التصنيفات
اللغة العربية وعلومها

الأدب في العصر الجاهلي

الأدب في العصر الجاهلي

مقدمة: يراد بالعصر الجاهلي في الدراسة الأدبية فترة محدودة تقدر بقرن أو قرن ونصف قبل ظهور الإسلام، وتعني كلمة الجاهلية السفه والطيش[1]، ثم صار إطلاقها دلالة على الوثنية والأخلاق القائمة على الحمية والأخذ بالثأر.
شبه الجزيرة العربية: تقع في الجنوب الغربي من القارة الآسيوية، يحدها نهر الفرات وبادية الشام شمالا، والخليج العربي وبحر عمان شرقا، والمحيط الهندي جنوبا، ومن الغرب البحر الأحمر. وتنقسم إلى خمسة أقسام من الناحية الإقليمية وهي: تهامة، نجد، الحجاز، اليمن، العروض.
القبائل العربية: تنقسم القبائل العربية إلى قسمين: شمالي وجنوبي، فالقسم الشمالي ينقسم إلى قسمين كبيرين: عدناني مضري، وهم عرب الشمال المنحدرون من عدنان ومضر ونزار1، من أهم قبائلها وقسم قحطاني انتقل من الجنوب (اليمن وحضرموت) بعد ضعف ممالكها سبأ، ذي ريدان وحضرموت، وبعد (سيل العرم) الذي خرَّب سد مأرب2. وقد تكتل العرب على أساس الأنساب في مجموعتين:
قحطانية يمنية: وتنتسب ليعرب بن قحطان، وتسمى هذه المجموعة العرب العاربة.
مضرية عدنانية: وتنسب لنسل عدنان من ولد إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، وتسمى عربا مستعربة.
النظام القبلي: كان الرباط القبلي فيما بينهم العصبية القبلية، ودليل ذلك دريد بن الصمة إذ يقول:

وما أنا إلا من غُزيَّة إن غوت غويت وإن ترشد غُزية أرشد

أما النظام الذي كان يجمع بعض القبائل فهو نظام الأحلاف القاضي بالتناصر والتشارك بالغرم والغنم.
النظام الاجتماعي: كانت القبيلة تتألف من ثلاث طبقات: أبناؤها، وهم الذين يربطهم الدم و النسب، والعبيد، وهم الرقيق والموالي المجلوبون من البلاد المتاخمة خاصة الحبشة، والخلعاء الذين نفتهم قبائلهم ومنهم: تأبط شرا، الشنفرى، عروة بن الورد…
الحياة العقلية عند العرب: كانت أبرز مظاهر حياتهم العقلية تجليات اللغة جماليا، وهو ما تمثَّل في الأدب عموما، والشعر والخطابة خصوصا، كما كانت عندهم معرفة بالأنساب والأنواء والطب.
أما إذا انتقلنا إلى المجال الديني، فقد تعددت الأديان وكان أكثرها عبادة الأوثان، وكان منهم من عبد القمر مثل كنانة، ومنهم من عبد الشمس وهو ما حدث في أجزاء من اليمن، كما نجد اليهودية في يثربَ واليمنِ، وانتشرت النصرانية في ربيعة وغسان والحيرة ونجران، ولا ننسى الحنفاء الذين لم يتبعوا دينا، وإنما اتجهوا لعبادة الله عز وجل اتباعا للنبي إبراهيم عليه السلام. وقد تميز أغلب العرب بأخلاق منها الذميمة كالوأد، لعب الميسر وشرب الخمر، والنبيلة مثل الكرم، وحماية الجار…وكثيرا ما تغنوا بها في أشعارهم.

1- وأصدق ما يدل على ذلك الحروب التي نشبت بين أبناء القبيلة على أساس تافه كحرب داحس والغبراء، وحرب البسوس.

2– من أهم قبائلها: قريش،ثقيف، عبد القيس، بنو حنيفة، تغلب، أسد، هذيل، قيس، عيلان وغطفان…

3– من أهم قبائلها: كِنْدَة، الأزد، تنوخ، طيء، قُضاعة، خُزاعة…


التصنيفات
اللغة العربية وعلومها

كتاب قطر الندى وبل الصدى

] قطر الندى وبل الصدى [
للعلامةِ جمالِ الدين محمدِ بنِ يوسفَ بنِ هشامٍ الأنصاريِّ
( 708 – 761 ) هـ
بسم الله الرحمن الرحيم

الكلمة قول مفرد. وهي اسم وفعل وحرف.
فأما الاسم فيعرف بأل كـ( الرجلِ ) وبالتنوينِ كـ( رجلٍ ) وبالحديثِ عنه كتاءِ ( ضربتُ ).
وهو ضربان: مُعْرَبٌ وهو ما يَتَغَير أواخرُه بسبب العواملِ الداخلةِ عليه كـ( زيدٍ )؛ ومَبْنِيٌّ وهو بخلافه، كـ( هؤلاءِ ) في لُزُوم الكسر، وكذلك حذامِ وأمسِ في لغة الحجازيِّينَ، وكـ( أحدَ عشرَ ) وأخواتِه في لزوم الفتح، وكقبلُ وبعدُ وأخواتِهما في لزوم الضَّمِّ إذا حُذِفَ المضافُ إليه ونُوِيَ معناهُ، وكمنْ وكمْ في لزوم السُّكون وهو أصل البناء.
وأما الفعل فثلاثة أقسام:
ماضٍ. ويُعْرَف بتاءِ التأنيث الساكنةِ. وبناؤه على الفتح كضربَ، إلا مع واوِ الجماعة فيُضَمُّ كـ( ضربُوا )، والضميرِ المرفوعِ المتحركِ فيُسَكَّنُ كـ( ضربْتُ ). ومنه نِعم وبِئس وعسى وليس في الأصح.
وأمرٌ. ويعرف بدلالته على الطلب مع قبوله ياءَ المخاطَبَةِ. وبناؤه على السكون كـ( اضربْ )، إلا المعتلَّ فعلى حذف آخره كـ( اغزُ واخشَ وارمِ )، ونحوَ قوما وقوموا وقومي فعلى حذف النون. ومنه هلمَّ في لغة تميم، وهاتِ وتعالَ في الأصح.
ومضارعٌ. ويعرف بلم. وافتتاحُه بحرفٍ من نَأَيْتُ، نحو نقوم وأقوم ويقوم وتقوم. ويُضَمُّ أولُه إن كان ماضِيه رُباعياً كـ( يُدحرج ويُكرم )، ويفتح في غيره كـ( يَضرب ويجتمع ويَستخرج ). ويسكن آخره مع نونِ النِّسوة نحو يتربصْنَ وإلا أن يعفوْنَ، ويُفْتَحُ مع نون التوكيد المباشرةِ لفظاً وتقديراً نحو لينبذَنَّ، ويعرب فيما عدا ذلك نحو يقومُ زيدٌ ولا تتبعانِّ لتبلَوُنَّ فإما ترَيِنَّ ولا يصدُّنَّك.
وأما الحرفُ، فيعرف بأن لا يقبل شيئاً من علامات الاسم ولا شيئاً من علامات الفعل، نحوُ هل وبل. وليس منه مهما وإذما، بل ما المصدريةُ ولما الرابطةُ في الأصح. وجميع الحروف مبنية.
والكلام لفظ مفيد. وأقل ائتلافه من اسمينِ كـ( زيدٌ قائمٌ )، أو فعل واسم كـ( قامَ زيدٌ ).
فصلٌ:
أنواع الإعراب أربعة: رفعٌ ونصبٌ في اسم وفعل نحو ( زيدٌ يقومُ ) و ( إن زيداً لن يقومَ )، وجرٌّ في اسم نحو ( بزيدٍ )، وجزمٌ نحو ( لم يقمْ ).
فَيُرْفَعُ بضمة، وينصب بفتحة، ويجر بكسرة، ويجزم بحذف حركة، إلا:
الأسماءَ الستة، وهي أبوه وأخوه وحموها وهَنُوه وفوه وذو مال، فتُرْفَع بالواو وتُنْصَب بالألف وتُجَر بالياء. والأفصحُ استعمالُ هَنٍ كَغَدٍ.
والمثنى كالزيدان فيرفع بالألف، وجمعَ المذكر السالِمَ كالزيدونَ فيرفع بالواو، ويُجَرَّانِ وينصبان بالياء. وكلا وكلتا مع الضمير كالمثنى، وكذا اثنان واثنتان مطلقاً وإن رُكِّبَا. وأُوْلُو وعِشْرُون وأخواتُه وعالَمونَ وأَهْلُونَ ووابِلونَ وأَرَضُونَ وسِنُونَ وبابُه وبَنُونَ وعِلِّـيُّونَ وشِبْهُهُ كالجمعِ.
وأولاتُ وما جُمِعَ بألفٍ وتاء مَزِيدَتَيْنِ وما سُمِّيَ به منهما فينصب بالكسرة، نحو ( خلق الله السمواتِ )، و ( أصطفى البناتِ ).
وما لا ينصرف فيجر بالفتحة نحوَ ( بأفضلَ منه )، إلا مع أَلْ نحوُ ( بالأفضلِ ) أو بالإضافة نحوُ ( بأفضلِكم ).
والأمثلةَ الخمسةَ، وهي تَفعلانِ وتَفعلونَ بالياء والتاء فيهما، وتفعلينَ، فترفع بثبوت النون، وتجزم وتنصب بحذفها، نحو ( فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا ).
والفعلَ المضارعَ المعتلَّ الآخرِ فيجزم بحذف آخره، نحوَ ( لم يغزُ ولم يخشَ ولم يرمِ ).
فصل: تُقَدَّرُ جميعُ الحركاتِ في نحو ( غلامي والفتى ) ويسمى الثاني مقصوراً، والضمةُ والكسرةُ في نحو ( القاضي ) ويسمى منقوصاً، والضمةُ والفتحةُ في نحو ( يخشى )، والضمةُ في نحو ( يدعو ويقضي ). وتظهر الفتحةُ في نحو ( إنَّ القاضيَ لن يقضيَ ولن يدعوَ ).
فصلٌ: يُرْفَعُ المضارعُ خالياً من ناصب وجازم نحوُ ( يقومُ زيد ).
وينصب بـ( لنْ ) نحوُ ( لن نبرحَ )، وبـ( كَيِ ) المصدريةِ نحوُ ( لكَيْلا تأسوا )، وبـ( إِذَنْ ) مصدرةً وهو مستقبلٌ متصلٌ أو منفصلٌ بقَسَمٍ نحوُ ( إذن أكرمَك ) و ( إذن – والله – نرميَهم بحرب )، وبـ( أَنْ ) المصدريةِ ظاهرةً نحو ( أن يغفرَ لي )، ما لم تسبق بعِلْمٍ نحو ( علم أن سيكونُ منكم مرضى )، فإن سُبِقَتْ بِظَنٍّ فوجهانِ نحو ( وحسبوا أن لا تكونَ فتنةٌ )، ومضمرةً جوازاً بعد عاطفٍ مسبوقٍ باسم خالص نحو ( ولُبْسُ عباءة وتقرَّ عيني )، وبعد اللامِ نحو ( لِتبينَ للناس ) إلا في نحوِ ( ِلئَلا يعلم ) ( لِئَلا يكونَ للناس ) فَتَظْهَرُ لا غيرُ، ونحوُ ( وما كان الله لِيعذبَّهم ) فتُضْمَرُ لا غيرُ، كإضمارها بعد حتى إذا كان مستقبلاً نحوِ ( حتى يرجعَ إلينا موسى )، وبعد أو التي بمعنى إلى نحوِ ( لأَسْتَسْهِلَنَّ الصعب أو أدركَ المنى ) أو التي بمعنى إِلا نحوِ ( وكنتُ إذا غَمَزْتُ قناةَ قومٍ كَسَرْتُ كُعُوبَها أو تستقيمَا )، وبعدَ فاءِ السببيةِ أو واوِ المعيةِ مسبوقَتَيْنِ بنفي مَحْضٍ أو طلبٍ بالفعل نحوِ ( لا يُقضى عليهم فَيموتوا ) ( ويعلمَ الصابرين ) ( ولا تطغوا فيه فيحلَّ ) و ( لا تأكلِ السمك وتشربَ الحليب ).
فإن سَقَطَتِ الفاءُ بعد الطلب وقُصِدَ الجزاءُ جُزِمَ نحوُ قولِه تعالى: ( قل تعالَوا أتلُ ). وشرطُ الجزم بعد النهيِ صحةُ حلولِ إِنْ لا محلَّه نحوُ ( لا تدنُ من الأسد تسلمْ )، بخلاف يأكلُك.
ويُجزم أيضاً بلَمْ نحو ( لم يلدْ ولم يولدْ )، ولَمَّا نحو ( لما يقضِ )، وباللام ولا الطلبِيَّتَيْنِ نحو ( لِينفقْ، لِيقضِ، لا تشركْ، لا تؤاخذْنا ).
ويَجْزِمُ فعليِن إنْ وإذْما وأَيٌّ وأينَ وأنى وأيانَ ومتى ومهما ومَنْ وما وحَيْثُمَا نحو ( إِنْ يشأْ يُذهبْكم ) ( من يعملْ سوءاً يُجزَ به ) ( ما ننسخْ من آية أو ننسِها نأتِ بخير منها ).
ويسمى الأول شرطاً، والثاني جواباًَ وجزاءً، وإذا لم يَصْلُح لمباشرة الأداة قُرِنَ بالفاء نحوُ ( وإن يمسسْك بخير فَهو على كل شيء قدير )، أو بإذا الفُجَائِيةِ نحوُ ( وإن تُصبْهم سيئةٌ بما قدمت أيديهم إذا هم يقنَطون ).
فصل: الاسم ضربان:
نكرة، وهو ما شاع في جنسٍ موجودٍ كـ( رجل ) أو مقدرٍ كـ( شمس ).
ومعرفةٌ وهي ستةٌ:
الضميرُ وهو ما دل على متكلمٍ أو مخاطبٍ أو غائبٍ. وهو إما مُسْتَتِرٌ كالمقدر وجوباً في نحو ( أقومُ ) و ( تقومُ ) أو جوازاً في نحوِ ( زيد يقوم )، أو بارزٌ وهو إما متصلٌ كـ( تاء ) ( قمتُ ) وكافِ ( أكرمُكَ ) وهاءِ ( غلامِهِ )، أو منفصلٌ كـ( أنا وهو وإيايَ ). ولا فصلَ مع إمكانِ الوصلِ، إلا في نحوِ الهاء من ( سَلْنِيهِ ) بِمَرْجُوحِيَّةٍ، و ( ظنَنْـتُكَهُ ) و ( كُنْـتَهُ ) برجحان.
ثم العَلَمُ إما شخصيٌّ كـ( زيدٍ ) أو جنسيٌّ كـ( أسامةَ )، وإما اسمٌ كما مثلنا أو لقب كـ( زينِ العابدينَ ) و ( قُفَّةَ ) أو كُنْيَةٌ كـ( أبي عمرو ) و ( أمِّ كلثومٍ ). ويُؤَخَّر اللقبُ عن الاسم تابعاً له مطلقاً، أو مخفوضاً بإضافته إن أُفْرِدَ كـ( سَعِيدِ كُرْزٍ ).
ثم الإشارةُ. وهي ذَا للمذكر، وذِي وذِهِ وتِي وتِهِ وتَا للمؤنث، وذانِ وتانِ للمثنى بالألف رفعاً وبالياء جَرّاً ونصباً، وأُوْلاءِ لجمعِهما. والبعيدُ بالكاف مجردةً من اللام مطلقاً أو مقرونةً بها، إلا في المثنى مطلقاً وفي الجمع في لغة من مدَّهُ وفيما تقدَّمَتْهُ هَا التنبيهِ.
ثم الموصولُ. وهو الذي والتي، واللذان واللتان بالألف رفعاً وبالياء جراً ونصباً، ولجمع المذكر الذين بالياء مطلقاً والألى، ولجمع المؤنث اللائي واللاتي، وبمعنى الجميع مَنْ ومَا وأيُّ، وأَلْ في وصفٍ صريحٍ لغير تفضيلٍ كالضاربِ والمضروبِ، وذو في لغة طيّء، وذا بعدَ مَا أو مَنْ الاستفهامِيَّتَيْنِ. وصِلةُ أل الوصفُ، وصِلَة غيرِها إما جملةٌ خبريةٌ ذاتُ ضميرٍ طبقٍ للموصول يسمى عائداً، وقد يحذف نحو ( أيُّهم أَشَدُّ ) ( وما عَمِلَتْ أيديهم ) ( فاقضِ ما أنت قاضٍ ) ( ويشرب مما تشربون )، أو ظرفٌ أو جارٌّ ومجرورٌ تامانِ متعلقانِ بـ( اِسْتَقَرَّ ) محذوفاً.
ثم ذو الأداة، وهي أل عند الخليل وسِيبَوَيْهِ، لا اللامُ وحدَها خلافاً للأخفش. وتكون للعَهْدِ نحو ( في زجاجةٍ الزجاجةُ ) و ( جاء القاضي )، أو للجنس كـ( أَهْلَك الناسَ الدينارُ والدرهمُ ) ( وجعلنا من الماءِ كل شيء حيٍّ )، أو لاستغراق أفرادِه نحو ( وخُلِق الإنسانُ ضعيفاً ) أو صفاتِه نحو ( زيدٌ الرجلُ ). وإبدالُ اللام ميماً لغةٌ حِمْيَرِيَّةٌ.
والمضافُ إلى واحد مما ذكر. وهو بحسب ما يضاف إليه، إلا المضافَ إلى الضمير فكالعَلَمِ.
بابٌ: المبتدأُ والخبرُ مرفوعانِ، كـ( اللهُ ربُّنا ) و ( محمدٌ نبيُّنا ).
ويقع المبتدأُ نكرةً إن عمَّ أو خصَّ، نحوُ ( ما رجلٌ في الدار ) ( أَإِلَهٌ مع الله ) ( ولَعَبْدٌ مؤمنٌ خيرٌ من مشرك ) و ( خمسُ صلواتٍ كتبهُنَّ الله ).
والخبرُ جملةً لها رابطٌ كـ( زيدٌ أبوه قائمٌ ) و ( لباسُ التقوى ذلك خير ) و ( الحاقةُ ما الحاقةُ ) و ( زيدٌ نعمَ الرجلُ )، إلا في نحو ( قل هو اللـهُ أحدٌ )، وظرفاً منصوباً نحو ( والركبُ أسفلَ منكم )، وجاراً ومجروراً كـ( الحمدُ لله ربِّ العالمين ) وتعلقُهما بـ( مستقِرّ ) أو ( استقَرّ ) محذوفتينِ.
ولا يخبر بالزمان عن الذات، والليلةُ والهلالُ متأوَّلٌ. ويغني عن الخبر مرفوعُ وصفٍ مُعْتَمِدٍ على استفهامٍ أو نفيٍ، نحو ( أقاطنٌ قومُ سلمى ) و ( ما مضروبٌ العَمْرَانِ ).
وقد يتعدد الخبر، نحو ( وهو الغفورُ الودودُ ). وقد يتقدمُ، نحو ( في الدار زيدٌ ) و ( أين زيدٌ ).
وقد يُحذَف كلٌّ من المبتدإ والخبر نحو ( سلامٌ قومٌ منكرونَ ) أَيْ عليكم أنتم. ويجب حذفُ الخبر قبلَ جوابَيْ لَوْلا والقسمِ الصريحِ والحالِ الممتنعِ كونُها خبراً، وبعد الواو المصاحبةِ الصريحةِ، نحو ( لولا أنتم لكُـنَّا مؤمنين ) و ( لَعَمْرُكَ لأفعلَنّ ) و (ضَرْبِي زيداً قائماً ) و ( كلُّ رجل وضَيعَتُهُ ).
بابٌ: النواسخ لِحكم المبتدإ والخبر ثلاثةُ أنواع:
أحدُها كان وأمسى وأصبح وأضحى وظل وبات وليس وصار ومازال وما فَتِئَ وما انْفَكَّ وما بَرِحَ وما دام، فيرفَعْنَ المبتدأَ اسماً لهن وينصبْنَ الخبرَ خبراً لهن نحو ( وكان ربُّك قديراً ).
وقد يتوسط الخبرُ نحو ( فليسَ سواءً عالمٌ وجهولٌ ).
وقد يتقدمُ الخبرُ إلا خبرَ دام وليس.
وتختص الخمسةُ الأول بمرادَفَةِ صار، وغيرُ ليس وفَتِئَ وزال بجواز التمامِ – أيْ الاستغناءِ عن الخبر – نحو ( وإن كان ذو عسرة فنظرةٌ إلى ميسرة ) ( فسبحانَ اللهِ حين تمسون وحين تصبحون ) ( خالدين فيها ما دامت السموات والأرض )، وكان بجواز زيادتِها متوسطةً نحو ( ما كان أحسنَ زيداً ) وحذفِ نونِ مضارعها المجزومِ وصْلاً إن لم يلقَها ساكنٌ ولا ضميرُ نصبٍ متصلٌ، وحذفِها وحدَها معوَّضاً عنها ما في مثل ( أَمَّا أنت ذا نفر ) ومع اسمها في مثل ( إِنْ خيراً فخيرٌ ) و ( التَمِسْ ولو خاتَماً من حديد ).
وما النافيةُ عند الحجازيِّينَ كليس إن تقدم الاسمُ، ولم يُسْبَقْ بـ( إن ) ولا بمعمولِ الخبر إلا ظرفاً أو جاراً ومجروراً، ولا اقترنَ الخبرُ بإلا، نحو ( ما هذا بشراً ).
وكذا لا النافيةُ في الشعر بشرط تنكير معمولَيْها نحو ( تَعَزَّ فلا شيءٌ على الأرض باقياً ولا وَزَرٌ مما قضى اللهُ واقياً ).
ولاتَ لكنْ في الحين. ولا يُجْمع بين جزأَيْها، والغالبُ حذفُ المرفوع نحو ( ولاتَ حينَ مناصٍ ).
الثاني إنّ وأنّ للتأكيد، ولكنَّ للاستدراك، وكأن للتشبيه أو الظن، وليت للتمني، ولعل للتَّرَجِّي أو الإشفاق أو التعليل. فينصِبْنَ المبتدأَ اسماً لهن، ويرفعْنَ الخبرَ خبراً لهن، إن لم تقترن بهن ما الحرفيةُ نحوُ ( إنما اللهُ إلهٌ واحدٌ ) إلا ليت فيجوز الأمران، كإنْ المكسورة مخففةً.
فأما لكنْ مخففةً فتُهْمَل. وأما أنْ فتَعمَل، ويجب في غير الضرورة حذفُ اسمها ضميرَ الشأن، وكونُ خبرها جملةً مفصولةً – إن بُدِئَتْ بفعلٍ مُتَصَرِّفٍ غيرِ دعاءٍ – بـ( قد أو تنفيس أو نفي أو لو ). وأما كأنَّ فتَعمل، ويَقِل ذكرُ اسمها، ويُفصَل الفعل منها بـ( لم ) أو ( قد ).
ولا يَتَوَسط خبرُهن إلا ظرفاً أو مجروراً نحوُ ( إنّ في ذلك لعبرةً ) ( إنّ لدينا أنكالاً ).
وتُكْسَر إِنَّ في الابتداء نحو ( إنا أنزلناه في ليلة القدر )، وبعد القسم نحوُ ( حم والكتاب المبين إنا أنزلناه )، والقول نحو ( قال إني عبد الله )، وقبل اللام نحو ( والله يعلم إنك لَرسوله ).
ويجوز دخولُ اللام على ما تأخر من خبر إنَّ المكسورةِ، أو اسمها، أو ما توسط من معمول الخبر، أو الفصل. ويجب مع المخففة إن أُهْمِلَتْ ولم يظهر المعنى.
ومثلُ إِنَّ لا النافيةُ للجنس. لكنْ عملُها خاصٌّ بالمُنَكَّراتِ المتصلةِ بها، نحوُ ( لا صاحبَ علمٍ ممقوتٌ ) و ( لا عشرينَ درهماً عندي ).
وإن كان اسمُها غيرَ مضاف ولا شِبْهِهِ بُنِيَ على الفتح في نحو ( لا رجلَ ) و ( لا رجالَ )، وعليه أو على الكسر في نحو ( لا مسلماتِ )، وعلى الياء في نحو ( لا رجلَيْنِ ) و ( لا مسلمِيْنَ ). ولك في نحو ( لا حولَ ولا قوةَ ) فتحُ الأولِ، وفي الثاني الفتحُ والنصبُ والرفعُ، كالصفة في نحو ( لا رجلَ ظريفٌ )، ورفعُه فيمتنع النصبُ. وإن لم تُكَرَّر لا، أو فُصِلَتِ الصفةُ، أو كانت غيرَ مفردة، اِمْتنعَ الفتحُ.
الثالثُ ظَنَّ ورأى وحَسِب ودَرَى وخال وزَعَمَ ووجد وعلم القلبياتُ. فتنصبهما مفعولَيْنِ، نحوُ ( رأيتُ اللـهَ أكبرَ كلِّ شيءٍ ).
ويُلغَيْنَ برجحان إن تأخرْنَ نحو ( القومُ في أَثَري ظننتُ )، وبمساواة إن توسطنَ نحو ( وفي الأراجيزِ خِلتُ اللؤمُ و الخَوَرُ ).
وإن وليَهن ما أو لا أو إِنْ النافياتُ أو لامُ الابتداءِ أو القسمُ أو الاستفهامُ بطَل عملُهن في اللفظ وجوباً، وسُمِّيَ ذلك تعليقاً، نحو ( لِنَعْلَمَ أيُّ الحزبينِ أَحْصى ).
بابٌ: الفاعل مرفوعٌ كـ( قامَ زيدٌ ) و ( مات عمرٌو ). ولا يتأخر عاملُه عنه.
ولا تلحقه علامةُ تثنيةٍ ولا جمعٍ، بل يقال ( قام رجلانِ، ورجالٌ، ونساءٌ ) كما يقال ( قام رجلٌ ). وشذ ( يتعاقبون فيكم ملائكةٌ بالليلِ ) ( أَوَ مُخْرِجِيَّ هُم ).
وتلحقه علامةُ تأنيثٍ إن كان مؤثاً كـ( قامتْ هندٌ ) و ( طلعت الشمسُ ). ويجوز الوجهانِ في مجازيِّ التأنيثِ الظاهرِ نحو ( قد جاءتكم موعظةٌ من ربكم ) ( قد جاءكم بينة )، وفي الحقيقيِّ المنفصلِ نحو ( حَضَرَتِ القاضيَ امرأةٌ ) والمتصلِ في باب نعم وبئس نحو ( نِعْمَتِ المرأةُ هندٌ )، وفي الجمع نحو ( قالتِ الأعرابُ ) إلا جمعَيِ التصحيحِ فَكَمُفردَيْهما نحو ( قام الزيدون ) و ( قامتِ الهنداتُ ). وإنما امتنع في النثر ( ما قامتْ إلا هندٌ ) لأن الفاعلَ مذكرٌ محذوفٌ، كحذفه في نحو ( أو إطعامٌ في يوم ذي مسغبةٍ يتيماً ) و ( قضي الأمر ) و ( أسمع بهم وأبصر )، ويمتنع في غيرهن.
والأصل أن يليَ عامِلَه. وقد يتأخر جوازاً نحوُ ( ولقد جاء آلَ فرعونَ النذرُ ) وكما أتى ربَّه موسى على قدر، ووجوباً نحوُ ( وإذ ابتلى إبراهيمَ ربُّه ) و ( ضربني زيدٌ ). وقد يجب تأخير المفعول كـ( ضربت زيداً ) و ( ما أحسنَ زيداً ) و ( ضرب موسى عيسى )، بخلافِ ( أرضَعَتِ الصغرى الكبرى ). وقد يتقدم على العامل جوازاً نحوُ ( فريقاً هدى )، ووجوباً نحو ( أيّاً ما تدعو ).
وإذا كان الفعل نعمَ أو بئسَ فالفاعل إما مُعَرَّفٌ بأل الجنسيةِ نحوُ ( نعم العبد )، أو مضافٌ لما هي فيه نحوُ ( ولَنِعْم دارُ المتقين )، أو ضميرٌ مستترٌ مُفَسَّرٌ بتمييز مطابقٍ للمخصوص نحوُ ( بئس للظالمين بدلاً ).
بابُ النائب عن الفاعل:
يُحْذَفُ الفاعلُ فينوب عنه في أحكامه كلِّها مفعولٌ به، فإن لم يوجدْ فما اختص وتَصَرَّفَ من ظرف، أو مجرور، أو مصدر.
ويُضَم أولُ الفعل مطلقاً. ويشاركه ثانِي نحوِ تُعُلِّمَ، وثالثُ نحوِ اُنْطُلِق. ويُفْتَح ما قبلَ الآخر في المضارع، ويُكْسَر في الماضي. ولك في نحو ( قال وباع ) الكسرُ مُخْلَصاً ومُشَمّاً ضَمّاً، والضمُّ مخلصاً.
بابُ الاشتغال: يجوز في نحو ( زيداً ضربتُه ) أو ( ضربتُ أخاه ) أو ( مررتُ به ): رفعُ زيدٍ بالابتداء؛ فالجملةُ بعدَه خبرٌ، ونصبُه بإضمار ( ضربتُ ) و ( أَهَنْتُ ) و ( جاوزت ) واجبةَ الحذفِ؛ فلا موضعَ للجملة بعدَه. ويترجح النصب في نحوِ ( زيداً اضْرِبْهُ ) لِلْطَّلَبِ – ونحوُ ( والسارقُ والسارقةُ فاقطعوا أيديَهما ) مُتَأَوَّلٌ – وفي نحوِ ( والأنعامَ خلقها لكم ) للتناسب، ونحوِ ( أبشراً منا واحداً نَتَّبِعُه ) و ( ما زيداً رأيتُه ) لغلبة الفعل. ويجب في نحو ( إِنْ زيداً لَقِيتَه فأكرمْه ) و ( هَلَّا زيداً أكرمته ) لوجوبه. ويجب الرفعُ في نحو ( خرجْتُ فَإذا زيدٌ يضربه عمرٌو ) لامتناعه. ويستويانِ في نحوِ ( زيدٌ قام أبوه ) و ( عمرٌو أكرمْتُه ) للتكافؤ.
وليس منه ( وكلُّ شيء فعلوه في الزبر ) و ( أَزَيْدٌ ذُهِبَ به ).
بابٌ في التنازع: يجوز في نحو ( ضربني وضربْتُ زيداً ) إعمال الأول – واختاره الكوفيون – فيضمر في الثاني كل ما يحتاجه، أو الثاني – واختاره البصريون – فيُضمَر في الأول مرفوعُه فقط، نحو ( جَفَوْنِي ولم أَجْفُ الأخِلاءَ ).
وليس منه ( كَفَاني – ولَمْ أطلب – قليلٌ من المال ) لفساد المعنى.
بابٌ: المفعولُ منصوب. وهو خمسة:
المفعول به، وهو ما وقع عليه فعل الفاعل كـ( ضربت زيداً ).
ومنه المُنادَى، وإنما يُنْصَب مضافاً كـ( يا عبد الله )، أو شِبْهَه كـ( يا حسناً وجهه ) و ( يا طالعاً جبلاً ) و ( يا رفيقاً بالعباد )، أو نكرةً غيرَ مقصودةٍ كقول الأعمى: ( يا رجلاً خذ بيدي ).
والمفردُ المعرفةُ يُبْنَى على ما يُرْفَعُ به، كـ( يا زيدُ، ويا زيدانِ، ويا زيدونَ ) و ( يا رجلُ ) لِمُعَيَّنٍ.
فصلٌ: وتقول: ( يا غلامُ ) بالثلاث وبالياء فتحاً وإسكاناً وبالألف. و: ( يا أَبَتِ، ويا أُمَّتِ، ويا ابن أُمِّ، ويا ابنَ عمِّ ) بِفَتْحٍ وكَسْرٍ. وإِلحاقُ الألف أو الياء للأولينِ قبيحٌ، وللآخَرَيْنِ ضعيفٌ.
فصلٌ: ويجري ما أُفرِد أو أُضِيف مقروناً بأل مِنْ نعتِ المبنيِّ وتأكيدِه وبيانِه ونَسَقِه المقرونِ بأل على لفظه أو محله، وما أضيف مجرداً على محله، ونَعْتُ أيٍّ على لفظه، والبدلُ المُجَرَّدُ والنَسَقُ المُجَرَّدُ كالمنادى المستقلِّ مطلقاً. ولك في نحو ( يا زيدُ زيدَ الْيَعْمَلاتُ ) فتحُها أو ضمُّ الأول.
فصلٌ: ويجوز تَرْخِيمُ المنادى المعرفةِ، وهو حذفُ آخره تخفيفاً. فذو التاء مطلقاً كـ( يا طلحَ ) و ( يا ثُبَ ). وغيرُه بشرط ضَمِّه، وعَلَمِيَّتِه، ومجاوزته ثلاثةَ أحرفٍ كـ( يا جعفُ ) ضماً وفتحاً. ويُحذَف من نحو ( سليمانَ ومنصورٍ ومسكينٍ ) حرفانِ، ومن نحو ( مَعْدِيْكَرِبَ ) الكلمةُ الثانيةُ.
فصلٌ: ويقول المستغيثُ: ( يَالَـله للمسلمينَ ) بفتح لام المستغَاث به، إلا في لام المعطوفِ الذي يتكرر معه يا، ونحوُ ( يا زيداً لعمرٍو ) و ( يا قومِ للعجبِ العجيبِ ). والنادب: ( وا زيدَا، وا أميرَ المؤمنينَا، وا رأسَا ) ولك إلحاق الهاء وقفاً.
والمفعولُ المطلقُ، وهو المصدرُ الفَضْلَةُ المُتَسَلِّطُ عليه عاملٌ من لفظه كـ( ضربْتُ ضرباً )، أو معناه كـ( قعدت جلوساً ). وقد ينوب عنه غيره كـ( ضربتُه سوطاً ) ( فاجلدوهم ثمانينَ جلدةً ) ( فلا تميلوا كلَّ المَيْل ) ( ولو تَقَوَّلَ علينا بعض الأقاويل ).
وليس منه ( وكلا منها رغداً ).
والمفعولُ له، وهو المصدر المُعَلِّلُ لِحَدَثٍ شاركه وقتاً وفاعلاً، نحوُ ( قمْتُ إجلالاً لك ). فإن فَقَدَ المُعَلِّلُ شرطاً جُرَّ بحرف التعليلِ، نحوُ ( خَلَقَ لكم ) ( وإني لَتَعْرونِي لِذِكْراكِ هِزَّةٌ ) و ( فَجِئْتُ وقد نَضَّتْ لِنَومٍ ثيابَها ).
والمفعولُ فيه، وهو ما سُلِّط عليه عاملٌ على معنى ( في ) مِنَ اسمِ زمانٍ كـ( صُمْتُ يومَ الخميس، أو حِيناً، أو أسبوعاً )، أو اسمِ مكانٍ مبهمٍ، وهو الجهاتُ السِّتُّ كالأَمامِ والفوق واليمين وعكسِهنَّ، ونحوِهنَّ كـ( عندَ ولدى )، والمقاديرُ كالفرسخِ، وما صيغ من مصدرِ عاملِه كـ( قعدتُ مَقْعَدَ زيدٍ ).
والمفعولُ مَعَهُ، وهو اسمٌ فَضْلَةٌ بعدَ واوٍ أريد بها التنصيصُ على المعية مسبوقةٍ بفعلٍ أو ما فيه حروفُه ومعناه، كـ( سرت وَالنيلَ ) و ( أنا سائر والنيلَ ).
وقد يجب النصبُ، كقولك: ( لا تنهَ عن القبيح وإتيانَه )، ومنه ( قمت وزيداً ) و ( مررت بك وزيداً ) على الأصح فيهما. ويترجح في نحو قولك: ( كن أنت وزيداً كالأخ ). ويضعف في نحو ( قام زيدٌ وعمرٌو ).
بابُ الحال: وهو وَصفٌ فَضْلَةٌ يقع في جوابِ كيفَ، كـ( ضربت اللص مكتوفاً ). وشرطُها التنكير، وصاحبِها التعريفُ أوالتخصيصُ أو التعميمُ أو التأخيرُ، نحو ( خُشَّعاً أبصارُهم يخرجون ) ( في أربعة أيام سواءً للسائلين ) ( وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون ) ( لِمَيَّةَ موحِشاً طَلَلٌ ).
بابٌ: والتمييزُ هو اسمٌ فضلةٌ نكرةٌ جامدٌ مُفَسِّرٌ لما انْبَهَمَ من الذوات. وأكثر وقوعِه بعد المقاديرِ كـ( جَرِيبٍ نخلاً، وصاعٍ تمراً، ومَنَوَيْنِ عسلاً ) والعددِ نحوِ ( أحدَ عشرَ كوكباً ) و ( تسعٌ وتسعون نعجةً ).
ومنه تمييزُ كَمِ الاستفهاميةِ نحوُ ( كَمْ عبداً ملكتَ؟ ). فأما تمييز الخبريةِ فمجرورٌ، مفردٌ كتمييز المئةِ وما فوقَها، أو مجموعٌ كتمييز العشَرةِ وما دونها. ولك في تمييز الاستفهاميةِ المجرورةِ بالحرفِ جرٌّ ونصبٌ.
ويكون التمييزُ مفسِّراً للنسبة مُحَوَّلاً كـ( اشتعل الرأس شيباً ) ( وفجرنا الأرض عيوناً ) ( وأنا أكثر منك مالاً )، أو غيرَ مُحَوَّلٍ نحوَ ( امتلأ الإناء ماءً ).
وقد يؤكِّدان نحوُ ( ولا تعثَوْا في الأرض مفسدين ) وقولِه: ( من خير أديانِ البرية ديناً )، ومنه ( بئس الفحلُ فحلُهم فحلاً ) خلافاً لِسِيبَوَيْهِ.
والمستثنى بـ( إلا ) من كلامٍ تامٍّ موجَبٍ نحوُ ( فشربوا منه إلا قليلاً منهم ). فإن فقد الإيجاب تَرجَّحَ البدلُ في المتصل نحوُ ( ما فعلوه إلا قليلٌ منهم ) والنصبُ في المنقطع عند بني تميمٍ – ووجب عند الحجازيين – نحوُ ( ما لهم به من علم إلا اتباعَ الظن )، ما لم يتقدم فيهما فالنصبُ نحوُ قوله: ( وما ليَ إلا آلَ أحمد شيعةٌ وما ليَ إلا مذهبَ الحق مذهبُ )، أو فقد التمام فعلى حسب العوامل نحوُ ( وما أمْرُنا إلا واحدةٌ ) ويسمى مُفَرَّغاً.
ويستثنى بـ( غير وسوى ) خافِضَيْنِ، مُعْرَبَيْنِ بإعراب الاسم الذي بعد إلا. وبـ( خلا وعدا وليس وحاشا ) نواصبَ وخوافضَ. وبـ( ما خلا ) وبـ( ما عدا ) و ( ليس ) و ( لا يكون ) نواصبَ.
باب: يخفض الاسم إما بحرفٍ مشتركٍ – وهو من وإلى وعن وعلى وفي واللامُ، والباءُ للقسم وغيرِه – أو مختصٍّ بالظاهر – وهو رُبَّ ومُذْ ومُنْذُ والكافُ وحتى وواوُ القسمِ وتاؤُه – أو بإضافةٍ إلى اسمٍ على معنى اللام كـ( غلامِ زيدٍ ) أو مِن كـ( خاتمِ حديدٍ ) أو في كـ( مكرُ الليلِ ) وتُسمى معنويةً لأنها للتعريف أو التخصيص، أو بإضافةِ الوصفِ إلى معموله كـ( بالغَ الكعبةِ ) و ( معمورِ الدارِ ) و ( حسنِ الوجهِ ) وتسمى لفظيةً لأنها لمجرد التخفيف.
ولا تُجامِعُ الإضافةُ تنويناً ولا نوناً تاليةً للإعرابِ مطلقاً، ولا أل إلا في نحو ( الضاربا زيدٍ، والضاربو زيدٍ، والضاربُ الرجلِ، والضاربُ رأسِ الرجلِ، والرجلُ الضاربُ غلامِهِ ).
بابٌ: يعملُ عَمَلَ فعلِه سبعةٌ:
اسمُ الفعل كـ( هيهاتَ، وصَهْ، ووَيْ ) بمعنى بَعُدَ واسكت وأَعْجَبُ. ولا يُحْذَفُ ولا يَتَأَخر عن معموله. و( كتابَ اللهِ عليكم ) مُتَأَوَّلٌ. ولا يبرز ضميرُه. ويُجْزَم المضارعُ في جوابِ الطلبِيِّ منه نحو ( مكانكِ تُحْمَدِي أو تستريحي )، ولا يُنْصَبُ.
والمصدرُ كضَرْبٍ، وإكرامٍ إِنْ حَلَّ مَحَلَّهُ فعلٌ مع أَنْ أو مع ما، ولم يكن مصغّراً ولا مُضْمَراً ولا محدوداً ولا مَنْعوتاً قبلَ العملِ ولا محذوفاً ولا مفصولاً من المعمولِ ولا مؤخراً عنه. وإعمالُه مضافاً أكثرُ نحوُ ( ولولا دَفْعُ اللـهِ الناسَ ) وقولِ الشاعر: ( ألا إن ظُلْمَ نفسِهِ المرءُ بَيِّنٌ )، ومُنَوَّناً أَقْيَسُ نحوُ ( أو إطعامٌ في يوم ذي مَسْغَبَةٍ يتيماً )، وبِأَلْ شاذٌّ نحو ( عجَبْتُ من الرزقِ المسيءَ إلَهُهُ ) ( وكيف التَّوَقِّيْ ظَهْرَ ما أنت راكبُه ).
واسمُ الفاعلِ كضاربٍ ومُكْرِمٍ. فإن كان بأل عَمِلَ مطلقاً، أو مجرداً فبشرطينِ: كونُه حالاً أو استقبالاً، واعتمادُه على نفيٍ أو استفهامٍ أو مُخْـبَرٍ عنه أو موصوفٍ. و ( باسطٌ ذراعَيْه ) على حكاية الحالِ خلافاً للكِسَائِيِّ، و ( خَبِـيرٌ بَنُو لَهَبٍ ) على التقديمِ والتأخيرِ وتقديرُه خبيرٌ كظهيرٍ خلافاً للأَخْفَشِ.
والمثالُ. وهو ما حُوِّلَ للمبالغة من فاعلٍ إلى فَعَّالٍ أو فَعُولٍ أو مِفْعَالٍ بِكَثْرةٍ، أو فَعِيلٍ أو فَعِلٍ بقِلَّة، نحو ( أما العسل فأنا شَرَّابٌ ).
واسمُ الْمَفْعُول، كمَضْرُوبٍ ومُكْرَمٍ. ويعمل عمل فعلِه، وهو كاسم الفاعل.
والصفةُ الْمُشَبَّهَةُ باسم الفاعل الْمُتَعَدِِّي لواحدٍ، وهي الصفة الْمَصُوغَةُ لغير تفضيل لإفادةِ الثبوتِ، كحَسَنٍ وظَرِيفٍ وطاهِرٍ وضامِرٍ. ولا يتقدمها معمولُها، ولا يكون أجنبياً، ويُرفَع على الفاعِلِيَّةِ أو الإِبْدالِ، ويُنصَبُ على التميِيز أو التشبيه بالمفعولِ به – والثاني يتعيَّن في المعرفة -، ويخفض بالإضافة.
واسمُ التفضيل، وهو الصفة الدالة على المشاركة والزيادة، كأَكْرَمَ. ويُستَعمل بِمِنْ ومضافاً لنكرة فَيُفْرَدُ ويُذَكَّرُ، وبأل فيطابِقُ، ومضافاً لمعْرِفَةٍ فوجهانِ. ولا يَنْصِب المفعولَ مطلقاً، ولا يَرْفَعُ في الغالب ظاهراً إلا في مسألة الكُحْل.
بابُ التوابعِ: يَتبع ما قبله في إعرابه خمسةٌ:
النعتُ. وهو التابعُ المشتق أو المؤولُ به المبايِنُ لِلَفظ متبوعه. وفائدته تخصيصٌ أو توضيحٌ أو مدحٌ أو ذمٌّ أو تَرَحُّمٌ أو توكيدٌ. ويتبع منعوتَه في واحدٍ من أوجهِ الإعراب، ومن التعريف والتنكير. ثم إن رَفَعَ ضميراً مستتراً تَبِعَ في واحدٍ من التذكير والتأنيث، وواحدٍ من الإفراد وفرعَيْهِ، وإلا فهو كالفِعْل، والأحسن ( جاءني رجلٌ قعودٌ غلمانُه ) ثم ( قاعدٌ ) ثم ( قاعدونَ ).
ويجوز قطعُ الصفةِ المعلومِ موصوفُها حقيقةً أو ادِّعاءً، رفعاً بتقدير هو، ونصباً بتقدير أعني أو أمدح أو أَذُمُّ أو أرحم.
والتوكيدُ. وهو إما لفظيٌّ نحوُ ( أخاكَ أخاكَ إنَّ مَن لا أخا له ) ونحوُ ( أتاكِ أتاكِ اللاحقونَ اِحبسْ اِحبسْ ) ونحوُ ( لا لا أبوح بِحُب بثينةَ إنها )، وليس منه ( دكاً دكاً ) و( صفاً صفاً )، أو معنويٌّ وهو بالنفس والعين مؤخرةً عنها إن اجْتَمَعَتَا، ويُجْمَعانِ على أَفْعُلٍ مع غيرِ المفردِ، وبِكُلٍّ لغير مثنىً إن تجزأ بنفسه أو بعامله، وبكلا وكلتا له إن صحَّ وقوعُ المفردِ موقعَه واتحد معنى المسنَد، ويُضَفْنَ لضمير المؤكَّد، وبأجمعَ وجمعاءَ وجمعِهما غيرَ مضافةٍ، وهي بخلاف النعوت، لا يجوز أن تتعاطف المؤكِّداتُ، ولا أن يَتْبَعْنَ نكرةً، وندر ( يا ليتَ عدةَ حولٍ كلِّه رجبُ ).
وعطفُ البيان. وهو تابعٌ موضحٌ أو مخصِّصٌ جامِدٌ غيرُ مؤولٍ، فيوافق متبوعَه، كـ( أُقْسِمُ بالله أبو حفص عمرُ ) و ( هذا خاتَمٌ حديدٌ ). ويُعرَب بدلَ كلٍّ من كلٍّ إن لم يمتنع إِحلالُه مَحَلَّ الأول، كقوله: ( أنا ابنُ التاركِ البكريِّ بشرٍ ) وقولِه: ( أَيَا أَخَوَيْنَا عبدَ شمسٍ ونوفلا ).
وعطفُ النسق بالواوِ وهي لمطلق الجمع، والفاءِ للترتيب والتعقيب، وثم للترتيبِ والتراخي، وحتى للغاية والتدريج لا للترتيب، وأوْ لأحد الشيئين أو الأشياء مفيدةً بعد الطلبِ التخييرَ أو الإباحةَ وبعدَ الخبرِ الشكَّ أو التشكيكَ، وأم لطلب التعيين بعد همزةٍ داخلةٍ على أحد المستويَـيْنِ، وللرَّدِّ عن الخطإ في الحكم ( لا ) بعد إيجاب و ( لكن وبل ) بعد نفْيٍ، ولصرف الحكم إلى ما بعدها ( بلْ ) بعدَ إيجابٍ.
والبدلُ. وهو تابعٌ مقصودٌ بالحكم بلا واسطةٍ. وهو ستةٌ: بدلُ كلٍّ نحو ( مفازاً حدائقَ )، وبعضٍ نحوُ ( مَنِ استطاع )، واشتمالٍ نحوُ ( قتالٍ فيه )، وإضرابٍ وغلطٍ ونِسيانٍ نحوُ ( تَصَدَّقْتُ بدرهمٍ دينارٍ ) بحسب قصد الأول والثاني، أو الثاني وسبق اللسان، أو الأول وتَبَـيُّنِ الخطإ.
بابٌ: العددُ من ثلاثةٍ إلى تسعةٍ يُؤَنَّث مع المذكر ويُذَكَّر مع المؤنث دائماً، نحوُ ( سبعَ ليالٍ وثمانيةَ أيامٍ ). وكذلك العَشَرةُ إن لم تركبْ. وما دونَ الثلاثةِ وفاعلٌ كثالثٍ ورابعٍ على القياس دائماً. ويُفْرد فاعلٌ، أو يُضاف لما اِشْـتُقَّ منه أو لما دونه، أو يَنْصِبُ ما دونَه.
بابٌ: موانعُ صرف الاسم تسعةٌ، يجمعها: ( وزنُ المركَّبِ عُجْمَةٌ تَعْرِيفُها، عَدْلٌ وَوَصْفُ الجمعِ زِدْ تأنيثاً ) كأحمدَ وأحمرَ وبَعْلَبَكَّ وإبراهيمَ وعُمَرَ وأُخَرَ وأُحادَ وَمْوحِدَ إلى الأربعةِ ومساجدَ ودنانيرَ وسلمانَ وسَكْرانَ وفاطمةَ وطلحةَ وزينبَ وسَلْمَى وصحراءَ.
فألفُ التأنيث والجمعُ الذي لا نظيرَ له في الآحادِ كلٌ منهما يَسْتَأْثِر بالمنع.
والبواقي لا بدَّ من مجامعة كلِّ عِلة منهنَّ للصفة أو العلمية. وتتعين العلميةُ مع التركيبِ والتأنيثِ والعُجمة. وشرط العُجمة عَلَمِيَّةٌ في العَجَمِيَّةِ وزيادةٌ على الثلاثةِ، والصفةِ أصالتُها وعدمُ قبولها التاءَ، فعريانٌ وأرملٌ وصفوانٌ وأرنبٌ بِمَعْنَى قاسٍ وذليلٍ منصرفةٌ. ويجوز في نحو هندٍ وجهانِ، بخلاف زينبَ وسَقَرَ وبَلْخَ. وكعُمَرَ عند تميمٍ بابُ حذامِ إن لم يختم براءٍ كسَفَارِ، وأمسُ لِمُعَيَّنٍ إن كان مرفوعاً، وبعضهم لم يشترط فيهما، وسَحَرُ عند الجميع إن كان ظرفاً مُعَيَّناً.
بابٌ: التَّعَجُّبُ له صيغتانِ: ( مَا أَفْعَلَ زيداً ) وإعرابه: ما مبتدأٌ بمعنى شيءٌ عظيمٌ، وأَفْعَلَ فعلٌ ماضٍ فاعلُه ضميرُ ما، وزيداً مفعول به، والجملةُ خبرُ ما؛ و ( أَفْعِلْ بِهِ ) وهو بمعنى ما أَفْعَلَهُ، وأصلُه أَفْعَلَ أيْ صارَ ذا كذا، كـ( أَغَدَّ البعيرُ ) أيْ صار ذا غُدَّةٍ، فغُيِّرَ اللفظُ، وزِيدَتْ الباءُ في الفاعل لإصلاح اللفظِ، فَمِنْ ثَمَّ لزمت هنا، بخلافها في فاعل كفى.
وإنما يُـبْنى فعلا التعجبِ واسمُ التفضيل، مِن فعلٍ ثلاثيٍّ مُثْبَتٍ متفاوِتٍ تامٍّ مبنيٍّ للفاعلِ ليس اسمُ فاعله على أفعلَ.
بابٌ: الوقفُ في الأفصحِ على نحوِ رحمةٍ بالهاءِ، وعلى نحو مسلماتٍ بالتاءِ، وعلى نحوِ قاضٍ رفعاً وجراً بالحذف، ونحوِ القاضي فيهما بالإثبات، وقد يُعكَس فيهنّ. ويوقف على ( إذاً ) ونحوِ ( لَنَسْفَعاً ) و ( رأيتُ زيداً ) بالألفِ كما يُكتَبنَ.
وتُكتَب الألفُ بعد واوِ الجماعة كـ( قالوا )، دون الأصليةِ كـ( زيدٍ يدعو ).
وتُرسَم الألفُ ياءً إن تجاوزت الثلاثةَ كـ( استدعى والمصطفى ) أو كان أصلُها الياءَ كـ( رمى والفتى )، وألفاً في غيره كـ( عفا ) و ( العصا ).
وينكشف أمرُ ألفِ الفعل بالتاء كـ( رميْتُ وعفوْتُ )، والاسمِ بالتثنيةَ كعَصَوَيْنِ وفَتَيَـيْنِ.
فصلٌ: همزةُ اسمٍ بِكَسْرٍ وضَمٍّ، واِسْتٍ واِبنٍ واِبْنِمٍ واِبنةٍ واِمرئٍ واِمرأةٍ وتَثْنِيَتِهِنَّ، واِثْنَيْنِ واِثْنَتَيْنِ؛ واَلغلامِ واَيْمُنِ اللهِ – في القسم – بفتحهما، أو بكسر في اَيْمُنِ؛ همزةُ وصلٍ، أيْ تثبُتُ ابتداءً وتُحْذَف وصلاً.
وكذا همزةُ الماضي المتجاوِزِ أربعةَ أحرف، كـ( اِستخرج )، وأَمْرِهِ ومصدرِهِ، وأمرِ الثلاثيِّ، كـ( اُقتُلْ واُغْزُ واُغْزِي ) بضمهنَّ، و ( اِضرِب واِمشُوا واِذهَبْ ) بكسرٍ كالبواقي.

تم القطر بحمد الله وعونه
رحم الله مصنفَه الإمامَ ابنَ هشامٍ، وجزى من أعان على الانتفاع به خيراً


التصنيفات
اللغة العربية وعلومها

اللغة العربية من شعائر الإسلام

(1) قبل الإسلام
إن علوم اللغة حكاية للغات القبائل العربية المختارة للاستشهاد؛ لذا فالتعليل الوحيد الحقيقي لأية ظاهرة لغوية هو نطق العرب، لكن الأحكام العلمية هي نتيجة تحليل العلماء لها. وبنود البطاقة التالية تفصيل لهذا الإجمال:
1- الاسم: علوم اللغة العربية.
2- التعريف: يختلف كل علم حسب سياقه، ويعرف حسبه كالنحو والصرف والبيان والعروض و…
3- الواضع: بحسب الوجود الحقيقي استعمال القبائل العربية، وبحسب القواعد العلمية المدروسة العلماء بالجمع والوصف والتحليل والتصنيف واستنباط قواعد كل علم بما يتوافق مع الوادر عن العرب.
4- الاستمداد: لغة القبائل العربية كتميم، وهذيل، وثقيف، و…
5- الحكمة: الإبقاء على لغات العرب لنزول القرآن بها.
6- الحكم: وجوب حكاية هذه اللغات بالكيفيات الواردة عن العرب لنزول القرآن بها.
7- الموضوع: لغات العرب وخصائصها في كل العلوم.
8- الثمرة: نقل لغات لعرب لفهم القرآن.
9- النسبة: علوم عربية.
10- الفضل: في منتهى الفضل لتعلقها بفهم القرآن الكريم.

(2) وجاء الإسلام
أ- القرآن الكريم
قال تعالى في سورة يوسف: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2)}. وقال في سورة الرعد: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ (37)}. وقال في سورة طه: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا (113)}.
وقال في سورة الزمر: {قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (28)}. وقال في سورة فصلت: {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3)}. وقال في سورة الشورى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (7)}. وقال في سورة الزخرف: {حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (4)}. وقال في سورة الأحقاف: {وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ (12)}.
ب- الحديث الشريف
صحيح مسلم: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ الرَّازِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْمٍ جَمِيعًا عَنْ الْوَلِيدِ قَالَ ابْنُ مِهْرَانَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ أَبِي عَمَّارٍ شَدَّادٍ أَنَّهُ سَمِعَ وَاثِلَةَ بْنَ الْأَسْقَعِ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَعِيلَ وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ.

مسند أحمد: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا عَاصِمٌ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ إِنَّ اللَّهَ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ فَابْتَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِ مُحَمَّدٍ فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ نَبِيِّهِ يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِهِ فَمَا رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ وَمَا رَأَوْا سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ سَيِّئٌ


التصنيفات
اللغة العربية وعلومها

الدرر البهية في ذكرفوائد لغوية

ففففوائـــــــــــــــــــــد لغويــــــــــــــةققق

1. ثنائيـــــــــــــــــــات

كلمات مفردة تفيد المثنى

************

1. الوحيان : القرآن والسنة .

2.الداران : دار الدنيا والآخرة .

3. الزهراوان : سورتيْ البقرة وآل عمران .

4. المقشقشتان : سورتيْ الكافرون والإخلاص .

5. الأنوَران : الشمس والقمر .

6. القمران : الخليفتان الرشدان : أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب – رضي الله عنهما – .

7. الأكبَران : الخليفتان الرشدان : أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب – رضي الله عنهما – .

8. الريحانتان : الحسن والحسين أحفاد النبي – صلى الله عليه وسلم – من ابنته فاطمة – رضي الله عنها -.

9. العسكران : عرفة ومنى .

10. القريتان : مكة والمدينة في الإسلام ؛ ومكة والطائف في الجاهلية .

11. الرحلتان لقريش : رحلة الشتاء والصيف .

12. الميتتان : السمك ، والجراد .

13. الدّمان : الكبد والطحال .

14. الأهيضان : الأكل والنكاح .

15. الضرّتان : حجرا الرحى .

16. الخافقان : المشرق والمغرب .

17. الأبرَدان : الظل والفيء .

18. البرْدان : الصبح والعصر .

البرْدان : برد الغنى ، وبرد العافية .

19. العشاءان : المغرب والعشاء .

20. الأذانــان : الأذان والإقامة .

21. الرجبان : رجب وشعبان .

22. الطريدان : الليل والنهار .

23. الدائبان : الليل والنهار .

24. الأصرمان : الليل والنهار .

25. الجاران : الليل والنهار .

26. الجديدان : الليل والنهار .

27. الأصرمان : الليل والنهار .

28. الأيهمان : السيل والليل .

29. الأعميان : السيل والحريق .

30. الأعميان : السيل والجمل الهائج .

31. الأثرمان : الدهر والموت .

32. الأهدمان : البناء والبئر .

33. الأصغران : القلب واللسان .

34. التوأمتان : العينان .

35.الأجوفان : البطن والفرج .

36. المعيبان : جسم الإنسان وقلبه ، لأنهما هدف للأمراض والأعراض .

38. الأجودان : القطر والمطر .

39. الأطيبان : التمر واللبن .

40. الأسودان : التمر والماء .

الأسودان : الحية والعقرب .

41. الأبيضان : الشحم واللبن .

الأبيضان : الشحم والشباب .

الأبيضان : الماء واللبن .

42. الأحمران : اللحم والخمر .

الأحمران : الذهب والمعصفر .

43. الحبيبان : الذهب والفضة .

44. الفتانـان : الدرهم والدينار .

45. وفتــّـانا القبر : المنكر والنكير .

46. الأمرّان : الهرم والمرض .

47. الأمرّان : الهرم والفقر .

الأمرّان : العُريُ والجوع .

48. الأخبثان : البول والبراز.

الأخبثان : السهر والضجر .

49. الأعجمان : الطير والوتر .

50. الأكحلان : عرقان منحدران من الذراعين .

51. الأبهران : عرقان يخرجان من القلب .

52. الأكذبان : الظنّ والسراب .

53. الأصرمان : الذئب والغراب .

54. الأقبهان : الفيل والجاموس .

55. البصرتان : البصرة والكوفة .

56. الرافدان : دجلة والفرات .


التصنيفات
اللغة العربية وعلومها

أنا البحر أركبت البحر ؟ .

أنا البحر .. أركبتَ البحر ؟.

روى الحاكم بسنده عن معاذ بن جبل رضى الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “… وإن شئتَ أنبأتُك بمِلاك ذلك كلِّه! فسكَتَ؛ فإذا راكبان يُوضِعان قِبَلَنا، فخشيتُ أن يشغلاه عن حاجتي، قال: فقلتُ: ما هو يا رسول الله؟ قال: فأهوى بإصبعه إلى فيه؛ قال: فقلتُ: يا رسول الله، وإنا لنؤاخذ بما نقول بألسنتنا؟ قال: ثكلتْكَ أمُّك ابنَ جَبَلٍ! هل يكُبُّ الناس على مناخرهم في جهنّم إلا حصائدُ ألسنتهم”.(1)
أما بعد، فاللغة والبحر آيتان من آيات الله تعالى.. وما أكثر ما اجتمعتا في مخيّلة الناس، شاهدتين على مبلغ تشابه العظمة الكامنة فيهما معاً؛ حتى لكأنهما كفلقتي حبة، أو كصفحتي كتاب.
هداني إلى هذا ما قاله الشاعر حافظ إبراهيم، رحمه الله، متحدثاً بلسان حال العربية لمّا كسَد سوقها في هذا العصر:
أنا البحر في أحشائه الدر كامنٌ .. فهل سألوا الغواص عن صدفاتي. (2)
وسمّى الفيروزابادي معجم اللغة قاموساً، وهو البحر الخضمّ، وسمّوا معاجمهم: العبابَ والمحيطَ والبحرَ والعين… وهذا من ذلك.
وقالوا في اللسان إذا كثُرت مسائله وأُحكمت: “اللغة بحر”.. وقالوا في الإنسان إذا تنوّعت مسالكه وهُذّبت: “هو بحر”.. فإذا عبروا بذلك سكن العقل إلى هذا التشبيه، وهاج إلى عقد مقابلة كَوْنيّة بينهما؛ لتجتمع حالتان متكاملان، في آيتين متناظرتين، ولا تجتمعان إلا في عظيم: حالة سكون في اضطراب وحالة اضطراب في سكون.
ألا ترى إلى ما بينهما من تشابُه في أوجُهٍ كثيرة، فهما متشابهان في: السعة والعمق والغنى والكِبَر والجمال واللّطافة والطلاقة والقوّة والدؤوب والتجدّد والتنوّع والانسجام والوصل والقطع والمدّ والجزر… كلاهما زاخر بخيراته وبركاته، متجاذب مع ما حوله من الأرض والسماء، هادئ في تقلّباته وهيَجانه وموجه وزبده، دالٌّ بمكوناته الغضّة الطريّة على مقدرة الخالق البديع.
ومن لم يتأملها في البحر بأوصافه، فقد تغيب عنه في اللغة بسعتها، وعمق أصولها، وغنى نُظُمها، وكِبَر معجمها، وجمال ألفاظها ومعانيها، ولطافة مأخذها، وتركّب علومها، وتجدُّد أساليبها، وانسجام مهاراتها، وحركتها مع التاريخ الطويل، وأنها مع كل ذلك أصوات طرية ذوات معانٍ تعبُر الأثير.
ومن وراء اللسان الهاذر نار، وهو معنى ظاهر في الحديث الفريد الذي رواه فقيه الأمة القانت معاذ بن جبل، مسبوقاً بعَجب نبويّ من غفلة معاذ عن هذا المعنى (ثكلتك أمك يا معاذ!، وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم!)، كما أن من وراء البحر الموقر ناراً موقدة ستملؤه ناراً كما امتلأ ماءً، قال تعالى: (والبحر المسجور) الطور 6، وجاء في مأثور التفسير أنه: البحر الموقر، والمُوقَد، ومثله قوله تعالى: (وإذا البحار سُجّرت) التكوير 6.
وما تحرّس الناس في ركوبهم البحر المسخّر بأولى من تحرسهم في ركوبهم بحر الكلام.. وإلا كانوا في غمرته من الهالكين ، و(لا عاصم اليوم من أمر الله!). هود 43
وعذّب الله تعالى قريشاً بعذبين؛ عذبهم بأيدي المؤمنين، كما عذبهم بلسان حسان بن ثابت المؤيّد بروح القدُس جبرائيل: (والشعراء يتبهم الغاوون) الشعراء (الآيات 224- 227)، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “اهجهم وروح القدس معك”؛ كما عذب ناساً بالبحر بقيادة روح القدس نفسه: (فغشيهم من اليمّ ما غشيهم) طه 78.
(2) وسمّى العرَبُ من جمع إتقان الكتابة والعَوْم: “الكامل”؛ وذلك لأن تعلّم كتابة ما ينطقه اللسان بأنواعها (وهي من أعظم مهارات اللغة) يخرج المرء من ظلمة الأمية؛ لتنفتح أمامه أبواب العلوم والحياة، وتعلّم العوم بأنواعه (وهو من أعظم مهاراتِ السعي في الأرض) يخرج المرء من ظلمة البحر؛ لتنفتح أمامه أسباب الرزق والنجاة؛ وما الحياة إلا علم نافع من الأوراق ومضطرب واسع في الآفاق. والعجب أن توازن كلّ واحدة من هاتين المهارتين العظيمتين؛ الكتابة والعَوْم، تتنادى له كلّ ملكات الإنسان الظاهرة والباطنة، فالكاتب أقوى الناس فكراً، والعوّام أقواهم بدناً، فلا جرم أن يكونا معاً كمالاً متوازناً في إنسان، وأن يسدّ بهما حاجة قومه إليهما!.
وكان أبو العباس المبرّد (ت285هـ) إذا جاءه من يستقرئه كتاب سيبويه (ت180هـ) في النحو (بمعناه الواسع: معرفة قوانين لسان العرب) يقول له: “أركبتَ البحر ؟!”.. فشبّه معالجة علم اللسان بمعالجة البحر، تشبيهَ غائب بحاضر ومسموع بمنظور وخضمّ بخضمّ.
والناس- منذ كانوا- يَرُوعهم البحر، فيحبونه إذا سجى، ويُرَوّعهم، فيخافونه إذا طغى؛ ففيه اجتمع الحبّ والخوف في آنٍ.
ولا تجرِّئهم المحبّة على الاقتحام، حتى يصدّهم عنه الخوف منه، إلا بسباحة ومرانة ومهارة وفطانة، وبسفين يمخر العُباب، ورُبّان يخبُر الأسباب، وأعوان يحاربون الأمواج ويسالمون الرياح، ويرمقون مواقع النجوم وساعة الشَّمال.
ومَن ركب البحر الرائع المريع سلّم خاضعاً لقوانينه الطاغية الثابتة، وتبرأ من أوهام الشموخ المحدودة والحماقات العابثة، ونزل به نزول الضيف على حكم المضيف، والغريب على المقيم، والضعيف على القويّ، والصغير على الكبير.
(3) واستبحار اللسان العربي وسعته وثراؤه جاءه من أنه عبَر كلّ لغات التاريخ، وجاور كلّ لغات الحاضر، وحاضرَ في كلّ نادٍ وسوق، فما تبدّلت نُظُمه ولا قوانينه، وما زاده العبور والجوار والحضور إلا صموداً وسعة وثراءً.
وأجلّ مظاهر سعة هذا اللسان وثرائه كان منذ أن وسع القرآنَ المبين، فحلّت به بركاتُ كلّ شيء، واصطبغ بصبغة الله تعالى، التي تبقى ولا تزول أبداً. كان ذلك بيّناً في حديثه الحكيم عن مشهد الحياة بكل أبعادها: الزمان والمكان والحدث؛ أما الزمان فقد وسع هذا اللسان الأزلَ والأبد والأولى والآخرة، وأما المكان فقد وسع آفاقَ السماوات والأرض وما بينهما وما تحت الثرى، وأما الحدث فقد وسع أنباءَ ما يجري في الغيب والشهادة.
وإذا قيل: “أسرع الطرق إلى جمع الذهب هو السفر عبر البحار”.. وهذا في جمع الثروة الماديّة. فإن جمع الثروة العقلية يكون بالارتياض أولاً في بحر اللسان واللغات، باكتشاف أسماء المسمّيات، وضبط الأشباه والنظائر، ولقط الدُّرَر والجواهر، وربط الأول بالآخِر.. وبالتأدّب- ثانياً- في بحر الشريعة.. والانطلاق- ثالثاً- في بحر الحياة.. ورابعاً في بحر الاجتهاد.. وخامساً في بحر الإبداع.. وإلا كان المرء (في بحر لجيّ يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب، ظلمات بعضها فوق بعض، إذا أخرج يده لم يكد يراها، ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور). النور 40
وضيق عطَن المرء عن فهم أعماق هذا اللسان قد يجعله يجتزئ منه بُحَيْرة آسنةً، يظنها إياه؛ فيضيع خير وعلم كثير، وطيش الرأي قد يحمله على مغالبة جبال أمواجه بزعانف سمكة، يظنها تنجيه؛ فلا تحابيه السُّنَن الغلاّبة، وغباء العداوة قد يقنعه بأن نزحه قد يتحقق بطريق التسخين والتبخير!، أو أن تحليته وتصفيته تكون بالترشيح أو التقطير!، يظنها تُبلغه؛ فيكون أضحوكة القرون!.
وما أعقل الأطفال وهم يناغون شاعراً أو خطيباً! بل ما أوسع عقولهم وهم يقاربون من شاطئه ويغترفون من بحره، لمّا هدتهم فطرتهم إلى احترام ضعفهم أمام عظمته!، وما أغربهم وهم يحاولون العَوْم على الرمال، لمّا لم يجدوا من يعلمهم السباحة ويرشدهم!، وما أشد إصرارهم وهم لا يُخفون شوقهم إلى العودة إليه من جديد.
(4) ومن أحكام اللسان في هذه الأجواء: أنه لا يحيط بأحكامه إلا نبيّ مؤيّد من الله المحيط بكلّ شيء؛ وذلك أنه يخاطب به كل القرون التي يخاطبها، في كل الشؤون التي يجب أن يهتموا بها.. ولكن غير النبي لا يلزمه من ذلك الخضم الهائل من علومه إلا ما اقتضته ضرورات حياته وواجبات دينه ومؤانسات مجتمعه.. (وفوق كل ذي علم عليم). يوسف 76.
قد تسع ببصرك آفاق البحر وأنت تتملاه وتنتشي به، ولكنك تعجز أن تحمل منه بضعة دِلاء، وقد يحملها غيرك.. وقد ترث معجماً عظيماً يملأ مكتبتك أو ذاكرتك، ولا تستعمل منه إلاّ ألفاظاً معدودة، وقد يكون غيرك أبلغ، وأمهر الناس من يوغل برفق. وسبحان من تنفد الأبحر ولا تنفد كلماته!. (وقل رب زدني علماً). طه 114
وأن من يقتحم بلا دليل يوجّهه يحكم على عقله بعطَب ملكة لسانه ونقصانها من أطرافها أو بتضخم أمور منها على أخرى، وقد يبحر في أُجاج مرّ، لا ساحل له ولا قاع، والحصيلة غرق العقل في متاهات سحيقة وعُجمة القلب لا تنقطع؛ فلا يكاد يُبين، ولا يصل إلى معنى.
وأنّ تلك الملكة اللسانية إذا استحكمت في العقل تدفقت بها المعاني السامية عبر الأُذنين من الجانبين، فتُلمح إلى الروح، فتنبض وتقتات وتتهذّب وتتقدّم وتسمو.. وتفيض منك بلسان واحد، فكن على ما تسمع أحرص مما تقول، فإذا قلت فليكن لسانك مرآة عقلك وقلبك وروحك.
(5) تعلّم ما قلّ ودلّ من المجملات، مقرونة بما يلزمها من تفاصيل، توصل المرء- بإذن الله- إلى المراد!؛ كما أن كوز ماء قد يرويك من ظمإ، ويكشف لك عن نِسَب البحر وقوانينه، وسباحة الشاطئ قد تروض الطفل الغرير، على التوغل، وتكرار ذلك يكسب مهارة الماهرين.
لكل علم مفتاح، يُعمله الطالب في بابه الذي يعالجه، فيَنفَتِح له!.. فإذا علمت أن اللسان أنحاء متراكبة كثيرة، وأبواب بعضها في إثر بعض، وكلّ باب موصدٌ على ما فيه، وكلُّ مفتاح لا يعمل إلا في بابه.. بدا لك أهمية ترتيب العلوم، ونسق الأبواب، واستخراج المفاتيح.. وإلا كان الوقت في ضياع والعلم في شتات.
أَمَا إن لغتنا لا زالت مستبحرة ثريّة واسعة، وإن سكنت الرياح، مراغمةً المكائد، وإن كثرت الآفات والأمراض، مبطلة كلّ دعوى أقيمت للقصاص منها أو الطعن فيها أو إبعادها من حياتنا.
ولو عجز أهل جيل عن أن يتحدثوا عنها ويصنعوا لها القواعد والأحكام ويقوّموا فساداً ظهر بها، لأنبرت بفيضها من تلقاء نفسها، تتحدث إلى الصخور بأمواجها، عن تاريخها وأسرارها وبهائها.

ــــــــــــــــــــ
(1) قال الحاكم في المستدرك: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه. وأولّه: “بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، وقد أصاب الحر، فتفرّق القوم، حتى نظرت، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم أقربُهم منّي، قال: فدنوتُ منه، فقلتُ: يا رسول الله! أنبئني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار، قال: لقد سألتَ عن عظيم، وإنه ليسيرٌ على من يسره الله عليه؛ تعبدُ الله ولا تشركُ به شيئاً، وتقيمُ الصلاة المكتوبة، وتؤتي الزكاة المفروضة، وتصومُ رمضان. قال: وإن شئتَ أنبأتُك بأبواب الجنة! قلتُ: أجَلْ يا رسول الله، قال: الصومُ جنة، والصدقةُ تكفِّر الخطيئة، وقيامُ الرجل في جوف الليل يبتغي وجهَ الله، قال: ثمّ قرأ هذه الآية (تتجافى جنوبُهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً وممّا رزقناهم ينفقون). قال: وإن شئتَ أنبأتُك برأس الأمر وعموده وذِرْوة سنامه! قال: قلتُ: أجلْ يا رسول الله، قال: أما رأسُ الأمر فالإسلامُ وأما عمودُه فالصلاةُ وأما ذروةُ سنامه فالجهادُ في سبيل الله. وإن شئتَ أنبأتُك بمِلاك ذلك كلِّه…”. وأخرجه أحمد والترمذيّ وصححه والنسائيّ وابن ماجه، وذكره ابن أبي الدنيا في كتاب الصمت وحفظ اللسان.
(2) ديوان حافظ إبراهيم 254.

مقال نشر في موقع المنارة وجيل ليبيا 4 / 2022 م


التصنيفات
اللغة العربية وعلومها

اعتماد اليهود على العربية لإصلاح العبرية

بسم الله الرحمن الرحيم ..
باحث مغربي يؤكد اعتماد اليهود على العربية لإصلاح العبرية

مفكرون وأكاديميون يشاركون في تكريم الدكتور عبد العزيز بن عبد الله (الجزيرة نت)

الحسن السرات-الرباط

أكد الدكتور عبد العزيز بن عبد الله عضو أكاديمية المملكة المغربية أن اللغة العربية كانت لغة العلم والحضارة والآداب والفنون قرونا طويلة، وأن هذه المكانة الرفيعة لم تكن عند العرب والمسلمين فقط، بل لدى الأعاجم الأوروبيين واليهود الذين تركوا مؤلفات ومخطوطات تبرهن على ذلك.

وقدم عبد العزيز الذي كان يتحدث في حفل تكريمه من قبل الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية بالمغرب مساء أمس نماذج وشهادات عن تلك المؤلفات والمخطوطات. وأضاف الرئيس الأول لمكتب تنسيق التعريب طيلة ثلاثة عقود أن اليهود اعتمدوا على مؤلفات سيبويه العالم اللغوي في العربية لإصلاح نحو اللغة العبرية.

منجزات التعريب
وكشف المتحدث المعروف بمؤلفاته التاريخية أن الأمازيغ المغاربة تعلموا اللغة العربية وتفوقوا فيها، وجعلوها حاملة لثقافتهم وتاريخهم، وأن تعلقهم بها جعلهم يتوقون إلى التخلي عن انتماءاتهم القبلية والجنسية. وشدد على أن تطوير اللغات الأمازيغية والحفاظ على تراثها وثقافتها لن يتأتى بغير اللغة العربية، وأن كتابتها بشارات أشبه ما تكون باللغة الصينية لن يحقق التطوير المطلوب.

الدكتور عبد العزيز بن عبد الله (الجزيرة نت)
وقال إن أهم إنجاز حققه مكتب تنسيق التعريب هو “التوصل إلى توحيد جميع المصطلحات في ثلاث لغات بالعلوم والتقنيات والذهنيات والاجتماعيات”، منوها إلى أن أحد خبراء التعريب أصبح فيما بعد وزيرا للتعليم بالمغرب.

صعوبة الفرنسية
الدكتور موسى الشامي رئيس الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية أوضح من جهته، أن تكريم عبد العزيز بن عبد الله “وفاء للرجال العظام الذين قدموا خدمات جليلة للغة العربية بالمغرب”.

وأضاف أن الجمعية ارتأت أنه لا يمكن لها أن تبدأ أي نشاط دون أن تنظر إلى الماضي، خاصة إلى العمالقة الذين نافحوا عن العربية، مضيفا أن المحتفى به هو الذي تحمل رسميا مسؤولية كبيرة بعد الاستقلال في العالم العربي. ومضى الشامي إلى القول “إن جمعيتنا تتميز بميزة هامة، وهي أن معظم أعضائها أساتذة للغة الفرنسية، فهم أعرف الناس بها وبصعوبتها المضاعفة مقارنة مع يسر اللغة العربية وبساطتها”.

وشارك في حفل التكريم ثلة من الأساتذة والمفكرين والأكاديميين المدافعين عن اللغة العربية.

المصدر: الجزيرة

http://www.aljazeera.net/NR/exeres/2…D7CDBFD1C2.htm


التصنيفات
اللغة العربية وعلومها

فوائد من بحر لغتنا العربية

بسم الله الرحمن الرحيم

هناك بعض الفوائد استفدتها من بعض المشايخ في دراسة اللغة العربية أحببت أن أفيدكم بها:
الأولى(لماذا يقال أن النبي صلى الله عليه وسلم أفصح من نطق بالضاد)؟
ج- لأمرين:
(أ)- لأن حرف الضاد له نطق يتميز عن غيره من الحروف فأفصح من نطق به هو النبي صلى الله عليه وسلم.
(ب)-لأن حرف الضاد لايوجد في أي لغة غير العربية وهذا مما يميزها عن غيرها.

الثانية(عندما يتكلم علماء النحو عن أقسام الكلمة يبتدأون بالاسم فلماذا؟)
ج-قال أحد أساتذة اللغة العربية أنه لم يجد جوابا لهذا السؤال من علماء متقدمين ولعل غيره يجد, ولكنه استبنط ذلك فقال لعل السبب هو مايلي:
(أ)لأن الأعلام لاتكون إلا أسماء إلا ماشذ من الأفعال كيزيد.
(ب)لأن لابد من وجود الاسم في الجملة العربية.
(ج)لأنه يمكن تكوين جملة من اسمين -زيد قائم- ولايمكن تكوينها من فعلين ولا من حرفين.

الثالثة(أيهما أدق في التسمية:جمع المؤنث السالم أم ماجمع بالألف والتاء)؟
ج- الأدق هو التسمية الثانية, لماذا؟ لأنه قد يجمع عليها ماليس بمؤنث مثل(جوال-جوالات)

الرابعة(اللاسم المنصوب بعد أفعل التفضيل يعرب تمييز مباشرة)

الخامسة(لماذا سمي جمع المذكر السالم بهذا الاسم)؟
ج- لأنه سلم مفرده من التغيير : مثل (مسلم -مسلمون) فلو لم يسلم مفرده من التغيير لم يكن سالما.


التصنيفات
اللغة العربية وعلومها

كل الرسائل الخاصة باللغة العربية في مكتبة الملك عبدالله الرقمية على الفورشير

تستطيعون الآن تحميل الرسائل من موقع الفورشير وقد أتممت تحميلها …. الرجاء من كان عنده رسائل أو أبحاث محكمة الاتصال على sami_jor@yahoo.com

http://www.4shared.com/file/112879682/998a2385/_______.html

http://www.4shared.com/file/112880150/383df23a/___________.html

http://www.4shared.com/file/112880745/55c14b46/____________.html

http://www.4shared.com/file/112881225/bdec494e/________.html

http://www.4shared.com/file/112881755/f4661d62/________.html

http://www.4shared.com/file/112883480/99ede172/___________.html

http://www.4shared.com/file/112883602/bcbede38/__________.html
http://www.4shared.com/file/112883871/6068344f/_____.html

http://www.4shared.com/file/112884047/31e2abb8/____.html
http://www.4shared.com/file/112885191/d4517d92/______.html

http://www.4shared.com/file/112885310/680b1362/__online.html
http://www.4shared.com/file/112885713/f60bea04/_______.html

http://www.4shared.com/file/112886002/8fed52b8/______.html
http://www.4shared.com/file/112886195/c1891665/____.html

http://www.4shared.com/file/112886325/21f91bc0/________.html
http://www.4shared.com/file/112886586/4692de42/______.html

http://www.4shared.com/file/112886817/e88fc6ce/_________.html
http://www.4shared.com/file/112887216/2aa314eb/________________.html

http://www.4shared.com/file/112887831/8b66661c/_____.html

http://www.4shared.com/file/112888091/27f9cf78/_____________________1062_____ _______.html

http://www.4shared.com/file/112888982/a83a940c/__________.html

http://www.4shared.com/file/112889860/61c9d5fc/_______.html

http://www.4shared.com/file/112890014/679eb0a0/_______.html

http://www.4shared.com/file/112891613/45cb3ed4/_________________.html

http://www.4shared.com/file/112892343/2cc2a794/______.html