جان جاك روسو العقد الاجتماعي 1712 1778 :
سجل هذا الفيلسوف خطوة بوضع نظريته في كتابه العقد الاجتماعي ، وتصوره لقيام التوافق بين الناس على العيش جماعة انطلاقا من عقد ضمني يربطهم بين بعضهم ويتضمن بنودا توافقوا عليها فأصبحت دستورا لهم . فالنظام الاجتماعي لديه هو حق مقدس وقاعدة وأساس لسائر الحقوق [ دستور ] .
وجدير بالذكر أن جان جاك روسو قد طور نظرية العقد الاجتماعي التي صاغها الفيلسوف الإنجليزي ” توماس هوبز” ، الذي ركز على المكنة التي يستطيع أن يتجاوز بها النظام الاجتماعي حالة الفوضى الطبيعية التي يعيشها الإنسان . ولقد رفض ” جون لوك ” ما عبر عنه هوبز بالظروف التي كان يعيش فيها الإنسان ؛ وهى حالة الحرب الشاملة والانحلال الاجتماعي ؛ لأنه يرى أن الطبيعة الاجتماعية للإنسان تمنع الدولة الطبيعية من أن تعيش منعزلة ، وأن رغبة الإنسان في ترك الدولة تكمن في سعيه إلى زيادة ملكيته الخاصة والاحتفاظ بها في حالة آمنة .وقد اختلف عنهما ” روسو” بالقول إن السلطة التي تنتظم حياة الناس لا يمكن أن تأتي من الخارج ، وإن انعدام الأمن والطمأنينة هو ما خلق الحاجة إلى إيجاد نظام المجتمع المدني الذي لا يتكامل إلا بحماية حقوق أعضائه ويكون فيه الإنسان حرا في تحديد مصيره طالما أنه يوجه أفعاله طبقا للقانون الذي اشترك في وضعه ؛ فأصبح مصدر السلطة القوى الاجتماعية التي تعبر عن إرادة أفرادها.
التصنيف: العلوم السياسية و العلاقات الدولية
العلوم السياسية و العلاقات الدولية
المقدمة:
كل مجتمع في يومنا هذا يزخر بالمنظمات التي تسعى لتنظيم أعمالها و تحقيق الأهداف التي أنشأت من أجل تحقيقها، و نجاحها أو فشلها في تحقيق ما تصبو إليه يتوقف على نوعية الأداء الإداري و فعاليته و مقدرة قادتها على تحديد الأهداف التي تلبي رغبات المجتمع و خلق أنظمة جديدة تمكنها من تجنيد الموارد البشرية و المادية و لذلك كان لابد من دراسة النماذج و التجارب الناجحة لتطوير علم الإدارة العامة و بالتالي تطوير الإدارة العامة المقارنة و بذلك تحويل نظم الإدارة العامة من منظور جزئي إلى منظور كلي يحلل بناء المجتمع ككل و تفاعلاته مع نظامه الإداري و ذلك من أجل فهم الإدارة في بيئات مختلفة و متنوعة و هذا ما فيه إثراء للمعارف الإدارية.
و لذلك إرتأينا اختيار هذا الموضوع الذي يتناول دور الإدارة العامة المقارنة في تدعيم دراسات المناطق، و كذلك تدعيم الإدارة العامة بالتنظير العلمي لتحقيق الإستفادة من الرؤى الجديدة في الأهداف التطبيقية.
و لهذا الغرض انتهجنا المنهج الوصفي التحليلي الذي يساعد على عرض المعلومات وفق التسلسل التاريخي و المراحل التي مرت بها الإدارة العامة المقارنة، و من هذا المنطلق تتولد الإشكالات التالية:
ما طبيعة الإدارة العامة المقارنة؟ و هل هي فرع علمي قائم بذاته ام أنها لا تعدو أن تكون طريقة منهجية؟
و للإجابة عن هذه التساؤلات اعتمدنا على خطة ثلاثية المباحث فقد جاء المبحث الأول تحت عنوان “ماهية الإدارة العامة المقارنة” لينطوي تحته مطلبين المطلب الأول المعنون ب ” تعــريف الإدارة العـامة المقارنـة “و المطلب الثاني تحت عنوان ” أهــداف الإدارة العامـة المقـارنـة” ليأتي المبحث الثاني تحت عنوان “تــطـور الادارة العامــة المقارنة و استراتيحيتـها” ليندرج تحته مطلبين تحت عنوان “تطـور الإدارة العامــة المقارنـة” و “استـراتيجيتـها”، أما المبحث الثالث فقد عنواناه ب “مشكـلات الإدارة العامـة المقارنـة و آفاقـها” ليأتي المطلب الأول “مشكـلات الإدارة العامة المقارنة” و المطلب الثاني “آفاق الإدارة العامـة المقارنـة”المبحث الأول: ماهية الإدارة العامة المقارنة
المطلب الأول : تعريف الإدارة العامة المقارنة
يستخدم العلماء و بعض كتاب الإدارة العامة للتعبير عن المقارنة عدَة مصطلحات منها: الإدارة المقارنة، الدراسة المقارنة للإدارة، المنهج المقارن، التحليل المقارن، المدخل المقارن و المدخل البيئي المقارن، و بذلك هم يعنون أن الإدارة العامة المقارنة هي فرع من علم الإدارة العامة يتناول دراسات في البيروقراطية و الخدمة المدنية و إدارة التنمية و إدارة المؤسسات العامة و الأدارة المحلية و بذلك هي دراسات تطبيقية تتجاوز حدود بلد معينة و لا تنصب على بلد بمفرده حيث تقوم بالمقارنة بين الدول حتى أنها تقوم بدراسات مقارنة في المجتمع الواحد على إعتبار أن هنالك تباين و إختلاف في العناصر و القوى البيئية حتى في الدولة الواحدة.
أما إذا انتقلنا للحديث عن مصطلحي الدراسة المقارنة للإدارة العامة و المنهج المقارن للإدارة العامة فإننا نجد أنهما يعبران عن الطريقة المنهجية المتبعة في البحث كتناول عدَة أنظمة إدارية و القيام بتطبيق المقارنة بينها لإظهار أوجه الشبه أو الخلاف بينها بهدف التوصل إلى مقترحات لتطوير هذه الاأنظمة أي أن المقارنة لا تعدو أن تكون مجرد طريقة مطبقة في مجل الإدارة العامة.
أما مصطلح المدخل البيئي المقارن فيعبر و يبرز أهمية البيئة أو المحيط الخاص بالأنظمة الإدارية في عملية المقارة أي أن أنظمة الإدارة العامة هي وليدة بيئتها أي أنه من غير الممكن نقل نظام إدارة عامة ناجح في مجتمع معيَن إلى مجتمع آخر يختلف عنه لتحقيق نفس النجاح في المجتمع الثاني (1) و بذلك فهو يسعى لدراة المتغيرات البيئية بغرض إعادة بناء أنظمة للإدارة العامة في هذه المجتمعات لتكون أكثر ملائمة للواقع و بالتالي فعالَة و ناجحة.
و الإختلاف هنا بين المصطلحات ليس خلافا على الألفاظ و لكن الخلاف حول طبيعة الإدارة العامة المقارنة فمنهم من يرى أنَها علم قائم بذاته و منهم من يرى أنها لا تعدو أن تكون طريقة منهجية يتوصل من خلالها الباحث إلى نتائج معينة ضمن بحث مقارنة في التنظيم الإداري و بذلك فإن نتئج بحثه ستلحق بفروع الإدارة العامة حيث نجد أنَ الدكتور عبد المعطي محمد عسَاف يتعامل مع الإدارة العامة المقارنة على أنها مقارنة تعنى(1) عاشور، أحمد صقر، الإدارة العامَة مدخل بيئي مقارن، بيروت: دار النهضة العربيَة، 1979. ص51.
بدراسة مقارنة لظاهرة الإدارة العامة أي اخضاع أيَ ظاهرة إدارية إلى المنهج المقارن (1).
و لكن من جهة أخرة يمكن إعتبار الإدارة العامة المقارنة علم قائم بذاته لأنَـه يعبَر عن مجموعة المعارف المتناسقة في موضوع
معين يتوصل إليها الباحث بإستعمال طريقة منهجية معيَنة (2)، و هذا ما يعني أنَ الإدارة العامة المقارنة هي (علم مناهج المقارن في نطاق الإدارة العامة) حيث أنها تعالج قواعد الطريقة المنهجية للمقارنة مطبقة على أنظمة الإدارة العامة بحيث يمكن قول أنص نطاق علم الإدارة العامة المقارنة يبدأ حيث ينتهي نطاق البحث في الطريقة المقارنة.المطلب الثاني: أهداف الإدارة العامة المقارنة
-1-أهداف علمية أكاديمية
إنَ بناء علم الإدارة العامة يعتمد على النجاح في تكوين افتراضات و مفاهيم حول الإدارة التي تتجاوز الحدود لكل بلد حيث أشار(Robert Dahl) في مقالته المشهورة بعنوان “دراسة الإدارة العامة ” سنة 1947 إلى أنً دراسة الإدارة يجب أن تكون في مختلف دول العام و ذلك للوصول إلى أسس و قواعد عامة و مؤسسة للم الإدارة العامة أي أنَ البحث لا يجب أ يكون مقتصرا على بيئة إجتماعية بعينها لانً ذلك سيتولد عنه قواعد مفككة مثلما نقول: قواد الغدارة الأمريكية أو اليابانية أي عدم الووصل إلى علم للإدارة العامة.
و كمثال على ذلك الدراسة التي قدَمها (Fred Riggs) في المقارنة بين الإدارة العامة في المجتمعات الزراعية و الصناعية التي توصَل من خلالها إلى أنَ خصائص و هويَة نظام الإدارة العامة يختلف من مجتمع إلى آخـر،(1) عساف، عبد المعطي محمد، النموذج المتكامل لدراسة الإدارة العامَة-إطار عام مقارن-، الأردن: شركة الفاهوم التجاريَة، 1982. ص58.
(2)بدوي، محمد طه، ، المنهج في علم السياسة، الإسكندرية: كليَة التجارة، 1979. ص115.
فالجهاز الحكومي في المجتمع الزراعي أو الصناعي هو محصلة تفاعل الأنظمة التي يتكون منها كل مجتمعه منهما و هذه الدراسة هي التَي فتحت المجال لدراسة أنظمة الإدارة في المجتمعات النامية بعدما كانت كلً الدراسات تدور حول المجتمعات الغربية المتقدمة.
-2-أهداف عمليَة تطبيقية
تهدف الدارسات الإدارية المقارنة لتطوير الأنظمة الإدارية لجعلها أكثر فعالية و التعرف على حلول أفضل لعديد من المشكلات الإدارية، فالدراسات المقارنة لأنظمة الإدارة العامة في الدول النامية تهدف إلى تطوير و تحديث الإدارة العامة لجعلها أكثر إمكانية و قدرة على القيام بمسؤولياتها في التنمية و يتحقق هذا الأمر كلَما كانت الدراسات متفهمة لبيئة المجتمعات أي تحليل البيئة السياسية و الثقافية و الإجتماعية و الإقتصادية للمجتمع الذي يراد تطوير أنظمة الإدارة العامة فيه (1).
• و هذا الأمر لا يعني أن هنالك فصل بين الأهداف العلمية و العملية ففي غالب الأحيان يترتب عن ظهور نظريات و نماذج للإدارة العامة ترتيب و تنظيم للمعارف الإدارية و بالتالي تطبيق هذه الرؤى على أرض الواقع و كمثال علىلد حركة الإدارة العامة الجديدة و دورها في إدخال العدالة الإجتماعية في الدراسات التطبيقة لتقييم الأجهزة الحكومية.(1)عاشور، أحمد صقر، الإدارة العامَة مدخل بيئي مقارن، بيروت: دار النهضة العربيَة، 1979. ص51.
المبحث الثاني: تطوًر الإدارة العامة المقارنة و إستراتيجيتها
المطلب الأول: تطوَر الإدارة العامة المقارنة
ترجع الأصول التاريخية لهذه الدراسة إلى الدراسات المقارنة للأنظمة السياسية بحكم الإرتباط الوثيق للإدارة العَامة مع علم السياسة، و بالتالي ارتبطت الدراسات المقارنة بالتحليل المقارن لأنظمة الحكومات، فقد كان أرسطو أوَل من قام بدراسات مقرانة لأنظمة الحكم حيث تناول ما يناهز عن 150 دستور بحثا عن نظام الحكم الفاضل عملا أي النظام الذي يتلاءم مع واقع دولة المدينة اليونانية (1). و لكن البداية الحديثة للإدارة العامة المقارنة بدأت بإنفصال علم الإدارة عن علم السياسة و بالتلي انفصالها عن الحكومات المقارنة و لكن رغم هذا الإنفصال إلاَ أنَها تأثرت بهذه الدراسات و أخذت بعض سماتها. و يمكن تمييز مرحلتين في النشأة الحديثة للإدارة العامة المقارنة:
-1-المرحلة الأولى
تمتدَ هذه المرحلة من بداية ظهور الإدارة العامة المقارنة كنوع من الإدارة العامة حتى بداية الستينات و يمكن أن نطلق على هذه المرحلة مرحلة النهج التقليدي للدراسات الإدارية المقارنة، و أهم ما تميَزت به هذه المرحلة هو سيادة النظم الإدارية الغربية على البحوث المقارنة لأن معظم دول إفريفيا و آسيا و أمريكا اللاتينية كانت مستعمرة و بالتلي عدم القدرة على تطبيق البحث المقارن لأنَ هذه الدول كانت تفتقـد للهويَة السياسة و الإدارية.
و من أهَم الدراسات الإدارية المقارنة دراسة (H.Zink) الذي تناول طبيعة عمل نظام الحكم الأمريكي على مستوى الحكومة الأمريكية و الحكم المحلي و كذلك دراسة (روجيه جريجوار) عن الوظيفة العامة في فرنسا و التي أوضح فيها طبيعة الوظيفة العامة في النظام الإداري الفرنسي كمهنة تتميز بالدوام و الإستمرار (2).(1)الأفندي، أحمد حامد، النظم الحكوميَة المقارنة، الكويت، وكالة المطبوعات، 1976. ص18.
(2)مهنا، محمد فؤاد، سياسة الإصلاح الإداري و تطبيقاتها في ضوء مبادئ علم التنظيم و الإدارة، القاهرة: دار المعارف، 1978. ص520.
ثمَ انتقلت الدراسات الأوروبية من دراة الأنظمة الإدارية بشكل منفرد إلى إجراء المقارنات بينها و ذلك بالتركيز على الشكل التنظيمي للتنظيمات الإدارية و الرقابة في النظام الإداري. و من هذا السياق يمكن القول أنَ رواد الإدارة العامة المقارنة في
الولايات المتحدة الأمريكية أمثال وودرو ويلسون و ايرنست فرويند اعتمدا على الخبرات الأروربية لتحسين الإدارة الأمريكية.
و غالبية هذه الدراسات كانت تتسم بالطابع القانوني أي تركَز على البناء الحكومي الرسمي كما أقامته نصوص الوثائق الدستورية و الساسية دون أن يشير إلى الواقع الفعلي و إيجاد علاج لمشاكل و قضايا التطبيق الإداري كالمركزية و اللامركزية، كما أنَ هذه الدراسات كانت وصفيَة أي لم يكون هنالك تحليل للمعطيات كتلك الدراسات التَي كرست لإجراء مقارنة بين عدد من دول إوروبا الغربية و لكن هذه الدراسات لم تكون تتضمن أيَة معايير لتحديد أوجه الشبه و أوجه الخلاف بين الأنظمة الإدارية.
-2-المرحلة الثانية
ما ميَـز هذه المرحلة هو ظور الدول النامية كمجموعة هامَة على مسرح المجتمع الدولي بعد حصول أغلبها على الإستقلال بحيث لم يعد من الممكن تجاهلها في الدراسات الإدارية المقارنة و هذا ما دفع المنشغلين بالإدارة العامة المقارنة لتوسيع نطاق الدراسة بعدما كان مقتصراً على النظم الإدارية الغربية و هذا ما ظهر جليَاً في كيفية تنفيذ الأمم المتحدة لبرامج المعونة الفنية، التي رأت أن نجاحها مرهون بمستوى الكفاءة الإدارية في كلَ دولة (1) أي القيام بدراسة أحوال اقتصاد كلَ دولة و أنظمتها الإدارية و هدا ما يعني تحليل بناء المجتمع و علاقات نظام الإدارة العامة فيه و تفاعله معها و هذا ما دعا له (John Gaus) الذي اهتم بالبيئة في دراسة الإدارة العامة بأي بلد ما حيث كان يرى أنَـه لا يمكن نقل قاعدة معيَنة من مجتمعها أي المجتمع الذي نشأت فيه و نمت إلى مجتمع آخر دون أن تطرأ عليها تغييرات و تفاعلات مع محيطها الجديد حيث إنَها ستأخذ شكلا مختلفا عمَما كانت عليه (2)
(1) درويش، عبد الكريم، و ليلى تكلا، أصول الإدارة العامَة، القاهرة: مكتبة الأنجلو المصريَة، 1980. ص145.
(2) درويش، عبد الكريم، و ليلى تكلا، مرجع سابق، ص158.
و هذا ما يعني أنَ نجاح أي تنظيم إداري في دولة ما لا يعني بالضرورة أنَه سوف يصادف نفس النجاح و من الأمثلة على ذلك دراسة لوثر جولوك عن (إعادة تنظيم الإدارة الحكومية في مصر) و دراسة مصطفى الكثيري عن (الخصوصية التاريخية و الحضارية لبلدان المغرب العربي و دمى انعكاساتها على التنمية الإدارية) و على المستوى العربي ظهرت الدراسات الإدارية المقارنة بمنطقة الخليج العربي التي عززت هذه الجهود بإنشاء مجلس التعاون الخليجي سنة 1981 حيث أنها قامت بجمع المعلومات و القيام بمقارنات تشمل مختلف الشؤون الإقتصادية، الإجتماعية، الإدارية، السياسية و العسكرية.
أي انَه في هذه المرحلة انتقلت هذه الدراسة من التحليل الجزئي لنظم الإدارة العامة إلى تحليل بناء المجتمع ككل مع نظامه الإداري و الخروج من الطابع الغربي للدراسة إلى بيئات مختلفة.المطلب الثاني: إستراتيجية الإدارة العامة المقارنة
-1-نموذج المقارنة
بـرز في الدراسات المقارنة عدد من النماذج المقارنة على أساسها و تستخدم هذه النماذج لجمع المعلومات و البحث و التحليل للوصول إلى النتائج، و من أشهر هذه النماذج نموذح (Fred Riggs) للإدارة العامة في المجتمعات الزراعية و الصناعية الذي يقوم على المقارنة بين أنظمة الإدارة العامة من منظور كلَي من خلال تفاعل بين الإدارة العامة و البئة و ذلك باتباع خمس متغيرات بيئية و هي: الأساس الإقتصادي، البناء الإجتماعي، النظام السياسي، الإطار العقائدي و نظام الاتصالات. بالإضافة إلى نموذج (Sutton) الذي صنَف فيه المجتمعات إلى مجموعات لكلَ خصائصها و التي برهن فيها أنَـه من خلال الصفات المجتمعية يمكن استقراء نظام الحكم، دون أن ننسى الدراسة التي قام بها (Sayre-Koufman) في مجل البيروقراطية حيث درس السلوك البيروقراطي و تفاعله مع البيئة السياسية و هذا النموذج أعطى دفعا و معلومات قيمة للدراسة التي أعدها أساتذة من جامعة إنديانا عن تركيا، مصر، فرنسا، بوليفيا، الفلبين و تايلند. و من هنا رأى (waldo) أنَ المشكلة الأساسية في بناء نماذج لدراسة الإدارة العامة المقارنة يكمن في اختيار نموذج عام يشمل الظاهرة الإدارية ككل (1).
(1)محمود، محمد فتحي، الإدارة العامَة المقارنة، الرياض، جامعة الملك سعود، 1405. ص48.
-2-الإطار النظري للمقارنة
مع تطـور علم الإدارة العامة تعددَت المداخل و المناهج المستخدمة في دراسة موضوعاتها من أهمها: المدخل القانوني، المدخل الوظيفي، المدخل السلوكي، المدخل البيئي و أحدثها حركة الإدارة العامة الحديثة.
-أ- المنهج القانوني:
الذي يقوم أساسا على تحليل أنظمة الترقية و الترفيع بين عدد من الدول و من الدراسات التي تعبَر عن هذا الإتجاه دراسة محمد أنس قاسم جعفر (نظم الترقية في الوظيفة العامة و أثرها في فاعلية الإدارة) و قام فيها بدراسة نظم الترقية في بعض التشريعات المقارنة و هي الولايات المتحدة الأمريكية و انجلترا و فرنسا و قد إختار هذه الدول على أساس أن أمريكا تمثل اتجاها في مجل التوظيف بصفة عامة و الترقية بصفة خاصة مغيراً لإنجلترا و فرنسا حيث درس الأحكام النظامية العامة للترقية و موانعها القانونية و اجراء الترقية من حيث السلطة المختصة و ما تثيره الترقية من إشكالات نظامية في التطبيق الإداري .
-ب- المنهج الوظيفي:
الذي يعتمد على التحليل المقارن للعملية الإداريَة بين عدد من المنظمات الحكومية في دول مختلفة، حيث يقوم بجمع المعلومات عن الوظائف الإداريَة في أداء هذه المنظمات و تأثير ممارستها لى الكفاءة و الفعاليَة الإداريَة دون أن يدرس البيئة الخارجية المؤثرة على هذه المنظمات و من أمثلة هذه الدراسات البحوث التي تصدرها المنظمة العربيَة للعلوم الإداريَة عن (أنظمة الإدارة العامَة في الدول العربيَة).
-ج- المنهج السلوكي:
الذي يقوم بالتخليل المقارن و بجمع المعلومات عن الأبعاد النفسيَة و الإجتماعيَة لأداء البيروقراطيَات المختلفة من حيث العوامل المحرَكة لسلوك الإفراد العاملين فيها و المتحكمة في إتخاذ القرارات بالإضافة إلى دراسة أنماط القيادة و أثرها على أداء و سلوك البيروقراطيَات.
-د-المنهج البيئي:
و لا يمكن أن تكون الدراسة كاملة إلاَ إذا عايشت الواقع أي تجمع المعلومات من واقع الممارسة الفعليَة و المؤثرات البيئيَة المؤثرة على الموضوع محلَ الدراسة مع الإستعانة ببعض الأدوات البحثيَة كالإستقصاءات و المقابلات.
-هـ-أفكار حركة الإدارة الحديثة:
يقوم هذا المنهج على أساس تقويم البرامج الحكومية في عدد من الدول كجمع المعلومات عن كيفيَة تحقيق الأجهزة الحكوميَة للعدالة في توزيع خدماتها على المواطنين بالإضافة إلى دراسة دور الدولة في توفير فرص العمل و مدى إتاحتها الفرصة لهم للمشاركة في إتخاذ القرارات الرئيسيَة.
-3-تحديد وحدة المقارنة
درج المهتمون بالإدارة العامَة المقارنة لفترة طويلة على إعتبار النموذج البيروقراطي وحدة الدراسة المقارنة (1)، و لكن مع السبعينات إحتلَت إدارة التنمية مكان الصدارة في هذه الدراسات و مصطلح إدارة التنمية (2) جلب انتباه قادة الدول النامية لما فيه من تسليط للضوء على مقاصدهم المتمثلة في تحقيق التنمية لبلدانهم، و لذلك كان لابدَ من تناول نظم إداريَة متعدَدة.(1) درويش، إبراهيم، الإدارة العامَة نحو اتجاه مقارن، القاهرة: دار النهضة العربيَة، 1984. ص193.
(2) درويش، إبراهيم، مرجع سابق، ص189.المبحث الثالث: مشكلات الإدارة العامَة المقارنة و آفاقها
المطلب الأول: مشكلات الإدارة العامَة المقارنة
يواجه التحليل المقارن مجموعة من المشاكل فكما سبق لنا و ذكرنا أنَ هذه المشاكل تتصل أساسا بمناهج و أدوات البحث الممقارن و الَتي تستخدم للتوَصل إلى دراسة مقارنة علميَة بالإضافة إلى مجموعة أخرى من الماكل و في مقدمتها:
-1-المفاهيم
إنَ عدم دقَة المصطلحات يمثَل أحد جوانب الضعف الأساسيَة في البحث الإداري المقارن، حيث أنَه لا يوجد إتفاق بين الدارسين للإدارة العامَة حول معنى المفاهيم فعلى سبيل المثال: مفهوم البيروقراطيَة قد يعني النظام الإداري ككل، و قد يعني مجموع الإجراءات التي يجب إتباعها في مبارة العمل الحكومي، و قد تعني السلطة و النفوذ التي يمارسها الموظف العام (1) و مفهوم الحكومة الذي يشبر إمَا للسلطات الثلاث أو إلى السلطة التنفيذيَة وحدها. إضافة إلى أنَ المفاهيم الإداريَة غالبا ما تتغيَر فوظيفة الدولة لم تعد كما كانت في السابق.
و من المشكلات أيضا التي تواجه تحديد المفاهيم قضيَة الترجمة فبعض مصطلحات الإدارة العامَة من الصعب تعريبها لما يفقدها من دلالتها الحقيقيَة، و لحلَ هذه الإشكالات وجب التوجه إلى مفاهيم ذات مستوى عال من العموميَة كتعريف الحكومة بأنَها: (الأداة الرسميَة التي من خلالها يتم طرح و لورة و تنفيذ القرارات بشكل قانوني و قد قصد بهذا التعريف أن يكون شاملا ليحوي الدول كافَة كانت متطوَرة أو متخلَفة، ديمقراطية أو إستبدادديَة)(2). بالإضافة إلى ضرورة تنويع المجتمعات التي تكون هدفا للدراسة المقارنة.
-2-جمع المعلومات
تعتمد الدراسة المقارنة على معلومات مباشرة و غير مباشرة، فالمعلومات المباشرة مصادرها الإستبيان، المقابلة و الملاحظة و لكن هذه الأدوات غالبا ما تواجه صعوبات منها أنَه غالباً ما تحيط بهذه الأمور السريَة لا سيما في
(1) درويش، إبراهيم، الإدارة العامَة نحو اتجاه مقارن، القاهرة: دار النهضة العربيَة، 1984. ص190.
(2) درويش، عبد الكريم، و ليلى تكلا، أصول الإدارة العامَة، القاهرة: مكتبة الأنجلو المصريَة، 1980. ص162.
الدول النامية، كما أنَه في حالة الإستبيان تثار مشكلة إختيار العيَنة و الدقَة في إعداد و تطبيق الإستبيان و عدم تجاوب أفراد العيَنة في الإجابة على الإستبيان.
أمَا مصادر المعلوات غير المباشرة تتمثل في الإحصاءات الرسميَة و الوثائق و لكن هذه المصادر لا يعوَل عليها كثيراً لأنَها لا تحاكي واق الممارسة الفعليَة و تركَز على الأوضاع الرسميَة.
-3-تداخل النظام الإداري مع الأنظمة الأخرى
إنَ تداخل الأنظمة الإدارية مع أنظمة أخرى كالنظام السياسي يجعلها كفرع في إطاره حيث أنَه من الصعب الفصل بين الإدارة و السياسة و فهم واحدة دون الأخرى، و هذا ما يظهر عند محاولة المقارنة بين الأنظمة الإداريَة المختلفة حيث أنَ هذه المقارنة يجب أن تنطلق من الفهم بأن الإدارة ليست إلاَ جزءاً من عمليَات النظام السياسي (1)، و هذا ما يعني أنَ دراسة الإدارة العامَة المقارنة متصل اتصَالا مباشراً مع الدراسات السياسيَة المقارنة للأنظمة السياسيَة و هذا ما يعرقل عمل الباحثين للتوصَل إلى مقارنات محددَة و دقيقة لهذه الظاهرة.
-4-موضوعيَة الباحث
تقوم موضوعيَة الباحث إمَا بأنَه يكتب عن أوضاع معيَنة في مجتمعه أو أنَه قد يكون مدفوعا بمصلحة ما تخَصه شخصيَاً أو تخَص مجتمعه (2) و ذلك ما يلاحظ من عدم نقد الباحثين لأنظمتهم في الدراسات التي يقومون بها، و حتَى و إن كانوا حياديين و يقومون ببحث يدرس بلداً غير بلدهم و نظاماَ لم ينشأوا عليه فإنهم سيكونون أمام أوضاع لا يستطيعون أن يحيطوا بها لأنَها ليست بيئتهم بما فيها من عقائد و معتقدات و قيم و تنظيمات غير رسميَة تؤثر على أوضاعها الإداريَة.(1)عساف، عبد المعطي محمد، النموذج المتكامل لدراسة الإدارة العامَة-إطار عام مقارن-، الأردن: شركة الفاهوم التجاريَة، 1982، ص62.
(2)غرايبية، فوزي و آخرون، أساليب البحث العلمي في العلوم الإجتماعية و الإنسانية، عمان، 1981، ص18
المطلب الثاني: آفاق الإدارة العامَة المقارنة
هنالك عدَة موضوعات بدأت الآن تشغل بال المهتمين بالإدارة العامَة المقارنة
-1-تعيين الحدود
ربَما لا زال لحدَ الآن الخلاف قائما حول الحدود الملائمة لميدان الإدارة العامَة المقارنة فغالبا ما كانت الدراسات المقارنة مندمجة إلى حدَ كبير في فرع إدارة التنمية حيث إحتلت هذه الإدارة حصيلة جهود الباحثين في الإدارة العامَة المقارنة و ذلك ما يظهر في المنشورات و الكتب التي كانت عناوينها تحمل كلمة تنمية أو تنمويَة دون إيَة إشارة إلى كلمة مقارنة.
و كلَ الدراسات أتبثت أنَ مجال الدراسة المقارنة للإدارة العامة متنوع حيث أنَه يعالج كلَ المواضيع سواء كانت سياسيَة، إقتصاديَة أو إجتماعيَة.
-2-دراسات المناطق
هذا ما يعني دراسة الإنظمة و المنظمات الإداريَة في منطقة معيَنة من مناطق العالم و هي دراسة إختياريَة يقوم بها فريق من الباحثين من ذوي الإختصاصات المختلفة (جغرافيَون، تاريخيَون، إقتصاديَون، تربويَون، سياسيَون و علماء إدارة) (1)، و أغلب هذه الدراسات تقوم بها المنظمات الدوليَة المتخصصة التابعة لمنظمة إقليميَة كالجامعة العربيَة و مجلس التعاون الخليجي و منظمة الوحدة الإفريقيَة.
و هذه المنظمات هي: المنظمة العربيَة للعلوم الإداريَة و المكز الإفريقي للبحث الإداري و التدريب من أجل الإنماء و المركز الآسياوي لإدارة التنمية، و هذه المنظمات تسعى بالدرجة الإولى لمواجهة الماكل الإداريَة في التنمية القومية و وسائل تحسين قدراتها و مهاراتها الإداريَة لمواجهة متطلبات التنمية.
-3-الإختلال بين النظير و التطبيق
إنَ دراسة الإدارة العامَة المقارنة غالباً كانت تركَـز على المدخلات و تتجاهل المخرجات للنظام الإداري أي أنَها لم تخرج عن إطارها النظري.
(1)بدوي، محمد طه، ، المنهج في علم السياسة، الإسكندرية: كليَة التجارة، 1979، ص128.
الخاتمة
إنَ نجاح علم الإدارة العامَة المقارنة يعتمد على تكوين افتراضات و مفاهيم عامَة حول السلوك الإداري و ليس فهم جانب أو دولة بعينها، حيث أنَ التنوع بين الدول سواء من حيث المساحة، عدد السكان، درجة الإستقرار السياسي و الإيديولوجي، مستوى التنمية الإقتصاديَة، الظروف التاريخيَة و طبيعة المؤسسات الحكومية كلَها عوامل تؤدي إلى إتساع إطار دراسة الإدارة العامَة المقارنة و لذلك كان ضروريَا على الكتَاب تقديم دراسات لحلَ الماكل الملَََحة مثل تنظيم السكاَن و حماية البيئة و إنتاج الغذاء. و لكن كما يقول العلماء في هذا المجال (إنَ حركة الإدارة العامَة المقارنة لم تنتج معلومات أو معرفة مفيدة للمجتمع و ليست القضيَة أنَ الإنتاج كان دواءاً رديئاً و لكن لم يكن هنالك دواء على الإطلاق).البيبليوغرافيا:
(1) الأفندي، أحمد حامد، النظم الحكوميَة المقارنة، الكويت، وكالة المطبوعات، 1976.
(2) بدوي، محمد طه، ، المنهج في علم السياسة، الإسكندرية: كليَة التجارة، 1979.
(3) بوحوش، عمَار، أبحاث و دراسات في السياسة و الإدارة، دار الغر الإسلامي، المجلد1، 2022.
(4) درويش، عبد الكريم، و ليلى تكلا، أصول الإدارة العامَة، القاهرة: مكتبة الأنجلو المصريَة، 1980.
(5) درويش، إبراهيم، الإدارة العامَة نحو اتجاه مقارن، القاهرة: دار النهضة العربيَة، 1984.
(6) عاشور، أحمد صقر، الإدارة العامَة مدخل بيئي مقارن، بيروت: دار النهضة العربيَة، 1979.
(7) عساف، عبد المعطي محمد، النموذج المتكامل لدراسة الإدارة العامَة-إطار عام مقارن-، الأردن: شركة الفاهوم التجاريَة، 1982.
(8) غرايبية، فوزي و آخرون، أساليب البحث العلمي في العلوم الإجتماعية و الإنسانية، عمان، 1981.
(9) محمود، محمد فتحي، الإدارة العامَة المقارنة، الرياض، جامعة الملك سعود، 1405.
(10) مهنا، محمد فؤاد، سياسة الإصلاح الإداري و تطبيقاتها في ضوء مبادئ علم التنظيم و الإدارة، القاهرة: دار المعارف، 1978.
أدوات الرقابة البرلمانية فى النظم السياسية
د.محمد حسين
تمارس البرلمانات عددا من الوظائف، تتراوح فى مجالها ونطاقها من دولة الى أخرى، وذلك :
1- حسب الإطار الدستوري السائد وأسلوب توزيعه لاختصاصات الحكومة،
2- وكذلك تبعا لمدى التطور الديمقراطى وقوة البرلمان وقدرات أعضائه.
وبوجه عام، هناك نوعان من تلك الوظائف:
الأول عام، تمارسه البرلمانات كهيئة ممثلة للشعب، كدورها فى صنع السياسات العامة وخطط التنمية؛
والثاني فني، وهو ما يعرف بالدور التشريعي والرقابي، الذى تقوم به فى مواجهة السلطة التنفيذية (حيث لا تخضع السلطة القضائية للبرلمان أو السلطة التنفيذية، تطبيقا لمبدأ استقلال القضاء وحصانته، وكحكم بين السلطات أيضا).
وفيما يلي نبذة عن كل هذه الوظائف:
1- الترشيح لمنصب رئاسة الدولة:
تتولى البرلمانات فى النظم النيابية ترشيح رئيس الدولة أو رئيس الحكومة، وذلك تطبيقا لفكرة الحكم بواسطة الأغلبية البرلمانية . ويختلف الأمر حسب نوع النظام: فالملكي يتولى فيه الملك منصبه بالوراثة، ولا يوجد للبرلمان دور فى ذلك ، ولكن البرلمان يختار رئيس الحكومة من بين أعضائه من الحزب الفائز في الانتخابات التشريعية ؛ والجمهوري يقوم فيه البرلمان بترشيح رئيس الجمهورية ، ثم يترك القرار النهائي للناخبين. وفى النظم الرئاسية، يتولى رئيس الدولة منصبه عن طريق الانتخاب المباشر للمواطنين، بدون أى تدخل من جانب البرلمان، كما هو الحال فى الولايات المتحدة الأمريكية مثلا. فالبرلمان إذن لا يقرر الشخص الذى يتولى منصب رئيس الدولة، سواء كان ملكا أم رئيس جمهورية، وذلك تطبيقا لفكرة الفصل بين السلطات.
2- صنع وإقرار السياسة العامة:
مع تضخم دور السلطة التنفيذية فى ظل التقدم الصناعي وتزاحم العمل الحكومي، برز دور البرلمان فى التأثير على السياسة العامة، نظرا لما يتمتع به من قدرة على التعبير عن المطالب الشعبية وأولويات الرأي العام.
3 – الوظيفة المالية:
حصلت البرلمانات على سلطتها المالية عبر مرحلة صراع طويل مع الحكومة منذ القرن التاسع عشر، حتى أصبحت تلك السلطة من أهم مصادر قوتها فى مواجهة الحكومة. وتتمثل السلطة المالية للبرلمان فى تحديد حجم نفقات الدولة، واتخاذ الوسائل الضرورية لتغطية العجز المالى فى الميزانية سواء عن طريق الضرائب أو طرق أخرى.
4 – التأثير فى الرأي العام:
ارتبط نمو الاتجاهات الديمقراطية فى مختلف أنحاء العالم بدور البرلمان، حيث مثل عبر التاريخ نقطة الانطلاق لأفكار الحرية والمساواة والمشاركة السياسية والشعبية فى الحكم. كذلك كان البرلمان منبع الحركة الوطنية والمطالبة بالاستقلال فى الدول النامية خلال الفترة الاستعمارية. وتساهم البرلمانات فى تشكيل الرأي العام، وبلورة الاتجاهات السياسية العامة حول النظام السياسى، ولا يقتصر تأثيرها فى الرأي العام على النطاق الداخلي وإنما قد يمتد الى النطاق الخارجي، فيما يسمى الدبلوماسية الشعبية، التى أصبحت إحدى العلامات البارزة فى العلاقات الدولية المعاصرة، واستطاعت أن تشكل قنوات تأثير على الرأي العام الدولي.
5 – الوساطة بين المواطنين وأجهزة السلطة التنفيذية:
يقوم عضو البرلمان بدورين من الأدوار النيابية، فهو يمثل الشعب فى مجموعه، وذلك من خلال عمله البرلماني فى أمور التشريع والرقابة على الحكومة، والثاني أنه يمثل مصالح الناخبين فى دائرته الانتخابية ويعمل على تلبية مطالبهم. أى أن أعضاء البرلمان يقومون بدور الوساطة بين دوائرهم الانتخابية من ناحية والحكومة والأجهزة الإدارية والرسمية من ناحية أخرى. بهذا المعنى الأخير، يكون النائب وسيطا بين الناخبين وبين الحكومة، فهو يتدخل لدى الإدارة والحكومة والوزراء ليلفت نظرهم إلى بعض القرارات غير الملائمة التى يعود أثرها بالضرر على المواطنين؛ كذلك يطالب بتحقيق بعض المطالب الخاصة لأبناء دائرته.
6- الوظيفة التشريعية:
تنصرف الوظيفة التشريعية للبرلمان الى وضع القوانين أساسا. وتعد هذه الوظيفة من أهم وظائف البرلمانات، تاريخيا وسياسيا. ولهذا، فإن دور البرلمان الأول أصبح هو وضع تلك القواعد، أى القوانين. واليوم، تعتبر وظيفة التشريع أبرز ما يقوم به البرلمان، حتى أن التسمية المرادفة للبرلمان فى مختلف الثقافات المعاصرة هي المؤسسة أو السلطة التشريعية. وبرغم أن المبادرة باقتراح القوانين وصياغتها فى هيئة مشروعات تأتى غالبا من جانب السلطة التنفيذية، فإن ذلك لا ينفى دور البرلمان فى مناقشتها وتعديلها قبل الموافقة عليها، وكذلك اقتراح قوانين جديدة. فالقانون ما هو إلا تعبير عن إرادة المجتمع وأولوياته، التى يجسدها المشرع فى صورة قواعد عامة تحكم التفاعلات بين الأفراد والجماعات وتنظم العمل والعيش المشترك بينهم. وهذه الوظيفة هى التى تجعل البرلمان من أهم سلطات الدولة، باعتباره ممثل الأمة والمعبر عن نبضها، ولأنه الذى يسن القوانين ويعدلها ويلغيها، ومن الضروري موافقته على كل المشروعات بقوانين التى تقدمها إليها السلطة التنفيذية ، بل وعلى المعاهدات الدولية التي تبرمها السلطة التنفيذية. أضف الى ذلك أن تنفيذ سياسة الوزارة يتوقف عادة على ثقة البرلمان.. كذلك، فإن السلطة القضائية لا تطبق إلا القوانين التى تقرها السلطة التشريعية.
7 – الوظيفة الرقابية :
يقوم النظام الديمقراطى على فكرة التوازن بين سلطات الحكم، التشريعية والتنفيذية والقضائية، حتى لا تجور إحداها على الأخرى، وتستأثر بالسلطة، وبالتالي تهدد مصالح المجتمع وتؤثر سلبيا على نظام الحكم.
وهناك ثلاث صور أساسية للرقابة، يكمل بعضها البعض حتى تستقر الديمقراطية ويتحقق التوازن بين السلطات وكذلك الإرادة الشعبية للمواطنين. فأما النوع الأول من الرقابة، فهي التى يمارسها البرلمان على الحكومة. وتعتبر تلك الرقابة البرلمانية من أقدم وظائف البرلمان تاريخيا، وأشهرها سياسيا، حيث البرلمان هو المسئول عن متابعة وتقييم أعمال الحكومة. ولكن عملية رقابة البرلمان على السلطة التنفيذية لا تتم بدون توازن فى القوة السياسية بينهما، حتى لا تنقلب الى سيطرة، وتصبح السلطة التنفيذية خاضعة تماما للبرلمان، وبالتالي ينهار مبدأ الفصل بين السلطات، الذى هو أساس الحكومات الديمقراطية وشرط الاستقرار السياسى. ولهذا، فإن عملية الرقابة تكون متبادلة ومتوازنة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. فالرقابة البرلمانية وسيلة لحماية مصلحة الشعب، ومنع الانحراف، والالتزام بالسياسية التنموية التى وافق عليها البرلمان، والالتزام بالميزانية التى أقرها، حفاظا على الأموال العامة من الإهدار. ويعتبر البرلمان سلطة رقابة سياسية على السلطة التنفيذية تحاسبها وتراقب تصرفاتها وأعمالها وقراراتها، ويستطيع البرلمان من خلالها التحقق من مشروعية تصرفات السلطة التنفيذية وأعمالها ومدى استهدافها الصالح العام، ويكون له مراجعتها وإعادتها الى الطريق الصحيح إذا انحرفت. وأما النوع الثاني من الرقابة ، فتمارسه الحكومة على البرلمان. فكما أن البرلمان يمارس وظيفة رقابية على الحكومة، فإنه يخضع فى الوقت نفسه لنوع من رقابة الحكومة عليه أيضا. فإذا كان أعضاء البرلمان يستطيعون اتهام الوزراء، وسحب الثقة من الحكومة إذا ثبت الاتهام عليها، فإن الحكومة قد تلجأ الى حل البرلمان إذا رأت أنه غير متوازن أو موضوعي فى تقديره للأمور، أو يبالغ فى الاتهام بدون سند مقبول الى درجة تجعل التعاون بينهما مستحيلا، فترى ضرورة الاحتكام مباشرة الى الشعب ليقرر من الطرف الذى على صواب. أما النوع الثالث من الرقابة، فهو يتمثل في الرقابة التى يمارسها الرأي العام على البرلمان ذاته. وقد تكون تلك الرقابة الاجتماعية على البرلمان موسمية (وتتمثل فى موقف الناخبين تجاه أعضاء البرلمان وقت الانتخابات، حيث يعتبر تجديد اختيار الأعضاء نوعا من الرقابة الدورية التى يمارسها الرأي العام على البرلمان) أو دائمة ، وهي التي تتم طوال فترة عمل البرلمان، ويمارسها المجتمع من خلال وسائل الإعلام، سواء على أداء الأعضاء أو قوة البرلمان ككل، وهى نوع هام جدا من الرقابة الشعبية على البرلمان. وفى الحقيقة، فإن الصورة الأولى للرقابة، أى من البرلمان على الحكومة، تعتبر مقياسا هاما لكفاءة البرلمان ومؤشرا عـلى درجة الديمقراطية فى المجتمع. فالمقصود بالرقابة البرلمانية، إذن، هو دراسة وتقييم أعمال الحكومة، وتأييدها إن أصابت ومحاسبتها إن أخطأت.
صور العلاقة الرقابية:
تتنوع صور العلاقة الرقابية بين البرلمان والسلطة التنفيذية فى النظم الديمقراطية، ففي بعضها يقوم البرلمان بانتخاب رئيس السلطة التنفيذية وبالتالي يستطيع عزله (أى سحب الثقة منه)، وفى البعض الآخر لا يستطيع البرلمان ذلك، كما هو الحال فى النظام الأمريكي. ولكن، على الرغم من غياب تلك الصفة بالنسبة للكونجرس الأمريكي، والنظم الرئاسية والتي تأخذ بمبدأ الفصل الواضح بين السلطات عموما، يظل للبرلمان القدرة على الرقابة والعمل باستقلالية بعيدا عن تدخل السلطة التنفيذية. ولأن الرقابة البرلمانية عملية متعددة الأبعاد، فهناك وسائل متعددة أمام النواب لممارسة مهام الرقابة على الحكومة، منها المناقشات المستمرة والعميقة للميزانية، والرقابة والإشراف على العمل الحكومي، وتوجيه الأسئلة للوزراء عن أمور تتعلق بعملهم. كذلك، فبعض البرلمانات ابتكرت وسيلة أخرى من وسائل الرقابة على العمل الحكومي، وهى المفوض البرلماني، وهو شخصية مستقلة يقوم بتعيينها البرلمان من أجل الإشراف والرقابة على الإدارة. ويعود الثقل الكبير للوظيفة الرقابية فى نظر المجتمع وأعضاء البرلمان الى عدد من الأمور التى أملتها التطورات السياسية، أهمها:
أ- مدى هيمنة الحكومة على صنع السياسات العامة: فهي مصدر معظم التشريعات، وهى التى تمتلك القدرة على التنفيذ، وهى المخولة بوضع اللوائح التنفيذية للقوانين، وتمتلك القدرات الفنية والإدارية وقواعد المعلومات اللازمة لصنع وتنفيذ السياسة، بحيث لا يتبقى للبرلمان الكثير من هذه القدرات لكي يقوم بصنع السياسة ورسم الأولويات.
وبالتالي، يتجه اهتمام البرلمانات فى ظل هذه الأوضاع الى محاولة استثمار وتفعيل ما هو ممكن من وسائل وآليات للمساهمة فى صنع القرار، وأهمها الرقابة.
ب- التوازنات السياسية والحزبية فى البرلمان والتي قد تحد من قدرته على توجيه الحياة السياسية وصنع السياسات العامة، لاسيما فى ظل وجود تكتل أو أغلبية حزبية كبيرة مؤيدة للحكومة، وبالتالي تصبح الرقابة أهم الوسائل المتبقية أمام المعارضة للتأثير فى السلطة التنفيذية.
ج – الثقافة السياسية السائدة فى المجتمع والتي قد تنظر الى الدور الرقابي للبرلمان بشكل أكثر تقديرا وإعجابا من نظرتها لدوره التشريعي، وينطبق ذلك بوضوح على نظرة الرأي العام الى أعضاء المعارضة البرلمانية أو المستقلين، حيث يميل الرأي العام وتتجه وسائل الإعلام الى الانبهار وربما تبجيل العضو الذى يستطيع إحراج الوزراء ويقتنص الفرص لإظهار التقصير فى أداء الحكومة، بل وربما يفاخر الأعضاء أنفسهم بذلك ويعتبرونه علامة فى تاريخهم البرلماني.
أهمية مبدأ الفصل بين السلطات
يساعد الفصل المتوازن بين سلطات النظام السياسي الثلاث ، وتفعيل الرقابة المتبادلة بينها واحترام كل منها للاختصاصات الوظيفية المنوطة بالسلطة الأخرى وفقا للقواعد الدستورية والقانونية المعتمدة في بناء نظام أكثر استقرارا وأمنا. غير أن هناك عددا من الإشكاليات لعل أهمها:
1- عدم قدرة النظام السياسي عادة على ضمان ممارسة آليات الرقابة والمساءلة المتبادلة والفعالة بغض النظر عما جاء في النصوص القانونية أو في التطبيق من قبل السلطات الثلاث، أو فيما بينها؛ فالنظام البرلماني يضع أسس واضحة للعلاقة بين السلطات واليات الرقابة المتبادلة بينها، وكذلك الحال بالنسبة للنظام الرئاسي، حيث الصلاحيات الخاصة بكل سلطة وآليات الرقابة والمساءلة بينها واضحة ومحددة. أما النظام المختلط الذي يجمع بين بعض أسس النظام الرئاسي وبعض أسس النظام البرلماني بشكل عشوائي وانتقائي لا يساعد في بناء نظام مساءلة فعّال، ويزداد الأمر صعوبة إذا كان النظام ناشئا وغير مكتمل.
2- غياب التوازن في توزيع الصلاحيات بين السلطات في النظام السياسي ، حيث تهيمن السلطة التنفيذية بشقيها (الرئاسة ومجلس الوزراء) على السلطتين التشريعية والقضائية وفقا للنصوص القانونية أو بسبب التطبيق على حد سواء.
3- حتمية الصراع بين السلطات الثلاث. فالغموض في النصوص وعدم الوضوح في توزيع الصلاحيات يسهم بشكل ملحوظ في تحول الصراع على الصلاحيات داخل السلطات الثلاث وفيما بينها إلى صراع حقيقي في الأمد الطويل.
وعليه فإن الكثيرين من المفكرين يرون ضرورة مراجعة طبيعة النظام السياسي المختلط، ليس فقط للتأكد من تضمين آليات المساءلة ومبادئ الشفافية بما يخلق بيئة تساعد على التصدي للفساد، وإنما أيضا لضمان استقرار النظام السياسي.
مزايا النظام الرئاسي
إن النظام الرئاسي هو نوع من أنظمة الحكم يضع الهيئة التنفيذية بيد رئيس الدولة وهو رئيس الصفوة الحاكمة يعاونه مجموعة وزراء يعدون بمثابة مستشارين “وأحياناً يطلق عليهم أسم سكرتير كما هو الحال بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية”. ويكون رئيس الدولة هو رئيس الحكومة في نفس الوقت، ويكون غير مسؤول سياسياً أمام السلطة التشريعية، ويختار رئيس الدولة “الحكومة” من قبل الشعب بشكل مباشر أو غير مباشر. ويرى بعض فقهاء القانون الدستوري أن النظام الرئاسي هو “ذلك النظام الذي ترجح فيه كفة رئيس الدولة في ميزان السلطات”، (محمد كامل ليلة: 1968، 568).
أولا: نشأة وتطور النظام الرئاسي:
لقد كان لآراء لوك ومونتسكيو في الفصل بين السلطات تأثير كبير على واضعي دستور الولايات المتحدة الأمريكية في سنة1787 فأقاموا نظامهم على أساس ذلك المبدأ. وقد قصد واضعو الدستور الأمريكي اعتماد الفصل المطلق بين السلطات وتحقيق المساواة بينها. غير أن النصوص الدستورية التي وضعوها أسفرت عن فصل نسبي سمح ببعض التداخل في الاختصاصات كما إن العمل قد أدى إلى رجحان كفه السلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الدولة. وهذا النظام يختلف اختلافاً كبيراً عن الأنظمة المسماة خطأ بالرئاسية مثلما عله في بعض نظم دول أمريكا اللاتينية وهي ليست بذات المعنى القانوني والسياسي في الولايات المتحدة الأمريكية . نعم هي محاولات لتقليد النموذج الأمريكي ، لكن الحقيقة تشير إلى الكثير من بلدان العالم لم تنجح في ذلك لأسباب تختلف من بلد لأخر بسبب اختلاف المعطيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية… الخ، فالدستور والنظام السياسي هو وليد البيئة الاجتماعية وليس حدثاً طارئاً عليها، ويجب الإشارة إلى أن الدستور الأمريكي وغيره من الدساتير التي آخذت بالنظام الرئاسي قد تأثرت بشكل كبير بآراء مونيسكيو وخصوصاً كتابة روح القوانين Siprit of Laws الذي بين فيه نظريته الخاصة بمبدأ الفصل بين السلطات.
ثانيا: أسس ومتطلبات النظام الرئاسي:
إن النظام الرئاسي يقوم على مجموعة من الأسس والمتطلبات التي يتميز بها عن غيره من الأنظمة السياسية الأخرى ويمكن الإشارة إلى هذه الأسس والمتطلبات بالآتي:-
1- وجود رئيس دولة منتخب من قبل الشعب بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
2- الفصل شبه المطلق بين السلطات.
3- يكون اختيار الوزراء “الحكومة” بيد رئيس الدولة دون تدخل من السلطات الأخرى ويكونون مسئولون أمامه فقط.
4- المرونة الحزبية.
ويمكن تناول هذه الأسس والمتطلبات وفقاً لمجموعة محاور وكما يأتي:
ثالثا: مزايا وعيوب النظام الرئاسي:
للنظام الرئاسي كغيره من الأنظمة السياسية الأخرى مجموعة من المزايا والعيوب ويمكن إيجازها بالآتي:
أ. المزايا:
1- توفير الاستقرار السياسي لمرحلة انتخابية كاملة. (محمد كامل ليله،1968، 597 ).
2- تأمين استقرار الحكومة بغض النظر عن الاتجاهات الحزبية المعارضة.
3- يوفر فرصة أفضل لعمل الحكومة وحرية الحكومة وفي المقابل يوفر للبرلمان حرية الحركة
والمناقشة فللبرلمان سلطة مهمة لعل أبرزها يتركز في المسائل المالية. (نادية المختار،2001، 30).
4- إن الرئيس في النظام الرئاسي يتمتع بشعبية كبيرة وهيبة مهمة لأنه مرشح الأمة ومنتخب من الأمة
بشكل مباشر وهذا ما يعفي الرئيس من الولايات الضيقة.
5- إنه نظام ناجح في البلدان ذات التجربة الديمقراطية المتكاملة والتي يكون فيها مستوى النضوج
والوعي السياسيين عالياً. (د.ثناء فؤاد عبد الله،1997، 256). لأن الديمقراطية لا تكتفي برسم
حدودها لما يحق أو لا يحق أن تفعله، ولكنها أيضاً تحكم على بعض الأفكار والمعتقدات التي تجد لها
مكاناً في أذهان بعض الأفراد من الشعب، بل يجري في بعض الأحيان السماح للعنصرين بالتظاهر
والتعبير ضد هذه الجهة أو تلك باسم الديمقراطية وحرية الفكر وهذا غير موجود في كثير من دول
العالم الأخرى. (د. رجا بهلول،2000، 50-51).
ب- العيوب:
1- إن تطبيق هذا النظام الذي يقوم على الفصل بين السلطات غير ممكن لأنه يعني كالفصل بين أجزاء الجسم البشري، لان الاتصال بين السلطات الثلاث اتصالاً عضوياً.
2- إنه يلغي مبدأ المسؤولية السياسية مما يعني إمكانية التهرب من المسؤولية وصعوبة معرفة المسؤول الحقيقي عن الخطأ.
3- يرى روسو أن فيه تجزئة للسيادة، وذهب آخرون مثل بعض الفقهاء/ المان كجيلنك ولاباند والفرنسي العميد ديكي إلى القول، إن الفصل بين السلطات يؤدي إلى هدم وحدة الدولة. (راجع أحسان المفرجي وآخرون،1990، 75).
4- أنه يؤدي إلى الاستبداد في دول عالم الجنوب أي استبداد السلطة التنفيذية وهيمنة الرئيس سياسياً ودستورياً في الحياة الوطنية وإعادة انتخابه لأكثر من مرة.
4- ويذكر بعض المفكرين العرب أن الأنظمة العربية وبشكل عام هي نظم محافظة وهي على النقيض من النصوص الدستورية والقانونية لا تسمح بتغيير قمة النظام السياسي والهياكل الأساسية بنحو سلمي وكاستجابة لمطالب الرأي العام، بل إن الأدهى من ذلك إنه ليس هناك تغير لأي نظام سياسي عربي قد تم بصورة سلمية ومن خلال عملية ديمقراطية سلمية، وإنما يكون التغير إما عن طريق العنف المسلح أو الوفاة الطبيعية. (يحيى الجمل،1984، 363). ولذلك فالنظام الرئاسي يزيد من الغطاء الدستوري والقانوني للاستبداد بالسلطة والديكتاتورية.
تـحـديــات عــمـلـيـات الأمـم الـمـتـحــــدة لـحــفـظ الـســـلام في عــهــد مــا بـعــد الحـــرب الــبــاردة
المـوضـــــوع : Challenges to United Nations Peace Keeping Operations in the Post- Cold War Era
المـؤلـــــــف : Emil Osmancavusoglu
المــصــــــدر : Perceptions , Vol. IV, No .4
تاريخ النشـر : December 1999-February 2000
إعداد : سعيد عكاشة
منذ إنشائها عام 1945 ، أخذت الأمم المتحدة على عاتقها مسئولية حفظ الأمن والسلام العالميين. وقد تخيلها واضعو ميثاقها كمنظمة يمتد دورها من منع وقوع الأزمات واستفحالها، إلى الحفاظ على الاستقرار لأطول فترة ممكنة في المناطق العامرة بالتوترات. وبمعنى آخر تحدد دور الأمم المتحدة في تحقيق ثلاث مهام:
– تحقيق السلام.
– حفظ السلام .
– بناء السلام.
وإذا كان مفهوما تحقيق السلام ، وبناء السلام قد ارتكزا على ممارسة الجهود الدبلوماسية، وتقديم العون للدول من أجل بناء مؤسساتها الوطنية، فإن مفهوم حفظ السلام بقى غامضاً ، حيث تحدث ميثاق الأمم المتحدة عن أشخاص لهم صفة عسكرية يتم تكليفهم باستعادة السلام والأمن في المناطق التي تشهد صراعات ، ولكن من دون أن يكون لهم الحق في استخدام القوة لتنفيذ هذه المهمة !
ورغم هذا الغموض كانت قوات حفظ السلام أداة لا غنى عنها في جهود الأمم المتحدة لتحقيق السلام عبر مراقبة اتفاقات وقف إطلاق النار ، والفصل بين القوات المتحاربة، ومؤخراً في عمليات مراقبة الانتخابات في بعض البلدان. ومع نهاية الحرب الباردة، اتضح أن غموض النصوص الواردة في ميثاق الأمم المتحدة حول حدود الدور الذي تلعبه قوات حفظ السلام حين تكلف بأداء مهام محددة، قد خلق مأزقا ذا طبيعة متعددة. فميثاق الأمم المتحدة لم يتناول على مدى 111 مادة من مواده التــدابيـر المحتملة لتحقيق مهمة حفظ السلام، وعلى حين أن الفصل السادس من الميثاق كان يغطى التسويات التطوعية للنزاعات ، فإن الفصل السابع تحدث عن أفعال التنفيذ دون أن يذكر صراحة حدود الصلاحيات الممنوحة لقوات حفظ السلام، وهو الأمر الذي حدا بـ داج همورشولد – السكرتير العام السابق للأمم المتحدة – للقول – بسخرية- أن حدود هذه الصلاحيات قد ذكرت في المادة رقم ستة ونصف من الميثاق !.
تطور عمليات حفظ السلام:
أن مبادئ وتقاليد حفظ السلام لم توضع مسبقاً ، بل انبثقت من خلال العديد من المهام التي تم تنفيذها فعلاً . ومن أجل فهم كيف تبلورت هذه المبادئ والتقاليد ، سوف نلقى الضوء على عمليات حفظ السلام التي قامت بها الأمم المتحدة منذ الحرب الباردة وحتى اليوم.
يقول “انتوني ماكديرمت” أنه لا يوجد عصر ذهبي لعمليات حفظ السلام، فخلال الحرب الباردة كانت عمليات حفظ السلام عموماً قليلة، واقتصرت على منطقة الشرق الأوسط ،وبعض المناطق التي رحل عنها الاستعمار حديثاُ . ولتسهيل قراءة تطور تاريخ مفهوم حفظ السلام سوف نقسم هذا التاريخ إلى ثلاث فترات ، شهد كل منها جيلاً من أجيال قوات حفظ السلام .
عقب اندلاع أزمة السويس عام 1956 ، أنشأت الجمعية العامة للأمم المتحدة أول قوة طوارئ دولية وكلفت هذه القوة بالإشراف على انسحاب القوات الفرنسية والبريطانية والإسرائيلية من الأراضي المصرية، وكذلك إنشاء دوريات مراقبة في شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة.
وتلا ذلك، تكوين بعثة أخرى قامت بمهمة استعادة السلام في الكونغو بين عامي (1960-1964) ، وفى عام 1964، شكلت قوة أخرى فى جزيرة قبرص وكلفت بمهمة الفصل بين القبارصة الأتراك واليونانيين، كما عملت بعثة أخرى عام 1973 فى مصر وسوريا لمراقبة وقف إطلاق النار بين الدولتين وإسرائيل عقب قرار وقف إطلاق النار، ثم كلفت هذه القوة فيما بعد بالإشراف على انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان عام 1978 .
ومن كل هذه المهمات، تعلمت الأمم المتحدة بعض الدروس الهامة وبلورت العديد من المبادئ التى باتت تحكم عمليات حفظ السلام ، وطبقاً للأمين العام المساعد للأمم المتحدة للشؤون السياسية سير/بريان اوركارث كانت هناك شروط سياسية محددة لنشر قوات حفظ السلام، مثل اتفاق الأطراف الشريكة، وتقديم المساعدة المستمرة من مجلس الأمن الذى أصبح مسئولا منذ عملية السويس عام 1956 عن توجيه هذه القوات، واستخدام القوة فقط فى حالة الدفاع عن النفس، واستعداد بعض الدول الأعضاء فى المنظمة الدولية ومجلس الأمن لتمويل هذه العمليات.
وفى كل العمليات السابقة، برزت حقيقة أن قوات حفظ السلام عندما تستمر فى أداء مهمتها لفترة طويلة (قد تزيد على عقد من الزمان) ، فإنها تصبح طرفاً فاعلاً فى السياسات الداخلية للبلدان التى تتمركز فيها، حيث كانت هذه القوات تقوم بمهام متنوعة وتؤثر فى هذه المجتمعات تأثيراً يؤكد ضلوعها فى العمليات السياسية والاقتصادية مثل تقديم الخدمات الطبية، وإقامة ملاجئ الإيواء لمن شردتهم الحروب، وتوزيع الأغذية ، وجمع شمل العائلات، وغيرها. وقد أشار د. بطرس بطرس غالى الأمين العام السابق للأمم المتحدة إلى أن الثلاث عشرة عملية التى نفذتها الأمم المتحدة لحفظ السلام أثناء الحرب الباردة قد تركزت على مراقبة وقف إطلاق النار، وحماية المناطق العازلة، والتأكد
من عدم تحريك أى من طرفى الصراع لقواته أبعد من خطوط وقف إطلاق النار المتفق عليها ، وكان الهدف من هذه المهمات إعطاء الفرصة لصانعى القرار للتفاوض من أجل الوصول إلى تسوية سلمية للنزاع.
بنهاية الحرب الباردة عام 1988 – عقب التغييرات التى لحقت بالاتحاد السوفيتى السابق نتيجة انتهاج سياسة الجلاسنوست والبريسترويكا- ، انخفضت إلى حد كبير حدة الصراعات والمنافسات بين الشرق والغرب، ودخل العالم بعدها فى مرحلة غير مسبوقة من التفاؤل، ليس فقط فيما يتعلق بحجم العمليات التى أصبح من المطلوب تنفيذها، ولكن أيضاً بالمدى الواسع للمهام التى كلفت بها قوات حفظ السلام. فقد شهدت السنوات بعد عام 1989 اتساع حجم عمليات حفظ السلام بشكل يفوق كل ماتم منذ عام 1945. ففى عام 1988، نفذت الأمم المتحدة خمس مهام لحفظ السلام، ارتفعت عام 1993 إلى 18 عملية، وعلى حين كان عدد القوات المشاركة فى بعثات حفظ السلام عام 1989 حوالى 9950 شخصاً، فإن هذا العدد ارتفع إلى 80.000 فرد حتى يوليو عام 1993 ، ومن ضمن هؤلاء كان هناك 65.000 جندى مشاركين فى 16 بعثة للأمم المتحدة لتحقيق السلام فى شتى بقاع العالم.
وفى هذا الجيل، استمرت المهام التقليدية لقوات حفظ السلام جنباً إلى جنب مع المهام الجديدة مثل المساعدة فى إجراء الانتخابات، ومراقبة أوضاع حقوق الإنسان، وإعادة توطين اللاجئين، وتدريب قوات البوليس، وحماية جهود الإغاثة الإنسانية، ونزع سلاح القوات المتحاربة وتسريح بعضها. ومن أهم العمليات التى شهدها هذا الجيل، عملية نقل المساعدات للسكان فى ناميبيا (1989-1990) ، وعملية مراقبة تقليدية فى السلفادور (1991-1995) ، وعملية الاشراف على نقل السلطة فى كمبوديا (1992-1993). وكعلامة على أهمية هذه العمليات، وكتقدير لجهود الأمم المتحدة فى تلك المناطق، منحت قوات حفظ السلام جائزة نوبل للسلام عام 1988، وقيل أنها تستحق هذه الجائزة بسبب دورها الفعال فى التمهيد للمفاوضات السلمية الحقيقية فى أكثر من بقعة من بقاع العالم.
الجيل الجديد من قوات حفظ السلام:
فى واقع الأمر، يمكننا أن نتحدث عن تداخل بين الجيلين الثانى والثالث من قوات حفظ السلام، وعملياً بدأ الجيل الثالث فى الظهور منذ عام 1990، وتميزت عمليات هذا الجيل بأنها الأكثر استناداً إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. وبقدر ما أظهرت عمليات الجيل الثانى الحاجة الماسة إلى تحسين وتنسيق قدرات ومهام قوات حفظ السلام لأجل الوفاء بمتطلبات العمليات الإنسانية وعمليات مراقبة أوضاع حقوق الانسان والتنمية الاجتماعية والمهام العسكرية التقليدية، فقد أظهرت أيضاً افتقار الأمم المتحدة للتمويل اللازم وكذلك للدعم اللوجستيكى والسياسى من قبل أعضاء المنظمة وعلى رأسهم الدول الخمس الأعضاء. وهو الأمر الذى جعل المنظمة الدولية تتحول إلى تقليص عمليات حفظ السلام والتركيز على جهود الوساطة السياسية. وفوضت الدول الأعضاء للقيام بهذا الدور منفردة أو عبر المنظمات الإقليمية ، وهو مقترب كان قائماً بشكل محدود فى الماضى قبل أن يتحول إلى جزء من خطة الإصلاح التى أعلن عنها الأمين العام الحالى كوفى عنان فى 16 يوليو 1997 .
لقد ظهر الجيل الثالث من قوات حفظ السلام نتيجة للمشاكل التى اعترضت الجيل الثانى، فقد اتضح أن المجتمع الدولى لم يقدم الموارد اللازمة لتمكين الأمم المتحدة من أداء هذه المهام بكفاءة ، كما اتضح أيضاً أنه بدون الدعم السياسى من الدول الأعضاء الخمسة الدائمين فى مجلس الأمن- وعلى الأخص بدون الدعم اللوجستى الذى يتوجب على الولايات المتحدة تقديمه لقوات حفظ السلام- لا يمكن لعمليات حفظ السلام أن تتم أو تنجح .
وعلى مستوى آخر، أظهرت عمليات الجيل الثانى أيضاً تساؤلات حول ما إذا كان تدخل الأمم المتحدة فى بعض البلدان كما حدث فى انجولا والبوسنة وكمبوديا والصومال يتواءم مع مبادئها الثلاثة المعروفة (قبول كل أطراف النزاع بتدخل الأمم المتحدة فى النزاع، النزاهة ، استخدام القوة فقط فى الدفاع الذاتى عن النفس) ؟
تحديات عمليات حفظ السلام:
لقد أظهرت بعض هذه العمليات أو كلها، أن تدخل الأمم المتحدة لم يكن مقبولاً من كل أطراف النزاع، وهو الأمر الذى أدى إلى تعريض قوات حفظ السلام لمخاطر عسكرية كبيرة، كما كان عجز هذه القوات عن أداء بعض المهام سبباً فى إفراغ مبدأ إرسال هذه القوات وفق نصوص الفصل السابع من محتواه، والتشكيك فى مصداقية الأمم المتحدة. واتضح أيضاً أن تنفيذ مهمة تحقيق أو حفظ السـلامفى أجواء معادية كتلك التى أصبح على الجيل الثالث من قوات حفظ السلام التعامل معها، يقتضى وضع مبدأ استخدام القوة للدفاع الذاتى موضع التنفيذ ، وهو مالم يحدث فى أغلب الاحيان. وعلى سبيل المثال، رغم أن الأمم المتحدة أعلنت فى يوليو عام 1995 عن إنشاء منطقة آمنة فى مدينة سربرنيتشيا أثناء الحرب فى البوسنة ، إلا إنها لم تتمكن من حماية هذه المنطقة ووقفت عاجزة تماماً أمام اجتياح القوات الصربية للمدينة ، وأدى هذا الاجتياح إلى مجازر جماعية راح ضحيتها عدة آلاف من المدنيين المسلمين، واتضح فيما بعد أن التفويض الذى كان ممنوحاً لقوات حفظ السلام لم يكن يشمل استخدام القوة لحماية المدنيين. وقد تحملت الأمم المتحدة انتقادات الرأى العام الشعبى فى العالم كله بسبب ماجرى هناك، وكما يقول بيترو ديميترو فإن البيئة العامة للصراعات الدولية فى فترة الجيل الثانى قد تميزت بالتعقيد ، وكان الأمر يقتضى دعم الأمم المتحدة وزيادة مواردها لتنفيذ المهام المكلفة بها وهو مالم يحدث. كذلك يقول ماتس بيردل أن هذه التجارب أظهرت الحاجة الماسة للتفريق بين مهمة تحقيق السلام، ومهمة حفظ السلام، لأن الدمج بينهما كما حدث فى الصومال مثلاً، أدى إلى ظهور مخاطر عسكرية وسياسية كبيرة.
لقد تعلمت الأمم المتحدة من هذه التجارب، وباتت تركز أكثر على العناية بكفاءة العمليات وليس على حجمها. وفى يوليو 1997، اقترح كوفى عنان إجراء إصلاحات لمواجهة التحديات المستقبلية. منذ نهاية الحرب الباردة ظهرت دعوات عديدة لإصلاح الأمم المتحدة ، وفى البداية حاولت المنظمة الدولية السير فى طريقين : الإصلاح ، والأقلمة . وقد تعثر الإصلاح فى هذه الفترة المبكرة نتيجة إحجام الدول الأعضاء عن تقديم المكون المالى للمنظمة لإجراء مثل هذه الإصلاحات ، ورأت الولايات المتحدة إنها لا يمكنها حتى دفع المتأخرات التى تراكمت عليها عبر عدة سنوات إلى المنظمة قبل أن ترى هذه الإصلاحات الإدارية قد وضعت موضع التنفيذ. أما سياسة الأقلمة بمعنى تفعيل دور المنظمات الإقليمية والقوى الحريصة على الاستقرار فى مناطق معينة وتفويضها بحل النزاعات، فقد تعثرت أيضاً بسبب المخاطر التى نشأت من جرائها، وأدت إلى التشكيك فى مصداقية الأمم المتحدة نفسها.
وقد شدد كوفى عنان مؤخراً على أن الإصلاحات
التى يتعين على الأمم المتحدة إجراءها ذات طبيعة تطورية ولا يمكن تحقيقها بضربة واحدة. ومن الإصلاحات التى تم إنجازها: إنشاء مجموعة إدارية عليا لمنع التداخل وتحقيق أفضل تنسيق ممكن بين أفرع الأمم المتحدة المختلفة. وكذلك إنشاء آلية يشرف عليها فريق صغير وكفء من أجل خفض النفقات وإصلاح الميزانية. كذلك تسعى المنظمة الدولية حالياً لتسهيل إجراءات اتخاذ القرارات فى مجلس الأمن، حيث ظهر بوضوح أن الكثير من الفرص الثمينة قد ضاعت فى متاهة قنوات صناعة القرار . الأمر نفسه فيما يتعلق بمسألة وضع خطط مسبقة لتحركات قوات حفظ السلام ، حيث اتضح أن معظم العمليات التى نفذت من قبل قد افتقدت وجود مثل هذه الخطط ، ولم يكن لديها جهاز جمع معلومات كفء عن الميدان الذى تعمل فيه، وكانت قوات كل دولة مشاركة فى حفظ السلام تعتمد بشكل منفرد على عناصر الاستخبارات المتواجدة فى صفوفها ، ولا يوجد تنسيق بين هذه العناصر وبعضها البعض الأمر الذى خلق نوعا من التضارب فى تقييم المعلومات المتوافرة. لأجل ذلك، تعمل المنظمة الدولية على تحسين سبل الاتصال بين العمليات المختلفة لقوات حفظ السلام وبين القيادة الرئيسية فى مقرها فى نيويورك .
ومؤخراً ، جرى الاتفاق على تأسيس وكالة تخطيط مركزى فى السكرتارية العامة ، وتشكيل فوج معاون لتأمين احتياجات قوات حفظ السلام وتخزين المعدات اللازمة لها فى المواقع التى يتوجب أن تتوجه إليها ، ووضع خطط مسبقة لإخلاء هذه القوات بالطائرات بأسرع وقت ممكن عند الحاجة إلى ذلك، وتحسين قدرات الإنذار المبكر، وتأمين عناصر استخبارات تتولى مد هذه القوات بالمعلومات الضرورية لتأمين تحركاتها .
والجدير بالذكر، أن خطة الإصلاح التى قدمت عام 1992 لم تكن تفى بكل هذه الأغراض، وهو ما يعطى لاقتراحات الأمين العام الحالى قوة إضافية. ولكن تبقى مشكلة إصلاح مجلس الأمن ذاته كأهم مشكلة تواجه الأمم المتحدة حالياً، حيث فشلت كل محاولات إدخال تعديلات على تشكيله وقانونه، وكان العديد من الخبراء قد شددوا على ضرورة أن يعكس مجلس الأمن التمثيل الجغرافى للعالم. فيما طالب البعض الآخر بتوسيع المجلس ، وتعديل حق الفيتـو المملوك للدول الخمس الدائمة العضوية، لأنه لم يعد
المملوك للدول الخمس الدائمة العضوية، لأنه لم يعد من المناسب أن تكون دولة مثل اليابان تسهم بـ 13% من ميزانية المنظمة، وليس لها قوة توازى حجم هذا الإسهام. وقد أظهرت أزمة الخليج أيضاً، أن اليابان وألمانيا قد ساهمتا فى دعم قوات التحالف دون أن يكون لهم دور يوازى هذا الإسهام فى القرارات التى صدرت عن مجلس الأمن أثناء وبعد الأزمة .
وعلى الرغم من أن بعض المتفائلين رأوا فى قيام الأمم المتحدة بدور مركزى فى معالجة أزمة الخليج، مؤشراً على استرداد المنظمة لمكانتها المفترضة كفاعل رئيسى فى حل الصراعات الدولية، إلا أن البعض الآخر رأى أن الولايات المتحدة لم تلجأ إلى المنظمة الدولية لإيمانها بدورها، بقدر ما هدفت فقط الحصول على شرعية التدخل فى الأزمة، وقد حذر هؤلاء من الأثر المدمر لهذا المسلك على شرعية الأمم المتحدة وعلى العمليات التى ستنهض بها مستقبلاً.
وعلى أية حال، فإن مسألة إصلاح مجلس الأمن ستبقى أملاً بعيد المنال، حيث لا يتوقع أن توافق الدول الدائمة العضوية فيه على إجراء اى إصلاحات. أما المشكلة الأخرى فهى التضارب – الذى ظهر نتيجة العولمة وارتفاع معدل الصراعات عبر الدولية – المتمثل فى وضع مفهوم السيادة التى تطرحها العولمة. فالأمم المتحدة ، لم تتأسس لأجل حماية الحكومات والدول، بل كلفت فى الواقع بمهمة حماية الأجيال القادمة من أخطار الحروب. وحسب نص الفصل السابع من ميثاقها، فإن التدخل فى أى مكان فى العالم يظل مشروطاً بوقوع ما يهدد السلام العالمى، أو قيام طرف دولى بالاعتراض على طرف آخر .
وإذا ما نظرنا إلى أزمة الخليج سنجد أن المقترب الجديد الناتج عن العولمة قد تم تطبيقه على صدام حسين، حيث استصدر مجلس الأمن القرار رقم 687 لعام 1991، والذى شرع التدخل الشامل والسافر ( أو غير المبرر ) فى السيادة العراقية : إزالة أنواع معينة من الأسلحة، ترسيم الحدود ، إنشاء قوات مراقبة ، تحديد سقف لصادرات النفط العراقية .
أما القرار 688، فقد دعا لتطبيق إجراءات لحماية الأقلية الكردية فى العراق واصفاً هروب اللاجئين الأكراد بأنه يشــكل خطـراً على السلام
العالمى، وعلى حد وصف كريستوفر جرينوود لم يعد مقبولاً الاختباء وراء مبدأ السيادة لمنع التدخل الخارجى ضد نظام يقتل شعبه، أو لإنقاذ دولة انهارت مؤسساتها ودخلت فى حالة فوضى شاملة. والأمر نفسه حدث فى كوسوفو عام 1998 حيث أصدر مجلس الأمن القرار رقم1160، وتلاه القرار 1199 الذى دعا الحكومة اليوغسلافية لسحب قواتها من أقليم خاضع لسيادتها.
وبشكل عام، أصبح هناك استعداد متزايد لتقبل تفويض الأمم المتحدة للمنظمات الإقليمية لأداء بعض المهام، وهو ما يعنى احتمال تغلب الأمم المتحدة على مشاكل الدعم السياسى والتمويل اللازم لمثل هذه العمليات. وكان الأمين العام للأمم المتحدة كوفى عنان قد صرح فى 16 يوليو 1997 ، بأنه أوصى بالفعل – فى إطار الإصلاحات المطلوب تنفيذها – بأن تلعب المنظمات الإقليمية وأى قوات متحالفة دوراً نشطاً فى عمليات حفظ السلام .
ولكن هذه الاستراتيجية الجديدة قد تؤدى الى نتيجة عكسية ، إذ أن ميثاق الأمم المتحدة لا ينص على إمكانية تفويض مهام الأمم المتحدة الى المنظمات الإقليمية، وأيضاً يمكن أن يكون هذا التفويض أمراً خطيراً إذا ما خرج عن حدوده المرسومة، حيث يمكن أن يؤدى على المدى الطويل إلى تهميش الأمم المتحدة ذاتها بحيث تتحول إلى مجرد لاعب خارجى فى الصراعات الدولية، وكما يقول جريفين (على الرغم من أن هذه المنظمات تمثل حلاً مبتكراً للأزمات التى تعانيها الأمم المتحدة حالياً ، إلا أن سياسة الأقلمة قد تقود إلى التسامح الواسع مع التدخلات الخارجية، والتى قد تكون فى طبيعتها أقل حيادية من الأمم المتحدة ، وتكون ممارساتها ليست مراقبة بشكل صارم ودقيق) .
قوات حفظ السلام المستقبلية:
لقد أظهرت العلاقة التى نشأت بين الأمم المتحدة وحلف الناتو فى أثناء حرب كوسوفو العديد من الدروس الهامة، إذ أوضحت أن الحاجة إلى الأمم المتحدة مازالت قائمة، كما نبهت إلى أهمية وضرورة إصلاحها. ففى هذه الحرب، تم تحييد دور المنظمة الدولية، وكان ذلك فى الأغلب تكتيكا اتبعته الولايات المتحدة من جانبها لتفادى احتمال استخدام الصين أو روسيا لحق الفيتو. وفى النهاية، كانت الأمم المتحدة تسعى بقوة لتحقيق الشــرعية.
ولكن إذا ما أرادت الأمم المتحدة – مستقبلا – الانخراط فى أى عملية من بدايتها، عليها أن تؤمن الميزانية والبنية الأساسية الضرورية للنهوض بمثل هذه العمليات .
ان الأمم المتحدة تحتاج حالياً لكى تتدخل بكل قوتها فى العمليات ذات الطبيعة الإنسانية والعسكرية أكثر من أى وقت مضى. وقد أثبت القرار 1244 الصادر من مجلس الأمن فى يناير 1999، والخاص بإعادة تعمير كوسوفو حيوية دور المنظمة الدولية والحاجة الماسة لجهودها. وإذا ما أرادت الأمم المتحدة الالتزام بميثاقها وحماية الأجيال القادمة من أخطار الحروب، فعليها أن تعيد النظر فى أجندتها الخاصة بحفظ السلام. إنها تحتاج للتمويل، والقوة الكافية لدعم الجيل الجديد من عمليات حفظ السلام ، ومثلما تغيرت طبيعة الحروب حالياً ، يجب أن نتوقع تغيير طبيعة مهمة حفظ السلام .
النمو الاقتصادي : هو زيادة في حجم الناتج الحقيقي
الناتج الإجمالي الحقيقي : هو قيمة السلع والخدمات لسنه واحدة من العناصر الوطنية والأجانب
الناتج الإجمالي القومي: هو قيمة السلع والخدمات لسنه واحدة من العناصر الوطنية
التنمية : هي الزيادة السريعة في مستوي الدخل الفردي ولكن ليست فقط بالجانب المادي وانما جوانب أخرى (سياسية – اجتماعيه – ثقافية- الخ)
الفرق بين التنمية والنمو ؟
النمو : هو زيادة التلقائية في الناتج ونمو مالي فقط
التنمية : تعتبر هيكلي مقصور ونمو مالي وسياسي وثقافي واجتماعي
سمات التخلف ؟1- سمات متعلقة بالبناء الاقتصادي (* انخفاض مستوي الدخل * تخلف طرق الإنتاج * زيادة البطالة * التبعية الاقتصادية للخارج )
2- سمات تتعلق بالبناء الاجتماعي (* ارتفاع معدل النمو السكاني * التفا وق بين الريف والحضر * التفاوت طبقي كبير * ارتفاع نسبة الأمية )
3- سمات تتعلق بالبناء السياسي (* عدم الاستقرار السياسي * أبعاد الناس عن المشاركة السياسية * سيطرة حزب واحد * لا دور للسلطة القضائية )
التنمية المستدامة : هو سد احتياجات الأجيال الحالية دون إهدار حق الأجيال القادمة
أهداف التنمية الشاملة ؟1- أهداف اقتصادية : * تحقيق النمو الاقتصادي * الكفاءة في استخدام الموارد المتاحة (النفط)
2- أهداف بيئية : * بيئية صحية للبشر (محاربة الأمراض) * استخدام عقلاني للموارد المتاحة * المحافظة على الموارد الغير متجددة
3- الأهداف الاجتماعية : * محاربة البطالة (حق العمل) * العدالة الاجتماعية (حق التعليم –حق الصحة)
الثقافة السياسية : هي مجموعه القيم والمعايير السلوكية المتعلقة بالأفراد في علاقاتهم مع السلطة السياسية .
مجتمع المعرفة : هي المعلومات التي تأتى عن طريقها التكنولوجيا والجامعات والمدارس والمباني الثقافية وغيرها.
نقاط إحصائية
* يشكل العرب 4.5% من سكان العالم.
* يشكل العرب 10% من مساحة العالم.
* صادرات الدول العربية تشكل 3.9% من صادرات العالم.* واردات الدول العربية تشكل 2.6% من واردات العالم.
ماهي المبادئ التي يجب عليها ان تخلق ثقافة عربية مبدعة ؟
* استلهام التراث* نيل الحرية الضامنة
* استثمار المشروع الثقافي الغربي بشكل خلاق لا تقليد فيه* عدم اعتبار الثقافة العربية الذاتية المنشودة مجرد اكتشاف ثقافة طمستها عصور التخلفالتنمية البشرية في الوطن العربي
التنمية في جوهرها هي عملية تحرير ونهضة شاملة تقتضي التحرر من شبكة علاقات السيطرة والتبعية وتستلزم العمل على إقامة بنيان اقتصادي وسياسي واجتماعي وثقافي جديد ومتوازن وكفء والدخول في علاقات التعاون الدولي بندية واستقلال حيث يجب تعبئة وتوظيف جميع الطاقات الذاتية بهدف إشباع الحاجات الأساسية مادية ومعنوية ثم رفع مستوى الرفاه لأفراد الشعب بشكل مطرد
إن معرفة الذات هي الخطوة الأولى في طريق التنمية الطويل فبلدان الوطن العربي في مجملها لا تزال في خطواتها الأولى على طريق التنمية بل إن هناك فريقا من المفكرين الغربيين شكك في قدرة العرب العقلية والذهنية على تحقيق التنمية والخروج من دائرة التخلف.مؤشرات التنمية
ارتبطت المؤشرات المستخدمة لقياس التنمية ارتباطا وثيقا بالتطور الحادث في مفهوم التنمية
فالتنمية الاقتصادية لا تتحقق بالصورة المطلوبة إذا اقتصر التغيير على الوسائل الاقتصادية وتم إهمال الجوانب الاجتماعية ومع ظهور التنمية الاجتماعية ظهرت جملة من المؤشرات لقياس التنمية في مختلف دول العالم سميت بالمؤشرات المركبة وهناك قضيتان أضافتا أبعاد جديدة للمفهوم هما الاهتمام بالبيئة وإعلاء قيمة العنصر البشري التنمية المستدامة هي الحاجة إلى المحافظة على البيئة والموارد الطبيعية وحماية حقوق الأجيال القادمة.وهناك العديد من المؤشرات التي تم تطويرها لقياس التنمية البيئية مثل معدل استنزاف إنتاج الثروات الطبيعية ونسب التلوث كما ظهر مفهوم التنمية الإنسانية أو البشرية فالبشر هم هدف التنمية ووسيلتها وللتنمية البشرية مؤشرات تتعلق بالعلم والتعليم والبحث والتكنولوجيا والصحة والأوضاع السياسية.أهمية مؤشرات التنمية
لا يمكن أن تستغني عن الإحصاءات إذ هي ضرورية من اجل القيام بعملية تخطيط واتخاذ قرارات سليمة ويستخدم الساسة لغة الأرقام بصفة مستمرة للتدليل على دقة ما يقولون وما أنجزوه والمواطنون أنفسهم يحتاجون للأرقام والمؤشرات لمساءلة حكوماتهم والمؤشرات توضح نتائج ما تم بذله من جهود تنموية إيجابا أو سلبا مما يساعد على تحديد الخطوات المستقبلية الواجب اتخاذها لضمان السير في الطريق الصحيح
مقياس درفنوفسكي لمستوى المعيشة:
يحتوي على ثلاث عناصر يتم قياس كل منها بمؤشرات معينة والعناصر هي:
1- الحاجات الضرورية المادية من تغذية ومأوى وصحة حيث يقاس بمؤشر حجم ونوعية الخدمات السكنية وكثافة الأشغال ومدى الاستقلالية في استخدام السكن.2- الحاجات الأساسية المعنوية وهي التعليم والتمتع بوقت الفراغ والأمن3- الحاجات الأعلى وهي فائض الدخل الذي يتبقى بعد إشباع الحاجات الأساسية
المقياس المادي للتقدم في نوعية الحياة:
في هذا المقياس تم دمج ثلاث مؤشرات للتنمية:1- معدل وفيات الرضع 2- توقع الحياة عند الميلاد 3- نسبة السكان المتعلمين: المقياس الاقتصادي التقليدي للتنمية (مقياس الناتج القومي الإجمالي)
يرتكز هذا الأسلوب على الناتج القومي الإجمالي ويشتق منه مؤشرات للتنمية منها: متوسط نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي، معدل النمو السنوي في الناتج القومي الإجمالي، معدل النمو السنوي في نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي.
ولقد انتقدت هذه المقاييس من عدة زوايا:
1- الدخل والرفاهية: حيث رفاهية الفرد لا تتحدد بدخله فحسب بل تتحدد بطريقة استخدام ذلك الدخل.2- النمو ومصادره
3- الدخل والمقارنات الدولية: يصعب إجراء مقارنات بين الدول باستخدام متوسط نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي بسبب أسعار صرف العملات لا تعبر عن القوة الشرائية النسبية.4- النمو والتوزيع: لا يمدنا هذا المؤشر بأي معلومات حول نصيب القطاعات المختلفة وتأثيرات الإنتاج والاستهلاك على البيئة.المؤشر العام للتنمية:
يتكون هذا المقياس من18 مؤشرا تم اختيار المؤشرات ذات معاملات الارتباط العالية فيما بينها أي المؤشرات التي بينها علاقات أقوى ومنها:1- توقع الحياة عند الميلاد
2- نسبة الملتحقين بالتعليم الفني والمهني
3- متوسط عدد الأفراد لكل غرفة
4- متوسط الاستهلاك اليومي من البروتين الحيواني
المؤشر المركب للتنمية البشرية
إن مفهوم التنمية البشرية كما تبناه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عرف على انه عملية توسيع الخيارات المتاحة أمام الناس
أهم الخيارات التي يعبر عنها التقرير هي:1- الحياة الطويلة الخالية من الأمراض والعلل وهي تعتمد بشدة على التغذية والصحة الجيدة والماء النقي والهواء الغير ملوث وعلى حجم الإنفاق الحكومي أو المجتمعي على قطاع الصحة وما يرتبط به من خدمات
2- حيازة المعرفة تقاس بنسبة الملمين بالقراءة والكتابة من15 سنة فأكبر ونسبة القيد في التعليم الابتدائي والثانوي والعالي معا
3- التمتع بحياة كريمة وتقاس باستخدام متوسط الدخل الفردي الحقيقي المعدل والذي يتم حسابه من خلال اخذ تعادل القوة الشرائية في الاعتبار
أصدر البرنامج الإنمائي عدة تقارير منها “نحو إقامة مجتمع للمعرفة والصادر عام 2022 وقد تناول الوضع في الوطن العربي من خلال المؤشرات التالية:
1- مؤشرات الحرية والحكم الصالح
2- مؤشرات التمثيل والمساءلة
3- مؤشر الانطباع عن الفساد في معاملات الأعمال4- مؤشر نشاط المجتمع المدني بجميع أشكاله ومنظماته5- مؤشر نهوض المر أه حيث نصت الدساتير العربية على إعطاء النساء حقهم السياسي6- المؤشرات الخاصة بالمعرفة مثل:
* ارتفاع سعر المعرفة مع انخفاض الدخل
* الأمية وانتشارها في الدول العربية
* قوة وسائل الإعلام العربي
* متوسط سنوات التعليم للفردأكد التقرير أن هناك خمس أركان لمجتمع المعرفة في الدول العربية هي:
1- إطلاق حريات الرأي والتعبير والتنظيم
2- النشر الكامل للتعليم الراقي النوعية
3- توطين العلم وبناء قدرة ذاتية في البحث والتطوير في جميع النشاطات المجتمعية
4- التحول الحثيث نحو نمط إنتاج المعرفة في البنية الاقتصادية والاجتماعية العربية
5- تأسيس نموذج معرفي عربي أصيل منفتح ومستنير
تصنيف الدول العربية على أساس الدخل:
صنف البنك الدولي في عام 1999 دول العالم المختلفة طبقا لمتوسط نصيب الفرد من الناتج القومي الجمال إلى ثلاث مجموعات:
1- دول ذات دخل مرتفع (كويت وقطر وإمارات)2- دول ذات دخل متوسط (غالبية الدول العربية)3- دول ذات دخل منخفض (موريتانيا وسودان ويمن وجزر القمر)
لكن هناك أمرين: 1- هو عدم ثبات أساس التصنيف بمعنى الناتج القومي الإجمالي ليس ثابتا 2- معيار الدخل منفردا لا يعد مؤشرا كافيا للحكم على مستويات التنمية في بلد ما.
تصنيف الدول العربية على أساس التخلف:
بقا لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لا تقع أية دولة عربية ضمن مجموعة الدول المتخلفة بينما توصف بالدول النامية وتقع خمس دول عربية هي السودان وجيبوتي وجزر القمر واليمن وموريتانيا في مجموعة الأقل نموا.
تصنيف البلدان العربية طبقا لمقياس التنمية البشرية:
صنف تقرير التنمية البشرية إلى ثلاث مجموعات:
1- الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة أو العالية هي البحرين والكويت والإمارات وقطر
2- الدول العربية ذات التنمية البشرية المتوسطة وهي ليبيا ولبنان وسعودية وعمان وأردن وتونس وسوريا وجزائر ومصر ومغرب وجزر القمر
3- الدول العربية ذات التنمية البشرية المنخفضة وهي يمن وجيبوتي وسودان وموريتانياتوقع الحياة عند الميلاد:
يمكن تصنيف الدول العربية لست مجموعات وهي:1- مجموعة يزيد توقع الحياة عند الميلاد على 75 عاما وهي الكويت حيث يبلغ المعدل بها 76 عاما2- مجموعة توقع الحياة عند الميلاد بين 70 و75 عاما وتضم إمارات وبحرين ولبنان وسعودية وسوريا وعمان وليبيا وأردن3- مجموعة توقع الحياة عند الميلاد بين 65 لأقل من70 عاما وتضم تونس ومصر وجزائر وقطر ومغرب4- مجموعة توقع الحياة عند الميلاد فيها بين 60 لأقل من 65 عاما وتضم يمن5- مجموعة توقع الحياة عند الميلاد بين 50 لأقل من 60 عاما وتضم جزر القمر وسودان موريتانيا6- مجموعة توقع الحياة عند الميلاد فيها تقل عن 50 عاما وتضم جيبوتي حيث يصل بها المعدل 44 عاما
عناصر التنمية البشرية ومكوناتها ؟
*التعليم : هو استثمار للفقراء – وسيلة للحراك الاجتماعي ونعني (بالحراك الاجتماعي) هو تحريك هذه الطبقة من السفلة آلي الطبقة الوسطية ، جودة التعليم واستمرار يته ، حفظ التراث للامة
*الصحة : – الإنسان السليم يكون قادر على العمل – يحي الإنسان حياه مديدة خاليه من الأمراض – وبيانات صحية هامة يتم جمعها لقياس المستوي الصحي
*مستوي دخل الفرد : – تحسين المعيشة برفع مستوي الدخل – تنوع مصادر الإنتاج
ما هي الآثار المترتبة على معدلات التنمية بالنسبة للتعليم؟
*يساعد المرآة على تنظيم النسل
*يساعد المرآة على اكتساب أساليب صحية حديثة
*يساعد المرآة على إدارة شؤون بيتها
*يدعم السلوك الاقتصادي للأفراد
اذكر خصائص المجتمع العربي على حركة التعليم ودورة التنموي ؟
*تجزئة الوطن العربي
*تبعيه الوطن العربي من جميع النواحي
*الاعتماد على الجغرافيا الطبيعية اكثر من الجغرافيا البشرية
*المركزية الشديدة في الأدارة وضعف المشاركة الاجتماعية
أهداف التنمية البشرية في الألفية الثالثة
*استئصال الفقر والجوع الشديدين
*تحقيق التعليم الابتدائي الشامل
*الحفز على المساواة بين الجنسين (المرأة والرجل) وتمكين النساء
*تخفيض نسبة وفيات الأطفال
تحسين الصحة الاموميه
*ضمان الاستدامة البيئية
ما هي الجهود التي تبذلها المؤسسات والمنظمات الدولية في مجال التنمية البشرية
*تبني استراتيجيات تنموية طويلة الأجل
*الاهتمام في السياسات العالمية بالبلدان التي تواجه اصعب تحديات التنمية
*تيسير المساعدات والمنح الخاصة لمكافحة الفقر والأمراض والجوع
*زيادة الجهود الدولية المبذولة لنشر التعليم الابتدائي
*تشجيع المواطنين في الدول النامية على المشاركة في تخطيط وتشغيل أداره ومشروعات التنمية
أهم المبادئ التي أكد عليها تقرير التنمية البشرية عام 2022 في موضوع التنمية السياسية ؟
*تعزيز التنمية البشرية يتطلب حكما ديمقراطيا شكلا وموضوعا
*العلاقة بين الديمقراطية والتنمية ليست تلقائية
*فرض سيطرة ديمقراطية على قوات الآمن
*الجهود الدولية الرامية آلي أحداث تغييرمفهوم الثقافة :
هي جميع السمات الروحية والمادية والفكرية والعاطفية التي تميز مجتمعا بعينة أو فئة اجتماعية بعينها وهي تشمل طرائق الحياة والتقاليد والمعتقدات والفنون والآداب ويندمج في الوقت ذاته في نطاقها القيام بالحقوق الأساسية للإنسان.
خصائص المميزة للثقافة العربية؟1- العراقة : فقد عرفت الأرض العربية ثقافات كثيرة وحضارات عريقة كالحضارة الآشورية والبابلية والفرعونية وغيرها ولكنها انصهرت جميعها في الحضارة العربية الإسلامية.
2- تتمتع بسمات إنسانية رفيعة بسبب تأكيدها على مبادئ وقيم وأفكار أخلاقية هامة مثل الحق والخير والعدل……….
3- الشمول والتكامل والتوازن بين الجوانب المادية والجوانب الروحية.
4- قدرتها على استيعاب الثقافات الأخرى دون أن تفقد خصائصها وخصوصيتها .
5- نظامها الروحي العظيم فعلى أرضها ظهرت اليهودية والمسيحية والإسلام،بل أعتبر الإسلام مجمع التأمل الروحي ولقب محمد بخاتم الأنبياء وأعطى الإسلام اللغة العربية ديمومة وانتشار.
6- قدرتها على التكيف مع مقتضيات التطور بفضل ما تميز به الإسلام من نظرة وسطية غير مغالية وسمة الوسطية التي تحميها من التطرف والشطط نحو تيار المادي أو الجمود أمام الروح.
7- التمتع بالدينامية والحركة مع قابلية التطور والتجدد من خلال الأنماط المختلفة للإبداع فنا ولغة ونحتا ورسما وعمارة فهي لم تنغلق ولم تتوقع ولهذا عشت ونمت وتطورت.
8- القدرة على مواجهة محاولات الغزو والاستيلاب والتشويه الثقافي ورفضها لكل محاولات طمس الهوية العربية .ظاهرة صراع الثقافات
وجود قوة ثقافية مسيطرة أمام ضعف بنية ثقافية أخرى واستسلامها فليس هناك أخذ وعطاء بقدر ما يكون من تبعية واستسلام وتآكل في نسيج الثقافة المواطنة والسير في طريق الفناء والموت.
ظاهرة حوار الثقافات
هي الظاهرة التي تعكس أخذا وعطاء حيث تتلاقح عناصر ثقافة ذاتية مع عناصر ثقافة أخرى غيرية ليتوالد من ذلك تأليف جديد وإبداع حركة إلى المستقبل ، ويمكن وقوع هذا النوع من التفاعل في ظروف وشروط نفسية واجتماعية بالنسبة للأخذ بصفة خاصة بحيث لا يشعر بالإحباط والدونية وأن تكون له إرادة حضارية على تجاوز وضعة وإمكاناته وبالتالي يكون في هذا الحوار ندية ولا تنتج عنة بالضرورة تبعية.
وهذا النوع من التفاعل في حوار الثقافات مهم وضرورة لتطوير عناصر الثقافة الذاتية وترسيخها وتأكيد هويتها من ناحية ومن ناحية أخرى تمكنها العناصر الثقافية الجديدة والمكتسبة والمنبثقة مع جذورها من المشاركة في بناء ما يعرف بنظام ثقافي عالمي جديدالقضايا والمشكلات الكلية في الثقافة العربية؟
*التجزئة والتبعية بسبب التعرض لموجات التبعية من الاستعمار الأجنبي.
*عدم التكافؤ بين البلدان العربية من حيث الموارد المالية والبشرية معا مما أدى عدم تكامل جهود التنمية.
*عدم الاكتفاء الذاتي رغم وفرة الموارد وضعف الإنتاج واتجاه أفكار جديدة بل تنصرف إلى تثبيت القائم .
*اعتماد الثقافة على السلطة لتنميتها ونشرها جعلها لا تولد أفكارا جديدة بل تنصرف إلى تثبيت القائم.
ضعف المحتوى السياسي والمضمون العلمي في الثقافة العربية وله انعكاساته السلبية على أحداث تطور حقيقي للمجتمع فالثقافة
*السياسية هامة لتدريب الفرد على سلوكيات الديمقراطية والثقافة العلمية هامة لتدريبه على استخدام التفكير والأسلوب العلمي في حل المشكلات.
*ثقافة مولعة بإثارة الاتجاهات الانتقادية خاصة في تفكير النصوص مما يجعلها ثقافة جدلية تحتاج إلى نظرة تعادلية توفيقية.
*ثقافة تهمل جماهيرها العريضة وهم الأميون (أكثر من نصف المجتمع العربي) وثقافة الأمية فيها تبعية وفيها إحباط وفيها انسحاب فوسائط الثقافة تكاد تجعل الثقافة ملكا للأقلية المتعلقة مما يزيد من فجوة المعرفة بين أفراد المجتمع.
*تأثر الفكر الفقهي بالمنطق القياسي والاستقراء وهو الحكم على الشاهد استنادا إلى الغائب يجعل مساحات الاجتهاد ضيقة وتقل القدرة على الصمود لأن الرأي لا يصدر عن تجربة ومعاناة.
واقترح حميد مولانا أربع استراتيجيات لزيادة فعالية وجدوى التفاعل والاتصال بين الثقافات:
*منع الحروب وترسيخ السلام.
*احترام القيم والثقافة والتقاليد .
*دعم حقوق الإنسان وكرامته.
*الحفاظ على الأسرة والوطن والأمة والجماعة والبشرية.
أذكر الآليات التي استخدمت لفرض تبعية المجتمع العربي للثقافة الغربية ؟
*إحكام تبعية الاقتصاد العربي للنظام الرأسمالي وتحديد شروط تطوره الداخلي.
*تركيز استثمارات الدول الرأسمالية في العالم العربي لإنتاج السلع الأولية وفي الصناعات الاستراتيجية ثم التحويلية بنسبة محدودة .
*الاستخدام الموسع للمعونات والقروض المالية تحقيقا للتبعية المالية والاقتصادية وفرض شروط سياسية واجتماعية لقبول هذه القروض.
*التحكم في السياسات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية للمؤسسات الدولية مثل (البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ) لخدمة مصالح النظام الرأسمالي.ما هي الآليات التي استخدمت لتسهيل هيمنة الثقافة الغربية ومحاصرة الثقافات الأخرى ومنها العربية؟
*احتكار التقنية معرفة وتشغيلا والسعي لزرع بعض أنماط مفروضة منها على الوطن العربي
*توجيه الفكر والعلم الاجتماعين ومعهما الفكر التنموي لتأكيد تفوق الحضارة الغربية وأنها النموذج الأعلى .اهتمام الدول الرأسمالية بإقامة مؤسسات في الأقطار العربية تؤثر مباشرة في الثقافة العربية ومقوماتها وفي الوقت نفسه تسعى لنشر الثقافة الغربية وعرض بعض ممارساتها الأكثر*جذبا واتخذت هذه المؤسسات أسماء مراكز ثقافية (البريطاني والأمريكي.. الخ *إقامة مؤسسات تعليمية تشمل على الكثير من المراحل التعليم كالمدارس والجامعات الإنجليزية والفرنسية والألمانية والأمريكية.*إقامة مؤسسات هدفها ترجمة نماذج مختارة من الفكر والتاريخ وطرائق الحياة الغربية ونشرها بأسعار رخيصة لتسهم في تشكيل العقول على الطرائق العربية وتربط بعض المثقفين بمصالح هذه المراكز مثل مؤسسة فرانكلين للترجمة والطباعة.
*الاهتمام بالبعثات الإرسالية والإرساليات التبشيرية لنشر الثقافة الغربية وتشويه التراث العربي الروحي والفكري والاجتماعي.
*التوظيف المتنامي والمضطرد لوسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية خاصة البرامج والمواد التليفزيونية والأفلام السينمائية لتشكيل الوعي الثقافي والاجتماعي للمواطن العربي واللعب بغرائز المشاهدين وإرضاء رغبات بعض المحتاجين في اتجاه لدعم تغلغل الحضارة الغربية، فطغت ثقافة الفيديو كلب وسيطرت الأفلام الكارتون التي تحمل في مضامينها الكثير المظاهر المنافية لقيم الثقافة العربية.
*احتكار التقنية المستخدمة في مجال الإعلام والمعلومات ،فاحتكرت الشركات معظم المنتج من الحواسيب والبرمجيات
وكذلك الوكالات الناقلة للأخبار العلمية بتوجيه محطات إذاعية وتليفزيونية باللغة العربية إلى الوطن العربي مما يساعد على تحقيق أهداف الهيمنة الإعلامية الغربية وتشويه صورة العرب لدى الغرب ونشر أخبار تهدف إلى النيل من القيم والتراث العربي والإسلامي.
*اعتماد التلفزيونات العربية على استيراد ما متوسطة 42% من البرامج والمواد العلمية من الغرب وأن هذه النسبة ترتفع في حالة بعض الأقطار إلى أكثر من 75%.
التأثير السلبي على التنشئة الاجتماعية للأطفال من خلال تقديم مواد إعلامية ثقافية متناقضة مع القيم العربية مثل العنف واللامبالاة والخروج عن قواد التربية الأسرية والتوحدالآليات والاستراتيجيات التي تستخدمها الثقافة الغربية لتعميم ثقافتها الاستهلاكية؟
*الاهتمام بالخطاب الإعلامي وإعداده فائقا مستندا إلى العلم والتقنية والفنون والآداب بحيث يدفع الناس دفعا إلى الاستهلاك بحيث يصبح هدفا بذاته ورمزا للمتعة والتمايز الاجتماعي.
*ربط تسويق المنتجات بشخصيات فنية ورياضية وكرتونية من ثقافة الغرب يتعلق بها الأطفال والمراهقون فيندفعون إلى تقليد شخصياتهم المثالية فيما يأكلون ويلبسون… .
*تشجيع هجرة العقول والأدمغة واستقطابها في الدول الغربية وهذا يؤدي من ناحية تبني الثقافة الاستهلاكية السائدة في المجتمعات الغربية التي هاجروا إليها.
*فرض الهيمنة الاقتصادية من خلال قواعد التجارة الخارجية.
*تشجيع الاستثمارات العربية في المشروعات التجارية والمالية والتوكيلات الأجنبية والخدمات الاستهلاكية كالمطاعم والفنادق وانحسار الاستثمار في المجالات الإنتاجية.
*بسبب انحسار الصناعات التحويلية أصبح المجتمع العربي يعتمد في غذائه 80% على الأقل على الخارج وأصبحت القرية بعد ان كانت منتجة لغذائها مستهلكة.
*زيادة الاستثمار في الأعمال العقارية والإسكان الفاخر الذي يعكس محاكاة واضحة لفلسفة وتقنية البناء الغربي والذي يصاحبه التأثيث والتجهيز الغربي.
*ظهور ملامح الثقافة الاستهلاكية والتبعية الثقافية للثقافة الغربية على ملامح الحياة اليومية وعلى خطاب الناس واهتماماتهم خاصة الطبقة البرجوازية من المجتمع صاحبة الدخول المرتفعة .
0542010178
920004204
info@myfuture.com.sa
نعتني بالراغبين بالدراسه بالخارج عن طريق توفيرقبولات جامعيه في وامريكا بريطانيا كندا واستراليا – كما نوفر دورات لغه انجليزيه في كل انحاء العالم……
الفكر السياسي في العصور الحديثة
أولاً : مكيافيللي
ولد مكيافيللي سنة 1469 م في مدينة فلورنسا الإيطالية بدأ مكيافيللي حياته العامة موظفاً عادياً في حكومة مدينة فلورنسا الملكية ولكن حين اجتاحت الجيوش الفرنسية هذه المدينة وأطاحت بحكومة لورينزو ميدتشي المطلقة لم يتردد مكيافيللي في تأييد النظام الجمهوري الجديد وتمكن مكيافيللي خلال هذه الفترة من التنقل في وظائف حكومية عليا كان آخرها السكرتير الأول لحكومة فلورنسا وفي سنة 1512م حين عادت حكومة الميدتشي للحكم بمساعدة البابا قبض على ميكافيللي وعذب وطرد ليعيش في عزلة في مزرعته قرب فلورنسا وفي هذه الأثناء ألف مكيافيللي :.
1- كتاب الأمير سنة 1513م شارحاً فيه مجموعة من النصائح للحاكم راجياً أن ينال رضا الحاكم الجديد لكنه فشل في ذلك .
2- في سنة 1521م ألف كتابه الثاني (( مقالات في الكتب العشرة الأولى ليتيوس ليفيوس)) والذي سمى فيما بعد بالمطارحات.
منهجه:.
من المتفق عليه لدى معظم الدارسين لكتابات مكيافيللي بأنه كان يحاول أن يخط لنفسه طريقة جديدة في البحث والتفكير.
ويمكن إيجاز أسلوب مكيافيللي في البحث في مجموعة من النقاط:.
3- أنه استعان بالتاريخ لاستقصاء الأحداث ومعرفة نتائجها وارتباطات وإمكانيات تكرارها .
2- محاولة وضع تعميمات في حالة تكرار الحوادث للوصول إلى قواعد عامة توضع أمام الحكام لتساعدهم على تبني مواقفهم .
3- البحث عن إمكانيات التدخل في الأحداث مستقبلاً بعد معرفة أسبابها ومحاولة تحديد السلوك الواجب إتباعه لمواجهة الأحداث .مفهوم الفضيلة لدى مكيافيللي :.
يعرف مكيافيللي الفضيلة بأنها كل ما يوصل الإنسان لتحقيق أغراضه التي هي في الغالب تحقيق القوة والسلطة والنجاح وإن الرجل الفاضل في رأيه هو الذي يستطيع تحقيق أهدافه كما أنه أبدى كراهية للبابا والقيم الدينية السائدة وطالب الأمير التخلص من فضائل الأمير وأخلاقه كانسان أي أن مكيافيللي كان من أوائل المفكرين الذين نادوا بفصل السياسة عن الأخلاق والدين .
الغاية تبرر الوسيلة:.
كان يرى بأن الشهرة والنجاح هي الغاية التي على الأمير السعي لتحقيقها وهو لا يهتم بمدى أخلاقيات الوسيلة التي يتبعها الحاكم لتحقيق أهدافه .
نظرته للمجتمع والدولة :.
آمن مكيافيللي بأن الناس أشرار بطبيعتهم وأنهم لايفعلون الخير إلا للضرورة ويقر بأن الخطيئة أصيلة في الإنسان وسهولة أفساد الناس انطلاقا من نظرة مكيافللي المتشائمة للطبيعة البشرية اعتبر العامل الأمني هو العامل الأساس لتكوين الدول فهو يرى بأن الدافع الأساسي لنشوء الدول والمجتمعات البشرية هو رغبة الجماعات في التخلص من الأخطار وأهوال الحروب وقد نظر مكيافيللي للدولة كغاية في ذاتها.
نظام الحكم:.
رفض مكيافيللي التقسيمات السابقة المتعارف عليها لأنظمة الحكم وقال بأن أشكال الحكومات وفق تلك التقسيمات غير مستقرة وأنها تتغير وتتبدل ومن السهل أفسادها والتحول إلى معكوساتها وكان يرى بان
هناك نوعان من الحكم صالحان ويتمتعان بالاستقرار هما:.1- النظام الملكي
2- النظام الجمهوريوهو يرى بأن أي من النظامين – الملكي أو الجمهوري قد يصلح في حالة معينة ولا يكون صالحاً في حالة أخرى نظراً للظروف التي تمر بها الدولة وطبيعة الشعب المحكوم
( راجع نصائح مكيافيللي التي قدمها في كتاب الأمير)
ثانياً : مفكرو العقد الاجتماعي
مقارنة بين مفكري العقد الاجتماعي
حالة الطبيعة:
1/ هوبز: حالة صراع وحرب الكل ضد الكل وسيادة قانون الغاب، وذلك ناتج عن طبيعية الإنسان الميالة للشر وغلبة الأنانية على سلوك الأفراد في سعيهم الدائم للمحافظة على النفس.
2/لوك: تبادل منافع وتمتع بالحقوق والحريات في ظل سيادة القانون الطبيعي الذي يضمن حق الحياة والحرية والملكية.
3/روسو: حياة مثالية تسودها الفضيلة والسعادة لدى كافة الأفراد وأن المدينة أسدت هذه الحياة.
أطراف العقد:
1/هوبز: الأفراد وحدهم، والحاكم لم يكن طرفاً في العقد.
2/لوك: بين الأفراد والسلطة الحاكمة.
3/ روسو: بين الأفراد والإرادة العامة المعبرة عن المجموع.
جوهر العقد:
1/هوبز: تنازل الأفراد كلياً ونهائياً عن حقوقهم وحرياتهم للشخص الحاكم الذي يتولى المحافظة على المجتمع.
2/ لوك: تنازل الأفراد عن جزء من حقوقهم لحماية الجزء الأخر للسلطة الحاكمة دون أن يفقدوا حرياتهم.
3/ روسو: تنازل الأفراد عن حقوقهم وحرياتهم للجماعة لإنشاء الإرادة العامة ومن ثم تنشأ الدولة التي تعبر عن الإرادة العامة.
إلتزامات العقد:
1/هوبز: على الأفراد إطاعة الحاكم ما دام قادراً على توفير الأمن لهم والحاكم غير ملزم بنصوص العقد لأنه لم يكن طرفاً فيه.
2/ لوك: على الحاكم الالتزام بنصوص العقد واحترام حقوق وحريات الأفراد ويجوز الثورة عليه إذا خالفها.
3/ روسو: وجوب خضوع الأفراد والحاكم للإرادة العامة.
صاحب السيادة:
1/ هوبز: السيادة قد تكون لفرد أو مجموعة والشعب تنازل عنها ولا يمكن استرجاعها.
2/ لوك: الشعب أو الأغلبية هم أصحاب السيادة وهو يستطيعون استعمالها متى أرادوا وهي تتمثل في السلطة التشريعية.
3/ روسو: الإرادة العامة صاحبة السيادة وتمارسها بصورة مباشرة من خلال الاجتماعات العامة وسيادتها هذه دائمة ومستمرة.
طبيعة السلطة:
1/ هوبز: السلطة هي التي تخلق المجتمع وتوحد الحقوق
2/ لوك: للشعب حق اختيار السلطة التي تحكمه وله الحق في تغييرها.
3/ روسو: السلطة الحاكمة هي وكيل عن الشعب لتنفيذ رغبات الإرادة العامة.
نظام الحكم:
1/ هوبز: نظام الحكم استبدادي والسلطة فيه مطلقة للحاكم.
2/ لوك: نظام الحكم تمثيلي ديمقراطي والسلطة فيه مقيدة برأي الأغلبية.
3/روسو: نظام الحكم ديمقراطي مباشر والسلطة فيه مطلقة للإرادة العامة.
الفكر السياسي
يتناول الفكر السياسي تاريخ الأفكار التي قدمت لمعالجة الظواهر السياسية.
الفكر السياسي القديم لدى اليونانيين
تأثر الفكر اليوناني بالبيئة التي ظهر فيها سواء كانت اجتماعية أو جغرافية أو سياسية. و لم يقتصر الفكر اليوناني على الأفكار السياسية فقط بل قدم العديد من الإسهامات في الرياضيات والفلسفة وغيرها.دولة المدينة :كانت المدن اليونانية تتناثر على الجبال مما أتاح لهذه المدن الفرصة في الاستقلال والسعي للاكتفاء الذاتي ، ومن أشهر هذه المدن أثينا واسبارطة.
الحياة الاجتماعية في دولة المدينة :
كانوا يعيشون حياة قبلية ممزقة ، وكان يرأس كل قبيلة زعيم ويطلق عليه لقب ملك لأن نظامه كان وراثياً . ومن هذه القبائل نشأت دولة المدينة وتعني مجموعة المباني العامة والمساكن الخاصة التي تكون المدينة ، وقد امتد هذا المفهوم ليصبح مفهوماً سياسياً يشمل أراضي واسعة خاضعة للمدينة. وأهم ما يميز حضارة هذه المدن تلك الثقافة المشتركة التي كانت تجمع بين اليونانيين ، وكذلك تماسكهم وشعورهم بالتفوق وتمايزهم عن غيرهم.
النظام الطبقي :
يقسم هذا النظام المجتمع إلى ثلاث طبقات رئيسية متميزة عن بعضها من النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، و كانت في صورة هرم قاعدته طبقة الأرقاء وفي وسطه طبقة الأجانب وعلى رأسه طبقة المواطنين.
طبقة المواطنين:
هم أعضاء المدينة من اليونانيين ، ولهم حق المشاركة السياسية إلي جانب الحقوق الإنسانية .
طبقة الأجانب:من لا ينتمي إلى أب أو أم يونانيين ، وهؤلاء يحرمون من ممارسة النشاط السياسي رغم كونهم أحراراً .
طبقة الأرقاء:هذه الطبقة لها وزنها في دولة المدينة ، حيث تمثل الأغلبية في المجتمع وهي محرومة من ممارسة أي دور سياسي ، ومن الحقوق الإنسانية أيضاً.
النظام السياسي :
يتكون من ثلاث مؤسسات رئيسية :
1- الجمعية : تتكون من جميع المواطنين الذين تبلغ أعمارهم عشرين عاماً ، وقد اختصت بوظائف عديدة منها الوظيفة التشريعية والتصويت علي وظائف الحكم ومراقبة مجلس الخمسمائة.
2- مجلس الخمسمائة : يتكون من خمسمائة عضو ويجب أن يكون عمر العضو ثلاثين عاماً ، ويتولى هذا المجلس السلطة التشريعية والتنفيذية .
3- المحاكم : تمثل السلطة القضائية وعدد أعضائها حوالي 6000 عضو ينتخبون لمدة عام .الفكر السياسي الروماني
لمحة تاريخيه:.
ظهرت روما في بداية عهدها كدولة مدينة مكونه من عدة قبائل تسكن التلال المحيطة بها ، وكانت لها حكومة ملكية ولها مجلس شيوخ استشاري وجمعية عامة مكلفة باختيار الملك. وهي بذلك كانت تشبه نظام دولة المدينة القائم في المدن اليونانية وأخذت روما في التوسع لتقيم إمبراطورية واسعة تعتمد على الحكم الديكتاتوري ، ومع تزايد الولايات والشعوب كان لابد من إرساء قواعد النظام القانوني الذي يساعد في إدارة هذه الإمبراطورية فظهر (( قانون الشعوب)) الذي استمد قواعده من المبادئ العامة والمثل القانونية السائدة ، و بموجب هذا القانون أعطي سكان الولايات التي تخضع للإمبراطورية صفة المواطنين ، وفي ظل هذه الأوضاع ظهرت الفلسفة الرواقية .
الفلسفة الرواقية:.
تـأسست المدرسة الرواقية سنة 300 قبل الميلاد ومؤسسها زينون من أهالي فينيقيا وقد عاش لفترة في أثينا ..
تنظر الفلسفة الرواقية إلى أن كل الأشياء هي في الأصل أجزاء من نسق واحد تطلق عليه ((الطبيعة)) ، وتهتم هذه الفلسفة بالقوة العقلية وتعتبرها أشرف صفات البشر ، وقد قدمت هذه الفلسفة فكرة الدولة العالمية باعتبارها الدولة المثالية التي يتساوى فيها جميع الناس ولهم حقوق المواطنة ، وأن التمييز فيها لن يكون إلا على أساس العمل الصالح ، ولهذا فهي تدعو إلى الشعور بالإنسانية وتطالب بإلغاء الرق كما تدعو إلى المساواة بين الرجل والمرأة وتدعو إلى طهارة الأسرة والإحسان للآخرين .الفكر السياسي في العصور الوسطى
الفكر المسيحي في العصور الوسطى
لمحة تاريخية:.
بدأت الديانة المسيحية في الانتشار في وقت ازدهار الإمبراطورية الرومانية ، وقد كانت بداية انتشار المسيحية بين صفوف الطبقات الدنيا في المجتمع التي آمنت بها كنتيجة منطقية لمناداة هذه الديانة بمبدأ المساواة بين كل الناس ، ولكن مع مرور الوقت وحين بدأت الإمبراطورية في الضعف والانهيار تدريجيا أخذت المسيحية في الانتشار بين كافة الطبقات ولكن بعيدا عن الحياة السياسية نتيجة لإيمان آباء الكنيسة الأوائل بضرورة طاعة الحاكم تنفيذا لوصية السيد المسيح عليه السلام (( دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله)) ، وبقي الوضع كذلك إلى أن اعترف الإمبراطور قسطنطين بالمسيحية كديانة رسمية للإمبراطورية، وتزايد دور الكنيسة مع ضعف الإمبراطورية وتناقصت سلطة الأباطرة بحيث أصبحت سلطة الكنيسة موازية لسلطة الإمبراطورية .
أزدواج السلطة (( ونظرية السيفين)):.
ظهرت المسيحية كحركة دينيه لها نظامها المستقل عن الدولة وكانت هي المسئولة عن النواحي الروحية وتسعى لتخليص الإنسان من الخطيئة ، وكانت تنظر للدولة كمؤسسة مستقلة تستمد سلطتها من الله مما يستوجب خضوع الكنيسة لسلطتها . ولكن مع تعاظم دور الكنيسة وتمتعها بسلطة منافسة لسلطة الإمبراطور طرحت الكنيسة فكرة ((الولاء المزدوج)) والتي تدور حول وجوب خضوع المسيحي لنوع من الولاء المزدوج انطلاقا من ازدواج طبيعته فالإنسان يتكون من روح وجسد والروح تتوجه بالولاء نحو خالقها والذي تظهر سلطته في الأرض من خلال الكنيسة أما الجسد فيتوجه بولائه إلى السلطة الدنيوية ممثله في الحكومة الإمبراطورية ، وهكذا خرجت إلى الوجود((نظرية السيفين أو ازدواج السلطة )) على أساس وجود نوعين من الوظائف في المجتمع :.
1- وظائف خاصة بالقيم الروحية والأخلاقية وتتولاها الكنيسة وتراقبها .
2- وظائف تتعلق بالمحافظة على الأمن والنظام وتحقيق العدالة وتتولاها الحكومة.الفكر السياسي الإسلامي
اتسم الإسلام بمسحة شمولية تغطي جوانب الحياة المختلفة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لا لمجتمع معين ولكن للمجتمعات الإنسانية كافة ، ومع هذا فان القرآن الكريم المصدر الأصلي والأساسي للإسلام والسنة النبوية الكريمة لم يتعرضا إلي تفاصيل الدولة الإسلامية وأساليب الحكم فيها ، وإنما اقتصرا علي تحديد الأسس الثابتة والمبادئ العامة في هذا المجال .
وبعد توسع الدولة الإسلامية وتعانقها مع الحضارات الأخرى وضحت الحاجة لوجود مفكرين وفقهاء مسلمين لمعالجة الأوضاع السياسية التي استجدت فظهرت فئة من الفقهاء وعلماء الدين الذين أولوا سياسة الحكم الإسلامي نصيباً من آرائهم واجتهاداتهم وفتاواهم مثل أبن حزم الأندلسي والماوردي في كتابه (( الأحكام السلطانية)) و أبو حنيفة (كأحد الفقهاء الذين تعرضوا لظاهرة السلطة بالتحليل والانتقاد) و الفارابي في كتاب (( آراء أهل المدينة الفاضلة)) وابن رشد وإخوان الصفا وابن خلدون في كتابه المقدمة ، هذا بالإضافة إلى مجموعة من الأدباء والكتاب الذين تعرضوا لظاهرة السلطة في كتاباتهم الأدبية .التراث السياسي الإسلامي:.
تشير كلمة السياسة في تقاليد الحضارة الإسلامية إلي عدة معاني ، ومن هذه المعاني التي تعارف عليها المفكرون المسلمون:.
1- السياسة بمعنى الرئاسة أو القيادة والتوجيه.
2- السياسة بمعنى التعاليم أو قواعد الحركة.
3- السياسة بمعنى أداة أو أسلوب معين من أساليب الحكم يقوم على قواعد معينة تميزه عن الأساليب الأخرى.تطور النظام السياسي الإسلامي:.
مر النظام السياسي الإسلامي بمراحل متعددة منها:.
1- مرحلة المدينة الدولة وتمتد منذ سنة 622م حتى سنة 632 والتي كان الحكم فيها للرسول وكان المصدر الإلهي أساس القواعد السياسية .
2- مرحلة الدولة الإمبراطورية وتمتد حتى سنة 750 م .
3- مرحلة الدولة العالمية.أمـا المراحل الأخرى اللاحقة فقد مثلت نوعاً من اللامركزية.
موضوعات الفكر السياسي الإسلامي
(1) نشأة الدولة ووظيفتها :.
هناك ثلاث نظريات لنشوء الدولة :.
1- النظرية العقدية ويقدمها الفارابي .
2- نظرية التطور القبلي ويقدمها الغزالي.
3- نظرية العصبية ويقدمها ابن خلدون.(2) نظام الحكم :
لم تتعرض المصادر الأساسية في الإسلام كالقرآن والسنة النبوية لم تتعرض لتفاصيل نظام الحكم وسياسته ، وإنما اقتصر دورها على تحديد بعض المبادئ العامة والأسس الثابتة التي يجب أن يقوم عليها النظام السياسي الإسلامي ، ومن هذه الأسس :
1- السيادة أو الحاكمية لله :
تعنى صاحب السلطة العليا في المجتمع والدولة , وفي الدولة الإسلامية هناك إجماع على أن السيادة لله وحده . و يتبع عملية الاعتراف بالسيادة والحاكمية لله وحده ضرورة التقيد بشرعه وتعليماته التي يحددها الدستور الإسلامي في مصدرين أساسين وهما القرآن والسنة النبوية حيث يقول تعالى ” فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله ورسوله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ” ، هذا بالإضافة إلى مجموعه من المصادر الثانوية أو الوضعية مثل الإجماع والاجتهاد والقياس ونهج الصحابة الأوائل .
2- العدالة :
تشكل العدالة بمعنى الحياد وعدم التحيز المبدأ الأصيل الذي يقوم عليه النظام السياسي. ويقوم هذا المبدأ على إعطاء كل ذي حق حقه ، وأخذ مفهوم العدالة من قوله تعالى ” وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ” ، وقد اعتبرت العدالة شرطاً ضرورياً من شروط الإمام .
3- الشورى :وتعنى تقليب الآراء المختلفة ووجهات النظر المطروحة واختبارها من أصحاب العقول والأفهام حتى يتم التعرف والوصول إلى أصوبها وأحسنها للعمل به , والشورى واجبة على الحاكم وليست اختيارية .تطبيقاً لقوله ” وشاورهم في الأمر ” ولكن يجب أن يفهم بان وجوبيه الشورى تتعلق بالأمور التي لم يرد فيها نص .
4- المساواة:ينظر الإسلام إلى البشرية على إنها شعب واحد . ويقرر الإسلام مبدأ المساواة بصوره مطلقه بغض النظر عن اللون أو الجنس أو اللغة أو الحالة الاجتماعية والاقتصادية , وتقوم المساواة في النظام السياسي الإسلامي على أساس أن الناس متساوون أمام القانون وأن المساواة تكون في الحقوق والواجبات .
(3) الخلافة :
كانت الخلافة الإسلامية من أهم القضايا التي شغل بها الفكر السياسي الإسلامي وثار حولها جدل طويل وصراعات مريرة ، و يدور هذا الصراع حول جملة من الموضوعات نذكر منها:
أ*- معنى الخلافة :أخذ مصطلح الخلافة عده مفاهيم منها منها ما أورده المارودي في كتابة ” الأحكام السلطانية ” ، وعرفت الخلافة بأنها حمل الكافة على مقتضى النظر الشرعي في مصالحهم الأخروية والدنيوية .. فهي خلافة عن صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسة الدنيا .
ب*- وجوب الخلافة :
اتفق العلماء المسلمون على ضرورة السلطة ووجوبها سواء من اعتبر وجوبها شرعا أم وجوبها كحتمية اجتماعية ، ويدلل على ضرورة وجود السلطة في المجتمع قول الرسول (ص) ” إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا احدهم ” .
ج*- أسلوب تولى الخليفة وشروطه :أن يكون مسلماً بالغاً يتمتع بالحرية وسلامه الحواس والأعضاء وهذا بالإضافة إلى بعض الشروط الخاصة منها :
1- العلم 2- العدل 3- الكفاية
واختلف الفقهاء المسلمون في تحديد شرط آخر وهو النسب القرشي .
سلطات الخليفة :يلاحظ المراقب لسلطات الخليفة في الدولة الإسلامية بأنها سلطات شمولية تمتد بنشاطها ونفوذها إلى جميع مجالات الحياة ذات الطابع العام المتصل بمجموع الأفراد وجماعتهم سواء كانت هذه المجالات فكرية أم اقتصادية أم اجتماعية .
(4) العلاقة بين الحاكم والمحكوم :يقر الإسلام بواجب الطاعة والولاء من قبل المحكومين للحكام . وان طاعة الحاكم فرض من فروض الإسلام وهي طاعة مقيدة وليست مطلقة ، أي ما دام ملتزما بتطبيق الشريعة الإسلامية وقائما على العدل بين الناس , كما يطلب الإسلام أيضا من الحاكم أن يخضع لإرادة الشعب وأخذ رأيه في المشورة وأن هناك شبه إجماع على إمكانية مقاومة الحاكم المستبد الخارج عن شريعة الله إن لم تؤد هذه المقاومة إلى فتنة .
المفكر الإسلامي “ابن خلدون”
منهجه وطريقة بحثه :
كان جل اهتمامه بالتاريخ وفلسفته ويصنف ابن خلدون كأول مؤرخ حاول أن يضع أسس علمية للحوادث التاريخية واستخرج القوانين الطبيعية لقيام الدول وزاولها وكان يرى أن مهمة المؤرخ ليس سرد الوقائع فحسب بل عليه البحث عن الأسباب والعلل التي تنشئ هذه الأحداث .
ويمكن تحديد خصائص المنهج العلمي الذي اتبعه ابن خلدون :
1- اعتماد الملاحظة المستندة إلى الخبرة الشخصية .
2- هدف ابن خلدون في دراساته إلى الوصول لقوانين وقواعد عامه بمعنى علاقات ارتباطيه بين الظواهر ونتائجها .نظرته للمجتمع ونشأة الدولة :
يتفق ابن خلدون مع النظرة اليونانية في أحد جوانبها في تبرير نشؤ الدولة . أي أن ابن خلدون يري بأن الإنسان اجتماعي بطبعه ولا يستطيع أن يعيش منفردا ولابد له من الاحتكاك بغيره من الناس سواء في شكل أفراد أسرته أو أفراد قبيلته , ولكن نتيجة طبيعية الإنسان الفردية والأنانية والميل للعدوان في نفسه احتاج الإنسان لوجود سلطه أو جهاز حاكم يقوم بتنظيم المجتمع الذي يطلق علية اسم الدولة .
ويخضع ابن خلدون الدولة في تطورها إلى خمس مراحل وهي :
1- طور النصر والاستيلاء .
2- طور الفراغ والدعة .
3- طور الاستبداد والانفراد بالسلطة والتنكر لأهل العصبية .
4- طور القناعة و المسالمة .
5- طور انقراض الدولة و زوالها نتيجة الإسراف والتبذير .العصبية ونظام الحكم :
أهم ما يميز نظرة ابن خلدون لنظام الحكم وتطور شكل السلطة ذلك الربط أو العلاقة بين السلطة وفكرته عن العصبية , وتعني كلمة العصبية : ” تلك العلاقة التي تتحدد على أساس النسب والأصل بحيث تخلق نوعا معينا من التضامن العائلي الذي يوجد مجموعه من الحقوق ويفرض طائفة معينة من الالتزامات “.
أنواع الحكومات عند ابن خلدون :
1- الحكومة الطبيعية : ” حمل الكافة على مقتضى الغرض والشهوة “
2- حكومة الملك : وهي التي تقوم ” حمل الكافة على مقتضى النظر العقلي في جلب المصالح الدنيوية ودفع الضار “
3- الحكومة الدينية وهي ” حما الكافة على مقتضى النظر الشرعي في مصالحهم الأخروية والدنيوية … وهي في الحقيقة “خلافة صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسية الدنيا “.
حاولت انسخ الكلام بس مو راضي ابيه محتاجته
وش المشكله!
يمكنكم التحميل من المرفقات في اسفل هذا الرد
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته:
أعزائي الطلبة: يسعدني أن اقدم لكم مساعدة لاسيما طلبة السنة الاولى في كل مايحتاجونه من دروس ومقالات وما ملكت يداي وسأيدا الان بهذه المقالة التي اتمنى ان تفيدكم والتي لا ارجو من كتابتها غي ر الدعاء لي بالثبات والشفاء العاجل:
الاقتصاد السياسي عند الكلاسيكيين
1/ في المرحلة الراسمالية:
أ/- الراسمالية التجارية والفكر الاقتصادي للتجاريين:
نمت بذور الظهور الاولى لطريقة الانتاج الراسمالية بعد تفكك نظام الاقطاع وهي المرحلة التي بدأت فيها قوى المجتمع سبيلها نحو تحقيق سيادتها وهي مرحلة تحول ميزها التطور الرأسمالي امتدت من القرن الخامس عشر حتى القرن الثامن عشر وتعتبر فترة انتقالية سبقت فترة لاحقة لها شهدت تحولا كاملا في قوى المجتمع. هذه الفترة نسميها الراسمالية التجارية.
1- / مميزات المرحلة:
– النمو في علاقات الانتاج في الصناعة والزراعة معا.
– سيطرت رأس المال على التداول ثم الانتاج في خضم ذلك التطور.
– نمو التميز الاجتماعي داخل وحدات لانتاج (الفلاحين في الريف والحرفيين في المدينة).
– تركيز ملكية وسائل الانتاج في أيدي قلة من كبار الملاك مما أدى إلىالاستقطاب الاجتماعي وظهور طبقتين أساسيتين تسودان المجتمع الرأسمالي (البرجوازية والبروليتارية).
2-/ مفهوم رأس المال التجاري: هو أساس تحول طريقة الانتاج الى شكلها الرأسمالي، نشأ وتطور في السوق بعيدا عن الانتاج، وجد أساسا لاداء وظيفته كوسيط للمبادلة حيث يحول:
فهنا الهدف من المبادلة يتخطى قيمة الاستعمال كقيمة اجتماعية للسلع وانما قيمة المبادلة في شكلها النقدي. هذه الحركة التي يقوم بها رأس المال التجاري تختلف عن حركة التجارة في شكلها الذي يكون الهدف من التبادل فيه، هو قيمة الاستعمال وليس قيمة المبادلة في شكلها النقدي أي:
إذن: رأس المال ظهر في عملية التداول حيث تتحول السلعة الى نقود والنقود من خلال التداول تصير رأس مال تجاري الذي يسيطر على دئرة التداول دون أطرف عملية الانتاج في مرحلة أولى، ثم بقيام تجار المدن بالاستثمار في شراء الاقطاعيات والملكيات يتحولون الى راسماليين صناعيين فيصبح المنتج هو نفسه تاجرا ورأسماليا لتبدأ سيطرة التجار على الانتاج:
والأهم في هذه المرحلة هي المرحلة التي بدأفيها رأس المال بالتراكم والمبنية على اساس روابط الانتاج الراسمالية الناتجة عن التمييز الاجتماعي… وتمركز وساءل الانتاج في يد الرأسماليين كطبقة صاعدة جديدة على حساب الارستقراطيين والملاك الصغار على نحو يجعل الفلاحين والحرفيين نواة الطبقة العاملة التي تبيع قوة العمل التي تمتلكها كسلعة في السوق مقابل الاجر.
3/- الفكر الاقتصادي للتجاريين:
أهم مفكري المرحلة التجارية: اورتيز – دي اوليفارس(اسبانيا) – جون بودان – أنطوان دي مونكريتيان- كولبير (فرنسا) – توماس مان – جون تشايلد – ويليام تامبل (انجلترا)
دارت أهم محاور فكر هؤلاء حول: ثروة الأمة، تجارة الامة، انتاج الأمة ومخزون المعادن الثمينة
وكان ذلك مما أثاره تدفق المعادن الثمينة من المستعمرات وما أحدثه من ثروة في الأثمان. كما اهتمو بالعلاقة بين ثروة الامة وتجارتها وبين ثروة الأمة وميزانها التجاري وميزان مدفوعاتها وكيفية تعظيم ثروة الامة.
يرى التجاريون في ثروة الامة المشكلة الأساسية في فكرهم الذي يبين ان النقود في صورة المعادن الثمينة ( ذهب وفضة) خصوصا هي العنصر الأساسي في تكوين ثروة الأمة، إن لم تكن هي في حد ذاتها. هذه الفكرة يعتبرها البعض لا تكون مفهوم التجاريين للثروة إلا أنه من المؤكد أنها جوهر تفكير الأوائل منهم أنصار السياسة المعدنية. ذلك ان التجارة الخارجية كانت لها ميزة هامة وهي جلب المعادن الثمينة من وراء البحار إذ كانت النقود تاتي من التجارة تصدير السلع وجلب المعادن الثمينة التي تحول الى نقود وبالتالي كان التركيز عل تركيم المعادن الثمينة التي ترادف تركيم رأس المال الذي ينبغي توظيفه لزيادة ثروة الأمة بأن تزيد الصادرات على الواردات بمعنى تحقق فائض في الميزان التجاري يقابله جلب كمية من المعادن الثمينة ولزيادة الصادرات لابد من زيادة الانتاج.
أما بالنسبة للتجاريين الاواخر فثروة الأمة تتمثل اساسا في نتاج الأرض (العمل والصناعة) في حين أن الذهب والفضة ليسا سوى مقياس للتجارة ذلك أن خاصيتها تتمثل في ان نقصها يعني نقص كمية النقود الامر الذي ينعكس على حجم الطلب على السلع. والعكس صحيح فزيادتها تعني زيادة كمية النقود وهي زيادة تسهل عملية المبادلة وتجعل الاقتصاد أكثر سيولة، كما ان زيادتها عن حد معين تؤدي الى ارتفاع الأثمان ما يؤدي الى نقص الطلب على الصادرات. لكن التجاريين الاواخر استمروا في المطالبة بتدفق المعادن الثمينة على الرغم انهم يرون ثروة الأم في الانتاج لا المبادلة.
وقد توحد الانشغال بين المفكرين في القرن السابع عشر مرتكزا على الاجراءات التي يعتبرونها مواتية لتحقيق توازن تجاري ناجح، لذلك نادوا بحماية التجارة الداخلية، توسيع السوق الداخلية بإزالة الحواجز الجمركية بين أفاليم الدولة وبناء الطرق وحفر القنوات…. مع الاحتفاظ بهذه الاسواق والاجراءات كامتيازات خاصة بمنتوجاتها الوطنية، إظافة الى تنظيم الدولة لشؤون التجارة الخارجية باتخاد الاجراءات الحمائية كفرض الضريبةالجمركية على الواردات او منعها من الدخول، وقيامها باجراءات في سبل اكتساب الاسواق الخارجية كدعم الشركات التجارية الكبرى، تطوير أسطول النقل التجاري والأسطول البحري لكسب المستعمرات.
ومنه: فالتجريون نادو بتدخل الدولة لتنظيم الحياة الاقتصادية. وهو دور لعبته الدولة وكان له الأثر الواضح في تحول المجتمعات من الاقطاعية الى مجتمعات صناعية بداراس المال في السيطرة عليها.
هذا الدور الذي رسمه التجاريون للدولةن تقوم به باسم الامة في صراعها مع غيرها من الامم، لذلك فصفة النظام التجاري الوطني تعني اهتمامهم بثروة الامة وموارد الدولة، وفي الواقع هي اعلان عن مصالح الطبقة الراسمالية وعن تجميع للثروات كهدف نهائي للدولةن كما أنهم يعتقدون أن تطور الانتاج الراسمالي إنما يمثل أساس القوة الوطنية والتقدم الوطني في العصر الحديـــــــــــــــث.
تجربة الصين … دروس وعبر
مدخل…..ان التجربة التنموية الصينية تعد من اكبر وانجح التجارب التنموية في العالم وذلك للظروف الصعبة التي واجهت هذه التجربة وفي مقدمتها كبر حجم السكان وقلة الموارد قياساً بالسكان ، لذا فان التعرف على اساسيات هذه التجربة يجعلنا نقف على الدرب السليم عند القيام بالتخطيط لاي عملية تنمية .
الوضع العام في الصين قبل التنمية …
في القرن التاسع عشر كانت الصين امبراطورية تعيش منغلقة على نفسها الى حد كبير وفي هذا القرن كثرت الحروب ، وانشرت الثورة الصناعية بشكل كبير، فبدات حرب الافيون بين الصين وبريطانيا عام (1842) وانتهت بسيطرة بريطانيا على هونك كونك ، ثم بدأ التخلي عن تايوان لليابان عام (1895) ، وحصلت روسيا والمانيا على امتيازات خطوط الحديد فيها ، وكان لهذه الاوضاع ردود فعل عميقة في البلاد وانتشار روح الثورة ضد الحكم القائم الضعيف ، وانتهت بثورة عام (1911) وقيام الجمهورية عام (1921) ، التي انهت الحكم الضعيف في الصين .
وفي العشرينات بدأ هناك جناحين الاول يرى ان النموذج الشيوعي لايناسب الصين واوضاعها العامـة ، والثاني يميل الى النموذج السوفيتي الشيوعي ويرى انه الضمان لتحقيق التغيير الايجابي . وفي عام (1925) اشتد الخلاف داخل الحكم وحسم الامر عام (1927) باخراج الشيوعيين من الحكم واضطرو الى الذهاب الى الريف الذي كان بعيد عن سلطة الدولة وكونوا هناك نفوذ قوي بقيادة قائد الحزب (ماوتسي تونغ) ثم نشبت الحرب الاهلية في نهاية الاربعينيات واستمرت عامين وانتهت الحرب بسيطرة الجيش الاحمر وهو تنظيم للحزب الشيوعي على السلطة عام (1949) .
اجراأت ما قبل التنمية …
كانت الخطوات الاولى للقيام بتنمية شاملة هي القيام بعدة اجراأت منها :(الغاء الامتيازات الاجنبية – تأمين التجارة الخارجية – تحديد حدود دنيا للاجور ترتبط هذه الحدود باسعار الارز (سلعة الغذاء الرئيسية) – تطبيق نظام البطاقات التموينية لاستهلاك السلع الاساسية مع تحديد اسعارها – فرض نظام تراخيص العمل والاقامة في المدن – تأمين المشروعات الكبيرة ومصادرة الملكيات الكبيرة واملاك بعض الاجانب –ألغاء العملة السابقة – تنظيم الملكيات الزراعية الصغيرة والمتوسطة في شكل جمعيات تعاونية (تشبه هذه المرحلة الى حد كبير الاجراأت التي قامت في الاتحاد السوفيتي بعد الثورة) .
بداية الخطط التنموية … 1-
بدأت الخطة الخمسية الاولى بين (1953-1957) باعطاء وزن كبير للصناعة بمختلف مستويـاتها ، مع التاكيد على الزراعة واعادة تنظيم الجمعيات لضمان تقديمها لفائض اكبر لتمويل عملية التنمية ، أي ان (ماوتسي تونغ) كان يؤكد على الزراعة والصناعة معاً ، كما ان التوازن كان موجوداً بين الاستهلاك والتراكم وتوسيع نظام التعليم والقضاء على الامية . وقد نجحت الخطة نجاح كبير فارتفعت معدلات نمو الصاعة الى (20%) عما كان متوقعاً وارتفعت مستويات الصحة والتعليم بشكل واضح ، ومعدلات نمو الزراعة (41%) مما ضمن تحسناً ملحوظاً في مستوى التغذية ، وارتفع تراكم الدخل القومي الى (24%) ومعدلات الاستثمار المادي الى (71%) .2- ادت النتائج الايجابية للخطة الخمسية الاولى الى زيادة الثقة بامكان تحقيق انجازات اكبر ، فوضعت الخطة الخمسية الثانية (1958-1962) لتحقيق القفزة العظيمة الى امام ، والهدف هو مضاعفة الانتاج خلال سنة واحدة تحت شعار (بقدر ما يجسر الانسان بقدر ماتنتج الارض) وقد ركزت الخطة على الصناعة الثقيلة وتمويلها من خلال زيادة نسبة التراكم المقرر من الانتاج المحلي ومعنى ذلك زيادة الفائض المطلوب من الزراعة والصناعة الاستخراجية ، ولم تنجح القفزة في دفع الانتاج الصناعي الى المستويات المرجوة في الوقت الذي ضعف فيه دور الصناعات الصغيرة ، فقد شهدت الفترة مابين (1957-1960) النزاع ثم الفراق بين الصين والاتحاد السوفيتي ، وتعاقب ظروف مناخية مدمرة عصفت بالانتاج الزراعي ، وكان الفشل في الصناعة واستمر التنظيم الزراعي وفق الخطة .
3- وضعت الخطة الخمسية الثالثة بين (1963-1967) وسط مشاكل عديدة ، فقد ارهقت المواجهات الخارجية الامكانيات العامة وانخفضت انتاجية الصناعة عما كان مقدراً لها وظهر فتور في حماس العاملين لضعف الحوافز المادية ، وكانت قيادة الصين تشعر ان النظام فيها كان مستهـدف ، فمن حرب في كوريا الى اخرى مع الهند والى ثالثة لمواجهة القوى التي حاولت اعادة السيطرة على الهند الصينية ، وخوفاً من انتكاس الثورة قامت حركة سميت بـ(الثورة الثقافية) عام (1966) وكان هدف (ماو) من اثارة الثورة الثقافية تكتيل قوى الشبيبة بأعتبارها صاحبة المصلحة في التغيير وانها الوحيدة القادرة على دفع الصين الى امام وماجهة الاعداء دون اعتماد على أحد من الخارج ، وقد تبع التوجه الجديد تعديل اسلوب الخطة الثالثة ومدها حتى عام (1970) لكي توائم التغيرات الجديدة ، وكانت مشكلة الثورة الثقافية ليست في المسائـل التي طرحتها ولكن في العنف الذي شملها واتساع نطاق تطبيقها في المدن التي هي المراكز الحساسة للتغير الاجتماعي مهما قيل عن الريف وطاقاته ، وقد واكب الثورة الثقافية تغيير مادي واضح من مضاعفة نصيب الصناعة الثقيلة التي اصبحت قاعدة التطور الصناعي ، وزيادة انتاج الصناعات الخفيفة والمحلية التي مكنت من تغطية نسبة هامة من احتياجات الاقاليم وكانت انتاجيتها مرتفعة الى حد جعلت الصين مكتفية ذاتياً في اغلب السلع الغذائية ويتمتع المواطنون بمستوى تغذية اعلى بكثير عما كانوا يحصلون عليه .
كما كان لها الاثرفي بروز القيم الصينية التقليدية مثل العمل باجتهاد في سبيل المصلحة الذاتية وطغيانها على بعض قيم الحزب الشيوعي ، ومن ثم عادت الاسرة لتكون الوحدة الاهم في الريف الصيني ، وبعدان كان الصيني في الماضي يخدم الشعب اصبح يخدم الاسرة ونفسه .
4- خفت حدة الثورة الثقافية عند وضع الخطة الخمسية الرابعة وفي ظل الانفراج الدولي أزاء الصين وخروجها من عزلتها وانضمامها الى الامم المتحدة ، واستمرت الخطة في سياسة الاعتماد على الذات وزيادة الاستثمار المخصص للصناعة مع استمرار الجهود الاجتماعية للقضاء على الامية وتوسيع فرص التعليم وتحسين المستوى الصحي والمعاشي للمواطنين ، اما الانتاج الزراعي فقد قفز الى ما قيمته (223) مليون دولار في السنة ، أي بمعدل (600%) عما كان عليه عام (1949) ، وقد احتلت الصين بعد هذه الخطة المركز الثالث في العالم بعد روسيا وامريكا من حيث حجم الانتاج الصناعي وتنوعه .
5- اما الخطة الخمسية الخامسة (1976-1980) والتي توفي فيها (ماو) خلال السنة الاولى بدأت سياسة اصلاح جديدة ترى ان العبرة هي في ثبات الخطوات ومواجهة الواقع وليس في القفز فـوقه ، كما وجهت الدعوى الى تحديث الصناعة واعطاء البحث العلمي والتقدم التكنلوجي دوراً اكبر تحت رعاية الدولة واعادة النظر في المشروعات وتقويمها على اساس ادائها وحسن انتاجها وليس على اساس حجم هذا الانتاج بغض النظر عن نوعيته وهي المشكلة التي واجهت الدولة الاشتراكية في المراحل الاولى لعملها . وبعد رحيل (ماو) ضعفت الايدلوجية الاشتراكية وعادت الوطنية الصينية الى البروز ومعها فكرة (انـ الصـين مـركز العـالم) .
ظهور بعض مظاهر التغيير…
أ?- في محاولة لارجاع (شنغهاي) لسابق عهدها كمركز تجاري وصناعي دولي ، اقيمت في الثمانينات (14) شركة امريكية – صينية مشتركة في مجالات (الاجهزة الكهربائية – المعدات النفطية – العطور – …الخ) اضافة الى مجموعة شركات مشتركة مع اليابان وهولندا وألمانيا .
ب?- أنشاء عدد من المشاريع الخاصة ، ففي عام (1984) كان هناك (9,3) مليون مشروع متوزعة بين النقل والبناء وصناعة الاحذية والخدمات . وقد خلف هذا طبقة برجوازية صغيرة في الصين .
ج?- انشاء مناطق حرة في عدة اقاليم على الساحل الصيني الجنوبي الشرقي لجلب رؤوس الاموال الاجنبية .
د- بدأت الصين تستجيب الى كتابات الغرب الرأسمالي حول ضرورة تحديد النسل لايجاد نوع من التوازن بين السكان والموارد ، وقد قررت فرض نوع من العقوبات على من ينجب اكثر من طفل واحد ، مما ادى الى عودة ظاهرة ( وأد البنات) في الريف التي اختفت عند قيام الثورة .
مؤشرات النجاح بالارقام حتى منتصف الثمانينات ….
1- ارتفع الدخل الصناعي بعد الخطة الاولى (128%) عما كان عليه في السابق .
2- يقدر انتاج الصين من مادة الارز بـ أكثر من (38%) من انتاج العالم .
3- ارتفع انتاجها من القمح من (30) مليون طن عام (1970) الى (41) مليون طن عام (1975) واحتلت المرتبة الثالثة في العالم بعد روسيا وامريكا ، وكان نصيب الفرد من القمح (394كغم) .
4- ارتفعت نسبة الادخار الى (40%) وهي اعلى نسبة في العالم ، حتى اعلى من اليابان .
5- ارتفع معدل الدخل القومي للفرد الصيني الى (4,7%) خلال (33) سنة من عام (1952- 1985) على الرغم من زيادة السكان (400) مليون نسمة ، وهو من اعلى المعدلات في العالم .
6- ارتفع معدل العمر من (48) سنة عام (1949) الى قرابة السبعين في نهاية السبعينات وانخفض معدل الوفيات الى حوالي (6) بالالف .
اسباب نجاح التجربة الصينية …
1- التعاون بين الدولة والقاعدة العريضة من الجماهير ، وبخاصة الفلاحين الذين يشكلون الجزء الاعظم من السكان ، كما ان بداية الثورة كانت في الريف الذي انطلق منه الحزب الشيوعي .
2- اصلاح الزراعة وهي القطاع الرئيسي في الصين من خلال القضاء على الاقطاع وتوزيع الاراضي وتكوين الجمعيات الفلاحية ونجاح الاستثمارات الزراعية وقيام بعض الصناعات في الريف وبالتالي لم ينعكس سلباً على العمالة الريفية ( واصبح الفلاح احد اهداف التنمـية ، بعد ان كان ضحية في تجارب دولية اخرى) .
3- نجاح الثورة الثقافية الى حد ما في تطوير ابناء الصين بكافة فئاتهم ونشر القيم الاشتراكيـة .
4- كفاءة الجهاز التخطيطي كان له الدور الفاعل في تعبئة الطاقات والموارد وموازنتها بشكل دقيق بحيث حققت اشباع هذا الكم الهائل من السكان والقيام بالتصدير وتحقيق مكانة متقدمة بين الدول الصناعية .
5- القيم والعوامل الاجتماعية كان لها الاثر البالغ في نجاح خطط التنمية مثل تحديد الاستهـلاك – الادخار – تحديد النسل – احترام العمل وتقديسه – التعاون .
6- الاستفادة من الاخطاء السابقة في الخطط الخمسية وتجنب الاخطاء التي وقعت بها الاشتراكية وتطبيقاتها في روسيا .
7- انخفاض معدل الضرائب الى ادنى مستوى مما ساهم في تخفيف العبىء على المواطنين (الفلاحين بالذات) .
8- الموازنة بين قطاعات التنمية والسير في تطويرها بمسارات متقاربة .
9- استقلالية النظام السياسي في الصين وعدم تبعيته بالرغم من المساعدات الهائلة التي قدمها الاتحاد السوفيتي ، الا انها انتهت بعد فتور العلاقة بينهما عام (1960) .
العبرة من التجربة التنموية الصينية …
ان اهم درس يؤخذ من هذه التجربة الكبيرة هو امكانية قيام التنمية اذا ما توفرت الارادة لذلك واذا ما توفرت القيادة التي تعتمد التخطيط السليم وتحقق التعاون مع الشعب فلن يقف حجم السكان الهائل عائق امام التنمية ، بل العكس فقد تم استغلاله بشكل جيد بحيث قفزت الصين الى مصاف الدول المتقدمة خلال فترة قصيرة ، وفي هذا درس مهم جداً لكل الدول النامية ذات الموارد المحدودة وحجم السكان الكبير في ان يستفادوا من هذه التجربة العظيمة ، مع الاخذ بنظر الاعتبار ضرورة الاستقلال السياسي والغاء التبعية التي كانت العامل الاساسي في نهضة الصين ونهضة أي دولة تحاول القيام بالتنمية الناجحة .
المصادر :
.
2. دولت احمد صادق وآخرون ، جغرافية العالم ، القاهرة ، مكتبة الانجلو المصرية ، الجزء الاول ، 1976 .
3. عبد المنعم الحسني وعادل شكارة ، التخطيط الاجتماعي ، بغداد ، دار الحكمة للطباعة والنشر ، 1992 .
4. غالب محمود عريبات ، تخلف العرب والعالم الثالث ، عمان ، المطبعة الاردنية ، 1989 .
5. ميدال لبلاش ، اصول الجغرافية البشرية ، ترجمة شاكر خصباك ، بغداد ، دار المأمون ، 1987 .
6. نهوض الصين ، مجلة المنتدى ، عمان ، منتدى الفكر العربي ، العدد (133) ، 1996 .
7. وقائع وبحوث ندوة (التنمية المستقلة في الوطن العربي ) ، بيروت ، مركز دراسات الوحدة العربية ، 1987 .
8. يوان شانغ ، الاصلاح البنيوي والتنمية الاقتصادية في الصين ، المجلة الدولية للعلوم الاجتماعية ، اليونسكو ، العدد (120) ، 1989 .
العوامل المؤثرة في العلاقات الدولية
تتأثر العلاقات الدولية بعوامل عديدة. من ابرز هذه العوامل: العامل الجغرافي، الموارد الأولية، السكان، العامل العسكري، الخ.
العامل الجغرافي:
يعد العامل الجغرافي من ابرز العوامل التقليدية المؤثرة في العلاقات الدولية. فحجم الإقليم له أثر على قوة الدولة؛ إذ إن الدولة ذات المساحة الكبيرة تكون في وضع أحسن من غيرها؛ لأن كبر حجم الإقليم يوفر لها عمقًا استراتيجيًا ويجعل احتلالها أمرًا صعبًا ومكلفًا.
كما أن كبر حجم الإقليم يفسح المجال لتنوع الموارد الاقتصادية حيث تتميز بعض مناطق الإقليم بتوفر مورد اقتصادي فيها – البترول مثلاً – في حين تتميز مناطق الإقليم الأخرى بتوفر موارد أخرى مثل الزراعة والسياحة.
لذا ليس من الغريب أن نجد أن الدول العظمى في المجتمع الدولي مثل الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي (السابق) تشكل أقاليمهما مساحات كبيرة تحتوي على موارد مختلفة. . . وهذه المساحات الكبيرة أعطت كلاً من روسيا وأمريكا مزايا استراتيجية واقتصادية سمحت لهما بتوفير متطلبات الأمن العسكري والاقتصادي.
فكبر حجم الإقليم وفر لكل من روسيا وأمريكا عمقًا استراتيجيًا وجعل اكتساح أي منهما من قبل الآخر باستخدام القوات التقليدية أمرًا صعبًا إن لم يكن مستحيلاً. كما يتمتع كل من روسيا وأمريكا بسبب تنوع مواردهما الاقتصادية بشبه اكتفاء ذاتي في المجال الاقتصادي.
لكن ما يجب اعتباره هو أن حجم الإقليم يجب أن لا يؤخذ بمعزل عن العوامل الأخرى، خصوصًا عدد السكان وقوة الدولة العسكرية. فحتى تستفيد الدولة من مساحتها الشاسعة يجب أن يتوفر فيها ما يكفيها من السكان لتحقيق التنمية الاقتصادية وبناء القوة العسكرية.
فتوفر المساحة الشاسعة بدون العدد الكافي من السكان يمثل في الواقع عبئًا على الدولة وليس ميزة لها. لذا نجد أن العامل الأساسي وراء استفادة كل من روسيا وأمريكا من مساحتها الشاسعة هو توفر عنصر السكان بما يكفي للمتطلبات الاقتصادية والأمنية.
وبالإضافة إلى عدد السكان وأثره على فعالية الإقليم، فإن ما يجب أخذه بعين الاعتبار هو قوة الدولة العسكرية، فالدول ذات المساحات الكبيرة والضعيفة عسكريًا مثل تشاد تواجه مشكلة في حفظ أمنها القومي؛ لأن كبر حجم الإقليم يفرض عليها نشر قوات كبيرة في مناطق شاسعة وهذا قد يكون فوق مقدرتها العسكرية والمالية.
ورغم أن التقدم في الأسلحة الحربية خصوصًا في سلاح الطيران وفر للدولة العصرية ذات الإقليم الواسع أداة هامة وفعالة لحفظ أمنها القومي، إلا أن ما يجب أخذه بعين الاعتبار هو أن الأسلحة الحديثة باهظة الثمن، كما أن سرعة التقدم في تطورها قلل من فعالية القديم منها، لذا تبقى الدولة دائمًا تحت ضغط مستمر لتحديث أسلحتها لتساير التطور في التسليح ولتعوض عن النقص في السكان، وهذا يشكل عبئًا ماليًا مستمرًا عليها.
ولموقع الدولة الجغرافي أثر على أمنها القومي؛ إذ إن وجود منافذ بحرية عديدة للدولة يعطيها أكثر من خيار للاتصال الخارجي وتأمين الإمدادات اللازمة لها. فالمملكة العربية السعودية مثلاً لها منفذ بحري على البحر الأحمر وآخر على الخليج العربي. لذا في حالة تعرض صادراتها أو وارداتها لأي مخاطر في الخليج يمكنها الاعتماد على منافذها على البحر الأحمر لتوفير مستلزماتها من الخارج.
أما كون الدولة داخلية أي ليس لها منفذ بحري – كما هي الحال بالنسبة لأفغانستان – فهذا الوضع يشكل نقطة ضعف في قوتها القومية؛ إذ أنها ستبقى تحت رحمة الدول المجاورة لها لتأمين اتصالها الخارجي خصوصًا الاتصال البحري.
كما أن وجود دولة صغرى جوار إحدى القوى الإقليمية أو الدولية أو بين تلك القوى يفرض على هذه الدولة الصغرى قيودًا على سياستها الخارجية ويجعلها تواجه خيارات صعبة وأحيانًا محرجة. . . فكون سوريا محيطة بلبنان من جميع الجهات البرية –باستثناء الجهة الجنوبية المجاورة لإسرائيل- يفرض قيداً على سياسة لبنان الخارجية يتمثل بالإبقاء قدر الإمكان على علاقات ودية مع سوريا.
ولتعدد الدول المجاورة للدولة أثر على وضعها الأمني ونفوذها الخارجي. فإذا كانت الدولة محاطة بدول عديدة فإن هذا سيقوي من نفوذها الدولي إذا كان لهذه الدولة الإمكانيات العسكري التي تمكنها ليس من ردع هذه الدول فقط، بل والتأثير عليها. أما إذا كانت الدولة محاطة بدول عديدة وهي ضعيفة الإمكانيات العسكرية فإن هذا سيشكل عبئًا على الدولة إذ أنها ستواجه ضغوطاً عسكرية مختلفة من هذه الدول المجاورة للتأثير على سياستها سواء الداخلية أو الخارجية.
أما شكل الإقليم وإن كان تأثيره على أمن الدولة القومي أقل من تأثير الموقع إلا أنه مع ذلك كثيرًا ما يكون عاملاً هامًا في تعزيز أمن الدولة أو إضعافه. فكون إقليم الدولة مكونًا من قطعة واحدة متماسكة مثل المملكة يجعلها في وضع أمن أحسن بكثير من ذات الإقليم المتناثر والمكون من جزر عدة مثل اندونيسيا. فبالإضافة على أن تناثر الإقليم يزيد من المتطلبات العسكرية اللازمة لصد أي عدوان خارجي، فإنه يشكل عبئًا على الاتصال الداخلي وعلى الوحدة الوطنية.
ومثلما يؤثر شكل الإقليم على أمن الدولة القومي ووحدتها القومية فإن طبيعة الإقليم لها كذلك أثر على أمن الدولة وقوتها. فالدول ذات الطبيعة الجبلية كثيرًا ما يصعب احتلالها من الخارج؛ إذ أن الجبال تمثل موانع طبيعية ضد الاحتلال. لكن الدول ذات الطبيعة الجبلية تواجه صعوبات في ربط مناطق الإقليم في الداخل، وهذا ما سيحول دون تعزيز الاتصال بين السكان ومن ثم إضعاف الوحدة الوطنية.
أما الدول ذات الإقليم المنبسط أو المكون من سهول وهضاب فهي عادة تكون مكشوفة للعدوان خصوصًا إذا كانت إمكانياتها العسكرية ضعيفة. لكن انبساط الإقليم يساعد الدولة على بناء شبكة قوية من المواصلات الداخلية، ومن ثم تحقيق الوحدة الوطنية.
أما المناخ فيبرز تأثره على وضع الدولة الاقتصادي وإنتاجها القومي. فالدول ذات المناخ المعتدل والبارد عادة ما تكون ملائمة للإنتاج الزراعي والصناعي أكثر من المناطق الحارة.
لذا نجد أن المناطق المتقدمة والصناعية في العالم تقع في مناطق باردة أو تميل للبرودة. في حين نجد أن المناطق النامية تقع في مناطق حارة أو تميل للحرارة مثل المناطق الاستوائية. وهذا ما جعل الدول النامية تعتمد على الزراعة والموارد الطبيعية أكثر من اعتمادها على الصناعة.
الموارد الأولية:
تعتبر الموارد الاقتصادية حجر الأساس في بناء قوة الدولة. والموارد الاقتصادية عديدة ومتنوعة وما يهمنا منها في قوة الدولة هي الموارد أو السلع الإستراتيجية ونعني بها الموارد الغذائية ومصادر الطاقة.
فالمواد الغذائية تعتبر موردًا اقتصاديًا هامًا وسلعة إستراتيجية لأنها ضرورية لبقاء الإنسان وضمان أمن الدولة الاقتصادي. والدولة التي تعاني من نقص في المواد الغذائية خصوصًا الحبوب عادة ما يكون أمنها الاقتصادي تحت رحمة الدول الأخرى والتي تمدها بالمواد الغذائية.
لذا نجد كثيرًا من الدول تحرص كل الحرص على إنتاج المواد الغذائية الرئيسية بغض النظر عن تكلفتها الاقتصادية؛ إذ تنظر إلى إنتاج هذه المواد من منظور استراتيجي وليس من منظور اقتصادي مجرد، وتبرز أكثر أهمية توفر المواد الغذائية في الدولة خلال فترة الحروب والاضطرابات في المجتمع الدولي حيث يصبح أمن الدولة الغذائية في خطر خصوصًا إذا كانت تعتمد في إمداداتها الغذائية على د ول أخرى.
وتكمن هذه الخطورة في مصدرين؛ الأول: يتمثل في أن الدول خلال الحروب يضعف إنتاجها الاقتصادي بما في ذلك الإنتاج الزراعي، لذا تسعى الدول إلى تخزين إنتاجها من السلع الاستراتيجية مثل الحبوب وعدم تصديرها لتتفادى أي نقص محتمل. أما المصدر الثاني: فيتمثل بتعرض طرق المواصلات البرية والبحرية خلال الحروب والاضطرابات إلى مخاطر عديدة، ويترتب على ذلك شل حركة النقل البري والبحري، ومن ثم نقص الإمدادات الغذائية. لذا تلجأ الدول المستوردة للقمح وغيره من المواد الغذائية إلى تخزين المواد الغذائية الرئيسية بما يكفي للاستهلاك المحلي لفترة من الزمن لتفادي آثار الاضطرابات الدولية على إمداداتها الغذائية.
أما مصادر الطاقة فهي عديدة وتختلف أهميتها من وقت لآخر. لقد كان الفحم يعتبر أهم مصدر للطاقة إلا أن التطور التكنولوجي قلل من أهميته، وأبرز أهمية البترول. فالبترول بالإضافة إلى أنه يمثل المصدر الأساسي للطاقة في المواصلات والصناعة والاستخدامات المنزلية؛ فإن مشتقاته تدخل في إنتاج العديد من السلع الاستهلاكية. لقد أعطى البترول الدول المصدرة له قوة اقتصادية وسياسية مكنتها من التأثير في السياسات الدولية.
أما الدول التي تفتقر للبترول فقد أصبحت تحت رحمة الدول المصدرة له، فبالإضافة إلى تأثير انعدام البترول في أراضيها على أمنها القومي واستقرارها الاقتصادي؛ فإن استيراده يمثل عبئًا على ميزانية مدفوعاتها خصوصًا في الدول النامية والتي تعاني من قلة العملات الصعبة.
السكان:
يعتبر السكان أهم العناصر المؤثرة في مكونات قوة الدول. ويرجع ذلك إلى العلاقة القوية بين قوة الدولة وحجم سكانها. فالدول العملاقة في المجتمع الدولي . . . [مثل] الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي [سابقاً] تمتلك العدد الكافي من السكان لتحقيق متطلبات أمنها الاقتصادي والعسكري.
كما أن الصين الشعبية أصبحت قوة عظمى في المجتمع الدولي نتيجة لحجم سكانها الذي . . . [يزيد عن] أكثر من ألف مليون نسمة. في حين تعتبر الهند بسبب كثافتها السكانية والتي تجاوزت . . . الثمانمائة مليون نسمة مرشحة لدخول نادي القوى العظمى.
غير أن عدد السكان لا يكفي بحد ذاته لتقدير دور السكان في القوة القومية. بل لا بد من معرفة دقيقة لنوعية السكان وتجانسهم ومستواهم الحضاري. فمن حيث النوعية يجب معرفة الجنس وفئات العمر المنتجة في التكوين السكاني في الدولة.
فمعرفة الجنس مهمة خصوصًا في الدول النامية والتي تحد من مساهمة المرأة الاجتماعية والاقتصادية في التنمية القومية. ففي بعض هذه الدول جزء كبير من العنصر النسائي معطل وغير منتج وهذا ما يجعل تأثيره سلبي في محصلة قوة الدولة.
كذلك يتطلب الأمر معرفة فئات العمر في المجتمع لتحديد الأطفال، والشباب، والشيوخ؛ إذ أن مساهمة كل فئة من هؤلاء في قوة الدولة تختلف عن الفئات الأخرى. فالأطفال والشيوخ عادة ما يكون دورهم محدود جدًا إن لم يكن معدومًا في العملية الإنتاجية. في حين يمثل الشباب العمود الفقري في قوة الدولة سواء في السلم أو الحرب.
وبالإضافة إلى معرفة الجنس والعمر يتطلب الأمر معرفة تجانس السكان. فكلما كانت درجة التجانس عالية بين المواطنين كلما زاد ذلك من قوة الوحدة الوطنية داخل حدود الدولة. وهذا بالطبع له أثر إيجابي على قوة الدولة؛ إذ أنه سيزيد من درجة التعاون بين السكان وقت السلم ومن صلابة الجبهة الداخلية وقت الحرب.
كذلك يتطلب تحديد فاعلية عنصر السكان وتأثير أبعادة، معرفة نوعية السكان من حيث مستواهم التعليمي والتقني ورغبتهم في العمل واحترامهم للنظام وإدراكهم لمسؤولياتهم الوطنية وتضحيتهم من أجل المبادئ والقيم التي يؤمنون بها.
وقد يكون عنصر السكان متوفرًا من حيث الكم و الكيف لكن درجة الاستفادة من هذا العنصر دون المستوى المطلوب. وهذا الوضع يقلل من فعالية العنصر السكاني في مقاومة قوة الدولة. إن وجود السكان كمًّا وكيفًا ليس غاية في حد ذاته بقدر ما هو وسيلة لرفع قوة ومكانة الدولة في المجتمع الدولي. وهذا يعني وجوب الاستفادة الحقيقية من السكان في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وقت السلم وفي الدفاع عن الوطن والأمة وقت الحرب.
إن الاهتمام بعنصر السكان واحتلاله مكانة الصدارة بين العناصر الأخرى يرجع إلى أهمية هذا العنصر وقت السلم ووقت الحرب. ففي السلم يعتبر السكان عنصرًا من عناصر الإنتاج والدولة التي تعاني من قلة هذا العنصر تضطر لاستقدام الأيدي العاملة الأجنبية للمساهمة في التنمية الوطنية. ولهذه الخطوة سلبيات عديدة على الثقافة الوطنية والأمن الوطني.
أما في الحرب فتبرز مساهمة العنصر البشري بشكل أكبر، ذلك أن الدولة التي تتمتع بنسبة عالية من السكان تكون مقدرتها أكبر من غيرها في الصمود والقتال. ورغم التطور السريع الذي حصل في تكنولوجيا الأسلحة الحربية ودخول الأسلحة الذرية فلا يزال للحرب التقليدية شأن في العلاقات الدولية، ولا يزال لتفوق الدولة في عنصر السكان أثر في مجرى هذه الحرب وتحديد نتائجها.
العامل العسكري:
حتى وقت قريب كانت قوة الدولة تقاس بقوتها العسكرية، إلا أن زيادة تأثير العناصر الأخرى أنهى هذا الاحتكار للقوة العسكرية فأصبحت القوة العسكرية تمثل العنصر الرئيسي بين عناصر عديدة تشكل في مجموعها القوة القومية.
والقوة العسكرية في مفهومها المعاصر تتكون من عوامل أو مكونات عديدة تتفاعل فيما بينها وتعطي في ناتجها النهائي التأثير العسكري المنشود في السياسات الدولية. إن تحليل القوة العسكرية لأي دولة يتطلب منا الأخذ بعين الاعتبار عددًا من العوامل، ومن بين هذه العوامل العدد، العتاد، المبدأ الاستراتيجي، والروح المعنوية.
فمن حيث العدد كلما كبر عدد الجيش كلما زاد تأثير فعاليته العسكرية. ورغم التقدم في الأسلحة الحربية فلا يزال لعدد أفراد القوات المسلحة دورًا هامًا في تشكيل القوة العسكرية للدولة. فالدولة ذات العدد الكبير من أفراد القوات المسلحة تكون أقدر من غيرها في العمليات العسكرية سواء كانت دفاعية أو هجومية؛ إذ أنها ستكون قادرة على تحمل الخسائر البشرية.
ويدخل ضمن عدد القوات المسلحة كل أفراد الأجهزة العسكرية ذات الصلة المباشرة وغير المباشرة في الدفاع عن الدولة ضد أي عدوان خارجي. لذا يدخل ضمن عدد القوات المسلحة الميليشيات العسكرية، الحرس الوطني، وغيرها من التنظيمات العسكرية المشابهة .
أما العتاد العسكري فقد تنوع وتطور بسرعة مذهلة. وهذا التطور والتنوع السريع مضافًا إلى السرية التي تحاط بامتلاكه والتعقيد في استخدامه يجعل من الصعب تحديد معيار محدد لنوعية العتاد العسكري الأكثر فعالية. إن المهم في تقييم قوة الدولة العسكرية رصد مؤشرات قوية تدل على أن الدولة تمتلك أسلحة عسكرية حديثة كافية للردع أو الهجوم.
وامتلاك السلاح وحده لا يكفي، بل المهم أيضًا القدرة على صيانته بعد امتلاكه خصوصًا وأن الأسلحة الحديثة في غاية التعقيد من الناحية التكنولوجية وتتطلب صيانتها كفاءة فنية عالية. هذا المطلب يجعل الدول النامية دائمًا في وضع صعب؛ إذ أنها قد تكون قادرة على شراء السلاح لكنها تواجه صعوبات في صيانته والمحافظة عليه بشكل جيد.
وبالإضافة إلى القدرة على الصيانة يجب اعتبار قدرة الجيش الوطني على استخدام السلاح بكفاءة. لذا أصبحت أهمية التدريب على السلاح لا تقل عن أهمية امتلاكه؛ إذ أن جعل السلاح العسكري في أيادي أجنبية يشكل نقطة ضعف كبيرة في بناء الدولة العسكري.
إن العدة والعتاد لا تكفي بحد ذاتها لضمان نصر عسكري للدولة في حروبها الدفاعية أو الهجومية. بل يتطلب الأمر اعتبار المبدأ الاستراتيجي للدولة. والمقصود بالمبدأ الاستراتيجي: الخطة العامة للقتال وأسلوب تنفيذها. فأحيانًا يتوفر لدى الدولة العدد الكافي من المقاتلين وتمتلك أسلحة كافية وحديثة إلا أن عدم سلامة مبدأها الاستراتيجي يترتب عليه هزيمة ساحقة لها، كما حصل للقوات العربية خلال الحرب العربية – الإسرائيلية عام 1967م، لذا أصبح تطوير مبدأ استراتيجي سليم للقوات العسكرية للدولة من الأهمية بمكان وأصبح الاهتمام ببناء فكر عسكري مطلبًا أساسًا لتحقيق الجدوى المتوقعة من تجنيد الشعب وامتلاك السلاح.
أخيرًا قد يتوفر عدد كبير من أفراد الجيش، وسلاح من نوعية جيدة، ومبدأ استراتيجي سليم. ومع ذلك فإن البناء العسكري للدولة خصوصًا في وقت الحرب يتسم بالضعف العام. في هذه الحالة يعزى الضعف إلى ضعف الروح المعنوية للمقاتلين. و . . . [يقصد] بالروح المعنوية استعداد المقاتلين للتضحية والعمل بروح عسكرية عالية.
لذا أصبح رفع الروح المعنوية للمقاتلين خصوصًا وقت الحروب من الأهمية بمكان لرفع كفاءة الجيش وأدائه ورفع الروح المعنوية يتم من خلال إيجاد الاستعداد التام لدى الجندي المقاتل للانضباط وتحمل المسؤولية الملقاة على عاتقه في ميدان القتال، وقناعته التامة بالهدف الذي يقاتل من أجله، وحماسه المطلق للتضحية من أجل تحقيق الهدف المنشود.
إن انخفاض الروح المعنوية قد يكون السبب الرئيسي وراء انهزام جيوش ذات أسلحة متقدمة ومبدأ استراتيجي سليم. ومثال ذلك انهزام القوات الأمريكية في الحرب الفيتنامية.
تتأثر العلاقات الدولية بعوامل عديدة. من ابرز هذه العوامل: العامل الجغرافي، الموارد الأولية، السكان، العامل العسكري، الخ.
العامل الجغرافي:
يعد العامل الجغرافي من ابرز العوامل التقليدية المؤثرة في العلاقات الدولية. فحجم الإقليم له أثر على قوة الدولة؛ إذ إن الدولة ذات المساحة الكبيرة تكون في وضع أحسن من غيرها؛ لأن كبر حجم الإقليم يوفر لها عمقًا استراتيجيًا ويجعل احتلالها أمرًا صعبًا ومكلفًا.
كما أن كبر حجم الإقليم يفسح المجال لتنوع الموارد الاقتصادية حيث تتميز بعض مناطق الإقليم بتوفر مورد اقتصادي فيها – البترول مثلاً – في حين تتميز مناطق الإقليم الأخرى بتوفر موارد أخرى مثل الزراعة والسياحة.
لذا ليس من الغريب أن نجد أن الدول العظمى في المجتمع الدولي مثل الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي (السابق) تشكل أقاليمهما مساحات كبيرة تحتوي على موارد مختلفة. . . وهذه المساحات الكبيرة أعطت كلاً من روسيا وأمريكا مزايا استراتيجية واقتصادية سمحت لهما بتوفير متطلبات الأمن العسكري والاقتصادي.
فكبر حجم الإقليم وفر لكل من روسيا وأمريكا عمقًا استراتيجيًا وجعل اكتساح أي منهما من قبل الآخر باستخدام القوات التقليدية أمرًا صعبًا إن لم يكن مستحيلاً. كما يتمتع كل من روسيا وأمريكا بسبب تنوع مواردهما الاقتصادية بشبه اكتفاء ذاتي في المجال الاقتصادي.
لكن ما يجب اعتباره هو أن حجم الإقليم يجب أن لا يؤخذ بمعزل عن العوامل الأخرى، خصوصًا عدد السكان وقوة الدولة العسكرية. فحتى تستفيد الدولة من مساحتها الشاسعة يجب أن يتوفر فيها ما يكفيها من السكان لتحقيق التنمية الاقتصادية وبناء القوة العسكرية.
فتوفر المساحة الشاسعة بدون العدد الكافي من السكان يمثل في الواقع عبئًا على الدولة وليس ميزة لها. لذا نجد أن العامل الأساسي وراء استفادة كل من روسيا وأمريكا من مساحتها الشاسعة هو توفر عنصر السكان بما يكفي للمتطلبات الاقتصادية والأمنية.
وبالإضافة إلى عدد السكان وأثره على فعالية الإقليم، فإن ما يجب أخذه بعين الاعتبار هو قوة الدولة العسكرية، فالدول ذات المساحات الكبيرة والضعيفة عسكريًا مثل تشاد تواجه مشكلة في حفظ أمنها القومي؛ لأن كبر حجم الإقليم يفرض عليها نشر قوات كبيرة في مناطق شاسعة وهذا قد يكون فوق مقدرتها العسكرية والمالية.
ورغم أن التقدم في الأسلحة الحربية خصوصًا في سلاح الطيران وفر للدولة العصرية ذات الإقليم الواسع أداة هامة وفعالة لحفظ أمنها القومي، إلا أن ما يجب أخذه بعين الاعتبار هو أن الأسلحة الحديثة باهظة الثمن، كما أن سرعة التقدم في تطورها قلل من فعالية القديم منها، لذا تبقى الدولة دائمًا تحت ضغط مستمر لتحديث أسلحتها لتساير التطور في التسليح ولتعوض عن النقص في السكان، وهذا يشكل عبئًا ماليًا مستمرًا عليها.
ولموقع الدولة الجغرافي أثر على أمنها القومي؛ إذ إن وجود منافذ بحرية عديدة للدولة يعطيها أكثر من خيار للاتصال الخارجي وتأمين الإمدادات اللازمة لها. فالمملكة العربية السعودية مثلاً لها منفذ بحري على البحر الأحمر وآخر على الخليج العربي. لذا في حالة تعرض صادراتها أو وارداتها لأي مخاطر في الخليج يمكنها الاعتماد على منافذها على البحر الأحمر لتوفير مستلزماتها من الخارج.
أما كون الدولة داخلية أي ليس لها منفذ بحري – كما هي الحال بالنسبة لأفغانستان – فهذا الوضع يشكل نقطة ضعف في قوتها القومية؛ إذ أنها ستبقى تحت رحمة الدول المجاورة لها لتأمين اتصالها الخارجي خصوصًا الاتصال البحري.
كما أن وجود دولة صغرى جوار إحدى القوى الإقليمية أو الدولية أو بين تلك القوى يفرض على هذه الدولة الصغرى قيودًا على سياستها الخارجية ويجعلها تواجه خيارات صعبة وأحيانًا محرجة. . . فكون سوريا محيطة بلبنان من جميع الجهات البرية –باستثناء الجهة الجنوبية المجاورة لإسرائيل- يفرض قيداً على سياسة لبنان الخارجية يتمثل بالإبقاء قدر الإمكان على علاقات ودية مع سوريا.
ولتعدد الدول المجاورة للدولة أثر على وضعها الأمني ونفوذها الخارجي. فإذا كانت الدولة محاطة بدول عديدة فإن هذا سيقوي من نفوذها الدولي إذا كان لهذه الدولة الإمكانيات العسكري التي تمكنها ليس من ردع هذه الدول فقط، بل والتأثير عليها. أما إذا كانت الدولة محاطة بدول عديدة وهي ضعيفة الإمكانيات العسكرية فإن هذا سيشكل عبئًا على الدولة إذ أنها ستواجه ضغوطاً عسكرية مختلفة من هذه الدول المجاورة للتأثير على سياستها سواء الداخلية أو الخارجية.
أما شكل الإقليم وإن كان تأثيره على أمن الدولة القومي أقل من تأثير الموقع إلا أنه مع ذلك كثيرًا ما يكون عاملاً هامًا في تعزيز أمن الدولة أو إضعافه. فكون إقليم الدولة مكونًا من قطعة واحدة متماسكة مثل المملكة يجعلها في وضع أمن أحسن بكثير من ذات الإقليم المتناثر والمكون من جزر عدة مثل اندونيسيا. فبالإضافة على أن تناثر الإقليم يزيد من المتطلبات العسكرية اللازمة لصد أي عدوان خارجي، فإنه يشكل عبئًا على الاتصال الداخلي وعلى الوحدة الوطنية.
ومثلما يؤثر شكل الإقليم على أمن الدولة القومي ووحدتها القومية فإن طبيعة الإقليم لها كذلك أثر على أمن الدولة وقوتها. فالدول ذات الطبيعة الجبلية كثيرًا ما يصعب احتلالها من الخارج؛ إذ أن الجبال تمثل موانع طبيعية ضد الاحتلال. لكن الدول ذات الطبيعة الجبلية تواجه صعوبات في ربط مناطق الإقليم في الداخل، وهذا ما سيحول دون تعزيز الاتصال بين السكان ومن ثم إضعاف الوحدة الوطنية.
أما الدول ذات الإقليم المنبسط أو المكون من سهول وهضاب فهي عادة تكون مكشوفة للعدوان خصوصًا إذا كانت إمكانياتها العسكرية ضعيفة. لكن انبساط الإقليم يساعد الدولة على بناء شبكة قوية من المواصلات الداخلية، ومن ثم تحقيق الوحدة الوطنية.
أما المناخ فيبرز تأثره على وضع الدولة الاقتصادي وإنتاجها القومي. فالدول ذات المناخ المعتدل والبارد عادة ما تكون ملائمة للإنتاج الزراعي والصناعي أكثر من المناطق الحارة.
لذا نجد أن المناطق المتقدمة والصناعية في العالم تقع في مناطق باردة أو تميل للبرودة. في حين نجد أن المناطق النامية تقع في مناطق حارة أو تميل للحرارة مثل المناطق الاستوائية. وهذا ما جعل الدول النامية تعتمد على الزراعة والموارد الطبيعية أكثر من اعتمادها على الصناعة.
الموارد الأولية:
تعتبر الموارد الاقتصادية حجر الأساس في بناء قوة الدولة. والموارد الاقتصادية عديدة ومتنوعة وما يهمنا منها في قوة الدولة هي الموارد أو السلع الإستراتيجية ونعني بها الموارد الغذائية ومصادر الطاقة.
فالمواد الغذائية تعتبر موردًا اقتصاديًا هامًا وسلعة إستراتيجية لأنها ضرورية لبقاء الإنسان وضمان أمن الدولة الاقتصادي. والدولة التي تعاني من نقص في المواد الغذائية خصوصًا الحبوب عادة ما يكون أمنها الاقتصادي تحت رحمة الدول الأخرى والتي تمدها بالمواد الغذائية.
لذا نجد كثيرًا من الدول تحرص كل الحرص على إنتاج المواد الغذائية الرئيسية بغض النظر عن تكلفتها الاقتصادية؛ إذ تنظر إلى إنتاج هذه المواد من منظور استراتيجي وليس من منظور اقتصادي مجرد، وتبرز أكثر أهمية توفر المواد الغذائية في الدولة خلال فترة الحروب والاضطرابات في المجتمع الدولي حيث يصبح أمن الدولة الغذائية في خطر خصوصًا إذا كانت تعتمد في إمداداتها الغذائية على د ول أخرى.
وتكمن هذه الخطورة في مصدرين؛ الأول: يتمثل في أن الدول خلال الحروب يضعف إنتاجها الاقتصادي بما في ذلك الإنتاج الزراعي، لذا تسعى الدول إلى تخزين إنتاجها من السلع الاستراتيجية مثل الحبوب وعدم تصديرها لتتفادى أي نقص محتمل. أما المصدر الثاني: فيتمثل بتعرض طرق المواصلات البرية والبحرية خلال الحروب والاضطرابات إلى مخاطر عديدة، ويترتب على ذلك شل حركة النقل البري والبحري، ومن ثم نقص الإمدادات الغذائية. لذا تلجأ الدول المستوردة للقمح وغيره من المواد الغذائية إلى تخزين المواد الغذائية الرئيسية بما يكفي للاستهلاك المحلي لفترة من الزمن لتفادي آثار الاضطرابات الدولية على إمداداتها الغذائية.
أما مصادر الطاقة فهي عديدة وتختلف أهميتها من وقت لآخر. لقد كان الفحم يعتبر أهم مصدر للطاقة إلا أن التطور التكنولوجي قلل من أهميته، وأبرز أهمية البترول. فالبترول بالإضافة إلى أنه يمثل المصدر الأساسي للطاقة في المواصلات والصناعة والاستخدامات المنزلية؛ فإن مشتقاته تدخل في إنتاج العديد من السلع الاستهلاكية. لقد أعطى البترول الدول المصدرة له قوة اقتصادية وسياسية مكنتها من التأثير في السياسات الدولية.
أما الدول التي تفتقر للبترول فقد أصبحت تحت رحمة الدول المصدرة له، فبالإضافة إلى تأثير انعدام البترول في أراضيها على أمنها القومي واستقرارها الاقتصادي؛ فإن استيراده يمثل عبئًا على ميزانية مدفوعاتها خصوصًا في الدول النامية والتي تعاني من قلة العملات الصعبة.
السكان:
يعتبر السكان أهم العناصر المؤثرة في مكونات قوة الدول. ويرجع ذلك إلى العلاقة القوية بين قوة الدولة وحجم سكانها. فالدول العملاقة في المجتمع الدولي . . . [مثل] الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي [سابقاً] تمتلك العدد الكافي من السكان لتحقيق متطلبات أمنها الاقتصادي والعسكري.
كما أن الصين الشعبية أصبحت قوة عظمى في المجتمع الدولي نتيجة لحجم سكانها الذي . . . [يزيد عن] أكثر من ألف مليون نسمة. في حين تعتبر الهند بسبب كثافتها السكانية والتي تجاوزت . . . الثمانمائة مليون نسمة مرشحة لدخول نادي القوى العظمى.
غير أن عدد السكان لا يكفي بحد ذاته لتقدير دور السكان في القوة القومية. بل لا بد من معرفة دقيقة لنوعية السكان وتجانسهم ومستواهم الحضاري. فمن حيث النوعية يجب معرفة الجنس وفئات العمر المنتجة في التكوين السكاني في الدولة.
فمعرفة الجنس مهمة خصوصًا في الدول النامية والتي تحد من مساهمة المرأة الاجتماعية والاقتصادية في التنمية القومية. ففي بعض هذه الدول جزء كبير من العنصر النسائي معطل وغير منتج وهذا ما يجعل تأثيره سلبي في محصلة قوة الدولة.
كذلك يتطلب الأمر معرفة فئات العمر في المجتمع لتحديد الأطفال، والشباب، والشيوخ؛ إذ أن مساهمة كل فئة من هؤلاء في قوة الدولة تختلف عن الفئات الأخرى. فالأطفال والشيوخ عادة ما يكون دورهم محدود جدًا إن لم يكن معدومًا في العملية الإنتاجية. في حين يمثل الشباب العمود الفقري في قوة الدولة سواء في السلم أو الحرب.
وبالإضافة إلى معرفة الجنس والعمر يتطلب الأمر معرفة تجانس السكان. فكلما كانت درجة التجانس عالية بين المواطنين كلما زاد ذلك من قوة الوحدة الوطنية داخل حدود الدولة. وهذا بالطبع له أثر إيجابي على قوة الدولة؛ إذ أنه سيزيد من درجة التعاون بين السكان وقت السلم ومن صلابة الجبهة الداخلية وقت الحرب.
كذلك يتطلب تحديد فاعلية عنصر السكان وتأثير أبعادة، معرفة نوعية السكان من حيث مستواهم التعليمي والتقني ورغبتهم في العمل واحترامهم للنظام وإدراكهم لمسؤولياتهم الوطنية وتضحيتهم من أجل المبادئ والقيم التي يؤمنون بها.
وقد يكون عنصر السكان متوفرًا من حيث الكم و الكيف لكن درجة الاستفادة من هذا العنصر دون المستوى المطلوب. وهذا الوضع يقلل من فعالية العنصر السكاني في مقاومة قوة الدولة. إن وجود السكان كمًّا وكيفًا ليس غاية في حد ذاته بقدر ما هو وسيلة لرفع قوة ومكانة الدولة في المجتمع الدولي. وهذا يعني وجوب الاستفادة الحقيقية من السكان في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وقت السلم وفي الدفاع عن الوطن والأمة وقت الحرب.
إن الاهتمام بعنصر السكان واحتلاله مكانة الصدارة بين العناصر الأخرى يرجع إلى أهمية هذا العنصر وقت السلم ووقت الحرب. ففي السلم يعتبر السكان عنصرًا من عناصر الإنتاج والدولة التي تعاني من قلة هذا العنصر تضطر لاستقدام الأيدي العاملة الأجنبية للمساهمة في التنمية الوطنية. ولهذه الخطوة سلبيات عديدة على الثقافة الوطنية والأمن الوطني.
أما في الحرب فتبرز مساهمة العنصر البشري بشكل أكبر، ذلك أن الدولة التي تتمتع بنسبة عالية من السكان تكون مقدرتها أكبر من غيرها في الصمود والقتال. ورغم التطور السريع الذي حصل في تكنولوجيا الأسلحة الحربية ودخول الأسلحة الذرية فلا يزال للحرب التقليدية شأن في العلاقات الدولية، ولا يزال لتفوق الدولة في عنصر السكان أثر في مجرى هذه الحرب وتحديد نتائجها.
العامل العسكري:
حتى وقت قريب كانت قوة الدولة تقاس بقوتها العسكرية، إلا أن زيادة تأثير العناصر الأخرى أنهى هذا الاحتكار للقوة العسكرية فأصبحت القوة العسكرية تمثل العنصر الرئيسي بين عناصر عديدة تشكل في مجموعها القوة القومية.
والقوة العسكرية في مفهومها المعاصر تتكون من عوامل أو مكونات عديدة تتفاعل فيما بينها وتعطي في ناتجها النهائي التأثير العسكري المنشود في السياسات الدولية. إن تحليل القوة العسكرية لأي دولة يتطلب منا الأخذ بعين الاعتبار عددًا من العوامل، ومن بين هذه العوامل العدد، العتاد، المبدأ الاستراتيجي، والروح المعنوية.
فمن حيث العدد كلما كبر عدد الجيش كلما زاد تأثير فعاليته العسكرية. ورغم التقدم في الأسلحة الحربية فلا يزال لعدد أفراد القوات المسلحة دورًا هامًا في تشكيل القوة العسكرية للدولة. فالدولة ذات العدد الكبير من أفراد القوات المسلحة تكون أقدر من غيرها في العمليات العسكرية سواء كانت دفاعية أو هجومية؛ إذ أنها ستكون قادرة على تحمل الخسائر البشرية.
ويدخل ضمن عدد القوات المسلحة كل أفراد الأجهزة العسكرية ذات الصلة المباشرة وغير المباشرة في الدفاع عن الدولة ضد أي عدوان خارجي. لذا يدخل ضمن عدد القوات المسلحة الميليشيات العسكرية، الحرس الوطني، وغيرها من التنظيمات العسكرية المشابهة .
أما العتاد العسكري فقد تنوع وتطور بسرعة مذهلة. وهذا التطور والتنوع السريع مضافًا إلى السرية التي تحاط بامتلاكه والتعقيد في استخدامه يجعل من الصعب تحديد معيار محدد لنوعية العتاد العسكري الأكثر فعالية. إن المهم في تقييم قوة الدولة العسكرية رصد مؤشرات قوية تدل على أن الدولة تمتلك أسلحة عسكرية حديثة كافية للردع أو الهجوم.
وامتلاك السلاح وحده لا يكفي، بل المهم أيضًا القدرة على صيانته بعد امتلاكه خصوصًا وأن الأسلحة الحديثة في غاية التعقيد من الناحية التكنولوجية وتتطلب صيانتها كفاءة فنية عالية. هذا المطلب يجعل الدول النامية دائمًا في وضع صعب؛ إذ أنها قد تكون قادرة على شراء السلاح لكنها تواجه صعوبات في صيانته والمحافظة عليه بشكل جيد.
وبالإضافة إلى القدرة على الصيانة يجب اعتبار قدرة الجيش الوطني على استخدام السلاح بكفاءة. لذا أصبحت أهمية التدريب على السلاح لا تقل عن أهمية امتلاكه؛ إذ أن جعل السلاح العسكري في أيادي أجنبية يشكل نقطة ضعف كبيرة في بناء الدولة العسكري.
إن العدة والعتاد لا تكفي بحد ذاتها لضمان نصر عسكري للدولة في حروبها الدفاعية أو الهجومية. بل يتطلب الأمر اعتبار المبدأ الاستراتيجي للدولة. والمقصود بالمبدأ الاستراتيجي: الخطة العامة للقتال وأسلوب تنفيذها. فأحيانًا يتوفر لدى الدولة العدد الكافي من المقاتلين وتمتلك أسلحة كافية وحديثة إلا أن عدم سلامة مبدأها الاستراتيجي يترتب عليه هزيمة ساحقة لها، كما حصل للقوات العربية خلال الحرب العربية – الإسرائيلية عام 1967م، لذا أصبح تطوير مبدأ استراتيجي سليم للقوات العسكرية للدولة من الأهمية بمكان وأصبح الاهتمام ببناء فكر عسكري مطلبًا أساسًا لتحقيق الجدوى المتوقعة من تجنيد الشعب وامتلاك السلاح.
أخيرًا قد يتوفر عدد كبير من أفراد الجيش، وسلاح من نوعية جيدة، ومبدأ استراتيجي سليم. ومع ذلك فإن البناء العسكري للدولة خصوصًا في وقت الحرب يتسم بالضعف العام. في هذه الحالة يعزى الضعف إلى ضعف الروح المعنوية للمقاتلين. و . . . [يقصد] بالروح المعنوية استعداد المقاتلين للتضحية والعمل بروح عسكرية عالية.
لذا أصبح رفع الروح المعنوية للمقاتلين خصوصًا وقت الحروب من الأهمية بمكان لرفع كفاءة الجيش وأدائه ورفع الروح المعنوية يتم من خلال إيجاد الاستعداد التام لدى الجندي المقاتل للانضباط وتحمل المسؤولية الملقاة على عاتقه في ميدان القتال، وقناعته التامة بالهدف الذي يقاتل من أجله، وحماسه المطلق للتضحية من أجل تحقيق الهدف المنشود.
إن انخفاض الروح المعنوية قد يكون السبب الرئيسي وراء انهزام جيوش ذات أسلحة متقدمة ومبدأ استراتيجي سليم. ومثال ذلك انهزام القوات الأمريكية في الحرب الفيتنامية.