التصنيفات
لغــة وأدب عربي

امتحان مادة النحو السنة الأولى

امتحان مادة النحو

السنة الأولى

نص الامتحان:

قال ابن مالك في ” تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد ” : (( ويمنع إعراب الاسم مشابهة الحرف بلا معارض ’ و السلامة منها تمكن ))
المطلوب :
حلل هذه العبارة مبينا أسباب الظاهرة النحوية التي يشير إليها ابن مالك رحمه الله ’ مع التمثيل لكل حالة .


ممن تعطوني الاجابة على السؤال بليززز

التصنيفات
لغــة وأدب عربي

بحث عن جمع كلمة جب

مرادف كلمة (بئر)هو جب وجمع كلمة بئر هو ابار الان ماهو جمع (جب) تعليم_الجزائرتعليم_الجزائرتعليم_الجزائرتعليم_الجزائر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
[motr1]
يمكن اجباب او جبوب و الله اعلم
[/motr1]

جمعها أجباب وجباب وجببة

التصنيفات
لغــة وأدب عربي

مشروع تخرج بعنوان تقويم برنامج المعالجة في اللغة العربية


بارك الله فيك اخي الكريم

ماهو واقع اللغة العربية الفصحى في المؤسسات التعلمية في الطور الثانوي

التصنيفات
لغــة وأدب عربي

بحث عن الحال لأحوالها عاملها

الحال

أحوالها – صاحبها – عاملها – تقدمها وتأخرها – حذف عاملها

وصف يؤتى به لبيان هيئة صاحبه حين وقوع الفعل غالباً مثل (قابلت والدتك مسرورةً) فـ(مسرورة) هي الحال، و(والدتك) هي صاحبة الحال، و(قابلَ) هي عامل الحال.

ويسمى هذا النوع من الحال الذي لا يفهم إلا بذكره ((حالاً مؤسسة)) وهو أغلب ما يقع في الكلام، وهناك نوع آخر يفهم معناه مما قبله وإنما يذكر للتوكيد فيسمّى حالاً مؤكدة، وهو إما أن يؤكد عامل الحال مثل {وَأَرْسَلْناكَ لِلنّاسِ رَسُولاً}، {فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً}، وإما أن يؤكد صاحب الحال مثل {وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً}، وإما أن يؤكد مضمون الجملة قبله مثل (أنت أخي محقاً) وتكون الجملة هنا اسمية ركناها معرفتان جامدتان.

هذا وقد تأتي الحال جامدة موصوفة مثل: (عرفته رجلاً شهماً) فتكون غير مقصودة لذاتها وإنما المقصود صفتها التي بعدها فيسمونها حالاً موطئة.

ولهم اصطلاح آخر هو الحال السببية فيطلقونه على الحال التي لا تبين هيئة صاحبها اللفظي، وإنما تبين هيئة ما يرتبط بصاحبها بضمير مثل (قرأت الكتاب مخروماً أولهُ).

وإليك أحوال الحال نفسها ثم أحوال صاحبها ثم أحوال عاملها:

أ- الحال غالباً نكرة1 مشتقة2 لأَنها بمعنى الصفة.

1- وقد تأْتي معرفة سماعاً وقياساً وذلك إذا كانت بمعنى النكرة مثلتعليم_الجزائرقابلت الأَمير وحدي) فـ(وحدي) وإن كانت معرفة لفظاً هي نكرة معنى لأَنها ترادف (منفرداً). ومن ذلك ما ورد عنهم مثل: (جاؤُوا الجماءَ الغفير) بمعنى (جماعة كثيرة)، (رجع عودَه على بدئه) بمعنى (عائداً من طريقه دون توقف)، (ادخلوا الأَولَ فالأَول) بمعنى (مترتبين)، (جاء القوم قضَّهم بقضيضهم) بمعنى (جميعاً)، (حاولوا إرضائي جهدهم) بمعنى (جاهدين).

ومن ذلك الأحوال التي وردت سماعاً مركبة تركيب (خمسة عشر) على معنى العطف بين الجزأَين مثل (ذهبوا شذرَ مذرَ) بمعنى (متفرقين مشتتين)، (هو جاري بيتَ بيتَ) بمعنى (ملاصقاً)، و(لقينا العدو كَفَّةَ كَفَّةَ) بمعنى (مواجهين إياهم).

أَو رُكِّب وأَصله الإِضافة مثل (ذهبوا أَيدي سبا أَو أَيادي سبا) بمعنى (مشتتين)، و(فعلته بادي يدأَة، بادئَ بداء).

2- وتأْتي جامدة في حالات سبع:

الأُولى: أن تؤول بمشتق، ويطرد ذلك فيما يدل على تشبيه مثل: (يعدو أَخوك غزالاً) أَي (مشبهاً غزالاً)، أَو ترتيب مثل: (خرجوا رجلاً رجلاً) أَي (مرتبين)، أَو مفاعلة مثل (كلمته وجهاً لوجه) أَي متقابلين.

الثانية: أَن تدل على سعر مثل (اشتريت اللبن رطلاً بمئة قرش، يبيع أَخوك الجوخ متراً بدينار).

الثالثة: أَن تدل على عدد مثل (قضيت مدة الجندية ثلاثَ سنين)

الرابعة: أن تكون موصوفة بمشتق أو بما في معناه مثل: (رافقته فتىً نبيلاً)، {إِنّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً}.

الخامسة: أن تدل على طور فيه تفضيل مثل (المشمش رُبّاً أَطيب منه شراباً).

السادسة: أَن تكون نوعاً لصاحبها مثل: (هذا مالك ورِقاً).

السابعة: أَن تكون أصلاً لصاحبها أَو فرعاً له مثل: (خذ سوارك فضةً وأَعطني ذهبي خاتماً).

يضيف بعضهم إلى شرطي التنكير والاشتقاق في الحال شرطين آخرين: أحدهما أن تكون نفس صاحبها في المعنى كالأمثلة المتقدمة فلا يجيزون مثل (قابلتك والدتك سروراً) لأن السرور غير الوالدة. وهذا شرط مفهوم بالبداهة، والثاني أن تكون صفة منتقلة كالأمثلة المتقدمة، فالسرور والترتيب وشبه الغزال وغيرها من الحالات ليست ثابتة في أصحابها بل منتقلة، وهذا الشرط غالب لا مطرد فقد ورد في الندرة أحوال هي صفات ثابتة مثل (خلق الله الزرافة يديْها أطولَ من رجليها)، {وَخُلِقَ الإِنْسانُ ضَعِيفاً}.

هذا ولابدَّ من التنبيه إلى أن معنى (فضلة) الواردة في تعريف كثير من النحاة للحال، حين يقولون: (الحال وصف فضلة) هو أنها لا مسندة ولا مسند إليها، وإلا فكثيراً ما تأتي الحال أساساً في الغرض من الجملة، لا يستغنى عنها أبداً مثل قوله تعالى: {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارَى} وقوله: {وَما خَلَقْنا السَّماءَ وَالأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ}.

وكما أتت الحال اسماً تأْتي جملة فعلية أَو اسمية مثل (ذهبوا يُهَرْوِلون، حضرتُ كتابي بيدي، سافر والليل مظلم، نجحنا وإنا لخائفون)، وحنيئذ لابدَّ لجملة الحال من رابط يربطها بصاحب الحال، والرابط إما الضمير وحده كما في المثالين الأولين، وإما الواو وحدها كمافي المثال الثالث وتسمى واو الحال . وإما الضمير والواو معاً كما في المثال الرابع.

وتقع أيضاً شبه جملة: ظرفاً مثل (انظر أَخاك بين الفرسان) أَو جاراً ومجروراً مثل (هذا السمك في الحوض).

ويجعلون الحال الحقيقية في ذلك متعلق الظروف أو الجار والمجرور وهو ((كائناً)) المقدرة.

وتتعدد الحال وصاحبها واحد فتقول: (مضيت مسرعاً، فرحاً، نشيطاً، أملي كبير). وتتعدد ويتعدد صاحبها وحينئذ تكون الحال الأُولى للصاحب الثاني والحال الثانية للصاحب الأَول، تقول: (صادفت أَخاك واقفاً مسرعاً) فـ(واقفاً) حال من (أَخاك) و(مسرعاً) حال من ضمير المتكلم، هذا إِذا خيف اللبس، فإِن أُمن اللبس قدمت أَياً شئت فتقول: (كلمت هنداً واقفاً جالسة = جالسة واقفاً) و(رأَيت أَخويْك راكبيْن واقفاً = واقفاً راكبيْن).

ب- صاحب الحال وهو ما تكون الحال صفة له في المعنى مبينة لهيئته معرفة غالباً، وقد يقع نكرة قياساً في الأَحوال التالية:

1- إذا تأَخر عن الحال مثل (جاءَني شاكياً رجل)، ولولا التقدم لمكان الوصف نعتاً لا حالاً كما في قولنا (جاءَني رجلٌ شاكٍ).

2- أَن يدل على عموم، وذلك إِذا سبق بنفي أَو نهي أو استفهام مثل: (ما في القاعة أحد واقفاً. لا يقابلْ أحدٌ أحداً مسيئاً. هل فيهم رجل محقاً؟).

3- أَن يدل على خصوص، وذلك حين توصف النكرة أو تضاف مثل: (جاءَ رجل عالم زائراً، زارني أُستاذ أدب محاضراً).

4- أَن تكون الحال جملة مقرونة بالواو، مثل (أَقبل راكب ويداه مرفوعتان).

هذا وصاحب الحال يكون فاعلاً مثل (حضر الأَمير راكباً)، أَو نائب فاعل مثل: (أُمسك اللص مختبئاً)، أَو مبتدأ (أَخوك مستقيماً أَخي) أَو خبراً (هذا الأستاذ مقبلاً)، أو مفعولاً به مثل (قرأْت الكتاب مطبوعاً) أَو مفعولاً مطلقاً مثل: (قرأْت القراءَةَ واضحةً) أَو مفعولاً فيه مثل (أَسير النهارَ بارداً)، أَو مفعولاً معه مثل (سرْ والشاطئَ ظليلاً) أَو مفعولاً لأَجله مثل (تصدُّقي حبَّ الرحمة خالصاً)، أَو مجروراً مثل (آمنت بالله خالقاً)، أو مضافاً إليه مثل (أعجبني بيانك خطيباً) إلا أن المضاف إليه لا تأْتي منه الحال إلا في موضعين:

1- إِذا كان المضاف شبه فعل ((مصدراً أو مشتقاً)) مضافاً إلى معموله مثل {إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً}. (أَخوك راكب الفرسِ مسرجةً) وهذا في الحقيقة يردّ إلى ما سبق لأَن المضاف إليه فاعل في المعنى أَو مفعول به.

2- إذا صح وضع المضاف إليه موضع المضاف في الجملة بأَن كانالمضاف جزءاً من المضاف إليه مثل (سلَّم الله صدوركم متآخين)، أَو كان بمعنى الجزءِ (يعجبني بيان أَحمد خطيباً)، والمضاف إليه في الجملتين يصح أَن يحل محل المضاف فنقول (سلَّمكم الله متآخين، يعجبني أَحمد خطيباً) فيصبح صاحب الحال فاعلاً أَو مفعولاً.

وعلى هذا لا يصح أن نقول (سافر أخو الطالبة حزينة)، لأن المضاف إليه لا يصح وضعه موضع المضاف فلا تقول (سافرت الطالبة حزينة)، لأن الذي سافر أخوها لا هي.

جـ- عامل الحال: ما عمل في صاحبها من فعل أو شبه فعل أو ما فيه معنى الفعل: فـ(جاءَ أَخوك راكباً) عامل الحال الذي نصبها هو عامل صاحبها (أَخوك) الذي رفعه، وهو فعل (جاءَ). وأشباه الفعل هنا المصدر والمشتقات مثل (سرني رجوعك سالماً، ما قارئٌ رفيقُك نشيطاً) فناصب (سالماً) هو المصدر (رجوع) الذي جر الضمير صاحب الحال لفظاً ورفعه محلاً على أَنه فاعله، وناصب الحال (نشيطاً) هو شبه الفعل (قارئ) الذي رفع صاحب الحال (رفيقك).

أَما ما فيه معنى الفعل فكأَسماءِ الإِشارة: {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا} وأدوات التشبيه (كأَنك خطيباً سحبانُ وائل)، وأَسماءُ الأَفعال مثل (بدارِ مسرعاً)، وأدوات الاستفهام والتمني والترجي والتنبيه والنداءِ مثل ((كيف أَنت جندياً، ليتك منصفاً تصير قاضياً، ها أنت ذا غاضباً، يا خالدُ منقذاً جارَه).

د- مرتبة الحال بعد صاحبها وبعد عاملها، تقول (جاءَ أخوك ضاحكاً) ويجوز تقدمها على أحدهما أَو عليهما فتقول: (جاءَ ضاحكاً أَخوك، ضاحكاً جاءَ أخوك). ولهذا الجواز قيود:

1- تتأَخر عن صاحبها وجوباً إِذا كانت محصورة مثل: (ما جئت إلا ضاحكاً) كما تُقدم هي وجوباً إذا حُصِر صاحبها مثل: (ما جاءَ ضاحكاً إلا أنت)، وإذا كان صاحبها مضافاً إليه مثل: (أَعجبني موقف أخيك معارضاً)، وإذا كان مجروراً عند الأكثرين مثل: (مررت بها مسرورة).

2- وتتأخر عن عاملها وجوباً إذا لم يكن فعلاً متصرفاً، أَو كان اسم تفضيل مثل (صهْ جالساً، بئس الطالب عاصياً، أَخوك خيركم ناطقاً)

وكذلك إن كان عاملها مقترناً بما له الصدارة مثل لام الابتداء أو لام القسم: (لأَنت مصيب موافقاً، لتسرُّني مطيعاً، لأَبقين صابراً) أَو كان صلةً لـ(الـ) أَو لحرف مصدري، أو مصدراً مؤولاً بالفعل والحرف المصدري مثل: (أَنت المحبوبُ منصفاً. يعجبني أَن تقف محامياً، يسوؤُني انقلابك خائباً).

والحال المؤكدة لعاملها والجملة المقترنة بواو الحال لا تتقدمان عاملهما مثل: {وَلَّى مُدْبِراً}، (حضرت ويدي فارغة).

هـ- حذف عاملها: يجوز حذف عاملها إن دل عليه دليل كجوابك سائلاً: (كيف أصبحت؟) بقولك: (مسروراً)، ولكنهم التزموا حذف عامل الحال وجوباً في المواضع الخمسة الآتية:

1- أَن تدل الحال على تدرج في زيادة أو نقص وتقترن بالفاءِ مثل: (يكافأُ المجدُّ بعشرة دنانير فصاعداً، فنازلاً، فأَكثر، فأَقلَّ…)والتقدير فذهب العدد صاعداً، نازلاً إلخ…

2- أَن تغني الحال على الخبر كما جاءَ في ص 233 مثل: (أَكلي الحلوى واقفاً) والتقدير أَكلي الحلوى إِذا أُوجد واقفاً.

3- أن تكون الحال مؤكدة مضمون الجملة قبلها: (أَنت صديقي مخلصاً) والتقدير: (أَعرفك مخلصاً).

4- بعد استفهام توبيخي: (أَقاعداً وقد نفر الناس؟!) والتقدير: (أَتمكث قاعداً وقد نفر الناس؟!).

5- أَن يرد عامل الحال محذوفاً سماعاً، ومثلوا لذلك بقولهم: (هنيئاً له) مقدرين: (ثبت له الشيءُ هنيئاً).

الشواهد:

(أ)

1- {إِنّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} {قالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ ماذا تَفْقِدُونَ}

[يوسف: 12/2، 71]

2- {وَأَلْقِ عَصاكَ فَلَمّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يا مُوسَى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ}

[النمل: 27/10]

3- {فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيّاً}

[مريم: 19/17]

4- {وَواعَدْنا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً}

[الأعراف: 7/142]

5- {وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ}

[الأعراف: 7/74]

6- {قالَتْ يا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنا عَجُوزٌ وَهَذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ}

[هود: 11/72]

7- {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِها}

[البقرة: 2/259]

8- {وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاّ وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ}

[الحجر: 15/4]

9- {فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ، أَمْراً مِنْ عِنْدِنا إِنّا كُنّا مُرْسِلِينَ}

[الدخان: 4/4- 5]

10- {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ، خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ}

[القمر: 54/6- 7]

11- {وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاّ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ}

[الكهف: 18/56]

12- {إِنّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمّا شاكِراً وَإِمّا كَفُوراً}

[الإنسان: 76/3]

13- {وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ}

[الحجر: 15/47]

14- {حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ، فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً}

[البقرة: 2/238- 239]

15- {وَما لَنا لا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَما جاءَنا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنا رَبُّنا مَعَ الْقَوْمِ الصّالِحِينَ}

[المائدة: 2/84]

16- {ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}

[النحل: 16/123]

17- صلى رسول الله (ص) قاعداً وصلى وراءَه رجالٌ قياماً.

حديث

إلى الروع يوماً تاركي لا أَبا ليا 18- تقول ابنتي: إن انطلاقك واحداً

فهل لي إلى ليلى الغداةَ شفيعُ 19- مضى زمنٌ والناس يستشفعون بي

المجنون

لنفسك العذر في إبلاغها الأَملا 20- يا صاح هل حُمَّ عيشٌ باقياً فترى

طائي

على أثريْنا ذيلَ مِرْط مرَحَّل 21- خرجتُ بها أَمشي تجرُّ وراءَنا

امرؤ القيس

شتَّى تؤوب الحلبة 22- أتميمياً مرَّةً وقيسياً أُخرى!؟

نجوتِ وهذا تحملين طليقُ 23- عدَسْ ما لعبًّادٍ عليك إمارةٌ

يزيد بن مفرغ الحميري

لدى وَكرِها العنابُ والحشف البالي 24- كأَن قلوبَ الطير رطباً ويابساً

امرؤ القيس

وهل بدارة – ياللناس – من عار 25- أنا ابنُ دارةَ معروفاً بها نسبي

سالم بن دارة

للحرب دائرةٌ على ابني ضمضم 26- ولقد خشيتُ بأَن أَموت ولم تدرْ

عنترة

وإلا فأَدْركْني ولمَّا أُمَزقِ 27- فإن كنت مأْكولاً فكن أَنت آكلي

الممزق العبدي

كما انتفض العصفور بلَّله القطر 28- وإني لتعروني لذ**** هزَّةٌ

أبو صخر الهذلي

وفي الحرب أشباهَ النساءِ العوارك 29- أَفي السلم أَعياراً جفاءً وغلظة

هند أم معاوية

(ب)

إليَّ حبيباً إنها لحبيب 30- لئن كان برد الماءِ هيمانَ صادياً

عروة بن حزام

فمطلبها كهلاً عليه شديد 31- إِذا المرءُ أعيته المروءَة ناشئاً

المعلوط القريعي

فما لك بعد الشيب صباً متيماً؟ 32- عهدتُك ما تصبو وفيك شبيبة

وفاحتْ عنبراً ورنتْ غزالا 33- بدتْ قمراً ومالتْ غصنَ بانِ

المتنبي

إلا وكان لمرتاع بها وزرا 34- نعم امرأً هرمٌ، لم تعرُ نائبة

زهير

——————————————————————————–

كأن أكفنا مست أكفهم، وذكر لها معنى ثان: هو أن نلقاهم فنمنعهم من النهوض ويمنعونا، وفيها لغتان غير البناء: كفةً لكفة، وكفة عن كفة، على فك التركيب – انظر القاموس المحيط.

المضاف المنتهي بياء من هذه التراكيب يبنى على السكون حسب القاعدة في بناء المركبات المزجية.

هذه الواو تجب إذا كانت جملة الحال اسمية أو صدرها فعل ماض، خالية من ضمير صاحبها أو مصدرة بضمير صاحبها مثل (سافرت والمودعون كثير، سافرت وقد غابت الشمس، سافرت وأنا خائف).
وتمتنع إذا كانت جملة الحال مؤكدة المضمون الجملة فيها {ذَلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ}، أو كانت ماضية بعد ((إلا)) مثل (هل عاقبك أحد إلا كنت أنت المسيء) أو كانت مصدرة بمضارع مثبت غير مقترن بقد، أو مضارع منفي بـ((ما أو لا)) مثل (حضرت أجر رجلي، سافرت ما يرافقني أحد، ما لي لا أجد جواباً؟).

———————-


التصنيفات
لغــة وأدب عربي

بين اللسانيات الكلية و اللسانيات النمطية

بين اللسانيات الكلية و اللسانيات النمطية

قديما قال ابنُ جنّي عن اللهجات العربية: اختلاف اللغات وكلُّها حجّة، وحديثا قال شومسكي رائد المدرسة التوليدية التّحويلية: اختلاف اللغات أمر ثانوي مُتجاوز، تكمن خلفه قواعد كلّيةٌ تحكم اللغات البشريةَ قاطبةً
لقد عاد الجدل حديثاً بين:

– أنصارِ اللسانياتِ الكلّيّة، الذين يقولون بوجود قواعد مشتركة بين المتكلمين هي قواعد النحو الكلّيّ، مستقرة في مخزون المتكلمين قاطبة، الذين لا يفزعون إلى هذه القواعد إلا لانتقاء ما يناسب لغاتهم ، ويوسّطون في الانتقاء وسائط لتثبيت القيم المناسبة ، تنتهي بالمستعمل اللغوي إلى تنزيل مبادئ النحو الكلي ومقاييسه على لغته الخاصة، فيتم الانتقال من الكليات إلى الجزئيات والأنواع .

– وأنصار اللسانيات النمطيّة أو النّسبيّة التي تذهب إلى أنّ لكل لغة خصائصها الخاصة، وتُعَدّ اللسانيات النمطية اتجاها رائدا في مجال التقعيد للغة، وهي نظرية أولوياتها فرضيات مِراسية، وموضوعها اللغات البشرية المستقلة بأبنيتها المتغايرة، وغايتها إقامة أنحاء نمطية، فرضيتها الأولى: كون اللغة البشرية ملكة كسبية وليست بنية طبعية، وأن اللغة كغيرها من الوضعيات متقومة الذات من أربعة مبادئ: المبدأ الدلالي والمبدأ التداولي والمبدأ الوضعي للوسائط اللغوية والمبدأ الصوري: محتوى المبدأين الأول والثاني كليات لغوية تنعكس في الخصائص المشتركة بين كل اللغات البشرية، ومحتوى المبدإ الثالث وسائط اختيارية تجبر اللغات على التغاير المتناهي، وينعكس أثرها في الخصائص النمطية التي تعم طبقة من اللغات دون غيرها، أما المبدأ الرابع فإن محتواه يتشكل من مجموعات التصويتات المستعملة في اللغات ومن قواعد تراكبها عبر مختلف المستويات، بدءا من المقطع وانتهاء بأعقد مقولة كالجملة أو الخطاب.
انظر: [الوسائط اللغوية ج1: أفول اللسانيات الكلية، ج2: اللسانيات النسبية والأنحاء النمطية، د.محمد الأوراغي، دار الأمان، الرباط، 2001 م]

عَوْدٌ إلى اخْتِلافِ اللُّغاتِ، واللِّسانِيّاتِ النِّسْبِيَّةِ

أَجَل ، لقد عرفَ البحثُ اللّسانيّ العربيّ اليَوْم بُزوغَ نظريّةٍ جديدةٍ هي نظريّة “النسبيّة” أو “النّمطيّة” في اللسانياتِ، وصاحب النظريّة الرّائدةِ هو د محمّد الأوراغي، صاحبُ كتابِ
“الوسائط اللغوية (ج1: أفول اللسانيات الكلية، ج2: اللسانيات النسبية والأنحاء النمطية، ط. دار الأمان، الرباط)
ردّا على دعوىِّ اللِّسانِيّاتِ الكلّيّةِ التي تتبنّاها المدرسةُ التّوليديّةُ، تستغرِقُ الأنماطَ اللّغويّةَ قاطبةً؛ وذلِك لأنّها تنطلِقُ في مشروعِها المتعلِّق بالنَّحو الكلّيّ من أنماطٍ لغويّةٍ مُتغايرةٍ؛ فلا ينبغي أن نُطبِّقَ مُقرّراتِ النّحوِ الإنجليزيّ على النّمطِ العربيّ، ولا ينبغي أن يَستغرِقَ نمطٌ ما كلَّ اللغاتِ البشريّةِ أو جُلَّها؛ لأنّ نقلَ القاعدةِ إلى خارِجِ نمطِها يثعدّ نقضاً لخصوصِيّةِ اللغاتِ، فلا ينبغي إذاً توسيعُ الإطارِ النّظريّ لأحدِ الأنماطِ اللّغويّةِ ليتناولَ النّمطَ الآخَر، أي لا ينبغي تحويلُ نحوٍ نسبِيّ إلى نحوٍ كلّيّ، مع العلمِ أيضاً أنّ نحوَ شومسكي لم يستقرَّ على حالةٍ واحدةٍ منذ عقدٍ كاملٍ من الزّمانِ.
و لهذا يقترِحُ الباحثُ المذكورُ ، إقامةَ نظريّةٍ لسانيّةٍ نسبيّةٍ من شأنِها أن تؤطِّرَ أنحاءً نمطيّةً، نظريّة نسبيّة تقوم وسطاً بينَ لسانيّات كلّيّة وأخرى خاصّة، وأهمّيتُها في أنّها لا تحوِّل نحواً نمطيّاً إلى نحوٍ كلّيّ و لا تُعمّمُه، ولكنّها تُؤطِّر اللّسانيّاتِ الخاصّةَ وتضمّ ما فيها من أوصافٍ منسجمةٍ
ولتحقيق هذه الغايةِ يرى ضرورَةَ إثباتِ قِيامِ نظريّةٍ لسانيّةٍ نسبيّةٍ منافِسةٍ لنظريّةٍ لسانيّةٍ كلّيّةٍ، والعملِ على نقضِ دعائمِ نظريّةِ النّحوِ الكلّيّ. يعملُ هذا التّوجّه على سبرِ الممكنِ من الأنحاءِ والمُفضي تحقُّقُها في اللُّغاتِ البشرِيّةِ إلى تجميعِها في أنماطٍ لغويّةٍ. ومن هذِه الفرضيّاتِ الممكنةِ الفرضيّة الكسبيّةُ؛ فهي فرضيّةٌ تتصوّرُ اللّغةَ مَلَكَةً صناعيّةً تقومُ ماهيتُها على تضافُرِ أرْبَعَةِ مَبادئَ: المبدأ الدّلاليّ، والمبدأ التّداوُليّ،والمبدأ الوضعِيّ للوسائِط اللّغويّة، والمبدأ الصّورِيّ. فأمّا الدّلاليّ والتّداوُليّ فإنّ محتوياتِهِما كلّيّةٌ بَحْتة، وأمّا الصّورِيّ فإنّه يحتوي على نسَقٍ من المبادئِ والقواعِدِ النّمطيّةِ المتحكِّمَةؤ في تكوينِ بنيةٍ قوليّةٍ تتقاسَمُها لُغاتٌ من النّمطِ نفسِه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

انظُرْ:
أوّلاً: الوَسائط اللّغويّة، ج1: أفول اللسانيات الكلّيّة، ج2: اللسانيّات والأنحاء النّمطيّة، دار الأمان للنشر والتّوزيع، الرّباط، ط.1، 1421هـ-2001م
ثانياً :
الوظيفيّة بين الكلّيّة والنّمطيّة، د.أحمد المتوكّل، دار الأمان للنشر والتوزيع، الرباط، المغرب، 2022
وكتابُ د. أحمد المتوكل جاءَ بعد كتاب د.محمد الأوراغي وتالياً له، مما يُفيد أنّ الكتابَ الأوّل مبشّر ببزوغ النظرية النسبية النمطيّة في اللسانيات


التصنيفات
لغــة وأدب عربي

مكتبة النقد الأدبي

تعليم_الجزائر
مكتبة النقد الأدبي
صورة للمكتبة
تعليم_الجزائر
رابط التحميل
http://www.4shared.com/file/Xs4eVG8b/___online.html
تعليم_الجزائر


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا و نفع بكم

ممكن اتحصل على الكتب من دون تحميل وشكرا على الموضوع الرائع

التصنيفات
لغــة وأدب عربي

علم العروض


هذا النص عن علم العروض والقافية يتعلق بالقصائد العمودية القديمة ولا علاقة له بالتغييرات التي دخلت حديثا على الشعر العربي.

معلومات عامة

– واضع علم العروض هو الخليل بن أحمد.
– العروض هو ميزان الشعر يعرف به مكسوره من موزونه وهو علم يبحث فيه عن أحوال الأوزان المعتبرة .
– ينقسم كل بيت شعري إلى شطرين أو مصراعين.
– بحر الخبب أو المتدارك وضعه الأخفش الأوسط أبو الحسن سعيد بن مُسعدة. وسائر البحور وضعها الخليل بن أحمد.
– التفعيلة التي في آخر الشطر الأول من البيت الشعري تسمى العروض والتفعيلة التي في آخر الشطر الثاني تسمى الضرب وما عدا ذلك يسمى الحشو.

مثال على ذلك

يا فؤادي لا تسل أين الهوى
فاعلاتن فاعلاتن فاعلن
فاعلن أعلاه تسمى العروض

كان صرحا من خيال فهوى
فاعلاتن فاعلاتن فعلن
فعلن في الشطر الثاني من البيت تسمى الضرب
بقية التفعيلات (فاعلاتن) تسمى الحشو

– التغيير الذي يحدث في الحشو يسمى الزحاف والذي يحدث في العروض والضرب يسمى العلة وهي ملزمة ، بمعنى أنك إذا أوردتها في مطلع القصيدة يجب عليك الالتزام بها في بقية الأبيات.
– التصريع هو أن يجانس الشاعر بين شطري البيت الأول في القصيدة أي يجعل العروض مشابها للضرب وزنا وقافية .
– يجوز أن يستخدم التصريع في القصيدة الواحدة أكثر من مرة إذا كانت القصيدة مقسمة إلى فقرات .
تقطيع البيت إلى وحدات صوتية

أي كتابته حسبما يلفظ وهو ما يسمى بالكتابة العَروضية مثل :

دخلتك والأصيل له ائتلاق

تكتب كالتالي :

دخلتك ول أصيل لهؤ تلاقنْ

مفاعلتن مفاعلتن فعولن
من البحر الوافر

– الزحاف تغيير يحدث في حشو البيت غالبا وهو خاص بثواني الأسباب ومن ثم لا يدخل في الأوتاد ، ودخوله في البيت من القصيدة لا يستلزم دخوله في بقية أبياتها .
– العلة العروضية : كل تغيير يطرأ على تفعيلة العروض أو الضرب وإذا ورد في أول بيت من القصيدة التزم في جميع أبياتها.
– الزحاف المزدوج : هو اجتماع زحافين في تفعيلة واحدة ، مثل مستفعلن في بحر الرجز بحيث تجوز أن تصبح متعلن بحذف السين والفاء ويصبح تقطيعها كالتالي: ن ن ن ــ ، وتكون فاصلة كبرى (خمسة حروف آخرها ساكن والبقية متحركة.

– الزحاف الجاري مجرى العلة : زحاف يدخل على العلة وقد يكون وحده في التفعيلة أو يصاحبه نوع من أنواع العلة .
– العلل الجارية مجرى الزحاف : تغييرات تطرأ على بعض مقاطع التفعيلة في الحشو لكنها لا تحدث في الأسباب ولكن في الأوتاد .
– إذا كان الشعر بيتا واحدا سمي يتيما وإن كان بيتين أو ثلاثة سمي نتفة ، وإن كان أربعة أو خمسة أو ستة سمي قطعة، وإن كان سبعة أو أكثر سمي قصيدة . ويطلقون كلمة قصيد على كل ما طالت أبياته وكثرت .

– يسمى النصف الأول من البيت صدرا والثاني عجزا وكل منهما مصراعا أو شطرا .
– قد يشترك مصراعا البيت في كلمة واحدة يكون بعضها في الصدر وبعضها في العجز فيسمى البيت مدرجا أو مداخلا أو مدورا .
– أهم مقومات القصيدة العربية وحدة القافية ووحدة الوزن.
– حشو البيت : جميع تفعيلات البيت ما عدا العروض والضرب. والتغيير الذي يحدث في الحشو يسمى زحافا أما الذي يحدث في العروض والضرب فيسمى علة.
– القافية : هي المقاطع الصوتية التي تكون في أواخر أبيات القصيدة أي المقاطع التي يلزم تكرار نوعها في كل بيت
حروف القافية
تتكون القافية من حرف أساسي ترتكز عليه يعرف باسم ” الروي ” . والروي هو آخر حرف صحيح في البيت ترتكز عليه القصيدة . وهو عماد القافية ومركزها وما عداه من الوصل والردف والتأسيس والخروج يدور حوله .
والروي اقل شيء تتألف منه القافية إن كان ساكنا فإذا زاد الشاعر شيئا آخر فلهذه الزيادة اصطلاحات . أولا : الوصل : وهو حركة المد المتولد عن إشباع حركة الروي بحركة مد أو هاء ساكنة فيكون ألفا أو واوا أو هاء ساكنة أو محركة . مثال الهاء الساكنة وصلا :
بيض الحمائم حسبهنهْ
إني أردد سجعهنهْ
ثانيا : الخَروج : حركة هاء الوصل ـ إشباعها ـ مثل شبابهُ تلفظ ( شبابهو) فالواو التي نتجت عن إشباع الهاء تسمى خَروجا . فالواو والياء والألف التي تنتج عن الإشباع تسمى خَروجا .
ثالثا : الرِدف : حرف مد أو لين قبل الروي مباشرة مثل ، أوطان ، هيمان ، جوعان ، تعبان سواء كان هذا الروي ساكنا أو متحركا .ويجب على الشاعر متى بدء قصيدته باستخدام الردف أن يلتزم به طوال القصيدة وإلا اعتبر ذلك عيبا من عيوب القافية يسمى “سناد الردف ” . مثال على قصيدة مشتملة على ردف وروي ووصل وخَروج
نجا وتماثل ربانها
ودق البشائر ركبانها
تحول عنها الأذى وانثنى
عباب الخطوب وطوفانها
الألف قبل النون للتأسيس ، والنون هي الروي والهاء هو الوصل والألف هي الخَروج .
رابعا : التأسيس : حرف مد بينه وبين حرف الروي حرف صحيح مثل ، حاجب ، صاحب ، شبابه ، عتابه .. الخ فالألف هنا تسمى التأسيس والروي هو الباء والحرف الواقع بين الروي وحرف التأسيس يسمى الدخيل .
الدخيل : هو الحرف الذي يفصل بين الروي وحرف الألف الذي يسبقه ولا يشترط في الدخيل اتحاد النوع .ولكن وجود التأسيس يستلزم وجود الدخيل ،والعكس صحيح .
قد يجتمع التأسيس والدخيل والروي والوصل والخروج في قافية واحدة مثل قول بشارة الخوري :
قف في ربى الخلد واهتف باسم شاعره
فسدرة المنتهى أدني منابــــــره
وإن كانت الألف من كلمة أخرى سابقة والكلمة التي فيها الروي منفصلة عنها بمعنى أنها ليست ضميرا فلا تسمى تأسيسا ولا تلزم . أما إذا كانت منفصلة والروي ضمير أو جزء من ضمير مثل حياتي ، هما فيصح التأسيس .

الحروف التي لا تصلح أن تكون رويا إلا بشروط
الحروف التي لا تصلح أن تكون رويا : حروف المد الثلاثة والهاء ، والتنوين ” تنوين الترنم ” كقول جرير :
أقلي اللوم عاذل والعتابن
وقولي إن أصبت لقد أصابن
الأحرف التي تصلح رويا ووصلا بقيود هي : الألف والواو والياء والهاء وتاء التأنيث وكاف الخطاب . فأن التزم الشاعر ما قبلها كان ما قبلها رويا وإلا كانت هي الروي .
تصلح الألف للروي والوصل إن كانت أصلية وكان ما قبلها مفتوحا ولم يلتزم الشاعر ما قبلها كروي . حينها تسمى قصيدة مقصورة ، أما إذا التزم الشاعر ما قبلها كروي أصبحت الألف وصلا . والألف غير الأصلية هي ألف التثنية وألف الإطلاق وهو الحرف المتولد عن إشباع الحرف مثل له ويلفظ لهو ، والألف المنقلبة عن نون التوكيد الخفيفة وكذلك ألف أنا وألف ها الغائبة مثل لها . وإليك مثال لقصيدة لخليل مطران المقصورة :
ولقد علوت سراة أدهم لو جرى
في شأوه برق تعثر أو كبا
يجري على عجل فلا يشكو الوجى
قدَّ النهار ولا يمَلُّ من السرى
وإليك مثال عن الروي الحرف الذي قبل الألف والألف وصل .
قال أبو العلاء المعري
منك الصدود ومني بالصدود رضا
من ذا علي بهذا في هواك قضى
بي منك ما لو غدا بالشمس ما طلعت
من الكآبة أو بالبرق ما ومضا
إذا الفتى ذم عيشا في شبيبته
فما يقول إذا عصر الشباب مضى
وقد تعوضت عن كل بمشبهه
فما وجدت لأيام الصبا عوضا
جربت دهري فما تركت
لِيَ التجارب في ود امرئ غرضا

تصلح الياء كروي ووصل إن كانت أصلية وما قبلها مكسورا ولم يلتزم الشاعر ما قبلها . والياء غير الأصلية هي ياء الإطلاق وياء المتكلم مثل ياء عني .
وإذا التزم الشاعر ما قبلها كان رويا وكانت الياء وصلا حتى لو كانت أصلية .
وإن كانت الياء أصلية متحركة ـمع تحرك قبلها أو سكونه ـ تعين أن تكون الياء رويا ومثال قول شوقي :
أولا : مثال الياء المتحركة مع تحرك ما قبلها :
وما العشق إلا لذة ثم شقوة
كما شقي المخمور بالسكر صاحِيا
ثانيا : مثال الياء المتحركة وما قبلها ساكنا :
جبريل أنت هدى السماء وأنت برهان العنايةْ
ابسط جناحيك اللذين هما الطهارة والهدايةْ
تصلح الواو للروي والوصل إن كانت ممدودة أصلية وكان الحرف الذي قبلها مضموما ولم يلتزم الشاعر ما قبلها .والواو غير الأصلية هي واو الإطلاق وواو الجماعة والواو اللاحقة لضمير الجمع مثل شعارهمُ وتلفظ شعارهمو .
تصلح الهاء أن تكون رويا ووصلا إن كانت أصلية من بنية الكلمة وكان ما قبلها محركا ، وما عدا ذلك تكون وصلا . والهاء ثلاثة : هاء السكت وهاء الضمير الساكنة ، وهاء الضمير المتحركة . والهاء بعد الردف تكون رويا مثل أتاها وبناها الخ ، وإن كانت الهاء للسكت أو هاء الضمير أو تاء التأنيث الساكنة التي تنطق هاء فأنها في هذه الحالة تكون وصلا لا رويا .
وإن كان قبل الهاء حرف مد أو لين تكون الهاء هي الروي وما قبلها ردفا مثل :
فلا كان بانيها ولا كان ركبها
ولا كان بحر ضمها وحواها
تاء التأنيث والمقصود تاء التأنيث المتحرك ما قبلها ـ أي التي ليس قبلها مدة مثل زلت ، استحلت ، تخلت ـ فإذا لم يلتزم الشاعر الذي قبلها اعتبرت رويا سواء كانت محركة بالكسر أو بياء المتكلم واعتبرت حركتها هي الوصل وإذا التزم الشاعر ماقبلها رويا كانت وصلا وحركتها خروجا .
كاف الخطاب التي لم يكن قبلها مد والتزم الشاعر ما قبلها رويا كانت وصلا وإلا أصبحت هي الروي .ويجوز اعتبارها في المثال الأول رويا كذلك . أما إذا سبق الكاف حرف من أحرف المد الثلاثة فإنه يتعين أن تكون الكاف رويا ..

القافية وحركاتها
القافية المقيدة ، هي ما كانت ساكنة الروي سواء كانت مردفة أم خالية من الردف .
القافية المطلقة : هي ما كانت متحركة الروي وسواء وصلت بهاء الوصل ( ساكنة أم متحركة ) .
القافية : هي المقاطع الصوتية التي تكون في أواخر ابيات القصيدة أي المقاطع التي يلزم تكرار نوعها في كل بيت .
الحروف التي تشتمل عليها القافية بوضع معين هي ستة : الروي ، الردف ، الدخيل ، التأسيس ، الوصل والخَروج .
إذا بدأ الشاعر القافية بردف في أول بيت عليه أن يلتزم ببقية الأبيات وهي قسمان ، ردف بالألف وردف بالياء والواو .
حركات القافية
أولا : المجرى : حركة الروي المطلق كفتحة الميم من صاما أو كسرة اللام من على الجبلِ
ثانيا : النفاذ : حركة هاء الوصل كفتحة الهاء في شعارها الخ
ثالثا : الحذو : حركة الحرف الذي قبل الردف .
رابعا : الإشباع : حركة حرف الدخيل .
خامسا : الدس : حركة ما قبل التأسيس .
سادسا : التوجيه : حركة ما قبل الروي المقيد .

أهم عيوب القافية
أولا : التضمين : أي ألا يستقل البيت بمعنا .
ثانيا : الايطاء : إعادة كلمة الروي بلفظها ومعناها بعد سبعة أبيات أو أقل .
ثالثا : الإقواء : اختلاف حركة الروي المطلق كأن تكون مرفوعة وتم كسرها .
رابعا : السناد : وهو اختلاف ما يراعى قبل الروي من الحروف والحركات . والسناد نوعان الأول سناد التأسيس والثاني سناد الردف. خامسا : سلامة القافية ، وهي أن تخلو من اختلاف الحركة التي قبل الروي
دوائر العروض
الأولى : دائرة المختلف ونسميها دائرة الطويل وتشمل على ثلاثة أبحر هي الطويل والمديد والبسيط .
الثانية : دائرة المؤتلف ونسميها دائرة الوافر وتشمل على بحرين هما الوافر والكامل.
الثالثة : دائرة المجتلب ونسميها دائرة الهزج وتشمل على ثلاثة أبحر هي الهزج والرجز والرمل .
الرابعة : دائرة المشتبه : ونسميها دائرة السريع وتشمل ستة أبحر هي : السريع والمنسرح والمضارع والخفيف والمقتضب والمجتث .
والخامسة : دائرة المتفق ونسميها دائرة المتقارب وتشمل بحرين هما المتقارب والمتدارك .
تتكون مقاطع كل دائرة من أسباب وأوتاد .
المقاطع العروضية
1- السبب الخفيف: يتكون من حرفين أولهما متحرك وثانيهما ساكن مثل: عن قد هل الخ.
2- السبب الثقيل: يتكون من حرفين متحركين مثل: لَكَ
3- الوتد المجموع: يتكون من ثلاثة أحرف الثالث فيها ساكن والآخران متحركان مثل: إلى، على، مضى، قضى، مشى
4- الوتد المفروق: يتكون من ثلاثة أحرف ثانيها ساكن والآخران متحركان مثل: بَيْنَ، أين، قام، سوف، لان الخ
5- الفاصلة الصغرى: تتكون من أربعة حروف أخرها ساكن مثل: لعبت، سألت، ضحكت الخ
6- الفاصلة الكبرى تتكون من خمسة حروف آخرها ساكن مثل: غَمَرَنا، شجرةٌ


شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك …

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .


التصنيفات
لغــة وأدب عربي

امتحان في مقياس ""الأدب العباسي""

امتحان في مقياس “”الأدب العباسي””

السنة الثانية

جامعة الجلفة

الموضوع :

إذا كان الشعر من منظور الإيقاع هو الكلام الموزون المقفى ، فكيف تقرأه من منظور البيئة العباسية .


شكرا جزيلا لك

التصنيفات
لغــة وأدب عربي

جهود العرب في علم الدلالة


جهود العرب في علم الدلالة
الجاحظ و ابن فارس و بن جني عبد القاهر الجرجاني



الجاحظ

طبيعة المعاني:
المعاني القائمة في صدور النّاس المتصوَّرَة في أذهانهم والمتخلِّجة في نفوسهم والمتَّصِلة بخواطرهم والحادثة عن فِكَرهم مستورةٌ خفيّة وبعيدةٌ وحشية محجوبةٌ مكنونة
المعاني خلافُ حُكمِ الألفاظ لأنْ المعانِيَ مبسوطةٌ إلى غير غاية وممتدّةٌ إلى غير نهاية وأسماءَ المعاني مقصورةٌ معدودة ومحصَّلةٌ محدودة

أصنافِ الدِلاَّلات خمسة أشياءَ:
1- اللفظ:
2- الإشارة تكون باليد وبالرأس وبالعين والحاجب والمَنْكِب إذا تباعَدَ الشخصان، وبالثَّوب وبالسَّيف وقد يتهدَّد رافعُ السَّيف والسَّوط فيكون ذلك زاجراً ومانعاً رادعاً ويكون وعيداً وتحذيراً
3- الخطُّ: ومما ذكَر اللَّهُ عزّ وجلّ في كتابه من فضيلة قوله تعالى:
(اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ),وأقسم به، فقال:)ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ). وقالوا ”القلمُ أبقى أثراً واللسان أكثَرُ هَذَراً“
4- العقد: والدليل على عظم قدره: (الرَّحْمَنُ عَلّمَ القُرْآنَ خَلَقَ الإنْسانَ عَلَّمَهُ البَيَانَ الشَّمْسُ وَالْقمَرُ بحُسْبَانِ) وقوله: (هُوَ الَّذِي جَعَل الشّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً وقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ)
5-النِّصبة: فهي الحالُ النَّاطقة بغير اللّفظ والمشِيرة بغير اليد وذلك ظاهرٌ في خلْق السماوات والأرض وفي كلِّ صامتٍ وناطق وجامدٍ ونامٍ ومُقيم وظاعن وزائد وناقص. فالدَّلالة التي في المَوات الجامد كالدّلالة التي في الحيوان الناطق فالصَّامتُ ناطق من جهة الدّلالة والعَجْماء مُعْرِبةٌ من جهة البُرهان

ابن فارس: معجم مقاييس اللغة
(أ) رد المشتقات إلى أصول: إن لمفردات العربية مقاييس صحيحة وأصولا تتفرع منه:
(جمر) الجيم والميم والراء أصلٌ واحدٌ : يدلُّ على التجمُّع.
– الجَمر جَمْر النَّار معروف، الواحد جمْرة.
– الجُمّار: شَحْمَةُ النَّخْلة.
– جَمَّرَ فلانٌ جيشَه إذا حبَسَهم في الغَزْوِ ولم يُقْفلْهُم إلى بلادهم. وحَافِرٌ مُجْمَرٌ: وَقَاحٌ صُلْبٌ مجتمع.
– الجَمَرَات الثلاثُ اللّواَتي بمكّة يُرْمَيْنَ من ذلك أيضاً، لتَجَمُّعِ ما هناك من الحصى.
– جمَرات العرب فقال قوم: إذا كان في القَبِيل ثلاثمائةِ فارسٍ فهي جَمْرَةٌ، وقال قوم: كلُّ قبيلٍ انضمُّوا وحاربوا غيرَهُم ولم يُحالفوا سواهم فهُمْ جمْرة.
– جَمَّرَتِ المرأةُ شَعْرَها، إذا جمَعَتْهُ وعَقَدَتْهُ في قفائها، وهذا جَميرُ القوم أي جمعهم.
(جمل)
الأول تجمُّع وعِظَم الخَلْق
– أجْمَلْتُ الشَّيءَ، وهذه جُمْلَة الشَّيء، وَأجْمَلْتُه: حصّلته.
– ويجوز أنُ يكون الجَمَل من هذا، لِعظَم خَلْقه،
الجُمَّل حَبْل غَليظ، وهو من هذا أيضاً.
الجُمَاليّ: الرَّجُل العظيم الخَلْق، كأنه شُبِّه بالجمل.
والثاني حُسْنٌ
الجَمَال، وهو ضدُّ القبح، ورجلٌ جميل وَجُمَّال؛ قيل: أصله من الجمِيل وهو وَدَك الشَّحمِ المُذابِ، يراد أنَّ ماءَ السِّمَنِ يجري في وجهه

(جيش): الجيم والياء والشين أصلٌ واحد، وهو الثَّوَران والغَلَيان.
– جاشت القِدْرُ تجيش جَيْشاً وجَيَشاناً
– جاشَتْ نَفْسُه، كأنّها غلَتْ.
– والجيش معروفٌ، وهو من الباب، لأنها جماعةٌ تَجِيش.

(عقل) العين والقاف واللام أصلٌ واحد منقاس مطرد، يدلُّ على حُبْسة في الشَّيء
– العَقْل، وهو الحابس عن ذَميم القَول والفِعل.
– المَعقِل، وهو الحِصن، وجمعه عُقول.
– العَقْل، وهي الدِّيَة. يقال: عَقَلْتُ القتيلَ أعْقِله عقلاً، إذا أدّيتَ ديَته، وسمِّيت الدّية عَقْلاً لأنّ الإبل التي كانت تُؤخَذ في الدِّيات كانت تُجمَع فتُعقَل بفناء المقتول، فسمِّيت الدّيةُ عقلاً وإن كانت دراهم ودنانير. وقيل سمِّيت عقلاً لأنَّها تُمْسِك الدّم.
– عَقَل الطَّعامُ بطنَه، إذا أمسَكَه، والعَقُولُ من الدّواء: ما يُمسِك البطن.
– عقَلْت البَعيرَ أعقِلُه عقلاً، إذا شَدَدتَ يدَه بعِقاله، وهو الرِّباط.
– اعتُقل لسانُ فلانٍ، إذا احتبس عن الكلام.
– فلانة عقيلةُ قومِها: كريمتُهم وخيارهم. سمِّيت عقيلةً لأنها عُقِلت في خدرها

(ب) أصل ما فوق الثلاثي: وقد ذكر ذلك في الصاحبي عندما قال: “مذهبنا فِي أنّ الأشياء الزائدة عَلَى ثلاثة أحرف أكثرها منحوت، مثل قول العرب للرجل الشديد “ضَبَطرٌ” [ضبط وضبر] وَفِي “الصِّلِّدْم” إنه من “الصَّلد” و “الصَّدْم.” ولكنه في المقاييس توسع في تطبيق هذا المفهوم على ما يربو على ثلاث مئة لفظ، وما خرج عن ذلك نسبه إما لزيادة حرف على الثلاثي أو نسبه إلى أصل الوضع.

(1) ما جاءَ منحوتاً من كلام العرب في الرُّباعي
– (بحثر) بَحْثَرْتُ الشيءَ، إذا بَدّدته، وَالبَحْثَرَة: الكَدَر في الماء. وهذه منحوتةٌ من كلمتين: من بحثْ الشَّيء في التراب ومن البَثر الذي يَظْهَر على البَدَن، لأنَّه يَظْهَرُ متفرِّقاً على الجِلْد
– (جُمْهُور): للرَّملة المشرفة على ما حولها وهذا من كلمتين من جَمَرَ؛ وقد قلنا إنّ ذلك يدلُّ على الاجتماع، والكلمة الأخرى جَهَر؛ وقد قلنا إنّ ذلك من العلوّ. فالجمهور شيءٌ متجمِّعٌ عالٍ.
(جُرثُومة). فهذا من كلمتين: من جَرَم وجَثَم، كأنه اقتَطَعَ من الأرض قطعةً فجثم فيها.
– (تَجَحْفَلَ): القوم اجتمعوا، وقولهم للجيش العظيم (جَحفَلٌ)، و(جَحْفَلة الفَرَس). وقياس هؤلاء الكلماتِ واحدٌ، وهو من كلمتين: من الحَفْل وهو الجَمْع، ومن الجَفْل، وهو تَجَمُّع الشيء في ذهابٍ

(2) ما زيد فيه حرف للمبالغة
•ومن هذا الباب ما يجيءُ على الرُّباعي وهو من الثلاثي على ما ذكرناه، لكنَّهم يزيدون فيه حرفاً لمعنىً يريدونه مِنْ مبالغةٍ، ومن ذلك
– (بحظل) البَحْظَلَة: أنْ يَقفِزَ الرَّجُل قَفَزانَ اليَربوع، فالباء زائدةٌ؛ الحاظل الذي يمشي في شِقِّه، يقال مَرَّ بنا يْحَظَلُ ظالِعاً.
– (برشع) البِرْشاع الذي لا فُؤاد له. فالرَّاء زائدة، وإنما هو من ب ش ع التي تدل على الكراهة والضيق.
– (برغث) البَرْغَثَة، الراء فيه زائدة وإنما الأصل ب غ ث. والأبغث من طير الماء كلون الرَّماد، فالبَرْغَثَةُ لونٌ شبيهٌ بالطُّحْلة، ومنه البُرْغُوث.
– (برجم) البَرْجَمَةُ: غِلَظُ الكَلام، فالراء زائدةٌ، وإنَّما الأصل البَجْم. بَجَم الرّجُل يَبْجُمُ بُجُوماً، إذا سكَتَ من عِيَ أو هَيْبَةٍ، فهو باجِمٌ.
-(برعم) بَرْعَمَ النَّبْتُ إذا استدارَتْ رُءُوسُه، والأصل بَرَع إذا طال
-(بركل) البَرْكَلَةُ هو مَشْيُ الإنسان في الماء والطِّين، فالباء زائدةٌ، وإنما هو من تَرَكَّلَ إذا ضَرَبَ بإحدى رجليه فأدخلها في الأرض عند الحفْر.
– (فرقع) الفَرقَعة: تنقيضُ الأصابع، وهذا مما زيدت فيه الراء، وأصله فَقَع.

(3) ما وضع من الرباعي وضعا
(بهصل) البُهْصُلَةُ: المرأة القَصِيرة، وحمار بُهْصُلٌ قصير.
(بخنق) وَالبُخْنُق: البُرْقُع القصير، وقال الفرّاء: البُخْنُق خِرْقةٌ تَلْبَسُها المرأة تَقِي بها الخِمَار الدُّهْنَ.
(بلعث) البَلْعَثُ: السّيِء الخُلُق.
(بهكث) البَهْكَثَةُ: السُّرْعة.
(بحزج) البَحْزَج: وَلَدُ البَقَرة
(غردق)غَرْدَقْتُ السَّتْرَ: أرسلتُه.
(غرنق) الغُرْنُوق: الشاب الجميل. والغُرْنَيْق طائر.

ابن جني: الخصائص
باب في الاشتقاق الأكبر
أن تأخذ أصلا من الأصول الثلاثية فتعقد عليه وعلى تقاليبه الستة معنى واحداً تجتمع التراكيب الستة وما يتصرف من كل واحد منها عليه.
(ك ل م) فمعناها الدلالة على القوة والشدة. والمستعمل منها أصول خمسة، وهي: (ك ل م) (ك م ل) (ل ك م) (م ك ل) (م ل ك) وأهملت منه (ل م ك).
(ك ل م)
الكَلْم للجرح. وذلك للشدة التي فيه،
الكُلام: ما غلظ من الأرض، وذلك لشدته وقوته،
الكَلام، وذلك أنه سبب لكل شر وشدة في أكثر الأمر ، وجرح اللسان كجرح اليد.
(ك م ل) كمَل الشيء كامل، لأنه إذا تم وكمل كان حينئذ أقوى واشد.
(ل ك م) اللكم: إذا وجأت الرجل ونحوه، ولا شك في شدة ذلك. [لأنه أشد من الصفع واللطم].
(م ك ل) منه بئر مكول، إذا قل ماؤها، وذلك لأن البئر إذا قل ماؤها كره موردها، وجفا جانبها. وتلك شدة ظاهرة.
(م ل ك)
ملكت العجين، إذا أنعمت عجنه فاشتد وقوي.
ملك الإنسان، ألا تراهم يقولون: قد اشتملت عليه يدي، وذلك قوة وقدرة من المالك على ملكه، ومنه الملك، لما يعطى صاحبه من القوة والغلبة،
أملكت الجارية، لأن يد بعلها تقتدر عليها. فكذلك بقية الباب كله

‏(ج ب ر)‏ فهي أين وقعت”القوة والشدة‏.”
(ج ب ر) جبرت العظم والفقير إذا قويتهما وشددت منهما والجبر‏:‏ الملك لقوته وتقويته لغيره‏.‏
(ج ر ب) رجل مجرب إذا جرسته الأمور ونجذته فقويت منته واشتدت شكيمته‏.‏ ومنه الجراب لأنه يحفظ ما فيه وإذا حفظ الشيء وروعى اشتد وقوى وإذا أغفل وأهمل تساقط ورذى‏.‏
(ب ج ر) الأبجر والبجرة وهو القوي السرة‏.‏
(ب ر ج) البُرج لقوته في نفسه وقوة ما يليه به.
(ر ج ب) رجبت الرجل إذا عظمته وقويت أمره‏.‏ ومنه رجب لتعظيمهم إياه عن القتال فيه وإذا كرمت النخلة على أهلها فمالت دعموها. ومنه الرُّجبة وهو شيء تسند إليه لتقوى به‏.‏
(ر ب ج) الرُّباجي وهو الرجل يفخر بأكثر من فعله

إمساس الألفاظ أشباه المعاني
إمساس الألفاظ أشباه المعاني: هو محاكاة الألفاظ لمعانيها. وقد بين أنواع هذه المحاكاة:
(أ) محاكاة الصوت: من ذلك تسميتهم الأشياء بأصواتها كالخازباز لصوته والبط لصوته والواق للصرد لصوته وغاق للغراب لصوته وحنين الرعد.
(ب) محاكاة طبيعة الأحداث والأشياء: يقول: كثيراً ما يجعلون أصوات الحروف على سمت الأحداث المعبر بها عنها فيعدلونها بها ويحتذونها عليها‏. من ذلك قولهم‏:‏ خضم وقضم‏.‏ فالخضم لأكل الرطب كالبطيخ والقثاء وما كان نحوهما من المأكول الرطب‏. والقضم للصلب اليابس نحو قضمت الدابة شعيرها ونحو ذلك‏.‏ فاختاروا الخاء لرخاوتها للرطب والقاف لصلابتها لليابس حذواً لمسموع الأصوات على محسوس الأحداث‏.‏
(جـ) محاكاة الحركة:
– المصادر التي جاءت على فَعَلان‏ تأتي للاضطراب والحركة نحو النقزان، الغلبان، الغثيان‏. فقابلوا بتوالي حركات المثال توالي حركات الأفعال‏.‏ ووجدت أنا من هذا الحديث أشياء كثيرة على سمت ما حداه ومنهاج ما مثلاه‏.‏
– الألفاظ الرباعية المضعفة تأتي للتكرير نحو: زلزل، زعزع، قلقل، صعصع، جرجرة، حلحل.
– الفَعَلى في المصادر والصفات إنما تأتى للسرعة نحو البَشَكي والجَمَزي والوَلَقي.
(د) محاكاة قوة الأحداث أو كثرتها: ومن ذلك أنهم جعلوا تكرير العين في المثال دليلاً على تكرير الفعل فقالوا‏:‏ كسّر وقطّع وفتّح وغلّق‏.‏ وذلك أنهم لما جعلوا الألفاظ دليلة المعاني فأقوى اللفظ ينبغي أن يقابل به قوة الفعل والعين أقوى من الفاء واللام وذلك لأنها واسطة لهما.
(هـ) محاكاة ترتيب الحدث: وذلك أنهم قد يضيفون إلى اختيار الحروف وتشبيه أصواتها بالأحداث المعبر عنها بها ترتيبها وتقديم ما يضاهي أول الحدث وتأخير ما يضاهي آخره وتوسيط ما يضاهي أوسطه سوقاً للحروف على سمت المعنى المقصود والغرض المطلوب‏.‏ وذلك قولهم‏:‏ (بحث‏).‏ فالباء لغلظها تشبه بصوتها خفقة الكف على الأرض والحاء لصحلها تشبه الحك في الأرض والثاء للنفث والبث للتراب‏.

تصاقب الألفاظ لتصاقب المعاني
التعريف: تصاقب الألفاظ هو تتقارب الحروف لتقارب المعاني‏.‏
أمثلة: أزّ و هزّ، فهما يتقاربان في معنييهما وهو ”الإزعاج والقلق“ وقد تقاربا في أصواتهما فازاء في الكلمتين، والهمزة تقارب الهاء لأنهما حلقيان. والعسف والأسف فالعين أخت الهمزة كما أن الأسف يعسف النفس وينال منها والأسف أغلظ على النفس من العسف‏.‏ لذا تصاقب اللفظين جاء لتصاقب المعنيين‏.‏
أنواع التصاقب:
تصاقب حرف لحرف: ‏(ج ر ف ) و (ج ل ف) يقال جلفت القلم إذا أخذت جُلْفته. ومن ذلك ‏(ح م س) و ‏(ح ب س). الميم تقارب الباء لأنهما شفويان. ومنه العَلْب‏:‏ الأثر والعَلْم‏:‏ الشقّ في الشفة العليا‏.‏ ومنه الغَرب‏ والغرف:‏
تصاقب حرفين لحرفين: ‏(س ح ل)‏ و (ص هـ ل) والصاد أخت السين لأنهما حرفا صفير، والحاء والهاء حلقيان. ومنه قولهم سحل في الصوت وزحر، فالسين أخت الزاي لأنهما من مخرج واحد، الأول مهموس والثاني مجهور‏، والراء واللام ذلقيان. وجلف وجرم فهذا للقشر وهذا للقطع وهما متقاربان معنى متقاربان لفظاً
تصاقب الحروف الثلاثة:‏
زأر / سعل تدلان على اصوات. زس (صفير)، أع (حلقية)، رل (ذلقية).
صهل / زأر وتدلان على أصوات. ص ز (صفير)، هـ أ (حلقية)، رل (ذلقية).
غدر و ختل (وتدلان على الخفاء). غ خ (حلقية)، د ت (اسنانية لثوية)، رل (ذلقية)

أنواع الدلالة
كل كلمة تمتلك دلالات ثلاث:
دلالة لفظية: وهي التي تستفاد من اللفظ (أصوات الكلمة الأصول). وهي أقوى الدلالات.
دلالة صناعية (صرفية): وهي المستفادة من صيغة الكلمة.
دلالة معنوية: وهي التي ينتقل منها من معنى الكلمة إلى معان أخرى.
أمثلة:
ضرب:
دلالته اللفظية هي: دلالة الأصوات ض ر ب على (الضرب).
دلالته الصناعية هي: دلالة صيغة فَعَلَ على الفعل وزمنه.
دلالته المعنوية هي: دلالة الضرب على الفاعل والمفعول به وأداة الضرب.
مِرقاة / مَرْقاة:
دلالته اللفظية هي: دلالة الأصوات ر ق ي على (الصعود والعلو).
دلالته الصناعية هي: دلالة صيغة مِفْعلة على أداة منقولة (سُلم). ومَرقاة على أداة ثابتة (درج)
دلالته المعنوية هي: دلالة الرقي على الفاعل ووجود مكان عال يحتاج إلى آلة للصعود.

تلاقي المعاني على اختلاف الأصول والمباني
وذلك أن تجد للمعنى الواحد أسماء كثيرة، فتبحث عن أصل كل اسم منها، فتجدها جميعا تعود إلى فكرة عامة أو أفكار متقاربة.
مثال 1:
مجموعة (1) تشكيل النقود
طبيعة: من طبع الدرهم والسيف وغيرهما إذا صاغَه.
ضريبة: وذلك لأن الطبع لا بد له من ضرب. لذا قيل الضرْب المثل، والنوع.
مجموعة (2) تشكيل الأشياء المصنوعة
خُلق الإنسان: من خلّقت الشيء ملّسته. ويكون هذا بتهذيب التماثيل وسحلها وتمليسها.
نحيتة: النحت قطع وتشكيل في الحجر.
نِجار: وهو مأخوذ من نجر وهو تشكيل في الخشب.
نقيبة: نقبت الشيء ثقبته وحفرته وذا ربما يكون في الخشب لتشكيل الزخارف.
المجموعة (3)
غريزة: هو تثبيت النقش في القماش.
المجموعة (4) تشكيل الطرق والدروب
السجيحة: السجية والطبيعة.والسجيحة الطرق والمحجة.
السَّلِـيقة طبع الرجل، الدرب والـمـحَجَّة الظاهرة.
طَرِيقةُ الرجل مذهبه. الطريق الذي يسير فيه ويذهب معه.
النحيزة: الطَّريقُ بعَيْنِه.
هذه ملاحظة قيمة يسجلها ابن جني، لكننا نأخذ عليه تساهله أحيانا ربط معاني هذه المغردات بالفكرة العامة المسيطرة، ونجده أحيانا يجهد نفسه ويتعسف في لوي أعناق المعاني لتوافق الفكرة العامة التي وضعها وهي فكرة التثبيت والإقرار. لذا رأينا أن نقوم إعادة تحليل هذه المفردات والبحث عن الفكرة المناسبة التي انبثقت منها. ولنقوم بذلك نجد من الأسلم أن نقسم هذه المفردات التي ذكرها إلى أربع مجموعات كل مجموعة تربطها فكرة صغرى وترتبط هذه الأفكار الصغرى بفكرة كبرى مهيمنة وهي تشكل الشيء

مثال 2:
طفل: طفلت الشمس مالت
صبي: صبا يصبو مال إلى الشيء
غلام: الغلمة الشهوة.
جارية: الفتاة الصغيرة لجريها على الأشياء.
العلاقة بينها هي الميل والشهوة



جهود عبد القاهر في الدلالة (نظرية النظم)
إن أوضح جهود عبد القاهر الجرجاني في الدلالة يتمثل في نظريته المشهورة (النظم) التي فصلها في كتابه (دلائل الإعجاز)، وفيما يلي مقاطع منه تبين معالم هذه النظرية:
ليس الغرض بنظم الكلم أن توالت ألفاظها في النطق بل أن تناسقت دلالتها وتلاقت معانيها على الوجه الذي اقتضاه العقل.
هذه اللفظة إنما صلحت …؛ لأن معناها كذا ولدلالتها على كذا، ولأن معنى الكلام والغرض فيه يوجب كذا ولأن معنى ما قبلها يقتضي معناها.
إن الألفاظ إذا كانت أوعيةً للمعاني فإنها لا محالة تتبع المعاني في مواقعها فإذا وجب لمعنى أن يكون أولا في النفس وجب اللفظ الدال عليه أن يكون مثله أولا في النطق؛ فأما أن تتصور في الألفاظ أن تكون المقصودة قبل المعاني بالنظم والترتيب وأن يكون الفكر في النظم الذي يتواصفه البلغاء فكرا في نظم الألفاظ أو أن تحتاج بعد ترتيب المعاني إلى فكر تستأنفه لأن تجيء بالألفاظ على نسقها فباطل من الظن … وكيف تكون مفكرا في نظم الألفاظ وأنت لا تعقل أوصافا وأحوالا إذا عرفتها عرفت أن حقها أن تنظم على وجه كذا.
ومما يلبس على الناظر في هذا الموضع ويغلطه أنه يستبعد أن يقال هذا كلام قد نظمت معانيه فالعرف كأنه لم يجر بذلك إلا أنهم وإن كانوا لم يستعملوا النظم في المعاني قد استعملوا فيها ما هو بمعناه ونظير له وذلك قولهم إنه يرتب المعاني في نفسه وينزلها ويبني بعضها على بعض كما يقولون يرتب الفروع على الأصول ويتبع المعنى

وجملة الأمر أننا لا نوجب الفصاحة للفظة المقطوعة من الكلام التي هي فيه، ولكنا نوجبها لها موصولةً بغيرها ومعلقاً معناها بمعنى ما يليها، والنظم ليس شيئاً غير توخي معاني النحو فيما بين الكلم. (ومعاني النحو تابعة لترتيب المعاني في النفس).

ترتيب المعاني في النفس مقرونة بألفاظها

ترتيب ألفاظها حسب معاني النحو

* ومما ورد من اختلاف النظم لاختلاف المعاني في النفس:
ما ضربتُ زيدا .نفيت عنك ضربه، ويحتمل أن يكون ضربه غيرك، أو لم يُضرب أصلا.
ما زيدا ضربت. نفيت أنك ضربت زيدأ ولكن يفهم من كلامك أنك ضربت غيره.
ما أنا ضربت زيدا. لم تقل هذا إلا وزيد مضروب، وأنت تنفي أن تكون أنت الضارب.
أجاءك رجل؟ تسأل عن الفعل هل حدث مجيء أحد من الرجال أم لم يحدث.
أرجل جاءك؟ أنت تسأل عن جنس الذي جاء، أرجل هو أم امرأة.

شرح الجهود الدلالية عند :

ابن جني: 320هـ-392هـ)
من خلال كتابه “الخصائص”:‏

في القرن الرابع الهجري، ينهض ابن جني عالماً لغوياً، قدم دراسات كانت ولازالت لها فاعليتها في الثقافة اللغوية، والنشاط الفكري، إنْ على المستوى النظري المنهجي أو على المستوى الإجرائي التطبيقي. ولذلك يعد ابن جني من أعظم العلماء الذين قدموا نموذجاً مشرقاً لمباحث اللغة في التراث العربي المعرفي، فبدت اللغة العربية في “خصائصه” لغة لا تدانيها لغة لما اشتملت عليه من سمات حسن تصريف الكلام، والإبانة عن المعاني بأحسن وجوه الأداء، كما فتح أبواباً بديعة في العربية لا عهد للناس بها قبله كوضعه لأصول الاشتقاق بأقسامه، ومناسبة الألفاظ للمعانيومنها “تصاقب الألفاظ لتصاقب المعاني”، كما ناقش ابن جني مسألة نشأة اللغة التي كانت تشغل مكاناً مهماً في البحوث اللغوية آنذاك، وأوضح بتعليل منطقي أن اللغة أكثرها مجاز صار في حكم الحقيقة، وما يبرز قدرة ابن جني على رصد الظواهر اللغوية وتحليلها بمنطق علمي، هو ما قدمه حول التفريع الدلالي للفعل في “خصائصه”. وفيما يلي سنعرض لبعض تلك المسائل عرضاً نحاول من خلاله إبراز جهود ابن جني في ميدان “الدلالة”.‏

أ-اللفظ والمعنى:‏

تناول ابن جني في كتابه الخصائص عرض ثلاث علائق متصلة هي: العلاقة بين اللفظ والمعنى، والعلاقة بين اللفظ واللفظ، ثم العلاقة بين الحروف ببعضها. وأفرد لذلك أبواباً من ذلك “باب في تلاقي المعاني على اختلاف الأصول والمباني” حيث عرض فيه لاشتراك الأسماء في المعنى الواحد ورده لوجود تقارب دلالي بين تلك الأسماء، يقول في مستهل هذا الباب: “هذا فصل من العربية حسن كثير المنفعة، قوي الدلالة على شرف هذه اللغة، وذلك أن تجد للمعنى الواحد أسماء كثيرة، فتبحث عن أصل كل اسم منها فتجده مفضي المعنى إلى معنى صاحبه وفي ذلك إشارة إلى وقوع الترادف في اللغة الذي كان ينكره بعض علماء اللغة في عصر ابن جني ومنهم أستاذه أبو علي الفارسي. وما اشتهر به صاحب الخصائص هو إبراز لظاهرة لغوية تتمثل في تقارب الدلالات لتقارب حروف الألفاظ، وهو ما سماه “تصاقب الألفاظ لتصاقب المعاني” سجل فيه أن مخارج حروف اللفظ التي تقترب من مخارج حروف لفظ آخر، هما متقاربان دلالياً لتقاربهما فنولوجياً وتلك خاصية من خصائص اللغة العربية. وهذه الملاحظة تنم عن دقة وعمق رؤية ابن جني لنظام اللغة ففي شرحه للفظ “أزا” الوارد ذكره في قوله تعالى: “ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزاًيقول ابن جني في قوله تعالى: “تأزهم أزاً”: أي تزعجهم وتقلقهم، فهذا في معنى تهزهم هزاً والهمزة أخت الهاء، فتقارب اللفظان لتقارب المعنيين، وكأنهم خصوا هذا المعنى بالهمزة لأنها أقوى من الهاء، وهذا المعنى أعظم في النفوس من الهز، لأنك قد تهز مالا بال له، كالجذع وساق الشجرة، ونحو ذلك” . كما قدم ابن جني تطبيقات أخرى مست ألفاظاً وجد بين حروفها اشتراكاً في الصفات الفنولوجية، فأفضى ذلك إلى تقاربها في الدلالة من ذلك المقابلة بين فعل ج ع د) والفعل ش ح ط). يقول ابن جني: “فالجيم أخت الشين والعين أخت الحاء والدال أخت الطاء”. كما كان يرى أن هناك مناسبة طبيعية بين الصيغة المعجمية ودلالتها، وذلك فيما يخص أصوات الطبيعة. وهي مسألة لم تكن محل خلاف بين العلماء في عصره، إلا أن ابن جني قدم تعليلاً بديعاً، للخليل بن أحمد ولسيبويه، يفسر العلاقة الطبيعية بين الصوت ودلالته، فيقول الخليل: “كأنهم توهموا في صوت الجندب استطالة ومداً فقالوا: صر وتوهموا في صوت البازي تقطيعاً فقالوا: صرصر”. ويقول سيبويه في المصادر التي جاءت على وزن فعلان أنها تأتي للاضطراب والحركة نحو القفزان والغليان، والغثيان فقابلوا بتوالي حركات المثال توالي حركات الأفعال” . وهذا ما أدرجه ابن جني في باب “إمساس الألفاظ أشباه المعاني”، إذ التأليف الصوري للفظ يرسم القيمة الدلالية للمعنى الذي يقابله، وإن كان ذلك صعباً تطبيقه على كل عناصر النظام اللغوي إلا أن ذلك يبقى طرحاً جريئاً من قبل ابن جني له قيمته العلمية وسبقه المعرفي في عصره، وهي محاولات كانت تنتظر من يعطيها طابع النظرية الشاملة بعد ابن جني، ولكن وجد أتباع لم يكملوا ما بدأه أبو الفتح ابن جني وإنما انتحلوا بحوثه ونسبوها إلى أنفسهم كابن سيده صاحب كتاب “المحكم” المتوفى سنة 458هـ . وقد قام ابن جني بذات الصنيع في باب الاشتقاق، خاصة في تلك التقلبات المورفولوجية الستة التي تنتج عن الصيغة المعجمية الثلاثية، إلا أنه بعد أن ربط تلك الصيغ دلالياً بالصيغة الأم، وجد صيغاً مهملة لا واقع لغوي لها، وكان في بعض الأحيان يلحق الأمثلة قسراً بالقاعدة وتلك ملاحظة أخذه عنها علماء اللغة، بل إن ابن جني نفسه قد أقر بصعوبة المسلك في إجراء التقلبات الستة وربطها بدلالة الأصل الثلاثي فقال: “وهذا أعوص مذهباً، وأحزن مضطرباً وذلك أنا عقدنا تقاليب الكلام الستة على القوة والشدة…” إن علاقة الرمز اللغوي بدلالته لا يمكن –كما قرر الدرس اللساني الحديث- أن تكون قسرية ولا طبيعية، لأن ذلك سيبقى النظام اللغوي في حالة من الجمود ولكن القول بالعلاقة الاعتباطية أو الكيفية arbitraire) بين اللفظ ودلالته، يعطي للغة، المرونة اللازمة خلال التغيّر الذي يطرأ على البنية اللغوية من جراء الأحداث الناجمة عن الاستعمال اللغوي وعن تطور بعض المدلولات، ما كان التغير ليحصل لو لم تكن الإشارة بالحقيقة “كيفية” أي اعتباطية” .

ب-التفريع الدلالي للفعل: يعقد ابن جني تفريعاً دلالياً للفعل يضبط سماته الذاتية والانتقائية، فأبرز معايير تنتظم وفقها العلامة اللسانية الدالة، وقد خصّ ابن جني الفعل وكان يسميه اللفظ. بهذا التوزيع لكونه “يعد القطب الرئيسي في العملية الإبلاغية إذ أنه النواة الدافعة للحركة المتجددة المتوخاة من الأحداث المحققة في الواقع اللغوي، ولذلك فإن الأفعال كما قال آدم سميث A.smith)نطفة اللغات . فالفعل يحمل دلالة بنيته المورفولوجية، كما يقدم لنا سمات الفاعل ومكوناته الأساسية، إضافة إلى الدلالة الزمانية التي تعين على تحديد قيمة الدلالة العامة للصيغة المعجمية. يقسم ابن جني الدلالة إلى ثلاثة أقسام: الدلالة اللفظية والدلالة الصناعية والدلالة المعنوية، ويفاضل بينها جاعلاً الدلالة اللفظية على رأس الدلالات الثلاثة ثم تليها الدلالة الصناعية فالمعنوية. يقول ابن جني: “فمنه جميع الأفعال، ففي كل واحد منها الأدلة الثلاثة. ألا ترى إلى قام ودلالة لفظه على مصدره) ودلالة بنائه على زمانه، ودلالة معناه على فاعله فهذه ثلاث دلائل من لفظه وصيغته ومعناهويمكن توضيح ذلك بالرسم التالي:‏

الدلالة اللفظية المعنى).‏

الدلالة التفريعية للفعل الدلالة الصناعية الزمن).‏

الدلالة المعنوية الفاعل).‏

1-الدلالة اللفظية: وهي الدلالة المعجمية ودلالة البنية المورفولوجية على الحدث، وقد عدّها ابن جني على رأس الدلالات الثلاثة لأنها “دلالة أساسية تعد جوهر المادة اللّغوية المشترك في كل ما يستعمل من اشتقاقاتها وأبنيتها الصرفيةففعل “قعد” مثلاً يدل بصيغته المعجمية على حدث خاص ذي دلالة معينة وهو المصدر “القعود”، وإنه متعلق بفاعل تعلقاً معنوياً، ومنه اشتقت صيغ أخرى لها ارتباط بالدلالة الأساسية للفعل منها: مقعد –متقاعد- قاعدة وما إلى ذلك من الصيغ. وما يجدر ذكره أن قيمة الدلالة الأساسية للصيغة الصرفية، تعتبر المركز الذي يستقطب كل الدلالات المتفرعة عنه، بحيث تدْخل في علائق وظيفية مختلفة وتبقى مشدودة إلى الدلالة اللفظية للفعل.‏

2-الدلالة الصناعية: وهي دلالة بنية اللفظ) المورفولوجية على الزمن، وهي تلي الدلالة اللفظية لأن اللفظ يحمل صورة الحدث الدلالي المستغرق لحيز زماني يقول ابن جني “وإنما كانت الدلالة الصناعية أقوى من المعنوية من قبل إنها وإن لم تكن لفظاً فإنها صورة يحملها اللفظ، ويخرج عليها ويستقر على المثال المعتزم بها، فلما كانت كذلك لحقت بحكمه وجرت مجرى اللفظ المنطوق به فدخلا بذلك في باب المعلوم بالمشاهدة“. فكانت الدلالة الصناعية مع أنها دلالة غير لفظية وإنما يستلزمها اللفظ في حكم الدلالة اللفظية، التي هي صورة تلازم الفعل، فأين كان هو مشاهداً معلوماً كان الزمن المقترن به معلوماً بالمشاهدة أيضاً، من مسموع اللفظ، وينظر ابن جني في هذا المجال إلى المصدر على أنه مجال مفتوح على الأزمنة الثلاثة فيقول: “وكذلك الضرب والقتل: نفس اللفظ يفيد الحدث فيهما، ونفس الصيغة تفيد فيهما صلاحهما للأزمنة الثلاثة على ما نقوله في المصادر“.

3-الدلالة المعنوية: إن الفعل يحدّد سمات فاعله الذاتية والانتقائية، الأساسية والعرضية، وذلك من جهة دلالته، ويعرف ذلك بطريق الاستدلال، فيتحدد جنس الفاعل، وعدده، وحاله، ليس من الصيغة الفونولوجية للفعل بل من مؤشرات خارجة عن الفعل. ففعل قعد) يدل على حادث مقترن بزمن ماض، وقد يتعرض مجاله الزمني إلى الاتّساع ليشمل زمن الحاضر أو المضارع المستقبل في سياق لغوي يحمل خصائص تركيبية ودلالية ومقامية معينة، أما دلالته على الفاعل) فهي دلالة إلزام، يقول ابن جني “ألا تراك حين تسمع ضَرَب) قد عرفت حدثه وزمانه، ثم تنظر فيما بعد، فتقول: هذا فعل ولابدّ له من فاعل، فليث شعري من هو؟ وماهو؟ فتبحث حينئذ إلى أن تعلم الفاعل من هو وما حاله، من موضع آخر لا من وضع مسموع ضرب، ألا ترى أنه يصلح أن يكون فاعله كلّ مذكر يصحّ منه الفعل مجملاً غير مفصّل“. إن السمات المعنوية التي رصدها ابن جني في هذا المقام يمكن على ضوئها وضع نسق تفريعي لفئة الفاعل) تخصّ كل فعل من اللسان العربي وتوضيحه كالآتي:‏

فعل يلزم فاعل مكوناته الذاتية والانتقائية‏

حاله‏

جنسه‏

فعل يلزم فاعل مكوناته الذاتية والانتقالية‏

عدده‏

تعيينه‏

ويورد ابن جني تفريعاً دلالياً لصيغ مختلفة من الألفاظ الأفعال)، يحدّد على ضوئها سمات عامّة تخصّ الفعل وصاحبه فيقول: “وكذلك قطّع) وكسّر)، فنفس اللفظ ها هنا يفيد معنى الحدث، وصورته تفيد شيئين: أحدهما الماضي، والآخر تكثير الفعل، كما أن ضارب) يفيد بلفظه الحدث، وببنائه الماضي، وكون الفعل من اثنين، وبمعناه أنّ له فاعلاً فتلك أربعة معان…” فالتفريع الدلالي الإضافي الذي يكمل به ابن جني تفريعه الأول يمكن توضيحه كالتالي:‏

‏ ‏الدلالة اللفظية دلالة الحدث)‏

الدلالة الصناعية دلالة الزمن)‏

يدلّ –فعّل) مضعف العين) على‏

الدلالة اللفظية دلالة إضافية تكبير الفعل))‏

الدلالة المعنوية مكونات الفاعل الجوهرية والعرضية)‏

إن هذه السمات الدلالية للفعل وما ينضوي تحتها من سمات فرعية محدّدة، هي في جورها سمات مميزة للفعل كسّر)، الذي له توارد خاص في سياق معيّن، ويستلزم فاعلاً يحمل مكونات تمييزية جوهرية وعرضية، فضلاً عمّا يوحيه الفعل) فيما يخص المفعول به)، وذلك بحسب قواعد الوقوع أو الرصف التي تتحكم في بنية التركيب الصحيح، حيث يستدعي الفعل، فاعلاً معيّناً، ومفعولاً معيّناً أيضاً…‏

أمّا فعل ضَارَب) وهو ذو لصيغة مورفولوجية مختلفة عن كسّر) يمكن توضيح سماته على النحو التالي:‏

الدلالة اللفظية الحدث)‏

الدلالة الصناعية زمن الماضي)‏

ضاربَ –فاعل) على‏

‏ الدلالة المعنوية مكونات الفاعل خاصة العدد))‏

الدلالة المعنوية دلالة إضافية المشاركة في الحدث))‏

إن جملة التفريعات التي أوردها ابن جني للركن الفعلي تؤكد على أهمية الفعل) في الموروث اللساني إذ غدا حقلاً ألسنياً يغطي مفاهيم مختلفة، تخصّ كلّ متعلقاته، التي يحدّد معها توارداً سياقياً صحيحاً، ويمكن أن يتخذ ذلك كتصنيف مهم في حصر السمات الدلالية وضبطها ضبطاً محكماً لتغتدي فيصلاً فارزاً للمداخل المعجمية، وهي المداخل التي تكتسب مجالها الدلالي من خلال توافقها، أو عدم توافقها مع السمة المميزةوإنّ تلك الأنماط التي عقدها ابن جني مع كل بنية مورفولوجية لا تختلف كبير اختلاف، مع تلك السمات المميزة المعتمدة في الدرس الدلالي الحديث . حيث تلعب الملامح المشتركة بين وحدات السياق اللغوي دوراً مهمّاً في تأمين التوارد الصحيح.‏

ج-الحقيقة والمجاز: في مبحث الحقيقة والمجاز يعقد ابن جني بابين أولهما في:‏

الفرق بين الحقيقة والمجاز، وثانيهما في: أن المجاز إذا كثر لحق بالحقيقة.‏

في الباب الأوّل تناول أبو الفتح بن جني تعريف الحقيقة والمجاز على أساس الوضع الأوّل الذي يحدّد الاستعمال الأصلي للصيغة، أمّا دواعي انتقال اللفظ من دلالته الحقيقية إلى دلالة المجاز فقد حصرها ابن جني في ثلاث: الاتساع والتوكيد والتشبيه. فانتقاء هذه الدواعي يبقي اللفظ على دلالته الحقيقية، يعرّف ابن جني الحقيقة والمجاز فيقول: “الحقيقة: ما أقرّ في الاستعمال على أصل وضعه في اللغة. والمجاز: ما كان ضدّ ذلك” . ثم يحدد دواعي التجوز فيقول: “وإنما يقع المجاز ويعدل إليه عن الحقيقة لمعان ثلاثة، وهي: الاتساع والتوكيد والتشبيه، فإن عدم هذه الأوصاف كانت الحقيقة البتة“. فالمجاز في أصله هو إضافة معنى جديد إلى المعنى القديم الحقيقة)، وفي ذلك توكيد للمعنى وتشبيه المعنيين الأوّل بالثاني.‏

أمّا الاتساع فلأن في لائحة الملامح الحقيقية للدال يُضاف ملمح جديد على سبيل المجاز، يقرّر ابن جني بتطبيق إجرائي فيقول”… وكذلك قول الله سبحانه: وأدخلناه في رحمتنا) هذا هو مجاز، وفيه الأوصاف الثلاثة، أمّا السعة فلأنه كأنه زاد في أسماء الجهات والمحالّ اسماً هو الرحمة، وأمّا التشبيه فلأنه شبّه الرحمة – وإن لم يصح دخولها –بما يجوز دخوله فلذلك وضعها موضعه. وأمّا التوكيد فلأنه أخبر عن العرض بما يخبر به عن الجوهر. وهذا تعال بالعرض، وتفخيم منه إذ صيّر إلى حيز ما يشاهد ويلمس ويعاين” . وإنّ تحقق هذه المعاني مرتبط بوجود قرينة صارفة من إتيان المعنى الحقيقي لفظية في المجاز اللغوي وعقلية في المجاز المرسل.‏

أمّا في الباب الثاني فبعد طول معاينة للغة، يرى ابن جني أنّ أكثر كلام العرب إنّما هو مجاز وذلك ناتج عن كثرة دوران اللفظ على الألسنة، بدلالته المجازية اكتسب سمة الدلالة الحقيقية، وإنّ تلك التراكيب اللغوية التي تخالها ذات دلالة حقيقية هي في الأصل ذات دلالة مجازية محققة لتلك المعاني الثلاثة التي ذكرنا، ويسوق ابن جني في سبيل أمثلة كثيرة، يقول: “إعلم أن أكثر اللغة مع تأملّه مجاز لا حقيقة، وذلك عامّة الأفعال، نحو قام زيد، وقعد عمرو ….) وجاء الصيف، وانهزم الشتاء…” ويلمس ابن جني البحث في الزمن الطويل الغابر، عن الأصل الذي وظّفت لسببه الكلمة وهو محاولة الجمع بين التكوين اللغوي للكلمة ودلالتها المتداولة آنياً، ففي بحثه عن أصل فعل ع ق ر) ودلالته على الصوت في قولنا: رفع عقيرته) يقول ابن جني: “أنّ رجلاً قطعت إحدى رجليه فرفعها، ووضعها على الأخرى ثم صرخ بأعلى صوته فقال الناس رفع عقيرته) . فكان الأصل في استعمال ع ق ر) للدلالة على الصوت المرتفع كالصراخ ولكن خفيت أسباب التسمية لبعدها الزمني فأضحت تدل على من رفع رجله دلالة حقيقية مع أنها في أصل وضعها كانت تدل على الصوت. فحصل نقل لدلالة اللفظ من مجال إلى مجال، انتقلت عبره المجازات إلى الاستعمال العادي الحقيقي. ويلجأ ابن جني إلى تقديم العلل المنطقية الفلسفيةعلى صحة ما ذهب إليه. وإن كنّا نرى أن رؤيته هذه في علاقة الدلالة بالحقيقة والمجاز أن فيها بعض التعسف لأنه إذا قلنا أن أكثر اللغة مجاز وحاولنا أن نردّ كل صيغة إلى دلالتها الأصلية لألفينا صيغاً قد تعرّضت لحركة نقل متتالية فنردّها إلى أصل هو بذاته مجاز، ولظللنا نتبع الأصول فلا نعثر إلاّ على الفروع. وهذا حقيقة ماهو سمة في اللغة التي من مميزاتها المرونة والتغيير ورفض كل قاعدة تريد أن تبقيها متحجرة جامدة.‏

نشأة اللغة: يناقش ابن جني قضية نشأة اللغة التي نجد لها حضوراً مكثّفاً في مؤلفات الأقدمين ولعلّ ذلك راجع إلى ارتباط هذه القضية بمشكلة كانت نقطة خلاف كبيرة بين العلماء، بل تعدّ سبب الاصطدام الذي حصل بين السياسي والديني ونعني بها مشكلة “خلق القرآن” يعرض ابن جني لآراء علماء عصره في مسألة نشأة اللغة فيصرح في باب القول على أصل اللغة أنها إلهام أم اصطلاح: “هذا موضع محوج إلى فصل تأمّل، غير أن أكثر أهل النظر على أن أصل اللغة إنما هو تواضع واصطلاح لا وحي وتوقيف. إلا أن أبا علي رحمه الله –قال لي يوماً: هي من عند الله، واحتج بقوله سبحانه: “وعلّم آدم الأسماء كلهاوهذا لا يتناول موضع الخلاف. وذلك أنّه قد يجوز أن يكون تأويله: أقدر آدم على أن واضع عليها، وهذا المعنى من عند الله سبحانه لا محالة” . وبهذا التعليق الأخير على قول أبي علي الفارسي يكون ابن جني قد أفصح عن مذهبه فكان أميل إلى القول بعرفية الدلالة اللغوية مقدّماً تأويلاً للآية الكريمة السابقة الذكر. يكاد يجمع عليه أغلب العلماء الذين قالوا بالاصطلاح، يعني، أن الإنسان قد ركّبت فيه استعدادات فطرية، وقواعد ذهنية بها يستطيع أن يسمّي الأشياء، ويضع نظاماً علامياً مطرداً مع كل الأشياء الجديدة على غرار وضعه للرموز التي تخصّ نظام المرور أو تلك المستعملة في نظام الملاحة البحرية الإشارات الضوئية) فهذا كلّه من باب التواضع والتوفيق، والحقيقة أن ابن جني لا يكاد يستقّر على رأي حيث ذكر مذهب الذين قالوا بطبيعية اللغة، المستلهمة من أصوات الطبيعة، واستحسنه وقبله. يقول في ذلك: “وذهب بعضهم أي بعض العلماء) إلى أن أصل اللغات كلها إنّما هو من الأصوات المسموعات كدويّ الريح، وحنين الرعد، وخرير الماء. وشحيح الحمار، ونعيق الغراب وصهيل الفرس وتريب الظبي، ونحو ذلك، ثم وُلدت اللغات عن ذلك بينما بعد. وهذا عندي وجه صالح، ومذهب متقبل“. ولكن ابن جني ما يلبث أن يقوي في نفسه شعور يجذبه إلى الاعتقاد بكون اللغة توقيفاً من عند الله تعالى، وذلك ظاهر من تناسق أجزائها وموافقتها لكل حال ومقام، ثمّ ما اجتمع لديه من أقوال العلماء من أساتذته من أنّ اللغة وحي وإلهام من عند الله. كل ذلك دفع ابن جني إلى ترجيح المذهب القائل بتوقيفية اللغة يقول في ذلك: “إنّني إذا ما تأملت حال هذه اللغة الشريفة، الكريمة اللطيفة، وجدت فيها من الحكمة والدقة والإرهاف والرقّة ما يملك عليّ جانب الفكر، حتى يكاد يطمح به أمام غلوةالسحر، فمن ذلك ما نبّه عليه أصحابنا –رحمهم الله-، ومنه ما حذوته على أمثلتهم، فعرفت بتتابعه وانقياده وبعد مراميه وأماده صحّة ما وفّقوا لتقديمه منه“.

وخلاصة موقف ابن جني من نشأة اللغة أنه وقف موقفاً وسطاً فقال بالإلهام والاصطلاح معاً، يوضّح ذلك ما ختم به هذا الباب حيث افترض أن يكون الله تعالى قد خلق قبلنا أقواماً كانت لهم القدرة التي مكنتهم على الاصطلاح والتواضع في تسمية الأشياء، يقول أبو الفتح موضحاً موقفه ومعبّراً في ذات الوقت عن حيرته بين القول بعرفية اللغة أو القول بالإلهام: “فأقف بين تين الخلتين الإلهام والعرف) حسيراً، وأكاثرهما فأنكفئ مكثوراً وإن خطر خاطر فيما بعد، يعلّق الكف بإحدى الجهتين ويكفها أو يفكها) عن صاحبتها قلنا به“. وما يجدر ملاحظته هو أن موضوع نشأة اللغة كان من ضمن المواضيع التي أسهب البحث فيه علماء اللغة المحدثون، وجدّوا في تقديم العلل الراجحة لذلك، تهدف إلى تأسيس رؤية موضوعية تأخذ الظواهر اللغوية النموذجية القرآن الكريم –الأحاديث الشريفة –كلام العرب الفصيح) كمعطى لوضع معايير مطردة تتناول اللغة في بعدها الشامل وفي جميع مستوياتها المعجمية والتركيبية، وإنّ ذلك من شأنه أن ينقل البحث في أصل اللغة –الذي عدّه بعض اللغويين بحثا ميتافيزيقياً –إلى البحث في آلياتها التي تشرف على ضبط الدلالات المختلفة، خاصة إذا علمنا أن الدلالة قد ولجت كل مجالات المعرفة والثقافة في العصر الحديث بل وكل ميادين الحياة.‏

عند ابن سينا 373هـ-427هـ):‏

إنّ ما يميز التحليل الدلالي عند ابن سينا هو وقوفه على البعد النفسي والذهني اللذين يصاحبان العملية الدلالية، وهو ما يعطي لتحليله طابع الدقة والعمق اللازمين خاصة إذا استحضرنا دراية ابن سينا بعلم النفس واعتماده منهج التشريح، وذلك ما يتطابق مع نشاطه كطبيب وفيلسوف في آن واحد، فهو يكثر من ذكر الوجود الذهني للعلامات اللغوية وارتسامها في النفس والخيال في رصده لمراحل العملية الدلالية، حيث يتم نقل المفاهيم المودعة في الذهن لمدلولات في العالم الخارجي إلى أدوات دالة كالألفاظ والكتابة، وبما أنّ اللفظ اللغوي يعدّ أساس العملية الدلالية أقام له ابن سينا تقسيماً بحسب الإفراد والتركيب والتأليف، وبحسب الكلي والجزئي ثم أبان عن اللفظ الخاص واللفظ المشترك والجامع بين الصفتين، أما الدلالة فقد صنفها ابن سينا إلى أصناف لم تخرج عن تلك التي كانت متداولة بين معاصريه، من العلماء وممن سبقه من الفلاسفة كالفارابيت 339هـ)، وفيما يلي عرض لهذه المسائل التي أثارها ابن سينا وجمعناها في ثلاثة عناوين وهي: أقسام اللفظ –أقسام الدلالة-العملية الدلالية.‏

أ-أقسام اللفظ: يحدّد ابن سينا ماهية اللفظ المفرد بالنظر إلى دلالته، فما كانت دلالته واحدة لا تتجرأ فهو اللفظ المفرد، ثم بحيث إذا تجزأت دلالته لم تفصح عنه وإنما تتحول إلى دال غيره، ومعنى ذلك أن اللفظ المفرد قد يكون لفظاً مركباً فقولنا “عبد شمس” فإنّه وإن جاز فيه أن يجزأ إلى “عبد” و شمس” ولكن لا تكون دلالته من حيث يراد أن يقال “عبد شمس” يعرف ابن سينا اللفظ المفرد فيقول: اللفظ الدّال المفرد هو اللفظ الذي لا يريد الدال به على معناه أن يدل بجزء منه البتة على شيء“. وقريبة ماهية دلالة اللفظ المفرد عند ابن سينا بماهية المعنى التعييني Sens denotatif) عند الألسنيين المحدثين ومنهم العالم الدلالي جون ليونز John Lyons) وهو لا يختلف كثيراً عن معنى الإرجاع الذي تتحدد معه العلاقة القائمة بين الوحدة المعجمية وماهو خارج من النظام اللغوي من أشخاص وأماكن وأشياء. إلاّ أنّ ليونز) يميّز بين التعيين والإرجاع في أنّ الأول يحدّد مدلول الوحدة المعجمية خارج السياق اللغوي أما الثاني فيحدّد مدلولها داخل العبارات المرتبطة بالسياق . يبرز ابن سينا المعنى التعييني للفظ المفرد فيقول: “والمعنى المفرد –هو المعنى من حيث يلتفت إليه الذهن كما هو، ولا يلتفت إلى شيء منه يتقوم أو معه يحصل، وإن كان للذهن أن يلتفت وقتاً آخر إلى معان أخرى فيه ومعه أو لم يكن” . وكإشارة إلى صعوبة تعيين دلالة اللفظ المفرد يرى ابن سينا أنه لكي تحصل الدلالة المعينة وجب أن يرجع إلى معنى اللفظ المفرد دون متعلقاته، وإن كان ذلك يبقى مجرد شرط نظري بحيث أن الذهن يُضمّن الصورة المفهومية للفظ متعلقات أخرى وهو ما يشكل إحدى العقبات القائمة أمام التحديد التام لإرجاع دلالة اللفظ في العالم الخارجي، وقد طرح ليونز) الإشكالية ذاتها في حديثه عن التعيين ووصل إلى حدّ القول بوقوع الإبهام في البحث عن تعيين بعض العبارات والجمل، بل ووجد بعض الصيغ التي تخلو من التعيين مثل الصفات والنعوت منها: جميل، قبيح، زكي، شريف وغيرها.. وما نلاحظه في تعريف ابن سينا للفظ المفرد أنه تعريف يختلف عن التعريف الذي أورده في كتابه “الإشارات والتنبيهات” حيث يقول: “اللفظ المفرد هو الذي لا يراد بالجزء منه دلالة أصلاً، حين هو جزؤه مثل تسميتك إنساناً بعبد الله فإنك حين تدل بهذا على ذاته لا على صفته من كونه “عبد اللهفلست تريد بقولك “عبد” شيئاً أصلاً، فكيف إذ سميته بـ”عيسى”؟ بلى، في موضع آخر قد تقول “عبد الله” وتعني بـ”عبد” شيئاً، وحينئذ يكون “عبد اللهنعتاً له، لا اسماً، وهو مركب لا مفرد“.

ومدار الدلالة عند ابن سينا هو القصد والإرادة، لأنها “دلالة وضعية متعلقة بإرادة المتلفظ الجارية على قانون الوضع فما يتلفظ به ويراد به معنى ما، ويفهم منه ذلك المعنى، يقال له: إنه دال على ذلك المعنى، وما سوى ذلك المعنى، مما لا تتعلق به إرادة التلفظ، وإن كان ذلك اللفظ أو جزء منه بحسب تلك اللغة، أو لغة أخرى أو بإرادة أخرى- يصلح لأن يدل به عليه فلا يقال له: إنه دال عليه- أو لا يراد“. ولذلك قد يقال أن جزء “عبد الله” يحمل دلالة في نفسه ولكن ليست دلالة مقصودة يقول ابن سينا موضحاً ذلك: “إذا لم يرد باللفظ دلالة لم يكن دالاً. لأن معنى قولنا: “لفظ دال” هو أنه يراد به الدلالة لا أن له نفسه حقاً من الدلالة“.والواقع اللغوي يؤكد على أهمية التحقق من بنية الكلمة لرصد دلالتها وضرورة الوقوف على قصد المتكلم من الصيغ المتشابهة، خاصّة ما يشكل عالمه الدلالي وهو مرمى مستحيل التحقيق، لأن اللغة وجدت للمحاورة والمشاركة لوجود المجاورة كما قال ابن سينا ولو احتفظ كل إنسان بعالمه الدلالي لما احتجنا إلى اللغة، فالتواصل والإبلاغ يقتضي أن يكون قدر من الاشتراك في سنن اللغة بين جمهور المتكلمين من أهلها لأنها ثمرة لتواضع بينهم، ولذلك نجد من يعترض على تعريف ابن سينا للفظ المفرد، وما سبب ذلك إلا سوء في الفهم وقلة الاعتبار لما ينبغي أن يفهم ويعتبر . وقد شرح العالم الأمريكي هياكوا S.J.Hayakwa) كيف تحمل الكلمات المعاني الإيحائية التي لها إسقاطات نفسية تخص المتكلم وقد لا يتنبه المتلقي لها وميّز بين نوعين من المعنى: المعنى التصريحيSens intentionnel) والمعنى الثانوي أو الإيحائي Sens extensionnel) أو كما سمى ذلك غرينيبزغJ.H.Greeberg) المعنى الداخلي مقابل المعنى الخارجي وقد “علّق الشارح على التعديل الذي أدْخله ابن سينا على تعريفه الأول للفظ المفرد بقوله قد: “زاد في الرسم القديم ذكر الإرادة) تنبيهاً على أن المرجع في دلالة اللفظ هو إرادة المتلفظ“.

ويورد ابن سينا تفريعاً آخر للفظ الدال بحسب ما يغطيه من الدوال الفرعية فكأنه لكسيم رئيسي يشرف على حقل من الألفاظ، قد يضم هذا الحقل دالاً واحداً لا غير وهنا يحصل التطابق التام بين اللفظ الأعم وما يضمه، يسمي ابن سينا ذلك النوع من الألفاظ:‏

بالخاص المطلق، يقول في ذلك: “إعلم أن أصناف الدال على ما هو من غير تغيير العرف وفي نسخة “مفهوم العرف”) ثلاثة:‏

أحدها: بالخصوصية المطلقة مثل دالة الحد على ماهية الاسم مثل دلالة الحيوان الناطق على الإنسان” . فالمثال الذي قدمه ابن سينا يخصّ الحدود والتعاريف وينسحب على الوحدات المعجمية، كما تقوم به نظرية الحقول الدلالية فالتعريف: “الحيوان الناطقيعد لكسيما رئيسياً يغطي أو يتضمن الدلالة على ماهية لفظ الإنسان. معنى ذلك أن النوع يشتمل على الجنس من حيث المفهوم، لأن النوع يحتوي صفات الجنس كلها مضافاً إليها الفصول النوعية في حين يكون الجنس أشمل من النوع من حيث الماصدق كما يقول المناطقة .

أما النوع الثاني من الألفاظ فهي تلك التي تغطي ألفاظاً فرعية غير متجانسة، وهي ذات حقل من الأفراد تشترك في أن اللفظ العام يتحقق فيها مفهومه الذهني، يقول ابن سينا موضحاً ذلك: “والثاني: بالشركة المطلقة مثل ما يجب أن يقال –حين يسأل عن جماعة مختلفة فيها مثلاً: فرس وثور وإنسان: ماهي؟ وهناك لا يجب ولا يحسن إلا الحيوان“.

إن تحديد العلاقات التقابلية داخل الحقل المعجمي بناء على معجم المفاهيم، يوضح مجالات الاستعمال أكثر مما يوضحه المعجم التقليدي، ويسمح ذلك بمعرفة أن هذا اللفظ يدرس ضمن مجموعة مترابطة مع ألفاظ أخرى لأنها تنتمي إلى حقل مفهومي مشترك.‏

أما النوع الثالث من أنواع اللفظ المفرد، فيقيم على أساسه ابن سينا حقلاً أوسع مما خص به النوعين الأوليين، وذلك لأن هذا النوع يحمل سمات الخصوصية المطلقة والشركة وهما صفتا النوعين السابقين. يقول ابن سينا في تحديد هذا النوع من اللفظ المفرد: “وأما الثالث فهو ما يكون بشركة وخصوصية معاً، مثل ما إنّه إذا سئل عن جماعة هم: زيد وعمرو وخالد، ماهم؟ كان الذي يصلح أن يجاب به على الشرط المذكور أنّهم أناس“. ومن ضمن العلاقات التي حددها علماء الدلالة داخل الحقل المعجمي، علاقة الجزء بالكل، ذلك أن مجموع السمات التي يحملها الكل تنطبق على جزئياته ولا يمكن أن تخصّ جزءاً واحداً فقط، ويشرح المناطقة هذه العلاقة بكون الكل يضم تحته أجزاء لا جزئيات وهذه الأجزاء مجتمعة في هيئتها التركيبية يطلق عليها اسم الكل ولا يصح إطلاق الكل على جزء من أجزائهفلفظ “أناس” لفظ كلّ يضم تحته أجزاء من الألفاظ، لا يطلق عليها إلا وهي مجتمعة لا مفردة.‏

وعلى أساس هذه الأصناف الثلاثة للفظ المفرد يمكن بناء العلاقات الدلالية بين جملة الحقول التي يؤسسها وبين الدلالة التي يحملها. فالنوع الأول يشير إلى علاقة المطابقة بين الإنسان والحيوان الناطق، أما النوع الثاني والثالث فهو يحقق علاقة التضمن، وما هو حريّ بالملاحظة في هذا المقام هو أن ابن سينا يسعى إلى وضع قواعد كلية تنتظم الألفاظ، وهذا هو “دأب المناطقة، بل إنه لينادي بأن تكون تلك القواعد عامّة لجميع اللغات ينتفع بها كل الأقوام خاصة فيما تعلق بالجانب الدلالي الذي يسعى المنطقي إلى تحقيقه بضبطه للألفاظ في حالتها الإفرادية والتركيبية يقول ابن سينا: “يلزم المنطقي أيضاً أن يراعي جانب اللفظ المطلق من حيث ذلك غير مقيد بلغة قوم دون قوم. إلا فيما يقل“. فابن سينا بخبرته في التحليل يدرك أن بين اللغات قدراً من الاشتراك وتبقى كل لغة تتميّز بخصوصيتها الموفورلوجية، والفونولوجية بحيث تتفاوت في ذلك اللغات، وتختلف.‏

ب-أقسام الدلالة: إنّ تعيين العلاقة بين اللفظ والمعنى، تناوله ابن سينا من جوانب ثلاثة: -دلالة المطابقة ودلالة التضمن ودلالة الإلتزام، فإذا كان الانتقال بواسطة العقل من الدال إلى مدلوله، لعلمه بعلاقة الوضع وأنّه كلّما تحقق مسموع اسم ارتسم في الخيال مدلوله، فإن الدلالة عندئذ دلالة وضعية تمنع من وقوع الالتباس بين الدلالات الثلاث. لأنّه قد يطلق اللفظ ولا يعني به مدلوله المطابق له كما إذا أطلقنا لفظ “الشمس” وعنينا به الجرم” كانت الدلالة بينهما مطابقة وإذا عنينا به “الضوء” كانت العلاقة بينهما تضمن”.‏

ولكن بتدخل الوضع وتوسط العرف الأصلي يمنع انتقاض الدلالات بعضها ببعض يورد ابن سينا أمثلة يوضح فيها كل قسم من أقسام الدلالة الثلاث فدلالة المطابقة هي التطابق الحاصل بين اللفظ وما يدل عليه كالإنسان فإنه يدل على الحيوان الناطق، أمّا دلالة التضمن فهو ما يتضمنه اللفظ من معان جزئية تدخل في ماهيته كقولهم الإنسان فإنه يتضمن الحيوان. أما دلالة الالتزام فهي تحتاج إلى أمر خارجي لعقد الصلة بين الدال ولازمه، فقولنا الأب يلتزم الابن يقول ابن سينا معرفاً ذلك: “أصناف دلالة اللفظ على المعنى ثلاثة:‏

دلالة المطابقة ودلالة التضمن ودلالة الالتزام” . وهي دلالات تجمع الأنساق كلّها. ويشرح علاقة الالتزام فيقول: “ودلالة الالتزام مثل دلالة المخلوق على الخلق والأب على الابن والسقف على الحائط والإنسان على الضاحك، وذلك أن يدل أولاً دلالة المطابقة على المعنى الذي يدّل عليه أولاً، ويكون ذلك المعنى يصحبه معنى آخر، فينتقل الذهن أيضاً إلى ذلك المعنى الثاني الذي يوافق المعنى الأول ويصحبه. وتشترك دلالة المطابقة ودلالة التضمن في أن كل منها ليس دلالة على أمر خارج عن الشيء“. وينصّ ابن سينا هاهنا على أمر مهم يخصّ العلاقة بين دلالة المطابقة ودلالة الالتزام إذ الوصول إلى دلالة اللفظ على معناه بطريق الالتزام يمرّ عبر إجراء دلالة المطابقة بين اللفظ وما يطابقه من مدلولات بتوسط الذهن الذي ينجز هاتين المرحلتين بشكل سريع جداً) فدلالة الأب على الابن دلالة التزام ولكن هذه الدلالة لم تنعقد حتى وجد العقل أن بين الأب ومدلوله أنه والد له أبناء) هناك علاقة مطابقة، ثمّ تختلف دلالة الالتزام عن دلالتي التضمن والمطابقة في أنها تستدعي مدلولاً خارجاً عن اللفظ، أما دلالتا التضمن والمطابقة فإنهما تستدعيان مدلولهما من لفظيهما. لأن دلالة اللفظ على كل أجزائه هي دلالة مطابقة، أما علاقته بجزء من هذه الأجزاء فهي علاقة تضمن، ولذلك نجد ابن سينا في حصره للعلاقة القائمة نظرياً بين اللفظ والمعنى لا يقيّدها فيقول في ذلك: “ولأن بين اللفظ والمعنى علاقة ما“. ثم لتعيين العلاقة بين الدال والدلول يستدعي إدراك العلاقة بين المدلول والشيء الخارجي وذلك ما أشارت إليه المباحث اللسانية الحديثة التي أكدت أنْ لا علاقة مباشرة بين الدال والمدلول وإنما العلاقة الحقيقية هي بين الرمز اللغوي ومحتواه الذهنيconcept)، إلا أن وعي الإنسان اعتاد على ربط الدال بالشيء الخارجي ربطاً مباشراً دون وعي بالمحتوى الذهني في العلاقة الدلالية بين الدال والمدلول، ولذلك يرى ابن سينا أن العلاقة الدلالية تنعقد بين المعنى المدلول) والشيء في العالم الخارجي تأكيداً أن لا علاقة مباشرة بين الدال والمدلول يقول موضحاً ذلك: “فما يخرج بالصوت يدل على ما في النفس وهي التي تسمى آثاراً والتي في النفس تدل على الأمور وهي التي تسمى معاني” . ويمكن توضيح ذلك بالمثلث التالي:‏

ما في النفس المحتوى الذهني)‏

‏ الأمور الخارجية المعاني) الصوت الرمز اللغوي)‏

ولا تكفينا المقارنة لنقارب مثلث ابن سينا الدلالي بمثلث ريشتاردز وأوجدن، بل إن ابن سينا كان أعمق في إدراك جوهر الدلالة من المحدثين، فسمى الرمز اللغوي صوتاً) وذلك إشارة كذلك إلى الرمز غير اللغوي، فما كل صوت، لفظ لغوي، ثم سمّى ما في النفس آثاراً وذلك لأنّ ارتسام صورة الرمز في النفس يشكل آثاراً تتحول إلى تراكمات للمعاني الذهنية في الذاكرة فكلما تحقق مسموع صوت ارتسمت في الخيال صورته.‏

إنّ أهمية مباحث ابن سينا في الدلالة لا تكمن في عمق تصورّها لجوهر الفعل الدلالي فحسب، وإنما في بعدها الشمولي للسان البشري، وهو هدف يعكف عليه علماء الدلالة المحدثين وعلى رأسهم نوام تشومسكي) في بحثه عن القواسم المشتركة بين اللغات يحاول وضع قواعد أو نحو كلي Universal Grammar) ينتظم اللسان البشري. إن ما يجمع بين اللغات هو اشتراكها في التصورات الذهنية اشتراكاً عاماً أما ما يفرقها فهي الأنساق الدلالية وكيفية تحقيقها في واقع اللغة، مع أنّ العالم الدلالي واحد في كل اللغات، يعني ذلك –حسب تشومسكي- أن البنية العميقة مشتركة بين جميع اللغات أما الاختلاف فيكمن في البنية السطحية، ودليله في ذلك أن الطفل في طور تعرّفه الأول على الأشياء المحيطة به تتحكم في منطقه البنية العميقة أو الكفاية اللغوية وهذا ما يفسّر اشتراك الأطفال من مختلف الأجناس في ترميزهم للمدلولات في العالم الخارجي، والتعبير عن أحوالهم السيكولوجية يقول ابن سينا شارحاً ذلك: “وأمّا دلالة ما في النفس على الأمور فدلالة طبيعية لا يختلف الدال ولا المدلول عليه، كما في الدلالة بين اللفظ والأثر النفساني، فإن المدلول عليه وإن كان غير مختلف، فإن الدال مختلف ولا كما في الدلالة بين اللفظ والكتابة، فإن الدال والمدلول عليه جميعاً قد يختلفان” . ثم إن الصورة السمعية Image acoustique)هي التي تعكس مفهوم المدلول في النفس فيكون المعنى، ويرتسم في الذهن، ضمن الذاكرة اللغوية ارتباط اللفظ بمعناه، فكلما تمّ ارتسام مسموع الاسم في الخيال توارد إلى النفس معناه، وذلك تأكيد على ما سجلناه عند ابن سينا من أن العلاقة الحقيقية الدلالية هي بين الدال والصورة والذهنية يقول ابن سينا مبرزاً ذلك: “فمعنى دلالة اللفظ أن يكون إذا ارتسم في الخيال مسموع اسم، ارتسم في النفس معنى، فتعرف النفس أن هذا المسموع لهذا المفهوم، فكلما أورده الحس على النفس التفتت إلى معناه” .

ج-العملية الدلالية: يشير ابن سينا، في رصده لآليات الفعل الدلالي، إلى تلك القدرة التي أوتيها الإنسان المتكلم، بحيث مكنته من نقل المفاهيم التي التقطها من العالم الخارجي إلى نفسه وقد انتقل معها من الحس إلى التجريد ويطالعنا في هذا الموضوع الدرس الدلالي بأبحاث مستفيضة حول معاينة وجود العوالم الدلالية، ومن ضمن المواضع التي أظهرها العلماء مواضع أربع وهي: الأفكار و الأحداث و الأوضاع و المفاهيم. ففريجه) Frege ذهب إلى أن تموضع العوالم الدلالية هو عالم المفاهيم لأنها الوسيط الذي يربط الأفكار والأحداث والأوضاع: الأذهان تمسك بالمفاهيم والكلمات تعبّر عنها والأشياء يحال عليها بواسطتها“. فأين يرى ابن سينا تموضع العوالم الدلالية؟ يقول في ذلك: “إن الإنسان قد أوتي قوة حسية ترتسم فيها صور الأمور الخارجية وتتأدى عنها إلى النفس فترتسم فيها ارتساماً ثانياً ثابتاً، وإن غاب عن الحس. فللأمور وجود في الأعيان ووجود في النفس يكوّن آثاراً في النفس. ولمّا كانت الطبيعة الإنسانية محتاجة إلى المحاورة لاضطرارها إلى المشاركة والمجاورة انبعثت إلى اختراع شيء يتوصل به إلى ذلك …) فمالت الطبيعة إلى استعمال الصوت ووفقت من عند الخالق بآلات تقطيع الحروف وتركيبها معاً، ليدل بها على ما في النفس من أثر. ثم وقع اضطرار ثان إلى إعلام الغائبين من الموجودين في الزمان أو من المستقبلين إعلاماً بتدوين ما علم… فاحتيج إلى ضرب آخر من الإعلام غير النطق، فاخترعت أشكال الكتابة“. إن هذا النص يحمل دلالة علمية عميقة، يقف فيه ابن سينا على تاريخ وجود الدلالة وأشكالها المقولية صوتاً وكتابة.. فقد جعل الإنسان ذاته، مستودع للبنيات الدلالية التي عكست صوراً من العالم الخارجي إلى النفس، ولكنها ليست نفس الصور وإنّما أخذَت شكلاً ثانياً ليس هو شكلها الأوّل ولكنّه شكل ثابت لا يتغيّر من هنا تنسج العمليات الدلالية –بحسب ابن سينا- حيث تأخذ الطابع التجريدي البحث في غياب صور عالم الأعيان. وتحتاج عندئذ لأنماط مقولية بعد المواضعة عليها وهنا يشير ابن سينا إلى الطابع الاجتماعي للغة فلولا الحاجة الاجتماعية للمحاورة التي اقتضاها المجتمع البشري لاستغنى عن اللغة، فاللغة حاملة للقيم الاجتماعية وهي وعاء لكلّ ما يبقي الصلات الاجتماعية راسخة. ولكن ابن سينا يميل إلى القول بأن اللغة إلهام من عند الله تعالى الذي وهب الإنسان آلات) لإنتاج تقاطيع صوتية اصطلح عليها، وحمّلها مدلولات متعلقة بها، وكان الصوت اللغوي يقوم بالعملية الدلالية، التي هي جوهر فعل الإبلاغ والتواصل، في حيّز زماني ومكان ضيّق، ولما احتاج الإنسان إلى نقل معارفه إلى الغائبين من الموجودين، أو ما كان في حكمهم من الآتين مستقبلاً، كانت الكتابة شكلاً متطوراً. وقد ميّز في الدرس اللساني الحديث العالم اللغوي رومان جاكسون) بين اللغة المنطوقة واللغة المكتوبة وفي إطار ذلك قابل بين الصوت والحرف، والمستمع والقارئ ووقف على فعالية الكلام وفعالية الكتابة وخلص إلى أن الكتابة ستبقى الأداة الأكثر فعالية في الخطاب التواصلي والإبلاغي كونها تضمن له استمرارية كبرى ومنفذاً إلى المتلقين مهما تباعد المكان والزمان. وأن الكتابة تفضل الكلام المنطوق، في أن المستمع بعد أن يقوم بتركيب ثان لسلسلة الكلام المنطوق قد يحصل له بعض المعنى لأنه ستكون عندئذ عناصر الكلام قد تلاشت .

ويكون ابن سينا بما أوتي من سبر عميق لبنية اللغة، وتحليل علمي لفعاليات الدلالة قد وضع أسس نظرية لغوية ذات رؤية متميزة في التراث العربي، ظهر فيها بوضوح أهمية العامل النفسي والذهني في تقديم التفسيرات الكافية للفعل الدلالي الموصوف بالتعقيد، وإنّ الذي أعان الشيخ الرئيس في استنباط تلك القواعد، التي تنتظم العالم الدلالي، هو امتلاكه للمنهج المنطقي القائم على الاستدلال والتعليل الذي يسوّغ رسم الأصول بأكبر قدر من التفصيل والتدقيق، وقد كان للبحث الدلالي الحظ الأوفر في أنه تُنُوّل ضمن اهتمامات لغوية أخرى اتخذت الموضوع الدلالي كمنفذ أساسي لبسط مصنفاتها خاصة تلك العلوم التي ورثت منهجاً علمياً في غاية الدقة كعلم المنطق، الذي اشتغل به ابن سينا، وكان يهدف معه إلى وضع قوانين المعنى بكشف أسراره وإيضاح أنماطه وتمظهراته في الواقع اللغوي وذلك حتى يغدو أداة عاصمة من الوقوع في اللحن بإحداث اضطراب في سنن النظام اللغوي، ويتماشى مع علم المنطق الذي يسعى أهله من العلماء إلى تبيّن معالمه ليَعصِم من الوقوع في الزلل والغلط.‏

عند عبد القاهر الجرجاني ت 421هـ):‏

من خلال كتابه: “دلائل الإعجاز”. لا يمكن بحال أن نغلق حلقات البحث البلاغي من وجهة نظر دلالية وأسلوبية، بما قدّمه الجاحظ في هذا المجال، رغم قيمته العلمية، دون أن نضيف إليها حلقة مهمّة وأساسية تتلخص في جهود عبد القاهر الجرجاني في إرساء نظرية النظم. ويمكن أن نجزم بأن البحث في المعاني) باعتبارها جوهر عملية تأليف الكلام وإتقان نظمه، بدأت بإسهامات الجاحظ وتعريفه، بأدوات البيان ومصطلحات النظم) وتأسست على يد عبد القاهر الجرجاني من خلال كتابه “دلائل الإعجاز” الذي لم يرد من وراء تأليفه إثبات إعجاز القرآن على سمت المتكلمين والمناطقة، وإنّما رام به الكشف عن إعجاز القرآن من زاوية نظرة لسانية وأسلوبية، فتناول ضمنها مباحث تتمحور كلها حول قيمة اللفظ في حالتيه الإفرادية والتركيبية، وعلاقته بالمعنى وما تفرع عنهما من مباحث أخر، وسنبسط ها هنا الكلام عن بعض هذه المباحث بما يجلّي إسهامات الجرجاني في الحقل الدلالي، وقيمة ذلك بالنظر إلى التطور الحاصل في ميدان علم اللغة بشكل عام.‏

أ-العلامة اللسانية علاقة اللفظ بالمعنى): هناك –كما تشير إليه الأسلوبيةعمليتان تتمان مع كل تلفظ أو إنشاء كلامي، إحداهما سابقة على الأخرى فأما الأولى فتتمثل في انتظام المعاني في الذهن ويصحبها حسن اختيار الدلالات المناسبة للموقف الكلامي، أمّا الثانية فتتمثل في انتظام المعاني في ألفاظ وتراكيب بأنساق مختلفة يحدّد الجرجاني بصورة دقيقة كيفية اختيار المتكلم للمعاني والألفاظ أثناء الموقف الكلامي. فيقول: “إن الألفاظ إذا كانت أوعية للمعاني فإنها لا محالة تتبع المعاني في مواقعها، فإذا وجب لمعنى أن يكون أولاً في النفس وجب للفظ الدال عليه أن يكون مثله أولاً في النطقوما يلاحظ أن الجرجاني يعطي الأسبقية للمعاني في الوجود النفسي والألفاظ تابعة لها في الواقع الكلامي، وهذا ما يفسّر لا نهائية المعاني التي أقرّها علماء الدلالة المحدثون مقابلة نهائية الألفاظ، واستخلصوا أن المتكلم يلجأ، لذلك –في غالب الأحيان- إلى توظيف الانزياح الدلالي لسدّ ثغرة دلالية لا يستطيع المعجم ملأها وهو “احتيال من الإنسان على اللغة وعلى نفسه لسدّ قصوره وقصورها معاً، لأن الإنسان عاجز عن الإحاطة باللغة وطرائقها، مثلما هي عاجزة عن نقل كل ما في نفسه” . ويضع الجرجاني تعليلاً منطقياً لأسبقية المعاني على الألفاظ مستنداً على معيار التغيّر الذي يطرأ على المعنى دون اللفظ وهذا ما يؤكد على اعتباطية الدليل اللساني الذي يعطي للغة مرونتها في ملاءمة الأوضاع المختلفة ومسايرة الأحوال المتغيرة، فلو كان اللفظ له ارتباط طبيعي بدلالته لما وسع اللغة أن تتميّز بطابعها الاجتماعي حيث تماشِي المجتمع في تطوراته النفسية والعلمية. يقول الجرجاني في ذلك: “لو كانت المعاني تكون تبعاً للألفاظ في ترتيبها لكان محالاً أن تتغيّر المعاني والألفاظ بحالها لم تزل عن ترتيبها فلما رأينا المعاني قد جاز فيها التغيّر من غير أن تتغيّر الألفاظ وتزول عن أماكنها علمنا أن الألفاظ هي التابعة والمعاني هي المتبوعة” . كما أن الدرس الدلالي الحديث يقرّ أن الصيغة المعجمية تكتسب دلالة ثانية عندما تدخل في تجاور سياقي مع وحدات كلامية أخرى يُراعىَ في ذلك حسن التناسق بين المعاني وحسن الموقع للألفاظ فلا تبدو نابية ولا مستكرهة وبذلك تكتسب الصيغة المعجمية داخل التركيب الفضيلة) وفي ذلك تأكيد على أهمية التلازم بين مكونات الجملة بالنظر إلى الوظيفة الدلالية لهذه المكونات يشرح ذلك الجرجاني بقولـه: “فقد اتضح إذن اتضاحاً لا يدع للشك مجالاً أن الألفاظ لا تتفاضل من حيث هي ألفاظ مجرّدة ولا من حيث هي كلم مفردة، وإنما الألفاظ تثبت لها الفضيلة وخلافها في ملاءمة معنى اللفظة لمعنى التي تليها أو ما أشبه ذلك مما لا تعلق له بصريح اللفظ” . إنّ تلك المزايا التي كان يخص بها أهل الشعر ومحترفو صناعة النقد في التراث الأدبي العربي للفظ دون المعنى يعطيه الجرجاني تأويلاً آخر، إذ ينظر إلى اللفظ والمعنى كطرفين لا ينفكان يشكلان ما سمّاه علماء الألسنة المحدثون بالعلامة اللسانية أو الدليل اللساني Signe linguistique) ومنهم العالم دوسوسير الذي يقيمه على الدال والمدلول ويغضّ الطرف على مفهوم المدلول في عالم الماديات وتعيينه كطرف ثالث في العملية الدلالية . فأولئك النقاد الذين عناهم الجرجاني لا يبنون انطباعهم الجمالي على الصورة الصوتية للكلمة بمعزل عمّا توحيه من دلالة بديعة بل ينظرون إلى اشتراك اللفظ والمعنى معاً في إحداث صورة دلالية. فالجرجاني يضيف طرفاً ثالثاً في معادلة الفعل الدلالي ويجدر التنبيه ها هنا أن طبيعة المعنى عند اللغويين القدامى لا تختلف عن الشيء الخارجي الذي يومئ إليه اللفظ وهو المدلول، فيحصل أن الصورة الخاصة التي حدثت في المعنى إنّما يعني بها الجرجاني ما عناه علماء الدلالة والألسنية المحدثون بالمحتوى الذهني للإشارة اللغوية. يفصّل ذلك الجرجاني بقوله: “فيعلموا أي محترفو الشعر والنقد) أنّهم لم يوجبوا ما أوجبوه من الفضيلة وهم يعنون نطق اللسان وأجراس الحروف ولكن جعلوا كالمواضعة فيما بينهم أن يقولوا اللفظ وهم يريدون الصورة التي تحدث في المعنى والخاصّة التي حدثت فيه” .

ويمكن على أساس هذا النص مقاربة رؤية الجرجاني للدليل اللساني برؤية المحدثين من العلماء الذين أوضحوا المكونات الثلاثة للعلامة اللغوية وهي: الدال والمدلول والمحتوى الذهني على الشكل الذي بيّناه بمثلث ابن سينا في هذا المجال والذي قاربنا به مثلث أوجدن وريتشاردز. فالجرجاني يحدّد ثلاثة مكونات تنشأ عن علاقة اللفظ بالمعنى وهي: اللفظ المعنى الشيء الخارجي)- الصورة الذهنية، والمثلث التالي يوضّح توزيع هذه المكونات.‏

الصورة الذهنية محتوى الدال الفكري)‏

‏ المعنى الشيء الخارجي) –المدلول اللفظ الدال)‏

إنّ اللغة عند الجرجاني تتمظهر في تقابلات ثنائية قطباها اللفظ والمعنى، وهي أعمق ممّا قيّدها به بعض البلاغيين الذين وضعوا معايير منطقية ونحوية قواعدية) تمكن كل من قدر على النطق بها مراعياً أدواتها، من أن يبلغ الغاية من البيان في اللغة، وكأن النقص في بلوغ البيان يكمن فقط في النقص من جهة العلم باللغة، ومعرفة الإشارة بالعين وبالرأس ودلالتهما والخط والعقد والحال واتصالهم بتحقيق البيان. إن الذي يعطي المزية لخطاب لغوي هو مراعاته للأسرار والدقائق التي تتعلق بجوهر اللغة لا بمظهرها، آخذاً من أجل بلوغ الغاية التي لا مبلغ بعدها تلك الارتباطات الدلالية التي يلتحم فيها الدال بمدلوله ضمن شبكة من العلاقات، تقتضي معرفة بالأصول القواعدية، ووعي بأسرارها، حيث لا تقف عند حدود المنطق والنحو إنّما تأخذ فضلاً عن ذلك العلاقة اللغوية كتجسيد لدلالة هي عبارة عن نسيج حي متشعب الصور. يقول الجرجاني في ذلك متجاوزاً نظرة الجاحظ إلى البيان المؤسّس على معايير هي أشبه بالقواعد النحوية: “ترى كثيراً منهم لا يرى له أي للنحو) معنى أكثر مما يرى للإشارة بالرأس والعين وما تجده للخط والعقد يقول: إنّما هو خبر واستخبار وأمر ونهي. ولكل من ذلك لفظ قد وضع له، وجعل دليلاً عليه فكل من عرف أوضاع لغة من اللغات عربية كانت أو فرنسية وعَرَف المغزى من ذلك من كل لفظة ثم ساعده اللسان على النطق بها وعلى تأدية أجراسها وحروفها فهو بيّن في تلك اللغة كامل الأداة، بالغ عن البيان المبلغ الذي لا مزيد عليه. مُنتهٍ إلى الغاية التي لا مذهب بعدها ..) وجملة الأمر أنه لا يرى النقص يدخل على صاحبه في ذلك إلا من جهة نقصه في علم اللغة، لا يعلم أن هاهنا دقائق وأسرار، طريق العلم بها الرواية والفكر ولطائف مستقاها العقل…”.

وبذلك يكون الجرجاني قد أعطى للنحو قيمته في اللغة، فهو ليس جملة من القواعد الجافة التي تعتني بضبط أواخر الكلمات وتعيين المبني منها والمعرب، إنّما النحو هو النظم الذي يكشف عن المعاني ويعطي للألفاظ البعد المطلوب من أجل الإفصاح عن الدلالة، وتوليد المواقف المطلوبة المناسبة للتعبير فهو بذلك يساير اللغة في تجدّدها وتطورها لتحتضن المواقف الجديدة عبر الزمان والمكان ونلاحظ أن الجرجاني ناقم على تلك الاتجاهات التي كانت تنظر إلى النحو نظرة تفضي إلى أن تجمد اللغة، وتبقى عاجزة عن احتواء المواقف، وذلك بتكبيل تراكيبها بقيود النحو والقواعد، كما أنّ النقاد الذين سبقوا الجرجاني كانوا يسرفون في الاهتمام باللفظ الشكل) ويعطون له شرف إصابة الغرض وبلوغ البيان دون أن يكون للمعنى أثر في ذلك، ولذلك نرى ردّ فعل الجرجاني معاكساً لهذا الاتجاه فهو يقيم نظريته في النظم على المعانيوليس على الألفاظ يقول معبّراً عن هذا الاتجاه: “أتتصوّر أن تكون معتبراً مفكراً في حال اللفظ مع اللفظ حتى تضعه بجنبه أو قبله، وأن تقول هذه اللفظة إنما صلحت هاهنا لكونها على صفة كذا؟ أم لا يعقل إلا أن تقول: صلحت هاهنا لأن معناها كذا، ولدلالتها على كذا، ولأن معنى الكلام والغرض فيه يوجب كذا، ولأن معنى ما قبلها يقتضي معناها؟ فإن تصوّرت الأول فقل ما شئت، واعلم أن ما ذكرناه باطل. وإن لم تتصوّر إلا الثاني فلا تخدعن نفسك بالأضاليل ودع النظر إلى ظواهر الأمور، واعلم أن ما ترى أنه لابدّ منه من ترتيب الألفاظ وتواليها على النظام الخاص ليس هو الذي طلبته بالفكر، ولكنه شيء يقع بسبب الأول ضرورة من حيث أن الألفاظ إذا كانت أوعية للمعاني فإنها لا محالة تتبع المعاني في مواضيعها” . إن احتفاء الجرجاني بالمعنى وإعطائه القيمة العليا في العملية الدلالية، وإحلاله المحل الأول في الإنشاء لكونه يعبر عن المقاصد والأغراض، يمكن أن نجد له تعليلاً في أن اللفظ قد خصّ باهتمام كبير لدى النقاد الذين سبقوا الجرجاني في تقديمهم للشكل على المضمون، هذا الاهتمام المفرط باللفظ على حساب المعنى سعى الجرجاني إلى الحدّ منه وذلك بالنظر إلى أن اللغة تذوب فيها ثنائية اللفظ والمعنى، وهذا ما كرّسه في نظرية النظم التي أقامها على النحو العلم بالتركيب) وعلم المعاني العلم بالدلالة).‏

ب-دلالة الحدث الكلامي: تأكد بما لا يدع للشك مجالاً، أنّه كلّما كان المخاطب على علم بمحتوى الخطاب اللغوي، كلما كانت الدلالة أسرع إلى فهمه وإدراكه، وكلما كان جهله بمحتوى الخطاب كلما صعب عليه إدراك الدلالة، ووسعه الأخذ بجملة من المعطيات الموضوعية والذاتية في سبيل ذلك، يعني أن هناك تناسباً عكسياً بين طاقة التصريح في الكلام وعلم السامع بمضمون الرسالة يقول الدكتور عبد السلام المسدي: “ويتعين علينا –ونحن على مسار تحديد الطاقة الإستيعابية في اللغة- استنباط قانون من التناسب بين طاقة التصريح في الكلام وعلم السامع بمضمون الرسالة الدلالية إذ بموجبه تكون الطاقة الاختزالية ممكنة بقدر ما يكون السامع مستطلعاً على مضمونها الخبري” . ويشرح الجرجاني هذه الطاقة التي يتضمنها الخطاب والتي يكون على إثرها قابلاً للامتداد أو التقلص فيقول: “لا يخلو السامع من أن يكون عالماً باللغة وبمعاني الألفاظ التي يسمعها أو يكون جاهلاً بذلك، فإن كان عالماً لم يتصوّر أن يتفاوت حال الألفاظ معه فيكون معنى اللفظ أسرع إلى قلبه من معنى لفظ آخر وإن كان جاهلاً كان ذلك في وصفه أبعد” . وحتى على مستوى الخطاب الذي يكون للسامع علم بمحتواه، تتفاوت الألفاظ فيه والمعاني من حيث وقوعها من إدراك المتلقي فبعضها يكون أسرع إلى الفهم من بعضها الآخر، وهذا يتوقف أساساً على بنية الخطاب وموقعها من التعقيد والبساطة، وعلى قدرة المتلقي في تفكيك الخطاب بحسب ما توفر له ذاكرته اللغوية. كما يردّ الجرجاني وضوح دلالة الخطاب إلى حسن التأليف بين أجزائه ونظم كلماته، وإلى توخي معاني النحو وأحكامه فيقول: “إذا كان النظم سوياً والتأليف مستقيماً، كان وصول المعنى إلى قلبك تلو وصول اللفظ إلى سمعك وإذا كان على خلاف ما ينبغي وصل اللفظ إلى السمع وبقيت في المعنى تطلب وتتعب فيه وإذا أفرط الأمر في ذلك صار إلى التعقيد الذي قالوا إنه يستهلك المعنى” . إن ما أوضحه الجرجاني في مقام سلامة الدلالة في الحدث الكلامي قد بحثه علماء الدلالة في العصر الحديث حيث وضعوا قواعد تضمن وضوح الدلالة تخصّ مادّة الحدث الكلامي ومحتواه معاً، أطلقوا على الأولى قواعد سلامة التركيب وعلى الثانية قواعد سلامة الدلالة وهي قواعد تنهض بعملية توصيل الدلالة، وكل واحدة من هاتين القاعدتين تتوفر على وجود مستقل وإنّما يتم التعالق بينهما بقواعد الإسقاط، ويجدر التنبيه أن الباث للحدث الكلامي والمتلقي، وجب أن يكونا على وعي بهذه القواعد المنتجة للتمثيلات الدلالية والتمثيلات التركيبية في الحدث الكلامي الرامي إلى الإبلاغ ويمكن توضيح ذلك بما يلي:‏

‏ قواعد حسن النظم واستقامة التأليف قواعد سلامة الدلالة.‏

‏ بنى تركيبية سليمة قواعد الإسقاط بنى دلالية سليمة‏

إن هذه القواعد لا تحقق الغاية من التواصل والإبلاغ إلا في وجود باث ومتلق واعيين بآليات الحدث الكلامي، ذلك أنّ الحفاظ على خط التواصل سليماً ليس بالأمر الهيّن، فقد يتعرض قانون التخاطب إلى تعديل فيحصل بين المتخاطبين تواضع جديد واصطلاح غير مطرد وهنا يتعرض الحدث الكلامي إلى موجة من الشحن التعبيري يتحول بواسطته المدلول إلى دال على ملول ثان على النحو الآتي:‏

دال مدلول 1‏

مدلول مدلول 2‏

يحلّل ذلك الجرجاني بقوله: “ومن الصفات التي تجدهم يجرونها على اللفظ ثم لا تعترضك شبهة ولا يكون منك توقف في أنّها ليست له ولكن لمعناه قولهم: لا يكون الكلام يستحق اسم البلاغة حتّى يسابق معناه لفظة معناه، ولا يكون لفظه أسبق إلى سمعك من معناه إلى قلبك وقولهم: يدخل في الأذن بلا إذن فهذا مما لا يشك العاقل في أنه يرجع إلى دلالة المعنى على المعنى وأنّه لا يتصوّر أن يراد به دلالة اللفظ على معناه الذي وضع له في اللغة” . فالجرجاني بتحليله هذا يعطي تأويلاً لقول الجاحظ: “لا يكون الكلام يستحق اسم البلاغة حتّى يسابق معناه لفظه معناه، ولا يكون لفظه أسبق إلى سمعك من معناه إلى قلبك” . ويرسم به ما يعرف في علم الدلالة الحديث بتعالق البنية الدلالية والبنية التصورية فالمعجم الذهني التصوّري يحمل بنى دلالية تتعالق مع مجموعة من المفاهيم التي ترتبط بها.‏

وعند إنتاج الحدث الكلامي في عملية التواصل يتم إحضار كل هذه التصوّرات والمفاهيم مما يؤدّي إلى التوالد الدلالي. فالمعنى التصوّري –باعتبار أن الذاكرة المعجمية للفرد تعلّق كل كلمة بتصور دلالي واحد- يتولّد عنه معنى مفهومي أو معان مفهومية وجدت نتيجة لتعالق البنية الدلالية بالبنية التصوّرية، ولذلك نرى الجرجاني يميّز بين الصنفين فيقول: “أن تقول المعنى ومعنى المعنى تعني بالمعنى المفهوم من ظاهر اللفظ والذي تصل إليه بغير واسطة، وبمعنى المعنى أن تعقل من اللفظ معنى ثم يفضي بك ذلك المعنى إلى معنى آخر” . ويكفي الجرجاني بما قدّمه من جهود أنّه أثار قضية البحث في معنى المعنى، وهي قضية أحدث بها العالمان ريتشاردز وأوجدن ضجّة بإصدار كتابيهما: “معنى المعنى” The meaning of meaning) 1923 وفيه يتساءل العالمان ليس عن تطور المعنى كما كان سائداً آنذاك في الدرس الألسني التاريخي، وإنما عن ماهية المعنى . وتشعّب البحث الدلالي في قضية “المعنى”. فأثيرت مسألة تموضع الدّلالة فخاض العلماء اللغويون غمار ذلك وانطلقوا من معطيات منطقية إذ أدركوا أن المعاني موجودة قبل الألفاظ، بل قبل الرموز التي اتّخذها الإنسان القديم للتواصل والإبلاغ ودليلهم على ذلك أن العوالم الدلالية غير محدّدة و لا تقبل التحديد بينما الأدوات الدالة على بعض هذه العوالم معلومة محدّدة سواء اللغوية منها أو غير اللغوية، فالمعاني غير متناهية ولازال الإنسان يضع للمعاني، التي توّصل إلى إدراكها، حديثاً الألفاظ التي تدلّ عليها، إذن أين تتموضع المعاني؟ لقد افترض “غريماس” وجود عالم دلالي معطى وذلك ليقابل به البنيات الدلالية في تقسيمها إلى سمات صوتية صغرى Phemes) فشرع في تقسيم العالم الدلالي المفترض إلى سمات Semes)، والحقيقة أنّ عمل غريماس، لم يرق إلى مستوى العمل الإجرائي الذي يخرج الفرضيات والنظريات إلى الواقع اللغوي، فإذا كان قد استطاع تحليل البنية الدلالية إلى سماتها الصوتية فإن تحليل الدلالة إلى سمات قد لا يقدّم للبحث اللغوي –الدلالي شيئاً عدا الوقوف على السمات الدلالية Semantic markers) التي تعتبر إضافة إلى المميزات- الأبجدية الدلالية التي تؤلف منها القراءات، إذ المميز يمثل ماهو خاص في معنى وحدة معجمية. وتمثل السمة الدلالية ماهو نسقي أو علائقي في المعنى، أي ما يربط بين المفردة ومفردات أخرى . بينما موضع علماء آخرون المعنى في عالم المفاهيم ومنهم العالمFrdge)، لكنّ علماء التُراث المعرفي العربي كانوا يربطون إنتاج الحدث الكلامي بتشكل المعنى في النفس ومنهم الجاحظ وابن سينا، والجرجاني الذي يقول محدّداً تموضع المعنى: “إنّ الخبر وجميع الكلام معان ينشئها الإنسان في نفسه ويصرفها في فكره ويناجي بها قلبه، ويراجع فيها عقله، وتوصف بأنّها مقاصد وأغراض، وأعظمها شأناً الخبر الذي يتصوّر بالصور الكثيرة“.

ج-النظام الإسنادي والدلالة: يضع الجرجاني للدلالة التي يؤديها الخطاب اللغوي أثناء عملية التواصل “معيار الإعلام المقصود” إما عن طريق نفي الخبر أو إثباته، فليس كل ما يحمله الخطاب يوصف بأنّه دلالة) إنّما الدلالة كما يقول الجرجاني – “هو الحكم بوجود المخبر به من المخبر عنه أو فيه إذا كان الخبر إثباتاً، والحكم بعدمه إذا كان نفياً، فالدلالة تتوقف على أمر خارجي غير لغوي يرجعه الجرجاني إلى قصد المتكلم من إعلام السامع، إذ يدلّ صدقاً على وجود المعنى المخبر به من المخبر عنه أو فيه، أمّا إن نقل المتكلم الخبر ليعلم السامع على وجود المخبر به من المخبر عنه، دون إثبات أو نفي فكأنه أخلى اللفظ من معناه والخطاب من محتواه، وجلّ الدراسات الدلالية والألسنية الحديثة أضحت تركّز في رصدها للعملية الإبلاغية والتواصلية على “الباث” أو ما سمّاه الجرجاني “المُخبرحتى صارت طبيعة الدلالة المحمولة في الكلام موقوفة على قصد المتكلم في إعلامه المتلقي بالخبر، وذلك أمام صعوبة تحديد المعنى تحديداً كاملاً من خلال سلسلة الكلام وحدها، خاصّة أنّه تأكد على يد علماء الدلالة المحدثون ومنهم العالم بيرس) Pierce) أن المعنى ليس ما تحمله الوحدة المعجمية في نظام علائقي مع وحدات معجمية أخرى، وإنما المعنى عبارة عن علاقة معقدة بين أحداث كلامية وأوجه أخرى للواقع الموضوعي. ويذهب العالم اللغوي بيار جيرو Piere Giraud) إلى الاعتقاد بأن للكلمة أكثر من معنى تصريحي وآخر إيمائي نظراً للتداعيات التي يمكن أن تحدثها أثناء الاستعمال” . يقول الجرجاني محدّداً أهمية إسناد الخبر إلى المخبر والأخذ بقصده في الخبر: “الدلالة على شيء هي لا محالة إعلامك السامع إياه، وليس بدليل ما أنت لا تعلم به مدلولاً عليه، وإذا كان كذلك وكان مما يعلم ببداءة المعقول أن الناس إنما يكلم بعضهم بعضاً ليعرف السامع غرض المتكلم ومقصوده، فينبغي أن ينظر إلى مقصود المخبر من خبره وماهو؟ أهو أن يعلم السامع وجود المخبِر به من المخبَر عنه؟ أم أن يعلمه إثبات المعنى المخبِر به للمخبَر عنه؟ . فالجرجاني يرتكز هاهنا في تحديد الدلالة على:‏

أ-إثباتُ الخبر للمخبر عنه= علاقة المسند بالمسند إليه.‏

ب-إثبات الخبر من المخبر عنه= علاقة المسند بناقل الإسناد.‏

ولذلك فإن الجرجاني يقيم دلالة الخطاب اللغوي على قاعدة الإسناد التي توفر لنا النظر إلى ثلاثة أطراف في عملية الإبلاغ وهي:‏

المسنَد –والمسنَد إليه- وناقل الإسناد.‏

فالمسنَد هو محتوى الخطاب الإبلاغي الإعلامي) وهو يقتضي جملة من القواعد الدلالية المعيارية التي توفّق بين المفهوم المجرّد للمعنى والماصدق الذي يغطيه الخطاب، ويتحقق فيه المفهوم المجرّد لمحتواه الدلالي، فالجملة الخبرية كوحدة اتصال) يجب أن تخبر السامع ما يعتبر بالنسبة إليه جديداً في الموقف الكلامي الراهن . وهو ما يحققه المسنَد) الذي يظهر محمولاً في: البنية الشكلية للجملة. أمّا المسنَد إليه المخبَر عنه) فعليه يتوّقف حقيقة الخبَر) وذلك بناء على الحكم بوجود المعنى أو عدمه وهو مرتبط بحصول الفائدة للسامع من الكلام الإبلاغي، والجرجاني بذلك لا يهتم إلاّ بالتراكيب الإسنادية أمّا التراكيب غير الإسنادية فإنّها جمل غير وظيفية لأنها لا تضطلع بمهمة الإبلاغ، فالفائدة الدلالية من الكلام متلازمة ونظام الإسناد، وأيّ تغيير في البنية الشكلية للتركيب يترتب عليه تغيير في المعنى، فالسياق الكلامي عند الجرجاني يتميّز بمستويين:‏

أ-مستوى البنية النحوية الساكنة التي تتحدد بتحقّق الإسناد.‏

ب-مستوى البنية الإبلاغية المتغيرة حسب المقام والتي تتحدد بتحقق الفائدة من الخبر.

أما ناقل الإسناد أو المخبِر -بمصطلح الجرجاني- أو الباث- بمصطلح الألسنية الحديثة، فهو الذي يثبت وجود المعنى للمخبَر عنه المسند إليه) وقبل ذلك يكون ناقل الإسناد) قد قام بترتيب الخطاب في نفسه قبل أن يصرفه إلى المتلقي، وقد أخذ في ذلك مقام المتلقي) وحاله. يعيب الجرجاني على الذين جعلوا اللفظ أساس النظم والإبلاغ فيقول: “فترى الرجل منهم يرى ويعلم أن الإنسان لا يستطيع أن يجيء بالألفاظ مرتبة إلا من بعد أن يفكر في المعاني ويرتبها في نفسه على ما أعلمناك، ثم تفتشه فتراه لا يعرف الأمر بحقيقته، وتراه ينظر إلى حال السامع فإذا رأى المعاني لا تقع مرتبة في نفسه، إلا من بعد أن تقع الألفاظ مرتبة في سمعه نسي حال نفسه واعتبر حال من يسمع منه. وسبب ذلك قصر الهمة وضعف العناية وترك النظر والأنس بالتقليد، وما يغني وضوح الدلالة مع من لا ينظر فيها، وإنّ الصبح ليملأ الأفق ثم يراه النائم ومن قد أطبق جفنه” . أمّا ما يجب اعتباره أثناء عملية الإبلاغ فيراه الجرجاني في النظر إلى حال المتكلم وكيف يصرف المعاني ويرتبها فيقول: “فإن الاعتبار ينبغي أن يكون بحال الواضع للكلام والمؤلف له، والواجب أن ينظر إلى حال المعاني معه لا مع السامع” .

نلمح من هذا كله أن الجرجاني الذي اهتم بطرق صرف الدلالة على وجهها الصحيح، اتخذ من النظر إلى لغة إعجاز القرآن مطية إلى رصد القواعد النمطية التي تزخر بها اللغة العربية، وبعرضه لتعالق النظام النحوي النظام الإسنادي) بالنظام السياقي العام في تحديد دلالة الخبر يكون الجرجاني قد سَبق إلى وضع نظرية في الاتّصال والإبلاغ.‏

الخلاصة: وجملة القول عن ذلك المناخ المعرفي الذي سبق علي بن محمد الآمدي، أن الدرس اللغوي بدءاً من القرن الثاني الهجري إلى القرن الخامس قد تحدّدت مسائله، ووضُحت أسسه وطرائقه، فقد أرسى الشافعي قواعد للفهم والتأويل وإن كانت خاصّة بالنص الديني إلا أنّها تنسحب على كلّ تأليف كلامي انتظمت ألفاظه ومعانيه باللغة التي أحكمت بها دلالات النص الديني، كما أثار الشافعي مسألتين دار حولهما حديث كثير وهما: الترادف والمشترك اللفظي وذهب إلى القول بوقوعهما في اللغة، كما أبان عن دور السياق في تحديد دلالة اللفظ القابلة للاتساع وهي إشارة إلى قضية “المجاز”. وما يجدر ذكره عند الشافعي هو قدرته على وضع منهج بيّن في استنباط الأحكام، يعتمد التقسيم والتمثيل وحسن التصرف في الاستدلال والنقض، ومراعاة النظام المنطقي إلا أنّ أظهر ما يميّز الشافعي هو بسطه للقياس الفقهي الذي ذهب بعض المؤرخين لإلحاقه بالتمثيل عند أرسطو، لكن وُجد أن القياس الفقهي يفضي إلى اليقين على نقيض التمثيل الأرسطي المبني على الظن ولا يفضي إلى اليقين. وقد استفاد علماء الأصول من جهود الشافعي خاصّة في اقتباسه لبعض طرائق علماء الكلام، وكان من نتائج ذلك ظهور علماء أصول الفقه الذين مزجوا بين طرائق الاستدلال الفقهي، والاعتماد أساساً على النقل، وبين طرائق المتكلمين في الاستدلال العقلي، وقياس الغائب على الشاهد، وأطلق على هؤلاء، المصطلح: “الأصوليون المتكلمون” ومنهم: علي بن محمد الآمدي.‏

وفي القرن الهجري ذاته الذي عاش فيه الشافعي يبرز في حقل معرفي آخر عمرو بن بحر الجاحظ، علَم من أعلام البلاغة والبيان، ومؤسس مهمّ لمباحث لغوية لازالت مرجعاً لدراسات لسانية ودلالية معاصرة، فلقد عكف الجاحظ على الدراسة الصورية لعناصر اللغة موضحاً قيمتها الصوتية وأهمية ذلك في حسن التأليف بين الحروف قصد تشكيل الوحدات الكلامية، أدوات البيان، وفي ذلك يفصح الجاحظ عن الوظائف التي يضطلع بها الخطاب الإبلاغي، وبحسّ لغوي كبير أظهر صاحب “البيان والتبيين” أبعاد العلامة في التُراث المعرفي مقسماً إياها إلى العلامة اللسانية والعلامة غير اللسانية وجمع ذلك فيما سماه أدوات البيان” الخمس، كما أثار الجاحظ قضية نشأة اللغة وأبان عن موقفه من ذلك، وقد استمر في إرساء قواعد البيان والكشف عن قوانين اللغة إلى منتصف القرن الثالث الهجري. أمّا ابن جني “بخصائصه” فقد مثل فعاليات القرن الرابع الهجري ولا يمكن أن نقدّر ما قدّمه هذا العالم حقّ قدره إلاّ إذا نظرنا إلى جرأته في وضع قواعد تنتظم اللغة على الرغم مما آخذه عليها علماء عصره ومن تأخّر منهم، كقوله بالتقلبات الستة للوحدة المعجمية وربطها بدلالة أصلية واحدة، وذلك التفريع الدلالي الذي خصّ به الفعل محدّداً دلالاته الثلاث، كما أثار قضية نشأة اللغة ومبحث الحقيقة والمجاز.‏

أمّا ابن سينا فيمثّل حقلاً معرفياً أفاد منه الدرس الدلالي كثيراً، خاصّة وأنّ الدلالة هي بحث في المعنى وطرق تشكله وتمظهره في أنماط مقولية مختلفة، فابن سينا العالم النفساني الخبير بمكامن وأسرار النفس، والمشرّح البارع الممتلك لأدواته الإجرائية في التشريح، قد استطاع أن يلج إلى عالم الدلالة ليرصد لنا آليات الفعل الدلالي وأقسام الدلالة والعلاقة بين هذه الأقسام، فضلاً عن أقسام اللفظ باعتبار الشركة والخصوصية، وعلى أساس ذلك يمكن بناء حقول دلالية تخصّ الأسماء، وما يمكن إبرازه هاهنا هو العلاقة التي عقدها ابن سينا بين اللفظ والمعنى “والآثار” التي في النفس، وهي تقارب ما وضعه الألسنيون المحدثون في ذلك ممثلاً إياه بالمثلث –كمثلثogden et richards) المعروف، والذي ينص أن لا علاقة مباشرة بين اللفظ والمعنى، أو ما يصطلح عليه بالدال والمدلول وهو ما يوضحه الخط المنقط في قاعدة المثلث. وما ختمنا به جهود العرب القدامى في ميدان الدلالة هو جهود العالم اللغوي عبد القاهر الجرجاني صاحب نظرية النظم، التي ولدت مع الجاحظ وتبلورت مع ابن جني، وتأسست على يد الجرجاني قاعدة بيّنة المعالم واضحة الأهداف تأخذ النحو) بمفهومه الواسع أساساً لضبط قواعد سلامة التركيب، والنظام الدلالي العام. وما يميّز جهود الجرجاني هو تحديده بشكل دقيق لآليات الفعل الإبلاغي، واضعاً في سبيل ذلك أسساً تتلخص في ضرورة الاهتمام بالسياق العام لكل عناصر الإبلاغ بدءاً بالمخبر ومروراً بالخبر وانتهاءً إلى المستمع المتلقي للخبر، ثم هناك علاقة مهمة بين المخبِر والخبَر من جهة والخَبر والمتلقي من جهة ثانية وعليها تتحدد دلالة الحدث الكلامي المتضمن للخبر. فإدراك الجرجاني هذه العناصر كلها في عملية الإبلاغ، جعله يتبوأ مكانة كبيرة في عطاءات الدرس اللساني الحديث عامّة والدلالي خاصّة. ويكفيه جهداً أنّه أعاد للمعنى مكانته في الدرس اللغوي، وعدّل الكفّة بينه وبين اللفظ لأنهما معاً جوهر العملية الدلالية، وبذلك يأتي الجرجاني في قسم البلاغة ليضع حدّاً لذلك الإفراط في الإعلاء من شرف اللفظ وقداسة الشكل عند من سبقه من نقاد الشعر.‏

في هذه الأجواء المفعمة بالنشاط اللغوي الدؤوب والمتنوع، وبعد وضع أسس لنظرية معرفية تعطي السلطة الكبرى لفهم معاني اللغة، والإلمام بطرقها في التعبير، ووضوح منهج البحث الذي استفاد من روافد معرفية وافدة يأتي العالم الأصولي المتكلم سيف الدين الآمدي في منتصف القرن السادس لتتضح على يده معالم ذلك المشروع المعرفي الشامل الذي بدأه الشافعي وتبلور على يد من تعاقب من العلماء ليتأسس على يد الآمدي علماً أصولياً واضح الأبواب بيّن المسائل طيّع الأدوات وهذا ما سوف نلمسه في كتابه “الإحكام في أصول الأحكام”.‏

تقبلوا تحياتي مرام


التصنيفات
لغــة وأدب عربي

النحو إلى أصول النحو

الحمد لله ، و الصلاة و السلام على رسول الله ، و على آله و صحبه و من والاه .
أما بعد :
( فإن النحو علم يُعرف به حقائق المعاني ، و يوقف به على معرفة الأصول و المباني ، و يحتاج إليه في معرفة الأحكام ، و يستدل به على الفرق بين الحلال و الحرام ، و يُتوصل بمعرفته إلى معاني الكتاب ، و ما فيه من الحكمة و فصل الخطاب )[1]
و لابد له مع ذلك من أصول تُحكمه ، و ضوابط تضبطه حتى يكون الاستدلال ، و الاحتجاج على أصول و قواعد محكمة.
و قد كتب في ذلك الجلال السيوطي ( الاقتراح في أصول النحو و جدله ) فنثر فيه درراً ، و غرراً ، و فوائد بديعة ، و شوارد رفيعة .
و مما زاده جمالاً على جماله شرح ابن الطيب الفاسي ( فيض نشر الانشراح من روض طي الاقتراح ) عليه ، فجلى فيه غوامضه ، و أبان مشكلاته .
و قد اعتراهما حشوٌ يُورث الملل و السآمة على المشتغل بالقراءة فيهما .
و قد صحَّ العزم باختصار و تهذيب لكتاب السيوطي مقتصراً فيه على المهم من تلك الأصول ، وزائداً عليه المهم _ من غيـره _ ، مجانباً للحشو فيه .
و سميته بـ ( النحو إلى أصول النحو ) .
و مرادي بـ ( النحو ) الأولى القصد إذ هو من معانيه [2]، و بالثانية العلم – أي علم النحو -.
و الله أسأل أن ينفع به كما نفع بأصله .

مقدمات
أصول النحو : علم يُبحث فيه عن أدلة النحو الإجمالية من حيث هي أدلته ، و كيفية الاستدلال بها، و حال المستدل بها .
حد النحو : علم بأصولٍ يُعرف بها أحوال أواخر الكلم العربية إعراباً و بناءً .
و قيل : انتحاء سمْتِ كلام العرب ليلحق مَنْ ليس مِنْ أهل العربية بأهلها في الفصاحة .
حد اللغات : اللغة أصوات يُعَبِّر بها كل قوم عن أغراضهم .

فصل
في مبدأ اللغة
اختلف أهل العربية في ذلك على أقوال ثلاثة :
الأول : أنها من وضع الله تعالى . وهو الأرجح .
الثاني : أنها اصطلاحية .
الثالث : التوقف .

فصل
في المناسبة بين الألفاظ و المعاني
أطبق أهل اللغة على التناسب بين الألفاظ و المعاني ، بل الألفاظ قوالب للمعاني .
و هي شرط في الألفاظ لأنها إن كانت من وضع الله تعالى فهي لازمة لحكمته ، أو كانت من وضع البشر فهي ظاهرة لمرادهم لمعناها .
و دلالة الألفاظ على المعاني إما :
(1) بذواتها .
(2) أو بوضع الله تعالى .
(3) أو بوضع الناس .
(4) أو بكون البعض بوضع الله ، و البعض بوضع الناس .

فصل
في الدلالات النحوية
الدلالة هي ما يقتضيه اللفظ عند إطلاقه .
و هي ثلاث دلالات :
الأولى : دلالة لفظية : وهو ما يعود إلى القول و الكلام .
الثانية : دلالة صناعية : و هي ما يعرف بالمصطلح .
الثالثة : دلالة معنوية : وهو ما يفهم من الملابسات المحيطة بالمتكلم من غير استعانة بكلام كـقولك للمسافر : سفرا سعيدا أي تسافر سفرا سعيدا .

فصل
في الحكم النحوي
الحكم النحوي ستة أقسام :
الأول : الواجب ؛ كـ ( رفع الفاعل ) و تأخره عن الفعل .
الثاني : الممنوع ؛ كعكس ما سبق .
الثالث : الحسن ؛كرفع المضارع الواقع جزاءً بعد شرط ماضٍ .
الرابع : القبيح ؛ كرفع المضارع بعد شرط مضارع . وهو ضعيف أو ضرورة .
الخامس : خلاف الأوْلى ؛كتقديم الفاعل على المفعول نحو ( ضرب غلامُهُ زيداً ) بدلاً من ( ضرب زيداً غلامه ) .
السادس : جائز على السواء ؛ كحذف المبتدأ أو الخبر أو إثباته حيث لا مانع من الحذف و لا مقتضى له .
و منه رخصة : وهو ما جاز استعماله لضرورة الشعر .

فصل
في طرق معرفة العجمة
الكلام العجمي هو كلُّ ما ليس بعربي ، و لو نقل إلى العربية .
و لمعرفة العجمة في الاسم طرائق سبعة :
الأولى : أن يُعرف بالنقل عن إمام من أئمة العربية .
الثانية : أن يكون خارجاً عن أوزان الأسماء العربية .
الثالثة : أن يكون أوله نون ثم راء كـ ( نرجس )، فإنه لا يعرف في العربية اسم هذه حاله .
الرابعة : أن يكون آخره دالٌ بعدها زاي كـ ( مهندز )، أو دالٌ بعدها ذال كـ ( بغداذ ) .
الخامسة : أن يجتمع فيه :
(1) الجيم و الصاد كـ ( الصولجان ) .
(2) الجيم و القاف كـ ( المنجنيق ) .
(3) الجيم و الكاف كـ ( جنكيز ).
(4) الجيم و الطاء كـ ( الطاجن ) .
(5) السين و الذال كـ ( السذَّاب ) .
(6) الصاد و الطاء كـ ( صراط ) [3].
(7) الطاء و التاء كـ ( طست ) .
السادسة : أن يكون خماسياً أو رباعياً عارياً من الحروف الذلاقية _ و هي : الباء ، و الراء ، و الفاء ، و اللام ، و الميم ، و النون _ .
فإذا كان الاسم كذلك _ أي رباعي أو خماسي وهو خالٍ من تلك الحروف _ فهو أعجمي[4].
السابعة : أن يأتي الاسم و فيه لام بعدها شين ، فإن الشينات في العربية كلها قبل اللام .

الأدلة
تثبت النحويات بأمور هي :
الأول : السماع : و المحتج به منه :
القرآن : فكلُّ ما ورد أنه قريء جاز الاحتجاج به في العربية سواءً كان :
(1) متواتراً وهو ما قرأ به السبعة .
(2) آحاداً وهو ما روي عن بعضهم و لم يتواتر .
(3) شاذاً : وهو ما كان عن غير السبعة .
و الإجماع على الاحتجاج بالقراءات الشاذة .
و ليس فيه لغة ضعيفة و لا شاذة و فيه لغات قليلة .
و ليس فيه ما ليس من لغة العرب ، و إنما يتوافق اللفظُ اللفظَ و يقاربه و معناهما واحد . و أحدهما بالعربية و الآخر بغيرها . و كل ما فيه فهو أفصح مما في غيره إجماعاً .
الحديث : الصحيح الاحتجاج به ، و هو أولى من غيره عدا القرآن .
و يستدل منه بما ثبت عن النبي e نقله على اللفظ المروي به ، و سواء فيه :
(1) المتواتر .
(2) الآحاد .
كلام العرب : و يحتج منه بما ثبت عن الفصحاء الموثوق بعربيتهم ، حتى و لو كانوا كفاراً .
و يحتج بكلام قبائل قلب الجزيرة : قريش ، قيس ، تميم ، أسد ، ثم هذيل ، و بعض كنانة ، و بعض الطائيين .
و لا يؤخذ عمن جاور غير العرب لفساد ألسنتهم .
و لا يحتج بكلام المولّدين و المُحدَثِيْن .
و فرقٌ بين المولَّد و المصنوع ، فإن المصنوع يورده صاحبه على أنه عربي فصيح ، و المولَّد بخلافه .

فصل
في أقسام المسموع
ينقسم المسموع عن العرب إلى قسمين :
(1) مُطّرِد : وهو الكلام المنقول عن العرب ، مستفيضاً ، بحيث يُطْمَأَن إلى أنه كثير كي يقاس عليه .
(2) شاذ : وهو كلُّ كلام عربي أصيل ، لم تذكر له قاعدة كلية ، و لم يحظَ بالشيوع و الكثرة ، و لا يقاس عليه .
و هما على أربعة أضرب :
الأول : مطرد في القياس و الاستعمال معاً و هذا هو المطلوب و الغاية : و هو الكلام :
(1) الذي لا يخرج عن القواعد العامة المبنية على الأعم و الأشمل .
(2) و الذي كثر استعماله في العربية .
الثاني : مطرد في القياس شاذ في الاستعمال : و هو الكلام :
(1) الذي لا يخرج عن القواعد العامة المبنية على الأعم و الأشمل .
(2) و ندر استعماله .
الثالث : مطرد في الاستعمال شاذ في القياس : و هو الكلام :
(1) الذي خرج عن القواعد العامة المبنية على الأعم و الأشمل .
(2) الذي كثر استعماله .
الرابع : شاذ في القياس و الاستعمال معاً : و هو الكلام :
(1) الخارج عن القواعد العامة المبنية على الأعم و الأشمل .
(2) و لم تستخدمه العرب . وهو مجمع على رفضه .

فصل
في حكم اللغات
جميع لغات العرب حجة على اختلافها ، و يقاس عليها .
و يستعمل الأقوى و الشائع منها .
فائدة : اختلاف اللغات من وجوه :
الأول : الاختلاف في الحركات .
الثاني : الاختلاف في الحركة و السكون .
الثالث : الاختلاف في إبدال الحروف .
الرابع : الاختلاف في الهمز و التليين .
الخامس : الاختلاف في التقديم و التأخير .
السادس :الاختلاف في الحذف و الإثبات .
السابع : الاختلاف في الحرف الصحيح يُبْدَل حرفاً معتلاً .
الثامن : الاختلاف في الإمالة و التفخيم .
التاسع : الاختلاف في الحرف الساكن يستقبله مثله فمنهم من يكسر الأول ، و منهم من يضم .
العاشر : الاختلاف في التذكير و التأنيث .
الحادي عشر : الاختلاف في الإدغام .
الثاني عشر : الاختلاف في الإعراب .
الثالث عشر : الاختلاف في صورة الجمع .
الرابع عشر :الاختلاف في التحقيق و الاختلاس .
الخامس عشر :الاختلاف في الوقف على هاء التأنيث .
السادس عشر :الاختلاف في الزيادة ، نحو : انظر و انظور .
و من اختلاف اللغات ما هو اختلاف تضادٍّ .
و قد يكون في الكلمة لغتان ، أو ثلاث ، أو أربع ، أو خمس ، أو ست ، و لا يكون أكثر من ذلك .
الثاني : الإجماع : وهو اتفاق علماء النحو و الصرف على مسألة أو حكم .
و المراد بالعلماء أئمة البلدين _ الكوفة و البصرة _ ، أو أكثر النحاة ، لا كلّ العلماء في العصور .
و إجماع العرب إن وقف عليه .
و هو حجة إذا لم يخالف :
(1) المنصوص .
(2) المقيس على المنصوص .
و يعمل بالمجمع عليه عند تعارضه مع المختلف فيه .
و إحداث قولٍ من تركيب للمذاهب شبيه بتداخل اللغات .
مسألة : هل يعتبر الإجماع السكوتي ؟
التحقيق على اعتباره .
الثالث : القياس : وهو حمل غير المنقول على المنقول إذا كان في معناه .
وهو معظم أدلة النحو ، و التعويل عليه في أغلب المسائل النحوية .
و لا يتحقق إنكاره لأنه أغلب النحو ، و إنكاره إنكار للنحو .
و ينقسم إلى :
(1) حمل فرع على أصل .
(2) حمل أصل على فرع .
(3) حمل نظير على نظير .
(4) حمل ضد على ضد .
و الأول و الثالث هو قياس المساوي : وهو أن تكون العلة في الفرع و الأصل على سواء .
و الثاني قياس الأولى : و هو أن تكون العلة في الفرع أقوى منها في الأصل .
و الرابع قياس الأدون : و هو أن تكون العلة في الفرع أضعف منها في الأصل .
وهو ينقسم _ أيضاً _ :
(1) قياس جلي : أي واضح ظاهر لوضوح جامعية علته للأصل و الفرع .
(2) قياس خفي : وهو ترك القياس و الأخذ بما هو أوفق للناس ، و هو الاستحسان .
والقياس أنواع ستة :
الأول : القياس الأصلي : وهو إلحاق اللفظ بأمثاله في حكم ثبت لها باستقراء كلام العرب ، حتى انتظمت منه قاعدة عامة .
الثاني : قياس التمثيل : وهو إعطاء الكلم حكم ما ثبت لغيرها من الكلم المخالفة لها في نوعها ، و لكن توجد بينهما مشابهة في بعض الوجوه .
الثالث : قياس الشبه : وهو حمل العرب لبعض الكلمات على أخرى ، و إعطاؤها حكمها لشبه بينهما من جهة المعنى .
الرابع : قياس العلة : وهو اشتراك المقيس و المقيس عليه في العلة التي يقوم الحكم عليها . و يأتي الكلام على العلة إن شاء الله تعالى .
الخامس : قياس الطرد : وهو الذي يوجد معه الحكم للاطراد .
السادس : إلغاء الفارق : وهو بيان أن الفرع لم يفارق الأصل إلا فيما لا يؤثر ، فيلزم اشتراكهما .
و شروطه :
الأول : أن لا يكون المقيس عليه شاذاً .
الثاني : أن يكون المقيس قد قيس على كلام العرب .
الثالث : أن يكون الحكم قد ثبت استعماله عن العرب .
و أركانه أربعة :
الأول : الأصل : و هو المقيس عليه .
و من شرطه : أن لا يكون شاذاً خارجاً عن سَنَنِ القياس .
و ليس من شرطه الكثرة ؛ إذ قد يقاس على القليل لموافقته للقياس ، و لا يقاس على الكثير لمخالفته إياه .
و يجوز تعدد الأصول المقيس عليها .
الثاني : فرع : وهو المقيس .
و هو من كلام العرب إذ القياس على كلامهم .
الثالث : الحكم : وهو ما يكتسبه الفرع من الأصل .
و يقاس على حكم ثبت استعماله عن العرب ، و على ما ثبت بالقياس و الاستنباط .
و هل يجوز القياس على أصل مختلف في حكمه ؟
يجوز عند إقامة الدليل ، و يمنع عند عدمه .
الرابع : العلة الجامعة بين الأصل و الفرع .
اعتلالات النحويين صنفان :
الأول : علة تطرد على كلام العرب و تنساق إلى قانون لغتهم ، و هي الأكثر استعمالاً ، و أشد تداولاً .
الثاني : علة تُظهر حكمة العرب ، و تكشف عن صحة أغراضهم و مقاصدهم في موضوعاتهم .
و العلة قد تكون :
(1) بسيطة : و هي التي يقع التعليل بها من وجه واحد .
(2) مركبة : وهي التي يقع التعليل بها من عدة أوجه .
و أكثر العلل على الإيجاب .
و ثبوت الحكم في محل النص ثبوت بالعلة لا بالنص .
من شرط العلة : أن تكون هي الموجبة للحكم في المقيس عليه .

و يجوز :
(1) التعليل بعلتين .
(2) تعليل حكمين بعلة واحدة .
(3) التعليل بالأمور العدمية .

فصل
في مسالك العلة
الأول : الإجماع : وهو أن يجمع أهل العربية على أن علة هذا الحكم كذا .
الثاني : النص : وهو أن ينصَّ العربي على العلة .
الثالث : الإيماء : وهو الإشارة إلى العلة بخفاء .
الرابع : السبر و التقسيم : و هو ذكر الأقسام المحتملة ، ثم يختبر ما يصلح منها و ينفي ما عداه بطريقه .
الخامس : المناسبة : و هو أن يحمل الفرع على الأصل بالعلة التي علّق عليها الحكم في الأصل .
و هل يجب لإظهار المناسبة عند المطالبة ؟
قيل يجب ، و قيل لا يجب .
السادس : الشبه : وهو أن يحمل الفرع على الأصل بنوع من الشبه غير العلة التي علّق عليها الحكم في الأصل .
و قياسه قياس صحيح يجوز التمسك به كقياس العلة على الصحيح .
السابع : الطرد : وهو الذي يوجد معه الحكم وتفقد المناسبة في العلة .
الثامن : إلغاء الفارق : و هو بيان أن الفرع لم يفارق الأصل إلا فيما لا يؤثر فيلزم اشتراكهما .

فصل
في القوادح في العلة
الأول : النقض :و هو أن توجد العلة و لا يوجد الحكم .
و هذا عند من لا يرى التخصيص ببعض الأفراد لوجود اطّرادها ، فإذا وُجدت وجد الحكم فتخلفه عنها مع وجودها نقض لها .
الثاني : تخلف العكس : أي كون العلة غير منعكسة .
و العكس شرط في العلة وهو : أنه إذا فقدت العلة فقد الحكم .
الثالث : عدم التأثير : وهو أن يكون الوصف لا مناسبة له _ أي لا أثر له في الحكم _ .
و الأوصاف في العلة مفتقرة إلى شيئين :
أولهما : أن يكون لها تأثير .
ثانيهما : أن يكون فيها احتراز .
الرابع : القول بالموجب : و هو أن يسلم للمستدل ما اتخذه موجباً للعلة مع استبقاء الخلاف ، و متى توجه الخلاف كان المستدل منقطعاً ، فإن توجه الخلاف في بعض الصور المختلف فيها مع عموم العلة لتلك الصور لم يعد المستدل منقطعاً .
الخامس : فساد الاعتبار : وهو أن يستدل بالقياس في مقابلة النص عن العرب .
السادس : فساد الوضع : و هو كون الجامع في القياس ثبت اعتباره بنصٍ أو إجماع في نقيض الحكم .
و هو أيضاً : تعليق العلة على ضد المقتضى .
السابع : المنع للعلة : أي عدم قبولها _ و قد يكون في الأصل و الفرع _ .
و عدم قبول العلة مكابرة ، و موجب لقطع المناظرات .
الثامن : المطالبة بتصحيح العلة : أي أن يطالب المعترضُ المستدلَّ بثبوت العلة .
التاسع : المعارضة : وهو أن يعارَض المستدل بعلة مبتدأة .

فصل
في الأسئلة
السؤال مبناه على أربعة أركان :
الأول : السائل و هو الطالب للجواب .
و ينبغي له أن يقصد قصد المستفهم ، و يسأل عما ثبت فيه الغموض .
الثاني : المسؤول به : و هي أدوات الاستفهام المعروفة .
و يكون السؤال مفهوماً غيرَ مبهمٍ .
الثالث : المسؤول منه : و هو المطلوب منه الجواب على السؤال .
و شرطه أن يكون من أهل الفن المسؤول فيه كالنحوي عن النحو .
و يستحب له : أن يجيب بعد تعيين السؤال ، و سكوته بعده قبيح ، إلا إذا كان سكوته لما رآه من الحاضرين ما لا يليق بالأدب .
و قبيحٌ سكوته عن ذكر الدليل بعد الجواب زمناً طويلاً ؛ إلا إذا كان سكوته بحثاً عن أقرب الطرق إيفاءً بالغرض ، و ينبغي له أن يتحرى في الفتوى ما لا يتحرى بالمذاكرة .
و له أن يزيد في الجواب إذا اقتضى ذلك .
و النقص فيه _ أي الجواب _ عيب لما فيه من الإخلال بالجواب ، و عدم استيفائه .
و إذا كان السؤال عاماً كان الجواب عاماً .
الرابع : المسؤول عنه : وهو الأمر المتطلب جواباً .
وينبغي أن يكون مما يمكن إدراكه و الإحاطة به .
و الجواب : هو المطابق للسؤال .

فصل
في اجتماع الأدلة
قد تجتمع الأدلة السابقة _ السماع و الإجماع و القياس _ دليلاً على مسألة .

فصل
في الاستصحاب
وهو استمرار الحكم و بقاء ما كان على ما كان .
و هو من الأدلة المعتبرة ، و من أضعفها .
و لا يجوز التمسك به حال وجداننا لدليل .
و إذا تعارض مع دليلِ سماعٍ أو قياسٍ فلا عبرة به .

فصل
في أدلة متفرقة شتى
اعلم أن أدلة النحو كثيرة جداً لا تحصر ، و ما مر ذكره فهو منضبط بضابط ، و هناك أدلة لا ضابط خاص لها تندرج تحته ، منها :
الأول : الاستدلال بالعكس :وهو أن يعكس دليل على حكم مّا لإبطال هذا الحكم .
الثاني : الاستدلال ببيان العلة : و هو تبيان علة الحكم للاستدلال بوجودها على وجوده، و بعدم وجودها على عدم وجوده .
وهو نوعان :
الأول : أن يبيِّن علة الحكم و يستدلَّ بوجودها في موضع الخلاف ليوجد بها الحكم .
الثاني : أن يبين العلة ث يستدل بعدمها على عدم ذلك الحكم في موضع الخلاف .
الثالث : الاستدلال بعدم الدليل في شيء على نفيه : وهو نفي الدليل لعدم وجوده ، لأنه يلزم من فقد العلة فقد المعلول .
و هذا يكون في أي أمر ثبت فإن دليله يظهر ظهوراً لا خفاء فيه .
الرابع : الاستدلال بالأصول : وهو إبطال دليل بالرجوع إلى الأصل .
الخامس : الاستدلال بعدم النظير : وهو النفي لعدم وجود دليل على الإثبات .
فإن وجد الدليل على الإثبات لم يلتفت إليه .
السادس : الاستحسان : وهو ترك القياس و الأخذ بما هو أوفق للناس .
وهو القياس الخفي .
و دلالته ضعيفة غير محكمة .
ومنه :
(1) ترك الأخف إلى الأثقل من غير ضرورة .
(2) ما يخرج عن أصل قاعدته كـ ( استحوذ ) .
(3) ما يبقى الحكم فيه مع زوال علته .
(4) إذا اجتمع التعريف العلَمي و التأنيث السماعي أو العجمة في الثلاثي الساكن الوسط ، فالقياس منع الصرف ، و الاستحسان صرفه لخفته .
مثال المؤنث : هند . العجمة : نوح .
السابع : الاستقراء : و هو تعرُّف الشيء الكلي بجميع جزئياته .
أو إثبات الأمر الكلي بتتبع الجزئيات .
الثامن : الدليل المسمى بـ ( الباقي ) : و هو بقاء الدليل على حكمه الأصلي في جانب معيَّن بعدما خولفت الجوانب الأخرى لعلة اقتضت ذلك .
بيان ذلك :
أن الإعراب لا يدخل منه شيء في الفعل ، لأن الأصل البناء لعدم وجود علة تقتضي الإعراب .
و لكن هذا الحكم قد خولف في دخول الرفع و النصب في المضارع . لوجود العلة المقتضية للنصب و الرفع .
و هذا الحكم لم يُخالَف في الجر ، و هذا هو الدليل الباقي من أن الأصل عدم دخول الإعراب على الفعل .

التعارض و الترجيح
إذا تعارض نقلان أخذ بأرجحهما :
و الترجيح إما أن يكون في :
(1) الإسناد : و ذلك بأن يكون رواة أحد النقلين أكثر من الآخر ، أو أعلم و أحفظ .
(2) المتن : و ذلك بأن يكون أحد النقلين على وَفْق القياس ، و الآخر على خلافه .
إذا تعارض ارتكاب شاذ و لغة ضعيفة فارتكاب اللغة الضعيفة أولى من الشاذ .
إذا تعارض قياسان أخذ بأرجحهما و هو ما وافق دليلاً آخر من : نقلٍ أو قياس .
و إذا تعارض القياس و السماع نُطِقَ بالمسموع على ما جاء عليه لأنه نص الأصل .
و إذا كان التعارض في قوة القياس و كثرة الاستعمال قُدِّم ما كثر استعماله .
و إذا تعارض أصل و غالب فالعمل بالأصل ، و قد يعمل بالغالب على قلة .
و إذا تعارض قبيحان أُخذ بأقربهما ، و أقلهما فحشاً .
و إذا تعارض قولان عن عالم أحدهما مرسل _ أي لم يقيَّد بدليل _ ، و الآخر معلل _ أي مقيَّد بدليل _ أخذ بالثاني لقيام حجته .

أحوال مستنبط هذا العلم
من شرطه :
(1) أن يكون عالماً بلغة العرب .
(2) أن يكون محيطاً بكلامها .
(3) أن يكون مطلعاً على نثرها و نظمها .
(4) أن يكون خبيراً بصحة نسبة ذلك إليهم .
(5) أن يكون عالماً بأحوال الرواية .
(6) أن يكون عالماً بإجماع النحاة .
و إذا أدى المجتهدَ القياسُ إلى شيء ثم سمع العرب نطقت بغيره على قياسٍ غيره فإنه يدع ما كان عليه .
قال مقيده _ عفا الله عنه _: وافق الفراغ من رَقْم هذه الوجيزة الأصولية النحوية مغرب يوم الثلاثاء العشرين من شهر ربيع الأول عام اثنين و عشرين و أربعمائة و ألف في رياض نجد .
و الحمد لله رب العالمين .

—————-
[1] شرح عيون الإعراب لابن فضال 123.
[2] قال الداودي ناظماً معاني كلمة ( نحو ) :
النحو في لغة قصد كذا مثل و جانبٌ وقريب بعض مقدار
نوع و مثل بيان بعد ذا عقب عشر معانٍ لها في الكل أسرار
انظر : فيض نشر الانشراح 1/229 ، حاشية الخضري على شرح ابن عقيل 1/10 .
[3] و حكموا بأن الصاد مبدلة من السين ، و ليستا لغتان . ( الفيض 1/403 ) .
[4] نظم السيوطي بعض هذه الضوابط بقوله :
و تعرف العجمة بالنقل و أن يخرج عن وزن به الاسم اتزن
و إن تلا في الابتدا النون را و الدال زاي أو رباعي عـرا
عن الذلاقـة و ماذا تبعـا و الصاد أو قاف و جيم حمعا
أنظر : الفريدة 1/108 ( الشرح ) .
النحو إلى أصول النحو
عبد الله بن سُليمان العُتَيِّق