التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

التنظيم الدولي

التنظيم الدولي:

المنظمة الدولية:

يقصد بها وفقاً للاتجاه السائد الآن في فقه القانون الدولي كل تجمع لعدد من الدول في كيان متميز ودائم بتمتع بالإرادة الذاتية وبالشخصية القانونية الدولية ، تتفق هذه الدول على إنشائه ، كوسيلة من وسائل التعاون الاختياري بينها في مجال أو مجالات معينة يحددها الاتفاق المنشئ للمنظمة.
العناصر الأساسية للمنظمة الدولية:

تنحصر في رأينا في أربعة عناصر فقط

أ- عنصر الكيان المتميز الدائم :
لا يمكن القول بوجود المنظمة الدولية ما لم يتوافر لها كيان متميز ، دائم ومستقر ، يستمر ظل الاتفاق المنشيء لها ساري المفعول. ولا يقصد الدوام بداهة أن تظل المنظمة قائمة أبد الدهر ، وإنما المقصود إلا يكون وجودها عرضياً كما هو الشأن في المؤتمرات الدولية. المقصود بدوام المنظمة إذن هو استقلالها في وجودها ، وفي ممارستها لنشاطها ، عن الدول المكونة لها. ولا يشترك أن يكون نشاط المنظمة مستمراً بالمعنى الحرفي لكلمة الاستمرار ، فلا يؤثر في دوام المنظمة أن تستعمل بأحد أجهزتها جهازاً جديداً أو أن توقف لسبب أو لآخر جهازاً أو أكثر من أجهزتها عن العمل لفترة مؤقتة.

ب- الإرادة الذاتية:
يقتضي الوجود المتميز للمنظمة الدولية أن تكون لها إرادتها الذاتية المتميزة تماماً عن إرادة الدول المكونة لها ، وهذا من مقتضى تمتع المنظمة بالإرادة الذاتية أن تتميز بصدد ما تجريه من تصرفات عن الدول المكونة لها فلا تنصرف آثار هذه التصرفات إلى هذه الدول كل على حدة بل إلى المنظمة نفسها باعتبارها شخصاً قانونياً دولياً يستقل في حياته القانونية عن الدول التي أنشأته لتحقق من وراء إسهامها في عضويته هدفاُ أو أهدافاً معينة.
ومن الجدير بالذكر أن توافر هذا العنصر يعد في طليعة الاعتبارات الأساسية التي يرجع إليها للتمييز بين المنظمة الدولية والمؤتمر الدولي. إذ بينها تتمتع الأولى بالإرادة الذاتية والشخصية القانونية الدولية ، لا يتمتع المؤتمر الدولي بأية إرادة ذاتية ، ولا يعتبر شخصاً من أشخاص القانون الدولي العام.

جـ- الاستناد إلى اتفاق دولي:
يستند وجود المنظمة الدولية ضرورة إلى اتفاق دولي ينشئ المنظمة ، ويحدد نظامها القانوني. إذا كانت العادة قد جرت على أن يأخذ مثل هذا الاتفاق الدولي صورة المعاهدة الدولية فمن المتصور قانوناً أن يتم إنشاء المنظمة الدولية باتفاق تنفيذي بل وبمجرد الاتفاق شفاهة بين الدول المعينة. وهذا ولما كانت الاتفاقات الدولية لا تعقد إلا بين الدول فيترتب على ذلك أن المنظمة الدولية لا تضم أساساً غير الدول ومن ثم يخرج عن نطاقها الهيئات الغير حكومية ذات النشاط الدولي المعروف عادة باسم المنظمات الدولية الغير حكومية مثل الاتحادات العلمية الدولية ومنظمة الصليب الأحمر الدولي.

د- المنظمة الدولية
وسيلة للتعاون الاختياري بين مجموعة معينة من الدول في مجال أو مجالات محددة يتفق عليها سلفاً: لا يزال مبدأ سيادة الدولة مبدأ رئيسياً في التنظيم الدولي المعاصر ، ومن ثم لا ينبغي اعتبار المنظمة الدولية سلطة عليا فوق الدول تنتقص من سيادتها. وإنما هي مجرد وسيلة منظمة للتعاون الاختياري القائم على المساواة بين مجموعة من الدول في مجال أو مجالات تحدد سلفاً في الاتفاق المنشئ للمنظمة. هذا ويلاحظ أنه بينما لا ينتقص انضمام الدولة إلى عضوية المنظمة الدولية من سيادتها. وإن قيدت المعاهدة المنشئة للمنظمة من حريتها في ممارسة هذه السيادة ، فأن انضمامها إلى أية صورة من صور الاتحاد بين الدول يفترض حتماً تنازلها عن قدر من مضمون سيادتها إلى السلطة الاتحادية التي تعلو بداهة فوق كل الدول المكونة للاتحاد. وفي هذا الفارق القانوني الواضح الدقيق يمكن معيار التفرقة بين المنظمة الدولية واتحادات الدول على كافة أنواعها.
أنواع المنظمات الدولية

أولا :تقسيم المنظمات الدولية من حيث الطبيعة الموضوعية لأهدافها إلى منظمات عامة وأخرى متخصصة
معيار هذا التقسيم هو مدى ضيق أو اتساع مجال نشاط المنظمة. ومن أمثلة المنظمات العامة
1- عصبة الأمم 2- الأمم المتحدة 3- منظمة الدول الأمريكية 4- جامعة الدول العربية
5- الاتحاد الإفريقي

أما المنظمات الدولية المتخصصة فكثيرة وأهمها :

أ- المنظمات الدولية الاقتصادية :
وتشمل كل منظمة تهدف إلى تحقيق التعاون بين أعضائها في مجال ذي طبيعة اقتصادية ، مثل صندوق النقد الدولي ، ومنظمة التجارة العالمية.
ب- منظمات دولية علمية:مثل المنظمة العالمية للأرصاد الجوية .
جـ- منظمات دولية اجتماعية:
مثل منظمة العمل الدولية ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة ” اليونسكو”

ثانياً:تقسيم المنظمات الدولية بالنظر إلى نطاق العضوية فيها إلى منظمات دولية إقليمية وأخرى ذات اتجاه عالمي
يقصد بالمنظمة الدولية ذات الاتجاه العالمي تلك التي تقتضي طبيعة أهدافها تحديد شروط العضوية فيها على أساس عالمي يسمح بانضمام أية دولة من الدول إليها متى توافرت فيها الشروط التي يتطلبها ميثاق المنظمة ، والتي ترمي في العادة إلى التحقق من أن الدولة طالبة الانضمام راغبة حقاً وقادرة فعلاً على تنفيذ الالتزامات التي ينص عليها ميثاق المنظمة. ومثال هذا النوع من المنظمات الأمم المتحدة.
يقصد بالمنظمة الإقليمية كل منظمة دولية لا تتجه بالضبط أهدافها نحو العالمية ، وإنما يقتضي تحقيق الهدف من إنشائها قصر عضويتها على طائفة معينة من الدول ترتبط فيما بينها برباط خاص. ويتنازع تعريف الإقليمية ثلاثة اتجاهات أساسية.

أ- المفهوم الجغرافي للإقليمية:

يشترط أصحاب هذا الاتجاه قيام رابطة جغرافية واضحة تربط بين الدول الأعضاء فيها ، ثم يختلفون توافر رابطة الجوار الجغرافي بين الدول أعضاء المنظمة ، بينما يكتفي البعض الآخر بأن تحدد الدول أعضاء المنظمة النطاق المكاني لتعاونها في سبيل تحقيق أهداف المنظمة بإقليم جغرافي معين ولو لم تقم رابطة الجوار الجغرافي بين هذه الدول ، بل ولو تنتم جميعها إلى هذا الإقليم جغرافياً.

ب- المفهوم الحضاري للإقليمية:

يشترط أصحاب هذا الاتجاه القول بثبوت الإقليمية علاوة على الجوار الجغرافي توافر روابط أخرى ذات طابع حضاري مثل وحدة أو تقارب اللغة والثقافة والتاريخ والعنصر فصلاً عن المصالح الاقتصادية والسياسية المشتركة.

جـ- المفهوم الفني للإقليمية:

يشترط أصحاب هذا الاتجاه بالإقليمية كل منظمة دولية لا تتجه بطبيعتها نحو العالمية ، إذا تقتضي طبيعة أهدافها قصر نطاق العضوية فيها على فئة معينة من الدول ترتبط فيما بينها برباط خاص أيا كانت طبيعة هذا الرباط جغرافياً كان أو حضارياً أو سياسياً أو اقتصادياً أو ثقافياً دائماً كان الرباط أو موقوتاً ومن ثم يدخل في عموم المنظمة الإقليمية عند أصحاب هذا الاتجاه

أ- المنظمات الإقليمية عامة الأهداف القائمة على أساس من الجوار الجغرافي أو الارتباط الحضاري بين أعضائها مثل جامعة الدول العربية.
ب- المنظمات الإقليمية المتخصصة المنشأة من أجل التعاون بين مجموعة معينة من الدول في سبيل تحقيق مصلحة مشتركة معينة. ومن أمثلة هذه الطائفة من المنظمات الإقليمية منظمة الدول المصدرة للبترول.
جـ- الأحلاف العسكرية القائمة على أساس من المصلحة السياسية والعسكرية المشتركة الموقوتة بظروف معينة (منظمة معاهدة شمال الأطلسي)

هذا وإذا كان لكل من الآراء السابق الإشارة إليها وجهته فأن أرجحها هو الرأي الثالث لما يمتاز به من وضوح وانضباط يفتقدهما الرأي الثاني ، ولما يمتاز به من مرونة في التطبيق يفتقدها المفهوم الجغرافي الضيق لفكرة الإقليمية. والواقع أن تطبيق أحد المعيارين الأول أو الثاني من شأنه استبعاد منظمة مثل منظمة الدول المصدرة للبترول من عداد المنظمات الإقليمية بالرغم من أنها بلا شك ليست بالمنظمة العالمية أو المتجهة نحو العالمية ، الأمر الذي يتضح معه عقم هذين المعيارين ومرونة المعيار الثالث الذي يشمل في الواقع من المنظمات كل ما لا يدخل في عداد تلك المتجهة نحو العالمية.

ثالثاً:تقسيم المنظمات الدولية من حيث الطبيعة القانونية لنشاطها إلى منظمات دولية قضائية وأخرى إدارية وثالثة ذات نشاط تشريعي أو شبيه بالتشريعي

ويقصد بالنوع الأول المنظمات الدولية التي ينحصر اختصاصها أساساً في الفصل في المنازعات الدولية أو إصدار الفتاوى القانونية (المحكمة الدائمة للعدل الدولي) ، ويقصد بالنوع الثاني تلك المنظمات التي ينصرف نشاطها إلى إدارة مرفق عام دولي معين (اتحاد البريد العالمي) ، أما النوع الثالث فتنحصر مهمته في السعي إلى توحيد القواعد القانونية المتبعة بشان علاقة دولية معينة (منظمة العمل الدولية)
وبالرغم من طرافة هذا التقسيم إلا أنه من الصعب عملاً تطبيقه واقعياً إذا تجمع أغلب المنظمات بين اثنين أو أكثر من هذه الاختصاصات.
الشخصية القانونية للمنظمة الدولية

أولاً : الخلاف الفقهي حول مدى تمتع المنظمة الدولية بالشخصية القانونية الدولية

يقصد الشخصية القانونية الدولية القدرة على اكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات ، والقيام بالتصرفات القانونية ، ورفع الدعاوى أمام القضاء. وقد كان من المتفق عليه عموماً أن الشخصية الدولية بهذا المعنى لا تثبت إلا للدول ، وللدول وحدها ، ثم بدأ هذا المفهوم يهتز نتيجة ظهور المنظمات الدولية. غير أن الجدل لم يحتدم في الفقه حول هذا الموضوع إلا بمناسبة انقضاء عصبة الأمم ثم ما لبث أن تجدد بعد إنشاء الأمم المتحدة وقد انتهى هذا الجدل الفقهي برأي استشاري شهير أصدرته محكمة العدل الدولية في عام 1949م اعترفت فيه بالشخصية القانونية للأمم المتحدة ، مؤكدة أن الدول ليست وحدها أشخاص القانون الدولي العام ، وان المنظمات الدولية يمكن اعتبارها أشخاصاً قانونية من طبيعة خاصة متميزة عن طبيعة الدول تتمتع بأهلية قانونية تتناسب مع الأهداف التي أنشئت المنظمة من أجل تحقيقها.
وترجع ظروف هذه الفتوى إلى ما حدث خلال عامي 1947 ، 1948م من إصابة بعض العاملين بالأمم المتحدة بأضرار متفاوتة الخطر خلال قيامهم بخدمتها ، وكان أهم هذه الأحداث مقتل الكونت برنادوت وسيط الأمم المتحدة لتسوية الحرب الفلسطينية خلال زيارة قام بها لإسرائيل.
ونتيجة لهذه الحوادث ثار البحث في الأمم المتحدة عما إذا كان من حقها رفع دعوى المسئولية الدولية ضد الدول المسئولة عن هذه الأضرار. ويعرض الأمر على محكمة العدل الدولية التي انتهت إلى أن الأشخاص في نظام قانوني معين ليسوا بالضرورة متماثلين في الطبيعة وفي نطاق الحقوق ، بل تتوقف طبيعة كل منهم على ظروف المجتمع الدولي الذي نشأ فيه وعلى متطلباته كما انتهت إلى أن الدول ليست وحدها أشخاص القانون الدولي العام. والمنظمة لا تتمتع بالشخصية القانونية الدولية إلا بالقدر اللازم لتحقيق أهدافها.
وعلى ضوء هذا التحليل انتهت المحكمة بأن الأمم المتحدة شخص من أشخاص القانون الدولي العام ، وبأن طبيعة أهدافها ووظائفها تقتضي ضرورة الاعتراف لها بالحق في تحريك دعوى المسئولية الدولية في حالة إصابة أحد العاملين بها بالضرر بسبب قيامه بخدمتها.
وقد استخلص جمهور فقهاء القانون الدولي العام من هذا الرأي الاستشاري نتيجة هامة مقتضاها ضرورة الاعتراف للمنظمات الدولية عموماً بتوافر الشخصية القانونية الدولية ، وذلك كلما اتضح أن الوصول إلى الأهداف وممارسة الوظائف لا يتأتى إلا بالاعتراف للمنظمة بالشخصية القانونية الدولية.

ثانيا: الطابع الوظيفي للشخصية القانونية المعترف للمنظمة الدولية بها

إذا كانت محكمة العدل الدولية قد اعترفت بتمتع الأمم المتحدة بالشخصية القانونية الدولية فقد حرصت على بيان الفارق بين هذه الشخصية وبين الشخصية القانونية التي تتمتع بها الدول مؤكدة أن الاعتراف بالشخصية القانونية الدولية لمنظمة ما لا يعني إطلاقاً اعتبارها بمثابة للدولة فيما لها من حقوق وفيما تلتزم به من واجبات ، وإن كل ما يعنيه مثل هذا الاعتراف هو إمكان اكتساب المنظمة للحقوق وتحملها بالالتزامات بالقدر اللازم لممارستها لوظائفها على النحو الذي استهدفته الدول الأعضاء من وراء إنشائها.
وعلى ضوء هذه التفرقة يمكننا القول أن الشخصية القانونية الدولية التي تتمتع بها المنظمة الدولية شخصية قانونية من طبيعية خاصة ووظيفية وأنها محدودة المجال بالضرورة. وتتوقف أساساً على مقدار وطبيعة الوظائف المنوط بالمنظمة بها إلا لتؤدي من خلال وظائفها ، ومن ثم لا يتصور منطقاً أن تزيد في اتساعها عن القدر المتلائم وهذه الوظائف.
وإذا كان لنا أن نستعير تفرقة فقهاء القانون الداخلي بين الشخصية الطبيعية والشخصية الاعتبارية لأمكننا القول بأن الدولة هي الشخص الطبيعي للقانون الدولي العام القادر على التمتع بكافة الحقوق والالتزامات ، وأن المنظمات الدولية هي أشخاصه الاعتبارية ذات المجال الوظيفي المحدد ضرورة.
الطبيعة القانونية لشخصية المنظمة الدولية
هذا ولا يجوز الاحتجاج بالشخصية القانونية للمنظمة الدولية في مواجهة الدول الغير الأعضاء أو المنظمات الدولية الأخرى ما لم تعترف هذه الدول أو المنظمات بثبوت الشخصية الدولية للمنظمة اعترافاً صريحاً أو ضمنياً ، ذلك أن الشخصية الدولية للمنظمة إنما تثبت لها كنتيجة ضرورية للمعاهدة التي أنشأتها ولا يجوز الاحتجاج بهذه المعاهدة في مواجهة الدول التي لم تشترك في إبرامها تطبيقاً لقاعدة نسبية آثار المعاهدات. وإذا كانت محكمة العدل الدولية قد خرجت على هذا المبدأ في رأيها الاستشاري السابق الإشارة إليه ، إذا اعترفت للأمم المتحدة بشخصية دولية موضوعية يجوز الاحتجاج بها في مواجهة كافة الدول حتى ما لم يكن منها مشتركاً في عضويتها.

ثالثاً ” الشروط الواجب توافرها للاعتراف للمنظمة بالشخصية الدولية

لا يشترط لاتصاف المنظمة بالشخصية الدولية أية شروط خاصة سوى توافر أركانها الأساسية ويستوي أن تنصرف إرادة الدول المؤسسة صراحة إلى منحها هذه الشخصية بالنص عليها في المعاهدة المنشئة للمنظمة ، أو أن يفهم ذلك ضمناً من مجرد اجتماع الأركان الأربعة.
نطاق الشخصية الوظيفية الثابتة للمنظمة الدولية (النتائج المترتبة على الاعتراف للمنظمة الدولية بالشخصية القانونية)
القاعدة هي ارتباط نطاق الشخصية القانونية الثابتة للمنظمة ضيقاً واتساعاً بالوظائف المعهود إليها بممارستها من اجل تحقيق الأهداف التي رمت إليها الدول المؤسسة للمنظمة من وراء تأسيسها.

أ- مجال العلاقات الدولية الخاضعة للقانون الدولي العام

يترتب على الاعتراف للمنظمة الدولية بالشخصية القانونية الوظيفية أن تثبت لها حقوق عدة أساسية من أهمها

1- حق إبرام الاتفاقات الدولية في الحدود اللازمة لتحقيق أهدافها. ومن أهم الأمثلة للمعاهدات التي يحق للمنظمات الدولية إبرامها مع الدول الأعضاء فيها. واتفاقيات المقر التي قد تبرمها المنظمة مع الدولة الكائن في إقليمها مقر المنظمة إذا كانت هذه الدولة عضواً فيها.
أما المعاهدات التي تبرمها المنظمة الدولية مع دول غير أعضاء فيها فمن أهم أمثلتها اتفاقية المقر التي قد تبرمها المنظمة الدولية مع الدولة الكائن بإقليمها مقرها متى كانت غير عضو فيها ، مثل الاتفاقية المبرمة في 14 ديسمبر 1946م بين الأمم المتحدة وسويسرا. ومن أهم الأمثلة للمعاهدات التي قد تبرمها منظمة دولية معينة مع منظمات دولية أخرى والاتفاقيات المبرمة بين الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة والمشار إليها في المادتين 57 ، 63 من ميثاق الأمم المتحدة.
2- حق المشاركة في خلق قواعد القانون الدولي العام عن طريق إسهامها في تكوين العرف أو عن طريق ما قد تصدره من قرارات ذات طابع تشريعي.
3- حق تحريك دعوى المسئولية الدولية للمطالبة بالتعويض عما قد يصيب المنظمة نفسها من ضرر أو لتوفير الحماية الوظيفية للعاملين بها في حالة ما إذا ترتب على قيامها بنشاطها في المجال الدولي أن أصيب بعضهم بالضرر أثناء قيامهم بخدمتها.
4- حق التقاضي أمام محاكم التحكيم ومختلف المحاكم الدولية باستثناء تلك التي ينص بصراحة في نظامها على عدم اختصاصها بنظر الدعاوي المرفوعة من غير الدول (محكمة العدل الدولية).
5- حق التمتع بالبعض من الحصانات والامتيازات في مواجهة الدول الأعضاء ودول المقر. وإذا كانت الحقوق سالفة هي أهم ما يثبت للمنظمة نتيجة تمتعها بالشخصية الدولية فقد أوردناها على سبيل المثال لا الحصر.

ب- مجال علاقات القانون الداخلي لدولة معينة

يترتب على ثبوت الشخصية الدولية الوظيفية للمنظمة أن تتمتع كذلك بالشخصية القانونية في النظم الداخلية لكافة الدول الأعضاء فيها ، وفي النظم الداخلية للدول الغير أعضاء المعترف بالمنظمة المعينة.
ومن أهم الأمثلة لهذا الوضع ما نصت عليه المادة 104 من ميثاق الأمم المتحدة من تمتع المنظمة في بلاد كل عضو من أعضائها بالأهلية القانونية التي يتطلبها قيامها بأعباء وظائفها وتحقيق مقاصدها.
ويترتب على ثبوت هذه الشخصية ، في القانون الداخلي لكل من الدول الأعضاء والدول غير الأعضاء المعترفة بالمنظمة نتائج عديدة أهمها:-

1- ثبوت حق المنظمة في التعاقد ومن ثم يحق لها التعاقد لشراء ما يلزمها من أدوات ومهمات لاستئجار المباني والعقارات التي يشغلها موظفوها أو لنقل منقولاتها أو موظيفها.
2- ثبوت حق المنظمة في التملك ، ومن ثم يحق لها تملك الأموال منقولة كانت أو عقارية في الحدود اللازمة لممارستها الوظائف المعهود بها إليها.
3- ثبوت حق المنظمة في التقاضي.

جـ- مجال القانون الداخلي للمنظمة نفسها

أدت نشأة المنظمات الدولية ، ثم ازدهارها السريع للطرد إلى ظهور مجموعة جديدة من النظم القانونية هي النظم الداخلية للمنظمات الدولية وكما تبدو الشخصية القانونية للمنظمة جلية واضحة في مجال القانون الدولي العام وفي مجال القوانين الداخلية للدول الأعضاء والدول الغير الأعضاء المعترفة بالمنظمة تبدو كذلك ساطعة في مجال قانونها الداخلي إذا يحق لها على سبيل التعاقد وفقاً لأحكامه مع من تحتاج إلى خدماتهم من عاملين. ويحق لها إنشاء الأجهزة الفرعية اللازمة للقيام بوظائفها.

أجهزة المنظمة بين الوحدة والتعدد

يتضح لنا أن المنظمات الدولية الأسبق في النشأة كانت تقوم على جهاز واحد تشترك في عضويته كافة الدول الأعضاء. وكان هذا الجهاز يختص بممارسة كافة وظائف المنظمة. وبدأت المنظمات الدولية تتجه تدريجياً نحو الأخذ بمبدأ تعدد الأجهزة مراعاة لاعتبارين جوهرين

أ- ضرورة التخصص وتقسيم العمل بعد أن اتسعت دائرة نشاط المنظمات الدولية على نحو أصبح معه من المستحيل أن يقوم جهاز واحد بكل ما ينبغي على المنظمة ممارسته من وظائف متشعبة.

ب- ضرورة مراعاة الأهمية النسبية لكل دولة عضو. فعن طريق تعدد الأجهزة وإعطاء بعض الدول ذات الأهمية الخاصة وضعاً متميزاً داخل بعضها دون البعض الآخر ، يمكن الوصول إلى وضع من التوازن الهيكلي داخل إطار المنظمة بتجاوب مع وضع التوازن الواقعي القائم فعلاً بين الدول المشتركة في عضويتها دون ما إهدار لجوهر مبدأ المساواة في السيادة.
وفي مقدمة المنظمات التي أخذت بمبدأ تعدد الأجهزة مراعاة لهذا الاعتبار الأمم المتحدة التي وزع ميثاقها اختصاصاتها الأساسية ذات الطابع السياسي بين جهازين أساسين تشترك في أحدهما (الجمعية العامة) كافة الدول الأعضاء على قدم المساواة ، وتتمتع في الآخر (مجلس الأمن) الخمس دول العظمى بوضع خاص روعيت فيه أهميتها السياسية ، تبلور عملاً في منحها العضوية الدائمة والحق في الاعتراض.
وقد روعيت أيضاً اعتبارات الأهمية الفعلية للبعض من الدول الأعضاء وضرورة إعطائها وضعاً خاصاً داخل أجهزة المنظمة يناسب وزنها الخاص ، في الكثير من المعاهدات المنشئة للوكالات المتخصصة. ومثال ذلك ما نصت عليه المادة الخمسون من المعاهدة المنشئة لمنظمة الطيران المدني الدولية من ضرورة مراعاة الأهمية النسبية في ميدان الملاحة الجوية عند اختيار الجمعية المكونة من الدول الأعضاء لأعضاء المجلس المكون من بعض الدول فحسب.

فقد أصبح من المبادئ المسلم أن لأي من هذه الأجهزة الرئيسية الحق في أن ينشئ بقرار يصدره ما يرى مناسبة استحداثه من أجهزة فرعية ، وأن يعهد إليها بممارسة بعض ما يدخل في نطاق اختصاصه من وظائف يرى ملائمة تخصيص جهاز متميز لها.
تمثيل الدول الأعضاء في أجهزة المنظمة

تحكم تمثيل الدول الأعضاء في أجهزة المنظمة قاعدتان جوهريتان تخلص
أولاهما في أن من حق الحكومة وحدها اختيار ممثلي الدولة في أجهزة المنظمة.
والثانية في أن للحكومة حرية كاملة ومطلقة في اختيار الممثلين دون التقيد بأوصاف أو شروط معينة.
وإذا كان تطبيق هاتين القاعدتين هو الأصل ، إلا أن الأمر لا يخلو من استثناءات خاصة. ولعل أهم الاستثناءات الواردة على القاعدة الأولى هو ما نص عليه في المادة الثالثة من دستور منظمة العدل الدولية من أن يتم تمثيل كل دولة في المؤتمر العام للمنظمة بأربعة ممثلين يمثل حكومتها منهم اثنان ، ويمثل الثالث أصحاب الأعمال ويمثل الرابع العمال. ومن الواضح أن هذا الخروج على القاعدة العامة إنما يستهدف تمثيل قوى غير حكومية لا تقل أهميتها في مجال علاقات العمل عن أهمية الحكومة نفسها.
وإذا كان الخروج على القاعدة الأولى أمر نادر ، فأن أمثلة الخروج على القاعدة الثانية ليست في الواقع بالنادرة ، ما تشترطه المادة 14 من المعاهدة المنشئة لمجلس أوروبا من ضرورة أن يكون ممثل الدولة في أحد أجهزتها (اللجنة) هو وزير خارجيتها أو أحد أعضاء الحكومة الآخرين إذا ما تعذر حضور وزير الخارجية بنفسه.
أحكام التصويت
كان التصويت في المنظمات الدولية يقوم على مبدأين أساسين هما اشتراط الإجماع كقاعدة عامة لا ينبغي الخروج عليها إلا بالنسبة لأقل المسائل وكمجرد استثناء لا يقاس عليه ولا يتوسع فيه ، وضرورة المساواة بين الدول فيما يتعلق بعدد الأصوات الممنوحة لكل منها بحيث لا تتمتع الدولة إلا بصوت واحد فقط أيا كان وزنها الحقيقي وأهميتها الفعلية تستوي في ذلك أكبر الدول وأقواها مع أصغرها شأناَ
وقد اتجه التطور بعد ذلك نحو التحرر من هاتين القاعدتين

أ- ففيما يتعلق بالقاعدة الأولى وهي قاعدة الإجماع ، يلاحظ أن الأغلبية الساحقة من المنظمات الدولية المعاصرة لا تشترط الإجماع كأصل عام ، وإنما تكتفي بأغلبية قد تكون بسيطة عادية أو خاصة موصوفة إذا ما تعلق بالأمر بمسألة على جانب كبير من الأهمية. وقد بدأ هذا الاتجاه أو الأمر في الظهور بالنسبة للمنظمات ذات الطابع الفني المتخصص البعيدة أساساً عن السياسة ، ثم ما لبث أن شمل المنظمات السياسية أيضاً وفي مقدمتها الأمم المتحدة.

ب- أما الاتجاه الثاني الرامي إلى التحرر من قاعدة لكل دولة صوت واحد ، فاتجاه حديث نسبياً لا يزال حتى الآن محدود المجال والتطبيقات.
ويقوم نظام وزن الأصوات هنا على فكرة بسيطة مقتضاها ضرورة إعطاء كل دولة عضو في المنظمة عدداً من الأصوات يتناسب مع أهميتها داخل المنظمة. إلا أن تطبيق هذه الفكرة يصطدم عملاً بمشكلة قوامها صعوبة الاتفاق على معيار عادل ومنضبط تتحدد على أساسه الأهمية النسبية لكل دولة عضو. ولهذا السبب لم يؤخذ نظام وزن الأصوات إلا في البعض من المنظمات ذات الطالع الاقتصادي أو المالي حيث يسهل الوزن بالنظر إلى مقدار ما تنتجه الدولة أو ما تصدره أو ما تستورده من سلعة معينة ، أو بالنظر إلى عدد ما تمتلكه من اسهم في رأس مال المنظمة نفسها.
ومن أهم الأمثلة لوزن الأصوات وما نصت عليه المادة 12/5 من المعاهدة المنشئة لصندوق النقد الدولي ، من إعطاء كل دولة عضو مائتين وخمسين من الأصوات ، يضاف إليها صوت واحد عن كل سهم تملكه الدولة في رأس مال البنك أو الصندوق بحسب الأحوال.

ما المقصود بالعامل الدولي وما هو النظام القانوني لهم

العامل الدولي

هو كل شخص طبيعي يعمل لحساب المنظمة بأجر أو بدون أجر بصفة مؤقتة أو مستمرة ولا مجال للخلط بين العامل الدولي وبين ممثلي الأعضاء لدي أجهزة المنظمة. فبينما تنحصر وظيفة ممثلي الدول في الإسهام في اتخاذ المنظمة لقراراتها من خلال تمثيلهم لدولهم في أجهزة المنظمة متقيدين في ذلك بتعليمات حكوماتهم المختصة وحدها بتعيينهم ومسائلتهم وتنحصر مهمة هؤلاء العاملين أساساً في القيام على تنفيذ هذه القرارات المنسوبة بعد صدورها إلى المنظمة المختصة وحدها بتعيينهم وحمايتهم ومحاسبتهم على كل ما يصدر عنهم من تصرفات أو ما يرتكبونه من أخطاء.

النظام القانوني العاملين الدوليين

يخضع العاملون الدوليون فيما يتعلق بنظامهم القانوني للمبادئ العامة في قانون المنظمات الدولية ، ولأحكام العقود التي يبرمونها مع المنظمة الدولية ، ولما قد يوجد في المعاهدة المنشئة لها من نصوص تعالج وضعهم ، ولما قد يصدر عن أجهزة المنظمة المختصة من قرارات تتعلق بوضع العاملين بهال وتسيطر على وضعهم القانوني ثلاثة مبادئ أساسية

أ- الاستقلال عن دولة الجنسية. فلا يجوز للعامل الدولي تلقي أية تعليمات أو توجيهات من حكومة الدولة التي ينتمي إليها بجنسيته أو مراعاة مصالحها السياسية أو الاقتصادية أو الأدبية بأي وجوه من الوجوه ، وإنما يلتزم بأداء مهمته في استقلال كامل عن دولة الجنسية. ولا يعني هذا الالتزام انقطاع الصلة بين العامل الدولي وبين دولة جنسيته فالصلة موجودة وقائمة حتى خلال الفترة التي يكرس فيها العامل نشاطه لخدمة المنظمة ولكن تقوم الصلة في الحدود غير المخلة بولاء للعامل للمنظمة.

ب-الحياد بين الدول أعضاء المنظمة فلا يجوز للعامل الدولي تفضيل إحداها على الأخرى أو التمييز بينها في المعاملة.

جـ- الولاء للمنظمة وفقاً لما يصدر له من تعليمات من أجهزتها المختصة أو من رؤسائه من العاملين الآخرين ، ويلتزم كذلك بتغليب مصلحتها على المصالح الفردية لسائر الدول بما في ذلك دولة جنسية ذاتها.
المقصود بالموظف الدولي :

وقد درج الفقه على تسمية هذه الطائفة بالموظفين الدوليين تمييزا لهم عن العاملين بالمنظمة عرضاً أو لمهمة بعينها ممن لا يخضعون بالنظر لطبيعة أعمالهم المتنوعة والمؤقتة المتعذر وقتها وتنظيمها سلفاً لهذا النظام القانوني الخاص. ومن ثم يمكننا تعريف الموظف الدولي بأنه كل من يعمل في خدمة إحدى المنظمات الدولية لأداء وظيفة دائمة ، خاضعاً في كل ما يتعلق بعلاقته بها للنظام القانوني المفضل الذي تضعه المنظمة لتنظيم مركزه ومركز زملائه ، لا لقانون وطني معين وواضح من هذا التعريف ، أنه لا بد لاعتبار العامل في خدمة إحدى المنظمات الدولية موظفاُ دولياً بالمعنى الصحيح من أن يتوافر في شانه أمران الأول زمني ينحصر في كون الوظيفة التي يشغلها الموظف الدولي وظيفة دائمة ومستمرة ، الثاني في علاقته بالمنظمة للنظام القانوني الذي تضعه هي لتنظيم هذه العلاقة والعلاقات المماثلة لها ، لا للنظام القانوني لدولة معينة.

ب- النظام القانوني للموظفين الدوليين

ويمكن القول بأن اختيار المنظمة الدولية لموظفيها يحكمه في العادة اعتباران أساسيان هما من ناحية محاولة الحصول على أحسن الكفايات المتاحة ومن ناحية أخرى محاولة إيجاد نوع من التوازن بين مواطني الدول المختلفة الأعضاء فيها. هذا وقد تلجأ المنظمة الدولية إلى الدول الأعضاء فيها طالبة إليها ترشيح من تأنس فيه الصلاحية للعمل بها من مواطنيها ولا يمس هذا الترشيح من حيث المبدأ حرية المنظمة في تعيين من يشاء واعتباره معيناً من قبل المنظمة خاضعاُ لها وحدها ، ولو تم تعيينه بناء على ترشيح من دولته. ومن الملاحظ أن الدول الأعضاء قد تلجأ إلى استخدام نفوذها للضغط على الأمين العام للمنظمة لتعيين من ترشحهم من رعاياها ، ولاستبعاد من لا ترضى عنهم من هؤلاء الرعايا بسبب معتقداتهم السياسية أو الدينية المتعارضة ومعتقدات حكومة الدولة التابعين لها بجنسيتهم. ففصل الموظف أمر غير مشروع قطعاً ما لم تؤثر هذه المعتقدات في أسلوب قيام الموظف الدولي بواجبات وظيفته على نحو يتعارض مع واجب الولاء للمنظمة وحدها والالتزام بالحياد في العلاقة مع الدول الأعضاء فيها.
الموارد المالية للمنظمات الدولية ونفقاتها (هام)

موارد المنظمة

المورد الأساسي للمنظمات الدولية هو ما يدفعه أعضائها من اشتراكات مالية يسهمون من خلال التزامهم بدفعها في تحقيق الغاية التي من أجلها ارتضوا الارتباط بالاتفاق المنشئ للمنظمة. ويثور البحث حول اختيار أعدل المعايير لتوزيع الأعباء المالية بين الدول الأعضاء. ولعل أقرب المعايير إلى العدالة هو معيار المقدرة على الدفع. وهو معيار مركب يقوم على المقارنة بين الدخول القومية المختلفة للدول الأعضاء مع مراعاة متوسط دخل الفرد وحصيلة الدولة من العملات الصعبة وما قد تتعرض له بعض الدول من أزمات اقتصادية وفي رأينا أن هذا المعيار أقرب إلى العدالة بكثير من المعيار المزدوج الذي كانت تأخذ به عصبة الأمم والقائم على المقارنة بين إيرادات الميزانية للدول الأعضاء في عام 1913م ومجموع عدد سكانها في عام 1919م.
ويحدد الاتفاق المنشئ للمنظمة الدولية العقوبات الجائز الالتجاء إليها لمواجهة تخلف الدول الأعضاء عن الوفاء بالتزاماتها المالية ومن قبيل ذلك ما نصت عليه المادة 19 من ميثاق الأمم المتحدة من أنه ” لا يكون لعضو الأمم المتحدة الذي يتأخر عن تسديد اشتراكاته المالية في الهيئة حق التصويت في الجمعية العامة ، إذا كان المتأخر عليه مساوياً لقيمة الاشتراكات المستحقة في السنتين الكاملتين السابقتين أو زائداً عنهما.
ومن الجدير بالذكر أن للمنظمات تحرص على وضع حد أعلى لا يجوز لمساهمة أي من الدول الأعضاء في نفقات المنظمة تجاوزه وذلك حتى لا تكتسب مثل هذه الدولة نفوذاً استثنائياً على جهاز المنظمة نتيجة اعتماد المنظمة المالي على ما تدفعه من اشتراك.
وإذا كانت اشتراكات الدول الأعضاء هي المورد الأساسي للمنظمة في الوضع العادي للأمور فليست بالضرورة المورد الوحيد. هذا ومن أحدث وأطرف الموارد التي قد تلجأ إليها المنظمة الدولية لتمويل نفقاتها ، ما قد تستتبعه الطبيعة الخاصة لبعض المنظمات من منحها حق فرض الضرائب أو ما يشبه الضرائب على مواطني الدول الأعضاء في حدود معينة وهو ما نصت عليه الاتفاقيات المنشئة للجماعات الأوروبية التي تطورت تدريجياً لتصبح الآن ما يعرف باسم الاتحاد الأوروبي.

نفقات المنظمة

يقصد بنفقات المنظمة الدولية كافة المبالغ النقدية المرتبط انفاقتها بممارسة المنظمة لنشاطها. هذا وقد ذهبت بعض الدول بمناسبة رفضها الإسهام في تمويل قوات الطوارئ الدولية والتي أنشأتها الأمم المتحدة لمواجهة أزمة الشرق الأوسط عام 1956م ثم أزمة الكونغو عام 1960م إلى وجوب التمييز بين النفقات العالية أو الإدارية وهي النفقات التي لا مفر من قيام المنظمة بها لمواجهة نشاطها اليومي المعتاد كمرتبات الموظفين وثمن الأدوات المكتبية أو نفقات المهمات والعمليات مثلاًُ بالتدخل المسلح في منطقة معينة من العالم إقراراً للأمن والسلام. ورتبت هذه الدول على هذه التفرقة بين النفقات العادية والنفقات الاستثنائية ، القول بعدم التزامها قانوناً بالإسهام في مواجهة للنوع الثاني من النفقات.
وليس لهذه التفرقة أية قيمة قانونية خاصة ما لم تستند إلى نص صريح في الاتفاق المنشئ للمنظمة أو في اللوائح المنظمة لنشاطها المالي
.
المقصود بالقانون الداخلي للمنظمة الدولية

ينصرف اصطلاح القانون الداخلي للمنظمة الدولية إلى مجموعة القواعد القانونية المتمتعة بوصف السريان الفعلي داخل الإطار القانوني لمنظمة دولية بعينها والمرتبطة بهذه المنظمة كنظام قانوني متميز. ولا يشمل هذا الاصطلاح ما قد يطبق داخل إطار المنظمة من قواعد القانون الدولي العام. ولا يرجع تمتعها بوصف السريان الفعلي داخل إطار منظمة بعينها إلى ارتباطها العضوي بهذا النظام ، وإنما إلى وحدة كافة القوانين مع تميز القانون الدولي العام بالعلو على كافة القوانين الأخرى الأمر الذي يمنحه خاصية السريان الفعلي في كافة المجتمعات البشرية متفرقاً في سريانه هذا على كافة القوانين الداخلية للدول والمنظمات.

مصادر القانون الداخلي للمنظمة الدولية

من المسلم به أن المصدر الرئيسي والأساسي للقانون الداخلي للمنظمة الدولية هو المعاهدة المنشئة لهذه المنظمة ومن ثم يجب الرجوع إليها لتحديد نطاق اختصاص المنظمة وكيفية توزيع هذا الاختصاص بين أجهزتها المختلفة والعلاقة بين هذه الأجهزة. ليست المعاهدة المنشئة المصدر الوحيد ، إذا توجد إلى جوارها مصادر أخرى ثلاثة تتفاوت في أهميتها العملية بحسب طبيعة وظروف المنظمة موضوع البحث. فكما تنشأ القاعدة عن المعاهدة المنشئة للمنظمة ، فقد تجدها مصدرها في العرف أو المبادئ العامة للقانون أو ما قد تصدره أجهزة المنظمة نفسها من قرارات كل في حدود اختصاصه.
ويقصد بالعرف في هذا المجال عرف المنظمة الدولية نفسها أي القواعد غير المكتوبة التي يطرد العمل بها داخل إطار المنظمة على وجه الإلزام. ومن أهم الأمثلة للقواعد القانونية التي يستند وجودها إلى هذا المصدر ، ما استقر عليه عرف مجلس الأمن بصدد امتناع أحد الأعضاء الدائمين فيه عن التصويت فبالرغم من أن المادة 27/3 من ميثاق الأمم المتحدة كانت تشترط لصدور قراراته في المسائل غير الإجرائية موافقة “أصوات سبعة من أعضائه يكون من بينها أصوات الأعضاء الدائمين متفقة” إلا أن المجلس استقر منذ إنشائه على التفرقة بين اعتراض العضو الدائم صراحة وبين مجرد امتناعه عن التصويت ، ولم ير في مجرد الامتناع ما يحول دون صدور القرار إذا ما وافق عليه سبعة من الأعضاء من المتصور ألا يكون بينهم غير عضو واحد دائم في حالة ما إذا امتنع أربعة من الأعضاء الدائمين عن التصويت على قرار يوافق عليه بقية أعضاء المجلس.
ويقصد بالمبادئ العامة للقانون مبادئ القانون الداخلي المتفق عليها في القوانين الداخلية لكافة الدول أعضاء المنظمة وتبدو أهمية هذا المصدر بصدد الشئون الداخلية للمنظمة وبصفة خاصة فيما يتعلق بعلاقة المنظمة بموظفيها إذا كثيراً ما تطبق المبادئ العامة المتفق عليها في القوانين الإدارية الداخلية للدول الأعضاء في حالة سكوت للوائح الداخلية للمنظمة.

جماعات الضغط الدولية

إذا كان من المسلم به أن الدول والمنظمات الدولية هي وحدها القوى الدولية المتمتعة بالشخصية القانونية الدولية ، فثمة قوى أخرى لا تتمتع بهذه الشخصية ولكن لها مع ذلك دوراً في مجال العلاقات الدولية.
جماعات الضغط الدولية ذات الطابع السياسي أو الحزبي

يقترن ظهور مثل هذه الجماعات الضاغطة السياسية أو الحزبية ذات الطابع الدولي ضرورة بازدهار مذاهب سياسية تتعارض في طبيعتها والانزواء داخل الحدود الإقليمية لدولة بعينها لارتباطها بأهداف عالمية أو قومية يقتضي تحقيق العمل السياسي للنظم على مستوى دول العالم بأسرها أو البعض منها. وقد شهدت المنطقة العربية في فترة ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية مولد حركتين حزبيتين تمتد أهدافها إلى المنطقة العربية بأسرها لا إلى دولة عربية بعينها فحسب هما حزب البعث العربي الاشتراكي ، حركة الإخوان المسلمون التي أسسها حسن البنا في مدينة الإسماعيلية في عام 1926م. ومن المعروف أن لكل هاتين الحركتين تنظيماتها على المستويين القومي والقطري على حد سواء.

جماعات الضغط الدولية ذات الطابع المالي أو الاقتصادي

من المسلم به أن ثمة مشروعات مالية أو اقتصادية يتجاوز نشاطها حدود الدولة الواحدة ، وان هذه المشروعات كثيراًَ ما تتمتع بإمكانيات اقتصادية ومالية تجاوز إمكانيات الكثير من الدول الأمر الذي يتيح لها الكثير من الأحيان ممارسة ضغط حقيقي على البعض من دول العالم في سبيل حماية مصالحها الخاصة أو تحقيق المزيد من الربح.
هذا وكثيراً ما تمارس إحدى هذه القوى الاقتصادية نوعاً من الاحتكار القانوني أو الفعلي لاستخراج أو إنتاج ثم تسويق المحصول الرئيسي لواحدة أو أكثر من الدول المتخلفة ، الأمر الذي يحصل بها عملاً في النهاية إلى السيطرة شبه الكاملة على مقدرات هذه الدولة. ومن أشهر الأمثلة التاريخية لهذا النوع من العلاقات ليبريا بالشركة الأمريكية المستغلة لحقول المطاط وهو مصدر ثروتها الأساسي.

جماعات الضغط الدولية ذات الطبيعة النقابية

وقد تم تأسيس أول حركة نقابية عالمية في عام 1913م وهي الاتحاد النقابي الدولي ، ثم تلى ذلك تأسيس حركتين أخريتين إحداهما ذات اتجاه شيوعي صرف والأخرى ذات اتجاه مسيحي. هذا وإذا كان الاتحاد العالمي للنقابات المسيحية قد استمر كما هو بعد الحرب العالمية الثانية ، فقد شهدت الفترة التالية مباشرة لانتهاء هذه الحرب محاولات جادة لتوحيد الحركات النقابية الأخرى في جماعة دولية واحدة. وقد أدت هذه المحاولات بالفعل إلى إنشاء الاتحاد النقابي العالمي في عام 1945م ولكن الخلاف دب بين العناصر الشيوعية والعناصر الغير شيوعية داخل هذا الاتحاد أدت إلى انفصال العناصر غير الشيوعية عنه في عام 1947م وتأسيسها في عام 1949م لحركة نقابية دولية مستقلة تعرف باسم الاتحاد الدولي للنقابات الحرة.
جماعات الضغط الدولية ذات الطبيعة الدينية

من المعروف أن للبعض من الأديان أهدافها تتجاوز حدود الدولة الواحدة ، ومن ثم فقد كان من المنطقي أن تقوم بدور دولي. وفي طليعة المؤسسات الدينية ذات النشاط الدولي تأتي الكنيسة الكاثوليكية العالمية ومقرها مدينة روما. ولا يفوتنا أن نشير كذلك إلى أن اليهودية العالمية دوراً بالغ الأهمية في مجال العلاقات الدولية ومن المعروف أن الحركة الصهيونية العالمية قد نجحت في إقامة دولة إسرائيل عام 1948م وفي دعم هذه الدولة من إنشائها.
جماعات الضغط الدولية ذات الطابع الإنساني
وحسبنا أن نشير إلى أن في طليعتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر وجمعية السلام الأخضر ولا يفوتنا أن نشير إلى أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر في حقيقتها جمعية خاصة سويسرية الجنسية لا تضم في عضويتها سوى الأشخاص المتمتعين بالجنسية السويسرية.
أهداف منظمة الأمم المتحدة

يمكن حصرها في :

أولاً : حفظ السلم والأمن الدوليين : يعتبر هذا الهدف دون شك أهم أهداف الأمم المتحدة. فقد رأينا أن عصبة الأمم قد نشأت لحفظ السلم والأمن الدوليين ثم من بعدها نشأت الأمم المتحدة لتكملة المسيرة في هذا المجال. ويلاحظ أن الميثاق على حق في ربطه بين السلم والأمن الدوليين ، فلا بد من تحقيقهما معاً ، فلا يجوز إدراك أحدهما دون الآخر. أضف إلى ذلك فأنه يجب أن يمتنع أعضاء المنظمة جميعاً في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على وجه آخر لا يتفق ومقاصدها. وتطبق هذه الوسائل قبل وقوع الإخلال بالسلم والأمن الدوليين وهو ما يطلق عليه الجانب الوقائي لحفظ السلم والأمن الدوليين. أما إذا وقع هذا الإخلال بالفعل فأنه يجب على منظمة الأمم المتحدة أن تتخذ كافة التدابير لقمع أعمال العدوان وغيرها من وجوه الإخلال بالسلم.

ثانياً : تنمية العلاقات الودية بين الدول : يقصد بهذا الهدف إزالة الأسباب التي قد تؤدي إلى المنازعات بين الدول مما تؤثر بدورها على السلم والأمن الدوليين. وقد نصت الفقرة الثانية من المادة الأولى على مبدأين جوهريين يساعدان دون شك على تنمية العلاقات الودية بين الدول وهما مبدأ المساواة في الحقوق بين الشعوب وحق الشعوب في تقرير مصيرها.

ثالثاً: تحقيق التعاون الدولي: وهو من الأهداف الجوهرية لمنظمة الأمم المتحدة وعليه فأن الأمم المتحدة يجب عليها أولاً أن تتخذ التدابير الفعالة التي تدعم التعاون في المجال الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والإنساني. ويجب على الأمم المتحدة ثانياً أن تعمل على تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعاً والتشجيع على ذلك إطلاقاً بلا تميز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين ولا تفريق بين الرجال والنساء. أضف إلى ذلك أن ومن وظائف مجلس الوصاية إشاعة احترام حقوق الإنسان والحريات الإنسانية ومراعاتها.كذلك من أهداف نظام الوصاية التشجيع على احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع بلا تميز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين ولا تفريق بين الرجال والنساء.

رابعاً: الإدارة والتوجيه للعلاقات الدولية: نصت الفقرة الرابعة من المادة الأولى من الميثاق على جعل الأمم المتحدة مرجعاً أو أداة لتنسيق أعمال الدول وتنظيم العلاقات فيما بينها. والحق يقال أن منح الأمم المتحدة هذا الدور يعمل دون شك على توجيه العلاقات الدولية نحو المركزية. ولكن ينبغي أن يلاحظ أن هذا يتوقف بطبيعة الحال على سلوك الدول. فإذا تعاونت هذه الأخيرة مع الأمم ، فلا شك أن هذا يؤثر بالإيجاب على هذا الهدف ، ويتأثر السلب إذا اختلفت الدول وهذا هو المألوف في علاقاتها الدولية.
شروط الانضمام لعضوية الأمم المتحدة

أولا : الشروط الموضوعية:-

تتمثل هذه الشروط في أنه يلزم في طالب العضوية أن يكون
– دولة محبة السلام.
– وأن يكون قادراً على تنفيذ الالتزامات التي ينص عليها الميثاق وأن يكون راغباً في ذلك.
أولاً : وعلى ذلك يشترط في عضو الأمم المتحدة أن يكون دولة مكتملة الأركان من شعب وإقليم وسيادة وعليه فالكيانات التي لا تتوافر لها كل أو بعض هذه الأركان لا تعتبر دولاً ولا تستطيع إذن الحصول على عضوية الأمم المتحدة. ولكن استقر العمل في هذه المنظمة على تفسير مصطلح الدولة تفسيراً واسعاً مراعاة لبعض الاعتبارات الأساسية ، وعليه فقد قبلت في عضويتها الأصلية مثل الهند التي لم تكن قد استقلت عن المملكة المتحدة والفلبين التي لم تكن كذلك مستقلة عن الولايات المتحدة الأمريكية.
ومن الجدير بالذكر أن شكل حكومة الدولة المتقدمة للحصول على هذه العضوية لا يعتبر شرطاً من شروط العضوية. إضافة إلى أن طالب العضوية يجب أن يكون دولة في مفهوم القانون الدولي كما سبق البيان ، فأن هذه الدولة يجب أن تكون دولة محبة للسلام. وغني عن البيان أن هذا الشرط ليس له أي مدلول قانوني وأن كان قد أدرج في نص المادة الرابعة الاعتبارات الأساسية. هذه الاعتبارات هي التي جعلت اللجنة الفنية في مؤتمر سان فرانسيسكو أن تدخل في أعمالها تصريحاً يقضي بأن لا يقبل في عضوية الأمم المتحدة الدول التي قامت حكوماتها على مساعدات عسكرية مقدمة من دول أثارت الحرب ضد الأمم المتحدة طالما أن هذا النظام ما زال قائماً فيها ، وكان يقصد بهذا التصريح أسبانيا تحت حكم فرانكو.
ويثير هذا الشرط ضرورة التساؤل عن وضع إسرائيل في الأمم المتحدة هل توافر في شأنها أنها دولة محبة للسلام؟ للإجابة على هذا السؤال ينبغي أن نعرض لمواقف الدول المختلفة عندما تقدمت إسرائيل بطلب الانضمام إلى الأمم المتحدة. فقد تشككت بعض الدول وعلى رأسها الدول العربية في أن إسرائيل لم تكتسب بعد صفة الدولة ، باعتبار أن حدودها محل نزاع ، وعليه يجب على الأمم المتحدة أن ترفض طلب العضوية لإسرائيل ، في حين أن فئة أخرى من الدول ادعت أن قرار الجمعية العامة الصادر سنة 1947م قد قام بتحديد حدود إسرائيل ، ورغم اختلاف مواقف هذه الدول إلا أن الأمم المتحدة قد انتهت إلى قبول إسرائيل عضواً فيها.
ومن الجدير بالذكر أنه عندما عرض طلب عضوية إسرائيل على مجلس الأمن ، وافق عليه بأغلبية تسعة أصوات ضد واحد هي مصر وامتنعت بريطانيا عن التصويت ، وانتهى المجلس إلى إصدار توصية للجمعية العامة بمنح إسرائيل العضوية في الأمم المتحدة ، وفي 11 مايو 1949م وافقت الجمعية العامة على توصية مجلس الأمن وتم قبول إسرائيل في عضوية الأمم المتحدة.
إضافة إلى أن طالب العضوية يجب أن يأخذ على نفسه بالالتزامات التي نص عليها ميثاق الأمم المتحدة ، وأن تكون قادرة على تنفيذ هذه الالتزامات وأن تكون راغبة في ذلك. والواقع أن هذا الشرط كان يثير مشكلة قبول كل من الدول المحايدة والدول بالغة الصغر في عضوية الأمم المتحدة فالنسبة للدولة المحايدة كسويسرا فأن قبولها في عضوية الأمم المتحدة يثير مشكلة التوفيق بين التزاماتها بموجب الميثاق خاصة ما يتعلق بحفظ السلم والأمن الدوليين ، وبين الالتزامات الناتجة عن وجودها في حالة حياد دائم والتي تلزمها بعدم الاشتراك في أي نزاع دولي قائم بين غيرها من الدول. ومن هنا فالدولة المحايدة يجب أن تلتزم بهذه الأحكام إذا رغبت في الانضمام للأمم المتحدة.
وبالنسبة للدول بالغة الصغر يثور التساؤل حول مدى انطباق شرط العضوية الذي نحن بصدده وهو القدرة على تنفيذ أحكام الميثاق. فمن المسلم به أن هذه الدول ليس لديها الإمكانيات اللازمة لمشاركة الأمم المتحدة في تنفيذ أهدافها، ومن ثم فأن انضمامها إلى الأمم المتحدة يترتب عليه أنا ستتمتع بامتيازات العضوية دون أن تتحمل بكل الالتزامات التي تفرض على بقية الأعضاء في المنظمة.
ولهذا السبب كانت الولايات المتحدة على رأس المعارضين لفكرة منح العضوية لهذه الدول ، علاوة على أن الأغلبية في الجمعية العامة للأمم المتحدة ستكون في غير صالح الولايات المتحدة وغيرها من الدول الكبرى. ولها اضطر مجلس الأمن أن يتصدى لهذه المسألة وذلك بإنشاء لجنة دراسة وفحص مسألة عضوية الدول بالغة الصغر في الأمم المتحدة ، ولكن هذه اللجنة لم تصل إلى حل عملي في هذا الشأن وانتهى الأمر إلى أن الأمم المتحدة قد قبلت في عضويتها منذ التسعينيات عدداً كبيراً من الدول بالغة الصغر

ثانيا : الشروط الشكلية :-

يشترط من الناحية الإجرائية لقبول أي دولة في عضوية الأمم المتحدة صدور قرار من الجمعية العامة بناء على توصية من مجلس الأمن ، وذلك كما نصت الفقرة الثانية من المادة الرابعة من ميثاق الأمم المتحدة. وتبدأ إجراءات القبول في العضوية بتقديم الدولة المعنية طلب بذلك إلى الأمين العام الذي يحوله فوراً إلى مجلس الأمن فيحول رئيس المجلس بدوره هذا الطلب إلى لجنة قبول الدول الأعضاء الجدد تفحصه ودراسته وتقديم تقرير بشأنه ، ويستطيع المجلس أن يستبقي طلب العضوية لدراسته بنفسه باعتباره صاحب السلطة الأصلية في هذا الشأن.
وبعد الإطلاع على تقرير اللجنة يقرر مجلس الأمن ما إذا كانت الدولة طالبة العضوية يتحقق في شأنها شروط العضوية كما ذكرتها المادة الرابعة من الميثاق. وبعد هذا يقرر المجلس ما إذا كان من المناسب أن يصدر توصية إيجابية للجمعية العامة بقبول الدولة مقدمة الطلب في عضوية الأمم المتحدة.
ومن الجدير بالذكر أن مسألة قبول الدول الأعضاء يعد من قبيل المسائل الموضوعية التي يشترط لصدور قرار بشأنها من مجلس الأمن أن توافق عليه تسعة من أعضائه بما فيهم الدول الخمس دائمة العضوية مجتمعة أو على الأقل عدم اعتراضهم الصريح ، وعليه تستطيع إحدى هذه الدول أن تحول دون صدور توصية من مجلس الأمن بشان عضوية إحدى الدول استخدمت حقها في الاعتراض (الفيتو) وهذا ما حدث بالفعل أثناء الحرب الباردة خاصة في الفترة ما بين 1946-1955م فقد استخدم المعسكر الغربي حقه في الاعتراض على قبول أية دولة تعتنق الشيوعية مثل ألبانيا ومنغوليا وبالمثل فقد مارس الاتحاد السوفيتي حقه في الاعتراض على قبول بعض الدول طالبة الانضمام ذات الميول الغربية مثل إيرلندا والأردن والبرتغال.
وبالرغم من أن كل معسكر كان يبرر رفضه بأسباب قانونية إلا أنه في الواقع كانت الاعتبارات السياسية.
ولذلك فأن الجمعية العامة للأمم المتحدة قد طلبت في هذا الشأن الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية ، وكان سؤال الجمعية العامة للمحكمة هو هل يجوز قانوناً لأحد أعضاء الأمم المتحدة أن يعلق موافقته على قبول عضو جديد في الأمم المتحدة على شروط أخرى لم ينص عليها صراحة في الفقرة الأولى من المادة الرابعة ، كتعليق موافقته على قبول دولة أخرى في عضوية الأمم المتحدة؟ وأجابت المحكمة على هذا السؤال بقولها أن شروط العضوية المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة الرابعة من ميثاق الأمم المتحدة قد وردت على سبيل الحصر ، ومن ثم لا يجوز تعليق قبول الدول طالبة الانضمام على شروط أخرى غير منصوص عليها في النص المذكور.
وبالرغم من أن هذا الرأي الاستشاري الذي لم تقتنع به الدول الكبرى ، فأن مجلس الأمن قد فشل في التوصل إلى حل لمواجهة التعسف في استعمال حق الاعتراض من جانب هذه الدول خاصة الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية بخصوص مسألة قبول الأعضاء الجدد. ولذا فأن الجمعية العامة قد طلبت مرة أخرى رأياً استشارياً من محكمة العدل الدولية لبحث ما إذا كانت الجمعية العامة تستطيع أن تنفرد وحدها بإصدار قرار بالأغلبية بقبول الدولة طالبة العضوية؟ وأجابت المحكمة على ذلك بقولها أن موافقة مجلس الأمن تعد شرطاً ضرورياً لصدور قرار الجمعية العامة بالانضمام ، والقول بأن الجمعية العامة لها أن تقرر بمفردها قبول دولة عضو في المنظمة رغم عدم صدور توصية بذلك من مجلس الأمن مؤداه حرمان المجلس من سلطة هامة يعهد إليها الميثاق وإلغاء دوره في ممارسة وظيفة رئيسية من وظائف المنظمة. وعليه لا يجوز للجمعية العامة أن تنفرد وحدها بقرار منها بقبول الدولة طالبة الانضمام إلى أن الأمم المتحدة بل لا بد أن يسبق هذا القرار صدور توصية من مجلس الأمن بهذا الشأن ، فهذه التوصية تعتبر شرطاً إجرائياً أولياً لا بد من استيفائه أولاً قبل عرض مسألة العضوية على الجمعية العامة لإصدار قرار بِشأنها ورغم أهمية هذه التوصية كما نرى فأن الجمعية العامة لها سلطة تقديرية في الأخذ أو عدم الأخذ بها ، فأن رفضت الامتثال لها ، تستطيع رفض طلب العضوية.
وبالرغم من صدور هذين الرأيين الاستشاريين من محكمة العدل الدولية ، إلا أن مشكلة قبول الدول المنتمية إلى كل من المعسكرين الغربي والشرقي في عضوية الأمم المتحدة تم حلها بشكل سياسي بعد التوصل إلى حل توفيقي لإرضاء كل من المعسكرين ، وعلى أثر ذلك الحل تم قبول عدد كبير من الدول الجديدة المنتمية لهذين المعسكرين.
عوارض العضوية في الأمم المتحدة

العضوية تستمر ما لم يعترض استمرارها عارض معين يؤدي إلى إيقافها أو إنهائها. وإيقاف العضوية قد يكون جزئياُ وقد يكون كلياً ، أما انتهاء العضوية قد يرجع إلى جزاء توقعه الأمم المتحدة على الدولة العضو بالفصل منها ، وقد يعود إلى إرادة الدولة وذلك بالانسحاب منها

أولا : الحرمان من حق التصويت في الجمعية العامة

يتضح من نص المادة 19 من ميثاق الأمم المتحدة أن الدولة العضو التي تتخلف عن سداد اشتراكاتها لمدة سنتين متتاليتين أو زائداً عنهما تحرم بقوة القانون من حق التصويت في الجمعية العامة دون باقي أجهزة منظمة الأمم المتحدة ودون باقي حقوق العضوية ويشترط أن يكون التأخر في السداد راجع إلى إرادة الدولة العضو ، لأنه إذا كان هذا التأخير راجع إلى أسباب قهرية لا قبل لهذه الدولة بها ، فان الجمعية العامة تستطيع أن توقف العمل بهذا الجزاء وتسمح لها بممارسة حق التصويت. وغني عن البيان أن المقصود بعبارة الاشتراكات المالية التي ذكرها النص السابق هي كافة النفقات العادية والاستثنائية كنفقات قوات الطوارئ الدولية.

ثانيا : إيقاف العضوية :-

يتضح من نص المادة الخامسة أنه في حالة الدولة العضو التي تخل بالسلم والأمن الدوليين ويتخذ مجلس الأمن حيالها تدابير عقابية طبقاً للفصل السابع من الميثاق ، يجوز للجمعية العامة بقرار منها بأغلبية الثلثين أن توقف الدولة عن ممارسة حقوق العضوية والتمتع بمزاياها ، وذلك بعد صدور توصية من مجلس الأمن بأغلبية تسعة من أعضائه بشرط أن يكون من بينهم الدول الخمس الدائمة في مجلس الأمن أو على الأقل عدم اعتراضهم صراحة. وتبعاً من المستحيل تطبيق هذا الجزاء على أي دولة من الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن ، وذلك بسبب امتلاكه لحق الاعتراض أو الفيتو.
وإذا كان تطبيق جزاء الوقف على هذا النحو يتطلب هذا الإجراء المركب عبارة عن توصية من مجلس الأمن وقرار من الجمعية العامة ، فأن رفع هذا الجزاء منوط بمجلس الأمن وحده. ومن الجدير بالذكر أن مجلس الأمن يتمتع في هذا الشأن بسلطة تقديرية ، بمعنى أنه غير ملزم برفع هذا الجزاء وإعادة حقوق العضوية فور انتهاء أعمال القمع المتخذة حيال العضو المخالف.

ثالثا : الفصل من الأمم المتحدة :-

تنص المادة السادسة من الميثاق على أنه إذا أمعن عضو من أعضاء الأمم المتحدة في انتهاك مبادئ الميثاق جاز للجمعية العامة أن تفصله من الهيئة بناءاً على توصية مجلس الأمن. نلاحظ من هذا النص أن المخالفة التي ترتكبها الدولة العضو لا بد أن تكون على قدر كبير من الجسامة بحيث تتناسب مع جزاء الفصل أو الطرد من الأمم المتحدة.
ويصدر قرار الفصل من الجمعية العامة بأغلبية الثلثين باعتبارها مسألة هامة ، وذلك يعد صدور توصية من مجلس الأمن بأغلبية تسعة من أعضائه بشرط أن يكون من بينهم الدول الخمس الدائمة في مجلس الأمن أو على الأقل عدم اعتراض أحدها صراحة.

رابعاً : الانسحاب من الأمم المتحدة :-

يثور التساؤل بالنسبة للأمم المتحدة حول ما إذا كان لأعضائها أن ينسحبوا منها؟ غني عن البيان قبل معالجة هذه المسألة أن عهد عصبة الأمم في مادته 3/1 كان يبيح لأعضاء العصبة أن ينسحبوا ولذا سكت ميثاق الأمم المتحدة عن إيراد مثل هذا الحكم حتى لا يشجع الدول على الانسحاب ولكي لا تتأثر بالتالي عضوية الأمم المتحدة مما يضعف من هذه الأخيرة ويفقدها طابعها العالمي. وإزاء هذا الصمت ، لا بد من الرجوع إلى القواعد العامة في النظرية العامة للمنظمات الدولية لمعرفة مدى حق الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في الانسحاب.
فطبقاً لهذه القواعد فأن الانسحاب من المنظمة هو تصرف قانوني صادر عن الإرادة المنفردة للدولة العضو تستهدف من ورائه إنهاء صلتها بهذه المنظمة. فأن أي دولة عضو تستطيع أن تمارس حقها في الانسحاب سواء تضمن الميثاق المنشئ للمنظمة الدولية نصاً يجيز ممارسة هذا الحق أم التزم الصمت كميثاق الأمم المتحدة بشأن هذه المسألة. وتبعاُ يمكن لهذه الدولة أن تستمر في المنظمة أو تزهد في عضويتها وذلك بالانسحاب منها.
أضف إلى ذلك أن الأصل في الدولة أنها غير عضو في أي منظمة ، وأن رغبت في اكتساب عضوية أي منظمة فهذا يعتبر خلافاُ لهذا الأصل ، ومن ثم فإن قررت الانسحاب منها فيعد هذا رجوعاً إلى الأصل وعود بالدولة إلى طبيعتها الأصلية. ونود أن نؤكد مرة أخرى حق الدولة في الانسحاب في حالة صمت ميثاق المنظمة عن إيراد نص ينظم هذه المسألة. فالفقه الذي لا يجيز الانسحاب في هذه الحالة يبنى قوله على القواعد العامة في قانون المعاهدات على اعتبار أن ميثاق المنظمة معاهدة دولية ” والقاعدة العامة هي أنه لا يجوز للدولة أن تنهي المعاهدة بإرادة منفردة إلا إذا كان قصد الطرفين قد انصرف إلى ذلك أو وجد في المعاهدة نص ولذا على هذا الاتجاه الفقهي ملاحظتين
الأولى : أنه اعتبر ميثاق المنظمة معاهدة دولية رغم ما تثيره مسألة الطبيعة القانونية لهذا الميثاق من خلاف بين الفقهاء. والثانية أنه نسى أو تناسى أن القواعد العامة في المعاهدات تقضي أيضاً أن الدولة ذات السيادة لا تلتزم إلا في حدود ما قبلته صراحة ، وكل ما لم ينص عليه في المعاهدات يدخل ضمن النطاق التقديري للدولة.
الثالثة : مستقاة من القاعدة الأصولية الشهيرة أن الأصل في الأشياء الإباحة حتى يرد المنع أو الخطر. وانطلاقاً من هذه القاعدة فأنه طالما لم يرد نص في الميثاق ينظم مسألة الانسحاب ، تستطيع الدولة أن تمارس حقها في الانسحاب دون معقب عليها في ذلك.
الرابعة : مستوحاة من سكوت أو صمت الميثاق عن تنظيم حق الانسحاب. فالدول الأعضاء في منظمة دولية كانت لديهم الفرصة أن يضيفوا نصوصاً لتنظيم هذا الحق أما وإن سكتوا عن هذا فإن سكوتهم لا يدل إلا على انصراف نيتهم على ترك الحرية الكاملة للدولة العضو في أن تنسحب في الوقت والظروف التي تقدرها دون معقب عليها في هذا الشأن.
ولكن نود أن نلفت النظر إلى أنه بالرغم من أن الدولة العضو تستطيع أن تنسحب في أي وقت في هذه الحالة إلا أن مبدأ حسن النية يحد من إطلاق حريتها في هذا الشأن. فينبغي على هذه الدولة أن عزمت على الانسحاب أن تخطر الأمم المتحدة بذلك بمدة معقولة حتى تستطيع المنظمة أن تصفي حساباتها معها خاصة مدى وفائها بالتزاماتها المالية. فليس معنى أننا ندعم حق الدولة في الانسحاب أن يكون ذلك وسيلة لها في أن نتهرب من الوفاء بالتزاماتها تجاه المنظمة.
الخامسة: ففي عامي 1949-1950م أخطرت دول أوروبا الشرقية المدير العام لمنظمة الصحة العالمية بانسحابها من المنظمة ، ولكن هذا المدير العام لم يقبل هذا الانسحاب على أساس أن ميثاق المنظمة لم يتضمن نصاً يسمح بالانسحاب ، ولكن المنظمة اضطرت أن تسلم بهذا الانسحاب في نهاية الأمر.

آثار العضوية في الأمم المتحدة

1- آثار العضوية في مواجهة الدول الأعضاء (الالتزامات المترتبة على وصف العضوية)

يترتب على ثبوت وصف العضوية مجموعة من الالتزامات التي يجب على الدول الأعضاء أن تفي بها وإلا تكون مخالفة لمبادئ وأحكام الميثاق. ولا شك أن أول التزام يقع على عاتق الدولة العضو في الأمم المتحدة هو التزامها بالامتثال لمبادئ وأحكام الميثاق. ونعرض فيما يلي لأهم تلك الامتيازات

أ- الالتزام بمبدأ حسن النية : لا شك أن التزام الدول الأعضاء بتنفيذ الالتزامات المنصوص عليها في هذا الميثاق بحسن نية يعتبر أهم الالتزامات على الإطلاق ، حيث أنه يرسم الطريقة التي ينبغي على الدول الأعضاء أن يتبعوها في تنفيذ التزاماتهم هذا من جهة. ومن جهة أخرى ، فأن الالتزام بمبدأ حسن النية يعتبر من الالتزامات الرئيسية والجوهرية التي يقوم عليها بنيان النظام القانوني الدولي بأكمله.

ب- الالتزام بتسوية المنازعات الدولية بالطرق السلمية : وقد خصص الميثاق الفصل السادس منه لبيان الأحكام التي تضع هذا الالتزام موضع التنفيذ ، وذلك بالنص على الوسائل والطرق التي ينبغي على الدول الأعضاء أن يلتزموا بها للوصول إلى حل سلمي لمنازعاتهم.

جـ- الالتزام بالامتناع عن استخدام القوة أو التهديد باستخدامها في العلاقات الدولية : لا شك أن التزام يعد من أهم الالتزامات التي جاء بها ميثاق الأمم المتحدة فمن المسلم به إنشاء الأمم المتحدة ، كان في استخدام القوة في العلاقات الدولية هو القاعدة العامة وحظرها هو الاستثناء ، ولكن ميثاق الأمم المتحدة قلب هذه القاعدة ، فجعل الأصل العام هو حظر استخدام القوة أو التهديد باستخدام القوة أو التهديد باستخدامها في العلاقات الدولية ، وأورد على هذا الأصل العام ثلاثة استثناءات

أولها : منصوص عليه في المادة 51 من الميثاق الذي يتعلق بحق الدول في ممارسة الدفاع الشرعي عن نفسها ، فطبقاً لهذا النص فأنه ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينقص الحق الطبيعي للدول. فرادى أو جماعات في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء ” الأمم المتحدة ” وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي ، والتدابير التي اتخذها الأعضاء استعمالاً لحق الدفاع عن النفس تبلغ إلى المجلس فوراً ، ولا تؤثر تلك التدابير بأي حال فيما للمجلس من الحق في أن يتخذ في أي وقت ما يرى ضرورة لاتخاذه من الأعمال لحفظ السلام والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابهم.

ثانيها: اتخاذ التدابير من قبل مجلس الأمن ضد الدولة المعتدية على السلم والأمن الدوليين ، ومن الجدير بالذكر أن هذه التدابير قد تصل إلى حد استخدام القوة المسلحة في هذه الحالة إذا لم تستطع التدابير غير العسكرية ردع المعتدي.
ثالثها : مؤقت بطبيعته حيث نصت المادة 107 من الميثاق “بأنه لا يمنع أي عمل إزاء دولة كانت في أثناء الحرب العالمية الثانية….إذا كان هذا العمل قد اتخذ أو رخص به نتيجة لتلك الحرب من قبل الحكومات المسئولة عن القيام بهذا العمل”

د- الالتزام بتقديم المساعدة للأمم المتحدة وبتنفيذ قراراتها : يجب على الدول الأعضاء تقديم العون إلى هيئة الأمم المتحدة سواء قامت بالعمل بنفسها أو عهدت به إلى هيئة أو دولة أخرى ، ويعتبر هذا التزام إيجابي يقع على عاتق هذه الدول. وهناك التزام سلبي مقتضاه أن هذه الدول يجب أن تمتنع عن مساعدة أية دولة تتخذ الأمم المتحدة إزاءها عملاً من أعمال المنع. ويندرج تحت هذه الالتزامات تنفيذ قرارات مجلس الأمن. وهذا ما نصت عليه المادة 25 من الميثاق.

هـ – الالتزامات المالية : نصت المادة 17/2 على أنه يتحمل الأعضاء نفقات الهيئة حسب الأنصبة التي تقررها الجمعية العامة. كما نصت المادة 19 على أنه لا يكون لعضو الأمم الذي يتأخر عن تسديد اشتراكاته المالية في الهيئة حق التصويت في الجمعية إذا كان المتأخر عليه مساوياُ لقيمة الاشتراكات المستحقة عليه في السنتين الكاملتين السابقتين أو زائداً عنها وللجمعية العامة مع ذلك أن تسمح لهذا العضو بالتصويت إذا اقتنعت بأن عدم الدفع ناشئ عن أسباب لا قبل للعضو بها”.

2- آثار العضوية في مواجهة الدول غير الأعضاء ” التزامات الدول الأعضاء” .

من المسلم به أنه طبقاً للقواعد العامة في القانون الدولي أن المعاهدة لا تلزم غير أطرافها ، ولكن ميثاق الأمم المتحدة خرج على القاعدة ورتب التزامات على عاتق الدول غير الأطراف فيه . ومن الجدير بالذكر أن خروج الميثاق على قاعدة نسبية آثار المعاهدات في هذا الشأن له ما يبرره ، حيث أن هذا الميثاق نص على مجموعة من الأهداف من الصعب إن لم يكن من المستحيل تحقيقها إلا بتعاون جميع دول العالم ، الأعضاء منهم وغير الأعضاء في الأمم المتحدة ، وأهم هذه الأهداف هو هدف حفظ حقيقي للسلم والأمن الدوليين ، ولن تنجح الأمم المتحدة في تحقيق هذا الهدف إلا إذا التزمت الدول غير الأعضاء كالدول الأعضاء بالمبادئ التي نص عليها الميثاق.
ولهذا نصت المادة 2/6 م الميثاق على أنه ” تعمل الهيئة على أن تسير الدول غير الأعضاء فيها على هذه المبادئ بقدر ما تقتضيه ضرورة حفظ السلم والأمن الدوليين. وبما أن نصوص الميثاق تعتبر سواء بطريق مباشر أم غير مباشر ، وسائل وقواعد لحفظ السلم والأمن الدوليين الأمر الذي يجعلنا نقول أن الدول غير الأعضاء تلتزم في نظر الهيئة بأن تسير على النهج الذي رسمه الميثاق في كافة مواده لتحقيق حفظ السلم والأمن الدوليين.

3- آثار العضوية في مواجهة الأمم المتحدة

فالميثاق قد نص في مادته 2/1 من ناحية على ضرورة أن تقوم الأمم المتحدة على مبدأ المساواة في السيادة بين جميع أعضائها. وهذا يشكل دون شك التزام على عاتق الأمم المتحدة وقد نص من ناحية أخرى على أن تلتزم الأمم المتحدة بأن لا تدخل في الشئون الداخلية للدول الأعضاء.

أ- الالتزام الأمم المتحدة بتحقيق مبدأ المساواة في السيادة بين جميع أعضائها : ومبدأ المساواة يعني أن جميع الدول متساوية أمام القانون الدولي. حيث حرص ميثاق الأمم المتحدة على أن يرتب مبدأ المساواة في السيادة بعض النتائج منها المساواة في التمثيل ، وأن لكل دولة صوتاً واحداً في الجمعية العامة ، ولكن يلاحظ أن واضعي الميثاق حرصوا على أن لا تتعارض هذه النتائج مع المصالح الجوهرية للدول الخمس الكبرى ، وهذا ما يبرر وضعهم المتميز في مجلس الأمن. أن هذا الواقع يدفعنا إلى القول بان الإقرار لجماعة من الدول بوضع يميزها عن غيرها سمة من السمات الجوهرية في التنظيم الدولي. ولا جدال في ان المحكمة الدائمة للعدل الدولي كانت واقعية عندما اعترفت سنة 1923م للدول الكبرى بسلطة اتخاذ قرارات في بعض الأمور السياسية دون أن تلقى بالاً إلى تبرير ذلك على أساس قانوني مقنع لقد كانت هناك ردود فعل ضد الوضع الممتاز الذي تشغله الدول الكبرى ولكن رغم هذه الاحتجاجات قد أذعنت الدول الصغرى بمرور الوقت للوضع الممتاز الذي تتمتع به الدول الكبرى.

ب- الالتزام الأمم المتحدة بعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول الأعضاء: حيث أن الدول حريصة دائماً على المحافظة على سيادتها ، ولذا فأن هذه الدول تلجأ إلى الوسائل القانونية المناسبة التي تحقق لها هذه الغاية ، ومنها وضع القيود على اختصاص المنظمة ، حرصاً منها على عدم التدخل في شئونها الداخلية. وأخذت بهذا منظمة الأمم المتحدة حيث تلقي الفقرة السابعة من المادة الثانية على هذا الالتزام بأنه لا تدخل في الشئون التي تكون من صمي السلطان الداخلي لدولة ما ، وعلى ذلك فأن هذا القيد تستفيد منه أي دولة حتى ولو لم تكن من أعضاء الأمم المتحدة.



التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

إغتيال بومدين

تعليم_الجزائرتعليم_الجزائر

لقسم: هواري بومدين رحمه الله ظلت غامضة ومبهمة منذ وفاته إلى اليوم، وأن المواطن الجزائري لم تقنعه الاسباب المقدمة حتى الآن، خاصة في السنوات الأخيرة وبعد ظهور تناقضات في تصريحات بعض المقربين منه قبل وأيام وفاته، وبالتالي أصبح الكل يتساءل عن الحقيقة، لا من أجل رد قضاء الله وقدره، ولكن لمعرفة على الأقل ولو نسبيا المتسبب في وفاة الرئيس الزعيم والذي أظهرت الأيام أن وفاته كانت كارثة على الجزائر.

في هذا الكتاب حاول الكاتب خالد عمر بن ققه أن يشفي غليله وغليل كل الجزائريين ويبحر في أعماق اليم دون أن يعطي أدنى إعتبار لكل المخاطر، وهذا من أجل البحث عن (السكين) الذي طعن به الرئيس الزعيم بومدين، وهكذا فقد استطاع أن يجمع خيوط الاخطبوط بواسطة عمل استقصائي وشاق يشبه الى حد ما تحريات الضبطية القضائية، وقد نجح نجاحا كبيرا في ذلك وقدم عمله عن طريق كتابه هذا، تاركا الحكم النهائي للقارئ الكريم أولا وللتاريخ ثانيا .

http://www.politics-dz.com/threads/g…224/#post-2371


التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

الاقتراب النسقي


التحليل النسقي
الاقتراب النسقي : دافيد ايدسون :
يعود الفضل إلى عالم السياسة الأمريكي دافيد ايستون في تطوير اقتراب تحليل النظام وإدخاله إلى حقل العلوم السياسية و قد عمل ايستون على تطوير هذا الاقتراب عبر مراحل كانت بدايتها عام 1953 حينما نشر كتاب ” النظام السياسي” تم كتاب تحليل النظم السياسية في عام 1965.
نظر دافيد ايستون إلى الحياة السياسية على نسق سلوك موجود في بيئة يتفاعل معها أخذا و عطاء من خلال فتحتين : المداخل و المخرجات و أن هذا النسق بمثابة كائن حي يعيش في بيئة فيزيائية مادية و بيولوجية و اجتماعية و سيكولوجية و هو نسق مفتوح على البيئة التي تنتج أحداثا و تأثيرات يتطلب من أعضاء النسق الاستجابة لها .
لقد بني ايستون إطاره التحليلي على مجموعة من الفروض التي تعتمد على مجموعة من المفاهيم الجديدة التي ادخلها إلى حقل الدراسات السياسية و منها :
أ‌- النظام : و هو وحدة التحليل الأساسية و يعني ” مجموعة من العناصر المتفاعلة و المترابطة وظيفيا مع بعضها البعض بشكل منتظم بما يعنيه ذلك من أن التغير في احد العناصر المكونة للنظام يؤثر في بقية العناصر ” و أي نظام يمكن أن يشكل في ذاته نظاما كليا شاملا كما يمكن أن يكون نظاما فرعيا من نظام أخر كلي .
ب‌- البيئة : يعيش النظام السياسي في بيئة التي تمثل أو تشمل كل ما هو خارج النظام السياسي و لا يدخل في مكوناته و لكنه يؤثر فيه أو يتأثر به و تقسم البيئة إلى نطاق المجتمع إلى :
1- بيئة داخلية : و تشمل الأنساق الداخلية مثل الاقتصاد ، الثقافة ، البناء الاجتماعي ، … و تمثل مصدرا للضغوط و التأثيرات المتعددة التي تعمل على صياغة الشكل ، و هي كل شيء ماعدا المنظومة السياسية .
2- بيئة خارجية : و هي تشمل كل ما يقع خارج المجتمع الموجود فيه النسق السياسي و تتمثل في الأنساق الدولية السياسية و الاقتصادية ، الثقافية و تشكل النسق الدولي الكلي .
ت‌- الحدود : تصور ايستون أن للنظام السياسي حدودا تفصل بينه و بين بيئة و تختلف هذه الحدود من مجتمع إلى أخر و تتأثر بالقيم و الأوضاع الاجتماعية و الثقافية السائدة .
ث‌- المدخلات : و هو كل ما يتلقاه النظام السياسي من بيئته الداخلية و الخارجية و هي مجموع التغيرات التي تحدث في البيئة المحيطة بالنظام و التي تؤثر فيه و تعمل على تغييره و تبديله بأي صورة كانت و يقسمها إلى :
1- مطالب : التي تمثل حاجات الأفراد و المجتمع و تفضيلا تهم المتنوعة تقوم الأبنية و التنظيمات المختلفة بجمعها و تنظيمها و صياغة على شكل برامج أو مشاريع تطرح على النظام السياسي الذي ينبغي عليه الاستجابة لها من تلك الأبنية ، نجد الأحزاب السياسية ، جماعات الضغط ، الرأي العام …… .
2- التأييد :أن النسق السياسي وسيلة تجند خلالها و توجه موارد المجتمع و طاقاته نحو السعي إلى تخفيف أهداف معينة و منه تم ينبغي على هذا النظام تجميع دعم أعضاءه من اجل كسب القدرة على الفعل و الحركة و النشاط و لضمان استقرار القواعد القانونية و الهياكل التي يتم من خلالها تحويل مدخلات إلى مخرجات و المحافظة على الحد الأدنى من الانسجام بين أعضاء .
و قد يكون التأييد أما موجها للمجتمع السياسي ا والى النظام السياسي و يساند القواعد العامة للعبة السياسية أخرى للحكومة مع وجود تأثير متبادل بين هذا الأصناف بحيث إذا ارتفع احدهما انخفض الأخر .. و هناك تأييد صريح و تأييد ضمني (غير مباشر).
هـ – التحويل : هي مجموعة النشاطات و التفاعلات التي يقوم بها النظام و يحول عن طريقها مدخلاته المتمثلة في المطالب و المساندة و الموارد إلى مخرجاته و تتم هذه العملية داخل أبنية لنظام السياسي و تتولاها أجهزته المختلفة حيث تقوم بعملية التصفية و الترتيب و التقديم و التأخير للمطالب حسب الأهمية و الحساسية .
و- المخرجات : و تتمثل في مجموعة الأفعال و القرارات الملزمة و السياسات العامة و الدعاية التي يخرجها النظام السياسي فهي ردود أفعال النظام و استجاباته للمطالب الفعلية أو المتوقعة التي يرد إليه من بيئته و تمثل المخرجات النقطة الختامية في العمليات المعقدة التي تتحول عبرها المطالب و التأييد و الموارد إلى قرارات و أفعال .
و تتضمن المخرجات القرارات الملزمة و غير الملزمة و التصريحات الأفعال الاقتصادية و الاجتماعية و القوانين و المراسيم …..الخ .
ز- التغذية الإسترجاعية : و يقصد بها مجموعة ردود الأفعال البيئة على مخرجات النظام السياسي و ذلك في شكل طلبات تأييد و موارد جديدة توجهها البيئة إلى نظام السياسي عبر فتحة المدخلات .
الفروض التي بني ايستون إطاره التحليلي عليها :
ü النظام السياسي نظام مفتوح يؤثر و يتأثر بالأنظمة الأخرى و يمتلك مقدرة على التكيف مع الضغوط المختلفة .
ü يسعى النظام إلى تحيق التوازن و الاستقرار و ذلك من خلال الخصائص التي يمتلكها و تعينه إلى مواجهة متطلبات البيئة .
ü للنظام مجموعة من الوظائف لا بد له منها لاستقرار .
ü النظام السياسي في حالة حركة دائمة يأخذ من البيئة و يعطيها .
عمل النظام السياسي في شكله المبسط :
تأتي الطلبات و التأييد إلى النظام السياسي من البيئة الداخلية و الخارجية و ذلك من خلال فتحة المدخلات فتقوم أجهزته الداخلية بمعالجتها و دراستها و تصفيتها تم بعد ذلك تحولها إلى مخرجات في شكل أجوبة تتخذ صفة القرارات و السياسات و الأقوال و الأفعال ، تنتج ردود أفعال تتخذ صفة الطلبات او التأييد توجه مرة أخرى للنظام السياسي عبر فتحة المدخلات في حركة دورية مستمرة .

من فضلكم اريد بحث حول الاقتراب النسقي

التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

مساعدة بليزززززززززز

أنا طالب علوم سياسية أريد بحث حول
الفكر السياسي وإشكاليات الحداثة

اااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااسفة مستوايا الرابعة متوسط ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههاااااااا

انا ايضا هههههههههههههههههههههها

اسفة مستواي 2 متوسط
ههههههههههههههههههههههههههههه
ه
ه
ه
ه
هه
ه
ه
ه
ه
ه
ه
ه
ه
ه
ه
ه
ه
هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه ههههههههههههههههههه

إذا كنتم لا تستطيعون المساعدة فلا داع لكتابة الرد — خاصة مع هههه— فذلك فيه إهانة لصاحب الطلب و الموضوع ، أتمنى أن تفهموا ما قلت

التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

الدولة الموحدة والدولة الاتحادية

الدولة الموحدة والدولة الاتحادية
1ـ الدولــة الموحـــدة (البسيطة) :تتميز الدولة الموحدة بوحدة السلطة ووحدة القوانين ووحدة الإقليم ، فهناك حكومة واحدة تمارس السيادة الخارجية وتفرض كامل سلطتها وسيادتها على مناطق الدولةورعاياها دون أيّ شريك أو منازع ، وبالتالي فإنّ مواطني الدولة الموحدة يخضعون لنفس القوانين والأنظمة واللوائح ، و معظم دول العالم في الوقت الرّاهن هي دول موحدة ومن الأمثلة على ذلك : ( المملكة العربية السعودية ) .
2ـ الدولــة الاتحادية (المُرَكَّبة ، الفيدرالية) :تتألف الدولة الاتحادية من اتحاد دولتين فأكثر ، ويختلف شكلها تبعا لاختلاف نوع الاتحاد الذي أوجدها ، فالاختلافات في طبيعة وجوهر الاتحادات الدولية قد سبب في وجود أشكال متعددة للدولة الاتحادية تختلف بالختلاف مدى العلاقة والتداخل بين دول أو وحدات الاتحاد ، ولقد نشأت الدولة الاتحادية أو المركبة في الماضي في ظلّ ثلاثة نماذج تاريخية للاتحادات الدولية وهي الاتحاد الشخصي والاتحاد الفعلي والاتحاد الكونفدرالي ، أمّــا في الوقت الحاضر فالنموذج الوحيد للدولة الاتحادية يتمثل في الدولة الفدرالية التي تنشأ بموجب الاتحاد الفدرالي .
* النماذج التاريخية للاتحادات الدولية :
أـ نماذج تاريخية للاتحادات الدولية السابقة : إنّ أنواع الاتحادات التاريخية التي ليس لها وجود في الوقت الحالي ( دون أن يكون هناك ما يمنع ظهورها ثانية في المستقبل ) تتمثّل فيما يلي :
(1) الاتحاد الشخصي : قــام الاتحاد الشخصي من اتحاد دولتين أو أكثر تحت عرش واحد تجسد في شخص العاهل الذي كان يصبح ملكاً للدولتين مع احتفاظ كل منهما باستقلالها وسيادتها الخارجية والداخلية ، أي أنّ التوحيد كان يقتصر على شخصية الحاكم ولا يمتد ليشمل الاجهزة الحكومية وممارسة السلطة فيها ، حيث بقيت الحكومات مستقلة عن بعضها البعض تمــامـاً .
(2) الاتحاد الفعلي أو الحقيقي : اختلفت طبيعة الاتحاد الفعلي أو الحقيقي عن الاتحاد الشخصي في أنّ عملية التوحيد في ظلّ الاتحاد الفعلي كانت تتجاوز شخصية العاهل وتتناول توحيد السياسات العامة وضم الكثير من المؤسسات الحكومية مع ابقاء بعض الأجهزة منفصلة ، أي أنّ الاتحاد الفعلي لم يكن اتحاداً كلياً حيث أن التوحيد كان يتقرر فيما له علاقة بالعلاقات الخارجية كما يمكن أن يتحقق أيضاً بالنسبة إلى الدفاع الوطني والمالية ولكن الحكومات تبقى منفصلة في الفروع الأخرى وبالأخصّ فيما يتعلق بــالــتــشــريـــع .
(3) الاتحاد التعاهدي (الكونفدرالي) : ينشأ الاتحاد الكونفدرالي نتيجة معاهدة تبرم بين دول كاملة السيادة وتتفق فيما بينها على تنظيم علاقاتها الاقتصادية والثقافية والعسكرية وغير ذلك من العلاقات التي تربطها ببعضها البعض ، والاتفاقية التعاهدية أو ما يسمى بصكّ الاتحاد لا توجد دولة جديدة وإنّمــا تنشىء علاقة اتحادية بين مجموعة من الدول نحتفظ بموجبها كل دولة بسيادتها واستقلالها وحاكمها وحكومتها وبنظامها السياسي وتمتلك حـــقّ الانسحاب من الاتحاد ، ويوجد بموجب معاهدة التحالف أو صكّ الاتحاد مؤتمر أو جمعية عمومية لرعاية وتنظيم شؤون الاتحاد تتألف من مندوبين عن حكومات الدول الأعضاء الذين يمثلون دولهم في اجتماعات الجمعية ، وينتهي الاتحاد الكونفدرالي إمّــا بانفصال الدول الأعضاء وانحلال الاتحاد ، أو زيادة تماسكها وترابطها ودخولها في اتحاد فدرالي عوضاً عن الاتحاد الكونفدرالي ، ومثالاً على ذلك : ( مجلس تعاون دول الخليج ) .
ب ـ الاتحاد المركزي (الفدرالي) أوالدولة الفدرالية : في ظلّ الاتحاد الفدرالي تندمج الدول أو وحدات الاتحاد في دولة واحدة بموجب دســـتـــــــــور توافق عليه كل الدول الأعضاء ويصبح بمثابة القانون الأعلى أو النظام الأساسي للدولة الجديدة المنبثقة من الاتحاد ، وتفقد الدول المنضمة للاتحاد شخصيتها الدولية وسيادتها الخارجية وجزء من سيادتها الداخلية ، فمن حيث المجال الخارجي تصبح هناك شخصية دولية واحدة وسيادة خارجية واحدة تتجسد في دولة الاتحاد التي يصبح لها كيان واحد وعلم واحد ورمز وطني واحد وجنسية واحدة يحملها أفراد كل الدول الأعضاء ، فالحكومة الفدرالية التي يقيمها الدستور تشمل على سلطة تنفيذية وتشريعية وقضائية ، وكذلك فإنّ الحكومة المحلية في كل ولاية أو إمارة أو وحدة من وحدات الاتحاد تحتفظ بدستورها الخاص وتحوي أيضاً على السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية التي تعمل في نطاقها المحلي ، وغالبــاً ما تحتفظ الحكومات المحلية لنفسها بالقوانين المدنية وخاصةً تشريعات الأحوال الشخصية ( الزواج والطلاق والميراث وقوانين الأسرة ) .

جـ ـ نظرة مقارنة بين الاتحاد التعاهدي (الكونفدرالي) والدولة الفدرالية :
1ـ ينشأ الاتحاد الكونفدرالي بمقتضى معاهدة دولية أو ميثاق تحالف ، بينما تنشأ الدولة الفدرالية بموجب دستور تتفق عليه الوحدات المنضمة في الاتحاد .
2ـ بموجب المعاهدة الكونفدرالية تحتفظ دول الاتحاد الكونفدرالي باستقلالها وكافة مميزات شخصيتها الدولية وتمارس كافة مظاهر السيادة الخارجية بكلّ حرية ، أمّــا وحدات الاتحاد الفدرالي فتفقد بموجب الدستور الفدرالي شخصيتها الدولية ، وتظهر عوضاً عنها جميعاً الشخصية الدولية الجديدة المتمثلة بالدولة الفدرالية التي تتمتع بكافة مميزات الشخصية الدولية وتقوم بممارسة مظاهر السيادة الخارجية .
3ـ تشرف على الاتحاد الكونفدرالي وتمثله جمعية عامة تتألف من ممثلين عن الدول الأعضاء وقراراتها ليست ملزمة للدول الأعضاء وإنّما تتوقف على موافقة هذه الدول عليها ، بينمــــا تشرف على الاتحاد الفدرالي وتعبر عنه حكومة مركزية تتمتع بسلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية واسعة وتكون القرارات التي تتخذها في مجال اختصاصاتها ملزمة لجميع وحدات الاتحاد إلاّ إذا خالفت نصوص الدستور الفدرالي .
4ـ يجوز لدولة الاتحاد الكونفدرالي أن تنسحب من الاتحاد من جانبها إذا أرادت ذلك ، بينما لا تتمكن وحدة الاتحاد الفدرالي أن تنفصل ، ويمكن استخدام القوة من قبل الحكومة الفدرالية للقضاء على أيّة حركة انفصالية .
5ـ أن الحرب إذا نشبت بين دولتين أو أكثر من دول الاتحاد الكونفدرالي تعتبر حرباً دولية وتخضع لقواعد القانون الدولي العام ، أمّـــا الحرب بين وحدات الاتحاد الفدرالي فتعتبر حرباً أهلية ويكون أمر معالجتها والتصدي لها من اختصاص الحكومة الفدرالية.

3ـ نظرة مقارنة بين الدولة الموحدة (إدارة محلية) والدولة الفدرالية (حكومة محلية) :
1ـ تتميز الدولة الموحدة بوحدة الدستور والسلطة والقوانين والإقليم ، أمّـــا الدولة الفدرالية فتتميز أولاً بازدواج السلطة ، وتتميز ثانياً بازدواج الدساتير ، وتتميز ثالثاً بازدواج القوانين .
2ـ الفرق بين الحكومة المحلية في الدولة الفدرالية والإدارة أو الهيئة المحلية في الدولة الموحدة ، نوجزها فيما يلي :
أ) أنّ الحكومة المحلية في الدولة الفدرالية هي شخصية قانونية مستقلة عن شخصية الحكومة الفدرالية ، أمــا الإدارة المحلية في الدول الموحدة فلا تتمتع بشخصية قانونية مستقلة .
ب) أنّ سلطة الحكومة المحلية في الدول الفدرالية هي سلطة أصلية مستمدة من الدستور الفدرالي ، أمــا سلطة الهيئة المحلية في الدولة الموحدة فهي سلطة فرعية ممنوحة أو محوّلة من الحكومة المركزية .
جـ) الحكومة المحلية في الدولة الفدرالية ليست تابعة للحكومة المركزية فهي تتمتع باستقلال تام في جميع سلطاتها ، في حين أنّ الإدارة المحلية في الدولة الموحدة هي تابعة لحكومتها المركزية وتطبق قوانينها وتنظيماتها وإجراءاتها وتعليماتها المباشرة .

د) تتمتع الحكومة المحلية في الدولة الفدرالية باستقلالية مالية ، أمــا الهيئة المحلية في الدولة الموحدة فهي إمّا أن تكون معدومة الاستقلالية المالية بحيث تأتي كل مصادرها من الحكومة المركزية أو يسمح لها بفرض بعض الرسوم والضرائب المحدودة التي تأذن لها الحكومة المركزية بفرضها وتخولها سلطة جبايتها .
3ـ وفيما يتعلق بمزايا وعيوب كل من الدولة الموحدة والدولة الفدرالية فيمكن القول أنّ وحدة السلطة في الدولة الموحدة المتبلورة في وحدة القوانين والضرائب ومركزية تقديم الخدمات ، تعتبر ميزة إذا ما قورنت بمشاكل ازدواجية السلطة في الدولة الفدرالية ، وبالمقابل فإنّ المركزية الشديدة في الدولة الموحدة تعتبر من عيوب الدولة الموحدة إذا ما قورنت بمزايا الحكم المحلي في الدولة الفدرالية .




التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

امتحان السداسي الأول في مقياس العلاقات الاقتصادية الدولية


امتحان السداسي الأول في مقياس العلاقات الاقتصادية الدولية
السنة الثالثة – علاقات دولية.

السؤال الأول: حدد المصطلحات التالية: الاقتصاد الدولية، التخصص الدولي، الصادرات المثمرة، النفقات النسبية، المشروطية الدولية.

السؤال الثاني: أدت الثورات التكنولوجية و العلمية الحديثة إلى إحداث تغيرات جوهرية في طبيعة الاقتصاد العالمي، حدد تلك التغيرات التي ارتبطت مباشرة بالمجال العلمي و التكنولوجي؟

السؤال الثالث: إن عولمة الاقتصاد لم تتوسع على نمط واحد بالنسبة لجميع الدول أو المناطق الإقليمية، حيث تمس أساسا العالم المتقدم المتكامل (La Triade)
1- بين لماذا؟
2- ما هو موقع الدول النامية في ظل الاقتصاد الرأسمالي العالمي؟
3- على أي أساس يتم التقسيم بين المناطق الاقتصادية؟

السؤال الرابع: يقول الأمريكي Robert Gilpin <> بين لماذا؟ و كيف؟

السؤال الخامس:
1- أكمل الفراغات الموجودة في الجدول رقم 01
جدول رقم 01: الوضعية الاقتصادية لكل من تونس و المغرب في حالة العزلة

البلد السلعة

المنسوجات (متر) الحمضيات (كلغ) مجموع التكاليف المغرب 100 و.ع 130 و.ع
تونس 90 و.ع 100 و.ع
مجموع التكاليف

و.ع= وحدة عمل
2- وفقا لنظرية آدم سميث كيف يكون الجدول في حالة التبادل بين تونس و المغرب؟
ما هو حجم الوحدات المقتصدة؟ علل الإجابة.
3- بين قيمة النفقات النسبية لكل سلعة وفقا للمعطيات المبينة في الجدول رقم 01


التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

بحت حول النظرية التراكمية " السنة الثالثة تنظيمات ادارية"

***خـــــــــطــــــــة الــــــــبـــــــحــــــــــت***

مـــــقــــــدمــــــــــــــــــة

الـــفـــــصـل الأول: مــــاهـيـة الــنـظــريــــة الــتـــراكــمـيــة

الــمـبــحــث الأول: تـعــــريــــف الــنــظـريــة الـتـراكــمـيــة

الــمـبـحـث الـثـانــي: خـصــائـص الـنـظـريـة الـتـراكـمـيـة الـتـدريـجـيـة

الــمـبـحــث الــثـالـث: الانـتـقــادات الــمــوجـهـة لـلـنـظـريــة الـتـراكـمـيــة الـتـدريـجـيــة

خــــــــاتــمـــــــــــــــــة

قــــائــــمـــــة الــمــراجـــــــــع

مـــــقـــــد مـــــــــــــــة

إن النموذج التراكمي وباعتباره استمرارية للنشاطات الحكومية السابقة حيث أن صانعي القرارات يفضلون تجزئة المشكلات عند صناعة القرار الذي يحقق لكل منها هامشا مطلوبا من الحل أي استبدال السلوك العقلاني الرشيد في صناعة القرار بالسلوك المرضي من منطلق كون صانع القرار ليس لديه مصفوفة إن صح التعبير تحتوي على جميع البدائل أمامه فيختار البديل طبقا لمعاييره المستمدة من ذاته أو من السياسة العامة ككل إنما صانع القرار يستعرض البدائل طبقا للمستجدات والظروف المحيطة ثم يعمل على اختيار البدائل التي يحقق بها الحد الأدنى وليس الحد الأعلى من المعايير التي يحددها مقياس له،و” حتى يعثر على الحلول المرضية”. والسؤال الذي يتبادر طرحه ما المقصود بالنموذج، النظرية أو المنهج التراكمي “التدريجي” وما هي الأسس التي تقوم عليها كنظرية ما هي المزايا التي أضفتها على حقل السياسة العامة؟
وقد تناولنا في بحثنا هذا الخطة التالية للإجابة عن هذا التساؤل متناولين فيه بالخطوط العريضة وبعد استعراض مقدمة بسيطة فصلا واحدا تصمن ماهية النظرية التراكمية وشمل هذا الأخير ثلاثة مباحث المبحث الأول تعريف للنظرية التراكمية وفي المبحث الثاني خصائص النظرية التراكمية والثالث الانتقادات الموجهة للنظرية التراكمية وأخيرا خاتمة للموضوع، ونظرا للنقص المراجع فقد تلقينا صعوبات جمة في جمع هذا الكم المتواضع من المعلومات حول بحثنا وقد اعتمدنا بالدرجة الأولى وركزنا على مرجع واحد وهو”لجيمس أندرسون” ونرجو من الله أن نكون قد وفقنا في الإلمام بالموضوع.

الـــفــصــــل الأول: مــــــــاهـــــيـــــة الــنــظـــريـــــــة الــتـــــراكــمــيــــــــــة

بـالإضــافـة إلـــى الــنــظـريـــة الــســيــاســيــة و نــظـريـــــة الــرشــد و الــشــمــولـــيــــة، تـــوجــــــد

نــظـريـــــة ثــالــثــة لا تـقـــــل أهــمـيـــة عـــن الــنـظــريـــات الــلــواتـــي ســبـقــتـهـــا ألا وهـــي

الــنــظـريـــة الــتــراكــمــيــــة أو الــتــدريـــجــيـــة الــتــي تـعــتــبــــر أكــثــــر وصـفـيـــة و تــوضـيـحــيـة

بـالــنـــســبــة لـصــانـعــــي الــقـــــــرارات الـــحـــكـــــومــيــــــة.

الــمــبـحــث الأول: تــعــريــــف الــنــظــريـــة الــتــراكــمــيــــة

إن هذه النظرية طورت لتجاوز الانتقادات الموجهة إلى نظرية الرشد والشمولية، أو الصعوبات التي تواجه

تطبيقها كما أنها أكثر وصفية و توضيحية بالنسبة لمتخذي القرارات السياسية، حيث يقول لند بلوم :” إن

التراكمية أو التدريجية تمثل العملية النموذجية لاتخاذ القرار في المجتمعات التعددية كالولايات المتحدة

الأمريكية” (1).

فالقرارات و السياسات هي حصيلة “الأخذ والرد” والاتفاق بين عدد من المشاركين الحزبيين في عملية صنع

واتخاذ القرار و التدريجية تتميز بأنها تعد مقبولة سياسيا لأنها تسهل الوصول إلى الاتفاق في المواضيع المختلف

عليها بين الجماعات، وقد يصبح البرنامج المعدل والمكيف هو الأنسب بدلا من الالتزام بالطريقة القائلة “احصل

على كل شيْ أو لا شيْ” وطالما أن متخذي القرارات في ظل ظروف عـدم التأكـد حيث يتعاملون مع التوقعــــات

المستقبلية لتصرفاتهم، فإن القرارات التدريجية تقلل من أخطاء عدم التأكد ومن تكاليف المغامرات التي قد تتخذ

لها القرارات البديلة.

و النظرية التدريجية تتلاءم مع الواقع الذي يتميز بمحدودية الوقت المتاح لأخذ القرارات، ومحدودية المعلومات

والقدرات لديه لاتخاذ القرارات البديلة و الأكثر من ذلك فإن الناس بطبيعتهم عمليون وواقعيون أكثر فهم لا

يبحثون عن الحلول المثالية في القرارات التي يتعذر تنفيذها ويفضلون الحلول الواقعية و الممكنة.

وباختصار فإن النظرية التدريجية يمكن أن تسهم في صنع قرارات عملية مقبولة ومحدودة.

———————————–

1): جيمس أندرسون،صنع السياسة العامة ،ت عامر الكبسي،ط1 ( دار المسيرة للنشر والتوزيع عمان،1999-1420 ) ص 27.
الــمــبــحــث الــثــانــي: خــصــائـــص الــنـظـــريــة الــتـــراكــمــيـــة الـــتـــدريــجــيـــة

يمكن تلخيص خصائص هذه النظرية على شكل النقاط التالية:

– إن اختيار الأهداف والمقاصد والتحليل العلمي للتصرفات المطلوب تحقيقها هي متداخلة فيما بينها وليست

مستقلة أو منفصلة.

– إن متخذ القرار يأخذ باعتباره بعض البدائل فحسب وليس جميعها وهذه البدائل تضل غالبا متأثرة بالسياسات

الحالية وتترك لها هامشا كبيرا.

– عند تقييم البدائل المطروحة فإن التركيز يكون على عدد من نتائج البديل المهمة والمحددة.

– إن المشكلة التي تواجه متخذي القرار قابلة لإعادة التحديد وإن تعريفها يراجع بين الحين والآخر. والتدريجية

والتراكمية تسمح بإعادة النظر في العلاقة بين الأهداف والوسائل لتسهيل السيطرة على المشكلة.

– لا يوجد قرار منفرد ولا حل صحيح بعينه للمشكلة الواحدة، والاختيار الجيد للقرار هو الذي تتفق كل

التحليلات عليه، وليس بالضرورة أن تتفق على أن هذا القرار هو الأمثل والأحسن للوصول إلى الأهداف.

– إن القرار التدريجي هو علاجي ويحافظ على التواصل والاستمرار مع الحاضر، و يستجيب بظروفه أكثر من

كونه منطلقا للتغيير في الأهداف الاجتماعية المستقبلية.

الــمــبــحــــث الــثــالـــث: الانــتـقــــادات الــمـــوجـــهـــة لــلـنــظــريــة الــتــراكـمـيـــــــــة

جاءت النظرية المزدوجة التي يتزعمها عالم الاجتماع أتزري كنقد للنظرية التراكمية فهو يقول على
سبيل المثال: ” إن القرارات التدريجية تسهم في خدمة مصالح فئات و جماعات على حساب الفئات
الضعيفة، والأقليات التي تهمل حقوقها”.

كما أن اهتمام القرارات التدريجية بالتوقعات القريبة المدى سيؤدي إلى الاستقرار والاستقرار على الأوضاع

الحالية و سيحد لا محال من الإبداع والتجديد في المجتمع.

والنقد الآخر هو أن القرارات الكبيرة المتعلقة بالظروف الاستثنائية كالحروب و الكوارث الطبيعية التي تقع

خارج نطاق النظرية التدريجية، ولذلك فإن الحاجة قائمة لاتخاذ قرارات عميقة و أساسية لتكون محركة

للقرارات التدريجية.

فالطريقة المزدوجة تسمح لمتخذي القرارات بتوظيف الطريقة الرشيدة الشاملة و النظرية التدريجية في المواقف

المختلفة في ظل ظروف معينة تكون التدريجية مناسبة أكثر من الشاملة وفي ظروف أخرى قد يحدث العكس.



التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

التنمية الشاملة و التنمية السياسية

التنمية الشاملة و التنمية السياسية

مقدمة:

لا خلاف على أن خلالا عميقا يعتور مسيرة التنمية العربية في ديارنا العربية، ولقد ازداد الوعي بهذا القصور في السنوات القليلة الأخيرة، نتيجة عدد من المدخلات أهمها التطورات الداخلية التي عصفت بالمجتمعات العربية و القريبة منها،وكذلك زيادة نسب التعليم وتسارع وكثافة الاتصال العالمي من حيث الكم والكيف.
لقد وجد كثيرون أن هوة واسعة ومتزايدة في ميادين، تراكم الثروة،و المعرفة و الحرية، تفصلنا عن شعوب كثيرة قريبة وبعيدة.
وقد يكون هناك أجماع في العالم العربي أن موطن هذا الخلل سياسي في الأساس،ويتشكل في غياب الحرية، وضعف المسائلة الشعبية، وتكبيل المشاركة بقيود ثقيلة. كما أن هناك شبه إجماع بأن الإصلاح المنشود لإقالة عثرة هذا الخلل وإذكاء نهضة عربية،لا بد وأن يبدأ بالإصلاح السياسي، وأن كأن لا يجب أن يقتصر عليه، وأن هذا الإصلاح السياسي له مواصفات تتعدى الشكل إلى المضمون و المظهر إلى النتيجة المرجوة.
هناك بالتأكيد أصوات تقول أن (التركيز على الإصلاح السياسي بهذه الصورة، هو من قبيل الاشتراط غير المحقق، لسببين الأول إن هناك بعض التجارب الإنسانية من حولنا حققت نموا معقولا دون إصلاح سياسي شامل، بل تحت وطئت دكتاتورية،و السبب الثاني أن أي ( الإصلاح) في المطلق ،قد يتناول الشكل دون المحتوى فنعود إلي سيرتنا الأولى من الشكوى ضد ( الإصلاح) أو من قصور (الإصلاح) !
وفي هذا الاعتراض بعض الوجاهة، إلا انه الاستثناء لا القاعدة، ولا يقاس على الاستثناء، مجمل التجارب العالمية حققت نموا وتقدما بسبب ( الإصلاح السياسي) أو بسبب ( الحكومة الراشدة) ذات المواصفات المحددة،وعادة تقاس بكيفية الوصول إلى الحكم،وطريقة هذا الحكم في تصميم الأهداف المجتمعية، وكيفية مراقبة الحكم للتأكد من الوصول إلى ( الخير العام)..المقصود بالإصلاحات السياسية هو (إعادة الهيكلة بالمنظومة السياسية، لتتواءم مع تحديات القرن الواحد و العشرين)

تعريف التنمية

كما أجمعت عليها الأدبيات الإنسانية، وكما حددها فريق التنمية العربية الإنسانية ،الذي اصدر حتى الآن تقرين حول التنمية ( الثالث تعطل لأسباب قصور رؤية مؤلفيه) فان تعريف التنمية له شقان:
1- خلق فرص حياة أفضل، بالمعنى العام، للأجيال القادمة.
2- دراسة علمية للإمكانيات المجتمعية، و توظيفها التوظيف الأفضل للصالح العام.
أما التعريف الذي تبناه فيقول ( إن للبشر، لمجرد كونهم بشر، حقا أصيلا في العيش الكريم، ماديا ومعنويا، جسدا ونفسا و روحا، وبهذا فان عملية التنمية تنشد توسيع خيارات البشر بما يمكنهم من تحقيق الغايات الإنسانية الأسمى، وهي الحرية، العدالة و الكرامة الإنسانية و الرفاه الإنساني.
وليس في تلك المطالب جديد، وربما تختصر بكلمتين اثنتين، العدالة و المساواة. (العدالة) هي مفهوم تراثي عربي قديم، وكلنا تعلمنا على مقاعد الدراسة إن ( العدل أساس الملك) أما المساواة فهي كلمة حديثة ناتجة من الدساتير و الممارسات الغربية الحديثة، وهي من المبادئ التي نص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان،ونجد لها صدى لا يغيب عن العقل السليم في الأديان السماوية.
محطة الإصلاح الأخيرة هي الوصول إلي (حالة الرفاه) في المجتمع، ولا يقتصر مفهوم (الرفاه) على التنعم المادي،بل يشمل الجوانب الإنسانية الكريمة مثل التمتع بالحرية واكتساب المعرفة، وتحقيق الذات، ولا يتأتى ذلك إلا بالمشاركة الفعالة في الاجتماع البشري.
مفتاح الإصلاح السياسي هو ( الإصلاح التعليمي)
لا يمكن أن يكتسب البشر قدرات تعينهم على فهم وتحقيق ( الرفاه) و المشاركة الفعالة إلا بالتعليم، بل بمستوى راق من التعليم، التعليم العنصري، و التعليم الفئوي،،و التعليم المضاد ( للعلم) أي التعليم ( الإيديولوجي) كلها أشكال معادية للتنمية ،بل ومعطلة لها.
التعليم هو الذي يكسب القدرات لإنسان يساهم في التنمية، ولو التفتنا حولنا لوجدنا أن (التعليم الراقي) هو الذي حقق لسنغافورة ما تحقق لها، ويحقق للهند ما يتحقق لها اليوم،و لكن لن يحدث تعليم راق إن لم يكن هناك ( قيادة سياسية) واعية ولها برنامج في التعليم واضح المعالم،ونخبة مجتمعية تحث وتصر على ( التعليم ألراقي)
التعليم الراقي يوسع الخيارات،ولا تُوسع الخيارات إلا من خلال الحرية التي تمكن البشر من الاختيار بين بدائل متاحة.
في حين تخلق التنمية الفرص للممارسة الحرية، من خلال بنائها لقدرات الناس فان الناس لن يتمكنوا من ممارسة الحرية لا إذا توافر الإطار الكفيل بحمايتها، و المتمثل بنظام الحكم الصالح.
التجربة العربية
رغم التقدم النسبي في المسيرة العربية التنموية بعامة التي نشهدها من خلال بعض الإحصاءات المتوفرة، فان عقبات التنمية العربية مشاهدة، ففي الاقتصاد لم يتجاوز معدل نمو الدخل للفرد العربي خلال العقدين الماضيين الأخيرين النصف في المائة سنويا ( الهند 7%) فالهوة إن قارنا نفسنا بالغير نجدها قد تعمقت، ذلك مثال واحد على أمثلة عديدة
في المجال المعرفي لم يكن أداؤنا أحسن،فقد دخلنا الألفية الثالثة ومنظومة نشر المعرفة مكبل في شقيه/ مجال نشر المعرفة ومجال إنتاجها ( المسؤول هو التعليم). .قرابة 65 مليون راشد عربي لا زالوا أميين من 300 مليون تقريبا، ولا يتجاوز نسبة الالتحاق بالتعليم العالي عربيا أكثر من 13%)
يبلغ المتوسط العالمي لاستخدام الكمبيوتر لكل ألف من البشر 78 جهاز، نجدها بين العرب تقل عن 18 جهاز، استخدام الانترنت لا يتجاوز 6و1% من العرب، رغم أن العرب يشكلون 5% من سكان المعمورة. (في الخليج استخدام الانترنت 7-9%)
الإنتاج العلمي يعاني من ضعف، وشبه غياب في الحقول المتقدمة، و الإنفاق على البحث العلمي يقل عن سُبع المعدل العالمي.
باختصار شديد هناك ( وهن في منظومة المعرفة ) يقود إلى وهن في الاقتصاد العربي، الذي إن سحبنا منه مساهمة ( النفط) ،فان كل الأرقام السابقة تتدهور إلى الأسوأ.

أين تكمن المشكلة؟

تقع المشكلة في مثلث
1- (تعليم وتدريب) أننا نُودع أبنائنا في نظم تعليمية تشدد على التلقين وتستمرئ الأتباع و التقليد وتنبني مناهج تكرس الخضوع و الطاعة،ولا تسوغ نقد (المسلمات، الاجتماعية أو السياسية أو التراثية) فيخرج الأبناء (مكبلة لديهم ملكة التفكير ،قريبون من التكفير و التخوين الاجتماعي و السياسي و التراثي). ففكرونا في الاجتماع و السياسة أمامهم خطوط (حمراء) ليس من قبل ( السُلط) فقط ،بل وأيضا من قبل ( المجتمع) الذي لا يستسيغ سماع الرأي الآخر، فهم أمام رقابة داخلية وخارجية، شخصية واجتماعية، يرعبهم مقص اثنان وعشرون رقيبا، ومعممون يفتون بما لا يعرفون.
2- ( بين القديم و الحديث) بهذا ينقسم (وعى) العربي على ذاته، فهو من جهة يريد أن يظل مخلصا لأفكاره التقليدية و الموروثة الراسخة من جهة، ومن جهة أخرى تأسره اكتشافات الحداثة العلمية و التقنية، التي يتناقض بعضها مع اليقيني من أفكاره ،ويزيد ذلك انقسام المثقف العربي بين مقولات التحديث وبين (ثوابت الأمة) فتراه يقوم بدور (المبرر) سياسيا أو تراثيا، فكثيرا ما تقرءا نقدا يعجبك ،ثم ينتهي بمثل هذا القول (فالدين و الثقافة العربية و الإسلامية لا يحضان على ارتياد تخوم المعرفة فحسب، بل أنهما استطاعا في وقت سابق بناء مجتمع للمعرفة عز نظيره في التاريخ) هذا الاستثناء الثقافي معطل للعقل النقدي، ودليل على وجود (رقيب داخلي)
3- (بين المحلي و القومي) ينقسم فكر العرب المطالبين بالتنمية بين (قومي) و (إقليمي) و (محلي) وتروح الأدبيات التنموية بين هذه المستويات ،دون تحديد دقيق لعلاقة المتغيرات الثلاثة يبعضها، ويُركز كثيرا على ( القومي) وربما ( الإقليمي) ويُهرب من مناقشة ( المحلي). وإن لم نستطع الدفع بمعادلة ( إصلاح الجزء هو الطريق الصحيح لإصلاح الكل) سنظل نراوح في مكاننا،فانشغال كل (داخل بداخلة) مع التساند المطلوب و العقلاني،وليس الهروب من الداخل إلي ( الخارج)، واحدة من المعطيات التي وجب مناقشتها.
تلك الثلاثية التي أرى من الضرورة طرحاها للنقاش لعدد من الأسباب:
1- إن تجربة كثير من دول العالم تقول إن ( التشبث بالماضي) مضيعة للوقت، التجربة اليابانية و الصينية هي دليلنا على ذلك، فقد طفقت الصين كلما جاءتها هبات التحديث ،أن قارنتها بما لديها، فترفض ما لا يتواءم مع حصيلتها التاريخية، حتى تخلفت وانهزمت، فقلبت المعادلة، كل جديد يتنافى معه القديم يعني هجر القديم. واستطرادا فان ( أهل ايطاليا اليوم ليسوا سليلي الرومان) هل قراء أحدكم كتابا ايطاليا يدعو إلي العودة (إلى العصر الروماني) أو يونانيا يدعو للعودة إلى عصر الإغريق !
علينا (توسيع دائرة العقل ما أمكن، وتضييق دائرة النقل ما أمكن) إلا أن كثيرون يصرون أن يتحفونا اليوم (بتوسيع دائرة النقل وتضييق دائرة العقل) حتى نرى ما يراه ابن تيمية مثلا في ( الكفرة و الرافضة)! علبنا التعامل مع معطيات العصر.
2- مفتاح التقدم لا غير هو إن يكون في قلب التعليم و التدريب الراقي (صناعة المعرفة) وهي أي المعرفة، نسبية أولا ومتحولة ثانيا، وإنسانية ثالثا وعقلية رابعا. إذا تعريف المعرفة المرادة أنها نسبية،إنسانية،متحولة وعقلية. وهي الرافعة للتنمية التي قدمت كل هذه الثروة للمجتمعات العالمية من ايرلندا إلي الهند، إن المعرفة (قوة) كما استقر في ذهن العقلاء، وهي أي المعرفة بهذا المعنى، لها متطلبات سابقة، منها الحرية (دون سقف اجتماعي أو سلطوي) ولها آليات أيضا،ودعونا نعترف أن ما نبه إليه واستنكره عبد الرحمن الكواكبي قبل أكثر من قرن لا زال قابعا في أعماقنا، فقد قال ( أننا حاكمين ومحكومين ألفنا أن نعتبر التصاغر أدبا،و التذلل لطفا،و التملق فصاحة،و ترك الحقوق سماحة، وقبول الأهانة تواضعا،و الرضاب بالظلم طاعة،و الإقدام تهورا، وحربة القول وقاحة، وحرية الرأي كفرا، وحب الوطن جنونا) ما أشبه الليلة بالبارحة! أنها وصفة متكاملة للحجر على المعرفة الحق.
3- (الدين و الدنيا) لنجعل حورنا حول ( الدنيا) لا حول ( الدين) لعدد من الأسباب، أن الدين اُستغل في معظم فترات تاريخنا استغلالا سياسيا،ولأنه فوق ذلك، لم يتوصل من سبقنا في هذا المضمار إلي حلول نهائية،فأصبحت التجربة التاريخية تتبنى (عش ودعهم يعيشون) لو انطلقنا من هنا (اعتقد ودعهم يعتقدون) فان الحوار حول الدنيا (أي التنمية) يبقى عقلانيا وتوافقيا للوصل إلي الأفضل لخدمة الناس جميعا.
الإصلاح السياسي
الإصلاح السياسي و الحكم الصالح، أصبح في بؤرة الاهتمام المحلى و العالمي ،وقبول مبدأ (الإصلاح) في هيكلية السلطة أصبح في نسيج القيم الدولية الحديثة. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة ليست امرأة قيصر، إلا أنها أولا تحولت بعد الحادي عشر من سبتمبر (بالنسبة لمنطقتنا) من سند للاستقرار إلي داعية للتغيير،وأصبحت تشير إلى الاستقرار السابق على انه stagnation .
وثانيا انه ليس صحيحا أن الإصلاح صار حاجة عربية لأنه متطلب أمريكي، بل هو متطلب أمريكي لأنه حاجة عربية. علينا أن نعترف أن سياسة الولايات المتحدة بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001 قد تغيرت إلى أن ( الشرق الأوسط به أنظمة فاسدة غير ديمقراطية لم تعد جديرة بالدفاع عنها) وقد شمل الكلام الحلفاء الأقدمين و الأعداء المشبوهين. أما الإضافة فهي أن الولايات المتحدة في سياستها العامة تختلف عن (أوربا) التقليدية، الأخير تصلح ما تعتقد انه الحد الأدنى لتحقيق مصالحها، أما الأولى فإنها (تهدم الكل) ثم تعيد البناء.
يفسر البعض هذا التوجه بسبب تاريخ نشأت وتطور تلك البلاد البعيدة و المعقدة، ولكنها اليوم خلف جهود ملاحقة (ايدولوجيا الساخطين) عن طريق تغيير شروط اللعبة،وهي تقديم الجزرة،وورائها العصي، حفاظا على مصالحها التي ترى أنها مهددة بسبب ( فشل ذريع في التنمية بين ظهرانينا)

العقبات

رغم الدعوة عربيا إلي الإصلاح، دخل الإصلاح المنشود في معضلتين:
1 الإصلاح قبل تحرير فلسطين، أم بعد تحرير فلسطين؟
2 الإصلاح من الداخل، أم من الخارج؟
في يقيني إن الإصلاح هو أداة أفضل للتفاوض أو غيره حول فلسطين، وأن لا داخل مطلق، و أو خارج مطلق، هناك تفاعل (تاريخي) بين الداخل و الخارج مستمر ودائم.
علينا الاعتراف(0كما حدث في البحرين) بان السنوات الأخيرة قد شهدت انفراجا وتغييرا في طرائق العمل التي تسلكها الحكومات العربية،كما شهدت انتعاشا في جانب من الممارسات الديمقراطية، وبدا ذلك في زيادة المشاركة السياسية،وتعديل هيكل السلطة داخل مؤسسات الحكم، وزيادة نشاط المجتمع المدني،وتخفيف القيود المشددة على مؤسساته،وتوسيع حيز الحريات المتاح للناس،و الدفاع عن الحريات الإنسانية،وتنظيم الانتخابات على نحو أكثر تواترا،و التصديق على معاهدات حقوق الإنسان،وإعطاء مزيد من الحريات الصحفية. ولعل ما يحسب إلي البحرين بالزائد أن (خطوات الإصلاح قد بدأت قبل الهجمة السبتمبرية) بسبب وعى القيادة.
بيد إن الشقة عربيا وإقليميا ما زالت واسعة بين ( الطموح و الانجاز) و ما هو (محمود) وما هو (مطلوب). فحرية تكون الأحزاب وتنظيم النقابات في بعض بلادنا لا زالت بعيدة المنال، وجمعيات النفع العام لا زالت مقيدة في بلدان كثيرة، ومخرجات صناديق الاقتراع زالت دون المستوى المطلوب تغمرها علاقات الروابط الاجتماعية بدلا من الروابط الحقوقية.
هناك (هوة) بين المكتوب و المطبق، وبين المأمول (حتى من المؤسسات التشريعية) وبين ( المحقق) هناك أخفاق في تحقيق الشعار (المسؤولية للجميع ومن الجميع)
المسكوت عنه

المسكوت عنه هو إشاعة وعي اجتماعي واسع لتأكيد (دولة القانون) ولكن أي قانون، ليس القانون (المُقيد) بل القانون (المصلح) الذي يحترم التعددية الفكرية و الاجتماعية و الثقافية في التكوين المجتمعي للجميع ومن الجميع.
فالتنمية الشاملة لها أكثر من باب سياسي، اقتصادي ، ثقافي تتناغم فيه الأغلبية العاقلة مع الفكر العالمي، يبعد المجتمع عن التمزق الاجتماعي وأشكال التعصب، التي تفتك بنا.
إن مشروع ( الملك و الشعب) الإصلاحي في البحرين نقل المجتمع إلى التطلع إلى منابع ضوء واعدة، وعلينا جميعا أن ندعو لتواصل هذا المشروع، ونغنيه بزخم متجدد ومتزايد، ونثابر على توسيع الحوار الحي وتعميقه في أوساط المواطنين.
وعلينا جميعا أن نتابع بعيون مفتوحة ( يعاسيب الفساد ) فاغرة أفواهها، تنخر عظام الوطن، وتفقر المواطنين، أكانت هذه (اليعاسيب) مواطنا منتخبا،أو وزيرا أو موظفا كبيرا أو صغيرا، فليس اضر على التنمية من هذه (اليعاسيب)، لقد قال لي سمو ولي العهد الشيخ سلمان بن حمد أل خليفة،حكمة لا زلت أحفظها،قال (كل دينار فساد،يطرد خمسة دنانير استثمار) إن تعقيد البيروقراطية وسد الأبواب أمام انطلاقة اقتصاد وطني حر وشفاف هو تعطيل لوجه من وجوه التنمية.
مؤسسات الحكم الصالح لا تتطلب فقط (صناديق انتخاب) و (انتخابات دورية) إنما تتطلب بجانب ذلك، مجالس تشريعية (أمينة وكفؤءة ومنظمة) ذلك يتطلب تحرير الطاقات البشرية، ووضع حد للإرهاب الفكري و المزايدة الفجة،و التغطي بمقولات تراثية أو تضليل الناس بالباطل.
مؤسسات الحكم الصالح تتطلب تعليما نوعيا مختلفا يقود المجتمع ولا يسايره، تتطلب شفافية في التخطيط و التنفيذ، تتطلب أن يكون ( الشخص الصالح للمكان المناسب) وتتطلب وسائل إعلام لا تبحث عن زوائد الكلام.
لقد تحول العالم من الحديث عن (الأمن )بمعناه الصلب إلى الأمن بعناه الرخو، وهو الأمن الداخلي المؤدي للتنمية، فكل جيوش العالم لا تستطيع أن تقهر (فكرة آن أوانها).


التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

مقاييس وبرامج السنة الثانية محاضرات للمجموعة ب السنة الثانية

إلى السنة الثانية علوم سياسية إليكم مقاييس وبرامج السنة الثانية محاضرات للمجموعة ب

1/ مقياس العلوم الإدارية
المحور الأول المفاهيم الأساسية لعلم افدارة
المحور الثاني طبيعة الإدارة العامة
المحور الثالث علاقة الإدارة العامة بالعلوم الأخرى
المحور الرابع مراحل تطور الإدارة العامة (مدارس الفكر)
المحور الخامس المداخل المنهجية لعلم اإدارة العامة

2/ مقياس نظم سياسية مقارنة
المحور الأول السياسة المقارنة الجديدة مقابل النظم السياسية المقارنة
المحور الثاني تطور مجال السياسة المقارنة
المحور الثالث السياسة المقارنة دراسة مفاهيمية
المحور الرابع السياسة المقارنة دراسة المقاربات المنهجية الأساسية
المحور الخامس السياسة المقارنة دراسة في المناهج التفسيرية
المحور السادس السياسة المقارنة وعلم الإنتقال الديمقراطي
المحور السابع الهندسة السياسية
المحور الثامن المسائل الكبرى في السياسة المقارنة الجديدة
المحور التاسع السياسة المقارنة الجديدة ودراسة الأنظمة العربية

3/ مقياس نطرية الدولة

4/ مقياس تاريخ الفكر السياسي
المحور الأول المنظمات الحضارية والتاريخية للفكر السياسي الحديث والمعاصر
المحور الثاني الفكر السياسي من النهضة إلى التنوير
المحور الثالث الفكر السياسي من الليبرالية إلى الماركسية
المحور الرابع الفكر السياسي العربي الإسلامي
المحور الخامس قضايا الفكر السياسي المعاصرة
بعض المراجع
* إدوارد سعيد،الإستشراق:المعرفة،السلطة الإنشاء،ترجمة كمال أبو ديب،(بيروت،مؤسسة الأبحاث العربية،1984).
* عبد الله ابراهيم،المركزية الغربية:إشكالية التكون والتمركز حول الذات،(الدار البيضاء،المركز الثقافي العربي،1999).

5/ مقياس تاريخ الجزائر المعاصر

6/ مقياس نظريات سياسة التنمية

7/ مقياس مدخل للعلاقات الدولية

8/ مقياس الحضارة العربية الإسلامية (سداسي).

اما فيما يخص الأعمال الموجهة

* مقياس النظم السياسية المقارنة
البحث الأول النظام السياسي وكيفية تحليله
البحث 2 المشروعية والشرعية السياسية
البحث 3 المجتمع المدني
البحث 4 المشاركة السياسية وأشكالها
البحث 5 الفعالية السياسية
البحث 6 النظم الحزبية
البحث 7 الأنساق الانتجابية
البحث 8 الأنظمة الرئاسية( النظام الرئاسي الأمريكي)
البحث 9 النظام الشبه الرئاسي الفرنسي
البحث 10 النظام البرلماني البريطاني
البجث 11 النظام السياسي الجزائري في ظل التعددية
البحث 12 النظام الدكتاتوري (الإتحاد السوفياتي)
البحث 13 أشكال الدول
البحث 14 التحول الديمقراطي في الوطن العربي (مصرر،تونس،سوريا)
البحث 15 الحكم الراشد في افريقيا ومستقيل الأنظمة السياسية فيها.

* مقياس سياسة التنمية
البحث الأول مفاهيم عامة حول النمو والتنمية
البحث الثاني نظرية النمو ونظرية التنمية عند آدم سميث ودافيد ريكاردو
البحث 3 نظرية التنمية عند كل من مالتيس وجون باتيست ساي
البحث 4 النظرية الكينزية
البحث 5 التصور الماركسي في النمو
البحث 6 مراحل النمو عند روستو
البحث 7 نظرية الحلقة المفرغة ونظرية النمو المتوازن والغير المتوازن
البحث 9 مدرسة التبعية
البحث 10 آثار العولمة على تنمية الدول النامية
البحث 11 التجربة التنموية في الجزائر
البحث 12 التجربة التنموية في كوريا الجنوبية
البحث 13 السياسات التنموية في ماليزيا
البحث 14 التجربة التنمرية في الصين
البحث 15 التجربة التنموية في اليابان
البحث 16 التجربة التنموية في البرازيل.
البحث 17 الشركات الأورو متوسطية
البحث 18 الشراكة الجديدة من أحل تنمية افريقيا ( النيباد).

* مقياس اللغة الإنجليزية

* مقياس تاريخ الفكر السياسي
المحور الأول الفكر السياسي في عصر النهضة
البحث 1 فكرة الدولة عند ميكيافيلي
البحث 2 افصلاح البوتستانتي (لورثر، كافلين)
البحث 3 الدولة والسيادة عند جون بوذان
المحور الثاني الفكر السياسي في العصر الحديث
البحث 1 الفكر السياسي في أوروبا( من بوذان إلى هوبز)
البحث 2 // // عند هويز
البحث 3 الحكم المطلق في فرنسا
البحث 4 الفكر السياسي عند جون لوك
البحث 5 // // // روسو
البحث 6 // // // مونتسكيو
البحث 7 عصر التنوير ( ديدرو وفولتير)
البحث 8 الثورة الفرنسية
البحث 9 الثورة الأمريكية

* مقياس تقنيات البحث ( سداسي)
البحث الأول تقديم شكلي للبحث
البحث 2 مصادر التوثيق
البحث 3 المقابلة
البحث 4 تحليل المضمون
البحث 5 سبر الأراء
البحث 6 المنهج الكمي و الإحصائي


التصنيفات
العلوم السياسية و العلاقات الدولية

الإدارة اليابانية

قام وليم أوشي ( W.Ouchi ) بإجراء عدة دراسات وأبحاث ميدانية في الولايات المتحدة الأمريكية من أجل التوصل إلى سر نجاح الإدارة اليابانية ، وتوصل في نهاية الأمر إلى ما أسماه بنظرية ( Z) والتي تقوم فرضيتها على الاهتمام بالجانب الإنساني للعاملين من أجل رفع مستوى أدائهم الوظيفي (الشهري، 1998: 31).
ويؤكد أوشي على أن أفضل عملية استثمار هي تلك الموجهة نحو الإنسان،
لأنه بالإنسان تستطيع المنظمات أن تتغلب على معظم مشكلاتها، وأن العمل الجماعي وتوحيد الجهود وخلق روح الجماعة بين صفوفهم ستساعد على تحقيق قدر أكبر من الفعالية في الأداء (النمر ، 1990: 197)
وتقوم نظرية ( Z) على ثلاثة مبادئ أساسية تتلخص في الآتي:
أ- الثقة بين العاملين بعضهم ببعض وبين العاملين والإدارة.
ب- الحذق والمهارة في التعامل والعمل، وينتج ذلك من الخبرة والتجربة وطول ممارسة العمل.
ج- الألفة والمودة بما تعنيه من علاقات اجتماعية متينة وصداقات حميمة وتعاون واهتمام ودعم للآخرين.
وفي حال توفر الثقة والمهارة والمودة في العمل فإن ذلك يؤدي إلى ا لالتزام الوظيفي والانتماء للمنظمة وهو ما يؤدي بالتالي إلى رفع مستوى أداء الفرد وإنتاجية المنظمة (الدلبجي، 1417: 79 – 80 ).
تقييم الأداء:
تعتبر عملية تقييم الأداء من العمليات الهامة التي تمارسها إدارة الموارد البشرية في المنظمات وعلى جميع مستويات المنظمة بدءً من الإدارة العليا وانتهاءً بالعاملين في أقل المراكز الوظيفية وفي خطوط الإنتاج الدنيا, فهي وسيلة تدفع الإدارات للعمل بحيوية ونشاط نتيجة مراقبة أداء العاملين بشكل مستمر من قبل رؤسائهم, وتدفع المرؤوسين للعمل بنشاط وكفاءة ليظهروا بمظهر العاملين المنتجين أمام رؤسائهم, وليحققوا مستويات أعلى في التقييم لينالوا الحوافز والعلاوات المقررة لذلك, ولكي تحقق العملية الأهداف المرجوة منها يجب التعامل معها بشكل نظامي ودقيق وبمشاركة جميع الأطراف التي من الممكن أن تستفيد من النتائج النهائية لعملية التقييم.
ويمثل تقييم الأداء تعريف الفرد بكيفية أدائه لعملة, وعمل خطه لتحسين وتطوير أدائه في كثير من الحيان, وعندما يطبق تقييم الأداء بصورة صحيحة فأنه يوضح للفرد مستوى أدائه الحالي, وقد يؤثر في مستوى جهد الفرد واتجاهات المهام المستقبلية وتدعيم الجهود المبذولة لتحسين الأداء بطريقة صحيحة (محمد, 2000: 207).
ولقد تعدد التسميات التي أطلقها الباحثين على تقييم الأداء, فسيمت حيناً قياس الكفاءة, وسميت كذلك تقييم الكفاءة, وسميت التقييم الوظيفي أو المهني, ألا أن التسمية الأكثر شيوعاً هي تقييم الأداء.
وعرف تقييم الأداء ( معجم المصطلحات الإدارية, 2022: 544) بأنه عملية إدارية يتم من خلالها تحديد كفاءة العاملين ومدى أسهامهم في إنجاز الأعمال المناطة بهم, وكذلك الحكم على سلوك العاملين وتصرفاتهم أثناء العمل ومدى التقدم الذي يحرزونه أثناء عملهم.
وعرف عبيد (1965: 458) تقييم الأداء بأنه تقييم كل شخص من العاملين في المنشأة على أساس الأعمال التي أتمها خلال فترة زمنية معينة وتصرفاته مع من يعملون معه.
ويعرف عقيلي (1976: 9) تقييم الأداء بأنه عملية بموجبها تقدير جهود العاملين بشكل منصف وعادل, لتجرى مكافأتهم بقدر ما يعملون وينتجون, وذلك بالاستناد إلى عناصر ومعدلات تتم على أساس مقارنة أدائهم بها لتحديد مستوى كفاءتهم في العمل الذي يعملونه.
بينما يعرف السلمي (1988: 289) تقييم الأداء بأنه استخدام المنطق وأساليب التقييم الموضوعية للحكم على الانجازات المحققة بعد تنفيذ المشروعات والأنشطة المختلفة.
في حين يعرف تقييم الأداء (بربر, 1997: 125) بأنه عملية التقييم والتقدير المنتظمة والمستمرة للفرد بالنسبة لإنجاز الفرد في العمل وتوقعات تنميته وتطويره في المستقبل.
بينما نجد أنه في لائحة تقويم الأداء الوظيفي في وزارة الخدمة المدنية في المملكة العربية السعودية المقصود بتقويم الأداء الوظيفي هو ما تقوم به الجهة الحكومية من إجراءات لقياس مستوى أداء الموظف لواجبات وظيفته وفقاً لعناصر ومعايير معينة خلال فترة زمنية محددة بما يمكنها من إتخاذ القرارات المناسبة عن الموظف (وزارة الخدمة المدنية, المادة 36/1)
ولقد حدد بعض الباحثين بأن المقصود من تقييم الأداء هو مايلي:
***61607; تحديد إلى أي مدى استطاعت الإدارة تحقيق المهام المحددة لها.
***61607; معرفة أسباب الأنحرافات عن مقياس الأداء المحدد.
***61607; أقتراح أساليب معالجة النواحي الخارجة عن نطاق تحكم الإدارة.
***61607; وضع الحوافز لتحسين الأداء.
***61607; وضع أسس للمقارنة بين مختلف الأنشطة في الوحدة الاقتصادية (Racker et al., 1964: 396 ).
ويرى السلمي (1976: 41) أن عملية تقييم الأداء جزء من عملية الرقابة في المنظمة ككل, وأن تقييم الأداء هو استقراء دلالات ومؤشرات المعلومات الرقابية لكي يتم اتخاذ قرارات جديدة لتصحيح مسار الأنشطة عند انحرافها, وأن عملية الرقابة بما فيها تقييم الأداء تقوم بمهمتين أساسيتين, هما :
***61607; محاولة دفع الأنشطة في الاتجاهات المحققة لأهداف المنظمة ومنعها من الانحراف عنها.
***61607; تصحيح مسارات الأنشطة وهو ما يعبر عنه بتقييم الأداء.