الصحافة الالكتونية وخصائص مطبوعة الانترنت
المبحث الأول :
الصحافة الإلكترونية , المفهوم والفئات والخصائص
تمهيد
ربما نكون بالكاد قد نجحنا في تخطي مرحلة القناعة بضرورة التعاطي مع شبكة الإنترنت , وربما نكون قد بدأنا خطوات في اتجاه التنفيذ والعمل , إلا إن خطواتنا في عالمنا العربي مازالت وئيدة , وما زلنا نعاني من غلبة الهواية على الاحتراف , أو نعاني – بالأحرى – من عدم الاكتراث بالتخصص اللازم والواجب لنجاح أي عمل في عالم اليوم
وقد جاءت ورقة العمل التي قدمت في ندوة الصحافة الإلكترونية التي عقدت في القاهرة كمحاولة لوضع النقاط على الحروف لتحديد المساحات الفاصلة التي تقع بين مواقع الهواة ومواقع المحترفين , وبين المواقع ذات الصلة بمهنة الصحافة وتلك التي لا تلتقي معها بأي صورة من خلال النظرة السريعة على مواقع الإنترنت وتصنيفاتها ونطاقات عملها من زاوية المحتوى والمضمون والتي تم تقسيمها بالآتي :
1 – مواقع تجارية :
لا تحتوي هذه المواقع على مواد صحفية سواء أخبارية أو معلوماتية ولا تستخدم غالبا قوالب إعلامية أو صحفية وتقتصر في الغالب على التعريف بالشركة أو المؤسسة والتعريف بالسلع والخدمات التي تقدمها وربما تقوم بعرض منتجات لشركات أخرى , وعمل إعلانات تجارية لسلع وخدمات غالبا ما تدخل في مجال تخصص الشركة التجاري .
2 – مواقع تفاعلية :
وتركز هذه المواقع على عملية التفاعل مع الزوار من خلال المنتديات وساحات الحوار المكتوبة وغرف الدردشة والحوارات الصوتية التفاعلية والمجموعات البريدية , ولا تعتمد مثل هذه المواقع على هياكل إدارية كبيرة , وتقتصر في الغالب على عملية المتابعة والمراقبة من خلال مشرفي المجموعات البريدية أو مشرفي ساحات الحوار
3 – مواقع تعريفية :
وتقوم هذه المواقع بالتعريف بأنشطة وفعاليات المؤسسات التي أسستها وهي غالبا ما تكون مؤسسات غير ربحية , مثل المؤسسات الخيرية والعلمية والفكرية والثقافية .
4 – مواقع إعلامية تكميلية :
وتتكامل هذه المواقع مع مؤسسات إعلامية سواء أكانت صحفية أو إذاعية أو فضائية , مثل مواقع الصحف الورقية وموقع قناة الجزيرة وموقع ال بي بي سي أو سي أن أن , وتتسم هذه المواقع بعدد من المواصفات منها الترويج للمؤسسة الإعلامية التي تتكامل معها وتدعم دورها الإعلامي سواء أكان إذاعيا أو فضائيا أو صحفيا .
5 – مواقع صحفية :
وتعد هذه المواقع صحفية بحتة فهي لم تنشأ من خلال مؤسسة تجارية , ولم تنشأ مكملة لمؤسسة إعلامية , ولكنها تأسست لتقوم بدور صحفي منذ البداية وتتميز هذه المواقع بأنها :
– تعتمد على هياكل إدارية منتظمة
– تعتمد على محترفين في المجال الصحفي
– تركز على تقديم مواد صحفية في قوالب صحفية
الصحافة الإلكترونية – المفهوم :
يشار إلى الصحافة الإلكترونية في الدراسات والكتابات العربية بمسميات عديدة أبرزها : الصحافة الفورية , النسخ الإلكترونية , الصحافة الرقمية
وقد قدم اكثر من تعريف للصحافة الإلكترونية فمنهم من عرفها على إنها (( الصحف التي تستخدم الإنترنت كقناة لانتشارها بالكلمة والصورة الحية والصوت أحيانا وبالخبر المتغير آنيا ))
كما عرفت على إنها (( تلك الصحف التي يتم إصدارها على شبكة الإنترنت وتكون كجريدة مطبوعة على شاشة الكمبيوتر وتشمل المتن والصورة والرسوم والصوت والصورة المتحركة , وقد تأخذ شكلا أو اكثر من نفس الجريدة المطبوعة الورقية أو موجز بأهم محتويات الجريدة الورقية أو منابر ومساحات للرأي أو خدمات مرجعية واتصالات مجتمعية ))
ويميل البعض إلى تعريف الصحافة الإلكترونية بأنها : الصحف التي يتم إصدارها ونشرها على شبكة الإنترنت سواء كانت هذه الصحف بمثابة نسخ أو إصدارات إلكترونية لصحف ورقية مطبوعة Electronic Editions أو موجز لأهم محتويات النسخ الورقية , أو كجرائد ومجلات إلكترونية ليست لها إصدارات عادية مطبوعة على الورق on Line News paper , وهي تتضمن مزيجا من الرسائل الأخبارية والقصص والمقالات والتعليقات والصور والخدمات المرجعية حيث يشير تعبير on Lin Journalism تحديدا في معظم الكتابات الأجنبية إلى تلك الصحف أو المجلات الإلكترونية المستقلة التي ليس لها علاقة بشكل أو بأخر بصحف ورقية مطبوعة
فيما وضع الدكتور فايز عبد الله الشهري تعريفا للصحافة الإلكترونية يؤكد إنها عبارة عن تكامل تكنولوجي بين أجهزة الحاسبات الإلكترونية وما تملكه من إمكانيات هائلة في تخزين وتنسيق وتبويب وتصنيف المعلومات واسترجاعها في ثوان معدودات , وبين التطور الهائل في وسائل الاتصالات الجماهيرية التي جعلت العالم قرية إلكترونية صغيرة
فئات الصحافة الإلكترونية :
صنفت الصحف الإلكترونية على شبكة الإنترنت إلى ثلاث فئات هي :
الأولى :المواقع التابعة لمؤسسات صحفية تقليدية كالصحف وبعض الفضائيات , ويندر أن تحدث هذه المواقع خلال اليوم ولا يعمل بها صحفيون وانما مبرمجون ينقلون ما في الصحيفة المطبوعة إلى الموقع الإلكتروني
الثانية : المواقع الأخبارية كالبوابات الإعلامية أمثال اريبيا لاين are beaonline وبلانيت ارابيا ونسيج ( Nassej ) وهي مواقع إلكترونية متخصصة تنشر أخبارا وتحليلات وتحقيقات أعدت خصيصا للنشر على شبكة الإنترنت وتحدث على مدار الساعة .
الثالثة : الصحف الإلكترونية البحتة التي ليس لها صحيفة مطبوعة وتدار عادة بجهد فردي وتغطي مجالات الأخبار كافة من سياسة واقتصاد ورياضة وسينما وموسيقى .
تتميز الصحف الإلكترونية المنتشرة على صفحات الإنترنت الآن بالحيوية التي تفقدها الصحف المطبوعة؛ ففي إمكانها إضافة وحذف وتغيير الأخبار والتحولات العالمية والعربية في كل لحظة من لحظات اليوم، على عكس الصحافة المطبوعة التي ما أن تنزل إلى الأسواق حتى تصبح ملكاً للقارئ، حيث لا تستطيع إدارة الصحيفة إضافة أو حذف أو تغيير أي شيء منها. فالصحف الإلكترونية غير مقيدة بحدود زمانية معينة، كما أنها مجاوزة لأطر المكان والتحديدات الخاصة بها , فالمرء يمكنه أن يطالع آخر الأخبار الواردة في هذه النوعية من الصحف في أي وقت من أوقات اليوم، وفي أي مكان في العالم، طالما أنه يمتلك جهاز كومبيوتر، ولديه إمكانية النفاذ عبر الإنترنت. ويلفت النظر هنا، أن القائمين على الصحف الإلكترونية يمتلكون إمكانيات كبيرة خاصة بشؤون التحرير أكثر بكثير من تلك الممنوحة للقائمين على الصحف المطبوعة من حيث حرية الحركة والتغيير، ومتابعة الأحداث، سواء بالكلمة، أو بالصوت، أو بالصورة، وهو ما لا تستطيع أن تقوم به الصحف المطبوعة بأي حالٍ من الأحوال.
كما أن الصحف الإلكترونية قد استطاعت أن تهرب من سلطة الرقيب العادي، رغم ما يتعرض له البعض منها في العديد من الدول العربية من إغلاق لبعض المواقع، بل وسجن القائمين عليها. حيث وفر هذا النوع من النشر الإلكتروني إمكانات جديدة من الحركة وتجاوز أنماط الرقابة المتعارف عليه. فبينما يمكن مراقبة الصحف المطبوعة في مرحلة ما قبل النشر، فإن الصحف الإلكترونية يمكنها النشر بسهولة، ثم انتظار النتائج بعد ذلك , فالفرص الواسعة التي تتيحها هذه النوعية من الصحف الإلكترونية قد أغرت الكثيرون بإصدار العديد من الصحف على صفحات الإنترنت، وإشباع رغباتهم في كتابة ما يرغبون في كتابته، ومالا يمكن نشره عبر الصحف المطبوعة. ومما لاشك فيه أن هذه النوعية من الصحف تتمتع بقدر كبير من الحرية، وإمكانية إطلاق الأخبار والمعلومات والمناقشات بشكلٍ مازالت تعجز عنه الصحف الورقية الخاضعة لرقابة ما قبل النشر.
ومن الضروري ذكر بعض الخصائص التي تميز الصحافة الإلكترونية ومنها :
1 – خاصية التنوع : عندما جاء الإنترنت الذي سمح بإنشاء صحف متعددة الأبعاد ذات حجم غير محدد نظريا يمكن من خلالها إرضاء مستويات متعددة من الاهتمام وطريقة النص هي المحرك لهذا التنويع من الإعلام الإلكتروني , الذي يمكن من تكوين نسيج إعلامي حقيقي يستخدم أنماطا مختلفة من المصادر والوسائل الإعلامية ترتبط جميعا بشبكة من المراجع .
2 – خاصية المرونة : تبرز خاصية المرونة بشكل جيد بالنسبة لمستخدمي صحافة الإنترنت إذ لا يمكن له إذا كان لديه الحد الأدنى من المعرفة بالإنترنت أن يتجاوز عددا من المشكلات الإجرائية التي تعترضه
ويرى الخبير لورنس ماير في مقابلة مع موقع دويتشه فيله, وفي إجابته عن ابرز خصائص الصحافة الإلكترونية إن الصحافة الإلكترونية هي استمرار للصحافة التقليدية بشكل يواكب التطور الإعلامي الذي نشهده في عصرنا الحالي, غير أنها تتميز عنها بنوع من المرونة على صعيد الجمع بين عدة أشكال من الإنتاج الصحافي كالنص المكتوب والمسموع والمرئي. وبهذا تجمع الصحافة الإلكترونية بين مختلف التقنيات المتوفرة في وسائل الإعلام التقليدية , وبكل تأكيد فأن الصحافة الإلكترونية أصبحت مهنة قائمة بذاتها على ضوء الازدياد المستمر في الطلب على المتخصصين وأصحاب الخبرة فيها ، فعروض العمل في هذا المجال تعرف تزايداً مضطرداً. ويدعم ذلك النمو الكبير لقطاع الإعلان على شبكة الإنترنت بشكل يجعلها جاذبة للاستثمار في مجال الإعلام. ومن نتائج ذلك خلق فرص عمل إضافية للصحافيين المتخصصين. ويزيد من أهمية ذلك إن المواقع الإلكترونية تعتبر الحل للعديد من المشاكل التي تتخبط بها وسائل الإعلام بسبب فقدان عدد كبير من القراء أو المشاهدين.المبحث الثاني :
خصائص مطبوعة الإنترنت
يرى دوج ميلسون إن صحافة الإنترنت هي باختصار الصحافة الممارسة في الشبكة وهي تضم نشر الأخبار والتقارير الأخبارية والتحليلات والحقائق والأحداث الجارية والتاريخية , وتتطور الخصائص العامة للصحافة والخدمات الأخبارية في الإنترنت مع تطور الشبكة لأن تكنولوجيات الشبكة نفسها في حالة تطور مستمر , ويمكن تقسيم الصحف والخدمات الصحفية في الإنترنت إلى خمسة أنواع رئيسية هي :
النوع الأول : توجد صحف معروفة بأسمائها وتاريخها في الشبكة في شكل خدمة منفصلة عن طبعتها الورقية أو شبيهة بالورقية وهما تمثلان النوع الأول .
النوع الثاني : تميل بعض الإذاعات إلى تقديم خدمات أخبارية نصية وصور وأشكال إيضاحية كما في موقع هيئة الإذاعة البريطانية الذي يقدم خدمات إذاعية بمختلف اللغات وخدمات صوتية كما يقدم تقارير أخبارية مكتوبة ومواد صوتية وصور وساحة حوار تفاعلية وهذه تمثل النوع الثاني .
النوع الثالث : فهو الذي نشأ في الإنترنت , وهو مجموعة الخدمات الأخبارية التي تجمع خصائص مختلفة للوسائل الإعلامية زائدا خصائص شبكة الإنترنت مثل فوكس نيوز وخدمات ام اس ان بي سي MSNBC وهي شراكة ما بين شركة مايكروسوفت وشبكة ان بي سي الأمريكية .
النوع الرابع : فهو صيغة مجلة الإنترنت .
النوع الخامس : فهي صيغة وكالات الأنباء في الشبكة ولها نماذج وطرق مختلفة في تقديم خدماتها .
وخصائص صحافة الإنترنت ترتبط بخصائص الإنترنت ذاته , إذ إن الكتابة لصحافة الإنترنت ليس مثل كتابة النص العادي , ويجب التفكير في كافة الأشكال التي يمكن استخدامها في القصة الأخبارية لتتجاوب مع بعض خصائص الإنترنت فالكتابة التقليدية التي تأتي في شكل سردي من أعلى إلى اسفل لا تتناسب مع صحافة الإنترنت
وقد أورد مارك ديوز مجموعة اعتبارات تكون خصائص المطبوعة الأخبارية في الإنترنت من خلال الجدول التالي :
1 – المحتوى الأساسي
1 – الكتابة الموثقة والتحليل
2 – أسلوب الكتابة غير السردي
3 – الصور الصحافية , غرافيك وصور
2 – المصادر
1 – توفر المصادر الأصلية
2 – الوصلات إلى مصادر المادة الصحفية
3 – توفير المواد المرجعية
4 – الأرشيف الذي يمكن البحث في معلوماته
3 – مشاركة القراء
1 – نقاش القراء على الخط
2 – وسائل التراسل الإلكتروني
3 – وسائل تلبية الحاجات الفردية للقراء , المؤتمرات وساحات الحوار
4 – تنظيم المحتوى
1 – تفصيل طبقات المحتوى
2 – توفير أدوات الملاحة سهلة الاستخدام
3 – التزاوج بين الوسائل المختلفةوقد حدد ديفيد فيليس أمور يجب التفكير بها في صحافة الإنترنت أو الصحيفة الإلكترونية كالآتي :
– الأهداف
– التكرار
– المسؤول عنها ( المحرر )
– الميزانية
– إنشاء قائمة بالأشخاص على الإنترنت الذين سيتلقون هذه الصحيفة الإلكترونية
– وضع التصميم لها على الشبكة ( وخارج الشبكة إذا كان هذا ممكنا )المبحث الثالث :
الصحافة الإلكترونية في الوطن العربي
رغم قلة المادة المتوافرة على صفحات الإنترنت باللغة العربية مقارنةً باللغة الإنجليزية ، فإن الأمر اللافت للنظر هو أن الكثير من الصحف في كافة الدول العربية قد بدأت في إصدار طبعاتها الإلكترونية على صفحات الإنترنت. إضافةً إلى ذلك، فقد بدأت العديد من الصحف إصداراتها على صفحات الإنترنت مباشرة بدون أن يكون لها طبعات ورقية سابقة؛ حيث انتشر هذا النوع الأخير من الصحف، مستفيداً في ذلك من التسهيلات المرتبطة بالنشر الإلكتروني مقارنةً بتكاليف الطباعة باهظة الثمن , ورغم توجه العديد من القراء العرب نحو قراءة الطبعات الإلكترونية من الصحف العربية، فإن الطبعات الورقية مازالت تحوز على قدر كبير من الانتشار لأسباب كثيرة منها قلة انتشار الكومبيوتر في المنازل والمؤسسات التعليمية العربية من جانب، وارتفاع تكلفة استخدام الإنترنت في معظم الدول العربية من جانب آخر. فما زال الكثير من القراء العرب يقبلون على قراءة الصحف المطبوعة، رغم اتجاه شريحة لابأس بها من الأجيال الجديدة نحو قراءة الصحف الإلكترونية. والأمر الذي لا شك فيه أننا سوف نشهد مرور فترات طويلة من الزمن حتى يعتاد المواطن العربي على قراءة ومتابعة الصحف عبر الإنترنت.
ويغلب على أشكال الصحافة الإلكترونية في هذه المرحلة التي يمكن أن نطلق عليها “مرحلة الانفلات الإلكتروني” أنها صحافة تعبر بالأساس عن توجهات أيديولوجية جامحة؛ فكل من لديه قضية ما مع نظام عربي أو مع دولة عربية أو مع الأغلبية أو مع الأقلية أو مع حزب سياسي، ما عليه إلا أن يطلق صحيفته الإلكترونية ليجذب إليها كل من يجد تماثلاً مع توجهات الصحيفة ونوعية القضايا التي تحاول إثارتها والكتابة عنها. وتستقطب هذه النوعية الجديدة من الصحف كتاباً جدد من كل مكان في العالم، سواء من هؤلاء المقيمين في المجتمعات الغربية أو من هؤلاء المقيمين في المجتمعات العربية، حيث وفرت هذه الصحف الإلكترونية سهولة المشاركة في الكتابة طالما أنها تنسجم مع توجهات الصحيفة والقضايا التي تسعى لتناولها والإفصاح عنها , وما يلفت النظر هنا أن العديد من هذه الصحف قد وُجد تحت وطأة موضة إصدار الصحف الإلكترونية أكثر منه تعبيراً عن حاجة ملحة لإشباع احتياج فكري وثقافي لدى القارئ والمتابع العربي. لذلك، وعبر الفترة المحدودة من عمر نشأة هذه الصحافة الإلكترونية يجد المرء العديد من هذه الصحف والمواقع ذات التوجهات والمشارب المتعددة والمتباينة. كما يلفت النظر هنا أن هناك علاقة طردية بين ما يواجهه الواقع العربي من مشكلات وتدهور وبين التوسع في إنشاء مواقع إلكترونية صحفية جديدة. بحيث يمكن القول بأن ما يحدث عبر صفحات الإنترنت ما هو إلا تجسيد حي ومشابه لما يحدث في الواقع العربي المعاصر , والعديد من هذه الصحف الإلكترونية، ورغم حيز الحرية الضخم المكفول لها عبر صفحات الإنترنت، يغلب عليه طابع المراهقة الصحفية من حيث نوعية المادة التي تتناولها وتحرص بشكلٍ دائم ومستمر على بثها عبر مواقعها. فالكثير من هذه الصحف تركز على الجوانب السلبية لخصومها، بل وتستقطب من لهم حسابات خاصة وشخصية مع دولهم أو مع أنظمتهم السياسية، أكثر من محاولة التناول الموضوعي للقضايا من أكثر من وجهة نظر وأكثر من رأى. وفي الكثير من هذه الصحف نجد الكثير من أقلام القائمين في الخارج الذين لا تربطهم أية علاقات بالمنطقة العربية سوى العزف المتواصل على نغمة الدفاع عن الأقليات ومسائل حقوق الإنسان وحقوق المرأة إلى آخره من مثل هذه القضايا.
ولا يمكن للمرء الآن إصدار أحكام نهائية ومطلقة على هذه النوعية من الصحف الإلكترونية في عالمنا العربي، فمازالت في مرحلة البدايات والمحاولة والخطأ. كما يمكن القول أن هذه البدايات لا تنفصل بشكلٍ أو بآخر عن أزمة الصحافة العربية المطبوعة، وما تواجهه في الواقع العربي المعايش من مصاعب مختلفة على مستوى الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية. لذلك فإن أية محاولة لدراسة هذه الظاهرة الجديدة يجب ألا تفصلها عن مجمل السياق العربي بعامة، وعن واقع الصحافة العربية بخاصة.
وأدت التطورات الإيجابية في استخدام الإنترنت إلى تشجيع الكثير من الناشرين العرب إلى الدخول في عالم النشر الإلكتروني , فمنذ السنوات الأولى لظهور الشبكة العالمية فكر الناشرون العرب في استثمار النشر على خط المباشر حيث شجعهم على ذلك ازدياد أعداد القراء الذين ارتبطوا بالإنترنت , فقد أصبحت قراءة رؤوس الموضوعات في بعض الصحف العربية التي تنشر يوميا في الإنترنت موديل لعصر كالصحف السعودية والمصرية والأردنية وغيرها
ويمكن تقسيم ما يمارسه الناشرون العرب على مستوى النشر على الإنترنت إلى ثلاث فئات
الفئة الأولى : تعتمد سياسة الحد الأدنى المتمثلة في إطلاق نسخ كاربونية صماء من الصحيفة المطبوعة بأقل التكاليف ودون تكاليف تذكر والاكتفاء بالإشارة إلى أن للصحيفة موقعا على الإنترنت يقوم بدور التواصل ما بين الصحيفة وقرائها أينما كانوا .
الفئة الثانية : تعتمد بناء مواقع متميزة اقرب ما تكون إلى البوابات الإعلامية الشاملة وهي تطور في مواقعها الموجودة للوصول إلى البوابة الإعلامية .
الفئة الثالثة : تعتمد سياسة الانطلاق من الصحيفة الإلكترونية دون وجود صحيفة مطبوعة أصلا
وحاليا تتوافر على الإنترنت معظم الصحف العربية المطبوعة وتعتمد هذه الصحف في بثها للمادة الصحفية على تقنيات مختلفة , ولكن أيا من هذه التقنيات المستخدمة لم يرتفع بالصحافة العربية إلى مستوى الصحيفة الإلكترونية المتكاملة على الرغم من توافر عدد من أنظمة البحث والاسترجاع المتوافقة مع اللغة العربية, واتبعت الصحافة العربية طريقتين في عملية إدخال أعدادها على شبكة الإنترنت , الأولى تعتمد على إدخالها كصورة وليس كنص حيث يتم تجهيز مواد الجريدة في صورة شريط طولي من الأخبار وتحويلها إلى صورة من خلال برنامج ( photoshop ) وحفظها كصورة وتكتفي الجريدة في هذه الحالة بإقامة وصلات بين صفحة الاستقبال وصفحات الجريدة المختلفة , كل وصلة مرتبطة بصورة الصفحة الخاصة بها , وهي الطريقة نفسها التي تعتمد عليها معظم الصحف العربية المنشورة على شبكة الإنترنت , بل إن بعض هذه الصحف مثل جريدة الحياة تقوم بضغط صور الصفحات الخاصة بها بدلا من أعدادها في صورة شريط طولي بحيث يتم إعادة نشر المواد المنشورة نفسها في الجريدة المطبوعة من حيث الترتيب والإخراج نفسهما
أما الطريقة الثانية التي يتم من خلالها التعامل مع النص فنجد أنموذجا لها في موقع جريدة باب الإلكترونية التي تتيح تصفح العدد سواء بتقنية النصوص , وهو ما يتطلب توافر برنامج يتيح قراءة النص العربي من على الإنترنت مثل برنامج سندباد أو برنامج نانجو أو بتقنية الصور لمن لا تتوافر عنده برامج تعريف الإنترنت , وتصدر صحيفة إيلاف على الإنترنت باعتماد نظام نشر إلكتروني , وليست إيلاف أول جريدة عربية تصدر على الإنترنت إلا إنها أول جريدة صممت خصيصا للإنترنت بوسائط نشر متعددة من نص وصورة وصوت وأفلام وثائقية وغرفة الأخبار المتعددة الأبعاد والوسائط .
التصنيف: علوم الإعلام والإتصال
علوم الإعلام والإتصال
تقنيات الأشهار
يعتبر الإشهار في عصرنا هذا مسألة حيوية وضرورية لكل من يريد تنمية أعماله والإكثار من عملائه وبالتالي مضاعفة أرباحه، وهو واحد من أهم العوامل المتعلقة بالعمل ، فلا يكاد يكون هناك نشاط خاص أو تجارة تجزئة تستطيع الاستمرار في العمل ما لم يكن لها إشهار وترويج .
والشركات التي لاتشهر نشاطها قد تتعرض لابتلاع الشركات التي عرفت وأدركت قيمة وأهمية الإشهار بالترويج لمبيعاتها وأرباحها بشكل منتظم.
وكما نعلم فإن الإشهار هو وسيلة جماهيرية لتوصيل المعلومات بغرض إقناع المشترين بالسلعة المعلن عنها قصد مضاعفة الأرباح المحققة .
وكما نعلم فان للإشهار والترويج أوجه متعددة من بينها تقنيات التعليب والتغليف التي تعتبر وسيلة ضرورية وملحة في الترويج للمنتوج ومنافسة المنتوجات المشابهة إضافة إلى التأثير على المستهلك .
وللإشارة فقد كان التجار في القديم يبيعون السلع الاستهلاكية دون أي تغليف، في أكياس أو ملفوفة في الورق ولم يكن الزبون يدرك قيمة المنتوج إلا من فرق السعر، وهذا التطور نتج عنه عهد جديد في تاريخ الإشهار أساسه تقنيات التغليف Packaging ولا يخفى على أحد ما للتغليف من أهمية في أيامنا هذه
من تقنيات الإشهار …….يكون العمل الإشهاري على شكل عمـودي.
ـ سهولة القراءة والوضوح.
ـ التركيز على بعض العناصر الجمالية .
ـ التوازن في الشكل واللون و تبويب في تنظيمه ,
ـ التضاد الآني للمكملات اللونية .التضاد الآني هو : كل لون يحدث التضاد الخاص به آنيا
عند استخدام المكملات اللونية.
تعريف الإشهار
العمل الفني الإشهاري ، هو إحدى الوسائل المختلفة لنقل الرسائل المرئية
لجمهور عريض مع سهولة و مرونة في استخدام المساحة. مع توظيف قاعدة
التبويب ، والعمل لإشهاري ذات أغراض مختلفة منها الإعلامي ،و الإعلاني ،
و الدعائي
تعريف العمل الفني الإشهاري ، هو إحدى الوسائل المختلفة لنقل الرسائل المرئية لجمهور
عريض مع سهولة و مرونة في استخدام المساحة. مع توظيف قاعدة التبويب ، والعمل
الإشهاري ذات أغراض مختلفة منها الإعلامي ،و الإعلاني ، و الدعائينبذة تاريخية :
ان أول معالم الإشهار ، كانت عاى العموم اشهار خارجي ،تظهر على شكل عبارات كتابية او اشكال مرسومة على الجدران مكتوبة او منقوشة .
وفي القرون الوسطى استعمل المناد، اما الإعلان المصور أو المكتوب قد ظهر في نهاية 16 م عندما استعمل التجار لوحات اشهارية خارج محلاتهم ، اما الاشهار في شكله المتطور الحـالي فقد ظــهر بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1870 م.
مقدمة:
الإعـــلان رسالة تهدف إلى ترويج سلعة أو خدمة أو فكرة. وفي العديد من البلدان، يعايش الناس يوميًا أشكالاً مختلفة من الإعلان. والإعلانات المطبوعة تشغل مساحة كبيرة من الصحف والمجلات، بينما تظهر الملصقات الإعلانية في كثيرٍ من المركبات العامة والمحلات التجارية والمرافق العامة. وتتخلل الإعلانات التجارية برامج التلفاز والمذياع.
يصل الإعلان إلى الجمهور عن طريق أشكال متعددة من وسائل الاتصال. وتشمل هذه الوسائل الصحف اليومية والمجلات والتلفاز والمذياع، حيث تشتري الجهات المعلنة مساحات في الصحف والمجلات لتنشر إعلاناتها، كما تشتري جزءا من وقت التلفاز والمذياع لتعرض فيه إعلاناتها التجارية. إضافة إلى الأشكال الرئيسية للافتات الخارجية التي يطلق عليها الإشهار الخارجي وهي: الملصقات واللوحات الملونة و اللوحات الكهربائية الضخمة. وهناك وسائل إشهارية أخرى تشمل: الإعلانات الموضوعة على وسائل المواصلات وعرض الواجهات و العرض في مكان البيع و دليل الهاتف و توزيع التذكارات.
وللإعلان تأثيرٌ كبير على حياة الناس في البلدان التي ينتشر فيها على نطاق واسع، حيث يُشَجِّعَهُم على تناول أنواع معينة من الطعام أو ارتداء ملابس معينة أو اقتناء سيارات معينة أو استعمال أنواع معينة من السلع المستخدمة في المنازل. ويُروِّج الإعلان لاستعمال الأدوات المُوفِّرة للوقت، ومن ثم يَقترِح عليهم كيفية الاستمتاع بوقت الفراغ المتاح. وعلى هذا النحو، فإن الإعلان يساهم في تشكيل الذوق العام والعادات والأمزجة والثقافات السائِدة في البلد. وقد يساهم الإعلان في رفع المستوى المعيشي وذلك عن طريق الترويج لبيع عدة أنواع من السلع.
والإعلان ُيستخْدَم في كافة الدول تقريبا، ومع ذلك فإن العديد من الدول تفرض قيودًا على الإعلان. فعلى سبيل المثال، تحِدّ بعض دول أوروبا الغربية من حجم الإعلانات في التلفاز ونوع السلع التي يُرَوِّج لها الإعلان. ويُعتبر الإعلان ممارسة غير قانونية في كل من السويد والنرويج، كما أن العديد من الدول وكل الدول العربية تقيد الحجم المكاني والزماني للإشهار في وسائل الإعلام إضافة إلى ترشيد الإشهار بقوانين تحث على احترام القيم والأخلاق الدينية والاجتماعية والوطنية وحماية المستهلك والأطفال والمرأة على الأقل من الممارسات الإشهارية.
نحاول في هذا البحث أن ندرس الإشهار في الجزائر من خلال وجود احتكار تام لهذا القطاع من طرف الدولة عن طريق الشركة الوطنية للاتصال والنشر والإشهار التي تأسست في عام 1967م ، ومن ثمة محاولة إيجاد قانون جديد يراعي الحياة الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها الجزائر من خلال مشروع قانون الإشهار الذي طرح سنة 1999م ولم يجد للنور طريقه لأنه كان مليئا بالأخطاء التي لم تكن تتوافق جيدا مع حالة القطاع في الجزائر مما جعل البرلمان يرفضه بأغلبية.المبحث الأول:
تعريف الإعلان
لغة : أعلن ، يعلن ومصدرها علانية وإعلان بمعنى الإظهار والإشهار والجهر بالشيء .
واصطلاحا هو وسيلة مدفوعة لإيجاد حالة من الرضى والقبول النفسي في الجماهير لغرض المساعدة على بيع سلعة أو خدمة أو بموافقة الجمهور على قبول فكرة او توجيه جهة بذاتها.أو كما يقول Graw Walter على أنه فن إغراء الأفراد على سلوك بطريقة معينة[1].
والاعلان هو أحد الأنشطة الإعلامية التي لا غنى عنها للأنشطة الإقتصادية من صناعة وتجارة وغيرها من الانشطة الاقتصاديه وكذلك بالنسبة للمؤسسات والمنظمات الخيرية الغير ربحية والتي بدون الاعلان عن مجهوداتها فلن تحصل على الدعم المجتمعي والتمويل المادي اللازم لاستمرارها في عملها وأدائها لرسالتها.
وليس من السهل وضع تعريف دقيق للإعلان فهناك تعريفات كثيرة منها الموجودة في القواميس العربية والإفرنجية …
وتعرفه دائرة المعارف الفرنسية بأنه ” مجموعة الوسائل المستخدمة لتعريف الجمهور بمنشأة تجارية أو صناعية وإقناعه بامتياز منتجاتها”[2].
ويعرفه Graw Walter على أنه أداة لبيع الأفكار أوالسلع أو الخدمات لمجموعة من الناس ويستخدم في ذلك مساحات من الملحقات أو الصحف أو المجلات أو أوقات إرسال الرادسو أو التلفزيون أو دور العرض السينمائي نظير أجر معين [3].
ومن أحسن التعاريف التي وُضعت حديثاُ، ما وضعته جمعية التسويق الأمريكية :
” الإعلان هو مختلف نواحي النشاط التي تؤدي إلى نشر أو إذاعة الرسائل الإعلانية المرئية أو المسموعة على الجمهور بغرض حثه على شراء سلع أو خدمات، أو من أجل استمالته إلى التقبل الطيب إلى لأفكار أو أشخاص أو منشآت مُعلن عنها” [4]. أو ” هو وسيلة غير شخصية لتقديم الأفكار والترويج عن السلع بواسطة جهة معلومة مقابل أجر مدفوع” [5].
وعلى ذلك يمكن تحديد وظائف الإعلان بوظيفتين:أما عن هذا العمل فهو اختصاص وكالات الإعلان والدعاية وهي الشركات المسؤولة عن القيام بالانشطة الإعلانية نيابة عن الشركات والمؤسسات في وسائل الإعلام المختلفة من طباعة و نشر وإذاعة وتلفاز وانترنت•
المبحث الثاني: نبذة تاريخية عن ظهور الأعلان وتطوره.
ليست صناعة الاعلانات من الفنون المستحدثة وإنما هي قديمة قدم التاريخ، فقد بدأ الاعلان على أشكال تطورت بمرور القرون حتى أصبح فن الاعلان كما نعرفه الآن، حيث يعتبر الإشهار نشاطا قديما قدم المجتمعات الإنسانية ، يمتد تاريخيا إلى بدايتها كأحد السبل التي لجأ إليها الإنسان البدائي (الأول) لتلبية احتياجاته المعيشية منذ العصور القديمة والتعبير عن متطلباته للآخرين بهدف إقامة العلاقات التبادلية وتحقيق المصالح والمنفعة المشتركة بالشكل والأسلوب الذي يتلاءم مع طبيعة العصر ، وكان من خلال الاعتماد على المنادي وهو الذي كان يوفده الحكام من ملوك وأمراء والذي كان يتجول في الاسواق يجمع الناس حوله بقرع الطبول ليبلغهم برسالته، ولجأ إلى هذا النشاط طبقة الحكام التي استعملت النداءات لتوصيل أواهرهم وقراراتهم إلى الجماهير وتحديد ما عليهم تجاه السلطات بما يحقق للحاكم مطالبه منهم [6] ،وفي مصر القديمة قام التجار باستئجار مُنَادِين يجوبون الشوارع معلنين عن وصول سُفُنِهم وبضائعهم. وفي حدود القرن العاشر الميلادي أصبحت ظاهرة المنادين متفشية في كثير من المدن الأوروبية. وهؤلاء كان يستأجرهم التجار لإرشاد العملاء إلى متاجرهم وإعطائهم فكرة عن سلع وأسعار المتجر.[7] وأيضا النشاط التجاري الاقتصادي حيث ظهر (الدلال) في الأسواق والذي كان يجتهد قدر استطاعته في جذب الناس لبضاعته ويخبرهم بمزاياها ويخفي عيوبها ويقوم بتجميلها قدر المستطاع حتى يزايد الناس عليها. أي أن الإشهار في البداية أخذ الشكل الشفهي المسموع [8].
ويَرَى معظم المؤرخين أن اللافتات الخارجية على المتاجر هي أول أشكال الإعلان. فقد استخدم البابليون ـ الذين عاشوا فيما يُعرف الآن بالعراق ـ لافتات كهذه للدعاية لمتاجرهم وذلك منذ عام 3000 ق.م. كما وضع الإغريق القدامى والرومانيون لافتات إعلانية خارج متاجرهم. ولما كان عدد الناس الذين يعرفون القراءة قليلاً فقد استَعمَل التجار الرموز المنحوتة على الحجارة، أو الصلصال، أو الخشب عوضًا عن اللافتات المكتوبة. فعلى سبيل المثال، تَرمز حدوة الحصان إلى محل الحداد، والحذاء إلى محل صانع أحذية[9].
اختراع الطباعة وظهور الصحافة: ولم يعرف الإشهار تطورا واسعا إلا بعد اختراع آلة الطباعة عام 1443 من طرف الألماني (غوتن بيرغ) حيث عرفت الوثائق انتشارا واسعا . وقد أدَّى اختراعه إلى ظهور أول أشكال الإعلان الموسَّع، كالملصقات المطبوعة والإعلانات الموزَّعة باليد ، وفي عام 1472م أخرج وليم كاكستون ـ الذي أدخل الطباعة لأول مرة في إنجلترا ـ أول إعلان دعائي في إنجلترا، وهو مُلْصَق تم تثبيته على أبواب الكنائس يعلن عن طرح كتاب في المكتبات[10]. وأول ملحقة طبعت إثر انتشار المطابع كانت عام 1525 أين طبعت أول المنشورات لبيع الدواء ، وبعدها وبالضبط في 01 فيفري 1622 صدر أول إشهار في جريدة THE *******ION OUR NEWS،[11] وهي أول صحيفة مطبوعة منتظمة في إنجلترا وكانت صحيفة أسبوعية. وفي السنوات التالية ومع بدء إصدار العديد من الصحف الإنجليزية، أصبح الإعلان هو السمة الرئيسية لكافة الصحف.
وبفضل هذا الاختراع (الطباعة) وهذا المولود الإعلامي (الصحيفة) عرف االإشهار توسعا وتطورا كبيرين بالأخص في القرن 18 ولم يقتصر استعماله في مجال واحد بل توسع وشمل عدة نشاطات ، واستعمل كذلك من طرف الصحافة التي كان لها الدور الكبير في تطويره خاصة في أوربا وأمريكا ، وكان هذا لأجل تخفيض سعر الصحف لتصبح في متناول جميع الأفراد ووصلت استعمالاته حتى لأغراض سياسية [12].
ورغم كل هذا التطور الذي شهده الإشهار خلال تلك الفترة إلا أن مهنة الإشهار لم تكن موجودة بعد ، حيث كان يقوم بهذه المهمة الصحافيون أنفسهم ، وبالتالي لم تكن عملية تصميم الإشهار مدروسة جيدا بعكس الملحقات التي تطورت بشكل ملحوظ ، وهذا بفضل ظهور عدد من الأخصائيين في هذا المجال وأشهرهم: ( I. Toulouse – L. Coppiello – J. Chert …)وفي عام 1875م بدأت وكالة إن دبليو. أير وولده ـ وهي وكالة إعلان أمريكية مقرها في ولاية فيلادلفيا ـ في إبراز خدماتها الإعلانية للمعلِنين تدريجيًا. فقد وظفت الشركة محررين ورسامين، ونفذت حملات إعلانية متكاملة لعملائها. وهكذا أصبحت إن دبليو. أير وولده أول وكالة إعلان حديثة.
ظهور وسائل الإعلام الجديدة السمعية والمرئية:
ومع حلول القرن العشرين ظهرت وسائل نشر جديدة وهي السينما والراديو التلفزيون، وبهذه الوسائل الجديدة عرف الإشهار تطورا واسعا إذ تم إخراج أول شريط إشهاري سينمائي عام 1904م وذلك من طرف الإخوة لوميير Lumiere [13] .وبعدها أصبح التلفزيون من أهم وسائل النشر للرسائل الإشهارية وأصبح الإشهارأحد أهم مصادر تمويل القنوات التلفزيونية .
لكن بعد الحرب العالمية الثانية ظهرت عدة عوامل أدت إلى ظهور الإشهار في مستواه الحالي ، وبالصفة التي نعرفها اليوم من حيث الجودة في التصميم والإخراج وخاصة بعد أن أقيمت دراسات أكاديمية تقدم مقررات حول المادة الإشهارية بشكل متخصص وهكذا استطاع الإشهار أن يعزز جميع المنشئات وذلك بوضع شبكات في مختلف أنحاء العالم وتعرف بالوكالات الإشهارية من أجل تحسين وتطوير الإشهار والاستجابة لطلبات زبائنه..
الاعلان فن يتطور تطوراً ذاتياً بالتطور التقني الذي نصل إليه ، فمع التطور الكبير الذي احدثته الحواسب الآلية في عالمنا اليوم ، انعكس ذلك بدوره على عالم دعاية واعلان فأصبح تصميم الاعلانات واخراجها به من التطور والجاذبيه الشيء الكثير.مقال من موسوعة وكيبيديا
المبحث الثالث : تصنيفات الإشهار وأنواعههناك عدة تصنيفات لأنواع الإشهار (لإعلان) نوجزها فيما يلي حسب طبيعة التقسيم :
(حسب الوسائل أو الدعامات المشهر بواسطتها).[14]
أـ الإشهار المسموع: ويتم من خلال الكلمة المسموعة في الإذاعات والمحاضرات والندوات والخطب… وتعد الكلمة المسموعة أقدم وسيلة استعملها الإنسان في الإشهار، وأهم ما يميزها هو طريقة أدائها، إذ يلعب الصوت دوراً بالغ الأهمية في التأثير على المتلقي بما يحمل من خصوصيات في التنغيم والنبر والجهر والهمس، وتصحب الكلمة المسموعة أحياناً الموسيقى فتزيدها طاقة كبرى على الإيحاء والوهم والتخيل، وعملاً على استثارة الحلم وإيقاظ الراقد في الأعماق.
ب ـ الإشهار المكتوب: ويتخذ وسيلة له الصحف والمجلات والكتب والنشرات والتقارير والملصقات على جدران المدن أو في ساحاتها العامة حيث يكثر الناس وذلك ما نلاحظه من صور لزجاجات العطر أو أنواع الصابون أو الساعات…الخ.
والأمر نفسه لما نلاحظه من إشهار على اللوحات الإعلانية الثابتة أو المتحركة في ملاعب كرة القدم مثلاً، لأنَّ ذلك يجعلها تشيع ويتسع مداها وتصل إلى أكبر قدر ممكن من المتلقين…
أي أن الإشهار المكتوب يتمثل في :
– الإعلانات المطبوعة، وهي الأقدم على الاطلاق بين فنون الإعلان وهي إعلانات الصحف والمجلات والدوريات والمنشورات والملصقات .
– الاعلانات الغير مباشرة ومنها الكتيبات والمطويات التي ترسل بالبريد لأشخاص بعينهم .
– الاعلانات الخارجية، إعلانات الشوارع والمعارض والاعلانات على جوانب الحافلات العامة .
جـ ـ الإشهار المسموع والمكتوب (السمعي ـ البصري): وسيلته الأساسية التلفزة، ويتم بالصورة واللون والموسيقى وطريقة الأداء والحركة والموضوع، فهو، إن صح التعبير، عبارة عن “ميكروفيلم” يتعاون على إنتاجه وإنجازه فريق عمل متخصص في: الإخراج والديكور ووضع الأثاث، والحلاقة والتجميل، والإضاءة والتسجيل وضبط الصوت والتركيب والتمثيل…الخ.
وهذا يبين ـ بما لا يدع مجالا للشك ـ أهمية الإشهار كخطاب سار في المجتمع له خصوصياته وأبعاده، وأهمية الدور الذي تلعبه التلفزة كوسيلة إعلامية في المجتمع…
د- الإعلان الإلكتروني[15] : ويتمثل في الإعلانات على شبكة الإنترنت ، وقد زادت أهميتها بازدياد أهمية شبكة المعلومات العالمية كوسيط إعلامي هائل وتطورت اعلانتها حتى وصلت إلى المستوى المتقدم الذي نراه اليوم. إضافة إلى الإعلانات على شاشة الهاتف الجوال بعد ازدياد عدد مستخدميه حول العالم فأصبح وسيلة إعلامية هامة.( حسب نوع الرسالة الإشهارية المتضمنة)
أ ـ إشهار تجاري: ويرتبط بالاستثمار والمنافسة، ولذلك فإن استراتيجيات التسويق واستراتيجيات الإشهار مرتبطان ببعضها.
ب ـ إشهار سياسي: ويرتبط بالتعبير عن الآراء المختلفة ومحاولة التأثير على الرأي العام بتقديم الإشهار في شكل يبرز أهمية الرأي بأنه هو الأحسن وهو الأفضل من بين كل الآراء الأخرى المتواجدة في الساحة، كما هو الحال في الدعاية للحملات الانتخابية.
جـ ـ إشهار اجتماعي: ويهدف إلى تقديم خدمة أو منفعة عامة للمجتمع، مثلاً: الإعلان عن مواعيد تلقيح الأطفال أو إسداء نصائح للفلاحين، أو الدعوة إلى الوقاية والحذر من أمراض معينة. ولذلك نلاحظ هذا النوع من الإشهار غالبا ما يأتي تحت عنوان: “حملة ذات منفعة عامة” كما هو الحال في التلفزيون الجزائري.
1- حث المستهلكين المرتقبين على اقتناء السلع أو شراء الخدمات . 2- تهيئة هؤلاء المستهلكين إلى تقبل السلع أو الخدمات أو الأفكار أو الأشخاص أو المنشآت . ظهور وكالات الدعاية والإعلان: في بداية ظهورها كانت شركات الدعاية والإعلان تعمل شركات وسيطة، أي أنها كانت تشتري من الصحيفة مساحات بسعر مُخفّض ثم تعيد بيعها للجهات التي ترغب في الإعلان. وتُعِدّ الشركات المعلنة الإعلان بنفسها أو تستأجر مُصمِّمي إعلان للقيام بإعداده. أما عن استعماله في الإذاعة فقد بدأ لأول مرة عام 1922م انطلاقا من الو.م.أ ثم فرنسا حيث قام الناشر ألبن ميشال Albin Michel بإمضاء أول عقد إشهار راديوفوني مع محطة RADIOLA ، وبعد السينما والراديو جاء دور التلفزيون ليستعمل لأول مرة في الو.م.أ ، وكان ذلك عام 1947 من أجل ترويج المؤسسات لمنتوجاتها وتسهي عملية بيع السلع ، أما في فرنسا فلم يكن الإشهار التلفزيوني مرخصا إلا عام 1968 وكذلك دول أوربا الغربية لأنها كانت تنظر إلى التأثير السلبي للإشهار على النمط الاستهلاكي للأفراد لجعله لا يتلاءم مع الاحتياجات الحقيقية .
بقلم: سعد الطائي
المقدمــة:
باتت التكنولوجيا الإعلامية تشكل دوراً كبيراً ومؤثراً في العـملية الاعلاميـــة فــي العصـــر الحديث،من دون التكنولوجيا المستخدمة في وسائل الاعلام لايمكن لأية مؤسسة اعلامية النجاح والوصول الى الجمهور المراد الوصول اليه ومن ثم التأثير فيه عن طريق الرسالة الاعلامية المنوي بثها الى هذا الجمهور. فالراديو والتلفزيون والسينما والكتاب والإنترنت كلها وسائل اعلامية لاتستغني عن التكنولوجيا لأنها ولدت وترعرعت واستمرت بفضل التكنولوجيا التي اوصلتها الى فئات كبيرة متنوعة من الناس. وقد اصبحت التكنولوجيا توأم الإعلام الناجح والمسيطر في الوقت الراهن , ذلك أن من يملك مقومات الإعلام الناجح والمؤثر يمتلك الهيمنة الأعلامية , فأصبح الإعلام لا تقوم له قائمة من دون التكنولوجيا الحديثة.
وقد أخذ السباق على أمتلاك التكنولوجيا الإعلامية بين دول العالم أبعاداً متسارعة بتسارع الإختراعات والتطورات التقنية في هذا المجال , والتي تسير بخطى متسارعة يوم بعد آخر وسنة بعد اخرى.
فباتت تظهر بين الحين والآخر منتجات تقنية جديدة وصناعات حديثة ومتطورة تزيد من قوة من يمتلكها وتجعله في طليعة المسيطرين على حركة الأعلام الدولي ومد نفوذه على الجمهور العالمي بكل قوة.
فأصبح الوصول الى الحلقات المتقدمة في التكنولوجيا تعني الوصول الى المراحل المتقدمة في السيطرة على حركة الأعلام العالمي , ومن ثم السيطرة على توجهات الجمهور وتوجيهه بالشكل الدي تريد.
شمال مسيطر وجنوب تابع
تعاني الدول المتخلفة أو ما تعرف بـ ( دول الجنوب ) تبعية تكنولوجية في جميع النواحي ومن ضمنها التكنولوجيا الأعلامية للدول الصناعية أو ما تعرف بـ ( دول الشمال ).
ومن ثم فأنها محكومة تكنولوجيا وأعلاميا لها وهي التي تسيطر على حركة الإعلام الدولي وتسيره بالوجهة التي تريد.
فالتطور في تكنولوجيا وسائل الأعلام متلازم مع زيادة سيطرة ونفوذ هذه الدول على توجهات الاعلام الدولي وتسيره بالشكل الذي يخدم مصالحها وتوجهاتها العالمية. وفضلاً عن رداءة البرامج والانتاج الاعلامي في دول الجنوب فأنها تستعمل وسائل تكنولوجية أقل تطوراً مما هو مستعمل في دول الشمال والتي قامت بتصديره اليها هذه الدول. ذلك انها غير قادرة على تصنيع هذه التقنيات.
فترسخ بذلك اعلاماً متخلفا على مختلف الصعد سواء فنيا من ناحية البرامج ونوعها أو تكنولوجيا عن طريق الإستعانة بالصناعات الأجنبية لعجز الصناعة الوطنية عن مواكبة التطورات التقنية والتمكن من تصنيعها. فنجد أغلب جمهور هذه الدول لا يتجه لوسائل الإعلام الوطنية وانما هو يتجه لوسائل الأعلام التابعة لدول الشمال لعجز الإعلام في دوله عن تقديم المادة والموضوع والكيفية الذي تقدم به عن مجاراة هذا الجمهور وميوله ورغباته. وقد أصبح التحكم بإمتلاك أسرار التكنولوجيا مسألة سلطة فمن يتحكم بالتكنولوجيا فأنه يتحكم بوسائل السيطرة والنفوذ والسلطة على المجتمع الدولي، ولزيادة السيطرة على جمهور دول الجنوب المتخلف، عملت وسائل الإعلام في دول الشمال المتقدم على استعمال اللغات المحلية في دول الجنوب في بث برامجها، أثناء توجهها لجمهور هذه الدول لغرض سرعة الوصول اليه ومن ثم زيادة التأثير فيه الأمر الذي زاد من انصراف هذا الجمهور عن وسائل الاعلام الوطنية فيه وتأثره بوسائل أعلام الدول المتقدمة وذلك بفعل اللغة المفهومة من قبله ( وهي لغته المحلية ) أثناء تسلمه للرسالة الإعلامية الموجهة إليه.
فأصبح لا يجد صعوبة في تسلم هذه الرسالة وأصبحت الرسالة الاعلامية الموجهة اليه لاتجد صعوبة في الوصول اليه وتحقيق اهدافها في التأثير فيه وجعله تابعا ثقافيا وإعلاميا وفكريا لهذه الدول بينما وقفت وسائل الاعلام الوطنية الهزيلة نوعيا وفنيا وتكنولوجيا أمام هذا المد الكاسح من المواد والموضوعات الأعلامية الهائلة الموجهة لهذا الجمهور وعجزها عن مجاراة ما تقدمه مثيلاتها في الدول المتقدمة.
فجعلت منها مجرد ادوات متخلفة وبائسة لا تقوى على الاستمرارية والبقاء فما بالك بالمنافسة والإستحواذ على الجمهور.
وتشهد الساحة الإعلامية الدولية إختلالاً واسعاً وهائلا بين دول الشمال ودول الجنوب.
حيث تشير الإحصائيات الى ان 97% من الجهزة المرئية موجود في دول الشمال،فضلاً عن 87% من الأجهزة المسموعة من مجموع ما تملكه دول العالم.
وان دول الشمال هي المصدر الأساس لأكثر من 90% من مصادر الأخبار.
وتنطبق هذه الحقائق على شبكة المعلومات العالمية ( الأنترنت ) فقد اصبحت لغات هذه الدول لاسيما اللغة الإنكليزية هي المهيمن الكامل على اللغات المستخدمة في مجال الإنترنت.
ذلك أن معطيات 88% من الإنترنت تبث باللغة الإنكليزية مقابل 9% بالألمانية و 2% بالفرنسية فيما يوزع 1% عللى بقية لغات العالم. ويتركز 60% من مجموع شبكة الإنترنت في العالم في الولايات المتحدة و 26% في دول أوروبا فيما تضم بقية دول العالم 14% فقط.
الأمر الذي يوضح لنا بجلاء مدى الهيمنة الكاملة والواسعة جداً لوسائل إعلام دول الشمال ومدى الأختلال الكبير الذي تعانيه اذا ما قورنت بوسائل الإعلام في دول الجنوب.
التكنولوجيا الإعلامية في زمن العولمة
إتخذت العولمة التي يعيشها العالم في الوقت الراهن من التكنولوجيا أهم الأدوات المنفذة لها ومن ضمن التكنولوجيا بشكل عام تكنولوجيا الإعلام وهي تعنينا في هذه الدراسة فبالرغم من كل ما مر بالدول المتخلفة من مراحل لم تتعض هذه الدول وأنما بقي الكثير منها على حاله من التخلف والتبعية لدول الشمال المتقدم، فبقيت هذه الدول مهمشة تعيش على ماتنتجه الدول المتقدمة ( دول الشمال ) من صناعات وبقيت حركة التكنولوجيا الإعلامية حالها حال بقية فروع التكنولوجيا تسير بإتجاه واحد من الشمال الى الجنوب.
لا بل ان الأمر زاد رسوخا وتوسعا في زمن العولمة التي اكتسحت هذه الدول ووصل الأمر في كثير من الأحيان الى ان احدى الشركات الإعلامية يزيد رأس مالها عن الناتج القومي لكثير من الدول المتخلفة التي تعيش في عالم الجنوب.
وغزت الشركات الصناعية أسواق دول الجنوب بالمنتجات الإعلامية المصنعة في دول الشمال
وأصبحت هذه الأسواق تابعة لها ولم تنافسها فيه إلا بعض الشركات في بعض الدول والتي استطاعت بعد مجهود كبير من التخلص من آثار بعض مظاهر التبعية وامتلاك الكثير من ادوات التصنيع والتقنيات المختلفة.
فأصبحت السوق العالمية سوقا تنافسية بشكل ضاري لاتصمد فيه إلا الصناعات الناجحة والمتفوقة.
وأصبحت وسائل الإعلام بتكنولوجياتها المتفوقة إحد أهم الوسائل لترويج مفهوم العولمة ونشره وترسيخه بين شعوب العالم فأصبحت الصناعات الأعلامية أدوات مهمة وستراتيجية في تعميق مفهوم العولمة بين فئات الرأي العام العالمي.
وباتت التكنولوجيا بأنواعها المختلفة المستخدمة في العمل الإعلامي أداة مهمة من أدوات الغزو الثقافي لشعوب دول الجنوب المتخلفة ذلك ان ثقافات هذه الدول أصبحت عرضة للأكتساح الثقافي والهيمنة الثقافية من قبل دول الشمال وذلك بفضل المد الهائل من البرامج والمواد الأعلامية المسوقة لدول الجنوب والتي في غالبيتها تؤكد سيادة الحضارة والثقافة الغربية وتقلل من أهمية ثقافات دول الجنوب في عالم لاتصمد فيه ألا الدول القوية.
المصدر :
نظريات التأثير في الوسائل الإعلامية
1- نظرية التأثير المباشر ( الحقنة ) ( الرصاصة )
وترى هذه النظرية أن علاقة الأفراد بمضمون الرسالة الإعلامية علاقة تأثير مباشر وتلقائي وسريع سواء كانت هذه الرسالة صادرة من صحيفة أو إذاعة أو تلفاز ، فالإنسان سيتأثر بمضمونها مباشرة ، وبناء على فلسفة هذه النظرية فإن الإنسان سيحاكي مشاهد العنف والقتل أو أي جريمة أخرى .
إلا أن هذه النظرية لم تلق قبولا واسعا من قبل المهتمين العاملين في مجالات الإتصال الجماهيري ، لأن الإنسان ليس سلبيا أو ساذجا لتلك الدرجة التي يتأثر بكل ما يقرأ أو يسمع أو يشاهد لاغيا كل الثأثيرات النفسية والإجتماعية والبيئية وما إلى ذلك من تأثيرات أخرى .ولكن يمكننا القول بأن هذه النظرية ( نظرية الرصاصة ) ، متى وجدت التأثيرات الأخرى فإنها يمكن أن تكون فاعلة .
2- نظرية التأثير على المدى الطويل ( النظرية التراكمية )
وهذه النظرية تقول أن تأثير ما تعرضه الوسائل الإعلامية يحتاج إلى فترة طوية حتى تظهر آثاره على الأفراد من خلال تراكمات إعلامية عديدة تؤيدها معتقدات ومواقف وسلوكيات مختلفة ، وإن استمرار تعرض الإنسان من خلال وسائل الإعلام إلى أفكار جديدة وقيم مغايرة واسلوب حياتية غير التي إعتادها ، يؤدي به إلى تبني بعض تلك الأفكار أو القيم ، ويغير في أسلوب حياته متأثرا بما يعرض عليه من مختلف وسائل الإعلام ، وبدرجة تختلف من فرد إلى آخر حسب تركيبة شخصيته ، وحالته النفسية ، والبيئة الإجتماعية التي يعيش فيها ، ونوع الوسيلة الإعلامية التي يتعرض لها ، ومضمونها ، والسياسة التي تسير عليها .
وقد أثبتت بعض الدراسات أن المشاهدة المبكرة للعنف الموثق والمصور في الصحف أو المتلفز تكون سببا مباشرا للعدوان فيما بعد ،ولقد انتهت الدراسات إلى أن تصعيد درجة التهيج ، مهما كان نوع هذا التهيج من خوف أو رعب أو إثارة جنسية ، تمهد لأعمال الإعتداء خاصة اذا ما كانت إشارات البيئة مساعدة على ذلك .ومن هذا فان الإعتقاد بان ” العنف على الشاشة يساعد على الجريمة ” ينبغي أن يقاس بمدى متانة الفرد الخلقية يضاف إلى ذلك أن للجريمة أكثر من دافع ، وإن الدراسات الإرتباطية كثيرا ما تؤدي إلى الوقوع في الزلل العلمي إذا لم تؤخذ بحذر شديد ، فليست كثرة مشاهد العنف تؤدي دوما إلى إزدياد في الجريمة ، إن مثل هذا الإرتباط ينبغي أن يدرس في ضوء المتغيرات الأخرى … وفي طليعة هذة المتغيرات إحتساب المؤشرات البيئية ورسوخ الرادع الأخلاقي.
3- نظرية التطعيم والتلقيح
وهذه النظرية تعني أن الجرعات الإعلامية المتواصلة وبأساليبها المختلفة بما تحمل من قيم ومفاهيم جديدة تشبه بفكرتها هذه تلك الأدوية والأمصال التي نحقن بها للحصول على مناعة ضد مرض ما . فاستمرار تدفق المعلومات من خلال الصحف أو الإذاعة أو التلفاز ، ولتكن أخبار أو صور أو مشاهد العنف والجريمة والفساد الأخلاقي، مثلا ، يولد لدينا نوع من ألامبالاة تجاه هذه الأمور وعدم الإكتراث لحصولها في المجتمع .
وهذا ماهو مؤكد ومشاهد في مجتمعنا المحلي ومجتمعاتنا العربية ، لقد تبلد الإحساس في نفوسنا وقلوبنا ، فلم نعد نرى أن التمهيد لجريمة الإغتصاب أو الإختظاف أو الزنى خطأ لأن وسائل الإعلام علمتنا ” السفور ” ،” Boyfrind ” ” Girlfrind ” من خلال الصحف والمجلات الشبابية والنسائية والمسلسلات التلفازية .
نظريات تأثير العنف في وسائل الإعلام :
ولقد توصل الباحثون الإعلاميون إلى العديد من النظريات التي حاولت أن تصل إلى تفسير التأثيرات الإيجابية والسلبية لظهور العنف في وسائل الإعلام . إلا أن أيا منها لم يتمكن أن يقدم تفسيرا شاملا للظاهرة قيد البحث . ورغم ذلك فإنها تظل إسهامات إيجابية نجحت في تفسير بعض العناصر الشائكة حيال هذه الظاهرة .
فهناك خمس نظريات أساسية في هذا المجال هي :
1ـ نظرية التطهير .
2ـ المزاج العدوانى (الحافر) .
3ـ التعلم بالملاحظة .
4ـ التدعيم .
5ـ استزراع العنف .
أولا : نظرية التطهير
المقولة الأساسية لهذه النظرية هي أن الناس في حياتهم اليومية كثيرا مايواجهون العديد من الإحباطات التي عادة ما تدفعهم إلى إرتكاب بعض الأعمال العدوانية . والتطهير هنا هو الراحة أو التخلص من هذه الإحباطات من خلال قراءة أومشاهدة الفرد للعنف عبر وسائل الإعلام المختلفة ، والذي يمكن أن يعطى الفرد فرصة المشاركة السلبية في الصراع العنيف الذى ينطوى عليه البرنامج أو الفيلم المعروض تلفزيونيا أو القصة المكتوبة في المجلة . أي أن الميول العدوانية يتم السيطرة عليها بواسطة الميكانيزمات النفسية والاجتماعية المشاركة في هذه الخبرات البديلة .
ويعتبر فيشباخ Feshbach أبرز المؤيدين لمفهوم نظرية التطهير . ويرى مع غيره من المتبنيين للنظرية أن مشاهدة ممثل تلفزيوني – أو القراءة عنه في مجلة – في دور يتسم بالعنف والعدوانية تجعل الفرد يشارك في أعمال الممثل العدوانية ، وذلك يؤدى إلى خفض حاجة هذا الفرد إلى الانخراط في أعمال عدوانية حقيقية ، أى أن السلوك العدواني لشخصيات مسلسلات الجريمة وأفلام العنف يمكن أن تكون نوعا من التنفيس عن احباطات متراكمة لدى المشاهدة فتقل احتمالات السلوك العدواني لدية .
ثانيا نظرية المزاج العدوانى ( تأثير الحوافيز أو المثيرات )
إن أول من وضع الإطار العام لنظرية المزاج العدواني في مجال تأثيرات العنف الذى تقدمه وسائل الإعلام هو ليوناردبيركوفيتش Leonard Berkowitz أحد علماء النفس الإجتماعيين . والإفتراض الأساسى لهذه النظرية هو أن التعرض لحافز أو مثير عدوانى من شأنه أن يزيد من الإثارةالسيكولوجية والعاطفية للفرد ، هذه الإثارة بدورها سوف تزيد من إحتمالات قيام الفرد بسلوك عدواني .
وطبقا لمقولات هذه النظرية فإن ما تنطوى عليه مسلسلات العنف من مصادمات أو مناوشات ذات طابع عنيف أو أسلحة أو تهديدات لاتؤدى إلى إثرة المشاهدين نفسيا وعاطفيا فحسب ، بل إنها أيضا تهئ لديهم شعورا بإمكانية الإستجابة العدوانية لما شاهده .
وتقول هذه النظرية إن الطريقة التي يتم بها العنف أو تقديمة في البرامج لها تأثيرها على إحتمال قيام أفراد الجمهور بسلوكيات أو تصرفات ذات طابع عدواني ، فحينما يقدم العنف أو الجريمة بشكل له ما يبرره مثل الدفاع عن النفس أو القصاص فإن ذلك يزيد من إحتمالات الإستجابة العدوانية ذلك لأن المشاهد يمكن أن يعتنق مثل هذه التبريرات ليبرر بها سلوكه العدوانى .
ولا تنحصر مقولات هذه النظرية في مسئولية برامج العنف تجاه حفز السلوك العدواني لدى الجمهور المتلقى ، بل إنها ترى أن ثمة عاملا يمكن أن يؤدى إلى الإقلاع من إحتمال وجود إستجابات عدوانية لدى المشاهدين . هذا العامل هو كبح الإتجاهات العدوانية . فعلى سبيل المثال تصوير التلفزيون لصدام عنيف بين الأشخاص يمكن أن يولد إحساسا بالذنب لدى المشاهدين عن طريق توجيه إهتمامهم إلى تأمل الألم والمعاناة للذين تتعرض لهما ضحية هذا العمل العنيف . هذا الإفتراض من شأنه أن يكبت العنف لدى المشاهدين عن طريق التأكيد على إحساسهم بالألم والمعاناة التي يمكن أن تسببها أعمالهم العدوانية للآخرين .
ثالثا : نظرية التعلم من خلال الملاحظة
والافتراض الأساسي لهذه النظرية أن الناس يمكنهم تعلم العنف أو السلوك العنيف من خلال ملاحظة العنف فيما تصوره وسائل الإعلام ، في ضوء الشخصيات الشريرة التي تحفل بها وسائل الإعلام . ولا يؤكد علماء هذه النظرية أن مشاهدي برامج العنف سوف يقومون بأداء أعمال العنف التي تعلموها بشكل آلي أو أتوماتيكي . فالأعمال العدوانية التي يتعلمها الفرد من وسائل الإعلام تشبه السلوك الذى يكتسبه الفرد في قاعات الدرس لا تخرج إلى واقع الممارسة الفعلية ما لم ينشأ موقف يستدعى أداء هذا السلوك المكتسب .
رابعا : نظرية تدعيم السلوك
يقوم الافتراض الأساسي لهذه النظرية على أساس أن الصورة التي يظهر عليها العنف في التلفزيون تدعم حالة السلوك العدواني القائم لدى المشاهدين أثناء تعرضهم لبرامج ذات طابع عنيف .
وينظر علماء نظرية التدعيم إلى عوامل مثل المبادئ والقيم الثقافية والأدوار الاجتماعية والسمات الشخصية وتأثير الأسرة والأقران باعتبارها محددات أولية للسلوك الاجتماعي .فهذه العوامل السيكولوجية والاجتماعية تحددالتأثيرات التي يمكن أن تحدثها صور العنف في وسائل الاعلام . وعلى سبيل المثال فإن المبادئ والاتجاهات لدى المشاهدين من المتوقع أن توجة ادراكهم لبرامج العنف التلفزيوني . فالذين نشأوا وأصبحو شخصيات ميالة إلى العنف وأصبح لديهم اتجاهات ومبادئ تؤيد العنف كوسيلة لتحقيق الأهداف الشخصية والاجتماعية ، فإنه من المحتمل أن يدركوا على نحو اختياري أعمال العنف التي تقوم بها شخصيات المسلسلات التلفزيونية بشكل يؤيد ويدعم مبادئهم واتجاهاتهم . أما المشاهدون من غير ذوى الميول العدوانية فإنهم يدركون الرسالة الإتصالية أو برامج العنف على نحو اختيارى بشكل يتطابق مع إتجاهاتهم المناهضة للعنف . وهكذا فإن تأثير العنف عن طريق التلفزيون يمكن أن يدعم المبادئ السلوكية والإتجاهات الموجودة لدى المشاهدين ذوي تلك الميول .فالأطفال بوجه خاص ومن في سن المراهقة من الجائز ألا يكونوا قد أسسوا لأنفسهم دليلا يوجههم ويرشدهم في مجال المشاركة في العنف .وهنا فإن العنف التلفزيوني يمكن أن يملأ هذا الفراغ في حياة الأطفال والمراهقين إلى الحد الذي تصبح فيه معتقدات وأعمال الشخصيات التي تظهر في برامج العنف مرشدا وموجها لسلوكهم الشخصي .
أصبح الإعلام في عصرنا علماً له قواعد وأصول ولم تعد الممارسات العملية وحدها كافية للتقدم في مجالات الإعلام المختلفة من صحافة وإذاعة وتلفزيون وسينما وغيرها من وسائل الاتصال.
ولما كان عصرنا هو عصر التقدم والعلم الذي يحتم مسايرةٍ الأفكار العالمية في مختلف المجالات ،ويؤكد أن كل نهضته علمية لابد لها من الارتباط بالمستوى العالمي في الفكر.
إن دراسة الموضوعات المتخصصة في مجالات الإعلام على اختلافها وتعددها لابد وأن ترجع أولاً إلى معرفة الإنسان الذي تتعرض له وسائل الاتصال، ومعرفة هذا الإنسان هي دراسة الرأي العام ،وهذا بطبيعته يتطلب معرفة مدى تأثره بالدعاية والإعلام.
مفهوم الرأي العام
لإعطاء تصور واضح عن مفهوم الرأي العام ارتأينا أن نستعرض في البداية التطور التاريخي لهذا المفهوم من البداية إلى أن أصبح مصطلحاً شائع الاستعمال والتداول، فالأشياء توجد أولا ثم تعرض أسماءها،ومنها الرأي العام فهو قديم قدم البشرية، وإن كان كاصطلاح من مصطلحات العصر الحديث الذي تعددت فيه وسائل التعبير عن هذا الرأي العام من الصحيفة إلى الإذاعة إلى التلفزيون.
وعندما اكتشف الإنسان الكتابة وما رافقها من ظهور الحضارات زادت أهمية الرأي العام، فكان حكام (سومر) و (بابل) و(آشور) يقيمون للرأي العام وزناً لا بأس به، كما تكشف آثار مصر القديمة عن إدراك واضح للرأي العام وتكشف عن أساليب راقية للتأثير فيه وتوجيهه الوجهة المطلوبة مثل (تأليه) الفرعون وتقديس الكهان وتشييد المعابد وإقامة الأهرامات، ولم يكن هذا كله سوى أساليب متطورة للتأثير في الرأي العام.
وكانت المدن اليونانية القديمة أول من أعطى للرأي العام مجالاً واسعاً لتنظيم شؤون المجتمع.
لقد تحدث الرومان بعد ذلك عن (الآراء الشائعة) ووصلوا إلى مفهوم (صوت الجمهور أو (صوت الشعب) ،وإن الكلمات الإغريقية (casa pfeme nomos) واصطلاح (vxo populi) تدل على رأي المواطنين الراغبين في التأثير في الأمور العامة.
ثم جاءت الحضارة الإسلامية ومن خلال القواعد التي أرستها نستطيع القول، إنها قد اهتمت بالرأي العام وأعطته سلطات كبيرة تصل إلى حد معصية الحاكم والثورة عليه، إن هو خرج عن حدود سلطته المحددة له، وقد وضع الإسلام أصولا عامة منها (مبدأ الشورى) كما اعترف الإسلام بالحقوق والحريات كحق الملكية الفردية والجماعية. وأقام الإسلام حرية الرأي وحرية العقيدة وغير ذلك من الحريات الأخرى.
وابتداء من كتابات ميكيا فيلي (1469- 1527) حدث تطور معتبر في الكيفية التي تناول الفكر الفلسفي ما يسمى (بالرأي العام)، فقد اعتبره عنصراً يجب أن يؤخذ بالحسبان في عملية الصراع من أجل السلطة.
فيما كان روسو (1712- 1778) أول فيلسوف يستخدم تعبير الرأي العام ومن أهم كتابات روسو العديدة كتابه في العقد الاجتماعي، ويمكن اعتبار الفكرة الأساسية وراء العقد الاجتماعي هو موضوع الوحدة… وحدة البناء الاجتماعي وذلك بإخضاع المصالح الخاصة للإدارة العامة. فالحكومة دورها مساعد لأن الإدارة العامة هي مجموع إرادة الشعب الذي يضع القوانين والحكومة ما هي إلاالافراد الذين يقومون بتنفيذ القوانين، وواضح أن مفهوم إرادة الشعب يشير في المعنى العملي التطبيقي إلى جوهر الرأي العام في معناه المعاصر.
في القرن الثامن عشر المسمى بـ (عصر التنوير) جاءت الثورة الأمريكية وبعدها الفرنسية كأبرز حدثين يعبران عن دور وقوة الرأي العام.
ثم جاء القرن التاسع عشر الملىء بالأحداث والتغيرات حيث قامت الثورة الصناعية، وتطورت الكشوفات العلمية واختراع وسائل الاتصال الجديدة حتى أصبح الرأي العام ذو سطوة وسلطان كبير، كان من نتائجه مطالبة العمال بوضع التشريعات التي تضمن حقوقهم ومصالحهم.
وشهدت نهاية القرن التاسع عشر كتابات (جوستاف لوبون) العالم الاجتماعي الذي كان أحد الأوائل الذين أدركوا فكرة (الجمهور) و (التكتل) الشعبي، وتأثيرها في العمل السياسي.
وأخيراً جاء القرن العشرين فتوج انتصارات الرأي العام بمزيد من الانتصارات ذلك أن ظهور الراديو والتلفزيون والسينما قد جعل هذا القرن قرن الرأي العام، وكان للحرب العالمية الأولى التي شهدها هذا القرن أثرهام في تدعيم الرأي العام فظهور الدراسات النفسية في القارة الجديدة بعد هذه الحرب التي ركزت على دراسة السلوك، قادت إلى اكتشاف أن أصل السلوك ما هو إلا بعض صور التهيؤ للعمل وأطلقت عليه مفهوم (المواقف) أو (الاتجاهات) وهذا المفهوم ليس إلا الرأي العام في جوهره، أو القاعدة التي يقوم عليها الرأي العام.
ومنذ بداية الثلاثينات بدأ ما يسمى بأبحاث قياس الرأي العام حيث تقوم هذه الأبحاث بقياس المواقف وردود الأفعال على القضايا والموضوعات التي تشهدها الحياة السياسية والاجتماعية. إن الأحداث الضخمة التي شهدها القرن العشرين والتي هزت الوجدان العالمي بأسره بدءاً من الحرب العالمية الأولى (1929-1932) والحرب العالمية الثانية، قد أثرت بهذا الشكل أو ذاك بالرأي العام وبدوره في الحياة السياسية الوطنية والدولية ،وأصبح للرأي العام دور كبير في صياغة الأحداث وفي توجيهها وبات أصحاب القرار السياسي يضعونه في حساباتهم سواء صرحوا بذلك أم لم يصرحوا به.
ولتوضيح مفهوم الرأي العام ذهب بعض الباحثين إلى تفسير معنى كلمتي (الرأي) و (العام) المكونة لمصطلح الرأي العام وإننا نلجأ إلى الطريقتين معاً لتوضيح هذا المفهوم ودلالته.
فهناك من وصف الرأي العام كعاطفة إزاء موضوع معين التي يرحب بها أكثر أعضاء الجماعة اطلاعاً وذكاء، ثم لا تلبث هذه العاطفة أن تنتشر وتعتنق من قبل معظم الأشخاص الذين تتكون منهم جماعة متعلمة ذات مشاعر سوية تعيش في دولة متمدنة ومتحضرة.
فيما أعتبر آخرون أن كل ما يمكن أن يحث على عملية التفكير والإعراب عن ذلك حول قضايا المصلحة العامة يدخل في تكوين الرأي العام، وبالتالي يمثل الرأي الأكثر فعالية لأكبر عدد ممكن من المواطنين الواعين.
والرأي العام إنما يصبح ذا معنى، حين يكون متعلقاً بموقف يتخذه أفراد كثيرون يعبرون أو يمكن مناشدتهم للتعبير من خلاله عن أنفسهم في شكل تحبيذ أو تأييد أو بالعكس في شكل رفض ومعارضة لحالة محددة، أو شخص معين بالذات، أو اقتراح محدد ذي أهمية واسعة النطاق، بشرط ان يكون هذا متمتعاً بقدر كبير من القوة العددية والشدة بحيث يسمح باحتمال اتخاذ إجراء مباشر أو غير مباشر إزاء الهدف المقصود.
ويؤكد العلماء على هذه الطبيعة المائعة للرأي العام، فهو قوة حقيقية شأنها شأن الريح، له ضغط لا تراه ولكنه ذو ثقل عظيم، وهو كالريح لا تمسك بها ولكنك تحني لها الرأس متطبعاً.
والرأي جزء من منظومة متكاملة تبدأ بالمعلومات وتنتهي بالسلوك وتشمل (المعلومات والآراء والإتجاهات والقيم والمعتقدات والسلوك) وهناك تداخل بين هذه المسميات المختلفة وحسب الضرورة للتمييز بينها لمعرفة المعنى الدقيق لكلمة الرأي الذي نقصده في مصطلح الرأي العام.إن أهم ما يميز الرأي هو مجموعة من الخصائص التي من شأنها أن تحكم جوهره:
1- إن الرأي عمل من أعمال الإرادة وعلى هذا الأساس فإن الموقف إزاء الكوارث الطبيعية لا يمكن أن يسمى رأيا.
2- يتميز الرأي بأرتباطه بالوعي..إن الرأي يوجد عندما تطرح أمام الشخص أو أمام أعضاء الجماعة قضايا فتتجاوز بتأثيرها نطاق العواطف لتدخل نطاق الوعي وهذا التجاوز هو الذي يتيح فرصة ضمان ثبات الرأي ووضوحه.
(فالرأي أكثر من مجرد انطباع وبنفس الوقت لا يصل إلى مرحلة اليقين أو الحقيقة الشاملة).
لقد اطلق العالم الأمريكي (ليوكومب) في كتابه علم النفس الإجتماعي مصطلح (الإتجاهات الجماعية) على الرأي العام، وعلى الرغم من أننا غالبا ما نجد في الرأي علامة في الاتجاه والرأي العام من غير اتجاه.
فالاتجاه (استعداد نفسي لاستجابة سلوكية معينة تجاه موقف معين لم يتحدد بعد، إن الاتجاه كامن إذا توفر أحد شروط الرأي العام وهو أن يكون ظاهراً، إلا أن الاتجاه له تأثير توجيهي على استجابة الفرد لجميع الموضوعات والمواقف التي تستثير هذه الاستجابة.
والرأي يقسم إلى (الرأي الشخصي) و (الرأي الخاص).
أما الرأي الشخصي: فهو ذلك الرأي الذي يكونه الفرد لنفسه في موضوع معين بعد تفكير في هذا الموضوع ويجاهر به دون أن يخشى شيئاً.
أما الرأي الخاص: هو ذلك الجزء من الرأي الشخصي الذي لا يجاهر به الشخص، أمام الناس ولكنه يحتفظ به لنفسه خشية أن يعرض نفسه للخطر وتظهر أهميته في الانتخابات والاقتراعات السرية.
أما كلمة (عام): فأنها تشير إلى المسائل والمصالح المشتركة والشؤون التي يشترك في الاهتمام بها كل أو أغلب الأعضاء البالغين في جماعة أو أمة.
تعرف الموسوعة الفلسفية الرأي العام بأنه:
(مجموع معين من الأفكار والمفاهيم التي تعبر عن مواقف مجموعة أو عدة مجموعات إجتماعية إزاء أحداث أو ظواهر من الحياة الإجتماعية إزاء نشاط الطبقات والأفراد).
ويعّرفه قاموس وبستر بأنه:
(هو الرأي المشترك خصوصاً عندما يظهر أنه رأي العامة من الناس).
ويعرفه معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية بأنه:
(هو وجهات النظر والشعور السائد بين جمهور معين في وقت معين إزاء موقف أو مشكلة من المشكلات).
ويعرفه ليونارد دوب بأنه:
(يشير إلى اتجاهات أفراد الشعب إزاء مشكلة ما في حالة انتمائهم إلى مجموعة اجتماعية واحدة).
ويعرفه وليم البيج بأنه:
(نتاج التفاعل بين جماعات الأفراد يتناولون بالمناقشة قضية أو موضوعاً جدليا تتعارض فيه الآراء أو تتساوى).
أما جون ستور فيعرفه بأنه:
(هو كل ميول ورغبات المجتمع وما ينفر عنه).
من خلال هذه التعريفات فأننا نستطيع أن نتبين قواعد عامة تحكم الرأي العام وهي:
1- الرأي العام موقف اختباري يتخذه المرء إزاء قضية مثيرة للجدل.
2- أن يكون ظاهراً، فشرط الرأي العام هو التعبير عنه.
3- يتصف بالديناميكية والحركة، أي أنه استجابة لمعطيات الحياة المتنوعة، فهو بذلك يختلف عن العقائد التي تتصف بالثبات والاستقرار.
4- الرأي العام نتاج اجتماعي لعملية اتصال متبادل بين العديد من الجماعات والأفراد في المجتمع، ويشترط وجودهأتفاقاً موضوعياً كما يفترض المناقشة العلنية لموضوع الرأي العام.
5- يستمد الرأي العام شكله من الإطار الاجتماعي الذي يتحرك بداخله.
6- إن الرأي العام يمثل آراء جمع كبير من الأفراد، وأن هذه الآراء تتصل بالمسائل المختلف عليها وذات الصالح العام، وإن هذه الآراء لا تمارس تأثيراً على سلوك الأفراد والجماعات السياسية الحكومية.
تقسيمات الرأي العام:
خرج الباحثون بتقسيمات للرأي العام وعلى شروط أو ملامح معينة، ولعل من أبرز هذه التقسيمات هي:
أولاً: التقسيم الزمني-
1- رأي عام يومي: وهو الفكرة اليومية التي يعتنقها معظم الناس نتيجة لحادث مفاجىء أو كارثة حلت بالجماعة وهو رأي متقلب سريع التغيير.
2- رأي عام مؤقت: وهو محدد بعوامل زمنية تمثله منظمات معينة كالأحزاب.
3- رأي عام دائم: ويتركز على أسس تأريخية وثقافية ودينية ويمتاز هذا الرأي بأنه أكثر تأثيراً في الناس كما يمتاز بالأستقرار والثبات.
ثانياً: التقسيم الكمي-
1- الرأي الساحق: وهو رأي أكثرية الجماعة ويتكون غالباً نتيجة لاندفاع الجماهير وحماسها إزاء مسالة معينة ونادراً ما يكون نتيجة الدرس والبحث والرؤية.
2- رأي الأغلبية: ويمثل ما يزيد عن نصف الجماعة وهو رأي الأغلبية الفعالة ذات التأثير.
3- رأي الأقلية: وهذا الرأي يمثل ما يقل عن النصف في الجماعة ولكن ليس معنى هذا بلا قيمة فقد يضم رأي بعض الصفوة وقد يصبح أحيانا رأي الأغلبية.
خامسا : العولمة الإعلامية
للإعلام دور فعال في حركة المجتمع في الميادين كافة، فكثيراً ما نسمع مقولة “الحرب دعايات” في إشارة إلى أهمية الإعلام في مجريات الأحداث ، فإذا كان الإعلام يتمتع بهذه الدرجة من الأهمية منذ القدم، حين كان يتطلب وصول الخبر من مكان أضعاف الوقت الذي يتطلبه الآن، فيمكن تصور الدور الذي يضطلع به الإعلام إيجاباً أو سلباً في عصر العولمة.
وحتى يؤدي الإعلام دوره بإيجابية، فلا بد من مواكبة قضايا الأمة والدفع باتجاه تحقيق الأهداف الوطنية بشكل مدروس ودقيق، فعلى سبيل المثال، يمكن للمراقب لمجريات الأحداث على الساحة الفلسطينية أن يلحظ مدى التأثير الإعلامي في إلهاب عواطف الجماهير الفلسطينية وحتى العربية أو تهدئة الوتيرة الحماسية وفقاً لمزاج الأنظمة الحاكمة “فلو قيض لمؤرخ منصف أن يدرس واقع الإعلام العربي لما وجد أفضل من عبارة آلة السلطان تعبيراً يشير إلى هذا الإعلام” “
وبما أن الشعوب العربية أكثر تأثراً بالإعلام من سواها؛ نظراً لما تتميز به من عواطف جياشة، وحماس مفرط، وقدرة على التهدئة أيضاً “بكبسة زر” -كما يقولون- فإن “هذه الإمبراطوريات الإعلامية التي تبث صوت سيدها وتحاول فرض آرائها وأفكارها تشكل خطراً على ثقافات العالم الثالث وهويتها القومية”.
فعلى سبيل المثال، تستخدم هذه الوسيلة الإعلامية مصطلح “عملية استشهادية”، وأخرى “عملية انتحارية”، وثالثة “عملية إرهابية”، وقد سمعنا من قبل “عملية تخريبية”، وتلك تبارك هذه العمليات، وأخرى تشجب وتستنكر وتدين، ومرة يكون الاستنكار شديد اللهجة، وقد يكون لطيفها، وربما ابتكروا لهجة متوسطة إذا أمروا بذلك.
و نسلم هنا بأن العولمة أصابت الإعلام فتعولم هو الآخر، ولكن كيف عولمنا إعلامنا العربي؟ لقد طبقنا تصاميم البناء وأحضرنا الأجهزة المتطورة واستخدمنا تقنيات البث الحديثة، ولكن بقيت الهوة واسعة بين تقنيات العرض والمادة المعروضة، ففي حين تنتمي الأولى إلى عصر العولمة نجد الثانية تنتمي إلى قرون خلت.
إن من يحلل معظم المادة الإعلامية التي تبثها القنوات الفضائية يخرج باستنتاج مفاده أن بعضها لا يصلح إلا “قنوات للصرف الصحي” وليس للإعلام، فهل يعتقدون أن بيوتنا “بالوعات” أو “مكبات نفايات”؟ نفايات عقدية، ونفايات سلوكية، ونفايات سلعية … وكل ما يمكن أن يخطر لك على بال وما لا يمكن أن يخطر ” “.
إن معظم المادة الإعلامية هي “غلف ثقافي فاسد”، وقد أصبنا بعدة “حالات تسمم” ولم نتعلم بعد، وهنا أريد أن أتطرق إلى مصطلح واحد فقط هو “الإرهاب”، ذاك المصطلح الرهيب الذي أصبح يستخدم كشتيمة وينظر إليه على أنه قنبلة موقوتة كل يخاف أن ينفجر بين يديه، وننسى أن القرآن الكريم استخدمه، بل حث عليه في ظرف محدد؛ قال تعالى “وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم”. فإذا كان محظوراً علينا أن نرهب عدونا فما المطلوب منا إذن؟ هل ندعوه إلى وليمة شرقية دسمة، أم نهديه أكاليل الورود وأغصان الزيتون الذي تقتلعه جرافاته كل يوم؟!
وفي النصف الأول من القرن التاسع عشر ، ظهر ولأول مرة أن النشاط الإعلامي قد حدد لنفسه بعدا عالميا ، وذلك ليس فقط على مستوى تغطيته ومعالجته للأخبار ، ولكن أيضا على مستوى تلبية حاجة المتعاملين معه ، فقد أنشا شارل لوي هافاس سنة 1832 ” مكتبة للأخبار ” الذي أطلق عليه لاحقا وكالة هافاس ” وقد اعتمد على مبدأين مكناه منة تحقيق نجاح كبير التغطية العالمية للأخبار ، والقدرة التي تضاعفت مع الأيام على نقل وتوزيع الأخبار ( من الحمام الزاجل إلى الأقمار الاصطناعية مرورا بالتلغراف والتلكس …الخ ) وقد تمكن اثنان من معاونيه رويتر وولف ، من إنشاء وكالتهما للأنباء ، الأول في بريطانيا والثاني في ألمانيا وذلك بهدف تحقيق الأهداف نفسها التي أرادها هافاس وأصبحا منافسيه في هذا الميدان ، رغم ذلك ظلت وسائل الإعلام محلية أو وطنية وذلك لغاية السبعينات من القرن العشرين ، فكل دولة لديها قناعة بأن القوانين الخاصة بالإعلام كانت من صميم سلطتها وحديثا رفع المنتجون شعار ” الإستناء الثقافي ” مؤكدين إن الإعلام يقع في صميم هذا الإستناء وذلك في مواجهة مفاوضات ألغات واللجنة التابعة للإتحاد الأوربي في بروكسل
الواقع إن سنوات الثمانينات قد عرفت اتجاه عولميا واضحا مثل الكثير من القطاعات ، كالصحافة المكتوبة وبخاصة الأسبوعية وبرامج التلفزيون ( الأفلام الخيالية بخاصة ) وبنوك المعلومات ، من دون أن ننسى المعلوماتية والبرمجيات الحاسوبية ، الإنترنت ولا تمس هذه العولمة وسائل الإعلام بالمعنى الدقيق والحصرى فقط ، بل أنها اذخلت تغيرات عميقة على بعض المجموعات الصحفية والتلفزيونية والمعلوماتية حيث أنها أصبحت مجموعات كبرى ذات حضور عالمي” “.
إن عولمة الإعلام هي سمة رئيسية من سمات العصر المتسم بالعولمة وهي امتداد أو توسع في مناطق جغرافية مع تقديم مضمون متشابه وذلك كمقدمة لنوع من التوسع الثقافي نتيجة ذلك التطور لوسائل الإعلام والاتصال، التي جعلت بالإمكان فصل المكان عن الهوية، والقفز فوق الحدود الثقافية والسياسية، والتقليل من مشاعر الانتماء إلى مكان محدود، ومن الأوائل الذين تطرقوا إلى هذا الموضوع عالم الاجتماع الكندي مارشال ماكلوهان، حيث صاغ في نهاية الستينات ما يسمى بالقرية العالمية، وتشير عولمة الإعلام إلى تركيز وسائل الإعلام في عدد من التكتلات الرأسمالية العابرة للقارات لإستخدامها في نشر وتوسيع نطاق النمط الرأسمالي في كل العالم من خلال ما يقدم من مضمون عبر وسائل الإعلام المجالات المختلفة، وعند تأمل عناصر وأشكال الاتصال في العالم الذي تملك فيه الولايات المتحدة الأميركية عناصر السيطرة نجد ما يلي:
1- المواد والتجهيزات التقليدية الخاصة بالاتصال وصناعة الإعلام أمريكية.
2- تدفق المعلومات عبر الفضائية تحت السيطرة الأميركية.
3-مصادر المعلومات أميركية الصنع.
4- الطريق السريع للمعلومات تحتل فيه الولايات المتحدة المرتبة الأولى.كل هذه العوامل تجعل منها تمارس عولمة الاتصال من خلال أبرز آلياتها متمثلة في القنوات الفضائية والانترنت، وهذا التفوق على أوربا واليابان سواء في الإنتاج أو الترويج للمنتوجات الإعلامية مكنها من أن تصبح النموذج الذي تسعى الدول المتخلفة إلى تقليده. ومن خلال عولمة الإعلام ومظاهرها يمكن القول أن من يملك الثالوث التكنولوجي
( وسائل الإعلام السمعية البصرية، شبكات المعلومات، الطريق السريع للمعلومات ) يفرض سيطرته على صناعة الاتصال والمعلومات المصدر الجديد في عصر العولمة لإنتاج وصناعة القيم والرموز والذوق في المجتمعات، وهنا تظهر الصورة كأحد أهم آليات العولمة في المجال الإعلامي بعد التراجع الكبير للثقافة المكتوبة وظهور ما أصطلح على تسميته بثقافة ما بعد المكتوب.
ويمكن القول أن وسائل الإعلام وشبكات الاتصال تؤدي مجموعة من المهام في مسار العولمة يمكن ذكرها:
1- تمثل آلية أساسية للعولمة الاقتصادية باعتبارها تيسر التبادل الفوري واللحظي والتوزيع على المستوى الكوني للمعلومات ولا يمكن تصور الاقتصاد العالمي اليوم دون اتصال.
2- تروج وسائل الإعلام الإيديولوجية الليبرالية الكونية انطلاقا من الدول الكبرى و المؤسسات الاقتصادية العملاقة
3- تساهم في خلق إشكال جديدة للتضامن والتعاون بين الأفراد عبر الشبكات.
وقد مكن الإعلام والتطور التكنولوجي من ظهور الإعلام والمعلومات كسلطة ووسيلة تحول المجتمعات وتغيرها.
سادسا : مؤسسات وأدوات العولمة
إن العولمة بمختلف مستوياتها وأدوات تعتمد عليها في عملية الممارسة وتتمثل هذه المؤسسات والأدوات في ” ” :
أ- شركات متعددة الجنسيات : إن نشاط هذه الشركات وآليات عملها يشكل مظهرا من مظاهر العولمة والشركات بحد ذاتها كمؤسسات ذات شخصية اعتبارية وتعد أهم قوى العولمة وأدواتها الفعالة والتي تتميز بالانتشار الجغرافي وتنوع الأنشطة وهذه الشركات تشكل محور اقتصاد العولمة ولقد أدى سيطرة هذه الشركات على الحقل الإعلامي إلى تقسيم العالم إلى جزأين غير متكافئين المسيطر وتمثله الدول الصناعية المتقدمة وهى قليلة العدد والمتخلف والذي يمثل دور التابع .
ب- المنظمات والمؤسسات الدولية : وتشكل العنصر الحاسم في نظام العولمة عبر آليات عملها حيث يساهم البنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية في بلورة العولمة الاقتصادية وتظهر هذه المنظمات والمؤسسات في ترسيخ نظام العولمة بالأتي :
* أنها سلطة دولية للتشاور والتنسيق بين المنظمات السبع الكبرى
* أنها سلطة معنوية تعبر عن سيطرة الشمال على الجنوب والأغنياء على الفقراء
* يمكنها أن تفرض القواعد التي ينبغي على الدول الأعضاء تنفيدها في سياستها المالية الاقتصادية .
* أن سياستها تمثل حماية للأسواق التي تسيطر عليها الاحتكارات الدولية .أنها تترجم مفهوما ليبراليا من خلال الأسس التي اعتمدتها للنظام النقدي الدولي وللسياسات المالية .
ج- أدوات الاتصال وتكنولوجيا الاتصال : لقد شهد العالم تحولات كاسحة ومتسارعة تجرى على المستوى الكوني بفعل ثورة الاتصالات والتقنيات العالمية والوسائط المركبة والشبكات الإلكترونية ، وبذلك يجد المرء نفسه إزاء ظاهرة كونية جديدة على مسرح التاريخ العالمي أن ثورة الاتصالات هي ثورة تفرض الانتقال من نظام مفاهيمي قديم إلى نظام مفاهيمي أخر جديد . وأهم هذه الأدوات :
1- البث الفضائي التلفازى والإذاعي : حيث حولت وسائل الإعلام خاصة التلفاز عالمنا إلى شاشة صغيرة يمكن التجول في أجوائها عبر جهاز التحكم ولا يوجد رقعة على الأرض لاتمسها بالبث قنوات الأقمار الصناعية التلفازية ومن أهم شبكات البث التلفزيوني الفضائي والتي تعد أدوات من أدوات العولمة الإعلامية وهى :
* شبكة (CNN )
*شبكة(B.B.C)
* شبكة(euro news)
2- شبكة الإنترنت : حيث أصبح وسيلة لتبادل الأفكار والآراء ووجهات النظر والثقافات ، وقد عمدت الولايات المتحدة في إطار سعيها لعولمة الإعلام والاتصال في العالم على استخدام الشبكة لتحقيق ذلك من خلال نقل الثقافة الأمريكية ونشرها عبر الحدود ونقل الفكر والعادات الغربية وفق نمط الحياة الأمريكية عبر العالم عن طريق البريد الإلكتروني ، والاستفادة من الأمية التكنولوجية في دول العالم الثالث وبإبعاد هذه الدول عن مسيرة التقدم والسعي إلى الهيمنة والتحكم والإنفراد بالعالم .
ويأتي الإعلام ليلعب في ظل العولمة دوره الأكبر في تنفيذ خطط وبرامج العولمة في جميع تلك المجالات وعلى سبيل المثال فإن شبكة C.N.N الأمريكية (وهي نظام إعلامي أمريكي متكامل) نصّبت من نفسها قيّماً على صياغة الأحداث في العالم فلا يستطيع جهاز إعلامي في أية دولة أو ليس بمقدور متتبع للقضايا العالمية التحرك دون ترتيب السي إن إن للأحداث كما تبين من الدور الذي لعبته في حرب الخليج الأولى والثانية “الإعلام العربي وتحديات العولمة،
وعودة إلى أرقام احتكار وسائل الإعلام وصناعة المعلومات ومواقع الانترنت لتؤكد على مدى الهيمنة الإعلامية الكاسحة للغرب وخاصة أمريكا وبالتالي على نشر برامج العولمة في المجالات الثقافية والاجتماعية والقيمية لإخراج ثقافة جماهيرية (عالمية) واحدة بقوالب محددة مسبقة الصنع كما يظهر عبر انتشار وتسلط المحطات الفضائية مما ستؤثر معه على منظومة القيم الخاصة وتصبح معه نمطاً جديداً من الغزو الفكري الثقافي وخاصة ما يتعلق منها بقيم الاستهلاك.
وفي ظل العولمة ودور الإعلام الكاسح فيها تظهر عدة مواقف إزاءها، منها: التسليم بها كقدر محتوم أو الرفض التام لكافة معطياتها وآخرها الموقف الوسط الذي يدعو للتمسك بالهوية مع التطوير والتغيير بما يتمشى مع الخصوصية الحضارية والتراث والقيم الدينية دون اندماج مطلق وتابع للدول المهيمنة، أي النظر لها بموضوعية والإفادة من معطياتها الايجابية فيجب ألاّ يحول الصراع القديم بين الشرق والغرب دون النظر للعولمة من خلال معايير موضوعية وصحيحة حتى نتمكن من أن نعرف وننكر بعيداً عن الأحكام العامة والعامية التي لن تمكننا من التعامل معها بمهارة ” ”
ويتضح مما سبق أن عناك أشكال متعددة ومتنوعة للعولمة ولا يوجد عولمة واحدة ، ولكن جمعيها تعنى الهيمنة والسيطرة بكافة الوسائل والإمكانات على العالم وتحويل العالم إلى قرية صغيرة تتحكم فه دولة واحدة .
سابعا : سمات إعلام العولمة
هناك مجموعة من السمات لإعلام العولمة وهى كما يلى ” ”
• إعلام متقدم من الناحية التكنولوجية ومؤهل للتطورات مستقبلية جديدة ومستمرة تدفع بها إلى المزيد من الانتشار المؤثر في المجتمعات المتخلفة تشكل جزء من البنية السياسية الدولية الجديدة التي تطرح مفاهيم جديدة لسيادة الدولة على أرضها وشواطئها وفضائها الخارجي بما يعرف بالنظام السياسي العالمي الجديد
• يشكل جزء من البنية الاقتصادية و العالمية التي تفرض على الكل أن يعمل ضمن شروط السوق السائدة من صراعات ومنافسات وتكتلات وسعى متصل لتحقيق الربح للمؤسسات التي تحتكرها بحكم انتمائها إلى أكثر من وطن وعملها فى أكثر من مجال بما في ذلك صناعة وتجارة السلاح
• يشكل جزء من البنية الثقافية للمجتمعات التي تنتجها وتوجهها وتتواجه بها ولهذا فأنها يسعى إلى نشر وشيوع ثقافة عالمية تعرف عند مصادرها بالانفتاح الثقافي وعند ملتقيها للغزو الثقافي
• يشكل جزء من البنية الاتصالية الدولية التي مكانتها من تحقيق عولمتها وعولمة رسائلها ووسائلها فهو يتنمى إلى أحد حقول التكنولوجية الأكثر تطورا فى الوقت الراهن والمحتكر بشكل مباشر للشركات المعينة تصنيع وسائلها والتي تشكل نسبة 23% من قائمة الشركات المائة الأكبر في العالم .
• لايشكل نظام دولي متوازيا لأن كل مذخلاته ومراكز تشغيله وآليات التحكم فيها تأتى من شمال الكرة الأرضية وهذا مما أدى إلى هيمنة الدول المتقدمة عليها في مقابل تبعية الدول النامية لها
• لا يستند إلى فراغ فثم اتفاقيات دولية تدعمها منظمات وقرارات تتحدد استخدام شبكاتها توزيع طيفه وموجاته السمعية وأليافه البصرية وبثه المباشر وتعريفتها الجمركية للصحف والمجلات والكتب والأشرطة والأسطوانات المدبلجة وآخير وليس أخر وسائطه المتعددة
جامعة دالي إبراهيم.
كلية العلوم السياسية و الإعلام.
قسم علو الإعلام و الإتصال.
تخصص سمعي-بصري.
السنة الجامعية:2009-2010.
الأستاذ:أحمد بن مرسلي
إمتحان السداسي الأول في مقياس مناهج و أبحاث الإعلام و الإتصال.
أجب على الأسئلة التالية:
1_عرّف مايلي بصورة موجزة مفيدة:
أ-البحث العلمي.
ب-الملاحظة.
ج-التجربة.
2_أوجد الفرق بين مايلي بصورة موجزة مفيدة:
أ-الإعلام و الإتصال.
ب-التساؤل و الفرضية.
ج-الأبحاث الإستكشافية و الوصفية و السّببية.
3_ماهي الطرق المستخدمة في توثيق معلومات مراجع المقتبسات في البحث؟
-أذكرها بالشرح الموجز الغير مخل بالمعنى.
بالتوفيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــق.
موضوع للكاتب : فارس حامد عبد الكريم
تاريخ النشر:29/12/2008مقدمةً:
تُعد حرية التعبير والمعتقد من الأصول الأساسية التي يقوم عليها نظام الدولة القانونية الديمقراطية، كما وتعتبر أجهزة الإعلام بمختلف صورها من أهم وسائل التعبير عن حرية الرأي في العالم المعاصر.
إلا انه، وكما هو حال الحياة البشرية دائماً بما تولده من صراعات قائمة على منطق الخير والشر ، فان منطق الخير والشر يمكن ان يطرق باب الاعلام ، بل طرقه فعلاً ، فمثلما وجد الاعلام الحر المحايد الذي لم يكتف بنقل الخبر وشواهد الفن والأدب والشعر بل عبر عنها بطرق فنية أخاذة ليساهم في تطوير أساليب التعبير عن الرأي العام وتنمية الذوق العام والمساهمة في تقدم المجتمع وتطوره.
إلا ان الاعلام أضحى أيضا من صور التعبير عن منطق الحروب والصراعات الدولية والمحلية والسياسية ووسيلة لتمرير الإيديولوجيات والمؤامرات المخابراتية عبر تغيير القناعات الاجتماعية والتقاليد الراسخة وصناعة الرأي العام الموجه لخدمة إيديولوجية معينة أو سياسة أو فكرة معينة أو لتمرير مخطط أو مصلحة ما.
وبالنظر للإمكانيات الاعلامية الهائلة أضحى الاعلام في العالم المعاصر عاملاً وسبباً مباشراً ومؤثراً بشكل خطير في اسقاط الحكومات وزعزعة الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي فضلاً عن إمكانياته المعروفة في مجال الحرب النفسية وحرب الاشاعات.
ان بحثنا هذا يقوم على أسلوب الملاحظة والتحليل ، نأمل ان يحقق الأهداف المرجوة منه.
الفرع الاول
حرية التعبير وضوابط العمل الإعلامي
الاعلام علم وفن ، فهو علم لان اسلوبه ومناهجه تستند إلى نظريات علمية ودراسات نفسية واجتماعية ، مما يتطلب اولاً تحديد المشكلة السياسية او الاجتماعية او الاقتصادية المطلوب مواجهتها إعلاميا ومن ثم وضع خطط مسبقة للأداء .
والاعلام فن لأنه صورة من صور التعبير عن الرأي الذي يقوم على الخلق والابتكار، انه فن مخاطبة عقول وضمائر وأذواق الناس. مما يستدعي امتلاك أدوات العصر ودراسة وتحليل طبيعة وشخصية المُخاطبين.
الا ان حرية التعبير عن الرأي في أدبيات الفكر الديمقراطي وفلسفته ليست مطلقة ، وإنما تحكمها عدة ضوابط، وهذه الضوابط قد تكون:
ـ ضوابط قانونية تحكم النشاط الإعلامي وفقاً للتشريعات الجزائية والمدنية النافذة في الدولة.
ويلاحظ ان اغلب الدول الديمقراطية قد تخلت عن مبدأ العقوبات الجزائية كالحبس أو السجن كعقوبات تندرج تحت باب ما يعد قذفاً أو سباً لصعوبة التمييز بين ما يعد نقدا يندرج تحت باب حرية التعبير وبين ما يعد جريمة قذف أو سب واختلاف المحاكم في الاجتهاد في هذه المسائل، وأحلت محل هذه العقوبات مبدأ التعويض المالي وذلك عندما يتبين ان هدف النقد والتعبير عن الرأي هو الإساءة الشخصية المتعمدة ليس الا.
ـ ضوابط مهنية تتعلق بأخلاقيات وشرف المهنة.
وتتجسد بمجموعة القيم والأعراف والتقاليد التي ترسخت عبر الزمن في الوسط الإعلامي نتيجة الحكمة والخبرة والممارسة وتولد بشأنها شعور عام بوجوب الالتزام بها وإيقاع الجزاء بمن يخالفها . وتشرف النقابات الخاصة بالمهنة على مسألة الالتزام بها وإيقاع الجزاءات عند مخالفتها.
ـ ضوابط تتعلق بفكرة النظام العام والآداب العامة.
وتعبر هذه الفكرة عن المعتقدات العليا للشعب أو بعبارة أخرى هي مجموعة القيم الدينية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية العليا التي تسود مجتمع ما وتعبر عن ضميره الأدبي في زمان معين ومكان معين.والمساس بهذه الضوابط قد يؤدي الى أزمة اجتماعية كبرى.
ومن أمثلتها المساس بالقيم الدينية او رموزها أو نشر قيم الكفر والإلحاد في مجتمع متدين ، او محاولة فرض نظام سياسي غير مقبول اجتماعياً بالمرة ، او نشر صور اباحية وغير ذلك من أراء ورموز تخالف النظام العام والآداب العامة.
ـ ضوابط تتعلق بمصالح الدولة العليا تبرز عادة في الأحوال الاستثنائية التي تمر بها الدولة وتهدد وجودها .
كالحروب والأزمات بمختلف أنواعها وحالات الطوارئ ، وهذه ذات طبيعة قانونية وأخلاقية. وتعبر هذه الضوابط عن مدى حرص الإعلامي والمواطن حينما يمارس حريته التعبيرية على بلده ومدى ما يمكن ان يقدمه لبلده من مساعدة في مثل هذه الأحوال ، وما يمكن ان يقال أو لا يقال ، ولو اختلف في الرأي مع النظام السياسي القائم.الفرع الثاني
عناصر ووسائل الخطاب الإعلامي المضادشن الأعلام المعادي حرباً إعلامية شرسة ضد التجربة الدستورية والديمقراطية العراقية الجديدة، وتمكن منذ الأيام الأولى لسقوط النظام السابق ، من امتلاك ناصية التأثير على قطاعات واسعة من أبناء شعبنا ، وتغيير قناعاته باتجاه فرض ثقافة معادية لكل الانجازات التاريخية التي تحققت على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية في العراق الجديد.
وقد حقق العدو هدفه عبر أساليب علمية مدروسة، مستخدماً في ذلك أسلوب الخطاب المباشر وغير المباشر ( الإيحاء )، يدعمه في جهده هذا خبراء مختصون في المجال الإعلامي وصناعة الرأي العام والحرب النفسية فضلاً عن تمويل مالي ضخم قدمته عدد من دول الجوار، فكان بحق عملية مخابراتية وضعت بمهنية وبدقة.
وهكذا تمت ادارة الصراع الاعلامي من قبل ذوي الخبرة في التأليف والتمثيل والتلحين والانتاج والإخراج …. فأُنتجت المسلسلات والتمثيليات والأغاني والتحقيقات الإخبارية المفتعلة أو التي تستند الى حقائق لم تصلها يد التغيير بعد ، بهدف التشكيك بالتجربة العراقية الناشئة وخلق قناعة عامة رافضة ومنتقدة لها، وكان كل شيء سيئاً من وجهة نظر هذا الاعلام ، ويمكن تحليل عناصر الخطاب الإعلامي المعادي ووسائله على النحو الأتي:
1ـ تحويل الانتصارات والمنجزات الى هزائم:
مثلما كان اعلام النظام السابق يحول الهزائم المرة التي لحقت به الى انتصارات كبرى ، فان خطاب الاعلام المعادي اتخذ وضعاً معاكساً ولكنه يعتمد على ذات النهج ، هو تحويل انتصارات العراقيين الكبرى الى هزائم مرة، ويتجسد ذلك من خلال الأمثلة التالية:
أـ استخدام تعبير ” سقوط بغداد ” بدلاً من ” سقوط النظام السابق “:
ترتبط بغداد عاصمة العراق بأذهان العراقيين والعرب والمسلمين بكونها عاصمة أمجاد الحضارة العربية والإسلامية التي وصلت الى ذروتها في أيام الحكم العباسي حسب التاريخ المكتوب، وعندما سقطت بغداد بيد المغول بعد ذلك ، كان ذلك السقوط المدوي إيذاناً بانكماش الحضارة العربية والإسلامية وبدء عصور التخلف والانحطاط.
وعلى هذا النحو فان استخدام تعبير ” سقوط بغداد ” يعطي دلالات مأساوية في أذهان المعاصرين.
ب ـ الزعم بأن مجلس الحكم تجسيد للطائفية:
ان مجلس الحكم فكرة طائفية من وجهة نظر الاعلام المعادي ، لأنه قام على أساس مكونات الشعب العراقي العنصرية والطائفية وليس على أساس الكفاءة والمهنية ، على حد زعمهم.
ان هذا الزعم المراوغ لا يستند الى حقيقة معاني المصلحات وجوهرها ، لان تكوين مجلس من العرب والأكراد والمسلمين السنة والشيعة ، والمسيح والتركمان .. لا يعد تجسيداً لفكرة الطائفية مطلقاً ، لان الطائفية تعني من بين ما تعني ان تستحوذ طائفة معينة على مقاليد الأمور في البلد وتستبعد غيرها، لا إشراك كل المكونات الاجتماعية في مجلس يمهد لفترة انتقالية … أما المحاصصة ففكرة تبنتها الأحزاب السياسية ونسبتها لمجلس الحكم.
ج ـ الزعم ان الانتخابات غير شرعية لانها تمت في ظل الاحتلال.
في حين ان أول خطوة باتجاه التخلص من الاحتلال واسترداد السيادة من خلال الأداء السياسي كما هو مقرر في القرارات الدولية الصادرة من الأمم المتحدة هو ان تكون هناك حكومة عراقية وطنية منتخبة قادرة على الادارة وبسط الأمن والاستقرار.
في حين ان ذات الاعلام المعادي اعتبر الانتخابات الفلسطينية التي تمت في ظل الاحتلال الصهيوني وفازت بها قائمة منظمة حماس انجازاً تاريخياً وخطوة كبرى نحو انشاء الدولة الفلسطينية.
كل ذلك مع الفارق، فالأمم المتحدة تعترف باسرائيل كدولة قائمة عضو فيها ولم تعترف لحد الان بدولة فلسطينية، في حين ان الامم المتحدة اعتبرت ان وجود قوات الائتلاف في العراق هو احتلال مؤقت من الناحية القانونية، وذلك بهدف تطبيق المواثيق الخاصة والالتزامات التي تقع على عاتق الدول القائمة بالاحتلال بهدف حماية الشعوب الخاضعة للاحتلال ومنها تأقيت الاحتلال، لعدم وجود مواثيق تنظم وجود والتزامات ما يمكن ان يسمى بالدولة المحررة.
د ـ الزعم ان زيادة رواتب الموظفين التي تمت بعد سقوط النظام السابق هي للتغطية على سرقة النفط العراقي من قبل المحتلين.
فزيادة رواتب الموظفين من وجهة نظر الاعلام المعادي هي رشوة من الاحتلال للعراقيين للسكوت على الاحتلال.
ومن المعلوم ان رواتب الموظفين في ظل النظام السابق كانت تتراوح بين( 3 ـ 5 ) دولارات شهرياً ، فكان راتب حملة الماجستير أو الدكتوراه عند التعيين لا تتجاوز ( 5 ) دولارات شهرياً ، وهو مبلغ لا يكفي لمتطلبات يوم واحد في ظل ارتفاع جنوني للأسعار بسبب الحصار الاقتصادي .
وهكذا أضحى بؤس الرواتب في ظل النظام السابق فضيلة من الفضائل وزيادة الرواتب في ظل العراق الجديد سيئة من السيئات.
هـ ـ لفت الانتباه الى امور ثانوية.
وفي اطار انتخابات مجالس المحافظات التي يجرى الاستعداد لها هذه الأيام ، يسعى الاعلام المعادي ، وفي إطار محاولته لإفشال هذا المنجز التاريخي، الى تشويه صورته في اذهان الناس من خلال لفت الانتباه الى أمور ثانوية ، مثل طرح السؤال التالي على المواطنين:
هل تعتقد ان وضع ملصقات الدعاية الانتخابية على الجدران الكونكريتية هو عمل حضاري؟
وعندما توجهت هذه الفضائيات الى النجف الاشرف تغير السؤال الى صيغة : هل تعتقد ان وضع ملصقات الدعاية الانتخابية على جدران مقبرة السلام يليق بقدسية هذا المكان ؟
اكثر من فضائية طرحت مثل هذا السؤال مما يشير الى وجود خطة مشتركة فيما بينها.
اما الانتخابات كحق اصيل من حقوق المواطنة وصورة من صور حرية التعبير عن الرأي لطالما قدمت الشعوب اضخم التضحيات من اجل نيله ، فلا يلتفت اليه مطلقاً.
2 ـ استثمار الثقافة الشعبية الوطنية:
وذلك من خلال ترسيخ فكرة ان قادة العراق الجديد قد قدموا للعراق على ظهر الدبابات الأمريكية وتم تسليمهم الحكم عنوة بعد اغتصابه من أصحابه الشرعيين ، لتنسجم هذه الفكرة مع الثقافة السائدة المعادية للغرب وللدول الرأسمالية عموماً .
علماً ان ثقافة معاداة الغرب في البلاد العربية هي من صنع الاعلام والمخابرات الإسرائيلية ، حيث يؤكد العديد من العارفين بخفايا السياسة الدولية ان المظاهرات التي كانت تخرج ضد الدول الغربية والمطالبة بغلق سفاراتها في البلاد العربية تمت في الغالب بتمويل إسرائيلي، لان ليس من مصلحتها ان تكون هناك علاقات ممتازة بين العرب والغرب.
3 ـ النفاذ عبر الثقافة الدينية المحدودة:
من خلال الزعم بان رئيس النظام السابق كان مسلماً وينطق بالشهادتين وانه أفضل من الكفار على أية حال كان عليها.
وهذه طبعاً كذبة كبيرة لأنه يفترض بالمسلم الحقيقي ان يكون أكثر حرصاً على حياة المسلمين وأموالهم ويكون مسؤولاً عن حياتهم وأموالهم وأعراضهم أمام الله والناس أكثر من الكافر.
وقد نفى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفة المسلم في كثير من المواضع منها قوله الكريم: ( من غشنا ليس منا ) أي ان ( من غش المسلمين ليس منهم ).
بينما اتفق فقهاء الشريعة الاسلامية بشكل عام على مقولة ( حاكم كافر عادل خير من حاكم مسلم ظالم ) على اعتبار ان العدل هو في النهاية غاية الشرائع السماوية وان العبرة بالأفعال لا بمجرد الأقوال والمسميات الخالية من المضمون، فما العبرة والفائدة من شخص أسمته أمه ( عادل ) وهو شديد الظلم، وما الفائدة من شخص اسمه صدام ولم يصدم بقسوة الا الشعب الذي ينتمي اليه بجنسيته.
4 ـ اشاعة تطبيق فكرة اسرائيل الكبرى :
من خلال إشاعة خبر كاذب في بداية سقوط النظام مفاده ان الصهاينة اشتروا نصف بغداد وانهم يقيمون بفندق معين ، ويتم التسجيل لهم على الفور في دائرة التسجيل العقاري ، الذي لم يكن قد باشر أعماله بعد طبعاً .
5 ـ المكائد والمؤامرات:
وذلك عن طريق افتعال الخبر ‘ فقد سربوا مثلاً خبراً عبر العديد من الفضائيات مفاده انهم وجدوا في أروقة المخابرات بيانا موجه لأزلام النظام يتضمن توجيهات لما بعد سقوطه ، والواقع انه كان عملية مفبركة تتضمن توجيهات وضعت بعد سقوط النظام تم تبليغ المعنيين بها بهذا الأسلوب المخادع ، الذي ساهمت فيه العديد من وسائل الاعلام الأخرى دون ان تدرك كنهه بحسن نية او بدونها.
وقد تحقق لهم ما ابتغوه حيث بادر ازلام النظام السابق على الفور الى الالتحاق بعدد من الأحزاب والمؤسسات الرسمية وعمل عدد كبير منهم كمترجمين مع القوات الأجنبية.
فضلاً عن افتعال الحدث والخبر كما في حال المرأة التي ادعت انها اغتصبت من قبل افراد الجيش العراقي.
6ـ اضفاء الشرعية على الأعمال الإرهابية المسلحة:
وذلك من خلال اطلاق صفة المقاومة الوطنية على الأعمال الإجرامية التي استهدفت مكونات الشعب العراقي ابتداءاً. خاصة وان مدلول هذا المصطلح التاريخي في نفوس الناس له وقع كبير عليهم.
ولا يمكن من الناحية القانونية والواقعية اطلاق هذه الصفة على التنظيمات الإرهابية المسلحة التي باشرت عمليات القتل الأعمى والذبح العلني بحق أبناء الشعب العراقي ، حيث عملت تلك التنظيمات بلا أية ضوابط او قواعد حتى تلك التي اشترطتها المواثيق الدولية واتفاقيات جنيف كحد أدنى للاعتراف بشرعية أية جماعة مسلحة. ومنها عدم جواز الاحتماء بالمدنيين وإتباع القواعد الدولية المنظمة لمعاملة الأسرى، بينما قام أولئك الأوغاد بذبح الأطفال والنساء والشيوخ فضلا عن اسراهم علنا وتوثيقها بالتسجيل الصوري.
7 ـ الكذب والافتراء ثم الاعتذار:
من خلال نشر أخبار كاذبة عن عمد وبعد ان تترسخ في عقول الناس ويتصرفون وفقاً لها ، يتم الاعتذار عن عدم صحة الخبر بزعم تسريبه من مصادر غير موثوقة.
ومن ذلك نشر صور فلم فديو مفبرك عن قيام الشرطة الوطنية بتنفيذ عمليات اعدام في الشوارع العامة ، ومن ثم الاعتذار عنه بعد ان احدث ضجة كبرى وصدم ضمير الكثير من العراقيين الذين صدقوا الخبر الملفق. ليتحول الاعتذار الى موقف بطولي ومهني في نظر البعض.
ونظير ذلك ما كان يقوم به النظام السابق ، في إطار تصفية خصومه السياسيين من البعثيين ، حيث يقوم بإعدامهم بكل قسوة ، ومن ثم وبعد فترة من الزمن يعلن خطأه ويعتبرهم شهداء .
وهكذا ، ورغم صدور عفو رئاسي، تمت تصفية عائلة حسين كامل عن بكرة ابيها في عملية انتقامية بشعة مرتبة ومخطط لها سلفاً والقيت جثث الموتى في ساحة للأزبال لترفعها عجلة رفع الازبال بعد ذلك ، وبعد فترة من الزمن أطلق رأس النظام السابق على حسين كامل صفة ( شهيد الغضب العشائري ).
وفي ضوء ما تقدم كانت هناك حاجة ماسة لوجود اعلام رسمي يكون بمستوى الحدث ويمتلك المواصفات العلمية والفنية لمواجهة الإعلام المعادي.الفرع الثالث
الاعلام الرسمي في الغرب والشرق
اولاً:الاعلام الرسمي في الغرب
لا تحتاج الدول التي ترسخت في مجتمعاتها قيم الديمقراطية والقانون والأسلوب الحضاري في طريقة ممارسة الحريات العامة الى إعلام رسمي يوجه الرأي العام إلا في حدود ضيقة ، وعادة ما يكون ذلك من خلال توضيح رسمي او بيان صادر من الناطق الرسمي للحكومة.
والسبب في ذلك يعود الى عدة عوامل منها:
1: صعوبة اختراق عقل المواطن الغربي وإقناعه بآراء تتعارض مع مصلحة دولته العامة ، سواء كانت محاولة الاختراق مباشرة او بأساليب ملتوية ، لان مواقفه تبنى عادة على أساس المنطق لا مجرد العاطفة ، وعلى هذا كانت أساليب استدراج المواطن الغربي لاتخاذ موقف معين هي الإغراء المادي .
2: ان المواطن الغربي لا يهتم بتفاصيل سياسة الدولة ، ولا تتضمن جلساتهم الاجتماعية عادة مناقشة الأمور السياسية، إلا إذا مست مصالحهم المالية ، لأنهم يثقون عادة بشخوص من تم انتخابهم ولو كانوا من غير القائمة السياسية التي يؤيدونها ، ويعرفون انهم بأيدِ أمينة لا يمكن ان تفرط بمصالحهم.
ثانياً: الاعلام في الشرق
اما في عالمنا الشرقي وبالتحديد عالمنا العربي ، فالأمر مختلف لعدة أسباب منها:
1: انعدام الثقة بين الحاكم والمحكوم لأسباب تاريخية ترسخت في النفوس عبر الزمن ، بعد عهود طويلة من الحكم التعسفي الفاسد.
وعلى هذا النحو كان كل مواطن عربي مهما كانت بساطة تأهيله العلمي هو (سياسي بالفطرة) ، ويدلوا بدلوه في كل ما يتعلق بتفاصيل سياسة الدولة ، الا ان ذلك مبنياً في العادة على العاطفة لا على التحليل والدرس والمنطق.
2: يمكن بكل سهولة استدارج المواطن ليتخذ موقفاً معادياً لدولته او ليكون جاسوساً وبالمجان ، ودون ان يعلم انه جاسوس بالفعل ، لان المواقف ، كما سبق القول، تبنى عندنا على اساس العاطفة والشعارات الرنانة التي تخاطب الغرائز لا العقول .
وعلى هذا النحو تمر المؤامرات المحاكة في الأقبية المخابراتية المظلمة والمستندة الى دراسات وبحوث علم النفس وعلم الاجتماع بفروعهما المختلفة ، بسهولة ومن دون عناء كبير ، حيث تجد ارض خصبة في نفوس من تم تهيأتهم مسبقاً لتمرير المؤامرة دون ان يدركوا انهم مجرد دمى تحرك بأيدي خفية.
فهناك حقيقة ثابتة عند الاعلام المؤامراتي الذي يقوم على عمليات غسيل دماغ الجماهير ، مفادها .. اكذب ، اكذب حتى يصدقك الناس .
وبناءا على ذلك كان اعلام النظام السابق يتحدث عن الديمقراطية والحريات العامة وانجازات الثورة وان الشعب يرفل بالعز ويجند لتمرير ذلك الكذب جهود الفنانين والشعراء والاحتفالات الجماهيرية ، وعلى هذا النحو ينقلب البؤس الى نعيم وتنقلب الهزيمة الى نصر .
واعلامنا الرسمي اعلام روتيني بامتياز ، كما هو حال كل اداء حكومي ، يتسم بالبطء وضعف الخلق والإبداع ، فضلاً عن انه لا ينشر نتاجات الكتاب الوطنيين رغم نتاجاتهم المبدعة تزخر بها المواقع العراقية والعربية والأجنبية ، ويقصر النشر على فئة محدودة من الكتاب في وقت كان فيه العراق وحكومته ولا يزال بحاجة ماسة لدعم الأقلام الوطنية لمواجهة آلالة الاعلامية المعادية.
خلاصة القول:
ان بعض أبناء شعبنا تنطلي عليهم بسهولة أساليب الاعلام المعادي الملتوية ، ذلك الاعلام الذي قادهم الى تبني فكرة الفشل في كل شيء ، ذلك الاعلام الذي يعرف كيف يخاطب عقول الناس وغرائزهم ، وكيف يرتب الأحداث التي تلائم مستواهم الفكري البسيط …
ونجح الاعلام المعادي الى تركيز الشعور بالخيبة وانعدام الثقة ، رغم ان حكومتهم الوطنية ومعها جميع القوى الوطنية المخلصةقد قادتهم الى الانتصار على اشرس ارهاب دموي مجرم بعد ان قتل الالاف المؤلفة من النساء والرجال واغتصب الفتيات ( وعبر قناة العربية تحدث احد اهل الدورة في قناة العربية كيف ان مجرما قاعديا يغتصب الفتيات ويتركهن ينزفن حتى الصباح ومن ثم يقتلهن ، انظروا لعدوكم كيف ينتقم من فتيات العراق ، رمز العفة ومعدنها (… يتركهن ينزفن .. ينزفن … ينزفن …للصباح ثم يقتلهن ) .
وكيف يفرغ سموم حقده بأطفالنا .. نعم انه ذبح اطفالنا بدم بارد ….. وعاث في الارض فساداً بما لا مثيل له في تاريخ الدنيا …
المهم ان الانجاز الكبير والضخم هو الانتصار على قوى البغي والعدوان وهزيمة تنظيم القاعدة ومن سانده من دول الجوار .
وما برح الاعلام المعادي ، الذي لا يعترف بأية انتصارات او انجازات ، يتحدث عن فشل الحكومة في تقديم الخدمات ، المجاري .. و الكهرباء.. والحصة.. ، نعم ان ما تقدم مطالب مشروعة وحق يتوجب اداؤه للشعب في المرحلة القادمة ، نطالب به ونصر عليه ولكن ليس على طريقة وأسلوب الاعلام المعادي ، ولا شك في ان نجاح انتخابات مجالس المحافظات وحسن اختيار المرشحين وفق أسس موضوعية لا شخصية تقدم فيها مصلحة الناس على المصالح الضيقة سيكون عاملاً من عوامل الانتصار في ميدان البناء والأعمار.
ان مهمة الاعلام الوطني ، اياً كان انتماؤه الفكري ، تتجسد في خدمة المصلحة العامة للعراق وشعبه ، وفقاً للرؤيا التي يراها الإعلامي بشأن أساليب تحقق المصلحة العامة ، والإعلامي الوطني هو الذي يعطي كل ذي حق حقه وإن اختلف معه في الرأي والعقيدة ، ومثلما ترى عينه الفاحصة السلبيات فانه قادر على رؤية الايجابيات أيضا ، وهذا هو معنى الحياد الفكري ، الا إن للحياد مفهوم نسبي كما هو حال جميع الأفكار الإنسانية ، فالصحفي المحايد هو مع ذلك منحاز لوطنه وشعبه ، منحاز للقيم والثوابت الوطنية ، منحاز لشرف المهنة وقيمها .
بغداد في 27 /12/2008