التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

السياسة الإقتصادية:


السياسة الإقتصادية:

– خطة البحث –

الفصل الأول : الدولة و السياسات الاقتصادية
المبحث الأول : السيلسة الاقتصادية
المطلب الأول : مفهوم السياسة الاقتصادية
المطلب الثاني : أنواع السياسة الاقتصادية
المطلب الثالث : أدوات السياسة الاقتصادية
المبحث الثاني : السلطات الاقتصادية
المطلب الأول : السلطة النقدية
المطلب الثاني : السلطة المالية
الفصل الثاني : العولمة والسياسات الاقتصادية
المبحث الأول : العولمة الاقتصادية و تداعياتها
المطلب الأول : مفهوم العولمة الاقتصادية
المطلب الثاني : العولمة و التنمية الاقتصادية
المبحث الثاني : مظاهر العولمة
المطلب الأول : ظهور المعلوماتية
المطلب الثاني : تزايد دور المنظمات الدولية
المطلب الثالث : تزايد التكتلات الاقتصادية
الفصل الثالث : تأثير العولمة على السياسات الاقتصادية
المبحث الأول : التأثير على السياسة النقدية
المبحث الثاني : التأثير على سياسة الميزانية
المبحث الثالث : التأثير على سعر الصرف
الخاتمة

.الفصل الأول : الدولة و السياسة الاقتصادية

المبحث الأول : السياسة الاقتصادية

المطلب الأول : مفهوم السياسة الاقتصادية

إن مفهوم السياسة الاقتصادية تعني المنهج المتبع لدى بلد معين في التعامل داخل مجال نشاط السلع و الخدمات, وفي هذا الصدد إما تعتمد الدولة سياسة أو نظام الأنشطة الحرة أي سياسة السوق المفتوح ،
وإما تعتمد نظام أو سياسة الاقتصاد الموجه

أ – نظام النشاط الحر الاقتصاد المفتوح )
وهو النظام الذي ترفع فيه الدولة القيود على بعض السلع و الخدمات ضمن دائرة التعامل بين الأفراد أو المؤسسات داخل البلد الواحد و خارج الحدود

ب – نظام النشاط الموجه :
وهو النظام الاقتصادي الذي تكون فيه سلطة الدولة هي المسيطرة و الموجهة لسياسة النشاط الاقتصادي في سوق السلع و الخدمات , بحيث تحدد الأسعار للسلع وتدعم الأسعار في حالة وجود فارق بين السعر الحقيقي للسلعة و السعر المعروض في الشوق مع وجود تدني لدخول الأفراد

المطلب الثاني : أنواع السياسات الاقتصادية

تتمثل أنواع السياسات الاقتصادية في سعر الصرف و السياسة النقدية , وهما نوعان أساسيان في التعامل

أ – سياسة سعر الصرف :
إن الدولة في سياستها الاقتصادية المتبعة تتحكم في نشاط معين للحد منه أو تشجيعه فتستخدم سياسة سعر الصرف حيث يمكنها أن تقوم بتخفيض في قيمة العملة للحد من تسرب العملة للخارج, و قد تلجأ إلى هذه الطريقة إذا أرادت أن تشجع الاستثمار بالأموال في مشاريع داخلية , و المحافظة على كمية النقود داخل الحدود

ب – السياسة النقدية :
إن سياسة النقود عملية تلجأ إليها الدولة في عدة حالات منها :
– الحد من إصدار النقود 0
– التحكم في الكتلة النقدية بضمان ثبات معدل الدوران للمخزون النقدي0
ومن خلال ذلك يمكن للدولة أن تقلل من نسبة القروض و التسهيلات المصرفية الممنوحة للقطاعات, لأن من الأسباب الرئيسية التي أدت إلى ضعف الأسواق الأولية و غرق الشركات عن طرح أسهمها للاكتتاب العام هو محدودبة الوعي المالي لدى المستثمرين

المطلب الثالث : أدوات السياسة الاقتصادية

إن الهدف من دراسة أي سياسة اقتصادية هو تحقيق التوازن بين المداخيل و المنتجات لسوق السلع و الخدمات و الحفاظ على معدلات نمو مرتفعة و الحد من الفقر 0
و من بين الأدوات الممكن استغلالها لتحقيق هذا الهدف , و تتخذها الدولة كإصلاحات هيكلية تتمثل فيما يلي:
– تحرير الرقابة على الأسعار و إلغاء بعض احتكارات القطاع العام0
– خوصصة العديد من المؤسسات الحكومية 0
– إلغاء الحواجز غير الجمركية و خفض رسوم الإستيراد0
و هناك من الدول من يلجأ إلى أبعد من ذلك و هو تحرير أسعار الصرف و إلغاء الرقابة المباشرة على الائتمان المصرفي

المبحث الثاني : السلطات الاقتصادية

إن السلطة الاقتصادية تشمل جانبين : جانب السلطة المالية ، و جانب السلطة النقدية

المطلب الأول : السلطة النقدية

إن الجانب النقدي له أهمية و أثر كبير في السياسة الاقتصادية داخل النشاط الاقتصادي 0
و لهذا فإنه قبل الشروع في أي سياسة اقتصادية يجب التفكير و التأكد من قدرات السلطات النقدية أو المؤسسات المصرفية و النقدية للبلد ومدى تحملها لمواكبة النظام الاقتصادي المزعوم انتهاجه من قبل الدولة مع مراعاة أسعار الصرف لأي نظام سعر. الصرف المتغير يتحدد من خلال القوة الشرائية لكمية النقود إضافة إلى عوامل أخرى منها العرض و الطلب و معدلات الفوائد , و التضخم و التطور الاقتصادي و القوة الاقتصادية

المطلب الثاني : السلطة المالية

إن عملية التمويل عنصر أساسي في تمرير السياسة الاقتصادية , و على هذا الأساس يجب توفر أدواته و المتمثلة في التمويل الذاتي , تمويل طويل الأجل الأقراض , تسهيل الإيداع 0
و هذه العناصر أساسها البنوك المحلية للبلد المعني و مدى قدرتها على توفير الأموال لإدارة المشاريع , و يساهم في ذلك أيضا إلى جانب البنوك المحلية البنوك الخارجية في ظل نظام الشراكة. حيث تساهم هذه البنوك أو المؤسسات المصرفية بإعطاء قروض لأجل أو قروض في شكل مساهمات في رأس المال 0

الفصل الثاني : العولمة و السياسات الاقتصادية الدولية

المبحث الأول : العولمة الاقتصادية و تداعياتها

المطلب الأول : مفهوم العولمة الاقتصادية

العولمة هي ظاهرة متعددة الأوجه , و تتضمن عدة جوانب منها جوانب سياسية , اقتصادية و ثقافية و بيئية 0 ولذا يمكن القول أن العولمة الاقتصادية هي نظام يشير إلى إزالة العوائق الوطنية الاقتصادية و نشر التكنولوجيا و التجارة و أنشطة الإنتاج و زيادة قوة الشركات عابرة الحدود الوطنية و المؤسسات المالية الدولية و تحرير الأسواق , و إلغاء القيود عليها و خصخصة الأصول و زيادة التعاملات في النقد الأجنبي , و تكامل أسواق رأس المال , و استحداث أدوات مالية جديدة , وينتج عن ذلك زيادة اعتماد الأسواق

المطلب الثاني : العولمة و التنمية الاقتصادية

إن من أبرز العناصر المساهمة في التنمية الاقتصادية في ظل العولمة هي منظمة التعاون و التنمية الاقتصادية (ocde) الشبكة الممثل دورها للدولة الغنية حيث أطلق عليها تسمية نادي الأقوياء إقتصاديا
ينمثل دورها في كونها تعتمد على البحث و الدراسات و متابعة التطورات الاقتصادية , في كل دولة عضو
في هذه المنظمة و مقابلة كل هذا بما يجري في بقية دول العالم لمدة 25 سنة القادمة , ومن ثم نقترح الحلول المناسبة إذ أنها لا تصدر قرارات و لا تتبنى إجراءات عملية0
و من أهم نشاطات المنظمة أنها أعد ت مشروع بحث سنة 1995 بعنوان interfuturs قصد تصور نمو اقتصاديات أعضاؤها و علاقة هذا النمو بما يحدث في الدول النامية حتى نهاية القرن0
و في نفس السنة أجرت دراسة أخرى تمتد إلى سنة 2022 اسمها interdepnce أو الاعتماد المتبادل
ومن خلال هذه الدراسات خرجت بفرضية أولى تتمثل في أن نمو إقتصاد أعضاء المنظمة بمعدل ثابت
3 %سنويا طول هذه الفترة, و معدل نمو الدول غير الأعضاء يبلغ 6.7% على أساس نجاح الإصلاحات الاقتصادية و السياسية التي توفر الحرية الكاملة لحركة المبادلات و الاستثمار بين الدول0
أما الفرضية الثانية فتقوم على أساس أن معدل نمو 3 % في دول المنظمة و 4.8 % في الدول الأخرى على أساس تأخر عدد من الدول عن إجراء التحرير الكامل للتجارة الدولية و الاستثمار الدولي 0
و توصلت الدراسة إلى خمس دول كبرى جديدة ( روسيا , الصين , أندونيسيا , الهند و البرازيل ) التي ستأخذ نصيبا وفر من مجموع الناتج المحلي الإجمالي لدول العالم و حجم التجارة الدولية 0

المبحث الثاني :مظاهر العولمة

المطلب الأول : التدويل

إن ظاهرة التدويل تعبر في حقيقة وقعنا المعاش عن تدويل القوى المنتجة على المستوى العالمي , ويقصد بالقوى المنتجة جميع الوسائل والقدرات التي هي في متناول المجتمع البشري لأجل الإنتاج0
وقوى الإنتاج تتضمن وسائل الإنتاج و قوى العمل التي تستخدمها هذه المجتمعات البشرية و بالتالي فهي تتضمن أساليب الإنتاج و تنظيم هذا الإنتاج وكذا مستوى العلوم و التكنولوجيا

المطلب الثاني : الثورة العلمية والتكنولوجية

لقد شاهد العالم ثورة في عدد من القطاعات المرتبطة أساسا بلإلكترونيك و الإعلام الآلي و الاتصال
و الكيمياء و البيولوجيا , الشيء الذي جعل البعض يتحدث عن رأسمالية إلكترونية .
هذه الثورة سوف تغير ترتيب القطاعات الاقتصادية أين تصبح قطاع الخدمات المرتبطة بهذه القطاعات تحتل نصيبا أكبر في النشاط الاقتصادي و الإنساني ككل, كما تغير هذه الثورة من أنماط الإنتاج و التشغيل و كذا طرق التسيير0
لقد عرف العالم في نهاية القرن الثامن عشر الثورة الصناعية التي نظمت التقسيم التقني و الاجتماعي للعمل حيث أصبحت الصناعة هي القطاع المحرك لكل النشاط الاقتصادي , هذا التقسيم كان قائما على أساس علاقة تبعية بين الإنسان و الآلة و كذا الفصل بين العمل اليدوي و الذهني , وبين التصميم و الإدارة و التنفيذ0
ولقد تميزت الثورة العلمية و التكنولوجيا بمجموعة من الخصائص يمكن أن نذكر منها النقاط التالية :

أ‌- أعطى مكانة للعلم والبحث العلمي لم يشهدها العالم من قبل
ب‌- إلزامية قيام علاقة جديدة بين الإنسان و الآلة و فالعامل الإنساني يصبح أولى من العالم التقني , لهذا سوف تعطى الثورة التكنولوجية مكانة أكبر للإنسان الحامل للعلم , فهذا الأخير هو كائن اجتماعي و ليس عاملا من عوامل الإنتاج الأخرى مما يستلزم قيام أساليب عمل و تنظيم جديد0
ج- ظهور إنقلابا جذريا و نوعيا في الإنتاج أساسه الإلكترونيك و الإعلام الآلي و الإتصال وهذا مما يؤدي إلى نمو سريع في للقوى المنتجة0
د – التطور المذهل والسريع لقطاع المعلومات و الاتصال وانعكاسه على مختلف جوانب النشاط الإنساني , و هذا ما سيحدث انقلابا في عدة مجالات من النشاط الاقتصادي أولها مجال الإنتاج و أساسا أنماط العمل و التشغيل , حيث سينشر تشغيل اليد العاملة الماهرة و الرخيصة عن بعد و كذا إدارة الأعمال عبر الإعلام الآلي 0

التحولات على مستوى البنية الفوقية العالمية :
عندما لاحت بوادر فوز الحلفاء , و بعد تلك الحرب العالمية الثانية و بعد الفوضى السياسية و الاقتصادية التي عرفها العالم , سعت مجموعة من الدول لوضع مؤسسات دولية و جهوية لإعادة تنظيم شؤون العالم الاقتصادية و الاجتماعية و توفير شروط الإنطلاقة الاقتصادية و الاجتماعية و إزالة كل العقاب التي تعيق عملية تمركز الإنتاج و الرأسمال على المستوى العالمي و خلق شروط اقتصادية و سياسية جديدة لإعادة اقتسام مناطق النفوذ0
ومن خلال ما سبق يمكن أن نلاحظ الآن تغيرات هامة على مستوى الخريطة الاقتصادية و السياسية للعالم خاصة مع انهيار البلدان الإشتراكية سابقا و و تراجع حركات التحرر الوطني في البلدان النامية , حيث شاهد ميلاد قطبي اقتصادي وسياسي أحادي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية

الفصل الثالث : تأثير العولمة على السياسات الاقتصادية

المبحث الأول : التأثير على السياسة النقدية

بالنسبة لهذا الجانب نلاحظ أن البنك العالمي هو ثاني مؤسسة ذات اعتبار كوني بعد صندوق النقد الدولي , حيث يقوم بمنح قروض طويلة الأجل همها قروض التكيف الهيكلي بهدف دفع تيار العولمة و دوره يتكامل مع دور صندوق النقد الدولي الذي حد دته لهما اتفاقيات ” بريتون وودز” , التي كلفت الصندوق بالسهر على ضمان قواعد الاستقرار النقدي الدولي , و تنمية العلاقات النقدية المتعددة الأطراف و البنك العالمي يقوم بتقديم العون المالي الضروري لتمويل التنمية طويلة الأجل , و إزداد هذا التكامل مع إستفحال المشاكل الاقتصادية و الاجتماعية في البلدان النامية و إظطراب العلاقات النقدية و تدهور العلاقات التجارية و المالية بين مختلف الدول , بحيث كيف الصندوق و البنك شيئا فشيئا سياستهما و برامجهما لإعانة الدول النامية و سعيها للقضاء أو الحد من إشكاليتها النقدية و المالية و الهيكلية , و تتضح لنا الرؤية أكثر إذا علمنا أن العضوية في البنك العالمي مشروطة بالعضوية في الصندوق 0
و في ظل النظام الجديد يعتبر البنك العالمي هو أقوى وكالات التنمية و التمويل الدولية , حيث يستعمل أمواله لأغراض شتى أهمها :
– تمويل المشاريع للبنية الأساسية
– تشجيع رأس المال الدوالي الخاص 0
– تسريع وتيرة الخوصصة 0

المبحث الثاني : التأثير على سياسة الميزانية

إن تحقق المنافع المحتملة في ظل النظام العالمي بتوفير البنية الأساسية تحقيقا كاملا من عدمه مسألة تعتمد على الكيفية التي تقوم الحكومة بتوزيع المخاطر , فيمكن للحكومة أن تزيد المنافع بواسطة تحمل المخاطر التي تستطيع السيطرة عليها , و لكن ينبغي لها أن تتجنب تحمل المخاطر الأخرى 0
و بهذه الطريقة يواجه المستثمرون بخواطر قوية لإختيار المشاريع بعناية و إدارتها بكفاءة , فهي تستطيع أن تقلل المخاطر التي يتعرض لها المستثمرون بواسطة إتباع سياسات إقتصادية كلية وطيدة , و الإفصاح عن المعلومات , و تنفيذ قوانين و لوائح تنظيمية جيدة , و تدعيم سلطتها القضائية و و تستطيع أن تقيس بها الضمانات التي تقدمها وتوازنها و تحسبها , بحيث تكون التكاليف و المخاطر واضحة وقت إصدار الضمانات و ليس فبما بعد عندما يتعين على الحكومة أن تسدد ، لأن من المعلوم في إطار توازن الميزانية أن الدولة عليها تكافأ بين إلتزاماتها و إيراداتها لتقييم الضمانات و الإلتزامات المحتملة كما يمكنها إستخدام قيمة الضمانات لحساب خسارة متوقعة 0
و عندما تقيم الضمانات , يكون من الأكثر إحتمالا أن تتخذ القرارات على أساس التكاليف و المنافع الحقيقية و ليس الظاهرة 0
و من وجهة النظر الاقتصادية فإن التمييز بين الخسائر المحتملة وغير المحتملة ليس مفيدا على الدوام ,
إن وجود فرصة بنسبة 10 % بخسارة 10 ملايين من الدولارات أسوأ من وجود فرصة بنسبة 90 %
لخسارة مليون دولار , و الأفيد من ذلك هو تقدير القيمة الحالية للخسارة المتوقعة الناجمة عن إلتزام محتمل
و من شأن وجود نظام مثالي للمحاسبة و الموازنة أن يسجل القيمة الحالية المتوقعة لجميع العقود التي تبرمها الحكومة 0

المبحث الثالث : التأثير على سعر الصرف

نظرا لأن الكثير من استثمارات البنية الأساسية تمول بواسطة قروض مقومة بالنقد الأجنبي و تعقد بأسعار فائدة معومة , فإن الأرباح تكون حساسة بشكل مرتفع للتغيرات في أسعار الصرف و أسعار الفائدة .
و يتبين أنه للوهلة الأولى أنه ينبغي للحكومة أن تتحمل بتعبئة المخاطر المرتبطة بهذا الخطر , لأن لها بعض السيطرة على أسعار الصرف و الفائدة , و سيكون لديها إذا ما تحملت هذه المخاطر حافز لإتباع سياسات اقتصادية كلية مستقرة.
و في ظل نظام العولمة ثمة عدد من الأسباب تجعل من الضروري للمستثمرين أن يتحملوا بمخاطر سعر الصرف و الفائدة :
– فأولا يمكن أن تشجع الضمانات الحكومية للمستثمرين على التعرض لحدود كبيرة من مخاطر أسعار الصرف , و عندئذ يستطيعون إذا ما حدث إنخفاض قيمة العملة أن يلقوا باللوم على الحكومة لما تعرضوا عنه من خسائر بدلا من الإعتراف بخطر الإفراط في الإقتراض بعملات أجنبية 0
– ثانيا : يمكن أن يكون لضمانات سعر الصرف تأثير معاكس على سلوك الحكومة , وعلى سبيل المثال فقد تغري الحكومة بدم إجراء التخفيض الذي يكون مطلوبا في قيمة العملة المحلية في أعقاب صدمة في معدلات التبادل التجاري 0
– ثالثا : قد تكون الكثير من الحكومات قد إننكشفت بالفعل هي و دافعو الضرائب الذين يدعمونها للمخاطر المرتبطة بصدمات سعر الصرف والفائدة .
وقد تفضي صدمة معدل تبادل تجاري معاكس مثلا : تخفيض في قيمة العملة و إنخفاض في الدخول على حد سواء , مما يجبر الحكومة على تعيض المستثمرين في نفس الوقت التي تتقلص فيها قاعدتها الضريبية .
إى أنه قد يكون لدى القطاع الخاص في حالة عدم وجود ضمان حكومي , حوافز أكبر على إدارة مخاطر سعر الصرف .

المراجع :

1 – أحمد فريد مصطفى – سمير محمد السيد حسن ،السياسات النقدية و البعد الدولي للأورو
مؤسسة شهاب الجامعية – الإسكندرية –

2 – مروان عطوان ،الأسواق النقدية و المالية،ديوان م – ج

3 – باشوندة رفيق – رسالة ماجيستر – عوامل التحكم في المردودية المالية 96 .1997/

4 – التمويل و التنمية -مجلة تصدر كل ثلاثة أشهر عن صندوق النقد الدولي و البنك الدولي للإنشاء-المجلد 39 , العدد 01 – مارس 1999 –

5 – العولمة و إدارة الاقتصادات الوطنية – وقائع الندوة المنعقدة في 18 و 19 نوفمبر 2000 .



التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

بحث حول ادارة الموارد البشرية

خطة البحث:
المبحث الاول: نشاة و تطور ادارة الموارد البشرية
المطلب الاول: نشأة إدارة الموارد البشرية
المطلب الثاني: التطور التاريخي لإدارة الموارد البشرية
المطلب الثالث: العوامل المؤثرة في تطور إدارة تسيير الموارد البشرية
المبحث الثاني: ادارة الموارد البشرية
المطلب الاول: تعريف إدارة الموارد البشرية و العوامل المؤثرة عليها
المطلب الثاني: أهمية وأهداف إدارة الموارد البشرية
المطلب الثالث: وظائف إدارة الموارد البشرية
المبحث الثالث: ادارة الموارد البشرية في المؤسسة
المطلب الاول: موقع إدارة الموارد البشرية في الهيكل التنظيمي للمؤسسة
المطلب الثاني: اثر وظيفة الموارد البشرية على نجاح المؤسسة
المطلب الثالث: بناء الميزة التنافسية من خلال الموارد البشرية
المبحث الرابع: الادارة الاستراتيجية للموارد البشرية
المطلب الاول: إدارة الموارد البشرية في المستقبل
المطلب الثاني: الإدارة والتخطيط الاستراتيجي للموارد البشرية

مقدمة:
تمثل الموارد البشرية في المنظمات موردا من اهم الموارد و اصلا من اهم الاصول التي تمتلكها المؤسسة. فلا يمكن تحقيق اهداف المؤسسة بدون هذه الموارد ، فالمؤسسة بدون افراد ما هي الا مجموعة من الاصول الثابتة و التي لا تستطيع لوحدها ان تنتج الا مع مساندة القوى العاملة. و بصف عامة اتفق معظم الباحثين على وجود خمسة وظائف رئيسية يقوم بها المديرون و تتمثل هذه الوظائف في: التخطيط ، التنظيم ، التشكيل، القيادة، و الرقابة.
و بصفة عامة تمثل هذه الوظائف العملية الادارية ، و في مجال دراسة الموارد البشرية يتم التركيز على احدى هذه الوظائف و هي التشكيل او ما يطلق عليه بادارة الموارد البشرية . و لهذا اكانت اشكالية بحثنا كما يلي :
ما مدى اهمية ادارة الموارد البشرية في تطوير الاداء الاقتصادي للمؤسسة؟
و كاجابة مبدئية على الاشكالية نقول ان لادارة الموارد البشرية اهمية بالغة في رفع الاداء الاقتصادي للمؤسسة من خلال الاخذ بعين الاعتبار التغيرات في سيناريوهاتها بالمؤسسات.
و لهذا كانت خطة البحث التي اتبعناها كالاتي:
المبحث الاول: نشاة و تطور ادارة الموارد البشرية
المبحث الثاني: ادارة الموارد البشرية
المبحث الثالث: ادارة الموارد البشرية في المؤسسة
المبحث الرابع: الادارة الاستراتيجية للموارد البشرية

المبحث الاول: نشأة و تطور إدارة الموارد البشرية
المطلب الاول: نشأة إدارة الموارد البشرية
تشهد آثار وكتابات الحضارات القديمة على وجود فكر يوجه الموارد البشرية في بناء هذه الحضارات كما تقدم الأديان السماوية فلسفات عميقة للموارد البشرية في مجال الأعمال، وربما يحتاج الأمر من الباحثين الحاليين إلى إيجاد الروابط الواضحة بينها وبين الممارسات المعمول بها حاليا.
ولقد لعبت إدارة الموارد البشرية وما زالت أدوارا عدة في حياة المؤسسات، إذ أن الوظائف التي أنيطت بهذه الإدارة تطورت مع تطور الحاجات التي رافقت نشوء المؤسسات، ونمت تدريجيا لترافق بدورها التطور التاريخي الهائل الذي أوجدته العلوم المختلفة، وفي مقدمها العلوم الإدارية، وبالرغم من أن زمان و مكان إنطلاقة إدارة الموارد البشرية لم يعرفا بالتحديد، إلا أنه مع بداية العام 1800م أو ما قبله بقليل، برزت مسائل عدة تقع ضمن مسؤولية إدارة الموارد البشرية، وأصبحت قيد المناقشة و التطبيق في كل من إنكلترا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول.

المطلب الثاني: التطور التاريخي لإدارة الموارد البشرية
يمكن القول أن المفهوم الحديث لإدارة الموارد البشرية قد إستقر بعد عدة تطورات مر بها العنصر البشري وهو يمارس نشاطه، وتتمثل هذه التطورات التاريخية فيما يلي
الثورة الصناعية :
ظهرت هذه الثورة في العالم الغربي في القرن الثامن عشر، وظهرت في العالم العربي في القرنين التاسع عشر و العشرين، وأهم ما كان يميزها ظهور الآلات و المصانع الكبيرة، واستغنائها أحيانا عن العمال، واحتياجها أحيانا إلى عمالة متخصصة، كما أدى ذلك إلى سوء ظروف العمل (ساعات عمل طويلة، ضوضاء، أتربة، أبخرة، وغيرها…)، كما أدى الأمر إلى ظهور فئة ملاحظين ومشرفين أساءوا أحيانا إلى العاملين تحت إمرتهم، كما أدى الأمر أيضا إلى رقابة وروتينية العمل وسأم العاملين، ولقد أظهرت هذه الفترة الإحتياج إلى ضرورة تحسين ظروف العاملين.
ظهور الحركات العمالية :
مع مساوئ الثورة الصناعية، كان على العمال أن يتحدوا في مواجهة أصحاب الأعمال، وظهر ذلك في شكل إنتفاضات عشوائية، ثم إضرابات منظمة، ثم إنقلبت إلى تكوين إتحادات ونقابات عمال تطالب بحقوقهم وتتفاوض بإسمهم فيما يمس الأجور، وساعات العمل.
الإدارة العلمية :
حاول فردريك تايلور(Fredrick Taylor) أن ينظم العلاقة بين الإدارة والعمال وذلك من خلال عدة مبادئ أهمها: تصميم العمل وفق قواعد دراسات الحركة والوقت، والإختيار المناسب للعاملين، وتدريبهم، وإعطائهم أجور محفزة.
ظهور علم النفس الصناعي :
تلا حركة الإدارة العلمية إهتمام من علماء النفس بدراسة ظواهر معينة مثل الإجهاد والإصابات، وأهم ما ركزوا عليه هو تحليل العمل بغرض معرفة المتطلبات الذهنية والجسمية للقيام به، وركزوا أيضا على تطوير الإختبارات النفسية المناسبة للإختيار من بين المتقدمين لشغل الوظائف، ولقد أظهرت هذه الحركة نجاحا كبيرا في الشركات التي استخدمت أساليب تحليل العمل والإختبارات النفسية.
ظهور حركة العلاقات الإنسانية :
ركزت هذه الحركة على أن إنتاجية العاملين لا تتأثر فقط بتحسين ظروف العمل(مثل الإضاءة وساعات العمل)، بل وأيضا بالإهتمام بالعاملين، والنمط الإشرافي عليهم، والخدمات المقدمة إليهم، ولقد ظهرت هذه الحركة كنتيجة لتجارب مصانع”هاوثورن” والتي أشرف عليها “إلتون مايو” (Elton Mayo).
البدء في ظهور بعض ممارسات إدارة الأفراد :
كانت أولى المنظمات أخذا بمفاهيم الإدارة العلمية، وعلم النفس الصناعي، والعلاقات الإنسانية هي منظمات الجيش والحكومة(أي الخدمة المدنية)، وكان من أهم الممارسات: وضع شروط للتعيين، واستخدام الإختبارات النفسية، والإهتمام بأنظمة الأجور، وخدمات العاملين ومنع الفصل التعسفي.
البدء في ظهور بعض المتخصصين في إدارة الأفراد :
قامت بعض الشركات الكبيرة والأجهزة الحكومية والجيش بتوظيف عاملين متخصصين في الأنشطة المختلفة بدلا من الأفراد، مثل المتخصصين في مجالات التوظيف والتدريب، والأجور وخدمات العاملين، والأمن الصناعي والرعاية الطبية والإجتماعية للعاملين.
ظهور حركة العلوم السلوكية :
أثرت هذه الحركة(التي ظهرت في النصف الثاني من القرن العشرين) على تطوير ممارسات الأفراد لكي تتواكب مع التطور في العلوم السلوكية، ومن أمثلتها إثراء و تعظيم الوظائف، وتخطيط المسار الوظيفي ومراكز التقييم الإدارية، في تغيير ملامح كثير من وظائف إدارة الأفراد.
تدخل الدولة بالقوانين و التشريعات :
نشطت كثير من الدول في العقود الأخيرة من القرن العشرين في إصدار تشريعات تقنن بها العلاقة بين أصحاب الأعمال(أي المنظمات والشركات) والعاملين، ولقد ركزت هذه التشريعات على موضوعات من أهمها: الحد الأدنى للأجور، والتأمينات والمعاشات، والأمن الصناعي وصحة العاملين.

المطلب الثالث: العوامل المؤثرة في تطور إدارة تسيير الموارد البشرية
هناك العديد من الأسباب التي تفسر الإهتمام المتزايد بإدارة الموارد البشرية كوظيفة إدارية متخصصة وكفرع من فروع علم الإدارة، ومن هذه الأسباب :
• التوسع والتطور الصناعي الذي تم في العصر الحديث، ساعد على ظهور التنظيمات العمالية المنظمة، وبدأت تظهر المشاكل والصراعات بين الإدارة والعاملين، وحاولت الإدارة استخدام بعض الأساليب لمواجهة هذه المشاكل، ولكن ذلك لم يقلل من الحاجة إلى وجود إدارة متخصصة ترعى العاملين وعلاج مشاكلهم.
• التوسع الكبير في التعليم وفرص الثقافة العامة أمام العاملين، أدى ذلك إلى زيادة وعي القوى العاملة نتيجة إرتفاع مستواهم التعليمي والثقافي، وتطلب الأمر وجود متخصصين في إدارة الموارد البشرية، ووسائل حديثة أكثر مناسبة للتعامل مع هذه النوعيات الحديثة من العاملين.
• زيادة التدخل الحكومي في علاقات العمل بين العمال وأصحاب الأعمال عن طريق إصدار القوانين والتشريعات العمالية، ومن ثم ضرورة وجود إدارة متخصصة تحافظ على تطبيق القوانين المعقدة حتى لا تقع المنشأة في مشاكل مع الحكومة نتيجة لعدم إلتزامها بتنفيذ هذه القوانين.
• ظهور النقابات والمنظمات العمالية التي تدافع عن العاملين، وتطلب الأمر ضرورة الإهتمام بعلاقات الإدارة والمنظمات العمالية ومن ثم كانت أهمية وجود إدارة متخصصة لخلق التعاون الفعال بين الإدارة والمنظمات العمالية وإعداد سياسات جديدة للعلاقات الصناعية.

المبحث الثاني: إدارة الموارد البشرية و العوامل المؤثرة عليها
المطلب الاول: تعريف إدارة الموارد البشرية و العوامل المؤثرة عليها
اولا: تعريف ادارة الموارد البشرية
لقد اختلفت وجهات نظر المديرين في الحياة العملية في تحديد مفهوم موحد ومتفق عليه لإدارة الموارد البشرية ويمكن التمييز بين وجهتي نظر أساسيتين هما:
أ/ وجهة النظر التقليدية
يرى بعض المديرين أن إدارة الموارد البشرية ما هي إلا مجرد وظيفة قليلة الأهمية في المنشأة وتقتصر على القيام بأعمال روتينية تنفيذية من أمثلتها حفظ المعلومات على العاملين في ملفات وسجلات معينة ومتابعة النواحي المتعلقة بالعاملين مثل ضبك أوقات الحضور والانصراف والانجازات والترقيات ويبدو أن إدارة الموارد البشرية لم تخص بالاهتمام هؤلاء المديرين ، حيث يرون أن تأثيرها ضئيل على كفاءة ونجاح المنشأة وقد انعكس ذلك على الدور الذي به مدير إدارة الموارد البشرية ، وكذلك على الوضع التنظيمي لهذه الإدارة.
ب/ وجهة النظر الحديثة:
يرى البعض الآخر من المديرين أو إدارة الموارد البشرية تعتبر من أهم الوظائف الإدارية في المنشاة وهي لا تقل أهمية عن باقي الوظائف الأخرى : كالتسويق والإنتاج والمالية وكذلك لأهمية العنصر البشري وتأثيره على الكفاءة الإنتاجية للمنشأة ، وكذلك اتسع مفهوم إدارة الموارد البشرية ليشمل أنشطة رئيسية من أهمها تحليل وتوصيف الوظائف ، تخطيط الموارد البشرية ، جذب واستقطاب الموارد البشرية ، تحفيز الموارد البشرية ، تنمية وتدريب الموارد البشرية ، بالإضافة إلى النشاط التقليدي المتعلق بشؤون الموارد البشرية في المنشأة.

ج/أهم التعاريف لإدارة الموارد البشرية
التعريف الأول:
هي الإدارة التي تؤمن بان الأفراد العاملين في مختلف المستويات أو نشاطات المؤسسة هم أهم الموارد ومن واجبها أن تعمل على تزويدهم بكافة الوسائل التي تمكنهم من القيام بأعمالهم لما فيه مصلحتها ومصلحتهم وأن تراقبهم وتسهر عليهم باستمرار لضمان نجاحهم ونجاح العامة.
التعريف الثاني:
إدارة الموارد البشرية هي سلسلة القرارات الخاصة بالعلاقات الوظيفية المؤثرة في فعالية المنظمة والعاملين فيها.
التعريف الثالث:
يعرف فرانراش إدارة الموارد البشرية بأنها عملية اختيار واستخدام وتنمية وتعويض الموارد البشرية العاملة في المؤسسة.
التعريف الرابع:
يعرف فيليبو إدارة الموارد البشرية بأنها تخطيط وتنظيم وتوجيه ومراقبة النواحي المتعلقة بالحصول على الأفراد وتنميتهم وتعويضهم والمحافظة عليهم بغرض تحقيق أهداف المنشأة.

ثانيا: العوامل المؤثرة على إدارة الموارد البشرية
العوامل الاقتصادية:
إن حالة الاقتصاد الوطني والظروف المحيطة به تؤثر على الموارد البشرية الا أن المنظمات تتجه الى التوسع في الأنشطة الخاصة بإدارة الموارد البشرية في فترات الرواج وتقلصها في فترات الكساد.
العوامل القانونية:
ياتي اثرالعوامل القانونية على إدارة الموارد البشرية من خلال الانتقال من مجال يحكمه مبدأ «دعه يعمل» الى مجال آخر مقيد بقوانين فدرالية وقوانين الولايات وهذا من خلال تدخل التشريعات والقوانين في تحديد دور المنظمات العمالية وحقوقها، والحد الأدنى للأجور والحد الأقصى لساعات العمل وكل السياسات المتعلقة باستقطاب الأفراد ومقابلتهم، واختبارهم، وتدريبهم وأمنهم، وصحتهم وتوقيتهم وتقييمهم.
العوامل الاجتماعية:
يأتي أن هذه العوامل من خلال التغيرات الجوهرية في أسلوب مفتشية الأفراد وأسلوب تفكيرهم وهذا جعل نظرة الأفراد للدور الذي يجب أن تلعبه الحكومة في حياتهم قد يغير في اتجاه الاتساع.

العوامل التكنولوجية:
إن التقدم التكنولوجي الذي حدث في المجتمعات الآن قد صاحبه تغيرات جذرية في القوى العاملة كنتيجة لتغير حاجات ومتطلبات المنظمات ومن أهم هذه التغيرات التوسع المستمر في الأوتوماتيكية وزيادة الاعتماد على الحسابات الالكترونية.

المطلب الثاني: أهمية وأهداف إدارة الموارد البشرية
أولا : أهمية إدارة الموارد البشرية
تكمن أهمية إدارة الموارد البشرية فيما يلي:
– تهتم بالموارد الرئيسية في المنظمة و هم الأفراد
– لا توجد مؤسسة دون إدارة موارد بشرية
– تقوم بتطوير مهارات الأفراد العاملين بالمؤسسة
– تصنع الخطط المناسبة للتدريب.
– تقوم بدراسة مشاكل الأفراد ومعالجتها.
– تختار الأفراد المناسبين لشغل الوظائف.
ثانيا: أهداف إدارة الموارد البشرية
هناك نوعين من الأهداف هما المشاركة والفعالية.
المشاركة : وتتمثل فيما يلي:
• استقطاب واختيار الموارد البشرية القادرة على تحقيق أهداف المؤسسة
• التعريف بالمؤسسة بشكل سليم بحيث يرغب طالبي العمل في الانضمام إلى المنظمة.
• الاحتفاظ بالأفراد الناجحين في عمليات الاختيار.
• استقرار اليد العاملة في المنظمة.(5)
الفعالية :
وهي جعل القوى العاملة تنجز ما يطلب منها بنجاح ومثابرة وهي مرتبطة بعدة عوامل منها:
• تحفيز الأفراد
• تطوير قدراتهم ومهاراتهم
• مدهم بمهارات جديدة والمواد الكفيلة لتحقيق ذلك.
• مساعدتهم على التواصل إلى الأداء المرغوب فيه.
المطلب الثالث: وظائف إدارة الموارد البشرية
أ/الوظائف الرئيسية لإدارة الموارد البشرية
أ-1: الوظائف الأولى لإدارة الموارد البشرية: وتتمثل فيما يلي
تحليل العمل:
وتعني هذه الوظيفة التعرف على الأنشطة والمهام المكونة للوظيفة وتحديد المسؤوليات الملقاة على عاتقها وتصمم الوظيفة بشكل مناسب وتحديد مواصفات من يشغلها.
تخطيط القوى العاملة:
تعني تحديد احتياجات المنظمة من أنواع وأعداد العاملين ويتطلب هذا تحديد طلب المؤسسة من العاملين وتحديد ما هو معروف ومتاح منها والمقارنة بينها لتحديد صافي العجز والزيادة في القوى العاملة للمؤسسة
الاختيار والتعيين:
وتهتم هذه الوظيفة بالبحث عن العاملين في سوق العمل وتصفيتهم من خلال طلبات التوظيف والاختيار والمقابلات الشخصية وذلك لوضع الفرد المناسب في المكان المناسب .
تصميم هيكل الاجور:
وتهتم هذه الوظيفة بتحديد القيمة والأهمية النسبية لكل وظيفة وتحديد أجرها وتحديد الدرجات الأجرية للوظائف كما تهتم الوظيفة بإدارة سليمة لنظام الأجور حتى يتم ضمان مقابل للقيم والهيئات المختلفة للوظائف المختلفة.
أ-2: الوظائف الثانية
أي الوظائف التي تأتي بعد تحسين الفرد في عمله و تتمثل في:
تصميم أنظمة الحوافز:
وتعني منح مقابل عادل للأداء المتميز ويمكن تحفيز العاملين على أدائهم الجماعي فتظهر الحوافز الفردية والحوافز الجماعية وأيضا هناك حوافز على آداء المنظمة ككل.
تصميم أنظمة مزايا وخدمات العاملين:
تهتم المؤسسة بمنح عامليها كمزايا معينة مثل المعاشات والتأمينات الخاصة بالمرض والبطالة كما تهتم المنظمات بتقسيم خدمات للعاملين في شكل خدمات مالية واجتماعية رياضية وقانونية وقد تمتد إلى الإسكان والمواصلات وغيرها.
تقييم الأداء:
تهتم كل مؤسسة تقريبا بتقييم أداء موظفيها ويتم ذلك من خلال أساليب معينة وغالبا ما تقوم بتقسيم الرؤساء المباشرين بهدف التعرف على الكفاءة العامة للعاملين وبغرض التعرف على أوجه التطور في الأداء.

التدريب:
تمارس المؤسسة أنشطة التدريب بعرض رفع كفاءة الأفراد ومعارفهم ومهاراتهم وتوجيه واتجاهاتهم نحو أنشطة معينة على الشركة أن تحدد احتياجات المرؤوسين للتدريب وان تستخدم الأساليب والطرق المناسبة وأن تقيم فعالية هذا التدريب.
تخطيط المسار الوظيفي:
تهتم هذه الوظيفة بالتخطيط للحركات الوظيفية المختلفة للعاملين في المؤسسة وعلى الأخص فيما يخص النقل والترقية والتدريب ويحتاج هذا إلى التعرف على نقاط القوى لدى الفرد ونقاط الضعف لديه .
ب/ الوظائف المساعدة لإدارة الموارد البشرية
1- العلاقة مع النقابات :
وهي وظيفة تهتم بتنظيم العلاقات مع التنظيمات العمالية (النقابات) والتطرق إلى الموضوعات مثل الشكاوي والنزاعات العالمية والفصل من الخدمة.
2- أمن وسلامة العاملين: وهي تهتم بإجراءات الحفاظ على سلامة العاملين والأمن والصحة الاتجاهات النفسية السليمة لهم.
3- ساعات وجداول العمل : وتهتم هذه الوظيفة بتحديد ساعات العمل والراحة والإيجارات وفقا لنظام يناسب طبيعة المؤسسة ووضع نظام بتكفل بكفاءة العامل.

المبحث الثالث: ادارة الموارد البشرية في المؤسسة
المطلب الاول: موقع إدارة الموارد البشرية في الهيكل التنظيمي للمؤسسة
إن الهيكل التنظيمي يعني الصرح الرسمي المقرر من قبل إدارة المؤسسة بحيث أنها تبين جميع النشاطات والعمليات التنسيقية والمهام المختلفة التي يوكل بها أعضاء المؤسسة . ومن هنا فإن كل زيادة في حجم الأعمال والنشاطات التي تتطلبها المشاريع عادة ما يتبعها تعديل في الهيكليات ، وأحيانا تغيير في تصميمها ، فالمالك الوحيد لا يحتاج لهيكلة إدارية لأنه باستطاعته أن يقوم لوحده بكافة العمال الإدارية التي تتطلبها نشاطات مشاريعه الصغيرة ، سواء إنتاجية أو تسويقية أو ماليا ، لكن مع زيادة حجم المشاريع وكميات الإنتاج ، ويتعذر على صاحب العمل أن يؤدي لوحده الوظائف الإدارية ومنها وظيفة إدارة الأفراد ، ومن هنا بدأ التفكير جديا في تحدي وخلف إدارة الأفراد وتحديد موقعها من الهيكل التنظيمي للمؤسسة ، كنتيجة لتطور إدارة المؤسسات وتعدد أنواع المؤسسات وازدياد أحجامها وتعدد مالكيها وانتشارهم في كل مكان ، وثم رافق هذا التطور لإدارة الموارد البشرية تطورا في صلاحياتها وكان من بين غاياتها دعم الإدارات عن طريق تزويدها بالموارد البشرية الفاعلة والقادرة على تحقيق الأهداف المرجوة .بالرغم من تعدد الهياكل في المؤسسة فإننا نجد أن المؤسسات المتوسطة والكبيرة الحجم تعمد إلى تجميع وتقسيم الوظائف ضمن وحدة أو وحدات متخصصة في شؤون الموارد البشرية سواء عن طريق خلق جهاز مركزي لإدارة الأفراد له حق الإشراف الوظيفي على إدارة الفروع أو عن طريق اعتماد لا مركزي له حق التنسيق مع الفروع مع ترك الاستقلالية التامة لنشاطاتها الداخلية . من أكثر التقسيمات الهيكلية المعتمدة وخاصة لدى المؤسسات الصناعية والإنتاجية ، هو التنظيم الوظيفي على أساس العمليات أو النشاطات ذات الاختصاص الواحد أو الاختصاصات المتشابهة. بحيث أن كل قسم ، وحده وظائفيا القيام بالنشاطات المسندة إليه.
المطلب الثاني: اثر وظيفة الموارد البشرية على نجاح المؤسسة
هناك طرق محددة يمكن أن يظهر فيها هذا التأثيرو تتمثل في :
1- تخفيض التكلفة غيرالضرورية للعمل الاضافي من خلال زيادة الانتاجية أثناء العمل في الأيام العادية.
2- استبعاد الوقت الضائع للأفراد من خلال التنظيم الجيد للعمل.
3- الحد من تكلفة دوران عمل الأفراد والبطالة من خلال ممارسة علاقات صناعية جيدة وخلق جو عمل يساعد ؟على زيادة الرضا.
4- تصميم نظام فعال للصحة والأمن لتقليل الخسارة في الوقت والناجحة عن الحوادث والابقاء على التكلفة العلاجية وتعويضات العاملين في أدنى حد.
5- تنمية وتدريب الأفلراد بطريقة صحيحة لتمكينهم من تحسين قيمهم بالنسبة للمنظمة ولانتاج وبيع أفضل سلع وخدمات ذات جودة مرتفعة وبأدنى حد من التكلفة.
6- تقليل التكلفة العالية لفقد المواد من خلال التخلص نت العادات والاتاجاهات السيئة للعمل، وشروط العمل السيئة والتي تقود الى الأخطاء وعدم الاكتراث.
7- تعيين أفضل الأفراد المتاحين على كل المستويات للحصول على أفضل ما لديهم ولتجنب الزيادة التي لا حاجة للمنظمة بها.
8- الحفاظ على خاصية المنافسة في ممارسات الدع وبرامج المزايا والتي تمثل عوامل هامة في توفير مناخ تحفيزي وتدعيمي للأفراد.
9- تشجيع الأفراد بل أداء آرائهم فيما يتعلق بزيادة وانخفاض التكاليف.

المطلب الثالث: بناء الميزة التنافسية من خلال الموارد البشرية
تعرف الميزة التنافسية على انها اي عامل يسمح للمؤسسة ان تميز بين كمنتجاتها او خدماتها عن منتجات و خدمات المنافسين ، املا في زيادة حصتها السوقية.
و توجد العديد من الاستراتيجيات التنافسية التي يمكن للمؤسسة الاختيار من بينها وفقا لظرفها ، و تتمثل هذه الاستراتيجيات في :
* استراتيجية القيادة في التكاليف (اقل تكلفة في مجال معين)
* استراتيجية التمايز( التركيز على منتج ذو قيمة بالنسبة للمستهلك)
* استراتيجة التركيز ( التركيز على قطاع سوقي معين)
و لكن في ظل الاسواق التنافسية ، و في ظل العولمة الآن اصبح ليس كافيا للمؤسات ان تعتمد على صناعة منتج عالي الاتقنية لكي تتنافس في الاسواق العالمية ، و لكن الاكثر اهمية هو تحقيقها لميزة تنافسية من خلال خلقها لموارد بشرية اكثر كفاءة و التزاما و مهارة ، و اكثر قدرة على صنع هذه المنتجات .
فالموارد البشرية تعتبر اهم ميزة تنافسية للمؤسسات ، حيث زاد ادراك المنظمات لامكانية لامكانية تحقيقها لميزة تنافسية من خلال قوة عاملة اكثر جودة و التي تساعدها في المنافسة على اساس سرعة الاستجابة للسوق ، جودة المنتج و الخدمة ، و المنتجات المتمايزة و الابتكارات التكنولوجية .
و قد ادت هذه النظرة المتطورة للموارد البشرية و اعتبارها ميزة تنافسية الى نمو مجال جديد هو الادارة الاستراتيجية للموارد البشرية.

المبحث الرابع: الادارة و التخطيط الاستراتيجي للموارد البشرية
المطلب الاول: إدارة الموارد البشرية في المستقبل
قدمت نظرية الاستثمار البشري في مجال الاقتصاد مفاهيما أكثر عمقا للأفراد فتحولت إدارة الأفراد الى إدارة للموارد البشرية أسوة بالموارد الأخرى في المنظمة مثل الموارد المالية وقد ساعد هذا على زيادة إحتمالات تطبيق المنظمةنفس أساليب إدارتها لمواردها المادية على إدارتها لمواردها البشرية.
ومن هنا كان من الضروري تبني وجهات نظر جديدة تجاه الموارد البشرية يختلف عن وجهات النظر التقليدية والتي لم تدرك الأهمية الحقيقية والدور الرسمي الذي تلعبه الموارد البشرية في انجاح سياسات المنظمة ككل.
وبالرغم من ظهور نظرية الاستثمار البشري لشولتز في الستينيات الا أنها لم تطبق في مجال إدارة الموارد البشرية الا حديثا، فقد استخدمت بعض التطبيقات العملية المرتبطة بالاستثمار البشري مثل: تقديم البرامج التدريبية، والمنح الدراسية للأفراد، والتخطيط طويل الأجل للموارد البشرية ككل دون وعي أو إدراك حقيقي من جانب المنظمات بتطبيقها لمبادئ ومفاهيم نظرية الاستثمار البشري، و بالتالي الاتجاه الى مفهوم أكثر شمولا لإدارة الموارد البشرية وهو المفهوم الاستراتيجي وأيضا الاتجاه الى استحداث أساليب ونظم جديدة لتدريب وتحفيز وتقييم أداء الأفراد بما يعكس الاختلافات الفردية.
و من هنا حدد بعض الباحثين أكثر المجالات التي حدثت فيها تطورات في كل الموارد البشرية في فترة الثمانينات.
1- قياس الموارد البشرية: حيث حاولت كثير من المنظمات زيادة محاولتها لفهم تكلفة رأس المال البشري من خلال برامج محاسبة الموارد البشرية.
2- الدفع على أسس الأداء: فهناك إتجاه متزايد تجاه مكافأة الأفراد على أساس فردي وفقا لأداء وانتاج كل فرد.
3- خطط التشكيل والخصائص السكانية: فيجب تنمية خطط تشكيل الأفراد وفقا للخصائص الديموغرافية للأفراد مثل السن والجنس وأيضا وفقا للتقلبات الاقتصادية الدورية.
4- سياسة الحد من زيادة تكلفة المنافع: حيث تزيد المنظمات من مجهوداتها لتخفيض تكلفة المنافع ولتحصل على أكبر منفعة ممكنة من كل ما ينفق على كل منفعة من خلال خطط المنافع المرنة.

المطلب الثاني: الإدارة والتخطيط الاستراتيجي للموارد البشرية
اولا:الادارة الاستراتيجية للموارد البشرية
زاد في الآونة الأخيرة إدراك المنظمات لأهمية وفعالية إدارة وتخطيط الموارد البشرية كأهم عامل مؤثر على نجاح الأعمال سواء على المستوى الفردي أو مستوى المنظمة أو على المستوى الافتصادي ككل، وقد ساهمت العديد من العوامل في زيادة شعورالمديرين بالأهمية المتزايدة لتخطيط الاستراتيجي للموارد البشرية ومن أهم هذه العوامل:
– تأثير بعض القوانين والتسريحات المتعلقة بالقوى العاملة على الحد الأدنى للأجور وازدياد معدلات التضخم، والذي يزيد من التكلفة المباشرة للموارد البشرية لكل المنظمات وأيضا يزيد من التكلفة غير المباشرة نتيجة ارتفاع تكلفة التأمينات الاجتماعية والصحية وهذا ما أدى الى التركيز على انتاجية الموارد البشرية كوسيلة لتخفيف الآثار المترتبة على التصاعد المستمر لزيادة الأسعار، وبناءا على هذا فإن مفهوم التخطيط والدورة الاستراتيجية للموارد البشرية يمدنا بمكون أو عنصر هام من مكونات الفلسفة الجديدة اللادارة.
– ومن الضروري قبل الخوض في الحديث عن مكونات التخطيط الاستراتيجي على مستوى المنظمة أن تعرض لتعريف مفهوم الادارة الاستراتيجية بصفة عامة والادارة الاستراتيجية للموارد البشرية بصفة خاصة.
تنطوي الادارة الاستراتيجية على عملية التخطيط طويل الأجل والتي تهدف الى تحديد الأهداف التنظيمية وتقرير البرامج الشاملة للتصرفات والأفعال اللازمة لتحقيق هذه الأهداف كما تنطوي الادارة الاستراتيجية على التعرف على الفرص والتهديدات الموجودة بالبيئة الخارجية وإعداد التصرفات لمواجهتها مسبقا.

ثانيا: التخطيط الاستراتيجي للموارد البشرية
يعرف التخطيط الاستراتيجي للموارد البشرية بصفة عامة على أنه مجموعة من الأفعال والتصرفات المنسقة والتي تهدف الى تكامل كل من البيئة التنظيمية والمنظمة والأفراد و الانظمة ، وتتوقف قدرة المؤسسة على تبني الاتجاه الاستراتيجي لإدارة مواردها البشرية بل قدرتها على تنسيق بيئة تكون فيها:
1- الموارد البشرية عنصرا متكاملا مع عناصر العمل الأخرى.
2- الموارد البشرية متضمنة في كل قرارات العمل الاستراتيجية.
3- القرارت المتعلقة بالموارد البشرية منبثقة أساسا من حاجة العمل الفردية.
4- أنشطة الموارد البشرية متكاملة وداعمة لبعضها البعض بدلا من معاملتها لأنشطة مستقلة.
ويتضمن التخطيط الاستراتيجي للموارد البشرية المشاركة الاستراتيجية لإدارة الموارد البشرية في تكوين وإعداد وتطبيق استراتيجية العمل ككل من خلال تنمية مفاهيم وأدوات للمشاركة في وضع الخطط طويلة الأجل على مستوى المنظمة وبهذا تقوم إدارة الموارد البشرية بتحقيق التكامل بين كل من أنظمة التفويضات وأنظمة المعلومات الخاصة بالأفراد.
ويمكن تحديد بعض العناصر الهامة للتخطيط الاستراتيجي والآثار المحتملة لها على تخطيط الموارد البشرية كالآتي:
1- تحديد فلسفة المنظمة:
فأجل خطوة من خطوات الادارة الاستراتيجية تتمثل في الاجابة على مجموعة من التساؤلات مثل:
– لماذا يوجد العمل أصلا؟
– ما هي الاسهامات التي يمكن تحقيقها من جراء القيام بهذا العمل؟
– ما هي دوافع أو قيم المديرين وأصحاب العمل؟
فمثلا بالنسبة لمنظمة ما قد يمثل تقديم وتوفير فرص للتوظف والترقية للأفراد فرضا هاما يبرر وجود هذه المنظمة في مجال الأعمال.
2- دراسة الظروف البيئية:
وهي تنطوي على تحديد ماهية التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية والسياسية التي تحدث في البيئة الخارجية، فحسب الفرص أو التهديدات وتتمثل هذه الفرص والتهديدات في بعض الأمور ومنها: عرض العمالة، والمتطلبات القانونية المتزايدة والتي تحكم سياسات وممارسات إدارة الموارد البشرية، والتغير التكنولوجي الريع.
كل هذه الأمور السابقة تؤثر على العمل أيضا يجب الالمام باستراتيجيات المنافسين المتعلقة بالموارد البشرية حيث يمكن أن تؤثر هذه الاستراتيجية على الاتجاهات المستقبلية للعمل مثل القدرة على جذب والحفاظ على أفضل المهارات البشرية المتاحة.

3- تقييم نقاط القوة والضعف للمنظمة:
أي تحديد ماهية العوامل التي قد تقوي أو تضعف وتحد من اختيار تصرفات معينة من مجموعة التصرفات المستقبلية المحتملة للمنظمة ومن أمثلة المشاكل الشائعة التي قد تعوق التخطيط الاستراتيجي للقوى العاملة هي: وجود بعض العاملين كبار السن، أو التح…الزائد للقوى العاملة والذي يحد من القدرة على الحراك للأفراد في المراكز الرئيسية أو النقص في فرص الترقية للأفراد وذوي الاحتمالات المستقبلية العالية.
4- تنمية الأهداف و الغايات :
أي تحديد ماهية أهداف المبيعات أو الأرباح، أو العائد على الاستثمار المطلوب لتحقيقه؟ وما هو الزمن المحدد المطلوب لتحقيق هذه الأهداف من خلاله وكلما تمكن المديرون من تحقيق هذه الأهداف كلما زاد الالتزام في الاستراتيجيات المحددة.
5- تنمية الاستراتيجيات:
أي تحديد مجموعة الأفعال والتصرفات التي يجب أن تتبعها المنظمة لتحقيق وترقية أهدافها؟ وما هي البرامج اللازمة لتحقيق وتنفيذ الاستراتيجيات؟ وما هي التغيرات المطلوبة في الهيكل التنظيمي والعمليات الادارية والموارد البشرية.
وفي هذا المجال اظلخير يكون التركيز منصبا على تخطيط الموارد البشرية، وكيفية الحصول عليها وتحديد المهام والواجبات الموكلة إليهم، وتنميتها واستخدامها الاستخدام الأمثل وانهاء خدماتها كل هذا يفرض تشكيل المنظمة بطريقة سليمة ويمثل هذا نقطة التقاء تخطيط الموارد البشرية والتخطيط الاستراتيجي.

ثالثا:المزايا المحققة من التخطيط والاداة الاستراتيجية للموارد البشرية
يمكن استخلاص عدد من المزايا والمنافع التي تستطيع المنظمة تحقيقها من تطبيق الإدارة والتخطيط الاستراتيجي للموارد البشرية ومنها:
1- استخدام الخطط الاستراتيجية كمرشد ودليل للمنظمة لتحديد التغيرات الهامة والتكيف معها بفعالية، وخلق منظمة قادرة على التحكم والتكييف مع المتطلبات الحالية والمستقبلية.
2- زيادة قدرة المنظمة لتحديد أهدافها المتعددة و الاعتراف بنقاط الضعف والقوة والفرص والتهديدات في المنظمة وتحديد البرامج التنفيذية للتعامل معها.
3- زيادة قدرة المنظمة بل التنبؤ باحتياجاتها من الموارد البشرية كما ونوعا وتنميتها بصورة تتفق مع تحقيق أهدافها الاستراتيجية.
4- خلق وسيلة للربط بين السياسات وأنظمة الموارد البشرية متضمنة سياسات التدريب وتنمية الأفراد باستراتيجية العمل ككل.
5- زيادة الانساق والتوافق بين خطط الموارد البشرية والعمليات التنفيذية.
6- زيادة فعالية استخدام الموارد البشرية وتحسين انتاجيتها وخفض معدل الحوادث، ومعدل دوران العمل ومعدل دوران العمل ، و معدلات الغياب .
خاتمة:
من خلال ما تقدم تبين لتا بأن إدارة الموارد البشرية تعتبر بمثابة القلب النابض للإدارة الحديثة وذلك لأنها تضطلع بوظائف ومهام تعزز مكانتها في الهيكل التنظيمي للمؤسسة وتجعلها وسيلة من وسائل البقاء والديمومة في النشاط والنجاح.



السلام عليكم
بارك الله فيك اخي اكريم
تحياتي

merciiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii iiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii iiiiiiii

السلام عليكم كل عام وان ألف مبروك .. لقد سعدت بهذا الخبر تم بخير.

مشكووووووووور

التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

محاضرات المؤسسات السياسية و الادارية في الجزائر


السلام عليكم
محاضرات مقياس المؤسسات السياسية و الادارية في الجزائر

جامعة الجيلالي اليابس -سيدي بلعباس-

[إن نشأة الدولة بمفهومها القانوني تقتضي وجود سلطة يخضع لها جميع أفراد الجماعة و بالتالي توجد دولة لا تملك سلطة على رعاياها و السلطة في النهاية ترد إلى إرادة الأمة و لا يقر بمشروعيتها إلا إذا كانت مستمدة من هذه الإرادة و عليه فإن الحديث عن السلطة من جانبها المؤسساتي و الإداري لأمر بالغ الأهمية بالنظر إلى ما يحمله من أفكار و تصورات طالما شغلت الباحثين و المفكرين غير أن الحديث عن المؤسسات السياسية والإدارية في الجزائر لأمر يستحق الدراسة بعناية كبيرة و ذلك من منطلق ما أثير حولها من تساؤلات خصوصا من الجانب ألممارسي التطبيقي أو العملي.

-التطور المؤسساتي ما قبل 1996:
إن الجزائر و خلافا لبعض الدول المستعمرة عرفت فراغا مؤسساتيا حيث لم تعرف وجود مؤسسات وطنية سابقة على الاستعمار و هكذا فإنه عقب الاستقلال أوكلت مهمة تحضير الوثيقة الدستورية إلى ندوة الإطارات و قدم الدستور في شكل اقتراح قانون إلى البرلمان للموافقة عليه ثم عرضه على الاستفتاء الشعبي و بذلك أقــر دستور 1963 الذي تميز بجمعه تقليد المؤسسات السياسية الغربية من خلال برلمان منتخب و تبني مسؤولية الحكومة أمام البرلمان و قد أرسى دستور 1963 دعائم قوية لمركز رئيس الجمهورية لإعطاءه صلاحيات جد واسعة. كما أسس هذا الدستور لفكرة الأحادية الحزبية التي تمثلت في جبهة التحرير الوطني بدعوى المحافظة على الوحدة الوطنية. و إذ كان تم توقيف العمل بهذا الدستور لفترة وجيزة على تبنيه وفق مبررات مرتبطة بالوضع على الحدود الغربية إلا أن هذا شكل جوا متميزا بعدم الاستقرار الأمر الذي انتهى إلى التصحيح الثوري
بعد 19جوان 1965 دخلت المؤسسات السياسية في الجزائر مرحلة جديدة تختلف عن المراحل السابقة فتم الرجوع إلى الشرعية الثورية، و هكذا انتقلت السلطة إلى مجلس الثورة بموجب الأمر 10جويلية 1965، و بالتالي طغت المؤسسات المنبثقة عن حركة 19جوان ممثلة في مجلس الثورة و مجلس الوزراء، إلا أن العودة إلى الشرعية الدستورية كانت ضرورة حتمية عجلت بظهور دستور 1976 و فيه اخذ مفهوم الدولة معنى جديد فهي السلطة و النظام و وحدة الشعب، وهكذا وضع حد للشرعية الثورية و اتجهت السلطة إلى بناء نظام سياسي ينشئ مؤسسات دستورية تنمي المشاركة السياسية و بالنتيجة تكريس نظام سياسي مد ستر و بالتالي صدر الميثاق الوطني.
الأول ذو طابع سياسي إيديولوجي رئاسة الدولة
الثاني يعتبر تكريسا قانونيا للأول و الذي بموجبه تم إنشاء مؤسسات سياسية جديدة المجلس الشعبي الوطني.
إلا أن الوضع الجديد الذي ميز بناء المؤسسات بعد 1976 و الذي كان ينبغي أن يتبع بموجة أخرى من الإصلاحات التي تدعم و تقوي بشكل اكبر هذه المؤسسات الجديدة و قد كان أول تعديل للدستور سنة 1976 الذي مس: الجهاز التنفيذي الذي عرف توسيعا كبيرا للصلاحيات التي يمارسها رئيس الجمهورية لمراجعة باقي المؤسسات السياسية يتبع مسار الإصلاح الدستوري بتعديل أخر بإنشاء مجلس المحاسبة، إلا أن هذه الإصلاحات أدت في النهاية إلى تردي الأوضاع من الجانبين الاقتصادي و السياسي خصوصا بعد الأزمة الاقتصادية العالمية و هو الأمر الذي عجل بانفجار الوضع سنة 1988 .
و هذه الإصلاحات مست الجانب المؤسساتي حيث استحدث منصب رئيس الحكومة و تبنى الثنائية القطبية للجهاز التنفيذي و تم إلغاء المادة 111 من دستور 1976 و التي تنص على ان رئيس الجمهورية يجسد وحدة القيادة السياسية للحزب و الدولة و كرست الأمر في 23فيفري 1989.
هذا الدستور جاء ليعبر عن نظام مؤسسي جديد قاعدته سيادة الشعب و يهدف إلى إرساء نظام ديمقراطي عن طريق انتخاب الشعب لممثلي في ظل التعددية الحزبية.
إلا أن دستور 1989 اخفق في تنظيم الحياة السياسية من النقلة المفاجئة التي عرفتها البلاد لاعتناقها لنظام كان أساسه الاشتراكية إلى تنظيم ليبرالي مختلف تماما على ما كان عليه الأمر في السابق كل ذلك هيأ لازمة دستورية سنة 1992 نتجت عنها استقالة رئيس الجمهورية و تزامنها مع حل المجلس الشعبي الوطني فحلت محلها مؤسسات انتقالية توزعت على فترتين هما: 1992-1994/ 1994-1997.
الا ان الرغبة للعودة الى الشرعية و المسار الديمقراطي كانت بادية من توجه السلطة سنة 1994 فقلصت المرحلة الانتقالية الثانية و انتخب رئيس الجمهورية و تم عن ذلك مباشرة ثورة قانونية في تاريخ الجزائر انتهت بتبني دستور 1996 الذي كان ثمرة حوار جدي مع مختلف التشكيلات السياسية و الحزبية لينهي المرحلة الانتقالية باعادة انتخاب المجلس الشعبي الوطني و سنة 1997 بتقاسم العملية التشريعية مع مجلس اخر هو مجلس الامة و تكريس الثنائية القطبية و تبني مبدأ الازدواجية القضائية و بالتأسيس للقضاء الاداري المستقل عن القضاء العادي.

المــــــــــؤسسة التــنفيــــــــــــــذيــــــــة:

ان المتمعن للفترات الدستورية التي شهدها النظام السياسي الجزائري يصل الى نتيجة مفادها ان المؤسسة التنفيذية هي اقوى مؤسسة سياسية في البلاد حيث احتلت المركز الموجه و المهيمن و كان لها دور مؤثر في عملية التحول نحو التعددية السياسية و اصبحت في ظل الاصلاحات السياسية مزدوجة التكوين (رئيس الجمهورية و رئيس الحكومة) و التساؤل الذي يطرح حول مركز رئيس الجمهورية و مكانته في النظام السياسي الجزائري وعلاقته بالحكم.

أ-مؤسسة رئاسة الجمهورية:

احتل رئيس الجمهورية على امتداد الفترات الدستورية التي عرفتها الجزائر انطلاقا من دستور 1963-1976 انتهاءا بدستور 1996 مكانة بارزة و متميزة استمدها خصوصا من طريقة اختياره من جهة و السلطات المخولة له من جهة اخرى و كذلك الوسائل السياسية التي طالما عززت من موقعه الى جانب الوسائل القانونية التي اكدتها النصوص و التي مكنته من الحفاظ على مركزه السامي على كل المؤسسات، فالدساتير الجزائرية المتعاقبة منذ الاستقلال اجمعت على انتخاب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع العام المباشر والسري من بين مجموعة من المترشحين وفق شروط حددها الدستور والقانون معا على ان يتم الفوز بالحصول على الاغلبية المطلقة من اصوات الناخبين المعبر عنهم و قد وضع الدستور الجزائري مقابل ذلك مجموعة من الشروط التي ينبغي توافرها في اي مواطن جزائري حتى يتسنى له خوض غمار الرئاسيات ومن جملة هذه الشروط ان يكون: (انظر الدستور الجزائري).
بالاضافة الى هذه الشروط الدستورية حددت ايضا شروط قانونية من اهمها:
ان يجمع المواطن الراغب في الترشح لرئاسة الجمهورية 600 توقيع لاعضاء منتخبين في المجالس المنتخبة وطنية أو ولائية أو بلدية أو 75 ألف من توقيعات المواطنين موزعة على 25 ولاية على ان لا يقل عدد الموقعين عن 1500 موقع لكل ولاية شانها في ذلك شأن الحالة الاولى.
اما بالانتقال الى صلاحيات رئيس الجمهورية في الحالات العادية فهم يتمتع بمركز مرموق يعلو فوق جميع المناصب السياسية في الدولة و يلعب الدور الرئيس قي توجيه شؤون الحكم فيه اذ جاء الى منصبه بانتخابات صوت له اغلبية الشعب فيها لذلك يعتبر رئيس الجمهورية الممثل الاول للشعب و المعبر عنه و رعاية مصالحه و تحقيق اهدافه و الساهر على حماية استقلال دولته و يكون من الطبيعي اذن ان يتمتع هذا الرئيس المنتخب من الشعب بسلطات هامة وعليه باعتباره حامي الدستور و مجسد وحدة الامة و مجسد الدولة داخلها و خارجها، فانه يتمتع بصلاحيات واسعة جدا في المجالين الداخلي والخارجي.
و من هنا فالصلاحيات التي يمارسها داخليا هي انه يتولى القيادة العامة للقوات المسلحة و مسؤولية الدفاع الوطني فهو همزة الوصل بين عديد من الهيئات الامنية والعسكرية وهو رئيس المجلس الاعلى للامن و هو الهيئة الامنية المنصوص عليها في المادة 173 كما يملك رئيس الجمهورية صلاحية التعيين بالوظائف العسكرية دون قيد، كما يتولى رئيس الجمهورية مسؤولية الدفاع الوطني و هو ما تجسد خلال جمع رئيس الجمهورية بين منصبه و منصب وزير الدفاع الوطني، كما منح الدستور له رئاسة مجلس الوزراء الذي يباشر عدة مهام كدراسة مشاريع القوانين قبل عرضها على البرلمان و كذا المصادقة على المراسيم التي تصدر في مجلس الوزراء كما يستمع لمجلس الوزراء في الحالات الاستثائية و بالمقابل منح الدستور لرئيس الجمهورية صلاحية الاعتراض على القوانين المتأتية من المجلس الشعبي الوطني على انه يمكن له ان يطلب اجراء المداولة الثانية على قانون تم التصويت عليه من طرف البرلمان او بين دورتيه.
كما يرأس المجلس الاعلى للقضاء و هو الامر الذي اعتمدته العديد من الدساتير من بينها الدستور الفرنسي و هذا الجهاز يعنى بتعيين القضاة و نقلهم وسير سلمهم الوظيفي فرئيس الجمهورية هو صاحب الاختصاص في تعيين القضاة غيران ذلك التعيين بقرار من المجلس الاعلى للقضاء.
اما الصلاحيات التي يمارسها خارجيا فهي الحق في اعتماد سفراء الجمهورية و المبعوثين فوق العادة و الوزراء و ينهي مهامهم و استلام اوراق اعتماد الممثلين الدبلوماسيين الاجانب و اوراق انهاء مهامهم، كما يقرر السياسة الخارجية للامة و حتى ابرام المعاهدات الدولية و المصادقة عليها.
اما اذا انتقلنا للحديث عن سلطات رئيس الجمهورية في الحالات الاستثنائية فنجد ان دستور 1996 اعطى له سلطات واسعة و كبيرة جدا اثناء الظروف الاستثنائية فرئيس الجمهورية هو الذي يقرر حالة الطوارئ و الحصار كما يمكنه تقرير الحالة الاستثنائية اذا كانت البلاد مهددة بخطر داهم يوشك ان يصيب مؤسساتها الدستورية و استقلالها و سلامة ترابها، كما منح صلاحية اعلان الحرب اذا ما تبين انه وقع عدوان فعلي على البلاد او وشك ان يقع.
و خلاصة القول انه اذا كانت المؤسسات السياسية الجزائرية كلها تعمل حول رئيس الجمهورية في حالة السلم فانها في حالة الحرب لا تتقلص و تجتمع في يد رئيس الجمهورية.

ب- مؤسسة رئاسة الحكومة:

في النظام الدستوري الجزائري هي الطرف الثاني في المؤسسة التنفيذية و تتكون من رئيس الجمهورية و من عدد من الوزراء يختارهم رئيس الحكومة و يقدمهم الى رئيس الجمهورية حسبما تقتضيه الحاجة و المصلحة العامة يجتمعون في مجلس واحد متجانس و متضامن يسمى مجلس الحكومة و بحضور رئيس الجمهورية يسمى مجلس الوزراء، و قد تطور مفهوم الحكومة في النظام الدستوري الجزائري حيث انه و بالرجوع الى التسميات التي اعتمدت نجد رئيس المجلس في حكومة احمد بن بلة المستمد من دستور 1946 الفرنسي و الذي نجد اصلها في الجمهورية الثالثة و في قانون 03ديسمبر 1934 و هي التسمية رغم تبنيها عمليا اثر موافقة المجلس الوطني التأسيسي على أول حكومة لرئاسة احمد بن بلة هو الأمر الذي دفع بمؤسس دستور 1976 الى اعادة النظر في هذه التسمية بالنظر الى الانتقادات التي وجهت اليها و استعمال تسمية الوزير الأول التي يعود تاريخها الى النظام البريطاني ثم تلقفتها العديد من الدساتير و منها الدستور الجزائري.
كما أنه أصبح رئيس الجمهورية ملزما بتعيين وزير أول بعدما كان مخيرا قبل ذلك، فهولا يمارس أية سلطة تذكر سوى بمساعدة رئيس الجمهورية و تنسيق العمل الحكومي و تطبيق القرارات المتخذة، إلا أن دستور 1989 تبنى لقب رئيس الحكومة الذي ورد في تعديل 03 نوفمبر1988 حيث اعتبر اللقب أوسع و أشمل من لقب الوزير الأول لأنه لا ينفي التمايز بين الوزير الأول و الوزراء من حيث الرتبة و إنما يعني أيضا أن رئيس الحكومة يختارهم و يوزع الصلاحيات بينهم و يترأس مجلس الحكومة و يضبط برنامج حكومته و يتحمل المسؤولية السياسية أمام البرلمان و باستقالته و ابعاده تتغير الحكومة و هذا النهج هو الذي حافظ عليه الدستور الى غاية التعديل الدستوري 2022 حيث أعاد العمل بمنصب الوزير الأول و ألغي منصب رئيس الحكومة و هي إشارة من المؤسس الدستوري الى العودة إلى النظام الرئاسي.

الحكومة بين التكليف و انهاء المهام في دستور1996:

1 السلطة المختصة بتعيين الحكومة:

يؤدي رئيس الجمهورية بالنظر الى موقعه القيادي و إلى التقارير التي أرساها المؤسس الدستوري منذ الإستقلال دورا راجحا داخل النظام السياسي الجزائري لا تنافسه فيه أي سلطة أو مؤسسة دستورية أخرى، و يتبن ذلك من خلال تقفي حركية النصر و حركية التطبيقات الجارية عليه فإن رئيس الجمهورية ينفرد بتعيين رئيس الحكومة حسب ما تنص عليه المادة 77 فقرة 5 من دستور 1996 “يعين رئيس الجمهورية رئيس الحكومة و ينهي مهامه” إلا أنه إذا كان لرئيس الجمهورية حرية التعيين فإن ذلك لا يعني أنه يتمتع بحرية مطلقة من كل قيد باعتباره حامي الدستور و ضامن استقرار المؤسسات، عليه عند توقيع التعيين البحث عن الشخص المناسب للمنصب و مراعاة بعض المقاييس التي تضمن استمرار بقاء من وقع عليه الاختيار.

الاعتبارات الموضوعية عند تعيين رئيس الحكومة في دستور 1996:

إن تبني التعددية السياسية و الحزبية تتحكم في مسألة التعيين و من تم فإن سلطة رئيس الجمهورية مشروطة بالحياة السياسية التي تتقاسمها عدة تيارات سياسية و حزبية ففي حالة نظام الحزب المهيمن و كون الأغلبية البرلمانية و الرئيس من حزب واحد، فإن رئيس الجمهورية يستطيع أن يختار من يشاء لرئاسة الحكومة و حتى أعضائها أنفسهم كون الأغلبية البرلمانية تجد في سياسته ما يحقق برنامجه الذي هو برنامج رئيس الجمهورية.
أما في حالة ما إذا كانت الأحزاب المعارضة في البرلمان لا تحتوي على أغلبية هنا معارضا أو ائتلافا حزبيا معارضا لرئيس الحكومة يعين رئيس الجمهورية و يكون مجبرا سياسيا و ليس قانونيا على اختيار رئيس الحكومة من المعارضة لأجل الحفاظ على استمرار استقرار المؤسسات السياسية، إلا أن الدستور الجزائري قد منح في النهاية لرئيس الجمهورية صلاحية تعيين رئيس الحكومة دون قيد أو شرط قانوني و قد فرضت سلطة رئيس الجمهورية نفسها في هذا الصدد مدفوعة بقوة مصدره الإنتخابي، فإذا كان الرئيس الفرنسي مثلا وفقا لأحكام دستور 1958 يتقيد بمبدأ الأغلبية البرلمانية عند تعيين الوزير الأول فإن الرئيس الجزائري الأحرج عليه في ذلك و لعل مرد ذلك أن النظام الانتخابي الجزائري يأخذ بأسلوب نسبي.

طريقة تشكيل الحكومة:

إن تركيبة الجهاز الحكومي تعرف تزاوجا و تداخلا بحيث لا يتوقف تشكيلها على جزء من السلطة التنفيذية المقصود بها ادارة رئيس الدولة دون رئيس الحكومة في اختيار الأعضاء و توزيع الحقائب عليها بل بتظافر جهودها معها الأول بالتعيين و الثاني باجراء مزدوج ينطوي على انجاز المشاورات و القيام بالاقتراح حفاظا على الانسجام و الاستمرارية و بعد التعرف على الجانب الشخصي المنصب على رئيس الحكومة تتجه نحو الحكومة باعتبارها هيئة حماية غير منفصلة عن رئيسها من حيث طرق تركيبها و القواعد العامة التي تحتكم اليها فإذا كان رئيس الدولة يعين رئيس الحكومة فإن هذا الأخير من جهته يقوم باختيار أعضاء فريق حكومي و توزيع المهام بينهم.

إجراءات تـأليف الجهاز الحكومي:

إن رئيس الحكومة أو الوزير الأول حسب التعديل الدستوري الجديد بعد تعيينه يبدأ في اجراءات و مشاورات مع مختلف التشكيلات السياسية من أجل تشكيل حكومته و أهمها الأحزاب السياسية ذات النفوذ في البرلمان، فالبرلمان التعددي يكون مشكلا من كتل برلمانية حزبية تمتلك سلطة الموافقة على برنامج الحكومة فيما كان معمول به في دستور 1996 و الوزير الأول في التعديل الأخير يقدم مخطط عمل الحكومة و نشاطها بعد المناقشة لهذا يحرم رئيس الحكومة أو الوزير الأول من اخيار اعضاء حكومته حتى يكون هنالك تنويع في التمثيل الحزبي فيها، للحفاظ على استقرارها وديمومتها و ضمان مرور برنامجها أو مخطط عملها، فرئيس الجمهورية يعين الوزير الأول في اطار التعددية الحزبية و القيم الديمقراطية عرفيا لا دستوريا من الحزب الفائز بالأغلبية.
إن لرئيس الجمهورية سلطة تقديرية واسعة في تعيين الوزراء إلا أنه للتفسير و التوضيح أكثر نكون بصدد الحالات التالية:
الحالة الأولى: نفترض اقتران بين أغلبيتين (رئاسية، برلمانية) فبالتأكيد رئيس الجمهورية سيتمتع بحرية في انتقاء الوزراء، فتشكيلة الحكومة سيتم اختيارها بما فيها الوزير الأول وفق رغبة رئيس الجمهورية دون الآخر بالاعتبار لمسألة الحزب الفائز بالأغلبية.
الحالة الثانية: نفترض أنه لم يحصل اقتران بين الأغلبيتين فالراجح في أغلبية الأنظمة البرلمانية أن رئيس الحكومة أو الوزير الأول و الطاقم الوزاري يعين من الفاعلية البرلمانية و بالتالي تكبح من الرئاسية في هذا الصدد و بالنتيجة تولى السلطة حسب مقتضيات الأغلبية المطلقة و بالتالي يتطلب الائتلاف بين حزبين أو أكثر و بالطبع يكون رئيس الجمهورية في وضع مريح من حيث اختيار الوزير الأول و الوزراء خصوصا إذا كان حزبه داخل التكتل السياسي القائم على الائتلاف و يمكن أن يكون حزب الرئيس خارج الائتلاف و مع ذلك لرئيس الجمهورية أن يعين كما يرى الوزير الأول و أعضاء الحكومة لأن الدستور الجزائري لا يحدد بنص صريح أن يختار الطاقم الحكومي من الأغلبية البرلمانية.
و هكذا بالنتيجة يصدر المرسوم الرئاسي المتضمن تشكيل الحكومة إلا أنه و إذا كنا قد أشرنا إلى أن رئيس الحكومة يختار أعضاء الحكومة أو الوزير الأول و يقدمهم لرئيس الجمهورية لأجل تعيينهم نتساءل هل يمكن لرئيس الجمهورية أن يعترض على أحد الوزراء أو مجموعة من الوزراء؟
و قد جاء التعديل الدستوري الأخير ليزيل الغموض حول هذه المسألة و هذا حسب المادة 79 المعدلة و التي أصبح فيها تعيين الوزراء يتم من قبل رئيس الجمهورية بعد استشارة الوزير الأول و بالنتيجة فإن التعديل الدستوري اسقط للوزير الأول حق الاختيار و الاقتراح الذي كان يتمتع به رئيس الحكومة قبل التعديل و أصبح دوره مجرد دور استشاري.
و إذا كان من المعروف كقاعدة عرفية كذلك في الدستور الجزائري إن لرئيس الجمهورية حق اختيار وتعيين الوزراء أصحاب الحقائب السيادية دون العودة إلى الوزير الاول و الأمر هنا لا يقوم بصدده الاشكال إلا أن الاشكال يثور في طريقة توزيع الحقائب الوزارية بين التشكيلات السياسية الراغبة في الإنضمام الى التشكيلة الوزارية خاصة إذا كنا أمام ائتلاف حكومي بين مجموعة من الأخزاب السياسية.

التدرج بين الوزراء:

التدرج آلية تمكن الوزير الأول من ضمان هيمنته على الجهاز التنفيذي أولوية تجد تبريرها في طبيعة الصلاحيات الممنوحة سواءا لاخلاصهم لشخص رئيس الجمهورية أو رئيس الحكمة أو الدعم السياسي الذي يقدمونه.

نائب الوزير الأول:
أضاف التعديل الدستوري الجديد الذي صادق عليه نواب الشعب و أعضاء مجلس الأمة في البرلمان المجتمع منصب نائب الوزير الأول و ذلك في احكام الفقرة 07 من المادة 77 من الدستور الجزائري، إذ يمكن لرئيس الجمهورية أن يعين نائبا أو عدة نواب للوزير الاول لغرض مساعدته في ممارسة وظائفه و ينهي مهامه أو مهامهم، و هذه الفقرة جديدة إذ لم تكن معروفة في النسخة الاصلية منذ دستور 1996 و ادرجت بموجب التعديل الدستوري الاخير، وهكذا فان الوزير الاول يقسم صلاحياته مع نوابه في حالة ما عينهم رئيس الجمهورية ضمن التركيبة الحكومية.

وزير الدولة:
الى جانب الوزير الاول و الوزراء قد يتم استحداث منصب تابع للجهاز التنفيذي يساعد الحكومة في اداء مهامها ووظائفها و المتمثل في منصب وزير الدولة فدستور 1996 و التعيدل الدستوري 2022 لم ينص على هذا المنصب و اكتفى بذكر اعضاء الحكومة و حسب الفقه الدستوري فان هذا المنصب مرتبط بالشخص المعين اكثر من المهمة المسندة اليه و عادة ما يكون هذا الشخص من الموظفين الكبار السابقين و لكن نظرا لسمعته و تجربته في الميدان السياسي يمنح له مثل هذا المنصب و يقوم رئيس الجمهورية بتعيينه خاصة في الامور التابعة لرئاسة الجمهورية هذا فضلا على انه لا يوجد أي نص يحدد مهام وزير الدولة، و هذا الامر متروك لرئيس الجمهورية ليحدد مهامه و عليه فان مرتبة وزير الدولة الدولة ترقى الى مرتبة الوزير العادي و ان كان دور الوزير العادي اكثر فاعليه من منصب وزير الدولة مع مع التاكيد على منصب الوزير الاول يرقى على منصب وزير الدولة.

الوزراء:
يعين رئيس الجمهورية الوزراء و ذلك بعد استشارة الوزير الاول (اعضاء الحكومة) و هكذا فان تعيين الوزراء و اختيارهم اصبح امرا محجوزا لرئيس الجمهورية دون غيره بعد ان تحول دور الوزير الاول الى دور استشاري فقط بعدما كان يملك كرئيس حكومة قبل التعديل سلطة الاقتراح لرئيس الجمهورية و يختص الوزراء كل بحسب القطاع الذي عين من اجل تسييره.

كتاب الدولة:
ان الدستور الجزائري لم ينص على منصب كاتب الدولة الا ان تعيين كتاب الدولة امر معمول ب هاذ غالبا ما يتم الاعلان عن عدد من كتابات الدولة الى جانب الوزارات الموجودة على مستوى الحكومة و دورهم يتمثل في مساعدة الوزراء على اداء مهامهم و هم يعينون من قبل رئيس الجمهورية بناءا على اقتراح من رئيس الحكومة او الوزير، كما ان كتاب الدولة لا يحق لهم اقتراح القوانين او مناقشتها و على الرغم من ذلك يبقى الوزير دائما صاحب الكلمة الاخيرة في اتخاذ القرار.

الوزراء المنتدبين:
يجوز لرئيس الجمهورية و نظرا لتشعب مهامه ان يقوم بتفويض أي شخص للقيام ببعض المهام و ذلك لاحداث منصب الوزير المفوض او الوزير المنتدب و عادة ما يكون هذا الوزير معينا من اجل المهام الخارجية و على الوزير المنتدب ان يتصرف في اطار التفويض الممنوح له دون ان يتعداه، و هو مسؤول امام رئيس الجمهورية.

انهاء عمل الحكومة:

الحالة الادارية حيث كفل للوزير الاول حقه في الاستقالة، الوزير الاول أو رئيس الحكومة قبل التعديل يمكنه ان يقدم استقالته الى رئيس الجمهورية اي الجهة التي تملك سلطة التعيين و الاستقالة الدارية وفق هذا المفهوم تكون غالبا اذا ما وجد رئيس الحكومة او الوزير الاول ان سياسته لم يعد متجاوبا معها او لم تسير مع او وفق البرنامج او مخطط العمل الذي وضعه.
كما يملك رئيس الجمهورية اقالة رئيس الحكومة في اي وقت و هذا الحق ايضا منحه الدستور لرئيس الجمهورية وفق سلطته التقديرية و هو ما اشار اليه الدستور في احكام المادة 77 الفقرة (يعين الوزير الاول و الوزراء و ينهي مهامهم).
تعريف الاستقالة الوجوبية: و هي التي تكون نتيجة اما بالتصويت على ملتمس الرقابة ضد الحكومة في المجلس الشعبي الوطني، و اما اذا رئيس الجمهورية او الوزير الاول يرغب في الترشح لرئاسة الجمهورية و ذلك في حالة حصول مانع لرئيس الجمهورية او في الحالة العكسية و هذا ما اشارت اليه احكالم المادة 90 من الدستور و التي تقول انه لا يمكن ان تقال او تعدل الحكومة القائمة بحصول مانع لرئيس الجمهورية او وفاته او استقالته حتى يشرع رئيس الجمهورية الجديد في ممارسة مهامه.
اما الوزير الاول فيستقيل وجوبا اذا ترشح لرئاسة الجمهورية و يمارس وظيفة الوزير الاول حينئذ احد اعضاء الحكومة الذي يعينه رئيس الدولة.

صلاحيات رئيس الحكومة الدستورية وفق دستور 1996:

تنص المادة 85 من دستور 1996: زيادة عن السلطات التي تخولها اياه صراحة احكام اخرى يمارس رئيس الحكومة الصلاحيات التالية:
-يوزع الصلاحيات بين اعضاء الحكومة مع احترام احكام الدستور.
-يرأس مجلس الحكومة.
-يسهر على تنفيذ القوانين و التنظيمات.
-يوقع المراسيم التنفيذية .
-يعين في وظائف الدولة دون المساس بأحكام المادتين 77 و 78.
-يسهر على حسن سير الإدارة العمومية.
صلاحيات الوزير الاول وفق التعديل الدستوري لسنة 2022:
المادة 85 من دستور 1996: زيادة عن السلطات التي تخولها اياه صراحة احكام اخرى يمارس رئيس الحكومة الصلاحيات التالية:
-يوزع الصلاحيات بين اعضاء الحكومة مع احترام احكام الدستور.
-يسهر على تنفيذ القوانين و التنظيمات.
-يوقع المراسيم التنفيذية بعد موافقة رئيس الجمهورية على ذلك.
-يعين في وظائف الدولة بعد موافقة رئيس الجمهورية دون المساس بأحكام المادتين 77 و 78.
-يسهر على حسن سير الإدارة العمومية.
يملك رئيس الحكومة أو الوزير الاول عدد من الصلاحيات الدستورية تفسر مكانته داخل السلطة التنفيذية و علاقته مع باقي المؤسسات الدستورية، وبالتالي فقد أنيطت به سلطات متعددة بعضها مرتبط بالوظيفة التنفيذية وبعضها ذو طبيعة ادارية باعتباره مشرفا على العمل الاداري، كما يملك سلطات تشريعية واضحة المضامين والأهمية مثل المبادرة بمشاريع القوانين و المشاركة في تحديد جلسات البرلمان.

التحديد الدستوري للصلاحيات التي ينفرد بها الوزير الاول:

ان مهام الوزير الاول تتمثل في تنفيذ و تنسيق برنامج رئيس الجمهورية و هذا ما اشارت اليه المادة 73 من الدستور (ينفذ الوزير الاول برنامج رئيس الجمهورية و ينسق من اجل ذلك عمل الحكومة) و تتمثل عملية التنفيذ بالنسبة للوزير الاول في القيادة و الاشراف و المراقبة و التوجيه للقائمين بهذه العملية من الوزراء، كما يملك صلاحية اتخاذ القرارات بهذا الشأن، أما التنسيق فيتمثل في تحقيق الانسجام بين القطاعات الوزارية.

توزيع الصلاحيات بين اعضاء الحكومة:

يتولى الوزير الاول توزيع الحقائب الوزارية على كل وزير و يحدد صلاحياته، و في هذا الاطار فانه و بعد تعيين كل وزير تحدد له الصلاحية التي يجب عليه احترامها و عدم الاعتداء على صلاحيات الوزارات الأخرى.

رئاسة اجتماعات الحكومة:

بعدما الغى التعديل الدستوري لسنة 2022 مجلس الحكومة و ذلك في اطار التاكيد على مبدأ وحدوية السلطة التنفيذية، جاءت المادة 77 في فقرتها السادسة لتخول للوزير الاول رئاسة اجتماعات الحكومة بناءا على تفويض من رئيس الجمهورية المادة 77 الفقرة 06 (يمكن لرئيس الجمهورية ان يفوض جزءا من صلاحياته للوزير الاول لرئاسة اجتماعات الحكومة).

سلطة الوزير الاول في مجالي التنظيم والتنفيذ:
من أهم مهام الوزير الاول السهر على تنفيذ القوانين و التنظيمات من اجل المحافظة على النظام العام في البلاد، غير ان تعديل تنفيذ القوانين قد يعمل عدة تأويلات و في هذا الصدد يقول جورج فيدال: “إن مضمون تنفيذ القوانين قد يعني أولا نشر القوانين و التذكير بأحكامها استعمال الاكراه و القوة لضمان تنفيذها، اتخاذ الاجراءات المناسبة التي تدخل في اختصاصات الحكومة القيام بالتنفيذ مع الحفاظ على النظام العام” و يرى عبد القادر بولمان أن تنفيذ القوانين هي وظيفة ادارية تعني أولا: قيام رئيس الحكومة بتنفيذ القوانين التي يصادق عليها البرلمان و ثانيا قيام رئيس الحكومة (الوزير الاول) بتنفيذ التنظيمات و ثالثا اتخاذ القرارات الادارية اللازمة لتنفيذ هذه الاعمال.
بينما يرى بوكرع ادريس و أحمد وافي أن تنفيذ القوانين و التنظيمات يمتد لكل القوانين الموضوعة من طرف البرلمان و المراسيم الموضوعة من رئيس الجمهورية، فالوزير الاول يعود له اختصاص المجال التنفيذي المشتق بالعودة الى احكام المادة 125.

توقيع المراسيم التنفيذية بعد موافقة رئيس الجمهورية:

بعدما كان دستور 1996 يمنح للوزير الاول حق اصدار المراسيم التنفيذية بصفة مستقلة دون العودة لرئيس الجمهورية. جاء التعديل الدستوري 2022 ليلغي هذه الاستقلالية و يربط توقيع المراسيم التنفيذية بمدى موافقة رئيس الجمهورية عليها و هو ما يدخل ضمن تكريس وحدوية السلطة التنفيذية لا ثنائيتها و المراسيم التنفيذية هي نتيجة لتكليف الوزير الاول بالسهر على تنفيذ القوانين و التنظيمات ذلك لأن بعض النصوص و التشريعات لا يتم تنفيذها بمجرد الاصدار و النشر بل تتطلب صدور مراسيم توضيحية تفسيرية للنص أو جزء منه، فهنالك بعض النصوص التي تحوي قواعد عامة يترك أمر تحديد كيفية تنفيذها للسلطة التنفيذية عن طريق الوزير الاول بالمراسيم التنفيذية.

صلاحية التعيين:

يتمتع الوزير الاول في اطار ممارسة اختصاصاته المقررة دستوريا بحق تعيين طائفة من موظفي الدولة المصنفين ضمن فئة الوظائف العليا غير ان الدستور وضع قيدا على ممارسة هذا الاختصاص يتمثل في اشتراط موافقة رئيس الجمهورية و عدم المساس باختصاصات رئيس الجمهورية في التعيين و فق احكام المادتين 77 و 78 من الدستور أي تنازع جاء المرسوم الرئاسي 99 رقم 99-239 المتضمن الغاء المرسوم الرئاسي 89-44 و المرسوم التنفيذي 91-307 و عوض بالمرسو م الرئاسي 99-240 الذي يتعلق بالوظائف المدنية و العسكرية المخول لرئيس الجمهورية التعيين فيها.

يسهر على حسن سير الادارة العامة:

اذا كان الوزير الاول يسهر على السلطة التنفيذية فان له مسؤوليات خاصة في الميدان الاداري بالاشراف على الجهاز الاداري و ضمان النظام في تسيير المرافق العامة ومن ذلك فان مساعي الوزير الاول لا تبلغ اهدافها الا اذا تمتع بالوسائل الكيفية و المتمثلة في ادارة قوية مهما كانت طبيعتها على قدر كبير من التنظيم ذات امكانيات و قادرة على اتخاذ اجراءات سريعة و فعالة، فمن المعلوم ان الادارة مصدر المعلومات و اصبحت من اهم الوسائل المتكأ عليها لتحقيق البرامج الحكومية في كافة المجلات و التحكم فيها يعني المسك بالسلطة التنفيذية التي تسهل عملية اتخاذ القرارات السياسية و الادارية.

الوظيفة الاستشارية للوزير الاول:

للوزير الاول مهام استشارية و ذلك بتقديم استشارة حول مسائل معينة كاعلان حالة الطوارئ و الحصار و كذا الحالة الاستثنائية او اعلان الحرب و كذلك اثناء حل المجلس الشعبي الوطني او تنظيم انتخابات او تنظيم انتخابات تشريعية قبل موعدها.

النظام البرلماني:

يعد البرلمان المؤسسة الاكثر ارتباطا بالجمهور و الانفتاح عليه و احدى مؤسسات الحكم الديمقراطي التي تجمع بين وظيفتين الولا هيكل نيابي يعبر عن ارادة المواطنين و اتجاهات الاحزاب السياسية من ناحية و من ناحية اخرى هو آلية سريعة تضع قوانين الدولة، كما ان وضع البرلمان في نظام الحكم و لا سيما في علاقته بالسلطة التنفيذية هو الذي يحدد شكل الدول و نوع نظامها السياسي (النظام السياسي الجزائري يجمع بينهما لكي يميل الى النظام الرئاسوي قريب من النظام البرلماني اي الفصل المرن بين السلطات)
و قد تميز دستور 1996 بارساء مبدأ الثنائية البرلمانية اي وجود غرفتين المجلس الشعبي الوطني و مجلس الامة، و قدا أشارت الى هذا المادة 98 من الدستور و التي تقول: (يمارس السلطة التشريعية البرلمان المتكون من غرفتين المجلس الشعبي الوطني و مجلس الامة) و له سيادة في الاعداد القانوني و التصويت عليه.
فماهي الاسباب التي ادت الى اعتناق هذا النوع في تنظيم مؤسسة البرلمان الجزائري؟ و ما حقيقة العلاقة بين الغرفتين؟ و البرلمان بغرفتيه مع الحكومة من جانب اخر؟
لماذا نظام الغرفتين في دستور 1996؟

الاصول التاريخية لنشأة نظام الغرفتين:

قد يتفاجئ البعض عندما يعلم ان الغرفة الثانية هي الاسبق في الوجود تاريخيا من الغرفة الاولى بزمن قصير، فنظام الغرفتين بدأ مع أواخر القرون الوسطى في انجلترا بصفة أساسية و ذلك منذ بداية القرن 13 ذلك ان غرفة اللوردات نشأت سنة 1215 عندما فرض النبلاء و بارونات انجلترا على الملك جون عدم فرض الضريبة الى بعد استشارتهم و قد دون هذا الاتفاق في الوثيقة التي اصدرها تحت اسم الميثاق الكبير الماقنا كارطا و أنشأ المجلس الكبير الذي تحول الى غرفة الوردات ثم بعد ذلك جاءت غرفة العموم و التي كانت كذلك تسمى بالغرفة السفلى. و بعد ذلك نشأ نظام الغرفتين في الولايات المتحدة الامريكية بموجب دستور 1787 و ذلك لاسباب فدرالية، علما ان بعض الولايات مثل فلاديلفيا و بسيلفانيا كانت لها شبه غرفة برلمانية ابتداءا من 1772، و بعد ذلك انتقل الامر الى فرنسا التي اقتدت بانجلترا و ذلك لنفس الاسباب الا و هي الطبقية و لكن بقي الامر على حاله بسبب تعدد الجمهوريات، وعلى العموم فقد عمل بنظام الغرفتين في عموم القارة الاوروبية خلال القرن 19، و قد كانت و لا زالت في مجملها انظمة برلمانية مما يسمح بالقول ان نظام الغرفتين نظام لصيق بالنظام البرلماني.

مقتضيات تبني نظام الازدواجية البرلمانية في الجزائر:

ذهب المؤسس الجزائري سنة 1996 الى الاخذ بنظام الغرفتين و هو الاصلاح الجديد الذي تجسد في هذا الدستور و من المؤكد ان الوراء من هذا التعديل اسباب منها ماهو معروف ومنها ما هو خاص بالمجتمع و منها ما هو خاص بالنظام السياسي القائم و يمكن ان نقسمها الى اسباب السياسية و اسباب تقنية تنصب على عملية اعداد القانون.

الاسباب السياسية:

يمكن ابراز خلفية هذا التوجه الجديد بالنظر الى الظروف التي عاشتها الجزائر خصوصا بعد توقيف المسار الانتخابي حيث برزت ثغرات دستورية 1989 كان لابد من ملئها، بالاضافة الى ان هذا التعديل جاء ليكرس و يحصل التوجه الديمقراطي و يحمي النظام الجمهوري التعددي، ووجود الغرفة الثانية كان من الآليات الضرورية لتحقيق الاهداف السابقة في هذا الاطار فان المؤسس الجزائري الدستوري لم يغب عن ذهنه الانتخابات التشريعية الاولى التي عرفتها الجزائر 1991 هذه الانتخابات التي ادت الى فوز و استئثار تيار سياسي واحد بأغلبية مقاعد البرلمان من دون ان يكون للنظام السياسي في دستور 1989 الوسائل الدستورية التي تحقق من امتلاك حزب واحد لكل مقاليد السلطة التشريعية خاصة و ان دستور 1989 اعطى السلطة التشريعية الكاملة الى البرلمان و في مثل هذا الظروف فان وجود غرفة ثانية من نشأته ان يخفف جموح المجلس الشعبي الوطني و اعطى الدستور لمجلس الامة الوسائل للوقوف اما المجلس الشعبي الوطني.
و هكذا يمكان ان يلعب مجلس الامة عنصر تلطيف الحياة التشريعية و هناك من يرى بان النظام السياسي الجزائري اعتمد نظام الغرفتين لكي يشرك الجماعات المحلية نظرا لما اصبح لهذه الجماعات المحلية من دور هام في الحياة الاقتصادية و الاجتماعية مما يجعل مجلس الامة يسمح باكثر لكل المقترحات سواءا من مبادرة الحكومة او النواب لان وجود الغرفة الثانية يمكن ان يخفف من النزاعات التي يمكن ان تنشأ بين السلطة التنفيذية و البرلمان.و بذلك يكون النظام السياسي الجزائري قريبا كثيرا في آلياته الدستورية بالنظام البرلماني.

الاسباب التقنية او القانونية:

اذا كانت الأحزاب السياسية وراء الأخذ بنظام المجلس فلا يخفى على أهدافه انه هناك أسباب قانونية او تقنية، و في هذا المضمار فان نظام المجلسين جاء كضمان لاستمرارية الدولة و مؤسساتها و ديمومتها و في هذا الاطار قول العلامة الدستوري ديسي: (ان الحاجة الى ايجاد مجلسين اصبحت محور السياسة و اساس هذه الحاجة الاعتقاد بميل المجلس الواحد الى التسرع و الاستبداد و الفساد و بالتالي فان نظام المجلسين يحول دون استبداد السلطة التشريعية ذلك أنه اذا كانت الهيئة النيابية تنفرد بسلطة سن القوانين و وضع التشريعات المختلفة دون اي وازع في جانب هام من جوانب السلطة العامة في الدولة فان هذا يعني منح هذه السلطة و بدون مقابل يدا جديدة مستبدة و تفاديا لهذا ينبغي تفادي توزيع السلطات بين المجلسين).

موقف المعارضين للازدواجية البرلمانية (مجلس الامة):

يلخصون هذا الراي في عدم جدوى المجلس و ضرورة الغاءه و الاكتفاء بالمجلس الشعبي الوطني فالغاءه ضرورة اقتصادية تفرضها ظروف الجزائر الراهنة التي تقتضي توفير امول تنفق في غير مواضعها مثلما هو قائم بالنسبة لمجلس الامة و ما ينفق عليه يمكن توجيهه للعمل على تحسين هذه الظروف الاقتصادية و انه يثقل ميزانية الدولة.
النقد الموجه لهؤلاء المعارضين:
هذا المبرر لا جدوى منه طالما تيقنا من انه يجب ان يقف الجميع تحت مظلة الولاء و الوطنية و الانتماء للدولة الجزائرية بغض النظر على الاديولوجيات و المعتقدات و الميولات، كما ان هذا المجلس لم ينشأ رغما عن ارادة الشعب بل جاء بموافقته و بغالبية كبيرة.
كما ان اختصاصات مجلس الامة شبيهة الى حد ما بصلاحيات المجالس الوطنية الاستشارية المتخصصة كالمجلس الوطني الاقتصادي و الاجتماعي، وبالتالي هذه الاخيرة يمكن ان تطلع بدورها خاصة و انها تضم خبرات فنية عالية و قادرة على ان تقدم اعمق من المشورة الفنية.
و بالتالي يعد مجلسا وهميا وعديم جدوى و انه غرفة تسجيل وحفظ فقط .
النقد الموجه:
بظهور وظيفة الدولة و اتساع مجال تدخلها و لا يتعارض مع المجالس النيابية و السياسية و لا تستغني احدهما عن الاخرى، فلا بد من تعاونهما الامر الذي يؤدي الى صدورالتشريع و القرار السياسي على ضوء الدراسات الفنية والعلمية، فمجلس الامة هيئة ذات سلطة ايا كان قدرها تشارك في حكم البلاد و استقرارها بينما المجالس الوطنية المتخصصة تحدد تشكيلتها من السلطة التنفيذية حيت تعد من خلالها و جزءا منها.
كما أن نظام المجلسين يؤدي الى التأخير في سير التشريع الى حد الاصراف كما انه قد يكون موضوعه مسلما ب هاو من الواجب الاسراه بشأنه و لذلك شبه بنيامين فرانكلين نظام المجلسين بالعربة التي يجرها جوادان متضاربان و لكن هذا القول يوجد فيه نوع من الاصراف حيث ان نظام المجلسين يعتبر اكثر ضمانا و ثباتا واستقرارا من نظام المجلس الفردي.
و من بين اوجه النقد الى الثنائية البرلمانية الطابع غير الديمقراطي للغرفة الثانية في رأي أنصار هذا التيار حيث يرون ان التمثيل الديمقراطي هو الناتج الوحيد عن الانتخاب العام والمباشر و ان كل اساليب التعيين الاخرى مشكوك فيها الى ان الطرح مردود عليه باعتبار انه لا توجد غرفة مثالية في العالم كله، فنظام التعيين فيها وشروط عدم القابلية لعضويتها تتغير من دولة لاخرى حسب طريقة فهم كل منها و تصورها للديمقراطية و من تم لا يجب تقييم طريقة تكوين الغرفة الثانية على اساس ذات المعيير فالديمقراطية لتكوين الغرفة الاولى اما الغرفة الثانية فتمثل ما لم يمثل في الغرفة الاولى، فالهدف ليس استنساخ نسخة للغرفة الاولى فالى جانب غرفة منتخبة مباشرة و تخضع للتجديد السريع و التقلبات السياسية الظرفية لا يمكن ان يكون من المفيد تاسيس غرفة ثانية اكثر استقرارا و اكثر تخصصا للتأمل و التفكير و الدفاع عن القيم الدائمة و المصالح العميقة للامة بعيدا عن تقلبات الظروف الانتخابية والسياسية.

تشكيلة البرلمان الجزائري:

طريقة تعيين المؤسسات الدستورية لها اهمية كبيرة في دعم الدور المنوط بهذه المؤسسات و لعل اهمها:
البرلمان الذي قسمه المؤسس الدستوري الى غرفتين حيث جعل طريقة تعيين كل غرفة هو الذي يجعل كل واحدة تمارس الاختصاصات المخولة لها دستوريا بشكل اكثر توازنا مع الغرفة الثانية و عليه فالمؤسس الدستوري باعتماده غرفتين معينتين بطريقتين مختلفتين اراد من خلاله ان يعطي للمؤسسة التشريعية اهمية كبيرة من دون ان تستطيع احدى الغرفتين من الاستحواذ على السلطة التشريعية في اطار تكاملي حيث جاءت طريقة تعيين المجلس الشعبي الوطني في المادة 101 اما مجلس الامة فجاءة طريقة تعيينه في المادة 101الفقرة الثانية و ذلك يعني بالتالي ينتخب 2/3 عن طريق الاقتراع غير المباشر و السري من بين اعضاء المجالس الشعبية البلدية و الولائية و يعين رئيس الجمهورية الباقي 1/3 من بين الشخصيات و الكفاءات الوطنية في المجلات العلمية و الثقافية و المهنية و الاقتصادية و الاجتماعية ، اما بالنسبة للغرفة الاولى فان طريقة تعيينها في دستور 1996 تعطى لها الاسبقية في المؤسسات الدستورية على اساس انها تكمل جزءا من السيادة الوطنية و لا تنازعها في ذلك الا طريقة تعيين رئيس الجمهورية المعين بنفس الطريقة الا ان رئيس الجمهورية يتمتع بالاسبقية في الدستور.
ان عدم المساواة بين رئيس الجمهورية و المجلس الشعبي الوطني تكمن في كون رئيس الاجمهورية انتخب ليمثل كافة الشعب اما النائب فلا يمثل الى دائرته الانتخابية.
و بناءا على ذلك اعطى المؤسس الدستوري للمجلس الشعبي الوطني صلاحية واسعة في مواجهة السلطة التنفيذية اقلها مراقبة الحكومة و اجبارها على الاستقالة و ذلك عند مناقشة خطة عملها.
فطريقة تعيين المجلس الشعبي الوطني هي التي تعطي للاغلبية فيه دورا حاسما في قيادة النشاط السياسي في البلاد حيث ان الفوز في الانتخابات التشريعية تعني ان الناخبين وضعوا ثقتهم في جهة او حزب سياسي معين و ما على رئيس الجمهورية الا الامتثال لهذا الواقع سواء كان في صالحه او لا، كما ان طريقة التعيين تعطيه نوعا من السمو السياسي و تجعله وراء كل محاولة للوقوف في وجه السلطة التنفيذية و هكذا فقد اعطى الدستور للمجلس الشعبي الوطني حق اللجوء الى الوسائل الدستورية في مواجهة الجهاز التنفيذي ممثلا في الحكومة هذه الوسائل لا يشاركها فيها مجلس الامة، و هي التي جاءت مبنية في الكثير من المواد الدستورية المتعلقة بالعلاقات بين السلطة التشريعية و السلطة التنفيذية.

مجلس الأمة:

تبنى دستور 1996 النيابية البرلمانية بخلاف الدساتير السابقة التي اخذت بمبدأ احادية السلطة التشريعية كما ان اعتماد طريقتين مختلفين في عملية تشكيل كل منهما و هو الامر الذي يمنح للغرفة الثانية ممثلة في مجلس الامة صفة تختلف في جورها عن المجلس الاول و قد حدد الدستور في المادة 101 طريقة تعيين مجلس الامة و بررها المؤسس على انها تمثل طريقة اخرى تمكن الجماعات المحلية المشاركة و ابداء رأيها في الحياة السياسية على اعلى مستوى و اعطاء رئيس الجمهورية حق 1/3 محاولة لاقحام الكفاءات الوطنية في مختلف ميادين التمثيل الوطني و ذلك بالاستعانة بخبرتها عند مناقشة الاعمال التشريعية.


السلام عليكم
أريد الاستفسار :لماذا لا يمكنني الإقتباس من موقعكم رغم عضويتي ؟

التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

الوظيفة التمثيلية للغرف النيابية العليا فى الدول العربية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الكرام الأفاضل
يسعدنى أن أضع بين أيديكم
هذه الدراسة
عن الغرف العليا للبرلمانات العربية دراسة مقارنة
للفائدة والتقييم

http://www.4shared.com/office/dd1CcDjH/_______.html?

ولا تنسونا من الدعاء


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .


التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

العلاقات الدولية


مقالات في العلاقات الدولية

العلاقات الدولية:
الروابط بين النظرية والممارسة في السياسة الدولية.

ستيف سميث
ترجمة: عادل زقاغ وعبد الله راقدي.

أهدف من هذه المداخلة المفتوحة إلى طرح تساؤل واحد: ما هي طبيعة العلاقة القائمة بين دراسة العلاقات الدولية وممارستها؟ أود الإجابة عن هذا التساؤل عبر استعراض ومن ثم استبعاد سببين يحظيان بالرواج والإقناع والجاذبية، لكن قبل ذلك، سأقدم ثلاث ملاحظات حول السياق الذي يميز طرح مثل هذا التساؤل.

الملاحظة الأولى تتعلق بـ “التوقيت”، حيث تزامن طرح هذا السؤال مع حالة الحرب على العراق، تلك الحرب التي نأت فيها الأوساط الأكاديمية بنفسها بعيدا عنها، وكأن لا علاقة لهذه الحرب بما يتم دراسته في حقل العلاقات الدولية. وبالفعل، فعندما عقدت جمعية الدراسات الدولية ملتقى بـ بورتلاند في فيفري 2022، أي عشية اندلاع الحرب على العراق، لم يتم التعرض بأدنى إشارة لموضوع الحرب، عدا بعض المتظاهرين اللذين احتجوا بشجاعة ضد الحرب الوشيكة. ليجلبوا لأنفسهم انتقادات تتهمهم بالخلط بين قيمهم ونشاطهم المهني (ولأكون صريحا وصادقا، بحيث تكون قيمي معرضة للتمحيص، فقد انضممت إلى معسكر الرافضين جنبا إلى جنب مع جون فاسكواز الذي كان آنذاك رئيسا للجمعية”. وحتى قبل الحرب كانت هناك حرب أفغانستان وأحداث 11 سبتمبر، وما تخلل كل هذه الفترة من المواجهات بين الفلسطينيين والإسرائيليين. إن الطريقة التي تعاطى بها الأكاديميون مع الأحداث السابقة والتي اتسمت بالجمود في أغلب الأحيان، تجعل من الوقت الحاضر مناسبا للبحث في الروابط بين النظرية والممارسة.

الملاحظة الثانية تتعلق بـ “المجال الجغرافي”، فقد تم إلقاء هذه المحاضرة في بودابست بأوروبا الوسطى، وهي مكان ملائم جدا لطرح التساؤل بشأن العلاقة بين الدوائر الأكاديمية والعمل السياسي، وهذا بالنظر للسجل التاريخي للبحث الأكاديمي في هذه المنطقة خلال فترة الحكم الشيوعي، لاسيما التقليد البحثي الذي أملته الأيديولوجية المهيمنة المتنفذة. هذا التقليد البحثي ناجم عن تحديد الجمعيات الرسمية سلفا لماهية الحقيقة مما ترك هامشا ضيقا للنقاش، وساهم في إرساء شكل معين للعلاقة بين الأوساط الأكاديمية والعمل السياسي. وهكذا، فإنه حان الوقت لطرح التساؤل بخصوص الربط بين حقل العلاقات الدولية والمجتمع المدني والوفاء بالتزاماته تجاه هذا الأخير.
أما الملاحظة الثالثة والأخيرة، فتتعلق بـ “الثقافة”، إذ أن أحداث 11 سبتمبر نبهت الباحثين في العلاقات الدولية إلى وجود نظم عقدية متباينة وعوامل ذاتية، في السياسة الدولية. وقد جعل الكثير من الافتراضات الأساسية في علم الاجتماع الغربي محل استفهام، لاسيما تلك التي تعتقد بعقلانية الفعل الإنساني الاجتماعي. ترى هذه العقلانية أن العالم يتجه نحو مصير مشترك، يتسم بالديموقراطية الليبرالية واقتصاد السوق، وأن المجتمعات تتمايز بحسب موقعها في مسار عجلة التاريخ، التي تقود جميع المجتمعات نحو وضعية واحدة، حيث الأفراد ذرائعيون عقلانيون، يعملون على تعظيم القيمة وفق النمط الذي يطرحه علم الاجتماع الغربي. وحسب وجهة النظر هذه، فإن الذاتانيات المتميزة هي مجرد وجه للعولمة والتحديث “الحتميين”. هذه النظرة للمجتمع تمنحنا إجابة دقيقة عن العلاقة بين النظرية والممارسة، تلك التي تلح على الفصل بين الاثنين، وهو ما يجعلني أطرح استفهاما بشأنه في هذه المداخلة.
من وجهة نظر شخصية، يعتبر السؤال الأكثر إلحاحا بالنسبة لهذا الحقل المعرفي، هو ما إذا كان الأكاديميون ملزمون بالتوجه نحو التمرس في الشؤون الدولية، أم أنه يتوجب عليهم الابتعاد عن ذلك طالما أن التوجه الأكاديمي يعني أن يلتزم المرء بالحياد، وأن يبتعد عن الاهتمامات الآنية للأجندة السياسية؟ دعوني أقدم لكم طريقتين للإجابة عن هذا التساؤل، واللتان أود استبعادهما في النهاية.

تقتضي الطريقة الأولى بضرورة أن ينأى الأكادميون بأنفسهم بعيدا عن النقاشات الدائرة حول قضايا العلاقات الدولية، لأنه يفترض فيهم أن يحافظوا على حيادهم القيمي إزاء الأحداث السياسية. ووفقا لهذه النظرة، فإن الاستقامة الأكاديمية تستوجب تفادي طرح أسئلة معيارية. ترتبط هذه النظرة بالتصورات ذات النزعة الإمبريقية في المعرفة مجازة في ذلك من طرف المنهج الوضعي، وتلقى رواجا كبيرا عند علماء الاجتماع الأمريكيين (ليس فقط في مجال العلاقات الدولية، بل أيضا في علم الاقتصاد، وعلم السياسة، وعلم النفس، وعلم الاجتماع)، وهي تسلم بضروروة فصل العمل الأكاديمي عن العالم “الواقعي” للسياسة، والمجتمع، والاقتصاد، وترى أن هذا العمل يقتصر على نقل وقائع هذا العالم. وبناء على ذلك، فإن الاستقامة الأكاديمية تستوجب الحفاظ على مسافة فاصلة بين الباحث والعالم الواقعي الذي يستمد منه ملاحظاته، ويعتبر ذلك نتيجة لالتزام علماء الاجتماع الأمريكيين بالحياد القيمي في مسعاهم للبحث عن المعرفة، الحياد الذي يستوجب التمييز بين القيم والحقائق، بين الذات الملاحظة وموضوع الملاحظة، بين المحلل وموضوع التحليل، وبين عالم السياسة المتعفن، والبرج الأكاديمي الآمن والتأملي المحايد.
لا تكتفي وجهة النظر هذه فقط بأهمية الإبقاء على الفصل بين النظرية والممارسة، ولكنها أيضا تكيل انتقادات لاذعة لكل من لا يحترم هذا التمايز. لقد حدثت هناك العديد من النقلات النظمية في حقل العلاقات الدولية في اتجاه تكريس هذا التمايز، وينسحب ذلك على التفريق بين المثالية والواقعية وتجسد كذلك في النقاشات المحتدمة بين الاتجاه السلوكي والكلاسيكي، وهو متجسد حاليا في تهجم الباحثين ذوي النزعة العقلانية على الأعمال التأملية، وأعني تلك التي تدخل في نطاق ما بعد الحداثة، النسوية والجندر، والنظرية النقدية، والمقاربات الإثنية والثقافية في العلاقات الدولية. من المهم جدا من الناحية النقدية الإشارة إلى أن التهجم على أعمال التأمليين لا يعود إلى أنهم يرسمون صورا لعوالم أخرى غير عالم العلاقات الدولية، بل لأن هذه المقاربات لا تحظى بالشرعية الأكاديمية مع ما يعنيه ذلك على الصعيد المهني وعلى صعيد فرص النشر.

إن المشكلة مع هذه الرؤية للعلاقة بين الأوساط الأكاديمية وعالم السياسة، هي أنها تستند إلى نظرة محكومة بخصوصيات تاريخية معينة لطبيعة علم الاجتماع، وهي نظرة تبقى محل استفهام، ويمكن لأي تحليل من وجهة النظر هذه أن يكون مضبوطا إذا ما تم اللجوء إلى أسس ثابتة للطرح المعرفي. غير أن هذه النظرة تستدعي المزيد من التمحيص من حيث أنه لا يوجد فعليا أسس إبستمولوجية مضبوطة على المستوى الماوراء نظري والعبر-ثقافي. ومن وجهة نظري، فإن المشكلة ليست مطروحة مع ما يسمى “بالنسبيين”، ولكن بالأحرى هي مطروحة مع أولئك اللذين يرفضون الإقرار بالطابع النسبي لأعمالهم بسبب السياق العام والثقافة التي وجدت في ظلها هذه الأعمال. وبعبارة أخرى، فإن أولئك الذين يتهجمون على المقاربات باعتبارها نسبية، إنما يفعلون ذلك على أساس خلفيات معرفية تعتبر هي ذاتها متحيزة، وتشكلت عبر تفاعل اجتماعي تاريخي، وهم بذلك يعكسون قوى ودوافع سياسية واقتصادية، واجتماعية معينة. وهو ما أشار إليه كوكس Cox عام 1981 في عبارته الشهيرة:” النظرية هي دوما من أجل أحد ما، ولهدف معين”.
أعتقد أنه لا توجد نظرة من لاشيء، ولا توجد نظرة مضبوطة صادرة عن ملاذ أكاديمي بمعزل عن تأثيرات القوة والسياق الاقتصادي والسياسي، والاجتماعي والثقافي وأن كل المعارف متحيزة، وبهذا فإنه لا توجد نظرة تتوافق مع الحقيقة، فالنظرية ليست مرآة للطبيعة، ونخلص من ذلك إلى أن كل الطروحات المعرفية هي نتاج سياق القوة الذي نشأت فيه. يؤثر هذا السياق على مستويين أساسيين: في طبيعية الأسئلة المطروحة(مثلا، التفكير في العلاقة بين حقل العلاقات الدولية في الثلاثينات من القرن العشرين ومصالح القوى المهيمنة، والمملكة المتحدة والولايات المتحدة؛ أو العلاقة بين المواضيع الأساسية للعلاقات الدولية منذ 1945 أجندة صياغة السياسة الأمريكية). أما المستوى الثاني من التأثير فيتعلق بالتأثيرات السياقية، والمتأثرة بدورها بطبيعة الفئات التي تنتمي إليها، تلك التي تتشكل فيها علومنا وعوالمنا الذاتية. وأحسن مثال على ذلك، هو الطريقة التي تم فيها التميز بين الداخل والخارج، بين السياسة والاقتصاد، بين “النحن” و”الهم”، بين “الموت” الناجم عن السياسة و”الموت” الناجم عن الاقتصاد.

وهكذا، فإن الإقرار بوجود مكان معزول ومؤمن حيث يتيسر للأكاديميين الحقيقيين ملاحظة العالم، يتوقف على تصور مسبق للعالم، لا يتم الإقرار به في العادة. مثلا، النظرة للعلوم الاجتماعية تقارب للعالم كمعطى مسبق تماما مثلما تقدم نفسها للمحللين كطرف خارجي ومنفصل، وهي بذلك لا تبحث في الطريقة التي تتشكل بها النظرية والعالم، لتعاود النظرية تشكيله ليقوم بعدها في الأخير، ومن ثمة، بإعادة تشكيل النظرية. بطبيعة الحال فإن نظرتي الخاصة في حد ذاتها متفتحة للنقد. والقضية الأساسية في هذا النقد تتركز حول احتمال أن أكون ساعيا إلى محاولة تمرير قيمي الخاصة في التحليل، بذريعة أن الكل يفعل ذلك، أو أنني أرتكب خطأ في تقديم طبيعة علم الاجتماع بحيث تسببت في تقويض دعائم البحث الأكاديمي المستقل. لقد تمت مناقشة هذه المواقف من طرف وولت (1998) Walt، كيوهان (1998) Keohane، وكاتزنشتاين وآخرون…، في تقديمهم لأعمال التأمليين، وبحسب هؤلاء الباحثين، فإن أي طرح لا يقبل بإمكانية الحياد القيمي يوجد خارج المسعى الاجتماعي العلمي، لذلك سيتعرض لمخاطر التهميش طالما أنه يتحاشى الإقرار بإمكانية استقلالية العمل الأكاديمي. وفي هذا الصدد يقول كاتزانشتاين وآخرون (1998:ص 618) بأن مجلة المنظمة الدوليةInternational Organization قامت بنشر القليل فقط من الأعمال التأملية:” طالما أن مجلة “المنظمة الدولية” التزمت بخط يقضي بأن ما بعد الحداثيين لا يقرون باستعمال الشواهد لإصدار حكم إزاء إدعاء الحقيقة. كما أنه وخلافا للبنائية الاتفاقية أو النقدية، فإن ما بعد الحداثة تقع خارج مسعى علم الاجتماع. وفي العلاقات الدولية، يخشى أن تؤدي بحقل العلاقات الدولية لأن يصبح ذاتي الاستشهاد وأن تفك ارتباطه بالعالم، ولا يهم إن وجدت ادعاءات تناقض هذا الطرح.

وجهة النظر الثانية، بخصوص العلاقة بين النظرية والممارسة، تتمحور حول الواجب الملقى على عاتق الأكاديميين لمساعدة صانعي السياسة في بلدهم، وبذلك فإن دورهم يتمثل في تزويد السلطة بالحقيقة، وحسب والاس Wallace ، فإن على باحثي العلاقات الدولية أن يتجندوا لنقد بناء ومنفتح لتزويد السلطة بالحقيقة، وعدم إخفاء المعرفة في عبارات لغوية منمقة وغامضة، أو إدخال أنفسهم في متاهات الجدال اللغوي أو حتى تداول الحقيقة سرا بينهم. يحذر والاس من أن هذا الحقل المعرفي في حالة خطر، إذا ما ستمر في اللجوء إلى المزيد من التجريد وإلى المزيد من النظريات والنظريات الماورائية، والذي يرى أنه أسهل وأكثر متعة من العمل الشاق في تفاصيل دراسة الحالة. ويقترح والاس (والاس:317) على الباحثين أن يندمجوا في العالم الذي تمارس فيه السياسة بدلا من الانفصال المثير الذي تدعوا إليه ما بعد الحداثة بإدعاء منهم بأنهم يرغبون في تحويل العالم، بينما هم يتفادون الاحتكاك بأولئك اللذين يمارسون نفوذا معتبرا في العالم. ولقد تم اقتباس عبارات والاس مؤخرا من قبل كاتب الدولة البريطاني للتربية تشارلز كلارك؛ حيث رأى على أن التركيز على النظرية يؤدي إلى قطع التمويل على المعاهد الجامعية، قال:”لا يمكننا تبرير تخصصاتنا أساسا من منطلقات فلسفية أو جمالية… كما أنه لا يفترض أن نعمل على إنشاء نظام رهبنة. إذ يجب أن نبقي أبواب الجامعة مفتوحة… وهذا لنزود أولئك اللذين يتعين عليهم أن يتعاملوا مع مشاكل السلطة بالحكمة والخبرة” (والاس1996،ص ص. 320-321).
طرح شارلز كلارك في الأشهر الثلاثة الماضية نفس التحد أمام الجامعات في إنجلترا، عندما تساؤل عن مبرر وجودها، وقال أن مبرر ذلك هو اندماجها في المجتمعات التي وجدت فيها، وأن جامعة لا تأخذ ذلك بعين الاعتبار فإنها لن تحصل على التمويل الحكومي.

تطرح مثل هذه النظرة للعلاقة بين النظرية والممارسة العديد من المشاكل، سأعدد خمسة منها. أولا، أنها تركز على العملية الشكلية أو الرسمية بدلا من العمليات السياسية في تصورها الأوسع والذي تضم المجتمع المدني، وبالمثل، فإن المرجعية بالنسبة لهذه النظرة تتمثل في الدولة واهتماماتها وليس اهتمامات المجتمع المدني، وباختصار فهي نظرة ضيقة جدا للسياسة. ثانيا، تتبنى هذه النظرة الأجندة السياسية للدولة، وبذلك فهي تفترض علاقة وثيقة بين حقل العلاقات الدولية والسلطة، مما يعني أن الطلبة سيمزجون بين عالم السياسة والعالم الخاص بالسياسيين البارزين ويقبلون بذلك أجندتهم كما هي. ثالثا، تتجه نحو مواجهة الفكر طالما أنها تنفي إمكانية حصول تقييم ذاتي والقيام بالتفكير في مضامين المفاهيم التي تعمل في حدودها. رابعا، الإيعاز بتبليغ الحقيقة للسلطة يفترض أن أولئك اللذين هم في السلطة ينصتون. وفي الواقع فإنه ليس من الواضح إن كانت السلطة ترغب في سماع ما يقوله الأكاديميون إلا إذا كان ما يقولونه يتوافق مع رغباتهم. وليس من الواضح إطلاقا ما إذا كان السياسيون ينصتون إلى الأفكار الجديدة والتفسيرات الابتكارية، وبدلا من ذلك، فإنهم ينتقون الأفكار (تماما مثل ما يفعل المتسوق في المراكز التجارية) بالشكل الذي يتناسب مع خياراتهم السياسية القائمة. وأخيرا، فإن مثل هذه النظرة تجعل من حقل العلاقات الدولية نظرية لحل المشكل بدلا من أن تؤدي دور الإنعتاقية. ويعني ذلك أن الحقل المعرفي يأخذ الأجندة السياسية كما هي، بحيث أن العالم برمته يتم التعامل معه كما يتم التعامل مع حالات التجنس. سوف يصبح عسيرا حينذاك على البعض ربط علاقة بالسلطة إذا لم يقبلوا بأجندتها، وسيؤثر ذلك على علم العلاقات الدولية، إذ سيصبح الحديث بالكاد يكون ممكنا عن قضايا عديدة في علم السياسة، مثل المجاعة، الفقر، والجندر والعنصرية طالما أنها ليست محورية في أجندة السياسي.

تعتبر كلتا المقاربتين مثيرتين للجدل، كونهما تنطويان على افتراضين خاطئين، بالنسبة للأولى يتعلق الأمر بكونها تنظر للنظرية كأداة مفسرة، وبهذا فإنه يمكن فصلها عن السياسة والسلطة. ومن جهة أخرى، فإنها تفترض تبليغ الحقيقة لصانع القرار. وفي كلتا الحالتين، فإن هذين الافتراضين يقومان على أساس الفصل بين الأكاديميين والسلطة، بالنظر إلى التزام مسبق مسلم به للتصور الذي ينيط بالنظرية دورا تفسيريا. أما بالنسبة للثانية فيتعلق الأمر بنظرة المقاربتين اللتين تدعوان إلى الفصل بين النظرية والممارسة، إذا ما أراد المنظرون إبقاء قيمهم بعيدا عن التحليل. ومن جانب آخر، للمرافعين عن السياسة المتبعة، فإن مجالي النظرية والممارسة منفصلين إلا أنه يمكن الجمع بينهما بشكل معين يساعد على تبليغ الحقيقة للسلطة. باعتقادي فإن العلاقة بين النظرية والممارسة تتوقف على طرح الافتراضين السابقين وبدلا منهما التسليم بعلاقات مختلفة بين الاثنين. وهكذا، وردا على النظرية التي تنيط بالنظرية دورا تفسيريا أود القول أن النظرية تشكل الممارسة، وردا كذلك على الطرح القائل بضرورة الفصل بين النظرية والممارسة، أقول أن مجالي هذين النشاطين مرتبطين ببعضهما ارتباطا وثيقا بشكل لا يمكن تجنبه. أكرر القول أنه لا توجد نظرة من فراغ، ولذا فإن النظرية والممارسة تتجهان دوما للتشابك. لا يوجد باعتقادي تحليل سياسي محايد ولا حقيقة (مطلقة) يمكن تبليغها للسلطة. وبالمثل لا يوجد وسط أكاديمي غير متحيز ولا يوجد فضاء محمي بأسوار قلعة أصولية إبستيمولوجية. بل أن كل النشاطات الأكاديمية يتم تفعيلها في سياق سلطوي معين، في ثنائية السلطة/المعرفة. في اعتقادي، فإن كل نظرياتنا تعكس وتعزز قوى اجتماعية محددة، وكل منهما تتعامل مع جوانب المجمع كجوانب تحظى بالأولوية والحظوة بحسب السياق الذي نشأت فيه. هناك العديد من الأمثلة حول كيفية التعامل بشكل ملموس مع مثل هذه القضايا. وأود هنا أن أشير إلى أعمال كل من بوث Booth و كامبيل Campbell كنماذج لكيفية طرح هذه الاهتمامات بشكل يسمح بجعلها مؤهلة لإفادة صانعي القرار السياسي من جهة، ومتفتحة على اهتماماتهم من جهة أخرى.
وبذلك، فإن الخيارات المتاحة لباحثي العلاقات الدولية ليست أن ينأوا بأنفسهم بعيدا عن الممارسة، أو أن يدعوا فهما متميزا للعلاقات الدولية يتيح لهم معرفة الحقيقة والهمس بها لصانعي القرار، بل عليهم تقبل حقيقة أن الاعتبارات الأخلاقية لا يمكن فصلها عن البحث، ولا يمكن إدراك أهميتها إلا عندما تتم الدعوة إلى تغييبها أو الإلحاح على ذلك. وبهذا فإن الخطابات السياسية الأكثر بلاغة تأتي من أولئك الذين يرون في غيابها إحدى خصائص عملهم، ما يتيح لهم التركيز على “الحقائق” والخروج منها باعتبارات عملية ما يجعل العديد من تحركاتهم تبدوا أكثر “حصافة” من أخرى.

يعيدني ذلك للحديث عن العراق. بناء على ما سبق، فإن أية توصية عملية هي سياسية ومعيارية في جوهرها، وبالمثل فإن أي رفض للحقائق يركب الحرب يعكس قوى اجتماعية وسياسية، وتناسقا دقيقا لثنائية القوة/المعرفة. وباعتقادي فإن على العاملين في حقل العلاقات الدولية أن يدركوا بأنهم مندمجون في العمل السياسي والأخلاقي في آن واحد في كل مرة يقومون فيها بتدريس الممارسة السياسية، والبحث فيها، أو الدفاع عنها. التسليم بشيء من قبيل وجود نظرية بمعزل عن السلطة السياسية والقبول بعدم وجود مجال مستقل للممارسة السياسية لا تسنده نظرية، أو بوجود طروحات نظرية ومعرفية يمكن إبقاءها منفصلة عن بعضها البعض أو تركيبها ضمن توليفات شرعية، يعتبر من وجهة نظري الخطوة الأولى التي سيخطوها علم العلاقات الدولية، على حساب علوم اجتماعية تدعوا إلى التخلص من التأثيرات القيمية. وذلك ببساطة لأن الادعاء بإمكانية التمييز بين الحقائق والقيم ينطوي في حد ذاته على تحيز لمواقف معينة من السياسة والأخلاق. لقد تعرضت وجهة نظري للانتقاد من حيث أن ما أدعو إليه من حوار وتركيب يعتبر مستحيلا، كما أنه يستحيل إلى نسبية عدمية، ومثل هذه الانتقادات نجدها عند مورافسيك الذي يقول بهذا الشان: “إن البديل الذي يطرحه سميث، والذي يدعو من خلاله إلى تعدد نظري أشمل يعتبر تعسفا، وهو يعبر عن التماس المحافظين لتجميد هذا الحقل المعرفي… (إنه) لا يقترح بديلا عمليا بل يدعو إلى الإبقاء على الوضع القائم… وهو يتعامل مع التعدد كشيء أسمى من اللاتعدد- وهذا نوع من الجزم الذي يسمح بتمرير أي شيء من خلاله.”

عوضا عن وجهة النظر الحالية المهيمنة في العلوم الاجتماعية، التي جمدت هذا الحقل المعرفي، توجد نظرة تقوم على موقف معين تجاه العلاقة بين النظرية والممارسة تنم عن خلفيات ثقافية محددة. لقد حان الوقت ليدرك الباحثون في هذا الحقل المعرفي بأننا جميعا انجذبنا إلى حلقات هيرمونيتقية وتركيب للذاتانيات. كون كل وجهات نظرنا مستمدة من خلفيات معينة. فلا يوجد شكل محدد للعالم، لأنه ليس بالشيء الذي يمكن الإمساك به وتحسسه، أو تحقيقه أو الولوج إليه، طالما أن كل الحقائق متحيزة. إن العمل الأكاديمي الناضج يحتاج إلى أن يعكس أكثر القوانين التي نتفاوض من خلالها، وليس بالإلحاح على الطرق التي يتم من خلالها تمييز وتركيب تلك التفسيرات المختلفة للحقيقة. الحقيقة ليست بشيء ما نجده، إنما هي شيء ننشه، سواء بوعي أو من دونه بدعم من بعض القوى الاجتماعية دون أخرى. ومن هنا فإن الاعتراف بأن تداخل القوة والمعرفة شيء لا مفر منه، هو المرحلة اللاحقة في تطوير حقل أكثر نضجا للعلاقات الدولية، إن هذا الإقرار يتطلب منا التحقق من القواعد التي نفاوض من خلالها عند الالتحاق بعالم العلاقات الدولية(عالم الممارسة).
تمت ترجمة المقال عن المصدر باللغة الإنجليزية: مجلة العلاقات الدولية والتنمية، سبتمبر 2022.


التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

الروابط بين النظرية والممارسة في السياسة الدولية

http://www.4shared.com/get/37110698/…/________.html
هذا رابط كتاب بعنوان:
العلاقات الدولي_الروابط بين النظرية والممارسة في السياسة الدولية



التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

القانون المتعلق بالدوائر الإنتخابية

التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

خطة بحث النظام الشبه الرئاسي

النظام الشبه الرئاسي ( النظام الفرنسي نموذجا)

خطة البحث:

مقدمة

المبحث الأول: مفهوم النظام الشبه الرئاسي.

المطلب الأول: تعريف النظام الشبه الرئاسي.
المطلب الثاني: نشأة النظام الشبه الرئاسي.
المطلب الثالث: مزايا وعيوب النظام شبه الرئاسي.

المبحث الثاني: مؤسسات النظام الشبه الرئاسي.

المطلب الأول: المجلس الدستوري.
المطلب الثاني: السلطة التنفيذية.
المطلب الثالث: السلطة التشريعية.
المطلب الرابع: السلطة القضائية.

الخاتمة.

الهوامش.
قائمة المراجع.


التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

النظرية السياسية المعاصرة

النظرية السياسية المعاصرة

الديمقراطية والليبرالية

بداية المحاضرة مع الملاحظات التالية :
أود في بداية المحاضرة الإشارة إلى نقطة تتعلق بهذه المحاضرة و المحاضرات اللاحقة ضمن هذه المادة:
في الواقع و بعد الاستماع إلى محاضرات الدكتور “حسني الشياب” في مادة النظرية السياسية المعاصرة، وهي محاضرات في غاية الأهمية من ناحية تحليل النظرية والنظرية السياسية، ثم حديثه عن مناهج البحث، و أيضا بعد ذلك الإطلاع على كتاب “الأكاديمية” الذي يحمل عنوان “النظرية السياسية المعاصرة” للدكتور قحطان أحمد الحمداني” والذي يتحدث أيضا بعمق عن مناهج البحث في النظرية السياسية في التعريف والمفاهيم. نرى أنه ومن باب الحفاظ على الوقت و الاستفادة منه بشكل كبير، نرى أن الدخول إلى عمق بعض النظريات وتفصيلها هو في غاية الأهمية ، حتى لا نقع في مشكلة التكرار لمحاضرات سابقة. ولذلك ستكون النظريات السياسية الديمقراطية والليبرالية هي موضوع لمحاضراتنا في النظرية السياسية المعاصرة. طبعا سنأخذ أمثلة متعددة من العالم أو أمثلة على النظريات السياسية. ( إنكلترا، الولايات المتحدة،فرنسا..الخ)

السياق التاريخي

في مواجهة صعود الاستبداد ضمن سياق الحروب الدينية، بدأت مع نهايات القرن السادس عشر و بداية السابع عشر تتشكل ما يمكن أن نسميها “المذاهب الديمقراطية”، وهي نظريات وأفكار تدعو لاقتسام السلطة داخل الدولة بين الملك و مجالس أخرى، و مذاهب “ليبرالية” تدعو لوضع حدود لسلطة الدولة. تم بناء الأفكار على أسس فكرية قديمة أهمها: القانون الروماني،الأفكار التي كانت سائدة في المدارس الفلسفية وأهمها أفكار أرسطو، الفكر الجمهوري الإيطالي،الإنسانية، ونضيف لها الأفكار الإصلاحية المسيحية.

أولا ـ جون لوك و نظرية سيادة القانون.

جون لوك هو المنظر الرئيسي لما يمكن أن نسميه “الثورة المجيدة” في انكلترا 1688، هذه الثورة التي شيدت الملكية الدستورية و الليبرالية الاقتصادية. ولد جون لوك في عام 1632.درس الأدب والطب في أكسفورد. أم أهم مؤلفاته فهي ( محاولة حول التسامح، الاختلاف بين السلطة الدينية والسلطة المدنية،رسالة حول التسامح،نصوص حول المسيحية و العقل).
انتقد جون لوك في الجزء الأول من كتابه “تحليل الحكومة المدنية”، الطروحات الملكية لمعاصره “روبيرت فيلمر” التي تقول بأن السلطة السياسية لا يمكن أن تكون إلا ملكية و أن “السلطة الأبوية” للملوك أسست في نفس الوقت بالطبيعية و من خلال الثورة. يقول لوك أن هذه النظرية خاطئة ولابد من اكتشاف واحدة أخرى تتعلق بالحكم. ومن أجل هذا لابد من العودة للحالة الطبيعية عند الإنسان. فما هي هذه الحالة الطبيعية ؟

ـ الحالة الطبيعية:

هي حالة من الحرية و المساواة، حيث لا يوجد تبعية أو طاعة بين البشر، والذين هم من فضاء واحد ونظام واحد، لقد ولدوا من غير اختلاف ولديهم نفس المؤهلات. طبعا هذا الطرح كان قد سبق عصر جون لوك وخاصة في المدارس الفلسفية التي اعتمدت النهج الأرسطي، ثم تم أعادة تشكيله تحت عناوين مختلفة أثناء الثورة الإنكليزية.

الحرية الطبيعية ليست من غير حدود عند لوك. إنها محددة بما سماه “قانون الطبيعة” نفسه، هذا القانون يمتزج مع العقل والذي يعلم جميع الناس أن البشر جميعهم متساوون ومستقلين ،يجب ألا يضر أحد أحدا آخر، لا في حياته ولا صحته ولا حريته. نفس المنطق في الحق الطبيعي يتطلب أن يكون لدي القدر على محاسبة الذي يشكل أذى لي أو يضرني، هذا الذي يغتصب القانون الطبيعي. والجميع في حالة الطبيعة يمتلكون هذا الحق الذي يتكون من جانبين أساسيين : إعاقة ضرر الآخرين، و الحصول على الحق في محاول وقوع هذا الضرر. هذا الحق في الدفاع عن النفس وفي العقوبة هو أيضا له حدود، حيث لا نستطيع أن نفعل ما نريد مع شخص مذنب.

في الواقع من العبث القول أن الإنسان سيطبق القانون في غير مصلحته، لأن “حب الذات” كما يقوا لوك يجعل من البشر متحيزين لمصالحهم و لمصالح أصدقائهم. بالتأكيد، ولهذا السبب سنرى أن الإنسان يسعى للخروج من الحالة الطبيعية إلى حالة أخرى نتحدث عنها لاحقا.

نرى جون لوك أنه مازال يصطف خلف التقاليد القديمة الموروثة من (أرسطو،سان توماس،و غروتيوس)، حيث أن حالة الطبيعة هي منذ البداية حالة اجتماعية، البشر مجبرون للقيان بأشياء تجاه بعضهم البعض، حتى ولو لم توجد حالة مدنية أو حالة سياسية.
ـ الانتقال من الحالة الطبيعية إلى الحالة السياسية.
ترافق الحالة الطبيعية العديد من الصعوبات. حيث ملكية الفرد أو الإنسان في هذه الحالة معرضة لضعف وهشاشة كبيرة. يقول جون لوك هنا :” إذا كان الإنسان حرا في حالة الطبيعة وسيدا مطلقا على شخصيته وأملاكه، إلا أنه ليس الوحيد الذي يمتلك ويعيش نفس الحرية، فالجميع لديهم نفس المميزات والقسم الأكبر منهم لا يحترم المساواة ولا العدالة، وهذا يعرض الملكية للخطر وعدم الثبات. ضمن هذه المشكلة لابد من البحث عن علاج.

ولكن السؤال هنا: هل نترك الحالة الطبيعية للبحث عن حالة أكثر سوءا منها ؟
حالة الطبيعة حتى ولو كانت عابرة وغير ثابتة إلا أنها عند جون لوك تختلف عن ما جاء به “هوبز”. هوبز يرى أن الحالة الطبيعية هي قاتلة، فمن أجل حماية الحياة نحن جاهزون لكل شيء،وخاصة للتضحية بالحرية. بينما عند لوك لا نصل للحديث عن فقدان الحياة بل عن الازدهار ، لذلك لا يمكننا الانتقال للحالة السياسية إذا كنا سنفقد ميزات الحالة الطبيعية. ولن نغير حالتنا الطبيعية إذا لم نحصل في الحالة الجديدة على ميزات أكثر من الحالة الماضية.

من أجل وضع حد أو نهاية لضعف وهشاشة الحياة في الحالة الطبيعية، لابد من أن نجتمع أو ننتقل إلى الجماعية. حيث يتخذ الإنسان قرارا بالاتصال بالإنسان الآخر، من أجل حماية بالتبادل لحياتهم،لحريتهم ولأملاكهم. وحتى يصيح هذا ممكنا، يجب و يكفي أن كل فرد من بين الجماعة يمتلك و يمارس حقه الطبيعي ، وهنا لن يكون لديه القدر على الحصول على حقه أو يثأر للضرر الواقع عليه لأنه أصبح يعيش في جماعة وليس لوحده. إذا الجماعة هنا عليها أن تمتلك القوانين والتي من خلالها تتم المحاسبة ثم تنفيذ الأحكام، في هذه الحالة الحق الطبيعي في العقوبة سيكون مضمونا من قبل الجماعة بدل من أن يقوم كل فرد وبنفسه بتحصيل أو تطبيق الأحكام.

نستنتج هنا الصفات الثلاث الجوهرية للاجتماع السياسي. هذا الاجتماع سيكون لديه :
1ـ قوانين، معروفة وواضحة ومجربة.
2ـ قاض يطبق القوانين بشكل موضوعي، وهذا ممكن لأنه لا يطبق قوانينه الشخصية بل قوانين الجماعة أو المجتمع السياسي.
3ـ سلطة تستطيع تنفيذ الأحكام ، وهذا ممكن أيضا لأن من سيملك السلطة هي قوة مشتركة مكونة من كل الجسم الاجتماعي.

من يريد مميزات قيام الدولة عليه القبول و احترام هذه القوانين التي تكفل الحرية التي كفلتها القوانين الطبيعية. و بالتالي يتم التخلي عن الحق الطبيعي في العقوبة لصالح السلطة ( إلا في حالات الدفاع عن النفس حيث الضرورة والحالة الطارئة لا تسمح للسلطة بالتدخل الفوري).

هنا ننتقل لما نسميه “العقد الاجتماعي”،هذا العقد الذي لن يجعلنا نخسر أو نفقد حقوقنا في تبادلها مع الآخرين لأن:
ـ العقد الاجتماعي سيحمي الملكية، أو جوهر الحقوق الطبيعية.
ـ يتم التخلي عن الحقوق التي ليست من الأولويات، لأن الدولة ستنوب عن الفرد في ممارستها، وسيكون هذا لصالح المجموع.

إذا يمكننا في النهاية أن نختصر نظرية العقد الاجتماعي عن جون لوك بما يلي : حقوق انتقلت إلى الدولة حيث كانت في حالة الطبيعة : وفيها (الحق في تفسير القانون الطبيعي ،الحق في الحكم،الحق في العقوبة). وأصبحت في المجتمع السياسيتعليم_الجزائر سلطة تشريعية، سلطة قضائية، سلطة تنفيذية). أما بالنسبة للحقوق المتعلق بالفرد ، انتقلت من حق الملكية الطبيعي إلى حق الملكية القانوني.
ـ الاجتماع السياسي و حماية الملكية.
الخروج من الحالة الطبيعية ليس لديه معنى إلا إذا أوصلنا لحماية أفضل للملكية التي يملكها الإنسان في الحالة الطبيعية . فالدولة ليس لوجدها سبب إذا لم تكن تستطيع حماية الملكية. وهنا يقول جون لوك :”النهاية الرئيسية و الجوهرية، لوضع يكون فيه الناس مجتمعين أو خاضعين لجمهوريات أو حكومات، هي حماية و الحفاظ على ممتلكاتهم”. وهنا الدولة يجب ألا تستخدم قوة المجتمع ،في الداخل، إلا من أجل ضمان تطبيق القوانين، وفي الخارج، من أجل حماية الدولة من الاعتداءات الخارجية، ووضع المجتمع في حماية من الغزو أو الاجتياح.

ـ حدود السيادة.

من الوظيفة الأساسية للمجتمع السياسي في حماية “المجال الخاص” سيكون لدينا وظيفة أخرى كبرى: وهي حدود السلطة السياسية. يقول جون لوك في هذا الصدد:” بما أن المواطنين ليس لديهم اهتمام آخر إلا القدرة على الحفاظ على شخصياتهم،حريتهم، ملكياتهم، فإن سلطة المجتمع و السلطة التشريعية المقامة من خلالهم لا تستطيع الافتراض أن من واجبها الامتداد بشكل أوسع و أبعد من حماية الخير العام. هذه السلطة يجب أن تضع في مأمن وتحافظ على المجالات الخاصة لكل إنسان.

إذا السلطة التشريعية، إذا كانت عليا ( أعلى مصدر تشريعي في الدولة)، فهي ليست مطلقة، إنها محددة كالدولة نفسها، من خلال القوانين الطبيعية. ويقول جون لوك في هذا الشأن:” إنها سلطة ليس لها غاية سوى الحفاظ على الحقوق، فليس من حقها التدخل في تحديد أي موضوع. قانون الطبيعة يستمر دائما كقاعدة أبدية بالنسبة لكل البشر، عند المشرعين وعند غيرهم، وقوانين المشرع يجب أن تنطبق مع القوانين الطبيعية”.

جون لوك يشكل هنا في نظريته ما سيصبح قلب أو مركز مذهب حقوق الإنسان، و الذي كل الديمقراطيات الليبرالية الحديثة تعترف به كمؤسس لها، حيث هذه الديمقراطيات جعلت من مبادئ جون لوك مبادئ عليا لها.

ـ شروط قيام و تجديد العقد الاجتماعي.

إن المفهوم الذي قدمه جون لوك “للعقد الاجتماعي” ليس مفهوما طوباويا لا يمكن تحقيقه. إنه لا يتخيل أن الناس يجتمعون في يوم جميل و يخلقون الدول بواسطة اقتراع شكلي. إنه يفهم العقد الاجتماعي أن بإمكانه أن يكون بشكل متعاقب متتالي و ضمني. لقد دفع لوك هذه الموضوع و التفكير فيه بشكل كبير نحو الأمام. حتى أكثر مما قدم جان جاك روسو في “العقد الاجتماعي”. أما الشروط التي تحدث عنها جون لوك فهي :
1ـ ضرورة الانتساب الطوعي:

الإرادة الطوعية في الانضمام على العقد الاجتماعي، وفي كل الظروف، هي مطلوبة حتى يكون العقد سليما وصالحا. بحيث لا أحد يمكن أن يسحب الحالة الطبيعية ويخضع للسلطة السياسية للآخرين من غير إرادته الخاصة.

2ـ تاريخية “العقد الاجتماعي”، أي حصوله تاريخيا:

فيما يتعلق بالعقد الاجتماعي الطوعي يمكن أن نقدم اعتراضين على هذا المفهوم : الأول، عدم وجود مثال تاريخي لمجتمع سياسي بدأ بعقد اجتماعي. ثانيا، وهذا من جهة أخرى مستحيل، حيث كل إنسان ولد في دولة ومن هنا حريته هي منذ البداية متنازل عنها، فهو ليس حرا برفض العلاقة التي أخذها وربطته مع الآخر في مكان وجوده أو في مكان آخر.

فيما يتعلق بغياب المثال التاريخي، جون لوك يعترف بالعقبة. فالانتقال من مرحلة الطبيعة إلى المرحلة الاجتماعية ضاع غياهب الماضي. رغم ذلك، يعتقد لوك أن الحكومات الملكية البدائية أنها كانت ثمرة لعقد اجتماعي. باختصار، الدول هي في الحقيقة تشكلت بواسطة عقد اجتماعي طوعي، حتى ولو كان هذا العقد في الغالب ضمنيا و نتيجة لتتابع أو توال في الانضمام الفردي إليه.

ـ مذهب الحرية برعاية القانون أو ” دور القانون”.

رأينا أنه في عملية الارتباط أو التجمع السياسي، القوانين الناتجة عن الطبيعة تتجسد في القوانين المدنية. وعلى هذه القوانين تستند الأحكام والقضاء. “دولة لوك” هي حكومة من القوانين وليس من البشر، هي حالة من حكم القانون. من هذا المفهوم و الذي كان قد خضع للتداول في إنكلترا قبل جون لوك، يستنتج جون لوك أو يعطي تحليلا خاصا واضحا وعميقا. إنه يبين أن “دور القانون” و الحرية لا يمكن فصلهما وكل منهما يشترط الآخر. هذا المذهب سيشكل جوهر الليبرالية الحديثة.

أولاـ جوهر الحرية.

لا بد في البداية من الإشارة أن الحرية لا تعني القدرة على فعل كل شيء. إنها شيء آخر، إنها عدم الخضوع لسلطة تعسفية للآخر. ” الحرية الطبيعية للإنسان هي عدم خضوعه لسلطة تهيمن على إرادته، الحرية ترتكز على أن تكون غير معيقة أو تشكل عنفا ما ضد الآخرين”. بمعنى آخر الحرية ليست سلطة بل هي علاقة اجتماعية، وعكس الحرية ليس الضرورة بل التعسف و القهر.

ثانياـ جوهر القانون.

يتطرق لوك لهذا الموضوع بعناية ودقة. إنه يبين أن ، إذا القانون استطاع أن يلعب هذا الدور، هذا يعني أن له قيمة معرفية إدراكية: إنه قبل كل شيء معرفة ما يتوجب علينا فعله وما يجب ألا نفعله. إذا إنه يعطينا الوسيلة الفكرية لتجنب كل خلاف معه و يعطي للآخرين نفس الوسيلة بالنسبة لنا.

ثالثاـ العلاقة بين القانون والحرية.

القانون عندما يدرك ويتم فهمه فإنه يجعل الحرية ممكنة. فحيث لا يوجد قانون لا توجد حرية. في حكم القانون و سلطته، قدرتنا على التصرف محدودة، حيث لا يمكننا معارضة القانون في التعدي على أملاك الآخرين أو على حريتهم. بالمقابل حريتنا غير محددة، في أشياء أو أسباب جيدة، أي عندما نتصرف وفق القانون. أما قوة الدولة في “حكومة من القوانين وليس الأشخاص” لا يمكنها التدخل غلا وفق القانون، القاضي لا يستطيع أن يقضي إلا وفق القانون. لذلك التعسف والقهر ضد الفرد لا ينتج من سلطة ناتجة عن إرادة هذا الفرد.

وفي دولة جون لوك، الناتجة عن عقد اجتماعي، التعسف الدولاتي تم تقليصه على أبعد حد، ذاك الحد الذي سيكون ضروريا لحماية الحرية.

ـ صفات القانون.

حتى يستطيع القانون أن يلعب الدور الذي يريده له جون لوك، لابد أن يكون مؤكدا وواضحا في الموضوع الذي يتناوله. لأن أي غموض في القانون سيؤدي للإضعاف من قيمته المعرفية. يحدد جزن لوك صفات القانون بما يلي :
ـ الوضوح : أي الابتعاد عن الغموض في صياغته. ونحن نعرف من ايام الرومان أن كل تقدم في القانون هدف للبحث عن أدوات معرفية فكرية تسمح بتقليل الغموض في القوانين.
ـ العمومية: ينتج تعميم القانون من خلال مفهومه. على القانون ألا يصدر عن شخص أو يستهدف شخصا،فالقانون المدني يجب أن يكون عاما كما هي قوانين الطبيعة.
ـ نشر القانون والإعلان عنه: القانون ليس المطلوب فقط معرفته، بل يجب أن ينشر أمام الجميع.بمعنى الجميع يعرفون بأن الجميع قد علموا وعرفوا بهذا القانون. و بالتالي هناك واجبات من قبل الجميع تجاه هذا القانون. أيضا القانون يشكل وسيطا بين جميع المواطنين يساعدهم على الاتصال فيما بينهم ويشكل تصرفاتهم تجاه قضايا معينة.
ـ ألا يكون للقانون مفعول رجعي: هذه صفة ملازمة للصفة الماضية أو ناتجة عنها. إذا كان القانون ذا مفعول رجعي، فهذا يعني أنه وجد زمن خلاله هذا القانون لم يكن منشورا أو معلنا عنه، وخلال هذا الزمن لا يوجد أي مواطن كان يعرف أن هذا القانون ساريا.
ـ الاستقرار: منذ لحظة الإعلان عن القانون، هذا يعني بعدم تطوير التشريع إلا ببطء كبير. فالتشريع الذي يتغير باستمرار لن يكون لديه الوقت لكي يصبح عاما ويعرف الجميع،و بالتالي لن يشكل قاعدة من أجل تعاون المواطنين فيما بينهم، ولا من أجل الحفاظ على حرياتهم في مواجهة السلطة.
ـ المساواة: فكرة المساواة أمام القانون هي فكرة قديمة، لكن نظرية لوك السياسية و حول القانون تضيف الجديد على الفكرة. السبب الذي من أجله يجب أن يكون القانون مساويا للجميع هو سبب إدراكي معرفي وليس سببا أخلاقي. إذا من الواجب أن تكون القوانين مساوية للجميع، هذا لأنها الوسيلة الوحيدة حتى يعرف كل واحد بماذا هو مرتبط ومتمسك ، ومهما كان الشخص الذي يندمج أو يعيش معه. و إذا الآخر ليس لديه نفس الحقوق التي أملكها، لا استطيع أو لا أعرف كيف سأتفاعل معه، حيث أنني في حالة عدم المساواة، سأجهل الواجبات القانونية التي يخضع إليها الآخر بالنسبة لي، و ما هي واجباتي القانونية تجاهه.
لقد أكد جون لوك في نظريته السياسية على الصفات المتعددة للقانون ، حتى يكون بإمكانه إدانة جميع السياسات التي تستخدم القوانين الطارئة، التعسفية والقمعية تجاه الإنسان. ثم إدانة القوانين التي تشرعها الأكثرية و لا تأخذ بظروف الأقلية وحاجاتها. إذا حصل هذا من تجاوزات للقوانين وعدم اكتمال صفاتها المذكورة فإنه من الأفضل كما يقول لوك العودة إلى حالة الطبيعة.

إن جون لوك يؤسس بنظريته السياسية و القانونية، نظرية كاملة للثورة في بلاده، مبررا الثورة التي قامت في عام 1688 أو ثورة ” ويغ” Whig ، ولكنه أيضا وضع أسسا للثورات المستقبلية في الولايات المتحدة وفرنسا. لقد تفرد جون لوك في نظريته من خلال طرحه لمبدأ المقاومة ضد الأنظمة السياسية الطاغية، و إدخال هذا الحق في رفض الاضطهاد كمبدأ من المبادئ الدستورية، هذا المبدأ الذي أصبح عضويا في كل دستور ولا يمكن فصله عنه.

النظرية السياسية المعاصرة

الأكاديمية العربية الحرة
التطرية السياسية عند جون راوولز

نظرية ” جون راوولز” في العدالة

ولد جون راوولز في الولايات المتحدة عام 1921، وهو فيلسوف و بروفسور في جامعة هارفارد. في عام 1971 جمع فكره في كتاب ضخم، سماه “نظرية العدالة”. وفي عام 1993 كان له كتاب آخر تحت عنوان” الليبرالية السياسية”.بالرغم أن كتاب “نظرية العدالة” صنف وكأنه”ميثاق للحركة الاجتماعية الديمقراطية الحديثة”، إلا أنه أيضا يمكن الملاحظة أن “راوولز” يبرر سياسات إعادة توزيع الضرائب في دولة “الرفاهية/العناية” وفق قواعد سياسية صنفها “الديمقراطيون الاجتماعيون الكلاسيكيون” على أنها لم تكن على قطيعة كاملة مع تراث الفلسفة الماركسية، وخاصة الصراع الطبقي.

ـ في الواقع، مقابل ” التمامية أو الكلية” Holisme في الماركسية ( وهي نظرية أو مقولة تتحدث عن نظام معقد يشكل خلية واحدة، وهذا النظام العضوي الكلي أكبر و أعظم من أي جزء من أجزائه من الناحية الوظيفية)، راوولز يقبل بأن ” تعددية الأفراد، التي لها أنظمة تنتهي لغايات منفصلة، هي طابع وصفة جوهرية للمجتمعات الإنسانية”. بمعنى آخر يؤكد راوولز على حصانة وحرمة حرية الفرد. ثم يعلن قائلا:” سأصنف مبدأ الحرية يعادل كل شيء وهو قبل مبدأ الذي يتحدث عن اللامساوة الاقتصادية والاجتماعية”.

ـ و مقابل نظرية الصراع الطبقي، يقول بان الاقتصاد هو ذلك الذي إنتاجه بشكل يرتفع عندما المشاريع الفردية يكون لديها حرية المبادرة. وليس الاقتصاد بإنتاج ثابت لا يتغير. فاللامساواة الاجتماعية بهذه الحالة ليست نتيجة الملكية لطبقة و الناتجة عن عمل تقوم به طبقة أخرى.

إن النظرية السياسية عند راوولز نستطيع تصنيفها ضمن ما يمكن أن نسميه “التقليد الديمقراطي و الليبرالي”. ولكن في جوانب أخرى سنرى أنه يبتعد عن أسس هذه التطرية.

أولا ـ ما هي أهداف نظرية للعدالة ؟

يقول راوولز:” إن العدالة هي الفضيلة الأولى للمؤسسات الاجتماعية، كما الحقيقية هي أنظمة وطرق في التفكير، القوانين و المؤسسات يجب أن تكون عادلة”.

1ـ ضرورة مبادئ العدالة؛ صفاتها العامة؛ وبنية قواعد المجتمع.

العدالة، بالنسبة لراوولز، تتطلب في البداية ” حصانة” للشخص : لا يوجد أي مجتمع يمكن أن يكون عادلا إذا ارتكز على التضحية بالعديد من أفراده، أو حتى الأقليات فيه.من جهة أخرى، بما أن” المجتمع هو ارتباط، أكثر أو أقل رضا لأفراده، من الأشخاص الذين يعترفون بالعديد من القواعد الإجبارية لسيره،و الذين لديهم في نفس الوقت “صراع” من أجل المصالح و” هوية” للمصالح، فالمشكلة بالنسبة لهم ستكون التفاهم على مجموعة من المبادئ التي تحدد “توزيعا” صحيحا أو “عادلا” للامتيازات و المميزات و للأعباء”.

راوولز يقترح إقامة “مبادئ للعدالة” و التي سترضي أو تلبي هاذين المطلبين. اقتراحاته ستشكل أو تؤسس”نظرية العدالة بمعنى الإنصاف و الحق” ، أي justice as fairnesse. مبادئ العدالة يجب أن تكون عامة، بمعنى ليس فقط أن توجد و توضع في التنفيذ، بل أن تكون معروفة من قبل الجميع، كل واحد يعرف أن الآخرين يعرفون هده المبادئ مثله، كما يجب أن يكون هناك وجهة نظر مشتركة حول هذه المبادئ أو حول مبدأ العدالة، وبذلك يؤسسون “الميثاق الأساسي بمجتمع منظم بشكل جيد.بالتأكيد لن يكون لدى الجميع نفس الفكرة حول العدالة؛ ولكن وفق راوولز، على الأقل يظن أنه الجميع يستطيعون أن يحصلوا على نفس المفهوم حول ما يجب أن تكون عليه العدالة بشكل جوهري و أساسي. بالإضافة لذلك، نظام قواعد العدالة سيكون عليه السماح بالتنظيم،الفعالية و الاستقرار للحياة الاجتماعية.

أما “بنية قاعدية ” للمجتمع ستنتج من معرفة و الاعتراف بمبادئ العدالة. إنها ستضم تأسيسا سياسيا،و المبادئ والعناصر لنظام اجتماعي/اقتصادي، في داخلها سيكون للفرد دورا مميزا ووضعا أولويا.

في الواقع، عندما قرر راوولز دراسة “البنية الوحيدة القاعدية” للمجتمع، استبعد بشكل واع دراسة قواعد العدالة “للمجموعات الخاصة” داخل المجتمع. أيضا من جهة أخرى، دراسة العدالة يمكن أن تنقسم إلى نظرية “الخضوع الصارم” لقواعد العدالة أو ” عدالة مثالية”، و نظرية “الخضوع الجزئي”، ولكن راوولز لا يهتم إلا بالنظرية الأولى. فنظرية “الخضوع الجزئي” هي دراسة ” المبادئ التي تقود مسيرتنا أو سلوكنا ضد الظلم” ، و تضم نظرية العقوبات، تبرير الأشكال المختلفة لمعارضة الأنظمة الظالمة،التمرد،الثورات، اللاخضوع للحياة المدنية،الخ. مهما كانت أهمية هذه الدراسات، فإن راوولز يعتبر أن تعريف الظروف والشروط المثالية للعدالة هي لها الأولوية. و في النهاية، إنه يؤكد أن نظرية العدالة ليست هي نفسها سوى جزء من دراسة للمجتمع و لتعريف ” لحالة اجتماعية مثالية”. إن جون راوولز سيؤسس هذه النظرية على قواعد جديدة، ستتجاوز في نفس الوقت “النظرية النفعية” utilitarisme و ما يسميه ” الحدسية” intuitionnisme ( مذهب فلسفي يعتمد على الحدس قبل البرهان).

2ـ نقد النفعية.

إن نظريات النفعيون في الأخلاق وفي القانون سيطرت في العالم الأنكلوـ سكسوني، لكنها اصطدمت بتناقضات كان أهمها، أنها لا تتطابق إلا مع المشاعر الأخلاقية تلك التي نحصل عليها بالحدس المباشر. خطأ “النفعية” يتكون من أنها أرادت تطبيق على المجموعة الاجتماعية نفس المنطق الذي تطبقه على الفرد. فالفرد هو جاهز للتضحية بالعديد من رغباته، أو أن يصيبه العديد من العقوبات، من أجل الحصول في النهاية على أفضل شكل من الرضا الشخصي. النفعية رأت أن المجتمع يمكن أن يقوم بنفس المنطق. ولكن المجتمع في الواقع ليس لديه الحق بالتضحية بالعديد من الأفراد أو بحريتهم في سبيل سعادة الجميع. فالنفعية هنا كانت خاطئة من حيث أنها لم تأخذ على محمل الجد التعددية و الطابع الذي يميز و يفرق بين الأفراد. فالنفعية إذا ليست فردية.

نظرية العدالة كحق و إنصاف ستختلف عن النفعية، من حيث أنها لن تبحث نهائيا ولا في أي شكل من الأشكال عن الوصل بحالة التضحية بالفرد إلى أقصاها. أيضا بالإضافة لذلك، في النظرية النفعية هناك بحث للوصل إلى أقصى حد من الرضا، مهما كانت نوعيته، فالعدالة فيها ترتكز على الحصول على الأشياء التي تعرفها هذه النظرية بأنها جميعها جيدة. بينما في نظرية العدالة عند “جون راوولز”، على العكس، ” مفهوم العدل هو أدنى من مفهوم الخير، بمعنى تحقيق العدالة من خلال الخير”.

ثانيا ـ فكرة العقد الاجتماعي عن جون راوولز.

يقول “جون راوولز”، هدفي هو تقديم مفهوم للعدالة و الذي يعمم ويحمل إلى أعلى مستوى من التجريد النظرية المعروفة للعقد الاجتماعي، والتي نجدها عند “لوك”، “روسو” و ” كانط”. ومن أجل هذا،علينا ألا نفكر بأن العقد الأصلي هو مدرك أو مفهوم حتى يلزمنا أن ندخل في مجتمع خاص أو من أجل إقامة شكل خاص من الحكم. الفكرة التي سترشدنا هي قبل كل شيء مبادئ العدالة المقبولة من أجل البنية القاعدية للمجتمع وهذه المبادئ هي موضوع الاتفاق الأصلي في المجتمع.
إنها المبادئ نفسها التي، الأشخاص الأحرار والعقلانيون، الراغبون في تحويل رغباتهم و مصالحهم الخاصة ووضعها في موقع من المساواة، سيقبلونها، والتي وفقها، سيعرفون المصطلحات الأساسية التي ستربط فيما بينهم. هذه المبادئ عليها خدمة القاعدة التي هي أساس الاتفاقات، فالأشخاص يميزون أشكال التعاون الاجتماعي و الذي بداخله يمكن أن نلتزم، و أشكال الحكم التي يمكن أن تقوم أو تشيد. ضمن هذا الشكل من رؤية مبادئ العدالة، يمكن أن نسمي ذلك بنظرية العدالة كحق و إنصاف”.

نعتقد إذا أن عقدا اجتماعيا يمكن القيام به انطلاقا من حالته الأصلية، هو الذي يعادل أو يساوي ،وفق راوولز، ” حالة الطبيعة” التي تحدث عنها الكتاب الكلاسيكيون. المبادئ التي ستقام أثناء قيام العقد الاجتماعي هي ثمرة للتوافق بين الحدس والتفكير. الحدس الأول يجعنا نطرح العديد من المبادئ، تتوافق مع معتقداتنا الكبيرة حول العدالة، ولكن فيما بعد، عندما يتدخل التفكير، سيستطيع هذا التفكير، إما أن يؤكد قناعاتنا الأولى، أو يقودنا إلى تحسينها و إصلاحها. بمعنى في حال قيام العقد، فإن المبادئ التي يقام عليها سيتكون قد خضعت لتوازن مفكر فيه. وفي هذه الحالة، العقد الاجتماعي لن ينتج عن حقيقة بسيطة، ولا عن بناء مصطنع و مجرد للعقل، ولكن عن اختلاط بين الحدس و التفكير.

ثالثاـ الخيارات الكبرى للعدالة.

في الوقت الذي فيه يختارون مبادئ العدالة و البنية القاعدية للمجتمع، الناس من المفترض أنهم متساوون في المنافع،في طلب العدالة وفي الإرادة الخيرة. من جهة أخرى من المفترض أنهم يجهلون ماذا ستكون مواقفهم الخاصة في المجتمع. وبالتالي في هذه الحالة هم ينتقلون إلى العقد الاجتماعي تحت حجاب من الجهل. إذا عليهم التفكير حول المبادئ التي من شأنها الوصول إلى الحالة الأفضل لكل فرد سيعيش في هذا المجتمع. في هذا الحالة كيف تفرض مشكلة العدالة ؟

جون راوولز ينقل المشكلة إلى موضع آخر، ليطرح مجموعة من الخيارات أو ( مبادئ العدالة) و التي نوجزها بالتالي :
1ـ مبدآن للعدالة وفق التعبير القاموسي أو المعجمي ( نتكلم عنها في مراحل لاحقة) وهما :
ـ مبدأ الحرية الأكبر و الذي يساوي بين الجميع.
ـ مبدأ العدل من خلال تكافؤ الفرص، و مبدأ الاختلاف.

2ـ مفاهيم مختلطة. وفيها ثلاثة مبادئ أساسية :
ـ مبدأ المنفعة المتوسطة.
ـ مبدأ المنفعة المتوسطة، ولكنه خاضع لإجبار معين، هذا الإجبار إما أن يكون ضمان الحد الأدنى اجتماعيا، أو أن التوزيع الشامل و العام للمنافع في المجامع يجب ألا يكون فيه فوارق كبيرة.
ـ مبدأ المنفعة المتوسطة ويكون خاضعا لواحد من الإجبارين السابقين، مع إضافة التكافؤ في الفرص.

3ـ مفاهيم غائية كلاسيكية.( الغائية هي نظرية تقول بأن كل شيء في الطبيعة موجه لغاية محددة).
ـ المبدأ الكلاسيكي للمنفعة.
ـ مبدأ المنفعة المتوسطة.
ـ مبدأ الكمال.

4ـ مفاهيم حدسية. وتضم:
ـ التوازن للمنفعة الشاملة و مبدأ التوزيع العادل.
ـ التوازن للمنفعة المتوسطة ومبدأ التوزيع.
ـ التوازن بين قائمة من المبادئ المقبولة من النظرة الأولى.

5ـ مفاهيم أنانية. وتضم:
ـ استبدادية وديكتاتورية “الأنا”: حيث على كل واحد أن يخدم مصالحي ومنافعي.
ـ كل واحد أو فرد عليه التصرف وفق العدالة ويخضع لها، إلا أنا، حيث أقرر ما أريد فعله.
ـ بشكل عام: كل واحد لديه الحق بمتابعة مصالحه كما يراها.

إن جون راوولز يبعد مبدئيا كل المبادئ بعد توجيه انتقادات لها، باستثناء المبدأ الأول المتعلق بالمفهوم المعجمي للعدالة.

1ـ النفعية الكلاسيكية،النفعية المتوسطة، والكمالية.

ـ النفعية الكلاسيكية: تعتبر المجتمع كفرد واحد. هنا جون راوولز يذكر نظرية “آدم سميث” حول (المشاهد أو المتفرج الحيادي أو النزيه)، و التي تقيم المنافع و المصالح وغير المنافع أيضا ، لمختلف الأنظمة الاجتماعية والاقتصادية بأنها ممكنة. حيث وضع”سميث” نفسه في أماكن العديد من الموجدين في المجتمع، وشاهده من خلال رغباتهم ثم قارن فيما بينهم، بعد ذلك وقف لجانب النظام الذي يزود المجتمع أو الجماعة بأفضل المنافع. لكن راوولز ينتقد ذلك، حيث يقول أن هذا ينكر أن الرغبات عند الأفراد هي منفصلة وغير متشابهة ولا يمكن مقارنتها وفق مقياس واحد. بمعنى آخر، نظرية النفعية الكلاسيكية، لا تعتبر عذاب وألم الأفراد أنه ظلما، إذا استطعنا اعتباره ضروري للوصل للإرضاء العام في أقصاه.

ـ أما النفعية المتوسطة: و التي تسعى إلى الوصول إلى الرضا في أقصاها لأكبر عدد من أعضاء المجتمع، فهي امتداد وتشجيع للنفعية الكلاسيكية في العديد من النقاط.

ـ أخيرا، مبدأ الكمال، والذي يدعيه راوولز، بالمبدأ المعنوي ووفقه مجتمع يكون مفضل على آخر إذا سمح بظهور وتفتح الكمال عند الإنسان، وهذا يكون غير موجود في مجتمع آخر. ولكن في الواقع هذه المسألة نسبية. فالمجتمع الذي أعطى ( ليوناردو دافنشي، موزار، بيتهوفن، أو أي بطل رياضي ما) يمكن تقييمه بأنهم المفضل على مجتمعات أخرى، حتى ولو كان فيه الكثير من الفقر أو العبودية أو الظلم الاجتماعي. بشكل مقلوب، أصحاب النظرية الكمالية، سيقيمون بالمجتمع، حيث يحكم العدل الاجتماعي، ولكن فيه الناس هم بحالة رديئة. راوولز يرفض هذا المبدأ، لأنه في الحالة الأصلية أو الطبيعية للإنسان أي ما قبل العقد الاجتماعي لا يوجد أحد لديه أي ضمان بأنه سيكون من بين من يحصلون على الرضا الكامل بعد قيام العقد.
أما الحلول”الذاتية الأنانية” هي مبعدة لأنها متناقضة مع فرضيات القاعدة الأصلية. ولأن هذا المبدأ لا يمكنه أن يحدث اتفاقا بالإجماع، حيث هذا الاتفاق هو ضروري لإقامة العقد الاجتماعي. وإذا كل فرد تابع مصالحه بالطريقة التي يردها، فإننا نصل إلى مجتمع الأقوى هو الذي يحكم. وبما أنني تحت حجاب الجهل لا أستطيع معرفة ما هو وضعي بعد العقد الاجتماعي،هل سأكون ضعيفا أم قويا، فإنه من الخطورة القبول بهذا المبدأ.

ما هما مبدآ العدالة الذي تحدث عنهما جون راوولز ؟

المبدأ الأول :
كل شخص يجب أن يكون له حق متساو في النظام العام للحريات المتساوية للجميع.
ضمن هذا المبدأ،الحريات الأساسية لا يمكن الحد منها إلا باسم الحرية نفسها، وهنا يوجد حالتين: أولا، تقليص للحرية يجب أن يدعم النظام العام للحريات الموزعة بين الجميع؛ثانيا، عدم المساواة في الحريات يجب أن يكون مقبولا من قبل أولئك الذين لديهم حرية أقل.
المبدأ الثاني:
عدم المساواة الاقتصادية و الاجتماعية يجب أن تكون محدودة، ولكن ضمن مجتمع مفتوح أمام الجميع و يؤمن بتكافؤ الفرص.
هذا المبدأ عمليا موجود في مبدأ الفعالية والوصول إلى أقصى حد من المنافع؛ و بالنسبة للمساواة في تكافؤ الفرص هي موجودة في داخل مبدأ الاختلاف. وهنا أيضا لدينا حالتين : الأولى، عدم المساواة في الفرص يجب أن تحسن فرص الذين لديهم فرصا أقل؛ ثانيا، معدل مرتفع من الادخار يجب أن يخفف التكاليف و الأعباء عن الذين لا يستطيعون تحملها.

المبدأ الأول :
الحريات الأساسية للمواطنين هي بشكل عام، الحرية السياسية ( حق الاقتراع أو حق الوصول إلى أي مركز عام في الدولة و المجتمع)، حرية التعبير،الاجتماع، حرية التفكير و الاعتقاد؛ الحرية الشخصية والتي تضم الحماية من أي تعسف أو ممارسة للتعذيب، وتضم أيضا حق الملكية، الحماية من التوقيف و السجن التعسفي. وجميع المواطنين في دولة قائمة على العقد الاجتماعي يجب أن يحصلوا على هذه الحقوق بشكل متساو. نلاحظ هنا أن الحريات التي لا تظهر على هذه القائمة من الحريات الأساسية هي ليست محمية بالمبدأ الأول. يقصد هنا “حق تملك العديد من الأملاك الضخمة، مثل وسائلا لإنتاج مثلا. وعندما يقول جون راوولز أن الحريات لا يمكن الحد منها إلا باسم الحريات، فهذا يعني أن الحد من واحدة من الحريات، أو الحد منها عند العديد من المواطنين، هذا مشروط بزيادة الحريات عند الجميع أو الآخرين.

المبدأ الثاني:
يطبق على توزيع الدخل والثروة، وعلى بناء منظمات تستخدم سلطات مختلفة ومسؤوليات مختلفة ومتعددة. كل فرد يستطيع الانتماء إلى نظام اقتصادي أو اجتماعي الذي يحسن الفرص للجميع. لا بد من التذكير هنا أن مبدأ الاختلاف يرتكز على الفكر الليبرالية حيث الاقتصاد هو تعاون يحسن بشكل قاطع الإنتاج العام. فعندما عدد من الفاعلين يربحون أكثر من الآخرين، فهذا يمكن أن يشارك في تحسن الإنتاج العام.

رابعا ـ المساواة الديمقراطية

لقد ترك راوولز بشكل مقصود بعض التعابير الغامضة ضمن هذا المجال، وأهمهما تعبيران أساسيان هما ” المنفعة للجميع” و ” مفتوح للجميع”. الأول يمكن أن يمتد إلى معنى آخر إما أن يكون “مبدأ الثبات والفعالية”، أو ” مبدأ الاختلاف، أما الثاني، إما “طريق مفتوح أمام المواهب والإبداعات” أو” العدالة في الفرص”.إذا افترضنا أن المبدأ الأول ليس غامضا،سيكون لدينا إجمالا وفي هذه المرحلة، أربع تفسيرات ممكنة للمبدأين والتي يسميها راوولز كما يلي : 1ـ نظام الحريات الطبيعية.2ـ المساواة الليبرالية.3 ـ الارستقراطية الطبيعية.4ـالمساواة الديمقراطية. راوولز سيبعد الثلاثة الأولى لصالح “المساواة الديمقراطية”. لذلك نتناول هنا التفسير الثالث عند راوولز.

من بين الأنظمة الاجتماعية المختلفة والممكنة، راوولز يدين تلك الأنظمة التي تضم بشكل كلي أو جزئي الملاحظات التالية :
ـ “نظام الحرية الطبيعية”، الذي يعرّف من خلال ،الحرية، الطريق المفتوح أمام المواهب و من خلال الفعالية، بمعنى لآخر الليبرالية المحضة من غير وجود “دولة العناية أو الدولة الفاضلة”، هو بشكل مضاعف نظام ظالم ويرفضه راوولز.

ـ مجتمع” المساواة الليبرالية”، و الذي يعرّف من خلال الحرية، مبدأ الفعالية و تكافؤ الفرص، بمعنى آخر مجتمع ليبرالي مع نظام ضريبي مفروض، كذلك نظام للتعليم، خاص أو عام، ممهد أمام كل الطبقات،هو مجتمع مفضل على السابق، حيث أنه يبحث عن تقليص التأثير الاصطدام الاجتماعي و من الصدفة الطبيعية لتوزيع الثروة. مع ذلك، راوولز يتهمه بأنه لا يصارع إلا في جزء منه من أجل المساواة وتكافؤ الفرص.
ـ “الأرستقراطية الطبيعية”، ستكون النظام الاجتماعي الذي سيحترم الحرية، مبدأ الاختلاف والطريق المفتوح أمام المواهب. وهذا يعني مجتمع منظم، والمراكز القيادية فيه تعود فقط لمن يستحقها أو لأصحاب القدرات، من في أن نقلق من الظروف التي يمكن أن تغير من ذلك.

لكن راوولز يرفض أيضا هذا النظام، حيث أنه لا يفعل شيئا من أجل تصحيح اللامساوة الاجتماعية أو الطبيعية في الفرص. يبقى إذا “المساواة الديمقراطية”، بمعنى آخر المجتمع الذي يعترف بمبدأي العدالة. راوولز يصف هذا النظام كما سيأتي.

مؤسسات “دولة العناية أو الفاضلة”.

1ـ المؤسسات التي تتطابق مع المبدأ الأول.
المجتمع يجب أن يكون “ديمقراطية ليبرالية”، إذا نفهم من خلال استخدام هذا المصطلح، أنه يحترم حقوق الإنسان و الحريات الفردية و أنه ديمقراطي على الصعيد السياسي، ويرتكز على مبدأ “دور وحكم القانون، وعلى دولة الحق، حيث القانون معمم على الجميع ويعرفه الجميع وهو مرتكز الجميع. يضيف جون راوولز، إذا الحرية لا يمكن أن تكون محدودة من خلال النظرة أو البحث عن أفضل توزيع للمنافع الاجتماعية والاقتصادية، إلا أنها يمكن أن تكون كذلك باسم الحرية نفسها.

راوولز يميز بين الحالة المثالية التي تكون لدينا بشكل فعلي بعد العقد الاجتماعي، الذي يؤسس مجتمعا عادلا، و الحالة غير المثالية، حيث نتفق على ما يمكن أن يكون في مجتمع عادل، ولكن نحن نعرف أن المجتمع الحالي هو غير عادل ولا بد من تبديله.وفي الحالة الأخيرة، راوولز يعلن: أننا نستطيع أن نقيد حريات أولئك، على الأقل الحريات السياسية، الذي يعارضون هذه التغييرات.

2ـ مؤسسات تطابق المبدأ الثاني.
المبدأ الثاني هو بدوره دليل من أجل تحديد البنية القاعدية للمجتمع. إنه أولى مقارنة بالمبدأ النفعي القائل بالوصول إلى أقصى حد من المنتج الاقتصادي. هذه العناصر التالية لنظام راوولز تقترب من سياسات”الاجتماعية ـ الديمقراطية” التقليدية.
يؤكد راوولز أنه سيبين العديد من الأفكار حول البنية الاجتماعية/الاقتصادية من أجل تبيين خصوصيته حول العدالة. إن مسألة البنى الجيدة الاجتماعية الاقتصادية تبين أو تعطي علوما اجتماعية واقتصادية.فنظرية العدالة لا تهتم سوى بالمبادئ. كذلك، بشكل خاص، راوولز يؤكد أن نظريته لا تسمح بأن نفضل أو نؤثر شيئا مع أو ضد الليبرالية أو الاشتراكية. فالنظامان يمكن أن يرضيان أو العكس، أهداف العدالة. فمسألة الاختيار بين اقتصاد متمركز على الملكية الخاصة أو العامة، هي متروكة أو مفتوحة على طول و أثناء عملية التنمية. ولكن هناك فكرة سابقة تقييمية تتعلق بالنظام الليبرالي ولصالحه وهي أنه يحترم الحريات.
إن راوولز سيصف ليس فقط بنية قاعدية مثالية،يبحث عن تأسيسها أو خلقها،ولكن بشكل عام، يبحث عن “دولة العناية/الرفاهية” والتي هي موجودة من قبل، والذي يبحث عنه هنا “هو رؤية كيفية تنظيمها يتفق مع مبدأي العدالة”. الهدف هو،فلنتذكره كما أوردناه سابقا، ثلاثي:الحفاظ على الحريات،زيادة أو الرفع من أوضاع الأقل حصولا على المنافع، ثم بناء عملية تكافؤ الفرص.



التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

طلب مساعدة

السلام عليكم ابحث عن كتاب العولمةوالتكنولوجياوالثقافة ليحيى الحياوي. او كتاب دبلوماسية البيئةللورانس اسكندر ترجكة احمد امين قبل يوم الثلاثاء وشكرا