أقدم لكم إخوتي الكرام دروس ندوة في المالية الدولية
أقدم لكم إخوتي الكرام دروس ندوة في المالية الدولية
التمويل الدولي
ميزان المدفوعات
العملات الأجنبية
أسعار الصرف
التعامل في أسواق العملات الأجنبية
مراكز المتعاملين في أسواق العملات الأجنبية و أوضاعهم
للتحميل هاهو الرابط
http://www.filesin.com/C51DB292881/download.html
–***–
دروس في :
المؤسســـات الماليـــة
و النقدية الدولية
الأستاذ : شمــــام عبــد الوهــــاب.
©جميع الحقوق محفوظة
مقدمـــة عامــــــة :
إنّ المحاضرتين التاليتين عبارة عن مدخل عام لمقياس المؤسسات المالية
و النقديّة الدولية ، بحيث أنّ المقياس يتكون من المحاور التالية :
I ـ مقدمة عامة : تعريف لبعض المؤسسات و الأنظمة النّقدية و تطورها التاريخي .
II ـ المؤسسات المالية و النّقدية الدولية و الجهوية .
III ـ أسس عمل وادارة هذه المؤسسات .
IV ـ سياسات المؤسسات المالية و النّقدية الدولية .
V ـ تأثير هذه المؤسسات على العلاقات المالية و النّقدية الدولية .
VI ـ إنعكاسات ذلك على البلدان النّامية .
العلاقات المالية الدولية
I ـ نظام النّقد الدولي :
و يتألف من مجموعة من الأجهزة المصرفية و النّقدية في مختلف البلدان ، من المؤسسات المالية و النّقدية ذات الطابع الدولي و الجهوي .
هذه الأجهزة هي المسؤولة عن وضع السياسات و ميكانزمات العمل التي تحدر طبيعة و أهداف العلاقات المالية و النّقدية الدولية و ذلك من خلال المعاهدات و الإتفاقيات الحكومية و الخاصة بين مختلف البلدان.
و تنبغي الإشارة هنا إلى أنّ العلاقات المالية و النّقدية الدولية تتأثر و تؤثر في العلاقات الإقتصادية
و السياسية الدولية التي تربط بين الدولة المنخرطة في هذا النظام. و بما أنّ الحكومات هي المسؤولة عن تحديد الإطار التنظيمي للنظام النّقدي الدولي ، و تحديد السياسات المالية و النّقدية الخاصة بها ، فإنّ العلاقات المالية الدولية ، و بالتالي النظام المالي الدولي ، كانت تتسم بالبساطة خاصة في فترة النظام المعدني أي إعتماد الذهب و الفضة ” كعملة مشتركة ” ، إلاّ أإنّ الأمور زادت تعقيدا مع تطور النّقود الورقية و الأنظمة المصرفية و تقاظم دور الأجهزة المصرفية في الحياة الإقتصادية الدولية ، حيث أنّ خضوع النّقود للسياسات النّقدية التي تحدوها كل دولة وفق مصالحها الذاتية ، خلف مشاكل كبيرة أمام تطور النظام النّقدي الدولي ، بفعل تقارب المصالح الوطنية ، و تعوضه لأزمات كبيرة .
I ـ الخصائص العامة للنظام النّقدي الدولي :
إنّ إستخدام النّقود سواء على المستوى الوطني أو على المستوى الدولي ليس هذفا في حدّ ذاته بل الغاية من ذلك هو تسهيل و توسيع عمليات التبادل السلعي و الخدمات و التسويات المالية المختلفة ، إلاّ أنّ ما تتميز به النّقود في هذا المجال هو تأثيره القوي على الكثير من المتغيرات الإقتصادية
و الإجتماعية و لعلّ أهم هذه المتغيرات هي الطلب ، الإدخار و الإستثمار.
الدور الأساسي للنظام النّقدي الدولي هو العمل على توفير الشروط التنظيمية و الإقتصادية لتحقيق توزيع أمثل للحوار بين الدول عن طريق التجارة الدولية والإستثمار الدولي و إذا كان هذا النظام ليس هو العامل الوحيد المحدد لذلك ، فإنّ إختلاله من فترة إلى أخرى 1له عادة إنعكاسات كبيرة على الأوضاع الإقتصادية العالمية و النظرية .
و عليه فإنّه له مصلحة هذه الدول الإتفاق على حدّ أدنى من المبادئ و القواعد المشتركة لعمل هذا النظام الذي يعطي أهمية بالغة للأسعار في توزيع الموارد و إنتاجها بحكم عمله في ظل إقتصاديات السوق .
أهداف النظام النّقدي الدولي :
إنّ للنظام النّقدي الدولي مجموعة هي الأهداف منها ما هو طويل الأجل منها ماهو متوسط المدى
فالأهداف الطويلة الاجل تنحصر عادة في :
1 ـ تنمية التبادل الدولي من السلع و الخدمات و رؤوس الأموال و العمل على توفير الشروط اللازمة لتحقيق توزيع عقلاني يساعد على تحسين إنتاجية عوامل الإنتاج على المستوى الدولي.
2ـ العمل على تحقي إستقرار الأسعار على المستوى الدولي و إجتناب حدوث تضخم أو إنكماش لفترات طويلة لما لذلك هي إنعكاسات سلبية .
3ـ العمل على التنسيق بين الضغوط الداخلية و الضغوط الخارجية و التحكم في تفاوت توزيع الموارد.
و إذا كان من الصعب تحميل النظام النّقدي الدولي لوحده مسؤولية الإضطرابات المالية و النّقدية نظرا لدور السياسات الوطنية ، إلاّ أنّه يمكن القول أنّ هي صفات النظام النّقدي الناجح هو النجاح في توجيه السياسات الوطنية بكيفية تسمح بتحقيق مصالح الدول المختلفة .
أمّا الأهداف المتوسطة المدى فتتمثل عادة في :
1 ـ قابلية تحويل العملات ببعضها البعض و ذلك من أجل تحقيق توسع و تنويع التجارة الدولية بين مختلف البلدان . أي إمتناع الدول عن فرض قيود أو رقابة على عمليات تحويل العملات فيما بينها و هو شرط من الصعب تحقيقه و كانت العملة الوحيدة التي استوفت جميع شروط التحويل الكامل ، بعد الحرب العالمية الثانية هو الفرنك السويسري.
2ـ استقرار أسعار الصرف : و المقصود هنا بالإستقرار النسبي و ليس المطلق أي العمل على توفير مرونة كافية لأسعار الصرف تضمن إعادة التوازن إلى ميزان المدفوعات دون أن يؤدي ذلك إلى إضطرابات نقدية يكون لها إنعكاسات سلبية على المعاملات النّقدية و المالية الدولية . و لمّا كانت المضاربة هي أهم عوامل عدم إستقرار أسعار الصرف ، فإنّه من أهداف النظام النّقدي الدولي محاربة المضاربة و التخفيف من آثارها.
3ـ توفير العملات الدولية : أي ضرورة إحتفاظ كل دولة بعملة أو أكثر تكون مقبولة دولية لتغطية و تسوية معملاتها الخارجية .
تطور النظام النّقدي الدولي
لقد مرّ النظام النّقدي بمراحل مختلفة تميزت كل واحدة منها بوجود ” قاعدة أو عيار ” معينة اختلفت من مرحلة لأخرى : الفضة ، نظام المعدنين ، الذهب تمّ نظام الصرف بالذهب .
أولا : النظم المعدنية :
و ترتكز على مبدأ عام مشترك مهما كانت طبيعة المعدن المستخدم : فضة ، ذهب أو المعدنين معا ، و يتمثل هذا المبدأ في أنّ العملات الوطنية المتداولة كانت كاها معدنية . بينما كان نصيب النّقود الورقية المصرفية ( شيكات أو التحويلات ) في التداول ضئيل بفعل حداثتها.
لم يكن هناك فرق بين العملة الدولية و العملات الوطنية خاصة في تلك الدول التي كانت النّقود المعدنية تتداول فيما بينها دون قيد.
و بشكل عام كان يعتمد العرض من النّقود ، في أية دولة ، إعتمادا مباشرا على إنتاج المعادن النفيسة
و توزيعه بعكس حالة ميزان المدفوعات و الناتج الوطني من المعادن النفيسة . و لقد بدأت المشاكل قراب هذا النظام بظهور النّقود الورقية و إتساع إستعمالها و التحديد الإجباري أحيانا لأسعارها من قبل الدول ، و إزدادت خطورة المشاكل التي واجهت النّظام النّقدي ، خاصة في القرن 19 ، بفعل تقلب الأسعار النسبية للذهب و الفضة .
ثانيا : قاعدة الذهب ( 1870-1914 تقريبا )
و يرجع الكتاب نشأة قاعدة الذهب إلى حوالي سنة 1874 . حين أصبحت للولايات المتحدة
و معظم دول أوربا تسيّر فعلا و قانونا على أساس نظام المعدن الواحد : الذهب إقتداء بإنجلترا.
و يتميز نظام الذهب بالخصائص التالية :
1 ـ لم تكن السلطات النّقدية تتدخل بشكل كبير في سوق الصرف . و كانت هناك قابلية تحويل العملات التي يشملها النّظام النّقدي الدولي و كانت هذه العملات مكفولة بأسعار محددة عن طريق حرية إستراد المعدن النفيس . و ضمان إستبدال الأوراق النّقدية بالذهب . أي أنّ قاعدة الذهب كانت تعمل بطريقة أوتوماتيكية.
2 ـ يتحدد إصدار النّقد في كل دولة برصيد هذه الأخيرة من الذهب . و كانت القوانين السائدة آنذاك تفرض على بنوك الإصدار تحديد نسبة معينة بين الذهب و النّقد ( عادة 1/3 ) . و ذلك لربط تغير التداول النّقدي بتقلبات ميزان المدفوعات .
3 ـ سوق لندن المالي ، فإنّ هو الذي يقوم بتأمين فعالية الجهاز النّقدي الدولي مستندا في ذلك على قوة بريطانيا الإقتصادية و إمبراطوريتها الواسطة ، و تسليته إحتياجات الإقتصادالدولي بالسيولة اللازمة بغض النظر لتقلبات إنتاج الذهب.
و تسمى عادةهذه الفترة بفترة نظام قاعدة الذهب الإسترليني و إذا كانت قاعدة الذهب في حاجة إلى سيولة فإنّ ذلك لا يرجع مزايا المعدن النفيس فقط بل كذلك إلى إتساع و نمو المعاملات الدولية الذي تجاوز نسبة زيادة الأرصدة من الذهب ، و يعود هذا النّمو إلى جو النّقد الذي ساد المعاملات الدولية في تلك الفترة .
– و كان لإندلاع الحرب العالمية الأولى بداية نهاية العمل بقاعدة الذهب و ذلك للأسباب التالية :
أ ـ توقف تحويل العملات إلى الذهب بسبب فرص أسعار إجباربة للأوراق النّقدية في معظم الدول .
ب ـ إختفاء الذهب من التداول بسبب إستيلاء الدولة عليه أو الإكتناز.
جـ ـ فرض الرقاية على الصرف في معظم البنوك .
د ـ إنتشار التضخم خلال و بعد الحرب العالمية الأولى .
ه ـ إنهيار الثقة في الجنيه الإسترليني.
و ـ إنتقال مركز ثقل النشاطات المالية من لندن إلى نيويورك .
ثالثا : قاعدة الصرف بالذهب : أو نظام الذهب / العملات الأجنبية .
إذا كان لا يوجد هناك إتفاق عام حول بداية العمل بهذا النظام ، حيث تشير بعض الدراسات إلى أنّ بعض الدول قد طبقته في القرن 19 ( الهند مثلا ) ، إلّا أنّه يمكن القول أنّ هذا النظام هو الذي سار العمل به منذ إنتهاء الحرب العالمية الأولى ويمكن تشخيص أهم أسسه في النّقاط التالية :
1 ـ الخلاف الرئيسي بين هذا النظام و بين قاعدة الذهب تكمن في كيفية تحويل العملات الوطنية إلى العملات الخارجية .
فالذهب في هذا النظام لم يعد هو المستخدم في معاملات الأفراد بل إقتصر التعامل به على البنوك المركزية و حدها.
كما لم تعد هناك حرية سك الذهب و تداول العملات الذهبية . كما إختلفت السياسات بشأن الإستيراد
و التصدير من المعدن النفيس و حيازته.
و عليه يركز الذهب لدى البنك المركزي ( بنك الإصدار ) و لا يقوم هذا الأخير بالتحكم في أسعار الصرف عن طريق تصدير أو إستيراد الذهب بل عن طريق التدخل المباشر سوق الصرف بشراء العملات الأجنبية ) . و بيعها لهذا لابّد عليه ، في ظل قاعدة الصرف بالذهب ، أن يكون له رصيد من العملات الاجنبية إلى جانب رصيده من الذهب.
و يتوقف نجاح قاعدة الصرف بالذهب على العملات التي تختارها الدول ضمن عناصر الإحتياطي الخارجي النّقدي : قبل الحربين و في الفترة التي سادت بينهما كان الجنيه الإسترليني العملة الإحتياطية الرئيسية ، تم حل محله بعد الحرب العالمية الثانية الدولار.
2 ـ الإستقلال النسبي للدول في ميدان الإصدار النّقدي و ذلك في حدود رصيد البنك المركزي.
رابعا : نظم النّقد الجديد .
تعود القوانين و القواعد المسيرة للنظام النّقدي حتى بداية السبيعينات (1944- 1971) إلى
سنة 1944 و هي السنة التي شهدت إنعقاد و مؤتمر برتون وودز BRETTON-WOODS
و هو المؤتمر الذي فيه إنشاء صندوق النّقد الدولي و إقرار نظامه الأساسي.
و كان الدافع لوضع هذا النظام الجديد هو تجنيبه تكرار الإضطرابات و الإختلالات النّقدية و المالية خاصة تلك التي حدثت خلال أزمة 1929/1933.
أهم المبادئ التي تمخض عنها مؤتمر برتون وودز Bretton -woods
تتمثل في العناصر التالية :
1 ـ إستقرار أسعار الصرف و تحديد أسعار تعادل العملات على أساس الذهب و الدولار الأمريكي
($ 35 للأوقية من الذهب ONCE . ONCE= 38.35Grs).
3 ـ الحد من المنافسة في تخفيض قيم العملات .
4 ـ قابلية العملات للتحويل.
5 ـ تشجيع المعاملات الجارية و المعاملات المتعددة الأطراف.
و لقد كان المفكر الإقتصادي الكبير KEYAES وراء العديد من القواعد التي تم إعتمادها في مؤتمر برتون وودز مثل مطالبته بإنشاء مؤسسة دولية لتسوية المعاملات الدولية و إعتماد عملة دولية بجمع ما بين مرونة عملة بنكية و فعالية أو مصداقية الذهب .
عملة إحتياطية
(دور الدولار في النظام الحالي ) وكذلك الذهب و هو سلعة زاد عليها الطلب عنها من قبل الافراد خاصة الحرفيين
هذه هي الوظائف الأساسية للذهب و هي متداخلة و معقدة.
* و هناك صعوبة في التفرقة بين أو إكتناز المضاربة: و هو أداة الإكتناز و المضاربة .
– فعادة يكتنز الافراد الذهب ، الجواهر ، السبائك كوسيلة لحماية جزء من ثروتهم ضد المخاطر
( التضخم، الثورات إلخ …..).
– و هناك من يشتري الذهب أصلا في إرتفاع سعره.
مع العلم أنّ إتفاقية برتون وودز تقوم على حصر وظيفة الذهب في إستخدام النقدي فقط.
و لقد استمر العمل بهذا النظام النّقدي حتى سنة 1971 و هي السنة التي أنهار فيها نظام برتون وودز عندما أعلن الرئيس الأمريكي آنذاك نيكسون ، و بقرار انفرادي و دون الرجوع إلى صندوق النّقد الدولي ، عن أيقاف قابلية تحويل الدولار إلى ذهب عن طريق ثبات سعر التحويل بعدما تبين بأنّ إستمرار ذلك السوق يؤدي إلى خروج من الإحتياطي الأمريكي من الذهب . و في الحقيقة فإنّ هذا القرار جاء تتويجا لتدهور النظام النّقدي القائم آنذاك بفعل عوامل أخرى مثل بروز قوى إقتصادية جديدة: دول أوربا الغربية و اليابان التي أصبحت تنافس الإقتصاد الأمريكي .
مؤسسات النّقد الدولية :
لرد وصف النظام النّقدي الدولي الراهن سيستلزم الحديث عن المؤسسات الرئيسية التي تعمل فيه و وظائفها الأساسية :
أ ـ صندوق النّقد الدولي : انشئ خلال مؤتمر برتون ـ وودز و تتمثل وظائفه في :
1 ـ منح التسهيلات القصيرة الاجل لتثبيت أسعار الصرف.
و بتشكل رأس مال من حصص الأعضاء ( 2510 مـ حصة ن عضو تقدم ذهب ) و يحدد الحد الأقصى للتسهيلات بمجموع حصص الأعضاء.
2 ـ تحديد ة تنظيم أسواق الصرف خاصة العملات الأساسية
3 ـ ضمان حرية تحويل العملات.
4 ـ المحافظة على حرية المدفوعات الجارية .
ب ـ O C D E : منظمة التعاون الإقتصادي و التنمية :
ـ التنسيق بين السياسات الإقتصادية الوطنية
ـ التوفيق بين السياسات الإقتصادية الوطنية و الأهداف الدولية .
المؤسسات الدولية التي انشئت بعد مؤتمر (49) Bretton woods.
أ ـ صندوق النّقد الدولي :
و تضمنت النّصوص التأسيسة لهذه المؤسسة على 31 بند تحدد أهدافها و قوانين عمل هذه المؤسسة الجديدة يمكن أن نذكر منها بعض البنوك الأساسية و التي منها :
1 ـ إنّ صندوق النّقدي الدولي مؤسسة دائمة دورها العمل على تنظيم و توجيه النظام النّقدي الدولي .
2 ـ وضع نظام جديد للصرف يعتمد على إستقرار هذا الأخير من خلال وضع قاعدة آتية للتبادل تتمثل في :
ذهب 35$ = l’once 38.25 GRS.
3 ـ ضرورة إلتزام كل الأعضاء بالعمل على إزالة الحواجز أمام عملية تحويل العملة الوطنية إلى العملات الأجنبية إلاّ في حالات مهنية ( بشأن مخيزان المدفوعات ).
4 ـ تقديم المساعدات و التسهيلات المالية للدول الأعضاء الراغبين في ذلك.
ب ـ LA BIRD : بنك دولي لإعادة البناء و التنمية B in le de reconstruction et du der
ـ أو ما أصطلح على تنمية البنك العالمي : تمويل المشاريع الإستثمارية و التنموية أمّا إعادة البناء عموما للدول التي تقوت كثيرا من الحرب العالمية الثانية من البلدان التي إستفادت : فرنسا ،هولندا الدنمارك ، اليابان …. إلخ.
– كذلك تقديم مساعدات تقنية للدول تشجيع التجارة الدولية
O C I
مؤتمر هافانا ( كوبا ) 1947 وضع القوانين التأسيسية GATT
الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية
وزارة التعليم العالي و البحث العلمي
–***–
جامعــــــة التكويـــــن المتواصــــل
–***–
فرع: قانون العلاقات الاقتصادية الدولية
السنة الأولى: الإرسال الثاني
العلاقات المالية الدولية
I- نظام النقد الدولي: و يتألف من مجموعة من الأجهزة المصرفية و النقدية في مختلف البلدان ، من المؤسسات المالية والنقدية ذات الطابع الدولي و الجهوي.
هذه الأجهزة هي المسؤولة عن وضع السياسات و ميكانيزمات العمل التي تحدر طبيعية وأهذاف العلاقات المالية و النقدية الدولية و ذلك من خلال المعاهدات والإتفاقيات الحكومية و الخاصة بين مختلف البلدان.
و تنبغي الإشارة هنا إلى أن العلاقات المالية والنقدية الدولية تتأثر و توثر في العلاقات الإقتصادية والسياسة الدولية التي تربط بين الدولة المنخرطة في هذا النظام. و بما أن الحكومات هي المسؤولة عن تحديد الإطار التنظيمي للنظام النقدي الدولي، و تحديد السياسات المالية والنقدية الخاصة بها، فإن العلاقات المالية الدولية، وبالتالي النظام المالي الدولي، كانت تتسم بالبساطة خاصة في فترة النظام المعدني أي إعتماد الذهب و الفضة “كعملة مشتركة” ، إلا أنّ الأمور زادت تعقيدا مع تطور النقود الورقية والأنظمة المصرفية و تقاظم دور الأجهزة المصرفية في الحياة الإقتصادية الدولية، حيث أنّ خضوع النقود للسياسات النقدية التي تحدوها كل دولة وفق مصالحها الذاتية، خلف مشاكل كبيرة أمام تطور النظام النقدي الدولي، بفعل تقارب المصالح الوطنية ، و تعوضه لأزمات كبيرة.
II- الخصائص العامة للنظام النقدي الدولي:
إن استخدام النقود سواء على المستوى الوطني أو على المستوى الدولي ليس هدفا في حدّ ذاته بل الغاية من ذلك هو تسهيل و توسيع عمليات التبادل السلعي والخدمات والتسويات المالية المختلفة، و الإجتماعية و لعلّ هذه أهم هذه المتغيرات هي الطلب، الإدخار و الإستثمار.
الدور الأساسي للنظام النقدي الدولي هو العمل على توفير الشروط التنظيمية والإقتصادية لتحقيق توزيع أمثل للحوار بين الدول عن طريق التجارة الدولية والإستثمار الدولي وإذا كان هذا النظام ليس هوا لعامل الوحيد المحدد لذلك، فإنّ إختلاله من فترة إلى أخرى1 له عادة إنعكاسات كبيرة على الأوضاع الإقتصادية العالمية و النظرية.
وعليه فإنّه له مصلحة هذه الدول الإتفاق على حدّ أدنى من الباديء و القواعد المشتركة لعمل هذا النظام الذي يعطي أهمية بالغة للأسعار في توزيع الموارد و إنتاجها بحكم عمله في ظل إقتصاديات السوق.
أهداف النظام النقدي الدولي:
إن للنظام النّقدي الدولي مجموعة هي الأهداف منها ما هو طويل الأجل منها ماهو متوسط المدى .
فالأهداف الطويلة الأجل تتحصر عادة في :
1- تنمية التبادل الدولي من السلع و الخدمات و رؤوس الأموال والعمل على توفير الشروط اللازمة لتحقيق توزيع عقلاني يساعد على تحسين إنتاجية عوامل الإنتاج على المستوى الدولي.
2- العمل على تحقي إستقرار الأسعارعلى المستوى الدولي و إجتناب حدوث تضخم أو إنكماش لفترات طويلة لما لذلك هي إنعكاسات سلبية
3- العمل على التنسيق بين الضغوط الداخلية والضغوط الخارجية والتحكم في تفاوت توزيع الموارد.
و إذا كان من الصعب تحميل النظام النّقدي الدولي لوحدة مسؤولية الإضطربات المالية و النّقدية نظرا لدور السياسات الوطنية، إلاّ ألّه يمكن القول أنّ هي صفات النظام النّقدي الناجح في توجيه السياسات الوطنية تسمح بتحقيق مصالح الدول المختلفة.
أما الأهداف المتوسطة المدى فتتمثل عادة في:
1- قابلية تحويل العملات ببعضها البعض و ذلك من أجل تحقيق توسع و تنويع التجارة الدولية بين مختلف البلدان ، أي إمتناع الدول عن فرض قيود أو رقابة على عمليات تحويل العملات فيما بينها و هو شرط من الصعب تحقيقه و كانت العملة الوحيدة التي استوفت جميع شروط التحويل الكامل، بعد الحرب العالمية الثانية هو الفرنك السويسري.
2- إستقرار أسعار الصرف : و المقصود هنا بالإستقرار النسبي و ليس المطلق أي العمل على توفير مرونة كافية لأسعار الصرف تضمن إعادة التوازن إلى ميزان المدفوعات دون أن يؤدي ذلك إلى إضطرابات نقدية يكون لها إنعكاسات سلبية على المعاملات النقدية و المالية الدولية . و لما كانت المضاربة هي أهم عوامل عدم إستقرار أسعار الصرف، فإنّه من أهداف النظام النّقدي الدولي محاربة المضاربة والتخفيف من آثارها.
3- توفير العملات الدولية: أي ضرورة إحتفاظ كل دولة بعملة او أكثر تكون مقبولة دولية لتغطية و تسوية معملاتها الخارجية.
تطور النظام النّقدي الدولي
لقد مرّ النظام النّقدي بمراحل مختلفة تميزت كل واحدة منها بوجود ” قاعدة أو عيار” معينة اختلفت من مرحلة لأخرى : الفضة، نظام المعدنين، الذهب تمّ نظام الصرف بالذهب.
أولا: النظم المعدنية:
و ترتكز على مبدأ عام مشترك مهما كانت طبيعة المعدن المستخدم: فضة، ذهب أو المعدنين معا، و يتمثل هذا المبدأ في أنّ العملات الوطنية المتداولة كانت كاها معدنية ، بينما كان نصيب النّقود الورقية المصرفية ( شيكات أو التحويلات ) في التداول ضئيل بفعل حداثتها .
لم يكن هناك فرق بين العملة الدولية و العملات الوطنية خاصة في تلك الدول التي كانت النّقود المعدنية تتداول فيما بينها دون قيد
وبشكل عام كان يعتمد العرض من النّقود، في أية دولة، إعتمادا مباشرا على إنتاج المعادن النفسية و توزيعه بعكس حالة ميزان المدفوعات و الناتج الوطني من المعادن النفسية. و لقد بدأت المشاكل قراب هذه النظام بظهور النقود الورقية و إتساع استعمالها و التحديد الإجباري أحيانا لأسعارها من قبل الدول، و إزدادت خطورة المشاكل التي واجهت النّظام النّقدي، خاصة فيالقرن 19، بفعل تقلب الأسعار النسبية للذهب والفضة .
ثانيا : قاعدة الذهب (1870-1914 تقريبا)
و يرجع الكتاب نشأة قاعدة الذهب إلى حوالي سنة 1874، حين أصبحت للولايات المتحدة و معظم دول أوربا تستر فعلا و قانونا على أساس نظام المعدن الواحد: الذهب إقتداءا بإنجلترا.
ويتميز نظام الذهب بالخصائص التالية:
1- لم تكن السلطات النّقدية تتدخل بشكل كبير في سوق الصرف. و كانت هناك قابلية تحويل العملات التي يشملها النظام النقدي الدولي و كانت هذه العملات مكفولة بأسعار محددة عن طريق حرية إستراد المعدن النفيس. و ضمان إستبدال الأوراق النّقدية بالذهب. أي أنّ قاعدة الذهب كانت تعمل بطريقة أوتوماتيكية.
2- يتحدد إصدار النّقد في كل دولة برصيد هذه الأخيرة من الذهب، وكانت القوانين السائدة أنذاك تفرض على البنوك الإصدار تحديد نسبة معينة بين الذهب و النّقد (عادة 1/3) . و ذلك لربط تغير التداول النّقدي بتقلبات ميزان المدفوعات.
3- سوق لندن المالي، فإنّ هو الذي يقوم بتأمين فعالية الجهاز النّقدي الدولي مستندا في ذلك على قوة بريطانيا الإقتصادية و إمبراطوريتها الواسطة، و تسلية إحتياجات الإقتصاد الدولي بالسيولة اللازمة بعض النظر لتقلبات إنتاج الذهب.
وتسمى عادة هذه الفترة نظام قاعدة الذهب الإسترليني و إذا كانت قاعدة الذهب في حاجة إلى سيولة فإنّ ذلك لا يرجع مزايا المعدن النفيس فقط بل كذلك إلى إتساع و نمو المعاملات الدولية الذي تجاوز نسبة زيادة الأرصدة من الذهب، و يعود هذا النّمو إلى جو النّقد الذي ساد المعاملات الدولية في تلك الفترة.
– وكان لإندلاع الحرب العالمية الأولى بداية نهاية العمل بقاعدة الذهب و ذلك للأسباب التالية:
أ- توقف تحويل العملات إلى الذهب بسبب فرض أسعار إجبارية للأوراق النّقدية في معظم الدول.
ب- إختفاء الذهب من التداول بسبب إستيلاء الدولة عليه أو الإكتناز.
ج- فرض الرقابة على الصرف في معظم البنوك .
د- إنتشار التضخم خلال و بعد الحرب العالمية الأولى.
ه- إنهيار الثقة في الجنيه الإسترليني
و- إنتقال مركز ثقل النشاطات المالية من لندن إلى نيويورك.
ثالثا : قاعدة الصرف بالذهب: أو نظام الذهب / العملات الأجنبية.
إذا كان لا يوجد هناك إتفاق عام حول بداية العمل بهذا النظام، حيث تشير بعض الدراسات إلى أنّ بعض الدول قد طبقته في القرن 19 (الهند مثلا)، إذا يمكن القول أنّ هذا النظام هو الذي سار العمل به منذ إنتهاء الحرب العالمية الأولى و يمكن تشخيص أهم أسسه في النقاط التالية:
1- الخلاف الرئيسي بين هذا النظام و بين قاعدة الذهب تكمن في كيفية تحويل العملات الوطنية إلى العملات الخارجية.
فالذهب في هذا النظام لم يعد هوالمستخدم في معاملات الأفراد بل إقتصر التعامل به على البنوك المركزية وحدها.
كما لم تعد هناك حرية سك الذهب و تداول العملات الذهبية . كماإختلفت السياسات بشأن الإستيراد والتصدير من المعدن النفيس و حيازته.
وعليه يركز الذهب لدى البنك المركزي (بنك الإصدار) ولايقوم هذا الأخير بالتحكم في أسعار الصرف عن طريق تصدير أو إستيراد الذهب بل عن طريق التدخل المباشر سوق الصرف بشراء العملات الأجنبية. و بيعها لهذا لابدّ عليه، في ظل قاعدة الصرف بالذهب، أن يكون له رصيد من العملات الأجنبية إلى جانب رصيده من الذهب.
ويتوقف نجاح قاعدة الصرف بالذهب على العملات التي تختارها الدول ضمن عناصر الإحتياطي الخارجي النّقدي : قبل الحربين و في الفترة التي سادت كان الجنيه الإسترليني العملة الإحتياطية الرئيسية، تم محله بعد الحرب العالمية الثانية الدولار.
2- الإستقلال النسبي للدول في ميدان الإصدار النقدي و ذلك في حدود رصيد البنك المركزي.
رابعا : نظم النقد الجديد.
تعود القوانين و القواعد المسيرة للنظام النّقدي حتى بداية السبعينات (1944-1971) إلى سنة 1944 وهي السنة التي شهدت إنعقاد و مؤتمر برتون وودزBRETTON-WOODS وهو المؤتمر الذي فيه إنشاء صندوق النّقد الدولي و إقرار نظامه الأساسي.
و كان الدافع لوضع هذا النظام الجديد هو تجنيبه تكرار الإضطرابات و الإختلالات النّقدية و المالية خاصة تلك التي حدثت خلال أزمة 1929/1933.
أهم المباديء التي تمخض عنها مؤتمر برتون وودز BRETTON-WOODS تتمثل في العناصر التالية:
1- إستقرار أسعار الصرف و تحديد أسعار تعادل العملات على أساس الذهب و الدولار الأمريكي (35$ للأوقية من الذهب ONCE.ONCE=38.35Grs )
2- الحد من المنافسة في تخفيض قيم العملات.
3- قابلية العملات للتحويل.
4- تشجيع المعاملات الجارية و المعاملات المتعددة الأطراف.
و لقد كان المفكر الإقتصادي الكبيرKEYAES وراء العديد من القواعد التي تم إعتمادها في مؤتمر برتون وودز مثل مطالبته بإنشاء مؤسسة دولية لتسوية المعاملات الدولية و إعتماد عملة دولية بجمع مابين مرونة عملة بنكية و فعالية أو مصداقية الذهب.
عملة إحتياطية
(دورالدولار في النظام الحالي)و كذلك الذهب وهو سلعة زاد عليها الطلب عنها من قبل
الأفراد خاصة الحرفيين
وهو أداة الإكتناز و المضاربة.
هذه هي الوظائف الأساسية للذهب وهي متداخلة و معقدة .
* و هناك صعوبة في التفرقة بين أو اكتناز المضاربة:
– فعادة يكتنز الأفراد الذهب، الجواهر، السبائك كوسيلة لحماية جزء من ثروتهم ضد المخاطر ( التضخم، الثروات إلخ….)
– وهناك من يشتري الذهب أصلا في إرتفاع سعره.
مع العلم أنّ إتفاقية برتون وودز على حصر وظيفة الذهب في إستخدام النقدي فقط.
و لقد استمر العمل بهذا النظام النّقدي حتى سنة 1971 وهي السنة التي أنهار فيها نظام برتون وودز عندما أعلن الرئيس الأمريكي آنذاك نيكسون، و بقرار انفرادي و دون الرجوع إلى صندوق النّقد الدولي، عن إيقاف قابلية تحويل الدولار إلى ذهب عن طريق ثبات سعر التحويل بعدما تبين بأنّ إستمرار ذلك السوق يؤدي إلى خروج من الإحتياطي الأمريكي من الذهب. وفي الحقيقة فإنّ هذا القرار جاء تتويجا لتدهور النظام النّقدي القائم آنذاك بفعل عوامل أخرى مثل بروز قوى إقتصادية جديدة: دول أوربا الغربية و اليابان التي أصبحت تنافس الإقتصاد الأمريكي.
مؤسسات النقد الدولية:
لرد وصف النظام النّقدي الدولي الراهن سيستلزم الحديث عن المؤسسات الرئيسية التي تعمل فيه و وظائف الأساسية:
أ- صندوق النقد الدولي: انشيء خلال مؤتمر برتون – وودز و تتمثل وظائفه في :
1- منح التسهيلات القصيرة الأجل لتثبيت أسعار الصرف.
و بتشكل رأس مال من حصص الأعضاء (2510مـ حصة ن عضو تقدم ذهب) و يحدد الحد الأقصى للتسهيلات بمجموع حصص الأعضاء .
2- تحديد تنظيم أسواق الصرف خاصة العملات الأساسية.
3- ضمان حرية تحويل العملات.
4- المحافظة على حرية المدفوعات الجارية.
ب- OCDE: منظمة التعاون الإقتصادي و التنمية:
– التنسيق بين السياسات الإقتصادية الوطنية
– التوفيق بين السياسات الإقتصادية الوطنية و الأهداف الدولية.
المؤسسات الدولية التي أنشئت بعد مؤتمر(49) bretton-woods .
أ- صندوق النّقد الدولي:
و تضمنت النّصوص التأسيسية لهذه المؤسسة على 31 بند تحدد أهدافها و قوانين عمل هذه المؤسسة الجديدة يمكن أن نذكر منها بعض البنوك الأساسية و التي منها :
1- إنّ صندوق النّقدي الدولي مؤسسة دائمة دورها العمل على تنظيم و توجيه النظام النّقدي الدولي.
2- وضع نظام جديد للصرف يعتمد على إستقرار هذا الأخير من خلال وضع قاعدة آتية للتبادل تتمثل في :
ذهب 35=l’once 38.25GRS
3- ضرورة إلتزام كل الأعضاء بالعمل على إزالة الحواجز أمام عملية تحويل العملة الوطنية إلى العملات الأجنبية إلاّ في حالات مهنية (بشأن مخيران المدفوعات)
4- تقديم المساعدات و التسهيلات المالية للدول الأعضاء الراغبين في ذلك.
ب- La BIRD: بنك دولي لإعادة البناء والتنيمية :
– أو ما اصطلح على تنمية البنك العالمي: تمويل المشاريع الإستثمارية و التنموية أما إعادة البناء عموما للدول التي تقوت كثيرا من الحرب العالمية الثانية من البلدان التي إستفادت : فرنسا، هولندا، الدنمارك، اليابان… إلخ.
– كذلك تقديم مساعدات تقنية للدول← تشجيع التجارة الدولية
OCI
مؤتمر هافانا (كوبا) 1947 ← وضع القوانين التأسيسية GATT
مقدمة : نقدم في هذا الجزء، المحور الأخير من محاور موضوع المؤسسات المالية و النقدية الدولية. و سنحاول التركيز من خلاله على ثلاثة عناصر أساسية:-
I- أسعار الصرف و العلاقات المالية الدولية.
II- سياسات المؤسسات المالية والنقدية
III- إنعكاسات هذه السياسات على البلدان الناحية.
I- أسعار الصرف والعلاقات المالية الدولية :
مما لاشك فيه أن لأسعار الصرف، في الأسواق المالية الدولية، تأثير مباشر على التدفق السلعي والنقدي على المستوى العالمي.
وسعر الصرف، هو السعر الذي يتم على أساسه بيع أو شراء عملة معينة أي هو قيمة هذه الأخيرة بالنسبة لعملة أو عدة عملات أجنبية.
و تتحكم في تحديد مستوى هذه الأسعار عدة عوامل منها ما هو داخلي، أي خاص بالدولة صاحية هذه العملة و منها ما هو خارجي و كذلك الوزن النسبي الذي تتمتع به الدولة في العلاقات الخارجية، بالإضافة بطبيعة الأمر إلى السياسات المالية و النقدية لمختلف البلدان المتعاملة فيما بينها.
بأسعار الصرف هي عبارة معدلات للتبادل الدولي، يتحدد على ضوئها مستوى التدفقات المادية ( السلعية) أو المالية و النقدية الدولية، فهي التي تحدد بارتفاعها أو انخفاضها عوائد التجارة الخارجية والعلاقات الإقتصادية الدولية بالنسبة لكل دولة أو بالنسبة للإقتصاد العالمي.
فمن مصلحة هذا الأخير وجود سيولة مالية و نقدية ، خاصة بالنسبة للعملات الدولية، كافية لتسوية مختلف المعاملات التجارية الدولية.
لهذا كله أولت الدول أهمية كبيرة لسياسات تحديد أسعار صرف العملات لتحقيق مجموعة من الأهداف منها:-
1- ضمان استقرار و استمرار التدفقات النقدية و المالية الدولية.
2- ضمان نمو الإقتصاد العالمي
3- تسهيل عملية انتقال مختلف أنواع السلع و البضائع و رؤوس الأموال بين البلدان المختلفة .
4- تجنب حالات التضخم و الإنكماش اللتان لهما عادة انعكاسات سلبية على الإقتصاد وا لعالمي.
لشك فيه أن وسيلة تحقيق ذلك هي المؤسسات المالية والنقدية الدولية كما مرّ معنا ذلك سابقا.
و بشكل أدق نقول أن العوامل المحددة لسعر الصرف يمكن تلخيصها في النقاط التالية:-
أ- كمية النقود:
حيث أن تغير كمية النقود ارتفاعا أو انخفاضا مع بقاء العوامل الأخرى ثابتة ( سرعة التداول، الناتج الحقيقي مثلا) ستؤثر لا محالة على مستوى الأسعار إما انخفاضا أو ارتفاعا مما يؤثر على الطلب على العملات الأجنبية و بالتالي على أسعار الصرف .
ب- حالة ميزان المدفوعات كما رأينا ذلك من قبل حيث أن حالة الفائض أو العجز تنعكس بشكل آلي على سعر صرف العملة الوطنية أو العملات الأجنبية .
ج- سعر الفائدة السائدة :
حيث أن انخفاضه يؤدي إلى هروب رؤوس الأموال بحثا عن أسعار أعلى و بالتالي يزيد الإقبال على العملات الأجنبية و العكس كذلك صحيح.
كما أنه توجد عوامل أخرى مكملة للعوامل السابقة تؤثر على أسعار الصرف. و نقصد بذلك السياسات المالية و النقدية للدول و ليست الخاصة بالمؤسسات المالية و النقدية الدولية.
II- سياسات المؤسسات المالية والنقدية:
أن الأهداف العامة للسياسات النقدية و المالية للمؤسسات الدولية تتمثل في البحث عن سبل و وسائل تحقيق الإستقرار للتجارة العالمية والإقتصاد الدولي . من خلال مجموعة من الإجراءات و الميكانيزمات التي تهدف هي الأخرى إلى ازالة الحواجز وتشجيع التبادل لمختلف أنواعه . إلا أن هذه السياسات و الأهداف تخضع في مجملها إلى السياسات والأهداف المسطرة من طرف المتحكمة في المؤسسات المالية والنقدية العالمية الأمر الذي أدى إلى ظهور تفاوت في توزيع الموارد العالمية و بالتالي حدوث تباينات كبيرة في مستويات التطور الإقتصادي و الرقي الإجتماعي تعاني منه بشكل خاص الدول النامية.
الخاتمة : بعد إطلاعنا على بعض الجوانب الأساسية لعمل و سياسات المؤسسات المالية و النقدية الدولية، يلاحظ أن ظهور هذه الأخيرة جاء في مرحلة معينة تميز بها النظام الاقتصادي العالمي و هي مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية ، بعد فترة الاضطرابات التي عرفتها التجارة العالمية قبل ذلك، و بالتالي فظهور هذه المؤسسات كان الهدف منه معالجة هذه الإضطرابات، و العمل على عدم تكرارها و تقديم يدالعون و المساعدة للدول لتكييف المبادلات في بينها و تسهيل عملية تنقل البضائع و السلع .
إلا أن هذه الأهداف لم يكن من السهل بلوغها بل كانت على حساب أهداف أخرى خاصة أهداف التنمية في البلدان النامية التي مازلت تعاني من التخلف الإقتصادي و التأزم الإجتماعي .
I- مقياس: المؤسسات المالية والنقدية الدولية
الفصل الثاني:
بعد أن تعرفنا في الجزء السابق عن بعض جوانب النظام النقدي الدولي و بعض أهدافه و مؤسساته، و لو بصورة مختصرة، سنحاول في هذا الجزء إلقاء الضوء على جانب مهم من جوانب عمل المؤسسات المالية و النقدية الدولية و الذي له محاور في تحليل و فهم ميكانيزمات عمل هذه المؤسسات و كذلك بعض المشاكل التي عادة ما تؤيد المؤسسات المالية والنقدية الدولية، إنه موضوع أسعار صرف العملات، لكن قبل ذلك دعونا نلقي نظرة على إحدى أدوات قياس العلاقات الاقتصادية الدولية بشكل عام و النقدية والمالية بشكل خاص ألا وهو ميزان المدفوعات الذي يعتبر المرآة العاكسة ليس فقط للوضع الاقتصادي للدولة بل كذلك للوزن النسبي لهذه الدولة في الموازين الدولية مقارنة مع الدول الأخرى.
II- ميزان المدفوعات La Balance des Payements:
تعريفه : عبارة عن بيان إحصائي يسجل كافة العمليات الإقتصادية التي تتم أو تمت خلال فترة زمنية معينة بين المقيمين في دولة ما و بقية العالم الخارجي أي أن ميزان المدفوعات يحاول أن يسجل دوريا كل العلاقات مهما كانت طبيعتها: بيع و شراء سلع، تبادل تدفق رؤوس أموال، قروض، هبات إلخ…
– تركيب ميزان المدفوعات :
يقسم ميزان المدفوعات عادة إلى ثلاثة أقسام رئيسية هي:
1- الحساب الجاري.
2- حساب التحويلات من جانب واحد.
3- حساب رأس المال.
أ- الحساب الجاري: يخصص هذا الحساب في ميزان المدفوعات لتسجيل المعاملات التجارية من السلع و الخدمات خلال الفترة المحددة التي يشملها الميزان و البنود التي يتضمنها هذا الحساب هي:-
1- حساب المعاملات السلعية:-
و تشمل السلع المستوردة او المصدرة و التي تعبر الحدود الجمركية خلال فترة زمنية معينة و تسجل السلع المصدرة دائنة في الحساب الجاري لأنها تقتضي من الأجانب أداء مدفوعات للمقيمين في البلد المعني.
بينما تسجل السلع المستوردة مدينة في نفس الحساب لأنها تقتضي من المقيمين أداء مدفوعات للأجانب.
و يطلق على الفرق بين قيمة الصادرات و قيمة الواردات من السلع إصطلاح الميزان الميزان التجاري، و يكون هذا الأخير في حالة فائض عندما تكون قيمة الصادرات أكبر من قيمة الواردات .
و يكون موافق (حالة عجز) عندما تكون الحالة المعاكسة بمعنى قيمة الواردات أكبر من قيمة الصادرات و تسمى الصادرات و الواردات من هذا النوع بالصادرات أو الواردات المنظورة .
2- المعاملات غير المنظورة:
بالرغم من أن المعاملات السلعية تشكل جزءا معتبرا من الحساب الجاري إلا أن بقية الحساب لها أهمية لا يستهان بها وهي تشمل العمليات التي تعرف بإسم العمليات غير المنظورة والتي تتكون من البنود التالية:-
* النقل:
يشمل المدفوعات الدولية المتعلقة بمختلف خدمات النقل ( البري – البحري والجوي) وتشتمل: ثمن تذاكر السفر، أجور شحن البضائع، رسوم الموانيء، نفقات الصيانة والتصليح، تموين الطائرات والسفن بالوقود وغيره إلخ…
* التأمين:
يشمل المدفوعات الدولية المتعلقة بمختلف أنواع التأمين: على الحياة، نقل البضائع، ضد الحوادث إلخ…
* السفر:
مصروفات المسافرين و السياح في البلد المعني، و مصروفات المواطنين في الخارج من أجل الدراسة، العلاج، السياحة إلخ…
* دخل الإستثمار:
العائد من الإستثمارات الخارجية لمختلف أنواعها .
* النفقات الحكومية:
نفقات الحكومة في الخارج .
* خدمات أخرى :
مثل إيجار الأفلام، العمولات التجارية، مدفوعات البريد والمواصلات، مصاريف الإعلان عوائد حقوق التأليف والنشر.
ب- حساب التحولات من جانب واحد:
يخصص هذا الحساب لتسجيل التحويلات التي تتم من جانب واحد فقط أي العمليات التي يترتب عنها انتقال حقيقي للموارد المادية و المالية من و إلى الخارج، دون اقتضاء متقابل لذلك، و هذه التحويلات قد تكون حكومية أو خاصة:-
1- التحويلات الخاصة: الهبات، الإعانات، التبرعات النقدية أو العينية المقدمة أو المستلمة من طرف الأفراد و الهيئات الخاصة: جمعيات ثقافية، دينية، خيرية إلخ…
2- التحويلات الحكومية : تشمل المنح، التعويضات النقدية أو العينية المقدمة أو المستلمة من طرف الحكومات مثل مساعدات وقت الكوارث، تمويل شراء معدات حربية، تعويضات عن خسائر حرب إلخ…
ج- حساب رأس المال:
و يخصص تسجيل حركات رؤوس الأموال بين البلد المعني و بقية العالم و كذلك حركة الذهب النقدي، ويشمل عادة هذا الحساب البنود التالية:-
* حركات رؤوس الأموال طويلة الأجل : أي التي تزيد عن سنة واحدة والموجهة عادة للإستثمار .
* حركة رؤوس الأموال قصيرة الأجل: توجه عادة للاستثمار قصير الأجل الذي لا يزيد عن سنة واحدة.
* حركة الذهب النقدي: و هي التغيرات التي تطرأ على أرصدة الذهب لدى السلطات النقدية .
د- بند السّهو و الخطأ:
و هو عبارة عن ” قيد متبق يمثل الفرق بين المجاميع المقدرة على حدة لكل من البنود المدنية و البنود الدائنة ” يتم إدخاله لتحقيق التوازن الحسابي لميزان المدفوعات .
II-* بعض الإستعمالات لميزان المدفوعات *
إن لميزان المدفوعات استعمالات تحليلية متعددة الغرض منها تزويد الهيئات المختصة بجميع المعطيات المتعلقة بمكانة الدولة الخارجية، حتى يتسنى لها وضع السياسات الاقتصادية و التجارية الخارجية. ومن بين استعمالات ميزان المدفوعات:-
أ- ميزان المدفوعات و البيئة الهيكلية للإقتصاد الوطني :
حيث يتم التعرف على البيئة الهيكلية لاقتصاد ما اعتمادا على ميزان المدفوعات، أي التدفقات السلعية والخدمية في الشكل صادرات و واردات، حيث تكشف هذه التدفقات عن طبيعة السلع والخدمات التي حققت فيها الدولة فائض (صادرات ) أو عجز(واردات) فمثلا عند أخد حالة دولة نامية، نجد أن التدفقات السلعية و الخدمية في ميزان مدفوعات تتغير بتغير طبيعة المرحلة التي تقطعها:-
* المرحلة الأولى : بداية التنمية نجد أن :
السلع الإستهلاكية تشكل مابين 70% 80
الواردات من
السلع الوسيطية والتجهيزية من20%-30%
* المرحلة الثانية : هي المرحلة الموالية للأولى يتكون هذه الدولة قد قطعت أشواطا في تنميتها الاقتصادية و سيكون هيكل مبادلاتها الخارجية على النحو التالي:
السلع الإستهلاكية
الواردات السلع الوسيطة 60-%70 من إجمالي الواردات
السلع التجهيزية
مواد أولية
الصادرات
مواد مصنعة في تزايد مستمر
والنمو أو التحويل الهيكلي الملاحظ قد يكون ناتج عن اعتماد نموذج إحلال الواردات {إحلال السلع الاستهلاكية الوطنية محل السلع الإستهلاكية المستوردة سابقا}
* في مرحلة أكثر تصنيعا: فإن من بين مكونات الواردات هناك نسبة معتبرة من المواد الأولية و الآلات { المدخلات } اللازمة لبعض الأنشطة الإنتاجية التي لايمكن تعويضها محليا إماّ:
1- لكون هذه المواد نادرة نسبيا و لا يمكن انتاجها محليا ( حالة البترول بالنسبة للكثير من البلدان )
2- الكلفة المرتفعة لإنتاج مثل هذه الواردات محليا
3- ضيق الأسواق المحلية.
III- الفائض و العجز في ميزان المدفوعات .
الفائض : الإيرادات > المدفوعات ← يشجع الدولة على الاستثمار في الخارج.
العجز: الإيرادات < المدفوعات ← القروض الخارجية.
كما قد يكون العجز المستثمر ناتج عن مجهود تنموي كبير
IV- توازن ميزان المدفوعات :
هناك نوعان من توازن ميزان المدفوعات :
– توازن حسابي : و هو يساوي جانبي الميزان: أي حساب المعاملات الجارية و المعاملات الرأسمالية.
و يسوى العجز في المعاملات الجارية باقتراض أو بالدفع و تصدير الذهب . أما الفائض في نفس الميزان فيسوى باقتراض الدول الشيء تعاني معها من عجز.
– التوازن الاقتصادي : وهو التوازن الذي يؤخذ بعين الاعتبار عند دراسة الوضع الاقتصادي للدولة و ليس التوازن المحاسبي.
و ذلك بالرجوع إلى المعاملات الجارية و التحولات الرأسمالية المستقلة . و للتمييز بينهما وبين التحولات الرأسمالية المستقلة نقول أن المستقلة هي التي تتم للاستفادة من الفرق بين معاملات الربح في البلاد المختلفة .
وعلية يكون ميزان المدفوعات في حالة توازن عند تساوي متحصلات المعاملات الجارية والتحولات الرأسمالية الجارية أي تساوي المدفوعات المتعلقة بها.
ويكون هناك فائض عند زيادة الأولى عن الثانية و في الحالة المعاكسة هناك عجز. و تؤخذ هنا بعين الاعتبار التحولات الرأسمالية المستقلة إذا كانت دائمة و مستمرة أما إذا كانت مؤقتة فتؤخذ فقد التحولات أو تحولات المعاملات الجارية.
V- شروط توازن ميزان المدفوعات اقتصاديا
1- أن لا يكون ناتج عن رقابة مباشرة للتجارة الخارجية .
2- أن لا يكون ناتج عن سياسة انكماشية : انتشار البطالة، تخفيض الدخول إلخ…
3- أن لا يكون ناتج عن تخفيض مستمر في العملة الوطنية .
VI- أنواع الاختلال
يسجل الباحثون عدة أنواع من الاختلال الذي يمكن أن يتعوض له ميزان المدفوعات، و ذلك من حيث الأسباب الكامنة وراء كل حالة اختلال . و أهم هذه الأنواع:-
أ- الاختلال الوقتي ( مؤقت) و يمكن أن يكون إما :-
* موسمي: في بلاد زراعية تعتمد على محصول واحد يشكل الجزء الأكبر من صادراتها حيث تفوق عائدات هذا الأخير قيمة الواردات خلال فترة معينة و تعاني من عجز في بقية الفترة.
إلا أن هذا الاختلال لا يعتبر كذلك بالنسبة لميزان المدفوعات، لأن الحكم على هذا الأخير يشمل كامل الفترة الزمنية التي يغطيها الميزان.
*- اختلال طبيعي ( عارض) : وهو الناتج عن كوارث طبيعية أو غيرها : تدهورا لإنتاج الزراعي – حرائق، حروب الخ …) وهو اختلال مؤقت يزول بزوال أسبابه .
ب- الاختلال الدوري: اختلال يصاحب عادة التقلبات الدورية التي تعرفها الأسواق الدولية : فترات انكماش، انخفاض في الإنتاج و الدخول والأسعار وانتشار البطالة و تراجع الواردات، مما يؤدي إلى حدوث فائض.
أو فترات التضخم التي تؤدي إلى توسع الإنتاج و ارتفاع الأثمان و الدخول مما يؤدي إلى تراجع قدرة البلد على التصدير و تزيد وارداتها مما ينتج عنه عجز في ميزان المدفوعات.
ج- اختلال مزمن :
و سيكون في معظم البلدان بغض النظر عن مستوى تطورها الاقتصادي و هو ناجم عن عدم توازن الاستثمار مع الادخار مما يؤدي إلى التضخم و زيادة الواردات و يختلف التضخم الناتج عن التنمية عن ذلك الناتج عن الدورة الاقتصادية، حيث في هذه الأخيرة يكون ناتج عن التفاعل بين القوى التي تولّد الدورة الاقتصادية . ويعالج عادة هذا الاختلال باللجوء إلى القروض الطويلة الأجل.
د- الاختلال الناجم عن الأسعار:
أي الناتج عن طبيعة العلاقة السائدة بين الأسعار الداخلية و الأسعار الخارجية و كذلك قيمة عملة الدولة بالنسبة للعملات الأخرى ( سوق الصرف).
وقد يأخذ هذا النوع من الاختلال أحد الأشكال التالية:-
1- ارتفاع أو انخفاض مستوى الأسعار المحلية عن نظيرتها في الخارج، دون أن يكون هناك تغيير في سعر الصرف يتماشى مع هذا التغيير مما يؤدي أو ما أدى لاختلال سلبي (عجز) أو إيجابي (فائض).
2- زيادة قيمة العملة الوطنية في سعر الصرف دون ارتباط ذلك بالأسعار الداخلية أو دون تغير هذه الأخيرة لما يتلاءم مع هذه الزيادة .
إذا ارتفاع العملة+ ارتفاع الأسعار← تقليل الطلب الداخلية.
الخارجي على السلع مما يؤدي إلى عجز في ميزان المدفوعات.
3- تخفيض العملات الأجنبية مع بقاء العملة الوطنية ثابتة . مما يؤدي إلى أن تصبح الأسعار الداخلية أكبر من الأسعار الخارجية مما يؤدي إلى تراجع الطلب الخارجي .
4- انخفاض الأسعار الخارجية مع ثبات الأسعار الداخلية مما يتسبب في تراجع القدرة التنافسية للصادرات مما يؤدي إلى حدوث عجز.
ه- الاختلال الهيكلي : وهو الذي يتعلق بالبنية التركيبية للعلاقات الاقتصادية الدولية من حيث الإنتاج ، مستوى التكاليف و النفقات و التقدم الفني، مستوى المعيشة، مركز الدولة الخارجي دائنة أم مدينة الخ….
فأي اختلال سيكون ناتج عن تغير أحد هذه العوامل يسمى بالاختلال الهيكلي و قد سيكون هذا الأخير سلبيا أو ايجابيا.
VII-الأسس النظرية لتوازن ميزان المدفوعات
إن الأسس النظرية لمختلف المقاربات التي تعرضت لمقولة توازن ميزان المدفوعات، تعود إلى فترة القرون الوسطى مخاصة القرنين السادس عشر والسابع عشر، اللذان شهدا ظهور و تطور الفكر التجاري.
فالمدرسة التجارية كانت تؤكد على ضرورة تحقيق ميزان تجاري فائض ، الذي يعتبر الشرط الضروري لزيادة الثروة الوطنية من خلال زيادة كمية الأحجار الكريمة في البلد كنتيجة للفائض في ميزان مدفوعات ها.
وعليه فإنه لتحقيق هذا الشرط الأخير يتوجب على كل دولة أن تشتري بأسعار منخفضة و تبيع بأسعار مرتفعة ، وهم يعتقدون كذلك بأن زيادة كمية الأحجار الكريمة سوف تؤدي إلى زيادة مستوى الأسعار الداخلية لتحسين سعر صرف العملة الوطنية و بالتالي المحافظة على وضع الفائض لميزان المدفوعات.
–***–
دروس في :
المؤسســـات الماليـــة
و النقدية الدولية
الأستاذ : شمــــام عبــد الوهــــاب.
©جميع الحقوق محفوظة
مقدمـــة عامــــــة :
إنّ المحاضرتين التاليتين عبارة عن مدخل عام لمقياس المؤسسات المالية
و النقديّة الدولية ، بحيث أنّ المقياس يتكون من المحاور التالية :
I ـ مقدمة عامة : تعريف لبعض المؤسسات و الأنظمة النّقدية و تطورها التاريخي .
II ـ المؤسسات المالية و النّقدية الدولية و الجهوية .
III ـ أسس عمل وادارة هذه المؤسسات .
IV ـ سياسات المؤسسات المالية و النّقدية الدولية .
V ـ تأثير هذه المؤسسات على العلاقات المالية و النّقدية الدولية .
VI ـ إنعكاسات ذلك على البلدان النّامية .
العلاقات المالية الدولية
I ـ نظام النّقد الدولي :
و يتألف من مجموعة من الأجهزة المصرفية و النّقدية في مختلف البلدان ، من المؤسسات المالية و النّقدية ذات الطابع الدولي و الجهوي .
هذه الأجهزة هي المسؤولة عن وضع السياسات و ميكانزمات العمل التي تحدر طبيعة و أهداف العلاقات المالية و النّقدية الدولية و ذلك من خلال المعاهدات و الإتفاقيات الحكومية و الخاصة بين مختلف البلدان.
و تنبغي الإشارة هنا إلى أنّ العلاقات المالية و النّقدية الدولية تتأثر و تؤثر في العلاقات الإقتصادية
و السياسية الدولية التي تربط بين الدولة المنخرطة في هذا النظام. و بما أنّ الحكومات هي المسؤولة عن تحديد الإطار التنظيمي للنظام النّقدي الدولي ، و تحديد السياسات المالية و النّقدية الخاصة بها ، فإنّ العلاقات المالية الدولية ، و بالتالي النظام المالي الدولي ، كانت تتسم بالبساطة خاصة في فترة النظام المعدني أي إعتماد الذهب و الفضة ” كعملة مشتركة ” ، إلاّ أإنّ الأمور زادت تعقيدا مع تطور النّقود الورقية و الأنظمة المصرفية و تقاظم دور الأجهزة المصرفية في الحياة الإقتصادية الدولية ، حيث أنّ خضوع النّقود للسياسات النّقدية التي تحدوها كل دولة وفق مصالحها الذاتية ، خلف مشاكل كبيرة أمام تطور النظام النّقدي الدولي ، بفعل تقارب المصالح الوطنية ، و تعوضه لأزمات كبيرة .
I ـ الخصائص العامة للنظام النّقدي الدولي :
إنّ إستخدام النّقود سواء على المستوى الوطني أو على المستوى الدولي ليس هذفا في حدّ ذاته بل الغاية من ذلك هو تسهيل و توسيع عمليات التبادل السلعي و الخدمات و التسويات المالية المختلفة ، إلاّ أنّ ما تتميز به النّقود في هذا المجال هو تأثيره القوي على الكثير من المتغيرات الإقتصادية
و الإجتماعية و لعلّ أهم هذه المتغيرات هي الطلب ، الإدخار و الإستثمار.
الدور الأساسي للنظام النّقدي الدولي هو العمل على توفير الشروط التنظيمية و الإقتصادية لتحقيق توزيع أمثل للحوار بين الدول عن طريق التجارة الدولية والإستثمار الدولي و إذا كان هذا النظام ليس هو العامل الوحيد المحدد لذلك ، فإنّ إختلاله من فترة إلى أخرى 1له عادة إنعكاسات كبيرة على الأوضاع الإقتصادية العالمية و النظرية .
و عليه فإنّه له مصلحة هذه الدول الإتفاق على حدّ أدنى من المبادئ و القواعد المشتركة لعمل هذا النظام الذي يعطي أهمية بالغة للأسعار في توزيع الموارد و إنتاجها بحكم عمله في ظل إقتصاديات السوق .
أهداف النظام النّقدي الدولي :
إنّ للنظام النّقدي الدولي مجموعة هي الأهداف منها ما هو طويل الأجل منها ماهو متوسط المدى
فالأهداف الطويلة الاجل تنحصر عادة في :
1 ـ تنمية التبادل الدولي من السلع و الخدمات و رؤوس الأموال و العمل على توفير الشروط اللازمة لتحقيق توزيع عقلاني يساعد على تحسين إنتاجية عوامل الإنتاج على المستوى الدولي.
2ـ العمل على تحقي إستقرار الأسعار على المستوى الدولي و إجتناب حدوث تضخم أو إنكماش لفترات طويلة لما لذلك هي إنعكاسات سلبية .
3ـ العمل على التنسيق بين الضغوط الداخلية و الضغوط الخارجية و التحكم في تفاوت توزيع الموارد.
و إذا كان من الصعب تحميل النظام النّقدي الدولي لوحده مسؤولية الإضطرابات المالية و النّقدية نظرا لدور السياسات الوطنية ، إلاّ أنّه يمكن القول أنّ هي صفات النظام النّقدي الناجح هو النجاح في توجيه السياسات الوطنية بكيفية تسمح بتحقيق مصالح الدول المختلفة .
أمّا الأهداف المتوسطة المدى فتتمثل عادة في :
1 ـ قابلية تحويل العملات ببعضها البعض و ذلك من أجل تحقيق توسع و تنويع التجارة الدولية بين مختلف البلدان . أي إمتناع الدول عن فرض قيود أو رقابة على عمليات تحويل العملات فيما بينها و هو شرط من الصعب تحقيقه و كانت العملة الوحيدة التي استوفت جميع شروط التحويل الكامل ، بعد الحرب العالمية الثانية هو الفرنك السويسري.
2ـ استقرار أسعار الصرف : و المقصود هنا بالإستقرار النسبي و ليس المطلق أي العمل على توفير مرونة كافية لأسعار الصرف تضمن إعادة التوازن إلى ميزان المدفوعات دون أن يؤدي ذلك إلى إضطرابات نقدية يكون لها إنعكاسات سلبية على المعاملات النّقدية و المالية الدولية . و لمّا كانت المضاربة هي أهم عوامل عدم إستقرار أسعار الصرف ، فإنّه من أهداف النظام النّقدي الدولي محاربة المضاربة و التخفيف من آثارها.
3ـ توفير العملات الدولية : أي ضرورة إحتفاظ كل دولة بعملة أو أكثر تكون مقبولة دولية لتغطية و تسوية معملاتها الخارجية .
تطور النظام النّقدي الدولي
لقد مرّ النظام النّقدي بمراحل مختلفة تميزت كل واحدة منها بوجود ” قاعدة أو عيار ” معينة اختلفت من مرحلة لأخرى : الفضة ، نظام المعدنين ، الذهب تمّ نظام الصرف بالذهب .
أولا : النظم المعدنية :
و ترتكز على مبدأ عام مشترك مهما كانت طبيعة المعدن المستخدم : فضة ، ذهب أو المعدنين معا ، و يتمثل هذا المبدأ في أنّ العملات الوطنية المتداولة كانت كاها معدنية . بينما كان نصيب النّقود الورقية المصرفية ( شيكات أو التحويلات ) في التداول ضئيل بفعل حداثتها.
لم يكن هناك فرق بين العملة الدولية و العملات الوطنية خاصة في تلك الدول التي كانت النّقود المعدنية تتداول فيما بينها دون قيد.
و بشكل عام كان يعتمد العرض من النّقود ، في أية دولة ، إعتمادا مباشرا على إنتاج المعادن النفيسة
و توزيعه بعكس حالة ميزان المدفوعات و الناتج الوطني من المعادن النفيسة . و لقد بدأت المشاكل قراب هذا النظام بظهور النّقود الورقية و إتساع إستعمالها و التحديد الإجباري أحيانا لأسعارها من قبل الدول ، و إزدادت خطورة المشاكل التي واجهت النّظام النّقدي ، خاصة في القرن 19 ، بفعل تقلب الأسعار النسبية للذهب و الفضة .
ثانيا : قاعدة الذهب ( 1870-1914 تقريبا )
و يرجع الكتاب نشأة قاعدة الذهب إلى حوالي سنة 1874 . حين أصبحت للولايات المتحدة
و معظم دول أوربا تسيّر فعلا و قانونا على أساس نظام المعدن الواحد : الذهب إقتداء بإنجلترا.
و يتميز نظام الذهب بالخصائص التالية :
1 ـ لم تكن السلطات النّقدية تتدخل بشكل كبير في سوق الصرف . و كانت هناك قابلية تحويل العملات التي يشملها النّظام النّقدي الدولي و كانت هذه العملات مكفولة بأسعار محددة عن طريق حرية إستراد المعدن النفيس . و ضمان إستبدال الأوراق النّقدية بالذهب . أي أنّ قاعدة الذهب كانت تعمل بطريقة أوتوماتيكية.
2 ـ يتحدد إصدار النّقد في كل دولة برصيد هذه الأخيرة من الذهب . و كانت القوانين السائدة آنذاك تفرض على بنوك الإصدار تحديد نسبة معينة بين الذهب و النّقد ( عادة 1/3 ) . و ذلك لربط تغير التداول النّقدي بتقلبات ميزان المدفوعات .
3 ـ سوق لندن المالي ، فإنّ هو الذي يقوم بتأمين فعالية الجهاز النّقدي الدولي مستندا في ذلك على قوة بريطانيا الإقتصادية و إمبراطوريتها الواسطة ، و تسليته إحتياجات الإقتصادالدولي بالسيولة اللازمة بغض النظر لتقلبات إنتاج الذهب.
و تسمى عادةهذه الفترة بفترة نظام قاعدة الذهب الإسترليني و إذا كانت قاعدة الذهب في حاجة إلى سيولة فإنّ ذلك لا يرجع مزايا المعدن النفيس فقط بل كذلك إلى إتساع و نمو المعاملات الدولية الذي تجاوز نسبة زيادة الأرصدة من الذهب ، و يعود هذا النّمو إلى جو النّقد الذي ساد المعاملات الدولية في تلك الفترة .
– و كان لإندلاع الحرب العالمية الأولى بداية نهاية العمل بقاعدة الذهب و ذلك للأسباب التالية :
أ ـ توقف تحويل العملات إلى الذهب بسبب فرص أسعار إجباربة للأوراق النّقدية في معظم الدول .
ب ـ إختفاء الذهب من التداول بسبب إستيلاء الدولة عليه أو الإكتناز.
جـ ـ فرض الرقاية على الصرف في معظم البنوك .
د ـ إنتشار التضخم خلال و بعد الحرب العالمية الأولى .
ه ـ إنهيار الثقة في الجنيه الإسترليني.
و ـ إنتقال مركز ثقل النشاطات المالية من لندن إلى نيويورك .
ثالثا : قاعدة الصرف بالذهب : أو نظام الذهب / العملات الأجنبية .
إذا كان لا يوجد هناك إتفاق عام حول بداية العمل بهذا النظام ، حيث تشير بعض الدراسات إلى أنّ بعض الدول قد طبقته في القرن 19 ( الهند مثلا ) ، إلّا أنّه يمكن القول أنّ هذا النظام هو الذي سار العمل به منذ إنتهاء الحرب العالمية الأولى ويمكن تشخيص أهم أسسه في النّقاط التالية :
1 ـ الخلاف الرئيسي بين هذا النظام و بين قاعدة الذهب تكمن في كيفية تحويل العملات الوطنية إلى العملات الخارجية .
فالذهب في هذا النظام لم يعد هو المستخدم في معاملات الأفراد بل إقتصر التعامل به على البنوك المركزية و حدها.
كما لم تعد هناك حرية سك الذهب و تداول العملات الذهبية . كما إختلفت السياسات بشأن الإستيراد
و التصدير من المعدن النفيس و حيازته.
و عليه يركز الذهب لدى البنك المركزي ( بنك الإصدار ) و لا يقوم هذا الأخير بالتحكم في أسعار الصرف عن طريق تصدير أو إستيراد الذهب بل عن طريق التدخل المباشر سوق الصرف بشراء العملات الأجنبية ) . و بيعها لهذا لابّد عليه ، في ظل قاعدة الصرف بالذهب ، أن يكون له رصيد من العملات الاجنبية إلى جانب رصيده من الذهب.
و يتوقف نجاح قاعدة الصرف بالذهب على العملات التي تختارها الدول ضمن عناصر الإحتياطي الخارجي النّقدي : قبل الحربين و في الفترة التي سادت بينهما كان الجنيه الإسترليني العملة الإحتياطية الرئيسية ، تم حل محله بعد الحرب العالمية الثانية الدولار.
2 ـ الإستقلال النسبي للدول في ميدان الإصدار النّقدي و ذلك في حدود رصيد البنك المركزي.
رابعا : نظم النّقد الجديد .
تعود القوانين و القواعد المسيرة للنظام النّقدي حتى بداية السبيعينات (1944- 1971) إلى
سنة 1944 و هي السنة التي شهدت إنعقاد و مؤتمر برتون وودز BRETTON-WOODS
و هو المؤتمر الذي فيه إنشاء صندوق النّقد الدولي و إقرار نظامه الأساسي.
و كان الدافع لوضع هذا النظام الجديد هو تجنيبه تكرار الإضطرابات و الإختلالات النّقدية و المالية خاصة تلك التي حدثت خلال أزمة 1929/1933.
أهم المبادئ التي تمخض عنها مؤتمر برتون وودز Bretton -woods
تتمثل في العناصر التالية :
1 ـ إستقرار أسعار الصرف و تحديد أسعار تعادل العملات على أساس الذهب و الدولار الأمريكي
($ 35 للأوقية من الذهب ONCE . ONCE= 38.35Grs).
3 ـ الحد من المنافسة في تخفيض قيم العملات .
4 ـ قابلية العملات للتحويل.
5 ـ تشجيع المعاملات الجارية و المعاملات المتعددة الأطراف.
و لقد كان المفكر الإقتصادي الكبير KEYAES وراء العديد من القواعد التي تم إعتمادها في مؤتمر برتون وودز مثل مطالبته بإنشاء مؤسسة دولية لتسوية المعاملات الدولية و إعتماد عملة دولية بجمع ما بين مرونة عملة بنكية و فعالية أو مصداقية الذهب .
عملة إحتياطية
(دور الدولار في النظام الحالي ) وكذلك الذهب و هو سلعة زاد عليها الطلب عنها من قبل الافراد خاصة الحرفيين
هذه هي الوظائف الأساسية للذهب و هي متداخلة و معقدة.
* و هناك صعوبة في التفرقة بين أو إكتناز المضاربة: و هو أداة الإكتناز و المضاربة .
– فعادة يكتنز الافراد الذهب ، الجواهر ، السبائك كوسيلة لحماية جزء من ثروتهم ضد المخاطر
( التضخم، الثورات إلخ …..).
– و هناك من يشتري الذهب أصلا في إرتفاع سعره.
مع العلم أنّ إتفاقية برتون وودز تقوم على حصر وظيفة الذهب في إستخدام النقدي فقط.
و لقد استمر العمل بهذا النظام النّقدي حتى سنة 1971 و هي السنة التي أنهار فيها نظام برتون وودز عندما أعلن الرئيس الأمريكي آنذاك نيكسون ، و بقرار انفرادي و دون الرجوع إلى صندوق النّقد الدولي ، عن أيقاف قابلية تحويل الدولار إلى ذهب عن طريق ثبات سعر التحويل بعدما تبين بأنّ إستمرار ذلك السوق يؤدي إلى خروج من الإحتياطي الأمريكي من الذهب . و في الحقيقة فإنّ هذا القرار جاء تتويجا لتدهور النظام النّقدي القائم آنذاك بفعل عوامل أخرى مثل بروز قوى إقتصادية جديدة: دول أوربا الغربية و اليابان التي أصبحت تنافس الإقتصاد الأمريكي .
مؤسسات النّقد الدولية :
لرد وصف النظام النّقدي الدولي الراهن سيستلزم الحديث عن المؤسسات الرئيسية التي تعمل فيه و وظائفها الأساسية :
أ ـ صندوق النّقد الدولي : انشئ خلال مؤتمر برتون ـ وودز و تتمثل وظائفه في :
1 ـ منح التسهيلات القصيرة الاجل لتثبيت أسعار الصرف.
و بتشكل رأس مال من حصص الأعضاء ( 2510 مـ حصة ن عضو تقدم ذهب ) و يحدد الحد الأقصى للتسهيلات بمجموع حصص الأعضاء.
2 ـ تحديد ة تنظيم أسواق الصرف خاصة العملات الأساسية
3 ـ ضمان حرية تحويل العملات.
4 ـ المحافظة على حرية المدفوعات الجارية .
ب ـ O C D E : منظمة التعاون الإقتصادي و التنمية :
ـ التنسيق بين السياسات الإقتصادية الوطنية
ـ التوفيق بين السياسات الإقتصادية الوطنية و الأهداف الدولية .
المؤسسات الدولية التي انشئت بعد مؤتمر (49) Bretton woods.
أ ـ صندوق النّقد الدولي :
و تضمنت النّصوص التأسيسة لهذه المؤسسة على 31 بند تحدد أهدافها و قوانين عمل هذه المؤسسة الجديدة يمكن أن نذكر منها بعض البنوك الأساسية و التي منها :
1 ـ إنّ صندوق النّقدي الدولي مؤسسة دائمة دورها العمل على تنظيم و توجيه النظام النّقدي الدولي .
2 ـ وضع نظام جديد للصرف يعتمد على إستقرار هذا الأخير من خلال وضع قاعدة آتية للتبادل تتمثل في :
ذهب 35$ = l’once 38.25 GRS.
3 ـ ضرورة إلتزام كل الأعضاء بالعمل على إزالة الحواجز أمام عملية تحويل العملة الوطنية إلى العملات الأجنبية إلاّ في حالات مهنية ( بشأن مخيزان المدفوعات ).
4 ـ تقديم المساعدات و التسهيلات المالية للدول الأعضاء الراغبين في ذلك.
ب ـ LA BIRD : بنك دولي لإعادة البناء و التنمية B in le de reconstruction et du der
ـ أو ما أصطلح على تنمية البنك العالمي : تمويل المشاريع الإستثمارية و التنموية أمّا إعادة البناء عموما للدول التي تقوت كثيرا من الحرب العالمية الثانية من البلدان التي إستفادت : فرنسا ،هولندا الدنمارك ، اليابان …. إلخ.
– كذلك تقديم مساعدات تقنية للدول تشجيع التجارة الدولية
O C I
مؤتمر هافانا ( كوبا ) 1947 وضع القوانين التأسيسية GATT
الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية
وزارة التعليم العالي و البحث العلمي
–***–
جامعــــــة التكويـــــن المتواصــــل
–***–
فرع: قانون العلاقات الاقتصادية الدولية
السنة الأولى: الإرسال الثاني
العلاقات المالية الدولية
I- نظام النقد الدولي: و يتألف من مجموعة من الأجهزة المصرفية و النقدية في مختلف البلدان ، من المؤسسات المالية والنقدية ذات الطابع الدولي و الجهوي.
هذه الأجهزة هي المسؤولة عن وضع السياسات و ميكانيزمات العمل التي تحدر طبيعية وأهذاف العلاقات المالية و النقدية الدولية و ذلك من خلال المعاهدات والإتفاقيات الحكومية و الخاصة بين مختلف البلدان.
و تنبغي الإشارة هنا إلى أن العلاقات المالية والنقدية الدولية تتأثر و توثر في العلاقات الإقتصادية والسياسة الدولية التي تربط بين الدولة المنخرطة في هذا النظام. و بما أن الحكومات هي المسؤولة عن تحديد الإطار التنظيمي للنظام النقدي الدولي، و تحديد السياسات المالية والنقدية الخاصة بها، فإن العلاقات المالية الدولية، وبالتالي النظام المالي الدولي، كانت تتسم بالبساطة خاصة في فترة النظام المعدني أي إعتماد الذهب و الفضة “كعملة مشتركة” ، إلا أنّ الأمور زادت تعقيدا مع تطور النقود الورقية والأنظمة المصرفية و تقاظم دور الأجهزة المصرفية في الحياة الإقتصادية الدولية، حيث أنّ خضوع النقود للسياسات النقدية التي تحدوها كل دولة وفق مصالحها الذاتية، خلف مشاكل كبيرة أمام تطور النظام النقدي الدولي، بفعل تقارب المصالح الوطنية ، و تعوضه لأزمات كبيرة.
II- الخصائص العامة للنظام النقدي الدولي:
إن استخدام النقود سواء على المستوى الوطني أو على المستوى الدولي ليس هدفا في حدّ ذاته بل الغاية من ذلك هو تسهيل و توسيع عمليات التبادل السلعي والخدمات والتسويات المالية المختلفة، و الإجتماعية و لعلّ هذه أهم هذه المتغيرات هي الطلب، الإدخار و الإستثمار.
الدور الأساسي للنظام النقدي الدولي هو العمل على توفير الشروط التنظيمية والإقتصادية لتحقيق توزيع أمثل للحوار بين الدول عن طريق التجارة الدولية والإستثمار الدولي وإذا كان هذا النظام ليس هوا لعامل الوحيد المحدد لذلك، فإنّ إختلاله من فترة إلى أخرى1 له عادة إنعكاسات كبيرة على الأوضاع الإقتصادية العالمية و النظرية.
وعليه فإنّه له مصلحة هذه الدول الإتفاق على حدّ أدنى من الباديء و القواعد المشتركة لعمل هذا النظام الذي يعطي أهمية بالغة للأسعار في توزيع الموارد و إنتاجها بحكم عمله في ظل إقتصاديات السوق.
أهداف النظام النقدي الدولي:
إن للنظام النّقدي الدولي مجموعة هي الأهداف منها ما هو طويل الأجل منها ماهو متوسط المدى .
فالأهداف الطويلة الأجل تتحصر عادة في :
1- تنمية التبادل الدولي من السلع و الخدمات و رؤوس الأموال والعمل على توفير الشروط اللازمة لتحقيق توزيع عقلاني يساعد على تحسين إنتاجية عوامل الإنتاج على المستوى الدولي.
2- العمل على تحقي إستقرار الأسعارعلى المستوى الدولي و إجتناب حدوث تضخم أو إنكماش لفترات طويلة لما لذلك هي إنعكاسات سلبية
3- العمل على التنسيق بين الضغوط الداخلية والضغوط الخارجية والتحكم في تفاوت توزيع الموارد.
و إذا كان من الصعب تحميل النظام النّقدي الدولي لوحدة مسؤولية الإضطربات المالية و النّقدية نظرا لدور السياسات الوطنية، إلاّ ألّه يمكن القول أنّ هي صفات النظام النّقدي الناجح في توجيه السياسات الوطنية تسمح بتحقيق مصالح الدول المختلفة.
أما الأهداف المتوسطة المدى فتتمثل عادة في:
1- قابلية تحويل العملات ببعضها البعض و ذلك من أجل تحقيق توسع و تنويع التجارة الدولية بين مختلف البلدان ، أي إمتناع الدول عن فرض قيود أو رقابة على عمليات تحويل العملات فيما بينها و هو شرط من الصعب تحقيقه و كانت العملة الوحيدة التي استوفت جميع شروط التحويل الكامل، بعد الحرب العالمية الثانية هو الفرنك السويسري.
2- إستقرار أسعار الصرف : و المقصود هنا بالإستقرار النسبي و ليس المطلق أي العمل على توفير مرونة كافية لأسعار الصرف تضمن إعادة التوازن إلى ميزان المدفوعات دون أن يؤدي ذلك إلى إضطرابات نقدية يكون لها إنعكاسات سلبية على المعاملات النقدية و المالية الدولية . و لما كانت المضاربة هي أهم عوامل عدم إستقرار أسعار الصرف، فإنّه من أهداف النظام النّقدي الدولي محاربة المضاربة والتخفيف من آثارها.
3- توفير العملات الدولية: أي ضرورة إحتفاظ كل دولة بعملة او أكثر تكون مقبولة دولية لتغطية و تسوية معملاتها الخارجية.
تطور النظام النّقدي الدولي
لقد مرّ النظام النّقدي بمراحل مختلفة تميزت كل واحدة منها بوجود ” قاعدة أو عيار” معينة اختلفت من مرحلة لأخرى : الفضة، نظام المعدنين، الذهب تمّ نظام الصرف بالذهب.
أولا: النظم المعدنية:
و ترتكز على مبدأ عام مشترك مهما كانت طبيعة المعدن المستخدم: فضة، ذهب أو المعدنين معا، و يتمثل هذا المبدأ في أنّ العملات الوطنية المتداولة كانت كاها معدنية ، بينما كان نصيب النّقود الورقية المصرفية ( شيكات أو التحويلات ) في التداول ضئيل بفعل حداثتها .
لم يكن هناك فرق بين العملة الدولية و العملات الوطنية خاصة في تلك الدول التي كانت النّقود المعدنية تتداول فيما بينها دون قيد
وبشكل عام كان يعتمد العرض من النّقود، في أية دولة، إعتمادا مباشرا على إنتاج المعادن النفسية و توزيعه بعكس حالة ميزان المدفوعات و الناتج الوطني من المعادن النفسية. و لقد بدأت المشاكل قراب هذه النظام بظهور النقود الورقية و إتساع استعمالها و التحديد الإجباري أحيانا لأسعارها من قبل الدول، و إزدادت خطورة المشاكل التي واجهت النّظام النّقدي، خاصة فيالقرن 19، بفعل تقلب الأسعار النسبية للذهب والفضة .
ثانيا : قاعدة الذهب (1870-1914 تقريبا)
و يرجع الكتاب نشأة قاعدة الذهب إلى حوالي سنة 1874، حين أصبحت للولايات المتحدة و معظم دول أوربا تستر فعلا و قانونا على أساس نظام المعدن الواحد: الذهب إقتداءا بإنجلترا.
ويتميز نظام الذهب بالخصائص التالية:
1- لم تكن السلطات النّقدية تتدخل بشكل كبير في سوق الصرف. و كانت هناك قابلية تحويل العملات التي يشملها النظام النقدي الدولي و كانت هذه العملات مكفولة بأسعار محددة عن طريق حرية إستراد المعدن النفيس. و ضمان إستبدال الأوراق النّقدية بالذهب. أي أنّ قاعدة الذهب كانت تعمل بطريقة أوتوماتيكية.
2- يتحدد إصدار النّقد في كل دولة برصيد هذه الأخيرة من الذهب، وكانت القوانين السائدة أنذاك تفرض على البنوك الإصدار تحديد نسبة معينة بين الذهب و النّقد (عادة 1/3) . و ذلك لربط تغير التداول النّقدي بتقلبات ميزان المدفوعات.
3- سوق لندن المالي، فإنّ هو الذي يقوم بتأمين فعالية الجهاز النّقدي الدولي مستندا في ذلك على قوة بريطانيا الإقتصادية و إمبراطوريتها الواسطة، و تسلية إحتياجات الإقتصاد الدولي بالسيولة اللازمة بعض النظر لتقلبات إنتاج الذهب.
وتسمى عادة هذه الفترة نظام قاعدة الذهب الإسترليني و إذا كانت قاعدة الذهب في حاجة إلى سيولة فإنّ ذلك لا يرجع مزايا المعدن النفيس فقط بل كذلك إلى إتساع و نمو المعاملات الدولية الذي تجاوز نسبة زيادة الأرصدة من الذهب، و يعود هذا النّمو إلى جو النّقد الذي ساد المعاملات الدولية في تلك الفترة.
– وكان لإندلاع الحرب العالمية الأولى بداية نهاية العمل بقاعدة الذهب و ذلك للأسباب التالية:
أ- توقف تحويل العملات إلى الذهب بسبب فرض أسعار إجبارية للأوراق النّقدية في معظم الدول.
ب- إختفاء الذهب من التداول بسبب إستيلاء الدولة عليه أو الإكتناز.
ج- فرض الرقابة على الصرف في معظم البنوك .
د- إنتشار التضخم خلال و بعد الحرب العالمية الأولى.
ه- إنهيار الثقة في الجنيه الإسترليني
و- إنتقال مركز ثقل النشاطات المالية من لندن إلى نيويورك.
ثالثا : قاعدة الصرف بالذهب: أو نظام الذهب / العملات الأجنبية.
إذا كان لا يوجد هناك إتفاق عام حول بداية العمل بهذا النظام، حيث تشير بعض الدراسات إلى أنّ بعض الدول قد طبقته في القرن 19 (الهند مثلا)، إذا يمكن القول أنّ هذا النظام هو الذي سار العمل به منذ إنتهاء الحرب العالمية الأولى و يمكن تشخيص أهم أسسه في النقاط التالية:
1- الخلاف الرئيسي بين هذا النظام و بين قاعدة الذهب تكمن في كيفية تحويل العملات الوطنية إلى العملات الخارجية.
فالذهب في هذا النظام لم يعد هوالمستخدم في معاملات الأفراد بل إقتصر التعامل به على البنوك المركزية وحدها.
كما لم تعد هناك حرية سك الذهب و تداول العملات الذهبية . كماإختلفت السياسات بشأن الإستيراد والتصدير من المعدن النفيس و حيازته.
وعليه يركز الذهب لدى البنك المركزي (بنك الإصدار) ولايقوم هذا الأخير بالتحكم في أسعار الصرف عن طريق تصدير أو إستيراد الذهب بل عن طريق التدخل المباشر سوق الصرف بشراء العملات الأجنبية. و بيعها لهذا لابدّ عليه، في ظل قاعدة الصرف بالذهب، أن يكون له رصيد من العملات الأجنبية إلى جانب رصيده من الذهب.
ويتوقف نجاح قاعدة الصرف بالذهب على العملات التي تختارها الدول ضمن عناصر الإحتياطي الخارجي النّقدي : قبل الحربين و في الفترة التي سادت كان الجنيه الإسترليني العملة الإحتياطية الرئيسية، تم محله بعد الحرب العالمية الثانية الدولار.
2- الإستقلال النسبي للدول في ميدان الإصدار النقدي و ذلك في حدود رصيد البنك المركزي.
رابعا : نظم النقد الجديد.
تعود القوانين و القواعد المسيرة للنظام النّقدي حتى بداية السبعينات (1944-1971) إلى سنة 1944 وهي السنة التي شهدت إنعقاد و مؤتمر برتون وودزBRETTON-WOODS وهو المؤتمر الذي فيه إنشاء صندوق النّقد الدولي و إقرار نظامه الأساسي.
و كان الدافع لوضع هذا النظام الجديد هو تجنيبه تكرار الإضطرابات و الإختلالات النّقدية و المالية خاصة تلك التي حدثت خلال أزمة 1929/1933.
أهم المباديء التي تمخض عنها مؤتمر برتون وودز BRETTON-WOODS تتمثل في العناصر التالية:
1- إستقرار أسعار الصرف و تحديد أسعار تعادل العملات على أساس الذهب و الدولار الأمريكي (35$ للأوقية من الذهب ONCE.ONCE=38.35Grs )
2- الحد من المنافسة في تخفيض قيم العملات.
3- قابلية العملات للتحويل.
4- تشجيع المعاملات الجارية و المعاملات المتعددة الأطراف.
و لقد كان المفكر الإقتصادي الكبيرKEYAES وراء العديد من القواعد التي تم إعتمادها في مؤتمر برتون وودز مثل مطالبته بإنشاء مؤسسة دولية لتسوية المعاملات الدولية و إعتماد عملة دولية بجمع مابين مرونة عملة بنكية و فعالية أو مصداقية الذهب.
عملة إحتياطية
(دورالدولار في النظام الحالي)و كذلك الذهب وهو سلعة زاد عليها الطلب عنها من قبل
الأفراد خاصة الحرفيين
وهو أداة الإكتناز و المضاربة.
هذه هي الوظائف الأساسية للذهب وهي متداخلة و معقدة .
* و هناك صعوبة في التفرقة بين أو اكتناز المضاربة:
– فعادة يكتنز الأفراد الذهب، الجواهر، السبائك كوسيلة لحماية جزء من ثروتهم ضد المخاطر ( التضخم، الثروات إلخ….)
– وهناك من يشتري الذهب أصلا في إرتفاع سعره.
مع العلم أنّ إتفاقية برتون وودز على حصر وظيفة الذهب في إستخدام النقدي فقط.
و لقد استمر العمل بهذا النظام النّقدي حتى سنة 1971 وهي السنة التي أنهار فيها نظام برتون وودز عندما أعلن الرئيس الأمريكي آنذاك نيكسون، و بقرار انفرادي و دون الرجوع إلى صندوق النّقد الدولي، عن إيقاف قابلية تحويل الدولار إلى ذهب عن طريق ثبات سعر التحويل بعدما تبين بأنّ إستمرار ذلك السوق يؤدي إلى خروج من الإحتياطي الأمريكي من الذهب. وفي الحقيقة فإنّ هذا القرار جاء تتويجا لتدهور النظام النّقدي القائم آنذاك بفعل عوامل أخرى مثل بروز قوى إقتصادية جديدة: دول أوربا الغربية و اليابان التي أصبحت تنافس الإقتصاد الأمريكي.
مؤسسات النقد الدولية:
لرد وصف النظام النّقدي الدولي الراهن سيستلزم الحديث عن المؤسسات الرئيسية التي تعمل فيه و وظائف الأساسية:
أ- صندوق النقد الدولي: انشيء خلال مؤتمر برتون – وودز و تتمثل وظائفه في :
1- منح التسهيلات القصيرة الأجل لتثبيت أسعار الصرف.
و بتشكل رأس مال من حصص الأعضاء (2510مـ حصة ن عضو تقدم ذهب) و يحدد الحد الأقصى للتسهيلات بمجموع حصص الأعضاء .
2- تحديد تنظيم أسواق الصرف خاصة العملات الأساسية.
3- ضمان حرية تحويل العملات.
4- المحافظة على حرية المدفوعات الجارية.
ب- OCDE: منظمة التعاون الإقتصادي و التنمية:
– التنسيق بين السياسات الإقتصادية الوطنية
– التوفيق بين السياسات الإقتصادية الوطنية و الأهداف الدولية.
المؤسسات الدولية التي أنشئت بعد مؤتمر(49) bretton-woods .
أ- صندوق النّقد الدولي:
و تضمنت النّصوص التأسيسية لهذه المؤسسة على 31 بند تحدد أهدافها و قوانين عمل هذه المؤسسة الجديدة يمكن أن نذكر منها بعض البنوك الأساسية و التي منها :
1- إنّ صندوق النّقدي الدولي مؤسسة دائمة دورها العمل على تنظيم و توجيه النظام النّقدي الدولي.
2- وضع نظام جديد للصرف يعتمد على إستقرار هذا الأخير من خلال وضع قاعدة آتية للتبادل تتمثل في :
ذهب 35=l’once 38.25GRS
3- ضرورة إلتزام كل الأعضاء بالعمل على إزالة الحواجز أمام عملية تحويل العملة الوطنية إلى العملات الأجنبية إلاّ في حالات مهنية (بشأن مخيران المدفوعات)
4- تقديم المساعدات و التسهيلات المالية للدول الأعضاء الراغبين في ذلك.
ب- La BIRD: بنك دولي لإعادة البناء والتنيمية :
– أو ما اصطلح على تنمية البنك العالمي: تمويل المشاريع الإستثمارية و التنموية أما إعادة البناء عموما للدول التي تقوت كثيرا من الحرب العالمية الثانية من البلدان التي إستفادت : فرنسا، هولندا، الدنمارك، اليابان… إلخ.
– كذلك تقديم مساعدات تقنية للدول← تشجيع التجارة الدولية
OCI
مؤتمر هافانا (كوبا) 1947 ← وضع القوانين التأسيسية GATT
مقدمة : نقدم في هذا الجزء، المحور الأخير من محاور موضوع المؤسسات المالية و النقدية الدولية. و سنحاول التركيز من خلاله على ثلاثة عناصر أساسية:-
I- أسعار الصرف و العلاقات المالية الدولية.
II- سياسات المؤسسات المالية والنقدية
III- إنعكاسات هذه السياسات على البلدان الناحية.
I- أسعار الصرف والعلاقات المالية الدولية :
مما لاشك فيه أن لأسعار الصرف، في الأسواق المالية الدولية، تأثير مباشر على التدفق السلعي والنقدي على المستوى العالمي.
وسعر الصرف، هو السعر الذي يتم على أساسه بيع أو شراء عملة معينة أي هو قيمة هذه الأخيرة بالنسبة لعملة أو عدة عملات أجنبية.
و تتحكم في تحديد مستوى هذه الأسعار عدة عوامل منها ما هو داخلي، أي خاص بالدولة صاحية هذه العملة و منها ما هو خارجي و كذلك الوزن النسبي الذي تتمتع به الدولة في العلاقات الخارجية، بالإضافة بطبيعة الأمر إلى السياسات المالية و النقدية لمختلف البلدان المتعاملة فيما بينها.
بأسعار الصرف هي عبارة معدلات للتبادل الدولي، يتحدد على ضوئها مستوى التدفقات المادية ( السلعية) أو المالية و النقدية الدولية، فهي التي تحدد بارتفاعها أو انخفاضها عوائد التجارة الخارجية والعلاقات الإقتصادية الدولية بالنسبة لكل دولة أو بالنسبة للإقتصاد العالمي.
فمن مصلحة هذا الأخير وجود سيولة مالية و نقدية ، خاصة بالنسبة للعملات الدولية، كافية لتسوية مختلف المعاملات التجارية الدولية.
لهذا كله أولت الدول أهمية كبيرة لسياسات تحديد أسعار صرف العملات لتحقيق مجموعة من الأهداف منها:-
1- ضمان استقرار و استمرار التدفقات النقدية و المالية الدولية.
2- ضمان نمو الإقتصاد العالمي
3- تسهيل عملية انتقال مختلف أنواع السلع و البضائع و رؤوس الأموال بين البلدان المختلفة .
4- تجنب حالات التضخم و الإنكماش اللتان لهما عادة انعكاسات سلبية على الإقتصاد وا لعالمي.
لشك فيه أن وسيلة تحقيق ذلك هي المؤسسات المالية والنقدية الدولية كما مرّ معنا ذلك سابقا.
و بشكل أدق نقول أن العوامل المحددة لسعر الصرف يمكن تلخيصها في النقاط التالية:-
أ- كمية النقود:
حيث أن تغير كمية النقود ارتفاعا أو انخفاضا مع بقاء العوامل الأخرى ثابتة ( سرعة التداول، الناتج الحقيقي مثلا) ستؤثر لا محالة على مستوى الأسعار إما انخفاضا أو ارتفاعا مما يؤثر على الطلب على العملات الأجنبية و بالتالي على أسعار الصرف .
ب- حالة ميزان المدفوعات كما رأينا ذلك من قبل حيث أن حالة الفائض أو العجز تنعكس بشكل آلي على سعر صرف العملة الوطنية أو العملات الأجنبية .
ج- سعر الفائدة السائدة :
حيث أن انخفاضه يؤدي إلى هروب رؤوس الأموال بحثا عن أسعار أعلى و بالتالي يزيد الإقبال على العملات الأجنبية و العكس كذلك صحيح.
كما أنه توجد عوامل أخرى مكملة للعوامل السابقة تؤثر على أسعار الصرف. و نقصد بذلك السياسات المالية و النقدية للدول و ليست الخاصة بالمؤسسات المالية و النقدية الدولية.
II- سياسات المؤسسات المالية والنقدية:
أن الأهداف العامة للسياسات النقدية و المالية للمؤسسات الدولية تتمثل في البحث عن سبل و وسائل تحقيق الإستقرار للتجارة العالمية والإقتصاد الدولي . من خلال مجموعة من الإجراءات و الميكانيزمات التي تهدف هي الأخرى إلى ازالة الحواجز وتشجيع التبادل لمختلف أنواعه . إلا أن هذه السياسات و الأهداف تخضع في مجملها إلى السياسات والأهداف المسطرة من طرف المتحكمة في المؤسسات المالية والنقدية العالمية الأمر الذي أدى إلى ظهور تفاوت في توزيع الموارد العالمية و بالتالي حدوث تباينات كبيرة في مستويات التطور الإقتصادي و الرقي الإجتماعي تعاني منه بشكل خاص الدول النامية.
الخاتمة : بعد إطلاعنا على بعض الجوانب الأساسية لعمل و سياسات المؤسسات المالية و النقدية الدولية، يلاحظ أن ظهور هذه الأخيرة جاء في مرحلة معينة تميز بها النظام الاقتصادي العالمي و هي مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية ، بعد فترة الاضطرابات التي عرفتها التجارة العالمية قبل ذلك، و بالتالي فظهور هذه المؤسسات كان الهدف منه معالجة هذه الإضطرابات، و العمل على عدم تكرارها و تقديم يدالعون و المساعدة للدول لتكييف المبادلات في بينها و تسهيل عملية تنقل البضائع و السلع .
إلا أن هذه الأهداف لم يكن من السهل بلوغها بل كانت على حساب أهداف أخرى خاصة أهداف التنمية في البلدان النامية التي مازلت تعاني من التخلف الإقتصادي و التأزم الإجتماعي .
I- مقياس: المؤسسات المالية والنقدية الدولية
الفصل الثاني:
بعد أن تعرفنا في الجزء السابق عن بعض جوانب النظام النقدي الدولي و بعض أهدافه و مؤسساته، و لو بصورة مختصرة، سنحاول في هذا الجزء إلقاء الضوء على جانب مهم من جوانب عمل المؤسسات المالية و النقدية الدولية و الذي له محاور في تحليل و فهم ميكانيزمات عمل هذه المؤسسات و كذلك بعض المشاكل التي عادة ما تؤيد المؤسسات المالية والنقدية الدولية، إنه موضوع أسعار صرف العملات، لكن قبل ذلك دعونا نلقي نظرة على إحدى أدوات قياس العلاقات الاقتصادية الدولية بشكل عام و النقدية والمالية بشكل خاص ألا وهو ميزان المدفوعات الذي يعتبر المرآة العاكسة ليس فقط للوضع الاقتصادي للدولة بل كذلك للوزن النسبي لهذه الدولة في الموازين الدولية مقارنة مع الدول الأخرى.
II- ميزان المدفوعات La Balance des Payements:
تعريفه : عبارة عن بيان إحصائي يسجل كافة العمليات الإقتصادية التي تتم أو تمت خلال فترة زمنية معينة بين المقيمين في دولة ما و بقية العالم الخارجي أي أن ميزان المدفوعات يحاول أن يسجل دوريا كل العلاقات مهما كانت طبيعتها: بيع و شراء سلع، تبادل تدفق رؤوس أموال، قروض، هبات إلخ…
– تركيب ميزان المدفوعات :
يقسم ميزان المدفوعات عادة إلى ثلاثة أقسام رئيسية هي:
1- الحساب الجاري.
2- حساب التحويلات من جانب واحد.
3- حساب رأس المال.
أ- الحساب الجاري: يخصص هذا الحساب في ميزان المدفوعات لتسجيل المعاملات التجارية من السلع و الخدمات خلال الفترة المحددة التي يشملها الميزان و البنود التي يتضمنها هذا الحساب هي:-
1- حساب المعاملات السلعية:-
و تشمل السلع المستوردة او المصدرة و التي تعبر الحدود الجمركية خلال فترة زمنية معينة و تسجل السلع المصدرة دائنة في الحساب الجاري لأنها تقتضي من الأجانب أداء مدفوعات للمقيمين في البلد المعني.
بينما تسجل السلع المستوردة مدينة في نفس الحساب لأنها تقتضي من المقيمين أداء مدفوعات للأجانب.
و يطلق على الفرق بين قيمة الصادرات و قيمة الواردات من السلع إصطلاح الميزان الميزان التجاري، و يكون هذا الأخير في حالة فائض عندما تكون قيمة الصادرات أكبر من قيمة الواردات .
و يكون موافق (حالة عجز) عندما تكون الحالة المعاكسة بمعنى قيمة الواردات أكبر من قيمة الصادرات و تسمى الصادرات و الواردات من هذا النوع بالصادرات أو الواردات المنظورة .
2- المعاملات غير المنظورة:
بالرغم من أن المعاملات السلعية تشكل جزءا معتبرا من الحساب الجاري إلا أن بقية الحساب لها أهمية لا يستهان بها وهي تشمل العمليات التي تعرف بإسم العمليات غير المنظورة والتي تتكون من البنود التالية:-
* النقل:
يشمل المدفوعات الدولية المتعلقة بمختلف خدمات النقل ( البري – البحري والجوي) وتشتمل: ثمن تذاكر السفر، أجور شحن البضائع، رسوم الموانيء، نفقات الصيانة والتصليح، تموين الطائرات والسفن بالوقود وغيره إلخ…
* التأمين:
يشمل المدفوعات الدولية المتعلقة بمختلف أنواع التأمين: على الحياة، نقل البضائع، ضد الحوادث إلخ…
* السفر:
مصروفات المسافرين و السياح في البلد المعني، و مصروفات المواطنين في الخارج من أجل الدراسة، العلاج، السياحة إلخ…
* دخل الإستثمار:
العائد من الإستثمارات الخارجية لمختلف أنواعها .
* النفقات الحكومية:
نفقات الحكومة في الخارج .
* خدمات أخرى :
مثل إيجار الأفلام، العمولات التجارية، مدفوعات البريد والمواصلات، مصاريف الإعلان عوائد حقوق التأليف والنشر.
ب- حساب التحولات من جانب واحد:
يخصص هذا الحساب لتسجيل التحويلات التي تتم من جانب واحد فقط أي العمليات التي يترتب عنها انتقال حقيقي للموارد المادية و المالية من و إلى الخارج، دون اقتضاء متقابل لذلك، و هذه التحويلات قد تكون حكومية أو خاصة:-
1- التحويلات الخاصة: الهبات، الإعانات، التبرعات النقدية أو العينية المقدمة أو المستلمة من طرف الأفراد و الهيئات الخاصة: جمعيات ثقافية، دينية، خيرية إلخ…
2- التحويلات الحكومية : تشمل المنح، التعويضات النقدية أو العينية المقدمة أو المستلمة من طرف الحكومات مثل مساعدات وقت الكوارث، تمويل شراء معدات حربية، تعويضات عن خسائر حرب إلخ…
ج- حساب رأس المال:
و يخصص تسجيل حركات رؤوس الأموال بين البلد المعني و بقية العالم و كذلك حركة الذهب النقدي، ويشمل عادة هذا الحساب البنود التالية:-
* حركات رؤوس الأموال طويلة الأجل : أي التي تزيد عن سنة واحدة والموجهة عادة للإستثمار .
* حركة رؤوس الأموال قصيرة الأجل: توجه عادة للاستثمار قصير الأجل الذي لا يزيد عن سنة واحدة.
* حركة الذهب النقدي: و هي التغيرات التي تطرأ على أرصدة الذهب لدى السلطات النقدية .
د- بند السّهو و الخطأ:
و هو عبارة عن ” قيد متبق يمثل الفرق بين المجاميع المقدرة على حدة لكل من البنود المدنية و البنود الدائنة ” يتم إدخاله لتحقيق التوازن الحسابي لميزان المدفوعات .
II-* بعض الإستعمالات لميزان المدفوعات *
إن لميزان المدفوعات استعمالات تحليلية متعددة الغرض منها تزويد الهيئات المختصة بجميع المعطيات المتعلقة بمكانة الدولة الخارجية، حتى يتسنى لها وضع السياسات الاقتصادية و التجارية الخارجية. ومن بين استعمالات ميزان المدفوعات:-
أ- ميزان المدفوعات و البيئة الهيكلية للإقتصاد الوطني :
حيث يتم التعرف على البيئة الهيكلية لاقتصاد ما اعتمادا على ميزان المدفوعات، أي التدفقات السلعية والخدمية في الشكل صادرات و واردات، حيث تكشف هذه التدفقات عن طبيعة السلع والخدمات التي حققت فيها الدولة فائض (صادرات ) أو عجز(واردات) فمثلا عند أخد حالة دولة نامية، نجد أن التدفقات السلعية و الخدمية في ميزان مدفوعات تتغير بتغير طبيعة المرحلة التي تقطعها:-
* المرحلة الأولى : بداية التنمية نجد أن :
السلع الإستهلاكية تشكل مابين 70% 80
الواردات من
السلع الوسيطية والتجهيزية من20%-30%
* المرحلة الثانية : هي المرحلة الموالية للأولى يتكون هذه الدولة قد قطعت أشواطا في تنميتها الاقتصادية و سيكون هيكل مبادلاتها الخارجية على النحو التالي:
السلع الإستهلاكية
الواردات السلع الوسيطة 60-%70 من إجمالي الواردات
السلع التجهيزية
مواد أولية
الصادرات
مواد مصنعة في تزايد مستمر
والنمو أو التحويل الهيكلي الملاحظ قد يكون ناتج عن اعتماد نموذج إحلال الواردات {إحلال السلع الاستهلاكية الوطنية محل السلع الإستهلاكية المستوردة سابقا}
* في مرحلة أكثر تصنيعا: فإن من بين مكونات الواردات هناك نسبة معتبرة من المواد الأولية و الآلات { المدخلات } اللازمة لبعض الأنشطة الإنتاجية التي لايمكن تعويضها محليا إماّ:
1- لكون هذه المواد نادرة نسبيا و لا يمكن انتاجها محليا ( حالة البترول بالنسبة للكثير من البلدان )
2- الكلفة المرتفعة لإنتاج مثل هذه الواردات محليا
3- ضيق الأسواق المحلية.
III- الفائض و العجز في ميزان المدفوعات .
الفائض : الإيرادات > المدفوعات ← يشجع الدولة على الاستثمار في الخارج.
العجز: الإيرادات < المدفوعات ← القروض الخارجية.
كما قد يكون العجز المستثمر ناتج عن مجهود تنموي كبير
IV- توازن ميزان المدفوعات :
هناك نوعان من توازن ميزان المدفوعات :
– توازن حسابي : و هو يساوي جانبي الميزان: أي حساب المعاملات الجارية و المعاملات الرأسمالية.
و يسوى العجز في المعاملات الجارية باقتراض أو بالدفع و تصدير الذهب . أما الفائض في نفس الميزان فيسوى باقتراض الدول الشيء تعاني معها من عجز.
– التوازن الاقتصادي : وهو التوازن الذي يؤخذ بعين الاعتبار عند دراسة الوضع الاقتصادي للدولة و ليس التوازن المحاسبي.
و ذلك بالرجوع إلى المعاملات الجارية و التحولات الرأسمالية المستقلة . و للتمييز بينهما وبين التحولات الرأسمالية المستقلة نقول أن المستقلة هي التي تتم للاستفادة من الفرق بين معاملات الربح في البلاد المختلفة .
وعلية يكون ميزان المدفوعات في حالة توازن عند تساوي متحصلات المعاملات الجارية والتحولات الرأسمالية الجارية أي تساوي المدفوعات المتعلقة بها.
ويكون هناك فائض عند زيادة الأولى عن الثانية و في الحالة المعاكسة هناك عجز. و تؤخذ هنا بعين الاعتبار التحولات الرأسمالية المستقلة إذا كانت دائمة و مستمرة أما إذا كانت مؤقتة فتؤخذ فقد التحولات أو تحولات المعاملات الجارية.
V- شروط توازن ميزان المدفوعات اقتصاديا
1- أن لا يكون ناتج عن رقابة مباشرة للتجارة الخارجية .
2- أن لا يكون ناتج عن سياسة انكماشية : انتشار البطالة، تخفيض الدخول إلخ…
3- أن لا يكون ناتج عن تخفيض مستمر في العملة الوطنية .
VI- أنواع الاختلال
يسجل الباحثون عدة أنواع من الاختلال الذي يمكن أن يتعوض له ميزان المدفوعات، و ذلك من حيث الأسباب الكامنة وراء كل حالة اختلال . و أهم هذه الأنواع:-
أ- الاختلال الوقتي ( مؤقت) و يمكن أن يكون إما :-
* موسمي: في بلاد زراعية تعتمد على محصول واحد يشكل الجزء الأكبر من صادراتها حيث تفوق عائدات هذا الأخير قيمة الواردات خلال فترة معينة و تعاني من عجز في بقية الفترة.
إلا أن هذا الاختلال لا يعتبر كذلك بالنسبة لميزان المدفوعات، لأن الحكم على هذا الأخير يشمل كامل الفترة الزمنية التي يغطيها الميزان.
*- اختلال طبيعي ( عارض) : وهو الناتج عن كوارث طبيعية أو غيرها : تدهورا لإنتاج الزراعي – حرائق، حروب الخ …) وهو اختلال مؤقت يزول بزوال أسبابه .
ب- الاختلال الدوري: اختلال يصاحب عادة التقلبات الدورية التي تعرفها الأسواق الدولية : فترات انكماش، انخفاض في الإنتاج و الدخول والأسعار وانتشار البطالة و تراجع الواردات، مما يؤدي إلى حدوث فائض.
أو فترات التضخم التي تؤدي إلى توسع الإنتاج و ارتفاع الأثمان و الدخول مما يؤدي إلى تراجع قدرة البلد على التصدير و تزيد وارداتها مما ينتج عنه عجز في ميزان المدفوعات.
ج- اختلال مزمن :
و سيكون في معظم البلدان بغض النظر عن مستوى تطورها الاقتصادي و هو ناجم عن عدم توازن الاستثمار مع الادخار مما يؤدي إلى التضخم و زيادة الواردات و يختلف التضخم الناتج عن التنمية عن ذلك الناتج عن الدورة الاقتصادية، حيث في هذه الأخيرة يكون ناتج عن التفاعل بين القوى التي تولّد الدورة الاقتصادية . ويعالج عادة هذا الاختلال باللجوء إلى القروض الطويلة الأجل.
د- الاختلال الناجم عن الأسعار:
أي الناتج عن طبيعة العلاقة السائدة بين الأسعار الداخلية و الأسعار الخارجية و كذلك قيمة عملة الدولة بالنسبة للعملات الأخرى ( سوق الصرف).
وقد يأخذ هذا النوع من الاختلال أحد الأشكال التالية:-
1- ارتفاع أو انخفاض مستوى الأسعار المحلية عن نظيرتها في الخارج، دون أن يكون هناك تغيير في سعر الصرف يتماشى مع هذا التغيير مما يؤدي أو ما أدى لاختلال سلبي (عجز) أو إيجابي (فائض).
2- زيادة قيمة العملة الوطنية في سعر الصرف دون ارتباط ذلك بالأسعار الداخلية أو دون تغير هذه الأخيرة لما يتلاءم مع هذه الزيادة .
إذا ارتفاع العملة+ ارتفاع الأسعار← تقليل الطلب الداخلية.
الخارجي على السلع مما يؤدي إلى عجز في ميزان المدفوعات.
3- تخفيض العملات الأجنبية مع بقاء العملة الوطنية ثابتة . مما يؤدي إلى أن تصبح الأسعار الداخلية أكبر من الأسعار الخارجية مما يؤدي إلى تراجع الطلب الخارجي .
4- انخفاض الأسعار الخارجية مع ثبات الأسعار الداخلية مما يتسبب في تراجع القدرة التنافسية للصادرات مما يؤدي إلى حدوث عجز.
ه- الاختلال الهيكلي : وهو الذي يتعلق بالبنية التركيبية للعلاقات الاقتصادية الدولية من حيث الإنتاج ، مستوى التكاليف و النفقات و التقدم الفني، مستوى المعيشة، مركز الدولة الخارجي دائنة أم مدينة الخ….
فأي اختلال سيكون ناتج عن تغير أحد هذه العوامل يسمى بالاختلال الهيكلي و قد سيكون هذا الأخير سلبيا أو ايجابيا.
VII-الأسس النظرية لتوازن ميزان المدفوعات
إن الأسس النظرية لمختلف المقاربات التي تعرضت لمقولة توازن ميزان المدفوعات، تعود إلى فترة القرون الوسطى مخاصة القرنين السادس عشر والسابع عشر، اللذان شهدا ظهور و تطور الفكر التجاري.
فالمدرسة التجارية كانت تؤكد على ضرورة تحقيق ميزان تجاري فائض ، الذي يعتبر الشرط الضروري لزيادة الثروة الوطنية من خلال زيادة كمية الأحجار الكريمة في البلد كنتيجة للفائض في ميزان مدفوعات ها.
وعليه فإنه لتحقيق هذا الشرط الأخير يتوجب على كل دولة أن تشتري بأسعار منخفضة و تبيع بأسعار مرتفعة ، وهم يعتقدون كذلك بأن زيادة كمية الأحجار الكريمة سوف تؤدي إلى زيادة مستوى الأسعار الداخلية لتحسين سعر صرف العملة الوطنية و بالتالي المحافظة على وضع الفائض لميزان المدفوعات.
خلال الموائمة بين المعروض غير المتجانس من السلع المقدمة بواسطة المنتجين ، و بين الطلب غير المتجانس على السلع من جانب المستهلكين ،
و من أجل ذلك يرتكز تحليل أصحاب النظرة الكلية على الوظائف التسويقية المؤداة على مستوى المجتمع لسد الفجوة بين المعروض و المطلوب أي يرون التسويق على أنه خلق و تسليم مستوى معيشي أفضل (8) .
تلك أهم الأسباب التي أدت إلى تعدد تعاريف التسويق ، و قد حقق هذا التعدد الكثير من المزايا ، فهو من ناحية ساعد على إبراز الجوانب الأساسية التي يتضمنها التسويق ، كما جعل هذا التعدد التسويق مجالا متشبعا يتطلب المزيد من العناء للإحاطة بكل جوانبه ، لذلك فإننا نرى أن هذه التعاريف تتكامل مع بعضها البعض لما تبرزه من الأطر العامة للتسويق و أهدافه و خصائصه.
2- محاولة إعطاء تعريف للتسويق دولي :
كما تعددت الاجتهادات في سبيل تعريف التسويق كما رأينا سابقا ، كذلك هو الأمر بالنسبة للتسويق الدولي ، فقد تعددت و اختلفت و تباينت التعريفات التي تناولته . لذلك من الضروري التطرق إلى أهم هذه التعريفات الخاصة بالتسويق الدولي :
2-1: عرفت الجمعية الأمريكية للتسويق ( AMA ) بأن التسويق الدولي هو :>> عمليه دولية لتخطيط و تسعير و ترويح و توزيع السلع
و الخدمات لخلق التبادل الذي يتحقق أهداف المنظمات و الأفراد << (9)
2-2 : يعرف “PHILIP KOTTER “التسويق الدولي بأنه : >> إنه التسويق الدولي لايعدو كونه عبارة عن نشاط ديناميكي مبتكر للبحث عن المستهلك القانع في سوق تتميز بالتفاوت و التعقيد ، و الوصول إلى هذا المستهلك و إشباع رغباته<< (10)
3-2 : يعرف “STANTON ” بأنه : >> عبارة عن نشاط كوني GLOBAL ACTIVITY ينطلق من الستراتيجية كونية لمزيج تسويقي عابر للحدود الاقليمية ، يتناغم و يتفاعل مع قدرات استهلاكية خارج نطاق و حدود المشروع الوطني ، بهدف إشباع الحاجات أو الرغبات من خلال طرح سلع أو خدمات تتناسب مع هذه الحاجات و الرغبات<< (11)
4-2 : يعرف فريد النجار التسويق الدولي بأنه >> مجموعة المجهودات التسويقية الموجهة لإشباع حاجات المستهلك خارج الحدود الجغرافية للمركز الرئيسي للشركة الأم ، أي في بيئة تسويقية غير التي تعمل فيها الشركة المنتجة ، لأغراض تحقيق الأهداف التسويقية المخططة من أرباح و مبيعات و نمو و استقرار و حل مشكلات و غيرها << (12)
5-2 : يعرفه “عمرو حسن خير الدين” قائلا : >> يشير مصطلح التسويق الدولي إلى عمليات التبادل التي تتم عبر الحدود القومية بهدف إشباع الحاجات و الرغبات الإنسانية<< (13)
و هكذا تعددت تعاريف التسويق الدولي ، و يرجع هذا الاختلاف إلى عاملين أساسين (14) :
أ- الاختلاف بشأن مدى اعتبار التسويق الدولي امتدادا للتسويق المحلي .
ب- الاختلاف بشأن مدى الاعتماد على الفروق بين كل من التسويق المحلي و التسويق الدولي في تحديد هذا الأخير .
رغم الإعتراف بكون التسويق الدولي علم مستقل قائم بذاته إلا أنه يعتبر أحد الأنشطة الفرعية لمدير التسويق من وجهة النظر القديمة للتسويق الدولي ، و هذا راجع لعدم تخلص بعض الكتاب و الباحثين من هذه النظرة القديمة في بعض نظريات التجارة الدولية
و تأثيرها على التسويق الدولي خاصة منها نظرية “ليندر” التي تنص على أنه ليس في مقدور أي بلد أن يصدر سلعة معينة إلى الخارج إذا لم يكن هناك طلبا محليا على هذه السلعة
تلك أهم الأسباب التي أدت إلى عدم الاتفاق القائم بشأن تعريف التسويق الدولي ، غير أنه يستمد أهميته من أحد أهم العوامل الأساسية لتنشيط حركة التجارة و الاستثمار الدوليين و ما يصاحب ذلك من استفادة الدول و الشركات من عمليات التصدير و الاستثمار خارج الحدود القومية ، و تأسيسا على ذلك فإن الأنشطة التسويقية لا يمكن ممارستها إلا من خلال الظروف الدولية المحيطة بهـــا.
ثانيا : مظاهر الارتباط الأولية بين التسويق الدولي و التجارة الدولية.
تعتبر التجارة الدولية من أقدم اهتمامات كل من الفلسفة الاقتصادية و التطبيق الاقتصادي ، لأن الجذور الأولى لتفسير أسباب قيام التجارة بين الدول تقود إلى ما يعرف بالمشكلة الإقتصادية التي تتمثل في الندرة النسبية للموارد الإقتصادية بالنسبة للحاجات و الرغبات الإنسانية غير المحدودة ، و لهذا ظهرت التجارة الدولية في محاولة منها لتفسير أسباب قيام التبادل الدولي و أنماطه و معدلاته .
و للإجابة على أسئلة تفرض نفسها منها : ما هي أسباب قيام التبادل الدولي ؟ كيف تختار الدول السلع التي تتخصص في إنتاجها ؟ و لماذا تنتج هذه الدولة سلعة معينة و تلك سلعة معينة أخرى ؟ أي بلدان يختار بلد ما أن يتاجر معها ؟ …… إلى غيرها من الأسئلة للإجابة عليها.
إن الجذور الأولى التي تفسر أسباب قيام التجارة الدولية تقود إلى أصل ما يعرف بالمشكلة الإقتصادية التي تتلخص بمحدودية الموارد الإقتصادية و ندرتها النسبية من جهة و بالاستخدامات اللانهائية لهذه الموارد بفرض إشباع الحاجات الإنسانية اللامتنامية بصورة
لامحدودة ، لذلك انتهج الإنسان أسلوب إنتاج ما يمكن إنتاجه من السلع و الخدمات بأقل قدر ممكن من التكاليف .
و بالطبع فمشكلة الندرة النسبية التي نتحدث عنها في ظل انقسام العالم إلى دول متعددة تعاني منها جميع هذه الدول و إن بدرجات
متفاوتة و من هنا كان لابد من ظهور النزوع المتنامي إلى التخصص في الإنتاج و ذلك في ظل معرفة الميزة النسبية لكل بلــد من
البلدان (15) .
إن المدقق في حقيقة كون المشكلة الإقتصادية تتمثل أساسا في ندرة وسائل الإشباع بالنسبة للحاجات الإنسانية ، و علاقة المشكلة التسويقية بها و التي تتمحور حول كيفية إنتاج السلع و الخدمات التي تطابق حاجات ورغبات المستهلك ، يجعلنا – من وجهة نظر تسويقية – أن تحلل أسباب قيام التبادل الدولي بدلالة عاملين هامين همــــا : (16)
– حاجات ورغبات المستهلك .
– إنتاج سلع و خدمات مطابقة لهذه الحاجات و الرغبات .
فبالإضافة إلى عوامل عديدة مؤثرة في قيام و تشكيل هيكل التخصص الدولي ، فإن العاملين السابقين لهما تأثير كبير في محيط العلاقات الإقتصادية الدولية ، بل و يتوقف عليها إلى حد كبير درجة النمو في محيط هذه العلاقـات .
إن تعدد واختلاف الحاجات و الرغبات بين الدول ، و صعوبة إنتاج سلع و خدمات مطابقة لهذه الحاجات و الرغبات المتعددة و المختلفة ، تضع أساسا ديناميكيا لتفسير أسباب قيام التبادل الدولي محور هذه الحاجات و الرغبات ، و السلع و الخدمات المطابقة لـــها .
فمثلا تغير الأذواق يغير أنماط الاستهلاك و بالتالي تغيير اتجاهات التجارة الدولية و كذلك الأمر بالنسبة لتغير فنون الإنتاج ( المتعلقة بعملية إنتاج السلع المطابقة للحاجات و الرغبات ) و انتشاره بين الدول يؤدي إلى تغيير نمط التجارة الدوليـــة .
و كما هو معلوم فإن الدول مثل الأفراد لا تستطيع أن تنتج جميع ما تحتاج إليه من سلع و خدمات ، فلكل دولة حاجات و رغبات متعددة تسعى لإشباعها ، فالحاجات و الرغبات –إذن- هي التي تدفع كل دولة إلى إشباعها إما بطريقة مباشرة بإنتاج السلع و الخدمات ذاتيا وداخليا أو بطريقة غير مباشرة باللجوء إلى دولة أو دول أخرى قصد الحصول على هذه السلع و الخدمات منها لإشباع حاجاتها و رغباتها و عليه فعدم قدرة الدولة على إشباع حاجات و رغبات المستهلكين بها ، هي الدافعة إلى الاستيراد . و قدرتها على إشباع حاجات و رغبات المستهلكين الأجانب الذين لا تقدر دولتهم أو دولهم على إشباعها ، هي الدافعة إلى التصدير ، و ينبني على ذلك أن الدولة تتخصص في إنتاج السلع و الخدمات التي تلبي حاجات و رغبات المستهلكين الأجانب الذين لا تستطيع دولتهم أن تلبيها لهم ، و من أجل هذا فإن الطلب الأجنبي على السلع و الخدمات المنتجة من الدولة هو الذي يجعلها تتخصص في إنتاج هذه السلع و الخدمات لتصديرها .
و لهذا ظهرت عدة نظريات للتجارة الدولية “كنظرية الميزة المطلقة” “لآدم سميث” التي تؤكد على مزايا التخصص بين الأفراد و الصنائع على ميزة المنافسة الحرة داخل القطر ، و على ذلك يقوم مبدأ الميزة المطلقة على أنه إذا كانت في استطاعة دولة ما أن تنتج من سلعة معينة
أو أكثر من غيرها بنفس الكمية من قيمة العمل ، فإنها تكون متمتعة بميزة مطلقة في إنتاج السلعة .كما اشتهرت كذلك “نظرية الميزة النسبية” “لدافيد ريكاردو” الذي يوافق “آدم سميث” على أن قاعدة الميزة المطلقة تعطي ميزة مطلقة لجزء من الدولة بالنسبة للأجزاء الأخرى من نفس الدولة فيما يخص إنتاج سلعة معينة ، و لكنه يحدد تلك القاعدة بالنسبة للتجارة الداخلية في نفس الدولة ، أما التجارة الخارجية فإن قاعدة الميزة المطلقة لا تسري و لا تفسر قيام التجارة بين الدول المختلفة (خاصة بالنسبة للدولة التي لا تتمتع بالميزة المطلقة ) . كما أن هذه النظرية تظهر لنا الدوافع إلى إقامة علاقات تجارية بين الدول استنادا إلى اختلاف التكاليف النسبية دون محاولة البحث عن أسباب هذا الاختلاف كما أنها لا تبين بوضوح أثر التجارة الخارجية على أسعار عناصر الإنتاج .. و لهذا ظهرت نظريات لتشير إلى هذا النقص كنظرية ” نسب عناصر الإنتاج ” للاقتصادي ( أولين ) الذي يرجع إليه الفضل في صياغتهـــا .
حيث يرى أن كل دولة سوف تصدر السلعة التي تستخدم في إنتاجها قدر كبير من عامل إنتاج وفير و رخيص نسبيا ، و تستورد السلعة التي لا تمتلك عامل إنتاجها بسبب ندرته و كلفته المرتفعة نسبيا و كنتيجة سوف تزيل أو تخفض التجارة الفرق المطلق لما قبل التجارة في سعر العوامل الإنتاجية المتجانسة بين الدول (17) . أما الذي يعاب على هذه النظرية هو استخدامها للتحليل السكوني ( الاستاتيكي ) الذي يقارن بين وضع التوازن في الاقتصاد القومي قبل قيام التجارة ووضع التوازن بعد قيام التجارة بدون أي إعتبار لفترة و كيفية الانتقال من توازني إلى آخر أي بدون استخدام التحليل الحركي ( الديناميكي ) .
و على هذا الأساس ظهرت نظريات أخرى قدمت تفسيرا للتجارة الدولية على أساس الطلب كتلك التي قدمها ” ليندر ” مستخدما تحليلا ديناميكيا للتجارة الدوليـة حيث يرى أن و جود طلب محلي على السلع ( سواء لأغراض الاستهلاك أو لأغراض الاستثمار ) يعتب شرطا ضروريا و ليس كافيا لتكون هذه السلع صادرات محتملة كما يدعم ” ليندر ” مبدؤه الأساسي حول وجود الطلب المحلي وهو وجود فكرة أساسية واحدة و هي أن الدراية بظروف السوق المحلية تكون أكبر من الدراية بظروف السوق الخارجية (18) .
هذه أهم نظريات التجارة الدولية التي أثرت على الفكر الاقتصادي علما بأن هناك نظريات أخرى تكميلية لم يتم التطرف إليها ، و على الرغم من التفسيرات المختلفة لكل النظريات للعوامل و الأسس التي تحكم التجارة الدولية ، إلا أنه ليست هناك نظرية مطلقة يمكن أن تعمم نتائجها و تطبيقاتها على جميع السلع في الأوقـات .
ثالثا : الأعمال الدولية و نظريات الاستثمار الأجنبي و علاقتهما بالتسويق الدولي .
لقد قدم “سيموندس” وروبوك “SIMONDS and REBOCK” عدة تحفظات (انتقادات) حول نظريات التجارة الدولية أهمها (19):
1- أن نظرية التجارة الدولية لم تقدم بدائل أخرى لأنشطة ( غير الاستيراد و التصدير ) يمكن لأي شركة ممارستها خارج حدود الدولة مثال ذلك عقود الترخيص و الاستثمارات المباشـرة .
2- أن حماية و فتح الأسواق الأجنبية لشركة ما يمكن أن يتم من خلال أشكال أخرى غير التصدير ، مثلا : فالاتفاقيات و الأحلاف الإقتصادية بين الدول تزيل الكثير من المعوقات أمام حرية التبادل التجاري و الاستثماري . ليس فقط أمام التصدير و الاستيراد و لكن أمام أي شكل من أشكال الاستثمار الأخـرى.
3- بساطة الافتراض الذي قامت عليه النظرية ، فمن ناحية تفترض توافر معلومات كافية عن فرص التجارة بين البلدان المختلفة و عدم حرية انتقال عوامل الإنتاج المختلفة بين الدول ، أما من الناحية الأخرى فهي تفترض عدم استقلال الشركات العاملة في الدول المختلفة
و تمتعها بمركز قانون مستقل بالإضافة إلى افتراض المنافسة الكاملة و تجاهلها لحالات الاحتكار أو المنافسة الاحتكارية بين دول العالم.
4- تجاهل النظرية للفروق بين الدول فيما يتعلق بالتكنولوجيا في المجالات الاقتصادية المختلفة ( الإنتاج ، الإدارة ، التسويق…)باعتبارها عوامل إنتاجية تؤثر في التكاليف و من ثم على المزايا أو القدرات التنافسية للدول فيما بينها . و من أجل هذا فإن التسويق الدولي بالإضافة إلى علاقته بالتجارة الدولية – له علاقة وطيدة بإدارة الأعمال الدولية لأن مجاله ( التصدير و الاستثمار الأجنبي ) من مجال الأعمال الدولية
ولأنه أحد وظائف إدارة الأعمال الدولية .وعلى هذا تعرف الأعمال الدولية بأنها :”معاملات وإجراءات الأعمال الخاصة والحكومية التي تحصل بين منظمات و شركات أعمال تستهدف الربح أو مؤسسات عامة وأجهزة حكومية لا تستهدف الربح بالضرورة بـين بلدين أو أكثر << (20) .
و في هذا المجال سوق نتطرق إلى نظريات الاستثمار الأجنبي ، أي لماذا تستثمر الشركــات بالخارج ؟ أي البلدان مصدره ؟ و أي البلدان تجذبه ؟ و ما نوعية الشركات و السلع التي يشملها ؟ … .
إن الإجابة على هذه الأسئلة و مثلها يعني تناول موضوع المحددات الرئيسية و دوافع الشركات الخاصة بالاستثمارات الأجنبية ، و حيث توجد الكثير من الآراء و النظريات التي تناولت هذا الموضوع بالتحليل و الدراسة ، فإننا سنقتصر على عرض خمس (05) نظريات تعتبر أكثر شيوعا في الأدب الاقتصادي و هـــي :
1/ نظرية عدم كمال السوق (MARKET IMPERFECTIONS THEORY) تقوم هذه النظرية على افتراض غياب المنافسة الكاملة في أسواق الدول المضيفة بالإضافة إلى نقص العرض من السلع فيها . كما أن الشركات الوطنية في الدول المضيفة لا تستطيع منافسة الشركات الأجنبية في مجالات الأنشطة الاقتصادية و الإنتاجية المختلفة أو حتى فيما يختص بمتطلبات ممارسة أي نشاط وظيفي آخر لمنظمات الأعمال ، أي أن توافر بعض القدرات أو جوانب القوة لدى الشركة التي تقوم بالاستثمار الأجنبي ( توافر الموارد المالية ، التكنولوجيا ، المهارات الإدارية …إلخ بالمقارنة بالشركات الوطنية في الدول المضيفة يعتبر أحد العوامل الرئيسية التي تدفع هذه الشركات نحو الاستثمارات الأجنبية ، أو معنى أخر أن إيمان هذه الشركات بعدم قدرة الشركات الوطنية بالدول المضيفة على منافستها تكنولوجيا أو إنتاجيا أو ماليا أو إداريا سيمثل أحد المحفزات الأساسية التي تمكن وراء قرار هذه الشركات الخاص بالاستثمار أو ممارسة أي أنشطة إنتاجية أو تسويقية في الدول المضيفــة (21) .
و لهذا يمكن اعتبار هروب الشركات المنافسة من المنافسة الكاملة في الأسواق الوطنية بالدول الأم و اتجاهها للاستثمار أو نقل بعض أنشطتها لأسواق الدول المضيفة يمكن أن يحدث في كل أو بعض الحالات الآتية على سبيل المثال (22) :
أ- حالات وجود فروق أو اختلافات جوهرية في منتجات الشركة التي تقوم بالاستثمار الأجنبي و الشركات الوطنية( أو الأجنبية الأخرى ) بالدول المضيفــة .
ب- حالة توافر مهارات إدارية و تسويقية و إنتاجية … إلخ متميزة لدى هذه الشركات عن نظيرتها بالدول المضيفة .
ج- قيام حكومات الدول المضيفة بمنح امتيازات و تسهيلات جمركية و ضريبية و مالية لهذه الشركات كوسيلة لجذب رؤوس الأموال الأجنبيــة .
د- تشدد إجراءات و سياسات الحماية الجمركية في الدول المضيفة و الذي قد ينشأ عنها صعوبة التصدير لهذه الدول ، و من ثم تصبح الاستثمارات الأجنبية الأسلوب المتاح أو الأفضل لغزو مثل هذه الأسواق .
ه- الخصائص الاحتكارية ، التكنولوجية ، التمويلية ، الإدارية و التنظيمية… لهذه الشركات و التي ترتبط بشكل أو بآخر بحالات عدم كمال السوق في الدول المضيفة .
2/ نظرية الحماية (PROTECTION THEORY) :
تقوم هذه النظرية على أساس أن الشركة التي تقوم بالاستثمار الأجنبي تستطيع تنظيم عوائدها إذا استطاعت حماية الكثير من الأنشطة الخاصة مثلا بالبحوث و التطوير و الابتكارات و أي عمليات إنتاجية أو تسويقية أخرى جديدة ، و لكي تحقق الشركة هذا الهدف ، فإن هذا يستلزم قيامها بممارسة أو تنفيذ الأنشطة المشار إليها داخل الشركة أو بين المركز الرئيسي و الفروع في الأسواق أو الدول المضيفة بدلا من ممارستها في الأسواق بصورة مباشرة .
و يقصد بالحماية هنا الممارسات الوقائية من قبل الشركات لضمان عدم تسرب الابتكارات الحديثة في مجالات الإنتاج أو التسويق أو الإدارة
عموما إلى أسواق الدول المضيفة من خلال قنوات أخرى غير الاستثمار المباشر و غير المباشر و ذلك لأطول فترة ممكنة ، هذا من ناحية ،
و من ناحية أخرى لكي تستطيع هذه الشركات كسر حدة الرقابة و الإجراءات الحكومية بالدول المضيفة و إجبارها على قنوات للاستثمار المباشر لشركات داخل أراضيها (23) .
3/ نظرية دورة حياة المنتوج الدولي . ( international produc .life cycle ).
إن دواعي تناول هذه النظرية هو ما يلي :
أ- تقدم هذه النظرية تفسيراً لأسباب انتشار ظاهرة الاستثمارات الأجنبية في الدول المضيفة .
ب- تلقي الضوء على دوافع الشركات التي تقوم بالاستثمار الأجنبي من وراء هذا الاستثمار من ناحية و من ناحية أخرى توضح كيفية
أو أسباب انتشار الابتكارات و الاختراعات الجديدة خارج حدود الدولة الأم .
ج- تقدم تفسيرا للسلوك الاحتكاري للشركة واتجاهها إلى الإنتاج في دول أجنبية للاستفادة و التمتع بفروق التكاليف الإنتاجية أو الأسعار أو استغلال التسهيلات الممنوحة من قبل الدولة المضيفة و كسر حدة الحماية الجمركية التي تفرضها هذه الدولة على الاستيراد . و طبقاً لهذه النظرية ، يجري خروج الشركة من دولتها الأم ، نتيجة لإضافة فروع جديدة في البلدان المضيفة بصورة منتظمة ، و نمو مبيعات هذه الفروع في الأسواق الخارجية مع استخدام التكنولوجيا و التصاميم المعدة في بادئ الأمر من قبل الشركة الأم (24).
4 – نظرية الموقع ( ******** THEORY ) :
ترتكز هذه النظرية على العديد من العوامل بعضها دولي و الآخر محلي ( على مستوى الدولة الأم ) و التي تتمثل فيما يلي :
أ – تهتم هذه النظرية بقضية اختيار الدولة المضيفة التي ستكون مقراً لاستثمار او ممارسة الأنشطة الإنتاجية أو التسويقية …….الخ
الخاصة بهذه الشركة.
ب- تركز على المحددات و العوامل الموقعية أو البيئية المؤثرة على قرارات استثمار الشركة في الدول المضيفة والتي ترتبط بالعرض والطلب تلك العوامل التي تؤثر على الأنشطة الانتاجية أو التسويقية ، والبحوث والتطوير ونظم الإدارة وغيرها.
ج- تهتم هذه النظرية بكل العوامل المرتبطة بتكاليف الإنتاج والتسويق والإدارة ….الخ ( COST- FACTORS ) بالإضافة إلى العوامل
التسويقية ( MARKETING FACTORS ) و العوامل المرتبطة بالسوق ( INMARKET FACTORD ) .
و من العوامل الموقعية التي تؤثر على الشركة هي كمايلي (25) :
أ – العوامل التسويقية و السوق مثل : درجة المنافسة ، منافذ التوزيع ، و كالات الإعلان ، حجم السوق ، معدل نمو السوق .
درجة التقدم التكنولوجي ، الرغبة في المحافظة على العملاء السابقين ، احتمالات التصدير لدول أخرى…إلخ.
ب – العوامل المرتبطة بالتكاليف مثل : القرب من المواد الخام و المواد الأولية ، مدى توافر الأيدي العاملة ، مستوبات الأجور ، مدى توافر رؤوس الأموال ، مدى انخفاض تكاليف النقل ، المواد الخام و السلع الوسيطة ، و التسهيلات الإنتاجية الأخرى … إلخ .
جـ الإجراءات الحمائية ( ضوابط التجارية الخارجية ) مثل : التعريفة الجمركية ، نظام الحصص ، القيود الأخرى المفروضة على التصدير والاستيــراد .
د ـ العوامل المرتبطة بمناخ الاستثمار الأجنبي ( INVESTEMENT CLIMATE ) مثل : الاتجاه العام نحو قبول الاستثمارات الأجنبية أو الوجود الأجنبي ، الاستقرار السياسي ، القيود المفروضة على ملكية الأجانب الكاملة لمشروعات الاستثمار ، إجراءات تحويل العملات الأجنبية
و التعامل فيها ، مدى ثبات أسعار الصرف ، نظام الضرائب ، مدى التكيف مع بيئة الدولة المضيفة بصفة عامة .
هـ – الحوافز و الامتيازات و التسهيلات التي تمنحها الحكومة المضيفة للمستثمرين الأجانب .
و عوامل أخرى مثل : الأرباح المتوقعة ، المبيعات المتوقعة ، الموقع الجغرافي ، مدى توافر الثروات الطبيعية و القيود المفروضة على تحويل الأرباح و رؤوس الأموال للخارج ، إمكانية التجنب / التهرب الضريبي … إلخ .
5 – نظرية الموقع المعدلة ( MODIFIED ********AL THEORY ) :
تتشابه هذه النظرية مع نظرية الموقع السابق عرضها في الكثير من الجوانب ، غير أنها تضيف بعض المحددات أو العوامل الأخرى التي قد تؤثر على الاستثمارات الأجنبية و يمكن تلخيص هذه العوامل من واقع إسهامات ” ربوك سيموندس ” ( REBOKC and SIMONDS )
في الجدول الآتي : جدول رقم (01) : العوامل الشرطية و الدافعة و الحاكمة للاستثمارات الأجنبية
أمثلــــــــة العوامــــــــــل
نوع السلعة ، استخدامات السلعة ، درجة
حداثة / جودة السلعة ، متطلبات الإنتاج للسلعة
(الفنية و المالية و البشرية) ، خصائص العملية الإنتاجية … إلخ 1- خصائص المنتوج / السلعــة
( PRODUCT – SPECIFIC )
العوامـــل
الشرطيــة
طلب السوق المحلي ، نمط توزيع الدخل ، مدى
توافر الموارد البشرية و الطبيعية ، مدى التقدم الحضاري 2- الخصائص المميــزة للدولــة المضيفة
( COUNTRY – SPECIFIC
نظام النقل و الاتصالات بين الدول المضيفة و الدول
الأخرى ، الاتفاقيات الاقتصادية و السياسية على حركة أو
انتقال رؤوس الأموال و المعلومات و البضائع و الأفراد ،
التجارة الخارجية … 3- علاقات الدولة المضيفة مع الدول الأخرى
مدى توفر الموارد المالية و البشرية و الفنية
و التكنولوجية ، حجم الشركة 1- الخصائص المميــزة للشركة .
( FIRM – SPECIFIC )
العوامـــل الدافعـــة
المقدرة النسبية للشركة على المنافسة و مواجهة
التهديدات و الأخطار التجارية … 2- المركز التنافــسي .
القوانين و اللوائح الإدارية ، ونظم الإدارة و التعيين وسياسات الاستثمار و الحوافز الخاصة بالاستثمارات الأجنبية … إلخ 1- الخصائص المميـزة للدولــة المضيفـة .
العوامـــل
الحاكمـــة
القوانين و اللوائح و السياسات الخاصة بتشجيع تصدير رؤوس الأموال و الاستثمارات الأجنبية المنافسة ، ارتفاع تكاليف الإنتاج 2- الخصائص المميــزة للدولـة الأم .
الاتفاقيات المبرمة بين الدول المضيفة و الدولة الأم ، و المبادئ
و المواثيق الدولية المرتبطة بالاستثمارات الأجنبية بصفة عامة . 3- العوامـــــل الدوليــة .
المصدر: عبد السلام أبو قحف ، مقدمة في إدارة الأعمال الدولية ( الإسكندرية :مكتبة الإشعاع الفنية ، 1988 ) ، ص 50 .
و إذا نظرنا إلى جوهر هذه النظرية يمكن استخلاص الآتي (26 ) :
أ- أن الكثير من محددات الاستثمار الأجنبي من واقع هذه النظرية قد أشارت إليها أو تناولتها النظريات السابق عرضها .
ب- إن هذه النظرية قدمت العديد من العوامل التي قد تعوق أو تدفع الشركات إلى القيام بالمشروعات الاستثمارية أو ممارسة أنشطة إنتاجية و تسويقية في الدول المضيفة .
ج- تتميز هذه النظرية عن غيرها من النظريات السابقة بإشارتها إلى العوامل الدافعة للاستمارات الأجنبية التي ترجع إلى الدولة الأم مثل الضمانات و الحوافز التي تقدمها الحكومات أو الدول الأم لتشجيع شركاتها الوطنية المحلية لإقامة مشروعات استثمارية أو ممارسة أنشطة
تسويقية و إنتاجية خارج حدودها أو العوامل البيئية الأخرى مثل زيادة حدة المنافسة في الأسواق المحلية بالدولة أو زيادة نفوذ اتحاد العمال
و النقابات و ارتفاع تكاليف العمالة …
و في ضوء العرض السابق لنظريات الاستثمار الأجنبي و محدداته ، فإننا يمكن أن نقول أن محددات الاستثمار الأجنبي و دوافع الشركات وراء هذه النوع من الاستثمارات يمكن أن تتمثل في محصلة إسهامات النظريات السابقة مجتمعة .
المبحث الثاني : التسويق الدولي بين ضرورة التكييف مع البنية و حتمية إدارة المعلومات .
إن الصعوبة الرئيسية لعملية الإدارة الدولية بصفة عامة و إدارة التسويق الدولي بصفة خاصة تكمن في بيئتها المعقدة و المركبة ، و ما تتضمنه من متغيرات اقتصادية و تكنولوجية و اجتماعية و ثقافية و سياسية و قانونية و غيرها ، و هي متغيرات من الصعب جداً إن لم يكن من المستحيل السيطرة عليها أو التحكم في اتجاهها و أبعادها ، فإن كل ما تستطيع الإدارة الدولية و منها إدارة التسويق الدولي القيام به هو محاولة التتبع الدائم لصالح الشركة ، من أجل التقليل من المخاطر و التهديدات أو استغلال الفرص التي تفرزها هذه البيئة لتحقيق التكيف المطلوب معها . لذلك من المفترض أن تهتم الشركة بتطوير و تنمية و تنمي معرفتها بهذه البيئة لأن هذه المعرفة هي أساس قراءتها لواقع الشركة
و متغيرات بيئتها و التحديات و الفرص الحالية و المتوقعة و التي يجب أن تستثمرها على الوجه الأمثل ، و لذلك أصبحت المعرفة بصفة عامة
و المعلومة بصفة خاصة قوة استراتيجية كبيرة ، حيث يمكن أن تشكل ميزة استراتيجية و قوة نوعية لا مثيل لها لأي شركة تمارس الأعمال الدولية ، خاصة و نحن نعيش ثورة معلوماتية حولت المجتمعات من مجتمعات صناعية إلى مجتمعات المعرفة .
و عليه فإنه على أي شركة دولية لتفادي الوقوع في الاغتراب البيئي الذي ينهي وجودها من عالم الأعمال الدولية ، و تحقيق التكيف الفعال مع هذه البيئة المتعددة و المختلفة و المتداخلة في متغيراتها ، أن تتابع هذه المتغيرات باستمرار و دون انقطاع من أجل جمع المعلومات الضرورية
و الكافية لاتخاذ القرارات المناسبة ، عن طريق رسم و تخطيط مسارات هذه المعلومات و تدفقها حتى يكون استغلالها فعالا و لا يتم ذلك إلا عن طريق نظام للمعلومات التسويقية في إطار النظام التسويقي الدولي لتسهيل عملية بحوث التسويق الدولي التي تسعى إلى كشف الفرص
و تهديدات البيئة بالإضافة إلى نقاط قوة و ضعف الشركة عند ممارستها لأعمالها .
و يعتبر هذا المبحث الثاني من هذه الورقة محاولة في سبيل الإلمام ببعض الإشكالات و القضايا المتعلقة بالتغير البيئي و تحليله في إطار نظام المعلومات التسويقية مع الأخذ بالتوجه الإستراتيجي للتعامل و التفاعل مع هذه المعتبرات البيئية .
أولا: الإدارة الإستراتيجية الدولية بين التكيف و الاغتراب البيئي .
يؤكد ” PH . KOTLER ” أن نجاح و بقاء نمو و كينونة المؤسسات يعتمد بالدرجة الأولى على قدرتها على التكيف (ADAPTATION)
و التفاعل (INTERACTION) مع الظروف البيئية المحيطة بها . أما فشل و تدهور المؤسسات فيعود بالدرجة الأولى إلى أنها لم تستطع التكيف مع بيئتها ، و هذا ما يسمى ب ” الاغتراب البيئي ” . و يقصد بالاغتراب البيئي عدم قدرة الشركة على التكيف مع بيئتها ، إما لعدم توافر البيئة الملائمة للإيداع و المشجعة على المخاطرة و استغلال الفرص و تحقيق الاستمرار و النمو ، أو عدم قدرة الشركة ذاتها على تحقيق درجة ملائمة مع التكيف البيئي ، و من أهم الاغتراب البيئي ما يلــي (27) :
1- عدم القدرة على اكتشاف الفرص المتاحة أو عدم استغلال الفرص .
2- عدم وجود خطط لتنمية المهارات المطلوبة لمواجهة حاجات و متطلبات المستقبل .
3- عدم وجود خريطة مستقبلية للتصورات البديلة لموقف الشركة المستقبلة .
4- الجمود التقني المرتبط بأساليب و آليات الإنتاج و الإدارة و التسويق .
5- التهاون و عدم الاكتراث .
6- الخوف من التغيــير .
لهذا و لتحقيق التكييف البيئي المطلوب و تجنب حالة الاغتراب البيئي ، لابد للشركة من تفكير إستراتيجي لمواجهة بيئتها المتغيرة و لا يمكن لها ذلك إلا بتبني نظام الإدارة بالإستراتيجيات ، و بعبارة أخرى لابد لها من ” إدارة إستراتيجية ” تقوم بإدارة الشركة و التغيير في نفس الوقت . ومن أجل مواجهة البيئة و متغيراتها لابد من تخطيط إستراتيجي دولي وفق الخطوات التالية ،
1- صياغة الإستراتيجية : و تتم من خلال دراسة و تحليل البيئة ، تحديد رسالة ( مهمة ) و أهداف الشركة ، ثم وضع البدائل الإستراتيجية على ضوء ذلك .
2- تطبيق و تنفيذ الإستراتيجية : و يتم ذلك عن طريق وضع البرامج و الإجراءات .
3- التقويم و الرقابة : و يتم بمراقبة نشاطات الشركة ونتائج الأداء ، لمقارنة الأداء الفعلي بالأداء المرغوب .
و على ذلك تتباين المنشآت من حيث قدرتها على التعامل مع البيئة المحيطة بها ، فهناك نوعين من المنشآت في هذا المجال (28) :
1- المنشآت المتفاعلة مع البيئة : و هي التي تغير من سياستها و إستراتيجياتها و من ثم قراراتها وفقا للتغير الحادث في البيئة ، فهي لا تسعى إلى تغيير البيئة و توجهها نحو تحقيق أهدافها ، و يرجع ذلك لضعف إمكانياتها .
2- المنشآت الفعالة : و هي لا تكتفي بمجرد التغير وفق تغير العناصر البيئية بل إنها تسعى إلى البيئة المحيطة بها و تهيأ بما يخدم تحقيق أهدافها ، و مثال ذلك ما قامت به شركة ” كوكا كولا ” ، “COCA – COLA ” في منتصف السبعينيات عند دخولها أسواق الهند ، حيث ساعدت في نجاح أحد الأحزاب السياسية للوصول إلى السلطة من خلال تمويل برنامج الأحزاب في بناء المستشفيات و المدارس في بعض الأماكن النائية ، و ذلك مقابل نزع قرار من أعضاء الحزب بالسماح للشركة باستثمار أموالها – كأول شركة أجنبية – داخل الهند ، أي أن هذه الشركة لجأت إلى تغيير الهيكل السياسي للدولة و تهيئة أفراد المجتمع لتقبل ذلك الهيكل في مقابل الوصول لأهدافها و بالطبع يمكن تصور أن الإمكانيات المادية و الخبرات السابقة للمنشآت الفعالة لابد أن تكون أكبر منها في المنشآت المتفاعلة .
ثانيا: مكونات البيئة المؤثرة على أنشطة الشركة الدولية :
بالرغم من الاختلاف في طريقة تصنيف العوامل البيئية التي قد تؤثر على أنشطة التسويق الدولي ، فإننا نركز اهتمامنا فقط على أهم القوى البيئية المؤثرة على أنشطة الشركة الدولية بشكل عام و الأنشطة التسويقية الدولية بشكل خاص .
1/ البيئة الثقافية و الاجتماعية : من بين العنـاصر الرئيسية للبنية الثقافية التي تؤثر على الشركة الدولية بصفة عامة و التسويق الدولي بصفة خاصة و التي لها أثر محسوس على القرارات و الممارسات و هي :
أ/ العناصر المادية الفيزيائية ( PYSICAL FACTORS ) : و تتعلق بعناصر الطقس و المناخ و أثر المزيج التسويقي المختار في كل بلد و كذا الخصائص الجسدية و المظهر الخارجي للمجموعة البشرية بحيث لا يمكن تجاهل هذه الفروق و أن تكيف الشركـات بمنتجاتها من الملابس و الأثاث و الأحذية و غيرها ، مع مقاييس مواطني السوق المراد غزوه .
ب/ العناصر الديموغرافية ( DEMOGRAFIC FACTORS ) : تصف العناصر الديموغرافية للسكان في كل بلد بخصائص معينة ، لها أثر على الأسواق و الممارسات في كل بلد ، أهم هذه الخصائص هي معدل النمو السكاني ، حجم الأسرة و دور المرأة في المجتمع ، مستوى التعليم ، كل هذه الخصائص لها أثر على الشركات التي تبحث عن أسواق في بلد معين .
ج/ العناصر السلوكية ( BEHAVIOURAL FACTORS ) : لقد تمت دراسات عديدة لمعرفة الفروقات بين الأقطار في هذه العناصــر السلوكية و التي تتعلق بالتنظيم و الإدارة و التسويق من حيث الانتماء إلى الجماعات و مركز الفرد الاجتماعي و نظرة الناس إلى ما الذي يدفعهم لذلك خاصة بعد إشباع الحاجات الأساسية ، و كذا دور الاتصالات و هو جانب مهم في كل ثقافة ، فلكل لغة خاصيتها
و مرجعيتها و لذا تكتسب الشركة الدولية أهمية خاصة لمعرفتها لغة البلد التي تعمل فيها .
كل هذه العناصر من البيئة الثقافية و الاجتماعية لها تأثير على الأعمال الدولية بصفة عامة و التسويق الدولي بصفة خاصة .
2/ البيئة السياسية: و أهم العناصر البيئية السياسية من وجهة نظر الشركة هي (29 ) :
أ – المناخ الفلسفي و الوسائل السياسية مثل المساواة أمام القانون و العدالة .
ب – حدة الشعور الوطني .
ج – مدى تدخل الدولة و تحكمها في تحديد الأسعار و تنظيم التصدير و الاستيراد .
د – الاستقرار السياسي الذي يتلاءم مع السياسة الاقتصادية المؤدية إلى ازدهار النشاط الاقتصادي ، و هذا ما تفضله الشركات الأجنبية .
3/ البيئة القانونية : تخضع الشركات الدولية بدرجات متفاوتة إلى ثلاث مجموعات من القوانين :
أ – قوانين البلد الأم والذي هو بلد و مقر الشركة الأصلي الذي يتحكم في خروجها و يؤثر على نشاطها بقدر ما يستطيع .
ب – قوانين البلد المضيف و هي أكثر القوانين تأثيرا على عمليات و منشآت الشركة في ذلك البلد . و معرفتها ضرورية لأنها تكاد تحكم كل نشاط الشركة الأجنبية فيه ، فهو يؤثر أولا على أسلوب دخول السوق : بالتصدير له ، بالترخيص أم بالاستثمار فيه ؟ .
ج – القـانون الدولي الذي يسعى إلى تأسيس إطار قـانوني ينظم التعـامل بين الدول خاصة فيما يتعلق بالنشاط الاقتصادي و بروز فكرة
” تدويل العقود ” بين الشركات و الدولة المضيفة .
4 –البيئة الإقتصادية ( التجارية و المالية ) :
إن الشركة التي تنوي العمل بالأسواق الدولية ، عليها أن تدرس الأبعـاد البيئية الاقتصادية بالأخص عناصر البيئة التجارية و المالية الدولية
و تأثير القوة الاقتصادية للدولة الأم على نشاطاتها الدولية .
أ – البيئة التجارية الدولية : و التي تتفاعل فيها أطرف كثيرة منها :
– المعاهدات و الاتفاقيات التجارية و اتفاقيات الدفع التي تنظم قواعد تسوية المدفوعات التجارية و غيرها وفقا للأسس و الأحكام المتفق عليها من الطرفين .
– التكتلات الاقتصادية التي تتخذ عدة أشكال مثل : مناطق التجارة الحرة ( FREE TRADE AREAS ) و الاتحادات الجمركيـة
( CUSTOM UNIONS ) و الأسواق المشتركة ( COMMON MARKELT ) و الاندماج الاقتصادي الكامل
( TOTAL ECONOMIC INTEGRATION ) .
– الشركة المتعددة الجنسيات التي تملك حصة كبيرة في التجارة الدولية .
– (الإنكتاد) : مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة و التنمية و الغرض منه هو توفير فرص التعاون الدولي للعمل على حل مشكلات التجارة الدولية وخاصة تلك التي تواجه تجارة الدول النامية و هي في سبيل سعيها للتنمية الاقتصادية . (30)
– الغات ( GATT ) ” الاتفاقية العامة للتعريفات الجمركية ” . ( GENERAL AGEREEMENT on TARIFFS and TRADE )
و هي عبارة عن معاهدة دولية الهدف منها تنظيم عملية المبادلات التجارية بين الدول الموقعّة عليها .
ب – البيئة المالية و الدولية : و التي تتفاعل فيها أطراف عديدة منها :
– المنظمات المالية الدولية : كالمنظمات التي تعمل في تمويل موازين المدفوعات و التجارة ، و أهمها على الإطلاق ” صندوق النقد الدولي ”
( FMI ) و مؤسسات تعمل في تمويل التنمية و الاستثمارات و أهمها على الإطلاق ” البنك الدولي للإنشاء و التعمير ” و له هيئات متفرعة من أهمها هيئة التمويل الدولية ( IFC) و مؤسسة التنمية الدولية ( IDA ) .و مؤسسات تعمل في ضمان الاستثمار ( The Multi Lateral Investment Guarutees Agency ) التي تهدف إلى زيادة دفق الاستثمارات المباشرة إلى الدول النامية و ذلك بتقليل حجم المخاطر السياسية بالتأمين عليها ، بالإضافة إلى ميثاق تسوية النزاعات الاستثمارية بين الدول و موطني الدول الأخرى ( The International Conveutin For The settlement of Investment disputes ) و الذي يعمل على تشجيع تدفق الاستثمارات بين الدول بتهيئة منبر للمصالحة و التحكيم بين الحكومات و المستثمرين الأجانب .
– أسواق المال العالمية : و التي تتم فيها عملية الوساطة للأرصدة المالية بين المودعين و المستثمريـن الباحثين عن مجالات آمنة و عوائد مجزية لأموالهم و بين الشركات و الحكومات الباحثة عن السيولة و التمويل . و تلعب البنوك التجارية و المؤسسات المالية دوراً مهماً في هاته الوساطة و الأسواق المالية الدولية عموماً هي ثلاثة أنـواع رئيسية هي : أسواق عملات و إيداعات أو أسواق قروض و سندات أو أسواق أسهم و ليس من الضروري أن تكون أسواقاً منفصلة جغرافياً ، حيث يمكن للوسيط أو العميل أن يتعـامل في كل منها أو في حتى أكثر من واحد وهي كالتالي :
– أسواق النقد الأوربي ( Euro –Currencies Market ) : و هي مصدر مهم للسيولة و التمويل أمام الشركات الدولية .
– أسواق الصرف الأجنبي (Foreign Exchange Markets ) : و يتركز التعــامل فيها في ثلاث أسواق رئيسية هي : لندن ، نيويورك
طوكيو ، و أكبر هذه الأسواق هي سوق لندن الذي بلغ فيه حجم التداول العالمي ما يعادل 800 مليون دولار يومياً .
– أسواق القروض و السندات : حيث أن سوق السندات تمثل فيه السندات وسيلة تمويل تتبعها الشركات و الحكومات و يتأثر سعرهـا
بأسعار الفوائد أي أسواق القروض ، فتقوم المصارف العلمية أساسا بتقديم القروض للدول و المؤسسات و الشركات كما تقوم بذلك أيضاً المؤسسات التحويلية و التنموية . (31)
– أسواق الأسهم ( البور صات ) ( STOCK EXCHANGE ) : و هي مجـال تداول الشركـات المسجل فيها و هي ميدان خصب للاستثمـار ، و فيها تحدد القيمة السوقية للشركات المسجلة . و عن أهم الأسواق الرئيسية في العالـم فهي بورصة نيويورك ( NYSE )
و بورصة ناسداك ( NASDAC ) و بورصة أميكس ( AMEX )
– اللاعبون الكبار : و هم الذين يحركون هذه الأموال عبر الحدود ، كل لحظة و بهذه الأحجام ، و هم الحكومات و الشركات متعددة الجنسيات ، المؤسسات المالية الدولية ، و من أهم البنوك العالمية و شركات السمسرة و إدارة المحافظ و صناديق الاستثمار و بنك التسويات الدولية ، كما يلي :
– من حيث البنوك اليـابانية ، و هي من أكبر عشر مصارف في العـالم ، مثل ( فوجي ، سانوا ، سرميتومو ، بنك اليابان الصناعي …)
و من حيث الربحية فالبنوك الأمريكية هي التي تطغى على البنوك العالمية .
– شركات السمسرة و إدارة المحافظ و صناديق الاستثمارات أمثال ” نوميورا ” و ” دايو اليـابـانية ” و ” مورجان ” و ” ميريل لينش “
و ” جولدمان تسلس الأمريكية ” و غيرهما ، حيث تلعب الشركات دوراً مهماً في جميع أسواق المال العالمية .
– بنك التسويات الدولية ( INTERNATIONAL SETTLEMENT S BANK ) و تقتصر وظيفته على القيام بالعمليات المصرفية قصيرة الأجل و التنسيق بين البنوك المركزية و مناقشة أي تعديلات مقترحة على الإجراءات و الممارسات على المستوى الدولي .
ثالثا : نظام المعومات التسويقية الدولية و التجسس الاقتصادي .
من الملاحظ أن عمليات التسويق الحديث قد أصبحت مؤخرا شديدة التعقيد ، فالأسواق الآخذة في النمو و الاتساع نتيجة تعدد حاجات ورغبات المستهلكين ، و التقدم و التكنولوجيا الهائل و ما يسفر عنه من العديد من أنواع السلع و الخدمات و المنافسة تزيد وتشتد ضراوتها
هذا بالإضافة إلى تشعب عمليات التسويق الدولي و إنشاء الشركات المتعددة الحسيات يتطلب العديد من الخدمات و أنشطة الاستخبارات
التسويقية ، و من هنا يتعين البحث عن البيانات و المعلومـات التي تتعلق بالأسواق و المنافسين و الموردين و الوسطاء و التطورات التي تحدث في البيئة الخارجية و غيرها مما يتطلبه إعداد الخطط و البرامج التسويقية ، و مما يزيد من أهمية بحوث التسويق و نظم المعلومـات التسويقية .و يعتبر نظام المعلومات التسويقية المتكامل جزءا من نظام المعلومات الإدارية لدى المنشأة و الذي يتم بناؤه داخل الشركة عبر خطوات هي :
1 – تحديد الجهات التي تتعامل معها الشركة من أصحاب رأس المال و العاملين بالشركة و المستهلكين و المنافسين و الموزعين و المـوردين
و المنظمات الأخرى غير المنافسة سواء داخل الدولة التي تقيم فيها الشركة أو في دول أجنبية .
2 – تحديد أهم العوامل البيئية المرتبطة بكل جهة من الجهات السابق تحديدها كالنظم الجمركية و الضريبة و القوانـين المنظمة للمنافسـة داخل الدولـــــة .
3 – تحديد أهم البيانات الواجب جمعها عن كل متغير من هذه المتغيرات فمثلا بالنسبة للنظم الجمركية و الضريبة ممكن تصور البيـانـات الواجب جمعها عن هذا المتغير ، و هي الجهات التي تحدد هذا النظم و الجهات القائمة بتنفيذها داخل الدولة . و ما هي أهـم التطـورات
و التوقعات التي ينتظر إدخالها على هذه النظم خلال السنوات القادمة .
4 – تحديد المصادر التي ستلجأ إليها الشركة للحصول على هذه البيانات و قد تكون هذه المصادر أولية مثل المستهلكين المحليين أو الخارجين أو رجال الأعمال الذين يوجهون السياسات الاقتصادية ويساهمون في وضع النظم الحكومية .
5 – تحديد وسائل الاتصال المناسبة للحصول على البيانات من المصادر المختلفة ، و واقع الأمر أن هذه الوسائل أحد المحددات التي تفرق بين التسويق الدولي و التسويق المحلي .
6 – تبويب و تسجيل البيانات التي يتم جمعها و بناء قاعدة بيانات تحتوي على البيانات الرئيسية التي تعتمد عليها إدارة الشركة عند اتخـاذ القرارات الروتينية أو التشغيلية المرتبطة بتسويق منتوج الشركة في الأسواق الخارجية .
7 – تصميم النماذج اللازمة لعرض البيانات التي يتم تسجيلها تمهيداً لإرسالها للجهات المختلفة داخل الشركة ، و تعتبر بحوث إدارة التسويق الدولي أحد أهم هذه الجهات ، و هو يؤكد مدى العلاقة التكاملية بين نظام المعلومات التسويقية من ناحية و بحوث التسويق الدولي مــن ناحية أخرى .
كما ظهر في السنوات الأخيرة في ميدان التسويق تعبير جديد هو ” نظام المخابرات التسويقي ( الاستخبارات أو التجسس )
(MARKETING INTELLIGENCE ) و غالباً ما يقصد بهذا التعبير ” المعلومات المقيمة ” ( EVALUATED INFORMATION )
و التي أصبحت جزءاً من قوة الشركة خاصة الشركات الدولية و مكوناً من مكونات أمّنها ، خاصة في ظل التنافس بين الشركات و لذلك لم يعد التجسس الاقتصادي ( خاصة تجسس التسويق ) مطلـوباً فقط من الحكومات و الدول بل باتت حتى الشركـات تعتمد على فنيين
و اقتصاديين و حتى على عمال عاديين أحياناً للحصول على معلومات عن الشركات و المؤسسات المنافسة سواء داخل البلد الواحـد أو في البلدان المختلفة ، بل و ربما تتجاوز حدود المنافسة على الأسواق لتصل إلى حد تدمير الشركات المنافسة أحياناً ” .
و يمكن تقسيم الأساليب المستخدمة في عملية التجسس الاقتصادي إلى قسمين (32) :
1-الأساليب المباشرة : و تلجأ إليها الشركات و لا سيما الكبرى للحفاظ على تقدمها و الفوز بالسباق مع منافسيها، من هذه الأساليب :
– إقامة شركات مشتركة : حيث تعتبر مثل هذه الشركات من أهم وسائل و طرق الحصول على أسرار الصناعة و تكنولوجيا الإنتــاج
و براءات الاختراع .
– زرع الجواسيس في الشركات لسرقة الأسرار التجارية و الصناعية .
– الإغراء المادي من أجل الحصول على معلومات حيوية .
– استعمال الخبراء للتعرف على إنتاج الشركات المنافسة .
– تجنيد المتطفلين لاكتشاف أنشطة الشركة المنافسة .
– قيام الشركة بتوريط المنافس في أعمال لا أخلاقية و تهديده بغرض الحصول على معلومات منه أو عقد مقابلات دورية مع الأفراد الذين يعملون لدى المنافس تحت ستار إمكانية تعيينهم بالشركة دون أن تكون لديها النية الحقيقية لتعيينهم ( 33 ) .
2- الأساليب الغير مباشرة : و تظهر من خلال الأنشطة العلنية و المشروعة التي تقوم بها الشركات ، و من هذه الأساليب :
– حضور المعارض لاكتشاف أسرار صناعية أو تجارية .
– إنشاء المراكز العلمية لتجنيد العلماء بصورة علنية .
– القيام بدعوة المنافسين إلى ملتقيات أو حفلات أو ندوات و استخراج معلومات منهم أثناء الملتقى أو الحفل أو الندوات .
إن أشكال و أساليب التجسس السوقي لا تكاد قائمتهما تنتهي ، فيمكن أن تكون من خلال أي شيء ، و عـن طريق وسائل مختلفــة
و متعددة ، و ما تمت الإشارة إليه لا يمكن اعتباره أكثر من نماذج للأشكال السائدة .
و لعل أحدث أشكال التجسس في عصر العولمة هو التجسس عبر ” الانترنيت ” فقد أتاحت الحرية الإلكترونية عبر شبكة الانترنيت ليـس الوصول إلى السلع و الخدمات بل و القيام بسرقات تقنية و الحصول على أسرار و معلومات تجارية و صناعية .
و لعل من أبراز أعمال التجسس الاقتصادي هو تعاون الشركات المتعددة الجنسيات مع حكوماتها الأم في هذا المجال . و أن تجد نفسها مجبرة على ممارسة ضغوط متعددة على حكوماتها لمساندتها في كسب الأسواق ، و الصمود أمام المنافسة التي ستواجهها .
و السؤال المطروح هو إلى أي مدى نستطيع أن نبررقيام الشركات بالتجسس الإقتصادي عامة والتجسس التسويقي خاصة ، على المستوى المحلي أو الدولي ؟ وطبقا لإسهامات وول وشن ( Wall and Shin ) في المجالات الخاصة بالتجسس لمنظمة المهتمة بها.
وذلك على النحوالموضح كما يلي: جدول رقم ( 2) : المجالات الأساسية للتحبس والمنظمات المهتمة بها :
نوع المنظمات التي تهتم بالتجسس كل مجال بالترتيب الترتيب مجال التحبس
تجار الجملة والتجزئة تليها المنظمات المنتجة للسلع 1 التسعير
تجار الجملة والتجزئة والمؤسسات التعليمية ، ومنظمات الخدمة ، الاجتماعية وشركات النقل
ومنظمات المنافع العامة . 2 خطط التوسع
شركات النقل ، ومنظمات المنافع العامة ، ووكالات الإعلان ، ووسائل الإعلان ، ودور النشر
والبنوك ، وشركات التامين . 3 خطط المنافسة
وكالات الإعلان ، ووسائل الإعلان ، ودور النشر ، وتجار الجملة ، والتجزئة والنقل ومنظمات المنافع العامة . 4 إستراتيجية الترويج
صناعات الدفاع والفضاء ، وشركات المقاولات ، وشركات التعدين ،ة وشركات البترول .
والمنظمات المنتجة لسلع صناعية 5 بيانات التكلفة
تجار الجملة والتجزئة ، ووكالات الإعلان ، ، ووسائل الإعلان ، ودور النشر ، والمنظمات المنتجة للسلع الصناعية . 6 إحصاءات المبيعات
صناعات الدفاع والفضاء ، وشركات السلع الموجهة للمستهلك ، والشركات المنتجة للسلع الصناعية . 7 البحوث والتنمية
الشركات المنتجة للسلع الاستهلاكية ، ووكالات الإعلان ، ووسائل الإعلان ودور النشر 8 نمط وشكل المنتج
الشركات لسلع استهلاكية ، والشركات المنتجة للسلع الصناعية والحكومية . 9 العمليات الإنتاجية
الشركات المنتجة للسلع الصناعية ، والشركات المنتجة لسلع استهلاكية
10 براءات الإختراع
شركات المقاولات ، وشركات التعدين ، وشركات البترول ، وشركات النقل ، وشركات المنافع العامة . 11 التمويل
مؤسسات التعليم ، ومنظمات الخدمة الاجتماعية ، والبنوك وشركات التأمين . 12 تعويضات وأجور الإداريين
المصدر : اسماعيل محمد السيد ، الإدارة الإستراتيجية ( الإسكندرية : المكتب العربي الحديث ، 1990 ) ، ص 128.
(Wall J and B.P.Shin. seeking competitive Information. 1980). نقلا عن :
إن الأهمية المتنامية للمعلومات لاتخاذ القرارات اللازمة للتكيف مع البيئة التسويقية المتغيرة أو للتأثر فيها ، خاصة فيما تتعلق بالبيئة التنافسية ، حفاظا على بقاء أو نمو الشركات في الأسواق المحلية أو الدولية ، هي التي جعلت مديري الشركات – خاصة الكبرى منها – لا يرون بأسـاً من الوصول إليها بأية طريقة ، و بأية وسيلة ، و لهذا كان نظام المعلومات التسويقية من أهم الأشياء التي يجب على الشركات أن تحوز عليها قصد متابعة بيئتها باستمرار و استغلال الفرص التي تتيحها أو تجنب المخاطر و التهديدات التي تفرزها .
المبحث الثالث : الإطار الاستراتيجي الديناميكي للتسويق الدولي في مواجهة البيئة المتغيرة .
إن تحديد الإطار الاستراتيجي يتطلب تصميم و تنفيذ و مراقبة الاستراتيجيات حيث يتناول التصميم للاستراتيجيات كيفية تحليل البيئة لدراسة نقاط الضعف و القوة و الفرص و المخاطر ( تهديدات ) الموجودة في البيئة الداخلية و الخارجية ، بالإضافة إلى الاستراتيجيات المتعلقة بكيفية دخول الأسواق الدولية بطريقة تؤدي إلى خلق أساس ديناميكي لتعديل الإستراتيجيات مع التغيير النوعي و الكمي في البيئـة عـبر الزمن ، أما تنفيذ الاستراتيجيات ، فيجب أن يتم مع أخذ الاختلافات البيئية في الحسبان لتحقيق الأهداف فاختيار الشريك – في حالــة الاستثمار المشترك أو عقود الترخيص – يتطلب تقويمه و مدى تحقيق توافق استراتيجي بينه و بين الشركة ، بالاضافة إلى تكييف إدارة هذا المشروع المشترك و تنظيمها و الممارسات الإدارية مع بيئة هذا المشروع . و بالنسبة للرقابة على الاستراتيجيات فإن المعايير المالية لا تكفي ، إذ لابد من التأكد من أن العلاقات بين الشركة الدوليـة و الدولة المضيفة معززة في إطار مدى تحقيق أنشطة التسويق الدولي و مواجهـة المنافسة .
أولا : استراتيجيات الدخول إلى السواق الدولية و العوامل المؤثرة فيها :
يقصد باستراتيجية دخول الأسواق الدولية الوسيلة طويلة الأجل التي تتبعها الشركة لعرض منتجاتها في الأسواق الأجنبية بما يحقق أهدافها الاستراتيجية سواء كانت إيجاد أسواق دائمة لمنتجاتها في الخـارج أو تحقيق مراكز تنافسية متقدمة مقارنة بالشركات المتنافسة لها في تلك الأسواق (34) . و لهذا فإن المشكلة المسيطرة في عملية تصميــم الإستراتيجيات تتمثل في تأثير العوامل البيئية المختلفة عليها ، خاصة من ناحية التأثير في اتباع خطوات تصميم و اختيار توقيت دخـول الأسواق الدولية ، و لهذا ينبغي على الإدارة العليا بصفة عامة و إدارة التسويق الدولي بصفة خاصة أن تكون على دراية تامة بالفـوارق بين الأسواق من حيث متغيرات البيئة الثقافية و الاجتماعية و السياسية و القانونية و الإقتصادية ، واستخدام إجراءات جمع المعلومــات
و أساليب التحليل لهذه البيئة حتى تحقق التكييف المطلوب معهــا .
و من العوامل البيئية التي تواجه غزو السواق الدولية و القرارات المرتبطة بـها هـــي :
– عوامل ترجع إلى خصائص الدولة المعنية ( HOST COUNTRY S RELATED FACTORS ) .
– عوامل ترجع إلى خصائص الدولة الأم ( HOME COUNRY S RELATED FACTORD ) .
– عوامل ترجع إلى خصائص الشركة المعنية ( S RELATED FACTORS ‘FERM ).
– عوامل ترجع إلى خصائص متخذ القرار ( S RELATED FACTORS‘MARKER DECISION ) .
– عوامل دولية ذات طبيعة عامة تؤثر على توجيهات و نشاط الشركات المعنية ( INTERNATIONAL RELATED FACTORS ) .
بالإضافة إلى هذه العوامل السالفة الذكر هناك عوامل أخرى لها علاقة بشكل معين من أشكال الاستثمار كوسيلة لغزو الأسواق المضيفة وهــي:
– مدى رغبة وأهمية تحكم الشركة في السوق الأجنبي والرقابة عليه .
– أهمية المعلومات التسويقية في علاقتها بنمط و أهداف الشركة المستقبلة .
– الخبرة السابقة للشركات بالأسواق الأجنبية بصفة عامة وبالسوق المستهدف غزوه بصفة خاصة .
– الضمانات والامتيازات التي تمنحها كل من الحكومة الأم والحكومة المضيفة ( أو ما يطلق ضغوط الحكومة الأم والحكومة المضيفة
HOM / PARENT and HOST GOVERNMENT DRESURES ) .
فضلاً عن طبيعة العلاقات السياسية و الاقتصادية القائمة بين الحكومتين ، يمكن القول أن عوامل موقعية عديدة منها الحاكمية و الشرطية
ومنها الدافعة أيضاً تؤثّر على الأسلوب / النموذج الذي سيتم اختياره لغزو السوق الأجنبي ، و في هذا الخصوص تجدر الإشارة إلى مسارات ( PATHS ) غزو الأسواق الأجنبية يمكن أن تأخذ عدة أشكال أو نماذج أهمهــا (35) :
1 – النموذج التدريجي أو التطوري : طبقاً لهذا النموذج كما اقترحه ( JOHANSON and VAHLNE ) فإن عملية التدويل لا يجب أن تتم بشكل مباشر أو مفاجئ ، حيث ممكن للشركة المعينة أن تفاضل بين نمطـين :
– النمط الأول هو أن تقوم بالاستثمار في سوق أجنبي معين من خلال التصدير غير المنتظم ثم التصدير من خلال وكيل ، ثم من خلال إنشاء مكتب بيع بالدولة المضيفة إلى أن تقوم بالإنتاج من خلال إنشاء فرع / مركزا إنتاجياً ( SUBSIDIARY ) داخل هذه الدولة .
– أما النمط الثاني فينطوي على قيام الشركة بتحديد البلاد القريبة الشبه من السوق المستهدف ثم دخول هذا السوق بعد الفهم العميق للاختلافات القائمة بين الوطن الأم و هذا السوق .
2- نموذج التدويل التعاوني : (Cooperative Internalisationlisation )
طبقا هذا النموذج يمكن التعاون بين شركتين أو أكثر ( شركة وطنية وأخرى أجنبية أو شركتين وطنيتين ) في غزو سوق أجنبي معين ، مما يقلل من الأخطار التجارية من ناحية ، ومن ناحية أخرى فإن جوانب القوة لدى أحد أطراف الإستثمار سوف يعالج جوانب الضعف لدى الطرف الآخر ، وقد يكون التعاون في شكل تصدير أو المشاركة في شراء شركة قائمة أو إنشاء فرعا مشتركا أو أي شكل آخر .
3- النموذج المباشر : حيث يتم غزو السوق من خلال الإستثمار المباشر أي من خلال التملك المطلق لمشروع الإستثمار أو الإستثمار المنشترك أو الإندماج أو شراء شركات وطنية قائمة بالدولة المضيفة … لخ
ومن بين العوامل الأخرى التي تعتبر حاسمة أو مؤثرة بدرجة كبيرة على قرار اختيار مسار أو نموذج معين لغزو السوق الأجنبي مايلي (36 )
– أهمية الرقابة والسيطرة على النشاط بالنسبة للشركة المعنية .
– تكلفة المسار أو الأسلوب الذي سيتم اختياره ( على نحو ما سبق الإشارة إليه ) .
بمجرد دخول الأسواق الدولية ، فإنه يمكن توقع احتمالات تغير نمط الدخول بدرجة عالية من الدقة ، فبمرور الوقت سوف تختار الشركة نمط الدخول الذي يمنحها أكبر قدر ممكن من السيطرة على عملياتها التسويقية الدولية ” ولكن لكي تحقق الشركة سيطرة أكبر على عملياتها يجب الإلتزام بتخصيص موارد أكبر للأسواق الدولية وبالتالي التعرض لدرجة أكبر من المخاطر السياسية والتسويقية ، ومع ذلك فإن الثقة المكتسبة في قدرة الشركة على المنافسة في الأسواق الدولية تجعل الشركة تختار درجة أعلى من السيطرة على عمليلتها على الرغم من ارتفاع درجة المخاطرة . وعليه تزداد رغبة الشركة في دخول الأسواق الدولية عن طريق الإستثمارات مملوكة لها سواء مملوكة لها بالكامل أو مملوكة جزئيا ( 37 ) :
ترجع العديد من الدراسات عوامل فشل الشركات في الأسواق الدولية في مواجهة المنافسة ومن ثم الخروج المبكر من السوق إلى سببين :
الدخول إلى الأسواق الدولية والإختيار الخاطئ لتوقيت دخولها لذلك فإن دخول سوق مستهدفة يتطلب الدقة في اتباع خطوات الدخول إليه مقترنة باختيار مناسب لدخول هذه السوق كما نوضحه في الجدول التالـي :
جدول رقم ( 03) : خطوات استراتجية الدخول إلى الأسواق الدولية واختيار توقيتـه :
اختيار توقيت دخول الأسواق الدولية خطوات استراتجية الدخول إلى الأسواق الدولية
1- تهيهة المستهلك الأجنبي قبل دخول السوق الدولية
لتقبل منتوج الشركة وقد تكون تهيئة طبيعية وبالتالي استغلال الفرصة لعرض هذا المنتوج الذي يشبع الرغبات الكامنة لدى المستهلكين.
2- التعرف على اتجاه السياسة الحكومية في الدولة الأجنبية .
3- مراعاة الظروف المناخية للدولة الأجنبية .
4- مراعاة توافق أوقات الإنتاج في الدولة المصدرة مع أوقات الطلب في الدولة المستوردة الأمر الذي يعطيها ميزة لية عن بقية الدول المصدرة الأخرى التي يتأخر موعد انتاج منتوجها عند وقت الطلب عليه .
1- دراسة الطلب وذلك بجمع بيانات عن المستهلكين الحاليين والمرتقبين للمنتج وتحديد نوعية المستهلكين وخصائصهم الديمغرافية ورغباتهم واحتياجاتهم وآرائهم عن المنتجات الحالية المتاحة في السوق .
2- دراسة العرض وذلك بجمع بيانات عن عدد الشركات المتنافسة في تقديم المنتوج واستراتجيات المزيج التسويقي التي تتبعها كل شركة من الشركات المنافسة ، وحجم العرض الكلي بالنسبة لكل شركة تسويقية
والفجوة بين العرض والطلب لكل شريحة منها .
3- تحديد الشريحة التسويقية التي ستتعامل معها الشركة وتقدم لها منتوجاتها .
المصدر : بتصرف من الباحث
ثانيـا : التحالفات الإستراتجية الدولية
إن مفهوم التحالفات الإستراجية ينطوي على مجموعة واسعة من العلاقات التعاقدية التي تنشأ بين شركات متنافسة في أقطار مختلفة لتحقيق هذف معين أو مجموعة من الأهداف من بينها دخول الأسواق الأجنبية والتساؤل الذي يطرح هنا هو لماذا أصبحت التحالفات الإستراتجية ضرورة ؟ وما الذي يدفع شركة معينة إلى مساعدة منافس لها على دخول أسواقها المحلية ؟
إن التحالفات بين الشركات الكبيرة والصغيرة والتحالفات بين الحكومات أو الحكومة والشركات أصبحت ضرورة معاصرة للتغلب على المشكلات لمواجهة التحديات التكنولوجية والبيئية المالية وبالتحديد أصبحت التحالفات هامة للإعتبارات التالية (38):
1- امتداد العلاقات التكنولوجية المتداخلة في البحوث والتطوير ( البحوث الأساسية والرئيسية و التطبيقية ).
2- يتطلب إنتاج التكنلوجيا تحالفات بين الجامعات ومراكز البحث العلمي والحكومات والمؤسسات الدولية مثل اليونيدر والفاو FAO ومنظمة الصحة العالمية ومؤسسات الأمم المتحدة الأخرى .
3- أدى تكامل الأسواق العالمية إلى استخدام آليات التحالفات للربط والتنيسق بين مجموعة دول الإتحاد الأوربي وبين الشركات العالمية والتحالف بين مجموعة دول إتحاد النافتا ( أمريكا وكندا والمكسيك ) .
4- ويدعو التعاون في عالم الأعمال إلى إنشاء تحالفات ثنائية أو متعددة الأطراف مثال ذلك التعاون بين الدول العربية في سبيل إنشاء المناطق الحرة والإتحادات الجمركية والسوق العربية المشتركة مستقبلا .
يتضح مما سبق أن هناك عدة أسباب وراء التعاون الإستراتيجي العالمي أولها لمواجهة التحديات والمخاطر والأزمات وثانيها لضمان توفير الإحتياجات من المهارات والموارد والخبرة اللازمة لإختراق الأسواق الجديدة . وثالثا لتحقيق رافعة تمويلية جديدة وبتكلفة محدودة .
* شروط التحالف الإستراتيجي العالمي :
أشار ” سبيكمان ” ( SPEkAMAN ) وزملاؤه إلى عدة متطلبات لتكوين التحالف منها :
– ضرورة فهم قدرات أطراف التحالف المزمع تكوينه .
– فهم ثقافة واستراتيجية كل شركة
– تحديد وتشكيل رؤية كل طرف وتوصيلها للأطراف الأخرى بشكل سهل وواضح حتى يمكن بناء الرؤية المشتركة بينهم .
– تكوين أو وضع تصور للتوقعات أو النتائج الممكن تحقيقها من وراء تكوين التحالف .
وحسب كل من ( TERPSTKAR & SARATHY ) فإن المعايير التي تأخذها الشركات الدولية في الإعتبار عند اختيار شركاء التحالف هي :
– أن يكون لدى كل طرف ميزة تنافسية – إنتاجية أو تكنلوجية أو تسويقية .
– أن تكون مساهمات كل طرف متوازنة .
– أن يتفق الطرفان على الاستراتيجية العالمية المزمع اتباعها .
– أن يكون احتمال تحول أحد الأطراف إلى منافس قوي في المستقبل إحتمالا ضعيفا .
– أن يكون من المفضل التعاون مع الطرف الآخر بدلا من منافسته .
– أن يكون هناك توافق بين الشركتين على مستوى الإدارة العليا لكل منهما .
– * أشكال التحالف الإستراتيجي العالمي : توجد في العالم أشكالا عديدة للتحالف الإستراتيجي العالمي ، تهدف إلى تقليل درجة المخاطرة المرتبطة بتطوير التكنولوجيا جديدة ، أو تحقبيق وفورات الحجم في الإنتاج أو دخول سوق جديدة بتكلفة منخفضة ، وعليه فإن التحالفات الإستراتجية قد تكون :
1- تحالفات استراتيجية تكنولوجية مثل مشروعات الفضاء والطاقة والإلكترونيات وتكنلوجيا المعلومات … إلخ
2- تحالفات استراتيجية تكنولوجية مثل مشروعات انتاجية مثل مشروعات صناعة السيارات المتوسطة والصغيرة الحجم … إلخ
* عوامل نجاح التحالفات اللإستراتجية العالمية :
بالإضافة إلى الشروط السابقة ، توجد عوامل أخرى ضرورية لنجاح التحالفات الإستراتجية العالمية منها (39).
1- تطبيق رسالة للمشاركة ( MISSION ) في توفر النجاح المشترك المتوقع منةخلال التعاون والتفاهم بين الأطراف .
2-الإستراتيجية التي تجنب الصراعات والمنازعات .
3- يعتبر الحوار والتفاهم أساس التعامل والمساواة في العلاقات التي تبنى قاعدة رئيسية لتحقيق التوازن بين الشركاء .
4- توفر ثقافة للتعاون والقيم المشتركة .
5- بناء تنظيم قوي يتناسب مع الإدارة العالمية للهيكل الجديد .
6- يجب أن تشمل الإدارة اتفاقية الشراكة الإستراتجية تحديدا واضحا للقرارات وكيفية الإختيار بين البدائل ومعالجة المخاطر وحسم المنازعات وخطوط السلطة .
يتضح مما سبق أن البيئة التنافسية العالمية دائمة التغيير وتزايد المخاطر مما يؤدي إلى ضرورة البحث عن شركاء أو حلفاء استراتجيين لمواجهة المخاطر ، وخاصة الحلفاء الجدد في الأسواق العالمية . ويرتبط منطق هذا التحالف بالرغبة في التنافس العالمي من خلال (40):
1- الاشتراك في تبادل الخبرات والإمكانات والتكنلوجيا .
2- أهمية الإستفادة من التكاليف الثابتة المتاحة فعلا في تعظيم الأرباح .
3- تجنب مخاطر رأس المال الأجنبي المباشر .
ثالثـا : الإستراتجية التنافسية الدولية :
في ظل اقتصاد السوق وعندما تسود المنافسة الدولية تسعى منشآت الأعمال إلى تبني الإستراتجيات التنافسية المناسبة التي تحافظ من خلالها على مركزها في السوق الدولي وتحمي كيانها في مواجهة المنافسين وسوف تجد الشركات الدولية العديد من الإستراتجيات التنافسية البديلة متاحةأمامها ، لكن أيهما تختار ؟ وأيهما يعتبر الأفضل بالنسبة لنشاطها ؟ وبصفة عامة تختلف الإستراتجية التنافسية باختلاف الموقف التنافسي الذي تقع فيه الشركة ، هل هي شركة قائدة أم شركة متحدية أم تابعة أم متخصصة ؟
1- استراتجية القيادة : يوجد في معظم الصناعات قائد معروف للسوق والمنشآت القائدة أو الرائدة يكون لها النصيب الأكبر من حجم السوق الكلي .
إن قائد السوق يمثل النقطة البؤرية بالنسبة للمنافسين فكل منشأة منافسة إما أن تتحداه أو تقلده أو تتجنبه مثل القائد موتورز ( السيارات ) وكوادك ( التصوير ) ، …إلخ .ورغم أن الشركة الرائدة تقود السوق إلا أن حياتها ليست سهلة إذ عليها أن تبقى يقظة دائما لأن المنشآت
الأخرى قد تتحدى عناصر القوة لديها وقد تسعى للحصول على مزايا من خلال مهاجمتها لجوانب الضعف لديها وقد تعتمد المنشآت
الرائدة في مواجهة المنافسة محافظة على زيادتها . وقد تتراجع وتتقهقر أمام هجمات وضربات المنافسين ، وإذا أرادت المنشآت الرائدة أن تبقى على نشاطها قائدة فإن عليها أن تختار ثلاث استراتجيات من بينـها :
أ- التوسع في السوق الحالي : وزيادة الطلب الإجمالي في السوق الكلي من خلال ثلاث استراتجيات فرعية تشمل :
* اضافة مستخدمين جدد واجتذاب المستهلكين نحو منتوج الشركة.
* إيجاد استخدامات جديدة للمنتوج الشركة والترويج له .
* زيادة معدلات إستخدام المنتوج بكميات أكبر .
ب- حماية النصيب السوقي للشركة والمحافظة على أنشطتها في مواجهة المنافسين وذلك باستخدام عدد من الإستراتجيات الدفاعية التالية :
* الدفاع عن مركز الشركة واقامة تحصينات حول مركزها الحالي وتقويته .
* الدفاع عن الجوانب أو ” الأجنحة ” وتولي الإهتمام بمراقبة جوانبها الأكثر عرضة لهجوم المنافسين .
* الدفاع الوقائي والمبادرة للهجوم السريع قبل أن يتحرك المنافسون ضد الشركة .
* الدفاع من خلال الهجوم المضاد عندما تجد الشركة نفسها أصبحت موقع المهاجمة يرغم جهودها في حماية جوانبها الضعيفة أو دفاعها الوقائي ضد المنافسـين .
* الدفاع المتحرك والقيام بأكثر من تحرك من أجل حماية وتدعيم الشركة مركزها في السوق الدولي كدخولها أسواق جديدة وتوسيع سوقهــا .
* الدفع بالإنسحاب المخطط عندما تصبح الشركة غير قادرة على الدفاع عن كل أوضاعها في السوق ، عندئذ تلجأإلى الإنسحاب المخطط من بعض المواقع كاسقاط بعض المنتجات وترك البقية في السوق .
ج- استراتجية التحدي : بمعنى الشركات المتحدية تسعى لزيادة نصيبها السوقي من أجل زيادة الربحية . وأن تختار أي المنافسين الذين تتحداهم ؟ والشركة المتحدية يمكنها مهاجمة قائد السوق وفي ذلك مخاطرة لها و في نفس الوقت ممكن أن تحقق مكسبا كبيرا ولتحقيق هذا النجاح عليها أن تملك ميزة تنافسية واضحة في مواجهة قائد السوق ، إذا كان هذا الأخير لايخدم السوق بشكل جيد .
ومن بين الإستراتجيات التي يعتمدها المستخدمون في السوق هي :
* هجوم المواجهة الأمامية شريطة أن تكون لديه القدرة على الصمود والإستمرار .
* هجوم الجوانب أو الأجنحة والتي غالبا ما تتناسب هذه الإستراتجية مع المنشآت التي مواردها أقل من المنافس .
* هجوم متعدد الجوانب والتي تكون مقبولة في حالة توفر موارد كبيرة وكافية لمهاجمة المنافسين في اتجاهات عديدة .
* هجوم التجنب وهي استراتجية غير مباشرة بحيث تتجنب المنشأة المتحدية المواجهة مباشرة مع المنافس وتستهدف أسواق جديدة .
* هجوم العصابات وهي أحد الخيارات المطروحة أمام المتحدي خاصة منها الصغار ذوي الموارد الغير الكافية ، ووفق هذه الإستراتجية تعتمد الشركة في هجومها إلى شن هجمات مركزة وسريعة متقطعة تربك المنافس وتلحق به الضرر في السوق .
3- استراتجية التبعية : هناك ثلاث استراتجيات تكون محل اختيار من جانب التابعين وهــي :
* التبعية الغربية الكاملة وفيها تظهر الشركة التابعة كمتحدية للشركة الرائدة ولكن بطريقة غير مباشرة وطالما أن الشركة التابعة لاتضايق قائد السوق ولا تهاجمه فلا يحدث صدام بينهما .
* التبعية عن بعد ، وفيها تحتفظ الشركة التابعة لنفسها بنواحي خاصة تميزها عن الشركة الرائدة وتتبعها في بعض المزيج التسويقي الهامة ، ولا ترى الشركة الرائدة أن هذه الإستراتجيات تمثل تحديا مباشرا لها ، كا أن السوق يستفيد منها عموما لأنها تجنبه مساوئ الإحتكار للقادة
* التبعية الإختيارية ، وفيها نختار الشركة التابعة بعض الجوانب المتميزة في المزيج التسويقي للشركة الرائدة وتتبعها بشرط أن تسمح امكانياتها بذلك ، وعندما تستمر الإستراتجية التبعية الإختيارية وتنمو ، فقد تتحول التابعة مستقبلا إلى شركة متحدية .
4- استراتجية التجنب : لتفادي بعض الشركات التصادم مع المنافسين فإنها تبحث عن أماكن أو مجالات في السوق تكون مهملة من جانب الشركات الكبرى فيعملون على خدماتها بفاعلية وينشطون في المجال التخطيطي الذي يكون مناسبا للشركة المتحدية وفق الشروط التالية :
– أن يتضمن حجما الطلب والقوة الشرائية .
– أن يتضمن إمكانية النمو مستقبلا .
– أن يكون موضوع اهتمام الشركات الكبرى .
– أن تتوفر لدى الشركة الموارد والمهارات اللازمة لذلك .
– أن يكون بمقدور الشركة الدفاع عن نفسها في هذا المجال إذا ماهوجمت .
– أن أساس استراتجيات التجنب هو أن تلجأ الشركة إلى التخصيص الذي يتخذ صورا عديدة منها :
* التخصيص على أساس العمل النهائي . كأن تخصص منشأة قانونية في خدمة قضايا العملاء أو رجال الأعمال المستأجرين …إلخ .
* التخصيص على أساس حجم العميل فقد تتخصص الشركة في البيع لكبار العملاء أو يقتصر نشاطها في البيع لصغار العملاء وقد تبيع فقط لمنشآت الجملة أو تبيع لمنشآت التجزئة .
* التخصيص على المستوى الرأسي فقد تتخصص الشركة في حلقة من حلقات الإنتاج والتوزيع الرأسي ، كأن تتخصص المنشأة في غزل النسيج أو صياغة الأقمشة أوتوزيعها بالتجزئة .
* التخصيص الجغرافي فقد تتعامل المنشآة على المستوى العالمي أو الإقليمي أو المحلي .
* التخصيص في أحد أجزاء المنتوج .
* التخصيص بالتركيز على أحد عناصر المزيج التسويقي كأن تتجه للتركيز على الجودة العالمية أو السعر المرتفع أو تقديم خدمات … إلخ
• التخصيص في تقديم خدمات خاصة جدا للعملاء مثل الخدمات الخاصة التي تبتكرها بعض البنوك وشركات التوزيع .
الخاتـمة :
لقد زاد الإهنمام من قبل الشركات وغيرها بموضوعات التسويق الدولي ” وخاصة مايتعلق بالإستراتجيات واستغلال الفرص التسويقية في الأسواق الخارجية لمواجهة المنافسة وتحديها وكيفية التكيف مع البيئة التسويقية ومراعاة تحقيق التوازن بين التغير المستمر للبيئة وإمكانيات الشركة لتحقيق البقاء والإستمرار في الأسواق الخارجية مما يتطلب رؤية استراتجية دينامكية فعالة للشركة الدولية ككل وإدارة التسويق الدولي بشكل خاص .
من خلال هذا البحث فإنه تم التوصل إلى أهم النقاط التالية :
1- أهم مظاهر الإرتباط بين التسويق الدولي والتجارة الدولية تتمثل في :
– أن التجارة الدولية ( التصدير ) هي أحد المجالات الأساسية للتسويق الدولي .
– أن كل من نظريات التجارة الدولية والتسويق الدولي يتناولان موضوع تفسير أسباب قيام التبادل الدولي ، حيث يحلل التسويق الدولي هذه الأسباب بدلالة عنصرين : الأول هو حاجات ورغبات المستهلك الأجنبي ، والثاني هو انتاج السلع والخدمات المطابقة لهذه الحاجات والرغبات .
2- أهم مظاهر الإرتباط بين التسويق الدولي والأعمال الدولية تتمثل فيما يلي :
– أن مجالات الأعمال الدولية ( التصدير والإستثمار الأجنبي ) هما نفس مجالات التسويق الدولي هذا إن لم نقل أن التسويق الدولي وظيفة من وظائف إدارة الأعمال الدولية .
– أن كل من الأعمال الدولية والتسويق الدولي يلتقيان ويتقاطعان في فكرة وجوب تحليل وتفسير قيام التبادل الدولي على أساس الشركات وليس على أساس الدول .
3- أهم فرق بين التسويق المحلي والتسويق الدولي هو إختلاف البيئة التسويقية التي يعملان فيها ، وما ينبني على ذلك من فرق في النشاطات التسويقية بينهما من حيث أن نشاطات التسويق الدولي تكتسي البعد الدولي .
4- إن الأعمال الدولية بصفة عامة والنشاط التسويقي – خاصة الدولي – بصفة خاصة يتسمان بالدينامكية والتطور ، فعلى الشركات أن تدرك أنه لايمكنها البقاء والإستمرار في التسويق – خاصة الخارجية – إذ لم تعدل من أنشطتها ومنها النشاط التسويقي وفقا للتغيرات السريعة والدائمة التي تحدث في بيئة الأعمال الدولية والبيئة التسويقية .
5- من اهم المظاهر والعوامل الأكثر أهمية في العولمة الإقتصادية هي التجارة الدولية والاستثمار الدولي ، وباعتبار هذين العاملين هما من مجالات الأعمال الدولية والتسويق الدولي فإن الشركات المتعددة الجنسيات تحتل قلب العولمة الإقتصادية إذ أنها المحرك الأساسي لعملية التكامل الاقتصادي العالمي ، والقوة التي وراء التحولات في النشاط الإقتصادي العالمي .
6- إن أهمية استمرار الحصول على المعلومات بشكل منتظم ومتابعتها وتهيئتها بشكل مخطط ومنظم أدى إلى نشوء الحاجة إلى تطوير نظم متكاملة للمعلومات الإدارية لدى الشركة ، خاصة الحاجة إلى نظام معلومات تسويقية دولية والذي هو عبارة عن شبكة أو هيكل متداخل من العلاقات بين الأفراد والأجهزة والإجراءات المصممة لتوليد تدفق المعلومات المجمعة من مصادرها المحددة لتستخدم كأساس لإتخاذ القرارات التسويقية .
7- أصبحت المعلومات جزءا من القوة الإستراتجية للشركة، خاصة الشركات الدولية ومكونا من مكونات أمنها خاصة في ظل التنافس بين الشركات ، ولذلك لم يعد التجسس الإقتصادي ( ومنه التسويق ) مطلوبا فقط من الحكومات والدول ، بل باتت حتى الشركات تعتمد على فنيين واقتصاديين وغيرهم للحصول على معلومات عن الشركات والمؤسسات المنافسة داخل البلد
8- أن البدائل الإستراتيجية تتمثل بصفة عامة في استراتجيات الدخول إلى الأسواق الدولية ، التحالفات الإستراتجية الدولية وغيرها من الإستراتجيات لمواجهة المنافسة الدولية .
9- التحالفات الإستراتجية الدولية تنطوي على مجموعة واسعة من العلاقات التعاقدية التي تنشأ بين شركات منافسة في أقطار مختلفة لتحقيق هدف معين مثل دخول الأسواق الدولية وقد تكون هذه التحالفات تكنلوجية أو انتاجية أو تسويقية .
10- الهدف من التحالفات الإستراتيجية هو الرفع من القدرات الإستراتيجية لأطراف التحالف وتخفيف التكاليف وتحقيق درجة المنافسة .
التوصيــات
إن التوجه نحو إنشاء التكتلات الإقتصادية الكبرى وانتشار الشركات المتعددة الجنسيا ت واتجاهها نحو العالمية في شكل تحالفات اقتصادية و تجارية إما كاملة أو جزئيا في بعض مجالات إدارية الأعمال ، والشعور بأن الصراع والمنافسة القاتلة والطاحنة لا تفيد في مواجهة تلك التحديات الجسام ، لذلك بدأت تظهر الإتجاهات نحو التعاون والتكامل والتنسيق الاقتصادي والتسويق المشترك الذي يأخذ شكل تحالف استراتيجي عالمي وإعطاء الأولويات للمنافسة التعاونية بعيدا عن الاحتكارات والمنافسات الضارة وعلية فإننا نوصي بضرورة التحالف الإستراتيجي الإقتصادي العربي في ظل عالم التكتلات والصراعات والمنافسات والذي يقتضي مايلي :
1- التنسيق الاقتصادي بين الدول العربية وبناء المؤسسا ت الاقتصادية المتكاملة مع مراعاة ظروف كل قطر عربي .
2-تفعيل السوق العربية المشتركة ونجاحها والنهوض بها ضرورة حتمية تفرضها طبيعة التغيرات الإقتصادية العالمية القائمة على التكتلات الضخمة
3-الوصول إلى التنمية المنشودة لإقتصادياتنا العربية وتدعيم مؤهلاتنا التجارية وتعزيز قدراتنا على المنافسة الدولية من أجل مسايرة العولمة الإقتصادية والدخول في المنافسة مع التكنلات العالمية .
4-إزالة الحواجز الجمركية بين الدول العربية وبالتالي فتح الأسواق العربية أمام السلع التي يتم إنتاجها في كل الدول مما يساهم في بناء اقتصاديات عربية قوية تستطيع مجابهة التحديات التي تواجهها وبحيث تواكب التكتلات الإقتصادية القائمة ، بل وتكون منافسا لها .
5- تفعيل دور منطقة التجارة الحرة العربية لتعظيم دور السوق العربية المشتركة .
6- تشجيع التجمعات الاقتصادية الصغيرة بين الدول العربية سواءا أكانت في شكل ثنائيات إقتصادية أو تجمعات إقليمية بين دول المغرب العربي أو بين دول الخليج ولاينبغي أن تتعامل معها من خلال نظرة ضيقة أو أنها موجهة ضد أحد ، فهي مقدمة حقيقية لتعاون إقتصادي فعال في المنطقة العربية .
الإمبراطورية العثمانية وعلاقاتها الدولية في ثلاثينات وأربعينات القرن التاسع عشر / المؤلف : نينل الكسندروفنا دولينا – ترجمة : أنور محمد إبراهيم
الحجم : 5.5 MB
http://www.4shared.com/get/n3FU1bvC/___________.html
المنظمات الدولية والإقليمية تحت
وطأة العولمةصار مصطلح العولمة متداولاً مع انتهاء الحرب الباردة وسقوط الإتحاد السوفياتي, وقبل هذه المرحلة لم يكن مطروحاً لا في وثائق الأمم المتحدة ولا في وثائق سائر المنظمات الدولية والإقليمية. ومن اللافت أن تتضارب محدّدات العولمة في إطارها الزمني, ومجالها المكاني, ومضامينها الوظيفية. حتى أنّ بعض الكتّاب يرجعها إلى الوراء, إلى بداية النهضة الأوروبية بعد عصر التنوير!
ثمّة خلط بين مفهوم العولمة, ومفهوم العالمية. وهناك اختلاف في تحديد مضمون المصطلح وفي أبعاده, خصوصاً إذا كان الأمــر يتعلــق بالمنظمات الدوليـــة والإقليمية.
صار مصطلح العولمة متداولاً مع انتهاء الحرب الباردة وسقوط الإتحاد السوفياتي, وقبل هذه المرحلة لم يكن مطروحاً لا في وثائق الأمم المتحدة ولا في وثائق سائر المنظمات الدولية والإقليمية. ومن اللافت أن تتضارب محدّدات العولمة في إطارها الزمني, ومجالها المكاني, ومضامينها الوظيفية. حتى أنّ بعض الكتّاب يرجعها إلى الوراء, إلى بداية النهضة الأوروبية بعد عصر التنوير!
ثمّة خلط بين مفهوم العولمة, ومفهوم العالمية. وهناك اختلاف في تحديد مضمون المصطلح وفي أبعاده, خصوصاً إذا كان الأمــر يتعلــق بالمنظمات الدوليـــة والإقليمية.
إلى ذلك, يشهد التنظيم الدولي ظاهرتين مهمتين هما: تبلور مجتمع مدني عالمي من خارج الأطر الحكومية أو الرسمية. وصعود الإقليمية في ظل العولمة بصورة لم يشهدها العالم من قبل, حتى بتنا أمام إشكالية مركّبة هي: كيف تبرز العولمة وتتوسّع بالتزامن مع صعود الإقليمية؟
ثم, كيف تضغط العولمة على المنظمات الإقليمية والدولية في هذا العصر الذي يشهد متغيّرات دولية جارفة تتسم بالسرعة والدينامية المفرطة؟
بين العالمية والعولمةيجدر التمييز بين العولمة Globalization والعالمية Universality, على صعيد المصطلح ومضمونه. فالعولمة تفترض إخضاع العالم لنمط محدّد من العلاقات الدولية والعالمية وفق تصوّر منضبط. بينما تنطوي العالمية على التفاعل بين الدول والشعوب في سياق تكاملي وتفاعلي حرّ. العولمة تقوم على الفرض والإملاء, أما العالمية فإنها تعاون على كافة المستويات وفي مختلف المجالات التي تهم العالم.
لو لم تحصل الثورة المعلوماتية وما يرافقها من ثورة الإتصالات, هل كانت العولمة لتقوم وتتوسّع في مدة زمنية قصيرة نسبياً؟
ولو لم تنتهِ الحرب الباردة مع سقوط الاتحاد السوفياتي, وتتقدّم الولايات المتحدة نحو قيادة النظام العالمي بعد متغيرات دولية صاخبة, هل كان العالم مشغولاً إلى هذا الحد بظاهرة العولمة؟
ثمّة اضطرابات في التعامل مع مصطلح العولمة, وفي تحديد مضامينه. هناك من يركّز على العامل التقاني (التكنولوجي) , أو عولمة الإنتاج الاقتصادي (1). أو ان العولمة هي حرية حركة رؤوس الأموال والسلع عبر الحدود بدون عقبات تقليدية. أما برنامج الأمم المتحدة الإنمائي .U.N.D.P قإنه يجد العولمة في أكثر من تدفّق المال والسلع, مع انكماش المكان, وانكماش الزمان, واختفاء الحدود (2), بحيث أنّ فرص العولمة أو فوائدها لم يجرِ تقاسمها تقاسماً عادلاً بين الأفراد والشعوب.
قد تنطوي العولمة هذه على محفّز للدول والشعوب كي تنهض من تخلفها بإصرار إنساني على بلوغ التقدم, ومنافسة القوى الدولية المتقدمة. وقد تبرز إيجابيات للعولمة من خلال الأمم المتحدة وسائر المنظمات الدولية والاقليمية, إذا سعت هذه المنظمات لاعتماد قواعد دولية واحدة ومطبّقة من أجل حماية البيئة الطبيعية من التلوّث, وصون التراث الثقافي العالمي المشترك, وتطوير منظمة الصحة العالمية لمكافحة الأمراض والأوبئة, والقضاء على الأميّة, ومواجهة المجاعات المتنقلة… بيد أن العولمة تقوم أساساً على الفرض والإملاء والإخضاع على قاعدة القوة, وكيف إذا كانت هذه القوة متمثلة بقوى السوق التي تؤثّر في أداء الدول وكذلك المنظمات الدولية والإقليمية؟الإطار العام للتنظيم الدولي
منذ القرن التاسع عشر والمجهودات الدولية مستمرة لتنظيم العلاقات الدولية, توخياً لتحقيق التعاون الدولي والانفراج الأمني والسياسي. فمن مؤتمر فيينا سنة 1815 الذي أرسى قواعد العلاقات الأوروبية في إطار توازن القوى بعد حروب نابليون, إلى مؤتمر باريس سنة 1856, ثم مؤتمري برلين 1868 و1872 لرعاية المصالح الأوروبية على المستويين القاري والعالمي.
ثم تطوّرت فكرة التعاون الدولي باتجاه فكرة التنظيم الدولي مع قيام عدّة اتحادات دولية لتنظيم التعاون في مرافق محدّدة, مثل اتحاد التلغراف الدولي في العام 6581, واتحاد البريد العالمي في العام 1874, والمكتب الدولي للموازين والمقاييس في العام 1883… على أنّ مجمل هذه المؤتمرات والاتحادات تمّّ بمبادرات أوروبية, في وقت كان فيه النظام الدولي ¬ بالمعنى الواقعي ¬ يكاد يُختصر بالنظام القاري الأوروبي طالما أنّ القوى الدولية الأوروبية هي التي تتحكّم بموازين الحرب والسلم.
في مطلع القرن العشرين دعا قيصر روسيا نيقولا الثاني إلى عقد مؤتمرات دولية, ولقاءات دبلوماسية للنظر في مشكلات العالم, فانعقدت مؤتمرات لاهاي في عامي 1899 و1907, بمشاركة دول أوروبية وغير أوروبية, لدراسة سُبل تجنّب وقوع الحرب, وطرق تسوية النزاعات الدولية بالوسائل السلمية, بما في ذلك تشكيل لجان التحقيق الدولية وإنشاء محكمة التحكيم الدولية…
بيد أنّ التنظيم الدولي بمعناه الشامل, والأكثر تحديداً, كان بعد الحرب العالمية الأولى مع إنشاء عصبة الأمم في العام 1919, لتكون بمثابة أول منظمة دولية مفتوحة العضوية لكافة الدول, ومنفتحة على دراسة مشاكل العالم في تفاصيلها كافة.
اكتسبت عصبة الأمم صفة العالمية من خلال العضوية المفتوحة, مع الإشارة إلى أنّ الدول المؤسّسة هي تلك التي انتصرت في الحرب الأولى ومن تحالف معها من الدول الأخرى (3). وقد وصل عدد الدول المنضوية إلى 58 دولة في العام 1937 ثم هبط إلى عشر دول فقط في العام 1943 تحت وطأة الحرب العالمية الثانية, حيث لم تتمكن هذه المنظمة الدولية من تحقيق أهدافها في: تطبيق مبدأ الأمن الجماعي لصون السلم والأمن الدوليين, وتسوية النزاعات بالطرق السلمية, ونزع السلاح من خلال مطالبة الدول الأعضاء بتخفيض التسلّح. وعندما طغت الدول الأوروبية على أعمالها, وترددت في اتخاذ مواقف حازمة تجاه عدد من القضايا الدولية الساخنة, سقطت عصبة الأمم مع اتساع دائرة الحرب العالمية الثانية, لتفتح الطريق أمام منظمة دولية جديدة هي الأمم المتحدة.
تجدر الإشارة إلى أنّ منظمة الأمم المتحدة هي المنظمة الأم لكافة المنظمات الدولية, من حيث سمو ميثاقها الأممي في القانون الدولي العام, ومن حيث عضويتها المفتوحة لكافة الدول المستقلة, ومن حيث اضطلاعها بثلاثة أهداف كبرى تهم الأسرة الدولية مجتمعة, إنها:ارتفع عدد الدول الأعضاء في الأمم المتحدة من 51 دولة مؤسسة شاركت في مؤتمر سان فرانسيسكو سنة 1945, إلى 189 دولة في نهاية القرن العشرين. وهذا ما يعكس الاتساع الجغرافي لنطاق العضوية بعد ارتفاع عدد الدول المستقلة حتى صارت الجمعية العامة للأمم المتحدة بمثابة البرلمان العالمي ¬ لا نقول البرلمان المعولم ¬ الذي تتساوى فيه الدول من ناحية العضوية.
أشار ميثاق الأمم المتحدة في المادة 57 إلى إمكانية إنشاء وكالات متخصصة بمقتضى اتفاق بين الدول. إنها منظمات دولية متخصصة تعمل تحت إشراف المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي يُعتبر فرعاً رئيسياً من فروع الأمم المتحدة. وهي تحقق التعاون الدولي في مجالات اقتصادية وثقافية واجتماعية فنية وإنسانية.
نشير إلى أن هذه المنظمات الدولية المتخصة كانت بدأت بالظهور منذ أواسط القرن التاسع عشر, مثل: إتحاد التلغراف الدولي (1856), واتحاد البريد العالمي (1874), والاتحاد الدولي للتعريفات الجمركية (1890)…
ثم نشأت منظمات جديدة في القرن العشرين قبل تاريخ قيام الأمم المتحدة وبعده. نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: المعهد الدولي للزراعة (190), والمكتب الدولي للصحة العامة (1907), ومنظمة العمل الدولية (1919), ومنظمة الصحة لعالمية
(1947), ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (1966)…
بعض المنظمات الدولية المتخصصة تتبع في أعمالها الجمعية العامة للأمم المتحدة, وبعضها الآخر يتبع المجلس الاقتصادي والاجتماعي (كما يشير الرسمان البيانيان) (5). وهي تتمتع بالصفة الدولية لأن عضويتها مفتوحة أمام كافة الدول, وتتخطى في نشاطاتها الأقاليم الجغرافية المحدّدة.
إلى جانب المنظمات الدولية المتخصصة, برزت المنظمات الدولية غير الحكومية, أو المنظمات الدولية ذات الطابع الأهلي, أو المنظمات الدولية التي تعمل في إطار المجتمع المدني العالمي الذي يتجاوز حدود الدول ليطاول جغرافية العالم. إنها منظمات لا تنشأ بموجب اتفاق بين الحكومات, وإنما تنشأ باتفاق بين جماعات وأفراد وهيئات من دول عدّة, بهدف زيادة التعاون الدولي والدفاع عن قيم ومباديء إنسانية. نذكر على سبيل المثال: الصليب الأحمر الدولي, الاتحاد البرلماني الدولي, الغرفة الدولية للتجارة, الاتحاد الدولي لنقابات العمال… إنها منظمات لا ترتبط بجنسية واحدة, أو إقليم واحد, لذلك تكتسب صفة العالمية (6).
على ذلك, لم تعد فكرة التنظيم الدولي مجسّدة بمنظمة الأمم المتحدة وحدها على رغم مركزيتها وصدارتها في هذا التنظيم. وإنما توسّعت الفكرة وصارت تشمل المنظمات الدولية المتخصصة والمنظمات الدولية غير الحكومية, هذا بالإضافة إلى المنظمات الاقليمية التي تتكامل في أعمالها على المستوى العالمي. 1- ¬ حفظ السلم والأمن الدوليين. 2- ¬ تحقيق التعاون الدولي في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية كافة. 3- ¬ الدفاع عن حقوق الانسان وحقوق الشعوب بلا تمييز بين البشر (4).صعود الإقليمية
تحدّث ميثاق الأمم المتحدة في الفصل الثامن عن المنظمات الاقليمية ودورها في مساعدة الأمم المتحدة على تحقيق أهدافها (7). وسمح بقيام التنظيم الاقليمي شرط ألاّ يتعارض في أهدافه وأنشطته مع المنظمة الدولية الأم. وقد اضطلع هذا التنظيم في القرن العشرين بالمهمات الآتية:
مختلف الأصعدة.
من أبرز التنظيمات الإقليمية الناشئة بعد الحرب العالمية الثانية: منظمة الدول الأميركية, إتحاد دول البحر الكريبي, منظمة الوحدة الافريقية, الاتحاد الأوروبي, رابطة الدول المستقلة المكوّنة من روسيا و11 جمهورية مستقلة بعد سقوط الاتحاد السوفياتي, منظمة المؤتمر الإسلامي, جامعة الدول العربية, مجموعة آسيان في جنوب شرق آسيا… وقد تطوّر دور هذه المنظمات بعد الحرب الباردة نتيجة عاملين أساسيين هما:بتعبير آخر, ثمّة عودة إلى الإقليمية أو التكاملية في إطار جغرافي محدّد, بصرف النظر عن مدى قوة هذ التنظيم الاقليمي أو ذاك. وفي الوقت الذي تندفع فيه اتجاهات العولمة في مطلع القرن الواحد والعشرين, وتفرض معادلاتها الجديد في الاقتصاد والتِقانة والسياسة, تقف الإقليمية لتدافع عن الخصوصية الوطنية والقومية في إطار المصالح الإقليمية لتدافع عن الخصوصية الوطنية والقومية في إطار المصالح والأهداف المحدّدة. هل هذا يعني أن الإقليمية تقف على طرف نقيض مع العولمة؟
ليس من الضروري أن تتصدّى الاقليمية دائماً للعولمة, فقد تلتقي مع العولمة كما حصل في اتفاقيات غات GATT التي فتحت الطريق أمام قيام منظمة التجارة العالمية W.T.O , من حيث أن الكتل الاقليمية راحت تتأقلم مع متطلبات السوق الحرة والخصخصة في ميدان الاقتصاد, وتمهّد لعولمة اقتصادية على رغم معارضة عدد كبير من الدول النامية لاتجاهات العولمة (8) . بيد أن هذا التأقلم في الاقتصاد لم يتحقق في السياسة دائماً وبصورة متوازية.
ثمّة تأرجح بين الخصوصية والعولمة, ينسحب على التنظيم الاقليمي الدولي. فالنظام العالمي يمرّ في مرحلة انتقالية حيث يشهد تجاذبات متعاكسة أو متقابلة. تجاذب باتجاه فريد من العولمة, أو تجاذب نحو التمسك بالخصوصية الاقليمية. وما بين هذين الحدّين تختلط المواقف السياسية للدول, وتنعكس تالياً على مدى أنشطة المنظمات الدولية والاقليمية.
هناك أحياناً تراجع لسيادة الدولة تحت ضغط المتغيرات العالمية, وبروز لخصوصيات إقليمية انفصالية داخل الدولة الواحدة, كما حصل في أندونيسيا (تيمور الشرقية), أو صربيا (ألبان كوسوفو), أو روسيا (الشيشان)…
فكيف ستواجه هذه المجموعات الانفصالية متطلبات العولمة وتحدياتها؟
عل صعيد آخر, تجتاح الشركات متعددة الجنسية, أو الشركات العابرة لللحدود, خصوصية الرأسمال الوطني, وتالياً خصوصية السيادة الوطنية. والاتجاه العالمي الصاعد لانخراط الدول في منظمة التجارة العالمية سوف يحاصر الدولة والتنظيم الاقليمي معاً من خلال فرض معايير جديدة في التجارة الحرة والأسواق الحرة. بيد أن الاقليمية في المقابل تحاول الدفاع عن مصالح الدول المنضوية فيها (9).
هل يمكن للتنظيم الدولي أن يتعاون مع التنظيم الاقليمي في ظل العولمة؟
نعم, يمكن أن يتحقق هذا التعاون إذا ما توفّر عنصر المتابعة. على سبيل المثال, هناك قرار اتخذته الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1998 (10), يتعلق بالتعاون بين الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية في جميع الميادين, وزيادة الاتصالات بينهما وتحسين آلية التشاور مع البرامج والمنظمات والوكالات النظيرة في ما يتعلق بالمشاريع بغية تيسير تنفيذها. ولا يقتصر التعاون المذكور على المنظمة الدولية والمنظمة الاقليمية, وإنما يتجاوزها إلى الوكالات التابعة لهما.
هناك أمثلة عدّة عن التعاون بين التنظيم الدولي والتنظيم الاقليمي في المجال الأمني, وتحديداً في مهمة حفظ السلام. ثمّة تعاون حاصل بين الأمم المتحدة وكل من رابطة الدول المستقلة في آسيا الوسطى, والاتحاد الأوروبي في البلقان, ومنظمة الوحدة الافريقية في منطقة البحيرات وفي سيراليون, ومنظمة الدول الأميركية في هايتي… ناهيك عن التعاون على صعيد معالجة التصحّر والمجاعات والأمراض والأميّة….
بيد أنّ السؤال الملحّ هو: هل تقوى منظمة الأمم المتحدة على مواجهة ضغوط العولمة مع الاحتفاظ بشخصيتها القانونية وإراداتها السياسية بعيداً من الأضواء؟ 1-¬ المساهمة بتسوية النزاعات داخل الدولة, أو الإقليم, بالطرق السلمية وذلك قبل أن تُعرض هذه النزاعات على مجلس الأمن الدولي. 2-¬ لا يستطيع التنظيم الإقليمي أن يتدخّل بالقوة لفرض حل معيّن دون إذن مسبق من مجلس الأمن. 2- ¬ مع ثورة المعلوماتية, وازدياد التنافس الاقتصادي, راحت الدول تتكتّل إقليمياً بغية مواجهة التحديات الجديدة حفاظاً على معدّلات التنمية, وتوخياً لمزيد من النمو الاقتصادي والاجتماعي.المنظمة الدولية وضغوط العولمة
لم تخفِ الإدارة الأميركية سياستها بعد الحرب الباردة والهادفة إلى التأثير في قرارات الأمم المتحدة. حسبنا الإشارة إلى البرنامج الرئيسي الذي طرحه بيل كلينتون في عهده الأول, وتابعه في عهده الثاني, القائم على الربط بين السياسة الخارجية الأميركية وتحرّك الأمم المتحدة لمواجهة الأزمات والنزاعات الدولية. لقد اتسمت إدارة الأزمات الدولية في مرحلة صعود القوة الأميركية إلى مستوى قيادة النظام العالمي باحتواء تحرّك الأمم المتحدة إلى حدٍ بعيد. يمكن ملاحظة الضغوط الأميركية على مجلس الأمن الدولي في قضايا حسّاسة على صعيد السلم والأمن الدوليين مثل: حرب الخليج الثانية في شباط 1991 والموقف من حصار العراق. أزمة الشرق الأوسط لجهة عدم تنفيذ قرارات الشرعية الدولية الخاصة بانسحاب اسرائيل من الأراضي العربية المحتلة. حصار ليبيا بعد نشوء أزمة لوكربي. التدخّل الأميركي في هايتي تحت شعار حماية النظام الديمقراطي… ويمكن ملاحظة ضغط فرنسي آخر على الأمم المتحدة في قضية رواندا (منطقة البحيرات) لتبرير التدخل الفرنسي هناك وسط أجواء محمومة من التنافس الفرنسي ¬ الأميركي في القارة الأفريقية.
هذا على الصعيد السياسي. وعلى الصعيد القانوني, فإنّ السؤال المطروح في عصر العولمة هو: ما هو موقف القانون الدولي العام عند حصول التعارض بين الشخصية القانونية للدولة والشخصية القانونية للمنظمة الدولية؟ هذا ما ينطبق على العلاقة بين الولايات المتحدة ومنظمة الأمم المتحدة على سبيل المثال.
إذا تعارضت إرادة المنظمة الدولية مع سياسة هذه الدولة أو تلك, فإنّ المنظمة الدولية معنيّة بتنفيد مضمون ميثاقها التأسيسي بما يحمله من مبادئ وأهداف. وأهم مبدأ يجب أن يسود في عمل الأمم المتحدة هو مبدأ المساواة في السيادة بين الدول (11). ثمّة تجاوز لهذا المبدأ في الأمثلة المشار اليها, ناهيك عن استمرار نظام التصويت في مجلس الأمن القائم على استخدام حق النقض (الفيتو) من جانب الدول الخمس الكبرى منذ قيام الأمم المتحدة, ولم يتعدّل هذا النظام بعد على رغم المطالبات الدولية والعالمية باعتماد نظام آخر أكثر مرونة وأكثر تمثيلاً للإرادة الدولية بعيداً من الاتسئثار بالسلطة العالمية.
في ظلّ العولمة, قد يتعزّز المجتمع المدني العالمي, أو تتعزّز المنظمات الدولية غير الحكومية, خاصة بفعل الثورة المعلوماتية التي سهّلت الاتصالات بين الناس. بيد أن الوجه الآخر للعولمة أو الوجه المظلم يتمثّل في نشوء مجتمع عالمي غير مدني, يتجاوز بإمكاناته المادية أحياناً إمكانات الدول. ويستخدم التِقانة الحديثة من أجل تهريب الأموال والمخدرات, وانتشار الجريمة المنظمة والإرهاب على مستوى الأفراد والجماعات والدول (12). ثمّة قدرات مالية وتِقانية لهذا المجتمع غير المدني, دون أن تتمكن المنظمات الاقليمية والدولية حتى الآن من مواجهته أو محاصرته والحدّ من مخاطره.
إلى ذلك, لم تتمكن تلك المنظمات من التخفيف من فوضوية النظام العالمي. إنه نظام يتّسم بالفوضى من حيث تهديد هيكليات الدول, واضطراب الأسواق المالية بسرعة, عدا عن انتشار العنف الداخلي والاقليمي في غير منطقة, مع وضع علامة استفهام كبيرة على مستقبل السلاح النووي مع انخراط جماعات غير منضبطة في المجتمع المدني العالمي, وذات نفوذ وقدرة مالية على الإتجار بهذا السلاح الخطير المهدّد للسلام العالمي. وكما ان دولاً تفككت في العقد الأخير من القرن العشرين فإنّ دولاً أخرى مرشّحة للتفكك, بعضها في الشمال وبعضها الآخر في الجنوب (13). ولعل أخطر ما يصيب الدولة والمجتمع الدولي هو ظاهرة تفكك الدولة وسقوط هيكلياتها في ظل الفوضى, مع ما يرافقها من مشكلات نزوح وتهجير وأعمال قتل وتدمير.
عملت الأمم المتحدة علي إيجاد حشد عالمي, من الحكومات والمنظمات غير الحكومية, بغية معالجة قضايا أساسية تهمّ المجتمع الدولي. في مقدمتها قضايا البيئة والتنمية والفقر وحقوق الإنسان والمرأة. وقد أشرفت على تنظيم وإدارة مؤتمرات عالمية على مستوى القمة, حضرها رؤساء الدول والحكومات, وممثلو المنظمات المدنية غير الحكومية. هكذا من مؤتمر ريو دي جانيرو (1992) حول البيئة والتنمية, إلى مؤتمر فيينا لحقوق الإنسان (1993), إلى مؤتمر القاهرة للسكان والتنمية (1994), إلى مؤتمر كوبنهاغن للتنمية الاجتماعية (1995)… فضلاً عن المؤتمرات الاقليمية التي نظمتها المنظمات الاقليمية لمعالجة القضايا نفسها, واتخاذ إجراءات دولية ملائمة (14) . وقد عكست هذه المؤتمرات توجّهاً ديبلوماسياً دولياً يمكن تسميته بديبلوماسية المؤتمرات العالمية. حيث تتكامل مجهودات الحكومات مع مشاركة المجتمع المدني العالمي من خارج أطر الدبلوماسية التقليدية, أو الكلاسيكية, التي اتصفت بالسريّة في أروقة المؤسسات الحكومية أو الرسمية. أي أن الرأي العام بات فاعلاً ومشاركاً في هذه الحشود العالمية, وضاغطاً على الحكومات حتى تندفع نحو اتخاذ سياسات عالمية رشيدة. ولا نقول سياسات عولمة بعدما اتضحت مواقف بعض الدول الصناعية الكبرى المتعلقة بالاستئثار بالموارد والثروات. فموقف الولايات المتحدة المعارض لمعاهدة التنوّع البيولوجي في مؤتمر ريو المذكور يدلّل علي التمسّك بالمصالح الاقتصادية والمالية, حتى ولو كانت على حساب سلامة البشرية وحماية البيئة الطبيعية من التلوّث بفعل انتشار الغازات السامة المنبعثة من المصانع في الولايات المتحدة وكندا… كما ان الدول الصناعية الكبرى لم تلتزم بتوصيات المؤتمرات العالمية الخاصة بالتنمية ومجابهة الفقر, عندما تراجعت مساهماتها المالية في تنمية الدول الفقيرة والرازحة تحت عبء المديونية (15).
إنّ هذا التوجّه العالمي الذي أشرفت عليه الأمم المتحدة في العقد الأخير من القرن العشرين اصطدم بضغط العولمة الذي تقوم به الدول الصناعية الكبرى. عولمة الأسواق والشركات الكبرى, وعولمة التِقانة الحديثة وما يرتبط بها من اتصالات ومواصلات… لذلك كان متوقعاً أن يبرز تيار عالمي معارض للعولمة, لا يقتصر على الدول النامية ¬ أو دول الجنوب ¬ وإنما يشمل كذلك مجموعات اجتماعية وسياسية مختلفة من الدول الصناعية. هذا ما تكرّر بصورة علنية, وعبر الفضائيات المعولمة, أثناء انعقاد مؤتمرات منظمة التجارة العالمية. وهذا ما يشير بشكل أو بآخر إلى الفروقات الجليّة بين العولمة والعالمية. بين توجّه دولي يملي على المجتمع الدولي ¬ بما فيه المنظمات الدولية والاقليمية ¬ سياسات معيّنة, وتوجّه عالمي يسعى للمشاركة في معالجة المشكلات الدولية ضمن إطار التعاون والتكافؤ الدوليين.
في الذكرى الخمسين لتأسيس الأمم المتحدة (1995), أُطلقت موجة عالمية من التفكير بمستقبل المنظمة الدولية. فالجامعات شهدت مناقشات حول الذكرى, والحكومات أقامت احتفالات. ناهيك عن إصدار الطوابع البريدية التذكارية, والعملات التذكارية في هذه المناسبة (16). وظهرت دراسات حول تطوير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والاقليمية بصورة عامة.
هذه موجة عالمية, وليست موجة عولمة, سلّطت الأضواء على التعاون الدولي, خاصة في مجالات حماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة ومعالجة ظواهر الفقر وأسبابه… بيد أنّ هذه الموجة العالمية سرعان ما اصطدمت بزحف العولمة وما تتركه من آثار سلبية على الأمن والتنمية وحقوق الإنسان والشعوب.
يقول أمين عام الأمم المتحدة كوفي أنان في تقريره السنوي إلى الجمعية العامة في العام 1997 (17) كلاماً محدداً عن العولمة والعصر الجديد الذي تعيشه الإنسانية, ونقتبس منه ما يأتي:
عصرنا هذا هو عصر إعادة ترتيب الأوضاع… ثمّة تعبيرات عن المأزق الانساني غاية في التفاوت تتعايش الآن في توتر قلق. فالعولمة تعمّ العالم أجمع في وقت يتعاظم فيه, مع ذلك, التجزؤ وتأكيد الفروق. ومناطق السلام تتسع في وقت تتضاعف فيه اندلاعات العنف الرهيب! وينشأ من الثروات ما لم يسبق له مثيل, ولكن يبقى هناك جيوب فقر ضخمة متوطّنة. وإرادة البشر وحقوقهم الأصلية تُحترم, ولكنها تُنتهك في الوقت نفسه. وبفضل العلم والتكنولوجيا تتحسّن حياة الإنسان بينما تهدّد نتائجها الفرعية شرايين الحياة على ظهر الكوكب.
يضيف أمين عام الأمم المتحدة في تقريره السنوي: ليس من المستحيل على قوى الإرادة السياسية ترجيح كفة الميزان في هذه المرحلة الانتقالية نحو سلام مضمون يمكن التنبؤ به بدرجة أكبر. إلاّ أن ما من بلد يستطيع بمفرده تحقيق هذه المنافع العامة, وما من بلد ببعيد أيضاً عن مخاطر العيش بدون هذه المنافع وعن تحمّل أعباء الحياة بدونها….
يطرح هذا التقرير جملة أسئلة, ويثير إشكاليات عدّة, بينها:
العولمة تنتشر, بينما تتأكد الفروق بين الشعوب والدول.
تتّسع مناطق السلام, في وقتٍ تتضاعف فيه ظواهر العنف الرهيب.
تتراكم الثروات عند قلة, أو عند أفراد وشركات, فيما تتوطّن جيوب الفقر.
كوكب الأرض مهدّد في البيئة الطبيعية على رغم تحسّن ظروف حياة الانسان فيه…
إذا كان الأمر كذلك, كيف يقتنع أصحاب الثروات المعولمة أن البشرية متكافلة ومتضامنة في فقرها أو غناها؟
وكيف يمكن ان تتخلى الدول الكبرى, صاحبة العضوية الدائمة في مجلس الأمن, عن جزء من سلطتها الفعلية لصالح الأسرة الدولية على قواعد التكافؤ في العلاقات الدولية؟
ثم, كيف يمكن تجنيب المنظمات الدولية والاقليمية مخاطر الآثار السلبية للعولمة؟ أو بتعبير آخر, كيف يمكن إعمال قواعد القانون الدولي بعيداً من إزدواجية المعايير وطغيان السياسة الدولية؟
قد يبدو ذلك حلماً طوباوياً, أو دعوة رومانسية جديدة كما لو كنا في جمهورية أفلاطون, أو في عصر النهضة الأوروبية الأولى. فالقوة هي التي كانت, وما تزال, تتحكّم بالعلاقات الدولية وبالنظام العالمي وما فيه من تفاصيل وتعقيدات وعوامل متشابكة.
هذا الصراع الظاهر والمستتر بين إرادة التعاون الدولي من جهة, وزحف العولمة من جهة أخرى, يفسّر جانباً مهماً من الاختلاف بين العولمة والعالمية, ويطرح على الانسانية تحديات جديدة بفعل ثورة المعلومات والاتصالات الجارية.
المراجع(1) Anthony G. MC Grew and Paul G. Lewis, Global politics: Globalization and the Nation state, Cambridge, 1992, pp. 1-30.
(2) أنظر: تقرير التنمية البشرية, الأمم المتحدة, برنامج الأمم المتحدة الإنمائي U.N.D.P , نيويورك, 1999.
(3) بلغ عدد الدول المؤسسة لعصبة الأمم 32 دولة هي: الولايات المتحدة, بلجيكا, بوليفيا, البرازيل, المملكة المتحدة, كندا, استراليا, جنوب افريقيا, نيوزيلندا, الصين, الهند, كوبا, الاكوادور, فرنسا, اليونان, غواتيمالا, هايتي, الحجاز (المملكة العربية السعودية لاحقاً), هندوراس, إيطاليا, اليابان, ليبيريا, نيكاراغوا, بنما, بيرو, بولندا, البرتغال, رومانيا, مملكة الصٍرب والكروات والسلوفيين, سيام (تايلاند), تشيكوسلوفاكيا, أوروغواي.
(4) أنظر ديباجة ميثاق الأمم المتحدة المعتمد دولياً منذ العام 1945.
(5) راجع: محمد سعيد الدقاق ومصطفى سلامة حسين, المنظمات الدولية المعاصرة, الدار الجامعية, بيروت, 1990, ص 4.
(6) نظّمت المادة 71 من ميثاق الأمم المتحدة العلاقة بين المجلس الاقتصادي والاجتماعي وهذه المنظمات الدولية غير الحكومية التي تتمتع بالمركز الاستشاري.(7) أنظر المواد 52 و53 و54 من ميثاق الأمم المتحدة.
(8) برزت هذه المعارضة في دول الشمال نفسها أثناء انعقاد المؤتمرات الدولية لمنظمة التجارة العالمية في سياتل ودايغوس وكندا في عامي 1999 و2000. هذا بالإضافة إلى معارضة جنوبية واضحة لسياسات الخصخصة والسوق الحرة.
(9) من بين الأسباب التي قادت الولايات المتحدة وكندا والمكسيك إلى اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية NAFTA رغبة هذه الدول في الدفاع عن مصالحها الاقتصادية عند حصول متغيرات مفاجئة على الصعيد العالمي.
(10) أنظر: الجمعية العامة, الأمم المتحدة, الدورة الثالثة والخمسون, 29101998 A/RES/53/8) ).
(11) راجع المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة.
(12) أنظر: الأمم المتحدة, تقرير الأمين العام عن أعمال المنظمة, الجمعية العامة, الدورة الرابعة والخمسون, الملحق رقم (1), نيويورك, 1999. A/54/1
(13) أنظر التقارير السنوية من العام 1995 حتى العام 2000 الصادرة عن المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن
I.I.S.S))1995 -2000 .
(14) أنظر كتابنا: نظرية العلاقات الدولية, منشورات الجامعة اللبنانية, الإدارة المركزية, بيروت, 1998, ص 147 ¬ 154.
(15) كانت الدول الصناعية تعهّدت بتخصيص أقل من واحد في المئة من ميزانياتها المالية لدعم مشروعات التنمية في البلدان الفقيرة, ثم تراجعت عن هذا الدعم.
(16) لمزيد من التفاصيل أنظز: الأمم المتحدة, الجمعية العامة, الدورة الحادية والخمسون, تقرير الأمين العام عن أعمال المنظمة, آب 1996, A/51/1) ). ص 32 و33.
(17) الأمم المتحدة, تقرير الأمين العام عن أعمال المنظمة, 1997, الجمعية العامة, الدورة الثانية والخمسون, الملحق رقم 1 A/52/1) ). International Institute for Strategic Studies, London, Oxford University
د. عدنان حسين- أ. العلاقات الدولية في ج. اللبنانية
لطلبة السنة الثالثة علاقات هذه أول هدية
بطاقة فنية حول المنظمات الدولية الغير حكومية
تعريف:
مصطلح منظمة غير حكومية يطلق حاليا في الاجتماعات الدولية على المنظمات العالمية التي لم تنشأ بموجب اتفاق دولي. و تعرف على أنها إحدى مؤسسات المجتمع الدولي المدني، و تتكون من جمعيات و مؤسسات متنوعة الاهتمام، تطوعية،حرة، مستقلة جزئيا أو كليا عن الحكومة. وهي تتناول القضايا و المصالح العامة، وتتسم بالعمل الانساني و الانمائي المتبادل. و هي لا تهدف في أعمالها إلى الربح المادي، بل تهدف إلى خدمة المجتمع من خلال تقديم الخدمات الصحية و الرعائية و التوعوية و الرفاهية و التنموية…
“مؤسسات سياسية، اقتصادية،اجتماعية،ثقافية تعمل في ميادين مختلفة في استقلال عن سلطة الدول”
دورها:
تلعب دورا كبيرا قد يصطدم حتى بالدول مثل منظمة السلام الأخضر التي تعترض على نقل النفايات الذرية و غيرها. ودورها في التدخلات الانسانية التي تعجز عنها الدول لامكانياتها الهائلة ماديا و بشريا. كذلك دورها الكبير في توزيع المساعدات و الخدمات في البلدان الفقيرة زيادة على دعمها من الأمم المتحدة.
_منظمة العفو الدولية:
حركة تطوعية عالمية مستقلة عن جميع الحكومات.معنية بالدفاع عن الحق الانساني دون أي تمييز، تتضامن مع ضحايا انتهاك حقوق الانسان.
نشأت من طرف المحامي البريطاني بيتر بينينسون على إثر مقاله الصحفي الذي حث فيه الناس على البدء في العمل بطريقة سليمة بعيدة عن التحيز من أجل الإفراج عن سجناء الرأي.
أهدافها:
_تحرير و مساعدة سجناء الرأي.
_وضع ضمانات قضائية في صالح جميع السجناء السياسيين.
_معارضة عقوبة الإعدام، التعذيب، و كل الممارسات اللاإنسانية.
*اللجنة الدولية للصليب الأحمر:
منظمة غير متحيزة و محايدة و مستقلة، تقوم بمهمة انسانية محضة، تتمثل في حماية حياة و كرامة ضحايا الحرب و العنف الداخلي و مساعدتهم. تقود وتنسق أنشطة الإغاثة في حالات النزاع المسلح، مقرها الرئيسي في جنيف.
مبادئها:
_الإنسانية
_عدم التحيز
_الحياد
_الاستقلال
_التطوع
_الوحدة
وظائفها:
_وظيفة الرصد: إعادة التقييم مستمرة للقواعد الانسانية
_وظيفة التحيز: تحفز و تشجع على التفكير في طرق التعامل مع المشاكل و طرق العلاج
_وظيفة التعزيز: مناصرة القانون و المساعدة في نشره و تعليمه
_وظيفة الملاك الحارس: الدفاع عن القانون الانساني ضد التطورات القانونية
_وظيفة العمل المباشر: القيام بإسهام مباشر و عملي لتطبيق القانون في أوضاع النزاع المسلح
_وظيفة المراقبة: الإنذار بالخطر بين الدول و الأطراف المعنية مباشرة في النزاع المسلح.
العلاقات الدولية:
الروابط بين النظرية والممارسة في السياسة الدولية.
ستيف سميث
ترجمة: عادل زقاغ وعبد الله راقدي.
أهدف من هذه المداخلة المفتوحة إلى طرح تساؤل واحد: ما هي طبيعة العلاقة القائمة بين دراسة العلاقات الدولية وممارستها؟ أود الإجابة عن هذا التساؤل عبر استعراض ومن ثم استبعاد سببين يحظيان بالرواج والإقناع والجاذبية، لكن قبل ذلك، سأقدم ثلاث ملاحظات حول السياق الذي يميز طرح مثل هذا التساؤل.
الملاحظة الأولى تتعلق بـ “التوقيت”، حيث تزامن طرح هذا السؤال مع حالة الحرب على العراق، تلك الحرب التي نأت فيها الأوساط الأكاديمية بنفسها بعيدا عنها، وكأن لا علاقة لهذه الحرب بما يتم دراسته في حقل العلاقات الدولية. وبالفعل، فعندما عقدت جمعية الدراسات الدولية ملتقى بـ بورتلاند في فيفري 2022، أي عشية اندلاع الحرب على العراق، لم يتم التعرض بأدنى إشارة لموضوع الحرب، عدا بعض المتظاهرين اللذين احتجوا بشجاعة ضد الحرب الوشيكة. ليجلبوا لأنفسهم انتقادات تتهمهم بالخلط بين قيمهم ونشاطهم المهني (ولأكون صريحا وصادقا، بحيث تكون قيمي معرضة للتمحيص، فقد انضممت إلى معسكر الرافضين جنبا إلى جنب مع جون فاسكواز الذي كان آنذاك رئيسا للجمعية”. وحتى قبل الحرب كانت هناك حرب أفغانستان وأحداث 11 سبتمبر، وما تخلل كل هذه الفترة من المواجهات بين الفلسطينيين والإسرائيليين. إن الطريقة التي تعاطى بها الأكاديميون مع الأحداث السابقة والتي اتسمت بالجمود في أغلب الأحيان، تجعل من الوقت الحاضر مناسبا للبحث في الروابط بين النظرية والممارسة.
الملاحظة الثانية تتعلق بـ “المجال الجغرافي”، فقد تم إلقاء هذه المحاضرة في بودابست بأوروبا الوسطى، وهي مكان ملائم جدا لطرح التساؤل بشأن العلاقة بين الدوائر الأكاديمية والعمل السياسي، وهذا بالنظر للسجل التاريخي للبحث الأكاديمي في هذه المنطقة خلال فترة الحكم الشيوعي، لاسيما التقليد البحثي الذي أملته الأيديولوجية المهيمنة المتنفذة. هذا التقليد البحثي ناجم عن تحديد الجمعيات الرسمية سلفا لماهية الحقيقة مما ترك هامشا ضيقا للنقاش، وساهم في إرساء شكل معين للعلاقة بين الأوساط الأكاديمية والعمل السياسي. وهكذا، فإنه حان الوقت لطرح التساؤل بخصوص الربط بين حقل العلاقات الدولية والمجتمع المدني والوفاء بالتزاماته تجاه هذا الأخير.
أما الملاحظة الثالثة والأخيرة، فتتعلق بـ “الثقافة”، إذ أن أحداث 11 سبتمبر نبهت الباحثين في العلاقات الدولية إلى وجود نظم عقدية متباينة وعوامل ذاتية، في السياسة الدولية. وقد جعل الكثير من الافتراضات الأساسية في علم الاجتماع الغربي محل استفهام، لاسيما تلك التي تعتقد بعقلانية الفعل الإنساني الاجتماعي. ترى هذه العقلانية أن العالم يتجه نحو مصير مشترك، يتسم بالديموقراطية الليبرالية واقتصاد السوق، وأن المجتمعات تتمايز بحسب موقعها في مسار عجلة التاريخ، التي تقود جميع المجتمعات نحو وضعية واحدة، حيث الأفراد ذرائعيون عقلانيون، يعملون على تعظيم القيمة وفق النمط الذي يطرحه علم الاجتماع الغربي. وحسب وجهة النظر هذه، فإن الذاتانيات المتميزة هي مجرد وجه للعولمة والتحديث “الحتميين”. هذه النظرة للمجتمع تمنحنا إجابة دقيقة عن العلاقة بين النظرية والممارسة، تلك التي تلح على الفصل بين الاثنين، وهو ما يجعلني أطرح استفهاما بشأنه في هذه المداخلة.
من وجهة نظر شخصية، يعتبر السؤال الأكثر إلحاحا بالنسبة لهذا الحقل المعرفي، هو ما إذا كان الأكاديميون ملزمون بالتوجه نحو التمرس في الشؤون الدولية، أم أنه يتوجب عليهم الابتعاد عن ذلك طالما أن التوجه الأكاديمي يعني أن يلتزم المرء بالحياد، وأن يبتعد عن الاهتمامات الآنية للأجندة السياسية؟ دعوني أقدم لكم طريقتين للإجابة عن هذا التساؤل، واللتان أود استبعادهما في النهاية.
تقتضي الطريقة الأولى بضرورة أن ينأى الأكادميون بأنفسهم بعيدا عن النقاشات الدائرة حول قضايا العلاقات الدولية، لأنه يفترض فيهم أن يحافظوا على حيادهم القيمي إزاء الأحداث السياسية. ووفقا لهذه النظرة، فإن الاستقامة الأكاديمية تستوجب تفادي طرح أسئلة معيارية. ترتبط هذه النظرة بالتصورات ذات النزعة الإمبريقية في المعرفة مجازة في ذلك من طرف المنهج الوضعي، وتلقى رواجا كبيرا عند علماء الاجتماع الأمريكيين (ليس فقط في مجال العلاقات الدولية، بل أيضا في علم الاقتصاد، وعلم السياسة، وعلم النفس، وعلم الاجتماع)، وهي تسلم بضروروة فصل العمل الأكاديمي عن العالم “الواقعي” للسياسة، والمجتمع، والاقتصاد، وترى أن هذا العمل يقتصر على نقل وقائع هذا العالم. وبناء على ذلك، فإن الاستقامة الأكاديمية تستوجب الحفاظ على مسافة فاصلة بين الباحث والعالم الواقعي الذي يستمد منه ملاحظاته، ويعتبر ذلك نتيجة لالتزام علماء الاجتماع الأمريكيين بالحياد القيمي في مسعاهم للبحث عن المعرفة، الحياد الذي يستوجب التمييز بين القيم والحقائق، بين الذات الملاحظة وموضوع الملاحظة، بين المحلل وموضوع التحليل، وبين عالم السياسة المتعفن، والبرج الأكاديمي الآمن والتأملي المحايد.
لا تكتفي وجهة النظر هذه فقط بأهمية الإبقاء على الفصل بين النظرية والممارسة، ولكنها أيضا تكيل انتقادات لاذعة لكل من لا يحترم هذا التمايز. لقد حدثت هناك العديد من النقلات النظمية في حقل العلاقات الدولية في اتجاه تكريس هذا التمايز، وينسحب ذلك على التفريق بين المثالية والواقعية وتجسد كذلك في النقاشات المحتدمة بين الاتجاه السلوكي والكلاسيكي، وهو متجسد حاليا في تهجم الباحثين ذوي النزعة العقلانية على الأعمال التأملية، وأعني تلك التي تدخل في نطاق ما بعد الحداثة، النسوية والجندر، والنظرية النقدية، والمقاربات الإثنية والثقافية في العلاقات الدولية. من المهم جدا من الناحية النقدية الإشارة إلى أن التهجم على أعمال التأمليين لا يعود إلى أنهم يرسمون صورا لعوالم أخرى غير عالم العلاقات الدولية، بل لأن هذه المقاربات لا تحظى بالشرعية الأكاديمية مع ما يعنيه ذلك على الصعيد المهني وعلى صعيد فرص النشر.
إن المشكلة مع هذه الرؤية للعلاقة بين الأوساط الأكاديمية وعالم السياسة، هي أنها تستند إلى نظرة محكومة بخصوصيات تاريخية معينة لطبيعة علم الاجتماع، وهي نظرة تبقى محل استفهام، ويمكن لأي تحليل من وجهة النظر هذه أن يكون مضبوطا إذا ما تم اللجوء إلى أسس ثابتة للطرح المعرفي. غير أن هذه النظرة تستدعي المزيد من التمحيص من حيث أنه لا يوجد فعليا أسس إبستمولوجية مضبوطة على المستوى الماوراء نظري والعبر-ثقافي. ومن وجهة نظري، فإن المشكلة ليست مطروحة مع ما يسمى “بالنسبيين”، ولكن بالأحرى هي مطروحة مع أولئك اللذين يرفضون الإقرار بالطابع النسبي لأعمالهم بسبب السياق العام والثقافة التي وجدت في ظلها هذه الأعمال. وبعبارة أخرى، فإن أولئك الذين يتهجمون على المقاربات باعتبارها نسبية، إنما يفعلون ذلك على أساس خلفيات معرفية تعتبر هي ذاتها متحيزة، وتشكلت عبر تفاعل اجتماعي تاريخي، وهم بذلك يعكسون قوى ودوافع سياسية واقتصادية، واجتماعية معينة. وهو ما أشار إليه كوكس Cox عام 1981 في عبارته الشهيرة:” النظرية هي دوما من أجل أحد ما، ولهدف معين”.
أعتقد أنه لا توجد نظرة من لاشيء، ولا توجد نظرة مضبوطة صادرة عن ملاذ أكاديمي بمعزل عن تأثيرات القوة والسياق الاقتصادي والسياسي، والاجتماعي والثقافي وأن كل المعارف متحيزة، وبهذا فإنه لا توجد نظرة تتوافق مع الحقيقة، فالنظرية ليست مرآة للطبيعة، ونخلص من ذلك إلى أن كل الطروحات المعرفية هي نتاج سياق القوة الذي نشأت فيه. يؤثر هذا السياق على مستويين أساسيين: في طبيعية الأسئلة المطروحة(مثلا، التفكير في العلاقة بين حقل العلاقات الدولية في الثلاثينات من القرن العشرين ومصالح القوى المهيمنة، والمملكة المتحدة والولايات المتحدة؛ أو العلاقة بين المواضيع الأساسية للعلاقات الدولية منذ 1945 أجندة صياغة السياسة الأمريكية). أما المستوى الثاني من التأثير فيتعلق بالتأثيرات السياقية، والمتأثرة بدورها بطبيعة الفئات التي تنتمي إليها، تلك التي تتشكل فيها علومنا وعوالمنا الذاتية. وأحسن مثال على ذلك، هو الطريقة التي تم فيها التميز بين الداخل والخارج، بين السياسة والاقتصاد، بين “النحن” و”الهم”، بين “الموت” الناجم عن السياسة و”الموت” الناجم عن الاقتصاد.
وهكذا، فإن الإقرار بوجود مكان معزول ومؤمن حيث يتيسر للأكاديميين الحقيقيين ملاحظة العالم، يتوقف على تصور مسبق للعالم، لا يتم الإقرار به في العادة. مثلا، النظرة للعلوم الاجتماعية تقارب للعالم كمعطى مسبق تماما مثلما تقدم نفسها للمحللين كطرف خارجي ومنفصل، وهي بذلك لا تبحث في الطريقة التي تتشكل بها النظرية والعالم، لتعاود النظرية تشكيله ليقوم بعدها في الأخير، ومن ثمة، بإعادة تشكيل النظرية. بطبيعة الحال فإن نظرتي الخاصة في حد ذاتها متفتحة للنقد. والقضية الأساسية في هذا النقد تتركز حول احتمال أن أكون ساعيا إلى محاولة تمرير قيمي الخاصة في التحليل، بذريعة أن الكل يفعل ذلك، أو أنني أرتكب خطأ في تقديم طبيعة علم الاجتماع بحيث تسببت في تقويض دعائم البحث الأكاديمي المستقل. لقد تمت مناقشة هذه المواقف من طرف وولت (1998) Walt، كيوهان (1998) Keohane، وكاتزنشتاين وآخرون…، في تقديمهم لأعمال التأمليين، وبحسب هؤلاء الباحثين، فإن أي طرح لا يقبل بإمكانية الحياد القيمي يوجد خارج المسعى الاجتماعي العلمي، لذلك سيتعرض لمخاطر التهميش طالما أنه يتحاشى الإقرار بإمكانية استقلالية العمل الأكاديمي. وفي هذا الصدد يقول كاتزانشتاين وآخرون (1998:ص 618) بأن مجلة المنظمة الدوليةInternational Organization قامت بنشر القليل فقط من الأعمال التأملية:” طالما أن مجلة “المنظمة الدولية” التزمت بخط يقضي بأن ما بعد الحداثيين لا يقرون باستعمال الشواهد لإصدار حكم إزاء إدعاء الحقيقة. كما أنه وخلافا للبنائية الاتفاقية أو النقدية، فإن ما بعد الحداثة تقع خارج مسعى علم الاجتماع. وفي العلاقات الدولية، يخشى أن تؤدي بحقل العلاقات الدولية لأن يصبح ذاتي الاستشهاد وأن تفك ارتباطه بالعالم، ولا يهم إن وجدت ادعاءات تناقض هذا الطرح.
وجهة النظر الثانية، بخصوص العلاقة بين النظرية والممارسة، تتمحور حول الواجب الملقى على عاتق الأكاديميين لمساعدة صانعي السياسة في بلدهم، وبذلك فإن دورهم يتمثل في تزويد السلطة بالحقيقة، وحسب والاس Wallace ، فإن على باحثي العلاقات الدولية أن يتجندوا لنقد بناء ومنفتح لتزويد السلطة بالحقيقة، وعدم إخفاء المعرفة في عبارات لغوية منمقة وغامضة، أو إدخال أنفسهم في متاهات الجدال اللغوي أو حتى تداول الحقيقة سرا بينهم. يحذر والاس من أن هذا الحقل المعرفي في حالة خطر، إذا ما ستمر في اللجوء إلى المزيد من التجريد وإلى المزيد من النظريات والنظريات الماورائية، والذي يرى أنه أسهل وأكثر متعة من العمل الشاق في تفاصيل دراسة الحالة. ويقترح والاس (والاس:317) على الباحثين أن يندمجوا في العالم الذي تمارس فيه السياسة بدلا من الانفصال المثير الذي تدعوا إليه ما بعد الحداثة بإدعاء منهم بأنهم يرغبون في تحويل العالم، بينما هم يتفادون الاحتكاك بأولئك اللذين يمارسون نفوذا معتبرا في العالم. ولقد تم اقتباس عبارات والاس مؤخرا من قبل كاتب الدولة البريطاني للتربية تشارلز كلارك؛ حيث رأى على أن التركيز على النظرية يؤدي إلى قطع التمويل على المعاهد الجامعية، قال:”لا يمكننا تبرير تخصصاتنا أساسا من منطلقات فلسفية أو جمالية… كما أنه لا يفترض أن نعمل على إنشاء نظام رهبنة. إذ يجب أن نبقي أبواب الجامعة مفتوحة… وهذا لنزود أولئك اللذين يتعين عليهم أن يتعاملوا مع مشاكل السلطة بالحكمة والخبرة” (والاس1996،ص ص. 320-321).
طرح شارلز كلارك في الأشهر الثلاثة الماضية نفس التحد أمام الجامعات في إنجلترا، عندما تساؤل عن مبرر وجودها، وقال أن مبرر ذلك هو اندماجها في المجتمعات التي وجدت فيها، وأن جامعة لا تأخذ ذلك بعين الاعتبار فإنها لن تحصل على التمويل الحكومي.
تطرح مثل هذه النظرة للعلاقة بين النظرية والممارسة العديد من المشاكل، سأعدد خمسة منها. أولا، أنها تركز على العملية الشكلية أو الرسمية بدلا من العمليات السياسية في تصورها الأوسع والذي تضم المجتمع المدني، وبالمثل، فإن المرجعية بالنسبة لهذه النظرة تتمثل في الدولة واهتماماتها وليس اهتمامات المجتمع المدني، وباختصار فهي نظرة ضيقة جدا للسياسة. ثانيا، تتبنى هذه النظرة الأجندة السياسية للدولة، وبذلك فهي تفترض علاقة وثيقة بين حقل العلاقات الدولية والسلطة، مما يعني أن الطلبة سيمزجون بين عالم السياسة والعالم الخاص بالسياسيين البارزين ويقبلون بذلك أجندتهم كما هي. ثالثا، تتجه نحو مواجهة الفكر طالما أنها تنفي إمكانية حصول تقييم ذاتي والقيام بالتفكير في مضامين المفاهيم التي تعمل في حدودها. رابعا، الإيعاز بتبليغ الحقيقة للسلطة يفترض أن أولئك اللذين هم في السلطة ينصتون. وفي الواقع فإنه ليس من الواضح إن كانت السلطة ترغب في سماع ما يقوله الأكاديميون إلا إذا كان ما يقولونه يتوافق مع رغباتهم. وليس من الواضح إطلاقا ما إذا كان السياسيون ينصتون إلى الأفكار الجديدة والتفسيرات الابتكارية، وبدلا من ذلك، فإنهم ينتقون الأفكار (تماما مثل ما يفعل المتسوق في المراكز التجارية) بالشكل الذي يتناسب مع خياراتهم السياسية القائمة. وأخيرا، فإن مثل هذه النظرة تجعل من حقل العلاقات الدولية نظرية لحل المشكل بدلا من أن تؤدي دور الإنعتاقية. ويعني ذلك أن الحقل المعرفي يأخذ الأجندة السياسية كما هي، بحيث أن العالم برمته يتم التعامل معه كما يتم التعامل مع حالات التجنس. سوف يصبح عسيرا حينذاك على البعض ربط علاقة بالسلطة إذا لم يقبلوا بأجندتها، وسيؤثر ذلك على علم العلاقات الدولية، إذ سيصبح الحديث بالكاد يكون ممكنا عن قضايا عديدة في علم السياسة، مثل المجاعة، الفقر، والجندر والعنصرية طالما أنها ليست محورية في أجندة السياسي.
تعتبر كلتا المقاربتين مثيرتين للجدل، كونهما تنطويان على افتراضين خاطئين، بالنسبة للأولى يتعلق الأمر بكونها تنظر للنظرية كأداة مفسرة، وبهذا فإنه يمكن فصلها عن السياسة والسلطة. ومن جهة أخرى، فإنها تفترض تبليغ الحقيقة لصانع القرار. وفي كلتا الحالتين، فإن هذين الافتراضين يقومان على أساس الفصل بين الأكاديميين والسلطة، بالنظر إلى التزام مسبق مسلم به للتصور الذي ينيط بالنظرية دورا تفسيريا. أما بالنسبة للثانية فيتعلق الأمر بنظرة المقاربتين اللتين تدعوان إلى الفصل بين النظرية والممارسة، إذا ما أراد المنظرون إبقاء قيمهم بعيدا عن التحليل. ومن جانب آخر، للمرافعين عن السياسة المتبعة، فإن مجالي النظرية والممارسة منفصلين إلا أنه يمكن الجمع بينهما بشكل معين يساعد على تبليغ الحقيقة للسلطة. باعتقادي فإن العلاقة بين النظرية والممارسة تتوقف على طرح الافتراضين السابقين وبدلا منهما التسليم بعلاقات مختلفة بين الاثنين. وهكذا، وردا على النظرية التي تنيط بالنظرية دورا تفسيريا أود القول أن النظرية تشكل الممارسة، وردا كذلك على الطرح القائل بضرورة الفصل بين النظرية والممارسة، أقول أن مجالي هذين النشاطين مرتبطين ببعضهما ارتباطا وثيقا بشكل لا يمكن تجنبه. أكرر القول أنه لا توجد نظرة من فراغ، ولذا فإن النظرية والممارسة تتجهان دوما للتشابك. لا يوجد باعتقادي تحليل سياسي محايد ولا حقيقة (مطلقة) يمكن تبليغها للسلطة. وبالمثل لا يوجد وسط أكاديمي غير متحيز ولا يوجد فضاء محمي بأسوار قلعة أصولية إبستيمولوجية. بل أن كل النشاطات الأكاديمية يتم تفعيلها في سياق سلطوي معين، في ثنائية السلطة/المعرفة. في اعتقادي، فإن كل نظرياتنا تعكس وتعزز قوى اجتماعية محددة، وكل منهما تتعامل مع جوانب المجمع كجوانب تحظى بالأولوية والحظوة بحسب السياق الذي نشأت فيه. هناك العديد من الأمثلة حول كيفية التعامل بشكل ملموس مع مثل هذه القضايا. وأود هنا أن أشير إلى أعمال كل من بوث Booth و كامبيل Campbell كنماذج لكيفية طرح هذه الاهتمامات بشكل يسمح بجعلها مؤهلة لإفادة صانعي القرار السياسي من جهة، ومتفتحة على اهتماماتهم من جهة أخرى.
وبذلك، فإن الخيارات المتاحة لباحثي العلاقات الدولية ليست أن ينأوا بأنفسهم بعيدا عن الممارسة، أو أن يدعوا فهما متميزا للعلاقات الدولية يتيح لهم معرفة الحقيقة والهمس بها لصانعي القرار، بل عليهم تقبل حقيقة أن الاعتبارات الأخلاقية لا يمكن فصلها عن البحث، ولا يمكن إدراك أهميتها إلا عندما تتم الدعوة إلى تغييبها أو الإلحاح على ذلك. وبهذا فإن الخطابات السياسية الأكثر بلاغة تأتي من أولئك الذين يرون في غيابها إحدى خصائص عملهم، ما يتيح لهم التركيز على “الحقائق” والخروج منها باعتبارات عملية ما يجعل العديد من تحركاتهم تبدوا أكثر “حصافة” من أخرى.
يعيدني ذلك للحديث عن العراق. بناء على ما سبق، فإن أية توصية عملية هي سياسية ومعيارية في جوهرها، وبالمثل فإن أي رفض للحقائق يركب الحرب يعكس قوى اجتماعية وسياسية، وتناسقا دقيقا لثنائية القوة/المعرفة. وباعتقادي فإن على العاملين في حقل العلاقات الدولية أن يدركوا بأنهم مندمجون في العمل السياسي والأخلاقي في آن واحد في كل مرة يقومون فيها بتدريس الممارسة السياسية، والبحث فيها، أو الدفاع عنها. التسليم بشيء من قبيل وجود نظرية بمعزل عن السلطة السياسية والقبول بعدم وجود مجال مستقل للممارسة السياسية لا تسنده نظرية، أو بوجود طروحات نظرية ومعرفية يمكن إبقاءها منفصلة عن بعضها البعض أو تركيبها ضمن توليفات شرعية، يعتبر من وجهة نظري الخطوة الأولى التي سيخطوها علم العلاقات الدولية، على حساب علوم اجتماعية تدعوا إلى التخلص من التأثيرات القيمية. وذلك ببساطة لأن الادعاء بإمكانية التمييز بين الحقائق والقيم ينطوي في حد ذاته على تحيز لمواقف معينة من السياسة والأخلاق. لقد تعرضت وجهة نظري للانتقاد من حيث أن ما أدعو إليه من حوار وتركيب يعتبر مستحيلا، كما أنه يستحيل إلى نسبية عدمية، ومثل هذه الانتقادات نجدها عند مورافسيك الذي يقول بهذا الشان: “إن البديل الذي يطرحه سميث، والذي يدعو من خلاله إلى تعدد نظري أشمل يعتبر تعسفا، وهو يعبر عن التماس المحافظين لتجميد هذا الحقل المعرفي… (إنه) لا يقترح بديلا عمليا بل يدعو إلى الإبقاء على الوضع القائم… وهو يتعامل مع التعدد كشيء أسمى من اللاتعدد- وهذا نوع من الجزم الذي يسمح بتمرير أي شيء من خلاله.”
عوضا عن وجهة النظر الحالية المهيمنة في العلوم الاجتماعية، التي جمدت هذا الحقل المعرفي، توجد نظرة تقوم على موقف معين تجاه العلاقة بين النظرية والممارسة تنم عن خلفيات ثقافية محددة. لقد حان الوقت ليدرك الباحثون في هذا الحقل المعرفي بأننا جميعا انجذبنا إلى حلقات هيرمونيتقية وتركيب للذاتانيات. كون كل وجهات نظرنا مستمدة من خلفيات معينة. فلا يوجد شكل محدد للعالم، لأنه ليس بالشيء الذي يمكن الإمساك به وتحسسه، أو تحقيقه أو الولوج إليه، طالما أن كل الحقائق متحيزة. إن العمل الأكاديمي الناضج يحتاج إلى أن يعكس أكثر القوانين التي نتفاوض من خلالها، وليس بالإلحاح على الطرق التي يتم من خلالها تمييز وتركيب تلك التفسيرات المختلفة للحقيقة. الحقيقة ليست بشيء ما نجده، إنما هي شيء ننشه، سواء بوعي أو من دونه بدعم من بعض القوى الاجتماعية دون أخرى. ومن هنا فإن الاعتراف بأن تداخل القوة والمعرفة شيء لا مفر منه، هو المرحلة اللاحقة في تطوير حقل أكثر نضجا للعلاقات الدولية، إن هذا الإقرار يتطلب منا التحقق من القواعد التي نفاوض من خلالها عند الالتحاق بعالم العلاقات الدولية(عالم الممارسة).
تمت ترجمة المقال عن المصدر باللغة الإنجليزية: مجلة العلاقات الدولية والتنمية، سبتمبر 2022.
الموارد الأولية:
تعتبر الموارد الاقتصادية حجر الأساس في بناء قوة الدولة. والموارد الاقتصادية عديدة ومتنوعة وما يهمنا منها في قوة الدولة هي الموارد أو السلع الإستراتيجية ونعني بها الموارد الغذائية ومصادر الطاقة.
فالمواد الغذائية تعتبر موردًا اقتصاديًا هامًا وسلعة إستراتيجية لأنها ضرورية لبقاء الإنسان وضمان أمن الدولة الاقتصادي. والدولة التي تعاني من نقص في المواد الغذائية خصوصًا الحبوب عادة ما يكون أمنها الاقتصادي تحت رحمة الدول الأخرى والتي تمدها بالمواد الغذائية.
لذا نجد كثيرًا من الدول تحرص كل الحرص على إنتاج المواد الغذائية الرئيسية بغض النظر عن تكلفتها الاقتصادية؛ إذ تنظر إلى إنتاج هذه المواد من منظور استراتيجي وليس من منظور اقتصادي مجرد، وتبرز أكثر أهمية توفر المواد الغذائية في الدولة خلال فترة الحروب والاضطرابات في المجتمع الدولي حيث يصبح أمن الدولة الغذائية في خطر خصوصًا إذا كانت تعتمد في إمداداتها الغذائية على د ول أخرى.
وتكمن هذه الخطورة في مصدرين؛ الأول: يتمثل في أن الدول خلال الحروب يضعف إنتاجها الاقتصادي بما في ذلك الإنتاج الزراعي، لذا تسعى الدول إلى تخزين إنتاجها من السلع الاستراتيجية مثل الحبوب وعدم تصديرها لتتفادى أي نقص محتمل. أما المصدر الثاني: فيتمثل بتعرض طرق المواصلات البرية والبحرية خلال الحروب والاضطرابات إلى مخاطر عديدة، ويترتب على ذلك شل حركة النقل البري والبحري، ومن ثم نقص الإمدادات الغذائية. لذا تلجأ الدول المستوردة للقمح وغيره من المواد الغذائية إلى تخزين المواد الغذائية الرئيسية بما يكفي للاستهلاك المحلي لفترة من الزمن لتفادي آثار الاضطرابات الدولية على إمداداتها الغذائية.
أما مصادر الطاقة فهي عديدة وتختلف أهميتها من وقت لآخر. لقد كان الفحم يعتبر أهم مصدر للطاقة إلا أن التطور التكنولوجي قلل من أهميته، وأبرز أهمية البترول. فالبترول بالإضافة إلى أنه يمثل المصدر الأساسي للطاقة في المواصلات والصناعة والاستخدامات المنزلية؛ فإن مشتقاته تدخل في إنتاج العديد من السلع الاستهلاكية. لقد أعطى البترول الدول المصدرة له قوة اقتصادية وسياسية مكنتها من التأثير في السياسات الدولية.
أما الدول التي تفتقر للبترول فقد أصبحت تحت رحمة الدول المصدرة له، فبالإضافة إلى تأثير انعدام البترول في أراضيها على أمنها القومي واستقرارها الاقتصادي؛ فإن استيراده يمثل عبئًا على ميزانية مدفوعاتها خصوصًا في الدول النامية والتي تعاني من قلة العملات الصعبة.
السكان:
يعتبر السكان أهم العناصر المؤثرة في مكونات قوة الدول. ويرجع ذلك إلى العلاقة القوية بين قوة الدولة وحجم سكانها. فالدول العملاقة في المجتمع الدولي . . . [مثل] الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي [سابقاً] تمتلك العدد الكافي من السكان لتحقيق متطلبات أمنها الاقتصادي والعسكري.
كما أن الصين الشعبية أصبحت قوة عظمى في المجتمع الدولي نتيجة لحجم سكانها الذي . . . [يزيد عن] أكثر من ألف مليون نسمة. في حين تعتبر الهند بسبب كثافتها السكانية والتي تجاوزت . . . الثمانمائة مليون نسمة مرشحة لدخول نادي القوى العظمى.
غير أن عدد السكان لا يكفي بحد ذاته لتقدير دور السكان في القوة القومية. بل لا بد من معرفة دقيقة لنوعية السكان وتجانسهم ومستواهم الحضاري. فمن حيث النوعية يجب معرفة الجنس وفئات العمر المنتجة في التكوين السكاني في الدولة.
فمعرفة الجنس مهمة خصوصًا في الدول النامية والتي تحد من مساهمة المرأة الاجتماعية والاقتصادية في التنمية القومية. ففي بعض هذه الدول جزء كبير من العنصر النسائي معطل وغير منتج وهذا ما يجعل تأثيره سلبي في محصلة قوة الدولة.
كذلك يتطلب الأمر معرفة فئات العمر في المجتمع لتحديد الأطفال، والشباب، والشيوخ؛ إذ أن مساهمة كل فئة من هؤلاء في قوة الدولة تختلف عن الفئات الأخرى. فالأطفال والشيوخ عادة ما يكون دورهم محدود جدًا إن لم يكن معدومًا في العملية الإنتاجية. في حين يمثل الشباب العمود الفقري في قوة الدولة سواء في السلم أو الحرب.
وبالإضافة إلى معرفة الجنس والعمر يتطلب الأمر معرفة تجانس السكان. فكلما كانت درجة التجانس عالية بين المواطنين كلما زاد ذلك من قوة الوحدة الوطنية داخل حدود الدولة. وهذا بالطبع له أثر إيجابي على قوة الدولة؛ إذ أنه سيزيد من درجة التعاون بين السكان وقت السلم ومن صلابة الجبهة الداخلية وقت الحرب.
كذلك يتطلب تحديد فاعلية عنصر السكان وتأثير أبعادة، معرفة نوعية السكان من حيث مستواهم التعليمي والتقني ورغبتهم في العمل واحترامهم للنظام وإدراكهم لمسؤولياتهم الوطنية وتضحيتهم من أجل المبادئ والقيم التي يؤمنون بها.
وقد يكون عنصر السكان متوفرًا من حيث الكم و الكيف لكن درجة الاستفادة من هذا العنصر دون المستوى المطلوب. وهذا الوضع يقلل من فعالية العنصر السكاني في مقاومة قوة الدولة. إن وجود السكان كمًّا وكيفًا ليس غاية في حد ذاته بقدر ما هو وسيلة لرفع قوة ومكانة الدولة في المجتمع الدولي. وهذا يعني وجوب الاستفادة الحقيقية من السكان في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وقت السلم وفي الدفاع عن الوطن والأمة وقت الحرب.
إن الاهتمام بعنصر السكان واحتلاله مكانة الصدارة بين العناصر الأخرى يرجع إلى أهمية هذا العنصر وقت السلم ووقت الحرب. ففي السلم يعتبر السكان عنصرًا من عناصر الإنتاج والدولة التي تعاني من قلة هذا العنصر تضطر لاستقدام الأيدي العاملة الأجنبية للمساهمة في التنمية الوطنية. ولهذه الخطوة سلبيات عديدة على الثقافة الوطنية والأمن الوطني.
أما في الحرب فتبرز مساهمة العنصر البشري بشكل أكبر، ذلك أن الدولة التي تتمتع بنسبة عالية من السكان تكون مقدرتها أكبر من غيرها في الصمود والقتال. ورغم التطور السريع الذي حصل في تكنولوجيا الأسلحة الحربية ودخول الأسلحة الذرية فلا يزال للحرب التقليدية شأن في العلاقات الدولية، ولا يزال لتفوق الدولة في عنصر السكان أثر في مجرى هذه الحرب وتحديد نتائجها.
العامل العسكري:
حتى وقت قريب كانت قوة الدولة تقاس بقوتها العسكرية، إلا أن زيادة تأثير العناصر الأخرى أنهى هذا الاحتكار للقوة العسكرية فأصبحت القوة العسكرية تمثل العنصر الرئيسي بين عناصر عديدة تشكل في مجموعها القوة القومية.
والقوة العسكرية في مفهومها المعاصر تتكون من عوامل أو مكونات عديدة تتفاعل فيما بينها وتعطي في ناتجها النهائي التأثير العسكري المنشود في السياسات الدولية. إن تحليل القوة العسكرية لأي دولة يتطلب منا الأخذ بعين الاعتبار عددًا من العوامل، ومن بين هذه العوامل العدد، العتاد، المبدأ الاستراتيجي، والروح المعنوية.
فمن حيث العدد كلما كبر عدد الجيش كلما زاد تأثير فعاليته العسكرية. ورغم التقدم في الأسلحة الحربية فلا يزال لعدد أفراد القوات المسلحة دورًا هامًا في تشكيل القوة العسكرية للدولة. فالدولة ذات العدد الكبير من أفراد القوات المسلحة تكون أقدر من غيرها في العمليات العسكرية سواء كانت دفاعية أو هجومية؛ إذ أنها ستكون قادرة على تحمل الخسائر البشرية.
ويدخل ضمن عدد القوات المسلحة كل أفراد الأجهزة العسكرية ذات الصلة المباشرة وغير المباشرة في الدفاع عن الدولة ضد أي عدوان خارجي. لذا يدخل ضمن عدد القوات المسلحة الميليشيات العسكرية، الحرس الوطني، وغيرها من التنظيمات العسكرية المشابهة .
أما العتاد العسكري فقد تنوع وتطور بسرعة مذهلة. وهذا التطور والتنوع السريع مضافًا إلى السرية التي تحاط بامتلاكه والتعقيد في استخدامه يجعل من الصعب تحديد معيار محدد لنوعية العتاد العسكري الأكثر فعالية. إن المهم في تقييم قوة الدولة العسكرية رصد مؤشرات قوية تدل على أن الدولة تمتلك أسلحة عسكرية حديثة كافية للردع أو الهجوم.
وامتلاك السلاح وحده لا يكفي، بل المهم أيضًا القدرة على صيانته بعد امتلاكه خصوصًا وأن الأسلحة الحديثة في غاية التعقيد من الناحية التكنولوجية وتتطلب صيانتها كفاءة فنية عالية. هذا المطلب يجعل الدول النامية دائمًا في وضع صعب؛ إذ أنها قد تكون قادرة على شراء السلاح لكنها تواجه صعوبات في صيانته والمحافظة عليه بشكل جيد.
وبالإضافة إلى القدرة على الصيانة يجب اعتبار قدرة الجيش الوطني على استخدام السلاح بكفاءة. لذا أصبحت أهمية التدريب على السلاح لا تقل عن أهمية امتلاكه؛ إذ أن جعل السلاح العسكري في أيادي أجنبية يشكل نقطة ضعف كبيرة في بناء الدولة العسكري.
إن العدة والعتاد لا تكفي بحد ذاتها لضمان نصر عسكري للدولة في حروبها الدفاعية أو الهجومية. بل يتطلب الأمر اعتبار المبدأ الاستراتيجي للدولة. والمقصود بالمبدأ الاستراتيجي: الخطة العامة للقتال وأسلوب تنفيذها. فأحيانًا يتوفر لدى الدولة العدد الكافي من المقاتلين وتمتلك أسلحة كافية وحديثة إلا أن عدم سلامة مبدأها الاستراتيجي يترتب عليه هزيمة ساحقة لها، كما حصل للقوات العربية خلال الحرب العربية – الإسرائيلية عام 1967م، لذا أصبح تطوير مبدأ استراتيجي سليم للقوات العسكرية للدولة من الأهمية بمكان وأصبح الاهتمام ببناء فكر عسكري مطلبًا أساسًا لتحقيق الجدوى المتوقعة من تجنيد الشعب وامتلاك السلاح.
أخيرًا قد يتوفر عدد كبير من أفراد الجيش، وسلاح من نوعية جيدة، ومبدأ استراتيجي سليم. ومع ذلك فإن البناء العسكري للدولة خصوصًا في وقت الحرب يتسم بالضعف العام. في هذه الحالة يعزى الضعف إلى ضعف الروح المعنوية للمقاتلين. و . . . [يقصد] بالروح المعنوية استعداد المقاتلين للتضحية والعمل بروح عسكرية عالية.
لذا أصبح رفع الروح المعنوية للمقاتلين خصوصًا وقت الحروب من الأهمية بمكان لرفع كفاءة الجيش وأدائه ورفع الروح المعنوية يتم من خلال إيجاد الاستعداد التام لدى الجندي المقاتل للانضباط وتحمل المسؤولية الملقاة على عاتقه في ميدان القتال، وقناعته التامة بالهدف الذي يقاتل من أجله، وحماسه المطلق للتضحية من أجل تحقيق الهدف المنشود.
إن انخفاض الروح المعنوية قد يكون السبب الرئيسي وراء انهزام جيوش ذات أسلحة متقدمة ومبدأ استراتيجي سليم. ومثال ذلك انهزام القوات الأمريكية في الحرب الفيتنامية.