضوحه و تحديده يعتبر أحد العوامل الأساسية التي تفشل كثيراً من الجهود في هذا المجال. ومن هذه الأهداف ما يأتي:
أ- أن تكون الشركة رائدة في صناعة ما في بعض الأسواق الممتازة.
ب- أن تجعل المستهلك يشعر برضا مستمر و متزايد في الأسواق الحالية والجديدة.
ج- أن تنتج ربحاً مناسبا، بحيث تستطيع أن تدفع عائداً معقولاً لحملة الأسهم، وان توفر الموارد اللازمة للتوسع واستقرار الشركة في المستقبل.
د- أن تعتبر الشركة أو المنظمة عنصراً إيجابياً وصالحاً في المجتمع الذي تعمل فيه، وتزيد إحساسها بالمسئولية الاجتماعية تجاه الجماهير المختلفة، والمجتمع بصفة عامة.
هـ – تحقيق السمعة الطيبة للمنظمة وتدعيم صورتها الذهنية.

2ـ تهدف العلاقات العامة إلى إقامة علاقات طيبة، وزيادة فرص التفاهم المتبادل والتوافق والانسجام بين المنظمة والجماهير، سواء كان هذا (الجهور داخليا) كالعاملين بالمنظمة حتى يشعرون بالرضا والارتياح، وترتفع الروح المعنوية بينهم، فيرتفع إنتاجهم، وينمو إحساسهم بالانتماء، ويتأتى ذلك عن طريق تنفيذ برنامج كبير للتثقيف والإرشاد، وآخر للتدريب على الأعمال الجديدة، وتحسين ظروف العمل، ووضع نظام عادل منصف مناسب للتعويض، والتثبت من أن الأجور وغيرها من مزايا العمل، تتناسب مع متوسط الأجور الصناعية أو تفوقها، وإفهامهم حقيقة ما يدور حولهم، وتعرفهم لماذا يجلس هذا الموظف في مكتب فخم بينما يجلس آخر في مكتب اقل فخامة. ولماذا يرتدي العمال هذا النوع من الملابس دون غيره. وعموما فان العمال ينبغي أن يتمتعوا بظروف عمل صحية ووسائل للراحة، ولابد من أن تحترم آرائهم ومقترحاتهم. والوصول إلى الجمهور الداخلي ليس أمراً صعبا، حيث إن علاقات العمل توفر اتصالاً يومياً، بالإضافة إلى تشجيع الأنشطة الثقافية والاجتماعية والصلات والأنشطة الرياضية، وحل للمشكلات الخاصة بالعاملين، ويبدأ هذا الاتصال من الإدارة العليا. ويمكن أن يكون الاتصال على كافة المستويات الإدارية في المنظمات الكبيرة والصغيرة، على السواء، ويتمثل (الجمهور الخارجي) في اتحادات العمال والمستهلكين والموردين والموزعين، والبنوك ومنافذ البيع والتصريف، وكذلك أفراد المجتمع حيث من الممكن إقامة المستشفيات و المدارس و المساجد. و يمتد التوافق إلى علاقاتها بالمنظمات الأخرى، حتى تعتمد العلاقات بين المنظمات على المنافسة الشريفة، و عدم هدم جهود المنظمات الأخرى، و تؤدي برامج العلاقات العامة دورا كبيرا في التوفيق بين الميول المتباينة للأفراد والجماعات، وتعمل على تعديل الاتجاهات السلبية لدى الجماهير إلى اتجاهات إيجابية بناءة، كما أنها تنقل أفكار و آراء الجماهير و اتجاهاتها نحو المنظمة إلى الإدارة، و تقوم بنصحها و إرشادها حتى تتمكن من تعديل سياسة المنظمة و خططها بما يتناسب مع ما تتوقعه الجماهير من هذه المنظمة. و يمتد التوافق و الانسجام الذي تسعى إليه العلاقات العامة إلى علاقتها مع أجهزة الإعلام.
3- تسعى العلاقات العامة إلى القيام بالأعمال المتنوعة التي تقوم بها الإدارات الأخرى ومساعدتها. فهي تقوم مثلا بمساعدة إدارة العلاقات الصناعية باجتذاب الممتازين من الموظفين و العمال. وهي تشجع الاتصال بين المستويات العليا في الإدارة والمستويات الدنيا، وبالعكس. وهي تساعد إدارة المبيعات في ترويج منتجات المنظمة، سواء المنتجات الحالية أو الجديدة.
4- تهدف العلاقات العامة إلى رفع الكفاية الإنتاجية بتوفير العامل المادي والمعنوي، وزيادة الفوائد التي تعود على أصحاب الشركة وعمالها ومستهلكي منتجاتها والجماعات التي تعمل فيها، وذلك عن طريق وضع برنامج لتحسين المصانع والمنتجات، والاستغناء عن الآلات البالية وتنفيذ برنامج لتركيب احدث أنواع الآلات، وكذلك العمل على إنتاج السلع الجديدة في اقرب موعد يتناسب مع الانتهاء من الاختبارات اللازمة، وإعادة تنظيم الأعمال المكتبية، و زيادة منافذ التوزيع.
5- تهدف العلاقات العامة إلى إقامة علاقات ودية مع المساهمين، وهؤلاء ينحصر اهتمامهم في تأمين استثماراتهم والوقوف على أحدث تطورات الإنتاج والمشروعات التوسعية والأسواق الجديدة، ومن ثم ينبغي إحاطتهم علماً بجميع خطط الشركة ومشروعاتها، مع تعليلها وتبيان ما ينتظر أن يعود عليهم من منفعة، من حيث ضمان أموالهم المستثمرة، ومن حيث فائدة كافية لرأس المال.
ويمكن التعرف على رغبات المساهمين بوسائل متعددة، فمثلاً اجتماعات الجمعيات العمومية تهيئ للشركة فرصة طيبة للتحدث مع المساهمين والإلمام بوجهة نظرهم، كذلك من المخاطبات التي يرسلها المساهمون لإدارة الشركة يمكن معرفة كثير من الرغبات، والآراء، وقد تلجأ بعض الشركات لعمل استقصاء لآراء المساهمين ورغباتهم عن طريق إرسال قائمة بالبريد تحتوي على عدد من الأسئلة للإجابة عليها، أو يمكن توجيه هذه الأسئلة بواسطة مندوبي قسم العلاقات العامة، عن طريق مقابلات شخصية، ولا يعني ذلك مقابلة كل المساهمين، بل يكفي اخذ عينة ممثلة لهم.
6ـ تهتم العلاقات العامة بتلقي رغبات الموزعين وملاحظاتهم ومقترحاتهم خاصة فيما يتعلق بطريقة التعبئة أو التغليف أو الوزن أو طريقة التشكيل والعرض، والموزعون هم حلقة الاتصال بين المؤسسة والعميل، وهم كل من يتعامل مع السلعة، من وقت خروجها من المصنع إلى أن تصل إلى يد المستهلك. وكثيراً ما كانت قراراتهم واتجاهاتهم ذات اثر حاسم في مستقبل المؤسسة الصناعية، ومن ثم يقع على عاتقهم كسب ونجاح المؤسسة أو فشلها، ولهذا تحرص العلاقات العامة على تهيئة أساليب الاتصال المباشر بينهم وبين المؤسسة.
7ـ تهتم العلاقات العامة بإنشاء الصلات الطيبة بين المستهلكين والمؤسسة، وذلك لأن الترويج للمؤسسة يؤدي إلى الترويج للسلع. ولاشك أن المستهلك هو سيد السوق، فمن اجل المستهلك تنتج السلع، وبفضل المستهلك تدور عجلة الإنتاج، وبتشجيع المستهلك وإقباله على السلعة يعيش المنتج، ومن ثم لابد من الاستجابة إلى رغباته، فهو قوة رئيسية تؤثر في نجاح الشركات أو فشلها.
8 ـ تهدف العلاقات العامة إلى تنمية الشعور بالمسؤولية الاجتماعية والقومية لدى المواطنين، ومساعدتهم على تحمل المسؤولية في رسم السياسة العامة للمنظمة، وحل مشاكلها.

خامساً: وظائف العلاقات العامة
ــــــــــــــــــــــــ

عُرفت العلاقات العامة باعتبارها نشاط تقوم به المنظمات، بعد أن تقرر لها ميزانية خاصة بها، وقد لاقت فكرة تخصيص ميزانية لنشاط العلاقات العامة اعتراضات كثيرة عند الإدارة العليا ولكن من هم أخصائيو العلاقات العامة؟.. وماذا يفعلون؟.. وما هو عملهم؟.. فقد وصف كثير منهم بأنهم متحدثون لبقون، ويعدون الناس بالكثير، ولكنهم لا يفعلون إلا القليل، وهم يسعون في غالبية الأمر إلى الحصول على مكاسب شخصية، حتى ولو كان ذلك على حساب الشركة التي يعملون بها!.. وهذه كلها أوصاف لا تنسجم مع حقيقة العلاقات العامة.
وقد اقترحت المنظمات والمؤسسات إنشاء إدارات وأقسام للعلاقات العامة، بعد أن اكتشفوا أنها من هم أقسام المؤسسة، وأنها حيوية وذات تأثير فعال، وأنها يمكن أن تحل المشكلات التي تواجه المؤسسات.
وحتى المؤسسات التي ليس لديها قسم للعلاقات العامة، فإنها تلجا إلى مكاتب ومستشاري العلاقات العامة في خارج المؤسسة، وذلك نظير أجر، ومن هنا بدأت وظيفة ومسئوليات إدارات وأقسام العلاقات العامة.
وتبدو أهمية وضرورة تحديد وظائف وأنشطة العلاقات العامة في أن عدم تحديد هذه الوظائف يترتب عليه النظر إلى نشاط العلاقات العامة على انه عمل فرد في المنظمة، ولا يحتاج إلى أفراد متخصصين لأداء هذه الوظيفة، وإن كل من ينتمي إلى المنظمة يستطيع القيام بهذا العمل، ويمكن القول بأن المنشاة كلها يجب أن تكون موجهة بالعلاقات العامة، ولكن هذا لا يعني عدم وجود إدارة متخصصة تكون مسئولة عن تخطيط وتنفيذ أنشطة العلاقات العامة، كما يؤدى عدم تحديد نشاط العلاقات العامة إلى الخلط بينها وبين غيرها من الأنشطة الأخرى، مثل الإعلان والدعاية، مما يترتب عليه زيادة الصراعات بين إدارة العلاقات العامة والإدارات الأخرى مثل ( إدارة التسويق ) حول مدى أحقية كل إدارة في ممارسة النفوذ والرقابة على هذه الأنشطة.
وليس لقسم العلاقات العامة سلطة على بقية أقسام المنشاة، وبذلك لا يكون من سلطة مدير أو رئيس قسم العلاقات العامة إعطاء أوامر للأقسام الأخرى، فهو يرسل وجهة نظره إلى الأقسام المختلفة، في شكل مقترحات واستشارات، والجهة التي تصدر منها الأوامر الإدارية الخاصة بأعمال العلاقات العامة هي الإدارة العليا للمنشاة، ممثلة في عضو مجلس الإدارة أو أي شخص آخر يكلف بالإشراف على أعمال العلاقات العامة.
وفي الواقع فان نجاح إدارة العلاقات العامة في أعمالهما ووظائفها يستلزم الإلمام بالواجبات الأساسية التي تلقى على كاهلها. وفى الواقع تختلف مسئوليات هذه الإدارة من منظمة إلى أخرى، وذلك حسب طبيعة وحجم المنظمة والظروف المحيطة بها. وعموما تهتم إدارة العلاقات العامة بالبيئة أو المناخ الاجتماعي، ومن ثم فان العاملين في مجالها يجب أن يهتموا اهتماما كبيرا بالنظريات والاكتشافات التي سيخرجها علماء الاجتماع وعلماء الإدارة.
ويذهب العديد من الكتاب إلى أن هناك خمس وظائف أساسية للعلاقات العامة وهى: البحث، والتخطيط، والاتصال، والتنسيق، والتقويم.
1- البحث :
————–
تقوم العلاقات العامة بجمع وتحليل وبحث ودراسة اتجاهات الرأي العام لجماهير المؤسسة أو الهيئة، ومعرفة آرائهم واتجاهاتهم، حتى يمكن الحصول على حقائق صحيحة، فبالنسبة للجامعة مثلاً، يمكن معرفة اتجاهات الرأي بين الأساتذة والطلبة وأولياء الأمور. وفى الجيش يمكن معرفة الرأي بين الجنود والضباط وغيرهم من الفنيين. وفي الشركات والوزارات تدرس اتجاهات الرأي العام بين الموظفين والعمال. وبالإضافة إلى ذلك تقاس اتجاهات الرأي بين الجماهير الخارجية كالمساهمين والمستهلكين والتجار. وتدرس العلاقات العامة كذلك التطورات المستمرة التي تحدث في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وتقوم كذلك ببحث وتحليل وتلخيص جميع المسائل التي تهم الإدارة العليا ورفعها إليها. وتشمل الأبحاث أيضاً المبادئ الفنية للعلاقات العامة، وتحليل وسائل النشر كالصحافة والإذاعة والتلفزيون والسينما، وتقدير مدى نجاح الحملات الإعلامية التي تقدمها، وتحديد أي الوسائل الإعلامية أكثر فعالية، فضلاً عن البحوث التي تتناول التطور الذي يطرأ على العلاقات العامة، وتدرس كذلك آراء واتجاهات قادة الرأي في المناهج، كالمعلمين ورؤساء النقابات ورجال الأعمال وغيرهم.

2- التخطيط :
—————
يقوم جهاز العلاقات العامة برسم السياسة العامة للمؤسسة، ورسم السياسة والبرامج الخاصة بالعلاقات العامة في إطار السياسة العامة للمؤسسة وخططها، في ضوء البحوث والدراسات التي يقوم بها الجهاز، وذلك بتحديد الأهداف والجماهير المستهدفة، وتصميم البرامج الإعلامية، من حيث التوقيت وتوزيع الاختصاصات على الخبراء وتحديد الميزانية تحديدا دقيقا، مما يعاون في إدخال تعديلات على السياسة العامة للمؤسسة. بالإضافة إلى ذلك، فهي تقوم بشرح سياسات المنشأة للجمهور، أو أي تعديل أو تغيير بغية قبوله إياها، والتعاون معها.

3- الاتصال
————-
الاتصال يعني القيام بتنفيذ الخطط والاتصال بالجماهير المستهدفة، وتحديد الوسائل الإعلامية المناسبة لكل جمهور، وعقد المؤتمرات، وإنتاج الأفلام السينمائية والصور والشرائح، والاحتفاظ بمكتبة تضم البيانات التاريخية وإقامة الحفلات، وإعداد المهرجانات والمعارض والمباريات المختلفة، وتنظيم الندوات والمحاضرات، والأحاديث، والمناظرات.
ولجهاز العلاقات العامة وظيفة إدارية، فهو يقدم الخدمات لسائر الإدارات ومساعدتها على أداء وظائفها المتصلة بالجمهور، فهي مثلاً تساعد إدارة شئون العاملين في اختيار الموظفين والعمال وتدريبهم، والنظر في وسائل تشجيعهم وترقيتهم وحل مشاكلهم، وإعداد ما يلزم للعناية بصحتهم ورياضتهم وثقافتهم. كما تسهل العلاقات العامة لقسم المبيعات مهمة إقامة علاقات طيبة بالموزعين والمستهلكين، من خلال تعرفها على اتجاهات الجمهور نحو السلع أو الخدمات التي تنتجها أو تقدمها المؤسسة أو الهيئة إلى عملائها، وهي تسهل مهمة الإدارة القضائية، في عرض الحقائق المتصلة بالقضايا المختلفة على الرأي العام، وتشترك إدارة العلاقات العامة في إعداد التقارير السنوية عن المركز المالي للمؤسسة، وإخراجها في صورة جذابة، يفهمها المساهمون والمستهلكون وغيرهم، وكذلك تساعد إدارة المشتريات في إقامة علاقات طيبة بالمتعهدين، وغيرهم من مصادر الإنتاج.
وتعمل العلاقات العامة على تنمية العلاقات مع المؤسسات والجماعات الأخرى الموجودة في المجتمع، وذلك عن طريق النشاطات ذات الفائدة المشتركة، فإذا أريد أن يقام معرض ناجح للكتاب، فان المعرض ينظم بحيث يتلاقى مع رغبات أمناء المكتبات وأصحابها. كما تقوم العلاقات العامة بتعريف الجمهور بالمنشاة وتشرح السلعة أوالخدمة التي تنتجها، بلغة سهلة بغية اهتمام الجمهور بها.
وتسعى العلاقات العامة إلى إقامة علاقات طيبة مع قادة الرأي في المجتمع بوضع الحقائق أمامهم، سواء في مكتبة المنظمة أو مكتب الإعلام، أو الدوريات السنوية. كما تعمل على إقامة علاقات طيبة مع معاهد التدريب، حتى يتسنى تدريب موظفيها وعمالها في هذه المعاهد، وكذلك مد هذه المعاهد بمساعدات التعليم، والسماح لطلاب المعاهد بزيادة المنظمة.
وتساعد العلاقات العامة الجمهور على تكوين رأيه، وذلك بمده بكافة المعلومات ليكون رأيه مبنيا على أساس من الحقائق الصحيحة. كما تعمل على إحداث تغيير مقصود في اتجاهات الرأي العام وتحويله إلى صالح المؤسسة، وهى تمد المنشاة كذلك بكافة التطورات التي تحدث في الرأي العام.
4- التنسيق:
————-
تعمل العلاقات العامة على التنسيق بين الإدارات المختلفة لتحقيق التفاهم بينها، كما تعمل كحلقة اتصال وأداة تنسيق بين الموظفين والشخصيات المختلفة، وبين المستويات الدنيا والمستويات للعليا. كما تنسق بين إدارة التسويق والمستهلكين، وإدارة المشتريات والموردين والمؤسسة وحملة أسهمها.
5- التقويم:
———–
ويقصد به قياس النتائج الفعلية لبرامج العلاقات العامة، والقيام بالإجراءات الصحيحة لضمان فعالية البرامج وتحقيقها لأهدافها.

سادساً: بناء إدارة العلاقات العامة
ــــــــــــــــــــــــــــــ
من الصعب رسم نظام معين لإدارة العلاقات العامة في منشاة من المنشآت، فهذه تختلف من منشاة لأخرى حسب حجم المنشاة وطبيعة تعاملها ففي حال صغر حجم المؤسسة – مثلا – يقوم المدير بنفسه أو بواسطة معاون له ضمن العاملين في المؤسسة بأعمال العلاقات العامة، كما يختلف جهاز العلاقات العامة حسب مدى فهم للقائمين بالإدارة فيها لإعمال العلاقات العامة، ومن ثم يختلف البناء التنظيمي لإدارة العلاقات العامة من جهة إلى أخرى، فالوحدات التنظيمية التي تدخل في بناء إدارة علاقات عامة للقوات المسلحة قد تختلف عنها في وزارة الزراعة. والاختلاف هنا قد يكون ضرورة يستدعيها اختلاف الأهداف واختلاف الخطط واختلاف البرامج والجماهير، كذلك الأمر بالنسبة لتبعية العلاقات العامة، فقد تسند هذه المهمة إلى احد مديري الإدارات كإدارة الأفراد أو المبيعات أو إدارة الإعلانات، أو قد توزع المسئولية بينهم وفي بعض المنشآت الأخرى تجد أن هناك إدارة كاملة للعلاقات العامة يرأسها مدير يتبع عضو ومجلس الإدارة المنتدب مباشرة، وتشمل عدة أقسام من بحوث وتخطيط إلى تنسيق وإنتاج.
وتتصل أعمال العلاقات العامة اتصالا مباشرا بالأهداف والسياسة العامة التي تنتجها الإدارة، وعلى ذلك فان أعمال العلاقات العامة يجب أن توضح في التنظيم العام للمنشاة على مقربة من الإدارة العليا وتحت إشرافها المباشر، فيكون مدير العلاقات العامة مسئولا أمام رئيس مجلس الإدارة، وان يكون بالقرب من الأفراد الذين يشغلون المراكز ذات المسئولية الكبيرة في المؤسسة، حتى يمكنه أن يحقق أحسن نتائج، وان يكون على مستوى مديري الإدارات الأخرى.
ومن ناحية أخرى، فان تخصيص مدير أو قسم لإدارة أعمال العلاقات العامة لا يعني أن هذا الشخص أو هذا القسم هو الجهة الوحيدة التي تقوم بأعمال العلاقات العامة فحسب، ذلك أن العلاقات العامة عملية مستمرة يشترك فيها الجميع من المدير العام حتى عامل النظافة، ومن ثم فان على مدير العلاقات العامة أن يشجع ذوي المهارات الأدبية والفنية من غير العاملين بإدارة العلاقات العامة على المشاركة في بعض البرامج الخاصة بالعلاقات العامة. وما نقصده من تخصيص مدير أو قسم لإدارة أعمال العلاقات العامة هو وضع هذه الأعمال تحت إشراف الخبراء المتخصصين، لمساعدة بقية رؤساء الأقسام بالمنشأة في تحسين صلاتها مع فئات الجمهور المختلفة، أي أن قسم العلاقات العامة يعتبر من الأقسام الاستشارية.
وفي أغلب النماذج المقترحة لمكان العلاقات العامة في الخريطة التنظيمية، روعي أن يكون مديرها بالقرب من الأفراد الذين يشغلون المراكز ذات المسؤولية الكبيرة في المؤسسة، حتى يمكن أن يحقق أحسن نتائج.

سابعاً: صفات أخصائي العلاقات العامة

لكي يصبح المتخصص في العلاقات العامة صالحاً لأداء عمله يجب أن يتفهم الاتجاهات و التطورات التي تحدث في الرأي العام، كما يجب أن يكون على علم تام بسياسات الإدارة و مشكلاتها، وأن يؤمن إيمانا كاملا بعمله و رسالته التي يؤديها، متيقظا لما يدور حوله داخل المؤسسة وخارجها من أحداث، تتيح له طريق الاستفادة من كل فرصة لخدمة الجمهور وتحقيق مصالحه، سواء بنقل المعلومات إليه أو بالرد على ما يعين له من أسئلة، أو بالاستجابة لملاحظاته المعقولة، أو بأداء خدمة واقعية له. وهذه اليقظة أيضا تتيح له فرصة البحث السريع في العمل، وهي صفة أساسية لرجل العلاقات العامة، ففي دقائق يتطلب الأمر من رجل العلاقات العامة أن يبحث مثلا في مدى أثر نشر خبر في نفوس الجمهور أو في مشكلة تتعلق بفرد من أفراد، أو في اقتراح باتخاذ إجراء من الإجراءات، وهو بمقتضى هذا البحث السريع، سيتصرف على الفور دون تردد، ولهذا فان الظروف تدفعه دفعا إلى أن يحصل على أكبر قدر ممكن من الثقافة بكل ما حوله وبنفسية الجماهير و بوسائل التأثير فيها، وبالتنظيمات الإدارية والفنية التي تمكنه من أداء عمله على الوجه الأكمل، ونجاح المؤسسة التي يخدمها.
ولابد من توافر شروط في القائمين بأعباء العلاقات العامة، وتنقسم هذه الشروط إلى ما يأتي :
1- الشروط الموروثة
ــــــــــــــــ
وهي تتعلق بالدوافع الفطرية، التي تعد الأساس الأول للسلوك الإنساني. وتظهر هذه الدوافع بعد الولادة مباشرة، ولا تكون نتيجة خبرة أو تعلم أو تجربة، ولذلك ينبغي أن تكون شخصيته مكتملة، وأن يتميز بالنضج العاطفي والذاكرة القوية والعقل المنظم، ومن المرغوب أن يكون من يعمل في مجال العلاقات العامة مؤدبا، لبقا، سريع الخاطر، مخلصا حازما، شجاعا، مقداما، متفائلا، ويتميز بقوة غريزة الاستطلاع، وحب الاختلاط، وهذه كلها صفات من الواجب توافرها في المشتغل بالعلاقات العامة.

2- الشروط التعليمية:
ــــــــــــــ
يقصد بها توفر الحد الأدنى من المستوى التعليمي، والتعلم والتدريب الجامعي الذي يؤهل المتخصص في العلاقات العامة للعمل في هذا المجال. ولاشك أن التعليم الأكاديمي يساعد على نجاح رجل العلاقات العامة ويستحسن أن يكون الشخص قد حصل درجة جامعية في الإعلام أو التجارة أو الآداب أو القانون، وان يكون قد حصل على المواد الآتية: اللغات ـ الصحافة ـ علم النفس ـ علم الاجتماع ـ علم الأجناس ـ الفلسفة ـ المنطق ـ الإدارة العامة ـ القانون ـ الاقتصاد ـ إدارة وتنظيم المشروعات ـ التسويق ـ والإعلان ـ الإحصاء النظري التطبيقي ـ العلاقات العامة،وغيرها من المواد الدراسية.
3- الشروط المكتسبة
ـــــــــــــ
وتختلف هذه عن الدوافع الفطرية، في أن الإنسان لا يولد مزوداً بها، ولكنها تكون نتيجة لحياة الفرد في بيئة معينة وتأثره بها.
وتحقق كل من الشروط التعليمية و المكتسبة صفات يحتاج إليها المشتغل بالعلاقات العامة وهي: القدرة على الإدراك الواضح، وعلى التنظيم، والحكم العادل الموضوعي، والقدرة على تقدير المواقف والتنبؤ، وعلى مقاومة الضغوط والمرونة، والقدرة على التعامل في المشاكل المختلفة.
وتحقق الشروط الثلاثة السابق ذكرها أن يكون العامل في مجال العلاقات العامة اجتماعيا بطبعه، وعنده القدرة على الإقناع والإغراء، وعلى الكتابة والخطابة، وان يعترف بالخطأ إذا وقع فيه، ويرجع عنه.
وقد أجرى قسم وسائل الاتصال في جامعة جنوب داكواتا استفتاءاً لأخصائيي العلاقات العامة عن المهارات والصفات التي يجب أن يتصف بها رجل العلاقات العامة، وظهرت نتائج هذه الدراسة في مجلة (العلاقات العامة)، وجاء فيها أن ما يقرب من 90 % من المبحوثين أكدوا على أن القدرة على الكتابة هي أكثر المهارات أهمية. وذكر أحد المبحوثين انه في كل مرة يقوم فيها بعمل فانه ينتهي بكتابة كلمات على الورق، وقد يكون ذلك في شكل خطابات، وخطب، وقصص، ونشرات، وتقارير. وتأتي بعدها مهارة المعرفة بفن التصميمات المطبوعة والقدرة على تنفيذ مشروع من خلال تصور الفرد له ثم القيام بطبعه. وقد ذكر احد المديرين أن كثيرا من المشاريع يتأخر تنفيذها بسبب كثرة التكاليف، أو لأن من يقوم بها لا يعرف شيئا عن فن الكتابة والطباعة. وعليه يمكن القول أن العمل في مجال العلاقات العامة هو نوع من العمل الإعلامي، الذي يعتمد على القدرة على التحرير ومخاطبة الجمهور وإقناعه.
أما المهارات الأخرى فقد جاءت كما هو مبين وحسب أهميتها:
1- القدرة على التنظيم.
2- القدرة على الحديث.
3- القدرة على التعامل مع الناس.
4- معرفة بالأمور الاقتصادية والمالية.
5- تمييز الأخبار والقدرة على التعليق عليها.

ثامناً: مقارنة بين العلاقات العامة والنشاطات الأخرى
————————————————

1- الفرق بين العلاقات العامة والعلاقات الإنسانية:
——————————————–
يوجد اختلاف بين العلاقات العامة والعلاقات الإنسانية، فالعلاقات الإنسانية تركز على العنصر البشري والاعتبارات الإنسانية، وتهتم بالتكامل بين الأفراد في محيط العمل بالشكل الذي يدفعهم ويحفزهم إلى العمل بإنتاجية عالية وبتعاون، مع حصولهم على إشباع حاجاتهم الطبيعية والنفسية والاجتماعية.
وتعني مراعاة الاعتبارات الإنسانية في العمل أن تأخذ الإدارة في اعتبارها المطالب الأساسية للإنسان في الحياة.
ويرى (سكوتScott ) أن العلاقات الإنسانية تشير إلى عمليات حفز الأفراد في موقف معين، بشكل فعال يؤدي إلى الوصول إلى توازن في الأهداف يعطي المزيد من الإرضاء الإنساني، كما يساعد على تحقيق مطالب المشروع، أي تؤدي العلاقات الإنسانية إلى ارتفاع في الإنتاجية، وزيادة في الفعالية التنظيمية، وأفراد سعداء يشعرون بالرضا عن أعمالهم.
ويمكن أن نستخلص مما سبق ثلاثة أهداف رئيسية للعلاقات الإنسانية هي:
أ ـ أن تعمل على تنمية روح التعاون بين الأفراد والمجموعات في محيط العمل.
ب ـ أن تحفز الأفراد والمجموعات على الإنتاج.
ج ـ أن تمكن الأفراد من إشباع حاجاتهم الاقتصادية والنفسية والاجتماعية.
فإذا تمكنت الإدارة من تحقيق هذه الأهداف، فان النتيجة تكون نجاح المجهود الجماعي للأفراد في محيط العمل، ولذلك يمكن تعريف العلاقات الإنسانية باختصار بأنها تنمية مجهود جماعي منتج للمشروع ومنتج للأفراد في الوقت نفسه.

2- الفرق بين العلاقات العامة والشؤون العامة :
————————————————
يوجد خلط بين العلاقات العامة والشؤون العامة، فقد جرت بعض الهيئات على إنشاء أجهزة تقوم بنشاط العلاقات العامة، وتطلق عليها خطأ تسمية إدارة الشؤون العامة. والشؤون العامة تعنى موضوعات مختلفة تختلف باختلاف الناس، وهي تعنى الأمور التي تهم الرأي العام، مثل الأمور السياسية والحكومية، وانتخابات المجالس النيابية، وكذلك العلاقات مع المجتمع المحلي، ومشاكل الهجرة، والتوطن، وسياسة الأسعار وغيرها.
وفي حدود هذا المفهوم تدرس الجامعات بالخارج ضمن برامج (الشؤون العامةPublic Affairs) والمشاكل الدولية، والموضوعات الهامة المعاصرة، والعلوم السياسية والاقتصادية، والإدارة العامة.
وهكذا يبدو الاختلاف بين مفهوم (الشؤون)، ومفهوم ( العلاقات) التي تعني كما أوضحنا سلفا(الاتصالات).

3- الفرق بين العلاقات العامة والإعلام
———————————–
يُقصد بالأعلام نشر الحقائق والآراء والأفكار بين جماهير الهيئة والمؤسسة، سواء الجمهور الداخلي أو الخارجي للمؤسسة، ومن وسائل الإعلام الأساسية الصحافة والإذاعة والسينما والتلفزيون والمحاضرات والندوات. ولقد سبق أن رأينا أن أحد تعاريف العلاقات العامة يرى أنها إعلاماً وإقناعاً يقدم إلى الجمهور، ومجهودا يبذل من أجل تحقيق التوافق والتكامل بين اتجاهات وتصرفات كل من المنظمة وجمهورها. والحقيقة أن الإعلام يعتبر جزءا أساسيا وأداة مهمة من أدوات العلاقات العامة المختلفة في برامجها لتحقيق أهدافها.

4- الفرق بين العلاقات العامة والإعلان
—————————————
تستخدم حملات الإعلان العديد من وسائل الاتصال مستهدفة بذلك الوصول إلى أكبر عدد من المشترين للإعلان عن بيع بأقل الأسعار، وتختلف العلاقات العامة عن الإعلان من ناحية أن هذا الأخير يلجأ إلى شراء مساحة في دورية من الدوريات، أو جزء من الوقت في الإذاعة والتلفزيون، وذلك من اجل التعبير عن وجهة نظر أو الإعلان عن بيع المنتجات والخدمات، التي قد تتفق أو لا تتفق مع وجهة نظر الناشر أو المذيع، وذلك لأن القارئ أو المستمع يستقبل رسالة مدفوعة الأجر.
وقد تعطي بعض الإعلانات سمعة طيبة للمصنع أو السلع أو الخدمات، ولهذا فان الإعلان يعد عاملا مساعدا لبرامج العلاقات العامة. ومع ذلك فان الإعلان يختلف عن العلاقات العامة، وإن كان يلعب دورا ملموسا في برنامج العلاقات العامة.

5- الفرق بين العلاقات العامة والدعاية
—————————————-
يخلط البعض بين العلاقات العامة والدعاية، ويرجع هذا الخلط إلى اتحاد أهدافها، وهو الاتصال بالرأي العام ومحاولة بلورته وتعديله والتأثير فيه. فالدعاية هي أحد أنواع الاتصال والتأثير، تستخدم كقوة للسيطرة على أفكار أفراد المجتمع وتوجيههم الوجهة التي حددت لهم عن طريق استغلال عواطفهم وغرائزهم، ويتم ذلك من خلال وسائل الاتصال العامة، مثال ذلك حين تنظم إحدى الشركات حملة دعائية لتغيير مفهوم الناس من طبيعة السلعة التي تنتجها، فحين ثار جدل حول مدى اتفاق مشروب الكولا مع الشريعة الإسلامية، سارعت الشركة المنتجة لشراب البيبسي كولا وقت ذاك إلى تنظيم حملة دعائية من خلال وسائل النشر العام للتأكيد على صلاحية وطهارة للمشروب، دون أن تفصح عن شخصيتها.
وفي ضوء هذا يختلف الإعلان عن الدعاية في أن المعلن يفصح عن شخصيته في الإعلان، ويدعو القارئ أو المستمع إلى إتباع سلوك محدد، وبالتالي يرتبط اسمه في ذهن المتلقي بمضمون الرسالة الإعلانية، أما في حالة الدعاية فإن المتلقي لا يستطيع تحديد مصدر المعلومات المرسلة إليه.
وهكذا تعمل الدعاية على تكوين الأخبار وإخفاء بعض الحقائق أو تغيير بعضها، وبوصفها هذا فهي وسيلة متميزة لا تمد الجمهور إلا بالمعلومات التي تتفق ووجهة نظر المسؤلين عنها بأي ثمن وبأي وسيلة، بينما تهدف العلاقات العامة، عن طريق الأخبار الصادقة والتعليم والممارسة إلى إقناع الجمهور، وتحقيق تعاونه معها، على أساس الثقة والتفاهم المثمر.

الفصل الثاني
الجمهور والرأي العام

أولاً: الجمهور
ــــــــــــــــــــــــــــــ
تحتاج المنشآت، صغيرها وكبيرها، إلى ثقة الجمهور، ومن هنا نرى أن المنشآت، على اختلاف نشاطاتها، في حاجة إلى التعرف على آراء الجمهور، ومده بالمعلومات، لكسب ثقته وتأييده، ويتطلب هذا دراسة الجمهور وميوله واتجاهاته بصورة وافية.
ولكن من هو الجمهور؟..وكيف يتحد الناس في جماعات صغيرة ووحدات كبيرة تعبر عن رأيها ؟..وما هي أهمية الجمهور بالنسبة لواضعي برامج العلا قات العامة؟
الجمهور في نظر خبراء العلاقات العامة جماعة من الأفراد، تقع في محيط نشاط منشاة أو مؤسسة معينة، تؤثر عليها وتتأثر بها، وتتسم بطابع مميز، وينمو بين أفرادها مجموعة من الشعارات والرموز وتوجد بينهم مصالح متشابهة، وتربط بينهم روابط معينة، وكلما ازدادت هذه الروابط وتوثقت كانت الجماعة أكثر تجانسا.
ويختلف الجمهور في حجمه وتكوينه، فقد يكون صغيرا في بعض الأحيان، وقد يكون كبيراً. فالجماعة الخاصة بمؤسسة تربوية هي جماهير واسعة النطاق قوامها الطلاب الحاليون والسابقون وطلاب المستقبل وأولياء الأمور، وجماهير من المؤسسات التربوية التي لها صلة بالمؤسسات والهيئات الرسمية ذات الصلة بها، ومحررو الصحف ومذيعو محطات الإذاعة والتلفزيون، وهكذا يتسع جمهور تلك المؤسسة. وينتمي المهندسون إلى جماعة متجانسة تعمل في نفس المهنة، وإذا كان احدهم متخصصا في الهندسة السمعية، فهو ينتمي إلى جماعة فرعية تنطوي تحت جماعة أكثر اتساعا، وهى جماعة المهندسين.
ويختلف الجمهور حسب الخصائص السكانية، مثل العمر، حيث ينقسم الناس إلى فئات عمرية مختلفة، ويمكن أن يوجه برنامج العلاقات العامة إلى فئة عمرية دون أخرى، كما يختلف الجمهور حسب الجنس، حيث ينقسم إلى ذكور وإناث، وينقسم كل منهم إلى متزوجين وغير متزوجين، ومطلقين، وأرامل. وسكان العقارات ينقسمون إلى ملاك ومستأجرين، والبرنامج السياسي قد يكون عاماً لكل الناس، وقد يكون خاصا بمن ينتمون إلى حزب سياسي معين، وهناك تمييز البيض والسود، في بعض البلدان، وهناك تمييز حسب الدين أو المذهب أو الطائفة.
كما ينقسم الجمهور إلى جمهور محلي وجمهور خارجي. ويتكون الجمهور الداخلي من الأفراد الذين يعملون في خدمة المنشاة مثل مجلس الإدارة، والرؤساء، والموظفين والعمال،وهذه أول فئة يجب دراستها وتحسين علاقة المنشاة وتوطيدها. أما الجمهور الخارجي فانه ينقسم إلى فئات كثيرة منها الجمهور بصفة عامة، وجمهور المستهلكين، وجمهور المساهمين، وجمهور الصحافة، وجمهور الموزعين..الخ.
وفي ضوء هذا تتضح أهمية تحديد الجمهور تحديداً واضحاً، في الحالات التي نقوم فيها بدراسة مشكلات معينة.

ثانياً: مفهوم الرأي العام
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الرأي العام هو المادة الخام الذي تعمل فيه العلاقات العامة، وحيث تسعى العلاقات العامة دوما على تنميته سواء فيما يتعلق بالنظم الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية، كما تعمل على دراسته وتحليله، و معرفة طبيعته و كيفية تكوينها، وطرق التأثير فيها ولعل أهم سمات المجتمعات الحديثة الاعتراف بأهمية الشعوب، و اعتبار الرأي العام الحكم النهائي في الشؤون العامة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ومع أن الرأي العام وجود معنوي لا نراه، فان ذلك لا ينقص شيئا من قوته، شانه في ذلك شأن الضغط الجوي الذي لا نراه ولكنه موجود.
تعريف الرأي العام :
بالرغم من أن مصطلح الرأي العام Public Opinion لم يستخدم بهذا المسمى إلا في أواخر القرن الثامن عشر، نتيجة لظهور الجماهير الغفيرة بسبب النمو السكاني السريع حينذاك، فان المناقشات القديمة المتعلقة بالرأي العام لا تختلف كثيرا عن المناقشات الحديثة من حيث إدراك مدى النفوذ الذي يفرضه الرأي العام على تصرفات الإنسان وحياته اليومية فقد سماه (موتتسيكيو) العقل العام، و سماه (روسو) الإرادة العامة. أما الاختلاف الوحيد بين المناقشات القديمة و المناقشات الحديثة، في هذا الصدد، فهو ذلك الذي يتعلق بإدراك مدى النفوذ الذي يفرضه الرأي العام على تصرفات الساسة و الفلاسفة.
وقد صبغه العلامة (تارد) بصبغة فردية، واعتبره محض تقليد، ففي كل مجتمع من المجتمعات، يمتاز بعض الأفراد بمواهب خاصة وقدرة على الابتكار والتجديد، فتسري موجة بين أفراد المجتمع الآخرين نحو تقليد هؤلاء الأفراد النابهين و هكذا يتكون الرأي العام.
و يؤخذ على هذه النظرية الآتي:
أ – أنها تغفل الجانب الروحي، فهناك اتصال روحي بين أفراد المجتمع هو أساس تضامنهم.
ب – لا يعتمد الرأي في تكوينه على التقليد و المحاكاة، بل على وسائل أخرى هي مكونات الرأي العام كالصحافة والخطابة و الإذاعة والتلفزيون…الخ.
ج – الظواهر الاجتماعية يفسر بعضها البعض الآخر، أي تفسر بظواهر اجتماعية أخرى، ولا يجوز تفسيرها بعوامل نفسية أو حيوية.
و عرف (ماكينونW.A.Mackinon ) (1808) الرأي العام بأنه رأي في موضوع ما يضمره الأشخاص المتميزون بالذكاء و حسن الخلق، وهو يتسم بالانتشار التدريجي، فيقتنيه أغلب حتى لو تباينوا في مستواهم التعليمي. أما (لأويلL.A.Lawell ) فيعرف الرأي العام بأنه قبول لواحدة أو اثنتين أو أكثر من وجهات نظر متضاربة يقبلها العقل و المنطق باعتبارها حقيقة.
و يرى (كولي) : أن الرأي العام لن يكون تجمع لأحكام فردية مختلفة، و لكنه تنظيم تعاوني يتم عن طريق اتصال التأثير المتبادل والمشترك، وربما يختلف الرأي العام عن افتراض أن الأفراد ربما يكونون في تفكير معين كأفراد منفصل الواحد منهم عن الآخر، بيد أن هذا يتلاشى حينما نرى أن الرأي العام بمثابة سفينة تبنى عن طريق مئات من الرجال لا يستطيع واحد بعينه بنائها على انفراد. أما (ليونارد دوبLeonard Dob ) فيرى أن الرأي العام يعني اتجاهات ومواقف الناس إزاء موضوع يشغل بالهم،/ بشرط أن تكون هذه الجماهير في مستوى اجتماعي واحد.
و صبغ (جنزبرجGinsberg ) الرأي العام بصبغة اجتماعية، ففي رأيه أن الرأي العام رغبة مبهمة تسود المجتمع و تهدف إلى المحافظة على كيان المجتمع، فهو ظاهرة اجتماعية، و ينتج تلقائيا من تفاعل مجموعة الآراء المختلفة التي تسود بين أفراد المجتمع، وتتبلور في شكل موضوعات معينة.
وهكذا يختلف الرأي العام عن الرأي الخاص، فالرأي العام هو رأي الجماعة، أما الرأي الخاص فهو رأي فرد. ويعرفه أغلب الباحثين بأنه ثمرة تفاعل الآراء والأفكار داخل أي جماعة من الناس، وقد عرفه (جيمس برايس) في كتابة (الديمقراطيات الحديثة)، بأنه اصطلاح مستخدم للتعبير عن مجموع الآراء الذين يدين بها الناس إزاء المسائل التي تؤثر في مصالحهم العامة و الخاصة.
و جملة القول، فالرأي العام إنما يعبر عن آراء الجماهير، بعد المناقشة والجدل بين الأفراد، فهو ليس اتجاها انفعاليا يصدر من الجمهور الهائج الذي يجتمع اجتماعا مؤقتا، و إنما هو حكم عقلي يصدر من جمهور من الناس يشتركون بالشعور بالانتماء و يرتبطون بمصالح مشتركة، إزاء موقف من المواقف أو تصرف من التصرفات، أو مسألة من المسائل التي يثار حولها الجدل بعد مناقشة عقلية.
والرأي العام ليس مجرد رد فعل بسيط أساسه العرف و التقاليد، بل على العكس من ذلك قد ينطوي على الخروج على التقاليد، فهناك وعي و تفكير للمشكلات. فالجماعة – مثلا- قد تواجه مشكلة من المشكلات تتطلب حلاً، و تتصل برغبات الجمهور وحاجاته، فيهب القادة لتحديد المشكلة وإلقاء الضوء عليها، واقتراح ما يرونه لحلها. ويعلن المختصون والمعنيون بالأمر ملخص خبراتهم و معلوماتهم، ثم يدور النقاش الحر من كل جانب ن وفي كل مكان، و تمتزج الأفكار بالعواطف، و تختلط التحيزات بالحقائق، وتتصارع المصالح و المبادئ، و تصدر الأحكام المختلفة. ويكون الرأي النهائي للجماعة هو حصيلة الاحتكاك بين هذه القوى جميعها، بما فيها من أفكار محافظة و أخرى تقدمية. وهكذا تعبر الجماعة عن رأيها العام. وعلى أساس هذه الأحكام ومدى صحتها ولياقتها يرجى للجماعة أن تبقى وتعيش. أما إذا كانت هذه الأحكام الجماعية قاصرة فاشلة فإنها تصبح معاول هدم وفناء للجماعة.
ولما كان من الصعوبة بمكان اتفاق جميع الناس على موضوع ما أو مسالة من المسائل، فانه يمكن القول أن الرأي العام هو رأي الأغلبية، ونموذج معين من الفكر والقول يعم و يسود على النماذج الأخرى، و تتضمن فكرة الرأي العام مع ذلك أن ثمة رأيا متفق عليه من غالبية الأفراد، وهو ما يسمى بالرأي الغالب. و ليس معنى ذلك أن لا تكون هناك آراء متعددة للأقليات، وتلك الآراء الخاصة لا تعوق أن تطلق على الرأي السائد لدى معظم هذه الجماعات و الجماعات الفرعية رأيا عاما، حيث لا يوجد رأيا عاما بطريقة مطلقة أو عامة، ولكنه الحد الأقصى لمجموع الآراء.
وقد يظل الرأي العام كامنا غير ظاهر لأسباب سياسية أو اجتماعية، ولكنه لا يلبث أن يظهر بشكل انفجار عندما تزول الأسباب المعوقة لظهوره.

ثالثاً: مكونات الرأي العام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
إن عملية تكوين الرأي العام من العمليات المعقدة التي تمتد بجذورها في مجالات مختلفة، ويتكون الرأي العام نتيجة التفاعل بين مجموعة من العوامل الفسيولوجية والوظيفية والاجتماعية والنفسية المتداخلة بحيث يمارس كل منها أثره في تكوين الرأي العام، وهذه العوامل هي :

1- العوامل الفسيولوجية والوظيفية :
———————————————–
ترى بعض البحوث أن هناك سمات جسيمة تؤثر في عقلية الفرد وأفكاره، فالمريض تكون أفكاره عليلة، وقد تكون نظرته للحياة متشائمة. ومن الدراسات المهمة في هذا المجال بحث تأثير فصائل الدم، والعصارات القلوية والحمضية وأثرها في شخصية الإنسان. كما أجريت أبحاث كثيرة تدور حول السمات الجسمية الأخرى، مثل خصائص الجمجمة التي عُني علماء الجريمة من أمثال (لومبروزو) بدراستها، وقد اتضح أخيرا أن الغدد الصماء وما تفرزه من هرمونات تؤثر تأثيرا مباشرا على الفرد، فعندما يزداد نشاط الغدة الدرقية – مثلا – يصبح الفرد متوترا وقليل الاستقرار وسريع الغضب.

2- العوامل النفسية :
———————–
هناك عوامل نفسية تؤثر في تصرفات الفرد وفي سلوكه، فقد يكون الإنسان متصفا بالحب لأن غريزة الخوف قوية لديه، أو انه لم يكتسب بعد صفات التسامي والإعلاء، وينطبق نفس القول بالنسبة لغرائز أخرى كالغريزة الجنسية أو حب الاستطلاع أو السيطرة أو غيرها. وتلعب الأهواء دوراً بالغ الأهمية في بلورة الرأي العام، وذلك حسب الظروف السائدة. ففي ظروف الحرب- مثلا- يتقبل الناس آراء، ويعتقدون في صحتها وأهميتها، بينما يشكّون فيها في وقت السلم، أي في الظروف العادية. وحتى في الأحوال العادية يتأثر الرأي العام بأفكار لا شعورية دون أن يعرف الناس. فاللاشعور يؤثر في توجيه أفكارنا وآرائنا، بصدد عمل أو حادثة أو فكرة، وذلك تبعا لخبراتنا السابقة، وما مر بنا من انفعالات وصدمات.

3- الثقافة
————-
وهي تمثل مجموع العادات والتقاليد والقيم وأساليب الحياة التي تنظم حياة الإنسان داخل البيئة التي يعيش فيها، فأفكار الشخص الذي نشأ في بيئة مترفة غير أفكار شخص نشأ في بيئة فقيرة أو مهمشة. والعادات المكتسبة أثناء عملية التنشئة الاجتماعية المختلفة لها تأثير على ما يصدره الفرد من أحكام، ومما لاشك فيه أن الدين والتعليم والعادات المكتسبة تؤثر في نفسية الفرد، وما يصدر عنه من أفكار وآراء، ويتأثر الرأي العام تأثرا شديدا ً باتجاهات الجماعات الأولية وقيمها. ومن ناحية أخرى فان زيادة ثقافة المجتمع وانخفاض نسبة الأمية تساعد على تكوين الرأي العام، كما أن الإنسان العادي بمعتقداته الراسخة ـ دينيا وسياسيا واقتصاديا ـ لا يمكن أن يتقبل أي مناشدة دعائية تتعارض مع معتقداته.
وقد فطنت أجهزة الدعاية إلى خطورة وجود الجماعات ذات النزعات العنصرية والسياسية والدينية في إثارة الانفعالات الجماهيرية، وتهييج الخواطر والترويج لأفكار معينة، فأخذت تستغلها في نطاق واسع في الإعلام والثقافة والاتصال الشخصي وعن طريق النكات أحياناً.
وهكذا فان الثقافة تعد من أخطر العوامل المؤثرة في الرأي العام تجاه موضوع معين، ومثال ذلك أن كراهية الأمريكيين البيض للمواطنين السود كانت نتيجة عناصر ثقافية خضعوا لها في الماضي، حيث ظروف الثقافة التي يتعرض لها الطفل الأمريكي تكسبه الاتجاه العدائي ضد السود.
4- النسق السياسي:
تسمح الديمقراطية بذيوع وانتشار الرأي العام، ولا تعمل الهيئات والمؤسسات العامة في الخفاء. كما تعمل الديمقراطية على قيام حرية الفكر والاجتماع والتعبير عن الرأي بين أفراد المجتمع، وذلك على عكس ما هو موجود في ظل الدكتاتورية، بالإضافة إلى ذلك فان الحريات العامة، وهي حرية الرأي، وحرية الصحافة والكتابة، وحرية الاجتماع، وحرية العمل وغيرها تعد من مكونات الرأي العام.
ويعتبر وجود المفكرين ورجال الأعمال والقادة الذين يتميزون بالقدرة على التأثير على الآخرين من العوامل المهمة في تكوين الرأي العام، وذلك لما يتميزون به من قدرة على معرفة الرأي العام ومعرفة بمشاعر وأحاسيس الجماهير. وحينما تتوفر ثقة الجماهير في القائد، فأنه يصبح أداة قوية وفعالة
في تغيير اتجاهات الجماهير والتأثير فيهم، وتكوين الرأي العام الذي يؤيد القضايا التي يدعو إليها.

5- الأحداث والمشكلات:
———————–
تعتبر الحوادث المشكلات والأزمات، التي يتعرض لها مجتمع معين، من العوامل المهمة التي تعمل على تكوين اتجاهات جديدة للرأي العام، فمهما قيل عن عبقرية وزير الدعاية النازية (جوبلز)، فالحقيقة انه لا هتلر، ولا جوبلز، ولا غيرهما من الدعاة والعباقرة كانوا يستطيعون تحويل ألمانيا إلى النازية دون الاعتماد على الأزمة الاقتصادية، والشعور بالقلق وعدم الأمن بين صفوف الشعب الألماني، فالتغيير الثوري ليس حركة فجائية تحدث في فراغ، ولكنه تعبير عن ظروف موضوعية وأحداث سياسية واقتصادية واقعية، ولهذه الأسباب نجحت الثورة الشيوعية في الاتحاد السوفيتي السابق، ولم يكن اتجاه الصين الشعبية إلى الشيوعية نتيجة الدعاية أو التعاليم الماركسية وحدها، ولكن حكم (تشانج كاو تشيك) الفاسد، وظروف البلاد المتردية خلقت حالة من عدم الرضا، استغلها الدعاة الشيوعيون استغلالاً طيباً، فنجحت الثورة الصينية. وقد يكون الرأي العام مؤقتا، كالذي يحدث نتيجة مشكلة بين أصحاب العمل والعمال، عند مناقشة الأجور مثلا، ففي هذه الحالة يزول الرأي العام بزوال المشكلة.

6- الإعلام والدعاية :
الإعلام هو العمليات التي يترتب عليها نشر معلومات وأخبار معينة تقوم على أساس الصدق والصراحة، واحترام عقول الجماهير وتكوين الرأي العام عن طريق تنويره. أما الدعاية فهي العمليات التي تحاول تكوين رأي عام عن طريق التأثير في شخصيات الأفراد من خلال دوافعهم وانفعالاتهم ومفاجأتهم بالأخبار، والتهويل فيها، وتقديم الوعود الكاذبة. ومن هنا فان كلاً من الإعلام والدعاية ووسائل الاتصال من صحافة وإذاعة وسينما ومسرح واجتماعات عامة، تعد قوة إيجابية فعالة لها تأثير ناجح في تكوين الرأي العام. كما تلجأ بعض أجهزة الدعاية السياسية إلى جعل بعض الجماعات الثانوية كالاتحادات المهنية، واتحادات الطلاب، والمحافل الماسونية، والجمعيات الدينية، منافذ أو مسارب تسرى فيها الدعاية الحزبية، وتقرر اتجاهاتها.

7- الشائعات :
ــــــــــــ
هي الأحاديث والأقوال والأخبار والروايات التي يتبادلها الناس ويتناقلونها دون التثبت من صحتها أو التحقق من صدقها. ويميل كثير من الناس إلى تصديق ما يسمعونه ثم يأخذون في ترديده ونقله، وقد يضيفون إليه بعض التفصيلات الجديدة.

رابعاً: أنواع الرأي العام :
ــــــــــــــــ
ينقسم الرأي العام إلى درجات وأنواع، فهناك من يرى انه ينقسم إلى:
1ـ الرأي العام المسيطر.
2ـ الرأي العام المستنير أو القارئ.
3ـ الرأي العام المنقاد.
والأول هو رأي القادة والزعماء والحكومات في اغلب الأحيان، والثاني رأي الطبقة المثقفة في الأمة، وهي الطبقة القادرة على الدرس والناقشة، والثالث رأي السواد الأعظم من الشعب ممن لا يستطيعون متابعة البحث أو الدرس.
ومن الباحثين من رأي أن هناك ثلاثة أنواع، حددها على النحو التالي:
1ـ الرأي العام الكلي.
2ـ الرأي العام المؤقت.
3ـ الرأي العام المنقاد.
والأول يتصل اتصالا قويا بالدين، والأخلاق العامة، والعادات والتقاليد وغيرها من الأشياء الثابتة في الأمة، ويمتاز هذا النوع بالثبوت ويشترك فيه أغلب الناس. والثاني ما تمثله الأحزاب السياسية والهيئات العامة والخاصة، وذلك عندما تسعى لتحقيق هدف معين في وقت معين. والثالث هو النوع المتقلب كتقلب الجو، وعليه تعيش الصحف اليومية والإذاعة والتلفزيون.
ويرى فريق آخر من الباحثين أن الرأي العام ينقسم إلى أربعة أنواع هي:
1ـ رأي الأغلبية.
2ـ رأي الأقليات.
3ـ الرأي الساحق.
4 ـ الرأي الجامع.
فالرأي الأول هو رأي الجماعة حيث ينقسم إلى هذين القسمين:
أغلبية وأقلية، وقد تتحول الأولى إلى الثانية، وقد يحدث العكس، ومن أجل هذا كان لرأي الأقلية وزن كبير في الأمة، وذلك لأن أصحاب الأقلية إنما يعتمدون على بذل الجهود الكثيرة في سبيل الوصول إلى الأغلبية، وبهذه الجهود تنتفع الأمة، أما الرأي الثاني فهو رأي الأقليات حين تتفق أحيانا مع رأي معين في ظرف معين وهدف معين، ولكن قد يفضي هذا النوع من الرأي بالأمة إلى التحول السريع من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، ومن اجله قد تسقط وزارة وتعقبها أخرى، ويستمر الحال هكذا حتى تتمكن إحدى الأقليات من أن تصبح أغلبية. أما الثالث فكثيرا ما يكون نتيجة لاندفاع الشعب، أو نتيجة لتكامله في بحث المشكلات العامة، فالشعب إذا وصل إلى الرأي الساحق عن طريق البحث أو الدرس، فانه يكون في مثل هذه الحالة قد بلغ الذروة، ولكنه في الواقع قلما يصل إلى ذلك. والرابع هو الرأي الذي تجمع عليه الأمة وما ورثته من عادات ونزعات ومعتقدات، وهذا الرأي هو ما يسمى بالاتجاه العام أو النزعة العامة، وهو لا يناقش في العادة، وإذا تعرض احد لمناقشته، عرض نفسه للخطر المحدق، ومع هذا يستطيع عدد قليل من القادة في كل امة أن يقنعوا أمتهم بفساد جزء من أجزاء هذا الرأي الجامع، بشرط ألا يمس هذا الجزء أصلا من أصول الدين أو العقيدة، وإن كان ذلك يحتاج إلى صبر طويل وكفاح مرير وعمل متواصل.
ويرى البعض أن الرأي العام ينقسم إلى درجات وهي :
1ـ موافقة اجتماعية.
2ـ موافقة عن طريق التراضي.
3ـ موافقة عن طريق التصويت.
4ـ موافقة عن طريق الضغط.
أما الموافقة الاجتماعية فهي لا تحدث إلا بين أفراد بعض الهيئات الخاصة، كما يحدث غالبا بين جمهرة العلماء، نحو اكتشاف معين أو اختراع جديد أو كاتفاق أفراد قبيلة ما على موضوع يخصهم، وذلك لصغر حجم المجتمع القبلي. وهذه الدرجة من الرأي العام نادرا ما تحدث في المجتمعات المتقدمة نظرا لتشعب الآراء والأفكار وكثرة السكان.
وفي الرأي العام عن طريق التراضي يتنازل كل فريق عن جزء من رأيه نحو موضوع معين مع علمه التام بصواب رأيه، وذلك في سبيل الوصول إلى رأي واحد، وحل مشكلة هذا الموضوع على أية، صورة كما يحدث بصدد الشؤون الاقتصادية.
والرأي العام عن طريق التصويت، هو رأي الأغلبية الذي يسود،وهذه الدرجة من الرأي العام ينتج عنها كبت آراء خفية معارضة، قد تؤدى إلى عدم استقرار المجتمع.
وقد يأتي الرأي العام عن طريق الضغط، كأن يضغط قائد الجماعة على أفراد جماعته ويحملهم على قبول رأي معين، وهذه الدرجة اقل درجات الرأي العام دواماً، ولا يعتبر هذا النوع رأيا عاما بالمعنى الصحيح، إذ أنه مبني على الكبت والضغط، لا على حرية الفكر والرأي.
ويقسم البعض الرأي العام إلى الآتي:
1- الرأي الظاهر × الرأي العام الباطن.
2- الرأي العام الثابت × الرأي العام المتغير.
والرأي العام الظاهر هو تعبير مجموعة من الناس عن اتجاهاتهم وآرائها، إزاء مشكلة تعبيرا صريحا بحيث تتوفر الحرية ولا يخشى الناس أن يعبروا عن آرائهم بصراحة. والرأي العام الباطن أو غير الظاهر،وهو عكس الأول،أي الرأي العام غير المعبر عنه، لأن أفراد الجماعة يخشون التعبير عن آرائهم واتجاهاتهم، لأنها ضد القانون أو المعايير الاجتماعية المتعارف عليها.
والرأي العام الثابت هو المستمد من العادات والتقاليد. أما المتغير فهو الذي يتكون نتيجة الحملات الإعلانية والترويجية والإعلامية والدعائية.. إلا أننا يجب أن نلاحظ أن الثبات والتغيير مسألة نسبية، ففي حين تتغير العادات والتقاليد بمضي الزمن، إلا أن للتغير دورا مهما. كذلك الرأي العام المبني على حملات الإعلان والترويج يمكن أن يظل ثابتا لمدة طويلة، باستمرار الحملات الموجهة إلى الأفراد.

خامساً:الرأي العام و العملية الإعلامية

المقصود هنا بتحديد الرأي العام لشكل عملية الاتصال الإعلامي، هو دراسة العلاقة بين الرأي العام،وشكل العملية الإعلامية، وحتى نتعرف على هذا فإننا سوف نتعرف على العلاقة التي بين الرأي العام والعملية الاتصالية، بصفة عامة، ثم نتعرف على أهمية الرأي العام في تحديد شكل الرسالة الإعلامية، وأخيراً دور الرأي العام في تحديد الوسيلة الإعلامية المناسبة لكل جمهور، ولكل وقت من الأوقات، ولكل مكان من الأماكن.
فالرأي العام يلعب دوراً خطيراً في التحكيم في العملية الإعلامية من حيث شكلها و مضمونها ؛ وسوف نتعرض للعلاقة بين الرأي العام وشكل العملية الإعلامية، ثم نتعرف على العلاقة بين الرأي العام ومضمون العملية الإعلامية، أي كيفية تأثيره، ومدى تحكمه في تحديد وتوجيه السياسة الإعلامية في المجتمع.
وحتى يمكن معرفة علاقة الرأي العام بشكل العملية الإعلامية، لابد أن نتعرض لعلاقته بالعملية الاتصالية بداية، فالمعلوم أن الاتصال هو الأوسع أو الأكثر عمومية من الإعلام، فما الإعلام إلا شكل من أشكال الاتصال، أو إحدى عملياته، لأن الاتصال مفهوم أكثر اتساعا، حيث يبدأ بالاتصال الذاتي، الذي هو الأساس في كل عملية اتصالية إعلامية أو غير إعلامية، وربما أغفل البعض الاتصال الذاتي، أو رأوا أنه غير هام، وهو عملية الإدراك والفهم وصياغة الأفكار، ولكن هذه العملية هي البداية، فالإنسان لا يتصل بغيره من الناس في حالة ما إذا بدأ هو بالاتصال، إلا بعد التفكير، كما أنه لا يفهم من يتصل به إلا بعد التفكير أيضا، و يلي ذلك الاتصال الشخصي ثم الجمعي، ثم الاتصال الجماهيري الذي هو الصورة البارزة للإعلام، ولابد من التأكيد على انه لا يستغنى عن الاتصال الذاتي ولا الشخصي ولا الجمعي فكل نوع من هذه الأنواع في خدمة النوع الآخر.
أما الاتصال كمفهوم عام فهو عملية التفاهم بين البشر، أو حتى بين البشر وغيرهم من المخلوقات، بأي وسيلة من الوسائل سواء كانت اللغة أو الإيماءة أو الإشارة أو الحركة أو الضوء أو غير ذلك من الوسائل، لتحقيق هدف عام أو خاص، لذلك سوف نبدأ في التعرف على العلاقة بين الرأي العام والعملية الاتصالية بصورة عامة.
1- العلاقة بين الرأي العام والعملية الاتصالية عامة :
تتلخص العملية الاتصالية الإعلامية في عناصرها التي جمعتها العبارة القائلة (( مَن، يقول ماذا، لمن، وبأي وسيلة، وما هو التأثير؟ )) وتفسير هذه الأركان هي : المرسل – الرسالة – الوسيلة – المستقبل، ثم رد الفعل الذي ينتج عن التأثير والذي يكمل الدائرة الاتصالية.
وبقدر حدوث التوافق بين هذه الأركان الخمسة للعملية الاتصالية، بصفة عامة، والإعلامية منها بصفة خاصة، بقدر حدوث تحقيق الهدف من الاتصال، وذلك لأن أي اتصال لابد له من هدف، وإلا لما بدأ من حيث البداية، وإذا بدأ فما كان هناك دافعا إلى الاستمرارية في القيام بالعملية الإعلامية، وإذا حدث هذا فما كان هناك دافعا إلى عملية التلقي أو الاستقبال.
ومعنى حدوث التوافق بين أركان العملية الاتصالية، هو فهم المرسل لهدفه من القيام بالاتصال، وبالتالي فهمه لرسالته، وللوسيلة المناسبة للرسالة، والمناسبة له كمرسل من حيث الإمكانيات والقدرة على الاستخدام الواضح، إن لم يكن الأمثل، ثم مدى التوافق بين الرسالة والوسيلة والجمهور، وإذا توافقت هذه العناصر الأربعة كلها، أدى هذا إلى التأثير، وبالتالي إلى رد الفعل الذي يؤدي بالمستقبل إلى أن يصبح مرسلاَ، والمرسل إلى مستقبل وهكذا تدور عجلة الاتصال، وتستمر في الدوران.
ولابد هنا أن نقف على حقيقتين هامتين، الأولى : انه لا يمكن حدوث التوافق بين عناصر العملية الاتصالية بدرجة 100% مائة في المائة.
الثانية : أنه أيضا لا يمكن أن ينعدم حدوث الاستجابة تماما بدرجة مائة في المائة أيضا.
أما انعدام حدوث التوافق تماماً، فهذا لأن هذه العناصر المتعلقة بالعملية الاتصالية تتدخل فيها ظروف وعناصر أخرى تختص بالنفس البشرية، أو إدراك الأشياء، أو عمليات التفسير وصياغة الأفكار وتلقيها.
وهذه العمليات تتعلق بكثير من الأشياء المعقدة والمتشابكة، والتي يتدخل في تفسيرها ومعرفة إبعادها كثير من العلوم كالاجتماع وعلم النفس وعلم الوراثة، ودراسة الأجناس، ونحو ذلك، ولا يمكن التعمق وراء كل مرسل أو كل مستقبل، للتعرف على ما يؤثر في نفسيته أو يتحكم في عقليته أو مدى وكيفيه إدراكه وفهمه للأشياء، حتى نستطيع الوقوف على كيفية فهم المرسلين جميعا، لإمكان صياغة رسائل إعلامية متوافقة مع الجمهور ومع الوسائل، ووسائل متوافقة مع الرسائل ومع الجمهور.
ولا يعني هذا من ناحية أخرى عدم الاجتهاد في التعرف على هذه الأشياء ومراعاتها ولو بقدر أو نسبة معينة، وإنما لابد من التعرف على الخطوط العريضة أو السمات المميزة للمجتمع و أفراده وأوقات الاجتماع أو المشاهدة المفضلة لديهم إجمالا، أما تفصيلا فهذا يتوقف على مزاج كل فرد، وهذا شيء يستحيل فهمه على الشخص ذاته في بعض الأحيان، فكثير من الناس يعلمون أنهم متضايقون، أو يعربون عن قلقهم أو ضيقهم أحيانا، لكنهم لا يستطيعون معرفة سبب ذلك.
ويعني هذا أن التوافق يمكن أن يحدث بين عناصر العملية الاتصالية، ولكن بنسبة معينة، ليست مائة في المائة، وليست صفرا في المائة، فهي لا تحدث تماما كما ذكرنا لتعلقها بالنفس البشرية في كثير من أطرافها، والنفس البشرية لا يمكن تقنينها أو وضع قانون يحكمها بصفة قاطعة، كما يحدث للماديات، وهي أي عملية التوافق لا تكون صفرا في المائة، لأنه لولا حدوث درجة معينة من التوافق من حيث المبدأ لما بدأت العملية الاتصالية ولما استمرت، هذا القدر من التوافق الذي تبدأ به العملية الاتصالية، قد يكون نتيجة للظروف المحيطة، أو للوجود في مكان في مكان واحد ؛ أو وجود الهدف ذاته، أو نحو ذلك بما يؤدي إلى وجود نسبة ما من التأثير.
وبقدر حدوث نسبة التوافق بين أركان العملية الاتصالية، بقدر حدوث التأثير، بقدر حدوث الاستجابة أو رد الفعل، فمثلا إذا كان التوافق بين أركان العملية الإعلامية بدرجة أو نسبة 30% تكون الاستجابة بنفس النسبة 30% وهكذا تزيد نسبة الاستجابة وتنقص بناء على حدوث التوافق بين أركان عملية الاتصال الإعلامية، وفهم المرسل والمستقبل لبعضهما وللرسالة والوسيلة.
وهنا نجد أن الرأي العام يلعب دورا فعالاً في عملية حدوث هذا التوافق، فمعرفة الرأي العام السائد إزاء أي قضية من القضايا يؤدي إلى تحديد المضمون الإعلامي الذي يصوغه المرسل وفقاً لذلك، والى تحديد الوسيلة الملائمة أو المناسبة للرسالة، ويؤدي إلى معرفة الجمهور ورأيه، الايجابي أو السلبي أو الثائر أو الساخط أو الرأي حول قضية ما، أو موضوع ما، وهذا يحدد شكل الرسالة، وشكل الوسيلة المناسبتين للرأي العام السائد لدى الجمهور، والمناسبتين لبعضهما ( الرسالة والوسيلة ) للجمهور في الوقت ذاته، وهذا بدوره يؤدي إلى نجاح عملية الاتصال الإعلامي.

2- الرأي العام يحدد شكل الرسالة الإعلامية:
تختلف الرسالة الإعلامية، باختلاف الموقف المستخدمة فيها، فحينما تتحدث في مؤتمر صحفي تكون الرسالة الإعلامية هي الكلمات والبيانات، والإجابة على الأسئلة، وللرأي العام دور في تحديد ذلك. وحينما تأخذ الرسالة الإعلامية شكل الاتصال عن طريق الرسائل المطبوعة، فان لها أشكالا تنشر بها في الصحف أو المجلات، تتنوع من الخبر إلى الحديث إلى التحقيق الصحفي، إلى التقرير إلى الشرح والتفسير إلى المقال إلى غيره من فنون التحرير الصحفي المكتوب والمصور، وللرأي العام دور في تحديد ذلك.
وفي الرسالة الإعلامية المسموعة والمرئية، يلعب الرأي العام دوره أيضا في تحديد شكلها، وحجمها ووقت إذاعتها، وكيفية تصويرها، وما يتدخل فيه من مؤتمرات أو مونتاج أو دوبلاج إلى غير ذلك.

أ – الرأي العام والرسالة الإعلامية الشفوية:
تستخدم الرسالة الإعلامية الشفوية في أشكال الإعلام البسيطة، وبخاصة في هذا العصر الذي أصبح الإعلام فيه يتسم بالجماهيرية، ويستخدم وسائل الإعلام الحديثة، كما يستخدم كل جديد يجعل المضمون الإعلامي يصل إلى اكبر قدر ممكن من الجماهير المستقبلة، في كل مكان.
ولم يعد من أشكال الاتصال الشفوي في مجال الإعلام سوى المؤتمرات الصحفية، التي يجتمع فيها الصحفيون حول المصدر للاستماع إلى بيان يلقيه، ثم مناقشته فيه، أو سؤاله حول موضوع أو قضية معينة، لإلقاء الضوء عليها، أو للاستفسار عن جهاز أو إنتاج جديد، أو نحو ذلك.
هذه المؤتمرات الصحفية تعتبر أحد أنواع الإعلام التي لا يشعر الكثيرون بأهميتها، لأنها تنقل إليهم عبر وسائل الإعلام، مع التركيز على القالب الفني الذي تنقل فيه من حيث الشكل من ناحية، وعلى المضمون الوارد بها من ناحية أخرى، وبالرغم من ذلك فهي شكل إعلامي مهم له تأثير على الرأي العام، كما أن للرأي العام تأثيره عليه.
فإذا كانت هذه المؤتمرات تبصر الرأي العام بحقيقة موقف معين، أو قضية معينه، أو تلقى الأضواء أو تقدم التبريرات أو الشروح والتفسيرات لشيء معين، فإنها بذلك قد تغير وجهة الرأي العام، أو تعيد تشكيله مما يؤثر عليه بصورة أو بأخرى.
ولا يخفى أيضا تأثير الرأي العام في تحديد شكل الرسالة الإعلامية الشفوية، في حالة المؤتمرات الصحفية أو إلقاء البيانات أو الخطب، ذلك أن المظهر الذي يعبر الرأي العام به عن نفسه ايجابيا كان أو سلبيا، يحدد مدى أو كيفية إلقاء البيان، وطريقته، وشكله من حيث الطول أو القصر، ومن حيث إتاحة الفرصة للمناقشة، أو اختصار الموضوع على إلقاء بيان معين.
فإذا كان الرأي العام يعبر عن سخط الجماهير فان هذا يؤدى إلى تحديد شكل الرسالة الشفوية الإعلامية، في صورة مبسطة تعبر عن كشف الغموض حول موضوع معين، أو تبرير سلوك معين، أو محاولة احتواء الموقف أو استرضاء الجماهير، حتى يمكن استمالة الرأي العام.
ويختلف ذلك في حالة ما إذا كان الرأي العام يعبر عن رضا الجماهير، فان شكل الرسالة الإعلامية الشفوية هنا تقدم في صورة أكثر إشراقا، كما أن الفرصة تتاح للنقاش وإلقاء الأضواء على جوانب مختلفة ومتعددة، لتقديم وشرح وجهات النظر، كما أن هذا يؤدي بدوره إلى التطرق إلى كثير من الموضوعات التي تثيرها أسئلة الصحفيين للمصدر، وبالتالي فان المصدر يكون أكثر استجابة وقبولا.
وهذا يوضح أن الرأي العام يلعب دوراً فعالاً في شكل الرسالة الإعلامية الشفوية، التي حتى وان كانت بسيطة في معناها إلا أن لها دوراً لا يمكن إغفاله.
ب- الرأي العام والرسالة الإعلامية الجماهيرية:
تتنوع الرسالة الإعلامية الجماهيرية وتختلف من الرسالة المطبوعة إلى الرسالة المسموعة إلى المرئية، وكل وسيلة تستخدم الرسالة التي تناسبها من ناحية، كما أن كل رسالة بدورها تتحكم في الوسيلة التي تناسبها من ناحية أخرى، ولابد من التوافق إلى حد مابين الوسيلة والجمهور.
ويلعب الرأي العام دورا مؤثرا في الرسالة الإعلامية الجماهيرية، من حيث تحديد شكل ومضمون الرسالة الإعلامية، وهنا تتحدث عن أهميته في تحديد الشكل.
فإذا كان هناك كثير من العوامل التي تلعب دورا هاما في تكوين الرأي العام، ومن هذه العوامل الإعلام والدعاية، فان الرأي العام لا يتأثر بالعوامل المكونة له فقط، وإنما يؤثر فيها أيضا، وهذه العوامل المكونة للرأي العام، ومنها الإعلام، لا تعمل منفردة في المجتمع، وكل عامل من هذه العوامل جدير باهتمام الباحثين، ودراسة أثره على كل من المجتمع المحلي أو القومي أو الدولي، أو غيره من أنواع الرأي العام التي تعرضها لها.
ومما يدل على أهمية الرأي العام قي تحديد شكل الرسالة الإعلامية ومدى تفهم المستقبل لها، أن المستقبل لا يميل إلا إلى الشكل الاتصالي الإعلامي الذي يتناسب مع ميوله وأهوائه، ومن هنا كانت أهمية دراسات الأوقات المفضلة للاستماع، والتعرف على الألوان الأكثر جاذبية لدى المشاهدين، والوقوف على الدراسات النفسية الخاصة بالقراءة واتجاه العين، والأوضاع الأكثر راحة للقارئ، تلك النظريات التي تبني عليها كلها أسس رسم الأشكال الاتصالية سواء مطبوعة. وتتمثل في عمليات الإخراج الصحفي ورسم الماكيتات، أو مسموعة وتتمثل في المؤثرات الصوتية واختيار الموسيقى وطرق وكيفية الأداء ونحو ذلك، أو مرئية وتتمثل قي اختيار المشاهد والألوان والإخراج والديكور والإضاءة، والطرق الفنية المختلفة في اختيار اللقطات المكبرة أو الجانبية أو الخلفية، أو مزج الصور مع بعضها. أو تركيب أكثر من صورة لإعطاء خلفية للتركيز على مشهد في الحاضر أو التذكير بمشهد في الماضي، أو الإيحاء بشيء في المستقبل، وكل ما يحدث من ذلك، من عمليات فنية إبداعية متطورة ومتجددة دائما، هذا التطور وهذا التجديد يتم بناء على دراسات الجماهير واتجاهاتها، وآرائها، وهذا يدل على أهمية الرأي العام في تحديد شكل الرسالة الإعلامية الجماهيرية.
وبصفة عامة لابد من تقدير قيمة الرأي العام في تحديد أشكال الاتصال الإعلامي وعند وضع الأسس الخاصة بذلك، ورسم خرائط البرامج، والتخطيط للإذاعات والصحف، أو التخطيط الإعلامي بصفة عامة، حيث أن الاعتراف بأهمية الرأي العام، دليل على الاهتمام بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
وفي ذلك يذكر بعض الإعلاميين أن أولئك الذين لا يعترفون بالرأي، وبقدرة الجمهور على تكوين رأي، لا يعترفون برأي رجل الشارع والجماهير الشعبية، وبأن الجماهير والأفراد على قدر من الذكاء بحيث يستطيعون اتخاذ مواقف واعية ومفيدة إزاء القضايا السياسية والاجتماعية.
وكان (وليم ريفرز) من الذين نبهوا إلى ما أسماه بالتعرض الانتقائي والاختيار الانتقائي والحجز الانتقائي في العملية الإعلامية.
وقد أشار ريفرز إلى أهمية رأي الإنسان في التعرض لأشكال الاتصال الإعلامي، وتلقيه لها، وإذا كان رأي الفرد يتحكم بصورة أو بأخرى من ذلك، فان الرأي العام له أهمية كبرى في مراعاة الشكل الذي يجب أن يعرض به المضمون الإعلامي، من خلال وسائل الإعلام الجماهيرية.
ويرى ريفرز أن الإنسان في حالة تعرضه للمعلومات الجديدة التي تعرض عليه، يمر بثلاثة مراحل، المرحلة الأولى هي التعرض الانتقائي.
في مرحلة التعرض الانتقائي فان الفرد خلالها يكيف تفكيره بما يمكنه أن يرفض المعلومات التي لا تتفق مع نظرته للحياة، ولقد ثبت في كثير من الأحيان، ومن خلال بعض الأبحاث الميدانية أيضا، أن الفرد من المحتمل ألا يعرض تفكيره إلا للمعلومات التي تدعم آراءه ولا تتعارض معها، وفي مرحلة الإدراك الانتقائي يميل الفرد إلى إدراك ما يود أن يدركه فعلا، مما يعرض عليه من مواد إعلامية، وقد أكد بعض علماء النفس أن عملية الإدراك الانتقائي هذه حقيقة ثابتة. وفي المرحلة الثالثة التي هي مرحلة أو عملية الحجز الانتقائي، نجد أن معظم الناس يتذكرون المواد الإعلامية التي تدعم وجهات نظرهم، في الوقت نفسه الذي يحاولون فيه نسيان المعلومات التي تتعارض مع آرائهم.
وترتبط عمليات التعرض الانتقائي والإدراك الانتقائي بشكل المادة الإعلامية، سواء كانت مطبوعة أو مسموعة أو مرئية، بينما ترتبط المرحلة الأخيرة وهي مرحلة الحجز الانتقائي بالمضمون الإعلامي للمادة الإعلامية، وذلك لأن التعرض و الإدراك مرحلتان تحدثان في البداية، منذ أن تقع عين الإنسان على المادة الإعلامية، أو تسمعها أذنه، وذلك يتم من خلال الشكل، لأن المخيلة أسرع في التقاط الصورة أو الموسيقى أو الرمز، أكثر من الكلمات أو المضمون المكتوب، وهذا يدل على أهمية مراعاة الرأي العام عند تحديد أشكال الاتصال الجماهيري، من حيث الشكل قبل المضمون، حتى يمكن أن تتلاءم مع أفكار الفرد، فيتعرض لها ثم يدركها، أما الحجز فيتم بعد التعرض والإدراك والتفكير، ثم يحتفظ الفرد في ذاكرته بما يتلاءم مع اتجاهاته.
ويرى الدكتور إبراهيم إمام أن الاتصال الجماهيري يقوم بوظيفتين: استخلاص الرأي، وحمايته، ويوضح أن الاتصال الإعلامي يجب ألا يقوم فقط بوظيفة التأثير على الرأي العام، وإنما لابد من أن يكون مبنيا على أساس من الرأي العام والاهتمام به، حيث يذكر أن (( الاتصال يتخذ ثلاثة مسارات، أولها الاتصال الهابط من القيادات إلى القواعد، وهو يشتمل على التوجيهات والتعليمات والبيانات والتفسيرات وغيرها، ثم هناك الاتصال الصاعد من الجماهير الى القيادات، وهو يشتمل على الملاحظات والشكاوي والخطابات التي يمثل التيار الأفقي، الذي يسرى بين فئات الجماهير قي مستوياتها المختلفة.
ويذكر أيضا أن هذه التيارات جميعاً، لابد وان تتفاعل وتتسق اتساقا متكاملا، مما يساعد على تكوين الرأي العام، وعندما تؤكد وسائل الاتصال بالتعاون مع التنظيم السياسي الذي يصل بين القيادات والجماهير أهداف الأمة وقيمتها فإنها تهيئ الجو لتربية الشعب تربية سياسية سليمة.
وعل ذلك فعملية الاتصال هنا في جانبين منها أو مرحلتين تقوم على الرأي العام وهي المرحلة الصاعدة والمرحلة الأفقية، أما المرحلة الهابطة، فإنها تهتم بتوجيه الرأي العام، ولابد لحدوث ذلك من التعرف عليه، وقيام هذه المرحلة أيضا من هذا المنطلق.
ولو انتقلنا إلى الأشكال الأكثر شيوعا بين الجماهير من أشكال الاتصال الجماهيري، لوجدنا أنها الراديو والتلفزيون والصحافة، وهذه الوسائل الإعلامية الجماهيرية تهتم في تحديد إطار أشكالها الاتصالية بالرأي العام وما يتقبله، اهتماما لا يكاد يخفى على أحد، فما إخراج البرامج وما يصاحبها من عمليات فنية، وما الأشكال التحريرية والقوالب الصحفية، وما يبذل فيها إلا مراعاة للرأي العام، وبتأثير منه، ومن وحي ما يفضله وما يتقبله.
وأما وسائل الإعلام المسموعة والمرئية الشائعة، وهي الراديو والتلفزيون فان رسائلها الإعلامية، على اختلاف مضامينها وتنوعها، فإنها تتخذ أشكالا جذابة، مؤثرة، ذات مستوى عال في الكفاءة والأداء، مستخدمة في ذلك الرسائل الحديثة والمتطورة، والتي تتقدم وتتغير باستمرار، بناء على الدراسات والأبحاث الخاصة بالرأي العام وما يفضله، وبذلك يلعب الرأي العام دوره في تحديد الأشكال الاتصالية الإعلامية المسموعة والمرئية، من خلال الحرص على أن يتعرض لها، وحتى يدركها ويتقبلها، وحتى تظل في ذاكرته، وبالتالي تؤثر فيه، ومن هذا تتضح أهمية الشكل الخاص بالرسالة الإعلامية إلى جانب المضمون، فلو أن الأشكال الاتصالية الإعلامية الجماهيرية لم تكن متمشية مع أذواق الرأي العام، فلن يتعرض لها، وبالتالي لن يتعرض لمضمونها، ولن يتأثر بها، وبهذا تكون المهمة الإعلامية قد فشلت منذ بدايتها.
فالإذاعة الصوتية والمرئية- كما يقول خبير التلفزيون ( مارتن اسلين)- بالنسبة للكم والكيف تستطيع أن تصبح على الأقل الفن الشعبي العظيم، للإنسان الحديث، ذلك أن الكمية الهائلة من المواد التي تنتجها، والعدد الضخم من الشعوب التي تخاطبها تضفي عليها طابع الفن الشعبي القائم على مطالب الجماهير، لا على أذواق الصفوة المختارة.
وهذا يدل على مدى مراعاة أذواق المستقبلين،القائمة على دراستهم المتكررة والمتتالية، لتحديد شكل البرامج أو المسلسلات، أو القوالب الفنية الإذاعية، التي نصب فيها المضامين التي نريدها أن تصل إلى هذه الجماهير، مما يلفت النظر إلى متابعتها بداية، ثم التعرض لما فيها، وإعمال الفكر فيها، مما يدفع إلى التأثير وبالتالي الاستجابة، وهو الهدف من الإعلام في حد ذاته.
ويحدث الشيء ذاته في الصحافة، فالصحافة، كما يعلم القائمون على أمرها، أنها مع كونها أكثر قدما من الإذاعة بشقيها المسموع والمرئي، ومن الوسائل الأخرى كالسينما والمسرح، إلا أنها قد تأثرت بهذه الوسائل ولو بنسبة قليلة، كما أنها مادة مقروءة، أي لابد من الإلمام بالكتابة والقراءة لإمكان قراءتها، وأيضا مع ذلك فالمادة المكتوبة ثقيلة على النفوس أكثر من المادة المسموعة أو المرئية، وذلك مع ما لها من مميزات، مثل البقاء وإمكانية العودة إليها، وتعدد فرص الاستفادة منها.
وأمام ذلك كان على الصحافة والصحفيين أن يدركوا أنهم أمام موقف ليس بالسهل، وهو كيفية جذب القراء، والمحافظة على ذلك، لإمكان ضمان الاستمرارية لصحافتهم وعدم فقدهم لجماهيرهم.
ولتحقيق ذلك كانت دراسات الرأي العام والاستفادة منها في تحديد أشكال التحرير الصحفية الأكثر أفضلية لدى القارئ، والتي تجعل الرسالة الإعلامية الصحفية وقراءتها أكثر تأثيراً، ومن هنا تطور الفن الصحفي.
والصحافة بعد أن أصبحت صناعة من أهم الصناعات الضخمة يهمها إلى جانب رسالتها، الوصول إلى هذا العدد الضخم من القراء نظراً للتكاليف الباهظة التي تتكلفها الصحيفة اليومية الكبيرة، ومن اجل ذلك لابد أن تتعرف الصحيفة على أسباب اجتذاب الجماهير، أو القراء، فهل لكي تجتذب جمهورا كبيرا من القراء، ينبغي أن تعنى بالناحية الفنية، والمادة الترفيهية أكثر من المادة الجادة.
ولكي تفعل الصحيفة ذلك، أي أن تصل إلى اكبر عدد من القراء، بالطبع ليس الحل الأمثل أن تهتم بالجانب الترفيهي على حساب المادة الجادة، وإنما كان الحل، هو تقديم المادة الجادة في شكل فني جذاب يرضي أذواق الجماهير، ومن هنا كانت أهمية فن الإخراج الصحفي.
ويهدف فن الإخراج الصحفي إلى تحقيق أربعة أهداف رئيسية هي: الارتفاع بالإنقرائية، وهي قابلية الصحافة لكي تكون مقروءة في يسر وسهولة، دون أي عائق، وعرض الموضوعات المختلفة بطريقة تتفق مع أهميتها سواء بالنسبة لحجمها أو عناوينها أو ترتيبها في أجزاء الصفحة الواحدة، وكذلك تصميم الصفحات بأساليب جذابة ومشوقة، ومحققة للمعاني المستهدفة، على أن يتم ذلك كله بطريقة مدروسة تضفي على الصحيفة سمات محددة تكوّن شخصيتها، وتميّز ملامحها، فيعرفها القارئ من أول وهلة، ويكّون معها ما يشبه الصداقة أو الألفة، حتى انه يؤثرها على غيرها ولا يرضى عنها بديلا.
وبالطبع فان هذه الأهداف الخاصة بالإخراج الصحفي لا تتحقق إلا بناء على دراسة عقلية القارئ ونفسيته وسلوكه البصري أثناء القراءة، إلى جانب معرفة أوقات القراءة المفضلة وكثرتها أو قلتها، لدى الجمهور، لتحديد شكل الموضوعات من حيث الطول و القصر، أي من حيث الحجم.
وفي ذلك يذكر الدكتور إبراهيم إمام أيضا أن الصحف قد درجت على سبر غور الرأي العام، وقياسه ومعرفة اتجاهاته، نحو الموضوعات المختلفة التي تنشر، ويذكر أنه لابد من تكرار عملية قياس الرأي العام واتجاهاته لتعديل السياسة الإخراجية، بناء عليها، ذلك أن أذواق القراءة تختلف وفقا لأعمارهم وفئاتهم وثقافتهم، فصحف الكبار تختلف عن الصحف الموجهة للأطفال، وصحيفة الطبقة العاملة، تختلف عن صحيفة الفلاحين، وتلك تختلف عن صحيفة الأطباء أو القضاة أو المثقفين، فقد تستخدم الرسوم الإيضاحية والرسوم و النماذج في صحيفة العمال أو الفلاحين، ولكن يمكن الإقلال من هذه العناصر في صحف المثقفين.
كذلك فان على المخرج الصحفي دراسة ومعرفة عادات الناس القرائية، ودراسة الألوان وتأثيرها النفسي، والارتباطات النفسية الخاصة بها، كما يجب أن يهتم بعلاقات كل هذه الأشياء بالنواحي الفسيولوجية لدى القراء.
من هذا يتضح لنا أن الرأي العام يلعب دوراً في تحديد شكل الرسالة الإعلامية، سواء في الإعلام الشفوي أو الإعلام الجماهيري، كما يؤثر الرأي العام في اختيار وسائل الإعلام وتحديد الوسيلة التي تناسب الرسالة المعينة، لإمكان إحداث التأثير المطلوب، وهكذا تتضح أهمية وسائل الإعلام في تشكيل الرأي العام وتكوينه في إطار هذه العلاقة.

المصادر والمراجع
1- د. حسين عبد الحميد أحمد رشوان: العلاقات العامة والإعلام من منظور علم الاجتماع، الإسكندرية( مصر)، المكتب الجامعي الديث، 1993
2- د. إبراهيم إمام: العلاقات العامة والمجتمع، القاهرة، مكتبة الأنجلو المصرية،1976
3- د. حسن محمد خير الدين: العلاقات العامة- المبادئ والتطبيق، القاهرة، مكتبة عين شمس،1973
4- د. محمد عبد الله عبد الرحيم:العلاقات العامة،القاهرة،دار التأليف،1982
5- د. حميدة سميسم: نظرية الرأي العام، بغداد، دار الشؤون الثقافية،1991
6- د. عبد الوهاب كحيل: القاهرة، مكتبة المدينة، 1998



التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

نظريات الاتصال الإقناعي وتوظيفها في الإشهار


نظريات الاتصال الإقناعي وتوظيفها في الإشهار

3.3 نظريات الاتصال الإقناعي

إن الاتصال الإقناعي لا ينطلق من فراغ بل من قاعدة نظرية تتجسد من خلال العديد من النظريات.

1.3.3 نظرية التاءات الثلاثة

حسب ميشال لوني(michel le nid) فإن الاتصال الإقناعي والتأثير في سلوك الأفراد يتم عبر ثلاثة مراحل وهي التوعية،التشريع والتتبع أو المراقبة.فكلها تبدأ بحرف التاء ومن هنا جاء أسمها.

المرحلة الأولى:هي التوعية وتتضمن آليات الإقناع اللساني والتوضيح وتعزيز كل ذلك بالبراهين المقنعة التي تنساب إلى عقول المتلقين،ويشترط في كل معلومات المرسل أن تكون بسيطة حتى يسهل فهمها وإدراكها،كما يشترط فيها عدم التناقض لتنال المصداقية كما يجب أن تكون صياغة الرسالة وتحديد محاورها بصورة واضحة حتى تكون أكثر إقناعا،إذ يجب فهمها دون الحاجة إلى بذل جهد زائد من المتلقي.

كما يشترط في التوعية حتى تكون فعالة الموضوعية وعدم التحيز أو الانطلاق من أفكار ذاتية أو مسبقة في التعامل مع الجمهور والتي يمكن أن تقف في مسار التوعية وتمنع المرسل من الوصول إلى أهدافه.

المرحلة الثانية:هي التشريع،تظهر أهمية هذه المرحلة في الحملات الإعلامية العمومية،لكنها غير مؤثرة في الاتصال الاشهاري،فهي تنص على إدراك أن التوعية لا تلبي الغرض لوحدها،فهي تبين مخاطر الموضوع وفوائده،لكن التشريع يلعب دورا إيجابيا في ممارسة نوع من الضغط على المتلقي من أجل مسايرة المرسل فيما يدعوا إليه.

المرحلة الثالثة:هي مرحلة التتبع،إذ لابد للمرسل أن يعرف أين وصل من أهدافه،فحسب ميشال لوني فإن نجاح عملية الإقناع والتأثير مرتبط بالمتابعة والمراقبة للعملية ككل،لأن الإنسان بحاجة إلى التذكير والتأكيد باستمرار حتى في أموره اليومية البسيطة.

إن عملية المتابعة على عكس المرحلة السابقة تجد مكانها في الاتصال الإشهاري،فهي تمكن المرسل من مواصلة بث رسائله أو إلغائها واستبدالها بأخرى,

2.3.3 نظرية التنافر المعرفي

هذه النظرية أتى بها ليون فستنجر(leon festinger) في 1962،تنطلق من فكرة أن الإنسان كيان نفسي يسعى دائما إلى انسجام مواقفه وآرائه والمواضيع التي يتلقاها مع شخصيته وبنيته النفسية،فنظرية التنافر المعرفي ترمي إلى كون الإنسان يتعارض ويقاوم كل شيء يتعارض وبناءه المعرفي.[1]

تتركز هذه النظرية على أن الفرد يحاول بذل مجهود من أجل الحفاظ على توازنه النفسي من خلال جعل هذه العناصر أكثر توافقا،فالتنافر هو حالة من حالات الدافعية بحيث تدفع الفرد إلى تغيير سلوكاته وآرائه،فوفقا لصاحب النظرية فإن هناك ثلاثة أنواع من العلاقات بين عناصر معرفتنا.[2]

1. علاقة اتفاق بين هذه العناصر.

2. قد لا تكون هناك علاقة اتفاق بين هذه العناصر.

3. قد تكون هناك علاقة تناقض وتعارض بين هذه العناصر.

إذ يضطر الفرد غي الحالة الأخيرة إلى إلغاء هذا التناقض أو التقليل من حدته إما بتبني العنصر الجديد والاستغناء عن القديم،أو عن طريق خلق نوع من الانسجام أو مقاومة العنصر الدخيل عن طريق التجاهل والتغافل عن مصدره أو تصنيفه ضمن العناصر غير المنطقية التي لا يمكن التعاطي معها أو حتى التفكير فيها.

في هذا الإطار،يأتي ليون فستنجر بثلاثة أمثلة يظهر غيها التناقض المعرفي في أجّل صوره وهي اتخاذ القرار،آثار الكذب وآثار الإغراء.[3]

· اتخاذ القرار:إن تخيير الإنسان بين شيئين يضطره إلى ترك بديل واحد بالضرورة،لكن بعد اتخاذ القرار يرى بعض الخصائص الجيدة في البديل المتروك،في سبب التنافر المعرفي ولقضاء على هذا التعارض أو التقليل من حدته أمام الفرد حلين،الأول يحتم عليه إقناع نفسه بأن البديل المتروك غير جذاب وأن خصائص البديل المختار لا تملك قوة التأثير في قراره.أما الثاني فيلجأ فيه إلى تبرير اختياره من خلال إعطاء مجموعة من العوامل التي تؤيده كالمبالغة في وصف خصائص البديل المختار.

· آثار الكذب:يظهر التعارض هنا إذا أقدم الفرد على القيام بما يخالف العناصر والمواقف التي يؤمن بها وتتوقف قوة التنافر على عنصرين،الأول كلما تعارض قوله وقراره مع اعتقاده الشخصي كلما زاد التنافر بينما في الثاني تقل قوة التنافر كلما سعى الفرد إلى تبرير رغم معارضته الداخلية لها.

· آثار الإغراء:في هذه الحالة يظهر لدى الفرد ميولا داخليا للحصول أو فعل شيء يخالف اعتقاده،تتعدد هنا أسباب النفور كأن يكون بعيد المنال أو مخالفة صريحة لمعتقداته أو غير مشروع أو يورطه في مشاكل لا نهاية لها..

3.3.3 نظرية التحليل المعرفي للإعلام

تنطلق هذه النظرية من كون الإنسان كائن عاقل، بحيث يقوم العقل تلقائيا بالتفكير في أي عنصر جديد بوضعه في ميزان المنطق والمعتقد من خلال تحليل المعطيات والمعلومات المكونة للعنصر الجديد لمعرفة مدى قوته ومنطقيته وموافقته للبيئة التي يعيش فيها.

لقد أتى بهذه النظرية الباحث مارتن فيشباين(martin fishbien)،حيث يركز على العامل المعرفي في عملية الإقناع وتغيير الاتجاهات وتعديلها.فالمعلومات المكونة للعنصر الجديد الذي يصل إلى إدراك المتلقي هي التي تدفعه إلى التعامل معه أو إلغائه.

4.3.3 نظرية التوازن المعرفي

تشير هذه النظرية إلى مفهوم أساسي يشكل حاجة إنسانية باعتباره شخصية متشكلة من تناسق مجموعة من المركبات،هذه الأخيرة تفرض على الفرد خلق نوع من التوازن حتى يعيش حياة طبيعية،إذ يصبح معها التوازن حاجة نفسية ومطلب له أهميته.يسعى الفرد إلى الحفاظ عليها وحتى إيجادها إن فقدت.

ويرى صاحب هذه النظرية أن مفهوم حالة التوازن هو وجود مواقف معينة،أين تصبح معها الوحدات الإدراكية والتجارب الوجدانية تعمل دون ضغط,أي أن يخلق الفرد التوازن والانسجام بين مكونات شخصيته.أي التوازن بين المستوى الداخلي والسلوك العلني.

لقد قدم هيدر فريتز(fritz heider) أول نماذج التوازن التي تركز على العلاقات القائمة بين ثلاثة عناصر.شخص”ش”وشخص آخر”ف” وشخص أو شيء آخر”أ”.لقد اهتم هيدر بمدركات “ش” وما يمثله”ف”و”أ” والعلاقات التي تربط العناصر الثلاثة .[4]

كما يركز هيدر من خلال نظريته على نوعين من العلاقات بين الناس والأشياء.

1. علاقات متصلة بالمشاعر.

2. علاقات متصلة بالوحدة.

علاقات متصلة بالمشاعر( sentiment relation):هي نتيجة للطريقة التي نشعر ونقيم بها الأشياء.وتتضمن مشاعر الحب والإعجاب والقبول ونقيض هذه المشاعر.

علاقات متصلة بالوحدة(unit reletion):تركز هذه العلاقات على الوحدات التي تتشكل من خلال الربط بين مجموعة من العناصر.فعلى سبيل المثال الرجل وزوجته عبارة عن وحدة،شأنه في ذلك شأن الأستاذ وطلبته.وترتكز هذه العلاقات حسب هيدر على عدة أساسات كالتماثل(الهداف في فريق كرة القدم)والاتصال(المؤلف والكتاب)أو الملكية(الرجل وكلبه).[5]

تتجسد هذه النظرية في الإشهار من خلال سعي الفرد إلى الحصول على الرضا المطلوب الذي يحقق له توازنه الداخلي،فهو يهدف بتعامله مع المنتجات إلى إرضاء نفسه بالدرجة الأولى.والمحافظة على العلاقات التي تربطه بمحيطه الخارجي.

5.3.3 نظرية العلاقات الاجتماعية

تنطلق هذه النظرية من افتراض أهمية العلاقات الاجتماعية بين الأفراد داخل جماعة واحدة أو حتى بين عدة جماعات أولية في تعامل الفرد مع الرسائل الاشهارية.فهذه الرسائل تمر عبر العلاقات الاجتماعية لتصل بصورة واضحة إلى إدراك الفرد.

في هذا الإطار ولإثبات دور الفئات الاجتماعية والعلاقات السائدة بينها،قام كل من لازار سفيلد وقودين وبيرلسون عام 1940 بإعداد دراسة،اختاروا لها عينة من مدينة إيري كاونتي بولاية أوهايو الأمريكية.حيث ضمت 600 شخص كما حددوا عينة إضافية تحقيقية للحكم على مدى صدق النتائج المتوصل إليها.إلا أن الموضوع كان سياسي يهدف إلى معرفة ميول الأفراد أثناء التصويت معتمدين في ذلك على عدة محددات كالسن والجنس والانتماء السياسي,حيث خلصوا إلى أن الفرد بحكم انتمائه إلى جماعة معينة لديه ميولا كاملا لسلوك علني محدد.[6]

كما تظهر أهمية هذه النظرية إلى جانب أهميتها في الاتصال السياسي في الاتصال التجاري،فالفرد قبل أن يختار منتوج معين يقوم باستشارة أفراد جماعته التي ينتمي لها خصوصا مع السلع البرتقالية والصفراء,فمن غير المعقول اتخاذ الفرد لقرارات نهائية عشوائيا تكلفه غاليا وتدفعه إلى الندم.

6.3.3 نظرية التنظيم الاجتماعي

تنطلق هذه النظرية أيضا من افتراض أساسي يرتبط بطبيعة الإنسان،فهو كائن اجتماعي بطبعه،إذ يميل إلى الاجتماع مع بني جنسه والانضواء تحت لواء جماعة بشرية معينة متفقة مع حاجاته ودوافعه واتجاهاته النفسية.

إن الفرد لا يمكنه العيش بمفرده من منطلق عدم قدرته على تلبية جميع حاجاته مع تنوعها.فلا يمكن مثلا أن يكون منتجا ومسوقا ومستهلكا في الوقت نفسه،فإن كان منتجا فهو في حاجة إلى من يصمم له رسائل إشهارية وإلى غير ذلك.

كما أن الجماعات مهما كانت طبيعتها لا يمكن أن تحافظ على استقرارها واستمرارها هكذا عفويا،بل يجب أن تضع مجموعة من القواعد المتعارف عليها من جميع أفرادها.”فهذه النظرية تقوم على فكرة أساسية وهي أن الأفراد في الجماعات الإنسانية تنظمهم قواعد تنظيمية معينة يفهمها الأفراد ويتعاملون على أساسها،كما تتيح لهم قدرا أكبر لفهم أدوارهم وواجباتهم وحقوقهم والسلوك الذي يجب أن يتبعوه.وهذه القواعد التنظيمية هي التي تؤدي إلى نماذج سلوكية معينة,تسمى في مجموعها بالتنظيم الاجتماعي.أي تنظيم سلوك الفرد الاجتماعي”.[7]

إن التنظيم الاجتماعي يعني ضبط العلاقات من خلال تحديد الأدوار والحقوق والواجبات.فعملية الضبط الاجتماعي مهمة جدا في عملية الإقناع.فإذا ما أردنا أن نقنع مؤسسة ما بشراء منتجاتنا فما علينا إلا أن نعمل على إرضاء المدير وهو المخول باتخاذ القرار في هذا التنظيم الاجتماعي(المؤسسة) وما على فريق العمل إلا تطبيق ما يتخذه المدير من قرارات.من هذا المنطلق كان على المعلن أن يدرس طبيعة الجماعات المستهدفة والعلاقات القائمة بين أفرادها إذا ما أراد الحصول على اقتناعهم.

7.3.3 نظرية التأثير الانتقائي

إن تطور العلوم الإنسانية أثبت أن وسائل الإعلام هي جزء بسيط من المجتمع الكلي، فالفرد قبل أن يتعرض إلى هذه الوسائل،تعرض إلى تأثير عوامل أخرى مرتبطة بالتنشئة الاجتماعية.

تجسدت هذه الفكرة من خلال ما توصل إليه ميلفن دفلر وزميلته روكتش بناءا على فكرة أن الطاقة الاستيعابية للفرد لا يمكنها أن تستوعب الكم الهائل من الرسائل التي يتعرض لها يوميا.فهو لا يدرك كل ما يتلقاه،بل ينصب تفكيره على إدراك وفهم الرسائل التي تحتوي على مفاهيم تهمه أو على الأقل هو في حاجة إليها.فالمواضيع لا تفرض على المتلقي وإنما يختار ما يريد ويترك ما لا يحتاج إليه وتتجسد هذه النظرية من خلال عدة مفاهيم.[8]

التعرض الانتقائي:يشير إلى حرية المتلقي في اختيار ما يتعرض له،فهو لا يتعرض إلى جميع الرسائل التي تبث عبر وسائل الإعلام بل يهتم ببعضها ويهمل الأخرى.

الإدراك الانتقائي: يرتبط هذا العنصر بالمواضيع التي اهتم لها الإنسان،فهو لا يدرك كل ما يتلقاه بل يركز إدراكه على بعض المواضيع التي اختار التعرض لها.

التذكر الانتقائي: يعمل الفرد على التركيز على بعض مدركاته لتخزينها في ذاكرته ليقوم بعملية استرجاعها متى أراد ذلك.

التصرف الانتقائي: هو آخر عنصر من عناصر نظرية التأثير الانتقائي.فهو يعني حمل المتلقي على عملية الفعل مع ترك الحرية في كيفية التصرف.

إذن هذه أشهر النظريات التي يتوسل بها المعلن من أجل إقناع المستهلك،فهي عبارة عن معطيات ومحاور يرتكز عليها لتصميم رسالته الاشهارية التي تضمن له تسويق جيد لمنتوجه سواء أكان سلعة مادية أو خدمة.


التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

خلفيات دراسات جمهور وسائل الإعلام


خلفيات دراسات جمهور وسائل الإعلام
إن تحديد طبيعة الدراسات الاتصالية المتعلقة بجمهور وسائل الإعلام تتوقف على معالجة العوامل الرئيسية المحركة لها وعلى أهداف الجهة الممولة كما نتوقف على طبيعة العلاقة القائمة بين الجمهور و مقرري السياسة الإعلامية للمؤسسة أو النظام الاجتماعي السياسي. تعمل وسائل الإعلام في إنتاج رسائل إعلامية معينة لجمهور معين لتحقيق أهداف معينة . وعلى الرغم من أهمية الإطار الإيديولوجي و السياسي في تحديد طبيعة الجمهور إلا انه لا يعتبر الطرف النهائي في تحديد العملية الاتصالية ونقتصر على معالجة العوامل المؤثرة في هذه الدراسات و أهم نظريات تكوين الجمهور
1.عوامل تطوير دراسات الجمهور:
و تتمثل في أربعة عناصر متداخلة في أسبابها ووسائلها ومختلفة في أهدافها : ‌أ)الدعاية : احتلت الدعاية مجالا واسعا عن طريق الصحافة المكتوبة والسينما المتنقلة ولاسيما أثناء الحرب العالمية الأولى(1914-1918) و الثانية (1939-1945) لتشمل عدد اكبر من أفراد المجتمعات الجماهيرية التي تعيرها النظريات الفلسفية و السيكولوجية على أنهم مجرد تجمعا ت بشرية إذ يتحكم فيها القادة الأقوياء واستمرت الدعاية كمحرك نشيط لدراسات الجمهور إلى الوقت الراهن مع اختلاف الأساليب و الأهداف باختلاف المراحل التاريخية التي أعقبت الحرب العالمية الثانية. اعتمدت دراسات الجمهور على نتائج أبحاث العلماء وفلاسفة السيكولوجية و السوسيولوجية و الأثنية أمثال دروس فرويد، ماركن،وآخرون الذين وضعوا نظريات حول الطبيعة البشرية الفردية و الجماعية وتفاعلاتها النفسية و الاجتماعية محاولة لفهم الشعوب مثلا : النازية،الفاشية ، الشيوعيون،والليبراليون واستمرت الدعاية إلى غاية انهيار المعسكر الشيوعي في نهاية الثمانيات . ولا تزال الدعاية الإيديولوجية للأحزاب و التيارات الفكرية واحدة من العوامل المنشطة للدراسات المنتصبة على الجمهور سواء بالحملات الانتخابية الدورية و الظرفية لاستمالة الرأي العام لفرضه قضايا و أفكار معينة بأساليب دقيقة وعالية في إعداد أو إنجاز الحملات واستفتاء في الرأي العام ونشاطات العلاقات العامة الرامية إلى تحسين صورة الشخص أو المؤسسة أو النظام لدى الجمهور . ‌ب)الإشهار: يعتبر الإشهار والإعلانات التجارية المحرك البارز في إعطاء دفع قوي لدراسات الجمهور سواء نعلق الأمر بالمعلنين أو الناشرين أو موزعي الرسائل الاشهارية على الجمهور. عرفت أبحاث الجمهور تطورا في و م أ بعد الحرب العالمية 2 ليصبح ميدانا متخصصا يستجيب نموه لاحتياجات مجموع صناعي إلكتروني يركز على الجانب السمعي . و مع انتشار ظاهرة “كونية” (النشاطات الإعلامية ) و باستعماله المكثف لتكنولوجيات الإعلام الجديدة والتي تعمل على طابع الكونية على الجمهور (عولمة globalisation) بالموازاة مع عالمية الاقتصاد والثقافة الاستهلاكية و الحملات التسويقية أصبح بالإمكان دراسة هذا الشكل من الجمهور المتعرض للرسائل الاشهارية من القنوات الفضائية ومواقع شبكة الويب . إن العلاقة بين الإشهار والدعاية يكاد تختفي أهمية التفرقة بينهما إذ هناك ارتباط وثيق بينهما فالإعلانات هي بشكل أو آخر دعاية للبضاعة أو خدمة وهي في نفس الوقت تحمل مضامين بيولوجية و ثقافية سائدة في مجتمعات معدي ومرسلي الرسائل الاشهارية. ‌ج)الرأي العام: يعتبر عامل من عوامل تنشيط دراسات الجمهور و الاستجابة لفكرة الديمقراطية حيث تعمل الحكومات على كسب تأييد رعاياها في القرارات و المحافظة على قبول الرعايا ومصالحهم تحسبا للانتخابات اللاحقة و تعمل الأحزاب السياسية و الأشخاص المتنافسة على السلطة تخصيص أموال معتبرة للحملات الإعلامية بتمويل الصحف و وسائل الإعلام الأخرى قصد كسب الرأي العام لصالحهم. كان ظهور دراسات الرأي العام كلازمة للأنظمة الديمقراطية ثم تلتها دراسات الجمهور مع انتشار وسائل الإعلام كمظهر من مظاهر ممارسة الديمقراطية. و قد تكثفت بحوث الجمهور خلال النصف الثاني من القرن 20 ضمن تطور الدراسات الإعلامية بصفة عامة حتى أصبحت صناعة قائمة بحد ذاتها متخصصة في قياس الرأي العام تعمل لحساب الأحزاب و الحكومات و المصالح المالية و التجارية بم فيها وسائل الإعلام نفسها. و في نفس السياق تأثير الأفكار الجديدة حول الأجيال الجديدة لحقوق الإنسان في تطور دراسات الجمهور خاصة بعد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948 الذي أنشأ الجيل الجديد الحق في الإعلام و الحقوق المجاورة و المشابهة و أصبح هذا الحق قانونيا في 1966 بعدما كان حقا نظريا في 1948 حيث من حق الجمهور أن يطلع على المعلومات و الآراء التي تلبي حاجاته و تستجيب لاهتماماته لذا استوجب فرض دراسات لمعرفة احتياجات الجمهور الإعلامية المتغيرة بتغير ظروف المكان و الزمان بصرف النظر عن كونه مستهلكا أو ناخبا. ‌د)الاحتياجات العلمية: برزت الحاجة إلى دراسة جمهور وسائل الإعلام دراسة معمقة لأهداف علمية أكاديمية في النصف الثاني من القرن العشرين بعد التقدم الهائل في الدراسات المتعلقة بنظام مصادر الرسائل الإعلامية و مضامينها و وسائل الإعلام و الآثار التي قد تحدثها في سلوكيات الجمهور. فالكم الهائل من الدراسات التسويقية و توجهات الرأي العام وفرت جوا للمقاربات الامبريقية مما دفع بالباحثين الإعلاميين إلى اختبار و إعادة صياغتها من أجل إثراء مشروع النظري العلمية للإعلام و الاتصال و قد ازداد الاهتمام بهذه الدراسات و الحاجة إليها بعدما تبنت دول العالم الثالث أفكار الحداثة و التنمية و قدرات وسائل الإعلام على المساهمة في عملية الانتقال من المجتمعات التقليدية إلى المجتمعات الحديثة وفقا لنظرية الإعلام الإنمائي و قد تجسد ذلك في إنشاء معاهدة متخصصة في الدراسات الإعلامية على مستوى أغلب جامعات تلك الدول تحت إشراف اليونسكو على برامجها. و كانت البداية الفعلية للاهتمام العلمي بجمهور وسائل الإعلام مع ظهور فكرة الوظيفة التعليمية لوسائل الإعلام إذ أجرى علماء النفس السلوكي بحوثا يسرت نظريات التعليم واستعمال وسائل الإعلام في لأغراض تعليمية و تدريبية لذلك نجد جل الباحثين في المجتمعات الحديثة العهد بالاتصال يكتفون بدراسات تعليمية للحصول على درجة علمية أو ترقية مهنية..

التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

امتحان مقياس "الإعلان"


تتجدد أنواع الإشهار على أساس وجود متغيرات تسطر أهدافها الإتصالية و التسويقية ، و يحاول من خلالها تحقيق اقناع بسيكولوجي تجاري، و ذلك بالنظر الى كل مراحل تطور حياة المتوج التجاري سواء على المستوى الإتصالي أو التسويقي.
1- حدد هذه المتغيرات بتحديد أنواع الإشهار.
2- كيف يتحقق الإقناع البسيكولوجي و التجاري ؟
3- وضح ذلك من خلال رسم بياني لدورة حياة منتوج تجاري من اختيارك.

التصنيفات
علوم الإعلام والإتصال

الأنواع الصحفية وخصائصها


موضوع: خصائص الانواع الصحفية الثلاثاء نوفمبر 25, 2022 4:13 am

——————————————————————————–

خصائص الأنواع الصحفية

1- النبأ الصحفي الموجز: إن النبأ الصحفي الموجز يجيب على الأسئلة التالية: من- ماذا- متى- أين. وعادة لا يتجاوز طول نص النبأ الصحفي الموجز فقرة واحدة التي تكون متألفة من 5-6 أسطر.

2- المقال الإخباري: يجيب المقال الإخباري القصير بشكل متصل على الأسئلة التالية: من- ماذا- متى- أين. ويتألف المقال الإخباري القصير من ثلاث أو أربع فقرات ويكون عادة برقية وكالة أنباء ُتنشر في الصحيفة بدون أي تغيير يُذكر.

3- المقال المصهور: هو إعادة كتابة مجموعة أخبار متفرقة في مقال واحد. أما مصادر هذه الأخبار فهي وكالات الأنباء- المراسلين الصحفيين- قسم التوثيق في الجريدة.

4- التقرير الإخباري: يعطي القارئ المعلومات الأساسية حول حدث ما، ويتضمن إختيار المعلومات المرتبطة بالحدث ويتطلب أيضاً وجود الصحفي في مكان الحدث لينقل الوقائع التي شاهدها ويترك للقارئ حرية الحكم عليها.

5- الريبورتاج: توجد تقنية لكتابة الريبورتاج وهي تشمل تجميع المعلومات اللازمة حول المواضيع التالية:

أسماء أبطال الحدث، أعمارهم، طريقة تعبيرهم، طرائق ومشاهدات حول الموضوع، الجو العام الذي جرى فيه الحدث. وقبل كتابة الريبورتاج يسأل الصحفي نفسه: ما هي الرسالة التي أنوي إيصالها؟

6- المقابلة الصحفية: هو حديث يجريه الصحفي مع شخصية أدبية- سياسية أو شخص ما كان شاهداً على حدث ما. وهو حديث ثنائي إجمالاً بين صحفيّ ومحاوره.

7- وصف شخصية عبر مقال صحفي: هذا النوع الصحفي يساعد القارئ على معرفة بعض المعلومات عن الشخصية التي يكتب عنها من خلال الحديث عن مزايا الشخص، شكله الخارجي، طريقة تعبيره، عاداته، ماذا كان يعمل، ما هي مشاريعه.

8- التحقيق الصحفي: يبحث ويفضح إشكالاً ما سياسياً أو إجتماعياً. وهو يشبه البحث العلمي لكنه يختلف في الاسلوب.

9- مقالات الرأي: وهي:
1- الإفتتاحية: مقال صحفي تكتبه شخصية مهمة في الجريدة. من المؤكد أنه يعبّر عن رأي الجريدة.
2- مقال نقدي: وهو مقال مخصص لنقد المواقف والأعمال والكتّاب وسواهم.
3- الحديث: مقال موقّع من قبل صحفي مهم يتناول بأسلوب مشوّق موضوعاً ثقافياً أو إجتماعياً.
4- البطاقة: مقال صحفي قصير يتضمن تعليقاً على حدث ما بأسلوب نقدي ولاذع.


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

موفق بإذن الله … لك مني أجمل تحية .

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .