الكاتب: aksachli
عنترة بن شداد
[align=justify]هل غادر الشعراء من متردم **** أم هل عرفت الدار بعد توهم
يا دار عبلة بالجواء تكلمي **** وعمي صباحاً دار عبلة و اسلمي
فوقفت فيها ناقتي و كأنها **** فدنٌ لأقضي حاجة المتلوم
و تحل عبلة بالجواء و أهلنا **** بالحزن فالصمان فالمتثلم
حييت من طللٍ تقادم عهده **** أقوى و أقفر بعد أم الهيثم
حلت بأرض الزائرين فأصبحت **** عسراً علي طلابك ابنة محرمٍ
علقتها عرضاً و أقتل قومها **** زعماً لعمر أبيك ليس بمزعم
و لقد نزلت فلا تظني غيره **** مني بمنزلة المحب المكرم
كيف المزار و قد تربع أهلها **** بعنيزتين و أهلنا بالغيلم
إن كنت أزمعت الفراق فإنما **** زمت ركابكم بليلٍ مظلم
ما راعني إلا حمولة أهلها **** وسط الديار تسف حب الخمخم
فيها اثنتان و أربعون حلوبةً **** سوداً كخافية الغراب الأسحم
إذ تستبيك بذي غروبٍ واضحٍ **** عذبٍ مقبله لذيذ المطعم
و كأن فارة تاجرٍ بقسيمةٍ **** سبقت عوارضها إليك من الفم
أو روضةً أنفاً تضمن نبتها **** غيثٌ قليل الدمن ليس بمعلم
جادت عليه كل بكرٍ حرةٍ **** فتركن كل قرارةٍ كالدرهم
سحاً و تسكاباً فكل عشيةٍ **** يجري عليها الماء لم يتصرم
و خلا الذباب بها فليس ببارحٍ **** غرداً كفعل الشارب المترنم
هزجاً يحك ذراعه بذراعه **** قدح المكب على الزناد الأجذم
تمسي و تصبح فوق ظهر حشيةٍ **** و أبيت فوق سراة أدهم ملجم
وحشيتي سرجٌ على عبل الشوى **** نهدٍ مراكله نبيل المخرم
هل تبلغني دارها شدنيةٌ **** لعنت بمحروم الشراب مصرم
خطارةٌ غب السرى زيافةٌ **** تطس الإكام بوخد خفٍ ميتم
و كأنما تطس الإكام عشيةً **** بقريب بين المنسمين مصلم
تأوي له قلص النعام كما أوت **** حذقٌ يمانيةٌ لأعجم طمطم
يتبعن قلة رأسه و كأنه **** حدجٌ على نعشٍ لهن مخيم
صعلٍ يعود بذي العشيرة بيضه **** كالعبد ذي الفرو الطويل الأصلم
شربت بماء الدحرضين فأصبحت **** زوراء تنفر عن حياض الديلم
وكأنما تنأى بجانب دفها الـ **** ـوحشي من هزج العشي مؤوم
هرٍ جنيبٍ كلما عطفت له **** غضبى اتقاها باليدين وبالفم
بركت على جنب الرداع كأنما **** بركت على قصبٍ أجش مهضم
وكأن رباً أو كحيلاً معقداً **** حش الوقود به جوانب قمقم
ينباع من ذفرى غضوبٍ جسرةٍ **** زيافةٍ مثل الفنيق المكدم
إن تغدفي دوني القناع فإنني **** طبٌ بأخذ الفارس المستلئم
أثني علي بما علمت فإنني **** سمحٌ مخالقتي إذا لم أظلم
وإذا ظلمت فإن ظلمي باسلٌ **** مرٌ مذاقه كطعم العلقم
ولقد شربت من المدامة بعدما **** ركد الهواجر بالمشوف المعلم
بزجاجةٍ صفراء ذات أسرةٍ **** قرنت بأزهر في الشمال مفدم
فإذا شربت فإنني مستهلكٌ **** مالي وعرضي وافرٌ لم يكلم
وإذا صحوت فما أقصر عن ندىً **** وكما علمت شمائلي وتكرمي
وحليل غانيةٍ تركت مجدلاً **** تمكو فريصته كشدقٍ الأعلم
سبقت له كفي بعاجل طعنةٍ **** ورشاش نافذةٍ كلون العندم
هلا سألت الخيل يا بنة مالكٍ **** إن كنت جاهلةً بما لم تعلمي
إذ لا أزال على رحالة سابحٍ **** نهدٍ تعاوره الكماة مكلم
طوراً يجرد للطعان وتارةً **** يأوي إلى حصد القسي عرمرم
يخبرك من شهد الوقيعة أنني **** أغشى الوغى وأعف عند المغنم
ومدجج كره الكماة نزاله **** لا ممعنٍ هرباً ولا مستسلم
جادت له كفي بعاجل طعنةٍ **** بمثقفٍ صدق الكعوب مقوم
فشككت بالرمح الأصم ثيابه **** ليس الكريم على القنا بمحرم
فتركته جزر السباع ينشنه **** يقضمن حسن بنانه والمعصم
ومسك سابغةٍ هتكت فروجها **** بالسيف عن حامي الحقيقة معلم
ربذ يداه بالقداح إذا شتا **** هتاك غايات التجار ملوم
لما رآني قد نزلت أريده **** أبدى نواجذه لغير تبسم
عهدي به مد النهار كأنما **** خضب البنان ورأسه بالعظلم
فطعنته بالرمح ثم علوته **** بمهندٍ صافي الحديدة مخذم
بطلٍ كأن ثيابه في سرحةٍ **** يحذى نعال السبت ليس بتوءم
يا شاة ما قنصٍ لمن حلت له **** حرمت علي و ليتها لم تحرم
فبعثت جاريتي فقلت لها اذهبي **** فتجسسي أخبارها لي و اعلم
قالت رأيت من الأعادي غرةً **** و الشاة ممكنةٌ لمن هو مرتم
و كأنما التفتت بجيد جدايةٍ **** رشأٍ من الغزلان حرٍ أرثم
نبئت عمراً غير شاكر نعمتي **** و الكفر مخبثةٌ لنفس المنعم
و لقد حفظت وصاة عمي بالضحا **** إذ تقلص الشفتان عن وضح الفم
في حومة الحرب التي لا تشتكي **** غمراتها الأبطال غير تغمغم
إذ يتقون بي الأسنة لم أخم **** عنها و لكني تضايق مقدمي
لما رأيت القوم أقبل جمعهم **** يتذامرون كررت غير مذمم
يدعون عنتر و الرماح كأنها **** أشطان بئرٍ في لبان الأدهم
ما زلت أرميهم بثغرة نحره **** و لبانه حتى تسربل بالدم
فازور من وقع القنا بلبانه **** و شكا إلي بعبرةٍ و تحمحم
لو كان يدري ما المحاورة اشتكى **** و لكان لو علم الكلام مكلمي
و لقد شفى نفسي و أبرأ سقمها **** قيل الفوارس ويك عنتر أقدم
وَالخَيلُ تَقتَحِمُ الخَبارَ عَوابِساً **** مِن بَينِ شَيظَمَةٍ وَآخَرَ شَيظَمِ
ذُلُلٌ رِكابي حَيثُ شِئتُ مُشايِعي **** لُبّي وَأَحفِزُهُ بِأَمرٍ مُبرَمِ
وَلَقَد خَشيتُ بِأَن أَموتَ وَلَم تَدُر **** لِلحَربِ دائِرَةٌ عَلى اِبنَي ضَمضَمِ
الشاتِمَي عِرضي وَلَم أَشتِمهُما **** وَالناذِرَينِ إِذا لَم اَلقَهُما دَمي
إِن يَفعَلا فَلَقَد تَرَكتُ أَباهُما **** جَزَرَ السِباعِ وَكُلِّ نَسرٍ قَشعَمِ
<< العباس وغدر الزمان >>
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الولى تبارك و تعالى
سيدي ما لي أراك نائم
في الميدان
وأختك الحوراء زينب تئن
وأنت تسمع أنينها ساكن
أطاب لك لذيذ المنام أم غرك
أم أخذت غفوة تستريح من
عناء المعركةِ
معذرةً سيدي نسيت أنك أمسيت
وسهمٌ أصاب عينك
الذي لا بد منه
فخر صريعاً على رمال
ينظر إلى إله السماء
بارك الله فيك لك مني اجمل تحية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
و فيك بركة اختاه
نورتي صفحتي …. شكرا لك [/align]
خاطره عن ابي وآغلى آنسآآن
معك حق
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .
مميز
ابدعتي عزيزتي الغالية
الله هما احفظ ابي و امي و ادخلهما فسيح جنانك
موفق بإذن الله … لك مني أجمل تحية .
وتسألون لماذا احترق القلب وهو حي
هَرَج َاللِسَــآنُ هَرْجـَـآ
وفآضَ مِنْ قَلْبهِ ذآك الكَلآمُ تَشَـآؤمَا
قهرٌ ظلمٌ وللموتِ هُم سِبَاقَا
أبـآحوآ المحرمَ وحَرَمُوا الحَلالَ
قُتِلَ مَنْ قَالَ كَلآمٌ فيهِ صِدْقــَآ
وطَرَدَوَه ُوشَرَّدُوه ُشَرْدا
وتَسْــألونَ لِمَــآذآ احْتَرَقَ القَلْبُ وهُو حيّــآ ؟؟!
حَتّى القَلَمُ أَبى أنْ يَكْتِبَ خَوْفـَـآ
والوَرَقَ خَافَ من أَن ْيُمَزَقَا
وتَدَّعُونَ أَنَّ السَّلآمَ قَآدِمَــآ
كَلآ وألفُ كلآ
السَّلامُ لآ يأتي بالتَفَاوضَــآ
وإنمَــآ يــأتي مِنْ قُلُوب ٌ فيهَــآ حُبٌ وصَفـَـآ
تَنْثُرُ الوَدُّ وتجعلكَ أميرآ
كَيْفَ يَعُمُ السَّلآمَ في هذه الدنيآ
والذِئَآبُ جَائِعَة وقُلُوبُهُمْ مآتت احْتِرَاقَا
تَقُولونَ مَالا تَفْعَلُونَ وقَولُكُمُ كَذِبَا
تَسْمَعُونَ القَولَ وتدعُونَ الصِمَمَــآ
وتَرَوا الحـَـآل َ وتقولون لم نَرا شَيْئَــآ
بلى إنَّكُم تَروه ولكنْ تدعون العُمَى
وتــَأكُلونَ لحْم الإنسآن وهو ليسَ ِبَميَّتَــآ
ألآ يــآ أمة مُحَمْدَآ
كَفى نحيبا وعَوِيلآ
الصَوتُ بَحْ والدَمْعُ أَصْبَحَ مُعـَـآقـَـآ
والذّنْبُ كَبِرْ وصَارَعَظِيمـَـآ
والموتُ آتٍ ولآ تَحسبوه بعيدَا
صفّوا قلوبكم بالمحبةِ والوِدَآ
وتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِ والتَقَوى
لِنَرْجعْ أحسَنَ أُمّة ٍ كَمـَـآ كُنـّـآ
وننَصَحُ اللأهْلَ والجَــآرَ والصَدِيقــَآ
بـِـأنْ يَتّبِعُوا سُنْة ْ الهَــآدِي نَبِينَــآ
مُحَمَدٌ صَلّوا عَليهِ وسَلِمُوا تَسْلِيمَــآ
هُنـَـآ كَلِمَاتي قد باحَتْ كَثِيَرا
وأرجُو رَبُ البَرَايا رِجْوَانـَـآ
بــأن تَكُونَ فيهآ بعضٌ من النُّصْحَ والرُّشْدَآ
ويقول آخر بوحٍ هُنــآ وأَحْسَنَهُ كَلآمَــآ
تُوبُوا إلى الله فَهُوَ توّآبٌ رَحِيمـَـآ
الشعر الجزائري ثورة نوفمبر 1954
و الشعر بما يحمله من سحر في البيان و تناسق في النظم، و سعة في الموضوعات، وسيلة لسانية مهمة في تخليد الآثار، و تصوير المواقف، مما يجعله مؤثرا في النفوس، و مترددا على الألسنة جيلا بعد جيل، و حقبة بعد حقبة. لهذا ارتبط بحياة الشعوب و تاريخها و مآثرها، حتى عده العرب ديوانهم الذي يفخرون به، و وسيلتهم التي يقابلون بها ما لغيرهم من فلسفات و مظاهر حضارة.
و إذا كان للشعر هذه الخطورة، فإن اقترانه بالأحداث العظمي يزيده قوة و مكانة في آن معا، خاصة إذا ما وجد من الشعراء من يجمع قوة البيان بقوة العزيمة و الشجاعة. لأن أخطر ما في الشعر كونه كلاما خالدا يتردد على الألسنة كما تتردد التحية بين الناس، و كونه محط أنظار الجميع بغض النظر عن مستوياتهم ووظائفهم. و ما ينقله تاريخ الأدب عن الشعر و الشعراء قديما و حديثا يذهل القارئ بكل ما يحمله من متناقضات. فرب شاعر رفعته قصيدته إلى مصاف الأخيار و الأبطال، و رب شاعر نزلت به القصيدة إلى قاع الضياع، و ما ذاك إلا لأن الشاعر أبدع فيها فنا و جسد فيها موضوعا له من الأهمية ما ليست لغيره.
و عندما نقرن الشعر بالثورة الجزائرية فنحن أمام متعتين : متعة الفن الشعري بخياله و تصويره و موسيقاه، و متعة الموضوع بزخمه و هوله و روعته التي تركت آثارها في نفوس الجزائريين، و نفوس غيرهم من العرب و المسلمين و الأجانب أيضا. و نجد أنفسنا مجبرين على استرجاع ماضينا لنقرنه بحاضرنا و نتأمل سنة الله في خلقه و كونه. فكما كان أبو تمام و المتنبي يقفان على معارك الملوك المسلمين في زمانهم و ينقلونها تصويرا و معان و عواطف حتى خلدوها في التاريخ، فكذلك فعل مفدي زكريا و غيره مع الثورة الجزائرية. و إذا كانت معارك الماضي أياما أو ليالي، فإن الثورة سنون طويلة مرة لم ينته كابوسها إلا بعد تضحيات جسام. فلا عجب إذن أن يخصص شاعر مثل مفدي زكريا أغلب شعره لتخليد أمجاد الثورة، و الفخر برجالها، حتى ظننا أن ليس لمفدي اهتمام في الدنيا سوى الجزائر.
لكن علاقة الثورة بالشعر ليست دائما مطردة، فقد تعتري الشاعر أحيانا صدمة تجعله حائرا فيتوقف عن الاندفاع و التدفق، و يجلس عن بعد يترقب و يلاحظ، دون أن يقوى على تحريك لسانه المبدع، بل دون أن تسعفه الكلمات للتعبير عما يرى و يسمع. ذلك هو حال الشعراء مع الثورة الجزائرية العظيمة التي أذهلت العالم ببطولات أبنائها، و رسمت للجزائر لوحة عز خالدة لا تؤثر عليها العوامل و المتغيرات.
لكن صمت بعض الشعراء أمام عظمة ثورتهم لم يكن من قبيل التخاذل أو الخيانة، بل العكس هو الصحيح ؛ إنه صمت المعجب و المعظم للحدث، فكأنما الواقع هو نفسه الشاعر، أو كأن ما يحدث على أرض المعارك لا يحتاج أصلا إلى من يعبر عنه.
مثل هذا حدث مع الشعراء تجاه القرآن الكريم، ففي الوقت الذي ارتفعت فيه أصوات شعراء قريش تستهزئ بالرسول و قرآنه في عنجهية و تجبر و تكبر، نجد شعراء آخرين ممن صفت نفوسهم من الحقد و التحدي أخصرهم القرآن بما أتى به من بديع التصوير و جمال البيان و قوة الحجة، فكأنما يقولون لقرائهم و رواتهم : ليس بعد هذا الكلام كلام.
و لا تريد بمثال القرآن هذا المقارنة بقدر ما نريد إثبات أن قوة الحدث موجبة أحيانا للصمت عن التعبير عنه. فكأن الكلمات المترجمة له أصغر من أن تتحمل ثقل المعنى. اسمع الشاعر يقول :
روعة الجرح فوق ما يحمل اللف *** ظ و يقوى عليه إعصار شاعر.
على أن صمت الشعراء الذي نقصده هنا ينقسم قسمين : قسم تجسد فيه الصمت الحقيقي عن إنتاج النص الشعري، لظرف أو لآخر، و قسم عبر فيه عن الصمت و عجز القوافي عن احتواء معاني الثورة دون أن يصمت الشاعر حقيقة.
فمن النوع الأول نجد الشاعر القدير المرحوم محمد العيد آل خليفة الذي " لم ينتظر ديوانه الضخم غير قصيدتين يعود تاريخهما إلى عهد الثورة، و هو الشاعر الذي كان ينفخ الثورة في الثلاثينيات بقصيدة في كل مطلع شهر " و القصيدتان هما { مناجاة أسير و أبي بشير } و { أبا المنقوش }، كما سكت أحمد سحنون الذي كان يتلمس وهج الثورة بأطراف أصابعه. و سكت محمد الأخضر السائحي فلم يطالعنا بأول دواوينه إلا بعد الاستقلال، و الأمر ينطبق على آخرين مثل محمد الجريدي و الهادي السنوسي و عمر شكيري و غيرهم. (1)
فلا تعتقد إذن أن سكوت هؤلاء عن الشعر أو عن كثيره راجع إلى جبن أو خوف من المحتل، فقد ضحى كثير منهم بحياته فداء لوطنه، مثل الأمين العمودي، و عبد الكريم العقون، و الربيع بوشامة. و آخرون ذاقوا مرارة السجون الاستعمارية طويلا، كأحمد سحنون، إنما سكوتهم من قبيل الاعتراف بأن الدور لحملة راية السلاح، و عليهم أن يؤدوا الدور كما يجب.
أما النوع الثاني فيمثله الشاعر مفدي زكريا بدون منازع، فهو من الشعراء الذين عبروا عن تراجع الكلام، و ضيق الشعر عن التعبير عن عظمة ما يحدث في الجزائر. غير أنه بقدر ما كان يستخف بالكلمة في مقابل الكفاح المسلح، كان يبدع لنا القصائد التي لا تقل روعتها عما يحققه المجاهدون في ساحات الوغى. فمن ديوانه " اللهب المقدس " نجده يقول :
نطق الرصاص فما يباح كلام *** و جرى القصاص فما يتاح ملام
السيف أصدق لهجة من أحرف *** كتبت، فكان بيانـــها الإبهام
و يتلاعب مفدي بالجناس كل تلاعب،كاشفا عن ضرورة ترك الكلمة للسلاح في وجه المحتل، فيقول :
إن الصحائف للصفائح أمرها *** و الحبر حرب و الكلام كلام
عز المكاتب في الحياة كتائب *** زحفت كأن جنودها الأعلام
خير المحافل في الزمان حجافل *** رفعت على وحداتها الأعلام
ثم ينفض يديه كلية من الحبر و الورق في قوله :
حقوقنا بدم الأحرار نكتبها *** لا الحبر أصبح يعنينا و لا الورق
أما أبو القاسم خمار فيحذو حذو مفدي في هذا المجال، حين يعبر عن ملله الكلام حتى و إن كان غناء أو تغريدا، و يدعو إلى الصمت الذي يفسح المجال الزحف أن يؤدي مهامه. يقول في قصيدة الزحف الأصم :
أنا لا أغرد للنضــال *** و لا أغني للرجولـــــة
ملت مسامعنــــا *** و عاف الشعر ترديد البطولة
لمن الهتاف ؟ و أمتي *** لما تزل بيـــن الحمم
الصمت أبلغ في الوغى *** و النصر للزحف الأصـم
و إذا تساءلنا عن سر هذه النزعة إلى الصمت بنوعيه لا نجد أفضل مما عللها به الدكتور صالح خرفي في قوله : " و ربما استمد بعض الشعراء هذا الموقف الصامد الصامت من الحقيقة التاريخية التي صدعت بها الثورة، حين قامت حدا فاصلا بين عهد اللعب و عهد الجد، و طوت في إصرار سياسة الأخذ و الرد، حتى طغت على الثورة في سنيها الأولى رفض عنيد لكل تلويح بالتفاوض. " (2)
لم نجد شاعرا جزائريا استخدم الفخر بالمبالغة و الإبداع مثل مفدي زكريا في مختلف قصائده، سواء تعلق الأمر بالجزائر عموما، أو بأبطالها الشهداء، أو بشعبها المعطاء في ساحات الوغى كما في كرمه و وعيه. و إذا كان الفخر قد زل بكثير من الشعراء إلى الادعاء و التزييف، فإنه عند بعضهم الآخر ظل وسيلة مهمة من وسائل الدفاع عن النفس أو الوطن أو الكرامة.
فعمرو بن كلثوم بالغ و ادعى أن الجبابرة تسجد لرضيع قومه في قوله :
إذا بلغ الفطام لنا رضيع *** تخر له الجبابر ساجديــنا
و المتنبي يدعي أن ليس في الكون مثله رفعة و مكانة فيقول :
أنا الذي بين الإله به الـ *** أقدار و المرء حيثما جعله
و يقول :
ما أبعد العيب و النقصان عن شرفي *** أنا الثريا و ذان الشيب و الهرم
أما مفدي زكريا فحكيم في استخدام المبالغة، إذ يربطها بواقع سياسي و اجتماعي واضح للعيان. فعندما يقول مثلا :
جزائر يا مطلع المعجزات *** و يا حجة الله في الكائنات
أو قوله :
ما للجزائر ترجف الدنيا لها *** و الكون يقعد حولها و يقام
فإنه لا يتكلم عن ادعاء أو فراغ بقدر ما يعبر عن واقع ثوري يشهد له العدو قبل الصديق بالقوة و الروعة. أليست المعجزة في أن يواجه شعب محتل ضعيف الوسائل المادية، بائس الحياة الاجتماعية، محتلا عتيا كالاحتلال الفرنسي و يحقق الانتصارات التي تنتهي به إلى الاستقلال ؟ ثم أليست الثورة الجزائرية هي التي لفتت انتباه العالم شرقا و غربا شمالا و جنوبا بأمجادها و عنفها ؟
إن من حق مفدي زكريا أن يقول شامخا :
أنا الذي خلد الجزائر في الدنـ *** ـيا و من لقن ابنها كيف يبني.
ثم إن للفخر و المبالغة في الشعر وقع خاص في نفس القارئ و السامع، فالشاعر ينتقي كلماته و معانيه بدقة بحيث تؤثر في النفس بل تهزها. ذلك أن كلمات الفخر ضخمة، و وقعها في الأذن واضح ملفت للانتباه، كما أنها مصدر للحماسة و نفخ الشجاعة في نفوس المفنخر بهم، كما تبث الرعب و الخوف، و تحطم معنويات الآخر المقابل. فكيف يستقبل مستعمر و مستعمر هذه الأبيات :
ُثائر لم يعد رهين جبـــال *** بل حداه إلى العواصم بأس
إنه الظل ليس يخلص منـه *** أينما كان أجنـــبي أخس
شيخ لم تقع عليه عيون النا *** س و الأذن بالخطى لا تحس
هو في مسرح البطولة جـن *** و هو في عالم الحقيقة إنس
لا شك أن صورة الثائر هنا دغدغت شعور المقاومين رضا و بهجة، لكنها أرعبت العدو و أخلطت حساباته، و جعلت حذره يتحول إلى كابوس مزعج.
و مهما يكن من أمر، فإن عظمة الثورة الجزائرية سواء عبر عنها الشعراء بالصمت أو بالكلام، محرك من محركات الإبداع عند هم، و مصدر مهم من مصادر الإلهام. ورغم كل ما قلنا فإن الشعر الذي تناول التورة الجزائرية في الجزائر كما في العالم العربي كثير لا تحصى قصائده. فقد تعددت أفكاره من تمجيد للشهداء، و رفض لأساليب المختل الغاصب، و حث للشعب الثائر على الصمود و المواجهة، و ذم لجرائم الاستعمار ضد الإنسانية و غيرها. و بقدر ما تشرفت ثورتنا المجيدة بجهود الشعراء، فقد تشرفوا هم كذلك بها، و هذه هي النتيجة الطبيعية لتلاحم الشعر مع الأحداث الجليلة.
الشعر الجزائري
1- الشعر الجزائري الحديث. د/ صالح خرفي.224. المؤسسة الوطنية للكتاب –الجزائر. 1984
2- م السابق.226
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:
الجزائر، شعر، ثورة، مقاومة، جهاد، استعمار، فرنسا، خونة، شهيد،
هدا شعر من انشائي ادخلوا
هدا من انشائي
ارجوا ان يعجبكم
تحياتي
من فضلكم اريد ردود
ما شاء الله .
أنا العبد الذي كسب الذنوب
"أنا العبد الذي كسب الذنوبا " هي من أشهر القصائد للشاعر جمال الدين صرصاري
أَنَا الْعَبْدُ الَّذِي كَسَبَ الذُّنُوبَا * * * وَصَدَّتْهُ الْأَمَانِي أَنْ يَتُوبَا
أَنَا الْعَبْدُ الَّذِي أَضْحَى حَزِينًا * * * عَلَى زَلَّاتِهِ قَلِقًا كَئِيبَا
أَنَا الْعَبْدُ الَّذِي سُطِرَتْ عَلَيْهِ * * * صَحَائِفُ لَمْ يَخَفْ فِيهَا الرَّقِيبَا
أَنَا الْعَبْدُ الْمُسِيءُ عَصَيْتُ سِرًّا * * * فَمَا لِي الْآنَ لَا أُبْدِي النَّحِيبَا
أَنَا الْعَبْدُ الْمُفَرِّطُ ضَاعَ عُمُرِي * * * فَلَمْ أَرْعَ الشَّبِيبَةَ وَالْمَشِيبَا
أَنَا الْعَبْدُ الْغَرِيقُ بِلُجِّ بَحْرٍ * * * أَصِيحُ لَرُبَّمَا أَلْقَى مُجِيبَا
أَنَا الْعَبْدُ السَّقِيمُ مِنْ الْخَطَايَا * * * وَقَدْ أَقْبَلْتُ أَلْتَمِسُ الطَّبِيبَا
أَنَا الْعَبْدُ الْمُخَلَّفُ عَنْ أُنَاسٍ * * * حَوَوْا مِنْ كُلِّ مَعْرُوفٍ نَصِيبَا
أَنَا الْعَبْدُ الشَّرِيدُ ظَلَمْتُ نَفْسِي * * * وَقَدْ وَافَيْتُ بَابَكُمْ مُنِيبَا
أَنَا الْعَبْدُ الْفَقِيرُ مَدَدْتُ كَفِّي * * * إلَيْكُمْ فَادْفَعُوا عَنِّي الْخُطُوبَا
أَنَا الْغَدَّارُ كَمْ عَاهَدْتُ عَهْدًا * * * وَكُنْتُ عَلَى الْوَفَاءِ بِهِ كَذُوبَا
أَنَا الْمَهْجُورُ هَلْ لِي مِنْ شَفِيعٍ * * * يُكَلِّمُ فِي الْوِصَالِ لِي الْحَبِيبَا
أَنَا الْمَقْطُوعُ فَارْحَمْنِي وَصِلْنِي * * * وَيَسِّرْ مِنْكَ لِي فَرَجًا قَرِيبَا
أَنَا الْمُضْطَرُّ أَرْجُو مِنْكَ عَفْوًا * * * وَمَنْ يَرْجُو رِضَاكَ فَلَنْ يَخِيبَا
فَيَا أَسَفَى عَلَى عُمُرٍ تَقَضَّى * * * وَلَمْ أَكْسِبْ بِهِ إلَّا الذُّنُوبَا
وَأَحْذَرُ أَنْ يُعَاجِلَنِي مَمَاتٌ * * * يُحَيِّرُ هَوْلُ مَصْرَعِهِ اللَّبِيبَا
وَيَا حُزْنَاهُ مِنْ نَشْرِي وَحَشْرِي * * * بِيَوْمٍ يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبَا
تَفَطَّرَتْ السَّمَاءُ بِهِ وَمَارَتْ * * * وَأَصْبَحَتْ الْجِبَالُ بِهِ كَثِيبَا
إذَا مَا قُمْتُ حَيْرَانًا ظَمِيئَا * * * حَسِيرَ الطَّرْفِ عُرْيَانًا سَلِيبَا
وَيَا خَجَلَاهُ مِنْ قُبْحِ اكْتِسَابِي * * * إذَا مَا أَبْدَتْ الصُّحُفُ الْعُيُوبَا
وَذِلَّةِ مَوْقِفٍ وَحِسَابِ عَدْلٍ * * * أَكُونُ بِهِ عَلَى نَفْسِي حَسِيبَا
وَيَا حَذَرَاهُ مِنْ نَارٍ تَلَظَّى * * * إذَا زَفَرَتْ وَأَقْلَقَتْ الْقُلُوبَا
تَكَادُ إذَا بَدَتْ تَنْشَقُّ غَيْظًا * * * عَلَى مَنْ كَانَ ظَلَّامًا مُرِيبَا
فَيَا مَنْ مَدَّ فِي كَسْبِ الْخَطَايَا * * * خُطَاهُ أَمَا أَنَى لَكَ أَنْ تَتُوبَا
أَلَا فَاقْلِعْ وَتُبْ وَاجْهَدْ فَإِنَّا * * * رَأَيْنَا كُلَّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبَا
وَأَقْبِلْ صَادِقًا فِي الْعَزْمِ وَاقْصِدْ * * * جَنَابًا نَاضِرًا عَطِرًا رَحِيبَا
وَكُنْ لِلصَّالِحِينَ أَخًا وَخِلًّا * * * وَكُنْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا غَرِيبَا
وَكُنْ عَنْ كُلِّ فَاحِشَةٍ جَبَانًا * * * وَكُنْ فِي الْخَيْرِ مِقْدَامًا نَجِيبَا
وَلَاحِظْ زِينَةَ الدُّنْيَا بِبُغْضٍ * * * تَكُنْ عَبْدًا إلَى الْمَوْلَى حَبِيبَا
فَمَنْ يَخْبُرْ زَخَارِفَهَا يَجِدْهَا * * * مُخَالِبَةً لِطَالِبِهَا خَلُوبَا
وَغُضَّ عَنْ الْمَحَارِمِ مِنْك طَرْفًا * * * طَمُوحًا يَفْتِنُ الرَّجُلَ الْأَرِيبَا
فَخَائِنَةُ الْعُيُونِ كَأُسْدِ غَابٍ * * * إذَا مَا أُهْمِلَتْ وَثَبَتْ وُثُوبَا
وَمَنْ يَغْضُضْ فُضُولَ الطَّرْفِ عَنْهَا * * * يَجِدْ فِي قَلْبِهِ رَوْحًا وَطِيبَا
وَلَا تُطْلِقْ لِسَانَكَ فِي كَلَامٍ * * * يَجُرُّ عَلَيْكَ أَحْقَادًا وَحُوبَا
وَلَا يَبْرَحْ لِسَانُكَ كُلَّ وَقْتٍ * * * بِذِكْرِ اللَّهِ رَيَّانًا رَطِيبَا
وَصَلِّ إذَا الدُّجَى أَرْخَى سُدُولًا * * * وَلَا تَضْجَرْ بِهِ وَتَكُنْ هَيُوبَا
تَجِدْ أُنْسًا إذَا أُوعِيتَ قَبْرًا * * * وَفَارَقْتَ الْمُعَاشِرَ وَالنَّسِيبَا
وَصُمْ مَا اسْتَطَعْت تَجِدْهُ رِيًّا * * * إذَا مَا قُمْتَ ظَمْآنًا سَغِيبَا
وَكُنْ مُتَصَدِّقًا سِرًّا وَجَهْرًا * * * وَلَا تَبْخَلْ وَكُنْ سَمْحًا وَهُوبَا
تَجِدْ مَا قَدَّمَتْهُ يَدَاكَ ظِلًّا * * * إذَا مَا اشْتَدَّ بِالنَّاسِ الْكُرُوبَا
وَكُنْ حَسَنَ السَّجَايَا ذَا حَيَاءٍ * * * طَلِيقَ الْوَجْهِ لَا شَكِسًا غَضُوبَا
فيا مولاي جد بالعفو وارحم * * * عبيداً لم يزل يشكي الذنوبا
وسامح هفوتي وأجب دعائي * * * فإنك لم تزل أبداً مجيبا
وشفِّع فيّ خير الخلق طراً * * * نبياً لم يزل أبداً حبيبا
هو الهادي المشفّع في البرايا * * * وكان لهم رحيماً مستجيبا
عليه من المهمين كل وقتٍ * * * صلاة تملأ الأكوان طيبا
شعر عن الجزائر
جزائر يا بدعة الفاطر و يا روعة الصانع القـادر
و يا بابل السحر ، من وحيها تلقب هاروت بالساحر
و ياجنة غار منها الجنان و أشغله الغيب بالحاضـر
و يا لجة يستحم الجمال و يسبح في موجها الكافـر
و يا ومضة الحب في خاطري و إشراقة الوحي للشاعر
و يا ثورة حار فيها الزمان و في شعبها الهادئ الثائر
و يا وحدة صهرتها الخطو بفقامت على دمها الفائر
و يا همة ساد فيها الحجى فلم تك تقنع بالظاهــر
و يا مثلا لصفاء الضمير يجل عن المثل السائــر
إلياذة الجزائر 2
بلادي ، بلادي ، الأمان الأمان أغني علاك ، بأي لسان ؟
جلالك تقصر عنه اللغـــة و يعجزني فيك سحر البيان
وهام بك الناس حتى الطغاة
وما احترموا فيك حتى الزمانا
وأغريت مستعمريك فراحوا
يهيمون في الشرق بالصولجان
ولم يبرحوا الأرض لما استقلت شعوبٌ
ولم تستكن للهوان
وزلزلت الأرض زلزالها
وضج لغاصبها النيّران
فتبيض صفحة افريقيا
وراهنه الشعب يوم التنادي
ورجّ به الشعب يوم الرهان
فتبيض صفحة افريقيا
ويسود وجه المغير الجبان
وإشراقة الروح منك تناهت
تشيع الجمال وتفشي الحنان
إليك صلاتي ، و أزكى سلامي بلادي ، بلادي ، الأمان الأمان
***
شغلنا الورى ،و ملأنا الدنا
بشعر نردده كالصلاة
تسابيحه من حنايا الجزائر
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .
لعشاق الشعر
تلك أنا نور بعثره ظلام الليل المخيف
تلك أنابحيرة جففتها حرارة الصيف
تلك أنا صفاء عكره الورق الخفيف
تلك أنا السعيدة المكتئبة الخائفة المبتسمة
الحزينة الصامتة الرفيقة الصادقة
هذه أنا العذراء الطاهرة المسلمة المفتخرة
الصبروة الكتومة الجاهلة العالمة
هذه أنا الشاعرة
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .
[/motr1]
موفق بإذن الله … لك مني أجمل تحية .
وفقك الله