التصنيفات
علم الاجتـماع

عناوين مختارة من مذكرات التخرج تخصص عمل


** التوضيف بالمؤسسة الجزائرية.

**تسيير الموارد البشرية في ضل اصلاحات المؤسسة العمومية الاقتصادية.

**عقلانية العمل و انعكاساتها على الانضباط في المؤسسة.

**تكنولوجيا الاعلام الالي و تاثيرها على العامل في المؤسسة الجزائرية.

**حوادث العمل داخل المؤسسة الصناعية

**تطبيق نضام الجودة بالمؤسسة الجزائرية..

**حوادث العمل و التامينات الاجتماعية.

**وضعية الموضف في قطاع التوضيف.

**التفاعل الاجتماعي داخل المؤسسة الاقتصادية.

**الوضعية الاجتماعية و المهنية للعامل في ضل الخوصصة.

**اعادة ادماج المسرحين في المؤسسة.

**فعالية الاتصال داخل المؤسسة الصناعية



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مكن مذكرت التو ضيف

أبحث عن موضوع تكنلوجيا الإعلام الآلي و تأثيرها على العامل في المؤسسة

التصنيفات
علم الاجتـماع

الإسراء والمعراج وعلم الإيمان والحكمة

[frame="9 10"]

أين الإيمان والحكمة؟
أصحاب السنن يروون: أنهم أتوا للرسول صلى الله عليه وسلم فى الإسراء بطست مملوءٍ إيمان وحكمة، ولكن هل الإيمان والحكمة شئ حسِّيٌّ أم معنوي؟، شئ معنويٌ طبعاً، وهل الشئ المعنوي يوضع في طست؟، لا، ولكن الله يريد أن يعرّفنا حقيقة غالية: {أن المعاني في المعاني مباني}

فالأرواح معاني ولكن مع بعضها تكون مباني، وكل روح متميزة عن الأخرى، يكلمون بعضاً لأن هناك فوارق بينهم، فالملائكة عالم كله معاني، ولكن مع بعضهم يكونون مثلنا، يتحدثون مع بعض، وكل واحد مكلف بتكليف خاص به من الله عزَّ وجلَّ، أو من رئيسه المباشر من كبار الملائكة عليهم السلام.

لكن الإيمان والحكمة، فيهما إشارة عالية: هي أن من يريد أن يسير إلى الله؛ لابد أن يأخذ علم الإيمان والحكمة من رجل أخذ هذه الأشياء من سماء فضل الله عزَّ وجلَّ، ولا يأخذهم من الكتب أو من الجماعة الذين ليس عندهم إشراقات روحانية ولا شفافية نورانية، فالكلام يحيي القلوب طالما أنه صادر من قلب حيٍّ، أما إذا صدر من قلب ميِّت، فلا يؤثر في المرء، وقد قال في ذلك الإمام أبو العزائم رضِيَ الله عنه في حِكَمِهِ :

{كما أن كل ماء لا ينزل من السماء لا ينفع – في سقي الزرع (الماء الراكد مثلاً)، كذلك كل علم لا ينزل من سماء رسول الله صلى الله عليه وسلَّم لا يرفع القلوب إلى مقام القرب من علام الغيوب عزَّ وجلَّ}.
إذن العلم الرافع: هو العلم النافع النازل من سماء فضل الله عزَّ وجلَّ في الحال على العباد الذين اجتباهم الله واختارهم الله عزَّ وجلَّ .

هذا هو العلم الذي اعترض عليه الشيخ عز الدين بن عبد السلام – وكان شيخ الإسلام في زمانه – ولما دخل وقابل الشيخ أبا الحسن الشاذلي ، وكانوا جالسين في الخيمة في المنصورة في معركة لويس التاسع، والعلماء كل واحد منهم أخذ يدلي برأيه في مسألة من المسائل، والشيخ ساكت، وفي الآخر قالوا للشيخ: نريد أن نسمع رأيك في هذه المسألة؟ فأفاض عليهم ما ألهمه به الله عزَّ وجلَّ ، فخرج ابن عبد السلام كطفل صغير، وأخذ ينادي على باب الخيمة: هلموا .. فاستمعوا إلى هذا العلم الحديث عهد بالله عزَّ وجلَّ ، أي استمعوا إلى هذا العلم النازل طازجاً من الله عزَّ وجلَّ. هذا العلم الذي يحرِّك القلوب ويطهِّرها، ويصفِّيها ويقرِّبها إلى معاني حضرة علام الغيوب عزَّ وجلَّ.

يمحو الكيان بعاليه و سافله علمٌ من الله بالإلهام في الوصل

فالذي يستطيع أن يمحو الكيان، ويجعله ينساق إلى الله عزَّ وجلَّ، هو علم الإلهام، لأن له جاذبيَّـة غريبة وعجيبة في قلوب المشتاقين والمحبين بل وقلوب المؤمنين أجمعين. وما علامته؟، قالوا: {إذا كان الكلام عن النور يحدث لسامعيه السرور} أي فذلك دليل على أنه وارد من عالم البرزخ.

ولو فتح الله للبعض عيون البصائر، لرأوا القلوب الجالس أهلها في هذه المجالس، وكأنها مشدودة بخيط رفيع من النور لله عزَّ وجلَّ، فلا تستطيع أن تقوم، ولا أن تتحرك يميناً ولا يساراً لأنها مشدودة، ومن الذي شدّها؟ هو الله، كي يضع فيها العلم النافع النازل من سماء الله عزَّ وجلَّ. وإذا امتلأ القلب بهذا العلم الإلهامي تنفعل له الجوارح، ويصير الإنسان بعد ذلك في عالم الناس، وحاله كما قال الله عزَّ وجلَّ: {أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ} 122الأنعام

هل من يسير بهذا النور يكون مثل أي شخص آخر؟ سأضرب لكم مثلاً لتعرفوا الفرق بين الاثنين؛ أحياناً نرى رجلاً أخذ الدكتوراة في العلوم الفقهية والشرعية والحديث، ومع ذلك نراه يرتكب المعاصي، إذن أين علمه؟ لماذا لم يمنعه؟ وتارة نرى رجلاً أميَّـاً لا يقرأ ولا يكتب، ولكن عنده وازع في باطنه يمنعه من المعاصي، حتى أنه قد يتعرض لأمور وفتن شديدة ومضايقات، بل واضطهاد، ولكنه يرفض أن يفعل المعصية

لأن النور الذي ينزل مع علوم العارفين، والذي يقولون فيه: {تسبق أنوارهم أقوالهم ؛ فتجذب القلوب وتهيأها لسماع الغيوب}، هذا النور: هو الذي يمنع الإنسان عن معصية الله عزَّ وجلَّ: وعندما يأتي في دنيا الناس؛ يرى المعاصي مثلما رآها رسول الله، ويرى الطاعات مثلما رآها رسول الله – ولكن طبعاً صورة على قدره، وليس الصورة كلها – فيرى المعاصي لو تهيأت له على أنها جهنم، وعلى أنه سينزل فيها، إذن هل يفعلها؟ لا، وهذا ما يقول فيه الله سبحانه وتعالى: {كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ} [5-6التكاثر]

[/frame]


التصنيفات
علم الاجتـماع

روبرت كينج ميرتون

روبرت كينج ميرتون عالم الاجتماع الأمريكي

حياته :
يعد ميرتون من رواد النظرية البنائية الوظيفية المعاصرة،ولد عام(1910) م وتوفي عام(2003)م ومعنى ذالك أنه ولد بعد بارسونز بثمان سنوات وعاش بعده ما يقارب الواحد وعشرين سنة ،ولعل ميرتون أسهم من خلال جهوده في تطوير الكثير من المفاهيم في البنائية الوظيفية من خلال عرضه لمجموعة من الإسهامات النظرية والمنهجية أكثر وضوحا وملامسة للواقع الاجتماعي من مفاهيم بارسونز المعقدة والصعبة والتي تكاد تنزع نحو التجريد أكثر من القدرة على التطبيق في الواقع الاجتماعي مما جعلها محور شديد للنقد من رايت ميلز وجولدنر والكثير من العلماء الذين لم ترق لهم مصطلحات بارسونز المعقدة.

اهم الاسهامات التي قدمها العالم روبرت ميرتون تنحصر في التالي:

– تبنيه مدخل النظريات متوسطة المدى التي تتجنب النقد الذي وجه للنظريات الكبرى والصغرى وقد استفاد ميرتون في هذا الإطار من نظرية الانتحار لدوركايم ونظرية ماركس في الاخلاق البروستاتنية ودور الدين في الحياة الاجتماعية.

– تناوله ما أسماه بالوظائف الكامنة والغير مباشرة والوظائف الظاهرة وهنا يتجلى ما أضافه ميرتون على بارسونز الذي اكتفى بتناول الوظائف الظاهرة والمباشرة والملاحظة للظاهرة الاجتماعية دون التطرق للوظائف المستترة .

– الأنماط الوظيفية: حيث عرض ميرتون بصورة رائعة العلاقة بين الأهداف الثقافية والمجتمعية والوسائل التي تتيح تحقيق تلك الأهداف وتحدث عن أنواع عديدة وأشكال مختلفة كالامتثال والانسحاب والطقوسية والابتداع والتمرد.

– البدائل الوظيفية: ويقصد بها عدم التسليم المطلق بفكرة الوظيفية التي قد تظهر في بناءات وأنساق اجتماعية معينة.
ولعل من أفضل البحوث الميدانية التي طبقت نظرية ميرتون في الأنماط الوظيفية(نظرية الانومي) هي دراسة الدكتور محمد إبراهيم السيف بعنوان الحرمان العاطفي في الأسرة السعودية.
تعتبر هذه أبرز اسهامات ميرتون باختصار شديد وسنفصل لها فيما سيأتي…
المؤثرين فيه:
على الرغم من الاختلافات بين تالكوت بارسونز وروبرت ميرتون في تفاصيل النظرية التي حاول كل منهما للآخر ومن التعديلات التي اقترح ميرتون إدخالها على الوظيفية إلا ان كليهما يبدأ من نفس المسلمات النظرية والإيدولوجية التي يبدأ بها كل أصحاب الاتجاه الوظيفي وأصحاب الاتجاه العضوي من قبلهم. وأهم هذه المسلمات أن البناء الاجتماعي في حالة ثبات وان هناك تكاملاً بين عناصر هذا البناءوأن هناك إجماعاً عاماً بين أعضاء المجتمع على قيم معينة وأن هناك توازناً يجب ألا يصيبه الخلل في البناء الاجتماعي.
نقد ميرتون – الذي كان تلميذاً لتالكوت بارسونز – ينقد بارسونز على أساس أن أعماله تمثل جهداً غير ناضج لمحاولة تكوين نظرية اجتماعية عامة ولكنه لم يمس في كتاباته المسلمات الرئيسية التي ارتكزت عليها أعمال بارسونز أو غيره من الوظيفين. ذلك أنه هو ذاته سلم بها تماماً. وبدلاً من ذلك ركز جهده على نقد تفاصيل هذه الأعمال أو الفروض الجزئية التي تحتوي عليها.( أحمد، سمير، النظرية في علم الاجتماع، 1985،ص 197)
مفاهيم :
• الوظائف الكامنة مقابل الوظائف الظاهرة:
• الوظائف الظاهرة : تشير إلى النتائج الموضوعية التي تحدثها سمة اجتماعية أو ثقافة معينة، تلك النتائج التي تفرض على الأفراد تبينها وتتكيف معها، فهي إذن نتائج يتوقع الأفراد حدوثها.
• الوظائف الكامنة : فتشير إلى نتائج يتوقع الأفراد حدوثها.
وقد أعطى ميرتون أمثلة على الوظائف الكامنة وهي ما يلي:
نتائج خطة الأجور الجديدة لنقابة العمال أو نتائج برامج الإعلام لزيادة الأغراض المتفق عليها لإثارة الحماس الوطني وحشد عدد كبير من الناس الذين يرفضون طرح آرائهم عندما يختلفون مع السياسات. وهنا نصل إلى أن ” أ ” وضع نتائج ” ب ” والتي ينظر إليها كنتائج وظيفة أو كنتائج معطلة عن الأداء الوظيفي.
• المعوقات الوظيفية في مقابل الوظيفية
يشير هذا المفهوم إلى تلك النتائج التي يمكن ملاحظتها والتي تحد من تكيف النسق أو توافقه. فالتفرقة العنصرية مثلاً قد تكون معوقاً وظيفياً في مجتمع يرفع شعار الحرية والمساواة.
يقول إن مفهوم المعوقات الوظيفية بما يتضمنه من ضغط وتوتر على المستوى البنائي يمثل أداة تحليلية هامة لفهم ودراسة ” الديناميات الاجتماعية والتغير ”

• البدائل الوظيفية:
تكمن أهمية هذا المفهوم في التحليل ، حينما نتخلى عن التسليم بفكرة الوظيفية التي ينطوي عليها بناء اجتماعي معين. ومعنى ذلك أنه يتعين علينا ألا نسلم بأن الجهاز السياسي يمثل الوسيلة الوحيدة لمواجهة حاجات جماعات معينة مثل رجال الأعمال والطموحين من أفراد المستويات الاجتماعية الدنيا.
وإذن فمفهوم البدائل الوظيفية يركز الاهتمام على مدى التنوع الممكن في الوسائل التي تستطيع أن تحقق مطلباً وظيفياً.
يؤكد ميرتون على أن الوظيفة ترتبط بالدوافع، ، ولو أن الدوافع ينبغي أن تتضمن في الحقائق التي تجمع لأغراض التحليل الوظيفي وأن الدوافع والوظيفة يختلفان كل على حدة.
ويرى ميرتون أن إدراك حاجات النسق الاجتماعي بصورة ما أمر ضروري حيوي للتحليل الاجتماعي، وإنه يكمن داخل تحليل وظيفي تصور معين قد يكون ضمنياً صريحاً عن المطالب الوظيفية يتجه إلى الارتباط مع ظروف بقاء نسق معين كما يميل إلى احتواء الحاجات البيولوجية والاجتماعية.
وأخيراً نجد ميرتون يحذر من الاهتمام الشديد بدراسة الجوانب الاستاتيكية في البناء الاجتماعي وهو اهتمام أبرزه بعض أنصار الوظيفية.
• الوظيفية : تلك النتائج التي تقع تحت الملاحظة والتي تساعد على توافق نسق معين أو تكيفه والتكيف هو مجموعة من حاجات النسق. وهناك خمسة معاني تستخدم فيها اصطلاح الوظيفية كما يحددها ميرتون هيا:
• الوظيفة كما تستخدم في الحياة اليومية للإشارة إلى النشاط الاجتماعي، كأن يقال إن فلاناً لم يمارس وظيفته الاجتماعية المعتادة لسبب من الأسباب.
• مفهوم الوظيفة بمعنى العمل أو المهنة التي يمارسها الفرد حيث يهيئ هذا العمل للفرد دخلاً يعتمد عليه في الحياة.
• تستخدم الوظيفة بمعنى آخر في العلوم السياسية ويقصد بها الدور الذي يقوم به الفرد في مركز اجتماعي معين وبخاصة الأشخاص الذين يشغلون وظيفة سياسية معينة .
• الوظيفة أيضاَ تستخدم في الرياضيات لكي تشير إلى أحد المتغيرات في علاقته بمتغير آخر أو أكثر
• أما الاستخدام الخامس فيمثل مكناناً مركزيا في التحليل الوظيفي في علم الاجتماع والانثربولوجيا ، ذلك الاستخدام المستعار أساسا من العلوم البيولوجية حيث يشير إلى العمليات العضوية والحفاظ على كيانه.
إن أهم نقطة عند ميرتون هو أنه فسر الوظيفية من خلال إطار أو تصور لمطالب النسق. فقط ربط بين الوظيفة والدافع رغم اختلافهما. فللنشاط عنده وظيفة ظاهرة قد تكون هي حاجات الأفراد بينما الوظيفة الكامنة هي التعبير عن حاجات النسق.
استخدم ميرتون الوظائف والنتائج لمعنى واحد ونظر إلى الوظائف الكامنة على أنها نتائج غير مباشرة للنشاط لا تتعارض مع نتائج نشاطات الأفراد التي تحمل دوافعهم.
• موضوع الكلية الوظيفية :
من نتائج التأكيد على الوحدة الوظيفية أن بعض علماء الأنثربولوجيا الأوائل قد افترضوا أنه إذا وجد عنصر اجتماعي أو جزئية اجتماعية في نظام مستمر لابد أن يكون لها نتائج إيجابية بالنسبة لتكامل النظام الاجتماعي هذا الفرض ترتب عليه وجود بعض النتائج أو القرارات القياسية من نوع يوجد نظام ، إذن العناصر أو الجزئيات جزء من هذا النظام إذن العناصر لها وظيفة إيجابية بالنسبة للنظام.

وجد ميرتون أن هناك مدى أوسع من الإمكانات الإمبريقية :
أولاً : قد لا تكون العناصر أو الجزئيات الوظيفية ذات تأثير وظيفي إيجابي بالنسبة للنظام أو للعناصر في النظام فقط ولكن قد تكون أيضاً لها وظيفة بالنسبة لعناصر أو لجزئيات معنية أو لكامل النظام.
ثانياً: بعض النتائج سواءكانت وظيفية أو غير وظيفية تكون مقصودة ومعترف بها من جانب المسئولين في النظام وبذلك فهي واضحة جلية بينما توجدد نتغير مقصودة وغير معترف بها ولذلك فإنها كامنة خفية. وهكذا بعكس تأكيدات مالينوفيسكي وبراون يقترح ميرتون تحليل النتائج المتنوعة المختلفة للعناصر أو الجزئيات الاجتماعية الثقافية سواء آأكانت إيجابي أو سلبية، واضحة أو خفية بالنيبة للأفراد والجماعات الفرعية وللبناء الاجتماعي والثقافي الأكثر شمولاً.
بهذه الطريقة ينظر ميرتون إلى الفكر الوظيفي المعاصر بإعتباره معوضاً لمبالغات الصور الأولى من التحليل وذلك بالتركيز على الأنماط الحاسمة لنتائج العناصر أو الجزئيات الاجتماعية بالنسبة لبعضها البعض وبالنسبة للكل الاجتماعي متى اقتضت الحقائق ذلك.

اسهاماته المنهجية:
أولاً : النظريات متوسطة المدى :
رأى ميرتون أن النظرية في علم الاجتماع يجب أن تكون متوسطة المدى، وقد عرف النظرية متوسطة المدى بأنها: تلك التي تقع بين طرفين : الطرف الأول يتمثل في مجموعة من الافتراضات العلمية البسيطة التي نقابلها عند أجراء البحوث الميدانية والطرف الثاني يتمثل في النظريات الشاملة الموحدة التي تسعى إلى تفسير كل ملاحظة عن انتظام في السلوك الاجتماعي والتنظيم الاجتماعي.
بعبارة أخرى نستطيع القول أن ميرتون يقترح مستوى للنظرية الاجتماعية أعلى قليلا من مستوى الفروض التي تعتمد عليها البحوث الامبريقية والتي لا تتضمن قدراً يذكر من التجريد، ولكنه أقل مستوى من النظريات الكبرى التي تتضمن قدراً كبيراً من التجريد بأنه يسمح بإخضاع ما يتضمنه من قضايا للاختبار الامبريقي نظراً لقرب هذه القضايا من الوقائع الملموسة.
وعلى ذلك فإن النظرية متوسطة المدى تتناول أساساً جوانب معينة من الظاهرات الاجتماعية، وليست الظاهرات في عموميتها، فيمكن مثلاً أن تكون لدينا نظرية عن الجماعات المرجعية ونظرية عن للحراك الاجتماعي ونظرية صراع الأدوار ونظرية تكون عن القيم..الخ.
وبعد أن تصبح لدينا هذه النظريات المتعددة ذات المدى المتوسط يمكننا في المستقبل أن نصوغ منها نظرية عامة موحدة، ولكن الوقت لم يحن بعد لمثل هذه النظرية الموحدة.( أحمد، سمير، النظرية في علم الاجتماع، 1985،ص 198)
على حين أن نظريات المدى المتوسط مجردة إلا أنها أكثر ارتباطاً بالعالم التجريبي أو الإمبريقي ومن ثم فهي تشجع على البحث الضروري لتوضيح المفاهيم وإعادة صياغة التعميمات النظرية وذلك من منطلق أنه بدون هذا التفاعل المتبادل بين النظرية والبحث فإن الخطط النظرية ستظل غير نظامية ومفككة وليست ذات منفعة تذكر في توسيع آفاق المعرفة الاجتماعية. ومن ثم ستصبح مفاهيم وفروض النظريات الاجتماعية المتوصل إليها من خلال اتباع استراتيجية المدى المتوسط محكمة التنظيم بصورة أكبر وأقوى. كما وأن البحوث المرتكزة على النظريات تفرض توضيح وتوسيع وإعادة صياغة مفاهيم وفروض كل نظرية من النظريات المتوسطة المدى.
إلا أن هناك سؤالاً يظل على قدر كبير من الأهمية وهو : كيف يتعين صياغة نظريات المدى المتوسط ويأخذ هذا التنظير الوظيفي شكل لقد أصبحت الوظيفية النموذج ( البرادايم ) حيث أن هذا الشكل ممكن أن يتيح التوصيف السهل وتوسيع قاعدة المفاهيم المتصلة بها كما يشجع في نفس الوقت على المراجعة النظامية وإعادة الصياغة وذلك حسبما تمليه النتائج الامبريقة.
وقد أصبحت الوظيفية بهذا الشكل في نظر ميرتون منهجاً ليس فقط لبناء النظرية متوسطة المدى, ليس فقط لبناء نظريات المدى المتوسط وإنما أيضاً لبناء الخطط النظريات الخاصة بالمدى المتوسط. وهكذا فميرتون مثله في ذلك مثل بارسونز تمثل الوظيفية عنده استراتيجية لترتيب المفاهيم والتمييز بين العمليات الاجتماعية الهامة وغير الهامة. ولكن على العكس من إستراتيجية بارسونز فإن استراتيجة ميرتون وعلى هذا الأساس فقط يتعين بعد ذلك استخدام بروتوكول وظيفي لبناء أنظمة نظرية أكثر تجرداً. ( أبو طاحون، عدلي، النظريات الاجتماعية المعاصرة، ص ص 229- 230)
وقد حدد ميرتون مجموعة من الوحدات التي يجب أن تمثل بؤرة لاهتمام التحليل في النظرية الاجتماعية متوسطة المدى مثل: الأدوار الاجتماعية، العمليات الاجتماعية، الأنماط الثقافية، الانفعالات المحددة ثقافياً، المعايير الاجتماعية، تنظيم الجماعة، البناء الاجتماعي، وأساليب الضبط الاجتماعي… الخ.
وبذلك جعل بؤرة اهتمام النظرية الاجتماعية ما أسماه ” بالعناصر الثقافية المقننة”.
وقد انتقد ميرتون غيره من أصحاب الاتجاه الوظيفي، خاصة براون ومالينوفيسكي على أساس أن الافتراضات التي ترتكز عليها نظرياتهم شديدة العمومية وغير محددة، فهؤلاء العلماء قد افترضوا أن الأنشطة الاجتماعية المقننة أو العناصر الثقافية وظيفية بالنسبة للمجتمع بأسره وأن جميع هذه العناصر الثقافية والاجتماعية تؤدي وظائف اجتماعية وأن هذه العناصر لا يمكن للمجتمع الاستغناء عنها.
ورأى ميرتون أن هذه الافتراضات غير صحيحة لذلك أقام نظريته على ثلاث فروض أساسية بديلة هي :
1. العناصر الاجتماعية أو الثقافية قد تكون وظيفية بالنسبة لمجموعات معينة وغير وظيفية بالنسبة لمجموعات غيرها وضارة وظيفياً بالنسبة لمجموعات أخرى. وعلى ذلك فلابد من تعديل فكرة أن أي عنصر اجتماعي أو ثقافي يكون وظيفياً بالنسبة للمجتمع بأسره.
2. أن نفس العنصر قد تكون له وظائف متعددة ونفس الوظيفة يمكن تحقيقها بواسطة عناصر مختلفة، مثال: الملابس فهي قد تقي من الطقس أو تكسب الفرد مكانة اجتماعية أو أن يكون لها دور في تحديد مدى جاذبيته الشخصية. ومعنى ذلك أن هناك تنوعاً في الوسائل التي يمكن أن تحقق هدفاً وظيفياً معيناً. وقد استخدم ميرتون لذلك مفهوم البدائل الوظيفية.3 . يجب أن يحدد التحليل الوظيفي الوحدات الاجتماعية التي تخدمها العناصر الاجتماعية أو الثقافية. ذلك أن بعض العناصر قد تكون ذات وظائف متعددة، وقد تكون نتائجها ضارة وظيفياً.( أحمد، سمير، النظرية في علم الاجتماع، 1985،ص ص 198- 200)
كما قسم ميرتون الوظائف إلى قسمين كالآتي:
تصنيفات ميرتون للوظائف
1. الوظائف الظاهرة
وهي التي ترمي إلى تحقيقه التنظيمات الاجتماعية . مثلا بأن تكون الجامعات مخصصة للدراسة والبحث العلمي والخدمة الاجتماعية .
2. الوظائف الكامنة
وهي التي لا تأخذ التنظيمات الاجتماعية بالحسبان تحقيقها او العمل لاجلها ، كأن تمارس الجامعة وظائف سياسية او اقتصادية او تمثل فضاءات اجتماعية للتسلية والترفية واضاعة الوقت او تحقيق مكانات اجتماعية …الخ ( حجازي أكرم، النظريات الاجتماعية)

ثانياً : نموذج ميرتون للتحليل الوظيفي :

شأنه في ذلك شأن كل المعلقين على التحليل الوظيفي يبدأ ميرتون مناقشته باستعراض أخطاء الوظيفيين الأوائل لا سيما عالمي الانثبولوجيا مالينوفيسكي وراد كليف براون، وبصفة عامة يرى ميرتون أن التنظير الوظيفي يواجه ثلاثة مسلمات موضع تساؤل وهي :
• 1الوحدة الوظيفية للأنساق الاجتماعية.
•2 الكلية الوظيفية للعناصر الاجتماعية.
•3 ضرورة وحتمية العناصر الوظيفية للأنساق الاجتماعية. ( أبو طاحون، عدلي، النظريات الاجتماعية المعاصرة، ص ص 231)

ثالثاً : مسلمات الوحدة الوظيفية:

يرى ميرتون أن بدأ التحليل بفرضية الوحدة الوظيفية Functional Unity أو تكامل الكل الاجتماعي يمكن أن ينحرف بالاهتمام بعيداً ليس فقط عن تلك الأسئلة وإنما أيضاً عن النتائج المختلفة المتفرقة للعناصر الاجتماعية أو الثقافية المتوفرة ( العرف- الإعتقاد – المؤسسات ) بالنسبة لأعضاء هذه الجماعات.
هذه المناقشة للوحدة الوظيفية تعزى لاهتمامات بارسونز الأولى بالتكامل الوظيفي، فقد افترض في عمله الوظيفي الأول وجود حاجة إو مقتضى وظيفي واحد فقط وهو الحاجة إلى التكامل. بعد ذلك وفي أعماله التالية وسع هذا الفرض وأضاف ثلاثة مقتضيات وظيفية أخرى وهي الحاجة للتوافق والحاجة إلى بلوغ الهدف والحاجة إلى الكمون والتي سبق تناولها عند الكلام عن العمل الوظيفي لبارسونز في متطلبات النسق، ولكن يبدو أن وظيفية بارسونز بدأت بنفس الاهتمامات التي تتجلى في أعمال دور كايم وأعمال بروان مما جعل ميرتون يتساءل عن القيمة التوضيحية أو الإرشادية لفرض يمكن أن يحول الاهتمام أو ينحرف بعيداً عن التساؤلات النظرية والامبريقية الهامة.
وهكذا فإنه بدلاً من فرضية الوحدة الوظيفية فإنه يجب أن يكون هناك تأكيد على أنماط وصور ومستويات ومجالات التكامل الاجتماعي والنتائج المختلفة لوجود عناصر بالنسبة لقطاعات معينة من الأنظمة الاجتماعية، بهذه الطريقة يبدأ ميرتون في توجيه التحليل الوظيفي بعيداً عن الاهتمام بالأنظمة الكلية، ومتجهاً نحو التأكيد على كيف أن مختلف أنماط التنظيم الاجتماعي داخل الأنظمة الاجتماعية الأكثر شمولاً تنشأ وتدعم وتتغير ليس فقط بمتطلبات النظام الكلي وإنما أيضاً بالتفاعل المتبادل العناصر الاجتماعية الثقافية داخل الكليات النظامية. ( أبو طاحون، عدلي، النظريات الاجتماعية المعاصرة، ص ص 229- 230)

رابعاً : بروتوكول لتنفيذ التحليل الوظيفي:

للتحقق من أسباب ونتائج أبنية وعمليات معينة يصر ميرتون على أن يبدأ التحليل الوظيفي ” بوصف خالص “لأنشطة الأجزاء والجماعات موضوع الدراسة وفي وصف أنماط التفاعل المتبادل والنشاط بين العناصر موضوع البحث وبهذا سيكون من الممكن تمييز العناصر أو الجزيئات الاجتماعية التي ستخضع للتحليل الوظيفي مثل هذه الأوصاف يمكن أيضاً أن تعطي إشارة رئيسية للوظائف التي يتم أداؤها بمثل هذا النشاط النمطي وحتى تصبح هذه الوظائف أكثر وضوحاً لابد من اتخاذ خطوات أخرى إضافية هي :
1. ان يقوم الباحث بتوضيح البدائل الرئيسية المسبعدة نتيجة سيادة وغلبة نمط معين.
2. بعد الوصف الخالص تتضمن تقييماً للمعنى أو الدلالة الفعلية أو الانفعالية للنشاط بالنسبة لأعضاء الجماعة ووصف هذه المعاني قد يلقي بعض الضوء على دوافع أنشطة الأفراد المشتركين وبذلك تلقي بعض الضوء التجريبي على الوظائف الواضحة للنشاط.
3. تحتاج هذه الأوصاف إلى خطوة تحليلية ثالثة بتمييز بعض مصفوفات الدوافع بالنسبة للتماثل أو الانحراف بين المشاركين، ولكن يجب عدم الخلط بين هذه الدوافع وبين الوصف الموضوعي للنمط أو التقييم اللاحق للوظائف التي يخدمها النمط.
وهكذا فإن خطوة تحليلية أخيرة تتضمن وصف كيف أن الأنماط موضع الدراسة تكشف عن انتظامات لا يعرفها المشاركون ولكنها تبدو ذات نتائج للأفراد المشتركين وأنماط أو انتظامات في النظام. وبذلك سيتم ضبط وتوفيق التحليل مع الوظائف الخفية أو المستترة لعنصر أو جزئية معينة. ( أبو طاحون، عدلي، النظريات الاجتماعية المعاصرة، ص ص 229- 230)
خامساً : بروتوكول البناء الاجتماعي والانومي عند روبرت ميرتون :
ربما كانت النظرية الأوسع قراءة وانتشاراً وتأثيراً تلك التي وضعها ميرتون متضمنة في مقال ” البناء الاجتماعي والأنومي ولا توجد مقالة نظرية مثل تلك المقالة، وعلى حين أن المقالة التي تتضمن الصيغة الأولية للنظرية كتبت قبل صياغته لاستراتيجية المدى المتوسط والبروتوكول الوظيفي إلا أنها ظهرت مرة أخرى في مختلف طبعات كتابه النظرية الاجتماعية والبناء الاجتماعي وذلك بعد مناقشة استراتيجيته وبروتوكوله فضلاً عن أن دفاعه وتوسيعه للنظرية في الطبعات الحديثة من نفس الكتاب يدل على أنه يعتبر نظرية البناء الاجتماعي والأنومي موضحة للبروتوكول الوظيفي واستراتيجية المدى المتوسط.
إن نظرية ميرتون عن الأنومي تحاول أن تجيب على السؤال التالي: ما الذي يسبب الانحراف ونسبته ونوعه في المجتمع؟
إن الطريقة التي تم بها صياغة هذا السؤال تكشف عن أي ميرتون مدين لدور كايم الذي سبق أن طرح ما يشبه كثيراً هذا السؤال عن الانتحار بالإضافة إلى أن ميرتون في محاولته هذه يتواصل مع دور كايم إلا أنه يتوسع فوق تصور دور كايم للأنومي، فالانحراف يعتبر استجابة أو توافقاً من جانب السكان في مجتمع مع حالة الشذوذ أو الأنومي في حين الأنومي هي نتيجة سوء التكامل داخل وبين الثقافة والبناء. وهكذا وفي الاقتراب من مسألة الانحراف يؤكد ميرتون أن الانحراف هو نتيجة لسوء التكامل وأن نوع الانحراف مرتبط بطبيعة سوء التكامل ويمكن أن نجد في هذا الشأن فروضاً وظيفية عديدة منها:

1. الأنساق الاجتماعية تتألف من عناصر أو أجزاء مترابطة.
2. أن هذه العناصر أو الأجزاء لابد وأن تظهر قدراً من التكامل أو حسب تعبير ميرتون التوازن.
3. ينتج عن سوء التكامل أو عدم التوازن سلوكاً ضالاً زائفاً.
4. تحدد طبيعة سوء التكامل نوع السلوك الضال الزائف في إتباع أو توقع بروتوكوله الوظيفي.

ويحاول ميرتون أن يضيف للعنصر المعني في تحليله‘ معدل ونوع السلوك المنحرف والسياق البنائي الذي يظهر فيه وبينما يرفض الرأي القائل بأن الانحراف يمثل تعبيراً عن الحاجات البيولوجية غير المحكومة، إلا أنه يحاول ضمنيا فهم كيف تعمل الحاجات السيكولوجية الموجهة ثقافياً لإنتاج الانحراف في الأفراد ومسايرة لاهتمامه بالوظائف والمعوق الوظيفي وصافي رصيد النتائج يحلل ضمنياً نتائج الانحراف بالنسبة لوحدات اجتماعية مختلفة: الكل الاجتماعي، الجماعة الفرعية، كاشفاً معدلات مرتفعة من الانحراف والأفراد المنحرفين أنفسهم، فبالنسبة للكل الاجتماعي فإن المضمون هو أن الانحراف يفسر الوظيفة ولو أنه قد يعني نتائج إيجابية معينة للانحراف الابتكاري، أما بالنسبة للجماعات الفرعية فإن الانحراف يمثل توافقاً ومن ثم يبدو أن له بعض النتائج الإيجابية من أجل حل وضعها في نظام سيء التكامل، وبالنسبة لحاجات الأفراد يمثل الانحراف كثيراً من حالات الإحباط والقلق والصراعات العاطفية والنتيجة أنه يمكن اعتباره أحياناً وظيفياً.
فكرة ميرتون ببساطة كالآتي : يقول أن إحدى النقاط الهامة للتكامل، أو التوازن في الأنساق والمنظومات الاجتماعية تقع بين الأهداف الثقافية والمسارات البنائية لإنجاز وتحقيق تلك الأهداف، فضمنياً فإن ميرتون يتبع دور كايم بين الضمير الجمعي ونظام العلاقات البنيوية بين الفاعلين، وقد صور ميرتون هذا التمييز في صورة النظام الثقافي والنظام الاجتماعي، كذلك فإنه أيضاً مثل دور كايم يعترف بوجود مشكلة رئيسية للتكامل بين الثقافة والبناء، ويؤكد بشكل خاص على أن الأفكار الثقافية تفرض أهدافاً أو غايات يتحتم توجيه الفعل نحوها، وهذا تأكيد مناظر لتأكيد بارسونز في تصور وحدة الفعل.
يجد ميرتون أن النظام الذي تصبح فيه الغاليات الثقافية والوسائل البنائية متكاملة يتميز بالتوازن لأن الفاعلين سيشاركون في الغايات أو يستوعبونها ويتمثلونها وتصبح الأهداف جزءاً من بنائهم السيكولوجي والحاجاتي. وسوف يقبلون جميعاً ويستخدمون الوسائل المحققة لهذه الغايات بإعتبارها مشروعة.
كما لاحظ ميرتون أن توازناً فعالاً بين هذين الطورين من البناء الاجتماعي يصان ويحتفظ به طالما تتزايد الإشباعات من إنجاز الأهداف والإشباعات التي تظهر مباشرة من الأنماط المؤسسية والمنظمة لبلوغها.
ويحدث سوء التكامل أو اختلال التوازن عندما ينعدم التوازن الضمني بين الغايات والوسائل وبعبارة أخرى عندما يقبل الفاعلون الوسائل ولكنهم يرفضون أو يجهلون أو يسعون وراء غايات بديلة فيقال أن هناك انحرافاً أو شذوذاً وكما هو واضح فإن ميرتون استخدم أفكار دور كايم بشكل أوسع ويتجاوز حالة إنعدام المعيارية ( Normlessnsss ) ومع ذلك فإنه يتفق مع ما ذهب إليه دور كايم من حدوث خلل في التنظيم نتيجة لإنعدام الضمير الجمعي , فمن وجهة نظر ميرتون إن حالة الأنومي توجد حينما لا تنظم الأهداف الثقافية السائدة أو الوسائل المعيارية المشروعة سلوك الفاعلين.( أبو طاحون، عدلي، النظريات الاجتماعية المعاصرة، ص ص 253- 256)

طبق ميرتون نظريته الوظيفية في تحليل المصادر الاجتماعية والثقافية للسلوك المنحرف، وكان هدف ميرتون من هذه الدراسة طبق ميرتون نظريته الوظيفية في تحليل المصادر الاجتماعية والثقافية للسلوك المنحرف. وكان هدف ميرتون من هذه الدراسة أن يبين كيف يمارس البناء الاجتماعي ضغوطاً محددة على أشخاص معينين في المجتمع لممارسة سلوك غير امتثالي بدلاً من ممارستهم لسلوك امتثالي.
وقد بدأ ميرتون بالتسليم بأن الأبنية الاجتماعية والثقافية تصوغ صفة المشروعية على أهداف معينة وعلاوة على ذلك تحدد أساليب معينة مقبولة لتحقيق هذه الأهداف. أي أن ميرتون قد ميز بين عنصرين رئيسيين فيما أسماه بالبناء الثقافي للمجتمع: الأهداف المحددة ثقافياً من جهة والأساليب النظمية لتحقيق هذه الأهداف من جهة أخرى.
وفي المجتمع جيد التكامل نجد تكاملاً وتناغماً بين الأهداف والأساليب، فكل من الأهداف والأساليب نجد تقبلاً من أفراد المجتمع ككل كما أنها تكون ميسوره لهم جميعاً . ويحدث اللا تكامل في المجتمع عندما يكون هناك تأكيد على أحد الجانبين بدرجة لا تتناسب مع التأكيد على الجانب الآخر ، وهذا ما يحدث في المجتمع الأمريكي . فهناك في هذا المجتمع تأكيد على أهداف معينه ، مثل النجاح الفردي وجمع النقود وارتقاء السلم الاجتماعي دون تأكيد مماثل على الأساليب النظمية لتحقيق هذه الأهداف . فأساليب تحقيق هذه الأهداف غير متاحة للجميع في المجتمع .
وقد نشأ عن ذلك حاله من اللامعياريه في المجتمع . ذلك لأنه لا بد من أن تكون هناك درجه من التناسب بين هدف تحقيق النجاح وبين الفرص المشروعه للنجاح بحيث يحصل الأفراد على الأشباع الضروري الذي يساعد على تحقيق النسق الاجتماعي لوظائفه ، فاذا لم يتحقق ذلك فإن الوظيفة الاجتماعية تصاب بالخلل ويحدث ما أسماه بالمعوقات الوظيفية .
قدم ميرتون تصنيفاً لأنماط استجابات الأفراد أو تكيفهم لذلك التفاوت أو الأنفصام بين الأهداف المرغوبه والمحدده ثقافياً ( أي النجاح ) وبين الأساليب المتاحه لتحقيق هذه الأهداف. وقرر أن هناك خمس أنماط لتكيف الأفراد في المجتمع . أول هذه الأنماط وظيفي . أي يساعد على بقاء النسق الاجتماعي . والأربعه الأخرين ضارين وظيفيا . أو أنماط تكيف منحرفة . أي يهددون بقاء هذا النسق . وهذا الأنماط الخمسة هي :
1. نمط الامتثال Conformity :
ويحدث هذا النمط من التكيف حين يتقبل الأفراد الأهداف الثقافية ويمتثلون لها وفي نفس الوقت يتقبلون الأساليب التي يحددها النظام الاجتماعي بوصفها أساليب مشروعة لتحقيق هذه الأهداف.
2 نمط الابتداع Innovation :
يرى ميرتون أن هذا النمط من التكيف هو أهم أنماط التكيف الإنحرافي في المجتمع الأمريكي. ويعني به أن نسبة كبيرة من الناس في المجتمع تتقبل أهداف النجاح التي تؤكد عليها الثقافة الأمريكية ولكنها تجد فرص تحقيق هذه الأهداف موصدة أمامها لأن توزيع الفرص غير متكافئ. وفي هذه الحالة يرفضون الأساليب المشروعة لتحقيق النجاح.
3. نمط الطقوسية Ritualism :
يتمثل هذا النمط من التكيف في التخلي عن الأهداف الثقافية للنجاح الفردي وتحقيق الثروة وصعود السلم الاجتماعي أو التقليل من مستوى طموح الفرد يصل إلى درجة منخفضة يمكن معها إشباع هذا الطموح، وفي نفس الوقت يظل الفرد ملتزماً بطريقة شبه قهرية بالأساليب المشروعة لتحقيق الأهداف على الرغم من أنها لا تحقق له شيئاً يذكر. ويسود هذا النوع من التكيف لدى الطبقة الوسطى،مثل صغار الموظفين البيروقراطيين في الشركات والمصالح الحكومية.
4. نمط: الانسحابية : Retreatism
وهو أقل الأنماط شيوعاً في المجتمع الأمريكي والفرد الذي يلجأ إلى هذا النمط الانسحابي يعيش في المجتمع، ولكنه لا يكون جزءاً منه بمعنى أنه لا يشارك في الاتفاق الجماعي على القيم المجتمعية، والانسحابي يتخلى عن كل من الأهداف والأساليب التي يحددها النسق، ومن أمثلة هذا النمط من التكيف الانحرافي حالات الجنون والتشرد وإدمان الخمور والمخدرات.

5نمط. التمرد Rebelion:
يتسم هذا النمط من التكيف بادانة ( وليس مجرد رفض كما هو الحال في النمط السابق) كل من الأهداف الثقافيه للنجاح والالتزام بالأساليب النظاميه لتحقيقها . أي إذا كان النمط السابق يتسم برفض الأهداف والأساليب رفضاً سلبياً والهروب من المجتمع فإن هذا النمط يتسم بالرفض الإيجابي والسعي إلى استبدال البناء الاجتماعي القائم ببناء آخر يضم معايير ثقافية مختلفة للنجاح وفرصاً أخرى لتحقيقه. .( أحمد، سمير، النظرية في علم الاجتماع، 1985،ص ص 201- 204)

سادساً : برتوكول ميرتون ( الآلات السياسية في أمريكا ) :
قام ميرتون بهذه الدراسة فقط لمجرد توضيح جدوى وقيمة التفرقة بين الوظائف الظاهرة والكامنة حيث لم يكن المقصود منه أن يكون تفسيراً كاملاً لنموذجه أو برتوكوله الوظيفي وإنما كان مجرد مثال يوضح أن الاهتمام بالوظائف الكامنة يمكن أن يقدم استبصارا تجديدية في عملية دراسة الآلات الأمريكية.
بدأ ميرتون تحليله المادي بفرض مركزي سبق له رفضه أو عدم الثقة فيه وهو فيما يتعلق بـ ” الوظيفة البنائية الرئيسية للرئيس” فقام بتنظيم وتركيز وصيانة عناصر أو أجزاء السلطة المتناثرة والتي توجد مبعثرة خلال التنظيم السياسي. في هذا الصدد يذهب ميرتون إلى أن الجهاز السياسي يقوم بدايةً بوظيفة كوسيلة لتمركز الأسس المبعثرة والمشتتة للقوى السياسية كما يقوم الجهاز السياسي ثانياً بتقديم العون وتلبية حاجات مختلف الجماعات الفرعية الكبيرة المحرومة في المجتمع والتي لم يتم إشباعها بأبنية اجتماعية مصممة بشكل قانوني وموافق عليه ثقافياً. ويقوم الجهاز السياسي الفاسد أو المنحرف في النهاية بوظيفة أساسية تتمثل في توفير سبل الحراك الاجتماعي للأفراد والجماعات المحرومة من الامتيازات.. في مجتمع يشجع على الوفرة الاقتصادية والرقي الاجتماعي لكل أعضائه. لذلك لا تكون نزعة حب الرئاسة مجرد وسيلة للتوسع الذاتي لجماعة الأفراد المتعطشين للقوى والمنفعة فحسب. بل تصبح إمداداً منظماً للجماعات الفرعية التي استبعدت أو عوقت في سباق تحقيق ما هو أحسن. الأمر الذي يجعل الاستهجان الأخلاقي لها أمراً غير ملائماً لفهم الدور البنائي والوظيفي للجهاز السياسي.
من هنا تبقى الرئاسية كبناء في نظر ميرتون. لا من خلال إشباعها لحاجات حيوية للنسق ككل. بل من خلال علاقة تبادل المنفعة التي توجدها بالوحدات الأصغر. إن معيار تبادل المنفعة يمكن العنصر من أن يتمتع باستقلالية. ذلك أن علاقة الجزء بالكل ليست علاقة متكافئة. ومع ذلك فإن الجزء أو النسق الفرعي لا يمكن أن يفهم في النهاية إلا في حدود النسق الأكبر. بهذه الطريقة تتحول النتائج غير المقصودة لتتمثل شكل بناء كامل أشبه باليد الخفية. إن الرئاسية في نظر ميرتون أكثر من مجرد تخريب. إنها عملية تقوم بوظيفة مزدوجة على مستوى الوحدات الصغرى. والوحدات الكبرى للنسق الاجتماعي. تعتمد وظيفتها الكامنة على فشل المؤسسات والنظم الأخرى داخل الكل الاجتماعي. لذلك ينهض تصور ميرتون للوظيفة الكامنة على التحليل النسقي. كما أنه يقلل من دور الذات طالما أن النسق ذاته هو الذي يحدد وظائف النظم المقصودة وغير المقصودة وذلك على مستوى الوحدات الصغرى.
من هذا المنطلق تبدو النزعة المحافظة لوظيفية ميرتون واضحة حيث تفسر ( الرئاسية ) بعيداً بالتركيز على نتائجها على ألئك الأفراد الذين ينغمسون مباشرة في أعمالها. غير أن وجود التخريب السياسي وانتشاره يشكل بدوره خطراً وتهديداً على مشروعية النظام السياسي الديموقراطي. كما أن استمرار وجود هذا التخريب السياسي أمر من شأنه أن يضعف الإيمان بالعمليات الديموقراطية في المجتمع ككل. لقد تطورت ( الرئاسية ) من وجهة النظر التاريخية عن ضعف المجتمع المدني وعن الفشل في تحول المجتمع ككل إلى الطابع الديموقراطي.
لذلك نجد ميرتون في تحليله يتقبل بداهة فكرة ” النزعة الصفوية ” التي مفادها أن هذه النزعة أياً كان شكلها. تعمل على تدعيم وتعزيز بعض المصالح الخاصة ضد المصالح الأخرى التي تعارضها . وذلك من خلال تنظيم المجتمع . ويفترض تحليل مثل هذا وجود أفراد سلبيين . أي ذوات تتلاعب بها الصفوة وتوجهها بالغش والاحتيال نحو أهداف لا تعرفها.
كان ميرتون إلى حد ما ناقداً للمجتمع الأمريكي ويختلف عن بارسونز وغيره من الوظيفيين في أنه لم يتبن بشكل مطلق فكرة وجود الاتفاق الجمعي في المجتمع، وقد أدرك ميرتون وجود تناقضات في النسق الاجتماعي الأمريكي ولكن التناقضات التي أبرزها ليست ذات طابع مادي وهي جزء من طبيعة النسق حسب رأيه، فهناك عدم تكافؤ في الفرص المتاحة للمجموعات المختلفة لتحقيق أهداف النجاح في المجتمع الأمريكي، ولكن عدم التكافؤ هذا يرجع إلى العناصر الكامنة في الثقافة الأمريكية، وهكذا لا يقدم ميرتون أي تفسير بنائي لوجود عدم التكافؤ في الفرص في المجتمع أو لوجود مثل هذا المناخ الثقافي والأخلاقي. وهكذا يشبه ميرتون من يفسر الانحلال الخلقي للناس في فترة ما بتخليهم عن التمسك بالمبادئ الأخلاقية أي أنه يفسر ما هو ثقافي بما هو ثقافي، وليس ذلك بتفسير بالطبع.
4. وقد اقتصر ميرتون على وصف المجتمع ونقد بعض جوانبه الثقافية دون ان يمس جوهر العلاقات الاجتماعية فيه وبذلك يقف عند حدود الدعوة الإصلاحية الجزئية لنتائج اللعبة دون أن يصل إلى حد الدعوة إلى تغيير قواعد اللعبة ذاتها، أي إلى أحداث تغيير جذري في المجتمع. .( أحمد، سمير، النظرية في علم الاجتماع، 1985،ص ص 205- 208)

سابعاً : نقد ميرتون للوظيفية:
ينتقد ميرتون ثلاث مسلمات يتصف بها التحليل الوظيفي :
1. الوحدة الوظيفية للمجتمع
ترى هذه المسلمة ان كل العقائد والممارسات الثقافية والاجتماعية تؤدي وظيفة واحدة لكل من الافراد والمجتمع . كما تعتقد ان اجزاء النسق الاجتماعي تتمتع بدرجة عالية من التكامل . وفي هذه النقطة بالذات يشير ميرتون إلى صحتها ولكن بالنسبة للمجتمعات البدائية الصغيرة وليس بالنسبة للمجتمعات الكبيرة المعقدة . لذا ينبغي عدم تعميم هذه المسلمات .
.2 الوظيفية الشاملة
تعني هذه المسلمة ان كل الاشكال والبنى الثقافية والاجتماعية في المجتمع تقوم بوظائف ايجابية ويرى ميرتون ان هذا قد يكون مخالفا لواقع الحياة اذ ليس بالضرورة ان تكون كل بنية او تقليد اوعقيدة تتصف بوظائف ايجابية . ومن واقع المجتمعات العربية فإن فكرة الوحدة العربية على سبيل المثال ربما لا تصمد في بعض الأحايين امام الفكرة الوطنية التي تسعى إلى ابراز الهوية القطرية على حساب الهوية القومية كما ان الفكرة قد تثير تحفظات بين العرب لا سيما لمن يحاولون احياء التراث القديم كالفرعونية والامازيغية وكذلك الامر ينطبق على فكرة الوحدة الاسلامية حيث يبدو الدين يلعب دورا وظيفيا متفاوتا بين الشعوب العربية والاسلامية .
3ضرورة وجود الاجزاء
ترى هذه المسلمة ان الاجزاء المكونة للمجتمع لا تقوم بوظائف ايجابية فحسب بل هي تمثل عناصر ضرورية لعمل المجتمع ككل . وهذا يعني ان البنى الاجتماعية والوظائف ضرورية بالنسبة لمسيرة المجتمع الطبيعية أي انه ليس هناك بنى ووظائف اخرى قادرة على القيام بمسيرة المجتمع كالوظائف القائمة الان . وحسب ميرتون المتأثر بأستاذه بارسونز لابد من الاعتراف بوجود عدة بنى ووظائف داخل نفس المجتمع .
الخـــــــــلاصة
لاشك ان توضيحات ميرتون تمثل اضافات هامة بالنسبة لعلماء الاجتماع الذين يصرون على استعمال التحليلات الوظيفية في دراساتهم للوظائف الاجتماعية ، فتعديلات ميرتون للصيغ القديمة للنظرية الوظيفية تعد تعديلات ضخمة بحيث يمكن تسمية علماء الاجتماع الذين تبنوا تفكيره بـ” الوظيفيين الجدد ” (حجازي اكرم، النظريات الاجتماعية)

ميرتون في الميزان:
1. إن دراسة نموذج ميرتون لبناء نظريات وظيفية ذات مدى متوسط يوضح أنه يخلو بشكل ملحوظ من قضايا حاجات النظام. فميرتون لا يقوم دائماً بالتسلسل المنطقي للتحليل الوظيفي.
2. يتهمه بعض نقاده لأنه يبدو مؤكداً على أن الآلات السياسية كانت ذات يوم تتميز بميزة انتقائية على البنائيات البديلة في إشباع وتلبية الحاجات الأولى لقطاعات معينة من النظام هذا النوع مما يطلق عليه السلسة العلية المعكوسة.
3. يلاحظ على دراسته عن البناء الاجتماعي واللامعيارية يفتقر إلى التركيز والنتيجة اختلاف المصطلحات المستخدمة لتسمية الأفكار ومن ثم فإن المعاني التي تصدق على الأفكار كثيراً ما تكون غير واضحة، بالإضافة إلى أن ميرتون لا يقرر أبداً حجبه في صورة فروض أو قضايا مما يجعل من العسير توضيح العلاقات بين التصورات ومع هذا فإذا كان على النظرية أن تثبت أنها مفيدة وتتمسك بدفاع ميرتون عن استراتيجية المدى المتوسط فلابد من إعادة صياغتها شكلياً (أبوطاحون، عدلي، النظريات الاجتماعية المعاصرة، ص ص245-258)

المراجع
• أكرم حجازي، النظرية الاجتماعية (الموجز في النظريات الاجتماعية التقليدية والمعاصرة) محمل من النت.
• عدلي أبو طاحون، النظريات الاجتماعية المعاصرة، لا يوجد تاريخ أو طبعة أو بلد نشر, المكتب الجامعي الحديث.
• سمير نعيم أحمد، النظرية في علم الاجتماع،ط5، لا يوجد بلد نشر، دار المعارف، 1958.




بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
كيف يمكنني أن انسخ الصفحة من فضلكم

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .

lemada la astati3 tahmil hada elbahet

التصنيفات
علم الاجتـماع

الحاجات الانسانية لأبراهام ماسلو


لو كنت تقصد تدرج الحاجات الانسانية لأبراهام ماسلو فهذه هي

تعليم_الجزائر سعد صالح الحمودي تعليم_الجزائر “التحفيز عن طريق إشباع الحاجات”

نظرية ماسلو
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود

كثيراً ما نسمع عن حاجات “ماسلو” أو عن هرم “ماسلو”، واليوم سنتعرف على تلك الحاجات من خلال تطبيقها وتوفيرها في العمل.
نـظرية “ماسلـو” في تـدرج الحاجات من أفـضل النـظريات التي غـطـت الحاجات الإنـسانية، قدمها “أبراهام ماسلو -Abraham Maslo “، ويحلو للبعض أن يسميها “نظرية تدرج الحاجات”، وقام “ماسلو” بملاحظة المرضى الذين يترددون على عيادته باعتباره متخصصاً في علم النفس التحليلي.
الافتراض الأساسي لهذه النظرية .. أن الفرد إذا نشأ في بيئة لا تشبع حاجاته فإنه من المحتمل أن يكون أقل قدرة على التكيف، وعمله يكون معتلاً، وقام “ماسلو” بتقسيم الحاجات الإنسانية إلى خمس فئات تـنتـظم في تدرج هرمي بحيث يبدأ الشخص في إشباع حاجاته الدنيا ثم التي تعلوها وهكذا، كما هو موضح بالشكل المرفق .. تعليم_الجزائر
سوف نقوم بشرح تلك الحاجات بشيء من التفصيل، وقبل أن نبدأ يجب أن تعلم أنه لا يمكن أن يتم الانتـقال إلى فئة قبل إشباع الفئات التي قبلها، ولا أعني بالإشباع هنا بدرجة 100 %، وإنما الإشباع حسب معايير الشخص وتـقيـيمه لتلك الحاجات.
1. الحاجات الفسيولوجية :
وهي قاعدة الهرم، وتمثل أهم الأشياء الأساسية بالنسبة للإنسان ومنها (الطعام – الهواء – الماء – المسكن)، وهذه الفئة يمكن أن يتحصل عليها العامل عن طريق الراتب الذي يتـقاضاه، بحيث يكون ذاك الراتب كافياً لتلك الحاجات.
2. الحاجة إلى الأمن:
بعد أن يتم إشباع الحاجة الفسيولوجية، يبدأ الإنسان بالتطلع إلى الأمن، والشخص في هذه الفئة يبحث عن بيئة عمل آمنة وخالية من الأضرار المادية والنفسية، والمنظمات تقوم بإشباع تلك الحاجة عن طريق (تزويد العاملين بمواد ومعدات الوقاية من الأخطار –التأمين الصحي– التأمينات الاجتماعية – عقود العمل الرسمية والدائمة – اتباع تعليمات الدفاع المدني).

3. الحاجات الاجتماعية: وهذه الفئة تبدأ بالانتعاش بعد أن يتم إشباع الفئتين التي أسفل منها (ولا أعني بالإشباع هنا، أي الاكتفاء في ذاك الجانب أو الفئة بنسبة 100 % وإنما يتم إعطاء تلك الفئة حقها من خلال معايير ومتطلبات الشخص نفسه)، الحاجة الاجتماعية تعني حاجة الفرد إلى الانتماء، ومن الأمور التي تغطي أو تشبع تلك الحاجة (تكوين صداقات – قبول الآخرين للشخص)، وتقوم المنظمات بإشباع تلك الحاجة عن طريق (إنشاء النوادي الاجتماعية – تشجيع المشاركة في فرق العمل – عمل المسابقات).
4. الحاجة إلى التقدير:
وهي حاجة الفرد لتنمية احترام الذات والحصول على قبول الآخرين له، والرغبة في تحقيق النجاح، والرغبة في الحصول على مكانة مرموقة وشهرة بين الناس، ويمكن للمنظمات تحقيق ذلك لموظفيها عن طريق (وضع جوائز للأعمال المتميزة – وضع حوافز مادية للمقترحات التي من الممكن أن تفيد المنظمة – خطابات شكر – شهادات تفوق – وضع صحيفة للشركة ونشر الأعمال المميزة بها).
5. الحاجة إلى تأكيد الذات: تعليم_الجزائر
وهذه الحاجة تأتي في قمة الهرم، وتبدأ بالتحرك عندما يتم إشباع جميع الحاجات التي أسفل منها، وهذه الحاجة تشير إلى حاجة الفرد إلى توفر الظروف التي تساعد على إبراز قدراته على الابتكار، ولكي يقدم أفضل ما عنده حتى يستطيع أن يشعر بوجوده وكيانه، وعندما تقوم المنظمات بالاستفادة من هؤلاء الأفراد الذين ترتفع لديهم هذه الحاجة، فإنها تستطيع استثمار طاقاتهم أفضل استثمار وتوظيف.

وقفة أخيرة:
لقد قام “ماسلو” بتقسيم الحاجات إلى نوعين، حاجات النقص وحاجات النمو، أما حاجات النقص فتضم الثلاث فئات الدنيا وهي (الفسيولوجية – الأمن – الاجتماعية)، فحاجات النقص إذا لم يتم إشباعها فإنها تؤدي إلى عدم نمو الفرد بشكل سليم نفسياً وبدنياً.
وبالطرف الآخر حاجات النمو وهي تضم الفئتين العليا وهي (التـقدير – تأكيد الذات) وإشباعها يساهم ويساعد في نمو الفرد وبلوغه مستوى الكمال البشري.
وللأسف فقد أثبتت الأبحاث العلمية أن أغلب المنظمات لا تقوم بإشباع الحاجات العليا (حاجات النمو) في العمل، فقد وجد الباحث “بورتر –Porter ” أن المدراء في المستويات المتوسطة وما دون في المنظمات يستطيعون فقط إشباع حاجات النقص، ولذلك نجد في كثير من الأحيان أناسا يستقيلون من العمل بالرغم من كفاءاتهم العالية، وقد يكون أحد أهم الأسباب التي تدفعهم هو بحثهم عن حاجات لم تقم منظماتهم بتحقيقها لهم بالرغم من قدرتها على ذلك، وكذلك قد يحصل ذلك على مستوى الدول، فتجد أن أرباب الدولة يقولون ما دمنا نوفر التعليم والصحة والمسكن والضروريات بالنسبة للناس فذلك كافي .. والحقيقة غير ذلك فإن تلك الحاجات قد تشبع حاجات البعض من الناس ولكن هناك شريحة – قد تكون من أهم شرائح المجتمع – تتطلع إلى الحاجات العليا وتبحث عنها، وإذا لم يتم إشباعها بطرق مشروعة قد تبحث عن طرق غير مشروعة لتشبع تلك الحاجات، أو قد تـتخذ طريق الهجرة لتبحث عن مجتمع يحقق لها تلك الحاجات.




شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .

التصنيفات
علم الاجتـماع

النظريات الحديثة في علم الاجتماع التربوي (التفاعلية الرمزية، والنظرية المعرفية(

النظريات الحديثة في علم الاجتماع التربوي (التفاعلية الرمزية، والنظرية المعرفية(

أولاً: التفاعلية الرمزية Symbolic Interactionalism :

تعتبرُ التفاعلية الرمزية واحدةٌ من المحاور الأساسيةِ التي تعتمدُ عليها النظرية الاجتماعية، في تحليل الأنساق الاجتماعية.
وهي تبدأ بمستوى الوحدات الصغرى (MICRO)، منطلقةً منها لفهم الوحدات الكبرى، بمعنى أنها تبدأُ بالأفراد وسلوكهم كمدخل لفهم النسق الاجتماعي(1). فأفعالُ الأفراد تصبح ثابتةً لتشكل بنية من الأدوار؛ ويمكن النظر إلى هذه الأدوار من حيث توقعات البشر بعضهم تجاه بعض من حيث المعاني والرموز(2). وهنا يصبح التركيز إما على بُنى الأدوار والأنساق الاجتماعية، أو على سلوك الدور والفعل الاجتماعي.
يواجهُها.

3) إرفنج جوفمان Erving Goffman (1922-1982):

وقد وجَّهَ اهتمامَهُ لتطوير مدخلِ التفاعلية الرمزية لتحليلِ الأنساق الاجتماعية، مؤكداً على أن التفاعلَ – وخاصةً النمطَ المعياريَّ والأخلاقيَّ- ما هو إلا الانطباع الذهنيُّ الإرادي الذي يتم في نطاق المواجهة، كما أن المعلوماتِ تسهم في تعريف الموقف، وتوضيحِ توقعات الدَور(8).

4) كما أن هناك عدداً كبيراً من العلماء الذين لم تُناقَش أعمالُهم بشكلٍ واسع، مع أنهم من أعلامِ ومؤسسي النظرية التفاعلية الرمزية. ومنهم:
• روبرت بارك Robert Park، (1864-1944). ووليم إسحاق توماس W. I. Thomas، (1863-1947). وهما من مؤسسي النظرية.
• مانفرد كون Manferd Kuhn، (1911-1963). وهو عالم اجتماع أمريكي، ومن رواد مدرسة (آيوا) للتفاعلية الرمزية.
• وكذلك كل من ميلتزر Meltzer، وهيرمان Herman، وجلاسر Glaser، وستراوس Sturauss، وغيرِهم.

مصطلحاتُ النظريّة:

1. التفاعل Interaction: وهو سلسةٌ متبادلةٌ ومستمرةٌ من الاتصالات بين فرد وفرد، أو فرد مع جماعة، أو جماعةٍ مع جماعة.
2. المرونة Flexibility: ويقصد بها استطاعةُ الإنسان أن يتصرفَ في مجموعةِ ظروفٍ بطريقة واحدة في وقت واحد، وبطريقةٍ مختلفة في وقتٍ آخرَ، وبطريقةٍ متباينة في فرصةٍ ثالثة.
3. الرموز Symbols: وهي مجموعةٌ من الإشارات المصطَنعة، يستخدمها الناسُ فيما بينهم لتسهيل عمليةِ التواصل، وهي سمة خاصة في الإنسان. وتشملُ عند جورج ميد اللغةَ، وعند بلومر المعاني، وعند جوفمان الانطباعاتِ والصور الذهنية(9).
4. الوعيُ الذاتي Self- Consciousness: وهو مقدرةُ الإنسان على تمثّل الدور، فالتوقعات التي تكُون لدى الآخرين عن سلوكنا في ظروف معينة، هي بمثابة نصوصٍ يجب أن نَعيها حتى نُمثلَها، على حدّ تعبير جوفمان(10).

ثانياً: النظرية المعرفية في علم الاجتماع التربوي:

يُعرّف جورج غورفيتش علمَ اجتماعِ المعرفةِ على أنه: دراسةُ الترابطات التي يمكن قيامُها بين الأنواع المختلفة للمعرفة من جهة، والأطُر الاجتماعية من جهة ثانية(11). فعلم اجتماع المعرفة يركز على الترابطات الوظيفية القائمة بين أنواع وأشكالِ المعرفة، بحدِّ ذاتها، ثم بينها وبين الأطُر الاجتماعية، مما يكشف عن أن عَصَب المعرفة يَكمنُ في وظائفها(12).

أما علمُ اجتماع المعرفة التربوي فيُعرفه يونج M. Young على أنه: المبادئُ التي تقف خلفَ كيفيةِ توزيع المعرفةِ التربوية وتنظيمِها، وكيفيةِ انتقائِها وإعطائِها قيمتَها، ومعرفةِ ثقافة الحسّ العام، وكيف يمكن ربطُها بالمعرفة المقدَّمةِ في المدارس، واعتبارها المدخلَ الحقيقيَّ للتعليم(13).
وبناء على ذلك يهتمُّ علمُ اجتماع التربيةِ المعرفي بالبحث في الثقافات الفرعيّةِ داخلَ المجتمع، وعمليةِ التنشئةِ الاجتماعية، وأثرُ ذلك على قِيَم الطفل واتجاهاتِه، ومستوى تحصيلِه الأكاديمي واللُغوي. ويَهتم أيضاً بالبحث في طبيعة العلاقة المتبادلة بين التعليم والتغيّر الاجتماعي، وتحليلِ المدرسةِ كمؤسسةٍ تربوية، معتمداً في ذلك على استخدام الأسلوبِ السوسيولوجي الدقيق Micro – Sociological Approach(14).

مصطلحاتُ النظريةِ المعرفية:

1. نُظُم المعرفة: ويُعنى بها أن المعرفة اجتماعية؛ لأن إنتاج المعرفة ليس عملاً فردياً، وإنما هو عمل جماعي.
2. توزيعُ المعرفة: تأخذ المعرفةُ أشكالاً هرميةً تبعاً لتدرجها في القيمة؛ لأن تميُّزَ بعض المعارف عن بعضها الآخر شرطٌ ضروريٌ لبعض الجماعات، وذلك لكي يكتسب المنتفعون منهم أهميةً وشرعيةً لمكانتهم الاجتماعية العالية.
3. الموضوعية والنسبية: إن المعيارَ الوحيدَ للمعرفة هو تحسينُ الأوضاع الإنسانية، فالمعرفةُ القائمةُ على السياقات الاجتماعية جاءت لحلِّ مشكلةِ الإنسان(15).
4. رأسُ المال الثقافي Cultural Capital: يعرِّفه بوردو على أنه: الدورُ الّذي تلعبه الثقافةُ المسيطرة أو السائدة في مجتمع ما، في إعادة إنتاجِ أو ترسيخ بُنيةِ التفاوت الطبقيّ السّائدِ في ذلك المجتمع.

ومن أشهرِ ممثلي النظريةِ المعرفية:
1. مايكل يونج M. Young:
الذي أَعلنَ مَولِدَ علمِ اجتماع المعرفة التربوية عامَ 1971، في كتابه: (علمُ اجتماعِ التربيةِ الجديد). وهو يَرى بأن علمَ اجتماع التربية التقليدي كلِّهِ باءَ بالفشل؛ لأن الباحثين أخَذوا المشكلات مأخَذَ التسليم على أنها مشكلاتُ التربية الجديرةِ بالدراسة، من غير أن يحاولوا فحصَ قيمةِ تلك المشكلات نفسِها، لتبيِّن أهميتَها بالنسبة للتربية. فالمدخلُ الحقيقي للإصلاح هو خلقُ المواقف المشكِلةِ، وأن تضَعَ المعرفةُ التربويةُ نفسَها موضع الشّك والتساؤل، فيتغيّر الجدلُ حولَ قضايا التربية، وتَتولّدُ نظرياتٌ خصبة، وبحوثٌ جديدةٌ في مجال البرامج الدراسية(16).

2. برونر J. Bruner:
الذي تزعّمَ حركةَ العودةِ إلى الأساسيات Back – to Basic – Movement. إثرَ محاولاتِ إصلاح التعليم، بعدَ أزمة سبوتنيك عام 1957م. وكان كتابُهُ الشهير (العملية التربوية) The Process of Education. بمثابة إنجيل إصلاح المنهج في التعليم الابتدائي والثانوي.
ولبُّ نظرية برونر هو الدعوةُ إلى تجديدِ البُنية الأساسيةِ للتعليم، مع المحافظة على الحواجز بينَ كلِ مادة وأخرى. وهو يعتمدُ على مُسلّمةٍ مُؤَدّاها: أن كلَ الأنشطة العقلية في أي موقع من ميادين المعرفة هي واحدة، مهما تضخّمت المعرفةُ أو تقلَّصت(17).

3. بيير بوردو:
إن المقولةَ الرئيسية التي بَنى عليها بوردو نظريتَه، هي أن الثقافة وسطٌ يتم به، ومن خلاله عملية إعادة إنتاج بُنية التفاوت الطبقي. ويستند بوردو في إثبات هذه المقولةِ وتحليلها إلى نظريتين، هما(18):
• مفهومُ رأس المال الثقافي The Cultural Capital.
• مفهوم الخصائص النفسية The Habitus.

فالثقافة عند بوردو تَفرضُ مبادئ بناءِ الواقع الاجتماعي الجديد، كما أنها –كأنساق رمزية- هي بمثابة رأسِِ مالٍ قابل للتحول إلى رأسِ مالٍ اقتصادي أو اجتماعي أو أيّ شكل آخرَ من رؤوس الأموال المختلفة(19).

4. ومن ممثلي النظرية المعرفية في علم الاجتماع التربوي كلٌّ من:
فلود Floud، وهالسي Halsey، ومارتن Martin.

تعقيب

إن النظريةَ التفاعليةَ الرمزيةَ، لا تقدّم مفهوماً شاملاً للشخصية، فأصحابُ النظرية وعلى رأسِهم بلومر يقرّون بأن هذه النظرية يجب ألا تُشغِل نفسَها بموضوع الشخصية كما ينشغل بها علم النفس. وهذا سبب واضحٌ، ومبررٌ جوهري على قِلة الاستفادة من هذه النظرية في الميدان التربوي، على الرغم من وجود بعض الأبحاث القليلة المنشورة هنا وهناك.
كما أن التفاعليةَ الرمزية أغفلت الجوانبَ الواسعةِ للبُنية الاجتماعية؛ لذلك نجدها لا تستطيع قولَ أي شئ عن ظواهرَ اجتماعية كالقوّة والصراع والتغيّر، وأن صياغتَها النظرية مُغرقةٌ في الغموض، وأنها تقدم صورة ناقصة عن الفرد.

أما فيما يتعلّق بالنظرية الاجتماعية في علم الاجتماع، فيمكن القول بأنها المجالُ السائدُ حالياً في علم الاجتماع التربوي، وقد انفردَت باسم: (علم الاجتماع التربوي الجديد)؛ لأنها جمعت بين أسلوب البحث الدقيق، باستخدام أسلوب الملاحظة، والملاحظة بالمشاركة داخل الغرفة الصفية، وبين أسلوب البحث الاجتماعي الواسع، الذي اشتمل على قضايا واسعةٍ كالقهر، والصراع، والتغيّر، والحَراكِ الاجتماعي، ودور التربية في ذلك.
ولعل الدراسةَ التي قامت بها نيلّ كيدّي Nell Keddie. في إحدى المدارس الإنجليزية، بعنوان: “معرفة الفصل المدرسي” من بين الدراسات القليلة التي أُجريَت في إطار هذا الاهتمام بالمعرفة التي توجَد لدى المعلمين حول تلاميذهم، وهي نموذج لاهتماماتِ علم اجتماع التربية الجديد.

الهوامش

(1) فادية عمر الجولاني.(1997)، علم الاجتماع التربوي، مركز الاسكندرية للكتاب. ص215
(2) إيان كريب. (1999)، النظرية الاجتماعية من بارسونز إلى هابرماس، ترجمة محمد حسين غلوم، عالم المعرفة، ع (244)، الكويت. ص130
(3) إيان كريب. (1999)، المرجع السابق. ص131
(4) حمدي علي أحمد. (1995)، مقدمة في علم اجتماع التربية، دار المعرفة الجامعية، الاسكندرية. ص180
(5) علي عبد الرزاق جلبي. (1993)، الاتجاهات الأساسية في نظرية علم الاجتماع، دار المعرفة الجامعية، الاسكندرية. ص237
(6) فادية الجولاني. (1997)، مرجع سابق. ص216
(7) إيان كريب. (1999)، مرجع سابق. ص132
(8) فادية الجولاني. (1997)، مرجع سابق. ص218
(9) علي عبد الرزاق جلبي. (1993)، مرجع سابق. ص238
(10) إيان كريب. (1999)، مرجع سابق. ص135
(11) جورج غورفيتش. (1981)، الأطر الاجتماعية للمعرفة، ترجمة خليل أحمد خليل، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، بيروت. ص23
(12) فاطمة بدوي. (1988)، علم اجتماع المعرفة، منشورات جروس برس. ص69
(13) عبد السميع سيد أحمد. (1993)، دراسات في علم الاجتماع التربوي، دار المعرفة الجامعية، الاسكندرية. ص43
(14) علي السيد الشخيبي. (2002)، علم اجتماع التربية المعاصر، دار الفكر العربي، القاهرة. ص67
(15) عبد السميع سيد أحمد. (1993)، مرجع سابق. ص44-47
(16) عبد السميع سيد أحمد. (1993)، المرجع السابق. ص43
(17) عبد السميع سيد أحمد. (1993)، المرجع السابق. ص56
(18) حسن البلاوي، التربية وبُنية التفاوت الاجتماعي الطبقي: دراسة في فكر بيير بوردو. 125
(19) حسن البلاوي، المرجع السابق. ص127




الف شكر ولك الف تحية

التصنيفات
علم الاجتـماع

الأخلاق النبوية مسحوق تنظيف القلوب

[frame="5 10"]

لا بد أن يكون الواحد فينا صورة طيبة لحَبيب الله ومُصطفاه صلى الله عليه وسلم،كيف؟
جمِّل خُلُقك، ليس بتجميل الجسم، ولكن جمِّل قلبك، طهره ونظفه لله، واجعله مشغولاً بالكلية بحضرة الله، واترك الجيفة التي فيه، فكل مشاكل الأحباب من الجيفة التي وضعوها في القلب، والتفكير في طلبات الجيفة، وكل همك في الجيفة في الدنيا الدنية، مع أنك لو كنت مع الله فإنه سيكفيك كل شيء، قال الإمام علي رضي الله عنه:

أترضى بصـراف ولو كان كافراً ضميناً ولا ترضى بربك ضامناً

تطمئن أنك تأخذ كل شهر من الصراف كذا ولو كان يهودياً أو غيره، ولا تطمئن إلى وعد الله والرجل المندوب عن حضرة الله يقول: "كن أوثق بما في يد الله منه بما في يد نفسك" ربما ما في يدك يتركك ويذهب لغيرك" لكن ما عند الله مضمون ومأمون، لكن الشك موجود في القلوب

والجيفة التي وضعناها طمست كل الحواس الروحانية الموجودة في القلوب، فتجعل الإنسان لا يرى بنور الإيمان، ولا يستمع لكلام الرحمن، ولا ينتصح بكلام النبي العدنان، لكن كل همه مع أهل النيران الذين يمشي معهم.

إذا أراد الإنسان أن يتخلق بالأخلاق النبوية القرآنية الربانية: فعليه أولاً : بطهارة القلب بالكلية من الدنيا الدنية. أصحاب رسول الله كان من دعائهم: "اللهم اجعلها في أيدينا ولا تجعلها في قلوبنا" ونحن كأننا نقول: اللهم اجعلها في أيدينا وفي قلوبنا

لا بد من خروج الدنيا، قال صلى الله عليه وسلم: {قَالَ اللَّهُ عز وجل: وَعِزَّتِي لا أَجْمَعُ لِعَبْدِي أَمْنَيْنِ وَلا خَوْفَيْنِ، إِنْ هُوَ أَمِنَنِي فِي الدُّنْيَا أَخَفْتُهُ يَوْمَ أَجْمَعُ عِبَادِي، وَإِنْ هُوَ خَافَنِي فِي الدُّنْيَا أَمَّنْتُهُ يَوْمَ أَجْمَعُ فِيهِ عِبَادِي}{1}
{مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} الأحزاب4

رجل من الأكابر المشهورين الكبار هو الشيخ عبد القادر الجيلاني، يقول: "زيد لي – وُلد لي – إثنى عشر ولداً، ما زيد لي أحدهم إلا وكبرت عليه أربع تكبيرات" أي لا تشغلني به عنك يا رب، ولكن اشغلني بك، لأن الإنسان الذي يختاره الرحمن ليكون من عباد الرحمن لا يشتغل قلبه بغير مولاه طرفة عين ولا أقل.

سيدنا إبراهيم الخليل: عندما رزقه الله بالولد بعد ثمانين عاماً، وقبل أن ينشغل به أمره أن يبعده عنه، ويتركه في مكان ليس فيه ماء ولا طعام ولا بشر. وبعد أن بلغ وأصبح شاب عظيم وقبل أن ينشغل به أمره أن يذبحه، لماذا؟ لأن الله يغار أن تشتغل قلوب الأحرار بغير الواحد القهار.

نقوم لأولادنا بالواجبات، لكن القلب محل الهبات والعطاءات والتجليات والقرب والنفحات؛ خاص بخالق الأرض والسماوات وهو الله:

لا تُعلق بالقلب غير إله قد تجلى في العالمين علاه

إياك أن تُعلق في القلب غير الله طرفة عين ولا أقل: متى تكون ذكرت الله؟ ذكر فيه رفعة {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} البقرة152
إذا لم يكن في القلب سوى الله في هذه اللحظة، وإذا نسيت غيره:

اذكر الله إن نسيت سواه قل بقلب في الذكر يا الله

لكن إذا ذكرت الله وأنت مشغول بالوظيفة وبالمال وبالولد وبالمنصب وبغيره: فقد أشركت مع الله، قال عز وجل: {أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ}{2}

{1} مسند الشاميين للطبراني، وحلية الأولياء لأبي نعيم عن شداد بن أوس
{2} صحيح مسلم وسنن ابن ماجة عن أبي هريرة

[/frame]


التصنيفات
علم الاجتـماع

مفهوم الموارد البشرية، وإدارة الموارد البشرية


هناك العديد من الطلبة تختلط عليهم المفاهيم خاصة في علم الإجتماع ، وتحديد المفاهيم مهم جد في الدراسات وخاصة الدراسات الإجتماعية، وإرتأيت أن أزود الإخوة بمفهومي الموارد البشرية ، وإدارة الموارد البشرية.
1. المـوارد البشريـة
إن مصطلح المـوارد البشريـة يعتبـر حديثا، وقد حـل بالتدرج محل اصطلاح الأفـراد، الذي كان سائدا أو القـوى العاملـة، ولقـد كانت سنة 1970 هي نقطة التحـول التدريجيـة، عندما قامـت الجمعيـة الأمريكيـة لإدارة الأفـراد، وهي أكبر منظمـة متخصصـة في مجـال الإدارة إلى اعتبـار الأفـراد كأصول من أصـول المؤسسـة، وبالتالي فهـم مـوارد كباقـي المـوارد التنظيميـة الأخرى، وهذا مـا أكدتـه البحوث والدراسـات في مجال للعلوم السلوكية، على اعتبـار الأفـراد كمـوارد وليسوا مجـرد أناس يتحركـون ويتصرفـون فقط على أساس مشاعرهم وعواطفهـم.
إن النظرة القديمـة إلى الأفـراد أو العنصر البشري كانت ترتكز على الاهتمـام بالقـوة العضليـة للإنسـان وقدراتـه البدنيـة والماديـة، أي خصائصـه الفيزيولوجيـة فقط، بالإضافة إلى ذلك فهي تنظـر إليـه على اعتبـار أنهـم جـزء من الأعبـاء والنفقـات التي يجب التقليل بقدر الإمكـان منهـا، لكن النظـرة الجديـدة تذهـب إلى حـد اعتبـار الأفـراد أصـلا من أصـول المؤسسـة، ومـوردا نظرا لمـا يمتلكـه من قـدرات ذهنيـة وإمكانيـات في التفكيـر والإبـداع والتطويـر، وبناء على ذلك باتت المـوارد البشريـة تعـرف بالأصـول الذكيـة مع ضـرورة اعتبـار مهـارات ومعرفـة الفـرد شكل من أشكـال رأس المـال الذي لا يمكـن الاستثمـار فيـه.
فالمـوارد البشريـة تنقسـم إلى مجموعتيـن رئيسيتيـن، تتمثل الأولى في المـوارد البشرية الاقتصادية، والتي تشيـر إلى الجـزء من المـوارد البشريـة الذي يملك القدرة والرغبـة في العمـل وتسمـح الظـروف الاجتماعية والقانونية في المجتمـع بتشغيلـه، وتتمثـل المجـوعة الثانيـة في المـوارد غير الاقتصاديـة، والتي تشير إلى الجـزء الذي لا يقـوم بأي نشاط اقتصادي
ويمكـن تعريف المـوارد البشريـة على أنها: الجموع من الأفـراد المؤهلين ذوي المهارات والقدرات المناسبـة لأنـواع معينـة من الأعمـال والراغبيـن في أداء تلك الأعمـال بحماس واقتناع
كمـا تعرف المـوارد البشريـة على أنهـا مجموعات الأفـراد المشاركة في رسـم أهـداف وسياسات ونشاطـات وإنجـاز الأعمـال التي تقوم بهـا المؤسسـات
وتعـرف: المـوارد البشريـة هي أهـم عناصر العمل والإنتـاج، فعلى الرغـم من أن جميع المـوارد الماديـة ( رأس المال، الموجودات، التجهيزات ) ذات أهميـة إلا أن المـوارد البشرية تعتبـر أهمهـا، ذلك لأنهـا هي التي تقـوم بعمليـة الابتكـار والإبـداع وهي التي تصـمم المنتج وتشرف على تصنيعـه ورقابة جودتـه، وهي التي تسوقـه، وتستثمـر رأس المال، وهي المسؤولة عن وضع الأهـداف والإستراتيجيـات، فبدون مـوارد بشريـة جيـدة وفعالـة لا يمكن أداء هذه الأمـور بكفـاءة، ولن تتمكن أيـة منظمـة من تحقيق أهدافها ورسالتهـا.
ومن خـلال هذه التعاريف السابقة يمكـن أن نستخلص النقاط التاليـة:
 مجموع الأفـراد المؤهليـن ذوي المهارات المناسبـة لأنواع معينة من الأعمال.
 رغبـة الأفـراد على أداء الأعمـال بحمـاس واقتنـاع.
 التكامـل بين الرغبة والعمل والقدرة على أدائـه في إطـار منسجـم.
 تقديم مساهمـة على شكل مؤهـلات علميـة، خبرات، مهارات، جهـد ……. من أجل تحقيق أهـداف المؤسسـة.
وانطـلاقا من هذه التعاريف السابقـة الذكـر فإن تعريفنـا الإجـرائي للمـوارد البشريـة يكون كالآتـي : المـوارد البشريـة هي تلك الجمـوع من الأفـراد القادريـن على أداء العمـل والراغبيـن في هذا الأداء بشكـل جيـد ومتميـز، وهذا لا يتأتـى إلا بتكامـل وتفاعـل بين الرغبـة والقـدرة، وبالتالـي تحقيق أهـداف المؤسسـة.

2. إدارة المـوارد البشريـة
إن من أبرز مـا أحدثته المتغيـرات والتوجهـات العالميـة وروافدهـا الإقليميـة والمحليـة من تأثيـرات جذرية وخاصـة في مفاهيـم الإدارة الحديثـة، هو ذلك الانشغـال والعناية الفائقـة بالمـورد البشري باعتبـاره حجـر الأساس، والمـورد الأهـم الذي تعتمـد عليه الإدارة في تحقيق أهدافهـا، فقـد اقتضت الظروف الحاليـة التي تعيشهـا المؤسسـات في ظل العولمـة وتحريـر التجـارة العالمية وتزايـد المنافسـة بينهمـا، إلى إدخـال تغيرات في مهمـة إدارة الأفـراد، من أجـل مواكبـة التغيـرات الاقتصاديـة والإدارة المعاصرة والمحيطة بالمؤسسـات في شتى أنحـاء العالـم، فالتغييـر لم يشمـل مسمى إدارة الأفـراد فقط، بل شمـل مضمون عمل هذه الإدارة ونطـاق ممارساتهـا وأهدافهـا وعلاقاتهـا، فلم نعد نسمع أو نقرأ عن إدارة الأفـراد، بل نسمـع ونقـرأ عن إدارة المـوارد البشريـة التي أصبح لهـا إستراتيجيـة خاصـة لهـا كأي إدارة أخرى في المؤسسـة، وأصبحت جـزء لا يتجـزأ من إستراتيجيـة المؤسسـة العامـة، وتعـرف بأنهـا مجموعـة من البرامـج والوظائـف والأنشطـة المصممـة لتعظيـم كل من أهـداف الفـرد والمؤسسـة.
كمـا عرفهـا نظمـي شحـادة في كتابـه إدارة المـوارد البشريـة على أنهـا : الإدارة التي تهـدف إلى تكويـن قـوة عمل مستقـرة، وفعالة ومتعاونـة وقادرة على العمـل وراغبـة فيه، أو كونهـا نشاطـا إداريا متعلقـا بتحديد احتياجـات المشروع من القوى العاملة وتوفيرهـا بالأعـداد والكفاءات المحـددة، وتحقيق الاستفادة منهـا بأعلى كفاءة ممكنـة.
وتعـرف كذلك: إدارة المـوارد البشريـة تمثـل إدارة و وظيفـة أساسيـة في المنظمـات، تعمل على تحقيـق الاستخـدام الأمثـل للمـوارد البشريـة التي تعمـل فيهـا، من خـلال إستراتيجيـة تستمـل على مجموعـة من السياسات والممارسـات المتعـددة، بشكل يتوافـق هذا الاستخـدام مع إستراتيجيـة المنظمـة ورسالتهـا ويسهـم في تحقيقهـا.
كمـا تعـرف على أنهـا الإدارة التي تؤمـن بأن الأفـراد العامليـن في مختلف مستويات أو نشاطات المؤسسـة، هـم أهـم المـوارد ومن واجبها أن تعمل على تزويدهـم بكافة الوسائل التي تمكنهـم من القيام بأعمالهم، لمـا فيه مصلحتهـا ومصلحتهم، وأن تراقبهم وتسهـر عليهم باستمـرار لضمـان نجاحها ونجاحهم ونجـاح المصلحـة العامـة.
وممـا سبق يمكننـا القـول أن إدارة المـوارد البشريـة هي وظيفـة متميـزة لإدارة البشر، وهي الإدارة المسؤولة عن الاهتمـام بالفـرد والقيام بالفعاليـات التي تتعلـق باستقطـاب المـوارد البشريـة ذات مستوى مناسب من القـدرات والمهـارات ووضعهـا في المكان المناسب، ثم تنميـة هذه المهـارات وتدريبهـا وتطويرهـا والمحافظـة عليها بمـا يحقق أهـداف المؤسسـة وأهـداف المـوارد.
كمـا أنهـا أيضا عبـارة عن حلقـة وصل بين الإدارة والنقابـة والأفـراد، وتهـدف إلى تحقيق أهداف تبادليـة للفـرد والمؤسسـة والمجتمـع.
وبنـاء على مـا سبق فإن تعريفنـا الإجـرائي لإدارة المـوارد البشريـة يكون كالآتي :

إدارة المـوارد البشريـة هي وظيفـة أو إدارة أساسيـة في المؤسسـة، محـور عملهـا جميع المـوارد البشريـة التي فيهـا، وتؤدي هذه الإدارة مجموعـة من الأنشطـة والممارسـات المتنوعـة المتعلقـة بالمـوارد البشريـة في ظل إستراتيجيـة خاصة بالمؤسسـة، وتشمـل هذه الأنشطـة مجموعـة واسعة من الوظائـف والمهـام تختص جميعهـا بجوانب هامـة تشمل على أبعـاد تتعلق بتقديـر احتياجـات المؤسسـة من المـوارد البشريـة، وتوفيرهـا بالمواصفـات المطلوبـة والوقت المطلوب، وفق احتياجـات تنفيذ إستراتيجيتها المستقبليـة وأهـدافها، والعمل على تدريب وتنميـة وتطوير هذه المـوارد البشريـة، وتوفير شروط توظيف عادلـة لهـا، ومناخ عمل مـادي واجتمـاعي مناسب يساعدهـا على أدائـه بمستوى عالـي من الفاعليـة وتحفيـزهـا ومساعـدتها لتحقيق التكامـل والتوافق بين أهـدافها وأهـداف المؤسسـة.


شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .

than///////////////////ks

merci pour le document

التصنيفات
علم الاجتـماع

نظرية الصراع الاجتماعي" رالف داهرندوف "

النظرية الاجتماعية المعاصرة

نظرية الصراع الاجتماعي
” رالف داهرندوف ” R. Dahrendof

مفهوم الصراع الاجتماعي :
يحدث الصراع الاجتماعي نتيجة لغياب الانسجام والتوازن والنظام والاجماع في محيط اجتماعي معين . ويحدث ايضا نتيجة لوجود حالات من عدم الرضى حول الموارد المادية مثل السلطة والدخل والملكية او كليهما معا . اما المحيط الاجتماعي المعني بالصراع فيشمل كل الجماعات سواء كانت صغيرة كالجماعات البسيطة او كبيرة كالعشاثر والقبائل والعائلات والتجمعات السكنية في المدن وحتى الشعوب والامم .
والفكرة الاساسية تتجلى في القول ان قضية الصراع بين المجموعات البشرية هي في الواقع ظاهرة عضوية في الحياة الانسانية والعلاقات السائدة بينها . ويمكن ايراد نوعين من الأسباب حول استيطان الصراع الاجتماعي كظاهرة اجتماعية بين المجموعات البشرية :
1. ثمة ما يسمى بـ” الرموز الثقافية ” وهو نوع من الاسباب التي تؤدي الى انسجام بين البشر او الى خصام . والخصام في هذا السياق قد يتجلى في الاختلاف على مفهوم السلطة المادية . فمن له الحق في السلطة وتملكها ؟ ولماذا ؟ هو سؤال يسمح بنشوب صراع .
2. ومن وجهة نظر ماركسية فان قضية العدالة الاجتماعية تعد متغيرا بنيويا في اثارة الصراعات الاجتماعية طالما ان هناك توزيع غير عادل للثروة .
بعض تعريفات الصراع الاجتماعي
يقدم علماء الاجتماع السياسي وعلماء الانثروبولوجيا بعض التعريفات التي تساعدنا في التعرف على معنى الصراع في ادبيات العلوم الاجتماعية ، ولنأخذ اثنين من هذه الادبيات :
أولا : رالف داهرندوف
يقدم عالم الاجتماع الالماني هذا الصراع على انه “حصيلة العلاقات بين الافراد الذين يشكون من اختلاف في الاحداث ” .
ثانيا : لويس كوزر
هو عالم اجتماع امريكي معاصر اهتم بالنظرية الوظيفية وقدم مساهمة في نظرية الصراع الا جتماعي .
هذه المساهمة تعرف الصراع بـ :
” انه مجابهة حول القيم او الرغبة في امتلاك الجاه والقوة او الموارد النادرة ” .
وفي هذا السياق للتعريف فان الاطراف المتصارعة لا ينحصر اهتمامها بكسب الاشياء المرغوب فيها بل انها تهدف الى وضع المناوئين اما في حالة حياد او ان يقع الاضرار بهم او القضاء عليهم .
مشروعية الصراع الاجتماعي
§ الجذور :
تهتم النظريات السوسيولوجية باستكشاف اسباب الصراع الاجتماعي وانعكاساتها ، وتحاول ان تطرح رؤىً فكرية بخصوص امكاية نفي المفهوم او التحكم فيه . أي البحث في استعمال المفهوم وتوظيفه لتبرير غايات سياسية او اقتصادية او اجتماعية او حتى فلسفية . ولكن كيف ؟
ان الفكر النظري حول الصراع الاجتماعي هو فكر قديم جدا ولعل نظرية كارل ماركس حول الصراع الطبقي تمثل حصيلة لتراكم الزاد المعرفي لهذه النظرية . فالصراع الاجتماعي عند ماركس له جذور اقتصادية تشكل الطبقات الاجتماعية اساسه عند المجموعات البشرية . فالصراع الطبقي حسب الماركسية هو القوة المحركة للتاريخ .
من جهة أخرى يرى البعض كـ ” روبرت مالتوس ” صاحب النظرية الشهيرة في السكان بان الثروات وقتل الملايين من الافراد عبر وسائل العنف المتعددة والمتنوعة هي مسألة ضرورية لتقدم البشرية . بعبارة اخرى فالصراع الاجتماعي من هذا المنظور اساسيا وضروريا لإحداث تغير اجتماعي ايجابي وكأن فلسفة التقدم والتنمية التي اجتاحت اوربا في القرن 19م ما كان لها ان تنجح لولا البعد العنفي الكامن فيها . وفي هذا السياق يبدو أن للصراع وظيفة ايجابية .
§ في علم الاجتماع
بالنسبة لنظرية الصراع في علم الاجتماع فيمكن الاشارة الى المعالم التالية :
فمن جهة تُعَدُّ نظرية الصراع الاجتماعي كطليعة للفكر الماركسي ، ومن جهة ثانية تُعَدُّ بديلا للنظرية البنيوية الوظيفية ، بل انها تمثل مخرجا للنظريتين فهي من جهة تحمل بذورالوظيفية وفي نفس الوقت تحمل بذور الماركسية لذا فهي تستعمل مضامين وجواهر كلا من الوظيفية والماركسية بحيث يستحيل ردّ اطروحاتها الى أي من هما منفردة .
كنا قد اشرنا الى النقد الذي تعرضت له البنيوية الوظيفية على عدة مستويات باعتبارها نظرية محافظة ذات طابع ايديولوجي وغير قادرة على التعامل مع التغيرات الاجتماعية كونها ركزت في انطلاقاتها علىاستقرار البنى الاجتماعية حتى فقدت القدرة على تحليل الصراع الاجتماعي . لذا يمكن القول بان نظرية الصراع الاجتماعي تمثل محاولة قام بها العديد من علماء الاجتماع للمحافظة على الاهتمام بمفهوم البنية والاعتناء بنفس الوقت بمفهوم الصراع .
ويعد كتاب عالم الاجتماع الامريكي ” لويس كوزر” المنشور تحت اسم ” وظائف الصراع الاجتماعي 1950 ” أول محاولة تنظيرية في هذاالصدد . أي انه أول محاولة امريكية تتعامل مع الصراع الاجتماعي انطلاقا من رؤية البنيوية الوظيفية مما يعني ان كوزر انفرد نوعا ما بنظرة ايجابية للصراع الاجتماعي . ومع ذلك فالبعض يرى ان دراسة الصراع الاجتماعي يجب ان يتجاوز الوظائف الاجتماعية الايجابية لهذا الصراع . فما الذي يعنيه هذا البعض ؟
المعنى يكمن في النظرية الماركسية . فلعل ابرز ضعف تشكو منه نظرية الصراع الاجتماعي هو فقدانها لارضية النظرية الماركسية ، ولعل الاستثناء الوحيد في هذا الميدان هو عالم الاجتماع الالماني ” رالف داهر ندوف ” الذي حاول تلقيح نظرية الصراع الاجتماعي بأطروحة الفكر الماركسي فكان كتابه ” الطبقة وصراع الطبقات ” أهم عمل سوسيولوجي حول نظرية الصراع الاجتماعي .
ومع هذا فإن داهرندوف يكاد يستعمل نفس الاطار التحليلي الذي تبناه علماء الاجتماع الوظيفيون ” البنى والتنظيمات الاجتماعية ” . ومن ناحية اخرى فقد نبه داهرندوف الى أن عناصر النسق الاجتماعي يمكن ان تعمل معا متناسقة ويمكن ان تعرف صراعا وتوترات ذات بال ، فالمجتمعات تتمتع بحركية والصراع هو أحد ملامح هذه الحركية ومثلما ان هناك تناسق اجتماعي فثمة أيضا مجابهات وتوترات اجتماعية .
وفي النهاية يمكن النظر الى نظرية الصراع الاجتماعي على أنها مرحلة عابرة في تاريخ تكون النظرية السوسيولوجية . ويعود فشل تبلورها الى عدم الاستفادة الكافية من الفكر الماركسي الذي كان انتشاره ضئيلا قبل الخمسينات في القرن العشرين بين علماء الاجتماع الأمريكان ومع ذلك فالنظرية الصراعية هيأت الظروف المناسبة لقبول الفكر الماركسي بين المثقفين الأمريكان مع مطلع الستينات من نفس القرن .
ومما يؤخذ على نظرية الصراع الاجتماعي أيضا أنها تركز في تحليلاتها على البنى الاجتماعية مهملة بذلك دور الأفراد وتفكيرهم وسلوكاتهم ، فالوظيفية أصلا لم تعط دورا للفرد ولا أهمية له . والواقع أن علم الاجتماع الأمريكي لم يعط الفرد أي دور في فهم وتفسير الظواهر خلا نظرية التفاعل الرمزي للأنثروبولوجي الأمريكي “جورج هر برت ميد “.

نظرية الصراع عند رالف داهرندوف

مكونات النظرية ” الجهاز النظري = المعرفي “
تتكون نظرية داهرندوف من عدة افكار ومقولات يمكن عرض ابرزها في الملاحظات التالية :
1. كل مجتمع يظل عرضة بصفة دائمة الى عملية التغير .
2. ان العديد من عناصر النسق الاجتماعي تساعد على تفكك المجتمع وإحداث التغير فيه .
3. كل مجتمع له نظام اجتماعي قائم على سلطة القهر والتهديد التي يمارسها أفراد المجتمع المنتصبون على قمة الهرم الاجتماعي.
إلى هنا يمكن أن نطرح عدة تساؤلات :
فهل من الممكن أن يبقى المجتمع جامدا غير متحرك ؟ وكيف نقيس سرعة التغير في المجتمع ؟ هل هو بطئ ؟ ام انه يسجل قفزات ؟ أم انه ذو طبيعة شاملة ؟ وما هي كثافة التغيير ؟
ان تربع طبقة ، فئة ، شريحة ما على قمة السلطة ستدفع الى الهيمنة والتسلط وبالتالي ستمهد الى صراع مكشوف على السلطة او الحقوق .
4. حسب داهرندوف فالنظرية السوسيولوجية ينبغي أن تنقسم الى قسمين :
§ نظرية الصراع : Conflect Theory وهذه تهتم بدراسة صراعات المصالح وأشكال القهر التي تحافظ على سلامة المجتمع .
§ نظرية الوفاق : Consens Theory وهذه تركز على دراسة الدمج في المجتمع ” مثل النظرية الوظيفية “
وهكذا يعترف داهرندوف أن المجتمع لايمكن أن يوجد بدون وجود الصراع والوفاق معا واللذان يكملان بعضهما البعض . ولأن الصراع يحدث في المجتمع الذي يسوده الاتفاق في جميع أجزائه فان الصراع أيضا يحدث طالما يولد الحاجة الى الوفاق .

ملخص نظرية الصراع عند داهرندوف :
ينبغي بناء النظرية السوسيولوجية على مبدأين :
§ مبدأالصراع
§ مبدأ الوفاق
هذا يعني حسب النظرية الصراعية أنه لن يكون هناك وجود لاي مجتمع بدون حضور المبدأين الضرورين لبعضهما البعض . فالمجتمع الذي يسوده الاتفاق بين أجزائه لطالما يحدث فيه صراع بين اجزائه والعكس صحيح ، فالصراع طالما يؤدي الى اتفاق فيما بين اجزائه .

مناقشة النظرية
بداية ، فان عالم الاجتماع الألماني غير متفائل بخصوص الوصول الى نظرية سوسيولوجية وحيدة تشمل مبدأي الصراع والوفاق بين الأجزاء المكونة للمجتمع .
أولا : مفهوم السلطة لدى داهرندوف
في معاينته لعنصر السلطة في المجتمع يناقش داهرندوف مبدأ نشوب الصراع الاجتماعي . فهو يرى ان المجتمع يحافظ على النظام بواسطة ما يسمية بالضغوط القوية . وهذا يعني ان بعض المواقع الاجتماعية في المجتمع تتفوق بقوة السلطة على مواقع اخرى في نفس المجتمع . هذه قضية تذكرنا بنظرية ابن خلدون في الصراع الاجتماعي حين تتخذ القبيلة الاقوى من العصبية مبررا للهيمنة والتسلط واخضاع القبائل الاخرى الاضعف وبالتالي إقامة الحكم ، فالعصبية الغالبة هي التي تتفوق على العصبيات الاخرى الضعيفة وهي التي تنصب نفسها صاحبة القوة على قمة الهرم الاجتماعي وليس لها من وظيفة الا المحافظة على النظام الاجتماعي القائم في المجتمع .
اذن المحافظة على النظام الاجتماعي في المجتمع لا تتوفر الا من خلال الضغوط القوية . فما الذي يعنيه داهرندوف بوجود قوة مهيمنة عل القوى الاخرى ؟
هذا الواقع التسلطي لبعض القوى على القوى الاخرى قاد داهرندوف الى الاعتقاد بان التوزيع التفاضلي للسلطة يصبح ، باستمرار ، بمثابة العامل الحاسم في بلورة الصراعات الاجتماعية .وهذا الاعتقاد يطرح تساؤلات عديدة يبرزها الواقع الاجتماعي حول الجوهر الذي تدور حوله الصراعات الاجتماعية مثل : من له السلطة الاكثر في المجتمع ؟ او من هو صاحب الامتياز الاكبر في احتكار السلطة؟
هل هو الثقافي ؟
هل هو صاحب الرأسمال ؟
من يتحكم بمن ؟ ومن يسيطر على من ؟
من الملاحظ أن إثارة التوزيع غير العادل للسلطة يقرب داهرندوف من الرؤية الماركسية للصراع الاجتماعي .
فكلما كانت السلطة موزعة تفاضليا بين شرائح المجتمع كلما مثلت العامل الحاسم في نشوء الصراعات . هذه الفرضية ستحمل داهرندوف على الولوج إلى قلب النظرية الماركسية التي تتحدث عن طبقات مهيمنة وطبقات مهيمن عليها . فما هي الفكرة الرئيسية ؟
السلطة كواقع اجتماعي :
أولا : يتحدث داهرندوف في فكرته الرئيسية عن السلطة عن مواقع اجتماعية في المجتمع تتمتع بأحكام ورؤى مختلفة للسلطة ، وهذه المواقع هي التي تمتلك السلطة . فماذا يقصد بالمواقع الاجتماعية ؟
يقصد داهرندوف أن الأفراد في المجتمع بوضعياتهم الفردية في المجتمع لا يملكون السلطة . ولكن المواقع الاجتماعية التي يشغلها الأفراد هي التي تمتلك السلطة . فالسلطة إذن لا تأتى الى الفرد من حيث كونه فرد ، إذ أن المجتمع هو في أحد مكوناته يمثل مجموع الأفراد وليس من المعقول أن يتولى مجموع الأفراد السلطة . لذا فان السلطة لا تأتى إلى الأفراد من مواقعهم الفردية إنما من خلال المواقع الاجتماعية .
ثانيا : لم يهتم داهرندوف ببنية المواقع الاجتماعية فحسب . فكما قلنا فإن لهذه المواقع أحكاما ورؤىً مختلفة تجاه السلطة وبالتالي ثمة تعارض فيما بينها . وهذا يعني أن داهر ندوف سيهتم حتما بالصراعات فيما بينها . فأين تكمن هذه الصراعات ؟
في واقع الآمر فإننا حين نتحدث عن مواقع اجتماعية فلابد لنا أن نتحدث عن الأدوار الاجتماعية لأن كل موقع اجتماعي يؤدي دورا وهذه مسألة تحدَّث عنها الوظيفيون أو بعض من اهتم بالنظرية الوظيفية حينما جرى التمييز بين الوظيفة والدور ، فالدين مثلا بنية تؤدي وظيفة اجتماعية ؛ ولكن الكاهن / الشيخ / القسيس يلعب دورا دينيا قد يكون مختلفا عن الوظيفة التي يؤديها الدين . كذلك الأمر فيما يتعلق بالسلطة ، فالسلطة تؤدي وظيفية في المجتمع باعتبارها عنصرا بنيويا مركزيا فيه لا يمكن الاستغناء عنه ولكن المتمتع بموقع سلطوي يلعب دورا مختلفا عن الوظيفة التي تؤديها السلطة . وإذا كانت السلطة تمثل حاجة اجتماعية كما ترى الوظيفية فإن الدور لا يمثل حاجة اجتماعية إنما يعبر عن موقع اجتماعي يلعبه فرد ما .
لذلك فان داهرندوف يرى بأن الأصل البنيوي للصراعات الاجتماعية ينبغي البحث عنه في منظومة الادوار الاجتماعية التي تكشف عن مواقع الهيمنة ومواقع الخضوع . ولكي نفهم بنية سلطة مهيمنة ومهيمن عليها يجب أن نبحث عن طبيعة الأدوار الاجتماعية التي يضطلع بها كلا الفريقين . وعليه فإن المهمة الأولى عند داهرندوف في صياغته لنظرية الصراع تتمثل بتحديد أدوار السلطة المختلفة في المجتمع .
إذن السلطة الممنوحة الى المواقع الاجتماعية هي عنصر رئيسي في المنظور السوسيولوجي لداهرندوف وهؤلاء الأشخاص الذين يتمتعون بمواقع سلطوية يُنتظر منهم التحكم بأولئك الذين لا يملكونها ، ونظرا لأن السلطة تكتسب شرعية معينة فعلينا أن ننتظر معاقبة كل من يخالفها




شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .

التصنيفات
علم الاجتـماع

التنشئة الاجتماعية

التنشئة ودورة الحياة
مقدمة
في هذا الفصل سنعرض لأشياء عن التنشئة الاجتماعية وسنتعرف على أكثر أنواع أدوات التنشئة أهمية. بدون التنشئة الاجتماعية لن يكون المجتمع الانسانى ممكناً، وتقوم أدوات التنشئة بعملية التنشئة الاجتماعية. سنتعرف في هذا الفصل أيضاً على مختلف مراحل دورة الحياة وسنرى أوجه الشبه والخلاف بين مختلف الثقافات. اعتمادا على مرحلة دورة الحياة فإن لكل أداة من أدوات التنشئة الاجتماعية مستوى مختلفاً من التأثير على سلوك الفرد وتوجهاته. التنشئة عملية مستمرة مدى الحياة لكن كل فرد يطور إحساسه بالهوية الذاتية والمقدرة على التفكير والفعل المستقل فنحن لسنا سجناء للتنشئة الاجتماعية.

4/1 الثقافة، المجتمع وتنشئة الطفل
التنشئة الاجتماعية مصطلح يشير إلى العملية التي عن طريقها ومن خلال الاتصال مع البشر الآخرين يصبح الفرد مدركاً لذاته، وإنساناً ذو معرفة ومهارات في طرق ثقافة وبيئة معينتين.
بدون التنشئة الاجتماعية من الصعب أن يصبح الفرد البشرى كائناً اجتماعيا، وقد أثبتت الكثير من التجارب ذلك. مثال لتلك التجارب ما يعرف ” بالولد المتوحش من أفيرون ” والذي عثر عليه في جنوب فرنسا في عام 1800 فكان يبدو ويتصرف مثل الحيوانات، وفشلت كل المحاولات لتحويله من حيوان إلى إنسان.
المثال الثاني “جيني” فتاة كاليفورنيا والتي حبست في غرفة عندما كان عمرها عاماً ونصف العام حتى بلغت سن الثالثة عشر وقد وصفها أحد الأطباء النفسانيين بأنها “غير اجتماعية، بدائية وبصعوبة يمكن وصفها من البشر “. لاحقاً تعلمت أن تأكل بصورة طبيعية كما تعلمت استخدام الحمام واحتملت أن تلبس مثل الأطفال العاديين لكن مقدراتها اللغوية لم تتجاوز أبداً مقدرات طفل في الثالثة أو الرابعة من العمر.

4/2 نظريات نمو الطفل
تشترك العديد من المجالات العلمية في دراسة نمو الأطفال. من تلك المجالات: الطب، علم النفس، علم التربية و علم الاجتماع. ولكل مجال أطره النظرية التي يستخدمها في موضوع دراسته. من أشهر نظريات نمو الطفل في علم الاجتماع نظرية جورج هيربرت ميد عن نمو الذات، ونظرية جين بياقت عن مراحل النمو الإدراكى.
يرى جورج هيربرت ميد أن الذات تنمو من خلال ثلاث مراحل هي مرحلة التقليد، مرحلة اللعب، ومرحلة المباراة. ويرى أن الذات تتكون من جزأين: الـ ( I ) التي تمثل الطفل غير المنشّأ والـ ( Me ) والتي تمثل الذات الاجتماعية.
أما جين بياقت فترى أن نمو الإدراك يحدث من خلال أربع مراحل هي: الحسية، ما قبل العملية، العملية الملموسة، والمرحلة الأخيرة هي المرحلة العملية المنهجية.
المرحلة الأولى هي المرحلة الحسية، حيث يحدث التعلم من خلال الاتصال المباشر مع العالم الخارجي. في المرحلة قبل العملية يتعلم الطفل اللغة والتمثيل الرمزي. في هذه المرحلة يكون الأطفال فرديين ـ ولا تعنى أنانيين ـ بما أنهم يرون العالم من خلال وجهة نظرهم. المرحلة العملية الملموسة تكون عندما يتعلم الطفل التجريد والأفكار المنطقية. المرحلة الأخيرة، العملية المنهجية ولا يحصل عليها كل بالغ لأنها تعتمد جزئياً على التعليم المدرسي. هذا وتعد المراحل الثلاث الأولى من النمو عالمية.

4/3 أدوات التنشئة الاجتماعية
أدوات التنشئة هي جماعات أو أطر قائمة تحدث داخلها عمليات مهمة من التنشئة الاجتماعية. وتنقسم التنشئة الاجتماعية إلى نوعين أساسين:

* التنشئة الأساسية: تحدث أثناء الطفولة وتمثل مرحلة مؤثرة من التعلم الثقافي، وتعتبر الأسرة أداة التنشئة الأهم في هذه المرحلة.

* التنشئة الثانوية: وتحدث في مرحلة الطفولة المتأخرة وبداية مرحلة النضج. وأدوات التنشئة الرئيسية في هذه المرحلة هي: المدرسة، جماعات الأنداد، المنظمات، وسائل الإعلام وأماكن العمل.

أهم أدوات التنشئة الاجتماعية هي:

ـ الأسرة: أداة التنشئة الرئيسية أثناء الطفولة.

ـ المدرسة: في المدرسة يتابع الأطفال منهجاً محدداً من المواد الدراسية، كما يتعلمون أيضاً توقعات سلوكية دقيقة تتعلق بخبرتهم الوظيفية.

ـ علاقات الأنداد: جماعاتالأنداد جماعات من الأطفال متشابهون في أعمارهم وخلفياتهم الاجتماعية.

ـ وسائل الإعلام الجماهيرية: وتشمل الوثائق المكتوبة، الإذاعة، التلفزيون، التسجيلات الصوتية وأشرطة الفيديو والأقراص المدمجة والممغنطة. القليل فقط من المجتمعات في عالم اليوم هي التي لم تتأثر بوسائل الإعلام.

ـ العمل: قد يتطلب العمل من الشخص تعديلاتأساسية في المظهر أو السلوك.

من خلال عملية التنشئة يتعلم الأفراد أشياء عن الأدوار الاجتماعية وهي توقعات محددة اجتماعياً يتبعها الفرد في موقع اجتماعي معين.
ترتبط الهوية الذاتية بكيفية نظر الناس إلى أنفسهم وما هو ذو معنى بالنسبة لهم. الهوية الاجتماعية تحتوى على صفات تنسب إلى الفرد بواسطة الآخرين والهوية الذاتية هي ما يميزنا كأفراد.
من الجوانب المهمة في عملية التنشئة الاجتماعية والتي تكتسب اهتماماً متزايداً في العصر الحديث ما يعرف بتنشئة النوع، والتي تعنى تعلم أدوار النوع ـ ذكر/ أنثى ـ من خلال أدوات التنشئة الاجتماعية.

4/4 التنشئة الاجتماعية خلال دورة الحياة
يمر الإنسان بمراحل متعاقبة في دورة حياته يتميز كل منها بنوع متفرد من التنشئة الاجتماعية. هذه المراحل هي:

* الطفولة:
الطفولة هي المراحل الأولي من الحياة الاجتماعية وبعض المجتمعات لا تميزها كمرحلة منفصلة، وتصور الرسومات الأوربية في القرون الوسطى الأطفال كبالغين صغار. في هذه المجتمعات أيضاً اختفت الشخصية المنفصلة للطفولة مرة أخرى. أشار بعض الملاحظين إلى أن الأطفال ربما يشاهدون نفس البرامج التلفزيونية التي يشاهدها الكبار.

* المراهقة:
مفهوم المراهقة وجد حديثاً، ففي المجتمعات المعاصرة يعيش المراهقون في مرحلة بين الطفولة والبلوغ، وينشأون في مجتمع عرضة للتغير المستمر.

* البلوغ المبكر:
يبدو أن مرحلة البلوغ المبكر تتطور في اتجاه أن تصبح مرحلة محددة في النمو الشخصي في المجتمعات الحديثة. في هذه المرحلة يستكشف الشباب الكثير من الانتماءات الاجتماعية والسياسية والدينية.

* البلوغ الناضج:
في المجتمعات الحديثة تمثل أزمات وتحولات منتصف الحياة مشاكل حقيقية للعديد من الناس الذين هم في منتصف العمر.

* الشيخوخة:
في المجتمعات التقليدية يكون للشيوخ عادة القول الفصل في الكثير من القضايا التي تهم المجتمع. أما في المجتمعات الصناعية فيعانى كبار السن من فقدان السلطة داخل الأسرة وفى الإطار الاجتماعي العريض.

في كل مرحلة من مراحل الحياة هناك نقلات يجب القيام بها وأزمات يجب تجاوزها. يشمل ذلك مواجهة الموت كنهاية للوجود الفيزيقي. وإذا نظرنا إلى دورة الحياة عبر الثقافات نجد أن مراحل الحياة ليست ثابتة. فمثلاً لم توجد الطفولة كمرحلة مميزة في أوروبا القرون الوسطى. وتباين مراحل المراهقة، البلوغ والشيخوخة عبر الثقافات، وكذلك التوجهات نحو الموت تشير إلى أن التنشئة الاجتماعية تتواصل عبر دورة الحياة.
إذا نظرنا إلى العلاقة بين التنشئة والثقافة والحرية الشخصية نجد أن الأطر الثقافية التي نحيا فيها توثر بقوة في سلوكنا ويبدو أن التنشئة الاجتماعية والحرية الشخصية في تناقض. لكن مع ذلك، أثناء عملية التنشئة الاجتماعية يطور كل فرد إحساسه بالهوية الذاتية والمقدرة على التفكير والفعل المستقل.



جزيل الشكر

التصنيفات
علم الاجتـماع

قيام الليل طريق العاشقين

[frame="10 10"]

ذهب معظم المحققين إلى أن قيام الليل فريضة على رسول الله صلى الله عليه وسلم لقول الله تعالى له: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ{1} قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً{2}المزمل
ونافلة لأمته، لكن هناك نص آخر في سورة الإسراء يقول فيه الله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً}الإسراء79

هل هناك تعارض بين النصين؟ لا يوجد تعارض، لأن النوافل كما بيَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حال الأمة يوم لقاء الله يوم القيامة تُستكمل بها الفرائض، فقد قال صلى الله عليه وسلم: {إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلاتُهُ فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ، فَإِنِ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ قَالَ الرَّبُّ عز وجل: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَيُكَمَّلَ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنَ الْفَرِيضَةِ، ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى ذَلِكَ}{1}

إذاً نوافلنا تعتبر فرائض لأننا سنُكمل بها الفرائض، على سبيل المثال: حدث خرق في الثوب الذي تلبسه، فجئت له برقعة منه جعلتها فيه، هذه الرقعة أصبحت جزء من الثوب، فكذلك النوافل إذا استُكملت بها الفرائض أصبحت منها.

متى تكون نافلة؟ إذا استوفيت الفرائض، ومن منا يستطيع أن يستوفي الفرائض بدون النوافل؟! لا يوجد إلا رجل واحد وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك قال له الله: {نَافِلَةً لَّكَ}، لأنك الوحيد الذي استكملت الفرائض، لكن غيرك يستكمل بالنوافل الفرائض: {إِنَّ الرَّجُلَ لَيُصَلِّي، ثُمَّ يَنْصَرِفُ مَا كُتِبَ لَهُ إِلا نِصْفُهَا، ثُلُثُهَا، رُبُعُهَا، خُمُسَهَا، سُدُسُهَا، ثُمُنُهَا، تُسْعُهَا، عُشْرِهَا}{2}
والباقي من أين يأتون به؟ من النوافل: {انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَيُكَمَّلَ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنَ الْفَرِيضَةِ، ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى ذَلِكَ}{3}

وعلى هذا يكون تخصيصه صلى الله عليه وسلم لكون التهجد نافلة له باعتبار أن تطوعاته صلى الله عليه وسلم هي خالصة له في رفعة درجاته وكثرة حسناته وعلو مقامه لكونه لا ذنب عليه، فالتهجد في حقه هو نافلة له خالصة بخلاف الأمة فإن لهم ذنوباً وهي تحتاج إلى كفارات، ولهم تقصيرات وهي تحتاج إلى مكملات، فتطوعاتهم الزائدة على فرائضهم يحتاجونها لتكفير ذنوبهم أو لتكميل ما انتقصوا من فرائضهم.

فصاحب مقام النفل الأكمل والفضل الأول هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي أعطاه الله تعالى أعلى رتبة في النافلة ورتَّب على ذلك المقام المحمود الذي تحمده عليه الخلائق كلهم الأولون والآخرون وهو مقام الشفاعة العامة العظمى، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: {إِنَّ النَّاسَ يَصِيرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جُثًا كُلُّ أُمَّةٍ تَتْبَعُ نَبِيَّهَا، يَقُولُونَ: يَا فُلانُ، اشْفَعْ يَا فُلانُ، اشْفَعْ حَتَّى تَنْتَهِيَ الشَّفَاعَةُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عله وسلم فَذَلِكَ يَوْمَ يَبْعَثُهُ اللَّهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ}{4}

وهذا كذلك في الصيام، ولذلك يقول الإمام أبو طالب المكي في كتابه قوت القلوب لطالبي طريق المحبوب: "إن من الناس من يتم له صيام شهر رمضان واحد في عمره كله" لمَ؟ لأن هذا خرقه بالكذب، وهذا بالنميمة، وهذا خرقه بالغيبة، قال صلى الله عليه وسلم: {الْغِيبَةُ تَخْرِقُ الصَّوْمَ وَالاسْتِغْفَارُ يُرَقِّعُهُ}{5}

هذا امتنع عن الطعام والشراب، لكنه أكل لحم أخيه: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً} الحجرات12
وقال سيدنا عمر رضي الله عنه على المنبر: " إن الرجل ليشيب عارضاه في الإسلام وما أكمل لله صلاة، قيل: وكيف ذلك؟ قال: لا يتم خشوعها وتواضعها وإقباله على الله فيها "{6}
إذاً رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الليل له نافلة، لكننا نحن نُكمل بها الفرائض.

كان صلى الله عليه وسلم يقوم الليل، وقيام الليل يمتد من بعد صلاة العشاء إلى مطلع الفجر، ولذلك نحن جميعاً نقيم الليل في رمضان بعد صلاة العشاء، وهذا حتى يختار كل مؤمن الوقت الذي يناسب قواه، ويناسب تمام يقظته وحضوره مع حضرة الله، ولا يعتقد أنه باختياره هذا الوقت هو الأفضل من سواه، فإنه لا أفضلية إلا بالتقوى، والتقوى لا يعلمها إلا الله، هو وحده المطلع على القلوب عز وجل: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}الحجرات13

فكان صلى الله عليه وسلم في غير رمضان ينام بعد العشاء مباشرة فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم: {أنه كان إِذَا صَلَّى الْعِشَاءَ، رَكَعَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَأَوْتَرَ بِسَجْدَةٍ، ثُمَّ نَامَ حَتَّى يُصَلِّيَ بَعْدَ صَلاتِهِ بِاللَّيْلِ}{7}

لا يتحدث مع أحد بعد صلاة العشاء إلا لضرورة، كمسألة في الدين أو أمر ضرورة يحتاجه الخلق منه. ثم ينام، وكان يُصلي صلاة الليل مع منتصف الليل، كصلاة التهجد التي نصليها في العشر الأواخر من رمضان، ومنتصف الليل ليس الساعة الثانية عشرة، ولكن الليل يبدأ من أذان المغرب حتى أذان الصبح ثم نقسم عدد الساعات على إثنين.

ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم صلاة واحدة محددة بل كان ينوع. فقد ورد أنه صلى ثمانية، وورد أنه صلى عشرة، وورد أنه صلى إثنتا عشرة، وورد أنه صلى إثنين، وورد أنه صلى أربعة … لماذا؟ رفقاً بأمته حتى يأخذ كل إنسان ما تيسر له وما يستطيعه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} التغابن16
والمهم القبول.

فكان صلى الله عليه وسلم إذا استيقظ من الليل يتوضأ ثم ينظر إلى السماء ويقرأ أواخر سورة آل عمران: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ} آل عمران190
إلى آخر هذه الآيات قبل بداية الصلاة.

ثم يدعو دعاء الاستفتاح، وهناك أدعية كثيرة واردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل: {اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ لَكَ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَمَنْ فِيهِنَّ وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ وَبِكَ خَاصَمْتُ وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ، أَوْ لا إِلَهَ غَيْرُكَ}{8}
أدعية كثيرة، المهم أن تأخذ واحداً منها.

وبعد الدعاء كان صلى الله عليه وسلم يستفتح بركعتين خفيفتين، وانظر إلى الحَبيب صلى الله عليه وسلم في الرياضة الإلهية يعلمنا قواعد الرياضة البدنية، فيبدأ بركعتين خفيفتين، ولا يبدأ بالشدة أولاً، وهذا كان هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم على الدوام، فهو الحكيم الأعظم لله عز وجل.

واستحسن كثير من الصالحين: أن يقرأ الإنسان في الركعة الأولى بآية الكرسي بعد الفاتحة، وفي الركعة الثانية بآخر آيتين من سورة البقرة لقوله صلى الله عليه وسلم: {الآيَتَانِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مَنْ قَرَأَهُمَا فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ}{9}
قيل: كفتاه عن قيام هذه الليلة؛ فكأنه قامها. وقيل: كفتاه كل شر وكل هم وكل أمر يخشاه في هذه الليلة. المهم أنها تكفيه، ولذلك كانوا يستحسنون ذلك.

{1} سنن الترمذي والنسائي عن أبي هريرة {2} مسند أبي يعلي الموصلي والنسائي عن عمار بن ياسر {3} سنن الترمذي والنسائي عن أبي هريرة {4} صحيح البخاري {5} البيهقى فى الشعب عن أبى هريرة، وتمامه { فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَجِيءَ بِصَوْمٍ مُرَقَّعٍ فَلْيَفْعَلْ } {6} الإحياء وتعريف الأحياء بفضائل الإحياء وربيع الأبرار ونصوص الأخبار {7} مسند أحمد والطبراني عن عبد الله بن الزبير {8} الصحيحين البخاري ومسلم عن ابن عباس {9} الصحيحين البخاري ومسلم عن أبي مسعود الأنصاري

[/frame]