الاستشراق و التاريخ الاسلامي: القرون الاسلاميه الاولي: دراسه مقارنه بين وجهه النظر الاسلامي و وجهه النظر الاوروبيه / فاروق عمر فوزي
الحجم : 9.79 MB
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .
تاريـخ,
الاستشراق و التاريخ الاسلامي: القرون الاسلاميه الاولي: دراسه مقارنه بين وجهه النظر الاسلامي و وجهه النظر الاوروبيه / فاروق عمر فوزي
الحجم : 9.79 MB
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .
هذا مع إن هذه الفئات قد وجدت لها متسعاً في التاريخ الإسلامي ، ولكن على مستوى آخر غير التاريخ العام، وهو مستوى التراجم الشخصية ، والطبقات الفئوية، التي شملت كل أصناف المجتمع وطبقاته من القمة إلى السفح ، ومن السقف إلى القاع.
وقد عدد مؤرخ الإسلام الكبير الحافظ شمس الدين الذهبي أنواع التواريخ التي تناولت شتى طبقات المجتمع ، فبلغت (40) أربعين تاريخاً ، نقلها عنه الحافظ المؤرخ شمس الدين السخاوي في كتابه "الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ" ، وهذه الطبقات أو هذه التواريخ التي ذكرها الذهبي ، هي :
1- سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم.
2- قصص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
3- تاريخ الصحابة رضي الله عنهم.
4- تاريخ الخلفاء من الصحابة ، ومن بني أمية ، وبني العباس ، ومعهم المروانية بالأندلس والعبيدية بالمغرب ومصر.
5- وتاريخ الملوك والدول ، والأكاسرة والقياصرة ، ومعم ملوك الإسلام ، كابن طولون ، والإخشيد ، وابن بويه ، وابن سلجوق ، ونحوهم ، وملوك خوارزم ، والشام ، وملوك التتار ، ومن لقب بالملك.
6- تاريخ الوزراء ، أولهم هارون عليه السلام ، وأبو بكر ، وعمر ، وبعضهم دخل في الأنبياء ، وفي الخلفاء ، وغير ذلك ، وفي الملوك.
7- تاريخ الأمراء ، والأكابر ، ونواب الممالك ، وكبار الكتاب ، ومنهم خلق من الموقعين ، وبعضهم أدباء ، وشعراء.
8- تاريخ الفقهاء وأصحاب المذاهب ، وأئمة الأزمنة ، والفرضيين ، قلت: ويدخل فيه أهل الاجتهاد ممن قُلّد ، وغيرهم.
9- تاريخ القراء بالسبع (أي بالقراءات السبع ، وينبغي أن نضم إليها الثلاث الأخرى من القراءات العشر).
10-تاريخ الحفاظ.
11-تاريخ مشيخة المحدثين وأئمتهم.
12-تاريخ المؤرخين.
13-تاريخ النحاة ، والأدباء ، واللغويين ، والشعراء ، والبلغاء ، والعروضيين، والحساب.
14-تاريخ العباد ، والزهاد ، والأولياء ، والصوفية ، والنساك.
15-تاريخ القضاة ، والولاة ، ومعهم تاريخ الشهود ، والأمناء.
16-تاريخ المعلمين ، والوراقين ، والقصاص ، والطرقيّة ، والغرباء.
17-تاريخ الوعاظ ، والخطباء ، وقراء الأنغام ، والندماء ، والمطربين.
18-تاريخ الأشراف ، والأجواد ، والعقلاء ، والأذكياء ، والحكماء.
19-تاريخ الأطباء ، والفلاسفة ، والزنادقة ، والمهندسين ، ونحو ذلك.
20-تاريخ المتكلمين ، والجهمية ، والمعتزلة ، والأشعرية ، والكرامية ، والمجسمة.
21-تاريخ أنواع الشيعة ، من الغلاة ، والرافضة ، وغير ذلك.
22-تاريخ فنون الخوارج ، والنواصب ، وأنواع المبتدعة ، وأهل الأهواء.
23-تاريخ أهل السنة من علماء الأمة ، وصوفيتها ، وفقهائها ، ومحدثيها.
24-تاريخ البخلاء والطفيلية ، والثقلاء ، والأكلة ، وذوي الحمق ، والخيلاء ، والسفهاء ، قلت (والقائل السخاوي) : ولم يتعرض لضدهم من الكرماء والأجواد ، كأنه للاكتفاء بالأجواد فيما تقدم ، وقد اجتمع لي منهم جملة.
25-تاريخ الأضراء (جمع ضرير وهو الكفيف) والزّمْنَى ، والصم ، والخرس ، والحدبان (ذوي الظهر الأحدب).
26-تاريخ المنجمين ، والسحرة ، والكيمائيين ، والمطالبين ، والمشعوذين. ( يقصد بالكيمائيين : الذين يزعمون أنهم يحولون الحديد إلى ذهب!! ولهذا وضعهم مع السحرة وأشباههم).
27-تاريخ النسابين ، والأخباريين ، والأعراب.
28-تاريخ الشجعان ، والفرسان ، والشطار ، والسعاة.
29-تاريخ التجار ، وعجائب الأسفار ، والبحار ، وغرباء البحرية ( كأنه يقصد : القراصنة).
30-تاريخ أولى الصنائع العجيبة ، والرشقين في أشغالهم ، واقتراحهم ، وتوليد فنون الأعمال.
31-تاريخ الرهبان ، وأولي الصوامع ، والخلوات ، والأحوال الفاسدة.
32-تاريخ الأئمة (أئمة المساجد) ، والمؤذنين ، والموقتين ، والمعبرين ، والعامة.
33-تاريخ قطاع الطرق ، والفداوية ، ولُعّاب الشطرنج والنرد والقمار ، قلت : وترك الرمي بالنشاب.
34-تاريخ الملاح ، والعشاق ، والمتيمين ، والرقاصين ، وشربة الخمور ، وأهل الخلاعة ، والقيادة ، والكذب ، والأبْنة.
35-تاريخ أولي الدهاء والحزم والتدبير والرأي والخداع والحيل.
36-تاريخ المنديين ، والمخايلين ، والصانعين ، والفرشيين ، والمخنثين ، وأهل المجون ، والمزاح ، والتجر ، والتلار ، والكذب. ( هذه مصطلحات لفئات كانت معروفة في زمن الذهبي ، وإن لم نعرف مضمونها بالضبط، ولكن يظهر أنها جميعاً مذمومة بدليل ما عطفت عليها).
37-تاريخ عقلاء المجانين ، والموسوسين ، والمتمرين ، والمدمغين ، والمطعومين.
38-تاريخ السائلة ، والشحاذين ، والمتنين ، والحرافشة ، والجمرية .
39-تاريخ قتلى القرآن والحب والسماع والفرع والحال.
40-تاريخ الكهان ، وأولي الخوارق والكشف ، الذي كأنه كرامات ، من الفسقة وغيرهم .
قال الذهبي : فهذه أربعون تاريخاً.
وأود أن أضيف هنا : ملاحظات خمساً :
الأولى : أنه أغفل ذكر تاريخ بعض الطبقات المهمة في المجتمع مثل أصحاب الحرف المختلفة ، مثل : النجارين والحدادين ، والبنائين ، والخياطين ، والصباغين ، والصيادين ، والجزارين ، والنحاسين ، والصاغة ، وغيرهم من ذوي الحرف.
ِالثانية : أنه لم يذكر : تاريخ المتنبئين ، ممن ادعى النبوة مثل مسيلمة وسجاح والأسود العنسي وطلحة الأسدي ومن بعدهم.
الثالثة : أنه لم يذكر : تاريخ البلدان ، مثل تاريخ مكة ، والمدينة ، وتاريخ دمشق ، وبغداد ، واليمن ، ومصر ، وجرجان ، وخراسان ، وغيرها ، بل تواريخ أقاليم ومدن في البلدان الكبيرة ، مثل الصعيد والإسكندرية في مصر.
الرابعة : أنه جمع أحياناً فئات متباينة في تاريخ واحد ، مثل : تاريخ النحاة ، والأدباء ، واللغويين والشعراء والبلغاء والعروضيين ، والحساب ، وهم في الحقيقة أكثر من فئة.
ومثل ذلك : تاريخ الوعاظ ، والخطباء ، وقراء الأنغام ، والندماء ، والمطربين ، والآخرون غير الأولين قطعاً.
الخامسة : أن هناك تواريخ اهتمت بأهل قرن معين ، مثل "الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة "لابن حجر ، و "الضوء اللامع في أعيان القرن التاسع" للسخاوي ، وغيرها.
ِعلى أن كتب التاريخ العام أو التاريخ السياسي لا تهتم من التواريخ الأربعين التي ذكرها الذهبي ، إلا بثلاثة أو أربعة منها ، وهو : تاريخ الملوك والأمراء والوزراء وأمثالهم ، دون بقية الأصناف والفئات.
وقد حاول الإمام الذهبي في تاريخه "تاريخ الإسلام" أن يترجم للأعلام من شتى الطبقات ، فكان أقرب إلى الاستيعاب والإنصاف.
قال العلامة السخاوي في كتابه "الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ": وقرأت بخط الذهبي أيضاً في تاريخ الإسلام له : أنه " جمعه ، وتعب فيه ، واستخرجه من عدة تصانيف ، يعرف بها الإنسان ما مضى من التاريخ ، من أول تاريخ الإسلام إلى عصرنا هذا ، ومن وفيات الكبار من الخلفاء ، والقراء ، والزهاد ، والفقهاء ، والمحدثين ، والعلماء ، والسلاطين ، والوزراء ، والنحاة ، والشعراء ، ومعرفة طبقاتهم وأوقاتهم ، وشيوخهم وبعض أخبارهم ، بأخصر عبارة ، وألخص لفظ ، وما تم من الفتوحات المشهورة ، والملاحم المذكورة ، والعجائب المسطورة ، من غير تطويل ، ولا إكثار ، ولا استيعاب ، ولكن أذكر المشهورين ومن يشبههم ، وأترك المخمولين ومن يشبههم , وأشير إلى الوقائع الكبار ، إذ لو استوعبت التراجم والوقائع ، لبلغ الكتاب مائة مجلد ، بل أكثر ، لأن فيه مائة نفس يمكنني أن أذكر أحوالهم في خمسين مجلداً).
وذكر الذهبي ما طالعه من الكتب لتصنيف (تاريخه) فكان عدداً كبيراً وبعضها ليس نصاً في التاريخ ، ولكنه استفاد منه مادة تاريخية.
المرجع : تاريخنا المفترى عليه!! للدكتور يوسف القرضاوي ، ص244
فن كتابة التاريخ وطرق البحث فيه / د. سيد احمد علي الناصري
الحجم : 7 MB
http://www.4shared.com/get/7pzlz0-f/___.html
نشأة علم التاريخ عند العرب – عبدالعزيز الدوري
الحجم : 23.6 MB
موسوعة معارك العــــرب
الحجم : 19.9 MB
قصة الحضارة – ديورانت – الاجزاء كامله من 01 الى 14
الحجم : 11.1 MB
http://www.4shared.com/get/CpXdnTUs/…___01__14.html
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .
موضوع قيم شكرا لك
وقد عني بدراسة شخصية هذا العَلَم جمع من العلماء شرقا و غربا ، والذي جعلهم يفردون له هذا الاهتمام الكبير، ذلك الكتاب و المؤلف التاريخي الكبير و تحديدا ما افتتحه به و الذي اصطلح على تسميته بالمقدمة ، والشيء الذي يهمّنا في هــذا العرض ما جاء في المقدمة من كلام حول التاريخ و نظرة ابن خلدون له من خلال ما كتب حوله ، فكان أول شيء تناولته في هذا الموضوع ترجمة موجزة لعالمنا ، ثمّ ذكرت تعريفه للتاريخ و تقديما لكتابه في هذا الفن ، و أردفت ذلك بنقل شيء من كلامه حول الأسباب التي تحمل المؤرخ على نقل أخبار خاطئة ، و أخيرا ذكرت بعض الأخطاء التي وقع فيها السابقون من سردهم لوقائع و أحداث لا يمكن التصديق بها و عدّها المؤلف ضربا من الخيال ، و قـد اعتمدت في النقل على ما جاء في المقدمة ، ناقلا كلام المؤلف بنصّه ، متدخلا بحذف و اختصار بعض العبارات فقط .
أ- نسبه : هو أبــو زيد ولي الدين عبد الرحمان بن أبي بكر بن محمد بن محمد بن محمد بن الحسن بن خلدون ، أصله من حـضرمـوت من اليمن وتحديدا من قبيلة كندة ، وقد دخل ابن خلدون الأندلس مع جند اليمنية و حلّ في اشبيلية سنة 92 هـ/710م ، ثم هاجرت أسرته إلى سبتة و استقرت بها إلى أن استدعى أبو زكريا الحفصي(1) الحسن جد عبد الرحمان إلى تونس فاستقرّ بها .
ب- حيـاتـه : ولد عبد الرحمن بتونس سنة 732 هـ/1332م ، وقد نشأ في بيت علم و رياسة ، و توارثت أسرته الاشتغال بالقضاء ، حفظ القرآن بالقراءات السبع ، و درس العلـوم الفقهية و اللغوية و الأدبية على يد شيوخ كثيرين أورد أسماء الكثير منهم في معرض حديثه عن نفسه .
لقد أصيبت منـاطق واسعة من إفريقيا الشمالية في منتصف القرن 8 هـ / 14م بوباء الطـاعون ، فهلك عدد كبير من السكان ، وكان من جملة الهالكين والدا ابن خلدون ، فتركاه وحيدا لم يتجاوز سن السابعة عشر ، فتابع دروسه مدة لكنّه أُجبر أن يبحث عن عمل ، فعينه السلطان أبو إسحاق الحفصي(2) كاتبا للعلامة ، و شرح ابن خلدون طبيعة هذا العمل فقال :" فكتبت العلامة للسلطان وهي وضع الحمـد لله و الشكر لله بالقلم الغليظ ممّا بين البسملة وما بعدها من مخاطبة أو مرسوم "(3) ، ولكن سرعان ما ترك هذا العمل بسبب الفتن و الاضطرابات ، فلجأ إلى الجزائر و حلّ ببسكرة عند صاحب الزاب ، و لما استولى أبو عنان المريني (4) على ما بين تلمسان و بجاية ، استدعى ابن خلدون لخدمته في فاس ، ونزل بها سنة 755 هـ/1352م ، وعينه أبو عنان أمين سرّه سنة 756 هـ / 1353 م ، فرضي بهذا العمل(5) .
وفي سنة 757هـ/ 1355م غضب عليه أبو عنان فسجنه و لبث في السجن إلى غاية وفاة السلطان المريني 759هـ / 1358م ثمّ عينه أبو سالم (6) كاتب سرّه سنة 762هـ/1361م و بعد مقتل أبي سالم ، انتقل ابن خلدون إلى غرناطة ، فرحب به أميرها أبو عبد الله الخامس (7) الناصري ، الذي كان قد التجأ مع وزيره لسان الدين ابن الخطيب (8) إلى فاس فوافقا هناك وجود ابن خلدون ، ولما تمكن أبو عبد الله من استعادة ملكه ، أكرم وفادة ابن خلدون و ضمه إلى حاشيته وكلّفه بمهمة إتمام الصلح مع القشتاليين سنة 765هـ / 1364م ، فقام بمهمته أحسن قيام ، لكن علاقته ساءت مع ابن الخطيب (9) فانتقل إلى بجاية و منهـا إلى بسكرة ، و لم يـزل يخـوض في السياسة حتى قرّر مقاطعتها و التفرّغ للعلم ، فنزل عند بني عريف في قلعة ابن سلامة (غرب الجزائر حاليا ) فأقام بها أربع سنوات ، حيث شـرع في كتابة مؤلفه الكبير في التاريخ ، وأتـمّ هناك مقدمته المشهورة ، ثم احتاج إلى التحقيق و التدقيق في المصادر ، فرغب في العودة إلى تونس فحل بها سنة 780هـ / 1378م ، وفيها أنهى كتابة العــبر و قدم نسخة منه لمكتبة السلطان (10) .
وفي سنة 784هـ / 1382م عزم ابن خلدون على حج بيت الله الحرام ، فنزل الإسكندرية في مصر و أقام بها شهرا استعدادا للتنقل إلى البقاع المقدسة ، غير أنّ مراده لم يتحقق هذا العام ، ثمّ أرسل في طلب عائلته من تونس ، غير أن مصابا جللا أصابهم جميعا ذلك أن السفينة التي كانت تحملهم إليه غرقت فماتوا ولم ينج منهم أحـد ، فذكر الله في مصابه ثمّ حجّ بيت الله الحرام(11) ، ثمّ عاد إلى القاهرة و اشتغل مدرسا بالأزهر الشريف ، و كان قبل وفاة أفراد أسرته تولى قضاء المالكية سنة 786هـ / 1384م ، ثمّ تخلى عنه و عكف على التدريس و العلم إلى أن حضرته المنيّة يوم 25 رمضان 808هـ / 17 مارس 1406م في القاهرة (12) .
ج- آثـــاره : تعتـبر المقدمة أهم إنتاج علمي في العصر الإسلامي الوسيط في مجال فلسفة التـاريخ والحضــارة ، فقد ضمّنها قواعـد منهجيــة خاصة بالبحث و التحقيق و النقد التاريخي و الاجتماعي و السياسي و من مبادئ التفكير العلمي الـذي اهتـدى به هو نفسه و قاده إلى نظرياته في العمران و حقائق الاجتماع و المعاش و الدولة و العصبية و البــداوة و الحضارة و العمل و الإنتاج و الدين و الأخلاق ، و لتميّز تفكيره ووضوح آرائه واقتصاره عـلى بحث ما هو واقع من ظواهر التاريخ و العمران ، يكاد يتفق الدارسون على أنه واضع فلسفة التاريخ ، و المؤسس لعلم الاجتماع المستقل بموضوعه و منهجه و مسائله (13) .
ولابن خلدون قصائد عديدة نضمها في مدح الملوك و الأمراء الذين خدمهم ، ذكر بعضها في كتابـه الضخــم الذي سماه كتاب العبر و ديوان المبتدأ و الخبر في أيام العرب و العجم البربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر، و صدر هذا الكتاب ما عرف و اشتهر بمقدمة ابن خلدون .
2- مفهــوم التاريخ عند ابن خلـــدون :
إن المقـدمة هي الجـزء الأول من كتاب العبر ، و المستشرقون في مؤلفاتهم يطلقــون على الجزء الأول من الكتاب مع مقدمــــة المؤلف " مقــدمة في فضل علم التاريخ " ، و يطلقون عليها هذا العنوان العام المختصر و هو المقدمة ، و هذه التسمية مأخوذة عـن حـاجي خليفة ، كما نُقل عنه هذه التسمية " مقدمة ابن خلدون " التي ثبتت فيما بعد في المطبوعات الأوربية عن طريق التقليد (14) .
و يقسّم ابن خلـدون التـاريخ قسمين ، ظاهري و هو أخبار الأيام و الدول و القرون السابقة و قسم خفي و هو نظر و تحقيق و تعليل دقيق و علم بكيفية الوقائع و أسبابها و هذا كلامه بنصه : " فـإنّ فن التاريخ من الفنون التي تتداولها الأمم و الأجيال ، و تشد إليه الركائب و الرحال و تسمو إلى معرفته السوقة و الأغفال و تتنافس فيه الملوك و الأجيال ، و يتسـاوى في فهمه العلمـاء و الجهّال ، إذ هو في ظـاهره لا يزيد عن أخبار عن الأيام و الدول ، و السوابق من القرون الأول تنمو فيها أقوال و تضرب فيها الأمثال و تطرف فيها الأندية إذا غصّها الاحتفال ، وتؤدي إلينا شأن الخليقة كيف تقلّبت بها الأحوال و اتسع فيها المجال و عمّروا الأرض حتى نادى بهـم الارتحال ، و في باطنه نظـر و تحقيق و تعليل للكائنات و مبادئها دقيق ، وعلم بكيفيات الوقائع و أسبابها عميق" (15) .
و تبعا لمفهوم ابن خلدون للتاريخ فإنّه أثنى على عمله و مؤلفه بعبارات بليغة نافيا عن نفسه أخطاء السابقين و مطبقا لما تضمنه تعريفه من نقد و تحليل فقال : " فأنشأت في التاريخ كتابا رفعت به عن أحوال الناشئة من الأجيال حجابا و فصلته في الأخبــار بابا بابا، و أبديت فيه لأولية الــدول و العمران عللا و أسبابا ، فهذبت مناحيه تهذيبا ، وسلكت في ترتيبه و تبويبه مسلكا غريبا واخترعته من بين المناحي مذهبا عجيبا ، و شرحت فيه من أحوال العمران و التمدن و ما يعرض في الاجتماع الإنساني من العوارض الذاتية ، و ما يمتعك بعلل الكوائن و أسبابها ، و يعرفك كيف دخل أهل الدول من أبوابها حتى تنزك التقليد من يدك و تقف على أحوال ما قبلك من الأيام والأجيال وما بعدك" (16) .
3- مزالـق المؤرخين في نظر ابن خلدون من المقدمة:
أ- أسباب أخطاء المؤرخين : يُعتبر ابن خلدون رائدا في مجال فلسفة التاريخ فهو يحرص على تأكيد التفسير العمراني و الحضاري للتاريخ ، فينتقد مناهج السابقين الذين لم يحـرصوا على تخليص البحث التاريخي من الأخبار الكاذبة ، و نقلوا عن غيرهم دون تمييز بين مـا يحتمل الصدق و ما لا يمكن أن يكون صادقا (17) ، و تشيـد المقدمة بكبار المؤرخين الذين أحلّوا التاريخ الإسلامي مكانته المرموقة أمثال الطبري (18) و المسعودى (19) ، فقيمة تواريخهم أكبر من أن تنكر و إمامتهم مسلّم بها ، و لكن هذه الإمامة كانت سببا في أن وقع التسليم بكثير مما نقلوه عن خطأ ، فقد تأسست أخبار بناء على روايات ، فتلقاها هؤلاء الأئمة واستقرت في تواريخهم ، ولم تعد بحاجة إلي أن تسندها أسانيد ، فالسلطان المعنوي لهؤلاء الأئمة كـان وحده ضمانا لصحتها ، من أجل هذا يحتلّ نقد التقليد مكانا بارزا في القسم المخصص لنقد التاريخ من المقدمة (20) .
و ذكر ابن خلدون أسبابا كثيرة كانت وراء خطأ المؤرخين المسلمين ، و منها الاعتماد على مجرّد النقل فقط لأن الأخبار إذا اعتمد فيها على مجرد النقل و لم تحكم أصول العادة و قواعد السياسة و طبيعة العمران و الأحوال في المجتمع الإنساني ، ولا قيس الغائب منها بالشاهد و الحاضر بالذاهب ، فربما لم يؤمن فيها من العثور و مزلّة القدم و الحيد عن جادة الصدق ، لا سيما في إحصاء الأعـداد من الأموال و العساكر إذا عرضت في الحكايات إذ هي مظنّة الكذب و مطية الهذر(21) .
ومنها الذهول عن تبدل الأحوال في الأمم و الأجيال بتبدل الأعصار ومرور الأيام ، فربما يسمع السامع كثيرا من أخبار الماضي ، ولا يتفطن لما وقع من تغيير الأحوال و انقلابها ، فيجريها لأول وهلة على ما عرف و يقيسها بما شهد ، وقد يكون الفرق بينهما كثيرا فيقع في مهواة من الغلط (22) .
وكذلك التشيّع للآراء و المذاهب ، فإنّ النفس إذا كانت على حال من الاعتدال في قبول الخبر أعطته حقه من التمحيص و النظر حتى تتبين صدقه من كذبه ، وإذا خامرها تشيع لرأي أو نحلة ، قبلت ما يوافقها من الأخبار لأول وهلة ، وكان ذلك الميل و التشيّع غطاء على عين بصيرتهـــا عن الانتقاد و التمحيص ، فتقع في قبول الكذب و نقله (23) .
كما ذكر ابن خلدون أيضا الثقة بالناقلين فقال : " ومن الأسباب المقتضية للكذب في الأخبار الثقة بالناقلين ، و تمحيص ذلك يرجع إلى التعديل و التجريح" (24) .
و أضاف إلى تلك الأسباب ميــل بعض المؤرخين إلى التقرب من أصحاب المراتب العليا بالثنـاء و المدح و تحسين الأحوال و إشاعة الذكر بذلك ، فتستفيض الأخبار على غير الحقيقة ، فالنفوس مولعة بحب الثناء و الناس متطلعون إلى الدنيا و أسبابها من جاه أو ثروة ، وليسوا في الأكثر براغبين في الفضائل و لا متنافسين في أهلها (25) .
ب- من أخبار الأمم السابقة : يحمل ابن خلدون في المقدمة بشدّة على كبار المؤرخين الذين نقلوا أخبارا كثيرة دون أن يعملوا فيها نظرهم و يبحثوا فيها لتمحيصها ، فيثبتوا الصحيح منها و يطرحوا المخالف لأصول العادة و قواعد السياسة و طبيعة العمران ، ومن الأخيار التي تخص الأمم السابقة أخبار بني إسرائيل و التبابعة و العرب البائدة ، و سنذكر مآخذ ابن خلدون على هذه الأخبار ناقلين كلامه من كتابه بشيء من التصرف و الاختصار .
جيش بني إسرائيل : يأخذ ابن خلدون على المسعودي خاصة ما نقله في ذكر تعداد جيوش بني إسرائيل فقال : " و هذا كما نقل المسعودي و كثير من المؤرخين في جيش بني إسرائيل أن موسى عليه السلام أحصاهم في التيه ، فكانوا ستمائة ألف أو يزيدون ، ويذهل في ذلك عن تقدير مصر و الشام واتساعها لمثل هذا العدد من الجيوش ، فلكلّ مملكة من المماليك حصة من الحامية تتسع لها و تقوم بوظائفها ، تضيق عما فوقها ، تشهد بذلك العوائد المعروفة و الأحوال المألوفة ، ثم إنّ هذه الجيوش البالغة إلى مثل هذا العدد يبعد أن يقع بينها زحف أو قتال ، لضيق مســاحة الأرض و بعــدها إذا اصطفت ، فلو بلغ بنو إسرائيل مثل هذا العدد لاتسع نطاق ملكهم و انفسح مدى دولتهم ، و القوم لم تتسع ممالكهم إلى غير الأردن و فلسطين و الشام ، و بلاد يثرب و خيبر من الحجاز إلى ما هو معروف (26) .
غـزوات التبابعة : و من الأخبار الواهية للمؤرخين ما ينقلونه كافة من أخبار التبابعة ملوك اليمن في جزيرة العرب أنّهم كانوا يغزون من قراهم باليمن إلى إفريقية والبربر من بلاد المغرب ، و إلى التـــرك و بلاد التبت من بـلاد المشرق ، و أن افر يقش بن قيس بن صيفي من أعاظم ملوكهم الأول ، و كان لعهد موسى عليه السلام أو قبله بقليل ، غزا إفريقية وأثخن من البربر و أنّه الذي سماهم بهذا الاسم حين سمع رطانتهم و قـال ما هذه البربرة ، فأخذ هذا الاسم عنه و أنه لما انصرف من المغرب ، جمــع هناك قبائل من حمير فأقاموا بها فاختلطوا بأهلها و منهم صنهاجة و كتامه (27) .
إرم ذات العمــاد : و هنا ينقل ابن خلدون ما أورده المؤرخون في حكايتهم خبر عاد و هم من العرب البائدة التي أبادها الله بعد أن أرسل إليهم فيه هودا فكذبوه فيقول : " و أبعد من ذلك و أعرق في الوهم ، ما يتناقله المفسرون عن تفسير سورة الفجر عند قوله تعالى: " ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد " (28) ، فيجعلون إرما اسما لمدينة وصفت بأنها ذات العماد أي الأساطين ، و ينقلون أنه كان لعاد ابن عوص بن ارم ابنان هما شديد و شداد ملكا من بعده ، و هلك شديد فخلص الملك لشداد و دانت له ملوكهم ، و سمع وصف الجنة فقال: لأبنينّ مثلها ، فبنى مدينة في صحارى عدن في ثلاثمــائة سنة و كان عمره تسعمائة سنة ، و أنّها مدينة عظيمة قصورها من الذهب و الفضة و أساطينها من الزبرجد و الياقوت ، وفيها أصناف الشجر، و لما تمّ بنـاؤها سار إليها بأهل مملكته حتى إذا كان على مسيرة يوم و ليلة بعث الله عليهم صيحة من السماء ، فهلكوا كلّهم " (29) .
ج- من أخبـار المسلميــــن :
نكبة البرامكة : و هنا ينفي ابن خلدون ما يذكره المؤرخون من أن سبب نكبة البرامكة كان زواج جعفر بالعباسة أخت الرشيد زواجا سريا بعد أن رفض الخليفة هارون الرشيد ذلك ، ينفي ذلك بقوله أن العباسة لأشرف من أن تدنس نسبها بنسب مولى فارسي الأصل و هي بنت خليفة أخت خليفة محفوفة بالملك العزيز و الخلافة النبوية (30) ، ثّم يورد ما يرى من سبب نكبة هؤلاء القوم قائلا : " وإنّما نكب البرامكة ما كان من استبدادهم على الدولة و احتجابهم أموال الجباية ، حتى كان الرشيد يطلب اليسير من المال فلا يصل ، فغلبوه على أمره و شاركوه في سلطانه ، و لم يكن له معهم تصرف في أمور ملكـه فعظمت آثارهم و بعُــد صيتهم و عمروا مراتب الدولـة و خططها بـالرؤساء من ولدهم و صنائعهم و اختاروهم عمن سواهم من وزارة و كتابة و قيادة و حجابة و سيف و قلم ، فيقال أنّه كان بدار الرشيد من ولد يحي بن خالد خمسة و عشرون رئيسا من بين صاحب سيف وصاحب قلم زاحموا فيها أهل الدولة بالمناكب لمكانة أبيهم يحي في كفالة هارون ، و انبسط الجاه عندهم وانصرفت نحوهم الوجوه ، وخضعت لهم الرقاب و قصرت عليهم الآمال ، و مدحوا بما لم يمدح به خليفتهم ، واستولوا على القرى و الضياع من الضواحي و الأمصار ، فاحقدوا الخاصة فكشفت لهم وجوه المنافسة و الحسد (31) .
الرشيــد و الخمر : و نفى ابن خلدون ما رُمي به الرشيد من معاشرته الخمر ، فعرض شيئا من سيرته و أثنى عليه ، فكان ممّا قال : " و أما ما نموه به الحكاية من معاقرة الرشيد الخمر و اقتران سكره بسكر الندمان ، فحاشا لله ما علمنا عليه من سوء ، و أين هذا من حال الرشيد و قيامه بما يجب من منصب الخلافة من الدين و العدالة ، و ما كان عليه من صحابة العلمـاء و الأوليـاء ، و بكائه من مواعظهم ، و ما كان عليه من العبادة و المحافظة على أوقــات الصلوات و شهـود الصبح الأول وقتها ، و كان يغزو عام و يحج عاما " (32) ، كما أشاد ابن خلدون بجدّ الرشيد أبو جعفر و أبيه المهدي ، و ما كان من سيرتهما الحسنة ،كلّ ذلك دواع قوية لأن تبعد هذه الشبهة عن هارون الرشيد .
مدينـة النحاس : نقل ابن خلدون هنا ما حكاه المسعودي عن مدينة النحاس و يـرى أنّها لا تعدو أن تكون مجرد أسطورة نسجها بعض القصاص ، قال رحمه الله : " و كما نقله المسعودي أيضا في حديث مدينة النحاس و أنّها مدينة كلّ بنائها نحاس بصحراء سجلماسة ( جنوب المغرب الأقصى حاليا ) ، ظفر بها موسى بن نصير في غزوته إلى المغرب ، وأنّها مغلّقة الأبواب ، وأنّ الصاعد إليها من أسوارها إذا أشرف على الحائط صفق و رمي بنفسه فلا يرجع آخر الدهر" (33) ، ثّم علل قوله فأردف قائلا :" ثمّ إنّ هذه الأحـــوال التي ذكروا عنها كلّها مستحيل عـادة منـاف للأمـور الطبيعية في بنـاء المدن و اختطاطها ، و أنّ المعــادن غاية الوجود منها أن يصرف في الآنية و الخرثي( أثاث البيت) و أمّا تشييد مدينة منها فكما تراه من الاستحالة و البعد (34) .
لقد تمكن ابن خلدون من إعطاء نظرة جديدة لكتابة التاريخ ، فدعا إلى عدم الوقـوع في التقليد و نقل الأخبـار دون تمحيص و تدقيق ، و نقم بشدة على من سبقه من المؤرخين اعتمادهم هذا الأسلوب الذي كان سببا في رسوخ الأخبـار الكاذبة عند عامة الناس .
لكنّ السـؤال الذي يطرح نفسه ، هل كل ما ذكره ابن خلدون مسلم به لا يحتمـل المناقشة ؟ و هل سلم من الأخطاء التي رمى بها غيره في مجال الكتابة التاريخية ؟ .
لا شك أن كلّ رجل يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر كما قال الإمام مالك قاصدا بذلك النبي صلّى الله عليه و سلّم ، فبعض ما حكاه ابن خلدون من تزييف و تضليل و أخبار واهية لا شك في سداد رأيه فيها ، و أما البعض الآخر فقبوله أو نفيه يحتاج إلي بحث و تتبع ، من ذلك مثلا إثباته نسب العبيديين ( الفاطميين ) الشريف بقوله الناس مصدقون في أنسابهم ، فلا يمكن أن يٌعدّ هذا القول قاعدة علمية ، خاصة و أنّه قد شاع ادّعــاء النسب الشريف و أنّه كـان مطية لكل راغب في مجد أو سلطة ليخدع به عواطف المسلمين و يملك قلوبهم ، و ذلك لتعظيم و محبة العامة آل بيت النبي صلّى الله عليه و سلّم .
وأخيرا يمكن القول : إن ابن خلدون يُعتبر رائدا في مجال فلسفة التاريخ و العمران البشري و ما يعرف حاليا بعلم الاجتماع ، وقد شهد بهذا كل من درس هذه الشخصية بموضوعية سواء من علماء الإسلام أو من المستشرقين على حد سواء .
ــــــــــــــــــــــ
الهوامش :
1-أبو زكريا الحفصي: يحيى بن عبد الواحد بن أبي حفص ، أول من استقل بالملك و أسس الدولة الحفصية في تونس سنة626 هـ / 1222م ، ولد سنة 598 هـ و توفي سنة 647 هـ / 1249م (خير الدين الزركلي، الأعــلام،دار العلم للملايين،بيروت،ط 11،1995،ج8، ص155) .
2-أبو إسحاق الثاني: إبراهيم بن أبي بكر المتوكل على الله من ملوك الحفصيين في تونس ، وليها سنة 751 هـ/1350م وهو غلام و قام بأمره حاجب والده أبو محمد بن تافراجين ، تميز عهده بالفتن ، توفي سنة 770 هـ / 1368م ( الزركلي، الأعلام ، ج1، ص34 ) .
3- ابن خلدون، كتــاب العــبر ، دار الكتاب اللبناني، بيروت، 1983 ، ج14 ، ص849.
4-أبو عنان فارس المتوكل أحد أمـراء المرينيين في المغرب الأقصى، حكم بين سنتي 749 هـ/1348م و 759 هـ/1357م ، مد سلطانه حتى وصل بجاية ، ودخل في حروب مع جيرانه، توفي مقتولا في قصره في فاس (حسين مؤنس، تاريخ المغرب و حضارته العصر الحديث ، بيروت ، ط1 ، 1992 ، ج3 ، ص53).
5 -د/أبو عمران الشيخ و آخرون، معجم مشاهير المغاربة، منشورات دحلب ، الجزائر 2000 ، ص164
6- أبو سالم بن أبي الحسن : سلطان مريني ، بويع سنة 760هـ/1358م و قتل سنة 764هـ/1362م (حسين مؤنس، تاريخ المغرب و حضارته، ج3، ص57) .
7 – أبو عبد الله محمد الخامس الناصر: محمد بن يوسف بن إسماعيل ثامن ملوك دولة بني نصر ابن الأحمر في غرناطة، ولد سنة 739هـ/1338م ، تولى الحكم بعد وفاة أبيه سنة 755هـ/1353م ، و جدد رسوم الوزارة لوزير أبيه لسان الدين بن الخطيب، خلعه أخوه إسماعيل سنة 761هـ/1359م ثمّ عاد إلى الحكم مرة ثانية سنة 763هـ/1361م و في هذه المرة نكب وزيره لسـان الدين ، توفي أبـو عبـد الله سنة 793هـ/1390م ( الزركلي، الأعلام ، ج7، ص153.)
8- لسان الدين ابن الخطيب: محمد بن عبد الله بن سعيد الغرناطي أبو عبد الله ، ولد سنة 713هـ/1313م بغر ناطة و نشأ بها ، استوزره سلطانها أبو الحجاج يوسف بن إسماعيل سنة 733هـ / 1332م ثم ابنه من بعده محمد، ترك الأندلس بعد وشاية من حاسديه ، فالتجأ إلى تلمسان، ثم أعيد إلى غرناطة ووجهت له تهمة الزندقة و قتـل سنة 776هـ / 1374م ، له مؤلفات عديدة أهمها الإحـاطة في أخبار غرناطة ( الزركلي، الأعلام، ج6، ص235 ) .
9- د/ أبو عمران الشيخ و آخرون، مرجع سابق، ص167.
10- فؤاد افــرام البستاني، مقدمــة المقدمــة ، شركة الشهاب، الجزائر، ص14.
11- نفسه، ص15.
12- د/ أبو عمران الشيخ و آخرون، مرجع سابق ، ص166.
13- نفسه، ص168.
14- د/ سفيتلانا باتسييفا، العمران البشري في مقدمة ابن خلدون، ترجمة رضوان إبراهيم، الدار العربية للكتاب، ليبيا-تونس، 1978، ص157 .
15- ابن خلدون، المقــدمــة، دار الكتاب اللبناني، بيروت، ج1 ، ص 2 .
16- نفسه، ص6.
17- عفت الشرقاوي، في فلسفة الحضــارة الإسـلامية، دار النهضة العربية، بيروت، 1985، ص396 .
18- الطبري : أبو جعفر محمد بن جرير ، ولد في طبرستان سنة 224 هـ/838م ، رحل منذ صغره في طلب العلم ثم استقر في بغداد ، له مؤلفات كثيرة في مختلف العلوم، أهمها تفسير القرآن و كتاب تاريخ الرسل و الملوك، توفي الطبري سنة 310 هـ/922م (خير الدين الزركلي، الأعلام ، ج6 ،ص69 ) .
19- المسعودى : علي بن الحسين بن علي ، مؤرخ و رحالة من بغداد ، سكن مصر و توفي بها سنة 346 هـ/957م ، من أهم مصنفاته كتاب مروج الذهب و معادن الجوهر ( الزركلي، الأعلام، ج4 ، ص277 ) .
20- علي أومليل، الخطـاب التـاريخي دراسة لمنهجية ابن خلدون، معهد الإنماء العربي، طرابلس، ص63 .
21- ابن خلدون، مصدر سابق، ج1 ، ص13.
22- نفسه، ج1، ص48.
23- نفسه، ج1، ص57.
24- نفسه، ج1، ص58.
25- نفسه، ج1، ص58.
26- نفسه ، ص ص13-14.
27- نفسه: ص ص16-17.
28- سورة الفجر، الآية6.
29- ابن خلدون، المقدمة ،ص ص20 – 21.
30- نفسه، ص23.
31- نفسه، ص ص24 – 25 .
32- نفسه،ص27.
33- نفسه ،ص60.
34- نفسه ،ص61
التدويل مهّد للاستقلال
يُعتبر إضراب الثمانية أيام من 28 جانفي (يناير) إلى 04 فبراير 1957 حدثا بارزاً في مسيرة الثورة التحريرية الجزائرية ، وتكمن أهمية موعده مع اشتداد عود الثورة وتحقيق انتصارات عسكرية على الجيش الفرنسي وتزامنه مع موعد إدراج القضية الجزائرية في برنامج الأمم المتحدة حيث تقرر مناقشتها في 28 جانفي 1957. فجاء هذا الإضراب كعمل سياسي لفت الانتباه لما يحدث في الجزائر وكشف جرائم الاستعمار أمام الرأي العام العالمي ، والتمهيد لاعتراف هيئة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بحق الشعب الجزائري في تقرير مصيره والاستقلال والتأكيد مرة أخرى على التفاف الشعب حول جبهة وجيش التحرير الوطني باعتبارهما الممثل الشرعي والوحيد للشعب الجزائري .
وقد دفعت الظروف الداخلية والدولية لاتخاذ هذا القرار الجريء خاصة في سنة 1956 التي شهدت أحداثاً بارزة مع انعقاد مؤتمر الصومام في شهر أوت (أغسطس)، ويعد أول مؤتمر يجمع قادة الثورة ويعطي دفعاً تنظيمياً جديداً للكفاح المسلح كما طبع النصف الثاني من هذه السنة العديد من الأحداث ، ففي 22 أكتوبر قام الاستعمار الفرنسي باختطاف الطائرة المغربية المتجهة من المغرب إلى تونس والتي كانت تقل خمسة مسؤولين المشاركين فيما سمّي بمؤتمر السلام بحيث اعترضت الطائرة طائرة عسكرية فرنسية وتم إلقاء القبض عليهم والزج بهم في السجن ، بالإضافة لتسجيل بداية الاتصالات السرية بين السلطات الاستعمارية ومسؤولي جبهة التحرير الوطني .
أما الحدث الدولي البارز فكان العدوان الثلاثي على مصر – 23 أكتوبر 1956 – والذي شاركت فيه ثلاث دول : بريطانيا واسرائيل وفرنسا ، بعد قرار عبد الناصر بتأميم قناة السويس ، وكانت حجة فرنسا في العدوان هي مساعدة مصر للثوار الجزائريين.
عم الإضراب كل أرجاء البلاد ، واستجاب الشعب لنداء جبهة التحرير الوطني ، كما أنه شمل مختلف النشاطات الاقتصادية بحيث توقفت حركة التجارة والنقل والفلاحة والتعليم والإدارات حسب المدة المحددة وهي أسبوع .
التحضيرات للإضراب
أعدت لجنة التنسيق والتنفيذ «الهيئة التنفيذية للمجلس الوطني للثورة الجزائرية» قراراً بشن إضراب وطني في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر 1956 وذلك لتدعيم مسعى الكتلة الإفريقية الآسياوية في الجمعية العامة للأمم المتحدة عند مناقشة القضية الجزائرية في العاشر من ديسمبر 1956 ، لكن ذلك تم تأجيله بسسب أعياد رأس السنة الميلادية وقرار انعقادها في 28 يناير 1957 مما جعل لجنة التنسيق والتنفيذ تصدر تعليمة تنظيم الإضراب ليتسنى لمختلف قادة الولايات التحضير له ، فققرت اللجنة أن تجعل من يوم 28 يناير بداية انطلاق للإضراب لكن بقي ذلك في سرية تامة.
ومع اقتراب الموعد وزعت كل ولاية مناشير تحدد تاريخ بداية الإضراب ونهايته ، وتم توجيه نداءات سرية كذلك عبر الإذاعة السرية «صوت الجزائر» ، كما شكلت لجان الإضراب على مستوى الولايات وأخرى فرعية على مستوى المناطق والنواحي والقسمات والمدن والأحياء ، بالإضافة إلى تشكيل لجان داخل أهم الهيئات النقل البريد والمواصلات والمصالح البلدية والأسواق. وكانت مهام هذه اللجان تتعدى إعلام السكان إلى تزويدهم بالمؤن والمواد الغذائية وما يحتاجون إليه طيلة مدة الإضراب وتقديم إعانات مالية للعائلات.
ولم تكنف الثورة بالتعبئة الداخلية للشعب ، بل تعدت حدود الجزائر بدعوتها الجزائريين خارج الوطن في فرنسا وتونس والمغرب للمشاركة في إنجاح الإضراب.
موقف السلطات الاستعمارية من الإضراب
بمجرد وصول أخبار نداء الإضراب للسلطات الإستعمارية عمدت للتخطيط بمختلف الوسائل لإفشاله قبل انطلاقه ، فقامت مصالحها الدعائية بطبع منشورات مزيفة تحذر من خلالها الشعب الجزائري من الوقوع في فخ الاستعمار باسم جبهة التحرير الوطني ، كما تم إنشاء إذاعة سرية مزيفة أطلق عليها اسم «صوت الجزائر» بتدبير من «لاكوست» وتكمن مهمتها في إذاعة أوامر تناقض أوامر جبهة التحري الوطني ، كما هددت السلطات الاستعمارية المشاركين في الإضراب بتسليط العقوبات عليهم ، واستدعت كذلك التجار والعمال الجزائريين قصد تحذيرهم من النتائج ، ورغم هذه الضغوطات والتهديدات انطلق الإضراب في وقته المحدد وشمل مختلف أرجاء الوطن ، واعتصم الجزائريون في بيوتهم استجابة لنداء جبهة التحرير الوطني.
مجريات الإضراب
عمَّ الإضراب كل أرجاء البلاد واستجاب الشعب لنداء جبهة التحرير الوطني ، كما شمل مختلف النشاطات الاقتصادية بحيث توقفت حركة التجارة والنقل والفلاحة والتعليم والإدارات حسب المدة المحددة أسبوع ، وإزاء هذه الاستجابة الواسعة للإضراب كتبت صحيفة «لوموند» واصفة تلك الأيام في طبعتها الصادرة في 31 يناير 1957 حيث جاء فيها «بمجرد طلوع النهار استأنفت عملية تكسير المتاجر وشرعت الدوريات في إعطاء الأوامر إلى العمال للالتحاق بأعمالهم ، وإلا فإنهم يتعرضون للعقوبات بالسجن … إن الجزائر في هذا اليوم ظلت صامتة واختفى منها سكانها المسلمون » .
من جهة أخرى ، أكدت جبهة التحرير الوطني في بيانها : «إن نجاح هذا الإضراب سيكون معناه أمام العالم أنكم تعتبرون وفد جيش وجبهة التحرير الوطني هو المتكلم الأوحد لشعب الجزائر المناضل».
القمع بالأسلوب الفرنسي
لجأت السلطات الفرنسية لأساليب قمعية لوقف الإضراب وذلك بعمليات المداهمة للبيوت ليلاً ونهاراً وتعريض الموظفين والعمال للسجن والطرد..
وإجبارهم على الالتحاق بمكان عملهم.
وأمر الجنرال «ماسو» قواته باقتحام المتاجر بالقوة بحيث تتعرض المحلات للنهب والسرقة ، بل وصلت به الوقاحة حد الإعلان عبر أمواج الأثير نداء يدعو فيه باسمه سكان الجزائر لنهب البضائع إذ قال: «إن جميع المتاجر ستفتح ، وإذا اقتضت فإن الأبواب ستحطم بالقوة حتى يتمكن الجمهور من الدخول إليها بكل حرية ، وتُعلِم السلطات جميع أصحاب المتاجر أنه إذا فتحت أبوب المتاجر بالقوة فإن أمن البضائع المستودعة بها غير مضمون» .
نتائج الإضراب
أكد الشعب الجزائري عبر استجابته لنداء الإضراب أنه متمسك بالثورة التحريرية ومرتبط بجبهة التحرير الوطني كممثل شرعي ووحيد له.
كان الإضراب فرصة لوكالات الأنباء ومراسلي الصحف الأجنبية في الجزائر لتقديم صور حقيقية وواقعية عما يدور في الجزائر للرأي العام العالمي وعن الأساليب القمعية التي تستخدمها السلطات الفرنسية لإفشال الإضراب. كما كان إنتصاراً سياسياً للقضية الجزائرية حيث تمت مناقشتها بهيئة الأمم المتحدة لمدة عشرة أيام تُوِّجت بتوصيات دعت فرنسا لإيجاد حلول سلمية ، وأكدت أن المشكلة الجزائرية تنطبق عليها مبادئ حق تقرير المصير.
موقع الفسطاط
التاريخ و منهج البحث التاريخي / قاسم يزبك
الحجم : 4.9 MB
موسوعة المعارك و الحروب من 1700 ق.م حتى 2022 م
الحجم : 80.8 MB